ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   ملتقى مشكلات وحلول (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=51)
-   -   أفكار ومشاعر سلبية (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=261711)

ابوالوليد المسلم 01-07-2021 02:23 AM

أفكار ومشاعر سلبية
 
أفكار ومشاعر سلبية


أ. أميمة صوالحة



السؤال

الملخص:
فتاة لديها بعضُ المشكلات النفسية التي تَشعُر بها في حياتها؛ مِن مِثْل: وسواس الموت، وإحساس الغربة في الواقع، وشعور بفَقْد الذاكرة.

التفاصيل:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا فتاة عمري 18 عامًا، عِشتُ طفولتي وسط الكبار، وكنتُ أحبُّ أحاديثهم ومجالسهم، ثُم أحببتُ شخصًا في عمر ١١ سنة، وبَنَيْتُ أحلامي معه، وعندما أصبحتُ في عمر ١٤ عامًا اكتشفتُ أنه شخص سيئ؛ فقد هدَّدني بأنه سينشر محادثاتي معه، فأصابني قلق وخوف وهلَع، ثم حُلَّت المشكلةُ ولله الحمد، لكن أصبحتُ أشُكُّ في الجميع، ولا أثق بأحد!


كبرتُ ومَرَّتْ سنوات مِن عمري، وبدأت الحروبُ مِن حولي؛ فأصبتُ بوسواس الموت، وخفتُ على أهلي أن يموتوا إذا خرجوا مِن المنزل، ثم تطوَّرَتْ حالتي وبدأتُ أحسُّ بغربةٍ في الواقع، وشعور كأني فقدتُ الذاكرة؛ فعندما أنظُر إلى أيِّ شيءٍ أشعُر أني أراه لأول مرة، وكأني أستوعب الأشياء لأول مرة! زاد على ذلك الشعور بالخُمول، والضيق أثناء الجلوس في الأماكن عالية الإضاءة.


أشعر أني مجنونة، ولا أشعر بذاتي، وأُراقب نفسي في كل خطوة أَخْطُوها، ولا يمكنني تجاهُل ما أنا فيه، وعندما أتجاهل أشعر أني أتصرَّف تصرُّفات غبية؛ أُحلِّل جميع تصرفاتي وأضخمها!


أشعُر أيضًا أن لديَّ وساوسَ فكرية، فأسأل نفسي: لِمَ هذه الحياة؟ ولماذا أنا غريبة؟ ولماذا يَتَصَرَّف الناسُ تلك التصرفات؟ حتى كَرِهْتُ حياتي، وأتمنى الموتَ لكني أخاف منه، وأنظر إلى نفسي في المرآة، وأسأل نفسي: هل هذه أنا أو فتاة أخرى؟


لا أُقدِّر ذاتي، وأشعُر أني فاشلة في كل شيءٍ؛ فجميعُ قراراتي خاطئة إذا كنتُ خارجَ البيت، وإذا كنتُ داخلَ البيت أتراجع في جميع القرارات التي كنتُ اتَّخَذْتُها لعلمي أنها خاطئة، مع أنَّ أهلي يثقون بي ويعتمدون عليَّ في كل شيء!


إذا ذَهَبْتُ إلى مكانٍ ما وشعرتُ فيه بالسعادة أَرجِع إلى المنزل، ولا أُريد أنْ أَتَذَكَّر ذلك المكان.
في بعض الأوقات أشعُر باكتئابٍ لا أعرف سببَه؛ فمَزاجي متقلِّب، وأحيانًا أكون مُتحمِّسةً للذهاب إلى أي مكان ثم فجأة أُغَيِّر رأيي، ولا أعلم ما بي!!
أنا في حيرةٍ ولا أعلم ما هي شخصيتي!

الجواب

الابنة الغالية، أسعد الله فؤادَك، وأَبْعَدَ عنك الهَمَّ والحزَن، ونُرحِّب بك في شبكة الألوكة.
سنبدأ مِن الجانب الإيجابي في شخصيتك، والذي أثار إعجابنا؛ حيث قلتِ: إنَّ أهلك يعتمدون عليك في كل شيءٍ، وذلك دليلُ شخصية فاعلة ومؤثرة، وذات مسؤوليات رفيعة القَدْر، وتلك السماتُ كفيلة بأنْ تُصبحَ مفتاحَ النجاح والقوة التي ستنطلقين مِن خلالها لحياةٍ أفضل بإذن الله.


كما نَوَدُّ أنْ نُخبرك بأن في إمكانك أنْ تُبصِري النور والسعادة في داخلك، إنْ أَتَحْتِ لنفسك فرصةَ الإبصار، والبُعد عن السَّطحية في التفاعُل النفسي مع الأحداث مِن حولك، كوني مُتَمَسِّكةً باليقين بأنَّ الله سبحانه لَم يَخْلقك ضعيفةَ النفس، هَشَّة القلب، بل أنتِ قوية، وبإمكانك السيطرة على تلك المشاعر التي تجعلك غريبةً عن ذاتك، وإنَّ مِن أشد أنواع الحسرة عدمَ القدرة على التكيُّف مع الذات واحتوائها.


الغربةُ عن الذات لا تَتَمَكَّن مِن المرء المؤمن إلا عندما تفرغ رُوحه مِن التحليق في واحة الإيمان، ويخفتْ صوتُ هَمْسه بالذِّكر، ويستهين بالخشوع الآمن بين يدي الرحمن، وتفقد جبهته لذةَ السُّجود إلى عظَمَتِه؛ لذلك عليك تغذية الرُّوح بالإيمان والعبادات للوُصول إلى الاستقرار والأمان النفسي الذي لن يسلبه منك شيءٌ أو وسواس.


كما أنَّ السِّمات والخصائص الانفعالية العاطفية كافَّة، التي تُحدث ذلك الصِّراع النفسي في داخلك - تُعدُّ جزءًا مِن الاضطرابات الانفعالية التي تُصاحب فترة المراهقة وبدايات البُلوغ، وما يقترن بها مِن تغيُّرات جسديةٍ وإفرازات هرمونيَّة قد تُؤثِّر على الحالة النفسية العامَّة لك.


وأهم الخطوات العلاجية لمقاوَمة ذلك الصِّراع: عدم إنكار المشاعر الداخلية، والاعتراف بها، والتعبير عنها، مِن خلال التفريغ النفسي الفاعل، بالتحدث عن الانفعالات التي تُلازمك، وبثها لمن تثقين بهم، أو مِن خلال ممارَسة بعض الهِوايات التي تَرُوق لك بعيدًا عن المعصية.


ثم لا توصدي نوافذ الأمل في أعماق نفسك، بل تَمَسَّكي بالثقة وتقدير ذاتك، وأبشري بحبِّ أهلك لك، ولا تسعَيْ لجلد ذاتك وتأنيبها على ذنبٍ ارتَكَبْتِه وأنتِ طفلة وعُدتِ منه إلى الله تائبةً، واجعلي من التعلُّق غير المشروع الذي حدث بينك وبين ذلك الشاب بابَ النجاة، فمِن رَحِم الذنوب يولد الناجون وليس الضحايا، وتوقَّفي عن الشعور بالإثم ودور الضَّحيَّة، للتمكُّن مِن الخلاص مِن الخبرة السلبية التي قَيَدَّتْ شعورك، وأغرقتك في القلق والتوتُّر.


حاولي أن ترسمي على وجْنَتَيْك ابتسامةً، واجعلي العلمَ هدفًا ساميًا؛ لأنَّ بالعلم تحصلين على القدرة على مُواجَهة ضُغوط الحياة والصعوبات النفسية واكتساب الخبرات والقدرة على التكيُّف والتعامل مع الأحداث مِن حولك، واستعيني بالله عز وجل، وأكثري مِن التوكل عليه حق التوكُّل، وأحسني الظن به والتفاؤل بالخير والاستبشار به، وتحري السعادة واليقين بأنَّ الخيرَ في طريقه إليك.


كما نُفيدك بأنَّ الأعراضَ النفسية التي ذكرتِها - مثل: الشعور بدنو الأجل، أو اقتراب الموت، وعدم التركيز - هي أعراضٌ مصاحبة للقلق والتوتر، وليستْ وسواسًا، كما أنَّ هذا النوع مِن القلق يرتبط بعدة عوامل؛ منها: العوامل التربوية خلال مراحل الطفولة، كأنْ تُعاني مِن قسوة في بعض الأساليب التربوية، أو سِمات شخصية مَوْرُوثة أو مُكتَسبة؛ حيث يحدث تبايُن وتمايُز في قدرتك على تحمُّل الضغوط الحياتية، والتي قد يجدها الآخرون أكثرَ سلاسةً؛ لأنَّ لديهم قدرات أعلى على التكيُّف.


العلاجُ السلوكي يُعدُّ مناسبًا، مِن خلال تدريب نفسك على اكتساب عادات نفسية سلوكية مُوائِمة للتعامل مع المواقف والضغوط الحياتية بصورة إيجابية، مُستعينة بما تَمَّ توفيره مِن نصائحَ ودعائمَ نفسيةٍ سابقة، وفي حال عدم الشعور بالتحسُّن المرجوّ، فيُمكن الاستعانة بالمختصة النفسية، مِن خلال المقابلة المباشرة للمساعدة في تقديم جلسات العلاج النفسي المعرفي.



وأخيرًا: ننصحك بممارسة الأنشطة التي تُساعد على تفريغ الطاقة الكامنة في داخلك، وعليك العناية بأنْ تكونَ منوعةً بين الرياضية، والثقافية، والدينية، والاجتماعية؛ لأنَّ في تنوُّعِها تلبيةً للحاجات النفسية والرُّوحية وإشباعًا للعاطفة.
نسأل الله السداد والتوفيق


الساعة الآن : 07:16 AM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 11.94 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 11.84 كيلو بايت... تم توفير 0.09 كيلو بايت...بمعدل (0.79%)]