ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   هيا بنا نحفظ القرآن ونرضى الرحمن (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=84)
-   -   صلات الفعل (رضي يرضى رِضى) في ضوء كلام العرب والقرآن الكريم (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=261080)

ابوالوليد المسلم 22-06-2021 06:28 PM

صلات الفعل (رضي يرضى رِضى) في ضوء كلام العرب والقرآن الكريم
 







صلات الفعل (رَضِيَ يَرْضَى رِضًى)











في ضوء كلام العرب والقرآن الكريم





د. أورنك زيب الأعظمي[1]









الصلات أو حروف الجرّ في اللغة العربية تلعبُ دورًا مهمًّا ورائدًا في معاني الأفعال والأسماء، وإنّ زلةً في استعمالها عسى أنْ تجرّنا إلى مراد آخر كما تلفتنا عن الوجهة المعروفة في اللغة فمثلًا الفعل (دَرَأ يَدْرَأ دَرْءًا) فدَرَأه عنه ضد ما دَرَأه له إذ الأول يعني دَفَعَه عنه بينما الثاني يعني بَسَطَه له، وأما دَرَأه به فهو غير ما يراد بهذين المعنيين السالفين. وهكذا لو أدخلت صلة على فعلٍ لا تدخل عليه تلك الصلة فلو فهمه أهل اللغة ولكن هذا يخالف ما شاع في اللغة وذاع فمثلًا "رَغِبَ" لا تأتي له صلة (الباء) إلا إذا تبعتها صلة (عن) أي رَغِبَ به عنه وكذا تَعَرَّفَ إليه بمعنى تَعَرَّفَ عليه فقد قرأتُ في مقالة منشورة على شبكة الألوكة بعنوان "مختصر كتاب علم إعراب القرآن" قال فيها الكاتب: "فهذا بحث مختصر نتعرف من خلاله إلى علم إعراب القرآن، وآداب المعربين ومناهج إعراب القرآن، والأدوات التي يجب أن تتوفّر في المعرب---".[2] والحال أنّ هذه الصلة مع هذا الفعل (التعرّف) تعني التقرّب إلى كذا لا التعرّف عليه كما جاء في الأثر: "تعرّف إلى الله في الرخاء يعرفْك في الشدة"[3].








فالحذر في أمر الصلات واجب علينا وعلى غيرنا من الكتّاب عربًا كانوا أو عجمًا. وفي هذه المقالة الوجيزة نتناول بالدراسة الفعلَ (رَضِيَ يَرْضَى رِضًى) فندرس معناه، وعددَ الصلات التي تدخل عليه، ومدى تأثيرها في تحديد المعاني وتوسيعها.







فالفعل (رَضِيَ يَرْضَى رِضًى) يأتي متعديًا بنفسه كما قال امرؤ القيس:






إذا قلتُ هذا صاحبٌ قد رضيتُه https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

وقرّتْ له العينان بُدِّلتُ آخرا https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif


كذلك جدّي ما أصاحبُ صاحبًا https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

من الناس إلا خانني وتغيّرا [4] https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif










وقال عنترة بن شداد العبسي:






لو كان قلبي معي، ما اخترتُ غيرَكم https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

ولا رضيتُ سواكم، في الهوى، بدَلا https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif


لكنه راغبٌ فيمن يعذّبه https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

فليس يَقبَل لا لَومًا ولا عذَلا[5] https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif










وقال أيضًا:



فما لي أرضى الذلَّ حظًا، وصارمي *** جريء على الأعناق غيرُ كهام[6]







وقال عبيد بن الأبرص:



ذاك عيش رضيتُه وتولّى *** كلُّ عيشٍ مصيرُه لهبال[7]







وقال أوس بن حجر:



وذاك سلاحي قد رضيتُ كمالَه *** فيصدفُ عني ذو الجناح المُعَبَّل[8]







وقال الأجدع الهمذاني:



فرضيتُ آلاءَ الكميت فمن يبعْ *** فرَسًا فليس جوادُنا بمباع[9]







وقال أعشى تميم:



أبلغْ عُمَيرًا وخيرُ القولِ أصدقُه *** أني رضيتُك من جارٍ ومُعتَمَد[10]







وقال الطرماح:



ورضوا الذي كرهوا لأوّل مرة *** ورأى سبيلَ طريقه المتهدّد[11]







وكذا تأتي له خمس صلات بعضها على طريق التضمين وهكذا تتعدد صلاته لأوجه بلاغية فالصلات الخمس هي: الباء وعلى وعن واللام ومِنْ فالباء تعني الاقتناع كما قال امرؤ القيس:






لأخٍ رضيتُ به وشارك في الأن https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

ساب والأصهار والفضل https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif


ولمثلِ أسبابٍ علقتُ بها https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

يمنعنَ من قلقٍ ومن أزل[12] https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif










وقال حاتم الطائي:



فقلت له: خذ المرباع دهرًا *** فإني لست أرضى بالقليل[13]







وقال عنترة بن شداد العبسي:



رضيتُ بحبها طوعًا وكرهًا *** فهل أحظى بها قبل الحِمام[14]







وقال عبيد بن الأبرص:



إذ كلّنا ومِقٌ راضٍ بصاحبه *** لا يبتغي بدلًا فالعيش مغتبط[15]







وقال لبيد بن أبي ربيعة العامري:



رضيتِ بأدنى عيشنا وحمِدتِنا *** إذا صدرتْ عن قارص ونقيع[16]







وقال حسان بن ثابت الأنصاري:



دعاه إله الخلق ذو العرش دعوةً *** إلى جنة يرضى بها وسُرور[17]







وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه:



فأما الكريم فراضٍ به *** وأما اللئيم فما قد أبل[18]







وقال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ * قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ ﴾ [التوبة: 28، 29].







وأما الصلة (على) فذكر الكسائي والآخرون أنها جاءت مقابل صلة "سخط" أي (على) حملًا للشيء على نقيضه كما يحمل على نظيره[19] واستدلّوا بشعر قُحَيف العٌقَيلي التالي:






إذا رضِيتْ عليّ بنو قُشَيرٍ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

لَعمرُ الله أعجبني رِضاها https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

يتبع













ابوالوليد المسلم 22-06-2021 06:30 PM

رد: صلات الفعل (رضي يرضى رِضى) في ضوء كلام العرب والقرآن الكريم
 
ولا تنبو سيوفُ بني قشيرٍ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

ولا تمضي الأسنّةُ في صفاها[20] https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif









ووجدنا في التراث الجاهلي قول أكثم بن صيفي الذي يذكر قولًا حكيمًا من بين أقوال حكيمة فيقول: "من رضي على نفسه كثر الساخط عليه".[21]







والدليل على حمل الشيء على نقيضه أو حمل الشيء على نظيره فعل الإحسان والإساءة فنجدهما يتبادلان الصلة كما قال كعب بن سعد الغنوي:



فإنْ تكن الأيامُ أحسنّ مرةً *** إليّ فقد عادتْ لهنّ ذنوب[22]







وقال أعرابي:



لحا الله دهرًا شرُّه قبلَ خيره *** تقاضى فلم يُحسنْ إلينا التقاضيا[23]







وكما جاء في قوله تعالى: ﴿ وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ ﴾ [القصص: 77].







وقالت امرأة إسلامية لزوجها الذي كان يضايقها:



هل لي إليك إساءةٌ جازيتَها *** إلا لباسي حلةَ الآداب[24]







وقال عروة بن أذينة:



ومولًى مسيءٌ إلى نفسه *** كحاثي التراب عليه انبثاثا[25]







وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: "ما أحسنتُ إلى أحد ولا أسأتُ إليه".[26]







وللإحسان صلة أخرى وهي (الباء) فقال غَلفاء بن الحارث بن آكل المرار الكندي:






إنّ جنبي عن الفراش لنابٍ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

كتجافي الأسرّ فوق الظِراب https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif


يا ابنَ أمّي ولو شهدتُك إذ تد https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

عو تميمًا وأنت غيرُ مُجاب https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif


لتكارهتُ من ورائك حتى https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

تبلغَ الرُحبَ أو تُبَزَّ ثيابي https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif


أحسنتْ وائلٌ وعادتُها الإحسا https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

نُ بالحِنوِ يومَ ضربِ الرقاب[27] https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif










وقال آخر:



ومُربِحٍ قال لي هاءٍ! فقلت له *** حيّاك ربي، لقد أحسنتَ بي هائي[28]







وقال تعالى: ﴿ وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا وَقَالَ يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ﴾ [يوسف: 100].







وأما دخولها على فعل الإساءة فقال زهير بن أبي سلمى:






فإن تدعوا السماء فليس بيني https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

وبينكم بني حصن بقاء https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif


ويبقى بيننا قَذَعٌ وتُلفَوا https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

إذًا قومًا بأنفسهم أساءوا https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif


وتوقَدْ نارُكم شَرَرًا ويُرفَعْ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

لكم في كلّ مَجمَعَةٍ لواء[29]https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif










وقال هدبة بن الخشرم العُذري:






وكم من صاحبٍ قد بان عني https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

رُميتُ بفقده وهو الحبيب https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif


فلم أُبدِ الذي تحنو ضلوعي https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

عليه وإنني لأنا الكئيب https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif


مخافة أن يراني مستكينًا https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

عدوٌّ أو يُساءُ به قريب[30] https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif










وقال الكميت الأسدي:



فلم أبلغْ بهم لعنًا ولكنْ *** أساء بذاك أوّلُهم صنيعا[31]







وقال كثيّر عزة:



أسيئي بنا أو أحسني، لا ملومةٌ *** لدينا، ولا مقليّةٌ إنْ تقلَّت[32]







وأما الصلة (عن)، أي رَضِيَ عنه، فتعني: طاب عنه. قال الأخطل:



فالله لم يرض عن آلِ الزبير ولا *** عن قيسِ عيلان حيًا طال ما خربوا[33]







وقال تعالى: ﴿ وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ ﴾ [البقرة: 120] وقال: ﴿ قَالَ اللَّهُ هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾ [المائدة: 119].







وقال أيضًا: ﴿ لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا ﴾ [الفتح: 18].







وقال سعد بن عبادة: "وهو عنكم راضٍ، وبكم قريرُ عين".[34]







وقد مضى قول الحسين بن علي رضي الله عنهما في الردّ على معاوية: "--- ورسولُ الله صلى الله عليه وسلم في تلك المواطن كلها عنه راض، وعليك وعلى أبيك ساخط".[35]



وأما رَضِيَ له فيعني: رضي لأجله ورضي به معًا كما قال قيس بن الخطيم:



رضيتُ لعوفٍ أنْ تقول نساؤكم *** ويهزأنَ منهم: ليتنا لم نحارب[36]












ابوالوليد المسلم 22-06-2021 06:31 PM

رد: صلات الفعل (رضي يرضى رِضى) في ضوء كلام العرب والقرآن الكريم
 
ومنه قول المتلمس:



رضيتُ لها بالماء لمّا رأيتُها *** يجول بها التيّارُ في كلّ جدول[37]







وقال الكميت الأسدي:






ولكن إلى أهل الفضائل والنهى https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

وخيرِ بني حوّاءَ والخيرُ يُطلَبُ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif


إلى النفَر البيض الذين بحبّهم https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

إلى الله فيما نابنى أتقرّب https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif


بني هاشمٍ رهطِ النبي فإنني https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

بهم ولهم أرضى مرارًا وأغضب[38] https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif










وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: "ثم اختار سبحانه لمحمّد لقائَه، ورضي له ما عنده، وأكرمه عن دار الدنيا، ورغب به عن مَقَام البلوى".[39]







وقال تعالى: ﴿ يَوْمَئِذٍ لَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلًا ﴾ [طه: 109].







وأما لمعنى رَضِيَ به فقال تعالى: ﴿ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ * عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ * تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً * تُسْقَى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ * لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ * لَا يُسْمِنُ وَلَا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ * وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاعِمَةٌ * لِسَعْيِهَا رَاضِيَةٌ * فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ ﴾ [الغاشية: 2 - 10].







ورَضِيَ منه أيضًا يعني: رَضِيَ به كما قال الفرزدق:



إذاما رضوا مني، إذا كنتُ ضامنًا *** بأحسابِ قومي في الجبال وفي السهل[40]







وأما دخول الصلات العديدة على الفعل (رَضِيَ) فقال كعب بن زهير:



ورضيتُ عنها بالنجاء وسامحتْ *** من دون عسرةِ ضغنها بيسار[41]







وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه:



"وإنْ لم تقبلْ ذلك ولم يهمّك، ولم تُنزِل معاظمَ الأمور عند الذي يرضى به عنك، يكن ذلك بك انتقاصَا".[42]



فرضي به عنه كمثل بَخِلَ به عنه وضَنَّ به عنه.







وقال إبراهيم بن هرمة القرشي:



وودّعني الشبابُ فصرتُ منه *** كراضٍ بالصغير من العظيم[43]







وقال آخر:



أمُّ الحُلَيس لعجوزٌ شهربه *** ترضى من اللحم بعظم الرقبة[44]



فرَضِيَ به منه عين رَضِيَ به عنه.







وقال عبد الله بن جعفر: "--- أيها الناس: هذا أمر كان النظر فيه لعلي، والرضا فيه إلى غيره".[45] فرَضِيَ فيه إليه أي الرضا صاير إلى غيره في هذا الأمر.







وملخص الكلام أنّ الفعل (رَضِيَ يَرْضَى رِضًى) يعني: اقْتَنَعَ به وسُرَّ، وتدخل عليه خمس صلات وهي: الباء وعلى وعن واللام ومِنْ كما تتعدد هذه الصلات فتزيد من معانيه ما رأيناها من قبلُ. وأننا لم نقف على هذه الصلات إلا عن طريق كلام العرب الجاهلي والإسلامي والقرآن الكريم اللذين حفظا لنا عددًا كبيرًا من معاني الكلمات وصلات الأفعال. ونحمده تعالى على أنه وفّقنا لخدمة لغة كتابه ولغة رسوله صلى الله عليه وسلم ولغة الجنة.







المصادر والمراجع:



1) القرآن الكريم.







2) جمهرة أشعار العرب في الجاهلية والإسلام لأبي زيد محمد بن أبي الخطاب القرشي، تحقيق: محمد علي البجادي، نهضة مصر للطباعة والنشر والتوزيع، د.ت.







3) جمهرة خطب العرب في عصور العربية الزاهرة لأحمد زكي صفوت، شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده، مصر، ط1، 1933م







4) ديوان الأخطل، شرح: مهدي محمّد ناصر الدين، دار الكتب العلمية، بيروت، ط2، 1994م







5) ديوان الطرماح، د. عزة حسن، دار الشرق العربي، بيروت، لبنان، ط2، 1994م







6) ديوان الفرزدق، شرح الأستاذ علي فاعور، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1987م







7) ديوان الكميت بن زيد الأسدي، جمع وشرح وتحقيق: د. محمد نبيل طريفي، دار صادر، بيروت، ط1، 2000م







8) ديوان امرئ القيس، ضبطه وصحّحه: الأستاذ مصطفى عبد الشافي، دار الكتب العلمية، بيروت، 2004م







9) ديوان أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب (جمع وترتيب: عبد العزيز الكرم)، ط1، 1988م







10) ديوان أوس بن حجر، تحقيق وشرح: د. محمد يوسف نجم، دار بيروت للطباعة والنشر، بيروت، 1980م







11) ديوان جرير، دار بيروت للطباعة والنشر، بيروت، 1986م







12) ديوان حاتم الطائي، شرح: أبي صالح يحيى بن مدرك الطائي، دار الكتاب العربي، بيروت، ط1، 1994م







13) ديوان حسان بن ثابت، شرح وتقديم: الأستاذ عبدأ مهنا، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، ط2، 1994م







14) ديوان ذي الرمة، تقديم وشرح: أحمد حسن بسج، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1995م







15) ديوان زهير بن أبي سلمى، شرح وتقديم: الأستاذ علي حسن فاعور، دار الكتب العلمية، بيروت، ط: 1، 1988م








16) ديوان عبيد بن الأبرص، بشرح: أشرف أحمد عدرة، دار الكتاب العربي، بيروت، 1994م







17) ديوان عمر بن أبي ربيعة، تحقيق وتقديم: د. فوزي عطوي، دار صادر، بيروت، 1980م







18) ديوان كُثَيِّر عَزّة، جمع وشرح: د. إحسان عبّاس، دار الثقافة، بيروت، لبنان، 1971م







19) ديوان كعب بن زهير، تحقيق: الأستاذ علي فاعور، دار الكتب العلمية، بيروت، 1997م







20) ديوان لبيد بن أبي ربيعة العامري، دار صادر، بيروت، د.ت.







21) شاعرات العرب في الجاهلية والإسلام، جمع وترتيب: بشير يموت، المطبعة الوطنية، ط1، 1934م







22) شرح ديوان الحماسة لأبي علي أحمد بن محمد بن الحسن المرزوقي، تعليق: غريد الشيخ، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، ط1، 2003م







23) شرح ديوان عنترة بن شداد العبسي، للعلامة التبريزي، دار الكتاب العربي، ط1، 1992م







24) شعر إبراهيم بن هرَمة القرشي، تحقيق: محمد نفاع وحسين عطوان، مطبوعات مجمع اللغة العربية بدمشق، 1869م







25) شعر عروة بن أذينة، تحقيق: د. يحيى الجبوي، دار القلم، الكويت، ط2، 1981م







26) شعر هدبة بن الخشرم العذري، صنعة الدكتور يحيى الجبوري، دار القلم للنشر والتوزيع، الكويت، ط2، 1986م







27) شعرالأحوص الأنصاري، جمع وتحقيق: عادل سليمان جمال، مكتبة الخانجي بالقاهرة، ط2، 1990م







28) الصبح المنير في شعر أبي بصير، مطبعة آدلف هلزهوسنين، بيانة، 1927م







29) قصائد نادرة من كتاب منتهى الطلب من أشعار العرب لمحمد بن المبارك البغدادي، د. حاتم صالح الضامن، مؤسسة الرسالة، ط1، 1983م







30) كتاب الوحشيات، أبو تمام الطائي، تحقيق: عبد العزيز الميمني الراجكوتي، وزيادة: محمود محمد شاكر، ط3، دار المعارف، القاهرة، مصر، 1968م







31) الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل للزمخشري، دار الكتب العلمية، د.ت.







32) لسان العرب لابن منظور الإفريقي، دار صادر، بيروت، د.ت.







33) مختارات شعراء العرب لهبة الله بن علي أبي السعادات العلوي المعروف بابن الشجري، تحقيق: علي محمد البجاوي، دار الجيل، بيروت، ط1، 1992م







34) منهج السالك إلى ألفية ابن مالك للأشموني، تحقيق: محمد محيي الدين عبد الحميد، دار الكتاب العربي، بيروت، ط1، أغسطس 1955م







35) نهج البلاغة، ضبط نصه وابتكر فهارسه العلمية، دار الكتاب المصري، القاهرة، ط4، 2004م







36) النوادر في اللغة لأبي زيد الأنصاري، تحقيق ودراسة: د. محمد عبد القادر أحمد، دار الشروق، بيروت، ط1، 1981م







37) الألوكة، الرابط: https:/ / www.alukah.net/ literature_********/ 0/ 143012/ المؤرخ في 11/ 12 / 2020م







[1] مدير تحرير "مجلة الهند" وأستاذ مساعد، قسم اللغة العربية وآدابها، الجامعة الملية الإسلامية، نيو دلهي




[2] - انظر الرابط: https:/ / www.alukah.net/ literature_********/ 0/ 143012/ المؤرخ في 11/ 12 / 2020م




[3] - رواه أبو القاسم بن بشران في أماليه عن أبي هريرة، انظر: صحيح الجامع، رقم الحديث: 2961




[4] - ديوانه، ص 66.




[5] - شرح ديوانه، ص 114.




[6] - شرح ديوانه، ص 191.




[7] - ديوانه، ص 99.




[8] - ديوانه، ص 98.




[9] - قصائد نادرة من كتاب منتهى الطلب من أشعار العرب، ص 47.




[10] - الصبح المنير في شعر أبي بصير، ص 272.




[11] - ديوانه، ص 120.




[12] - ديوانه، ص 133.




[13] - ديوانه، ص 125.




[14] - شرح ديوانه، ص 188.




[15] - ديوانه، ص 79.




[16] - ديوانه، ص 86.




[17] - شرح ديوانه، ص 154.




[18] - ديوانه، ص 84.




[19] - لسان العرب: رضي.

وللصلة (على) الداخلة على فعل السخط قول عمر بن أبي ربيعة المخزومي:

أ من سخطٍ عليّ صددتَ عني،*** حملتَ جنازتي، وشهدَ قبري!

ديوانه (طبعة دار صادر، بيروت)، ص 150، وقال المعلى بن طارق الطائي:

سخِطتْ جماجمُهم على أجسادهم*** فتحشّدتْ غضًّا صدورُ رماح

كتاب الوحشيات، ص 117، وقال الأحوص الأنصاري:

وقد علموا واستيقنوا أن سخطهم*** عليّ جميعًا في رضاك يسير

شعره، ص 157، وقال أكثم بن صيفي: من رضي على نفسه كثر الساخط عليه". جمهرة خطب العرب، 1/ 311

وقال الحسن بن علي ردًا على معاوية: "--- ورسولُ الله صلى الله عليه وسلم في تلك المواطن كلها عنه راض، وعليك وعلى أبيك ساخط". جمهرة خطب العرب، 2 / 17

والحقيقة أنّ هذه أيضًا صلة الفعل (غَضِبَ) قال حسان بن ثابت الأنصاري:

غضِب الإله على الزِبعري وابنه *** وعذابِ سوءٍ في الحياة مُقيم

شرح ديوانه، ص 288، وقال جرير:

فإنّ الحيّ قد غضبوا عليكم *** كما أنا من ورائهم غضوب

ديوانه، ص 37، وقال أيضًا:

وما شكرتْ تيمٌ لقومٍ كرامةً *** وما غضِبتْ تيمٌ على من يُهينُها

ديوانه، ص 483، وقال الحطيئة:

وإنّ التي نكّبتُها عن معاشرٍ *** غضابٍ عليّ أنْ صددتُ كما صدّوا

مختارات ابن الشجري، ص 443، وقال ذو الرمة:



غضبتَ عليّ بأن شربتُ بصوفِ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

ولئن غضبتِ لأشربنّ بخروف https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif


ولئن غضبتِ لأشربنّ بنعجة https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

دهساء مالئة الإناء سَحُوف https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif




ديوانه، ص 178، وللغضب صلات أخرى وهو أوسع من السخط معنًى.




[20] - نوادر أبي زيد، ص 481




[21] - جمهرة خطب العرب، 1/ 3118.




[22] - مختارات ابن الشجري، ص 110.




[23] - شرح ديوان الحماسة، 1/ 446.




[24] - شاعرات العرب في الجاهلية والإسلام، ص 203.




[25] - شعره، ص 295.




[26] - الكشاف، 2/ 225.




[27] - كتاب الوحشيات، ص 133-134.




[28] - لسان العرب، مادة: ها.




[29] - ديوانه، ص 21.




[30] - شعره، ص 61.




[31] - ديوانه، ص 624.




[32] - لسان العرب: حسن، وديوانه، ص 101.




[33] - ديوانه، ص 41.




[34] - جمهرة خطب العرب، 1/ 61.




[35] - جمهرة خطب العرب، 2/ 17.




[36] - جمهرة أشعار العرب، ص 513.




[37] - مختارات ابن الشجري، ص 129.




[38] - ديوانه، ص 514-515.




[39] - نهج البلاغة، ص 44.




[40] - ديوانه، ص 488.




[41] - ديوانه، ص 22.




[42] - جمهرة خطب العرب، 1/ 96.




[43] - شعره، ص 204.




[44] - منهج السالك إلى ألفية ابن مالك، 1/ 141.




[45] - جمهرة خطب العرب، 1/ 215.
















الساعة الآن : 02:07 PM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 50.66 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 50.48 كيلو بايت... تم توفير 0.18 كيلو بايت...بمعدل (0.35%)]