ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   ملتقى مشكلات وحلول (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=51)
-   -   تعبتُ من العمل وأريد الاستقالة (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=256171)

ابوالوليد المسلم 04-04-2021 05:44 AM

تعبتُ من العمل وأريد الاستقالة
 
تعبتُ من العمل وأريد الاستقالة


أ. عصام حسين ضاهر



السؤال

أعمل في دولةٍ عربية بائعًا في محلٍّ من المحلات، يطلب مني صاحبَ العمل الإخلاصَ في العمل، وقضاء وقت أكثر مِن الدوام المحدَّد، مما يُرهقني جدًّا، كذلك يُؤخِّر عليَّ الراتبَ لشهرين وثلاثة، ولا يعطيني إجازات؛ لا أسبوعية، ولا موسمية، ولا إجازات الأعياد، ولا يهتم بالعاملين.


تعبتُ مِن العمل معه، وأريد أن أقدِّم استقالتي، ولكني في أشدِّ الحاجة لهذا العمل.

أفيدوني ماذا أفعل؟! وجزاكم الله خيرًا


الجواب

الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلام على أفضلِ خلْق اللهِ أجمعين، محمد بن عبدالله النبي الأُمِّي الأمين، ثم أمَّا بعدُ:


أخي الكريم، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وأسعد اللهُ أوقاتَك بكلِّ خيرٍ، ونشكر لك ثقتَك في شبكة "الألوكة"، ونسأل اللهَ - تعالى - أن يجعلَنا عند حُسن ظنِّك بنا، وأن يُلهمَنا الصوابَ في الردِّ على رسالتك.

أخي الحبيب، لكلٍّ منَّا أهدافٌ في حياتِه يسعى إلى تحقيقها، وأحلام يتمنَّى أن يحوِّلَها إلى واقعٍ ملموسٍ، وما بين الحلم والواقع بونٌ شاسِع، يحتاج منَّا أن نبذلَ في سبيل ذلك العملَ الجادَّ، والمجهودَ الشاقَّ، وأن نتسلَّحَ بسلاح الصبر في مواجَهة الصِّعاب التي تواجهنا لنصلَ إلى ما نريده ونتمنَّاه.

فلا تجزَعي مما لَقيتِ مِن الأذى https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
فإنَّ الأذى حتمٌ على كلِّ قائمِ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

وما الصبرُ إِلا طعمُه طعمُ علْقمٍ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
ولكن جنى عقباه حلوُ المطاعمِ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

ألم تنظري الحسَّادَ كيف تشمَّتوا https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
عشيةَ خان العهدَ أهلُ المظالمِ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

فلمَّا رأى الحسَّادُ صبري على الأذى https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
سُقوا من كؤوسِ الغيظ سمَّ الأراقمِ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif



لقد تحدثتَ في رسالتك عنْ أنك واقع بين خيارَيْن، أحلاهما مرٌّ، فالأول: إما أن تتقدَّم باستقالتك من هذه الوظيفة؛ نظرًا للصُّعوبات التي ذكرتَها.

والثاني: أنك لا تريد أن تضيِّعَ هذه الوظيفة مِن يدك؛ لأنك في أشدِّ الحاجة إليها.

لذلك أخي الكريم أنصحك بما يأتي:
أولاً: أن تتناولَ الآن ورقةً وقلمًا، وأن تقسمَها إلى أربعة أقسام، في القسم الأول تكتبُ إيجابياتِ قرارك بالبقاء في هذه الوظيفة، وفي القسم الثاني تكتب سلبياتِه، وفي القسم الثالث تكتب إيجابياتِ قرارك بتقديم استقالتك منها، وفي القسم الرابع تكتب سلبياتِه، ثم تنظرُ إلى الورقة نظرةَ محايِد، وتأخذ قرارك بِناءً على هذه المعطيَات، وعلى أساس الأكثر وجودًا في تلك الورقة مِن الإيجابيات أو السلبيات، سواءٌ أكان القرارُ بتقديم الاستقالة، أم بالبقاء في هذه الوظيفة.

ثانيًا: إذا استقرَّ رأيُك على البقاء في هذه الوظيفة، فإني أزوِّدك الآن ببعض الخطوات التي تُعِينك على إكمال مشوارك:
تسلَّح بسلاح الإيمان والصَّبر؛ فقد قال الله - تعالى -: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ﴾ [البقرة: 153]، فأكثِرْ من الصلاة والوُقُوف بين يدَيِ اللهِ تعالى، لا سيما أوقات السَّحَر، واطلبْ منه - تعالى - أن يهديَ لك صاحب العمل، وأن يشرحَ قلبَه لك، ثم اجعل شعارك خلال المدة الباقية مِن عقدِك معه: سأصبر حتى يعجزَ الصبرُ عن صبري، وأصبر حتى يقولَ الصبرُ: إني صبرتُ على شيءٍ أمرَّ مِن الصبر.

تفاءَلْ بالخيرِ دائمًا، وكنْ حسَنَ الظنِّ بالله تعالى، فما أصدقَ الأملَ وحُسْنَ الظنِّ بالله حين تتعلَّق نفوسُنا به! وما أجمل عاقبتَه! وما أحوجَنا إلى طرْد اليأس مِن نفوسنا، وزرع بذور الإيمان في أعماقنا، وأن نتفاءل بقدوم الفرَجِ دائمًا!

عَسى الكَربُ الَّذي أَمسَيتُ فيهِ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
يَكونُ وَراءَهُ فَرَجٌ قَريبُ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif



ضَعْ نُصْبَ عينيك دائمًا: أنَّ الطُّرُق المفروشة بالورد لن تقودَك للمجد، فاهدأ إن قابلتْك الصُّخورُ، وفكِّر كيف تتجاوزُها بكلِّ ثقة، وما أجملَ ما قاله أبو القاسم الشَّابي:

إِذا مَا طَمحْتُ إلى غايةٍ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
رَكِبتُ المُنى، ونَسيتُ الحَذرْ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

ولَمْ أتجنَّبْ وُعورَ الشِّعابِ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
ولا كُبَّةَ اللَّهَبِ المُستَعِرْ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

ومَن لا يُحبَّ صُعودَ الجبالِ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
يَعِشْ أبَدَ الدَّهرِ بَيْنَ الحُفَرْ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif



لا تستسلم للفشَل، ولا تعترف به أبدًا، وتعلَّم ذلك مِن النمل؛ فإنه لا يعترفُ بالفشَل، فكما تقول الكاتبة سلوى العضيدان في كتابها: "استمتع بفشلك، ولا تكن فاشلًا": "هل تأمَّلتَ النملَ يومًا وهو يقصِدُ مكانًا، ويحمل فوق جسدِه الصغير أضعافَ وزنه، حاوِلْ إيقافَه إن استطعتَ، بإصبعِك، أو بنواةِ تمرة، أو حتى بحَصيات صغيرة تلقيها في طريقِه، ثم راقِبْه، ستندهش حين تراه يبحث عن طريقٍ آخر، سيصعد، سينزل، سيلتف، سيستمر في محاولته للبحث عن طريق جديد, لكنه أبدًا لن يتوقف!

فالنملُ لا يعترف بالتوقُّف أبدًا؛ لأنَّ التوقفَ في لغتِه يعني الفشَل، والفشلُ بالنسبة له يعني الموت؛ لذا سيُحاول دائمًا أن ينجحَ مهما كانت العقباتُ التي تحاول إيقافه.

فتأمَّل النمل يومًا، وراقبْ إيمانَه وإصراره على عدم الاعتراف بقانون الفشل والتوقُّف!

فإن فشِلتَ يومًا فابحثْ عن جماعةٍ من النمل، وراقِبْها، وتعلَّمْ منها هذا القانون العجيبَ، وقل: سبحان الله، وانهض مِن جديد ".

كن صاحبَ نفس طموحٍ، وحدِّد هدفك مِن الغربة، واسعَ دائمًا لتحقيقه، وانظر في سِيَر السلَف الصالح والناجحين مِن قبلك، وتعلَّم منهم كيف واجَهوا الصعابَ التي اعترضتْ طريقَهم، فهذا الخليفة العادل، عمر بن عبدالعزيز - رضي الله عنه - يقول: "إنَّ لي نفسًا توَّاقة، وما حققتُ شيئًا إلا تاقتْ لِما هو أعلى منه، تاقتْ نفسي إلى الزَّواج مِن ابنة عمي فاطمة بنت عبدالملك فتزوجتُها، ثم تاقتْ نفسي إلى الإمارةِ فوليتها، وتاقتْ نفسي إلى الخلافة فنلتُها، والآن تاقتْ نفسي إلى الجنةِ فأرجو أن أكونَ مِن أهلِها".


اعمل على صقلِ مَواهبك في هذه الوظيفة، ونمِّ قدراتك فيها، وحاول أن تتميَّز فيها، حتى يعلمَ صاحبُ العمل أنه لو استغنى عنك فسيخسر كثيرًا، وساعتها يمكنك أن تجلسَ معه لتُفاوضَه على زيادة الراتب، والحصول على أوقات وأيام الراحة الأسبوعية.

وفَّقك الله لِما فيه الخيرُ لك في الدُّنيا والآخرة





الساعة الآن : 03:25 AM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 15.25 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 15.15 كيلو بايت... تم توفير 0.09 كيلو بايت...بمعدل (0.61%)]