ملتقى الشفاء الإسلامي - حركات لا إرادية في رأسي ورقبتي

حركات لا إرادية في رأسي ورقبتي

أ. أسماء مصطفى

السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم

أعاني منذ 6 سنوات من حركاتٍ في رأسي ورقبتي؛ كهَزِّ الرأس، ورمش العينين، وتحريك الفم والأنف، وشدِّ الفك، تسبِّب لي إحرجًا شديدًا، وهذه الحركات تأتي رغمًا عنِّي، لا أستطيع التوقُّف عنها بمجرَّد إتيانها على بالي، بعض الأحيان عند نسيانها أو عندما أكون منشغلاً بشيء لا أفعلها، ذهبت لأخصائي أعصاب، وعملتُ أشعةَ رنين مغناطيسي، ونتيجة الأشعة أنَّني سليم 100%، كتب لي الطبيبُ دواء اسمه "هالوبيريدول" لمدَّة شهرين، استعملتُه لمدة يوم ونصف، وسبَّب لي تشنُّجات شديدة في جسمي، وتركتُه على الفور.
راجعت الطبيب مرَّة أخرى لاستبدال الدواء، وكتب لي دواء آخر اسمه "أرتان"، استمررْتُ على هذا الدواء "أرتان" لمدة شهرين، ولكن لم تتحسَّن حالتي حتى 30 %.

أفيدوني جزاكم الله خيرًا.

الجواب
أخي الفاضل:
لقد تفهَّمتُ كثيرًا ما تشكو منه، وكم أدركتُ أنَّ هذه الأعراض مزعجة! ولكنَّها ليست خطيرة، ونصيحتي لك ألاَّ تتردد على الأطبَّاء أكثر من ذلك، حتَّى أنا لا أستطيع أن أقول: إنَّك تُعاني من مرضٍ نَفْسي حقيقي، هي مجرَّد ظاهرة، وليست أكثر من ذلك.
فإنَّ هذا النوع من الحركات اللاإرادية التي تَظْهر في الوجه، هي ناتجة من القلق، فلْتَبحث عن مسبِّبات القلق لدَيْك، ولْتَتخلَّص منها على الفور، وهذه مجموعةٌ من الحركات النَّاتجة من انقباض مجموعاتٍ صغيرة من العَضلات، ويعرف أنَّ هذا يحدث لبعض الناس في حالات القلق والتوتُّر.
الذي أنصحك به هو أن تتجاهل هذه الحركات اللاإراديَّة التي تحدث في وجهك؛ فالتَّجاهل التامُّ وتَفهُّمُ أنَّها ناتجة من القلق هو وسيلة علاجيَّة صحيحة جدًّا، ولكن إذا ركَّزت عليها، وأصبحتَ تُلاحظ الصغيرة والكبيرة، فهذا سوف يَدْعم ويُعزِّز من استشعارك بهذه الحركات اللاإراديَّة، ورُبَّما تزداد.
إذًا؛ التَّجاهل هو أفضل وأنجح وأحسنُ علاج، وعندما تأتي على بالك هذه الحالةُ، حاول أن تَشْغل نفسك بشيءٍ آخر سريعًا، والانهماك فيه، ولا تستسلم لنفسك وكأنَّك تُعاندها؛ قل لنفسك: ماذا سوف يحدث لو لم أفعَلْها؟ سوف تشعر ببعض القلق في البداية، ولكن بالتدريج سوف يختفي، ويختفي العرَض.
لا تترك لنفسك أوقات فراغ؛ لأنَّها سوف تستَوْلي على تفكيرك وقتها, اشترك في حلقات تحفيظ قرآن في المسجد، وأنصحُك بعدم الجلوس وحدَك - حاوِل أن تكون بِرُفقة أُسْرتك أو أصدقائك دومًا - وبطَرْد الفكرة بمجرَّد مرورها على بالك مباشرة, وتغيير الموضوع، ولْتَعلم أنك إذا تركتَها واستمرَرْت في الاستسلام لها، وعدم مقاومتها، فسوف تزداد.
أريدك أيضًا أن تُمارس تمارين الاستِرْخاء، وهذه مهمَّة جدًّا، الكثير من النَّاس لا يَعرفون أهميتها، أُريدك أن تتحصَّل على أحدِ الأشرطة أو الكتيبات من أحد المكتبات الكبيرة؛ مثل: مكتبة جرير، وحاول أن تُطبِّق هذه التَّمارين بكل دِقَّة، وهذا نوعٌ منها: "استَلْقِ في مكانٍ هادئ، فَكِّر في أمر طيِّب وجميل، أغمض عينيك، وافتح فمك قليلاً، ثم خذ نفَسًا عميقًا وبطيئًا، حتَّى يمتلئ الصدر، وترتفع البطن قليلاً، وهذا هو الشَّهيق، اقبض على الهواء قليلاً في صدرك لمدة خمس ثوان، أخرج الهواء بقوة وبطء، ويُفضَّل إخراج الهواء عن طريق الفم، ويكون الشهيق عن طريق الأنف... كَرِّر هذا التمرين بمعدل أربع إلى خمس مرَّات بمعدل جلستين في اليوم، وهذا - إن شاء الله - سوف يُساعدك كثيرًا"، واجعلها نمطًا لحياتك لفترةٍ من الوقت، وسوف تجد - إن شاء الله - فيها خيرًا كثيرًا.
يأتي بعد ذلك أنْ أنصحك تمامًا أن تُواجه المواقف الاجتماعيَّة، لا تنسحب أبدًا من أيِّ موقفٍ اجتماعي، أثبِتْ وجودك، أثبت حضورَك، شارِكْ في المُحاضرات مع الآخرين، وأرجو أن أؤكِّد لك أنَّ هذه الانقباضات العضليَّة اللاإرادية التي تَحدث لك هي ليست بالشِّدة التي تتصوَّرها، بمعنى أنَّ الآخرين قد لا يَلحظونها بالقدر الكبير الذي تتخيَّله أنت.
مُمارسَة الرِّياضة أمرٌ ضروري جدًّا، وسوف يفيدك جدًّا، على الأقلِّ مارِس الرياضة مرَّتين أو ثلاثًا في الأسبوع، لمدَّة لا تقلُّ عن ساعة؛ كالمشي أو الجري، أو لِتَشتركْ في رياضة جماعيَّة؛ مثل كرة القدم.

وحاول أن يكون الغذاء لدَيْك متوازنًا؛ فهذا يُفيدك، ولا تُكثِر من شرب الشَّاي والقهوة؛ حيث إنَّ الكافيين ربَّما يكون أيضًا من مُثيرات الرعشة والحركات اللا إرادية لدى بعض النَّاس.
لا أريدك أن تستعجل النَّتائج؛ فهذه الطُّرق العلاجيَّة ربَّما تأخذ منك بعض الشُّهور، فلا تَيئس، وأمَّا بالنسبة لموضوع الأدوية التي أخذتَها، فعليك باستشارة الطَّبيب فيها، إذا استمرَّت الحالة أو تزايدَتْ معك، أنصحك بِمُقابلة أحد الأطباء النفسيِّين المختصِّين.

في نهاية المطاف، أدعو الله تعالى أوَّلاً وأخيرًا أن يُعافيك وأن يَشْفيك، وأقول لك: إنَّ موضوعك - إن شاء الله - بسيط، ونسأل الله تعالى أن نكون قد وُفِّقنا في أن نُفيدك، ونسعى لِطَمأنتك، وبارك الله فيك، وحفظك الله.