مثاليتي
مثاليتي د. ياسر بكار السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، في الحقيقة أشكر إخواني القائمين على موقع الألوكة، موقع رائع بكل المقاييس، ودومًا في المقدمة. مشكلتي تتلخص في أني مثاليٌّ في كثير من أموري، إن لم تكن كلها، بل كلها؛ يعني: تخيَّل حتى في قراءتي للكتب وعند مكتبتي أقلِّب الكتب يَمنة ويَسْرة، فأجد بعضها قد تمزق منه بعض النتف فتعاف نفسي قراءَته، وأجد البعض قد علاه الغبار - كما هي العادة - فتضيق نفسي وتتحسَّر، هذا مثال. وأيضًا ملفاتي وأوراقي وكتاباتي إن وجدتُها في غير مكانها، وأيضًا ثيابي إن رأيتُ ولو بقعة صغيرة عليها، علاني الهم والغم، وأيضًا غرفتي، وأيضًا... وأيضًا...إلخ. فقط، وكأني أرى (المستشار) قد بدتْ أسنانه من الضحك عليَّ، ولكني أقول له: مهلاً، أضحك الله سنَّك، فقد ضحك صاحبك قبلك، لكنها والله مشكلتي في جميع أموري، حتى في خطتي في الحياة وأهدافي، وتعاملي وفشلي في تحقيق أهدافي، حاولتُ أن أكسرها، وقرأتُ في موقعكم بعض الاستشارات التي تدندن حول هذا الموضوع، لكني أجد نفسي لا تمتثلها ولا أنجح في التعامل معها. أعتقد - والله أعلم - أن المشكلة نفسية، فهلاَّ أرشدتموني إلى حل ناجع رائع كما عودتمونا. حفظكم ربي لنا ذخرًا وعزًّا شرفًا. الجواب الأخ الفاضل، السلام عليكم ورحمة الله. مرحبًا بك في موقع الألوكة، وأهلاً وسهلاً. دعني في البداية أعترف أن الأمر لا يثير الضحك بل الإعجاب؛ إذ إن القليل ممن يعانون من مشكلة مماثلة يطلبون المساعدة؛ لأنهم في الواقع يعتقدون أن الحياة هكذا يجب أن تسير مثالية كاملة مرتبة، وأن منتقديهم هم مجموعة من الفوضويين والمستهترِين، على كل حال أنت تطلب المساعدة وتشعر بأن هناك مشكلة؛ فهذه علامة حسنة ومبشِّرة. ما تُعانِي منه هو أمر قريب من اضطراب الشخصية الوسواسية القهرية، وليس الوسواس القهري، أرجو أن تقرأ عنه في بعض المواقع حتى تفهمه أكثر. هناك أربع وسائل مهمة يتحدث عنها العلماء، وأثبتوا فعاليتها في التخلص من هذه المشكلة، لا بُدَّ أن أقرِّر أن العلاج يحتاج إلى صبر ووقت؛ فنحن نتعامل مع تركيب الشخصية الذي تكون عبر سنوات طويلة. الأمر الأول: هو التركيز على المشاعر ومعالجتها مباشرة؛ وذلك عبر تحديد المشاعر لحظة حدوثها والتعامل معها بشكل مباشر، أنا أشعر بالضِّيق لما حدث لهذا الكتاب؛ لكن لن أتضايق، هيا، ارفع معنوياتك، لن أتضايق أبدًا، وهكذا تعامَل مع الموقف على المستوى الشعوري، وحسِّنه في الحال بهذه الوسيلة أو بوسائل ترفيهية أخرى. ثانيًا: ماذا تفعل عندما تتضايق؟ أو تشعر بالانزعاج؟ ركِّز على الفعل، واضغط نفسك للمبادرة للفعل مهما كان الانزعاج؛ أي: عندما تأخُذ كتابًا وترى أنه في حال سيئة، وجِّه كل تركيزك إلى الفعل التالي، لا تتركه؛ بل خذه واستفد منه مهما كنت منزعجًا، ركِّز على الفعل وكافِئ نفسك عندما لا تجعل شعورك في الضيق يؤثر على سلوكك. ثالثًا: يتحدث العلماء عن فائدة العلاقة الاجتماعية الداعمة لِمَن يُعانون من هذه المشكلة، العلاقة الإيجابية الداعمة لا المنتقِدة أو المتذمِّرة، وجود هذه العلاقة مع صديق أو قريب له قيمة كبيرة، أخبِرْه أنك بدأت مشوار التخلُّص من هذا النمط من الشخصية، وأنك بحاجة إلى دعمه إن أمكن. رابعًا: العلاج الدوائي لمثل هذه الحالات أعطى مفعولاً جيدًا؛ حيث يؤثر على منطقة دماغية معينة مسؤولة عن المشاعر وتحسُّنها، وقد تشجعنا لاستخدام الأدوية بسبب التطور العلمي الذي أنتج - بفضل الله - أدوية فعالة وآمِنة ولا تسبب أعراضًا جانبية سيئة، وما من بُدٍّ من زيارة الطبيب النفسي لصرف الدواء. ختامًا: بعض مَن يعانون من هذا النمط من الشخصية يعانون من الوسواس القهري: وهو عبارة عن أفكار تلحُّ عليك، وتسبب القلق والضيق وتعجز عن دفعها، أو أن تكون على شكل تصرفات غير منطقية تقوم بها للتخفيف من الأفكار الملحَّة والقلق الذي تسبِّبه، إذا كنت تعاني من شيء مُماثِل فأرجو زيارة الطبيب النفسي للتشخيص الدقيق وأخذ العلاج اللازم. أرجو أن أكون قد أفدتك، تقبَّل تحياتي |
الساعة الآن : 07:17 PM |
Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour