بَائِسُونَ لا بُؤَسَاء
رِجَالٌ بُؤْسٌ أو بُؤَسٌ أو بَائِسُونَ لا بُؤَسَاء محمد تبركان يجمعون (بَائِس) على (بُؤَسَاء)، والصّوابُ أن يُجمعَ على (بُؤْسٌ) زِنَةَ حُمْرٌ وخُضْرٌ أو (بَائِسُونَ) أو (بُؤَّسٌ) زِنَةَ رُتَّعٌ. تقولُ: بَئِسَ الرّجلُ بالكسر يَبْأَسُ بُؤْسًا، وبَأْسًا، وبَئِيسًا: اِفْتَقَرَ واِشْتدَّتْ حاجتُهُ فهو بَائِسٌ؛ فالبائِسُ هو مَن نزلتْ به بَلِيَّةٌ أو عُدْمٌ يُرحَمُ لِما به. أمّا البُؤَسَاءُ فهو جمعُ بَئِيسٍ على فَعِيلٍ وهو الشُّجاعُ، تقولُ منه: بَؤُسَ الرّجلُ بالضمِّ فهو بَئِيسٌ كفَعِيل أي شُجاعٌ، وعَذَابٌ بَئِيسٌ أي شديدٌ، قال تعالى: ﴿ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ ﴾[1]. فانظر - يا رعاك اللّه - كم بينهما من التّباينِ في المعنى، ومع ذلك لا تكادُ تقرأُ أو تسمعُ[2] (البُؤَساء) إلاّ على معنى: مَن اِفتقر واِشتدّتْ حاجتُه. فلِلَّهِ أشكو غربة العربيّة بين أهلها!. وهذا التّوظيف المباين لسنن العرب ليس وليد العصر بل هو غلطٌ قديمٌ وقعَ فيه بعض رجالات العلم الكبار، ويراجع لذلك: 1. حاشية ابن القيّم على سنن أبي داود (3 /128 سطر 19)، ونقله عنه في: أ- أضواء البيان (1 /114 سورة البقرة). 2. حلية طالب العلم (ص35). وكذا: 1. صاحب كتاب (إمام البُؤساء)[3] الشّاعر المصريّ محمّد محمّد عبد المجيد إمام العبد. 2. ولشاعر النِّيل حافظ إبراهيم كتاب (البُؤساء)[4] ترجم به جزءين من الـ miserables لفيكتور هيجو[5]. 3. ولطالينوس بن متري عبدة قصّة مترجمّة باسم (البُؤساء)[6]. وبعدُ، فإليك بعضَ ما يشهدُ لهذا الجمع (بَائِس على بُؤَّس وبُؤْس): أ- ما قاله عبد اللّه بن عمر العَبْليّ كما في: التّعازي والمراثي للمبرّد (ص98): فَكَمْ مِنْ كَوَابٍٍ بَوَاكِي العُيُو https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif نِ حُزْناً وَمِنْ صِبْيَةٍ بُؤَّسِ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif ب- وفي اللّسان (6 /21) قال تأبَّط شَرًّا: قَدْ ضِقْتُ مِنْ حُبِّهَا مَا لاَ يُضَيِّقُنِي https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif حَتَّى عُدِدْتُ مِنَ البُوسِ المَسَاكِينِ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif قال ابنُ سِيدة: يجوزُ أَن يكونَ عَنى به جمعَ البائس، ويجوزُ أَن يكونَ مِن ذَوِي البُؤْسِ؛ فحذفَ المضافَ وأَقامَ المضافَ إِليه مقامَه). ت- وفي اللّسان (9/6 ع1): (وأَنشدَ ابنُ بَرِّيّ: تَرَى صُوَاهُ قُيَّماً وَجُلَّسَا https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif كَمَا رَأَيْتَ الأُسَفاءَ البُؤَّسَا https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif ويُراجع: 1. أساس البلاغة (ص14 ع1). 2. تطهير اللّغة (1 /2 /30 - 31 رقم 554). 3. الجامع في تاريخ الأدب العربيّ (ص141 الأدب الحديث/حافظ إبراهيم). 4. العين (7 /316 - 317). 5. القاموس المحيط (ص532 البأس). 6. اللّسان (6 /20). 7. المصباح المنير (ص45). 8. معجم الأخطاء الشّائعة (ص33 رقم 57). 9. المعجم الوسيط (ص36 ع3). 10. المغرب في ترتيب المعرب (1 /54). 11. النّهاية (1 /89). [1] الأعراف/165. [2] أعني: في زماننا. [3] الأعلام (6 /40 محمّد إمام العبد). [4] قال في معجم الأخطاء الشّائعة: (وقد أخطأ حافظ إبراهيم عندما ترجم كتاب فيكتور هوجو، ووضع (البُؤساء) عنوانًا له. [5] الأعلام (6 /76 حافظ إبراهيم). [6] الأعلام (3 /219 طالينوس عبده). |
الساعة الآن : 04:23 AM |
Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour