ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=91)
-   -   قول زيد بن ثابت: فقدت آية من سورة الأحزاب حين نسخنا المصحف (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=248418)

ابوالوليد المسلم 16-12-2020 09:50 PM

قول زيد بن ثابت: فقدت آية من سورة الأحزاب حين نسخنا المصحف
 
قول زيد بن ثابت: فقدت آية من سورة الأحزاب حين نسخنا المصحف
محمد بن علي بن جميل المطري




سلسلة الرد المفصل على الطاعنين في أحاديث صحيح البخاري (23)

قول زيد بن ثابت: (فَقَدْتُ آيَةً مِنَ سورة الْأَحْزَابِ حِينَ نَسَخْنَا الْمُصْحَفَ)


من الشبه التي يتفوه بها الطاعنون: شبهة أنَّ البخاري رحمه الله روى حديثين متتابعين في صحيحه مختلفين في اللفظ، أولهما: ما رواه البخاري رحمه الله برقم (4988) قال: قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: وَأَخْبَرَنِي خَارِجَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ سَمِعَ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ قَالَ: فَقَدْتُ آيَةً مِنَ الْأَحْزَابِ حِينَ نَسَخْنَا الْمُصْحَفَ قَدْ كُنْتُ أَسْمَعُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقْرَأُ بِهَا، فَالْتَمَسْنَاهَا فَوَجَدْنَاهَا مَعَ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ الْأَنْصَارِيِّ: ﴿ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ﴾ [الأحزاب: 23]، فَأَلْحَقْنَاهَا فِي سُورَتِهَا فِي الْمُصْحَفِ)).

وثانيهما: ما رواه البخاري برقم (4989) قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ ابْنَ السَّبَّاقِ قَالَ: إِنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ قَالَ: أَرْسَلَ إِلَيَّ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: إِنَّكَ كُنْتَ تَكْتُبُ الْوَحْيَ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَاتَّبِعِ الْقُرْآنَ فَتَتَبَّعْتُ حَتَّى وَجَدْتُ آخِرَ سُورَةِ التَّوْبَةِ آيَتَيْنِ مَعَ أَبِي خُزَيْمَةَ الْأَنْصَارِيِّ لَمْ أَجِدْهُمَا مَعَ أَحَدٍ غَيْرِهِ، ﴿ لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ ﴾ [التوبة: 128] .. إِلَى آخِرِهِ.

والعجيب أن أحد الطاعنين وهو يعرض هذه الشبهة يقول معلقاً على البخاري: "كأنه يحدث معاتِيْه"، أي: مجانين، ويوهم قراءه أنه اكتشف بعلمه الذي لا يضارعه فيه أحد ما عجز عن إدراكه أئمة الإسلام، وسيعلم من هو في جنون وضلال هو أو أهل العلم المتبعين للقرآن والسنة؟

والجواب عن هذه الشبهة من وجوه:
أولاً: لم يتفرد البخاري برواية هذين الحديثين، فقد رواهما أيضاً غيره من أئمة الحديث، كأبي عبيد في فضائل القرآن (ص283)، وأحمد (21640)، والترمذي (3103)، وأبي يعلى (71)، والطبراني (4843)، والبيهقي في السنن الكبرى (رقم:2372) و(2373) وغيرهم.

ثانياً: منهجية الإمام البخاري رحمه الله تعالى في صحيحه إذا اختلف الرواة الثقات في لفظة من الحديث، وتساوى عدد الرواة الثقات، ولم يترجح له الحكم لأحدهما على الآخر؛ فإنه يسوق الوجهين كلاهما بلا ترجيح، وكذلك يفعل أيضا الإمام مسلم رحمه الله، وهذا من إنصافهما وورعهما، وعدم تسرعهما في الترجيح بلا مرجح.

ثالثاً: أما سبب الاختلاف بين الراويين هنا فقد بينه الحافظ ابن حجر رحمه الله فقال: لَكِنْ اِخْتَلَفَ خَارِجَة وَعُبَيْد فِي تَعْيِين الْآيَة الَّتِي ذَكَرَ زَيْد أَنَّهُ وَجَدَهَا مَعَ خُزَيْمَةَ، فَقَالَ خَارِجَة: إِنَّهَا قَوْله تَعَالَى: ﴿ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا ﴾ [الأحزاب: 23]، وَقَالَ عُبَيْد: إِنَّهَا قَوْله تَعَالَى: ﴿ لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنفُسِكُمْ ﴾ [التوبة: 128]. وَقَدْ أَخْرَجَ الْبُخَارِيّ الْحَدِيثَيْنِ جَمِيعًا بِالْإِسْنَادَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ، فَكَأَنَّهُمَا جَمِيعًا صَحَّا عِنْده، وَيُؤَيِّد ذَلِكَ أَنَّ شُعَيْبًا حَدَّثَ عَنْ الزُّهْرِيِّ بِالْحَدِيثَيْنِ جَمِيعًا، وَكَذَلِكَ رَوَاهُمَا عَنْ الزُّهْرِيِّ جَمِيعًا إِبْرَاهِيم بْن سَعْد .. لَكِنْ فِي تِلْكَ الرِّوَايَة أَنَّ الْآيَة ﴿ لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُول ﴾ [التوبة: 128]، وَفِي هَذِهِ أَنَّ الْآيَة ﴿ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ رِجَال ﴾ [الأحزاب:23]، فَاَلَّذِي يَظْهَر أَنَّهُمَا حَدِيثَان". فتح الباري لابن حجر (6/ 24).

رابعاً: هذا الحديث لا ينافي ما أجمعت عليه الأمة من أن تواتر جميع آيات القرآن الكريم، فهذه الآية كان يحفظها المسلمون منذ عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، لكن زيد بن ثابت لم يجدها مكتوبة إلا عند ذلك الصحابي، وقد كان يحفظها كثير من الصحابة من غير أن تكون مكتوبة عندهم، فإن كثيراً من حفاظ الصحابة كانوا يحفظون القرآن وهم لا يقرءون الخط ولا يكتبون. ينظر: جمع القرآن - دراسة تحليلية لمروياته لأكرم الدليمي (ص: 141).







الساعة الآن : 01:43 AM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 8.82 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 8.72 كيلو بايت... تم توفير 0.09 كيلو بايت...بمعدل (1.06%)]