أعيش في مأزق بسبب سوء الظن
أعيش في مأزق بسبب سوء الظن د. سليمان الحوسني السؤال ♦ ملخص السؤال: فتاة تَقوم بعمل دراسة في مجال معينٍ، ولم تستأذنْ أصحابَ العمل بإجراء دراستها على زُملائها، مما جعل بعض الأشخاص يظُنون فيها الكَذِب والسوء، وترتَّب على ذلك فصْلها مِن العمل نهائيًّا. ♦ تفاصيل السؤال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أنا فتاةٌ في مأزقٍ كبير، فمنذ مدة طويلة وأنا أقوم بإجراء دراسة عن اختلاف الاستجابات في موضوع معين، فكنتُ أُرسل السؤال نفسه لأكثر مِن جهةٍ وأدرس الاختلاف بعد ذلك. فوجئتُ بأن أحد الأشخاص علم بما أفعل، فتسبب لي في مشكلة في عملي، واتهمني بالكذب، مما ترتَّب عليه بعض التصرفات مني كردود فعل مِن قِبَلي، مثل: التأخُّر عن مواعيد العمل، وعدم مُوافقتي على تأدية المهام الإضافية غير المنصوص عليها في عقد العمل، مما أدَّى إلى فصلي من العمل! عانيتُ مِن التشتت والاضطراب النفسي، وكنتُ أتعاطى أدوية نفسية، وكان الشخص الذي تسبَّب في فصلي يتتبَّعني، ويُحاول أن يُثنيني عن العمل، بل بعدما فصلتُ من العمل حاول التوسُّط عند أصحاب الأعمال لئلاَّ أعمل لديهم. لما يظنُّ فيَّ مِن الكذب وسوء الخُلُق الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. في البداية نُرَحِّب بكِ في شبكة الألوكة، ونتمنَّى أن يزول المأزقُ الذي حدث لك، والإنسانُ في هذه الحياة الدنيا لا بد أن يَمُرَّ ببعض المواقف التي قد تُزعجه، وخاصَّة الذي يُخالط الناسَ فهو مُعَرَّض لبعض الأذى؛ نتيجة عدم تقبُّل البعض لآرائه أو أفكاره أو دعوته الإصلاحية أو العلمية، فلا بد أن يُوَطِّن نفسه على الصبر، وتقبُّل رُدُود الفعل؛ ولذلك جاء هديُ الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم بقوله: ((المؤمِنُ الذي يُخالِطُ الناس، ويَصبِر على أذاهُمْ، أفضلُ من المؤمِنِ الَّذي لا يُخالِطُ النَّاسَ ولا يَصبرُ على أذاهُمْ))، فالمخالَطةُ بحاجة إلى صبرٍ، واحتسابِ الأجر عند الله. والأذى قد يأتي مِن حيث لا يتوقع المرءُ لعدة اعتبارات: • إما لسوء الفَهم بين الطرَفين؛ فيحتاج إلى تواصُلٍ وبيانٍ وتوضيحٍ، حتى يزولَ اللبسُ، وتنتهي المشكلة، وإما لاختلاف في التوجُّه والأفكار حتى لدى الصالحين والدعاة، والبعضُ للأسف الشديد عنده تسرُّع في إصدار الحكم على أخيه نتيجةَ تصنيفه أو الاختلاف معه. • وإما لِوُجُود مرَض الحسد والغَيْرة، أو تدخُّل الوُشاة والمنافقين بين المسلمين، أو غير ذلك من الاعتبارات التي تختلف باختلاف الزمان والمكان والثقافة، والشيطان هو العدوُّ الذي يغذي ويسعى لِوُجود التباعُد والشِّقاق والنِّزاع وبثِّ الفُرقة. وهنا على المؤمنِ الصبرُ والاحتِسابُ، مع الاستمرار في عمله الصالح المفيد، ولا حرَج أن يُراجِعَ نفسَه وإخلاصه، ويُصَوِّب ما يَحتاج إلى تصويب، بل ذلك هو المَطْلوب دائمًا، فقد يكون الخطأُ عند الإنسان نفسه وهو لا يَنتبه له، ولكنه بمُراجعته لأعماله أو عرْضها على الآخرين ممن هم أعلم منه واستشارتهم - تتضح له الأمورُ أكثر. وأنت - أختي الكريمة - في دراستك ربما تطرَّقتِ إلى بعض المسائل التي لا ينبغي التطرُّق لها، فهل عرضتِ هذه الدراسة على مختصين قبل تطبيقها في الواقع؟ وقد تكون بعضُ الدِّراسات الميدانية تحتاج إذنًا مسبقًا من بعض الجهات والأماكن، وقد لا يُسمح بها. ذكرتِ بعض الأمور مثل: التأخُّر في الدوام، وهذا لا ينبغي منك، ولا مُبَرِّر له، وفي حالة عدم استطاعتك لعملٍ ما، عليك مراجعة الجهة المسؤولة، والتفاوض معها، مِن أجل الاتفاق على المستطاع. أما عدم مُوافقتك على تأدية المهام الإضافية الغير مَنصوص عليها في عقد العمل، فهذا مِن حقك، إلا بأجرٍ إضافيٍّ، أو اتفاقٍ مع الجهة المسؤولة. والمرضُ سواء كان نفسيًّا أو غيره لا يُعاب الإنسانُ بسببه، بل قد يكون خيرًا له يُؤجَر عند الله بسببه، ولا يمنع ذلك مِن التداوي والأخْذ بأسباب العلاج، مع الاعتقاد الجازم بأنَّ الله هو الشافي سبحانه وتعالى، وهو القادرُ على تغيير الأمور، وتَبْديلها من سيئة إلى حسنةٍ، ومِن شقاء إلى سعادةٍ، ومِن حزنٍ إلى فرحٍ. واعلمي أختي الكريمة أن الذي يسعى إلى إضرار الآخرين وإلحاق الأذى بهم والكذب عليهم هو المتضرِّر، فاللهُ لا تخفى عليه الأمورُ، وهو العليمُ الخبيرُ، وهو القادرُ على كلِّ شيء، وقد يُمهل ولا يُهمل. والأرزاقُ مَكتوبة عند الله، ولا يستطيع العباد مَنْعَها، وإن توقَّف العمل في مكانٍ هيَّأ الله لعبده غيره، وربما يكون أفضل مِن السابق. وأنت عليك بتقْوية الصِّلة بالله سبحانه وتعالى، والاتصال به، ودعائه، وطلب العون والتوفيق منه والمحافَظة على العبادات والطاعات والقُرُبات |
الساعة الآن : 09:34 PM |
Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour