ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   ملتقى الإنشاء (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=76)
-   -   من أساليب الخطاب القرآني (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=239517)

ابوالوليد المسلم 31-08-2020 04:37 AM

من أساليب الخطاب القرآني
 
من أساليب الخطاب القرآني
د. عبدالسميع الأنيس




1- ‏لاحظتُ من خلال تتبُّعي لأنواع الخطاب القرآني أنَّ أشرف أنواعه هو حديث الحقِّ سبحانه عن نفسه وأسمائه وصفاته بصيغة الغائب.
ومن أمثلته: آية الكرسي، وأوائل سورة الحديد، وأواخر سورة الحشر، وسورة اﻹخلاص...
وهو موضوع يحتاج إلى تتبُّع وإحصاء.

2- ‏ومن أنواع الخطاب القرآني الشريفة:
الآيات التي اشتملَت على مخاطبتنا لله سبحانه، لا سيَّما في مواطن الدُّعاء.
ومن أمثلته: قوله تعالى: ﴿ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ﴾ [الفاتحة: 6].
وهي آية تعلِّمنا أدبَ الخِطاب مع الله سبحانه.
فلو لم تكن الهداية أكبر نِعمة في حياة الإنسان، لَما علَّمنا الحق سبحانه أن نطلبها في كل ركعة من صلواتنا عندما نقرأ الفاتحة.

3- من أساليب الخِطاب القرآني:
لاحظتُ من خلال تتبُّعي لأساليب الخطاب القرآني أنه عندما يكون الأمر متعلقًا بهذه الأمَّة، يكون الخطاب بواسطة رسولها؛ حفظًا لمقام الربوبيَّة، ومراعاة لمنصب الرسالة.
وعندما يكون الخِطاب متعلقًا بالحديث عن الأمَم يخبر الحق عنهم بنفسه من غير واسطة.

4- عندما يكون الخِطاب متعلقًا بالعبادة والربوبيَّة يكون الحديث بلا واسطة غالبًا، وكذلك التشريعات.

5- ومن أساليبه: كثرة الخِطاب بأسلوب الجمع؛ مما يدلُّ على أهميَّة الجماعة في حياة الأمة، وعدم الفرقة.

6- إنَّ الله سبحانه يعبِّر عن نفسه بالجمع في مقام العطاء، ويعبِّر بالمفرد في مقام الألوهيَّة.
فلكلِّ مقام مَقال يناسبه.

7- سورة الفاتحة تعلِّمنا أدبَ الخِطاب مع الله سبحانه.
ويلاحظ أنَّ نصفها الأول كان بضمير الغائب: ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الفاتحة: 2].

ونصفها الثاني كان بضَمير المخاطب:
﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ﴾ [الفاتحة: 5].
وكأنَّ نِصفها الأول يشير إلى عالَم الغيب، بينما نِصفها الثاني يشير إلى عالم الشهادة.

8- و‏‏من أساليب الخطاب القرآني:
الاختصار والإحالة على ما سبق تفصيله.
ومن أمثلته:
قوله تعالى: ﴿ وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا مَا قَصَصْنَا عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ... ﴾ [النحل: 118].

9- ‏من أساليب الخطاب القرآني:
حكاية أقوال المنصِفين من أهل الإيمان والعقل الرشيد، ومن أمثلته: أقوال مؤمِن آل فرعون في (14) آية من سورة غافر.

كلمات صادِقة من نفس مخلِصة، غدَت قرآنًا يُتلى! إنَّه درس في أهميَّة الكلمة الناصحة في الحياة!

10– وبعد، فإنَّ من مظاهر جمال القرآن الكريم تنوُّع خِطابه؛ وهو لون من ألوان إعجازه، وتأثيره، وليتَ الباحثين في الدِّراسات القرآنية يلتفتون إلى هذا الموضوع المهم!







ابوالوليد المسلم 12-11-2020 10:05 PM

رد: من أساليب الخطاب القرآني
 
من أساليب الخطاب القرآني (2)


د. عبدالسميع الأنيس




نَبَأُ هذا الكتابِ عظيمٌ، ومن مظاهر خبره:
أنه يتعسَّر إحصاءُ عدد المؤمنين به، وحفَّاظِه، والتفاسير التي كُتبتْ عنه، وعدد مخطوطاتِه وطبعاته، وما أحدَثَه في العالم من علومٍ وأفكار ومعارفَ، وتغيير جذري في أنماط الحياة، وتقدُّم العلوم بكل أصنافها.
وصدق الله القائل: ﴿ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ * وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ ﴾ [ص: 87، 88].
‏ثم يدَّعي أحدُ ملاحدةِ هذا العصر ممَّن يتزيَّا بزيِّ العلماء، ويعُدُّ نفسَه من الحكماء، بأنه من تأليف البشر!
ويعقِد المجالسَ لنقده؛ خاب وخسر، وجاء ببهتانٍ عظيم!

وقد أكرَمَني اللهُ سبحانه ببعض الخواطر حول أساليبِ الخطاب القرآني عند سماع القرآنِ الكريم في ليالي رمضان المبارك لهذا العام (1438)، وهي تُبيِّن استحالةَ أن يكون القرآنُ من كلام البشر، دوَّنْتُها في حينها، وهي:
1- إن أسلوب الخِطاب القرآني يتميَّز بالفخامة والكبرياء، والعزة والهيمنة.
وهذا لا يمكن لبشرٍ مهما أُوتِي من قوةِ البيان أن يأتيَ بمثله.

2- إن آثارَ أسماء الله الحسنى تتجلَّى في كلِّ آياتِ القرآن الكريم، والقارئُ ما لم يستحضر هذه المعانيَ في قراءته لا يفهم القرآنَ حقيقةَ الفَهم.
هذه اﻹحاطة الشاملةُ تُثبتُ أن مصدرَ هذا الكتابِ هو خالقُ الكون.

3- من أساليب الخِطاب القرآنيِّ أنه يَفْصِل في اﻷمور الكبرى التي اختُلف فيها، وصدق الله القائل: ﴿ إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ ﴾ [النمل: 76].

4- من أساليب الخطاب القرآني أنه يسوق اﻷحداثَ التاريخية مساق الحقائق اليقينيَّة؛ مما يدلُّ على أنه كلامُ الله سبحانه.
ومن قرأ كتب التاريخ، هاله ما فيها من اختلاف.

5-‏ ﴿ إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ ﴾ [الطارق: 13]:
من أساليب الخطاب القرآني أنه يفصل في قضايا الكون الكبرى: مَن الخالق، المالك الحقيقي، العالِم بكلِّ شيء، القادر على كل شيء، المحيي، المميت، الحي، القيوم؟
إنه الله سبحانه.

6- من جماليات أسلوب الخطاب القرآني:
تأثيره اﻷخَّاذ في النفوس، ومن أسباب ذلك: الوزن الدقيق لصوت حروفه، والغُنَّات، والمُدود، وغير ذلك مما جاء ضبطُه في علم التجويد.
وهذا التأثير وجهٌ من وجوهِ إعجازه.
وقد لاحظتُ في تلاوةِ عددٍ ممن يؤمُّ الناسَ الخروجَ قليلًا عن هذه القوانين الصوتية التي تحفظ للقرآن تأثيرَه.

7- قوله تعالى: ﴿ وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ ﴾ [المائدة: 116].
هذه اﻵية من أمثلة طيِّ الزمن في القرآن؛ فهي تتحدث عن مشهدٍ من مشاهد القيامة وكأنه حدَثٌ واقِع.

تفكرت كثيرًا في هذا اﻷمر، وقلت في نفسي:
كيف يتحدث الحقُّ سبحانه عن مشهدٍ سيقع يوم القيامة وكأنه واقع؟!
هذا يدلُّ على شمول علمِ الله تعالى، وإحاطته المطلقة باﻷزمنة واﻷمكنة، واﻷشخاص واﻷحوال.
ويدلُّ على أن هذا القرآنَ كتابُه لا محالة؛ ﻷنه لا يمكن لبشرٍ مهما أُوتِيَ من علمٍ أن يملك مثلَ هذه اﻹحاطة الشاملة.

8- من أعظم ما في القرآن أنه يُطلعُنا على العَلاقة بين الإرادة البشرية، والأقدار الإلهية.
ويُوقِفنا على هذا الترابط العجيب بين عالَم الغيب، وعالَم الشهادة.

9- قال تعالى: ﴿ الرَّحْمَنُ * عَلَّمَ الْقُرْآنَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ ﴾ [الرحمن: 1 - 3].
أعظم نعمة أكرَمَنا الله سبحانه بها: هذا القرآن.
فالحمد لله على هذا اﻹكرام العظيم.
كنت أقول في نفسي اليوم وأنا أستمع إلى تلاوته في صلاة التراويح:
كيف سيكون لونُ الحياة لولاه؟
حقًّا إنه نورُ الحياة، وراحةُ القلوب واﻷرواح.

10- من أساليب الخطاب القرآني تَكرار "أو":
وهي من الأساليب الجميلة، وقد لاحظتُ أنها تكررت في سورة النساء ثمانيَ وعشرين مرَّة.
ولها عند النحاة معانٍ متعددة؛ فهي تأتي للتخيير بين أحد شيئين.
وإن تقدَّمها خبرٌ، كانت لأَحد المعاني الآتية: للشكِّ، أو للإِبهام، أو للإِضراب، أو للتقسيم، أو للتفصيل.

وليت باحثًا نابهًا جمَعَها ودرسها دراسةً معمَّقة يفصحُ عن معانيها في هذه اﻵيات.

ومن اﻷمثلة على ذلك:
﴿ وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾ [النساء: 110].
﴿ وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا ﴾ [النساء: 112].





الساعة الآن : 05:19 AM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 19.14 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 19.01 كيلو بايت... تم توفير 0.14 كيلو بايت...بمعدل (0.71%)]