ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   الملتقى الاسلامي العام (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=3)
-   -   هل ما زالت الكتابة هاجسك؟ (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=227546)

ابوالوليد المسلم 26-02-2020 05:10 PM

هل ما زالت الكتابة هاجسك؟
 
هل ما زالت الكتابة هاجسك؟

د. نسرين الحميد


ما زلتَ تقضي الكثير من الوقت لترصيع أوراقك بجواهر الكلم، وتنتقي عصائر الأفكار لتروي كتابك بالكلمات الخالدة!

ما زلت تتوكَّأ على عتبات التأليف، وتطلي الصفحات بالحبر؛ هدفك النشر!

ما زالت أفكارك حبيسة الكتاب الذي تطمح أن يخلَّد فيه اسمك وفكرك بقلمك!

لكن هل تتذكر أن هناك من يكتب لك ويحمل قلمًا غير الذي تحمله؟

ستُنشر صحائفك، وسيَشهَد لكتابته - مع القلم - بعضٌ منك؛ اليد، والعين، والقدم.

تأمَّل وأنت منشغلٌ، بين كتابك في الدنيا وكتابك في الآخرة.

مؤلَّفك الشخصيُّ يومَ القيامة سيُعرَض على الملأ، وخالق الكون، هو ما خطَّتْه يداك لنفسك، من خيرٍ وشرٍّ في الحياةِ الدنيا، تم توثيقه، وطريقة التوثيق بشَهادة موثوقة؛ ﴿ يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [النور: 24]، وقد تخوننا الشهادة: ﴿ وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ ﴾ [فصلت: 21]، كتبنا في أوراق الدنيا ووثَّقنا ليُستشهد به، ونسينا ما يُكتب عنا: ﴿ أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ ﴾ [المجادلة: 6].

ما نكتُبُ بأقلامنا هو رغبتنا المحضة بأن يراه الناس ويقرؤوه؛ لكن ما يكتب عنا هو: ﴿ وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ وَلَكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِمَّا تَعْمَلُونَ ﴾ [فصلت: 22].

في الدنيا تفرَحُ لتدشين صفحات كتابك، وفي الآخرة من شدَّةِ الفرحِ لبياض الصحف، تنادي مَن حولك؛ ليأتوا وينظروا معرضك: ﴿ هَاؤُمُ اقْرَؤُوا كِتَابِيَهْ ﴾ [الحاقة: 19].

أما إذا كانت لصفحاتك ألوان أخرى، فهل ستعكف على كتابتها من جديد؟ هل ستُعيد نشر صحائفك ببياض الأعمال؟
وهل يسَعُك الوقت حينَها وقد ابيضَّتِ الأعين؟!
انكفأت الأيدي على الأقدام، وتفاقم بك الندم، وعضَّت على شفاهك حروف النهاية...
﴿ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ ﴾ [الحاقة: 25].
﴿ يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ ﴾ [الحاقة: 27].

كتابك الشخصي، ما زالت صفحاته تُكتب، وإن لم تلاحظ عبارة: "جاري الكتابة...".

إن كنت "متصلاً" ببارئك، فسجِّل بياضًا لآخرتك، فلا تدري متى ستكتب صفحتك الأخيرة!




الساعة الآن : 04:34 PM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 6.54 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 6.45 كيلو بايت... تم توفير 0.09 كيلو بايت...بمعدل (1.43%)]