النَّميمة تورث الضغائن والأحقاد
النَّميمة تورث الضغائن والأحقاد سعيد مصطفى دياب من أمثال العرب: (النَّمِيمَةُ أُرْثَةُ العَدَاوَةِ). قال أبو حاتم رضي الله عنه: هذا وأمثاله من ثمرة النميمة، لأنها تهتك الأستار، وتُفشي الأسرار، وتورث الضغائن، وترفع المودة، وتجدد العداوة، وتبدد الجماعة، وتهيج الحقد، وتزيد الصد، فمن وُشِىَ إليه عن أخ كان الواجب عليه معاتبته على الهفوة إن كانت، وقبول العذر إذا اعتذر، وترك الإكثار من العتب، مع توطين النفس على الشكر عند الحفاظ، وعلى الصبر عند الضياع، وعلى المعاتبة عند الإساءة.[1] من يخبّرك بشتم عن أخٍ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif فهو الشاتم لا من شتمكْ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif ذاك شيء لم يواجهك به https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif إنما اللوم على من أعلمكْ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif وأما السعاية إلى السلطان، وإلى كل ذي قدرة، فهي المهلكة والحالقة، التي تجمع الخصال الذميمة من الغيبة، وشؤم النميمة والتغرير بالنفوس والأموال في النوازل والأحوال، وتسلب العزيز عزه وتحط المكين عن مكانته، والسيد عن مرتبته؛ فكم دم أراقه سعي ساعٍ، وكم حريم استبيح بنميمة نمام، وكم من صفيين تباعدا، وكم متواصلين تقاطعا، وكم من محبين افتراقا، وكم من إلفين تهاجرا، وكم من زوجين تطالقا، فليتق الله ربه عز و جل رجلٌ ساعدته الأيام، وتراخت عنه الأقدار، أن يصغي لساعٍ أو يستمعَ لنمامٍ. وكان الفضل بن سهل يبغض السعاية وإذا أتاه ساع يقول له: إن صدقتنا أبغضناك، وإن كذبتنا عاقبناك، وإن استقلتنا أقلناك. وكتب في جواب كتاب ساعٍ: نحن نرى أن قبول السعاية شر من السعاية؛ لأن السعاية دلالة والقبول إجازة، وليس من دل على شيء وأخبر به كمن قبله وأجازه، فاتقوا الساعي فإنه لو كان في سعايته صادقاً لكان في صدقه لئيمًا إذ لم يحفظ الحرمة، ولم يستر العورة. وقال بعض الحكماء: الأشرار يتبعون مساوئ الناس ويتركون محاسنهم، كما يتبع الذباب المواضع الأليمة من الجسد ويترك الصحيحة. قال محمد بن شرف القيرواني يصف نمامًا:[2] وناصتٍ نحو أفواه الورى أذنًا https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif كالقعب يلفظ منها كل ما سقطا https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif يظل بالقول والأخبار مجتهدًا https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif حتى إذا ما وعاها زق ما لقطا https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif وحكى أن عمرو بن معاوية ابن عمرو بن عتبة بن أبي سفيان العتبي رأى رجلاً يسعى برجل عند صديق له فقال له نزه سمعك عن استماع الخنى كما تنزه لسانك عن التكلم به فإن السامع شريك القائل وإنما نظر شرَ ما في وعائه فأفرغه في وعائك، ولو ردت كلمة ساع إلى فيه لسعد رادها كما شقى قائلها والنمام شر من الساحر فإن النمام يفسد في الساعة الواحدة ما لا يفسد الساحر في المدة الطويلة. أتى رجل عبد الله بن عباس رض الله عنه وهو والي البصرة من قبل علي رضي الله عنه بنميمة فقال له: إن شئت سألنا عما جئت به فإن كنت صادقاً مقتناك، وإن كنت كاذباً عاقبناك، وإن شئت أقلناك، فقال إن شئت أن تفعل فافعل. وقيل: توخ من الطرق أوساطها https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif وَعَدِّ عن الجانب المشتبه https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif وسمعكَ صُن عن سماع القبيح https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif كصون اللسان عن النطق به https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif فإنك عند سماع الحديث https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif شريك لقائله فانتبه https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif وَقال أبو الأسود الدؤلي: لا تقبلنّ نميمة بلغتها https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif وتحفظنّ من الذي أنباكها https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif إنّ الذي ألقى إليك نميمة https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif سينمّ عنك بمثلها قد حاكها https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif [1] روضة العقلاء - 1 / 180. [2] غرر الخصائص الواضحة - رضي الله عنه ص: 68). |
الساعة الآن : 02:15 PM |
Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour