ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   ملتقى أعلام وشخصيات (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=106)
-   -   شيخ الإسلام تقي الدين ابن تيمية الحراني رحمه الله (661 - 728هـ) (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=225670)

ابوالوليد المسلم 12-02-2020 03:55 AM

شيخ الإسلام تقي الدين ابن تيمية الحراني رحمه الله (661 - 728هـ)
 
من العلماء الذين برزوا في عصر المماليك (2)




















شيخ الإسلام تقي الدين ابن تيمية الحراني رحمه الله






(661 - 728هـ)






د. جمال بن فرحان الريمي





هو أحمد تقي الدين أبو العباس بن عبدالحليم بن عبدالسلام بن عبدالله بن أبي القاسم الخضر بن محمد بن الخضر بن علي بن عبدالله بن تيمية الحراني، ولد رحمه الله يوم الاثنين في العاشر، وقيل: الثاني عشر من ربيع الأول سنة 661هـ، في حرّان[1]، وبقي بها إلى أن بلغ سبع سنين ثم انتقل به والده رحمه الله إلى دمشق فنشأ بها أتمَّ إنشاء وأزكاه وأنبته الله أحسن النبات وأوفاه، وكانت مخايل النجابة عليه في صغره لائحة ودلائل العناية فيه واضحة[2].










ومما ذكره ابن عبد الهادي رحمه الله عنه في صغره أنه: سمع مسند الإمام أحمد بن حنبل مرات، وسمع الكتب الستة الكبار والأجزاء، ومن مسموعاته معجم الطبراني الكبير[3].










وعني بالحديث وقرأ ونسخ، وتعلم الخط والحساب في المكتب، وحفظ القرآن، وأقبل على الفقه، وقرأ العربية على ابن عبدالقوي[4] ثم فهمها، وأقبل على التفسير إقبالاً كليًّا، حتى حاز فيه قصب السبق، وأحكم أصول الفقه وغير ذلك، هذا كله وهو بعد ابن بضع عشرة سنة، فانبهر أهل دمشق من فُرط ذكائه، وسيلان ذهنه، وقوة حافظته، وسرعة إدراكه[5].










وكان رحمه الله حسن الاستنباط، قوي الحجة، سريع البديهة، قال عنه البزار رحمه الله[6]: "وأما ما وهبه الله تعالى ومنحه من استنباط المعاني من الألفاظ النبوية والأخبار المروية، وإبراز الدلائل منها على المسائل، وتبيين مفهوم اللفظ ومنطوقه، وإيضاح المخصص للعام، والمقيد للمطلق، والناسخ للمنسوخ، وتبيين ضوابطها، ولوازمها وملزوماتها، وما يترتب عليها، وما يحتاج فيه إليها، حتى إذا ذكر آية أو حديثًا، وبين معانيه، وما أريد فيه، يعجب العالم الفطن من حسن استنباطه، ويدهشه ما سمعه أو وقف عليه منه"[7].










قال العلامة كمال الدين بن الزملكاني: "كان إذا سئل عن فن من العلم ظن الرائي والسامع أنه لا يعرف غير ذلك الفن، وحكم أن أحدًا لا يعرفه مثله، وكان الفقهاء من سائر الطوائف إذا جلسوا معه استفادوا في مذاهبهم منه ما لم يكونوا عرفوه قبل ذلك، ولا يعرف أنه ناظر أحدًا فانقطع معه ولا تكلم في علم من العلوم سواء أكان من علوم الشرع أم غيرها إلا فاق فيه أهله والمنسوبين إليه، وكانت له اليد الطولى في حسن التصنيف، وجودة العبارة والترتيب والتقسيم والتبيين"[8].










وكان رحمه الله ذا عفاف تام، واقتصاد في الملبس والمأكل، صيِّنًا، تقيًّا، برًّا بأمه، ورعًا عفيفًا، عابدًا، ذاكرًا لله في كل أمر على كل حال، رجَّاعًا إلى الله في سائر الأحوال والقضايا، وقافًا عند حدود الله وأوامره ونواهيه، آمرًا بالمعروف ناهيًا عن المنكر، لا تكاد نفسه تشبع من العلم، فلا تروى من المطالعة، ولا تمل من الاشتغال، ولا تكل من البحث.










امتُحِن الشيخ مرات عدة بسبب نكاية الأقران وحسدهم، وسجن عدة مرات كانت آخر مرة عندما بحث حُسَّاده عن شيء للوشاية به عند الولاة فزوَّروا كلامًا له حول زيارة القبور، وقالوا بأنه يمنع من زيارة القبور حتى قبر نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، فكتب نائب السلطنة في دمشق إلى السلطان في مصر بذلك، ونظروا في الفتوى دون سؤال صاحبها عن صحتها ورأيه فيها، فصدر الحكم بحقه في شعبان من سنة 726هـ بأن ينقل إلى قلعة دمشق ويعتقل فيها هو وبعض أتباعه، واشتدت محنته سنة 728هـ حين أُخرج ما كان عند الشيخ من الكتب والأوراق والأقلام، ومنع من ملاقاة الناس، ومن الكتابة والتأليف[9].










وفي ليلة الاثنين لعشرين من ذي القعدة من سنة 728هـ توفي شيخ الإسلام بقلعة دمشق التي كان محبوسًا فيها، وأُذِن للناس بالدخول فيها، ثم غُسِّل فيها وقد اجتمع الناس بالقلعة والطريق إلى جامع دمشق، وصُلي عليه بالقلعة، ثم وضعت جنازته في الجامع والجُنْد يحفظونها من الناس من شدة الزحام، ثم صُلي عليه بعد صلاة الظهر، ثم حُمِلت الجنازة، واشتد الزحام، ولم يتخلف عن الحضور إلا القليل من الناس[10].










وله رحمه الله من الكتب والرسائل الكثير جدًّا مما طُبِع بعضه مستقلاً، وبعضه في مجاميع كبيرة وصغيرة، وبعضه لا يزال في عداد المفقود، وممن اعتنى بإحصاء كتب شيخ الإسلام: الحافظ ابن عبد الهادي في العقود الدريَّة[11] ومن أبرزها:




1- الاستقامة.




2- اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم.




3- بيان تلبيس الجهمية.




4- الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح.




5- درء تعارض العقل والنقل.




6- الصفدية.




7- منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية.




8- النبوات.




9- الرد على من قال بفناء الجنة والنار وبيان الأقوال في ذلك.




10- الرسالة التدمرية.




11- الصارم المسلول على شاتم الرسول.




12- الفتاوى الكبرى.




13- شرح العقيدة الأصفهانية.




14- العقيدة الواسطية.




15- رفع الملام عن الأئمة الأعلام.








[1] البداية والنهاية، لابن كثير، دار إحياء التراث العربي، ط/1، 1408هـ - 1988، ج/13 ص 280.



[2] الأعلام العلية في مناقب شيخ الإسلام ابن تيمية، للحافظ البزّار، دار الكتاب الجديد، بيروت، ط 1396هـ، 1976م، ص 16.



[3] العقود الدرية للحافظ المقدسي، الفاروق الحديثة للطباعة والنشر، القاهرة، ط/1، 1422هـ ـ 2002م، ص 6.



[4] ابن عبدالقوي: هو محمد بن عبدالقوي بن بدران بن عبدالله المرداوي المقدسي، المحدث النحوي، درس وأفتى، وصنف وبرع في العربية واللغة، كان حسن الديانة دمث الأخلاق، كثير الإفادة، قرأ عليه ابن تيمية العربية، ت سنة 699هـ، انظر: شذرات الذهب، لابن العماد الحنبلي، ط/1، ت/ 1406هـ، ج/7 ص 785.



[5] العقود الدرية، للحافظ المقدسي، ص 6.



[6] البزار: هو عمر بن علي بن موسى البغدادي الأزجي البزار، عني بالقرآن والحديث، وقرأ الكثير، ورحل إلى دمشق، وأخذ عن ابن تيمية وترجم له، وحج مرارًا، كان حسن القراءة، ذا عبادة، ت سنة 749هـ. انظر: (الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة، ج/3 ص 180)، (شذرات الذهب، لابن العماد الحنبلي، ج/ 8 ص 278).



[7] الأعلام العلية، للحافظ البزّار، ص 31 - 32.



[8] العقود الدرية، لابن عبدالهادي، ص 9 - 10.



[9] الأعلام العلية، للحافظ البزّار، ص 259 - 260 - 286.



[10] المصدر السابق، ص 284.




[11] العقود الدرية، لابن عبدالهادي، ص 24 - 75.








الساعة الآن : 12:03 AM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 16.59 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 16.50 كيلو بايت... تم توفير 0.09 كيلو بايت...بمعدل (0.57%)]