دعاء واستغفار
دعاء واستغفار http://i.imgur.com/Mj3qlvh.gif حَدَّثَنَا أَحْمَدُ، نا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي الدُّنْيَا؛ قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الْحُسَيْنِ يَقُولُ: قَدِمْتُ قُدْمَةً مَكَّةَ، فَبَيْنَا أَنَا أَطُوفُ فِي السَّحَرِ إِذَا النَّاسُ يَقُولُونَ: قد جاء قَدْ جَاءَ الْعَنْبَرِيُّ الزَّاهِدُ، فَإِذَا أَعْرَابِيٌّ جَافُّ الْمَنْظَرِ دَخَلَ الطَّوَافَ، فَطَافَ سَبْعَةَ أَشْوَاطٍ وَرَكَعَ خَلْفَ الْمَقَامِ، ثُمَّ أَتَى الْمُلْتَزَمَ، فَرَفَعَ يَدَهُ وَهُوَ يَقُولُ: سُبْحَانَ رَاحِمِ رَنَّةِ الْبَاكِينَ، وَقَابِلِ التَّوْبَةِ، وَالْمُتَفَضِّلِ بِهَا عَلَى الْمُسْرِفِينَ، الَّذِينَ أَفَاضَ عَلَيْهُمْ مِنْ سُيُوبِ تَفَضُّلِهِ، وَأَهْطَلَ عَلَيْهِمْ مِنْ سَمَاءِ بَذْلِهِ وَفَوَائِدِ نِعَمِهِ وَجَزِيلِ إِحْسَانِهِ! مَا عَجَزَتِ الْبَرِيَّةُ عَنْ شُكْرِهِ وَالْقِيَامِ بِأَدَاءِ حَقِّهِ إِلا بِمَعُونَتِهِ. سُبْحَانَ الَّذِي لا يَمْنَعُ الْعِبَادَ أَسْبَابَ التَّوْبَةِ، وَلَمْ يُعَيِّرْهُمْ لَمَّا أَنَابُوا إِلَيْهِ بِمَا أَجْرَمُوا مِنَ الْحَوْبَةِ، وَلَمْ يَعْجَلْ عَلَيْهِمْ بِالنِّعَمِ، وَهُوَ يَرَاهُمْ يَتَمَرَّسُونَ بِمَعَاصِيهِ لِغَضَبِهِ وَهُوَ فِي ذَلِكَ يَسْتُرُ عَلَيْهِمْ بِسِتْرِهِ، وَيَتَوَدَّدَهُمْ بِإِنْعَامِهِ، وَيَتَحَبَّبُ إليهم بدوام إِحْسَانِهِ، ثُمَّ فَتَحَ لَهُمْ بِرَحْمَتِهِ أَبْوَابَ رَحْمَتِهِ، وَدَعَاهُمْ إِلَى شَوْقِهِمْ إِلَيْهِ بِحُسْنِ مَوْعِظَتِهِ؛ فَقَالَ لِمُسْرِفِي عِبَادِهِ: {لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ الله} [الزمر: 53] ، وَقَالَ: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ) [البقرة: 186] ، وَقَالَ: (ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ) [غافر: 60] ! فَسُبْحَانَ مَنْ يَتَقَرَّبُ إِلَى مَنْ يَتَبَاعَدُ مِنْهُ، وَيَتَحَبَّبُ بِالنِّعَمِ إِلَى مَنْ يَتَبَغَّضُ بِالْمَعَاصِي إِلَيْهِ؛ فَأَحَبُّ عِبَادِهِ إِلَيْهِ أَسْأَلُهُمْ لِمَا لَدَيْهِ. إِلَهِي! أَنَا عَبْدُكَ وَابْنُ عَبْدَيْكَ، هَا أَنَا قَائِمٌ بَيْنَ يَدَيْكَ، مُتَوَسِّلٌ بِكَرَمِكَ إِلَيْكَ، لا تَزِلَّنِي عَنْ مَقَامٍ أَقَمْتَنِي فِيهِ، وَلا تَنْقُلْنِي إِلَى مَوْقِفِ سَلامَةٍ مِنْ نِعَمِكَ إِلا أَنْتَ، أَتَنَصَّلُ إِلَيْكَ مِمَّا كُنْتُ أُوَاجِهُكَ بِهِ مِنْ قِلَّةِ اسْتِحْيَائِي مِنْ نَظَرِكَ، وَأَسْتَغْفِرُكَ مِنْ ذُنُوبِي الَّتِي ابْتَزَّتْ قَلْبِي حَلاوَةَ ذِكْرِكَ، وَأَطْلُبُ الْعَفْوَ مِنْكَ؛ إِذِ الْعَفْوُ نَعْتٌ لِكَرَمِكَ. يَا مَنْ يُعْصَى وَيَرْضَى كَأَنَّهُ لَمْ يُعْصَ! يَا حَنَّانًا لِشَفَقَتِهِ عَلَى عِبَادِهِ، وَمَنَّانًا بِلُطْفِهِ، وَمُتَجَاوِزًا بِعَطْفِهِ عَنْ خَلْقِهِ! طَهِّرْ قَلْبِي مِنْ أَوْسَاخِ الْغَفْلَةِ، وَانْظُرْ إِلَيَّ نَظَرَكَ إِلَى مَنْ نَادَيْتَهُ فَأَجَابَكَ، واستعملته بمعونتك فأعطاك، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ، وَهَبْ لِي صَبْرًا وَيَقِينًا، وَاغْفِرْ ذَنْبِيَ الْعَظِيمَ، وَتَجَاوَزْ لِي عَنْ سَيِّئَاتِي يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ. قَالَ: فَمَشَيْتُ مَعَهُ حَتَّى عَرَفْتُ مَوْضِعَهُ؛ فَكَتَبْتُ عَنْهُ هَذَا الدُّعَاءَ وَغَيْرَ هَذَا مِمَّا كَانَ يَدْعُو بِهِ عَنْدَ الْمُلْتَزَمِ فِي أَوْقَاتِهِ. .................................................. ................ الكتاب : المجالسة وجواهر العلم المؤلف : أبو بكر أحمد بن مروان الدينوري المالكي (المتوفى : 333هـ) المحقق : أبو عبيدة مشهور بن حسن آل سلمان |
الساعة الآن : 08:34 PM |
Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour