ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=91)
-   -   الحب الذي لا ينكر ولا يذم (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=162690)

غايتي رضا ربي 12-08-2015 11:06 PM

الحب الذي لا ينكر ولا يذم
 
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبة اجمعين

فهذا الحب لا ينكر ولا يذم ، بل هو أحد أنواع الحب ، وكذلك حب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وإنما نعني المحبة الخاصة ، التي تشغل قلب المحب وفكره وذكره بمحبوبه ، وإلا فكل مسلم في قلبه محبة الله ورسوله ، لا يدخل الإسلام إلا بها ، والناس متفاوتون في درجات هذه المحبة تفاوتا لا يحصيه إلا الله ، فبين محبة الخليلين ومحبة غيرهما ما بينهما ، فهذه المحبة هي التي تلطف وتخفف أثقال التكاليف ، وتسخي البخيل ، وتشجع الجبان ، وتصفي الذهن ، وتروض النفس ، وتطيب الحياة على الحقيقة ، لا محبة الصور المحرمة ، وإذا بليت السرائر يوم اللقاء ، وكانت سريرة صاحبها من خير سرائر العباد ، كما قيل :



سيبقى لكم في مضمر القلب والحشا سريرة حب يوم تبلى السرائر


وهذه المحبة هي التي تنور الوجه ، وتشرح الصدر ، وتحيي القلب ، وكذلك محبة كلام الله ، فإنه من علامة حب الله ، وإذا أردت أن تعلم ما عندك وعند غيرك من محبة الله ، فانظر محبة القرآن من قلبك ، والتذاذك بسماعه أعظم من التذاذ أصحاب الملاهي والغناء المطرب بسماعهم ، فإن من المعلوم أن من أحب محبوبا كان كلامه وحديثه أحب شيء إليه كما قيل : [ ص: 236 ]



إن كنت تزعم حبي فلم هجرت كتابي ؟ أما تأملت ما فيه من لذيذ خطابي

وقال عثمان بن عفان - رضي الله عنه - : لو طهرت قلوبنا لما شبعت من كلام الله ، وكيف يشبع المحب من كلام محبوبه وهو غاية مطلوبه ؟ وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - يوما لعبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - : اقرأ علي ، فقال : أقرأ عليك وعليك أنزل ؟ فقال : إني أحب أن أسمعه من غيري ، فاستفتح سورة النساء ، حتى إذا بلغ قوله : فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا [ سورة النساء : 41 ] ، قال : حسبك الآن ، فرفع رأسه فإذا عينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تذرفان من البكاء .

وكان الصحابة إذا اجتمعوا وفيهم أبو موسى يقولون : يا أبا موسى ذكرنا ربنا ، فيقرأ ، وهم يستمعون ، فلمحبي القرآن - من الوجد ، والذوق ، واللذة ، والحلاوة ، والسرور - أضعاف ما لمحبي السماع الشيطاني ، فإذا رأيت الرجل ، ذوقه ، ووجده ، وطربه ، وتشوقه إلى سماع الأبيات دون سماع الآيات ، وسماع الألحان دون سماع القرآن ، كما قيل :

تقرأ عليك الختمة وأنت جامد كالحجر ، وبيت من الشعر ينشد تميل كالسكران .

فهذا من أقوى الأدلة على فراغ قلبه من محبة الله وكلامه ، وتعلقه بمحبة سماع الشيطان ، والمغرور يعتقد أنه على شيء .

ففي محبة الله وكلام رسوله - صلى الله عليه وسلم - أضعاف أضعاف ما ذكر السائل من فوائد العشق ومنافعه ، بل لا حب على الحقيقة أنفع منه ، وكل حب سوى ذلك باطل إن لم يعن عليه ويسق المحب إليه .

من كتاب :الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي
(ابن قيم الجوزية)

زهرةالجنة 13-08-2015 02:29 AM

رد: الحب الذي لا ينكر ولا يذم
 

جزاك الله خيرا اختى الطيبة على هالموضوع الراقى



الساعة الآن : 01:44 AM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 9.14 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 9.01 كيلو بايت... تم توفير 0.14 كيلو بايت...بمعدل (1.48%)]