النية يجب أن تكون حقيقية وغير مشروطة
الجميع يقول عن نفسه بأنه ينوي الخير , و لكنها لا تعتبر نية صادقة وجازمة , فهي مجرد نية مرتبطة بشيء معين (شرط) كأن يقبل الطرف الآخر أو تشترط النجاح .. فلو نوى أحد بأن يبني منزلا ، فستجده يعمل و يبدأ ببناء هذا المنزل .. فلماذا لا تكون نية الخير بهذا الشكل بدلا من أن تكون مجرد كلام ؟ هذه ليست نية صادقة .. فكلمة مثل كلمة الإسلام و كلمة الله أكبر , تقال باللسان فقط .. إنك حينما تقول الله أكبر ، فهذا يعني أن الله أكبر من كل شيء , من نفسك وأهوائك ورغباتك .. هذا معنى الله اكبر ..
إن النية الصافية , الكاملة , الطاهرة , المبنية على الحق , المرتبطة بالله وحده ، لها قوة تأثير على الآخرين ، بحيث أنك تقدم عملا صغيرا و هم يرونه كبيرا . بينما تجد صاحب نية مشروطة و يقدم أعمالا كبيرة و لكنه لا يجد لها مقابلا ، وكثيرا ما يشتكي من نكران الجميل .. فحتى تصفو النية : لا تنظر للأشياء والناس بمنظار المصالح ، واستبدل هذه النظرة بمنظار الحق والطبيعة والجمال , فتقوم بالشيء لأنه جيد ونبيل وشريف ويمنحك الراحة , و أول الجوائز هي شعورك بالراحة , فلو لم تنظر للناس بمنظور المصلحة ، لأصبحوا بالنسبة لك سواسية ؛ لأن الذي فرقهم هو المادة والمصلحة , و صاروا نفوسا واحدة و تعطي الجميع بدون تفريق , و بالتالي سيحبك الجميع .. فالنوايا تنتقل بين الناس كإحساس و يعرفها الناس , فربما تجد شخصين يبيعون بضاعة معينة , و كلاهما يبيعون بنفس السعر , ولكن الأول ينجح ويبيع والآخر يفشل و لا يشتري منه أحد , وتجد ان السبب يكمن في النية . |
رد: النية يجب أن تكون حقيقية وغير مشروطة
النية من العمل كثرة ورودها في كتاب الله تعالى بألفاظ مختلفة تتضمن معنى النية والقصد والإخلاص، وكذلك ورودها فيما صح عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في أحاديث كثيرة بلفظ النية، أو معناها، وكذلك ما أثر عن السلف وعناية العلماء بها، وذلك بافتتاح كتبهم ومؤلفاتهم بالآيات القرآنية، والأحاديث النبوية التي تتضمن النية، أو معناها، كل ذلك يدل على منزلة النية وأهميتها في كل عمل. ورود النية في القرآن الكريم: وردت النية في القرآن الكريم بألفاظ مختلفة وبأساليب متنوعة وكلها تدور حول النية وإخلاص العمل لله وسنشير إلى شيء من ذلك: أ. بلفظ الإخلاص: قال تعالى:﴿وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ ﴾ (سورة البينة آية: 5). ب. بلفظ الإرادة: قال تعالى:﴿وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا ﴾ (سورة الإسراء آية: 19). ج. الابتغاء: قال تعالى:﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ ﴾ (سورة التحريم آية: 1). ورود النية في السنة النبوية: 1. حديث عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ) إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله كانت هجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه(. 2. حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: )اليمين على نية المستحلف (. ما ورد عن السلف في اعتبار النية في كل الأعمال وأنه لا عمل إلا بنية: عن بعض السلف قال: «من سره أن يكمل له عمله فليحسن نيته فإن الله -عز وجل- يأجر العبد إذا حسّن نيته حتى باللقمة». وعن ابن المبارك قال: «رب عمل صغير تعظمه النية ورب عمل كبير تصغره النية». وقال الفضيل بن عياض: «إنما يريد الله -عز وجل- نيتك وإرادتك». وعن مطرف بن عبد الله قال: «صلاح القلب بصلاح العمل، وصلاح العمل بصلاح النية». ومما يبين منزلة النية وأهميتها أنها مقياس للعمل في الأمور الباطنة، ولما كانت الأمور الباطنة لا يطلع عليها إلا الله ولا يعلمها إلا هو جعل لها أمرًا دقيقًا يناسبها ويقاس بها وهو النية. قال ابن حزم: «ولا بد لكل عمل من نية، وكل شيء يتصرف فيه المرء فلا يخلو من أحد وجهين: إما حركة وإما إمساك عن حركة، وإنما يفرق بين الطاعة من هذين الوجهين، وبين المعصية منهما، وبين اللغو منهما النيات فقط، ولا فرق بين الطاعة والمعصية واللغو في الحركات والإمساك عن الحركات، فوجب بالضرورة أن لا يتم عمل، ولا يصح أن يكون حركة أو إمساك متوجهين إلى الطاعة المأمور بها خارجين عن المعصية وعن اللغو إلا بنية، هذا أمر لا محيد عنه أصلا إلا لجاهل لا معرفة له بحقائق الأمور». والتعبد لله تعالى ينبني على أمرين: الأمر الأول إخلاص العبادة لله تعالى وحده، والأمر الثاني تحقيق المتابعة لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال تعالى:﴿ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ﴾(سورة الملك آية: 2) أي: ليختبركم أيكم أحسن عملا، ولم يقل: "أكثر عملا" بل "أحسن عملا"، ولا يكون العمل حسنا حتى يكون خالصًا لله -عز وجل- ويكون على سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فمتى فقد العمل واحدًا من هذين الشرطين حبط وبطل. من حكمة الله ولطفه وإحسانه أن جعل لأهل الإيمان والهدى علامات يتميزون بها، وجعل لأهل المعصية والفجور صفات يعرفون بها، وقد أرشدنا الله - جل وعلا - فقال في حق المؤمنين المتقين أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:﴿مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ﴾ (سورة الفتح آية: 29). والمقصود أن الله ميز أهل الإيمان والصلاح بالعلامات الطيبة والأخلاق الجميلة والصفات الحميدة، وجعل عكس ذلك لمن سواهم، وإنما يمتاز أهل الطاعة عن أهل المعصية بالنية والعمل الصالح، كما في الصحيحين عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: )إن الله لا ينظر إلى صوركم ولا إلى أموالكم وإنما ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم(. قال تعالى:﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ ﴾ (سورة الأنفال الآيات: 2 - 4). فهذه بعض صفات من وفقه الله للهدى والتقى وجعله من عباده المؤمنين، ولا شك أن سبب ذلك صلاح النية والقصد والعلم النافع، لهذا فإنه يتعين على المسلم العناية بإصلاح قلبه، والأخذ بأسباب ما يقوي الإيمان فيه، ويبعد عنه أمراض الشبهات والشهوات، والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل. المصدر: · (النية وأثرها في الأحكام الشرعية) لصالح السدلان. · (إعلام الموقعين) لابن قيم الجوزية. · (جامع العلوم والحكم) لابن رجب. · (بدائع الفوائد) لابن القيم. · (تفسير ابن كثير). |
الساعة الآن : 06:34 PM |
Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour