لم تقولون ما لا تعلمون
1/10/2011
الحمد لله الذي رفع للعلماء أعلام ورفع مقامهم فوق كل مقام وجعل طاعتهم فرض على الأنام واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له الملك الاعلام واشهد ان محمد عبده ورسوله امام كل امام والصلاة والسلام عليه وآله واصحابه بدر التمام اعلموا يرحمكم الله ان الله قد قران العلماء بشهادته وخصهم بخشية وجعل لهم الرفعة في خليقة فلعلم لهم مخصوص ولفضل لهم منصوص فلا يعقل آيات الله ، ولا يفقه أحكامها ويستنبط دلائلها إلا البارعون في العلم ؛ كما قال تعالى:(وما يعقلها إلاَّ العالمون )العنكبوت(18) وكقوله تعالى:(وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردُّوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم)النساء(83). فأهل العلم هم أوْلى الناس باستنباط أحكام الدين وشرائعه. لهذا حثَّنا الله تعالى على سؤالهم إن أشكل علينا أمر شرعي ، فقال تعالى:(فاسألوا أهل الذكر إن كنت لا تعلمون) الأنبياء(7) وأقول إن مما يسف له أن نرى بعض الناس يسال عن دينه أي شخص بحجة إن ذلك الشخص يرتاد المساجد أو انه يصلي أو انه يقرءا القرآن أو بنظر إلى هيئة وملبسه وكل ذلك لايعني ان صاحبها من العلماء ورحم الله ابن رشد إذ قال:(كان العلم في الصدور واليوم صار في الثياب)[خلاصة الأثر للمجبي1/275ـ بواسطة التعالم للشيخ الدكتور بكر أبو زيد /صـ35]. وهؤلاء المحسوبين على العلماء حذر منهم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقد ثبت عند أحمد من حديث أبي الدر داء أنَّ النبي ـ صلى الله عليه وسلَّم ـ قال:(إنَّ أخوف ما أخاف عليكم الأئمة المضلون) [المسند6/441] وحدَّث عبد الله بن عمرو بن العاص ـ رضي الله عنهما ـ أنَّ رسول الله ـ صلَّى الله عليه وسلَّم ـ قال:(إنَّ الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من العباد ، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتَّى إذا لم يُبق عالماً اتخذ الناس رؤوساً جهَّالاً فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلُّوا وأضلُّوا) [أخرجه البخاري1/174،175 في كتاب العلم ، ومسلم واللفظ له4/258]. ولهذا فإنَّ أحد متعلمي زمننا وهو مهندس ميكانيكي أخرجَ كتاباً عنوانه:( إصلاح أكبر خطأ في تاريخ الأمَّة الإسلاميَّة) حيث يدَّعي أنَّ مسند الإمام أحمد ليس للإمام أحمد وإنَّما لابنه عبد الله ، بدعوى أنَّ المسند قبل كلِّ حديث أو أثر مرويٌّ بسندهيبدأ به بقوله حدَّثنا عبد الله ، قال حدَّثنا الإمام أحمد، فخرج هذا المسكين بالنتيجة العلميَّة التي لم يدركها جميع علماء الحديث على مرِّ الزمن ، واستخرجها هو بفطنته وعلمه وكياسته ، ولم يعلم هذا المتعالم أنَّ مسند الإمام أحمد قد رواه عنه كاملاً ابنه عبد الله ، ولهذا كُتب فيه :حدَّثنا عبد الله بن الإمام أحمد ، وصدق من قال: العلم فضَّاح لغير أهله. وقد لاحظ تلك المشكلة الإمام ابن رجب ـ رحمه الله ـ واشتكى منها قائلاً:( يا لله العجب ! لو ادَّعى معرفة صناعة من صنائع الدنيا ، ولم يعرفه الناس بها ، ولا شاهدوا عنده آلاتها لكذَّبوه في دعواه ، ولم يأ منوه على أموالهم ، ولم يمكِّنوه أن يعمل فيها ما يدَّعيه من تلك الصناعة ، فكيف بمن يدَّعي معرفة أمر الرسول وما شوهد قط يكتب علم الرسول ، ولا يجالس أهله ولا يدارسه) [الحكم الجديرة بالإذاعة]. وعلموا يرحمكم الله أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم )قد شنع وبشع على أمثال هؤلاء ففي الصحيحين عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لما قالت له سبيعة الأسلمية وقد توفي عنها زوجها سعد بن خولة في حجة الوداع فكانت حاملاً فوضعت بعد موت زوجها بليال قلائل فقال لها أبو السنابل بن بعكك: ما أنت بناكحة حتى يمضي عليك آخر الأجلين ، فقال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ:(كذب أبو السنابل ، بل حللت فانكحي)[مجموع الفتاوى10/449) وعند أبي داود وصححه الشيخ الألباني من حديث جَابِرٍ قَالَ خَرَجْنَا فِي سَفَرٍ فَأَصَابَ رَجُلاً مِنَّا حَجَرٌ فَشَجَّهُ فِي رَأْسِهِ ثُمَّ احْتَلَمَ فَسَأَلَ أَصْحَابَهُ فَقَالَ هَلْ تَجِدُونَ لِي رُخْصَةً فِي التَّيَمُّمِ فَقَالُوا مَا نَجِدُ لَكَ رُخْصَةً وَأَنْتَ تَقْدِرُ عَلَى الْمَاءِ فَاغْتَسَلَ فَمَاتَ فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أُخْبِرَ بِذَلِكَ فَقَالَ : ( قَتَلُوهُ قَتَلَهُمُ اللَّهُ أَلاَّ سَأَلُوا إِذْ لَمْ يَعْلَمُوا فَإِنَّمَا شِفَاءُ الْعِيِّ السُّؤَالُ إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيهِ أَنْ يَتَيَمَّمَ ) ولله در شيخ الإسلام ابن تيميَّة ـ رحمه الله ـ حيث قال:( ولا يحل لأحد أن يتكلَّم في الدين بلا علم ولا يعين من تكلَّم في الدين بلا علم ، أو أدخل في الدين ما ليس منه) [مجموع الفتاوى22/240] |
الساعة الآن : 02:39 PM |
Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour