ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   هيا بنا نحفظ القرآن ونرضى الرحمن (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=84)
-   -   المدخل السديد إلى علم التجويد: الحلقة الأولى (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=285674)

ابوالوليد المسلم 02-12-2022 08:24 PM

المدخل السديد إلى علم التجويد: الحلقة الأولى
 
المدخل السديد إلى علم التجويد: الحلقة الأولى
محب الدين علي بن محمود بن تقي المصري

الحلقة الأولى: القرآنُ مِنَّةُ اللهِ لعبادهِ


الحمد لله القائل في محكم التنزيل: ﴿ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا ﴾ [المزمل: 4]، وصلَّى اللهُ على مَنْ بعثَه ربُّه بالحقِّ بشيرًا ونذيرًا، وداعيًا إلى الله بإذنه وسراجًا منيرًا، وعلى آله وصحبه وسلِّم تسليمًا كثيرًا، وبعد:
فإن القرآن:
هبة الرحمن لعباده، ورحمته إليهم: ﴿ هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَإِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴾ [الحديد: 9]؛ أي: يخرجهم الله به من الضلالة إلى الهدى، ومن المعصية إلى الإيمان والطاعة.

وحبله المتين، وصراطه المستقيم: "الذي ‌أشرقت ‌له ‌الظُّلمات، ‌ورحمتُه المهداة التي بها صلاح جميع المخلوقات، والسَّببُ الواصلُ بينه وبين عباده إذا انقطعت الأسباب، وبابه الأعظم الذي منه الدُّخول، فلا يُغلَق إذا غلِّقت الأبواب"[1].

هداية للناس: ﴿ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ ﴾ [البقرة: 185]، يهديهم طريق الحق، ويُبيِّنه لهم، ويُجنِّبهم طريق الضلالة، ويُحذِّرهم منه.

يهدي لكل خير: ﴿ إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا ﴾ [الإسراء: 9].

نُورُهُ المبين للناس أجمعين: ﴿ يَاأَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا ﴾ [النساء: 174].

شفاء للأبدان من أدرانها وأمراضها، وطهرة من الذنوب وذَهابٌ لآثامها: ﴿ يَاأَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ ﴾ [يونس: 57].

تلاوته أجر ومثوبة: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ ﴾ [فاطر: 29].

يَرفعُ اللهُ به أقوامًا، روى مسلم من حديث عُمَر رضي الله عنه: "أَمَا إِنَّ نَبِيَّكُمْ صلى الله عليه وسلم قَدْ قَالَ: ((‌إِنَّ ‌اللَّهَ ‌يَرْفَعُ ‌بِهَذَا الكِتابِ أقْوامًا ويضَعُ به آخرين))[2].

خير الكلام وأحسن الحديث: ﴿ اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ ﴾ [الزمر: 23].

"وَبِالْجُمْلَةِ فَلَا شَيْء ‌أَنْفَع ‌للقلب من قِرَاءَة الْقُرْآن بالتدبُّر والتفكُّر، فَإِنَّهُ جَامع لجَمِيع منَازِل السائرين وأحوال العاملين ومقامات العارفين، وَهُوَ الَّذِي يُورِث الْمَحبَّة والشوق وَالْخَوْف والرجاء والإنابة والتوكُّل وَالرِّضَا والتفويض وَالشُّكْر وَالصَّبْر وَسَائِر الأحوال الَّتِي بهَا حَيَاة الْقلب وكماله، وَكَذَلِكَ يزْجر عَن جَمِيع الصِّفَات والأفعال المذمومة وَالَّتِي بهَا فَسَاد الْقلب وهلاكه"[3].

تنزيل من حكيم: ﴿ لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ ﴾ [فصلت: 42]، ﴿ وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الشعراء: 192].

نزل به أفضل الملائكة: ﴿ نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ ﴾ [الشعراء: 193].

على خير الرسل: ﴿ عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ ﴾ [الشعراء: 194].

مُيَسَّر فهمه وتلاوته وحفظه: ﴿ وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ ﴾ [القمر: 17].

ورتلناه ترتيلًا: ﴿ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا ﴾ [الفرقان: 32].

فالقرآن نعمة مِنَ اللهِ لعباده، ورحمته إليهم وبهم، وفيه صلاح أمور دينهم ودنياهم وآخرتهم: ﴿ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ ﴾ [النحل: 89].

"فليس شيء أنفع للعبد في معاشه ومعاده، وأقرب إلى نجاته من تدبُّر القرآن، وإطالة التأمُّل له، وجمع الفكر على معاني آياته، فإنها تُطلِع العبد على معالم الخير والشرِّ بحذافيرهما، وعلى طرقاتهما وأسبابهما وغاياتهما وثمراتهما ومآل أهلهما، وتَتُلُّ في يده مفاتيح كنوز السعادة والعلوم النافعة، وتثبِّت قواعد الإيمان في قلبه، وتشيِّد بُنيانه، وتوطِّد أركانه" [4].

نسألُ اللهَ أن يجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا، ونور صدورنا، وجلاء همومنا وغمومنا.

[1] مدارج السالكين في منازل السائرين، الإمام ابن القيم، الناشر: دار ابن حزم (بيروت)، ط1، 1441هـ - 2019م، ص: 3/1.

[2] صحيح مسلم، ح: (817).

[3] مفتاح دار السعادة لابن القيم.

[4] مدارج السالكين، لابن القيم.




الساعة الآن : 08:48 PM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 8.76 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 8.66 كيلو بايت... تم توفير 0.09 كيلو بايت...بمعدل (1.07%)]