ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   من بوح قلمي (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=72)
-   -   مثل النبات (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=256966)

ابوالوليد المسلم 14-04-2021 03:52 AM

مثل النبات
 
مثل النبات


تماضر عبدالله علي الحمد


‏‫شبيهةٌ هذه الأوقات بانبثاق النَّبات، كما أنَّ لها من المراحل ما يوازي مراحله.

وكم تَنمو أرواحُنا الضَّعيفة في عروقها! وكم تقتات أعمارنا الضَّئيلة من جذورها!

نعتاش من هذه الأوقات كما اعتاشت الأوقاتُ منَّا، ثمَّ نستوي في سَبيلنا عنها، كما استوَت هي في سبيلها عنَّا.

تسوقنا الأوقاتُ سوْقَ أصابع الشَّمس المشتعلة للنَّبات، وإنَّنا في حِمى الأوقات سائحون مرَّة، ومرَّة ضائعون.

لكنَّنا من أَجلها نسرح بحريَّةٍ واطمئنان، ونفتِّش عن مواضع الأمان، من غير توقُّفٍ أو تردُّد، فإمَّا أن نجد وإمَّا ألا نجد، وإن كان للوقت أن يَجدنا لم تكد تتَّسِع من أجلنا فَرحة الزمان.

كأنَّما كتائب الوقت مذ وُجِدْنا في مضيٍّ غير منقطع، وكأنَّما قسماته المنسابَة في جريانٍ غير منتهٍ، وكأنَّنا بين هذا وذاك في حيرة مستريبةٍ وإيمانٍ مستيقن.

كم نَركب الأوقات في حلكة الضِّيق! وكم تتراجع الأغصانُ في جذعها من غير ارتفاع! وإننا لشديدو التَّوق إلى بزوغ أبكار الثمر، لكنَّنا لم نحصده.

وكم تتسارَع الأغصان ساعةً في التطاوُل والاستعلاء، مورقَة هذه الأغصان، مزهِرة، لم نكد نتركها حتى نعودَ فنجدها سابِقةً للوعد، ماضيةً إلى أجلها من قبل يوم الحَصاد.

وإنَّ منها لمَا يواكبنا ونواكبه، فيمتِّعنا من قبل أن نَستمتع به، نشتمُّه عبقًا في صَفحة التاريخ، من قبل أن تَعبر الأوقات إلى أبدها.

وكم تتشابَك الأوقات تشابُكَ الأوراق في النَّبات! وكم تَصعب سقايتُها وتشذيبها! فربَّما كسفت آجالنا في الحياة فنخوى، وربَّما امتدَّت أنامل العمر نحونا لتقضمنا في أغصاننا، أو ربَّما استدركَتنا الريحُ من قبل أن تنضج أفئدتُنا بالحياة ومِن بعد.




الساعة الآن : 06:44 AM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 6.09 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 5.99 كيلو بايت... تم توفير 0.09 كيلو بايت...بمعدل (1.54%)]