ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   ملتقى الأخت المسلمة (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=45)
-   -   الفتاة والحياة الجديدة (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=256790)

ابوالوليد المسلم 11-04-2021 01:58 AM

الفتاة والحياة الجديدة
 
الفتاة والحياة الجديدة
مريم راجح






مذكرات الجمان (1)

















في إحدى جامعات البنات التقى الصديقات بشوق بعد انقطاع الإجازة، وبين تبادل الأحوال والأخبار غطى الأجواءَ خبرُ خطبة إحداهن، فزاد اللقاء فرحًا، وامتزجت المباركات بالدعوات والابتسامات، وانبعث الحماس بينهن؛ فهذه خطوة جديدة من إحداهن بين مجموعتهن الصغيرة الجميلة، فأخذ الحديث بينهنَّ بقية اليوم عن ما يخص هذا الخبر، وكانت ألوانٌ من الخواطر ومزيجٌ من الأفكار المتصادمة بينهنَّ، والحكايات الخيالية بين الرومانسية والرَّاعبة، التي أحيانًا تكاد تُخرجكِ من كوكب الأرض!







لذلك أخاطب تلك القلوب الشفافة البريئة، وأهمس في أذنيها بما خالج خاطري وتفكيري، الذي قد عاش برهة من هذا الخلط من الأفكار، تحت ضغط من ضغوط الحياة.







ذلك القفص أو العش الذي يُحاكي خيال كثير من الفتيات؛ فهناك من تراه الجنة، وقد أطلقت عِنانها وربطَت السعادة به، فرسمت مستقبل الفرح والراحة دون أن تدرك معانيَ السعادة الحقيقية أو الحياة الواقعية.







في حين أن من الفتيات من تراه عكس ذلك، وأنه الكوخ الراعب، والكهف المظلم الذي لا بد منه، والسيل الجارف للحرية والجالب للاستعباد.







إلى جانب الخلط بين المعتقدات والظروف، والعادات والحقوق، التي تظهر على أساس أنها الحق والواجب، أو أنها من الدين.







سندخل ونبحر في هذا المنعطف المهم في حياة كل فتاة، والذي يشكِّل طريقة ومنهجًا لحياتها المستقبلية في مملكتها، فكان لا بد من الولوج في هذا العالم المنسي.







وسأتحدث عنه بإذن الله في سلسلة متتالية، أعرض فيها بعضًا من الأمور والوقفات الخاصة بالفتيات فيما يخص الحياة الجديدة؛ "القفص الزوجي"، ونظرتهن لها، أحاول من خلالها - بعد توفيق الله وفضله - طرح ما يخالج خواطر الفتيات ومجالسَهن، وما قد تُحدثه بعض العبارات والكلمات أو المواقف في تفكيرهن ونظرتهن لهذه الحياة.







فأحببت أن نُظهر حقيقة هذه الحياة وما شرَعه لها الدين، ونبتعد فيه عن المزيج الذي تُحدثه الظروف والحياة، فتدخل على الحياة بمسمَّى الدين، فيحصل الخلط والنقص.







وقبل ذلك عندما نتحدث عن الزوجة المسلمة، فلْنَعلم أننا بذلك نتكلم عن إسلام تطبيقيٍّ لما شُرع لها وعليها من حقوق وواجبات، ومسؤوليات وتوصيات، والذي منها نَستشعِر ونعلم مَكانتها وأهميتها التي منَحها وميَّزها بها الإسلام، فكان لا بد لكل متكلِّم أن يُراعي ذلك عند الحديث عنها، وأن يرسم للسامع أنه منهجُ حياة وعزٍّ وشرف دائمًا حتى قيام الساعة، وأن يأخذه من منبعه الأصيل، ومن الثقات؛ حتى لا يختلط على المتلقِّي الأمر.







عندما نتكلم عن هذه الحياة خاصة، فنحن نتكلم إذًا عن آية من آيات الله العظيمة في هذه الحياة، نتكلم عن وصفٍ كان له البيانُ والقوة في المعاني والمشاعر، فلا نجد لهذه الحياة كهذا الوصف في إيصال المعنى الدقيق كما وصفه عز وجل في كتابه: ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [الروم: 21].







انظري بقلبك لا بعينكِ فقط، وتأمَّلي بتفكيري في معاني هذه الآية، بل انظري لحروفه وألفاظه؛ لتجدي كمية ما تحمله من جمال الألفاظ، مع قوة وعمق المعاني: ﴿ مِنْ أَنْفُسِكُمْ ﴾ [الروم: 21]، و﴿ لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا ﴾ [الروم: 21]، و﴿ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً ﴾ [الروم: 21].







وإليكِ غاليتي الآية الأخرى وما تحمله من معانٍ ضخمة؛ قال تعالى: ﴿ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ ﴾ [البقرة: 187].







لن تنتهي المعاني لمن أطلق قلبه وتفكيره في جمال هذه الحياة تحت ظل شريعة الإسلام.







وبعد أن يصوِّر الإسلام الحياة العامة بين الزوجين وما تحمله من معانٍ، شرع في ذكر ما لكلٍّ من الزوجين من صفات، وحقوق وواجبات؛ يبيِّن من خلالها سبيل التوفيق والنجاح.







وقد وصَف النبي صلى الله عليه وسلم الزوجة بأهم الصفات التي بها يكون نجاحها وفوزها؛ فقال صلى الله عليه وسلم: ((الدُّنيا كلُّها متاعٌ، وخيرُ متاعِ الدنيا المرأةُ الصالحةُ)).







ووصيته للخاطب بعد أن عدَّد ما تُنكح الفتاة لأجله، فقال: ((... فاظفَرْ بذاتِ الدِّين تَرِبَت يَداك)).







و((الصالحة))، و((ذات الدين)) معنى شامل كامل عميق، يتفرَّع عنه الكثير من الصفات التي تتصف بها الزوجة التي ينبغي أن تكون في مجتمعاتنا الإسلامية، ونسعى للتبصير نحوها.







عن أبي هريرة قال: قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أي النساء خيرٌ؟ قال: ((التي تسرُّه إذا نظر، وتطيعه إذا أمر، ولا تخالفه في نفسها ومالها بما يكره)).







((تسرُّه إذا نظر)) تشمل معانيَ كثيرة؛ تسره في أخلاقها ودينها ومظهرها ومعاملاتها.







((وتطيعه إذا أمر)) وهذا من قوامة الرجل التي هي من طبيعته، ومن طبيعة المرأة أن تكون تحت وليٍّ وقوامة؛ لما تتطلب فطرتها وطبيعتها ذلك، وبها تسير السفينة بصورة صحيحة طيبة.







((ولا تخالفه في نفسها ومالها بما يكره))؛ أن تكون سببًا في إعانة زوجها في دينه ودنياه، وأن تكون خيرَ مُعين له وباذلة له سبل الخير والصلاح في نفسها، ولزوجها ورعيتها.







نسأل الله عز وجل التوفيق والسداد.





الساعة الآن : 09:18 PM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 16.34 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 16.24 كيلو بايت... تم توفير 0.09 كيلو بايت...بمعدل (0.57%)]