معلم على طريق التميز


هدى محمد نبيه


مرت الأيام، وأوشكت الإجازة الصيفية على الانقضاء، وبدأت الاستعدادات تجري على قدم وساق لاستقبال العام الدراسي الجديد، فيستعد الآباء والأمهات بتجهيز الأدوات المدرسية لأبنائهم وشراء مستلزمات المدرسة، فيتحول البيت إلى ما يشبه خلية النحل استعدادا لاستكمال مشوار التعليم الطويل للأبناء.
هذا فيما يتعلق بالطلبة واستعداداتهم لاستقبال العام الدراسي، فكيف يستعد المعلمون لاستقبال العام الدراسي الجديد؟ فهل يكون ذلك بشراء دفاتر التحضير والأقلام وما إلى ذلك من أدوات يحتاجونها طوال العام؟ أم بتجهيز أدوات العقاب للطلبة المشاغبين؟
مقومات النجاح
إن مهنة التدريس من أشرف الوظائف، ولا عجب، فالأنبياء هم قدوة المعلمين والمربين، ومما لا شك فيه أن المعلم يواجه الكثير من المتاعب أثناء قيامه بعمله، خاصة إذا كان حديث العهد بمهنة التدريس، بدءًا من كيفية التعامل مع نوعيات مختلفة من الطلبة، وكيفية السيطرة على الفصل، والطريقة المثلى في توصيل المعلومة، وإليك أخي المعلم بعض النصائح التي تعينك وتأخذ بيدك لتحقيق ما ترجوه وتتمناه في مهنتك:
1- حب المهنة والإخلاص لها والتفاني في خدمتها، وأن تقصد بتعليم الطلبة وتهذيبهم وجه اللّه تعالى، ونشر العلم ودوام ظهور الحق وخمول الباطل، ودوام خير الأمة بكثرة علمائها واغتنام ثوابهم وتحصيل ثواب من ينتهي إليه علمك.
2- إشاعة روح المحبة والمودة والألفة والوئام بينك وبين الطلبة، وهذا من شأنه إزالة التوتر والخوف العصبي والانقباض العقلي، ويشيع في الصف الشعور الفياض بالسعادة الغامرة؛ لأن حب المعلم يستدعي بالضرورة حب المادة التي يعلمها، والمحبة أساس النجاح والتوفيق في أي عمل.
3- مع بدء اليوم الأول يجب أن يعرف الطلاب الأنظمة والقوانين التي ستتبعها في تسيير الفصل، و ألا تتراخى في تنفيذها ولو لمرة واحدة؛ فذلك سوف يشعر الطالب بعدم جديتك وحزمك.
4- كن واثقاً من نفسك وليظهر ذلك على كلامك وأسلوبك ولهجتك، فإن ذلك مدعاة لأن يثق بك الطلبة ويقبلوا على ما تقوله.
5- تعرف على الطلاب بطريقة مبتكرة، واسأل عن أسمائهم وهواياتهم..
6- كن عادلاً في تعاملك مع الطلبة، فلا تفرق بين صغير وكبير وأسود وأبيض، ولا تميز بين غني وفقير، وقبيح ووسيم، فالعدل في المعاملة أساس التقارب بينك وبينهم حتى لا تثير سخط بعض الطلبة وتذمرهم، مما يؤدي إلى انفعالهم وعقوقهم وحقدهم.
ضبط الفوضى
إذا دخلت الفصل والفوضى تعم المكان، فلا تثر ولا تغضب، وإنما اتخذ مكاناً مناسباً بحيث ترى ويراك جميع الطلبة، ثم تجول بنظرك بين جميع الطلبة وتفرس في وجوه من أثاروا الفوضى، ونادي أحدهم حتى تضمن أنهم قد أحسوا بدخولك ووجودك بينهم، حاول إيقاف الطلبة المشاغبين عند حدهم، وذلك باستعمال الأسلوب المناسب مثل:
أ- بعض الطلبة قد يرتدع بنظرة واحدة يملؤها الغضب.
ب- ومنهم من يجب أن توجه إليه اللوم والعتاب.
ج- وآخرين لا يردعهم إلا التوبيخ والكلام القاسي.
د- ومنهم من لا يرتدع إلا بالعقاب.. بدءاً من التوقيف في مكانه في الصف، أو التوقيف أمام زملائه ووجه للحائط.
هـ- لا تطرد الطلبة خارج الصف؛ لأن ذلك دليل على عجزك عن حل المشكلة.
و- وإذا ما لجئت للطرد خارج الفصل، فعلي الطالب أن يتوجه إلى الأخصائي الاجتماعي.
أداء مميز
لكي تكون معلما متميزا عليك بالآتي:
- إعداد الدرس إعداداً جيدا، فالمعلم المتمكن أقدر على ضبط الصف وشد انتباه الطلبة وإثارة اهتمامهم واستقطاب تفكيرهم.
- الاطلاع على المراجع الأصلية والتوسع في الموضوع، بالإضافة إلى الكتاب المدرسي.
- القيام بربط المادة بالحياة، واختيار الوسائل التعليمية المناسبة التي تضفي على الدرس القوة والحيوية.
- التحدث بلغة مناسبة يفهمها الطلبة، فلا تستخدم عبارات أو كلمات فوق مستوى الطلبة، أو تستخدم لغة صعبة أو غير ملائمة لقدراتهم العقلية أو مستواهم العلمي.
- عمل فواصل في أثناء الحصة تتخلل الدرس؛ لأن العقل المجهد المتعب لا يستطيع التركيز.
- انقل نظرك بين الطلبة، حتى يشعر كل واحد منهم بأنه موضع اهتمامك وعطفك وعنايتك ورعايتك ومراقبتك، وتفرس في وجوههم حتى يشعر كل واحد منهم أنه معرض للسؤال أو القراءة أو الخروج إلى السبورة أوالقيام بعمل ما في أي لحظة من لحظات الدرس، وحدق في أعينهم حتى يشعروا بأنهم مراقبون؛ مما يدفعهم إلى عدم الإخلال بالنظام والخروج عن آداب السلوك.
- الحرص على الابتكار والتجديد؛ لأن الطالب يسأم المعلم الذي يكرر نفسه في كل درس.
- المعلم الناجح هو الذي يكون قدوة حسنة لطلابه في سلوكه وتصرفاته، فليس الطالب أذنا تسمع فقط، وإنما هو مجموعة حواس.
معلم داعية
لا يقتصر دور المدرسة على تلقين الطلبة العلم فقط، كما أن مهمة المدرس لا تتوقف عند تلقين الطالب للعلم، بل على المدرسة أيضا متمثلة في المعلم أن يكون لها دور في الدعوة إلى الله داخل المدارس، والهدف من ذلك إخراج جيل صالح من الطلاب يسعون إلى إرضاء ربهم، وإلى تطبيق سنة نبيهم, وإلى حمل لواء الدعوة إلى الله تعالى في كل مكان وفي أي زمان.
ومن الوسائل التي تساعد المعلم في المجال الدعوى بين طلابه:
- إنشاء مكتبة دينية وتثقيفية في كل فصل يساهم فيها الطالب والمعلم.
- عمل مجلات حائطية تشتمل على الآيات والأحاديث وعبارات من جوامع الكلم أو من حِكم السلف الصالح.
- تنظيم لقاء أسبوعي بين المعلم والطلبة، لكي يستفسروا منه عن كل ما يجول بخاطرهم وما يواجهونه من مشكلات.
- الإعلان عن جائزة للطالب المثالي، وتتمثل في شريط أو كتيب ديني تثقيفي، ويقوم الطالب بعرض محتوياته أمام الفصل.
- إعداد برامج دعوية، كمسابقات حفظ القرآن والسنة، وإلقاء الكلمات والمواعظ والقصص القرآني والنبوي، وعرض شيء من سيرة السلف الصالح.
- تنظيم حلقة لتلاوة وحفظ القرآن الكريم قبل الطابور وأثناء الفسحة.
- ربط الطلاب بمسجد المدرسة، وحثهم على أداء الصلاة في أوقاتها.