ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   ملتقى القصة والعبرة (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=32)
-   -   يمكننا أن نصلح ما مضى (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=265177)

ابوالوليد المسلم 13-09-2021 11:27 PM

يمكننا أن نصلح ما مضى
 
يمكننا أن نصلح ما مضى
عهود العنزي




شاشة التلفاز على قناة المجد؛ حيث يُعرض برنامج "حديث الدار".
(حضرةُ الناظر) كان ضيفَ الحلقة، الرجل المهتدي، الفَريد بطرحه للمواضيع الاجتماعية على حِسابه في تطبيق "سناب شات"، يسرد فيه قصصَ الأنبياء بأسلوبٍ قريب مِن المجتمع، وخصوصًا "الشباب"، ويستلهم بعضَ المواضيع مِن كتاب "البداية والنهاية"؛ لابن كثير.

هكذا عرفتُه من خلال متابعتي على تطبيق "سناب شات"، ومن جهةٍ أخرى أنَّه ناشط إعلامي.
لحُسن الحظ أنَّني تابعتُه أمسِ، ووجدتُه يعلِن عن استضافته في برنامج (حديث الدار) في بثٍّ مباشر في الساعة الثانية والنصف تمامًا، الأمر الذي أثار حماسي هو موضوع الحلقة؛ "حقوق الأبناء".

أسرعتُ وبحثتُ عن القناة، ومتبقٍّ نصف ساعة لعرض الحلقة، كنتُ متحمِّسة جدًّا؛ لأنَّني أعرف أسلوبَ (حضرة الناظر) في طرحه واختصارِه للمواضيع الهادفة، التي تهمُّ المجتمع، والتي أرى أنَّ لها طولَ مدًى بعيدٍ، استنادًا على الإسلام والقرآن والسنَّة النبوية الشريفة؛ وهذا ما يجعل الموضوعَ قويًّا ذا حجَّة واضحة دون أيِّ لَبس.
كما أنَّه يحبُّ الاختصار: "أدِّيكم الزُّبد"؛ العبارة التي يكرِّرها كثيرًا.
بدأتِ الحلقةُ بداية ممتعة جدًّا، تفاعلت أيضًا ببعض التغريدات على "هاش تاق الحلقة" في تطبيق "تويتر".

دعوني أتحدَّث عن أبرز ما قيل فيها:
الشباب يحتاجون إلى الدَّعم والعناية، في بعض الحالات تجد الشبابَ في ضياع؛ يعانون مِن مشكلة ولا يعرفون ما هي، أو كيف يعبِّرون عنها، ويقولون:
لا أحد يفهمنا!
والسبب لربَّما كان إهمال الأبوين أو أحدهما، وانشغالهم عن أبنائهم في أهمِّ مرحلة عمرية يمرُّون بها؛ وهي "المراهقة"! وهي المرحلة الصعبة التي تتطلَّب جهدًا أكبر ووقتًا أكثر.

أبناؤنا قد لا يَحتاجون إلى المادِّيات ولا إلى المال ولا إلى الأجهزة اللوحية وغيرها؛ إنما يحتاجون إلى مَن يفهمهم وينصت إليهم، إلى من يمضي معهم ويمدُّ يدَ العون لهم، خصوصًا في هذا الزمن.
كما فهمتُ مِن (حضرة الناظر) حقوقَ الابن في السنَّة منذ ولادته؛ وهي: الخِتان، وحلق الرأس، واختيار الاسم المناسب له، واختيار الأم الصالحة، وهي أساس الحياة الطيبة؛ لأنَّها ستكون مدرسةَ أبنائك ورفيقة عمرك حتى بعد الممات.

بعد بلوغ ابنك عمر السَّابعة ستنتهي فترة التريبة الأولى، يجب أن تكون قد علَّمتَه أساسيات الحياة.
وما بين عمر الـ 12 سنة إلى 18 سنة كُن صديقًا لابنك، كُن كالمرشِد له على الطريق الصحيح بإذن الله، لن ينفع الضَّربُ أو الحرمان، وهو في الأساس أمر مَنهيٌّ عنه في الإسلام إلَّا في حالات نادرة بشرط ألَّا يسبِّب آثارًا على جسده.

باختصار: كُن مؤسِّسًا لحياة طيبة لابنك، كافِحْ من أجل أن ترتاح أنت وعائلتك مادِّيًّا، وأن يدرس أبناؤك في مدارس تؤهِّلهم لشهادات ومناصب عُليا، علِّمهم مهارات الحياة والادِّخار ومهارات العمل؛ حتى لا يَنجرفوا في تيَّار الضياع والقلق بسبب غفلتك عنهم، استعِنْ بالصَّبر والصَّلاة، وتذكَّر قولَه صلَّى الله عليه وسلم: ((كل راعٍ مسؤول عن رعيَّته))؛ إذًا أنت مسؤول عن رِحلة أبنائك في هذه الحياة، ستتخلَّلها الكثير مِن العقبات والمشاكل والتقصير، لا تبحث عن الكمالية والمثالية؛ فجميعنا مقصِّرون، والكمال لوجه الله جلَّ جلاله فقط، كُن خير مسؤول.

وفي جانب آخر لا ندري مَن هو المسؤول؟ أهو الجهل؟ أم الفقر؟ أم قسوة الماضي كان لها نصيب فيما حدث؟! والحال يشكو قسوةَ ما مضى.
أحيانًا نرى أن لا شيء قد يُصلح ما مضى؛ فكما يُقال: "اللِّي فات مات!"، في بعض الأحيان نحتاج إلى أن نقرِّر، أن نتفاهم ونتعايش ونتعامل مع "الواقع"، في حين يجب على الآباء أن يعلِّموا أبناءهم هذه الإستراتيجية؛ (قرِّر: أن تتفاهم وتتعايش وتتعامل مع واقعك).

إذا كنتَ أيها القارئ "ابنًا" يسرُّني أن أهديك هذه الكلمة، أنصِت إليها جيدًا:
(الحياة ليست دائمًا تسير كما نريد، لكن يحقُّ لنا أن نتمنَّى، يحقُّ لنا أن نحلم؛ فكل شيء رائع وجميل أنت تستحقه).

يجب على الأبناء الآن أن يفهموا آباءهم، أن يتقبَّلوهم كما هم وبكلِّ تفاصيلهم، وأن يتعلَّموا مهارةَ التعامل مع المشكلة، كونوا مِن أصحاب العقول الكبيرة التي تَجعل مِن نفسها جزءًا من حَلِّ المشكلة، لا تضع يدَك على خدِّك وتندب حظَّك أو تقول لنفسك:
(والدي لم يكن يعطيني مَصروفي المدرسي كل يوم، لم يدلِّلني كباقي الآباء، ولم يشترِ لي السيارةَ التي كنت أحلم بها في صباي...).

توقَّف عن سرد تلك الدراما التي لا تجلب سوى النَّدم، توقَّف عن هذا الصوت الداخلي المليء بالإحباط، لا تتحدَّث عن شيء أنت لا تعلمه، لم تعِشْه، ربما عاش والدك حياةً أصعب، حياة بعيدةً عن حياتك، ولا تُشْببها كثيرًا، ربما واجه الكثيرَ من المواقف المحرِجة والمؤلمة مِن أجلك وأنت لا تعلم؛ عن الآباء المسنِّين أتحدَّث.
كُن بارًّا بالْتِماس العذر لأبويك مهما قصَّروا، وعِشْ متفائلًا بأنَّ حياتك ستصبح أفضل، سيمنحها الله التوفيقَ والرِّضا.

قل: الحمد الله؛ فقد كتب الله لك أن تبرَّهم عندما كبروا وأنت في شبابك؛ فالكثير مع الأسف تركوا آباءهم بعُذر انشغالهم مع زوجاتهم وأبنائهم وحياتهم الخاصَّة، كن مختلفًا قليلًا، ولا تحزن أو تشعر بنقص شعور الابن المدلَّل عند والديه، تعلَّم كيف ترضى وتتعامل مع واقعك، ﴿ وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا ﴾ [الإسراء: 24].
أحسِن إلى والديك، ولا تُلقِ ببصرك إلى الماضي، وتذكَّر جيدًا أنَّ الله لا يضعك في ظروف أو قدَر مَهما كان محزنًا إلَّا لأنَّه يعلم أنك تستطيع تجاوزه بإذن الله، فاطمئنَّ.

رسالة مهمة للآباء الآن:
تدارَك ما بقي، ولا تستسلم للظروف التي حلَّت بك مهما كانت، ولا تهمِل أبناءك؛ فلذة كبدك وقرَّة عينك، اجعل وقتَك لهم، افهمهم، كُن صديقًا لهم، اخرُجْ معهم في رِحلة إلى سباق الدراجات الهوائية أو المشي، اذهب معهم إلى نادي السِّباحة، سافِرْ معهم؛ فالوقت إذا رحل لن يعود، وربما يمضي وأنت تدفع ثمنَ غلطتك في إهمالهم.
"إنَّ أخطاء الحياة لا يَنبغي أن تصحَّح على حِساب الأبرياء الذين لم يرتكبوها"؛ د. خالد المنيف.

استمرَّ في الإصلاح؛ حتى يتذكَّر أبناؤك كفاحَك وصبرَك، أخبِرهم أنَّ الوقت لا يزال باكرًا للإصلاح، علِّمهم كيف يكونون آباء جيدين، ولا تسمح لهم بتَكرار أخطاء سابقة.
اليوم علينا أن نصلِح ونستمر في الإصلاح؛ فكل مشكلة لها حَلٌّ بإذن الله.

ومضة مهمة للآباء الأُمِّيين نقلتُها من الحلقة:
سأل الإعلاميُّ (حضرةَ الناظر) وقال:

أنا أب، وليس عندي شهادة جامعية، كيف أفهم أبنائي؟
وكان رده: الله خلق للإنسان العقلَ، والإنسان مُخيَّر ومُسيَّر، تحت مشيئة الله؛ فلو أردتَ أن تفهم أبناءك تستطيع - بمشيئة الله - أن تفهمهم، والآن في "الواتس آب" عندك وسائل كثيرة...، أضف إلى ذلك المحاضرات المجانية التي تُقام في بعض الفعاليات، ومتابعتك للآباء النَّاشطين أو المختصِّين في التربية في وسائل التواصل الاجتماعيِّ.

وفي الختام: أسأل اللهَ أن يوفِّقنا لما يحبُّ ويرضى، وأن يحفظ أبناءنا وفلذات أكبادنا من كلِّ سوء، وأن يجعلهم ممَّن شملتهم رحمةُ الله وتوفيقُه، ومن نشَؤوا في طاعة الله، وأن يكتب لهم الخيرَ حيثما كان.




الساعة الآن : 04:22 AM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 14.32 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 14.23 كيلو بايت... تم توفير 0.09 كيلو بايت...بمعدل (0.65%)]