ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   فتاوى وأحكام منوعة (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=109)
-   -   مشروعية صلاة السفر والحضر (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=280573)

ابوالوليد المسلم 16-08-2022 07:42 PM

مشروعية صلاة السفر والحضر
 
مشروعية صلاة السفر والحضر
الشيخ طه محمد الساكت

حديث الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ: ((أَنَّ الصَّلَاةَ أَوَّلَ مَا فُرِضَتْ رَكْعَتَيْنِ، فَأُقِرَّتْ صَلَاةُ السَّفَرِ، وَأُتِمَّتْ صَلَاةُ الْحَضَرِ، قَالَ الزُّهْرِيُّ: فَقُلْتُ لِعُرْوَةَ: مَا بَالُ عَائِشَةَ تُتِمُّ فِي السَّفَرِ؟ قَالَ: إِنَّهَا تَأَوَّلَتْ كَمَا تَأَوَّلَ عُثْمَان)).


تعليق يضاف إلى الشرح:
الزهري: هو أبو بكر محمد بن مسلم بن شهاب الزهري، الفقيه الحافظ المَدني، أحد الأئمة الأعلام، وعالم الحجاز والشام... وهو أول من جمع الحديث بأمر عمر بن عبدالعزيز أيام خلافته، توفي في رمضان سنة 123ه.

عروة بن الزبير بن العوام:أحد الفقهاء السبعة، وأبوه ابن عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأمه أسماء بنت أبي بكر الصديق... كان من سادة التابعين، ثقة صالحًا، كثير الحديث، فقيهًا مأمونًا، توفي وهو صائم سنة 94ه.

عائشة الصديقة بنت الصديق رضي الله عنها وعن أبيها: أم المؤمنين شهد لها الصحابة والتابعون بالعلم والفقه والحديث... قال أبو موسى الأشعري: "ما أشكل علينا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أمر قط، فسألنا عنه عائشة إلا وجدنا عندها منه علمًا"، كان عمرها عند وفاة النبي صلى الله عليه وسلم نحو ثمانية عشر عامًا، وعاشت بعده صلوات الله وسلامه قريبًا من خمسين عامًا.

أول: ظرف زمان، وما: مصدرية، والفعل المبني للمفعول[1] بعدها مسبوك بمصدر[2] مضاف إلى الظرف، وخبر (أنَّ) محذوف دلَّ عليه الفعل المذكور، وركعتين منصوب على الحال من نائب الفاعل وهو الضمير العائد إلى الصلاة، وتقدير الكلام: أَنَّ الصلاة أول زمن فرضها فُرِضت ركعتين؛ أي: مُقدَّرة ركعتين؛ تعني عائشة رضى الله عنها أن الله تعالى فرض الصلاة وأوْجَبَها ركعتين اثنتين، وذلك في ليلة الإسراء، وكان الإسراء قبل الهجرة بسنة.

فلما هاجر صلى الله عليه وسلم إلى المدينة أُقِرت صلاة السفر؛ أي: أُبْقِيَت على الفرض الأول ثنائية مقصورة، وأُتِمت في الحضر؛ أي: زِيدت وأُكلمِت فصارت أربعًا، إلا المغرب، فإنها وتر النهار، وإلا الصبح، فإنها تطول فيها القراءة، فهاتان الصلاتان كما هما سفرًا وحضرًا، لا يُقصران.

قال محمد بن شهاب الزهري الراوي عن عروة، قال لعروة: ما بال خالتك عائشة؟ أي: ما شأنها؟ وما السبب في أنها تُتِم الصلاة إذا كانت مسافرة، وهي التي روت هذا الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال عروة مجيبًا عن خالته: إنها تأولت كتأويل عثمان، فـ(ما) في قوله: كما تأول عثمان مصدرية أيضًا.

وقد بَيَّن الشارح رحمه الله معنى تأويلهما، كما بَيَّن حكم القصور والإِتْمَام، ومسافة سفر القصر عند الأئمة.

بَيَّن ذلك وما يتعلق به أَوْفَى بيانٍ وأَتمه.

ومما يُؤخذ من الحديث: أن الدين يسر؛ تحقيقًا لقوله تعالى: ﴿ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ﴾ [الحج: 78].

ومشروعية القصر في السفر تخفيفًا على المسافر ورحمةً به، وأنه من قَبيل الرخصة عند بعض الأئمة، ومن قَبيل العزيمة عند بعضهم، فلا ينبغي لمن تَرَخَّص وقَصَّر الصلاة في سفره، أن يَعيب على من لم يَتَرخَّص وأخذ بالعزيمة فأتَمَّها، فالأمر متسع، والتأويل جائز، كما تأَولت عائشة أم المؤمنين، وكما تأَول الإمام الراشد ثالث الخلفاء الراشدين، رضي الله عنهم أجمعين.

من مراجع هذا الحديث:
القسطلاني شارح البخاري: في أبواب التقصير بعد أبواب سجود القرآن وسنتها، ص 294، ج 2، وقد شرح الحديث شرحًا وافيًا.

[1] الفعل المبني للمعلوم: هو الفعل الذي يُذكر فاعله ويُعرف، سواءً أكان هذا الفاعل ظاهرًا أو ضميرًا بارزًا أو ضميرًا مستترًا.

[2] المصدر المسبوك: هو المصدر المُؤَول من حرف مصدري (ما)، أو مِن موصولٍ حرفي وصلته، والموصولات الحرفية التي تُسبك مع موصولها سبكًا ينشأ عنه المصدر المؤول أو المصدر المسبوك.






الساعة الآن : 09:59 PM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 7.04 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 6.94 كيلو بايت... تم توفير 0.09 كيلو بايت...بمعدل (1.33%)]