ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=81)
-   -   الزكاة: فضائلها وأحكامها وأهلها، واستنكار الهجوم الإرهابي على محطتي الضخ البتروليتين (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=256893)

ابوالوليد المسلم 12-04-2021 11:51 PM

الزكاة: فضائلها وأحكامها وأهلها، واستنكار الهجوم الإرهابي على محطتي الضخ البتروليتين
 
الزكاة: فضائلها وأحكامها وأهلها، واستنكار الهجوم الإرهابي على محطتي الضخ البتروليتين
الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري




إنَّ الحَمْدَ للهِ، نَستَعِينُهُ ونسْتَغْفِرُهُ، ونعُوذُ باللهِ مِنْ شُرُورِ أنفُسِنَا وسيِّئَاتِ أعْمَالِنَا، فَمَنْ يَهْدِهِ اللهُ فلا مُضِلَّ لَهُ، ومَنْ يُضْلِلْ فلا هادِيَ لَهُ، وأشهَدُ أنْ لا إلهَ إلاَّ اللهُ، وأشْهَدُ أنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102] ، ﴿ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1]، ﴿ اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا ﴾ [الأحزاب: 70].

أما بعد: فيا أيها الناسُ اتقوا الله تعالى، وتذكَّرُوا أن الزكاةَ من أفرضِ الفرائضِ وأوجبِ الواجباتِ، ومن أهمِّ أركانِ الإسلام، ولا تَصلُحُ حياةُ المسلمينَ إلا بها، فبالزكاةِ تَسُودُ المحبَّةُ والإخاءُ، وبالزكاةِ تختفي الشحناءُ والبغضاءُ، وعدمُ إخراجها طريق الفسادِ، وهلاكُ العبادِ، وخرابُ البلادِ، وسَخَطُ ربِّ العبادِ، قال صلى الله عليه وسلم: (مَنْ آتاهُ اللهُ مالاً فلمْ يُؤَدِّ زكاتَهُ، مُثِّلَ لهُ مالُهُ شُجاعاً أَقْرَعَ، لهُ زَبيبَتانِ يُطَوَّقُهُ يومَ القيامةِ، يَأخُذُ بِلِهْزِمَتَيْهِ - يَعني بشدْقَيْهِ - يقولُ: أنا مالُكَ أنا كنزُكَ، ثمَّ تلا هذهِ الآيةَ: ﴿ وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ [آل عمران: 180] رواه البخاري.

عبادَ الله: لأداءِ الزكاةِ فضائل كثيرة في الكتاب والسنة، منها: أنك تؤدِّي ركناً من أركانِ الإسلام الخمسة، وأن اللهَ أنزلَ المالَ عليكَ لتؤدِّي الزكاة، وأن المؤتين للزكاة هم المتقون المفلحون، وأنهم مُكفَّرةٌ عنهم سيئاتُهم، وأنهم المهتدون، وأنهم أهل البرِّ والصدقِ والتقوى، وأنهم أهل البَرَكَةِ والْخَلَفِ، وأنهم لا خوفٌ عليهم ولاهم يحزنون، وأنهم يُطهِّرون أنفسهم وأموالهم، وأن الله سيُؤتيهم أجراً عظيماً، وأنهم المرحومون، وأنهم الناجون من عذاب القبر، وأنهم أهلُ التمكينِ في الأرض، وأنهم هُم أهلُ الشهادةِ على الناسِ يومَ القيامةِ، وأنهم هُم أهل الْمُضاعفةِ عندَ اللهِ، وأنهم هُم أهلُ القُرْبِ من الجنةِ، وأنهم من خيرِ أحوالِ الناس عَيْشاً، فالزَّكاةُ أحدُ أركانِ الإِسْلامِ ومبانيِه العِظَام، وهي قرينةُ الصلاةِ في مواضِعَ كثيرةٍ من كتاب الله عزَّ وجلَّ، وقد أجْمعَ المسلمونَ على فرْضِيَّتها إجماعاً قَطْعِيَّاً، فمنْ أنْكَر وُجوبَها مع عِلْمِه بهِ فهو كافرٌ خارجٌ عن الإِسلامِ، ومَن بَخِلَ بها أو انْتَقصَ منها شيئاً فهو من الظالمينَ الْمُتَعرِّضينَ للعُقوبةِ والنَّكالِ.

عبادَ الله: وتجبُ الزكاةُ في أربعةِ أشياء:
الأوَّل: الخارجُ من الأرضِ من الْحُبوبِ والثمارِ إذا بلَغَت نصاباً وهو خمسةُ أوْسُقٍ، وزِنَتُهُ بالبُرِّ الجيِّدِ سِتَّ مِئَةٍ واثنَيْ عَشْرَ كيلو، وفيها العُشْرُ كاملاً فيما سُقِيَ بدون كُلْفَةٍ، ونِصْفُه فيما سُقِيَ بكُلْفةٍ.


والثاني: بهيمةُ الأنعامِ إذا كانتْ سائمةً ترعى الْكَلأ النابتَ بدون بذْرِ آدمِيً كلَّ السَّنَةِ أو أكْثَرَها، وأُعِدَّت لِلدَّر والنَّسْلِ وبلغَت نِصاباً، وأقلُّ النصابِ في الإِبْلِ خَمْسٌ، وفي البقرِ ثلاثون، وفي الغنم أربعون، وإن أعِدَّتْ للتَّكسُّب بالبيعِ والشراءِ والمُنَاقلةِ فيها فهي عُروضُ تجَارةٍ تُزكَّى زكاةَ تجارةٍ سواءٌ كانت سائمةً أوْ مُعلَّفةً إذا بلغت نصابَ التجارةِ بنَفْسِها أو بضَمِّها إلى تجارتِهِ.


والثالثُ: الذهبُ والفضَّةُ، وتجبُ الزكاةُ في الذهبِ والفضَّةِ سواءٌ كانت نُقُوداً أو تِبْراً أو حُلِيَّاً، ولا تجبُ الزكاة في الذهب حتى يَبْلُغَ نصاباً وهو عِشْرون دِيْنَاراً، ولا تجبُ الزكاةُ في الفضةِ حتى تبلغَ نصاباً وهو خَمْسُ أواقٍ، ومقدارُ الزَّكاةِ في الذهبِ والفضةِ ربعُ الْعُشر فقط، وتجبُ الزكاةُ في الأورَاقِ النَّقْدِيَّةِ لأنها بدلٌ عن الفضَّة فتقومُ مقامَها، فإذا بلغتْ نصابَ الفضةِ وجَبَتْ فيها الزَّكاةُ.


والرابعُ مما تجبُ فيه الزكاةُ: عُرُوضُ التجارةِ، وهي كُلُّ ما أعدَّه للتَّكَسُّبِ والتجارةِ من عقارٍ وحيوانٍ وطعامٍ وشرابٍ وسياراتٍ وغيرها من جميع أصْناف المَال، فيُقَوِّمُهِا كلَّ سَنةٍ بما تُسَاوي عند رأسِ الْحوْلِ، ويُخْرجُ رُبْعَ عُشْرِ قِيْمتِها، سواءٌ كانت قيمتُها بقدرِ ثَمَنِها الَّذِي اشتراها به أمْ أقلّ أمْ أكثرَ، ويجبُ على أهل البَقَالات والآلاتِ وقِطَعِ الغياراتِ وغيرِها أن يُحْصُوها إحصاءً دقيقاً شاملاً للصغيرِ والكبيرِ ويُخْرجوا زكاتَها، فإنْ شقَّ عليهم ذلك احْتاطُوا وأخرجوا ما يكون به براءةُ ذِمَمِهمْ.

أيها المسلمون: أدُّوا زكاةَ أموالِكم، وطِيبُوا بها نَفْساً، فإنها غُنْمٌ لا غُرْمٌ ورِبْحٌ لا خَسَارَةٌ، وأحْصوا جميعَ ما يلزمُكُمْ زكاتُه، واسْألُوا اللهَ القبولَ لِما أنْفقتُم، والبركةَ لكم فيما أبْقَيْتُم.

مَنَّ الله علينا ووالدينا وأهلينا بالقيام بشعائرِ الدين، وهدانا لسلوك مسالك أهل الصبرِ واليقين، وأجارنا بكرمه من العذابِ المهين، آمين.

الخطبة الثانية
إنَّ الحمدَ للهِ، نَحمَدُه ونستعينُه، مَن يَهدِه اللهُ فلا مُضِلَّ له، ومَن يُضلل فلا هاديَ له، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأنَّ مُحمَّداً صلى الله عليه وسلم عبدُه ورسولُه.

أمَّا بعدُ: فإنَّ خيرَ الحديثِ كتابُ اللهِ، وخيرُ الهُدَى هُدَى مُحمدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وشرُّ الأُمُورِ مُحدَثاتُها، وكُلُّ بدعةٍ ضلالةٌ.

أيها المسلمون: اتقوا الله تعالى، واعلموا أن الزكاةَ لا تبرأُ بها الذمَّةُ حتى تُصرفَ فيمن فَرَضَ الله تعالى صَرْفَها فيهم، فقال تعالى: ﴿ إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ [التوبة: 60]، فمن صَرَفَها في غير هذه الأصنافِ الثمانيةِ لم تُقبل منه، ولم تبرأ ذِمَّتُه من فريضةِ الزكاة.

فالصنفُ الأولُ والثاني: الفقراءُ والمساكينُ وهم الذين لا يجدون كِفَايتَهُم وكفايةَ عائلتهم، لا مِنْ نُقودٍ حاضِرةٍ ولا منْ رواتبَ ثابتةٍ، ولا مِنْ صناعةٍ قائمةٍ، فيُعْطونَ مِنَ الزكاةِ ما يَكفيْهم وعائِلَتَهُمْ لِمُدة سنةٍ كاملةٍ، ويعْطَى منْ له راتبٌ لا يكفيهِ وعائلَتُهُ من الزكاة ما يُكَمِّلُ كِفَايَتَهُم لأنه ذو حاجةٍ، وأمَّا من كان له كفايةٌ فلا يجوزُ إعطاؤُه من الزكاةِ وإنْ سألَها؛ بل الواجبُ نُصحُه وتْحذِيرُه من سُؤالِ ما لا يَحِلُّ له، قال صلى الله عليه وسلم: (مَنْ سألَ الناسَ أموالَهم تكثُّراً فإنما يَسأَلُ جَمْرَاً فَلْيَسْتقِلَّ أو ليسْتكثْر) رواه مسلم.

الصنفُ الثالثُ: العامِلُون عليها وهم الذينَ يُنصِّبُهُم وُلاَةُ الأمورِ لِجبايةِ الزكاةِ من أهلها وحِفْظِها وتصريفِها، فيُعْطَون منها بقدرِ عملِهِم وإنْ كانوا أغنِياءَ.

الصنفُ الرابعُ: الْمُؤلَّفَةُ قلوبُهُم، وهم ضُعَفاءُ الإِيْمانِ أو مَنْ يُخْشَى شَرُّهُمْ، فيُعْطَونَ مِن الزكاةِ ما يكونُ به تقويةُ إيمانهِم، أوْ دفعُ شرِّهِم إذا لم يَندفِعْ إلاَّ بإعطائِهِمْ.

الصنفُ الخامسُ: الرِّقَابُ وهم الأَرِقَّاءُ الْمُكاتَبُون الَّذِين اشْتَروا أنْفُسَهُم من أسيادِهِم.

الصنفُ السادسُ: الغَارِمُون الَّذِين يَتَحَمَّلُون غَرَامةً لإِصْلاحِ ذاتِ الْبَيْنِ، ومَنِ تَحمَّل حمالةً في ذمتِه لنَفْسِه وليس عنده وفَاءٌ فيُعْطَى من الزكاةِ ما يُوفِي به دينَهُ.

الصنفُ السابعُ: في سبيلِ الله وهو الجهادُ الَّذِي يُقْصَدُ به أنْ تكون كلمةُ الله هي العُلْيا.

الصنفُ الثامنُ: ابنُ السَّبيْلِ وهو المسافُرِ الَّذِي انقطَعَ بهِ السَّفرُ ونَفَدَ مَا في يَدِه، فيُعْطَى مِن الزكاةِ ما يُوصلُهُ إلى بلدهِ وإنْ كان غنيَّاً فيها وَوَجَدَ مَن يُقْرضُه.


فاحتسبوا رحمني الله وإياكم ووالدينا في إخراجها، سواءٌ أخرجتموها بأنفسكم أو عن طريق القَنَواتِ الرَّسميَّة التي هيَّأها وُلاةُ الأُمورِ وفقهم الله.

أيها المسلمون: إنَّ ما تعرَّضت له محطتا الضخ البترولية التابعة لشركة أرامكو بمحافظتي الدوادمي وعفيف يوم الثلاثاء الماضي التاسع من هذا الشهر المعظَّم شهر رمضان المبارك 1440هـ هو من العُدوانِ الأثيم، والإجرام الخبيث، والحمد لله فقد باءَ المجرمون المعتدون بالخيبة والخسار، ولَن يَضُرُّوا إلاَّ أنفسَهُم بحولِ الله وقوته، وهذا العُدوان الخبيث يُنبئُ عن عِظَمِ حِقْدِ مُنفِّذيه ومَن يقفُ ورائهم، ضدَّ بلادنا وحكومتنا وولاة أمورنا وشعبنا، وسيعلم هؤلاء المجرمون أيَّ منقلبٍ ينقلبون، سلَّط الله عليهم من يسومهم سوء العذاب، سلَّط الله عليهم من يسومهم سوء العذاب، سلَّط الله عليهم من يسومهم سوء العذاب، وكفى الله بلادنا شرَّهم وشر كل ذي شر، بمنه وفضله وكرمه، إنه سميع مجيب.




الساعة الآن : 09:48 AM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 15.94 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 15.84 كيلو بايت... تم توفير 0.09 كيلو بايت...بمعدل (0.59%)]