ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=81)
-   -   خطبة قصيرة عن التحذير من الكهان والمنجمين (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=256883)

ابوالوليد المسلم 12-04-2021 10:40 PM

خطبة قصيرة عن التحذير من الكهان والمنجمين
 
خطبة قصيرة عن التحذير من الكهان والمنجمين
خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني



إن الحمدَ لله، نحمدُه، ونستعينُه، ونستغفرُه، ونعوذُ بالله من شرورِ أنفسِنا، ومن سيئاتِ أعمالِنا، من يهدِه اللهُ فلا مضلَّ له، ومن يضللْ فلا هاديَ لهُ، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أن محمدًا عبدُه ورسولُه.


﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102]. ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1]﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا [الأحزاب: 70، 71].


أما بعد: فإن أصـدق الحديث كتاب الله عز وجل، وخيرَ الهدي هديُ محمدٍ صلى الله عليه وسلم، وشرَّ الأمورِ محدثاتُها، وكلَّ محدثةٍ بدعةٌ، وكلَّ بدعةٍ ضلالةٌ، وكلَّ ضلالةٍ في النار.


اعلموا أيها الإخوة المؤمنون أن الله سبحانه وتعالى نهانا أن نقول شيئًا بغير علم، فقد قال الله تعالى: ﴿ وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا [الإسراء: 36]، أي: ولا تقل ما ليس لك به علم، ولا تقل: رأيتُ ولم تر، وسمعتُ ولم تسمع، فإن الله تبارك وتعالى سائلك عن ذلك كله[1].


وعلم الغيب مما اختص الله به نفسه، ولا يطْلِع عليه أحدًا إلا من رضيه من رسله، قال الله تعالى: ﴿ عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا * إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا ﴾ [الجن: 26، 27].


قال ابن الجوزي: ذلك لأن علم الغيب لله وحده فلا يُطْلع على غيبه الذي يعلمه أحدًا من الناس إلا من ارتضى من رسول؛ لأن من الدليل على صدق الرسل إخبارهم بالغيب، والمعنى: أن من ارتضاه للرسالة أطلعه على ما شاء من غيبه، وفي هذا دليل على أن من زعم أن النجوم تدله على الغيب فهو كافر[2].


ومن صدَّق كاهنًا أو عرافًا لا تقبل له صلاة أربعين ليلة، روى الإمام أحمد بسند صحيح عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَالْحَسَنِ رضي الله عنهما، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ أَتَى كَاهِنًا، أَوْ عَرَّافًا، فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ، فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ»[3].


وروى مسلم عَنْ بَعْضِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ أَتَى عَرَّافًا فَسَأَلَهُ عَنْ شَيْءٍ، لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلَاةٌ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً»[4].


وفي التحذير من نسبة المطر إلى النجم أو الكوكب روى البخاري ومسلم عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ رضي الله عنه، قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَامَ الحُدَيْبِيَةِ، فَأَصَابَنَا مَطَرٌ ذَاتَ لَيْلَةٍ، فَصَلَّى لَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الصُّبْحَ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا فَقَالَ: «أَتَدْرُونَ مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ؟»، قُلْنَا: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، فَقَالَ: «قَالَ اللهُ: أَصْبَحَ مِنْ عِبَادِي مُؤْمِنٌ بِي، وَكَافِرٌ بِي، فَأَمَّا مَنْ قَالَ: مُطِرْنَا بِرَحْمَةِ اللهِ، وَبِرِزْقِ اللهِ، وَبِفَضْلِ اللهِ، فَهُوَ مُؤْمِنٌ بِي، كَافِرٌ بِالكَوْكَبِ، وَأَمَّا مَنْ قَالَ: مُطِرْنَا بِنَجْمِ كَذَا، فَهُوَ مُؤْمِنٌ بِالكَوْكَبِ كَافِرٌ بِي»[5].


وكلما زاد العبد في تعلم النجوم ازداد في الإثم، فقد روى أبو داود بسند حسن عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ اقْتَبَسَ[6] عِلْمًا مِنَ النُّجُومِ، اقْتَبَسَ شُعْبَةً[7] مِنَ السِّحْرِ زَادَ مَا زَادَ[8]»[9].


أقول قولي هذا، وأستغفرُ اللهَ لي، ولكم.

الخطبة الثانية
الحمدُ لله وكفى، وصلاةً على عبدِه الذي اصطفى، وآلهِ المستكملين الشُّرفا، وبعد..
اعلموا أيها الإخوة المؤمنون أن الكهان، والمنجمين يخلطون أكثر من مائة كذبة مع الكلمة التي يخطفها لهم الجني، روى البخاري ومسلم عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، قَالَتْ: سَأَلَ أُنَاسٌ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الكُهَّانِ، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «لَيْسُوا بِشَيْءٍ» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، فَإِنَّهُمْ يُحَدِّثُونَ أَحْيَانًا بِالشَّيْءِ يَكُونُ حَقًّا؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «تِلْكَ الكَلِمَةُ مِنَ الحَقِّ، يَخْطَفُهَا الجِنِّيُّ، فَيَقُرُّهَا فِي أُذُنِ وَلِيِّهِ قَرَّ الدَّجَاجَةِ، فَيَخْلِطُونَ فِيهَا أَكْثَرَ مِنْ مِائَةِ كَذْبَةٍ»[10].


واعلموا أن الشياطين هم من يسترقون السمع ويوصلونه إلى الكهان، فقد روى البخاري عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، يَقُولُ: «إِنَّ المَلَائِكَةَ تَنْزِلُ فِي العَنَانِ: وَهُوَ السَّحَابُ، فَتَذْكُرُ الأَمْرَ قُضِيَ فِي السَّمَاءِ، فَتَسْتَرِقُ الشَّيَاطِينُ السَّمْعَ فَتَسْمَعُهُ، فَتُوحِيهِ إِلَى الكُهَّانِ، فَيَكْذِبُونَ مَعَهَا مِائَةَ كَذْبَةٍ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ»[11].


ولنحذر أيضاً من الطيَرة والتشاؤمِ بالطير، فقد روى أبو داود بسند صحيح عَنْ قَبِيصَةَ رضي الله عنه، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «العِيَافَةُ[12]، وَالطِّيَرَةُ[13]، وَالطَّرْقُ[14] مِنَ الجِبْتِ»[15]، والجِبت هو السحر[16].


اللهم ثبِّت قلوبَنا على الإيمان، اللهم لا تُزغْ قلوبَنا بعد إذ هديتنا، اللهم ألِّفْ بين قلوبِنا، اللهم حبب إلينا الإيمان، وزيِّنه في قلوبِنا.


أقول قولي هذا، وأقم الصلاة.


[1] انظر: تفسير الطبري (17/ 446).

[2] انظر: زاد المسير، لابن الجوزي (4/ 350).

[3] صحيح: رواه أحمد (9536)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (5939).

[4] صحيح: رواه مسلم (2230).

[5] متفق عليه:رواه البخاري (4147)، ومسلم (71).

[6]اقتبس: أي تعلم. [انظر: النهاية في غريب الحديث (4/ 4)].

[7]شعبة: أي طائفة، أو قطعة. [انظر: النهاية في غريب الحديث (2/ 472)].

[8] زاد ما زاد: أي كلما زاد من علم النجوم زاد له من الإثم مثل إثم الساحر. [انظر: فيض القدير (6/ 80)].

[9]حسن: رواه أبو داود (3905)، وابن ماجه (3726)، وأحمد (3726)، وصححه أحمد شاكر، وحسنه الألباني.

[10] متفق عليه: رواه البخاري (6213)، ومسلم (2228).

[11] صحيح: رواه البخاري (3210).

[12] العيافة: زجر الطير. [انظر: معالم السنن (4/ 231)].

[13] الطيرة: التفاؤل، والتشاؤم بالطير. [انظر: النهاية في غريب الحديث (3/ 152)].

[14]الطرق: الضرب بالحصى. [انظر: معالم السنن (4/ 231)].

[15] صحيح: رواه أبو داود (3907)، والنسائي في الكبرى (11043)، وصححه الألباني.

[16] انظر: تهذيب اللغة، للأزهري (8/ 154).



الساعة الآن : 08:46 AM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 19.46 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 19.36 كيلو بايت... تم توفير 0.09 كيلو بايت...بمعدل (0.48%)]