ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   رمضانيات (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=23)
-   -   شرح حديث: من اعتكف معي فليعتكف العشر الأواخر (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=258255)

ابوالوليد المسلم 10-05-2021 05:36 PM

شرح حديث: من اعتكف معي فليعتكف العشر الأواخر
 





شرح حديث: من اعتكف معي فليعتكف العشر الأواخر












الشيخ محمد بن إبراهيم السبر




الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد:







متن الحديث:



عن أبي سعيد الخدري صلى الله عليه وسلم: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعتكف في العشر الأوسط من رمضان. فاعتكف عاماً، حتى إذا كانت ليلة إحدى وعشرين - وهي الليلة التي يخرج من صبيحتها من اعتكافه- قال: «من اعتكف معي فليعتكف العشر الأواخر، فقد أريت هذه الليلة، ثم أُنسيتها، وقد رأيتني أسجد في ماء وطين من صبيحتها، فالتمسوها في العشر الأواخر، والتمسوها في كل وتر» فمطرت السماء تلك الليلة، وكان المسجد على عريش، فوكف المسجد، فأبصرت عيناي رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى جبهته أثر الماء والطين من صبح إحدى وعشرين».











الشرح: النبي صلى الله عليه وسلم كان حريصاً على إدراك ليلة القدر، واغتنامها بالعمل الصالح فيها، فكان يتحرى هذه الليلة، وكان صلى الله عليه وسلم يعتكف في رمضان، ويعتكف في المسجد، ويلازم المسجد ليتفرغ لتلك الليلة الشريفة العظيمة، فاعتكف صلى الله عليه وسلم العشر الوسطى من رمضان، وفي رواية البخاري: أنه اعتكف العشر الأول، فأتاه جبرائيل عليه السلام فقال: إن الذي تطلبه أمامك، فاعتكف العشر الوسطى، فأتاه جبرائيل فأخبره، فقام صلى الله عليه وسلم صبيحة عشرين من رمضان، وأرشد الصحابة أن من اعتكف معه في العشر الوسطى، أن يعتكف العشر الأواخر من رمضان، ثم قال صلى الله عليه وسلم: «رأيتني أسجد في ماء وطين من صبيحتها، فالتمسوها في العشر الأواخر، والتمسوها في كل وتر» فحصل ما رأى النبي صلى الله عليه وسلم، فرأى تلك الليلة، ورأى أنه سجد في ماء وطين، فصدَّق الله تبارك وتعالى رؤيا نبيه صلى الله عليه وسلم، فمطرت السماء تلك الليلة، ورؤي صلى الله عليه وسلم وأثر الماء والطين على وجهه الشريف، يعني على جبهته وعلى أنفه صلى الله عليه وسلم.







موضوع الحديث: هو الزمن الذي تُطلب فيه ليلة القدْر وهو موافق لمواضيع الأحاديث الماضية.







وهذا الحديث الشريف الذي رواه أبو سعيد رضي الله عنه فيه عدة فوائد وأحكام:



حرص النبي صلى الله عليه وسلم على إدراك ليلة القدْر، فكان يعتكف العشر الوسطى، وكما في بعض الروايات كان يعتكف الأولى، ثم اعتكف الوسطى، ثم اعتكف العشر الأخيرة من رمضان، طلباً لهذه الليلة الشريفة، فكان يعتكف العشر الوسطى، قبل أن يعلم أن وقتها في العشر الأواخر من رمضان، وهذا يدل على حرصه واجتهاده صلى الله عليه وسلم.







ومن الفوائد: تأكيد إخفاء ليلة القدْر، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتكف من كل رمضان التماساً لها.







ومن الفوائد: أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يعلم الغيب، وكما قال الله تعالى: ﴿ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ ﴾ [الأعراف: 188].







وهذا الحديث: دليل لمن يرون أن ليلة القدْر في ليلة إحدى وعشرين كالإمام الشافعي رحمه الله تعالى وغيره.







ومن الفوائد: أن هذا الحديث يدل على أن ليلة القدْر في العشر الأواخر من رمضان، وأنها في أوتارها آكد، لأنه ذكر ليلة إحدى وعشرين.







ومن الفوائد: أن ليلة القدر تتنقل، لأن أبا سعيد ذكر في هذا الحديث ليلة إحدى وعشرين، وأيضاً عبد الله بن أُنيس الجهني في سنن أبي داود، لما سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن ليلة ينزل فيها إلى المسجد قال: «انزل ليلة ثلاث وعشرين»، وكانت هذه الليلة تسمى: ليلة الجهني، ويروى عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه أن ليلة ثلاث وعشرين أنها ليلة القدر، وجاء عن ابن عباس رضي الله عنه أنه كان ينضح على أهله الماء ليلة ثلاث وعشرين، وأُبي بن كعب رضي الله عنه كما في صحيح مسلم أنه كان يحلف ولا يستثني على أنها في ليلة سبع وعشرين، فقال له زر بن حُبيش: بأي شيء تقول هذا يا أبا المنذر؟ قال: بالعلامة التي أخبرنا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم أنها تطلع -يعني الشمس- لا شعاع لها، فهذه الأخبار تدل على تنقلها، فمرة تقع في إحدى وعشرين، ومرة تقع في خمس وعشرين، ومرة تقع في سبع وعشرين، فهذا يدل على أنها تتنقل، ولكن المسلم يعلم يقيناً أنها في العشر الأواخر، وأنها في الأوتار آكد، وأنها تتنقل تبعاً لمشيئة الله تبارك وتعالى وحِكمته.







ومن الفوائد: أن الرؤيا حق، لا سيما رؤيا الأنبياء عليهم الصلاة والسلام.







ومن الفوائد التي ذكرها أهل العلم: أن النبي صلى الله عليه وسلم يجوز عليه النسيان كما ينسى غيره من البشر، لكن هذا لا يؤثر على الرسالة، وفي أحاديث السهو قال: «إنما أنا بشر مثلكم أنسى كما تنسون، فإذا نسيت فذكروني».







ومن الفوائد: مشروعية الاعتكاف، ولزوم المسجد، والتفرغ لعبادة الله تبارك وتعالى، وفي رمضان خاصة طلباً لهذه الليلة الشريفة، وكونه يعتكف صلى الله عليه وسلم في رمضان من أهم مقاصد اعتكافه: تحري ليلة القدْر ليتفرغ ويتهيأ لها بالعمل الصالح.







وفي هذا الحديث وصف لمسجد النبي صلى الله عليه وسلم، وكونه عريشاً، ومسقوفاً بالجريد الملبد بالطين، وحيطانه بعسبان النخل، وسواريه من جذوع النخل، هكذا كانت عمارة مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، عمارة بسيطة متواضعة، لأنهم عمروها بالطاعة، وعمروها بالعلم، وعمروها بالصلاة، لا بالتشييد والزخرفة والمباهاة، فعمارة المساجد ليست بزخرفتها، ولا تشييدها كما يحصل في هذه الأزمنة، ولا الإسراف في تزويقها وما إلى ذلك، فمسجد النبي صلى الله عليه وسلم كان مثال التواضع، ومثال الجمال والجلال، حتى إن كانت الكلاب لتقبل وتدبر في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومع ذلك كان هذا المسجد العظيم، منطلق العلم، ومنطلق الدعوة، ومنطلق الجهاد، ومنطلق الخير، فهذا من الفوائد المتعلقة بهذا الحديث.







وبالله التوفيق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.












ابوالوليد المسلم 05-06-2021 03:38 PM

رد: شرح حديث: من اعتكف معي فليعتكف العشر الأواخر
 
لا اله الا الله


الساعة الآن : 01:29 AM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 11.12 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 10.99 كيلو بايت... تم توفير 0.14 كيلو بايت...بمعدل (1.22%)]