ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   ملتقى التنمية البشرية وعلم النفس (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=105)
-   -   برنامج التميز (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=273312)

ابوالوليد المسلم 22-01-2022 06:24 PM

برنامج التميز
 
برنامج التميز


د. سليم يعقوب (أبو أميرة)





ما دعاني لكتابة هذا الموضوع هو أني مشترك في دورة على "الواتس اب" في التخطيط التنفيذي لمنسوبي الجهات الخيرية والإغاثية، وودت تقديم مشاركة بهذا الخصوص.
أيضًا ما أراه من كثرة الدورات التدريبية وأسماء كثيرة لمدربين في شتى المجالات، بعضهم تكاد مؤهلاته وخبراته لا تتناسب مع حجم الدورات التي يقيمها.

"برنامج التميز" هو الاسم الذي أُطلق على برنامج ماجستير إدارة الأعمال الذي التحقتُ به في جامعة الملك سعود، وكان في بداياته.
البرنامج كان غزيرًا بمعلوماته الإدارية وفي مجال غير تخصصي بالبكالوريوس، تم اختيار المقبولين بعناية شديدة جدًّا، ووُضعتْ أقسى المقاييس للتعليم ولاجتياز البرنامج، خاصةً أننا كنا على رأس العمل.

كنا نضطر فعلًا للعمل 19 ساعة يوميًّا، الطلبات كثيرة جدًّا (واجبات ومشاريع واختبارات)، النوم ساعتان بالليل وساعتان بالنهار نخطفها خطفًا، التفاصيل مرعبة؛ لن أطيل عليكم، ولكن قد يكفي القول أني بقيت تراودني أحلام أني لم أكمل متطلبات التخرج لمدة عشر سنوات بعد التخرج.
كنت أنظر للمسؤولين عن البرنامج على أنهم قساة جدًّا ولا يراعون الظروف، إلى أن أسرَّ لي أحدهم (د. عبدالرحمن العالي حفظه الله أينما توجه)، قائلًا: "في برنامجنا لن يتخرج إلا متميز قادر على التعامل مع الضغوط الشديدة، يعلم كيف يرتب أولوياته، يشرِّفنا في أي مكان يلتحق به".

تعلمتُ في البرنامج - من خلال التطبيق العملي - عدة أمور هامة، وبغض النظر عن المحتوى العلمي المميَّز:
1- لا مكان للأعذار مهما كانت منطقية ومنمَّقة.
2- الالتزام بالمواعيد بالدقيقة احترامًا للآخرين، وأن التزامي بالوقت أفضل تعريف بنفسي، تعلمتُ أن الوقت ثمين جدًّا؛ وقتي ووقت الآخرين.
3- التعامل بالأهداف وتحقيقها، ولا يهمني ماذا يحدث أثناء ذلك من صعوبات وعقبات.
4- تعلمت ألا أتعامل إلا مع الحقائق والثوابت؛ ما أراه بعيني، لا ما أسمعه نقلًا من الآخرين.
5- تعلمت أنه لا تعارض بين الثقة بشخص وأن تتحاسب معه في أدق التفاصيل.
6- تعلمت معرفة ترتيب الأولويات.
7- إعطاء الوزن الحقيقي للمجاملات والعواطف في مجال العمل؛ القاعدة: في منزلي وعلى المستوى الشخصي "أبشر من عيوني الثنتين"، وفي العمل: "سلومة الأقرع ما يعرفش اخوه".
8- أقصر الطرق بين نقطتين هو الخط المستقيم، تعلمت كيف أضع أهدافًا طموحة برؤية واضحة والتصميم على تحقيقها بإذن الله، وآخر ما أفكر فيه هو العراقيل والصعوبات؛ فأنا موجود لحلها بعون الله.
9- تعلمت كيف أؤدي حقوق الآخرين كما أطالب بحقوقي بالضبط، بل أبدأ بمسؤولياتي.
10- تعلمت العمل بروح الفريق، وتحديد مسؤولياتي بدقة والقيام بها.
11- تعلمت أن أعمل في أي مكان بالمنشأة طالما أنه يخدم الأهداف؛ فلا فرق أبدًا أن أكون المدير العام، المساعد، أو السكرتير؛ فذلك لن يغير من قدري ومساهمتي شيئًا.
12- تعلمت أن أتلذذ بالنجاح وإن لم يسجل باسمي شخصيًّا وبالبنط العريض.
13- تعلمت أن من لم يشعر بالتعب والمعاناة في عمله، فغالبًا لن ينجز شيئًا مهمًّا.
14- تعلمت أن الموضوع الواحد في أوقات كثيرة يحتمل رأيين متضادين تمامًا وكلاهما صحيح بنفس القدر.
15- تعلمت أن أختلف مع الآخرين - وبشدة - فيما يخص مصلحة العمل، وإبقاءها في إطار موضوعي، وعدم السماح مطلقًا بتحويلها لخلاف على المستوى الشخصي.
16- تعلمت أن الاختلاف صحي جدًّا، وهو ما أبحث عنه عند الآخرين.
17- تعلمت أنه في معظم الحالات لا يوجد شيء 100 % بالضبط، وأنه لا بد من وجود ما يمكن فعله في أي موضوع لتحسينه.
18- تعلمت أن الحزم والشدة في كثير من الأوقات هي الحل لتعليم بعض الحالات المستعصية.

التحق معنا بأحد المواد شخصية كبيرة، وهو يتقلد الآن منصبًا كبيرًا في الدولة، كان يأتي للجامعة بسيارة عادية جدًّا "لاند كروزر أقل فئة"، لبسه عادي جدًّا، وعندما أراد توزيع مذكرات علينا، حملها في كرتون بنفسه من المواقف ووزعها علينا، لم أعلم من هو إلا بعد ثالث محاضرة حين أسر إليَّ أحد الزملاء بأنه فلان بن فلان، ولكن الرجل أعجبني بعلمه وعقليته، وهذا ما رسخ ببالي عنه، وليس لون بشته، ونوع ساعته، أو ماركة قلمه.
هذه مجرد أمثلة بسيطة للجانب العملي المطلوب إيصاله للمتدرب وضمان تطبيقه.

للأسف، كثير من الدورات مجرد "دَش" وإلقاء مجموعة من الفوائد العلمية موجودة في الكتب أو على الإنترنت، الفائدة الحقيقية تتحقق من خلال هضم المعلومات والنقاش الثري بين المتدربين والمدرب، وتبادل الخبرات والآراء فيما بينهم.
مثلًا: ماذا سيفعل المدرب مع متدرب تأخر نصف ساعة عن موعد دورة خاصة بالتخطيط للمديرين التنفيذيين؟ خاصةً إذا علمنا أن رسومها 5000 ريال، هل سيحرمه من الشهادة؟

ولا تحاولوا إقناعي أبدًا أن من لا يستطيع ترتيب أولوياته والالتزام بمواعيده الشخصية قادر على أن يرتب أعمال المنشأة/ المنشآت التي يديرها ويشرف عليها أو يرأس مجالس إدارتها.
بعض المديرين تحتاج أسبوعين ليرد على اتصالاتك في موضوع يهم منشأته، وقد لقيت رجلًا يحاول منذ ثلاث سنوات الالتقاء بأحد المديرين في موضوع هام جدًّا وفي تخصص المنشأة، ولكن السكرتير لم يفلح في جدولة الموعد لانشغاله الشديد.


باختصار، إن لم نتمكن من تطبيق ما نتعلمه في دوراتنا، فستذهب هباءً منثورًا.
أنتهز الفرصة لشكر زملائي في البرنامج؛ د. صنهات العتيبي الذي أحببته خلال محاضراته، وازددت حبًّا له من خلال مقالاته الرائعة، والدكتور التونسي عمر بن عياد.





الساعة الآن : 11:36 AM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 10.38 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 10.29 كيلو بايت... تم توفير 0.09 كيلو بايت...بمعدل (0.90%)]