ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=81)
-   -   وبدأ رمضان (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=302287)

ابوالوليد المسلم 11-03-2024 02:47 PM

وبدأ رمضان
 
وبدأ رمضان
حسان أحمد العماري


إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادى له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده، ورسوله وصفيه من خلقه وخليله صل الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ [آل عمران: 102].


﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا [النساء: 1].


﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71].


أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدى هدى محمد رسول الله وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.. أجارني الله وإياكم من البدع والضلالة والنار.


عبـــــاد الله: لقد بلغنا الله شهر رمضان، وقد كنا ندعوه من قبل فنقول: "اللهم بارك لنا في شعبان وبلغنا رمضان"، وها قد بلغنا هذا الشهر الكريم فماذا نحن فاعلون؟ وهل نحن جادون في استثمار هذا الشهر وهذه الأيام المباركة؟ وهل أعددنا أنفسنا لصيام رمضان وقيامه وقراءة القرآن والصدقة والبر وكل عمل صالح فيه؟


لذلك ينبغي أن يكون رمضان هذا العام مختلف عن غيره من الأعوام حتى لا يستمر التفريط والتقصير وينتقل الإنسان إلى الدار الآخرة وليس له من العمل الصالح ما يبلغه رضوان الله وجنته، قد غرته دنياه وإمهال الله له وأعجب بأمواله وأتباعه وصحته وأولاده، واسترسل في ذنوبه ومعاصيه، فتكون خسارة ما بعدها خسارة.. قال تعالى: ﴿ قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأخْسَرِينَ أَعْمَالا * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا * أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا [الكهف: 103-105].


أيها المسلمون: إن رمضان فرصة لتعمير القلوب بالتقوى والعمل الصالح وهو ميدان للتنافس في جميع ميادين البر والخير والعطاء والمحروم من حرم فيه الخير ولم يتزود منه ولم يعمل فيه أعمالاً تقربه من ربه وتسعده في دنياه وآخرته.


لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبشر أصحابه بقدوم رمضان فعن أبى هريرة رضى الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يبشر أصحابه: « قد جاءكم شهر رمضان، شهر مبارك افترض الله عليكم صيامه، يفتح فيه أبواب الجنة، ويغلق فيه أبواب الجحيم، وتغل فيه الشياطين، فيه ليلة خير من ألف شهر، من حرم خيرها فقد حرم »؛ صححه الألباني كما في صحيح النسائي.


وكان السلف: "كانوا يدعون الله ستة أشهر أن يبلغهم رمضان ثم يدعونه ستة أشهر أن يتقبل منهم"، وقال يحي بن أبى كثير: "كان من دعائهم؛ اللهم سلمني إلى رمضان، وسلم لي رمضان، وتسلمه منى متقبلاً"، فإذا أهل هلال رمضان دعوا الله كما علمهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الله أكبر اللهم أهله علينا بالأمن والإيمان والسلامة والإسلام، والتوفيق لما تحب وترضى، ربي وربك الله)؛ رواه الترمذي والدارمي وصححه ابن حبان.


فأقبلوا عليه " وخذوا منه الصحة لأجسامكم، والسمو لأرواحكم، والعظمة لنفوسكم، فهو فرصة لمن أراد النجاح في الدنيا والآخرة وغنيمة لمن أراد جمع الحسنات ليوم تكون فيه الحسرات على ضياع الأعمار والأوقات والسنوات الأوقات، فيا سعادة من أحسن استغلال هذا الشهر ويا تعاسة من أساء استغلاله ولم يخرج منه فائزا منتصرا ظافرا بمغفرة الله.. عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلّم قال: «كل عمل ابن آدم له؛ الحسنة بعشرة أمثالها إلى سبعمائة ضعف، قال الله عز وجل: إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به، إنه ترك شهوته وطعامه وشرابه من أجلي. للصائم فرحتان: فرحة عند فطره، وفرحة عند لقاء ربه. ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك»؛ رواه البخاري ومسلم.


وعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « من صام رمضان إيمانا واحتسابا، غفر له ما تقدم من ذنبه » (أخرجه البخاري ).. وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من قام رمضان إيمانا واحتسابا، غفر له ما تقدم من ذنبه )) (البخاري).


واعلموا أن المسلم إذا صام الشهر وتجنب الكبائر، غفر الله ما بدر منه طيلة العام، روى الإمام مسلم عن أبي هريرة _رضي الله عنه_ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان، مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر ".


عبــاد الله: بدأ رمضان وهو أيام معدودات، وإنه لفرصة لإصلاح نفوسنا وأوضاعنا بما فيه من منح ربانية ونفحات إيمانية فهو ينفث في الأرواح الأمة الواحدة والمصير الواحد والمصلحة الواحدة والدين الواحد والقبلة الواحدة والتعالم والتوجيهات الواحدة، فعودوا لدينكم وقووا اخوتكم وصفوا قلوبكم ووحدوا صفوفكم، وتزودا من هذا الشهر بما يصلح دنياكم وأخراكم:
أطلق الأرواح من أصفادها https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
في بهيج من رياض الأتقياء https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
إنها يا شهر ظمأى فاسقها https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
مشتهاها من ينابيع الصفاء https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
شهوة الأجساد قد ألقت بها https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
في قفار ليس فيها من رواء https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
يا ربيع الروح اقبل وأعطها https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
صولجان الحكم في دنيا الشقاء https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
كي يعيش الناس من آلائها https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
في رفاء وازدهار وارتقاء https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
إنه الصوم الذي أوصى به https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
رحمة بالناس رب الحكماء https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
فيه ترويض لطبع جامح https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
فيه روض فيه للمرض شفاء https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif


اللهم ردنا إلى دينك رداً جميلاً... قلت قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم فاستغفرو



الخطــــبة الثانـية
الحمد لله والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه أجمعين أما بعد:
عبــــــاد الله: مِن نِعَم الله الكبيرة في هذا الشهر أنَّ الله -تعالى- أنزَلَ فيه كتابه المبين؛ رحمةً للعالمين، ونورًا للمستضيئين، وعِبْرة للمُعْتَبِرين، وهُدًى للمتقين، يَهدي للتي هي أقوم، ويُذكِّر بالله العظيم الأكرم، وحُجَّة على المكذِّبين الغابرين، ونِذَارة للعُصاة من المخاطبين، ويدلُّ على الخير ويرغِّب فيه، وينبِّه على الشرِّ ويزجر مَن فيه مَيْلٌ إليه، جعَلَه الله شفاءً لِما في الصدور، وفرقانًا لأهْل الإيمان به عند اشتباه الأمور؛ ﴿ الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ [هود: 1]، ﴿ لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ [فصلت: 42].


مَن تمسَّك به نَجَا، ومَن طلَبَ الهدى فيه اهْتَدَى، ومَن أعرض عنه وقَعَ في الهلاك والرَّدَى، فاتلوه واعتصموا به؛ فإنه يأخُذ بيد مَن تمسَّك به يوم القيامة، فيحاجّ عنه ويخاصم، ويشفع له حتى يُدْخِله الجنة، ويزج مَن أعْرَضَ عنه على قَفاه في النار؛ ﴿ فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ * وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ [الزخرف: 43 - 44].


فأكثروا من تلاوته والتفكر في أحكامه والعمل يتوجيهاته وأوامره، وعمروا به بيوتكم ومساجدكم، واقرأوه من أولادكم وأهليكم، قال تعالى: ﴿ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ [البقرة: 185].


عباد الله: أكثروا من الدعاء في هذا الشهر المبارك ليحفظ البلاد والعباد ويعم رحمته وفضله على جميع المسلمين واسألوه سبحانه وتعالى أن يعينكم على صيام هذا الشهر وقيامه وأن يتقبله منكم جميــعاً... ثم اعلموا أن الله تبارك وتعالى قال قولاً كريماً تنبيهاً لكم وتعليماً وتشريفاً لقدر نبيه وتعظيماً: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [الأحزاب: 56]، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد، وعلى آله وأصحابه وخلفائه الراشدين، الذين قضوا بالحق وبه كانوا يعدلون، أبي بكر وعمر وعثمان وعلى، وارض اللهم عن بقية الصحابة والقرابة وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بمنك وفضلك يا أرحم الراحمين والحمد لله رب العالمين.



الساعة الآن : 06:13 PM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 14.67 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 14.57 كيلو بايت... تم توفير 0.09 كيلو بايت...بمعدل (0.64%)]