ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   رمضانيات (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=23)
-   -   شرح حديث من صام يوما في سبيل الله بعد الله وجهه عن النار سبعين خريفا (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=258321)

ابوالوليد المسلم 12-05-2021 12:56 AM

شرح حديث من صام يوما في سبيل الله بعد الله وجهه عن النار سبعين خريفا
 
شرح حديث:

من صام يومًا في سبيل الله بعَّد الله وجهه عن النار سبعين خريفًا


الشيخ محمد بن إبراهيم السبر

متن الحديث:
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من صام يومًا في سبيل الله بعَّد الله وجهه عن النار سبعين خريفًا».

الشرح: موضوع هذا الحديث: حكم الصوم في سبيل الله؟
والمراد في سبيل الله: هو الجهاد في سبيل الله على قول أكثر أهل العلم، فالمراد به عند الأكثر: هو الجهاد في سبيل الله، والرباط تبع له، ولكن هذا ليس بظاهر، لأن الجهاد مأمور فيه بالإفطار، فالمجاهد مأمور بالإفطار ليتقوى على الجهاد، وعلى نزال الأعداء، ففطره أقوى له على هذا الجهاد.

والله تعالى أعلم أن المراد: «في سبيل الله» أي في طاعة الله، وابتغاء مرضاة الله، لا يصوم لا رياء ولا سمعة ولا لمقاصد أخرى، بل يصوم ابتغاء وجه الله، فإن هذا الصيام الذي يكون ابتغاء وجه تبارك وتعالى، صوم النفل وصوم التطوع من أسباب الخير، ومن أسباب دخول جنات النعيم، وفيه فضل كبير ووفير.

قوله صلى الله عليه وسلم: «بعَّد الله وجهه عن النار سبعين خريفًا» بعَّد: بمعنى باعد، ورواية مسلم: باعد، ومعناهما واحد، أي جعل الله عز وجل وجهه بعيدًا عن النار، وخص الوجه بالذكر لشرفه، ولأن الوجه متى ما بعد، بعد جميع البدن، فمعنى «بعَّد الله وجهه عن النار» مقتضى ذلك المباعدة عن النار، والمعافاة منها، ومقتضى ذلك الأمن من سماع حسيسها، والنجاة من دخولها، نسأل الله أن يعصمنا من النار، وأن يزحزحنا من النار.

ومن مقتضى البعد عن النار: التقريب من الجنة، والدخول فيها، إذ ليس هناك إلا طريق للجنة، وطريق للنار، ﴿ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ ﴾ [الشورى: 7]، ﴿ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ ﴾ [آل عمران: 185].

«سبعين خريفًا» الخريف: هو السنة، والمراد سبعين سنة.

ومن فوائد هذا الحديث: فضل الصيام في حال الجهاد في سبيل الله، إلا أن يُضعفه عن مهمة الجهاد، وهذا على قول أكثر أهل العلم، أما القول الراجح في هذه المسألة أن معناه: الصوم في طاعة الله، والتعبد لله جل وعلا بصيام النفل، وصيام التطوع بلا رياء ولا سمعة، فهو في سبيل الله تبارك وتعالى.

وإذا صام المجاهد في سبيل الله مالم يتعارض صومه مع مصالح أعم وأهم، من قتال الأعداء، وإعداد العدة، فهذا طيب، لكن إذا تعارض صيامه مع الجهاد في سبيل الله، فإنه تُقدم المصلحة العامة على المصلحة الخاصة، وهذا بينه النبي صلى الله عليه وسلم للصحابة يوم الفتح، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: «إنكم قد دنوتم من عدوكم، والفطر أقوى لكم» قال أبو سعيد: فكانت رخصة، فمنا من صام، ومنا من أفطر، قال: ثم نزلنا منزلًا آخر، فقال: «إنكم مصبحو عدوكم، والفطر أقوى لكم، فَأفطِروا» وكانت عَزْمة، فأفطرنا. رواه الإمام مسلم.

ومن الفوائد: فضل صيام الواحد في سبيل الله، وابتغاء ما عند الله أن يُبعِّده الله عز وجل عن النار سبعين خريفًا، نسأل الله من واسع فضله، فالصيام لا مثل له، ولا عِدل له، إذا أخلص العبد وأراد به وجه الله والدار الآخرة، فالصيام من أفضل الأعمال، وجُنة للعبد، ومن أفضل القربات، إذا أراد به وجه الله تبارك وتعالى.

ومن الفوائد: أن الثواب كما يكون في حصول المحبوب، يكون كذلك في النجاة من المكروب، فإن ثواب الصائم في سبيل الله كان جزاؤه النجاة من المكروه وهو نار جهنم، نسأل الله العافية والسلامة، وبالله التوفيق.


الساعة الآن : 01:55 AM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 7.29 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 7.20 كيلو بايت... تم توفير 0.09 كيلو بايت...بمعدل (1.29%)]