ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   ملتقى الأخت المسلمة (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=45)
-   -   الجانب الإنساني للعلاقة الزوجية (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=257940)

ابوالوليد المسلم 04-05-2021 01:38 AM

الجانب الإنساني للعلاقة الزوجية
 
الجانب الإنساني للعلاقة الزوجية
د. هند بنت مصطفى شريفي





وقفات دعوية من الهدي النبوي










في الجانب الإنساني للعلاقة الزوجية











الوقفة الأولى: وسطية الحياة الزوجية واعتدالها:



إن الإسلام دين الوسطية في كل جوانبه، قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ * وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلالاً طَيِّباً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ ﴾ [المائدة: 87-88]، ومنهج الإسلام هو التوازن بين الإيجابيات والسلبيات، والموازنة بين المصالح والمفاسد، ويدل على ذلك من الهدي النبي صلى الله عليه وسلم تعليمه آداب الحياة الزوجية بقوله صلى الله عليه وسلم: "لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقا رضي منها آخر" [1].







ومن اعتدال الإسلام مراعاته للجوانب الفطرية الغريزية؛ إشباعها وعدم كبتها أو إطلاقها دون قيد أو نظام، "فالتدين الصحيح لا يكمن في التنسك والزهد بحسب ما تمليه الأهواء والرغبات، كما لا يكون التدين الصحيح المستقيم في الانقطاع عن المباحات والملذات، وإنما يكون التدين المستقيم الصحيح بالتمسك بما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم، فمن سنته الشريفة المنيفة: الأكل والشرب والنكاح والنوم، كل ذلك من غير إسراف ولا مخيلة، بل في اعتدال"[2]، فتقوى الله ومرضاته لا تتنافى مع إشباع الشهوات المغروسة في الفطرة الإنسانية ما دامت بطريقة مشروعة، فالدين الإسلامي ينهى عن التبتل والانقطاع إلى العبادات وحرمان النفس من النكاح وما يتبعه من الملاذ - كما يصوره أعداء الإسلام - فدين الفطرة يحارب الركون إلى الدنيا ولذائذها وإغفال الآخرة والسعي لها، أما اتخاذ هذه اللذائذ مطية للدار الآخرة فهو المطلوب المأمول، ومن أدلة ذلك إباحة الله تعالى الرفث إلى النساء في ليالي الصيام بل الأمر به في قوله: ﴿ أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ ﴾ [البقرة: 187]، وورود الأمر بتصوير قرآني بديع يصور تلاحم الزوجين في ساعة الأنس، فهما وشائج مترابطة تحت مظلة الزواج الشرعي، ومما يؤكد ذلك شرع الدعاء حال الجماع كما علمنا ذلك النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: " لو أن أحدكم إذا أتى أهله قال: بسم الله، اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا... " [3]، كما أن التأمل في حال النبي صلى الله عليه وسلم وعلاقته مع أزواجه في الصيام يجد أن نهار الصوم وإن كان للتعبد والانقطاع عن المفطرات لكنه يتخلله نوع مداعبة للزوجة [4]، فقد روت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها:" كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل وهو صائم، ويباشر وهو صائم، ولكنه أملككم لإربه"[5].







الوقفة الثانية: التوعية بآداب المعاشرة:



إن توعية الأزواج بآداب المعاشرة من القضايا التي يلتزم الدعاة التذكير بها بالطريقة المناسبة، وخاصة أولئك الذين يعملون في مجال الإرشاد الأسري، حيث يعمل الكثير من الدعاة في مجال الإرشاد الأسري والزواجي، وفي لجان إصلاح ذات البين، وتشمل المشكلات الجنسية بين الزوجين مساحة كبيرة من أسباب المشكلات الزوجية والتفكك الأسري، وهو أمر مهم لأن إهمال هذه المشكلات يصيب الحياة بالتوتر والقلق، وهذا أمر ينعكس بشكل كبير على نفسية الزوجين وقد يؤدي إلى تصدع بنيان الحياة الزوجية.







ومن أسباب ظهور هذه المشكلات وتأزمها في كثير من المجتمعات: الغموض في تناول العلاقة الجنسية بين الزوجين، والجهل والتعتيم الذي يغلف هذه العلاقة نتيجة الخجل الذي ينشأ ويربى عليه الرجل والمرأة، فهما يعلّمان منذ الصغر أن أي حديث عن هذه العلاقة عيب وإثم لا يجوز الحديث فيه حتى مع أقرب الأقربين، وقد يبدأ الزوجان حياتهما في بيت الزوجية وهما يجهلان حقائق هذا الجانب وآدابه وفنونه بل وأحكامه الشرعية، فيصطدمان بشكل عنيف يحفر الآثار المريرة في نفوسهما وذاكرتهما إلى آخر حياتهما الزوجية ما لم يعجل بإنهائها وعلاجها من الأساس[6]، كما تظهر مشكلة سوء التوافق الجنسي نتيجة جهل الزوج بطبيعة الزوجة، وعدم اهتمامه بإشباع حاجتها إلى الحنان والحب، حيث إن الجنس بالنسبة للمرأة لا يكفي وحده للتعبير عما لديها من مشاعر عاطفية كالحب والحنان والعطف[7].







[1] سبق تخريجه.



[2] موسوعة المرأة المسلمة المعاصرة، حقوقها واجباتها حرياتها أخلاقها، حياتها العامة والخاصة، دورها في المجتمع والأسرة، د. عبد الرب نواب الدين آل نواب، ص 569.



[3] صحيح سنن الترمذي، الشيخ محمد ناصر الدين الألباني، ك النكاح ب ما يقول إذا دخل على أهله ح 872.



[4] انظر، موسوعة المرأة المسلمة المعاصرة،حقوقها واجباتها حرياتها أخلاقها، حياتها العامة والخاصة، دورها في المجتمع والأسرة، د. عبد الرب نواب الدين آل نواب، من ص 62-64.



[5] صحيح مسلم، ك الصيام ب بيان أن القبلة في الصوم ليست محرمة على من لم تحرك شهوته ح 1106.



[6] ومما يؤكد شيوع المشكلات الجنسية لدى الأسر السعودية ما جاء في استفتاء جريدة الرياض في (ذي الحجة 1427عـ، والذب وجه إلى عينة من المتزوجين والمتزوجات بلغ عددهم (8765) زوجا وزوجة، وكشف الاستفتاء عن حجم معاناة تلك الأسر، وتبين أن 40% من العينة يواجهون مشكلات في العلاقات الجنسية مع الطرف الآخر) نقلا من (السيف:13) التربية الجنسية والعلاقات الزوجية في الأسر السعودية: د. محمد إبراهيم السيف ص 13، لجنة الإصلاح الأسري عنيزة ط:بدون.




[7] انظر، مشكلات التوافق الزواجي لدى الأسرة السعودية خلال الخمس سنوات الأولى للزواج، نوال عبد الله الحنطي،ص43، رسالة ماجستير غير منشورة بقسم علم النفس بكلية التربية جامعة الملك سعود 1420هـ.




الساعة الآن : 02:15 AM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 12.47 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 12.38 كيلو بايت... تم توفير 0.09 كيلو بايت...بمعدل (0.75%)]