ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   ملتقى القرآن الكريم والتفسير (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=57)
-   -   ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=230171)

ابوالوليد المسلم 21-03-2020 08:19 PM

ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا
 
الدفاع عن النبي صلى الله عليه وسلم في سورة الإسراء (2)


﴿ وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا

د. أحمد خضر حسنين الحسن

قوله تعالى: ﴿ وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذًا لَاتَّخَذُوكَ خَلِيلًا * وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا ﴾ [الإسراء: 73، 74].

تضمنت الآية بحسب ما ورد في أسباب نزولها حصول الإيذاء من المشركين لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك بمنعه من استلام الحجر الأسود إلا إذ ألَمَّ بآلهتهم أي تمسح بها، أو آذوه بقولهم متعنا بآلهتنا سنة حتى نأخذ ما يهدى لها، وحرم وادينا كما حرمت مكة، حتى تعرف العرب فضلنا عليهم.


فجاء الدفاع عن النبي صلى الله عليه وسلم بمنع متابعتهم والتنبيه إلى خبث طويَّتهم وعدم اعترافهم بوحدانية الله تعالى؛ حيث قال سبحانه: ﴿ وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذًا لَاتَّخَذُوكَ خَلِيلًا * وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا ﴾ [الإسراء: 73، 74]، وإليك بعض ما قاله أهل التفسير:
1- قال في التفسير الوسيط:
قوله تعالى: ﴿ وَإِن كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذًا لَّاتَّخَذُوكَ خَلِيلًا ﴾، ﴿ وإِنْ ﴾ في قوله: ﴿ وَإِنْ كادُوا لَيَفْتِنُونَكَ ﴾ مخففة من الثقيلة، واسمها ضمير الشأن، وكاد من أفعال المقاربة، و﴿ لَيَفْتِنُونَكَ ﴾ من الفتنة، وأصلها الاختبار والامتحان والمعنى وإن شأن هؤلاء المشركين أنهم قاربوا في ظنهم الباطل، وزعمهم الكاذب أن يخدعوك ويفتنوك أيها الرسول الكريم عما أوحينا إليك من هذا القرآن، لكي تفتري علينا غيره، وتتقول علينا أقوالًا ما أنزل الله بها من سلطان.

2- وقوله: ﴿ وَإِذًا لَاتَّخَذُوكَ خَلِيلًا ﴾: بيان لحالهم مع الرسول صلى الله عليه وسلم لو أنه أطاعهم فيما اقترحوه عليه.. المعنى: لو أنك أيها الرسول الكريم وافقتهم على مقترحاتهم الفاسدة، لأحبوا ذلك منك، ولصاروا أصدقاءَ لك في مستقبل أيامك.

وقد بيَّن القرآن الكريم في كثير من آياته أن الرسول صلى الله عليه وسلم أعرض عن مقترحاتهم ورفضها، ولم يلتفت إليها، ومن ذلك قوله تعالى: ﴿ وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ * قُلْ لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلَا أَدْرَاكُمْ بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا مِنْ قَبْلِهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ﴾ [يونس: 15، 16].

3- ثم بيَّن سبحانه بعض مظاهر فضله على نبيه صلى الله عليه وسلم فقال: ﴿ وَلَوْلا أَنْ ثَبَّتْناكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا ﴾؛ أي: ولولا تثبيتنا إياك أيها الرسول الكريم على ما أنت عليه من الحق والصدق، بأن عصمناك من كيدهم لقاربت أن تميل ميلًا قليلًا بسبب شدة احتيالهم وخداعهم.

4- قال بعض العلماء: وهذه الآية أوضحت غاية الإيضاح براءة نبينا صلى الله عليه وسلم من مقاربة الركون إلى الكفار، فضلًا عن نفس الركون؛ لأن لَوْلا حرف امتناع لوجود، فمقاربة الركون منعتها لَوْلا الامتناعية لوجود التثبيت من الله تعالى لأكرم خلقه صلى الله عليه وسلم، فاتضح يقينًا انتفاء مقاربة الركون؛ أي: الميل، فضلًا عن الركون نفسه، وهذه الآية تبين ما قبلها، وأنه صلى الله عليه وسلم لم يقارب الركون إليهم مطلقًا؛ لأن قوله: ﴿ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا ﴾؛ أي: قاربت تركن إليهم، هو عين الممنوع بـ (لولا) الامتناعية.

وقد كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: «ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين».








الساعة الآن : 09:46 AM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 8.06 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 7.97 كيلو بايت... تم توفير 0.09 كيلو بايت...بمعدل (1.16%)]