ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   ملتقى النقد اللغوي (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=120)
-   -   أزمة القصة الهادفة! (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=256734)

ابوالوليد المسلم 10-04-2021 05:46 AM

أزمة القصة الهادفة!
 
أزمة القصة الهادفة!


د. محمد عبدالقادر الشواف



تحتلُّ "القصة" مكانةً متميزة بين الفنون الأدبية، وتستحوذ على جمهور عريض، يسعى خلفها، ويتلقَّفها بشغف ورغبة؛ فهي تربط الإنسانَ بماضيه، وتعالج مشكلات حاضرِه، وتصوِّر الواقع الذي يعيشه، بإيجابياته وسلبياته، بأسلوب جذاب ومشوق، يجعله مشدودًا للمتابعة، وطلب المزيد.

هنا يأتي دور الأديب المسلم في توجيه المتلقِّين نحو جادة الصواب، وبثِّ القيم الدينية والتربوية في نفوسهم، بأسلوب يبتعد عن التقرير والمباشرة، ويلتزم بالضوابط الفنية للقصة الناجحة، ولا يخفى ما للقصة من دور كبير في تربية الأجيال وتوجيههم، والإسهام في صقل مواهبهم، وتقويم ألسنتهم، وزيادة ثروتهم اللغوية، وتوسيع أفق التعبير لديهم.

وبسبب حب الناس بصورة عامة لهذا الفن، وتعلُّق كثير من الأطفال والمراهقين في متابعته؛ قامت مؤسسات مشبوهة، وجهات منحرفة فكريًّا بدسِّ ضلالاتها، وتمرير عقائدها المنحرفة، وتوجُّهاتها السلوكية المتفلِّتة، إلى عقول القُرَّاء؛ بل إن بعض الحاقدين على الإسلام استغلوا براعتهم في هذا الفن لتشويه التاريخ الإسلامي، والغمز بعظمائه، وقلب الحقائق الاجتماعية بما يتعارض مع شريعتنا الإسلامية، ويتنكَّر للقيم والمبادئ الأخلاقية لديها، ويسعى لإدخال عقائد وأفكار غريبة عليها.

في ظل الأزمة الحقيقية التي تمرُّ بها القصة، و"القصة القصيرة" تحديدًا، تشتدُّ الحاجة إلى أن يهتم بهذا الفنِّ الأدباءُ المسلمون، الذين تشرَّبوا هدي الكتاب والسُّنة، وانطلقوا في تناولهم للفن القصصي من ثوابت إسلامنا العظيم، واهتدَوا بهدي شريعته الغراء؛ فتزويد الأجيال بثقافة نظيفة، من خلال القصص الهادف - سيكون له دور كبير في تربيتهم التربية المنشودة، وحصر اهتماماتهم في إطار ما يُرضي اللهَ - تعالى - من القول والعمل، مع إمتاعهم، والترويح عن نفوسهم، من خلال أدب نظيف عفيف، لا يجافي القيم، ولا يتنكر لثوابت الأمة.

يجب على المؤسسات الأدبية والثقافية أن تقوم على تشجيع الأدباء الشباب، ورعاية الموهوبين منهم، ودعمهم ماديًّا ومعنويًّا؛ ليواصلوا عطاءهم في هذا المجال، الذي بات يندر فيه وجودُ القصص المتميزة الهادفة؛ لأسباب كثيرة، فما زال غياب التقدير المادي والمعنوي للأدباء يجعل كثيرًا منهم ينصرفون إلى مجالات أخرى، تحقق لهم فائدةً أكبرَ، كما كثرت الوسائل المنافسة لفن القصة، بعد انجذاب الناس إلى متابعة "القصص المصورة" عبر الفضائيات؛ مما يؤثِّر على ثقافة النشء؛ بسبب ما تحويه من مضمون رديء، ولغة مشوَّهة، فلا بد من إبداعٍ قصصيٍّ جاذِبٍ، ينافس الإغراءاتِ الأخرى، التي تكون في أكثر أحوالها هادفةً إلى الربح، بعيدًا عن مراعاة القيم الإسلامية.

ومع كل ما تمرُّ به "القصةُ" من ظروفٍ، فرَضَها تحوُّل العالم إلى قرية، وانصراف بعض شرائح المجتمع عن الاهتمام بها، إلا أنه سيبقى للقصة المقروءة خصوصيتُها، ومحبُّوها، الذين يرَون أنها تمنح الهدوءَ للقارئ، بعيدًا عن ضجيج التلفاز، وتنقله إلى عوالمَ أخرى، محلقة في أجواء الخيال، دون أن يغادر حجرته أو حديقة منزله، أو الشرفة التي يستمتع وهو يقرأ قصته المفضلة فيها.

الساحة الأدبية، تعاني أزمة حقيقية في فن القصة القصيرة، فهل ينهض الأدباء المبدعون، لسد ثغرة مهمة في واقعنا الثقافي المعاصر؟

أملنا بهم - بعد الله - كبير، وننتظر المزيد من العطاء والإبداع، فالمجلات الملتزمة في الأوساط الإعلامية، وكل وسائل النشر المعتبرة - تفتح صفحاتها للأقلام المؤمنة المبدعة، التي تجمع بين الإخلاص والإصابة.



الساعة الآن : 01:43 AM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 6.63 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 6.53 كيلو بايت... تم توفير 0.09 كيلو بايت...بمعدل (1.41%)]