ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   ملتقى النحو وأصوله (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=122)
-   -   العامل في الفكر النحوي (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=280436)

ابوالوليد المسلم 14-08-2022 07:38 PM

العامل في الفكر النحوي
 
العامل في الفكر النحوي
د. خالد حسين أبو عمشة






أصل فكرة العامل:
يعد مصطلح العامل من المصطلحات الأساسية والجوهرية في الفكر النحوي العربي بل عموده الفقري وقانونه العام، ودستوره الشامل، ذلك أن أكثر علل النحاة وقواعدهم مصوغة وفق فكرة العامل، فجل القواعد في الرفع والنصب والخفض جاءت وفق تلك الفكرة، فالفاعل مرفوع، والمفعول به منصوب، واسم المجرور مجرور. لذلك ربط النحويون نظرية العامل بظاهرة الإعراب ربطاً مباشراً، وأقاموا الفكر النحوي في درس العربية على وجود الحركة الإعرابية، فهي في نظرهم لا تعدو أن تكون رصداً للعلاقات المعنوية واللفظية في التركيب، وما ينجم عن هذه العلاقات من ظواهر صوتية على أواخر الكلمات المعربة. (الحلواني: 131)، وهي السبيل إلى الإبانة عن المعاني بالألفاظ، (الخصائص:1/35)، والألفاظ عند الجرجاني مغلقة على معانيها حتى يكون الإعراب هو الذي يفتحها، وإنّ الأغراض كامنة فيها حتى يكون هو المستخرج منها. (دلائل الإعجاز: 28) وقد دفعهم ذلك إلى البحث عن طريقة لتفسير وجود الحركة الإعرابية في كل موضع بكيفية معينة (ضمة، فتحة، كسرة، سكون إلخ) وضبط أسبابه فاهتدوا إلى القول بالعَمَلِ، (ضوابط الفكر النحوي: 2/8) عمل العناصر اللغوية، بعضها في بعض، لا على وجه الحقيقة، بل على وجه العلاقات الثابتة بينها في تلازمها. (نظرية النحو العربي، نهاد الموسى: 39).

إنّ فكرة العامل تعني أن أثراً ما يحدث في كلمة على نحو مطرد في وجود كلمة أخرى، حيث لاحظ النحاة أن بعض مفردات اللغة يرتبط ببعضها ارتباطاً وثيقاً بحيث نتوقع بعضها حين يرد بعضها الآخر، وبحيث لا تكتمل دلالة بعضها إلا بمجيء ما يرتبط به، وقد أطلقوا على هذا التعلق مصطلح العامل، وفهموا العلاقة بين المترابطين في الجملة على أنها علاقة تأثر وتأثير، وأن الكلمة المرتبطة بغيرها تقع تحت تأثيرها وتعد معمولاتها.(أصول التفكير النحوي، لقاسم: 58) وعليه فالعامل في اصطلاح النحاة هو ما أوجب كون آخر الكلمة مرفوعاً أو منصوباً أو مجروراً أو ساكناً، (العوامل المائة: 73) وهو عند الرماني : موجب لتغيير في الكلمة على طريق المعاقبة لاختلاف المعنى، (الحدود للرماني:4) أما الرضي فيرى بأنه ما به يتقوم المعنى المقتضي للإعراب، (شرح الكافية:1/72) أو هو ما أوجب كون آخر الكلمة العربية على وجه مخصوص، والعامل عند الدكتور كمال جبري بأنه ما يدخل على الكلمة العربية فيُحدث تأثيراً في آخر الكلمة: رفعاً أو نصباً أو جرّاً أو جزماً. (كمال جبري:289) وقد أكد الأنباري هذا الفهم بتشبيهات واضحة وضوح الشمس في رابعة النهار حين صرح بأن العوامل في صناعة النحو: ليست مؤثرات حسية كالإحراق للنار والإغراق للماء والقطع للسيف، وإنما هي أمارات ودلالات، والأمارة والدلالة تكون بعدم شيء كما تكون بشيء. (الإنصاف: 1/46) وقد قرر هذا الفهم نفسه ابن جني في كتابه الخصائص حين قال: ألا تراك إذا قلت: ضرب سعيد جعفراً، فإنّ "ضرب" لم تعمل في الحقيقة شيئاً، وهل تحصل من قولك ضرب إلا على اللفظ بالضاد والراء والباء على صورة فعل، فهذا هو الصوت، والصوت مما لا يجوز أن يكون منسوباً إليه الفعل. وإنما قال النحويون عامل لفظي وعامل معنوي لِيُروك أن بعض العمل يأتي مسبباً عن لفظ يصحبه، كمررت بزيدٍ، وليت عمراً قائم، وبعضه يأتي عارياً من مصاحبة لفظ يتعلق به كرفع المبتدأ بالابتداء، ورفع الفعل لوقوعه مع الاسم، هذا ظاهر الأمر، وعليه صفحة القول، فأما في الحقيقة ومحصول الحديث، فالعمل من الرفع والنصب والجر والجزم إنما هو للمتكلم نفسه، لا بشيء غيره، وإنما قالوا لفظي ومعنوي لمّا ظهرت آثار فعل المتكلم بمضامة اللفظ للفظ أو باشتمال المعنى على اللفظ. (الخصائص: 117) ويصف الرضي فكرة العمل والعامل في شرح الكافية بقوله: نسب إحداث هذه العلامات إلى اللفظ الذي بواسطته قامت المعاني بالاسم، فسمي عاملاً، لكونه كالسبب للعلامة، كما أنه السبب للمعنى المعلم، فقيل: العامل في الفاعل هو الفعل؛ لأنه به صار أحد جزئي الكلام. ويخلص محمد الخطيب من قول الرضي إلى حقيقة علمية مفادها بأن العمل مفهوم علائقي بمعنى:
أنه علاقة بين لفظ ولفظ، فالألفاظ عامل بعضها في بعض، فهي عامل ومعمول.
أو علاقة معنى بلفظ، أي أن المعاني والألفاظ يعمل أحدها في الثاني.(ضوابط الفكر النحوي: 9)
وتعود فكرة نشأة العامل إلى نشأة النحو نفسه، وأخذ بها جميع النحاة بلا استثناء، واتفق عليها البصريون والكوفيون على السّواء، وأثر هذه الفكرة واضحة في أقدم مؤلف نحوي في تاريخ اللغة العربية، وأعني بذلك الكتاب لسيبويه بما تتضمنه من آرائه الخاصة وأقوال شيخه الخليل بن أحمد. وبتقدم الزمن تحولت هذه الفكرة إلى نظرية ذات أسس وأركان منطقية، تقوم على مبادئ وأسس أخذت توجه النحو العربي وجهة مخصوصة، وتتحكم في قواعده ومسائله تحكماً متعسفاً أحياناً، حتى غدت محور جدلٍ بين النحاة، ويمكن القول بأن فكرة العامل استوت على سوقها بكتاب الجرجاني "العوامل المائة" وهي خلاصة لكل العوامل التي استخلصها النحاة قبله، وهي بذلك تمثل خلاصة التفسير والتنظير لما سبقه.
ولعل فكرة العامل من أهم أسس الاختلاف بين النحاة وانقسامهم إلى بصريين وكوفيين، فاختلاف وجهات النظر في بعض المسائل النحوية والصرفية بين القبول والرفض والترجيح يعود لاختلاف توجيهها وتعليلها وتأويلها وفق أسس نظرية العامل، فالعامل إذن يؤثر ويوجه ويمنع، يقول السيوطي: العامل مع المعمول كالعلة العقلية مع المعمول. (كمال جبري: 289) وتعددت لدى النحويين المصطلحات التي تعبر عن هذه العلائق كون هذا العلم علماً ناشئاً كأي علم في طور طفولته، فنرى عند النحاة مصطلحات العمل والعامل والمعمول والتعلق والصلة والوصل والموصول والاتصال ووقوع الكلمة على غيرها، وسقوطها عليها، ومصاحبتها إياها، واحتياجها لها. (قاسم: 61)
ويظهر أثر العامل تقريباًَ في كل باب من أبواب النحو العربي وتتعدد المذاهب في جعل العامل مرة لفظياً ومرة معنوياً بوصف من الأوصاف السابقة. وهي تعود كما سبق القول إلى فكرة التعلق والارتباط أي ارتباط الكلم ببعضه، يقول عبد القاهر في مستهل كتابه العظيم دلائل الإعجاز متحدثاً عن معنى النظم بأنه: تعليق الكلم بعضها ببعض، وجعل بعضها بسبب بعض، والكلام ثلاث، اسم وفعل وحرف، وللتعليق فيما بينها طرق معلومة، وهو لا يعدو ثلاثة أقسام، تعلق اسم باسم وتعلق اسم بفعل وتعلق حرف بهما، وعنده أن الاسم يتعلق بالاسم بأن يكون خبراً عنه أو حالاً منه أو تابعاً له، صفة أو تأكيداً أو عطف بيان، أو بدلاً أو عطفاً بحرف، أو بأن يكون الأول مضافاً إلى الثاني، أو بأن يكون الأول يعمل في الثاني عمل الفعل، وأما تعلق الاسم بالفعل فأن يكون فاعلاً له، أو مفعولاً أو أن يكون مصدراً قد انتصب به، كقولك: ضربت زيداً ضرباً ويقال له المفعول المطلق أو مفعولاً به أو ظرفاً مفعولاً فيه، زماناً أو مكاناً، أو مفعولاً معه، أو مفعولاً له، أو بأن يكون منزّلاً من الفعل بمنزلة المفعول، وذلك في خبر كان وأخواتها والحال والتمييز المنتصب عند تمام الكلام، مثل طاب زيدٌ نفساً، ومثله الاسم المنتصب على الاستثناء، وأما تعلق الحرف بهما فعلى ثلاثة أضرب: أحدها أن يتوسط بين الفعل والاسم ويكون ذلك من حروف الجر التي من ِانها أن تعدّي الأفعال إلى ما لا تتعدى إليه بأنفسها من الأسماء، مثل أن تقول: مررت فلا يصل إلى نحو زيد وعمرو، فإذا قلت مررت بزيد وعلى زيد وجدته قد وصل بالباء أو على، وكذلك سبيل الواو الكائنة بمعنى مع بمنزلة حرف الجر في التوسط بين الفعل والاسم وإيصاله إليه، إلا أن الفرق أنها لا تعمل بنفسها شيئاً، ولكنها تعين الفعل عمل النصب وكذلك حكم إلا في الاستثناء، والضرب الثاني من تعلق الحرف بما يتعلق به العطف، وهو أن يدخل الثاني في عمل العامل الأول، كقولنا جاء زيدٌ وعمر، والضرب الثالث تعلق بمجموع الجملة كتعلق حرف النفي والاستفهام والشرط والجزاء بما يدخل عليه، ومختصر كل الأمر أنه لا يكون كلام من جزء واحد، وأنه لا بد من مسند ومسند إليه، كذلك السبيل في كل حرف رأيته يدخل على جملة ك إنّ وأخواتها، ألا ترى أنك إذا قلت: كأن يقتضي مشبهاً ومشبهاً به. (الأسس المنهجية: 65) إن الناظر لكل هذه الوجوه يجد أنها وجوه العمل.
ويرى بعض الباحثين بأن منشأ فكرة العامل النحوي ودخولها النحو وتوغلها فيه تعود، للنظر العقلي الذي كان سائداً إبان تدوين النحو العربي ونشأته وتطوره، وقد رفد هذا الاتجاه بحسب بعض الباحثين النحو السرياني والمنطق الأرسطي مستدلين على ذلك ببعض النصوص التي ربطت بين حركات الإعراب العربية والمنطق اليوناني، وتقارب في المصطلحات. وليس من أهداف هذا التقرير التعرض بالتفصيل لهذا الأمر لكن تكفي الإشارة بأن هناك دراسات كثيرة بحثت في عملية التأثر والتأثير بين النحو العربي عموماً والنحو السرياني والمنطق الأرسطي والفكر الهندي، وتبقى فكرة التأثر والتأثير منطقية أصلاً، وقد تكون قد ألقت بظلالها على عقول الباحثين الذي نقلوها إلى البحث والفكر النحوي في وقت مبكر، وتطورت فيه أي في الفكر النحوي نتيجة جهود ذهنية عقلية مضنية بذلها النحاة في التصور والتوليد والتقعيد(أصول النحو العربي:204).

وقد لخص الدكتور عيد تصور النحاة لفكرة العامل في ثلاثة أمور:
1) العامل عامل مؤثر حقيقة، وإنه سبب وعلة للعمل.
2) العامل أمارة وعلامة فقط.

3) ما أطلق عليه اسم العامل لا عمل له إطلاقاً والعامل الحقيقي هو المتكلم. أما كما بخص تصورهم للعمل، في ثلاثة أمور أخرى، هي:
1) مقتضى العامل هو الأثر اللفظي الذي يوجد في الكلمة.
2) مقتضى العامل هو نفس الاختلاف، وهو معنى عقلي يعرف بالقلب.
3) مقتضى العامل هو توارد المعاني المختلفة على الاسماء. (أصول النحو العربي: 200)


أنواع العوامل:
تجدر الإشارة إلى أن النحاة قسموا العوامل تقسيمات متعددة، اعتماداً على معايير مختلفة، يمكن حصرها في ثلاثة، هي:
1) معيار اللفظ والمعنى.
2) معيار الأصالة والفرعية.
3) معيار القوة والضعف.

ويغلب على كتب النحاة قديماً وحديثاً الميل إلى الأخذ بالمعيار الأول في البحث والدرس النحوي، ألا وهو معيار اللفظ والمعنى الذي يقسم العوامل إلى عوامل لفظية وعوامل معنوية، ويتم من خلالها التعريج على المعايير الأخرى، من حيث معيار الأصالة والفرعية الذي يجعل الأصل في العمل للأفعال ثم الحروف ثم الأسماء، ومعيار القوة والضعف الذي يرى بأن الفعل أقوى العوامل لأنه عامل دائماً والحرف أوسط العوامل لأنه يعمل ويهمل والاسم أضعفها لأنه لا يعمل إلا بالشبه. هذا وقد اعتمد الجرجاني في كتابه العوامل المائة المعيار الأول، وجعل العوامل في النحو العربي مئة عامل، وهي تنقسم إلى قسمين رئيسين: عوامل لفظية وعوامل معنوية، والعوامل اللفظية تنقسم بدورها إلى قسمين: عوامل لفظية سماعية وعوامل لفظية قياسيّة، وإليكم مزيد بيان.

العوامل اللفظية:
وهي العوامل التي تظهر في الكلام نطقاً وكتابة، أو تقدر تقديراً واجباً، أو جائزاً، أو حقيقة أو حكماً، وهو الأصل في العربية، نحو أكلت التفاحة، والدهانَ الدهانَ، وأخاك. و تنقسم العوامل اللفظية -كما سبق القول- إلى عوامل سماعية وقياسيّة.
والعوامل اللفظية السماعية هي ما سمعت عن العرب، ولا يقاس عليها غيرها، وسميت كذلك لأنه لا يصح أن يقال في كل واحد منها هذا يعمل كذا، وهذا يعمل كذا، وليس لك أن تتجاوز، كحروف الجر، والحروف المشبة بالأفعال، كالباء وأخواتها التي تجر الاسم فليس لك أن تتجاوزها وتقيس عليها غيرها. وقد ذكر الجرجاني بأن العوامل اللفظية السماعية واحد وتسعون عاملاً تتمثل في ثلاثة عشر نوعاً:
1) حروف تجر الاسم فقط، وهي سبعة عشر حرفاً: من/إلى/في/اللام/ربّ/ على/عن/الكاف/مذ ومنذ/حتى/واو القسم/تاء القسم/باء القسم/خلا/عدا.
2) الحروف التي تنصب الاسم وترفع الخبر، وهي ستة أحرف: إنّ/أنّ/كأنّ/لكنّ/ليت/لعل.
3) حرفان يرفعان الاسم وينصبان الخبر، وهما: لا/ما المشبهان بـ (ليس).
4) حروف تنصب الاسم المفرد فقط، وهي سبعة: الواو بمعنى مع/إلا للاستثناء/يا في النداء/أي في النداء/هيا في النداء/أيا في النداء/الهمزة في النداء.
5) حروف تنصب الفعل المضارع، وهي أربعة أحرف: أنْ/لن/كي/إذن.
6) حروف تجزم الفعل المضارع، وهي خمسة أحرف: إنْ/لم/لمّا/لام الأمر/لا الناهية.
7) أسماء تجزم الأفعال على معنى "إن" للشرط والجزاء، وهي تسعة أسماء: مَن/أيّ/ما/متى/مهما/أينما/أنّى/حيثما/إذما.
8) أسماء تنصب أسماء نكرة على التمييز، وهي أربعة أسماء: عشرة إذا ركبت مع اثنين إلى تسعة/كم/كأيّن/كذا.
9) كلمات تسمى أسماء أفعال، بعضها يرفع وبعضها ينصب، وهي تسع كلمات: الناصبة منها ست كلمات، هي: رويد/بله/هاء/دونك/عليك/حيّهل، والرافعة منها، ثلاث كلمات، هي: هيهات/شتان/سرعان.
10) الأفعال التي ترفع الاسم وتنصب الخبر، وهي ثلاثة عشر فعلاً: كان/صار/أصبح/أمسى/أضحى/ظل/بات/ما زال/ما برح/ ما فتئ/ما انفكّ/ما دام/ليس.
11) أفعال المقاربة، ترفع اسماً واحداً، وهي أربعة أفعال: عسى/كاد/كرب/أوشك.
12) أفعال المدح والذم، وهي ترفع الاسم المعرف بلام التعريف، وبعده اسم مرفوع يسمى المخصوص بالمدح أو الذم، وهي أربعة أفعال: نِعْمَ/بئسَ/ساء/حبّذا.
13) أفعال الشك واليقين، وتسمى أفعال القلوب، وهي: أفعال اليقين: علم/رأى/وجد. وأفعال الشك: ظنّ/حسب/خال. وزعم بين المجموعتين، وبها تكون السابعة.

أما العوامل اللفظية القياسية، فهي العوامل التي سمعت من العرب، ويقاس عليها غيرها، ومعنى ذلك أنه سمع أمثلة لها مطردة وصلت إلينا بناءً على قاعدة كلية في ذلك النوع من العوامل، وسميت كذلك لأن كل واحد منها يصح أن يقال فيه: كل ما كان كذا فإنه يعمل كذا، وكل ما يصدق على تلك القاعدة يطلق عليه اسم العامل اللفظي القياسي. وهي سبعة:
1) الفعل على الإطلاق.
2) اسم الفاعل.
3) اسم المفعول.
4) الصفة المشبهة.
5) المصدر.
6) الاسم المضاف.
7) الاسم التام.



ابوالوليد المسلم 14-08-2022 07:38 PM

رد: العامل في الفكر النحوي
 
• العوامل المعنوية:
وهي العوامل التي لا تظهر في الكلام وإنما يمكن فهمها وإدراكها عن طريق الفهم والعقل، وهو معنى يعرف بالقلب ليس للفظ فيه حظ. وهي أمران:
1) العامل في المبتدأ والخبر.
2) العامل في الفعل المضارع.

ويقرر الدكتور محمد عبد الفتاح الخطيب بأن فكرة العامل في النحو العربي تقوم على مجموعة من الأصول والضوابط، إذ العلاقة بين العامل والمعمول ليست مطلقة بل مقيدة بقيود ومشروطة بشرائط تحكمها أسس وضابط، انتظمت في تسعة ، هي:
1- العقد والتركيب: ويقصد بها الجمع والتأليف بين العامل والمعمول إنتاجاً لمعاني النحو كعلاقات الإسناد، والتعدية، والتوكيد والظرفية والمعية والحالية إلخ.
2- الاقتضاء أو التعلق أو الاحتياج.
3- الاختصاص أو الاستبداد.
4- الرتبة أو الموقعية: علاقة الكلمة بأخواتها في الجملة.
5- التسلط: وهو بيان قوة تأثير العامل في المعمول.
6- الانقطاع العاملي وهو عكس التسلط.
7- المباشرة والوساطة: أي دخول العامل على المعمول دون وساطة.
8- الأثر الإعرابي.
9- موانع العمل أو الإلغاء.(ضوابط التفكير النحوي: 49 وما بعدها)

يمكن القول بأن النظر في موضوع العامل بدأ بمنطق سليم بهدف ربط الإعراب بقرينة لفظية، لكنه بعيد أبي الأسود ومعاصريه بدأ يتوغل في مآزق التعليل والتأويل بعد طول الاستقراء وجمع نصوص تخرج على الشيوع والاطراد في عصر الخليل وسيبويه، وزاد الأمر سوءاً في بداية القرن الرابع زمن الفارسي والسيرافي والرماني وابن جني، وازدادت حيرة النحاة في تخصيصهم لكل ظاهرة إعرابية بعامل خاص،(الحلواني: 202) فراحوا مع كثرة النصوص وتعدد المرويات بتحليل التراكيب اللغوية وتأويلها صادرين أحياناً عن اللفظ وفي أحايين أخرى عن المعنى، وبذلك دخل العامل النحوي مرحلة الخلاف والاختلاف وظهور مذهب البصرة والكوفة في التحليل والتعليل والتأويل، ويمكن إجمال مشكلات نظرية العامل في:
1) اختلاف النحويين في العوامل: ومن أبرز هذه الأمثلة وضوحاً واختصاراً، عامل رفع الخبر، فهو عند نحاة البصرة مرفوع بالابتداء والمبتدأ، في حين يرفعه الكوفيون بالمبتدأ.
2) سوء التقدير والتأويل: وأبرز أبواب النحو سوء تقدير ما ذكروه في باب الاشتغال والتنازع، وذلك في تقدير عامل لا يحتاج الكلام إليه، بل لا يقبله التركيب ولا يقره، فإذا قلت الكتابَ أقرأه، قالوا: التقدير أقرأ الكتابَ أقرأه.
3) التناقض: وأبرز مثال يمكن أن أسوقه تناقضهم في تأويل عمل "كي" حيث تأتي جارة للاسم تارة وناصبة للفعل تارة أخرى، وهذا كسر واضح لاطرد أصل من أهم أصول نظرية العامل، حيث لا يعمل الحرف إلا فيما اختص به.

الثورة على العامل:
إذن يلفت الانتباه في مسألة العامل وأحكامه هو أن النحويين الكبار الثقات يصدرون في آرائهم النظرية المجردة إلى أساس عقلي يبدو سليماً ولكنهم حين يرتدون إلى التطبيق ينسون تلك الأحكام والتصريحات التي أصدروها ويقعون في كثير من التكلف والتمحل. (الحلواني: 189) مما جعل بعض النحويين يقف من العامل موقف المتردد أو الناقد بل الرافض، ومن المحاولات القديمة التي حاولت نقد نظرية العامل وإبطالها محاولة ابن مضاء القرطبي في كتابة الموسوم بالرد على النحاة، فقد طالب بهدم نظرية العامل وإبطال العلل الثواني والثوالث والتأويلات والتعليلات والقياسات، وقد صدر في رؤيته تلك من مذهبه الظاهري الذي تبع فيه ابن حزم الظاهري في دراسة أصول الفقه الإسلامي وتقعيده، ويحث المذهب الظاهري على وجوب إلغاء التعليل والتأويل والقياس في الأحكام الشرعية جميعها، والأخذ بظاهر النص، قال ابن مضاء في فاتحة كتابه مبيناً غايته ومقاصده من تأليف الكتاب: قصدي في هذا الكتاب أن أحذف ما يستغني النحوي عنه، وأنبه على ما أجمعوا على الخطأ فيه، من ذلك، ادعاؤهم أن النصب والخفض والجزم لا يكون إلا بعامل لفظي، وأن الرفع منها ما يكون بعامل لفظي وبعامل معنوي... وأضاف في موضع آخر من الكتاب: ومما يجب أن يسقط من النحو العلل الثواني والثوالث، وذلك مثل سؤال السائل عن زيد من قولنا قام زيد، لمَ رفع؟ فيقال لأنه فاعل وكل فاعل مرفوع، فيقول ولم رفع الفاعل؟ فالصواب أن يقال له: كذا نطق به العرب، ثبت ذلك بالاستقراء من الكلام المتواتر، ومن ذلك لأن رأي النحاة في نظر ابن مضاء ليس بحجة، يقول: وقد أجمع النحويون على بكرة أبيهم على القول بالعوامل، وإن اختلفوا فبعضهم يقول: العامل في كذا: كذا، وبعضهم يقول: العامل في كذا: ليس كذا، وإنما هو كذا، .. قيل إجماع النحويين ليس بحجة على مَن خالفهم(انظر كمال جبري:290).

ويعد كثير من النحويين المحدثين أن خطوة ابن مضاء القرطبي خطوة جليلة إذ أراد الرجل أن يحرر النحو العربي من كابوس نظرية العامل، ليريح النحاة أولاً وكلَ مَن يدرس النحوَ بعد ذلك من أدرانِ التعقيدات والخلافات التي تطيل المسائل وتشعب القضايا وتعقد الأمور، وتعبث على الضجر في نفس القارئ من جهة، ويبعد الدارس عن إمكان تتبع قواعد هذا العلم وقضاياه من جهة أخرى، ولكن المؤسف في الموضوع أن هذه الصيحة لم تلق آذاناً صاغية واستجابة مناسبة من جمهرة النحاة، ولم يأخذوا بها بل ظلوا سائرين في خلافاتهم وتعقيداتهم.(المفصل: 290) وسار في طريق ابن مضاء القرطبي كثير من المحدثين كإبراهيم أنيس وشوقي ضيف وتمام حسان وغيرهم، ويمكن تسجيل جل اعتراضهم على فكرة العامل في فكرتين، هما:
1- نقد أصل فكرة العامل.
2- نقد منهج النحاة في التعامل مع فكرة العامل.
ولمّا لم يكن من مقاصد هذه الدراسة الوقوف على تفصيلات هذه الجزئية إلا أنني أكتفي بسرد ما يعبر عن وجهة نظر الباحث، وهي خلاصة ما توصل إليه الدكتور محمد الخطيب في سفره العظيم ضوابط الفكر النحوي، إذ يقول: إنّ نظرية العامل هي جوهر النظام النحوي العربي، ومن أكثر المظاهر دقة وطرافة في التفكير النحوي الذي يعكس عبقرية المفكرين النحاة، بل أكاد أزعم أن حذف فكرة العامل من الدرس النحوي سيؤدي إلى انهيار النحو العربي بأكمله!! وليس أدل على ذلك من عجز المحدثين عن استبدال نظام العوامل بجهاز تفسيري أفضل منه على الرغم من شدة انتقادهم له، ونضوج مناهج النظر اللساني الحديث التي لك تكن متوافرة في الماضي، ولا يعني ذلك الادعاء بأنّ نظرية العامل فوق النقد أو خالية من كل عيب متناسقة في أصولها وضوابطها، بل هناك بعض الإشكالات التي تثيرها تلك النظرية لمن يتأمل في الدرس النحوي تحتاج إلى دراسة وحلول منهجية يمكن أن يهتدى إليها بعد يقدّم الفكر النحوي تقديماً متناسقاً متكاملاً.


المصادر والمراجع:
الأفغاني، سعيد (1994).أصول النحو. مصر: المطبوعات الجامعية.
البغدادي، أبو بكر محمد بن سهل(د.ت.). الأصول في النحو، تحقيق: عبد الحسين الفتلي. مؤسسة الرسالة.
الزمخشري، جار الله (د. ت.) المفصّل في صنعة الإعراب. تحقيق ودراسة: د. كمال جبري عبهري، رسالة دكتوراه غير منشورة، جامعة السوربون.
الحديثي، خديجة (2001).المدارس النحوية. بغداد: مكتبة اللغة العربية، الأردن: دار الأمل، الطبعة الثالثة.
حسان، تمام (2000).الأصول: دراسة إبستيمولوجية للفكر اللغوي عند العرب. القاهرة: عالك الكتب.
الحلواني، محمد خير (1983). أصول النحو العربي، الناشر الأطلسي.
الخطيب، محمد عبد الفتاح (2006). ضوابط الفكر النحوي. مصر: دار البصائر، الطبعة الأولى.
السامرائي، إبراهيم (1987).المدارس النحوية أسطورة وواقع. عمّان: دار الفكر.
السامرائي، إبراهيم (1995).النحو العربي في مواجهة العصر. بيروت: دار الجيل، الطبعة الأولى.
الطنطاوي، محمد (1995).نشأة النحو و تاريخ اشهر النحاة. مصر: دار المعارف، الطبعة الثانية.
ضيف، شوقي (1968).المدارس النحوية. مصر: دار المعارف، الطبعة السابعة.
عبد الرحمن، ممدوح (2000).المنظومة النحوية: دراسة تحليلية. مصر: دار المعرفة الجامعية.
عبد الغني، أحمد عبد العظيم (1990). القاعدة النحوية: دراسة نقدية تحليلية. القاهرة: دار الثقافة.
العُتَيِق، عبد الله به سُليمان (د. ت).النحو إلى أصول النحو . د. ت.
عيد، محمد (1989). أصول النحو العربي .. في نظر النحاة ورأي ابن مضاء في ضوء علم اللغة الحديث. القاهرة: عالم الكتب، الطبعة الرابعة.
قاسم، حسام أحمد (2006). الأسس المنهجية للنحو العربي. القاهرة: دار الآفاق العربية، الطبعة الأولى.
مجدوب، عز الدين (1998).المنوال النحوي العربي دراسة لسانية. تونس: محمد علي الحامي، وكلية الآداب سوسة، الطبعة الأولى.
أبو المكارم، علي (2007). أصول التفكير النحوي. مصر: دار غريب.
أبو المكارم، علي (1975). تقويم الفكر النحوي. بيروت: دار الثقافة، الطبعة الأولى.

مكرم، عبد العال (1993).الحلقة المفقودة في تاريخ النحو. بيروت: مؤسسة الرسالة، الطبعة الثانية.
الورد، عبد المجيد (1997).المدارس النحوية بين التصور والتصديق والسؤال الكبير. بغداد: المكتبة العصرية.



الساعة الآن : 04:40 PM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 29.47 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 29.33 كيلو بايت... تم توفير 0.14 كيلو بايت...بمعدل (0.46%)]