ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   ملتقى الشباب المسلم (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=94)
-   -   حفظ وقت الشباب في عطلة المدارس (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=273032)

ابوالوليد المسلم 14-01-2022 05:47 PM

حفظ وقت الشباب في عطلة المدارس
 
حفظ وقت الشباب في عطلة المدارس


للعلامة محمد بن صالح العثيمين-رحمه الله



إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان وسلم تسليماً.

أما بعد: فيا أيها الناس، اتقوا الله تعالى واشكروه على ما خولكم من الأموال والأولاد، واعلموا أن هذه النعمة إما منحة يسعد بها الإنسان في دنياه وآخرته، وإما محنة تكون سبباً لخسارته وشقوته، فإن راعى الإنسان هذه النعمة وقام بما أوجب الله عليه فيها فهي منحة وسعادة وإن ضيع واجب الله فيها وأهملها صارت محنة وشقوة.

أيها الناس، في هذه الأيام يختتم الشباب عامه الدراسي الذي أمضى فيه جهداً كبيراً في النظر والعمل، وسوف يعاني من مشكلة الفراغ التي قال فيها رسول الله [: «نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ» وهاتان النعمتان متوافرتان الآن لشبابنا، فما أدري أيكون شبابنا من الكثير المغبون فيهما أم سيكون من ذوي الحزم والقوة الذين يربحون أوقات صحتهم وفراغهم؟

أيها الناس، إن هذا الفراغ الذي حصل للشباب بعد انقضاء العام الدراسي الذي كانوا فيه مستغلين أوقاتهم وقواهم العقلية والفكرية والجسمية هذا الفراغ الذي حصل لا بد أن تنعكس آثاره على نفوسهم وتفكيرهم وسلوكهم، فإما أن يستغلوه في خير وصلاح فيكون ربحاً وغنيمة للفرد والمجتمع يربح فيه النفس والوقت ويستغل قواه فيما يسعده ويسعد أمته، وإما أن يستغلوه في شر وفساد فيكون خسارة وغبناً للفرد والمجتمع يخسر فيه نفسه ووقته ويستغل قواه فيما يشقى به وتشقى به الأمة، وإما أن يمضوا أوقاتهم ويضيعوها سدى لا يعملون ولا يفيدون، يتجولون في الأسواق والمجالس بأذهان خاوية وأفكار ميتة ينتظرون طلوع الشمس وغروبها ووجبات غذائهم؛ فتتجمد أفكارهم وتتبلد أذهانهم ويصيرون عالة على المجتمع.

إن الشباب بعد الجهد الجهيد الذي أمضاه في عامه الدراسي إذا جاءت العطلة فسيجد الفجوة الواسعة بين حالته اليوم وحالته بالأمس، وسيحس بالفراغ النفسي والفكري، سيقول: ماذا أعمل بماذا أمضي هذه العطلة؟ ولكن الشباب المتطلع إلى المجد والعلا يستطيع أن يستغل هذه العطلة؟ بما يعود عليه وعلى أمته بالخير.

يمكن أن يستغل وقت العطلة بمذاكرة العلم ودراسته سواء في دورسه الرسمية الماضية أو المستقبلة أو في دروس أخرى يتثقف بها ثقافة عامة، فيقرأ في كتب التفسير القيمة السالمة من الزيغ في تحريف معاني القرآن ويقرأ في كتب الحديث الصحيحة مثل صحيحي البخاري ومسلم، ويقرأ في كتب التاريخ المعتمدة البعيدة عن الأهواء ولا سيما تاريخ صدر الإسلام كسيرة النبي [ وخلفائه الراشدين؛ لأنها سيرة وسلوك تزيد القارئ بأحوال النبي [ وخلفائه محبة لهم وفقهاً في الدين وأسرار أحكامه وتشريعاته. وليحذر الشباب من النظر أو القراءة فيما يخشى منه على عقيدته وأخلاقه وسلوكه، سواء كانت كتباً مؤلفة أو صحفاً يومية أو مجلات أسبوعية؛ فإن كثيراً من الناس ينظر في مثل هذا أو يقرؤه يظن أنه واثق من نفسه ثم لا يزال الشر يتجارى به فلا يستطيع الخلاص منه.

وإن الشباب إذا لم يمكنه استغلال العطلة بالقراءة والنظر فإنه يمكنه أن يستغلها بالعمل البدني، فيكون مع أبيه في دكانه أو فلاحته أو مصنعه أو أية مهنة مباحة يمارسها، أو يشتغل في عمل حكومي أو شعبي ليكسب من ذلك ويفيد غيره ويسلم من خمول الذهن وتبلبل الفكر واضطراب المنهج والسلوك؛ فإن ذلك ينتج عواقب وخيمة على الفرد والمجتمع.

إن الشباب إذا لم يمكنه استغلال العطلة بالقراءة والنظر ولا بالعمل البدني فإنه يمكنه أن يقضي وقتاً في رحلة يكسب بها استطلاعاً على البلاد وتعرفاً على إخوانه ودعوة إلى دين الله؛ بشرط أن يحافظ على دينه وخلقه فيصلي الصلاة بوقتها على الوجه المطلوب، ويتجنب كل رذيلة وخلق سافل ويستصحب القرناء الصالحين الذين يذكرونه إذا نسي ويقوّمونه إذا اعوج.

أيها الناس، إننا نتحدث عن الشباب لأنهم الجيل المستقبل ورجال الغد وأمانة في أعناق من فوقهم وفي أعناق أوليائهم بالذات، ولقد كان للمدرسة أثناء الدراسة دور كبير في حفظهم ورعايتهم، أما الآن فقد أصبح العبء الثقيل والمسؤولية على أولياء أمورهم من الآباء والأمهات والإخوة والأعمام فعلى هؤلاء مراعاة أولادهم وحمايتهم من ضياع الوقت وإنحراف العمل والسلوك، عليهم أن يتفقدوهم كل وقت وأن يمنعوهم من معاشرة ومصاحبة من يخشى عليهم منه الشر والفساد؛ فإنهم عنهم مسؤولون وعلى إهمال رعايتهم معاقبون.


أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، قال الله تعالى: {يأيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون واعلموا أنما أموالكم وأولادكم فتنة وأن الله عنده أجر عظيم}.

أعانني الله وإياكم على أداء الأمانة وحسن التوجيه والرعاية، ووهب لنا منه رحمة، وجعلنا هداة مهتدين.









الساعة الآن : 05:02 PM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 8.19 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 8.09 كيلو بايت... تم توفير 0.09 كيلو بايت...بمعدل (1.15%)]