ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   ملتقى التنمية البشرية وعلم النفس (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=105)
-   -   دافعية التعلم وصلة المتعلم بالمعارف المدرسية: مدخل نظري ودراسة ميدانية (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=266591)

ابوالوليد المسلم 14-10-2021 05:26 AM

دافعية التعلم وصلة المتعلم بالمعارف المدرسية: مدخل نظري ودراسة ميدانية
 
دافعية التعلم وصلة المتعلم بالمعارف المدرسية: مدخل نظري ودراسة ميدانية
د. جمال قريرة





دافعية التعلم وصلة المتعلم بالمعارف المدرسية




مدخل نظري ودراسة ميدانية




(التعليم الإعدادي مثالًا)














ملخص البحث:




لقد عمِلت التوجهات التربوية - ما بعد الحداثة - على دراسة ظاهرة الفشل المدرسي من مدخل المتعلم الفاعل والمتفاعل مع محيطه البشري والمادي في بُعْديها الضمني والبيني؛ وذلك للبحث في تأثر أدائه المدرسي انطلاقًا من صلاته بالمواضيع المعرفية المدرسية، التي هي عبارة عن معاني المتعلم وأحكامه واتجاهاته التي أسسها طيلة تاريخه الدراسي، ولعل هذا الجمع في تقديرنا يخفي التنوع والتعدد في نوعية صلة المتعلم الموجهة المتأثرة بدورها بعدة عوامل فردية، وكذلك جماعية، الملاحظة منها ودونها،ولقد حاولنا في هذا البحث الميداني دراسة العلاقة بين إستراتيجيات التعلم العاطفية في متغير الدافعية الذاتية للتعلم ونوعية صلة المتعلم بالمعارف المدرسية، محاولة منا للملائمة بين المقاربة الميكروسوسيولوجية أو سوسيولوجية الفرد من جهة أولى، والمدرسة البسيكو - معرفية الوجدانية من جهة ثانية، لطرح إشكالية هل ثمة علاقة بين دافعية التعلم ونوعية صلات المتعلم بالمعارف المدرسية؟ وللإجابة عن ذلك اعتمدنا في هذا الأمر على عيِّنة بحثية متشابهة إلى حد كبير من حيث نتائجها المدرسية وانتماؤها إلى نفس السياق المدرسي (التطبيقات البيداغوجية/ الفصل/ الزمن/ الأتراب..) أجرينا لأفرادها مقابلات نصف موجهة، لندرج لاحقًا تعابيرهم اللفظية ضمن سلم للاتجاهات (الموجبة/ السالبة/ المضطربة)، ولقد بينت الدراسة الإحصائية أن هناك ارتباطًا خطيًّا موجبًا غير تام بين مستوى دافعية التعلم وصلة المتعلم الموجبة بالمعرفة المدرسية،الأمر الذي استنتجنا منه أنه كلما كانت درجة دافعية التعلم عالية لدى المتعلم، رافَق ذلك صلة موجبة بالمعرفة المدرسية لديه.









الفصل الأول: الإطار العام للبحث وطرح الإشكالية:




المقدمة:




لقد مثَّلت الصلة بالمعرفة أهم تساؤلات البحث الحديثة في إطار علوم التربية على اختلاف مقارباتها، وتنوع اتجاهاتها؛ وذلك أنها حاولت تفسير النجاح أو الفشل المدرسيين للمتعلم انطلاقًا مما يرصده من معانٍ وأحكام وقِيَم واتجاهات ذهنية ووجدانية لعلاقته بالمواضيع المعرفية المدرسية، ولقد مكَّن ذلك من تجاوز حدود التوجه السوسيولوجي التربوي التقليد "بورديو وباسرون" (1970)، الذي يؤكد أن هناك ارتباطًا إحصائيًّا قويًّا بين النتائج المدرسية للتلميذ وأصله الاجتماعي، ليبرز التأثير المفرط للأصل الاجتماعي والثقافي والاقتصادي للعائلة في توجيه النتائج المدرسية لأطفالها عن طريق محافظة كل طبقة اجتماعية على موروثها الاجتماعي - الثقافي بحركة وقائية - تمريرية.









في حين أن الواقع التربوي مع "برنارد شارلو" (1997) يؤكد نجاح المتعلم المنحدر من الطبقات غير المحظوظة في حين يفشل غيره المنتمي إلى أصول اجتماعية ثرية،ولعل ذلك ما حاولنا تأكيده في دراستنا السابقة (قريرة 2006)، وما سنعمل على البحث فيه داخل مقال الحال؛ إذ إن صورة التلميذ - التابع لم تعُدْ تروق لتصور المتعلم - الفاعل والمتفاعل ضمنيًّا وبَيْنيًّا، ليؤسس رغبته ودافعيته نحو موضوع معرفي مدرسي معين، أو نفوره وعدم رغبته في غيره, حقيقة كثيرًا ما لاحظنها عند كثير من متعلمينا، وداخل فصولنا، ولا ننكر أنها حدثت معنا وما زالت تظهر كلما لاقينا معرفة ما؛لذلك فضلنا تناول دافعية التعلم بالاعتماد على مدخل الفرد - المتعلم انطلاقًا من المعنى والقِيَم التي يرصدها لموضوع معرفي مدرسي باعتمادنا المقاربة الميكروسوسيولوجية للصلة بالمعرفة.









الإشكالية وأسئلة الدراسة:




إن اهتمامنا البحثي بأهمية دافعية التعلم النابعة من ذات الفرد - المتعلم وتوجيهها لنوعية صلاته بالمعارف المدرسية دفعنا إلى طرح إشكالية دراستنا: هل هناك علاقة بين كل من دافعية التعلم وصلات المتعلم بالمعارف المدرسية؟ طارحين بذلك مجموعة من التساؤلات، مِن بينها: لماذا تختلف نوعية صلة المتعلم من معرفة مدرسية إلى أخرى؟ وكيف يمكن أن نفسر قبول المتعلم وجديته وتفانيه في موضوع معرفي معين وغياب كل ذلك في غيره؟ ولماذا يرغب الفرد المتعلم في موضوع معرفي معين دون آخر؟









أهمية الدراسة:




سنحاول تحديد أهمية الدراسة بالعودة إلى الاعتبارات التالية:




أولًا: الكشف عن العلاقة التفاعلية العاطفية بين المتعلم والموضوع المعرفي المدرسي من أجل تحقيق التعلم الفعال، وهو توجه يريد تأسيس مفهوم المتعلم - الفاعل في مؤسساتنا التربوية والإقرار بالتفاعل التكاملي بين الفرد ومحيطه المعرفي.









ثانيًا: إعداد مقاييس مقننة لقَيْس العلاقة بين أنواع صلات المتعلم بالمعارف المدرسية، تسمح بتحقيق أدوات بحثية ذات طبيعة كيفية، كالمقابلات نصف الموجهة لتحديد قيم وتصورات المتعلم فيما يخص رغبته في التعلم من عدمها داخل المؤسسة المدرسية.









ثالثًا: إن دراسة مواجهة التغيرات الاقتصادية والاجتماعية، وكذلك الثقافية العالمية، لا تطلب حيادَ المدرسة وانفعالية المتعلم فحسب، ولكن تدريب الطفل على الإبداع والتفوق، وما تستوجبه مِن توجيه وتدعيم دافعيته الإيجابية نحو التعلم للحد مِن مظاهر العزوف والانقطاع الدراسي.









أهداف البحث:




إن في اختيارنا البحث عن أسباب تكييف صلات المتعلم بالمعارف المدرسية من مدخل دافعية التعلم في مقاربتها البسيكو - سوسيولوجية أن نعمل على إرساء مجموعة من الأهداف نحاول تقديمها كالتالي:




أولًا: تدعيم مفهوم المتعلم - الفاعل، ذلك النظام المنفتح والمتفاعل ضمنيًّا وبين الشخصي والاجتماعي، وبالتالي اهتمامنا بفاعلية المتعلم في توجيه نتائجه المدرسية.









ثانيًا: ضرورة الاهتمام بدافعية التعلم عند المتعلم الناجم عن تجاربه المعرفية داخل المدرسة أو خارجها.









ثالثًا: قابلية كل متعلم لتحسين نتائجه المدرسية كلما توفرت شروط التعديل الذاتي وإستراتيجيات التعلم العاطفية.









حدود البحث:




لقد عرفت دراستنا للعلاقة بين كل من دافعية التعلم وصلة المتعلم بالمعرفة المدرسية حدودًا منهجية؛ ذلك أننا نعتبر هذه الدراسة تناولاً جزئيًّا يعكس إرادتنا البحثية في اعتمادنا المتغير الوجداني (دافعية التعلم) في تفسير التكييف لصلات المتعلم بالمعارف المدرسية دون غيره، الأمر الذي لا ننفي معه إمكانية تدخل متغيرات أخرى ذات الصبغة الفردية، وكذلك الجماعية، داخل الفضاء المدرسي أو خارجه، لنؤكد بذلك نسبية بحثنا وتعلق نتائجه بعينته.









الفصل الثاني: فرضية البحث ومتغيراتها:




1- فرضية البحث:




تدرس فرضية البحث الرئيسية العلاقة بين دافعية التعلم ونوعية الصلة بالمعرفة المدرسية بطرحها: هل توجه الدافعية الذاتية للمتعلم نوعية صلاته بالمعرفة المدرسية؟ إلا أن ما نلاحظه بأن نوعية صلة المتعلم تختلف من فرد إلى آخر، ولقد فضلنا تصنيفها في بحثنا إلى ضربين:




أولهما: الصلة الموجبة، وهي عبارة عن رغبة التلميذ في معرفة مدرسية معينة.




وثانيا: الصلة السالبة، وتمثل رفض التلميذ لمادة معرفية مدرسية وعدم رغبته فيها.









وبناءً على ما تقدم، رتبنا فرضيتين فرعيتين أعدتا للتأكد من صحة الفرضية الرئيسية الأولى، ولقد أوردناها على النحو التالي:




الفرضية الفرعية الأولى: ترتبط صلة المتعلم الموجبة بالمعرفة المدرسية بوجود رغبة التعلم لديه.




الفرضية الفرعية الثانية: ثمة ارتباط بين الراغبة في التعلم وصلة المتعلم السالبة بالمعرفة المدرسية.









2- متغيرات البحث:




ولقد فضلنا تقسيم هذا المبحث إلى أربع نقاط قد تماهت مع أصناف المتغيرات المعتمدة في الدراسة.









1- المتغير المستقل:




لقد أكد الأدب البحثي التربوي المتناول للجوانب الوجدانية للتعلم أهمية المتغيرات العاطفية (مانجو 2003، رولاند 2003) في توجيه أداء المتعلم المدرسي؛ لذلك اعتبرنا معه أن دافعية المتعلم في التعلم متغيرًا مستقلًّا في تكييف الصلات بالمعارف المدرسية، بجعلها موجبة أو سلبية،ولقد اعتمدنا حالتين لدافعية التعلم: مثلت الرغبة في التعلم الحالة الأولى، في حين مثل الرفض وغياب الرغبة الحالة الثانية.









ب - المتغير التابع:




مثلت الصلات بالمعارف في مقالنا متغيرًا تابعًا، وهي عبارة عن مجموع القيم والاتجاهات والتصورات التي صار يحملها المتعلم حول موضوع معرفي مدرسي معين، كما أكد ذلك "برنارد شارلو" (2000)، نتيجة لدرجة وصنف دافعيته للتعلم،ولقد فضلنا من جهتنا اعتماد حالتين لنوعية صلة المتعلم بالمعرفة المدرسية، كانتا على النحو الآتي:




أولًا: المعنى الإيجابي، وهو عبارة عن القيم والمعاني والأحكام التي يرصدها التلميذ لموضوع معرفي مدرسي معين، تترجم رغبته وميله نحو معرفة معينة.









ثانيًا: المعنى السلبي، وهو ذاك الاتجاه الرافض، الذي يسلكه التلميذ فيما يخص المعرفة المدرسية، التي تعكس رفضه وعزوفه.









ج - المتغيرات المحايدة في البحث:




لقد اخترنا في هذا البحث اتخاذ عينة متشابهة قدر الإمكان من حيث ما عبرنا عنه بالعوامل الخارجية (المحيط الاجتماعي/ الاقتصادي/ التطبيقات البيداغوجية) عن المتعلم أو الذاتية (العمر/ النوع/ التاريخ المدرسي/ متوسط العلامات المدرسية).









د - المتغيرات الدخيلة:




لقد مثَّلت المتغيرات الدخيلة في البحث عبارة عن العوامل التي يمكن أن تؤثر في توجيه نتائجه المدرسية بالإضافة إلى دافعية التعلم، إلا أننا نشير إلى عدم اعتمادنا لها، من ذلك مثلًا إستراتيجياتهم التعلمية المعرفية وما وراء المعرفية وطرق التقييم المتوخاة داخل النظام التربوي التونسي، ولعل ذلك ما يؤكد أن دراسة الصلة بالمعرفة هي عبارة عن مجموع الأسباب المتداخلة (الاجتماعية/ الاقتصادية/ الثقافية/ البيداغوجية/ السيكولوجية)، التي لا يمكن إدراكها إلا بتجزئتها للوقوف عن مدى تدخل سبب دون آخر في إحداث صلة موجبة بالمعرفة المدرسية عند المتعلم دون غيره.









الفصل الثالث: تحليل المفاهيم الرئيسة:




نلاحظ بالرجوع إلى موضوع دراستنا حول العلاقة بين صلة المتعلم بالمعرفة المدرسية ونتائجه المدرسية أننا سنتناول بالتحليل مفهومين رئيسيين، وهما: أولًا دافعية التعلم، وثانيًا الصلة بالمعرفة.









1- مفهوم دافعية التعلم:




لقد دأبت المعاجم التربوية على تعريف الدافعية على أنها عملية التحفيز والتشجيع، كما هو الشأن بالنسبة إلى معجم علوم التربية: مصطلحات البيداغوجيا والديداكتيك (الجزء الأول)، الذي قدم عدة تعريفات للمصطلح الفرنسي "Motivation"، من بينها نذكر:




أولًا: "قوة تدفع الفرد نحو هدف معين، وتحدد تصرفاته" (Badin,P. 1977).









ثانيًا: "للحوافز مكونان أساسيان: مكون دينامي يكمن في إثارة النشاط، والمحافظة على استمرارايته، ومكون توجيهي أو موجب، يتمثل في كون النشاط المثار يتجه نحو أهداف معينة" (Benlafkih,L. 1990).









ولقد اتفق التعريفان في تحفيز الفرد من الخارج، بهدف إثارته لبلوغ استجابات تحددها بيداغوجيا الأهداف، وهو تصور يعكس قناعة ترتبط بالسلوكات الملاحظة والقابلة للقياس وكذلك التحليل الكمي دون الاهتمام بالمكامن الذاتية للمتعلم، وتقدير أهمية إرادته واختياراته، وهنا نعني المدرسة السلوكية، فما يهمنا في موضوع دراستنا الدافعية في المطلق ولا حتى دافعية التعلم من مدخل السلوكية بتحقيق ارتباط بين التعزيز والسلوك المرغوب بلوغه، وإنما نحن نتناول دافعية التعلم لتحقيق رضاء المتعلم عن طريق الفهم والتفوق بتنفيذه لإستراتيجيات تعلم انفعالية، وفي هذا الصدد يشير Perraudeau.M 2006 في مؤلفه: Les stratégies d’apprentissage إلى أهمية السلوك الإستراتيجي العاطفي في توجيه مسار التعلم، ونجد ذلك في قوله: "تلعب العواطف دورًا هامًّا في تحقيق التعلم" (ص: 59)،ولقد سايره في ذلك محمد محمود الحيلة (2002)، في مؤلفه: "طرائق التدريس وإستراتيجياته" بتأكيده على أهمية المكون العاطفي للمتعلم في توجيه نتائجه المدرسية عند إشارته: "وهو الشعور العام لدى الفرد نحو الشيء أو الشخص، ويؤثر في تقبل الشيء أو الشخص أو رفضه، وليس من الضروري أن يكون هذا المكون العاطفي منطقيًّا(ص:367)،ولاحظت Lofficier.Ariette (2004) في مؤلفها: Stratégies Gagnantes فيما يخص سؤال الدافعية خصوصًا، والمتغيرات العاطفية عمومًا أن بعض المتعلمين يعيشون فشلًا مدرسيًّا، لا لأنهم يفقدون الذكاء، ولكن لأنهم يعانون من غياب الدافعية للتعلم، وكما تشير في نفس المؤلف إلى إستراتيجية الدافعية بقولها: "إن الدافعية هي عبارة عما يسمح للشبان بإتمام مجهوداتهم الضرورية، وما يمكنهم كذلك من تنفيذ إستراتيجيات شخصية للحصول على عمل مرضي وذي جودة" (ص:67)،ولقد أشارت كل من Alber.Boulet،Larraine.SavoieZajc& Jacques.Chevrier1996 في مؤلفهم Les stratégies d’apprentissage à l’université في نفس هذا السياق: "تعتبر إستراتيجيات عاطفية كل ما يقوم به المتعلم لمراقبة أحاسيسه أو عواطفه، وتستعمل الإستراتيجيات العاطفية من طرف المتعلم كوسائل لتسهيل تعلمه" (ص:25)،وبالتالي يمكن اعتبار دافعية التعلم على أنها كل ما ينفذه المتعلم من أنشطة لفظية أو غير لفظية أثناء تعلمه، ويكون لها تأثير على توجيه نوعية صلته بمعرفية مدرسية معينة بجعلها موجبة أو سلبية.









2- مفهوم الصلة بالمعرفة:




لقد عرف "برنار شارلو" (1997) الصلة بالمعرفة على أنها "صلة الفرد بالعالم وبذاته وبالآخرين"، معتبرا بذلك أن العالم يمثل من ناحية أولى مجموعة من الرموز، ومن ناحية ثانية هو عبارة عن فضاء للأنشطة، ونشير بذلك إلى أن الصلة بالمعرفة مع المقاربة الميكرو - سوسيولوجية هي عبارة عن العلاقة بين الفرد من جهة أولى وذاته، أو العالم أو الآخر من جهة ثانية، ويكون ذلك في زمن معين؛ لذلك يرى الباحث أن دراسة الصلة بالمعرفة هي عبارة عن دراسة لعلاقة بين المتعلم والمعرفة، وكل ما يوجد في دائرة السياق المدرسي الذي يتشارك فيه مع الآخرين، فتصبح الصلة بالمعرفة عبارة عن صلة بالعالم، وصلة بالذات وبالآخرين في إطار الرمزية والأنشطة،ولقد اعتبرنا انطلاقًا من خصوصية بحثنا أن الصلة بالمعرفة هي عبارة عن مجموع القيم والأحكام والاتجاهات والمعاني والمواقف التي يرصدها المتعلم للمواضيع المعرفية المدرسية، انطلاقًا من مدى رغبته في موضوع معرفي معين داخل السياق التعليمي النظامي (التعليم الإعدادي: النظام التربوي التونسي).
يتبع

ابوالوليد المسلم 14-10-2021 05:26 AM

رد: دافعية التعلم وصلة المتعلم بالمعارف المدرسية: مدخل نظري ودراسة ميدانية
 
دافعية التعلم وصلة المتعلم بالمعارف المدرسية: مدخل نظري ودراسة ميدانية
د. جمال قريرة




الفصل الثالث: الدراسات السابقة:
اهتمت دراسة أحمد شبشوب Rapports aux savoirs، didactiques des sciences & anthropologie2000 مع فرق البحث (الصلة بالمعرفة: ص/ م) بمدى تأثير المتغير الإنتربولوجي والثقافي المنتمي إليه المتعلم على صلته بالمعارف المقدمة من طرف المدرسة متخذًا لهذا الغرض موضوع تطور الكائنات الحية، ولقد اختار فريق البحث عينة بحثية متكونة من أربع مجموعات تنتمي إلى جهات مختلفة من البلاد التونسية، كانت على النحو التالي:
مجموعة أولى من تلاميذ البكالوريا من معهد بنزرت (مدينة ساحلية).
مجموعة ثانية من تلاميذ البكالوريا من معهد دوز (نصف حضرية بالجنوب التونسي).
مجموعة ثالثة من تلاميذ من معهد برقو (نصف حضرية بالشمال الغربي التونسي).
مجموعة رابعة من طالبي إجازة البيولوجيا في جامعة العلوم بصفاقس (مدينة ساحلية: الوسط الشرقي التونسي).

ولقد قدم فريق البحث (ص/ م) في مرحلة أولى نصين حول نظرية التطور للكائنات الحية، كان أحدهما مؤسسًا على النظرية العلمية (محرر من طرف بيولوجي من جامعة العلوم بتونس)، في حين تأسس النص الثاني بطريقة تقليدية (محرر من قبل المصلح جمال الدين الأفغاني 1890)، ولقد طُلبِ من التلامذة في مرحلة ثانية قراءة النصين معًا لإجراء نقاش حول نظرية التطور مع نفس عينة البحث، لمعرفة مواقفهم فيما يخص صلاتهم بالموضوع المعرفي العلمي،ولقد أكدت هذه الدراسة أن الثقافة الأصلية للتلميذ تساهم بقسط وافرٍ في توجيه نوعية صلته بالمعرفة المدرسية.

كما أكدت ذلك دراسة مراد بهلول (2001) Pour une anthropologie de l’apprentissage: Etude sur le rapport sujet - savoir المقارنة لمجموعتين منتميتين إلى ثقافتين مختلفتين، تمثلت أولهما في الثقافة العربية (الطلبة التونسيين)، في حين قد خصت ثانيهما الثقافة الغربية (الطلبة الفرنسيين).

ولقد لاحظ الباحث أن النسبة المئوية للطلبة التونسيين الذين يظهرون صلة الالتصاق مع نظرية التطور كان ضعيفًا (9"%)، على عكس الطلبة الفرنسيين الذين مثلت عندهم (صلة الالتصاق) أعلى نسبة مئوية (75%)، ولقد أول "بهلول" هذا الاختلاف بالعودة إلى العامل الثقافي لكل من المجموعتين، مؤكدًا بذلك أن الأمر بالنسبة إلى الطلبة الفرنسيين كان نتيجة لاتحادهم مع نظرية التطور النابع من ثقافاتهم الغربية العقلانية، وعلى عكسه بالنسبة للطلبة التونسيين، الذين علل بعضهم رفضه لنظرية التطور بإرجاعه إلى العامل الديني العقائدي، مستنتجًا على أثر ذلك أن صلة المتعلم بالمعرفة العلمية المقدمة من قبل المؤسسة المدرسية شديدة التأثر بأصله الثقافي (العقلاني/ العقائدي).

كما مثَّلت دراسة برنارد شارلو (1999) Le rapport au savoir en milieu populaire كإجابة عن إشكالية: لماذا ينجح المتعلمون المنحدرون من أوساط عائلية غير محظوظة في حين يفشل غيرهم من المنتمين إلى أوساط اجتماعية محظوظة؟ فدحض بذلك الارتباط الإحصائي الشديد ما بين النتائج المدرسية للأطفال والطبقة الاجتماعية - المهنية للأولياء مستعملًا في ذلك أداتي جرد للمعارف والمقابلة النصف الموجهة، ليؤكد أن المعنى الذي يحمله المتعلم بمدارس المهن وفق صنف التعلم يؤثر في وجوده بهذه الأماكن الدراسية من جهة أولى، وفي اختياره الاختصاص المهني من جهة ثانية.

ولقد أكدت دراسة كل من موسكيني وبيارو وبلانشارد - لافيل (1996) Pour une clinique du rapport au savoir أن تاريخ الفرد الشخصي ذي المؤسسات العائلية يحدد نوعية صلته بالموضوع المعرفي، ولقد استعملت موسكيني أداة السيرة الذاتية لتحديد أهمية متغير المحيط العائلي للفرد في توجيه صلته بالمعرفة، باعتباره المؤسسة الأولى التي يترعرع فيها الطفل، التي ستنعكس على مستوى تعلماته في المستقبل.

الفصل الرابع: أدوات البحث وعينته:
1 - أدوات البحث:
عمدنا للتثبت من مدى صحة فرضية البحث اعتماد أداة المقابلة النصف الموجهة المردفة بمحاورة سيكولوجية حول رغبة المتعلم في بعض المعارف مقابلة نصف موجهة لمعرفة دافعية المتعلم حول ما يقابله من مواضيع معرفية مدرسية، ونلاحظ أنا أنجزنا المقاربة خارج الإطار المدرسي، حتى نحصل على إجابات أكثر صراحة وتلقائية وفق نص المقابلة نصف الموجهة التالي:
المقدمة:
إني أرحب بك صديقًا متعاونًا معنا في إطار هذا البحث التربوي حول الرغبة في التعلم المدرسي بالنسبة إلى تلامذة السنة التاسعة أساسي بإعداديتك، وسوف تكون إعانتك لنا بالإجابة الصريحة والتلقائية عن بعض أسئلتنا، فهل تسمح؟

الأسئلة:
1- هل ترغب في مادة الرياضيات؟
بماذا تفسر ذلك؟

2- كيف يمكن أن تصف رغبتك بالرياضيات؟
هل يمكن أن تفسر لنا لماذا حسب رأيك؟

3- هل تعتبر مادة الفرنسية من المواد التي تحظى باهتمامك؟
هل لك ما يبرر ذلك؟

2 - عينة البحث:
بالاعتماد على الموضوع البحث (صلة المتعلم بالمعرفة المدرسية تؤثر على نجاحه أو فشله المدرسيين) وإشكاليته (هل هناك علاقة بين صلة المتعلم بالمعرفة المدرسية ونتائجه الدراسية) قد حاولنا رصد عدة اعتبارات لاختيار عينة البحث، كانت كالتالي:
أولها: أن تضم عينة البحث مجموعة من التلاميذ المنحدرين من أوساط اجتماعية غير محظوظة.

وثانيها: أن يكون لهم نفس الانتماء الطبقي للعائلي المنحدر منها (الرأسمال الاجتماعي - الثقافي/ الرأسمال الاجتماعي - الاقتصادي)، وأخيرًا أن تكون عينة البحث متشابهة في تاريخها المدرسي (العمر/ سنوات الرسوب)؛ لذلك مثل تلاميذ المدرسة الإعدادية (الوسط الغربي) 197 تلميذًا (106 ذكورًا و91 إناثًا)، أحد أبرز اختياراتنا لعينة البحث لجمعها بين المتغيرات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، وكذلك العمرية.

ولقد حددنا عينة البحث بعد تحييد بعض المتغيرات، فتحصلنا نتيجة لذلك على 50 متعلمًا، كانوا موزعين بين الجنسين، على نحو بلغ معه عدد الذكور 27 متعلمًا، ونسبتهم 54 %، في حين بلغ عدد الإناث 23 متعلمة، ونسبتهن 46 %، ولقد أسسنا هذا الاختبار بناءً على قناعة فكرية، تتمثل أن ما يحدث من اختلافات في مستوى نتائج التلاميذ المدرسية ليس هو دائمًا عائدًا للاختلاف في الأصل الاجتماعي، وإنما نرجع ذلك إلى الاختلاف في نوعية صلة المتعلم بموضوع مدرسي معين، وهو ما سنعمل للتأكد منه عن طريق البحث الميداني.

الفصل الخامس: الدراسة الميدانية:
1- منهجية القيام بالتجريب الميداني:
لقد عمِلْنا في إطار إجراء المقابلة النصف الموجهة على استخراج اتجاهات المتعلم حول المعرفة المدرسية، انطلاقًا من تاريخه المدرسي، باحثين عن نوعية صلته (الموجبة/ السالبة/ المضطربة) بالمعرفة المدرسية (العلمية والأدبية بعد تحييد المعارف الأخرى)، ولقد خصصنا رزنامة عمل لإجراء المقابلات مع 50 متعلمًا، ولقد بوبنا عبارات المتعلم وفق سلم للاتجاهات ومؤشرات خاصة بالبحث، كما نضيف اعتمادنا دفاتر أعداد النتائج المدرسية لعينة البحث حتى ندرس العلاقة بين نوعية صلة المتعلم بالمعرفة المدرسية، ونجاحه أو فشله المدرسيين؛ لكي نخلص في مرحلة لاحقة إلى تفريغ البيانات المتعلقة بصلة المتعلم، وكذلك بنتائجه المدرسية.

2- تفريغ بيانات البحث:
أ - بيانات نوعية صلة المتعلم بالمعرفة المدرسية:
لقد لاحظنا بالرجوع إلى الأدب التربوي مع الباحث المغربي أحمد أوزي (1993): "أن طبيعة البحث ومادته هي التي تحدد الفئات المناسبة انطلاقًا من فروض البحث وأسئلته، أو انطلاقًا من متن البحث أو جزء منه، وبناء الفئات المناسبة لاستخلاص المؤشرات المفيدة في الإجابة عن أسئلة البحث"، وبناءً على الموقف البحثي اعتمدنا وحدات قياس اتجاهات المتعلم فيما يخص نوعية صلته بالمعرفة المدرسية، ولقد كانت هذه الوحدات القياسية وفق سلم الاتجاهات الخاص بالبحث ثلاثة أصناف، وهي:
أولًا: الصلة الموجبة.
وثانيًا: الصلة السالبة.
وأخيرًا: الصلة المضطربة.

ولقد قسمنا المعرفة المدرسية التي يتلقاها المتعلم إلى صنفين كبيرين، تعلق الأول بالمواد العلمية: (الرياضيات/ العلوم الطبيعية/ التربية التقنية)، في حين قد خص الثاني المواد الأدبية (العربية/ الفرنسية/ الإنجليزية)، وهو ما سيؤدي إلى شكل خاص بالبحث لسلم الاتجاهات، الذي أوردناه في الجدول التالي.

جدول سلم الاتجاهات المتعلق بنوعية صلة المتعلم بالمعرفة المدرسية:
المادة المدرسية
نوعية صلة المتعلم
المؤشرات التعبيرية للمتعلم
1- العلمية
الرياضيات العلوم الطبيعية التربية التقنية
2- الأدبية
العربية الفرنسية الإنجليزية
1- الموجبة
2- السالبة
3- المضطربة
أحب، أرغب، أحبذ، بالرغم من:::أحاول، أرتاح، أسعد، أتمنى أن:::، أبذل كل جهدي، لا أجد فيها صعوبة:::، أميل
لا أفهمها، لا أرغب فيها، عيبي الوحيد:: أني لا أفهمها، أنا غير مستعد، أجد إحراجًا، أنا لا أميل إلى:: أنا ضعيف


كنت::،ولكن الآن:: أحبها ولكن لا أفهمها، لا أحبها ولا أرفضها، لا أميل إليها كثيرًا:


ب - بيانات نتائج المتعلم المدرسية:
لقد صنَّفْنا نتائج المتعلمين المدرسية بعد الاطلاع على دفاتر أعدادهم إلى ثلاث حالات، وهي:
أولًا: الفشل المدرسي (متوسط العلامات أقل من 10)، الذي مثله 08 متعلمين؛ أي: بنسبة 16% من عينة البحث.

ثانيًا: النجاح المدرسي فقط (متوسط العلامات ما بين 10 وأقل من 12)، الذي مثله 30 متعلمًا, أي: بنسبة 60% من عينة البحث.

ثالثًا: النجاح المميز (متوسط العلامات ما بين وأكثر من 12)، الذي خص 12 متعلمًا؛ أي: بنسبة 24% من عينة البحث.

وبناءً على ما تقدم من بيانات (نوعية صلة المتعلم/ نتائجه المدرسية)، سننجز التحليل الكمي للعلاقة بين صلة المتعلم المدرسية من ناحية، ونجاحه أو فشله المدرسيين من ناحية ثانية.

3- التحليل الإحصائي لبيانات البحث الميداني:
سنحلل في هذا الإطار الإحصائي العلاقة بين كل من:
نوعية صلة المتعلم (الموجبة:+/ السالبة: -/ المضطربة:+/ -) بالمعرفة المدرسية (العلمية/ الأدبية).
ونتائج المتعلم المدرسية (الفشل/ النجاح فقط/ النجاح المميز).

ونلاحظ بعد تجميع البيانات الإحصائية أن تكرارات نوعية الصلة الموجبة بالمعرفة المدرسية (ص/ م) تحتل المرتبة الأولى بتكرارات قدرت بـ: 172 صلة موجبة بالمعرفة المدرسية، محققة نسبة 57.34%، في حين حازت الصلة المضطربة للمتعلمين بالمعرفة المدرسية (ص/ مض) على 70 تكرارًا، وذلك بنسبة 23.33%، ولقد مثلت الصلة السالبة (ص/ س) تكرارات بلغت 58، محققة بذلك نسبة 19.33%، وهو ما يؤكد التفاوت الحاصل في نوعية صلة المتعلم بالمعرفة المدرسية، الأمر الذي سيدفعنا إلى التثبت إحصائيًّا من فرضية البحث (هناك علاقة بين نوعية صلة المتعلم بالمعرفة المدرسية من ناحية، ونجاحه أو فشله المدرسيين من ناحية ثانية، والمتكونة من ثلاث حالات، وهي:
أولًا: صلة التلميذ الموجبة بالمعرفة المدرسية وعلاقتها بنجاح التلميذ أو فشله.
ثانيًا: صلة التلميذ السالبة.
يتبع



ابوالوليد المسلم 14-10-2021 05:27 AM

رد: دافعية التعلم وصلة المتعلم بالمعارف المدرسية: مدخل نظري ودراسة ميدانية
 
دافعية التعلم وصلة المتعلم بالمعارف المدرسية: مدخل نظري ودراسة ميدانية
د. جمال قريرة




ثالثًا: المتمثلة في الصلة المضطربة للتلميذ.

وللتثبُّت من ذلك، سنعتمد تحليلًا إحصائيًّا لكل حالة بصفة مستقلة نلاحظ من خلالها تأكيد العلاقة بين كل من نوعية صلة المتعلم بالمعرفة المدرسية ونتائجه المدرسية أو دحضها.

أ - التحليل الكمي لصلة المتعلم الموجبة بالمعرفة المدرسية:
نلاحظ بالرجوع إلى النتيجة الإحصائية المتحصل عليها (احتساب الارتباط الخطي لبيرسن) (0.97+) أن هناك ارتباطًا موجبًا غير تام بين كل من الصلة الموجبة للمتعلم ونتائجه المدرسية فيما يخص عينة البحث؛ أي: كلما ارتفعت صلات المتعلم الموجبة بالمعرفة المدرسية ارتفعت معها نتائج المتعلم المدرسية، وهو ما يؤشر على ارتفاع فرص نجاحه، والعكس صحيح، انطلاقًا من التحليل الإحصائي للفرضية الفرعية الأولى هناك علاقة بين الصلة الموجبة للمتعلم بالمعرفة المدرسية ونجاحه المدرسي.

ب - التحليل الكمي لصلة المتعلم السالبة:
ونلاحظ انطلاقًا من احتساب الارتباط الخطي لبيرسن في وضعية الصلة السالبة بالمعرفة المدرسية أن هناك ارتباطًا عكسيًّا غير تام (0.92 -) بين الصلة السالبة للمتعلم ونتائجه المدرسية، وهو يسمح لنا بالقول: كلما ارتفع حجم صلات المتعلم السالبة بالمعرفة المدرسية، انخفضت معه نتائجه المدرسية، وتوجهت نحو الفشل المدرسي.

ج - التحليل الإحصائي لصلة المتعلمين المضطربة:
نستنتج انطلاقًا من التحليل الإحصائي الخاص بالحالة الثالثة (صلة المتعلم المضطربة) من الفرضية الرئيسية الأولى أن هناك ارتباطًا عكسيًّا سالبًا غير تام (0.97 -) بين كل من الصلة المضطربة للمتعلم ونتائجه المدرسية؛ أي: كلما ارتفع حجم صلات المتعلم المضطربة بالمعرفة المدرسية، رافَق ذلك انخفاضٌ في نتائجه المدرسية.

الفصل السادس: نتائج البحث: مناقشة وتأويلًا:
سنعمل في هذا الفصل على عرض النتائج البحث فيما يخص نوعية صلة المتعلم بالمعرفة المدرسية في تحرك مع نتائجه المدرسية فيما يخص عينة البحث، الأمر الذي يمكننا لاحقًا من مناقشتها بالرجوع إلى دوافع هذه الأصناف للصلة بالمعرفة المدرسية إن كانت خارجية نابعة عن محيط المتعلم أم ذاتية تعكس الاستقلالية والفاعلية الذاتية.

1 - النتائج التأليفية للبحث.
أ - حالات الفشل:
نلاحظ بالرجوع إلى توزيع كل من أنواع صلة المتعلم بالمعرفة المدرسية العلمية والأدبية ونتائج المتعلمين المدرسية: أن هناك 08 متعلمين يعرفون الفشل المدرسي، نلاحظ أن هناك ثلاث وضعيات خاصة بالبحث نحصل فيها على فشل التلميذ المدرسي، وهي:
أولًا: صلة سالبة للمتعلم بكل المعارف المدرسية العلمية والأدبية، وهي صورة المقابلة عدد 7.
ثانيًا: وجود أغلبية سالبة وأقلية مضطربة، وهي صورة المقابلات عدد 30 و31 و38 و40 و42.
ثالثًا: وجود صلة سالبة وأغلبية مضطربة، وهي حالتي المقابلتين عدد 22 و45.

ولقد عرف المتعلم بالتالي فشلًا مدرسيًّا انطلاقًا من توفر صلة سالبة كاملة بالمعارف المدرسية أو حضور أغلبية موصوفة لصلته السالبة بالمعرفة المدرسية (2/ 3/ 4) على عكس المسار الذي تأخذه وضعيات النجاح المدرسي للمتعلم.

ب - حالات النجاح فقط:
لقد تعرَّضنا في بحثنا إلى 30 حالة نجاح فقط، ولقد مثَّل مجموع المتعلمين نسبة 60% من مجموع عينة البحث؛ حيث جمعت هذه المجموعة حالات ثلاثة للعلاقة بين كل من متغيري النجاح المدرسي للمتعلم ونوعية صلاته بالمعارف المدرسية: أولًا: وجود حجم موصوف لصلات مضطربة للمتعلم بالمعرفة المدرسية (العلمية/ الأدبية)، وهي حالات المقابلات عدد 5 و25 و29 و47 و48.

ثانيًا: تزامن صلة سالبة واحدة للمتعلم بمادة معرفية مدرسية مع وجود صلات مضطربة أخرى (1/ 2/ 3/)، وهي وضعية المقابلات عدد: 1 و3 و4 و6 و9 و15 و16 و19 و23 و 27 و32 و36 و39 و41 و44 و46 و50.

ثالثًا: ترافق صلة سالبة للمتعلم بمادتين معرفيتين مدرستين (علمية/ أدبية) وصلات مضطربة (1/ 2)، وهي صورة المقابلات عدد: 6/ 10/ 13/ 17/ 20/ 28/ 35/ 37، ونلاحظ بالرجوع إلى حالات النجاح المدرسي غير المميز للمتعلم اقتران صلاته المضطرة أو السالبة من ناحية أولى مع توفر ثلاث صلات موجبة بالمعارف المدرسية من ناحية ثانية، وهو ما يميزها على حالات النجاح المميز للمتعلم.

ج - حالات النجاح المميز:
لقد تحصلنا انطلاقًا من دراستنا الميدانية لعينة البحث على 12 وضعية نجاح مميز، ولقد مثلها المتعلمون المتحصلون على متوسط علامات ما بين 12 وأكثر من 15، مساوون لنسبة بلغت: 30% من مجموع عينة البحث.

ونلاحظ وجود 03 حالات لنجاح المتعلم المميز، وهي:
أولًا: صلة موجبة كلية للمتعلم بالمعرفة المدرسية، وهي صورة المقابلات عدد: 2و 11 و12 و21 و33 و43.

ثانيًا: تزامن صلة مضطربة واحدة فقط بالمعرفة المدرسية (العلمية/ الأدبية) مع بقية موجبة بالمعارف المدرسية، وهي وضعية المقابلات عدد: 14 و18 و24 و34 و49.

ثالثًا: وجود صلتين مضطربتين بالمعرفة المدرسية مع حصول 04 صلات موجبة بالمعارف المدرسية، وهي صورة المقابلة عدد 20.

ونستنتج انطلاقًا من دراستنا لنوعية صلة المتعلم بالمعرفة المدرسية الخاصة بعينة البحث أن تكييف نتائج المتعلم شديدة التأثر بحجم صلاته الموجبة والسالبة أو المضطربة بمختلف المواضيع المعرفية المدرسية، الأمر الذي نؤكد به أن صلة المتعلم الموجبة مطلقًا بالمعرفة المدرسية يجعلها نجاحًا مميزًا، وأن صلته السالبة كاملة بمختلف المعارف المدرسية يؤدي إلى فشله، وما وجود الصلة المضطربة إلا تصنيف لهذا النجاح أو الفشل المدرسيين، إما بجعل الأول نجاحًا فقط، أو جعل الثاني فشلًا متدنيًا.

2 - المناقشة:
سنتناول في هذا الفصل الثالث تأويل نتائج دراسة العلاقة بين نوعية صلة المتعلم بالمعرفة المدرسية (الموجبة/ السالبة/ المضطربة) وفشله أو نجاحه المدرسيين.

أ - أسباب الصلة الموجبة:
إن تطبيق أداة تحليل المضمون على أقوال تلامذة عينة البحث حول صلاتهم الموجبة بالمعرفة المدرسية مكنتنا من الحصول على صنفين من الإجابات، كان بعضها وهو الأقل من حيث الكم (25%)، يسند أسباب صلته الموجبة إلى عوامل خارجية محيطة: كالعائلة أو المعلمين أو الأصدقاء؛ حيث عبر هذا الصنف من المتعلمين أن المحيط مثَّل دافعًا خاصًّا في حصول الارتباط الموجب بين المتعلم والمعرفة المدرسية، فنرى بعضهم يقول: "كان يدرسني أخي الأكبر الرياضيات، ولقد كان يساعدني دائمًا على تجاوز الصعاب"، كما يؤكد متعلم آخر: "ما زال خالي يشوقني إلى اللغة الفرنسية...كان يأتيني بالقصص الفرنسية ويشرح لي الكلمات الصعبة"، كما نجد متعلمة أخرى تعبر عن سبب ذلك: "كانت معلمتي كثيرة النصح لي، كما أن لها صوتًا جميلًا في القراءة، فكنت دائمًا أحاول تقليدها"، ويضيف بعض آخر: "كانت لي زميلة أدرس معها هذه المادة، فكانت رائعة... لذلك كانت علاقتي مع هذه المعرفة موجبةً".

ولقد لاحظنا انطلاقًا مِن تحليل مضامين أقوال هذه الفئة من المتعلمين أن صلتهم الموجبة بالمعرفة المدرسية كانت نتيجة لمعنى مستمد من التاريخ الشخصي، أضفاه كل متعلم على محيطه الذي يعيش داخله (العائلة والمدرسة والمجتمع)، ولعل هذا المعنى كان دافعًا للقيام بصلة إيجابية بموضوع معرفي مدرسي معين، الأمر الذي يحيلنا إلى اعتبار: أن حضور الآخر في التاريخ المدرسي للمتعلم لا ينفي بالضرورة فاعليته في تحديد اتجاه نوعية صلته بالمعرفة، وهو مسار أكده الصنف الثاني من المتعلمين أصحاب الصلات الموجبة بالمعرفة المدرسية العلمية أو الأدبية.

ولقد مثَّلت هذه الفئة الأغلبية (75%) من المجموعة الأولى (الصلة الموجبة بالمعرفة المدرسية)، الذين عبروا عن أسبابهم الداخلية الخالصة لصلاتهم الموجبة بالمعرفة المدرسية، ومن ذلك نذكر مثال ما كانت أوردته المتعلمة بقولها: "تستهويني مادة الرياضيات منذ الصغر، لا يوجد أحد قد وجهني"، وكما أورد آخر: "أفسر صلتي الموجبة بكثرة المطالعة، وأبحث عن الحلول بنفسي إذا اعترَضني عائق"، كما نجد متعلمة أخرى تورد: "أنا الكبرى في البيت، والداي لا يعرفان اللغة الإنجليزية، ورغم ذلك تمكنت من تجاوز الصعوبات التي تعترضني بفضل المثابرة والعمل المتواصل".

الأمر الذي نلاحظ معه: أن الصلة الموجبة للمتعلم بالمعرفة التي تختص المدرسة بتقديمها هي ذات أسباب فردية تعكس اتجاه ما يحمله من معانٍ إيجابية أو سلبية حول الموضوع المعرفي المدرسي، ولعل ذلك ما كان أكده "شارلو"، حيث يرى: "أن هؤلاء الشبان يوجد لديهم الاندفاع وإرادة النجاح والمبادرة والأحاسيس الجميلة" (شارلو 1999)، الأمر الذي نقر معه ذاتية المتعلم - الفاعل في محيطه المدرسي، وبالتالي في تحديد نوعية صلته بالمعرفة المدرسية، إن كانت إيجابية أو سلبية.

ب - أسباب الصلة السالبة:
لقد لاحظنا انطلاقًا من المؤشرات التعبيرية لمجموعة من المتعلمين أن الكثير منهم قد عزوا صلته بالمعرفة المدرسية السالبة إلى ثلاثية: العائلة والمدرسة والأصدقاء، حيث قال بعضهم مثلًا: "أتذكر أن أخي الأكبر كان يضربني كثيرًا عندما يدرسني مادة الإيقاظ العلمي ولا أعرف لماذا؟ فانتقل بذلك كرهي لمادة العلوم الطبيعية".

كما أشار متعلم آخر: "معلم الرياضيات كان لا يفهمني حل المسائل أو التمارين، فصِرت بذلك أنفر ولا أفهم الرياضيات"، ونجد في نفس هذا الاتجاه قول بعضهم: "كان لي صديق تسبب في عدم فهمي للإنجليزية بمشاغبتي".

الأمر الذي لاحظنا معه من جهة أولى أهمية تدخل محيط المتعلم في تحديد نوعية علاقاته بمختلف المواد المعرفية المدرسية، ونعني بذلك المعطى الاقتصادي والاجتماعي والثقافي، وهنا يلاحظ "شبشوب": "لا يجد المحتوى المعرفي العلمي المقدم من طرف المؤسسة المدرسية قبولًا مِن لدن كل تلميذ" (شبشوب2000)، إلا أن ذلك لا ينفي من جهة ثانية حقيقة التقاء التاريخ الشخصي المدرسي للمتعلم مع عدم توفر رغبته، وهذا ما يجعل من صلته بالمعرفة المدرسية لا تكون إلا سلبية، ولعل ذلك أكدته أقلية من التلاميذ الذين حاولوا تفسير نوعية صلتهم السالبة بالمعرفة المدرسية، انطلاقًا مِن أسباب داخلية، فلقد عبرت متعلمة بقولها: "أنا مذنبة في حق نفسي، أني كنت كثيرة اللهو حتى داخل الفصل"، ولتأكيد ذلك نورد قول أحد المتعلمين: "أنا لم أجتهد كثيرًا في فهم هذه المادة".

ونلاحظ - انطلاقًا مما تقدم - أن نوعية صلة المتعلم بالمعرفة المدرسية هي ذات بناء شخصي؛ لأن المتعلم هو كائن فاعل في ربط علاقاته بكل ما يحيط به من معارف مدرسية أو غيرها، الأمر الذي يعكس فاعليته في تأسيس معانيه وقيمه الخاصة به، ولعل ذلك ما أكده "شارلو" بقوله: "إن الحياة المدرسية كالتاريخ الفردي؛ حيث إن تلامذة المعهد المهني يعطون معنى لكل ما بلغوه وما يبلغونه، وكذلك ما سيبلغونه"، مضيفًا أنه لا بد من اعتبار "التلاميذ كفاعلين ينتمون إلى تاريخ" (شارلو1999). ولعل ذلك ما سيزداد اتضاحًا بالتعرض إلى مسألة تأويل صلة التلميذ المضطربة بالمعرفة المدرسية.

ج - أسباب الصلة المضطربة:
لقد لاحظنا - انطلاقًا من تحليل مضمون أقوال مجموع المتعلمين الذين لديهم صلات مضطربة بالمعرفة المدرسية - أن لهم مجموعة من التعابير الغامضة حينًا والمتداخلة الأسباب أحيانًا أخرى بين ما هو خاص ذاتي وما هو عام وخارجي، ومن ذلك مثلًا: أننا نجد بعضهم يقول: "كنت أكره اللغة الإنجليزية سابقًا، إلا أن هذه السنة قد صرت أفهمها؛ لأن أستاذ هذه المادة لا يضربني كأستاذة السنة الماضية"، كما نجد متعلمة تورد: "كان أخي يفهمني الرياضيات، ولكن هذه السنة غادر المنطقة، فلم أعد قادرة على فهم هذه المادة"، كما يضيف آخر: "لا أعرف السبب؛ فأنا كنت أفهم جيدًا هذه المادة، ولكن فجأة لم أعد أفهمها"، ولعل ذلك ما يؤكد الوضعية التصادمية التي يعيشها المتعلم بين ما هو مرغوب فيه من التوق إلى الحرية الشخصية في الاختيار من جهة أولى، وما بين ما يجب عليه فعلًا داخل الفصل أو خارجه، وما نطلق عليه بالواجب المدرسي، وهو أمر أكده "شارلو": "أن الفرد هو متعاقد ضمن تاريخ يكون فيه حاملًا لرغبة، ومتصادمًا معها" (شارلو 2000).ويتضح بعد التعرض إلى مناقشة وتأويل التنوع في صلات المتعلم (الموجبة/ السالبة/ المضطربة) بالمعرفة المدرسية أننا نؤكد فاعلية المتعلم في تحديد نوعية صلاته بالمعرفة، وبالتالي في توجيه نتائجه المدرسية بالرغم من تدخل عوامل خارجية (الاجتماعية/ الثقافية/ الاقتصادية) التي تبقى فاقدة للتأثير ما لم يقع تبنيها من التلميذ (صلة موجبة) أو رفضها (صلة سالبة) أو التصادم معها (صلة مضطربة)، انطلاقًا من أن المتعلم - الفاعل والمتفاعل ضمنيًّا أو بينيًّا يعطي معنى لكل ما يقابله داخل العالم المادي أو البشري.

المراجع:
المراجع باللغة العربية:
أوزي: أ،(1993): تحليل المضمون ومنهجية البحث،الشركة المغربية للطباعة والنشر.
إخلاص: م: ومصطفى: ح،(2000) طرق البحث العلمي والتحليل الإحصائي،مركز الكتاب للنشر.
الفرابي،ع والغرضاف: ع وموحى: م وغريب: ع،(1994) معجم علوم التربية: مصطلاحات البيداغوجيا والديداكتيك،دار الخطابي للطباعة والنشر.

المراجع باللغة الأجنبية:
Bahloul،M:(2001):Pour une anthropologie de l’apprentissage: Etude sur le rapport sujet - savoir،Sfax - Tunisie.
Bastin،G & Rossen،A:(1990):L’éhttp://www.forsanhaq.com/images/smil...lapse_tcat.gife malade de l’échec،Ed،De Boeck:
Beillerot،J، Blanchard - laville،C & Mosconi،N(S/ D)،(1996) Pour une clinique du rapport au savoir،Ed،L’Harmattan،Paris:
Mosconi،N، Beillerot،J & Blanchard - laville، C:(2000)،Formes & formations du rapport au savoir،Ed،L’Harmattan،Paris:
Bourdieu،Ph:(1979)،La distinction،Ed،De minuit،Paris:
Bourdieu،Ph:(1980):Questions de sociologie،Ed،De minuit،Paris:
Caillot،M:(2000)،Rapports aux savoirs & didactiques des sciences،IN actes de http://www.forsanhaq.com/images/smil...lapse_tcat.gifloque، Rapports aux savoirs & apprentissage des sciences، faculté des sciences de Sfax:2000:
Chabchoub،A:(2000):(S/ D)،Rapports aux savoirs، didactiques des sciences & anthropologie: Rapports aux savoirs & apprentissage des sciences Tunis 2000:
Charlot،B:(1997):Du rapport au savoir: Elements pour une théorie،Ed Anthropos،Paris:
Charlot،B:(1999):Le rapport au savoir: En milieu populaire،Ed Anthropos،Paris:
Charlot،B:(2001):(S/ D)،Les jeunes & le savoir perspectives internationales:،Ed Anthropos،Paris:

Crahay،M:(1996)،Peut - on lutter contre l’échec shttp://www.forsanhaq.com/images/smil...lapse_tcat.gifaire ? Ed، De Boeck:
Dubet،F،(1992)،Les lycééen،Ed:Du Seuil،Paris:
Perenoud،PH:(1995)،Métier d’éléve & sens du travail shttp://www.forsanhaq.com/images/smil...lapse_tcat.gifaire،ESF،Editeur،Paris:
Tourraine،A،(1991)،Critique de la modernité،Ed،Fayard:Paris:






الساعة الآن : 04:00 PM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 59.88 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 59.70 كيلو بايت... تم توفير 0.18 كيلو بايت...بمعدل (0.30%)]