ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   الملتقى العلمي والثقافي (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=54)
-   -   التعليم الفعال: الماهية والمؤشرات الدالة والإستراتيجيات البيداغوجية (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=262949)

ابوالوليد المسلم 26-07-2021 12:34 AM

التعليم الفعال: الماهية والمؤشرات الدالة والإستراتيجيات البيداغوجية
 
التعليم الفعال: الماهية والمؤشرات الدالة والإستراتيجيات البيداغوجية
د. مولاي المصطفى البرجاوي









تُعاني التربية العربيَّة المعاصرة عمومًا - بممارساتها ومناهِجها ومضامينها - حالةً من الجمود المنهجيِّ، والتصلُّب التدريسي، في سياق المبالغة في السُّلطوية في التربية العربية؛ (في طرائق التدريس، وفي التقويم التربوي، وفي الإشراف التربوي، وفي الإشراف الإداري، وفي المناهج الدراسية...)[1]، مناهِضةً لكل إمكانيات الانطلاق الحضاري نحو معالم الجِدَّة والابتكار، والفعالية في التدبير الديداكتيكي، وتكبح قدرتَه على الانطلاق في مغامرة الإبداع والبناء العلميِّ والثقافي والتنموي!








إنَّ نظرة فاحصة للتغيرات التي يشهَدها العالم - سواء على المستوى الاقتصاديِّ والاجتماعي والتكنولوجي - يحتِّم على المنظومة التربوية - التعليميَّة تغييرَ مَعالمها التدريسية - الديداكتيكية؛ لتُواكب مستجدَّات النظم العالمية، ولتحقيق ذلك لا بد من تحقيق الجودة والفعالية في التعليم؛ بُغيَةَ تحقيق مخرَجات مرغوبٍ فيها لدى المتعلِّمين؛ إذ يعمل المدرس على توفير البيئة الصفيَّة التي تتميز بالرغبة والحافزيَّة في التعلم، ويظهر التدريس كنظام تتَداخل فيه المراحل التعليمية - التعلُّمية التالية:












وتهدف هذه المداخلة إلى إلقاء الضَّوء على ما يُسمى بالتعليم الفعَّال وأبعاده، والمؤشرات الدالة عليه، والإستراتيجية البيداغوجية الفعالة؛ لتنميتها داخل البيئة الصفية.








1- تعريف التعليم الفعَّال:



يرتبط التعليم الفعال بقدرة المدرس وإبداعه في إحداث الإثارة العقليَّة والفكرية لدى التلاميذ، بالإضافة إلى العلاقة الإيجابية بين المدرس والتلاميذ وأثرها النفسي والعاطفي في تحفيز التلاميذ على التعلُّم[2].








فالتعليم الفعال إذًا تنخرط فيه عناصرُ متكاملة ومنظوميَّة من المدرِّس (المتحكم في الإستراتيجيات الفعالة في التعليم)، والمادة المعرفيَّة (التي تركز على إعطاء معنى وظيفيٍّ للتعلُّمات)، والمتعلم الذي يعدُّ قطب الرَّحى في العملية التعليمية - التعلُّمية (الذي نرسِّخ فيه قِيمَ الإبداعية والتفاعل والإيجابية والتفكير الناقد والتقويم)، والمؤثرات الخارجية (البيئة المحليَّة - المجتمع المدني - الإعلام...).








2- العناصر المهمة في التعلم الصفي الفعال:



تتحكم في فعالية البيئة الصفِّية مجموعةٌ من العناصر الأساسية، ولعل من أبرزها[3]:












خصائص المتعلم: يتوقف التعلم الصفِّي الفعال على مدى تجانس خصائص المتعلمينفي الصف؛ من حيث قدراتُهم العقلية والحركية، وصفاتُهم الجسدية، وقيمُهم واتجاهاتهم وتكاملُ شخصياتِهم؛ حيث يعدُّ هذا العامل من أهمِّ العوامل التيتقرر فاعلية التعلم.







المدرس الفعال: هو المدرس القادر على إشراك المتعلمين جميعِهم، وعلى توجيه الأسئلة إلى كافَّة التلاميذ بدل التركيز على بعضهم أو مَن لديهم رغبةٌ جامحة في التعلم[4].







سلوك المدرس والمتعلِّم: يؤثر التفاعل المستمرُّ بين سلوك المدرس وسلوكالمتعلم في نتائج التعلم، وترتبط شخصيةُ المدرس الواعي الذكيِّ بطرق التدريسالفعالة القائمة على أساسٍ من التفاعل.







البيئة الطبيعية للمدرسة: ترتبط فاعليَّة التعلُّم بمدى توفُّر التجهيزاتوالوسائل التعليميَّة الضرورية، المتعلقة بمادة التعلم.







المادة الدراسية: وذلك بانتقاء المحتوى الدراسيِّ الذي يتَماشى وطموحاتِ المتعلم اليوميَّةَ والحياتية؛ وذلك سعيًا لترسيخ الرغبة في التعلم.







خصائص المجموعة المتعلِّمة: ترتبط فاعلية التعلم بالتركيبة الاجتماعية التي يتكوَّنمنها الصفُّ الدراسي؛ من حيث اختلافُ متعلِّمي الصف في قدراتهم وصفاتهم، واتجاهاتهم وميولهم، وقيمهم وخبراتهم السابقة، كما ترتبط هذه الفاعليةبمدى التباين والتجانُس في الوسط الاجتماعي للمدرسة؛ من حيث الظروفُ والمستويات الاقتصادية والاجتماعية للمتعلِّمين.







المؤثرات الخارجية: يُقصد بها العوامل التي تؤثِّر في موقف المتعلم تجاه التعلُّم المدرسي، فالبيت والبيئة الثقافيَّة التي يعيش فيها المتعلم من العوامل المهمَّة التي تحدد صفاته الشخصيَّة ونمط سلوكه داخل غرفة الصف.







بصيغة أخرى، فالعملية التعليميَّة تشتمل على ثلاثة أبعادٍ رئيسة متمثلة في الآتي[5]:



أ - البعد المعرفي: ويقصد به مجموعُ المعارف والمعلومات التي يُستهدف تعليمها للمتعلم؛ أي: المادة التعليمية.








ب - البعد السلوكي: ويقصد به مجموع أشكال الأداء والأساليب التي يتم عن طريقها تحقيقُ الأهداف التعليمية المقصودة؛ أي: طريقة التدريس.








ج - البعد البيئي: ويُقصد به مجموع الظروف البيئية بعملية التدريس، والتي يتم من خلالها تحقيق الأهداف التعليمية.








3- مقومات ودعائم التعليم الفعال: يمكن تحقيق التعليم الفعال من خلال الدعائم التالية:



الرغبة في التعلم: مع الاكتظاظ الذي تعرفه جلُّ الفصول الدراسية، وفي ظلِّ التفريط من قِبَل أولياء الأمور، وما تقوم به وسائلُ الإعلام من تشويهٍ لصورة المدرس، كل ذلك قلَّل من دافعية المتعلِّم للتعلم؛ من هنا يلزم التفكير جديًّا في إيجاد رغبةٍ في التعلم؛ إذ صرَّح أحد التربويِّين الغربيِّين بقوله: "لن يُجدِيَ كثيرًا أن نُضاعف من إنشاء المَدارس، ومن تكوين المدرِّسين، ومن تصوُّر طرائقَ بيداغوجية جديدة، ما لم يكن التلاميذُ يرغبون فعلاً في أن يتعلموا" [6].







التصميم المنظم للوَحدة الدراسية: عبر محطَّات تعليمية - تعلُّمية أساسية: التخطيط والبناء الديداكتيكي المتين، والتقويم التكويني المنظم، والدعم والمواكبة الديداكتيكية.








تنويع إستراتيجيات التدريس: هناك العديد من الإستراتيجيات المتعلِّقة بطريقة التعليم والتدريس؛ ومنها التعليم المباشر (المواجهة)، والتعليم بالاكتشاف، والتعليم بالحوار والمناقشة، والتعليم باستخدام الوسائل البصرية والسمعية واللمسيَّة، وتوظيف كل الأساليب التكنولوجية، كالحاسوب ووسائل الاتصال المختلفة.







تنويع أنماط التعليم: في التعليم - الذي يركِّز على البيداغوجيا الفارقية - لا يفرض إستراتيجية واحدة في التدريس، بل يتم تنويع أنماط مختلفة تجمع ما بين ما هو مرئيٌّ (Visual) وسمعي (Auditif)، وحركي (Kinesthésique)، تحليلي (Analytique)، وشمولي (global)، وإبداعي (Créatif).








التقويم من أجل التعلُّم: أي إن المتعلمين بحاجة ماسَّة من خلال شبكة تقويميَّة إلى تعلم التقويم الذاتي، حتى يَصيروا قادرين على توظيف التغذية الراجعة؛ لتطوير أدائهم وإنجازاتهم التعلمية.








تشجيع الاستقلالية والمشاركة الفعالة: من خلال التربية على الاختيار وتنمية الذات، عن طريقة أنشطة تربوية داعمة وموازية، وترك مساحة حرَّة للإبداع.








4- الإستراتيجيات البيداغوجية الفعالة:



نظرًا لتباين استيعاب وانخراط المتعلمين في العملية التعليمية - التعلمية بشكل فعال، يَنبغي تنويع إستراتيجيات التدريس، ولعل من أبرزها:



الإستراتيجية المعرفية - الوظيفية: التي تركز على ربط المتعلم بواقعه المحلِّي واليومي؛ ذلك أن الاهتمام بتدريس ما له علاقة مباشرة بحياة التلميذ واهتماماته، من خلال التركيز على المعنى والمحتوى وصلته بواقع حياة المتعلم خارج الفصل الدراسي، يجعل المتعلم أكثرَ دافعيةً نحو التعلم.








الإستراتيجية التعاونية: وذلك بتقسيم التلاميذ إلى مجموعات صغيرة غير متجانسة، تضمُّ مستوياتٍ معرفيةً مختلفة، يتعاون أفرادها في تحقيق أهداف مرسومة، تعود عليهم جميعًا بفوائد تعليمية متنوعة.








إستراتيجية التعلم التفاعلي: من خلال تشجيع المتعلمين على الشجاعة في إبداء الرأي، والمناقشة التي تركز على تبادل الأفكار والآراء، بطريقةٍ تعزِّز الدافعية نحو التفاعل مع المادة التعليمية.








إستراتيجية حل المشكلات: تشجع المتعلمين على مستوياتٍ عليا من التفكير، عن طريق عرض مشكلات واقعية وثيقة الصلة بالتلميذ الذي يدرك أهميتها بالوحدة التعليمية، وبجمع المعلومات المتصلة بها، ويعرض الفَرضيات للحل.








وختامًا، إن تحقيق الفعالية والجودة في التعليم لا تقتصر على إلقاء المدرِّس وعرضه لترسانة معرفية، تشحن ذاكرة المتعلِّم، ثم تذهب أدراج الرياح بعد اجتياز الامتحانات، لكن رسالته النبيلة ترتبطُ بقدرته على تنمية التعلم الذاتي، وتطوير مهارات التفكير البناء والناقد.










[1] السورطي، يزيد عيسى (أبريل 2009)، السلطوية في التربية العربية، سلسلة عالم المعرفة، عدد 362، الكويت، بتصرف.



[2] الشلبي، إبراهيم مهدي (2000)، التعليم الفعال والتعلم الفعال: آراء في التدريس وأدوار المعلم ومسانديه والأسرة في تحقيق تعليم فعال يقود لتعلُّم فعال، مطبعة المعارف، بغداد - العراق.



[3] نادر فهمي الزيود، وآخرون (1993م)، التعلم والتعليم الصفي، ط3، دار الفكر للنشر والتوزيع، عمان، الأردن.



[4] Roseshine, B. and Stevens, R (1986) Teaching functions. In M. C. Witttrock (Ed.) , Handbook of Research on Teaching (3rd. pp 376 - 391).New York: Macmillan.



[5] رشدي أحمد طعيمة (1999م) المعلم (كفاياته، إعداده، تدريبه)، ط1،دار الفكر العربي، القاهرة، ص 198. بتصرف.



[6] René Fourcarde (1975) motivations et pédagogie leur donner soif , les éditions E.S.F, http://www.forsanhaq.com/images/smil...lapse_tcat.giflection science de l’Education. , P13.






الساعة الآن : 07:23 AM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 27.87 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 27.77 كيلو بايت... تم توفير 0.09 كيلو بايت...بمعدل (0.34%)]