ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   ملتقى الحوارات والنقاشات العامة (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=49)
-   -   من الكبائر الشائعة (5) سب أحد من الصحابة رضي الله عنهم أو بغضه (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=251032)

ابوالوليد المسلم 18-01-2021 10:41 PM

من الكبائر الشائعة (5) سب أحد من الصحابة رضي الله عنهم أو بغضه
 
من الكبائر الشائعة (5) سب أحد من الصحابة رضي الله عنهم أو بغضه
أبو حاتم سعيد القاضي




سَبُّ أحدٍ مِن أصحاب محمدٍ صلى الله عليه وسلم أو بُغضه كبيرةٌ؛ لما يأتي:
1- جعَل النبي صلى الله عليه وسلم مِن علامات النفاق بُغْض الأنصار رضي الله عنهم، وبُغض عليٍّ رضي الله عنه:
عن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: ((آيةُ الإيمان حبُّ الأنصار، وآيةُ النفاق بُغض الأنصار))[1].


وعن البراء بن عازبٍ رضي الله عنه، قال: سمعتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم، أو قال: قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: ((الأنصار لا يُحبهم إلا مؤمنٌ، ولا يُبغضهم إلا منافقٌ، فمَن أحبَّهم أحبَّه اللهُ، ومَن أبغضهم أبغضه الله))[2].


وعن زرِّ بن حُبيش رحمه الله، قال: قال عليٌّ: والذي فلَق الحبَّة، وبَرَأ النَّسَمة، إنه لعهد النبي الأمِّي صلى الله عليه وسلم إليَّ: ((ألا يُحبني إلا مؤمنٌ، ولا يُبغضني إلا منافقٌ))[3].


قال الذهبيُّ رحمه الله[4]: فإذا كان هذا قاله النبيُّ صلى الله عليه وسلم في حقِّ عليٍّ؛ فالصِّدِّيقُ بالأَوْلَى والأَحْرَى؛ لأنه أفضلُ الخَلْق بعد النبيِّ صلى الله عليه وسلم.


قلتُ: والذي يَظهَر لي - والله أعلم - أنه ليس بُغض الأنصار وحدهم مِن علامات النفاق؛ بل إنَّ بُغض أحدٍ من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم مِن علامات النفاق، وإنما خَصَّ النبي صلى الله عليه وسلَّم الأنصار بالذِّكْر لمزيدِ فَضْلهم ومَكانتهم، فمَن أبغَضَ أحدًا مِن أصحاب النبيِّ صلى الله عليه وسلم مع علمه بعظيم بذْلِهم ونصرتهم لدين الإسلام وللنبي صلى الله عليه وسلم وحبهم له - ففي قلبه نفاقٌ، والعلم عند الله وحدَهُ، ونسأله أن يُرشدَنا إلى الصواب والحقّ.


2- أن النبي صلى الله عليه وسلم نفى الإيمانَ عمن أبغَض الأنصار:
عن أبي هريرة رضي الله عنه، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لا يبغض الأنصار رجلٌ يؤمن بالله واليوم الآخر))[5].


وعن أبي سعيدٍ رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يبغض الأنصارَ رجلٌ يؤمن بالله واليوم الآخر))[6].


وعن ابن عباسٍ رضي الله عنهما، أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال لي: ((لا يبغض الأنصار أحدٌ يُؤمن بالله واليوم الآخر))[7].


3- أن النبي توعَّد مَن أبغض الأنصار وعمار بن ياسر رضي الله عنهم ببُغض الله له:
عن معاوية رضي الله عنه، قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((مَن أحبَّ الأنصار أحبَّه الله، ومَن أبغض الأنصار أبغضه الله))[8].


وعن خالد بن الوليد رضي الله عنه، قال: كان بيني وبين عمار بن ياسرٍ كلامٌ، فأغلظتُ له في القول، فانطلق عمارٌ يشكوني إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فجاء خالدٌ وهو يشكوه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، قال: فجعل يغلظ له، ولا يزيده إلا غلظةً، والنبي صلى الله عليه وسلم ساكتٌ لا يتكلم، فبكى عمارٌ، وقال: يا رسول الله! ألا تراه؟ فرفَع رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه، قال: ((مَن عادى عمارًا عاداه الله، ومَن أبغض عمارًا أبغضَه اللهُ))، قال خالدٌ: فخرجتُ، فما كان شيءٌ أحبّ إليَّ مِن رضا عمارٍ، فلقيتُه فرضي[9].


4- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لمن أغضب سلمان وبلالًا وصُهيبًا: ((لئن أغضبتهم لقد أغضبت الله)):
عن عائذ بن عمرٍو رضي الله عنه، أنَّ أبا سفيان أتى على سلمان وصهيبٍ وبلال في نفرٍ، فقالوا: والله ما أخذتْ سيوف الله مِن عنُق عدو الله مأخذَها.


قال: فقال أبو بكرٍ: أتقولون هذا لشيخ قريشٍ وسيدهم؟ فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره، فقال: ((يا أبا بكرٍ، لعلك أغضبتهم، لئن كنتَ أغضبتهم لقد أغضبتَ ربك!)).


فأتاهم أبو بكرٍ، فقال: يا إخوتاه! أغضبتُكم؟ قالوا: لا، يغفر الله لك يا أخي"[10].


5- أنه قد رُويَ عن النبي صلى الله عليه وسلم لَعْن مَن سَبَّ أصحابه رضي الله عنهم:
عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ سَبَّ أصحابي فعليه لعنةُ الله، والملائكة، والناس أجمعين"[11].


6- الإجماع:
قال ابن حجر رحمه الله[12]: قال الجلال البُلقيني: مَن سَبَّ الصحابة رضي الله عنهم أتى كبيرةً بلا نزاعٍ.


وقال السَّفَّاريني رحمه الله[13]: وكون سَبِّ الصحابة كبيرةٌ هذا بلا خلافٍ، وإنما اختلفوا: هل يكفر مَن سبّهم أم لا؟


قال القاضي عياض رحمه الله[14]: سَبُّ أصحاب النبي عليه السلام وتنقُّصهم أو أحدٍ منهم مِن الكبائر المُحرَّمة، وقد لَعَن النبي عليه الصلاة والسلام فاعلَ ذلك، وذكر أنه مَن آذاه وآذى الله فإنه لا يُقْبَل منه صرفٌ ولا عدلٌ.


وقال النووي رحمه الله[15]: اعلم أنَّ سَب الصحابة رضي الله عنهم حرامٌ مِن فواحش المُحرَّمات؛ سواءٌ مَن لابس الفِتَن منهم وغيره؛ لأنهم مجتهدون في تلك الحروب مُتأوِّلون.


قال القاضي: وسبُّ أحدهم مِن المعاصي الكبائر، ومذهبُنا ومذهبُ الجمهور أنه يُعزَّر ولا يُقتل، وقال بعض المالكية: يُقتَل.


وقال الذهبي رحمه الله[16]: مَن سَبَّ أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فقد بارز الله تعالى بالمحارَبة، بل مَن سَبَّ المسلمين وآذاهم وازدراهم، فقد قدَّمْنا أن ذلك مِن الكبائر، فما الظن بِمَنْ سَبّ أفضل الخَلْق بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟!


وقال ابن النَّحَّاس رحمه الله[17]: اختلف العلماءُ في تكفير مَن سَبَّ أبا بكرٍ وعمر رضي الله عنهما، وكذلك فيمَن سبَّ غيرهما من الصحابة رضي الله عنهم، والأقوال في ذلك كثيرةٌ، والحاصلُ منها أنَّ الساب دائرٌ بين ارتكاب كفرٍ أو كبيرةٍ من الكبائر.


وقال ابن عبد الهادي رحمه الله[18]: بُغض الصحابة أو أحدٍ منهم، سواءٌ أبو بكرٍ أو عمر أو عثمان أو عليٍ أو كائنٌ مَن كان من الكبائر، وهي كبيرةٌ عظيمةٌ، وأكبرُ مِن الزِّنا وشُرب الخمر وأكل الميتة واللواط، والله أعلم.


ويرحم الله أبا زرعة الرازي؛ فقد كان يقول[19]: إذا رأيتَ الرجل يَنتقص أحدًا مِن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعلمْ أنه زنديقٌ، وذلك أنَّ الرسول صلى الله عليه وسلم عندنا حقٌّ، والقرآن حقٌّ، وإنما أدَّى إلينا هذا القرآنَ والسننَ أصحابُ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما يريدون أن يَجْرحوا شهودنا ليُبطلوا الكتاب والسنة، والجرحُ بهم أَوْلَى وهم زنادقةٌ.


وقد عَدَّ بعض أهل العلم في الكبائر تقديم عليِّ بن أبي طالبٍ رضي الله عنه على أبي بكرٍ وعمر وعثمان رضي الله عنهم[20]، لكن في ذلك عندي نظرٌ؛ فلستُ أعلم خبرًا أتشبَّث به للقول بذلك، وإن كان هذا لا يجوز؛ فقولُ أهل السنة والجماعة أن أبا بكرٍ أفضل هذه الأمة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم عمر، ثم عثمان، ثم عليًّا رضي الله عنهم.


[1] أخرجه البخاري (17)، ومسلم (74).

[2] أخرجه البخاري (3783)، ومسلم (75).

[3] أخرجه مسلم (78)، قال النوويُّ رحمه الله (2/ 64): ومعنى هذه الأحاديث أنَّ مَن عرَف مرتبة الأنصار وما كان منهم في نصرة دين الإسلام، والسعي في إظهاره، وإيواء المسلمين، وقيامهم في مهمات دين الإسلام حق القيام، وحبهم النبي صلى الله عليه وسلم، وحبه إياهم، وعرَف مِن علي بن أبي طالبٍ رضي الله عنه قربه مِن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحب النبي صلى الله عليه وسلم له، وما كان منه في نصرة الإسلام وسوابقه فيه، ثم أحب الأنصار وعليًّا لهذا، كان ذلك من دلائل صحة إيمانه، وصدقه في إسلامه؛ لسروره بظهور الإسلام، والقيام بما يرضي الله سبحانه وتعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، ومَن أبغضهم كان بضد ذلك.

[4] "الكبائر" ن1 (410)

[5] أخرجه مسلم (76).

[6] أخرجه مسلم (77).

[7] صحيح: أخرجه أحمد (1/ 309)، والترمذي (3906).
قال ابن القيم رحمه الله: والمراد بالأنصار: مَن نَصَر الله ودينه ورسوله، وهؤلاء باقون إلى يوم القيامة، فمعاداة هؤلاء وبغضهم مِن أكبر الكبائر؛ نقَلَهُ ابن النحاس في "تنبيه الغافلين" (309).
قلتُ: وفيما قاله نظرٌ؛ فالحديثُ إنما هو في الأنصار الذين نصروا رسول الله صلى الله عليه وسلم لَمَّا هاجر إلى المدينة، وحَمْلُه على العموم بعيدٌ، والله أعلم.

[8] صحيح: أخرجه أحمد (4/ 96)، والنسائي في السُّنن الكبرى (8274)، والحكم بن ميناء ليس بصدوقٍ كما قال الحافظ، بل هو ثقةٌ إن شاء الله.

[9] صحيح: أخرجه أحمد (4/ 89)، والحاكم (3/ 390)، وابن حبَّان (7081).

[10] أخرجه مسلم (2504).

[11] إسناده ضعيف، وحسَّنه بعضُ أهل العلم بشواهده: أخرجه الطبرانيُّ في الكبير (12709)، وله شواهد لا أراه يصحُّ بها، والله أعلم، وانظر: "السلسلة الصحيحة" (2340).

[12] "الزواجر" (2/ 380).

[13] "شرح منظومة الكبائر" (325).

[14] "إكمال المعلم" (7/ 580).

[15] "شرح مسلم" (16/ 93).

[16] "الكبائر" ن1 (410).

[17] "تنبيه الغافلين" (163).

[18] "إرشاد الحائر" (36).

[19] انظر: عيون المسائل (2/ 487 - 488) لأبي الليث السَّمَرْقندي، عن مجموع مخطوط برقم (737) في مكتبة المتحف ببغداد، فيما نقله الشيخ مشهور في تحقيقه للكبائر للذهبي (9)، "شرح رسالة الصغائر والكبائر" (46).

[20] "الكفاية في علم الرواية" (49).




الساعة الآن : 12:57 AM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 21.26 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 21.16 كيلو بايت... تم توفير 0.09 كيلو بايت...بمعدل (0.44%)]