أوليــاء اللــه
أوليــاء اللــه إن الله تبارك وتعالى نهانا عن تولي الكافرين فقال جل في علاه: {يأيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولّهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين}، وأمر جلّ ذكره بتولي المؤمنين فقال سبحانه وتعالى حاصراً الولاية: {إنّما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يُقيمون الصلاة ويُؤتون الزكاة وهم راكعون}، ومدح الله تبارك وتعالى أولياءه فقال: {ألا إنّ أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون الذين آمنوا وكانوا يتقون}. إن الولاية درجة من الدين عظيمة لا ينالها العبد إلا إذا أخذ بهذا الدين ظاهراً وباطناً، قولاً وعملاً، وللولاية تعلّقات: 1- تعلّقٌ بالله: في أن الله جلّ وعلا يَنصر العبد ويحبه ويثبته على صراطه المستقيم.2- تعلّق بالعبد: فهي في مصير العبد إلى مرضاة الله تبارك وتعالى قولاً وعملاً. 3- يقول الحافظ بن الحجر -رحمه الله تبارك وتعالى- في بيان ولي الله -تبارك وتعالى-: «من يكون ولي الله هو العالِم بالله المخلصُ له المستقيم والمواظب على طاعته»، فهذه ثلاث صفات حصر فيها الحافظ ابن حجر رحمه الله ولي الله تبارك وتعالى، فالله سبحانه وتعالى ما اتّخذ ولياً جاهلاً بل لا بد أن يكون الولي عالما بالله تبارك وتعالى، فهو عالم بالله تبارك وتعالى من وجوه: 1) يعرف ربه -تبارك وتعالى- في أسمائه وصفاته وأفعاله جلّ وعلا. 2) يعرف الله -تبارك وتعالى- في أمره ونهيه. 3) يعرف ربه -تبارك وتعالى- عن طريق رسله وكتبه. 4) يعرف ربه -تبارك وتعالى- عن طريق مخلوقاته وآياته. ثم هو المخلص في عبادته الذي لا يريد بطاعته ولا قُرُباته وجوه الناس، لا رياءً ولا سمعة، وإنما يريد ما عند الله تبارك وتعالى، ثم هو المواظب على طاعة الله تبارك وتعالى لا يعبد الله تبارك وتعالى كلما اشتهت نفسه فقط، بل في المنْشَط والمكْره، يُقيم على طاعة الله -تبارك وتعالى- فيما أحب وكره، فيما نشطت له النفس وكسلت، مقيم على طاعة الله -تبارك وتعالى-، وقال أهل العلم: إن أولياء الله -تبارك وتعالى- ينقسمون إلى قسمين ذكرهما الله -تبارك وتعالى- في كتابه العزيز: القسم الأول: سابقون مُقرّبون، فهؤلاء نالوا المرتبة العليا، ونالوا الفردوس عند الله -تبارك وتعالى-، ونالوا الزلفى عند الله -تبارك وتعالى-، نسأل الله -تبارك وتعالى- أن يجعلنا وإياكم منهم. القسم الثاني: أصحاب يمين مقتصدون، فهؤلاء من أولياء الله -تبارك وتعالى- لأنهم ليسوا من أعدائه، ولكن هم من أوليائه الذين خلطوا عملاً صالحاً وآخر سيئاً غير أنهم ما خرجوا من ولاية الله -تبارك وتعالى-؛ ولذلك قال أهل العلم: قد يجتمع للمؤمن ولاية من وجه وعداوة من وجه آخر، كما يجتمع فيه إيمان وكفر ويجتمع فيه طاعة ومعصية فكذلك يجتمع في المؤمن إيمان وولاَية ومعصية وعداوة، نحب فيه طاعته ونبغض فيه معصيته، فهؤلاء مقتصدون أصحاب يمين لهم وعليهم. صفة الولي: - ولي الله -تبارك وتعالى- لا يُعرف بين الناس بلباس معين ولا بمشية معينة ولا بأكل معين، وإنما هو عبدٌ من عباد الله -تبارك وتعالى-، والولاية ينالها العبد عند الله تبارك وتعالى بما وقر في قلبه من الإيمان والتقوى وكذلك ما ظهر من أعماله مما يظهر للناس ويرونه ولكن ما وقر في القلب أعظم، وأولياء الله مهما وصلوا من الدرجات العلا عند الله -جل وعلا- فإنهم لا يصلون أبداً إلى درجة نبي من الأنبياء، وذلك أن أنبياء الله هم سادة الأولياء وهم أول الأولياء وبعدهم يأتي أصحاب -محمد صلى الله عليه وسلم-، فنبيٌ واحد خيرٌ من جميع الأولياء. - وقد يُجري الله بعض الكرامات على أيدي بعض أوليائه وذلك إذا احتاجوا إلى ذلك الأمر كما قال تبارك وتعالى: {ومن يتقِ الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب} وقال: {إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا} وقد تكون تثبيتاً لهم ولغيرهم ممن يتبعهم أو يقتدي بهم. وهذه الكرامات لا تصل إلى معجزات الأنبياء بل هي دون معجزات الأنبياء، فلا يمكن أن تكون كرامة لولي كمثل القرآن الكريم، وعصا موسى، وناقة صالح، بل هم دون الأنبياء كما أن كراماتهم دون كرامات ومعجزات الأنبياء. نعم، قد يُعطي الله تبارك وتعالى كرامة لنبي مثل كرامة وليّ ولكن أصل المعجزات أعظم من كرامات الأولياء. وقد ذكر الله تبارك وتعالى في كتابه وذكر رسوله صلى الله عليه وسلم في سنته وذكر لنا سلفنا الصالح رحمهم الله -تبارك وتعالى- في كتبهم بعض الكرامات التي أظهرها الله على أيدي بعض أوليائه، فنذكر منها: 1- قول الله -تبارك وتعالى- عن سليمان -عليه الصلاة والسلام- لما قال: {أيّكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين قال عفريت من الجن أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك وإني عليه لقويٌ أمين قال الذي عنده علمٌ من الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتدّ إليك طرْفُك فلما رآه مستقراً عنده قال هذا من فضل ربي} وقد نصّ جُلّ علماء التفسير على أن ذلك الرجل كان من الإنس وأنه كان ولياً من أولياء الله تبارك وتعالى دعا الله جلّ جلاله فاستجاب له بقوله «كن فيكون» فكان العرش عند سليمان صلوات الله وسلامه عليه. 2- ومن الكرامات التي نص عليها النبيّ -صلى الله عليه وآله وسلم- ما وقع لجُريْج العابد، إذ كان مخلصاً لله تبارك وتعالى ولكن وقعت منه زلّه فاستجاب الله دعاء أمه عليه، ثم نجاه الله -تبارك وتعالى- من قتلِ قومه له بأن أنطق الصبيّ وهو رضيع. اعداد: الشيخ: عثمان الخميس |
الساعة الآن : 10:21 PM |
Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour