ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=81)
-   -   عذاب القبر ونعيمه (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=283705)

ابوالوليد المسلم 06-10-2022 04:00 PM

عذاب القبر ونعيمه
 
عذاب القبر ونعيمه
رمضان صالح العجرمي


١- حقيقة القبر.
2- الأدلة على عذاب القبر.
٣- أسباب عذاب القبر.
٤- ما ينفع الميت في قبره.

الهدف من الخطبة:
التذكير بعذاب القبر ونعيمه مع بيان أسباب عذاب القبر للحذر منها، وبيان ما ينفع العبد في قبره، مع ما في ذلك من ترقيق للقلوب، وتذكير بالدار الآخرة.

مقدمة ومدخل للموضوع: لقاؤنا اليوم بإذن الله تعالى:
مع أول منازل الدار الآخرة.

مع أعظم ما يرقق القلوب ويذكِّر بالآخرة.

مع القبر، نتعرف على أدلة إثبات عذابه، وأسباب هذا العذاب، مع بيان أسباب النجاة من خلال هذه الوقفات الأربع:

الوقفة الأولى: حقيقة القبر:

القبر هذا المقر وهذا المستقر، تلكم الحقيقة التي قل من يتفكر فيها، ويأخذ بأسباب النجاة؛ منها:
القبر الكل سيدخله وسيسكنه الصغير والكبير، والمريض والصحيح، والضعيف والقوي، والفقير والغني.

نعم، إنها الحقيقة التي لا بد من معرفتها، والإيمان بها، والاستعداد لها.

كان عثمان بن عفان رضي الله عنه إذا وقف على قبر يبكي، حتى يبل لحيته فقيل له: تذكَّر الجنة والنار، فلا تبكي، وتبكي من هذا؟ فقال: إني سمعت رسول الله ‏صلى الله عليه وسلم ‏يقول:‏ ((إن القبر أول منزل من منازل الآخرة، فإن نجا منه، فما بعده أيسر منه، وإن لم ينجُ منه، فما بعده أشد منه))، قال: وقال رسول الله ‏صلى الله عليه وسلم: ((ما رأيت منظرًا قط إلا والقبر أفظع منه)).

نعم، فإن القبر فيه نعيم، وفيه أيضًا عذاب لمن استحق هذا العذاب.

ولو أن الله تعالى أطلعنا على أصوات المعذَّبين في قبورهم لصعق الناس من شدته.

واسمع لهذا الخبر؛ فقد روى البخاري في صحيحه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال صلى الله عليه وسلم: ((إذا وُضعت الجنازة فاحتملها الرجال على أعناقهم، فإن كانت صالحة قالت: قدِّموني قدموني، وإن كانت غير ذلك، قالت: يا ويلها، أين يذهبون بها؟! يسمع صوتها كل شيء إلا الإنسان، ولو سمعها الإنسان لصَعِقَ)).

الوقفة الثانية: الأدلة على عذاب القبر:
فإن عذاب القبر حقٌّ يجب الإيمان به، والأدلة على ذلك كثيرة من القرآن والسنة.

فمنها: قول الله تعالى عن آل فرعون: ﴿ النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ ﴾ [غافر: 46].

تعرض أرواحهم على النار صباحًا ومساءً إلى أن تقوم الساعة.

وعن عائشة رضي الله عنها أنها سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عذاب القبر؟ فقال: ((نعم، عذاب القبر حقٌّ، قالت: فما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك صلى صلاة إلا تعوَّذ بالله من عذاب القبر)).

وعنها رضي الله عنها أيضًا أنه صلى الله عليه وسلم قال: ((إن للقبر ضغطة، ولو كان أحد ناجيًا منها، لنجا منها سعد بن معاذ)).

وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عندما مر على قبرين فقال: ((إنهما لَيعذبان؛ أحدهما يعذب بالنميمة، والثاني يعذب لعدم تنزهه من البول)).

وعذاب القبر تسمعه البهائم.

ففي صحيح مسلم عن زيد بن ثابتٍ رضي الله عنه قال: ((بينما النبي صلى الله عليه وسلم في حائطٍ لبني النجار على بغلةٍ له، ونحن معه، إذ حادت به فكادت تلقيه، وإذا أقْبُر ستة أو خمسة أو أربعة، فقال: من يعرف أصحاب هذه الأقبر؟ فقال رجل: أنا، قال: فمتى مات هؤلاء؟ قال: ماتوا في الإشراك، فقال: إن هذه الأمة تُبتلى في قبورها، فلولا ألَّا تدافنوا لدعوت الله أن يُسمِعكم من عذاب القبر الذي أسمع منه، ثم أقبل علينا بوجهه، فقال: تعوَّذوا بالله من عذاب القبر)).

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "ولهذا السبب يذهب الناس بدوابهم إذا مغلت - إمساك ومغص يجعلها تأكل التراب - إلى قبور اليهود والنصارى والمنافقين، فقد قيل: إن الخيل إذا سمعت من عذاب القبر، حصل لها من الحرارة ما يذهب هذا المَغْلِ".

وهذا العذاب أو النعيم في القبر يشمل كل من مات، حتى لو أكلته السباع، أو أُحرق بالنار، أو أُغرق بالبحر، فإنه يشمله هذا العذاب أو النعيم.

وهنا شبهة والرد عليها:
قد يقول قائل: نفتح القبر ولا نرى من ذلك شيئًا؟
أولًا: إن الله تعالى جعل الدور ثلاثًا: الدنيا، والبرزخ، والآخرة، ولكل دار أحكام وأحوال تختص بها.

ثانيًا: إن الله تعالى جعل الآخرة وما كان متصلًا بها من موت، وقبر، وبعث، من أمور الغيب، وحَجَبَها عن إدراك المكلَّف؛ ليتميز المؤمن الصادق بالغيب من غيره.

ثالثًا: كذلك فإن النار في القبر والنعيم ليست كنار الدنيا ونعيمها، فإنك ترى النائمين الاثنين متجاورين، وعلى فراش واحد، أحدهما يتألم مما يراه في منامه، والآخر يتنعم.

الوقفة الثالثة: أسباب عذاب القبر: فمنها: ما جاء في حديث القبرين:
أما أحدهما كان لا يستبرئ من بوله.

وأما الآخر كان يمشي بين الناس بالنميمة.

ومنها: ما جاء في حديث الرؤيا:
الذي يُعرِض عن القرآن وينام عن الصلاة المكتوبة ((يثلغ رأسه بالحجارة)).
الزناة ((في مِثْلِ التَّنُّور)).
آكل الربا ((في نهر من الدم ويُلقَم الحجارة)).
الكذَّاب ((يُشَرْشَرُ شدقه إلى قفاه)).

ومنها: عذاب الذين ينتهكون أعراض الناس:
((لهم أظفار من نحاس يخمشون بها وجوههم وصدورهم)).

ومنها: زيادة العذاب ببكاء أهله عليه، وكذلك بعض أقوال أهله فيه:
كقولهم: (وا سنداه، وا جبلاه، ونحوه).
فيا من بدنياه اشتغل https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
وغرَّه طولُ الأمل https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
الموت يأتي بغتةً https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
والقبر صندوق العمل https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif


نسأل الله العظيم أن يعيذنا من فتنة القبر وعذابه، وأن يجعل قبورنا روضة من رياض الجنة.

الخطبة الثانية
مع الوقفة الرابعة: أسباب النجاة من عذاب القبر أو ما ينفع الميت في قبره:
1- مما ينجي من عذاب القبر اللجوء إلى الله تعالى، والاستعاذة به من عذاب القبر عقب التشهد في الصلوات.

فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إذا تشهد أحدكم فليستعذ بالله من أربع، يقول: اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجال)).

وفي رواية: ((إذا فرغ أحدكم من التشهد، فليتعوَّذ بالله من أربعٍ ...)).

دعاء عظيم لا ينبغي للعبد أن يتركه عقب كل تشهد، يحفظك الله تعالى، وينجيك من هذه العظائم الأربع.

وعن ابن عباسٍ رضي الله عنهما: ((أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعلمهم هذا الدعاء، كما يعلمهم السورة من القرآن)).

ورُوي أن طاوسًا رحمه الله قال لابنه: أدعوت بها في صلاتك؟ فقال: لا، قال: أعد صلاتك؛ لأنه قد رواه عن ثلاثةٍ أو أربعةٍ من الصحابة.

2- ومما ينجي من عذاب القبر قراءة سورة الملك (تبارك).

فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((سورة تبارك هي المانعة من عذاب القبر)).

وفي رواية: ((إن في القرآن سورة ثلاثون آية، شفعت لرجل حتى غُفر له))؛ [أبو داود، والترمذي].

3- ومما ينفع الميت في قبره الدعاء له، والاستغفار، والصدقة عنه، وقضاء ديونه عنه؛ وذلك للأحاديث:
فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه فقال: ((استغفروا لأخيكم، واسألوا له التثبيت؛ فإنه الآن يُسأل))؛ [رواه أبو داود، وقال الحاكم صحيح الإسناد].

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((ما من ميت يصلي عليه أمة من المسلمين، فيشفعون له إلا شفعوا فيه)).

4- ومما ينفع الميت في قبره العملُ الصالح.

كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم: ((يَتْبَعُ الميت ثلاثة، فيرجع اثنان، ويبقى معه واحد؛ يتبعه أهله وماله وعمله، فيرجع أهله وماله، ويبقى عمله)).

وتأمل هذا الحديث العظيم في بيان هذه الحقيقة: ((ويأتيه رجل حسن الوجه، حسن الثياب، طيب الريح، فيقول: أبْشِرْ بالذي يسرك؛ أبشر برضوان من الله، وجنات فيها نعيم مقيم، هذا يومك الذي كنت تُوعَد، فيقول له: من أنت فوجهك يجيء بالخير؟ فيقول: أنا عملك الصالح؛ لقد كنت سريعًا في طاعة الله، بطيئًا في معصية الله، فجزاك الله خيرًا، ثم يُفتَح له باب من الجنة، وباب من النار.

فيقال: هذا منزلك لو عصيت الله أبدلك الله به هذا، فإذا رأى ما في الجنة، قال: رب أقم الساعة؛ كي أرجع إلى أهلي ومالي)).

وتأمل أيضًا أمنيات أهل القبور:فقد روى الطبراني وصححه الألباني عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بقبر فقال: ((من صاحب هذا القبر؟ فقالوا: فلان، فقال: (ركعتان أحب إلى هذا من بقية دنياكم)).

وفي رواية قال: ((ركعتان خفيفتان مما تحقِرون وتنفلون يزيدها هذا في عمله أحب إليه من بقية دنياكم)).

5- ومنها الموت يوم الجمعة أو ليلتها.

ففي الحديث الصحيح: ((ما من مسلم يموت يوم الجمعة - أو ليلة الجمعة - إلا وقاه الله فتنة القبر)).

6- ومنها الموت بداء البطن (الطواعين وغيرها).

ففي الحديث الصحيح: ((من قتله بطنه، فلن يعذَّب في قبره)).

نسأل الله العظيم أن يجعل قبورنا وقبور والدينا روضة من رياض الجنة، وأن يعيذنا من فتنة القبر وعذابه.




الساعة الآن : 05:34 PM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 13.00 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 12.91 كيلو بايت... تم توفير 0.09 كيلو بايت...بمعدل (0.72%)]