ملتقى الشفاء الإسلامي - جنب الطلاب ونفسك الملل في قاعة التدريس

جنب الطلاب ونفسك الملل في قاعة التدريس

أ. عاهد الخطيب

أسباب كثيرة تَجعل من الحصَّة المدرسيَّة أو المحاضرةِ الجامعية مشوِّقة، وتجذب انتباهَ الطالب وتشُدُّه إليها، أو عكس ذلك تمامًا؛ تجعل منها بالنِّسبة له ساعةَ مَلَلٍ أو ضجر، ينتظر بفارغ الصبر صوت الجرس أو انتهاء الوقت ليغادر الصفَّ أو قاعة المحاضرة.

ولا يختلف اثنان على أنَّ شخصيَّة المدرِّس، وأسلوبه في التدريس والشرح والتواصل مع الطلبة - هي العوامل البارزة في ذلك، يليها طبيعة المادَّة نفسها أو المقرَّر، وأمور أخرى كثيرة.

بإمكان أي مدرِّس بقليل من الجهد أن يجعل من حصَّته مشوِّقة لطلَّابه بقدر ما هي مفيدة لهم من الناحية العلمية، إذا امتلك الإرادةَ لذلك والرَّغبة فيه أولًا، وكذلك المؤهِّلات والأدوات المناسبة، وأحسَنَ استخدامها، وهذه بعض الإرشادات التي أراها ذات فائدة لأيِّ مدرِّس في المدرسة أو الجامعة أو أي مؤسسة تعليمية أخرى:

1- التحضير الجيِّد للحصَّة المبني على فهمه العميق للمادة النظرية والجانب العملي للمقرَّر الذي يدرِّسه، والمفترض أنَّه في صلب مجال تخصُّصه الدراسي؛ ممَّا يسهِّل عليه تطويع المستعصي على الفهم منه، وتقريبه للطالب بأكبر قدرٍ ممكن مهما كانت طبيعة المادَّة وما تنطوي عليه من صعوبات وتعقيدات.

2- الحرص على التنويع في الأساليب وطَرح الأفكار والمفاهيم، والإكثار من استخدام الأمثلة العمليَّة وربطها بالمادَّة العلمية النظرية؛ لأنَّ المثال العمليَّ من أنجع الوسائل لتقريب المفاهيم ورَبطِ بعضها بالبعض الآخر.

3- الاستفادة القصوى من وسائل الإيضاح التي توفِّرها المؤسسة التعليمية بكفاءة عالية؛ كوسائل العرض الإلكترونية الحديثة، والخرائطِ والصور والمجسمات، والطباشير والأقلام الملوَّنة، وكل ما هو متاح؛ فهذه الوسائل إضافةً لتبسيطها للأفكار والنَّظريات والمفاهيم، هي أيضًا من وسائل التشويق المشجِّعة للطالب، الجاذبةِ للانتباه.

4- الحفاظ على جوٍّ نشِط مفعَم بالحيويَّة داخل الصفِّ؛ بالحركة الدائمة، والتنقُّل بين الطلاب أثناء الشرح، ومتابعتهم فرديًّا إن أمكن أثناء التطبيق، وعدم الاكتفاء بالجلوس في مكان ثابت طَوالَ وقت الدرس كما يحلو للبعض أن يفعل مكتفيًا بالكلام الهادئ المتواصل؛ مما يضفي جوًّا من الملَل على غرفة الدرس يشجِّع الطلبةَ على الاسترخاء والكسل.

5- تقبُّل أسئلة الطلبة، وإتاحة وقت مناسب لذلك، وتشجيع جو النِّقاش والحوار، وعدم الانزعاج من الآراء المعارضة ما دام ذلك في إطار الالتزام بأدب الحوار، وعدم نعت الطلبة المخطئين بأوصاف سيِّئة مهينة؛ لأنَّ إيذاء مشاعر الطالب أو تقريعه أمام زملائه - خصوصًا محدودي الذَّكاء - يَزيدُ من إحباطهم، ويرسخ في أذهانهم عجزَهم، ويُبعدهم أكثر عن جوِّ الدراسة والتعلم.

6- توزيع المقرَّر بشكل فعَّال ومنظَّم على عدد الحصص أو المحاضرات بشكل يتيح تغطيته كاملًا ضمن المدَّة المقررة سلفًا، وإن ضاق الوقت لسبب أو لآخر يَلجأ للتركيز على الأهمِّ، وتجنُّب اللجوء للحصص الإضافية أو تمديد أوقات الحصص؛ لأنَّ في ذلك إرهاقًا للطلبة، وليس من شأنه تحسينُ الوضع.

7- إذا اكتشف أحد الطلبة خطأ في شرح المدرس، فعليه تقبُّل الأمر بصَدر رحب، وشُكر الطَّالب، وتصحيح الخطأ؛ فمثل هذا التصرُّف السليم والمسؤول يزيد من احترام الطَّلبة لمدرِّسهم وتقديرهم له، ولا يقلِّل أبدًا من شأنه كما يظن البعض ويلجؤون للتهرُّب وتفسير الأمر بأيِّ طريقة كانت، وربما يصِل بهم الأمر لتقريع الطالب وكأنه هو المخطئ.

8- اجعل من طلبتك عناصرَ فاعِلةً مشارِكة، وشجِّعْهم على ذلك؛ بحثِّهم على طرح الأسئلة، وإشراكهم في الكتابة على السبورة، وشرح بعض النقاط في الدرس، وما إلى ذلك من أوجه النَّشاط التفاعلي التي تعزِّز ثقتهم بأنفسهم، وتزيد من تشوقهم للحصة.