ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   الملتقى العلمي والثقافي (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=54)
-   -   العام الدراسي الجديد.. أمل وألم (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=267180)

ابوالوليد المسلم 26-10-2021 05:31 AM

العام الدراسي الجديد.. أمل وألم
 
العام الدراسي الجديد.. أمل وألم
د. مصعب سلمان أحمد السامرائي





مع بداية العام الدِّراسي الجديد تنطلِق مسيرة العلم، وتفتح قِلاعُ المعرفة، ويبرق فَجر غدٍ مملوء بالأماني، والنَّاسُ أمامه أصناف، والمستقبِلون له ألوان وأشكال؛ بين محبٍّ مرغِّب، وكارِهٍ مثبِّط، ومتقدِّم مسرع، ومحجم راقِد في مستنقع، ومتفائل مَسرور، ومتشائم حزين ومكسور.

ونلحظ توجيهات القرآن الكريم والسنَّة النبوية الشريفة للهِمَم رافعة، ولنَيل المراتب العالية نصوصه داعية وناصعة.
فرفعت ذِكر المتعلِّمين، قال تعالى: ﴿ يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ﴾ [المجادلة: 11].
ولم تساوِ بين عموم النَّاس والعلماء العاملين، فقال تعالى: ﴿ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [الزمر: 9].
وقرنت شهادتهم بشهادة ربِّ العالمين، فقال تعالى: ﴿ شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ ﴾ [آل عمران: 18].
وسخَّر الله المحسوسَ وغير المحسوس لطالب العلم، قال صلى الله عليه وسلم: ((وإنَّ الملائكة لَتضَعُ أجنحتَها لطالب العلم رضًا بما يَصنع)).
وسهَّل لهم أصعبَ الطُّرق، وقرَّب أطولها، فقال صلى الله عليه وسلم: ((مَن سلَك طريقًا يلتمس فيه علمًا، سهَّل الله له طريقًا إلى الجنَّة)).
ورحَّب النبيُّ الكريم بالمقبِل على باب التعليم، فقال: ((مرحبًا بطالب العلم)).
وغير ذلك من الأدلَّة الرائعة، والبراهين الساطِعة، التي تَبعث النفوس والأرواح على التسارع والتسابُق في تحصيل العلم النافع، والتزاحمِ بين الراغبين على الرُّكَب ومُجالسة أهل العلم والنور الساطع.

وقد يعرض في الطلب ما يكدِّر الخاطر، ويجعل الحليمَ كالحائر، ويضيع بهجةَ النفوس، ويظلم القلوبَ فلا تدرك المعاني ولا المحسوس.

كأنْ تُنصب الغايات، وتفرغ الأوقات والساعات، للبحث عن الملذَّات، بجعل العلم وسيلة لتلبية الرَّغبات والحاجات.
فيزهد في تَحصيل العلوم، وينحصر الطلَب على قلَّة باقية من الدنيا الفانية.
فيطرق أبوابَ العلم لغير مرادِ الله من الفِقه لمقاصد الشَّرع من التدبُّر والفهم.
ويشتغل به في تَحصيل ما يُرضي النَّفس والناس، وتضييعِ الأوقات في تحسين الصورة واللباس.

فيستبدل الذي هو أدنى بالأعلى والأولى بالآخرة، وهذه - لو علم الطالب - طامَّة كبرى، وهاوية عظمى.
ومن تلك المقاصد الرذيلة:
1 - طلب العلم لتحصيل مَتاع الدنيا؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من تعلَّم علمًا مما يُبتغى به وجه الله عزَّ وجل، لا يتعلَّمه إلا ليصيب به عرَضًا من الدنيا، لم يجِد عَرف الجنَّة يوم القيامة))؛ يعني: ريحَها.

2 - طلب العلم للمفاخرة والمباهاة؛ فعن أنَس، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من تعلَّم العلم ليباهي به العلماء، أو ليُماري به السُّفهاء، أو ليصرِفَ به وجوهَ الناس إليه، فهو في النَّار)).

وعن جابر، عن النَّبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا تَعلَّموا العلمَ لتُباهوا به العلماء، ولا لتُماروا به السُّفهاء، ولا تَخيَّروا به المَجالس، فمن فعل ذلك؛ فالنار النار)).

3 - طلَب العلم لاستمالة قلوب النَّاس؛ فعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من تعلَّم صرف الكلام ليسبي به قلوب الرِّجال أو النَّاس، لم يَقبل الله منه يوم القيامة صرفًا ولا عدلًا)).

4 - طلَب العلم لغير وَجه الله تعالى؛ فعن ابن عمر رضي الله عنهما، أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((مَن طلَب العلمَ لغير الله، أو أراد به غير الله، فليتبوَّأ مقعده من النار)).

وبين هذا وذاك نجِد أنَّ العلم سيف ذو حدَّين، ينجو به مَن استعمله في محلِّه، ويَهلِك به من طلبه لغير ما شرع له.

فالسَّعيد من طلبه لرِضا ربِّه ونيل القُرب منه، والشَّقي من طلَبه لنَيل الجاه والمراتب وتحصيل الدنيا.

وما تصحيح المقاصد إلَّا وسيلة عظيمة في هذا الباب، كيف لا وقد قال صلى الله عليه وسلم: ((إنَّما الأعمال بالنيَّات، وإنَّما لكلِّ امرئ ما نوى))؟

اللهمَّ علِّمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علَّمتنا، وزِدنا علمًا يا ربَّ العالمين.


الساعة الآن : 06:10 PM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 8.36 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 8.26 كيلو بايت... تم توفير 0.09 كيلو بايت...بمعدل (1.12%)]