ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   ملتقى الشعر والخواطر (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=30)
-   -   ترى من أين أتى الشعر؟ (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=285394)

ابوالوليد المسلم 22-11-2022 04:34 AM

ترى من أين أتى الشعر؟
 
ترى من أين أتى الشعر؟
ماجد محمد الوبيران


وهل ما يقال من أن أقدم نص أدبيٍّ هو (أُخْذَةُ كِشْ)، الذي يعود إلى حضارة كِشْ في العراق، العائدة إلى السلالة الأكاديَّة الموجودة قبل أكثر من أربعة آلاف سنة، والذي هو عبارة عن تعويذةٍ من شاعرٍ لمحبوبته، هو قول صحيح مُعتمَد؟!

تساؤلان قاداني للدخول في حوار واسع مع أحد الشعراء الكبار حول حقيقة الشِّعر، التي كانت وما زالت تُمثِّل لديَّ لُغزًا كبيرًا تكوَّن من خلال الكثير من الشواهد التراثية، والأمثلة الثقافية على مرِّ العصور.
وإن كان ذلك الشاعرُ قد بقي مُصرًّا على أن الشعر موهبةٌ تُغذِّيها الثقافة والاطِّلاع والدُّربة، إلا أن كلَّ هذا لم يكن كفيلًا بحلِّ مكنونات تلكم الحالة التعبيرية عندي؛ لأنني حرتُ من شعر شاعرٍ كفيفٍ برع في الوصف حتى فاق الواصفين من المبصرين!

فأبو العلاء المعريُّ كان قد برع في وصف الشمس والنجوم والكواكب، وهو الذي لم يُبصرْها قطُّ:
فها هو يُصوِّر الشمس في كبد السماء بالذهب، فيقول:
وقلت الشمسُ بالبيداء تِبرٌ ♦♦♦ ومثلُك مَن تخيَّل ثم خـالا

وكذا نجد الشاعر اليمنيَّ الضرير عبدالله البردُّوني يذكر الدوالي والسواقي، فيقول:
وحتى الدوالي فيك ضاع مصيفُها ♦♦♦ وحتى السواقي ضيّعت منبع النهر

وهل كان في اليمن نهر؟!
ثم إن كانت الثقافة هي داعمةَ الموهبة الشعرية، فلِمَ لمْ يكن سيبويه، أو ابن جنِّي، أو الجُرجاني شعراءَ، وهم الذين كانت لديهم الثقافة اللُّغوية الهائلة التي مكَّنتهم من تأليف كتبٍ عظيمةٍ من مخزونهم الثقافيِّ اللُّغوي؟!

ثم لِمَ كان عنترة الفارس شاعرًا، ولم يكن ابن منظور مثله؟! وما معنى أن يقول امرؤ القيس:
"تُخيِّرُني الجنُّ أشعارَها ♦♦♦ فما شئتُ من شعرِهن اصطفيتُ"؟

ولِمَ شاع عند العرب منذ القدم أن لكل شاعر شيطانًا يُعلِّمه الشعر؛ فذكروا أن لافظ بن لاحظ هو صاحب امرؤ القيس، وهاذر بن ماهر صاحب النابغة، وجالد بن ظل صاحب عنترة؟!
وشاع عندهم نسبةُ هذه الشياطين إلى وادي عبْقر، الوادي السحيق الواقع في نجد، وهل كان الشعراء قديمًا في جزيرة العرب فقط؟

وحديثًا حاول العِلم أن يتحايل على تلك الحال التعبيرية لدى الشعراء؛ فظهر علم النفس مموهًا ذلك بوصفه إياها بالإلهام، فهو يرى أن الشِّعر لونٌ من الإبداع التوتري المحتاج إلى الإلهام.
ومن المعلوم أنني حين أكتب مُشخِّصًا حالًا معينة، فلست تمامًا كمن يمارسها بفكره ونفسه، وأعصابه وشعوره!
أتساءل كثيرًا عن خال زهير بن أبي سلمى شاعر الحوليَّات الذي كان ينظمها في شهر، ويُهذِّبها في سَنة؟!

ثم لمَ كان أمير الشعراء أحمد شوقي يكتب بعض قصائده على كفِّ يده؟! وما تفسير ما ذكره سكرتيره الخاص من أن "شوقي" كان يتناول صفار ثلاث بيضات قبل نظمِ القصائد المستعجلة؟!
ولمَ كان نزار قباني لا يكتب قصائده إلا على ورق أصفر، أو وردي؟! وهو القائل عن الشِّعر: "الشِّعر، ما هو الشِّعر؟ لا أعرف ... لا أعرف ... لا أعرف!!".

ولا شك أن كل هذا - وغيره كثيرٌ - يعزِّز ما لديَّ من تصوُّر وانطباع عن الشعر، ولا يُقلِّل أبدًا من قيمة الشعر ومنزلته لدى العرب منذ القدم، وهم الذين قالوا عنه: ديوان العرب، ولا الشعراء الذين وصفهم إمام العربية الخليل بن أحمد بقوله: "الشعراء أمراء الكلام"! وللتساؤل بقية.




الساعة الآن : 04:56 PM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 7.23 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 7.14 كيلو بايت... تم توفير 0.09 كيلو بايت...بمعدل (1.30%)]