ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   فتاوى وأحكام منوعة (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=109)
-   -   الديات في الإسلام (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=280568)

ابوالوليد المسلم 16-08-2022 07:29 PM

الديات في الإسلام
 
الديات في الإسلام
الشيخ صلاح نجيب الدق

الْحَمْدُ لِلَّهِ، الذي أكملَ لنا الدين، وأتم علينا نعمته، ورضيَ لنا الإسلام دينًا، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ، الَّذِي أَرْسَلَهُ رَبُّهُ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا، وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا؛ أما بعدُ:
فاللهُ تعالى خَلَقَ الإنسان وكَـــرَّمهُ وأمَرنا بالمحافظة على دمه؛ قال الله تعالى: ﴿ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا ﴾ [الإسراء: 70].

وقال سبحانه: ﴿ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا ﴾ [المائدة: 32].

قَالَ مُجَاهِدٌ بن جبر رحمه الله: "مَنْ قَتَلَ نَفْسًا مُحَرَّمَةً يَصْلَى النَّارَ بِقَتْلِهَا، كَمَا يَصْلَاهَا لَوْ قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا، وَمَنْ أَحْيَاهَا؛ أَيْ: مَنْ سَلِمَ مِنْ قَتْلِهَا، فَكَأَنَّمَا سَلِمَ مِنْ قَتْلِ النَّاسِ جَمِيعًا"؛ [تفسير البغوي، ج: 3، ص: 46].

لذلك شرع الله تعالى الدية؛ زجرًا للناس لكي يحافظوا على حياة الإنسان، والدية لها أحكام شرعية ينبغي على المسلم معرفتها؛ فأقول وبالله تعالى التوفيق:
تعريف الدية:
الدِّيَةُ: هي المالُ الذي يُعْطى إلى المجني عليه أو إلى أوليائه أو ورثته بسبب جناية.

وتُسَمَّى الدِّيَةُ بالعقل؛ وذلك لأنهم كانوا يأتون بالإبل فيعقلونها يربطونها بفناء ولي المقتول، وقيل: لأن هذه الدِّيَة تَعْقِل؛ أي: تمنع إراقة دم القاتل؛ [الموسوعة الفقهية الكويتية، ج: 21، ص: 44].

مشروعية الدية:
الأصلُ في وجوب الدِّيَةِ القرآن والسُّنَّة وإجماع فقهاء المسلمين.

أولًا: القرآن:
يقولُ اللهُ تعالى: ﴿ وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا ﴾ [النساء: 92].

ثانيًا: السُّنة:
روى أبو داودَ عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عَمْرِو بنِ العاص: ((أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَطَبَ يَوْمَ الْفَتْحِ بِمَكَّةَ فَكَبَّرَ ثَلَاثًا، ثُمَّ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ، صَدَقَ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَهَزَمَ الْأَحْزَابَ وَحْدَهُ، أَلَا إِنَّ كُلَّ مَأْثُرَةٍ كَانَتْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ تُذْكَرُ وَتُدْعَى مِنْ دَمٍ أَوْ مَالٍ تَحْتَ قَدَمَيَّ إِلَّا مَا كَانَ مِنْ سِقَايَةِ الْحَاجِّ، وَسِدَانَةِ الْبَيْتِ، ثُمَّ قَالَ: أَلَا إِنَّ دِيَةَ الْخَطَأ، شِبْهِ الْعَمْدِ مَا كَانَ بِالسَّوْطِ وَالْعَصَا مِائَةٌ مِنْ الْإِبِلِ، مِنْهَا أَرْبَعُونَ فِي بُطُونِ أَوْلَادِهَا))؛ [حديث حسن، صحيح أبي داود للألباني، حديث: 3807].

ثالثًا: الإجماع:
أجمعَ فقهاءُ المسلمين على وجوب الدِّيَة؛ [المغني لابن قدامة، ج: 12، ص: 5].

مقدار الدية:
أجمعَ فقهاءُ المسلمين على أن الإبل أصلٌ في الدِّيَةِ، وأما ما ثبت في تقدير الدية بغير ذلك، فإنما هو مبنيٌّ على تقويمها بالإبل، ويجوز أخذ الدية من غير الإبل بما يناسب كل مكان على حدة، بشرط أن تكون هذه الدِّيَة مقدرة بقيمة الإبل.

روى أبو داودَ عَنْ عبدالله بن عَمْرِو بْنِ العاص، رضي اللهُ عنهما، قَالَ: ((كَانَتْ قِيمَةُ الدِّيَةِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَمَانَ مِائَةِ دِينَارٍ أَوْ ثَمَانِيَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ، وَدِيَةُ أَهْلِ الْكِتَابِ يَوْمَئِذٍ النِّصْفُ مِنْ دِيَةِ الْمُسْلِمِينَ، قَالَ: فَكَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ حَتَّى اسْتُخْلِفَ عُمَرُ رَحِمَهُ اللَّهُ فَقَامَ خَطِيبًا، فَقَالَ: أَلَا إِنَّ الْإِبِلَ قَدْ غَلَتْ، قَالَ: فَفَرَضَهَا عُمَرُ عَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ أَلْفَ دِينَارٍ، وَعَلَى أَهْلِ الْوَرِقِ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا، وَعَلَى أَهْلِ الْبَقَرِ مِائَتَيْ بَقَرَةٍ، وَعَلَى أَهْلِ الشَّاءِ أَلْفَيْ شَاةٍ، وَعَلَى أَهْلِ الْحُلَلِ مِائَتَيْ حُلَّةٍ، قَالَ: وَتَرَكَ دِيَةَ أَهْلِ الذِّمَّةِ لَمْ يَرْفَعْهَا فِيمَا رَفَعَ مِنْ الدِّيَةِ))؛ [حديث حسن، صحيح أبي داود للألباني، حديث: 3806].

وعلى ذلك نقول وبالله تعالى التوفيق أن الدِّيَةَ هي:
مائة من الإبل، أو مائتا بقرة، أو ألفا شاةٍ، أو ألف دينار، أو اثنا عشرة ألف درهم، وذلك بما يُناسبُ المكان الذي تمت في جريمة القتل؛ [المغني لابن قدامة، ج: 12، ص: 6 - 8، المجموع للنووي، ج: 19، ص: 47، ص: 51].

أولًا: دية النفس:
1- دية المسلم الحر: رجل أو امرأة:
مائة من الإبل أو ما يعادلها من المال، في القتل العمد، وتكون مغلظة، وتجب في مال القاتل نفسه؛ [المجموع للنووي، ج: 19، ص: 40].

روى الترمذيُّ عَنْ عبدِالله بنِ عَمْرِو بْنِ العاص أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((مَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا دُفِعَ إِلَى أَوْلِيَاءِ الْمَقْتُول، فَإِنْ شَاؤوا قَتَلُوا، وَإِنْ شَاؤوا أَخَذُوا الدِّيَةَ، وَهِيَ ثَلَاثُونَ حِقَّةً، وَثَلَاثُونَ جَذَعَةً، وَأَرْبَعُونَ خَلِفَةً، وَمَا صَالَحُوا عَلَيْهِ، فَهُوَ لَهُمْ؛ وَذَلِكَ لِتَشْدِيدِ الْعَقْلِ))؛ [حديث حسن، صحيح الترمذي للألباني، حديث: 1121].

2- دية القتل شبه العمد: هي ديةٌ مغلظةٌ مائة من الإبل، أربعون منها في بطونها أولادها، أو ما يعادلها من المال تدفعها عاقلة الجاني لأهل القتيل؛ [المجموع للنووي، ج: 19، ص: 40، المغني لابن قدامة، ج: 11، ص: 462، 463].

3- دية المسلمة الحرة: نصف دية الرجل المسلم الحر؛ أي: خمسون من الإبل.

وذلك في حالة القتل الخطأ، وكذلك دية أطرافها وجراحها؛ [المغني لابن قدامة، ج: 12، ص: 56].

4- دية القتل الخطأ للمسلم الحر، المكلَّف، تكون مخففة؛ أي: مائة من الإبل، أو ما يعادلها من المال، وتدفعها عاقلة الجاني لأهل القتيل؛ [المغني لابن قدامة، ج: 11، ص: 463، 464].

فائدة هامة:
دية القتل العمد تدفع فورًا لأهل القتيل وتكون من مال الجاني نفسه، وأما دية القتل الخطأ وشبه العمد، فتكون على عاقلة الجاني، وتدفعها في ثلاث سنوات في كل سنة ثلث الدية، سواء أكانت هذه الدية في النفس أو الأطراف؛ [المجموع للنووي، ج: 19، ص: 146، 147].

روى البيهقيُّ عن عامر الشَّعْبِيِّ، أَنَّهُ قَالَ: ((جَعَلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الدِّيَةَ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ، وَثُلُثَيِ الدِّيَةِ فِي سَنَتَيْنِ))؛ [سنن البيهقي، ج: 8، ص: 109].

روى البيهقيُّ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَضَى بِالْعَقْل - أيْ بالدية - فِي قَتْلِ الْخَطَأ فِي ثَلاَثِ سِنِينَ؛ [سنن البيهقي، ج: 8، ص: 110].

قال الإمامُ الترمذيُّ رحمه الله: "أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ الدِّيَةَ تُؤْخَذُ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ، فِي كُلِّ سَنَةٍ ثُلُثُ الدِّيَةِ، وَرَأَوْا أَنَّ دِيَةَ الْخَطَأ عَلَى الْعَاقِلَةِ"؛ [سنن البيهقي، ج: 8، ص: 110].

ما المقصود بالعاقلة؟
العاقلةُ مأخوذةٌ من الْعَقْلِ: المنع، وسُميت بهذا الاسم؛ لأنهم يمنعون القتلَ عن الجاني، والعاقلةُ هم أقاربُ الجاني من جهة الأب، وهم:
الإخوة وبنوهم، ثم الأعمام وبنوهم، ثم أعمام الأب وبنوهم، ثم أعمام الجد وبنوهم.

فائدة:
ليس على فقيرٍ ولا امرأةٍ ولا صبي، ولا زائل العقل، في العاقلة حمْل شيء من الدية؛ [المجموع للنووي، ج: 19، ص: 159، المغني لابن قدامة، ج: 12، ص: 47، 48].

5- دية الرجل الحر من أهل الكتاب اليهود والنصار: نصف دية المسلم الحر؛ أي: خمسون من الإبل.

6- دية المرأة الحرة من أهل الكتاب اليهود والنصارى: نصف دية المرأة المسلمة الحرة خمس وعشرون من الإبل؛ [المغني لابن قدامة، ج: 12، ص: 51].

روى ابنُ ماجه عَنْ عبدِالله بنِ عَمْرِو بنِ العاص: ((أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى أَنَّ عَقْلَ أَهْلِ الْكِتَابَيْنِ نِصْفُ عَقْلِ الْمُسْلِمِينَ، وَهُمْ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى))؛ [حديث حسن، صحيح ابن ماجه للألباني، حديث: 2139].

7- دية العبد: تكون بقدر قيمته من المال؛ [المغني لابن قدامة، ج: 12، ص: 58، 59].

8- دية جنين المرأة المسلمة الحرة هي: عبد أو أمَة، قيمة كل منهما خمس من الإبل؛ [بداية المجتهد لابن رشد، ج: 2، ص: 606، مسلم بشرح النووي، ج: 6، ص: 193].

9- دية جنين المرأة غير المسلمة هي: عُشْرُ دية أمه؛ [المغني لابن قدامة، ج: 12، ص: 61].

10- دية الجنين المملوك: هي عُشْرُ قيمة أمه سواء كان هذا الجنين ذكرًا أو أنثى؛ [المغني لابن قدامة، ج: 12، ص: 69].

11- دية الجنين الذي خرج نتيجة الضرب من بطن أمه بعد ستة أشهر حيًّا، ثم مات، تكون ديته مائة كاملة من الإبل أو ما يعادلها من المال، إذا كانت أمه مسلمة حرة، أو قيمة الجنين إذا كان مملوكًا؛ [المغني لابن قدامة، ج: 12، ص: 74].

ثانيًا: دية أعضاء الجسم:
روى مالكٌ والنَّسَائيُّ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ: ((أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَتَبَ إِلَى أَهْلِ الْيَمَنِ كِتَابًا فِيهِ الْفَرَائِضُ وَالسُّنَنُ وَالدِّيَاتُ، وَبَعَثَ بِهِ مَعَ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، فَقُرِئَتْ عَلَى أَهْلِ الْيَمَنِ هَذِهِ نُسْخَتُهَا: مِنْ مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى شُرَحْبِيلَ بْنِ عَبْدِكُلَالٍ، وَنُعَيْمِ بْنِ عَبْدِكُلَالٍ، وَالْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ كُلَالٍ قَيْلِ ذِيِ رُعَيْنٍ وَمَعَافِرَ وَهَمْدَانَ؛ أَمَّا بَعْدُ، وَكَانَ فِي كِتَابِهِ أَنَّ مَنْ اعْتَبَطَ مُؤْمِنًا قَتْلًا عَنْ بَيِّنَةٍ فَإِنَّهُ قَوَدٌ إِلَّا أَنْ يَرْضَى أَوْلِيَاءُ الْمَقْتُولِ، وَأَنَّ فِي النَّفْسِ الدِّيَةَ مِائَةً مِنْ الْإِبِلِ، وَفِي الْأَنْفِ إِذَا أُوعِبَ - أُخذ كله – جَدْعُهُ - قطعه – الدِّيَةُ، وَفِي اللِّسَانِ الدِّيَةُ، وَفِي الشَّفَتَيْنِ الدِّيَةُ، وَفِي الْبَيْضَتَيْنِ الدِّيَةُ، وَفِي الذَّكَرِ الدِّيَةُ، وَفِي الصُّلْبِ الدِّيَةُ، وَفِي الْعَيْنَيْنِ الدِّيَةُ، وَفِي الرِّجْلِ الْوَاحِدَةِ نِصْفُ الدِّيَةِ، وَفِي الْمَأْمُومَةِ ثُلُثُ الدِّيَةِ، وَفِي الْجَائِفَةِ ثُلُثُ الدِّيَةِ، وَفِي الْمُنَقِّلَةِ خَمْسَ عَشْرَةَ مِنْ الْإِبِلِ، وَفِي كُلِّ أُصْبُعٍ مِنْ أَصَابِعِ الْيَدِ وَالرِّجْلِ عَشْرٌ مِنْ الْإِبِلِ، وَفِي السِّنِّ خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ، وَفِي الْمُوضِحَةِ خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ، وَأَنَّ الرَّجُلَ يُقْتَلُ بِالْمَرْأَةِ وَعَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ أَلْفُ دِينَارٍ))؛ [موطأ مالك، كتاب العقول، باب: 1، حديث: 1، سنن النسائي، ج: 8، ص: 58].

هذا الحديث يشتملُ على كثيرٍ من الديات، ولذا فمن الضروري بيان أقوال أهل العِلْمِ في هذا الحديث:
1- قال الإمَامُ ابن عبدالبر رحمه الله: "لَا خِلَافَ عَنْ مَالِكٍ فِي إِرْسَالِ هَذَا الْحَدِيثِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ، وَقَدْ رُوِيَ مُسْنَدًا مِنْ وَجْهٍ صَالِحٍ، وَهُوَ كِتَابٌ مَشْهُورٌ عِنْدَ أَهْلِ السِّيَرِ، مَعْرُوفٌ مَا فِيهِ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ مَعْرِفَةً تَسْتَغْنِي بِشُهْرَتِهَا عَنِ الْإِسْنَادِ؛ لِأَنَّهُ أَشْبَهَ التَّوَاتُرَ فِي مَجِيئِهِ، لِتَلَقِّي النَّاسِ لَهُ بِالْقَبُولِ وَالْمَعْرِفَةِ".

وقال الإمام ابن عبدالبر أيضًا: "كِتَابُ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ مَعْرُوفٌ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ وَمَا فِيهِ فَمُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، إِلَّا قَلِيلًا، وَمِمَّا يَدُلُّكَ عَلَى شُهْرَةِ كِتَابِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ وَصِحَّتِهِ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ وَاللَّيْثِ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، قَالَ: وُجِدَ كِتَابٌ عِنْدَ آلِ حَزْمٍ يَذْكُرُونَ أَنَّهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ وَفِيمَا هُنَالِكَ مِنَ الْأَصَابِعِ عَشْرٌ عَشْرٌ"؛ [التمهيد لابن عبدالبر، ج: 17، ص: 339:338].

2- الإمام الشافعي رحمه الله:
قال الإمام النووي رحمه الله: "صححه من حيث الشهرة، لا مِن حيث الإسناد الإمام الشافعي في رسالته؛ حيث قال: لم يقبلوا هذا الحديث حتى ثبت عندهم أنه كتاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ"؛ [المجموع للنووي، ج: 19، ص: 352].

3- الحاكم صاحب المستدرك:
قال الحاكمُ رحمه الله: "قد شهدَ عمرُ بن عبدالعزيز، وإمامُ عصره الزُّهْرِي بالصحة لهذا الكتاب"؛ [المجموع للنووي، ج: 19، ص: 353].

4- قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: "وَعَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ، فَهَذَا الْكِتَابُ مُتَدَاوَلٌ بَيْنَ أَئِمَّةِ الْإِسْلَامِ قَدِيمًا وَحَدِيثًا يَعْتَمِدُونَ عَلَيْهِ وَيَفْزَعُونَ فِي مُهِمَّاتِ هَذَا الْبَابِ إلَيْهِ"؛ [سبل السلام، للصنعاني، ج: 3، ص: 356].

5- قال الألباني رحمه الله: "إسناده صحيحٌ مُرْسَلٌ"؛ [إرواء الغليل للألباني، ج: 7، ص: 268، حديث: 2212].

اعلم أخي المسلم الكريم:
أَنَّ كُلَّ عُضْوٍ لَمْ يَخْلُقْ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِي الْإِنْسَانِ مِنْهُ إلَّا وَاحِدًا؛ كَاللِّسَانِ، وَالْأَنْفِ، وَالذَّكَرِ، وَالصُّلْبِ، فَفِيهِ دِيَةٌ كَامِلَةٌ؛ لِأَنَّ إتْلَافَهُ إذْهَابُ مَنْفَعَةِ الْجِنْسِ، وَإِذْهَابُهَا كَإِتْلَافِ النَّفْسِ، وَمَا فِيهِ مِنْهُ شَيْئَانِ؛ كَالْيَدَيْنِ، وَالرِّجْلَيْنِ، وَالْعَيْنَيْنِ، وَالْأُذُنَيْنِ، وَالْمَنْخِرَيْنِ، وَالشَّفَتَيْنِ، وَالْخُصْيَتَيْنِ، وَالثَّدْيَيْنِ، وَالْأَلْيَتَيْنِ، فَفِيهِمَا الدِّيَةُ كَامِلَةً؛ لِأَنَّ فِي إتْلَافِهِمَا إذْهَابَ مَنْفَعَةِ الْجِنْسِ، وَفِي إحْدَاهُمَا نِصْفٌ؛ لِأَنَّ فِي إتْلَافِهِ إذْهَابَ نِصْفِ مَنْفَعَةِ الْجِنْسِ.

وَمَا فِي الْإِنْسَانِ مِنْهُ أَرْبَعَةُ أَشْيَاءَ، فَفِيهَا الدِّيَةُ، وَفِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا رُبْعُ الدِّيَةِ، وَهُوَ أَجْفَانُ الْعَيْنَيْنِ وَأَهْدَابُهَا، وَمَا فِيهِ مِنْهُ عَشَرَةٌ، فَفِيهَا الدِّيَةُ، وَفِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا عُشْرُهَا؛ وَهِيَ أَصَابِعُ الْيَدَيْنِ وَأَصَابِعُ الرِّجْلَيْنِ، وَمَا فِيهِ مِنْهُ ثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ، فَفِيهَا الدِّيَةُ، وَفِي الْوَاحِدِ ثُلُثُهَا؛ وَهُوَ الْمَنْخِرَانِ، وَالْحَاجِزُ بَيْنَهُمَا، وَعَنْهُ فِي الْمَنْخِرَيْنِ الدِّيَةُ، وَفِي الْحَاجِزِ حُكُومَةٌ؛ لِأَنَّ الْمَنْخِرَيْنِ شَيْئَانِ مِنْ جِنْسٍ، فَكَانَ فِيهِمَا الدِّيَةُ، كَالشَّفَتَيْنِ، وَلَيْسَ فِي الْبَدَنِ شَيْءٌ مِنْ جِنْسٍ يَزِيدُ عَلَى الدِّيَةِ إلَّا الْأَسْنَانُ، فَإِنَّ فِي كُلِّ سِنٍّ خَمْسًا مِنْ الْإِبِلِ، فَتَزِيدُ عَلَى الدِّيَةِ؛ [المغني لابن قدامة، ج: 12، ص: 105، 106].

دية عين الأعور:
إذا اعتدى أحدٌ على عينِ الأعور وفَقَدَ البصر، ففيها الدية كاملة؛ [المغني لابن قدامة، ج: 12، ص: 110].

قالَ الإمام ابن قدامة رحمه الله: "إِنْ قَلَعَ الْأَعْوَرُ عَيْنَ صَحِيحٍ نَظَرْنَا، فَإِنْ قَلَعَ الْعَيْنَ الَّتِي لَا تُمَاثِلُ عَيْنَهُ الصَّحِيحَةَ، أَوْ قَلَعَ الْمُمَاثِلَةَ لِلصَّحِيحَةِ خَطأً، فَلَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا نِصْفُ الدِّيَةِ، وَلَا أَعْلَمُ فِيهِ مُخَالِفًا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْأَصْلُ، وَإِنْ قَلَعَ الْمُمَاثِلَةَ لِعَيْنِهِ الصَّحِيحَةِ عَمْدًا، فَلَا قِصَاصَ عَلَيْهِ، وَعَلَيْهِ دِيَةٌ كَامِلَةٌ"؛ [المغني لابن قدامة، ج: 12، ص: 111].

وأما إذا قَلعَ الأعورُ عيني صحيح العينين عمدًا، فإنه عليه القصاص من عينه الواحدة الموجودة، ونصف الدية للعين الأخرى؛ [المغني لابن قدامة، ج: 12، ص: 112].

يتبع

ابوالوليد المسلم 16-08-2022 07:29 PM

رد: الديات في الإسلام
 
دية ذهاب السمع:
أجمعَ أهلُ العِلْم على أن ذَهَابَ السمع فيه ديةٌ كاملةٌ، وإن ذهب السمع من إحدى الأذنين ففيه نصف الدية؛ [المغني لابن قدامة، ج: 12، ص: 115، 116].

دية الأسنان:
يجب في كل سِنٍّ خمس من الإبل.

روى النسائيُّ عَنْ عبدِالله بنِ عَمْرِو بْنِ العاص قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((فِي الْأَسْنَانِ خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ))؛ [حديث صحيح، صحيح النسائي للألباني، ج: 3، ص: 307].

دية أصابع الأيدي والأقدام:
في كل إصبع من اليدين والرجلين عشر من الإبل أو قيمتها من المال، وفي الإصبع الزائدة ما يحكم به أهل العِلم.

روى الترمذيُّ عَنْ عبدالله بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((فِي دِيَةِ الْأَصَابِعِ، الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ، سَوَاءٌ عَشْرٌ مِنْ الْإِبِلِ لِكُلِّ أُصْبُعٍ))؛ [حديث صحيح، صحيح الترمذي للألباني، حديث: 1123، المغني، ج: 12، ص: 149، 150].

فائدة: كَسْرُ اليد، والذراع، والساق، والفخذ، فيه حكومة عدل؛ [المغني لابن قدامة، ج: 12، ص: 140].

دية ذهاب العقل:
إذا اعتدى شخصٌ على آخر فأدى ذلك لذهاب عقله ففيه الدية كاملة؛ [المغني لابن قدامة، ج: 12، ص: 150].

دية الأعضاء الشلَّاء الموجودة:
دية اليد الشلاء التي ذهبت منفعتها، والعين الموجودة التي ذهب بصرها، ثلث دية كل واحد منها؛ [المغني لابن قدامة، ج: 12، ص: 154، 155].

روى النسائيُّ عَنْ عبدِالله بنِ عَمْرِو بْنِ العاص: ((أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى فِي الْعَيْنِ الْعَوْرَاءِ السَّادَّةِ لِمَكَانِهَا إِذَا طُمِسَتْ بِثُلُثِ دِيَتِهَا، وَفِي الْيَدِ الشَّلَّاءِ إِذَا قُطِعَتْ بِثُلُثِ دِيَتِهَا، وَفِي السِّنِّ السَّوْدَاءِ إِذَا نُزِعَتْ بِثُلُثِ دِيَتِهَ))؛ [حديث صحيح، صحيح النسائي للألباني، ج: 3، ص: 307].

روى عبدُالرزاق عن ابن عباس قَالَ: "قَضَى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فِي السِّنِّ السَّوْدَاءِ، إِذَا كُسِرَتْ، وَالْعَيْنِ الْقَائِمَةِ، وَالْيَدِ الشَّلَّاءِ بِثُلُثِ دِيَتِهَا"؛ [إسناده حسن، مصنف عبدالرزاق، ج: 9، ص: 350، رقم: 17522].

قطع لسان الأخرس:
لا دية في قطع لسان الأخرس، بل تجب فيه حكومة عَدل؛ لأن المقصود منه الكلام، ولا كلام فيه، فصار كاليد الشلاء؛ [المغني لابن قدامة، ج: 12، ص: 124].

وأما قَطْعُ لسان الطفل الصغير الذي لم يتكلم لصغره، ففيه الدية كاملة، مائة من الإبل أو ما يعادلها من المال؛ لأن ظاهره السلامة، وإنما لم يتكلم لأنه صغير؛ [المغني لابن قدامة، ج: 12، ص: 129].

دية اللحية:
إذا أزال شخصٌ لحيةَ رجلٍ عمدًا أو خطأ بأي وسيلةٍ، ولم تنبت مرة أخرى، ففيها الدية كاملة، فإن نبتَ نصفها ففيها نصف الدية وهكذا؛ [المغني لابن قدامة، ج: 12، ص: 117، 119].

دية الشجاج:
الشِّجَاجُ: هي الجراحُ التي تحدثُ في الرأس أو في الوجه.

الشِّجَاجُ عَشرةٌ، وهي:
1- الحَارِصَة:
وهي التي تَشقُّ الجلد قليلًا ولا تخرج الدم.

2- البَاضِعَة:
وهي التي تَشُق اللحم بعد الجلد شقًّا كبيرًا.

3- الدامية:
وهي التي تُدمي الجلد فتسيل دمه.

4- الدامغة:
وهي التي تصلُ إلى الدماغ.

5- المتلاحمة:
وهي التي تغوصُ في اللحم.

6- السِّمحاق:
وهي التي لم يبقَ عن وصولها إلى العظم إلا قشرة رقيقة.

7- الموضحة:
وهي التي تكشف عن العظم وتبرزه.

8- الهاشمة:
وهي التي تكسرُ العظم وتهشمه.

9- المنقلة:
وهي التي تكسرُ العظام وتزيلها عن مواضعها.

10- المأمومة، أو الآمة:
وهي التي تصلُ إلى جلدة الرأس.

[بداية المجتهد لابن رشد، ج: 2، ص: 612، المغني لابن قدامة، ج: 12، ص: 158 - 177].

وسوفَ نتحدثُ عن دية الشجاج بإيجاز.

1- دية الحَارصة، والدامية، والبَاضِعة، والمتلاحمة، والسِّمْحَاق:
ليس هناك ديةٌ محددةٌ في الحَارصة، والدامية، والبَاضِعة، والمتلاحمة، والسِّمْحَاق، ولكن يجب فيها حكومة عدل لأنه لا يجوز إهدارها؛ [روضة الطالبين للنووي، ج: 9، ص: 265، المغني لابن قدامة، ج: 12، ص: 175 – 177].

2- دية الموضحة:
أجمعَ الفقهاءُ على أن ديةَ الموضحة خمس من الإبل، في الرجال والنساء على السواء، ويجب فيما دون الموضحة حكومة عدل، وقيل أجرة الطبيب، وأما الموضحة، ففيها القصاص إذا كانت عمدًا، ونصف عشر الدية إذا كانت خطأ، سواء كانت كبيرة أم صغيرة، وهي خمس من الإبل، ولو كانت مواضح متفرقة، يجب في كل واحدة منها خمس من الإبل.

روى الترمذيُّ عَنْ عبدِالله بنِ عَمْرِوِ بْن العاص أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((فِي الْمَوَاضِحِ خَمْسٌ خَمْسٌ))؛ [حديث حسن صحيح، صحيح الترمذي للألباني، حديث: 1122].

والموضحة في غير الوجه والرأس توجب حكومة؛ [بداية المجتهد لابن رشد، ج: 2، ص: 613، المغني لابن قدامة، ج: 12، ص: 158].

3- دية الهاشمة:
ذهبَ جمهورُ الفقهاء إلى أن ديةَ الهاشمة هي عشرٌ من الإبل.

روى عبدُالرزاق عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّهُ قَالَ: "فِي الْهَاشِمَةِ عَشْرٌ مِنَ الْإِبِلِ [مصنف عبدالرزاق، ج: 9، ص: 314، رقم: 17348].

4- دية المنقلة:
هي خمس عشرة من الإبل؛ [روضة الطالبين للنووي، ج: 9، ص: 264، المغني لابن قدامة، ج: 12، ص: 164].

5- دية المأمومة والدامغة: هي ثلثُ الدية لكل منهما؛ [بداية المجتهد لابن رشد، ج: 2، ص: 614].

6- دية الجائفة: الجائفة هي كل ما يصل إلى الجوف كالبطن والظهر والصدر، وديتها ثلث الدية؛ [بداية المجتهد لابن رشد، ج: 2، ص: 614، المغني لابن قدامة، ج: 12، ص: 166، روضة الطالبين للنووي، ج: 9، ص: 265].

فائدة:
حكومة عدل:
هي ما يُقِّره مسلمٌ عَدلٌ في جناية ليس فيها مقدار معين من المال.

الأَرش:
الأَرْشُ: التعويضُ المالي الواجب بالجناية على ما دون قتل النفس.

وجوب الدية في بيت مال المسلمين (الدولة):
يتحملُ بيت مال المسلمين (الدولة) الدية في الحالات الآتية:
1- عدم وجود العاقلة أو عجزها عن أداء الدية:
إذا كان الجاني المسلم لا عاقلة له، أو كان له عاقلة ولكنها عجزت عن دفع دية خطأ الجاني، فإن الدية تكون في بيت مال المسلمين.

روى ابنُ ماجه عَنْ الْمِقْدَامِ الشَّامِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((أَنَا وَارِثُ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ، أَعْقِلُ - أعطي عنه الدية - عَنْهُ وَأَرِثُهُ، وَالْخَالُ وَارِثُ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ، يَعْقِلُ عَنْهُ وَيَرِثُهُ))؛ [حديث صحيح، صحيح ابن ماجه للألباني، حديث: 2130].

[المجموع للنووي، ج: 19، ص: 153، المغني لابن قدامة، ج: 12، ص: 48، 49، رد المحتار لابن عابدين، ج: 5، ص: 413].

2- خطأ الإمام أو القاضي في حكمه:
إذا أخطأ ولي أمر المسلمين الحاكم أو من ينوب عنه، كالقاضي، في حُكْمه وترتبَ على ذلك قتْل نفس ظلمًا، أو قطع عضو، فديته من بيت مال المسلمين، ولا تتحمل عاقلة الحاكم شيئًا؛ لأن هذا الخطأ قد يتكرر ويسبب لهم ضررًا لا يستطيعون تحمله؛ [المجموع للنووي، ج: 19، ص: 145، المغني لابن قدامة، ج: 12، ص: 35].

3- وجود القتيل في الأماكن العامة:
إذا عُثر على قتيل في أحد الأماكن العامة، وكذلك إذا قُتِلَ مسلم في الزحام، ولم يُعرف قاتله، فديته من بيت مال المسلمين (الدولة)؛ [رد المحتار لابن عابدين، ج: 5، ص: 406، فتح الباري لابن حجر العسقلاني، ج: 12، ص: 227].

أَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالى بِأَسْمَائِهِ الْحُسْنَى وَصِفَاتِهِ الْعُلاَ أَنْ يَجْعَلَ هَذَا الْعَمَلَ خَالِصًا لِوَجْهِهِ الْكَرِيمِ، وأن يجعله ذُخْرًا لي عنده يوم القيامة ﴿ يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ﴾ [الشعراء: 88، 89]، كما أسأله سُبْحَانَهُ أن ينفعَ به طلابَ العِلْمِ الكِرَامِ.

وَآخِرُ دَعْوَانَا أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَصَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِهِ، وَأَصْحَابِهِ، وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ إلَى يَوْمِ الدِّينِ.






الساعة الآن : 05:34 AM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 27.32 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 27.19 كيلو بايت... تم توفير 0.14 كيلو بايت...بمعدل (0.50%)]