ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=81)
-   -   {أنزل من السماء ماء فسالت أودية ...} (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=288485)

ابوالوليد المسلم 03-02-2023 02:42 PM

{أنزل من السماء ماء فسالت أودية ...}
 
{أنزل من السماء ماء فسالت أودية ...}
د. عبدالعزيز حمود التويجري


﴿ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ ﴾ [الرعد: 17]



﴿ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ ﴾ [الرعد: 17]


الخطبة الأولى
الْحَمْدُ للهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ، وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الآخِرَةِ، وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ، وأشهد أن نبيَّنا محمدًا عبدُ الله ورسولُه، صلَّى الله عليه وعلى آله وأصحابه وزوجاته، ومَن تَبِعهم بإحسانٍ إلى اليوم الدِّين، وسلِّم تسليمًا مزيدًا؛ أما بعد:
مِنْ أينَ أبدأُ والمَحامِدُ كُلُّها https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
لكَ يا مهيمن يا مصوِّر يا صَمَد https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
احتَرْتُ في أبْهَى المعاني أنْ تَفِي https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
بجَلالِ قَدْرِكَ فاعتذَرْتُ ولم أزِد https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif


المحامد كُلُّها لله جل جلاله، وهو المستحقُّ للحمد وحده جلَّ وعلا، فهو يُحمَد سبحانه بأسمائه، ويُحمَد سبحانه بصفاته، ويُحمَد سبحانه بأفعاله؛ أفعاله التي تدور بين الإنعام والإحسان، وبين العَدْل والحِكْمة، يُحمَد سبحانه على خلقه وأمره، ويُحمَد سبحانه على قدره وشرعه، الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ، وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ، فلا تُحيطُ بحمده وشُكْرِه الأقلامُ مهما أوتيت، والفصاحة مهما بلغت.

فهو الحميد بكُلِّ حَمْدٍ واقِعٍ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
أو كان مفروضًا على الأزْمانِ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
هو أهلُه سبحانه وبحمده https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
كل المحامِد وَصْف ذي الإحسانِ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
أنت الكريمُ وبابُ جُودِك لم يزل https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
للبَذْل تعطي سائرَ الأحيانِ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
فلك المحامِدُ والمدائح كُلُّها https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
بخواطري وجوارحي ولساني https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
ولك المحامِدُ ربَّنا حمدًا كما https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
يُرضيك لا يفنى على الأزمانِ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif


صفات المدح في الكاملين ذرَّة من كماله، نعوتُ الفضل في الأبرار نفحةٌ من إفضاله، ألسنة المادحين وأقلام المثنين حائرةٌ في جلاله.

أنت الواجد الماجد الغني الحميد، عزَّ جاهُك، جلَّ ثناؤك، تقدَّسَت أسماؤك، لا إله غيرك.

كلما لمع لك لامع من النعمة، أو لمح لك لامحٌ من الجميل، فقُل: الحمدُ للهِ، ليبقي الله عليك النِّعْمة.

فالحمدُ هو الثناء على المحمود؛ لكمال ذاته وصفاته، وليس هذا الحمد المطلق إلا لله؛ وما ترون في هذا الكون فلا يبلغ ذرَّةً من عظمة الله وجماله وكماله.

لله في الآفاق آياتٌ لعل https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
أقللها هو ما إليه هداكا https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
ولعلَّ ما في النفس من آياته https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
عجب عجاب لو ترى عيناكا https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
والكونُ مشحونٌ بأسْرارٍ إذا https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
حاولْتَ تفسيرًا لها أعياكا https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
وإذا ترى الجَبَلَ الأشَمَّ مُناطِحًا https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
قِمَمَ السَّحاب فسَلْه مَن أرساكا https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
وإذا ترى صخرًا تفجَّر بالميا https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
ه فسَلْه مَنْ بالماءِ شَقَّ صَفَاكا




ابوالوليد المسلم 03-02-2023 02:43 PM

رد: {أنزل من السماء ماء فسالت أودية ...}
 
وإذا ترى صخرًا تفجَّر بالميا https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
ه فسَلْه مَنْ بالماءِ شَقَّ صَفَاكا https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
وإذا رأيتَ النَّهْرَ بالعَذْبِ الزُّلا https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
ل جرى فسَلْه مَنِ الذي أجراكا https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
وإذا رأيتَ الليلَ يغشى داجيًا https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
فاسأله من يا ليل حاك دُجاكا https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
وإذا رأيت الصُّبح يسفر ضاحيًا https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
فاسأله من يا صبح صاغ ضُحَاكا https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
ستجيب ما في الكون من آياته https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
عجب عجاب لو ترى عيناكا https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
ربِّي لكَ الحمدُ العظيمُ لذاتِكَ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
حَمْدًا وليسَ لواحِدٍ إلَّاكا https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif


﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ﴾ [البقرة: 164] الله جميل يحب الجمال، موصوف بالهيبة والجلال، فانظر إلى صنعهِ وخلقه، وقد أنبت حدائق ذات بهجة، وخلق الإنسان في أحسن تقويم، وأبدع الكائنات في تصوير مستقيم، جمال في كواكب السماء، وحسن يكسو الأشياء ﴿ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى * الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى * وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى * وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى * فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَى ﴾ [الأعلى: 1 - 5] ﴿ يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ ﴾ [النور: 44] سبحان ربي ﴿ إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ﴾ [يوسف: 100]،﴿ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ [الرعد: 17] أقبل الوادي ينحدر انحدارًا، يحمل أحجارًا وأشجارًا كأن به جنَّة، أو في أحشائه أجِنَّة.

يا زينة الوادي الرهيب مناظرا https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
والعذب ماء والرطيب رمالا https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
فماؤه كالبَحْرِ وهو بعرضه https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
كسفينةٍ أرْسَتْ عليه رحالا https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
لم أدْرِ حينَ رأيتُه مُتَلاطِمًا https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
أيزيدُ ماءً أم يزيدُ بهاءَ؟ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif


﴿ مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا ﴾ [فاطر: 2] لا يستطيع أحد أن يمسك رزق الله إذا نزل، أو يحجب عطاءه إذا وهب ﴿ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ ﴾ [يونس: 107].

المخلوق إذا أعطى مَنَّ وخشي الفقر وقلة الموارد؛ بل من ضعفه يبخل برزق الله، ويُحجِّر واسعًا ﴿ قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذًا لَأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الْإِنْفَاقِ ﴾ [الإسراء: 100]، والكريم جَلَّ جلالُه عطاؤه كريم، وفضله عظيم ﴿ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا ﴾ [الإسراء: 20].

لَعَمْرِي لنعم الْغَيْث غيثٌ أَصَابَنَا https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
بِبَغْدادَ من أَرض الجزيرة وَابِلُه https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
فكُنَّا كحي صبَّح الغَيْثُ أهلَه https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
وَلم يحْتَمل أظعانُه وحمائلُه https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif


فاللهُمَّ لك الحمد على تمام النعمة، ولك الشكر على إفضالك وإنعامك، لا نُحصي ثناءً عليك، نستغفرك اللهُمَّ، ونتوب إليك.

الخطبة الثانية
الحمد لله على الفضل والعطاء، وله الشكر ملء الأرض والسماء، وصلَّى الله وسلَّم على عبده ورسوله، وعلى آله وصحبه وسلِّم تسليمًا كثيرًا، أما بعد:
فاتقوا الله أيُّها المؤمنون، وعظِّمُوا ربَّكم، وقدروا له حق قدره، وأكثروا مِن مَدْحِه والثناء عليه، فإنه لا أحد أحبُّ إليه المدح مِن الله؛ ولذلك أثنى على نفسه، وإنَّما يكون التفاضُل بين الناس إنما هو بمعرفة الله ومحبَّتِه والثناء عليه، ومَن عرَفَ اللهَ وقلبُه سليمٌ أحبَّه وعظَّمه، وكُلَّما ازداد له معرفةً ازداد له طاعةً، والذنوب تُضعِفُ تعظيمَ الله ووقاره، ولو تمكَّن وقارُ الله وعظمتُه في قلب العبد ما تجرَّأ أحدٌ على معاصيه، وكل معصيةٍ فمن الجهل بالله، وإجلالُ الله يعظُم بالطاعات.

فلا يُدْعى إلَّا هو، ولا يُستغاثُ إلا به، ولا يُطرَق إلَّا بابه، ولا يُذَلُّ إلَّا لوجهه، ولا تُبذَل المحامِد المطلقة إلَّا له سبحانه وبحمده، ولا تُصرَفُ أيُّ عبادةٍ إلَّا له وحده.

واعلموا أن الصلاة من أعظم أركان الإسلام ومبانيه العِظام، مَنْ حَافَظَ عَلَيْهَا كَانَتْ لَهُ نُورًا وَبُرْهَانًا، وَمَنْ لَمْ يُحَافِظْ عَلَيْهَا لَمْ يكُنْ لَهُ نُورٌ وَلا بُرْهَانٌ، وَكَانَ مَعَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَأَبِيِّ بْنِ خَلَفٍ.

اللهُمَّ اجعلنا لنِعَمِكَ شاكرين، ولآلائك متفكِّرين، ولحدودك محافظين، اللهُمَّ صَلِّ وسلِّم على عَبْدِك ورسولِكَ نبيِّنا محمد.


الساعة الآن : 03:17 PM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 17.73 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 17.60 كيلو بايت... تم توفير 0.14 كيلو بايت...بمعدل (0.77%)]