السؤال

♦ الملخص:
سيدة متزوجة منذ سنوات، وزوجُها رجل مُلتزمٌ، فُوجِئَتْ بتغيُّره وتعرفه على النساء، والتدخين، حاولت إصلاحه لكنه طلب منها ألا تتدخل في أموره، وتسأل: كيف أنقذ حياتي الزوجية من الانهيار؟

♦ التفاصيل:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
تزوجتُ زواجًا تقليديًّا، وأحببتُ زوجي إلى درجة العشق، ومرَّتْ حياتنا بظروفٍ كثيرةٍ؛ اقتصادية ونفسية، ووقفتُ فيها بجانبه - كما يقال - وقفة رجال.

بعد سنوات مِن الزواج فُوجئتُ منه بتصرُّفاتٍ غريبةٍ؛ إذ رأيتُ على حسابه محادثات مع نساء يَدَّعِي فيها أنه غيرُ سعيدٍ، وتزوَّج زواجًا تقليديًّا، ويرْغَب في الزواج مِن ثانية!

ولا أعلم كيف يدعي ذلك، وهو يشهد بنفسه أني مهتمة به وبنفسي وأولادي بدرجة مثالية؟!
أخبرتُه بما رأيتُ، وعاتبتُه، وقال: إنها غلْطة غير مقْصودة، واعتذر، فسامَحْتُه!
فُوجئتُ بعدها بأنه بدأ يُدَخِّن، مع العلم بأنه ترَك التدخين منذ ما يَقْرُب مِن عشر سنوات قبل الخطبة! فعاتبتُه على ذلك ووعدني بأن يتركه، لكنه كما هو لم يتغير.

أصبحتُ لا أثق في كلامه، وأراه يبتعد عني رويدًا رويدًا، ويطلب مني عدم التدخل في أموره، حتى أصبحتْ حياتنا تُشبه الجحيم!

أريد أن أنقذ زوجي وحياتي الزوجية، لكن لا أعرف الطريق.
فأفيدوني أفادكم الله، وجزاكم الله خيرًا

الجواب

الحمدُ لله، والصلاةُ والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن والاه، وبعدُ:
فإنَّ المؤمنَ في هذه الدنيا لا بد وأن يُمتَحَنَ، فهي دارُ ابتلاء وعمل، وهي مَمَرٌّ لا مَقَرٌّ، وحين يُدْرِك المؤمنُ ذلك الأمر فإنه يتسلَّح بالصبر، ويتزوَّد بالشكر، ويلبس لباسَ الرضا؛ لأنه يُدْرِكُ أنَّ أمرَ المؤمن كله خيرٌ في السَّرَّاء والضَّرَّاء، ويُدرك أنَّ له ربًّا رحيمًا لا يُكَلِّفه فوق طاقته، بل ويُنْزِل مع البلاء صبرًا ولُطفًا.

وهذا أجمل ما أوصيكِ به أخيتي: تسلَّحي بالصبر، واعلمي أنَّ ما أصابك لم يَكُن ليُخْطِئَك، وأن النصرَ مع الصبر، والفرَجَ مع الكرْب، وأن مع العسر يُسرًا.

أحْسِني الظنَّ مهما رأيتِ، وتحمَّلي وتغافلي، وتقبلي اعتذاره بسعة صدر، واستمري في النُّصح مع الاحتواء ولين القول وحُسن الخُلُق، وواللهِ سترين مِن كريم عَطايا الله ما يُدْهشك.

ابْذُلي ما تستطيعين في مُحاولة انتشاله من هذه المعصية، وعلى أقل الأحوال: اطلُبي منه ألا يُدَخِّنَ في المنزل؛ حِفاظًا على الأبناء، وأشْعِريه بعدم رغبتك في القُرْب منه حين يكون مُدَخِّنًا؛ لعل ذلك يكون سببًا في تزْهيده، إلا إن كان ذلك سيزيد مِن توتُّره فدَعيه.

الْزَمي الدعاء أن يُصْلِح ربي شأنكم وشأنه خاصة، وأن يعينه على تركه، وأن يرزقه التوبة النصوح، ويبدله حالاً خيرًا من حاله.

أعْلِميه بِوُجود مؤسسات تُعالج المدخنين، فلْيتواصَل معها، حتى وإن تطلَّب الأمر السفر لدولة أخرى.
والمهم في كل ذلك الحِفاظُ على هدوء واستقرار العلاقة؛ وذلك تَفاديًا لتفاقُم المشكلة، ولا يمنع من تعدد الاستشارة؛ فلعل هناك مَن يفيدك بأمر آخر.
أسأل الله جلَّ في عُلاه أن يُصْلِحَ أحوالكم، ويُعينكم على طاعته، ويوفقكم لمرضاته، إنه سميع مجيبٌ