ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   الملتقى العام (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=4)
-   -   الرسائل الاسبوعية للمرشد العام للاخوان(متجدد) (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=75720)

ابو مصعب المصرى 22-03-2009 10:27 PM

الرسائل الاسبوعية للمرشد العام للاخوان(متجدد)
 
رسالة من محمد مهدي عاكف- المرشد العام للإخوان المسلمين
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على قائد الغرِّ المحجَّلين؛ سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، أما بعد..
فإن الشباب في كل أمة هم عماد نهضتها، وسرُّ قوتها؛ فهم الذين تتوفَّر فيهم القوة والفتوَّة، والحماس للعمل، والقدرة على بذل الجهد، والعزيمة والإرادة، والرغبة في التضحية، وتلك أمورٌ لا تنهض الأمم إلا بها، ولا تجتاز العقبات والكبوات إلا بتوافرها.
والله تبارك وتعالى يبارك مَن يستخدم قوته وشبابه لنصرة الحق وتدعيم بنيانه، ومواجهة الباطل وتقويض أركانه؛ فوصف فئةً منهم بأنهم (... فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى (13) وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهًا لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا (14)) (الكهف).
وبيَّن سبحانه أن الذين ناصروا موسى النبى عليه السلام ضد فرعون الطاغية هم الشباب؛ على حين خاف الشيوخ وجبُنوا.. (فَمَا آمَنَ لِمُوسَى إِلاَّ ذُرِّيَّةٌ مِنْ قَوْمِهِ عَلَى خَوْفٍ مِنْ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِمْ أَنْ يَفْتِنَهُمْ وَإِنَّ فِرْعَوْنَ لَعَالٍ فِي الأَرْضِ وَإِنَّهُ لَمِنْ الْمُسْرِفِينَ (83)) (يونس)، وأمر نبيَّه الشاب يحيى (يَا يَحْيَى خُذْ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا (12)) (مريم)
فالشباب هم الذين ناصروا دعوات الحق في كل أطوارها ومراحلها، هكذا كان أصحاب موسى وحواري عيسى وصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان جُلُّ أصحابه من الشباب الفتي (أمثال: علي بن أبي طالب ومصعب بن عمير وأسامة بن زيد وعمار بن ياسر وسعد بن أبي وقاص وغيرهم)، وكذلك كان قادة النصر وجنوده البواسل في المعارك الفاصلة في حطين وعين جالوت، وغيرها من الشباب القويّ الجادّ التقيّ المجاهد المحتسب.
وفي نهضتنا الإسلامية المعارضة بدأ قائد دعوتنا الإمام البنا حركته المباركة وهو في الثانية والعشرين من عمره، واستُشهد في سن الثالثة والأربعين، في إحدى وعشرين سنة فقط، هي عمر الشباب الناضر، نشر دعوة الحق، وأضاء بها العالمين، وحرَّك الجموع الهادرة بمنهج القرآن الساطع وسنة النبي الكريم، وأسَّس حركةً إسلاميةً عالميةً هي أمل المسلمين في كل بقاع الأرض الآن.
ولقد اعتمد القائد المربي على الشباب في كل مراحل الدعوة، وأنشأ لهم نظامًا يستوعب طاقتهم، ويفجِّر مواهبهم، وينمِّي قدراتهم، ويربط قلوبهم بالعليِّ الأعلى، ويضبط أخلاقهم، وينظِّم سلوكهم، ويجعلهم قوةً إيجابيةً بناءةً؛ تحفظ للأمة استقلالها وتدعم بنيانها وتجاهد أعداءها وتوحِّد قواها.
وجعل أساس نجاح الدعوة بناء الفرد الصالح (شابًّا أو فتاةً)، ووضع لذلك صفاتٍ أساسيةً؛ لا بد أن تتوفر وتُستكمل وتُصقل؛ فطلب من كل شاب أن يكون "قويَّ الجسم، متين الخلق، مثقف الفكر، قادرًا على الكسب، سليم العقيدة، صحيح العبادة، مجاهدًا لنفسه، حريصًا على وقته، منظمًا في شئونه، نافعًا لغيره"، فكل من كان لديه نقص في أي جانب من هذه الجوانب عليه أن يستكملها، ولكي يكون المنهج عمليًّا في أرض الواقع ضمَّ الشباب في (أُسَر)، وصفَّ الأسر في "كتائب"، وأقام "الشُّعَب"، ونظَّم المعسكرات والمخيمات، وأقام النوادي الرياضية، وأنشأ الجمعيات الخيرية والمدارس والمستوصفات والمؤسسات الاقتصادية، ودفع الشباب إلى العلم والعمل والمشاريع النافعة والثقافة الواسعة، وندبهم إلى تكوين البيت المسلم وإرشاد المجتمع، ونشر دعوة الخير فيه، ومحاربة الرذائل وتشجيع الفضائل، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والمبادرة إلى فعل الخير في كل مجالات الحياة؛ حتى وصل بهم إلى الدفاع عن الأمة والجهاد في سبيل الله؛ لطرد المحتل من ضفاف القناة ومقاومة الغاصبين في أرض فلسطين.
ما أحوجنا اليوم وقد تكالبت علينا الأمم، ورمانا الأعداء عن قوسٍ واحدةٍ، أن نحشد طاقات الشباب، وأن نلبي أشواقها، وننمِّي قدراتها؛ بتقوية العقيدة، وغرس الإيمان، وتقويم الأخلاق، وتقوية الأبدان، وتفجير المواهب، وفتح مجالات العمل النافع المثمر؛ لإنقاذ الأمة، وإحياء مواتها، وتنمية مواردها، وتنشيط كل مظاهر الحياة.
لا بد من قيادة واعية، تقود الشباب وترشده، وتحفظ قواه، وتفتح له مجالات العلم والتدريب، والثقافة الواعية، والعمل والاحتراف، والإبداع والابتكار، وهذا واجب الدولة بكل إمكاناتها إن قصرت في أدائه؛ فقد أهدرت طاقات الأمة وضيَّعت الحاضر وهدَّدت المستقبل
وعلى كل شاب أن يشعر بقيمة الوقت والمرحلة التي يعيش فيها، فيستكمل كل جوانب النقص، وينمي قدراته، وأن يكثر العمل الصالح؛ في صفٍّ مؤمنٍ، وجماعة منظمة، وعمل جماعي، وفكر إبداعي، لا وقت للإجازة والراحة والدعة والخمول، وإنما العمل المثمر والجهد الجادّ المخلص والتدريب المستمر واكتساب المهارات وتحصيل الثقافات، ولا بأس مع ذلك من بعض الراحة والترفيه البريء، والترويح عن النفس لاستئناف العمل بعد ذلك في همة ونشاط.
* علينا بالتبكير في اليقظة والمنام، نبدأ يومنا بصلاة الفجر جماعةً في المسجد، فنشهد انفلاق الصبح، وبزوغ الفجر، ونستنشق نسيم البكورة ?وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ (18)? (التكوير)، ونقطع النهار في عمل نافع؛ وفق خطة ومنهج، ونحفظ أنفسنا وصحتنا من الملاهي والعبث والمنكرات، وننام مبكرين لنستيقظ في السحر لنستمدَّ القوة من رب الأرض والسماوات، ونكون مثل صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ الذين كانوا "رهبان الليل وفرسان النهار".
* علينا بحفظ كتاب الله ومدارسته، وأن نجعل ذلك "مشروعًا للصيف"، وكذلك دراسة سنة النبي صلى الله عليه وسلم وسيرته والتفقه في الدين؛ فهذه رسالتنا لهداية البشرية وإنقاذ العالم "من يُرِد الله به خيرًا يفقهه في الدين".
* علينا بالصحبة الصالحة المؤمنة؛ المُعِينة على الخير، والبعد التام عن البطالين من أصحاب الأخلاق المنحرفة والذين يهدرون أعمارهم على المقاهي وفي أماكن العبث والمجون، بل علينا دعوة هؤلاء إلى منهجنا الصحيح لإنقاذ أعمارهم وأخلاقهم وطاقاتهم من الضياع والانهيار.
* علينا الاهتمام بقوة البدن بممارسة الرياضة البدنية المفيدة.. "فالمؤمن القوى خيرٌ وأحبُّ إلى الله من المؤمن الضعيف".. "علموا أولادكم السباحة والرماية وركوب الخيل".. (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ) (الأنفال: من الآية 60)، "ألا إن القوة الرمي".
* علينا الاهتمام بالنظافة؛ فذلك أخص ما أوصانا به الإسلام.. النظافة في المظهر والمخبر.. النظافة في القلب واللسان.. النظافة في المأكل والمشرب.. النظافة في المكان الخاص والعام؛ حتى نكون شامة بين الأمم (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ) (البقرة: من الآية 222).
* علينا بتعليم الحرف اليدوية والصناعات الصغيرة، واكتساب المهارات؛ كي ننهض باقتصادنا، ونأكل من عمل أيدينا.. "ما أكل أحد طعامًا قط خيرًا من أن يأكل من عمل يده".. "إن الله يحب المؤمن المحترف".. "هذه يد يحبها الله ورسوله".. "اليد العليا خير من اليد السفلى".
* علينا باستكمال العلم وارتياد مجالاته؛ فإن ما يُدرَس في مناهج التعليم لا ينهض بأمة ولا يرقى بحضارة، وعلينا أن ندرك أن طلب العلم في ديننا فريضة تُرضي ربنا وتنهض بأمتنا وتقيل عثرتنا (وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا) (طه: من الآية 114)، (وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسْ الْمُتَنَافِسُونَ) (المطففين: من الآية 26).
* علينا الاطلاع على ثقافات العالم لمعرفة العصر الذي نعيش فيه، فنأخذ من الصالح وننبذ الطالح "فالحكمة ضالة المؤمن أينما وجدها فهو أحق الناس بها"، ونحن نعيش في عالم مفتوح؛ من واجبنا ورسالتنا دعوته كله إلى منهج الله وشريعته في الحياة.
هناك واجبات فردية؛ ابدأ بنفسك بها، وهناك واجبات على الدولة وأولي الأمر؛ ندعوهم للقيام بها، والنهوض بأعبائها، فإن لم نجد استجابةً فعلينا الاعتماد على أنفسنا؛ فنحن جزءٌ من الحاضر، لكننا كل المستقبل.
أيها الشباب الذكي الفتي تذكَّر نصيحة رسول الله صلى الله عليه وسلم "احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز"، (وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ) (محمد: من الآية 35).
والله أكبر ولله الحمد، والحمد لله رب العالمين

دعوة الاخوان 23-03-2009 12:07 AM

رد: رسالة من المرشد العام للاخوان الى الشباب
 
جزاكم الله خيرا اخانا الفاضل الكريم على هذا الطرح الطيب
وبارك اللهم في مرشدنا وقائد مسيرتنا

عنان السماء 23-03-2009 12:37 AM

رد: رسالة من المرشد العام للاخوان الى الشباب
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة

أخى الفاضل

( أبو مصعب )
بوركت
فجميعنا بحاجة لتلك النصائح الغالية
فتيان وفتيات فبها ينصلح حال أمتنا
ويعود ديننا ليسود العالم بأسرة ،
فبارك الله بك على النشر
وبارك الله بكل من يعمل لصالح أمتنا
ولخدمة ديننا ولأعلاء راية الأسلام خفاقة ،،،

جزاك الله كل خير .

ابو مصعب المصرى 23-03-2009 02:29 PM

رد: رسالة من المرشد العام للاخوان الى الشباب
 
اختى الفاضلة
دعوة الاخوان
بوركتى ونسال الله القبول
والشكر موصول لاختنا
فتاة التوحيد

شبل المسجد 24-03-2009 08:26 PM

حفظ الله المرشد العام وجماعته من كل سوء
اللهم آمين
مشكور أخي أبو مصعب المصري
وبارك الله فيك
وجزاك الله خيرا

نور من الله 25-03-2009 05:27 PM

رد: رسالة من المرشد العام للاخوان الى الشباب
 
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
مشرفنا المتميز
أبو مصعب المصري
مشكور اخى الفاضل على نقلك الرائع
بارك الله فيك اخى الفاضل
جزاك الله كل خير
دمتم في حفظ الرحمن

http://i350.photobucket.com/albums/q...0516xhgux0.jpg

ابو مصعب المصرى 25-03-2009 07:15 PM

رد: رسالة من المرشد العام للاخوان الى الشباب
 
اخى الحبيب اسد المسجد بورك مروك
والشكر موصول لاختنا نور من الله
جزاكما الله خيرا

ashraf3h4 26-03-2009 12:17 AM

رد: رسالة من المرشد العام للاخوان الى الشباب
 
حياك الله اخي الحبيب..علي موضوعك الطيب..جعله الله في ميزان حسناتك..ونفعنا واياك بتلك النصائح القيمة..وجعلنا واياك ممن يستمعون القول فيتبعون احسنه
وادعوه تعالي ان يجعلنا ممن يسمعون فيعملون ويعملون فيخلصون.. ويخلصون فيقبلون
رزقنا الله وايك حسن الخاتمه وثبتنا علي دينه وفي جند دعوته
دمت بخير اخي الفاضل

ابو مصعب المصرى 26-03-2009 01:25 PM

رد: رسالة من المرشد العام للاخوان الى الشباب
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ashraf3h4 (المشاركة 676785)
حياك الله اخي الحبيب..علي موضوعك الطيب..جعله الله في ميزان حسناتك..ونفعنا واياك بتلك النصائح القيمة..وجعلنا واياك ممن يستمعون القول فيتبعون احسنه
وادعوه تعالي ان يجعلنا ممن يسمعون فيعملون ويعملون فيخلصون.. ويخلصون فيقبلون
رزقنا الله وايك حسن الخاتمه وثبتنا علي دينه وفي جند دعوته
دمت بخير اخي الفاضل

الله اكبر
استاذى شرفنا بالمروروزيارة ملتقى الشباب
اهلا بك يااستاذى الحبيب
ونسال الله الثبات والقبول


ابو مصعب المصرى 31-05-2009 03:19 PM

السبيل إلى حقن دماء المسلمين...........يقلم فضيلة المرشد العام للاخوان المسلمين
 
[ ]


الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَطَبَ النَّاسَ يَوْمَ النَّحْرِ فَقَالَ: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ، أَيُّ يَوْمٍ هَذَا؟". قَالُوا: يَوْمٌ حَرَامٌ. قَالَ: "فَأَيُّ بَلَدٍ هَذَا؟".. قَالُوا بَلَدٌ حَرَامٌ. قَالَ "فَأَيُّ شَهْرٍ هَذَا؟".. قَالُوا شَهْرٌ حَرَامٌ. قَالَ: "فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا".. فَأَعَادَهَا مِرَارًا، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ: "اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ".. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّهَا لَوَصِيَّتُهُ إِلَى أُمَّتِهِ.. "فَلْيُبْلِغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ، لاَ تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ". رواه البخاري.
أيها المسلمون في كل مكان
هذه هي وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أمته على امتداد المكان، وعلى امتداد الزمان، إلى أن يلقوا ربهم عند انقضاء الحياة الدنيا:
ويا لها من وصية عظيمة، ونصيحة بالغة، وكلمات واضحة، وعِظَة نبوية كريمة، بلَّغها لأمته، وأمرهم أن يبلغوها لمن خلفهم؛ لتبقى كنزًا موروثًا للأمة المسلمة، ينقذهم من الدواهي العظام، وينجيهم من الخطوب الجسام، ويحفظهم من الفتن التي تدع الحليم حيرانا..
وكيف لا تحار أيها المسلم وأنت أينما توجهت روَّعتك الدماء المسلمة المسفوكة بأيدٍ مسلمة، وأفزعتك الأرواح التي تزهق، وهالَكَ الخراب والدمار الذي ينزل بديار المسلمين من الاقتتال فيما بينهم..
ونظرة واحدة شاملة إلى العالم العربي والإسلامي كافية لرؤية المآسي الأليمة التي يتخبط فيها، والأحداثِ الرهيبة التي يعيشها، والدماءِ الغزيرة التي تسيل، والخَرابِ الكبير الذي يعُمّ، والمستقبلِ المظلمِ المنذرِ، وهذا الانتحارِ العبثي السياسي والاجتماعي والاقتصادي والأخلاقي.. إذا استمرت هذه الحال.
وعلى سبيل المثال
في باكستان: العمليات العسكرية في وادي سوات، وقودها الوحيد دماء المسلمين من جند ومدنيين..
في الصومال: حرب مشتعلة بين الحكومة والأحزاب المسلمة الأخرى، والقتلى من الطرفين مسلمون.. ومن بينهم الأطفال والشيوخ والنساء..
في أفغانستان: منذ سنوات والحرب مستعرة بين قوات المقاومة من جانب، وجيش الدولة والقوات المحتلة من حلف الناتو من جانب آخر.. والمسلمون هم القتلى على الجانبين..
في العراق: حدِّث عن الدماء التي روت الأرض، والأرواح التي أُزهقت، والمنشآت التي دُمِّرت، وكلها دماء وأرواح مسلمة، وما دُمِّر من ممتلكات المسلمين ومقدراتهم..
في السودان: قبائل وإن اختلفت أعراقهم فإن الإسلام يجمعهم، والحربُ تأبى أن تضع أوزارها، ومع كل يوم تصعد أرواح مسلمة إلى باريها تشكو ظلم المسلمين بعضهم البعض..
في لبنان: يؤجج لنيران الفتنة التي أخمدت، ويمكرون بالليل والنهار للإيقاع بها في حرب لا تبقي ولا تذر..
وفي فلسطين: يصبون الزيت على النار، ويضعون كل العقبات والعراقيل؛ حتى لا يصطلح أبناء الوطن الواحد..
إن أعداءنا بذلك يُزهقون أرواحنا، ويستنزفون خيراتنا، ويخرِّبون ديارنا، ويمزقون شملنا، ونكفيهم مؤونة التفرغ لهم ومواجهة مؤامراتهم ومخططاتهم..
وإن أكثر الدوافع التي تؤدي للقتال بين المسلمين غير جائزة، سواء أكانت طلبًا لمصالح مادية، أو حميَّة لعصبية قبلية، أو تغليبًا لمذهب فقهي أو غير ذلك.
أيتها الأمة المسلمة
أعداؤنا يتربصون بنا الدوائر، ويسعون إلى ردنا إلى الكفر والعصيان بأن يقتل بعضنا بعضًا، ونقع فيما نهانا عنه رسولنا صلى الله عليه وسلم: "لاَ تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ". ولنتذكر قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من حمل علينا السلاحَ فليس منَّا".
واعلموا أن الإسلام هو المستهدف من وراء ذلك كله، وما كان ذلك ليقع لولا ضعف المناعة لدى الشعوب التي ابتعدت عن عقيدتها وتشريع دينها العظيم، الذي يجعل منهم في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كالجسد الواحد، كما يجعل منهم بناء متراصًّا يشد بعضه بعضًا، وإلى جانب ذلك يمنحها قوة الممانعة والمقاومة.. وهذا البعد عن الدين جاء مقرونًا بابتلائها بأنظمة وحكومات عماد سياستها الاستبداد والطغيان، وكبت الحريات، ونشر الظلم والفساد.
واعلموا أيها المسلمون أن أعداءنا يغيظهم أن نتَّحد، ويشقيهم أن نترابط ونتحاب ويضنيهم أن نتعاون، ويأبون إلا أن نظل في حرب وخصومة وعداوة، والتاريخ يعيد نفسه وما نراه ليس إلا امتدادًا لما وقع في صدر الإسلام من شَاس بْنُ قَيْسٍ اليهودي، الذي مرَّ على الأوس والخزرج، فغاظه مَا رَأَى مِنْ أُلْفَتِهِمْ وَجَمَاعَتِهِمْ، وَصَلاحِ ذَاتِ بَيْنِهِمْ عَلَى الإِسْلامِ، بَعْدَ الّذِي كَانَ بَيْنَهُمْ مِنْ الْعَدَاوَةِ فِي الْجَاهِلِيّةِ. فَقَالَ: وَاَللّهِ مَا لَنَا مَعَهُمْ إذَا اجْتَمَعَ مَلَؤُهُمْ بِهَا مِنْ قَرَارٍ. فَأَمَرَ فَتًى شَابّا مِنْ يَهُودَ أن يجْلِسْ مَعَهُمْ، ويذكرهم بيَوْمَ بُعَاثَ، الذي اقتتل فِيهِ الأَوْسُ وَالْخَزْرَجُ، فَفَعَلَ. فَتَكَلّمَ الْقَوْمُ عِنْدَ ذَلِكَ وَتَنَازَعُوا وتنادوا: السّلاحَ السّلاحَ.
فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم فَخَرَجَ إلَيْهِمْ فِيمَنْ مَعَهُ مِنْ أَصْحَابِهِ الْمُهَاجِرِينَ حَتّى جَاءَهُمْ، فَقَالَ: "يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ، اللّهَ اللّهَ أَبِدَعْوَى الْجَاهِلِيّةِ، وَأَنَا بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ بَعْدَ أَنْ هَدَاكُمْ اللّهُ لِلإِسْلامِ، وَأَكْرَمَكُمْ بِهِ، وَقَطَعَ بِهِ عَنْكُمْ أَمْرَ الْجَاهِلِيّةِ، وَاسْتَنْقَذَكُمْ بِهِ مِنْ الْكُفْرِ، وَأَلّفَ بِهِ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ"، فَعَرَفَ الْقَوْمُ أَنّهَا نَزْغَةٌ مِنْ الشّيْطَانِ، وَكَيْدٌ مِنْ عَدُوّهِمْ، فَبَكَوْا وَعَانَقَ الرّجَالُ مِنْ الأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، ثُمّ انْصَرَفُوا مَعَ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم سَامِعِينَ مُطِيعِينَ قَدْ أَطْفَأَ اللّهُ عَنْهُمْ كَيْدَ عَدُوّ اللّهِ شَأْسِ بْنِ قَيّسْ. فَأَنْزَلَ اللّهُ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ. وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آَيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ (آل عمران: 101).
فهل نفيق يا قوم، ونخلع عن أنفسنا كل دعوى للجاهلية، تدفع بنا إلى أن يسفك بعضنا دماء بعض؟
وهل نسمع لله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم حتى نطفئ كيد أبناء شاس بن قيس في عصرنا الذين يفسدون في الأرض، وينفخون في بوق الحروب، وأينما حلوا أوقدوا للحرب نارًا؟
طريق الإنقاذ
أيها المسلمون المتقاتلون: والله لا أجد لكم ولنا إنقاذًا وخلاصًا إلا بعودة صادقة إلى الإسلام المتمثل في كتاب الله الخالد، وهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإني لعلى يقين بأن سبيل النجاة يتمثل في هذه الحقائق:
1- الاعتصام بالله عز وجل والتوكل عليه: ﴿وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ (آل عمران: 101).
2- المسلمون أمة واحدة: ﴿وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ﴾ (المؤمنون: 52).
3- الأخوة الإسلامية رباط مقدس: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُون﴾ (الحجرات: 10)، هذه الأخوَّة تجمعنا وتحول بيننا وبين الفرقة: ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا﴾ (آل عمران: 103).
4- حرمة دماء المسلمين وأموالهم وأعراضهم: "كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضُهُ".. "المسلمُ من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمؤمنُ مَنْ أَمِنه الناسُ على دمائهم وأموالهم".
ويا أيها المتقاتلون: لكم في "الإخوان المسلمون" أسوة؛ فقد نزلت بهم الضربات المتوالية؛ من إعدام وتعذيب وسجن وما رفعوا السلاح في وجه من عذبوهم من المسلمين، ولا ثأروا لقتلاهم، وإن سلاحهم لم يرفع إلا في وجه المحتل الغاصب، وإنهم يعتبرون دم المسلم وعرضه وماله خطًّا أحمر يحرم اجتيازه، واحترام هذا الخط من المقاومة الإسلامية على أرض فلسطين خير شاهد.
5- الواجب على الأمة الإسلامية التدخُّلُ للصُّلْح بين المتقاتلين بمُقتضى قوله تعالى: ﴿وإنْ طائفتانِ مِنَ المؤمنينَ اقْتَتَلُوا فأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فإنْ بَغَتْ إحْدَاهُمَا على الأُخرَى فقَاتِلُوا التي تَبْغِي حتَّى تَفِيءَ إلَى أمْرِ اللهِ فإنْ فَاءتْ فَأَصْلِحُوا بيْنهمَا بالعدْلِ وأَقْسِطُوا إنَّ اللهَ يُحِبُّ المُقسطينَ﴾ (الحجرات: 8- 9)، وبموجب هذه الآية يجب على المسلمين أن يضعوا حدًّا لهذه المذابح المرعبة التي يَبرَأُ منها الدين، وتبرأ منها الإنسانية، ويبرأ منها ويشجبها كل خلق كريم.
6- أن يستحضر المسلمون المتقاتلون فيما بينهم الوقفة بين يدي الله، وسؤالهم عن كل قطرة دم مسلمة أريقت، وعن كل روح أزهقت بأي ذنب قتلت، ولا يحسبوا أنهم يفلتون من الحساب.. أو ينجون من العقاب.. ﴿وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيما﴾ (النساء: 93).
7- أن نكف عن التراشق بالسباب والطعن وعن كل ما يوغر الصدور، ويولد العداوة والبغضاء، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنَّ النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "سِبَابُ المسلم فُسُوق وقتاله كُفر".
8- أن يؤدي كلُّ مسلم، وكل إنسان حرٍّ شريف دوره في النصح والصلح بأفضل ما يستطيع، وأقصى ما يستطيع، فإن ذلك من باب النصيحة الواجبة: عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "الدِّينُ النَّصِيحَةُ" قُلْنَا لِمَنْ؟ قَالَ: "لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ". ( رواه مسلم).
تحذير ونداء
ألم يأن للعالم الإسلامي أن يستيقظ وينتبه لما يحاك له، ولا يسقط في الهوة السحيقة التي أعدت لدفنه فيها؟، ألا يوقظه ما فعله ويفعله الصهاينة في فلسطين بوجه عام وغزة بوجه خاص، حتى تتوجه جميع الجهود المبذولة لنصرة المقاومة ودحر العدوان الحقيقي للأمة الإسلامية والعربية.
وألم يأن للعالم الغربي أن يكف عن مكره وكيده وتدخله في شئوننا؟ خير له أن يرحل قبل أن تحل به الدواهي، وليكن له في التاريخ عبرة، فما حل مستعمر ببلد إلا ورحل خاسئًا مدحورًا: ﴿وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ﴾ (الشعراء: 227).
ونحن نهيب بالأمة العربية والإسلامية حكومات وشعوبًا، وخاصة العلماءَ والمثقّفين والقادة الشعبيين.. أن يقوموا بدورهم وأن ينهضوا بواجبهم، وأن يتعاونوا فيما بينهم بجدّ ووعي وإخلاص.. على إنقاذ الأمة من الهلاك والدمار، كما ندعو الهيئات الإسلامية، خاصة منظمة المؤتمر الإسلامي أن تضطلع بدورها في إصلاح ذات البين، ولا تألو جهدًا ولا تدخر وسعًا في سبيل حقن دماء المسلمين.
ودور اتحاد علماء المسلمين والمجامع الفقهية في ذلك من الأهمية بمكان؛ حيث يمكنهم الاتصال بعلماء الأحزاب المتقاتلة، للوقوف على سبل التقريب بين وجهات النظر، وإقناع جميع الأطراف بأن هذه الحرب لا يفرح بها إلا الأعداء، ولا يخسر فيها إلا المسلمون، وأن الأجدر بهم جميعًا أن ينصهروا في بوتقة الإسلام العظيم ويتحدوا فيما بينهم لمواجهة كيد الأعداء ومكرهم.
لو فعلنا ذلك وبذلنا غاية الجهد وأخلصنا النوايا فإن الله معنا ولن يترنا أعمالنا، وسيحبط مكر أعدائنا، وسيحل بهم وعيد الله في موعده الذي قدره: ﴿وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِدًا﴾ (الكهف: 59).
والله أكبر ولله الحمد.

ابو مصعب المصرى 31-05-2009 10:11 PM

رد: السبيل إلى حقن دماء المسلمين...........يقلم فضيلة المرشد العام للاخوان المسلمين
 
اللهم احقن دماء المسلمين فى كل مكان وزمان وتحت اى سماء
اللهم امين

ღ زهرة الشفاء ღ 31-05-2009 10:17 PM

رد: السبيل إلى حقن دماء المسلمين...........يقلم فضيلة المرشد العام للاخوان المسلمين
 
السلام عليكم

وفقك الله اخي وجزاك الله خير الجزاء

وانار الله دربك في الدنيا والاخرى

اللهم ااااااااااامين





ابو مصعب المصرى 31-05-2009 11:21 PM

رد: السبيل إلى حقن دماء المسلمين...........يقلم فضيلة المرشد العام للاخوان المسلمين
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الطالبه زينب عمر (المشاركة 725430)
السلام عليكم


وفقك الله اخي وجزاك الله خير الجزاء

وانار الله دربك في الدنيا والاخرى

اللهم ااااااااااامين




بورك مرورك اختى الفاضلة
والف الف مبروك

ابو مصعب المصرى 05-06-2009 10:19 PM

أما آن لحكام المسلمين أن يستمدوا النصر من الله؟....بقلم فضيلة المرشد العام
 
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد..
فإننا نعتز بأنْ هدانا الله للإيمان، واختارنا لحمْل رسالة الإسلام وتبليغها للعالمين، ونسأل الله أن يثبِّتنا على الحق حتى نلقاه، وأن يُنزل السكينة والطمأنينة علينا، وأن يمنحَنا العونَ والتأييد حتى نعيد الإسلام للحياة من جديد.
أيها الحكام المسلمون.. أيها الناس أجمعون..
اعلموا أن الرائد لا يكذب أهله، وأنني لكم ناصحٌ أمين، يريد الخير لكل إنسان دون تفرقة بينهم بدين أو جنس أو عِرق أو لون، فهذه حقيقة الإسلام الصحيح كما يفهمه الإخوان المسلمون؛ ففعل الخير عندنا من موجبات الفلاح: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ (الحج: 77)، وقد دخل رجل الجنة؛ لأنه سقى كلبًا، ودخلت امرأة النار في هرة حبستها، فلا هي أطعمتها ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض، فكيف بمَن يقيل عثرة إنسان؟ وكيف بمن يحبس إنسانًا ظلمًا وعدوانًا؟! بل كيف بمن يعذب إنسانًا ويُهدر آدميته ويعتدي على كرامته؟.. ألا ما أعظمه من دين، لو كانوا يعلمون!.
حقائق وثوابت لا تتبدل
اعلموا يا قوم أن الإسلام هو رحمة الله للعالمين، والهدَى لمن يتخبَّط في الضلالات، وغير الإسلام من مبادئ وفلسفات نارٌ تحرق الأخضر واليابس، وسراب ﴿يَحْسَبُهُ الظَّمْآَنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا﴾ (النور: من الآية 39).
واعلموا أن في ديننا الأمن والأمان للخائفين، والعدل والإنصاف للمظلومين، والحرية للمضطهدين والمعذّبين، والظلال الوارف لمن يريدون أن يستريحوا من هجير النظم العالمية التي تأكد فشلها.. ﴿فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى﴾ (طه: من الآية 123).
واعلموا أن تلك النظم قد زاد طغيانها، وكثر فسادها، وعمَّ شقاؤها، وأنزلت بالبشرية خوفًا وفقرًا واضطرابًا، وأسالت منهم المدامع مدرارًا، وأراقت الدماء أنهارًا، ونشرت الهلاك والدمار في كل مكان حلَّت به... وأضحى العالم ينحدر إلى هوَّة سحيقة لا يعلم مداها إلا الله.. ﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا﴾ (طه: من الآية 124).
واعلموا أن أعداء الإسلام يريدون القضاء على الإسلام، ويسعَون لإطفاء نوره، وهيهات أن يتحقق لهم ذلك!! قال الله تعالى: ﴿يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ﴾ (التوبة: 32).
واعلموا يا قوم أن أعداءكم يريدون صرفَكم عن دينكم الذى هو مصدر عزتكم وسعادتكم في الدنيا والآخرة.. ﴿وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا﴾ (البقرة: من الآية 217).
واعلموا أن الأعداء تفرَّقوا فيما بينهم شيعًا وأحزابًا، وبينهم خصومات وعداوات دفينة من أعماق التاريخ، وتحسبهم جميعًا وقلوبهم شتى، ولم يتفقوا ولم يتَّحدوا إلا على شيء واحد؛ ألا وهو حرب الإسلام وأهله.. يساندهم في ذلك من يسارعون فيهم والقائلون: ﴿نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ﴾ (المائدة: 52)، ولعل هؤلاء وأولئك امتدادٌ لتجمع الأحزاب على المدينة، ولعل الله أن يرسل عليهم من يفرِّق جمعهم ويشتِّت شملهم ويردُّهم على أعقابهم خاسئين.
واعلموا أيها الراشدون أن الإسلام منتصر بإذن الله؛ لأن الله وعد بنصره ﴿وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ﴾ (الروم: من الآية 47).
أسباب الهزيمة
لله في الكون نواميس وسنن لا تتخلَّف، وله جلَّ شأنه في المجتمعات والأمم قوانين وسنن لا تتبدَّل إلا أن يشاء الله، ومن ذلك أنه جعل للهزيمة مسببات، وللنصر مقدمات، وهزيمة يونيو ونكستها كارثة حلَّت بالأمة، نالت من عزتها، وحطَّت من كرامتها، وآثارها باقية، ولا تزال الأمة تدفع ثمنها، وتؤثر في مسيرتها.
لقد كان ضياع الحريات والانتهاكات البشعة لحقوق الإنسان، وشيوع الاستبداد، والمراكز الخفية التى كانت تحكم مصر- فضلاً عن الحرب الضروس التي شُنَّت على أبناء الحركة الإسلامية وتعليق رجالاتها على أعواد المشانق، والزجّ بعشرات الألوف من أعضائها فى السجون والمعتقلات، وتعذيبهم وانتهاك آدميتهم..- كل ذلك وغيره كان مقدمةً لهزيمة يونيو 67.
وبدلاً من أن تستفيد الأمة من النكسة بالتعرف على أسبابها فتتوقَّاها؛ أخذت تلهث وارء عدوِّها تستجدي منه سلامًا، الاستسلام أهون منه، وتبحث عن صلح فيه صفع لكل القيم والمبادئ، وضياع للحقوق والمقدسات.
أسباب الانتصار
وأسباب النصر لهذه الأمة واضحة جلية، ومن أهمها:
1- الإيمان الصادق والعمل الصالح: ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا﴾ (سورة النور: من الآية 55)، وَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ: "عَمَلٌ صَالِحٌ قَبْلَ الْقِتَالِ؛ إِنَّمَا تُقَاتِلُونَ بِأَعْمَالِكُمْ"
2- طاعة الله وطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم والوحدة وعدم التنازع، فمقتضى الإيمان يوجب على المسلم ذلك: ﴿وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾ (الأنفال: 46)، ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا﴾ (آل عمران: من الآية 103) ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ﴾ (محمد: 7).
3- التوكل على الله مع اليقين التام بأن من ينصره فهو المنتصر: ﴿إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ﴾ (آل عمران: 160).
4- الصبر، فطريق النصر ابتلاء ومحن ومواجهة للخصوم والأعداء، ولا يعين على اجتيازها إلا الصبر.. ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾ (البقرة: 153)، ﴿وَلَمَّا بَرَزُوا لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ﴾ (البقرة: 250).
5- الثبات والذكر: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ (الأنفال: 45)، ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ﴾ (الأنفال: 15)، وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ"، ومنها "التَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ" (رواه الْبُخَارِيُّ).
6- الأخذ بأسباب القوة، وأولها: العلم النافع، والتخطيط الجيد، والإدارة الفاعلة، والتنمية الشاملة، وثانيها: احترام إرادة الأمة وإطلاق الحريات العامة، وثالثها: الفصل الحقيقي بين السلطات التشريعية، والقضائية، والتنفيذية، فضلاً عن تنفيذ أحكام القضاء.
إن القوة هي السبيل الوحيد لإقرار السلام في المنطقة؛ لأنها تُرهب العدو فلا يجترئ على العدوان؛ ولذلك قال: ﴿تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآَخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ﴾ (الأنفال: من الآية 60)، كما أنها ترهب الطابور الخامس المتترس بالأعداء، والخائف على نفسه، وقبل هذه الآية يطمئن المسلم فيقول: ﴿وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَبَقُوا إِنَّهُمْ لَا يُعْجِزُونَ﴾ (الأنفال: 59)، وبعدها يقول الله تعالى: ﴿وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ (الأنفال: 61).
فنحن لا نريد حربًا لذات الحرب كما يفعلون، ولكننا نقبل أن نسالم من يرغب في مسالمتنا ولا نستجديه منه، ولا نقبل في سلمنا إلا باسترداد حقِّنا كاملاً، مع اليقين بأن قرارات الهيئات الأممية لا تفرض علينا باطلها ولا تمنعنا من استرداد حقنا، وليعلم حكامنا أن استرداد الحقوق لا يكون عبر موائد المفاوضات، وقد جرَّبت الأمة قرنًا من الزمان بل أكثر، فهل استردَّت حقًّا، وليعلموا أن ما يدور ملهاة لكسب الوقت ولإقرار الباطل، ويحسبون أن الحق يُنسى مع طول الأمد.. وغاب عنهم أن ثمةَ حقوقًا لا يأتي عليها النسيان، وليعلموا أن القدس لن تُنسى، وأن اللاجئين وإن وُلِدوا في الشتات، وعلى غير أرضهم، فلن تقر أعينهم إلا بافتراش أرض فلسطين الحبيبة على قلوبهم وقلب كل مسلم.
7- الحذر من الموالين لأعدائنا وما يسمى بالطابور الخامس؛ فإن خطر هؤلاء على المسلمين أشدُّ من خطر الأعداء المجاهرين بالعداء: ﴿هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ﴾ (المنافقون: من الآية 4).
8- توقي أسباب الهزيمة والضعف، وهي تتلخص في:
(أ) نقض عهد الله وعهد رسوله صلى الله عليه وسلم: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: "يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ، خَمْسٌ إِذَا ابْتُلِيتُمْ بِهِنَّ وَأَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ تُدْرِكُوهُنَّ: وذكر منها: وَلَمْ يَنْقُضُوا عَهْدَ اللَّهِ وَعَهْدَ رَسُولِهِ إِلاَّ سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ غَيْرِهِمْ فَأَخَذُوا بَعْضَ مَا فِي أَيْدِيهِمْ" (ابن ماجه).
(ب) الوهن: وهو ينجم عن حب الدنيا: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآَخِرَةِ﴾ (التوبة: من الآية 38)، وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "يُوشِكُ الأُمَمُ أَنْ تَدَاعَى عَلَيْكُمْ كَمَا تَدَاعَى الأَكَلَةُ إِلَى قَصْعَتِهَا"، فَقَالَ قَائِلٌ: وَمِنْ قِلَّةٍ نَحْنُ يَوْمَئِذٍ؟ قَالَ: "بَلْ أَنْتُمْ يَوْمَئِذٍ كَثِيرٌ، وَلَكِنَّكُمْ غُثَاءٌ كَغُثَاءِ السَّيْلِ، وَلَيَنْزِعَنَّ اللَّهُ مِنْ صُدُورِ عَدُوِّكُمُ الْمَهَابَةَ مِنْكُمْ، وَلَيَقْذِفَنَّ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمُ الْوَهَنَ" فَقَالَ قَائِلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا الْوَهَنُ؟ قَالَ: "حُبُّ الدُّنْيَا وَكَرَاهِيَةُ الْمَوْتِ" (أبو داود).
(ج) عدم الاستعداد الكافي لمواجهة من يهدد أمننا القومي.
(د) التنازع والتفرق والعداوة والتقاتل: ﴿وَلاَ تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (46)﴾ (الأنفال).
لماذا التقاطع في الإسلام بينكم وأنتم يا عباد الله إخوان؟
هذا التنازع أحيا ما قضى عليه الإسلام من قبلية وعشائرية وطائفية ومذهبية وعائلية، وأضحت هي المشعلة للحروب بين المسلمين، ويعمل الحيلولة دون إخماد ناره، بالوقوف في وجه كل من يتدخل للصلح بين متخاصمين من المسلمين، دولاً أو قبائل أو شعوبًا.
(هـ) الاستعانة بالأعداء في استرداد حقهم، مع أنهم هم الذين منحوا اليهود صكًّا بشرعية الاغتصاب والاحتلال، وما زالوا له سندًا وظهيرًا لتثبيت أقدامه فيما احتلوه، ويمدونهم بالعتاد والسلاح لبسط سيطرتهم ونفوذهم فيما حولهم، ويصدرون من القرارات ما يدعمهم في مواجهتهم مع المقاومة، ويستخدمون حق النقض "الفيتو" في كل ما من شأنه يؤثر في وجودهم..
أيها الحكام المسلمون..
هذه حقائق قرآنية لا يماري فيها أحد، وثوابت إيمانية لا شك فيها ولا مراء، ولا حياة لنا بدونها، ولا عزة ولا كرامة لنا بغيرها، فهل آن لكم أن تسطِّروا صفحةً من المجد في تاريخ الأمة، الحافل بصفحات المجد؟!
هل آن لكم أن تقفوا مع أنفسكم وقفة محاسبة خالصة، تؤذِن لكم وللشعب برجعة صادقة إلى الله، وتوكلٍ تامٍّ عليه، واستعانةٍ كاملةٍ به في مواجهتنا مع أعدائنا، حتى يسمعوا لصوتنا، ويعلموا أننا جادُّون في استرداد حقنا ومقدساتنا؟!.
وأما آن لكم أن تصطلحوا مع شعوبكم وتتناغموا معهم في غضبتهم لله، ورغبتهم في نصرة دين الله ومناصرة إخوانهم في فلسطين والعراق وأفغانستان ومدِّهم بكل مقومات الحياة ومواجهة الأعداء؟!.
أما آن لكم أن تصطلحوا مع ربكم، وتعقدوا معه بيعةً على الجهاد في سبيل الله؟!.
أما آن لكم أيها الحكام أن تأخذوا من صيحة "الله أكبر" التي كانت شعارًا للمجاهدين في نصر رمضان العظيم، والسادس من أكتوبر، عظةً وعبرةً، ولو أنهم ثبتوا عليها للنهاية لكان فيها نهاية لأتون الحرب في المنطقة؟!.
أما آن لكم أيها الحكام أن تجدِّدوا صيحة "الله أكبر" في وجه عدونا، ترهبون بها عدوَّ الله وعدوَّكم، ويدبّ بسببها الرعب في قلوبهم، وبها ينزل الله السكينة في قلوب المؤمنين، ويحقق لنا نصره الذي وعد.. ﴿..وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (4)بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (5)﴾ (الروم).
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، والحمد لله رب العالمين.

ريحانة دار الشفاء 06-06-2009 11:57 AM

رد: أما آن لحكام المسلمين أن يستمدوا النصر من الله؟....بقلم فضيلة المرشد العام
 
السلام عليكم ورحمه الله وبركاتة
سلمت يمناك اخى الكريم
ابو مصعب المصرى
على الموضوع القيم
جعله الله بميزان حسناتك
بالتوفيق

أم عبد الله 06-06-2009 12:35 PM

رد: أما آن لحكام المسلمين أن يستمدوا النصر من الله؟....بقلم فضيلة المرشد العام
 
موضوع مهم للغاية بارك الله فيك اخي الفاضل

أما آن لكم أن تصطلحوا مع ربكم، وتعقدوا معه بيعةً على الجهاد في سبيل الله؟!.

ابو مصعب المصرى 06-06-2009 11:17 PM

رد: أما آن لحكام المسلمين أن يستمدوا النصر من الله؟....بقلم فضيلة المرشد العام
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أم عبد الله (المشاركة 729424)
موضوع مهم للغاية بارك الله فيك اخي الفاضل


أما آن لكم أن تصطلحوا مع ربكم، وتعقدوا معه بيعةً على الجهاد في سبيل الله؟!.

بورك مروك اختاه
والشكر موصول لاختة الريحانة
وجزاكن ربى خيرا

نور من الله 07-06-2009 02:08 AM

رد: أما آن لحكام المسلمين أن يستمدوا النصر من الله؟....بقلم فضيلة المرشد العام
 
بارك الله فيك اخى على المشاركه الطيبه
جزاك الله كل خير

ابو مصعب المصرى 07-06-2009 07:15 PM

رد: أما آن لحكام المسلمين أن يستمدوا النصر من الله؟....بقلم فضيلة المرشد العام
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نور من الله (المشاركة 729967)
بارك الله فيك اخى على المشاركه الطيبه
جزاك الله كل خير

مشكورة اختاه لمرورك الطيب

ابو مصعب المصرى 19-06-2009 05:51 PM

مقالات بقلم المرشد العام للأخوان
 
الشباب عماد النهضات
شبابُ الأمة هم مصدرُ قوتِها, وصُنَّاعُ مجدِها, وصِمامُ حياتِها, وعنوانُ مستقبلِها, فهم يملكون الطاقةَ والقوةَ وشيئًا من الفراغ والرغبة، وبخاصةٍ الطلابُ الذين انتهت امتحاناتُهم، والشبابُ الذين قعدت بهم الظروفُ العامَّةُ عن تحصيل الوظائف والأعمال المناسبة، وحين يمتلك أهلُ الرأي والحكمة في الأمة مشروعًا إصلاحيًّا صادقًا وصحيحًا ومنسجمًا مع عقيدة الأمة وتاريخها وحضارتها، ويقدِّمونه لهؤلاء الشباب؛ فإنهم يندفعون بحماسة لحَمْلِ هذا المشروعِ والدفاعِ عنه، والسيرِ به نحو التحقيقِ والتمكينِ
وهذا ابْنُ عَبَّاسٍ يخبرنا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يَوْمَ بَدْرٍ: "مَنْ فَعَلَ كَذَا وَكَذَا وَأَتَى مَكَانَ كَذَا وَكَذَا فَلَهُ كَذَا وَكَذَا"، فَتَسَارَعَ إِلَيْهِ الشُّبَّانُ، وَثَبَتَ الشُّيُوخُ عِنْدَ الرَّايَاتِ.. الحديث (النسائي والبيهقي)
وقال ابن عباس رضي الله عنهما: "ما آتى الله عز وجل عبدًا علمًا إلا شابًّا، والخيرُ كلُّه في الشباب" ثم تلا قوله عز وجل: ﴿قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ﴾ (الأنبياء: 60)، وقوله تعالى: ﴿إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آَمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى﴾ (الكهف: 13)، وقوله تعالى: ﴿وَآَتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا﴾ (مريم: 12)
ولذلك كان من أولويات دعوتنا الإصلاحية المباركة: الاهتمام بالشباب، وكان من خصائصها: شدة الإقبال من الشباب من كل مكان على دعوة الإخوان؛ يؤمن بها ويؤيدها ويناصرها, ويعاهد الله على النهوض بحقِّها والعمل في سبيلها
المؤامرة على الشباب المسلم
في الوقت الذي يفتقِد فيه كثيرٌ من شباب الأمة القدوةَ الحسنةَ في المجالات المختلفة؛ فإن هؤلاء الشباب يتعرَّضون لمؤامرة كبيرة، متعددة الوجوه والأشكال والأساليب، تنفِّذها فئةٌ متسلِّطةٌ على كثير من مقدَّرات الأمة ومنابرها الثقافية والإعلامية والتربوية، تتعاون مع أعداء الإسلام في ترويج الأفكار المنحرفة، والمذاهب الباطلة، والدعوات المضللة، والأفلام الماجنة الفاجرة، والمخدّرات المفسدة، وغير ذلك من ألوان الترف العابث، وأصناف التفاهات الفارغة، وأسباب الفساد المستشرية؛ بقصد إضعاف الأمة الإسلامية وتليين دفاعاتها، وتحطيم مناعتها، وضياع مالها ورجولتها، وقتل شهامتها، وإفساد عقول شبابها، وتشكيكهم في دينهم ومنهاجهم، والحيلولة بينهم وبين المُثُل العليا التي يزخر بها تاريخهم البعيد والقريب، وتربيتهم على الميوعة والإهمال، واتباع الهوى والشهوات، وعدم الاكتراث بأمور الأمة، وهم يعملون على أن يميلَ الشباب ميلاً عظيمًا عن الهدى إلى الضلال، وتضيعَ أوقاتُهم وطاقتُهم هدرًا في غير مصلحة دينية ولا دنيوية؛ حتى تتم السيطرة عليهم، ويسعَوا لأن يكون همُّ أحدهم أو إحداهن مظهرًا فارغًا أو أكلةً طيبةً أو ثيابًا أنيقةً أو مركبًا فارهًا أو وظيفةً وجيهةً أو لقبًا أجوفَ، وإن اشترى ذلك بحريته، وإن أنفق عليه من كرامته، وإن أضاع في سبيله حق أمته، وبذلك تستمر الأمة في التأخر عن مصافِّ الأمم المتقدمة، ويتغلَّب عليها الخصوم ويقهرها الأعداء.. إنه سعيٌ حثيثٌ لمسخ الهُوِيَّة ومحو الخصوصية، وتخدير شباب الأمة، وإفساد أخلاقهم، فضلاً عن اقتيادهم بذلك في الآخرة إلى النار والعذاب الأليم، والعياذ بالله.
مؤامرةٌ تدور على الشباب ليعرض عن معانقة الحراب
مؤامرةٌ تقول لهم تعالوا إلى الشهوات في ظل الشراب
مؤامرةٌ مراميها عِظام تدبِّرها شياطين الخرا
دور المجتمعات الإسلامية نحو الشباب
ليكن معلومًا أن المجتمعات الإسلامية تحتاج إلى بذل طاقات عظيمة لإحياء الإيمان في نفوس الشباب، وإشعار المسئولين عن الشباب، من الآباء والأمهات والمدرسين والدعاة والمثقفين والإعلاميين والقادة السياسيين، بضرورة التعاون وبذل جميع الجهود والطاقات في صرفِ شباب الأمة عما يضرُّ بدينه وأخلاقه وصحته، وصرف طاقاتهم فيما يفيد الأمة، ونرى أن السبيل لذلك يتمثل فيما يلي:
أولاً: تربية الشباب على العيش في ظل رسالة سامية، وتحصينهم بالعلم والإدراك، وبثّ روح الوعي لِمَا تنطوي عليه تعاليم الإسلام في النفوس، ولِمَا ينبغي أن يكون عليه الشباب من استقامة واعتدال، وفق منهاج الإسلام؛ لكي يؤدُّوا ما ينتظرهم من مهمَّات جسيمة، في خدمة دينهم ووطنهم وأمتهم، وإنني أدعو الجامعات العلمية والمؤسسات الرسمية والأهلية والجماعات المهمومة بحاضر الأمة ومستقبلها أن تُولِيَ هذا الأمر اهتمامَها، وأن تُعنَى بتربية شباب الأمة ورجالها على التفكير الواعي، والتصدِّي الجادِّ لكل ما يُبَثُّ من مكرٍ، وإدراكِ ما يراد بأمة الإسلام من سوء، وليكن عنوان تثقيف الشباب ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ﴾ (التوبة: 119) ﴿وَلاَ تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ. الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ﴾ (الشعراء: 151، 152)
ثانيًا: العمل على توفير البدائل الجيدة التي تملأ الفراغ، الذي يدفع الشباب إلى السقوط في الانحرافات الأخلاقية، وهنا أدعو مراكز الشباب والهيئات الرياضية الحكومية والأهلية، والهيئات والأندية الاجتماعية، والجمعيات الخيرية على امتداد عالمنا الإسلامي، إلى تنظيم الدورات العلمية والمهنية النافعة للشباب، وإشراكهم في المناشط العملية المختلفة، حتى يعتادوا المشاركة، ويشعروا بقيمتهم ورسالتهم في الحياة
ثالثًا: فتح المجال أمام الشباب للمشاركة وعرض الرؤى في مشروع نهضوي إصلاحي متكامل، يستوعب طاقاتهم، وتتحقق به أمانيهم، وتُستَغَلُّ فيه أعمارهم وأوقاتهم، وبذلك يعتادون الإيجابية، ويغادرون اللا مبالاة والسلبية التي طبعت حياة معظم شبابنا، وهنا أدعو المفكِّرين والمحللين السياسيين، وأناشد هيئات الثقافة والجماعات والجمعيات ذات الصلة بتنمية الوعي والرأي طرْحَ الأفكار ومناقشةَ الشباب والاستماعَ إلى آرائهم، وتنمية مهاراتهم، ليشاركوا في حلِّ مشكلات الأمة، ويأخذوا زمام المبادرة في النهوض بها
رابعًا: إنَّ على علماء الأمة الموثوقين أن يجتهدوا في ربط شباب الأمة بهم، والاستماع لهم، وكسر حاجز النفرة بينهم وبين شباب الأمة، واسترجاع ثقتهم المفقودة، من خلال ممارسة دور إيجابي فاعل في قيادة الصحوة وترشيدها، من خلال صدعهم بكلمة الحق، وتحذير الشباب والأمة من كل المظاهر المنافية والمصادمة لشريعة الله سبحانه؛ ففي ذلك حفظٌ لوحدة الأمة وطاقاتها وشبابها، وتجميعٌ لها لمواجهة الأخطار المحدقة بها
أقول: إن على العلماء دورًا كبيرًا في احتضان الشباب، وتلمُّس احتياجاتهم العلمية والتربوية، وإشباعها بالعلم الصحيح والتربية الجادَّة، مصطحبين تقوى الله فيما يأتون ويذَرون ويُفتون ويوجِّهون، وبغير هذا سيبحث الشباب عمن يستغل حماسهم، ويستوعب قدراتهم في غير إطارها المشروع، وقد أخذ الله الميثاق وأكد العهد على العلماء في كل ملَّة أن يبيِّنوا الحق ولا يكتموه: ﴿وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ﴾ (آل عمران: 187) ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللاعِنُونَ* إِلا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ﴾ (البقرة: 159- 160)
يا معشر العلماء المربين.. إن تربية شباب الأمة على العزة والشجاعة والجِدِّ والعمل مسئوليتكم، وأنتم أهلها وأحق الناس بها
خامسًا: على قيادات الأمة في مختلف المجالات وعلى كل المستويات؛ أن تُسنِد إلى الشباب بعضَ المناصب والمسئوليات، مع إعطائهم الصلاحيات التي تجعلهم يتحركون في حرية واختيار؛ إعدادًا لهم، وتنميةً لملكاتهم، وتفجيرًا للكامن من طاقاتهم، مع إتاحة الفرصة لهم للالتقاء بالشيوخ والكبار، والاستفادة من خبرتهم، والاقتباس من تجاربهم؛ حتى تلتحمَ قوة الشباب مع حكمة الشيوخ، فيُثمرا رشادًا في الرأي وصلاحًا في العمل، ولله درُّ عمر بن الخطاب الذي كان يتخذ من شباب الأمة الواعي المستنير مستشارِين له؛ يشاركون الأشياخ الحكماء في مجلسه، ويشيرون عليه بما ينفع الأمة.
أَوَمَن يُفكِّرُ فِي الصُّعُودِ كَمَنْ يُفَكِّرُ فِي النُّزُولْ
مَنْ يَبتَغِي هَدَفًا بِغَير الحَقِّ يَعيَا بِالوُصُول
كلمة إلى شباب الإخوان المسلمين
منذ ما يقرب من سبعين سنة تقدم ستةٌ من شباب الجامعة المصرية، يقدِّمون لله نفوسهم وجهودهم، وانطلقوا ينشرون دعوة الحق والهداية والإسعاد بين شباب الجامعة، وعلم الله منهم الإخلاص والصدق فأيَّدهم وآزَرَهم، فإذا بالجامعة كلها من أنصار الإخوان المسلمين، تحبُّهم وتحترمهم وتتمنَّى لهم النجاح، وإذا من الشباب الجامعي فئة كريمة مؤمنة تتفانَى في الدعوة، وتبشِّر بها في كل مكان، وتنقلها إلى الحواضر والبوادي، فتُقبل عليها طوائف الأمة في المدن والقرى والنجوع
وقد كان لذلك أثرُه العظيم في نهضة الأمة، فلم يقتصر إقبال الشباب على طوائف الطلبة والفضلاء ومن إليهم، بل إن كثيرًا من طبقات الشعب المؤمنة أقبل على الدعوة، وكان خير مِعوان في مناصرتها، وإن كثيرًا من الشباب كان ضالاًّ فهداه الله، وكان حائرًا فأرشده الله, وكانت المعصية له عادةً فوفَّقه الله إلى الطاعة, وكان لا يعرف له غايةً من الحياة، فوضحت أمامه الغاية ﴿يَهْدِي اللهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ﴾ (النور: 35)، وكان لهؤلاء الشباب النابض بحب الوطن والأمة دورُهم العظيم في تحرير إرادة الأمة وفي مواجهة المشروع الاستعماري، ولولا خيانةُ بعض الأنظمة لتحقَّق لهم ما أرادوا من القضاء على المشروع الصهيوني في مهدِه، ولكنْ هكذا قضى الله ولا معقِّب لحكمه
وقبل أكثر من ثلاثين سنة نشطت فئةٌ كريمةٌ من شباب الإخوان في الجامعات المصرية، فنشروا دعوة الخير والنور بين الشباب، بعد أن ظنَّ الطغاة أنهم قد قضوا عليها، وأقبل الشباب على الشيوخ يلتمسون الحكمة والخبرة، ويتفهَّمون الرسالة والدعوة، وتجاوَبَ معهم شبابُ الإسلام الظامئ إلى دعوة الحق، فعمَّت الدعوة أرجاء الوطن المصري، بل تجاوزته إلى أقطارنا العربية والإسلامية بل وغير الإسلامية، ورأى الصادقون نور الحق فأذعنوا له، واستمعوا إلى صوت الخير فأصاخوا له
ومع كثرة العقبات والعوائق التي وُضِعَت في طريق دعوة الإصلاح؛ فإنها وجَدَت سبيلها إلى قلوب الأمة، من خلال إصرار هؤلاء الشباب الطامحين المتوثِّبين، الذين أدركوا قيمة الرسالة التي يحملونها وشرفها، وحاجة أوطانهم وأمتهم إلى جهدهم وجهادهم وتضحياتهم، فبرعوا في كل الميادين، وتفوَّقوا في كل المجالات، وقدموا نماذج رائعة في الوطنية والإخلاص والتضحية
وإنا لنعتبر ذلك من علامات التوفيق، ولا نزال نلمس كل يوم تقدُّمًا جديدًا يدعونا إلى الأمل القويّ والمثابرة ومضاعفة الجهود ﴿وَمَا النَّصْرُ إِلا مِنْ عِنْدِ اللهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ﴾ (آل عمران: 126).
فيا شباب الإخوان في كل مكان.. استمسكوا بدينكم، وانطلقوا بالدعوة الصادقة كما انطلق من قبل إخوانُكم..
سيروا فإن لكم خيلاً ومضمارًا وفجِّروا الصخر ريحانًا ونوَّارًا
سيروا على بركات الله وانطلقوا فنحن نُرْهِف آذانًا وأبصارًا
وذكِّرونا بأيام لنا سلفت فقد نسينا شرحبيلاً وعمارً
نريد شبابًا يتحدَّى المفسدين وأعداء الوطن والدين، ويقلب الطاولة على المتآمرين على شباب الأمة، وينادي:
أنا مسلمٌ أسعى لإنقاذ الورى للنور للإيمان للإسعادِ
ويرُوعُنِي هذا البلاء بأُمتي لما تَخَلَّتْ عن طريق الهادي
كلمة إلى شباب الأمة.. فتياتٍ وفتيانًا
أنتم الأمل بإذن الله، ونحن نعلم أن فيكم الخير العظيم، فاستشعروا يا شبابنا دائمًا ما تعيشه أمتكم من ذلٍّ وهوانٍ وواقعٍ مُبكٍ وحالٍ مُرٍّ لا يُرضي حرًّا كريمًا، واستشعِروا أنكم بتأخيركم التوبة إلى الله والعودة إليه، وبتأخُّرِكم عن مناصرة الحق، وبتكاسلكم عن بذل الجهد للدعوة إلى الخير والإصلاح؛ تكونون سببًا في تأخُّرِ نصرِ أمتِكم؛ لأن الله وعدنا بتحقيق العزة والنصر إذا قمنا بتنفيذ أوامره والتزمنا بشرعِه، قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ﴾ (محمد: 7).
اعلموا يا شباب الإسلام أن سعادة الدنيا والآخرة في سلوك طريق الاستقامة، والدعوة إلى الله، والاتصال بمصادر الخير والنور في الأمة، من الدعاة الصالحين والعلماء الناصحين والإخوان الصادقين.
أيها الشاب المسلم في كل مكان..
لا بد أن تكون مؤثِّرًا في حياة أمتك ووطنك، ولا بد أن يكون لك دورٌ إيجابيٌّ في تغيير الواقع المؤلم؛ إلى واقعٍ هو أرضى لله ورسوله والمؤمنين، وصدق من قال: "يا معشر الشباب، اعملوا.. فإنما العمل في الشباب".
يا شباب الأمة..
إن لم تتغلَّبوا اليوم على أنفسكم، وتُجاهدوا شهواتكم ورغباتكم، وتبذلوا اليوم زهرةَ أعماركم من أجل عقيدتكم وأوطانكم ومستقبل أمتكم، فمتى؟!
فإلينا إلينا أيها الشباب.. حتى نصنعَ معًا فجرًا جديدًا، ونعيد معًا لأمتنا مجدًا تليدًا.
شباب الجيل للإسلام عودوا فأنتم روحُه وبكم يسودُ
وأنتم سِرُّ نهضته قديمًا وأنتم فجرُه الزاهي الجديدُ
والله أكبر ولله الحمد
وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه وأتباعه، والحمد لله رب العالمين.


بلقيس93 19-06-2009 07:07 PM

رد: كلمات الى الشباب المسلم ..بقلم فضيلة المرشد العام للاخوان المسلمون
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

كلمـــات بمــاء الذهــب
ونصــائح رائــعة جـــدا
نسـأل الله أن يجعلنا ممن يحافظون على المنهج الدعوي
وأن نكون من أبناء الدعوة المخلصين
بارك الله فيكم مشرفنا الكريم
وأحببت أن أسأل اذ تعرف كتاب للشيخ محمد الراشد
بعنوان...الرقائق؟؟
وجزاكم الله خير الجزاء
وفقكم الله لما يحب ويرضــى
دمتـــم بعــز,,,

اخت الاسلام 19-06-2009 07:41 PM

رد: كلمات الى الشباب المسلم ..بقلم فضيلة المرشد العام للاخوان المسلمون
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


أيها الشاب المسلم في كل مكان..
لا بد أن تكون مؤثِّرًا في حياة أمتك ووطنك، ولا بد أن يكون لك دورٌ إيجابيٌّ في تغيير الواقع المؤلم؛ إلى واقعٍ هو أرضى لله ورسوله والمؤمنين، وصدق من قال: "يا معشر الشباب، اعملوا.. فإنما العمل في الشباب".


بارك الله فيك على هدا الموضوع الطيب
وعلى غيرتك على الشباب المسلم
وجزاك كل خير


http://www.ashefaa.com/up/uploads/im...3fb312496e.jpg

ابو مصعب المصرى 19-06-2009 10:32 PM

رد: كلمات الى الشباب المسلم ..بقلم فضيلة المرشد العام للاخوان المسلمون
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة بلقيس93 (المشاركة 739157)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


كلمـــات بمــاء الذهــب
ونصــائح رائــعة جـــدا
نسـأل الله أن يجعلنا ممن يحافظون على المنهج الدعوي
وأن نكون من أبناء الدعوة المخلصين
بارك الله فيكم مشرفنا الكريم
وأحببت أن أسأل اذ تعرف كتاب للشيخ محمد الراشد
بعنوان...الرقائق؟؟
وجزاكم الله خير الجزاء
وفقكم الله لما يحب ويرضــى

دمتـــم بعــز,,,

اختى الفاضلة اولا اسال الله لى ولكى ولكل من يعمل بميدان الدعوة الاخلاص والقبول
والشكرموصول ختنا
المتالقة اخت الاسلام
باركربى بكى اختاه

إكرام أحمد 20-06-2009 03:18 PM

رد: مقالات بقلم المرشد العام للأخوان
 
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته

بارك الله فيك اخي الكريم على الموضوع الأكثر من هادف

في ميزان حسناتك إن شاء الله

ابو مصعب المصرى 20-06-2009 04:10 PM

رد: مقالات بقلم المرشد العام للأخوان
 
بورك صنيعكم ومروركم وجزاكم ربى خيرا

ابو مصعب المصرى 22-06-2009 11:08 PM

رد: مقالات بقلم المرشد العام للأخوان
 
فضيلة المرشد العام يكتب: حديث من القلب (1)




وقل اعملوا
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه..
قال تعالى: ﴿وَقُلِ اعملوا فَسَيَرَى الله عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ﴾ (التوبة: من الآية 105)؛ أي أن عملكم لا يخفى على الله ولا على رسوله ولا على المؤمنين، ومن علم أن عمله لا يخفى رغب في أعمال الخير، وتجنَّب أعمالَ الشرَّ، بهمَّةٍ عاليةٍ مع إخلاص النية لله عزَّ وجلَّ، فالهمَّة العالية والنيَّة الخالصة إذا اجتمعتا بلغتا بالعبد غايةَ المراد.. قال تعالى: ﴿فَإِذَا عَزَمَ الْأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ﴾ (محمد: من الآية 21).
الرسالة العظيمة لا بدَّ لها من همَّة عالية..
".
أيها الإخوان.. هذا نداءُ الله إليكم وإلى الناس أجمعين، وأنتم أَولى الناس بالمسارعة في الطاعات؛ لأنكم تحملون أعظم رسالة.. رسالة محمد صلى الله عليه وسلم، التي تحمل الخيرَ للدنيا بأسْرها، والتي لا يمكن أن تبلغَ غايتَها إلا بدعاةٍ يأخذون دينَهم بقوةٍ، ويتحمَّلون المسئوليةَ بجدٍّ وعزمٍ، قال تعالى: ﴿يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ﴾ (مريم: من الآية 12)، وقال: ﴿وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الأَلْوَاحِ مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْعِظَةً وَتَفْصِيلاً لِّكُلِّ شَيْءٍ فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ﴾ (الأعراف: من الآية 145) وقال: ﴿خُذُوا مَا آتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ﴾ (البقرة: من الآية 63).
فأَخْذُ هذا الكتابِ وحَمْلُ هذه الرسالةِ يحتاج إلى إحساسٍ عظيمٍ بالمسئولية، وشدةِ عزيمة وقوة شكيمة, ولا يطيق ذلك إلا الكرامُ الأخيارُ المستعدُّون للبذل والتضحية.. يقول الأستاذ الإمام حسن البنا رحمه الله لشباب الدعوة: "إنما تنجحُ الفكرةُ إذا قَوِيَ الإيمانُ بها، وتوفَّر الإخلاصُ في سبيلها، وازدادت الحماسةُ لها، ووُجد الاستعدادُ الذي يحمل على التضحية والعمل لتحقيقها
أنتم الرواحل في هذه الأمة..

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "تَجِدُونَ النَّاسَ كَإِبِلٍ مِائَةٍ لاَ يَجِدُ الرَّجُلُ فِيهَا رَاحِلَةً" وفي رواية: "لاَ تَكَادُ تَجِدُ فِيهَا رَاحِلَةً" (رواه الشيخان)، والراحلة: هي الجملُ النجيبُ القويُّ على حمل الأثقال وطول الأسفار مع جمال المنظر وحسن الهيئة، وهو قليلٌ نادرٌ، وكذلك المُنْتَجَبون من الناس القادرون على حمل الأعباء وتحمُّل المشاقِّ والتضحية من أجل الغايات العظيمة؛ هم قلة، لا تكاد تعثر في كل مائةٍ من الناس على واحدٍ منهم، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لاَ نَعْلَمُ شَيْئًا خَيْرًا مِنْ مِائَةٍ مِثْلِهِ إِلَّا الرَّجُلَ الْمُؤْمِنَ" (أحمد) وفي رواية: "لا نَعْلَمُ شَيْئًا خَيْرًا مِنْ أَلْفٍ مِثْلِهُ إِلَّا الرَّجُلَ الْمُؤْمِنَ" (الطبراني)، ولمثل هذا تتم عملية التربية في دعوتكم، أيها الإخوان، فلستم من أولئك الذين قيل فيهم:
إنّي لأفتَحُ عَينِيَ حِينَ أفتَحُها عَلَى كَثِيرٍ ولكن لا أرى أحَدا
بل إنكم تهيِّئون أنفسكم للقيام بدورٍ عظيمٍ في خدمة دينِكم وأمتِكم، تنهضون به، وتُنْهِضون الأمةَ معكم، ولهذا قال الإمامُ الشهيدُ المؤسِّسُ رحمه الله: "ومن هنا كثُرتْ واجباتُكم، ومن هنا عظُمتْ تبعاتُكم، ومن هنا تضاعفت حقوقُ أمتكم عليكم، ومن هنا ثقُلت الأمانةُ في أعناقكم، ومن هنا وجب عليكم أن تفكِّروا طويلاً، وأن تعملوا كثيرًا، وأن تحدِّدوا موقفَكم، وأن تتقدَّموا للإنقاذ، وأن تُعْطُوا الأمةَ حقَّها كاملاً من هذا الشباب".
لا تكونوا إمعات..
أيها الإخوان، إن وضوحَ أهدافِكم ونُبلَ غاياتِكم وسُمُوَّ مقاصدِكم، وتَفَهُّمَكم لحاجةِ الدنيا إلى دعوتكم لحَرِيٌّ أن يجددَ عزائمكم ويطلقَ طاقاتكم، ويدفعَكم إلى مقدمة صفوف المصلحين، ويمنعكم من التكاسل والفتور، أو التراخي والتردُّد، أو الاتصاف بالإمعية، وها هو نبينا صلى الله عليه وسلم يقول: "لاَ تَكُونُوا إِمَّعَةً، تَقُولُونَ: إِنْ أَحْسَنَ النَّاسُ أَحْسَنَّا، وَإِنْ ظَلَمُوا ظَلَمْنَا، وَلَكِنْ وَطِّنُوا أَنْفُسَكُمْ؛ إِنْ أَحْسَنَ النَّاسُ أَنْ تُحْسِنُوا، وَإِنْ أَسَاءُوا فَلاَ تَظْلِمُوا" (الترمذي).
يقول الأخ الأستاذ البهي الخولي رحمه الله: "إن الداعية يجب أن يشعر بأن دعوتَه حيَّةٌ في أعصابه، متوهِّجة في ضميره، تصيح في دمائه، فتُعْجِله عن الراحة والدعة إلى الحركة والعمل، وتشغله بها في نفسه وولده وماله، وهذا هو الداعيةُ الصادقُ الذي تُحِسُّ إيمانَه بدعوتِه في النظرةِ والحركةِ والإشارةِ، وفي السِّمَةِ التي تختلط بماءِ وجهِه".
من هذا المنطلق أردت أن أناجيَكم- أيها الأحبةُ- بهذه السلسلةِ من (حديث من القلب) أذكِّركم ونفسي فيه بواجبنا الأكبر ومهمَّتنا العظيمة، لتنهض هممُنا، وتَنْشط عزائمُنا، ونغادر الكسلَ والفتورَ، ونكون عند أمرِ الله لنا، وعند حُسْنِ ظنِّ أمتِنا بنا، لا يثنينا عن واجبنا ودعوتنا كثرةُ الخصوم ولا تكالب قوى الشر.
وأنا على يقينٍ أننا إذا حقَّقنا القوةَ في حَمْل دعوتِنا فسيقرِّب الله يومَ النصر ويحققُ الآمال، قال تعالى ﴿وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ﴾ (الأعراف: 170).
وتأمَّل أخي الكريم ما في قوله ﴿يُمَسِّكُونَ﴾ من دلالةٍ على القوة والحرص والعزم والجزم والهمَّة في الأخذ بالكتاب!.
وإلى لقاء آخر مع (حديث من القلب) أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه.. والله أكبر ولله الحمد.

محمد مهدي عاكف
المرشد العام للإخوان المسلمين

ابو مصعب المصرى 28-06-2009 01:27 PM

رد: مقالات بقلم المرشد العام للأخوان...مفهوم الأمن.. وكيف يتحقق
 
17:





رسالة من: محمد مهدي عاكف- المرشد العام للإخوان المسلمين
الأمن أساس الحياة وسر التقدم والرقي
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد:
فمن البديهيات التي لا يختلف عليها العقلاء؛ أنه لا يمكن أن تقوم حياة إنسانية كريمة إلا في ظلال أمنٍ وافرٍ، يطمئن الإنسان معه على نفسه وأسرته ومعاشه، ويتمكَّن في ظله من توظيف ملكاته وإطلاق قدراته للبناء والإبداع، وقد جمع الله في الامتنان على قريش بين نعمتَي الأمن والإطعام؛ ليبيِّن أن إحداهما لا تقلُّ أهمية عن الأخرى، ولا تُغني عنها، فقال تعالى: ﴿فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ (3)الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآَمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ (4)﴾ (قر
وقرن سيدنا إبراهيم الدعاء بتحقيق الأمن مع الدعاء؛ بنفي الشرك وتحقيق التوحيد ﴿وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آَمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ﴾ (إبراهيم: من الآية 35)، وقرن النبي صلى الله عليه وسلم الإسلام بالأمن، فقال صلى الله عليه وسلم: "الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ، وَالْمُؤْمِنُ مَنْ أَمِنَهُ النَّاسُ عَلَى دِمَائِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ" (الترمذي وصححه).
وفي بيان قيمة الأمن في الازدهار الاقتصادي قال تعالى: ﴿وَقَالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَمًا آَمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقًا مِنْ لَدُنَّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (57)﴾ (القصص)، وفي دولة سبأ كان الأمنُ أحدَ أهم أسباب الازدهار الاقتصادي ﴿وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا آَمِنِينَ (18)﴾ (سبأ)، وقد دلَّت سائر أحداث التاريخ البعيد والقريب على أن الحضارة لا تزدهر، وأن الأمم لا ترتقي ولا تتقدم إلا في ظلال الاستقرار الذي ينشأ عن استتباب الأمن للأفراد وللجماعات وللأمم.
كما صار من الوضوح بمكان ارتباط سائر أنواع الأمن بعضها ببعض، فلا أمنَ اجتماعيًّا من غير أمن اقتصادي وأمن سياسي، والعكس بالعكس، فالأمن الاقتصادي المتمثِّل في عدالة توزيع الثروة، والأمن السياسي المتمثل في تحقيق العدالة السياسية لا يتمَّان بغير توافق اجتماعي.. وهكذا، فلا رأي لخائف، ولا عقل لمستعبَد مُكرَه؛ لأنه حين يشيع الاستبداد، فإنه يقضي على القدرات العقلية للأمة، ويفلُّ إرادتها وعزمها، وحتى لو فكرت فالخائف إذا فكَّر يكون تفكيره مرتعشًا، ورأيه مشوشًا.
كما يؤدي الاستبداد إلى اهتزاز العلاقات الاجتماعية بين أفراد المجتمع، فضلاً عن إعطاء الفرصة للمتملِّقين والمداهنين في التسلق والسيطرة على جل أجهزة الدولة.
الحرية والعدل مفتاح الأمن
الذي ينظر بإمعان وعمق في حالات التمرد السياسي أو الثورات الاجتماعية في أنحاء الأرض في الماضي والحاضر؛ يُدرك تكامل مفهوم الأمن، ويُدرك أن مفتاحه هو الحرية، والحرية منشؤها العدل، وأن التسلط والطغيان وغياب العدل والحريات هو الذي يفتح أبواب التمرد والصراع الطائفي والطبقي والاجتماعي على مصاريعه، وأنه لم تحلّ تلك الإشكالات في الماضي، ولن تحلَّ في الحاضر والمستقبل إلا بتراجع المستبد عن استبداده، فإذا ساد الظلم وشاع الطغيان فالأمة على موعدٍ قريبٍ مع الهلاك والسقوط، وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "كَيْفَ يُقَدِّسُ اللَّهُ أُمَّةً لاَ يُؤْخَذُ لِضَعِيفِهِمْ مِنْ شَدِيدِهِمْ؟" (ابن ماجه وابن حبان)؛ أي أن الأمة التي لا مجال فيها لأخذ الحق للضعيف من القوي، فلا مجالَ لها بين الأمم، ولا بد أن تذلَّ وتخزى.
ما الأمن؟!
إن الأمن لا يعني مجرد السلامة البدنية والجسدية للفرد، بل هو حالة شعورية من الرضا النفسي الناشئ عن الإيمان بالله، والاطمئنان إلى سيادة الحق والقانون، وضمان حق التعلم والرعاية الصحية والاجتماعية، وضمان حرية التفكير والتعبير، وحفظ الكرامة الإنسانية، وضمان التساوي في الفرص بين الجميع في الحصول على المناصب والوظائف والأعمال، والقبول بدور الفرد في تحقيق التنمية لنفسه ولوطنه ولأمته، وتعزيز الانتماء للوطن، وتأكيد الثقة والأمل في النظر إلى المستقبل
وقد كان الإسلام واضحًا غاية الوضوح، وهو يمنع ويحرم كافة أشكال التخويف للمسلم، بدءًا من تحريم تخويفه وتهديده بالقتل، وانتهاءً بتحريم ترويعه ولو على سبيل الهزل والمداعبة، فقال صلى الله عليه وسلم: "لاَ يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يُرَوِّعَ مُسْلِمًا" (أبو داود).
وهذا هو ما يدفع الشخص إلى الإيجابية، والمشاركة الفاعلة، والإبداع في عملية التنمية، وبذل أقصى الجهد، وتقديم أنْفَس التضحيات لحماية الجماعة أو الدولة التي يعيش فيها. وهذا الشعور إذا تحقَّق للأفراد والهيئات داخل دولة ما؛ كفيل بالحفاظ على السيادة الوطنية، وتحقيق التقدم العلمي والاقتصادي، وتمكين التفوق العسكري، وحريٌّ بأن يدفع الأمة إلى موقع الصدارة، ويحقق لها كل الآمال في النهضة والتقدم.
على مَن تقع مسئولية الأمن بهذا المفهوم؟!
الأمن بهذا المفهوم هو مسئولية الأفراد والحكومات، ومن واجب الجميع المسارعة إلى الإسهام في تحقيق الأمن والرفاهية للمجتمع، وقد بيَّن النبي صلى الله عليه وسلم اشتراك الجميع في المسئولية، فقال صلى الله عليه وسلم: "كُلُّكُمْ رَاعٍ فَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَالأَمِيرُ الَّذِى عَلَى النَّاسِ رَاعٍ وَهْوَ مَسْئُولٌ عَنْهُمْ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ وَهْوَ مَسْئُولٌ عَنْهُمْ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى بَيْتِ بَعْلِهَا وَوَلَدِهِ، وَهْيَ مَسْئُولَةٌ عَنْهُمْ، وَالْعَبْدُ رَاعٍ عَلَى مَالِ سَيِّدِهِ وَهْوَ مَسْئُولٌ عَنْهُ، أَلاَ فَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ" (متفق عليه).
فالأفراد يلتزمون تقوى الله، والامتناع عن سائر المنكرات والفواحش الظاهرة والباطنة، ويحرصون على التقيد باللوائح والأنظمة المقررة، ويستمسكون بالولاء لأوطانهم، ويحافظون على الممتلكات العامة والخاصة، ويمارسون التناصح والدعوة إلى فعل الخيرات وترك المنكرات، ويقوم الدعاة والمثقفون والإعلاميون والتربويُّون وسائر هيئات التوجيه وتكوين الرأي العام؛ بصياغة رسالة واحدة للأمة، مستمدة من عقيدتها، ومستلهمة تاريخها وحضارتها، ومؤكدة دورها ونهضتها.
والحكومات بأجهزتها المتعددة تمكِّن مواطنيها من حرية الرأي والتعبير، وتلتزم بتفعيل الشورى والشفافية التي تمكن من ممارستها على النحو الصحيح، وتُتيح للجميع المشاركة السياسية، وتفتح الأبواب أمام الجميع للإسهام في عملية التنمية، وتوفر الأجواء النزيهة والمنصفة لتحقيق المساواة بين المواطنين، وتوفِّر الحماية والأمن والخدمات والرعاية الصحية والتعليمية لعموم المواطنين، وتلتزم الجد والحزم والمساواة والإنصاف في تطبيق القانون، وتضع التشريعات والبرامج التربوية والتوعوية لإشاعة ثقافة المشاركة في القرار، وتعمل على مكافحة البطالة، وتوفير فرص العمل المتساوية أمام الجميع، وبذلك تهدأ النفوس والخواطر، وينطلق الجميع في اتجاه واحد نحو التقدم والرفاهية.
وبقدر ما تستطيع الدولة أن تنشر بين مواطنيها من الانتماء للوطن والشعور بالمسئولية والإيمان بالنظام والقانون؛ تُقاس قوتُها، وتتحدَّد بين العالمين مكانتُها، فلا وجود لمجتمع سليم ودولة متقدمة بغير الفرد السليم، وفي الحديث "إِذَا كَانَ أُمَرَاؤُكُمْ خِيَارَكُمْ، وَأَغْنِيَاؤُكُمْ سُمَحَاءَكُمْ، وَأُمُورُكُمْ شُورَى بَيْنَكُمْ؛ فَظَهْرُ الأَرْضِ خَيْرٌ لَكُمْ مِنْ بَطْنِهَا، وَإِذَا كَانَ أُمَرَاؤُكُمْ شِرَارَكُمْ، وَأَغْنِيَاؤُكُمْ بُخَلاَءَكُمْ، وَأُمُورُكُمْ إِلَى نِسَائِكُمْ؛ فَبَطْنُ الأَرْضِ خَيْرٌ لَكُمْ مِنْ ظَهْرِهَا" (الترمذي).. هل يمكن أن يتحقق الأمن بالإكراه وبالقوة والتسلط وإرهاب الشعوب وأخذ الناس بالشبهات؟!بالطبع، لا.
إن الذي ينظر في واقع الأمة يرى عجبًا، فالنظم الحاكمة في معظم بلادنا الإسلامية تجعل مهمتها الكبرى خنق الحريات، واعتقال وتشويه المعارضين، وترى أجهزة الأمن ذلك مهمتها الأساسية، ولذلك قصَّرت بل تخلَّت في أحيان كثيرة عن أمن مواطنيها، فرأينا ظواهر البلطجة والعصابات المنظمة والجرائم المخلة بالشرف؛ تملأ أركان مجتمعاتنا الإسلامية، بل الأعجب أن أجهزة الأمن في بلادنا صارت تستعين بهؤلاء البلطجية وبالفاسدين والفاسدات في مواجهة المعارضة الشريفة، كما في الانتخابات المختلفة، مما شاهده ورآه الناس بأعينهم، وسجَّلته وسائل الإعلام المختلفة، وأثبتته أحكام القضاء المتعددة.
بل قد سرى بين الناس أنه لا مجال للاعتماد على أجهزة الدولة في حفظ الحقوق أو استردادها، فلجأوا إلى الاعتماد على جهات أخرى، منها البلطجية، حتى رأينا نزاعًا بين عدد من كبار رجال الأعمال على قطعة من الأرض، لم يلجأ الجميع إلى الطريق الطبيعي للتخاصم، بل استأجر كلُّ فريق طائفةً من البلطجية المسلحين، ودارت معركة أهدرت فيها كثير من الدماء، حتى إن القضاء حكم بإعدام العشرات من المشاركين في الجريمة.
وفي الوقت الذي تتعامل فيه أجهزة الأمن برخاوة عجيبة مع هذه الظواهر الفاجعة؛ نجد أجهزة الأمن تتحرك بعشرات السيارات المصفَّحة وعشرات الجنود والضباط للقبض على سياسيين وأساتذة جامعات وأطباء ومهندسين وعلماء في مختلف التخصصات ومربين فضلاء من أعمار مختلفة، لا لشيء إلا لأنهم ينتمون للإخوان المسلمين، ويؤمنون بالمشروع الإسلامي، ويسعون إلى خير بلادهم وتقدم أوطانهم، فيلفِّقون لهم التهم الظالمة، ويقدِّمونهم لمحاكمات ظالمة أمام محاكم غير مختصة، لديها أحكام مجهزة سلفًا، بعيدًا عن القضاء الطبيعي، الذي تضرب تلك النظم بأحكامه عرض الحائط.
ويظن أولئك السادة أن قهر الناس هو ما يحمي هيبة الدولة، ويحفظ نظام الحكم، وهذا إن صحَّ وأدَّى القهر غرضه في إخافة بعض الناس؛ فإنه يؤدي كذلك غرضًا آخر أكثر خطورةً، وهو قتل الروح المعنوية والإيجابية، وتعويد الشعب على اللا مبالاة والسلبية، وامتناعه عن المشاركة في حماية المجتمع وتأمينه، بل رأينا كثيرًا من النخب السياسية تقف متفرجةً لا تنطق ببنت شفة؛ تنديدًا بهذا الظلم أو استنكارًا له، فيا لله العجب!.
فهل هذا هو الذي يحمي النظم ويحقق لها الهيبة؟! ذلك هو الوهم الذي يعيش عليه الظالمون، إلى أن يفيقوا على وقع السقوط المدوي الذي لا سبيل إلى وقفه، والذي ندعو الله أن يحفظ أمتنا منه ومن آثاره.
الحرية والعدل.. هما ما يحفظان هيبة الدولة
يقول الإمام التابعي الجليل عامر الشعبي رحمه الله: "كانت دِرَّةُ عمر رضى الله عنه أهيب من سيف الحجاج"، وهو بذلك يختصر دروس التاريخ في كلمات بسيطة، فدِرَّة عمر "أي عصاه الصغيرة التي كان يؤدب بها المخالفين"، حققت من الهيبة وحفظ النظام ما لم يحققه سيف الحجاج الباطش الذي حصد رءوسًا كثيرة، وسفك دماء طوائف شتى من العلماء والفضلاء والعامة؛ إذ كان من منهج عمر رضي الله عنه ألا يقهر الناس أو يتجبر عليهم، بل يقول لكبار موظفيه وولاته الذين يبعثهم على البلاد المختلفة: "أَلَا لَا تَضْرِبُوا الْمُسْلِمِينَ فَتُذِلُّوهُمْ، وَلَا تُجَمِّرُوهُمْ- أي لا تحبسوهم في الرباط والثغور عن العودة لأهليهم- فَتَفْتِنُوهُمْ، وَلَا تَمْنَعُوهُمْ حُقُوقَهُمْ فَتُكَفِّرُوهُمْ" (أحمد)، ويقول لهم: "أدِرُّوا على المسلمين حقوقهم"، وبهذا انتظمت أمور الدولة، وملأت هيبتها القلوب.
أما سيف الحجاج فكان له أكبر الأثر في حصول الثورات على الدولة الأموية التي استخدمته، وكان من نتائج ذلك سقوط الدولة بعد سنوات قليلة.
إن المستبدَّ الذي يسوس الأمور بالقوة والقهر والشدة؛ يسلب الأمة حريتها وكرامتها، ويتصور أن استقرار أمره يقوم على قهرها وإذلالها؛ مما يدفع الأمة إلى التفكير في التخلص منه، فتبدأ دورة الفوضى والعنف، ويختلُّ نظام الدولة، ويطمع أعداء الأمة في استغلال هذا الوضع لابتزازها والتدخل في شئونها.
وهذا الخليفة الكريم العادل عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه، كان واليًا على المدينة، وقد ساس أهلها سياسة حسنة، وجاء الحجاج بن يوسف الثقفي وكان واليًا على العراق، فسأل أهل المدينة عن عمر: كيف هيبته فيكم؟ قالوا: ما نستطيع أن ننظر إليه هيبةً له. قال: كيف محبتكم له؟ قالوا: هو أحب إلينا من أهلنا، قال: فكيف أدبه فيكم (يعني: تأديبه للرعية وعقابه للمخطئين) قالوا: ما بين الثلاثة الأسواط إلى العشرة، قال الحجاج: هذه هيبته، وهذه محبته، وهذا أدبه؟! هذا أمر من السماء!.
وكتب إليه اثنان من ولاته: نرى أن الناس لا يصلحهم إلا السيف! فكتب عمر رضي الله عنه إليهما: "خبيثين من الخبث، ورديئين من الرديء، أتعرضان لي بدماء المسلمين؟ والله لَدَمُكُما أهون عليَّ من دماء المسلمين".
وكتب إليه والي حمص: إن مدينة حمص قد تهدمت واحتاجت إلى الإصلاح، فكتب إليه عمر رضي الله عنه: "حصِّنها بالعدل، ونَقِّ طرقها من الجَوْر.. والسلام"، وكتب لأحد ولاته: "خذ الناس بالبينة وما جرت عليه السُّنَّة، فإن لم يصلحهم الحق فلا أصلحهم الله".
ولهذا كانت المدة اليسيرة التي تأمَّر فيها عمر رضي الله عنه سنتين وخمسة أشهر وبضعة أيام؛ كفيلةً بأن ترفع لواء الأمة، وأن تُعيد لها نهضتها من جديد. وهذا ما نحن في أمسِّ الحاجة إليه اليوم: أن يكتب الله تعالى لهذه الأمة أمراء رفقاء لا يعنفون الناس، ولا يخاصمون الشعوب.
وإننا نهدي هذه المواقف المشرِّفة إلى الذين يتصورون أن هيبة الدولة وأن حفظ النظام لا يتأتى إلا بالشدة وبأخذ الناس بالظن، وتجهيز التهم للمعارضين، والاعتقال التعسفي للخصوم السياسيين.
فهل يعي العقلاء ذلك ويتداركون الأمر قبل فوات الأوان؟
نسأل اللهَ الهداية لنا ولهم وللناس أجمعين..
والله أكبر ولله الحمد.

الأمتياز 28-06-2009 01:40 PM

رد: مقالات بقلم المرشد العام للأخوان
 
السلام عليكم
شكراً يا أخي الفاضل على هذا الموضوع

وجزاك الله خيرا

وبارك الله فيك

ابو مصعب المصرى 28-06-2009 01:57 PM

رد: مقالات بقلم المرشد العام للأخوان
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الأمتياز (المشاركة 745238)
السلام عليكم

شكراً يا أخي الفاضل على هذا الموضوع

وجزاك الله خيرا

وبارك الله فيك

وعليكم السلام اخى الحبيب
بورك مرورك
وجزاك ربى خير لمرورك
ونسال الله النصرة الصادقة لعباده الصادقين

عبدالله المشهداني 28-06-2009 08:10 PM

رد: مقالات بقلم المرشد العام للأخوان
 
بارك الله فيك وجزاك الفردوس الاعلى من الجنة
نسال الله لدعوتنا وامتنا النصر والتمكين

ابو مصعب المصرى 30-06-2009 12:01 AM

رد: مقالات بقلم المرشد العام للأخوان
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة abdalll (المشاركة 745492)
بارك الله فيك وجزاك الفردوس الاعلى من الجنة
نسال الله لدعوتنا وامتنا النصر والتمكين

وفيك اخى ومعا باذن الله
ونسال الله القبول

ابو مصعب المصرى 03-07-2009 05:15 PM

رد: مقالات بقلم المرشد العام للأخوان
 

الدعوة ماضية في طريقها حتى النصر بإذن الله تعالى
[15:30مكة المكرمة ] [02/07/2009]
http://www.ikhwanonline.com/Data/2009/7/2/asd35.jpg




رسالة من: محمد مهدي عاكف- المرشد العام للإخوان المسلمين
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن والاه، وبعد..
فقد جاء الإسلام بأكمل تصور للوجود، وبأرقى وأشمل نظامٍ لتطوير الحياة وإسعاد الخلق، وعمل على هداية البشرية كلها إلى هذا الخير، وتبليغه إلى أسماعها وإلى قلوبها، ومضى النبي صلى الله عليه وسلم يعرض حقائقه على الناس، فقبلته العقول السليمة، وانجذبت إليه الفِطَر المستقيمة، فقامت قيامة الجاهلية وأجلبت بخيلها ورجلها، ولم تدَع نقيصةً إلا حاولت إلصاقها بالدعوة والداعية صلى الله عليه وسلم؛ في خصومة فاجرة، وحرب قذرة مناقضة للأخلاق النبيلة، ولكنَّ جلالَ الحق الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم، وجمالَ المبادئ التي نادى بها، وحاجةَ البشرية إلى المنهاج والأخلاق التي قدمها؛ دفعت العقلاء إلى الإيمان به، فاندفعت الجاهلية في نصرة باطلها إلى حرب وجودية ﴿وَانْطَلَقَ الْمَلأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آَلِهَتِكُمْ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ﴾ (ص: 6)، ولم تزَل حربُهم على الإسلام قائمةً حتى ﴿جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا﴾ (الإسراء: من الآية 81)، وجاء نصر الله والفتح، ودخل الناس في دين الله أفواجًا، ولم ينتقل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى إلا وقد دانت الجزيرة العربية كلها بدين الحق، واستظلَّت بظلال التوحيد والعدل.

فلمَّا تُوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم اجتمعت على الإسلام محنٌ وخطوبٌ لم تجتمع من قبل، فقد ارتدَّت العرب، ونَجَمَ النفاق، وحزن المسلمون حزنًا شديدًا لفقد نبيِّهم صلى الله عليه وسلم وقلتهم وكثرة عدوِّهم، فتماسك المسلمون وعلى رأسهم خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر الصديق رضي الله عنه، وصبروا وقاموا بأعباء الدعوة إلى الله خيرَ قيام، وقال أبو بكر الصديق رضي الله عنه: "أينقصُ الدينُ وأنا حي؟!"، وأبى المسلمون أن يستسلموا لهذه الحوادث ويخذلوا الدعوة، فلم يحافظوا على وضع الإسلام فقط، بل فتحوا فارس والروم.

وتبعهم على ذلك أجيال المسلمين من بعدهم، فحملوا الإسلامَ إلى كل مكان، وصحَّحوا المفاهيم، ونشروا في الدنيا الخير والنور، وأُوذوا أشدَّ الإيذاء، فتحمَّلوا ذلك كلَّه في سبيل الله، حتى كَتَبَ الله لهم النصر والتمكين.

الدعاة يدركون طبيعة الطريق
يُدرك الدعاة إلى الله- وفي القلب منهم الإخوان المسلمون- أن الطريق إلى هداية الناس وشيوع الخير ونشر الفضيلة في الدنيا؛ سيواجِه من الصعوبات والعوائق ما واجَه الأنبياء والصالحين من قبل، فالرسالة هي الرسالة، والضلالات والأهواء هي هي، والعقبات هي العقبات، والقوى الطاغية لا تزال تقوم دون الناس ودون الدعوة، وتفتنهم كذلك عن دينهم بالتضليل وبالقوة.

والقرآن يُذكِّر المسلم الصادق بأن الفتنةَ والابتلاء قَدَرٌ لازم ﴿وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ﴾ (الأنعام: من الآية 53)، وله هدفٌ واضحٌ، وهو تمييزُ الخبيث من الطيب ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ (31)﴾ (محمد)، ولا سكنَ في الجنة إلا لمن صبرَ على هذا الابتلاء ﴿أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ (142)﴾ (آل عمران)، ومن ثَمَّ فلا مناصَ أمام حَمَلَةِ رسالة الخير ومشاعل النور من الحلمِ والصبرِ والاحتسابِ، فللباطل جولةٌ ثم يذهب هباءً، والحق له صولةٌ وهو أنفع، وله الثبات والبقاء، فإذا اشتدَّ الأذى وكثُر التهديد لجأ المؤمنون إلى حصن التوكل على الله والصبر على الأذى، وشعارهم: ﴿وَمَا لَنَا أَلاَّ نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَى مَا آَذَيْتُمُونَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ (12)﴾ (إبراهيم).

العقبات في طريق الدعوة
كثُرت وتنوَّعت العقبات التي واجهت- ولا تزال تواجه- دعوة الحق والخير والهدى والنور، منذ أن بعث الله بها أنبياءَه ورسلَه حتى اليوم وإلى أن تقوم الساعة، ومنها:

النظم الطاغية في الأرض
التي تصدُّ الناس عن الاستماع إلى الهدى، وتسعى إلى فتنةِ المهتدين وردِّهم عن الحق ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا﴾ (إبراهيم: من الآية 13)، ﴿قَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا﴾ (الأعراف: من الآية 88)، وهؤلاء المستكبرون لا يألون جهدًا في الصدِّ عن الإسلام وتشويه الدعاة إليه وممالأة الظالمين الذين يكيدون له ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ (36)﴾ (الأنفال).

ومما يؤسف له أن ترفع تلك الدول شعارات الحرية وحقوق الإنسان، وتثور ثائرتهم لما يَعُدُّونه انتهاكًا هنا أو هناك، ثم يدوسون هذه الحقوق ويصمتون صمت القبور إذا كان ضحيتها هم حملة المشروع الإسلامي، بل تتخذ تلك الدول من الإسلام وحَمَلَة دعوته عدوًّا دون أن تتعرَّف إليه وتدرك الخير الذي جاء به، ولو أمعنوا النظر وأنصفوا لرأوا في هذا الدين الكريم خلاصًا للعالم المعاصر من أزماته وحلاًّ لمشكلاته، ولسارعوا إلى قبوله والدخول فيه أفواجًا، ولكن التعصبَ يُعمِي ويُصِمُّ، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

الأنظمة المستبدة
التي لا ترى أبعدَ من قوائم الكرسي الذي تجلس عليه، ولا تفكِّر بغير العصا الأمنية التي تجتهد في تضخيمها وتقويتها، ولا تؤمن بغير البطش سبيلاً للبقاء فوق العروش المغتصبة وتكديس الثروات المنهوبة؛ فالمستبدُّ لا يرى إلا نفسه، ولا يبصر إلا مصلحته، ولا يُقَرِّب منه إلا من يتملَّقه ويترضَّاه، ولهذا فإنه في الوقت الذي يتصاغر ويتراجع فيه أمام أعداء الوطن؛ يستأسد على الصالحين المصلحين من بني جلدته، يقدمهم قرابينَ لقوى البغي والاستكبار العالمية، وثمنًا لتسلُّطه على الشعب المغلوب، ويملأ القلوبَ المؤمنةَ الأسى وهي ترى بني جلدتها ودينها يتولَّون أعداءهم ويعادون إخوانهم، ويستسلمون لمن يمكُر بهم، ويكرِّمون من ينافقهم رغبًا أو رهبًا، ويتغوَّلون على مَن ينصحهم ويسعى لخيرهم وخير أوطانهم.

ولو راجع هؤلاء أمرَهم، وتدبَّروا العواقبَ، ونظروا بعين الصدق والإنصاف؛ لرأوا أن مصلحتهم وقوتهم في نصرة دينهم، والوقوف في خندق شعوبهم، وأنه لا ملجأَ لهم بعد الله إلا شعوبهم التي ارتضت الإسلامَ دينًا والقرآنَ دستورًا ومنهاجًا؛ فهل يرجعون ويبصرون؟!

وإن تعجب فعجبٌ سكوتُ النخب المثقَّفة ودعاة حرية الرأي والفكر والتعبير؛ عن تسلُّط المستبدِّين على الإصلاحيين من الإسلاميين عمومًا والإخوان المسلمين خصوصًا! وهم الذين يملؤون الدنيا صياحًا وبكاءً على الحرية المفقودة إذا صودرت روايةٌ فاجرةٌ، أو حُذفت لقطةٌ مقززةٌ، أو تصدَّى العلماء لتفنيد رأيٍ مشوه زائف، يصادم ثوابت الأمة وقيمها، ويطعن في دينها وحضارتها! وحسبنا الله ونعم الوكيل.

التاريخ يؤكد أن النصر للحق وأهله
الذي يستعرض حقائق التاريخ يمتلئ يقينًا بزوال الباطل وبقاء الحق ﴿فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ﴾ (الرعد: من الآية 17).. يُدرك ذلك مَن يستعرض قصص الأمم المختلفة مع رسالات السماء، وما وضعوه من العقبات والفتن في طريق الدعوة إلى الإيمان وفي وجه الحق والهدى، ثم ما انتهى إليه الصراع بينهم وبين الحق من نصرة الحق وأخذ خصومه جميعًا﴿فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (40)﴾ (العنكبوت).

ويضرب الله تعالى لهذه القوى الباغية كلها مثلاً مصوَّرًا يجسِّم وهنَها وتفاهتَها فيقول: ﴿مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (41)﴾ (العنكبوت).

وقد أدرك كثيرون ممن واجهوا الحق أنهم مغلوبون، وتذكُر لنا كتب السيرة أنه لَما جِيءَ بِحُيَيّ بْنِ أَخْطَبَ إلَى النبي صلى الله عليه وسلم، ووقف بَيْنِ يَدَيْهِ، وَوَقَعَ بَصَرُهُ عَلَيْهِ؛ قَالَ: "أَمَا وَاَللهِ مَا لُمْت نَفْسِي فِي مُعَادَاتِك، وَلَكِنْ مَنْ يُغَالِبْ اللّهَ يُغْلَبْ، ثُمَّ قَالَ: يَا أَيُّهَا النّاسُ، لا بَأْسَ قَدَرُ اللّهِ، وَمَلْحَمَةٌ كُتِبَتْ عَلَى بَنِي إسْرَائِيل" (زاد المعاد).

فهذا الرجل كان يعلم أنه يقف في الصف المغلوب، وأنه لا سبيلَ لمغالبة الحق، لكنَّ الحقدَ غير المبرَّر هو الذي قاده وقومه إلى الهلاك؛ فهل يعي قادة الغرب دروس التاريخ، ويتخلَّون عن حلم فرض ثقافتهم وسلطانهم على المسلمين، ويتركون سياسة التصادم والاستعمار التي ثبت فشلها، ويتخلَّون عن سياسة إقصاء الحركات الإسلامية أو محاولة تطويعها وتدجينها، بعد أن ثبت لهم استعصاؤها على التطويع أو التطبيع.. لئن وعى قادة الغرب دروس التاريخ فلجؤوا إلى الحوار والتعاون، بدلاً من الإقصاء والتصادم؛ ليكونَنَّ للعالم شأنٌ آخر من بسط الأمن والرخاء.

لماذا اليقين بانتصار دعوة الحق؟
يعجب البعض من استمساك المجاهدين في سبيل الله والداعين إلى الخير برسالتهم، رغم عنف الضربات الظالمة التي تُوجَّه إليهم، وقسوة الحرب المجرمة التي تُشَنُّ عليهم، ورمي العاملين في ميدان الدعوة بالسذاجة، ولكننا نؤمن إيمانًا لا شك فيه أن الخير سينتصر، وأن الحق ستعلو رايته، وتنتشر في الدنيا دعوته، ويقيننا نابع مما يلي:

1- أنها دعوة منسجمة مع الفطرة التي فطر الله الناس عليها:
﴿فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لاَ تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ القَيِّمُ﴾ (الروم: من الآية 30)، وفي الحديث القدسي الجليل: "وإِنِّي خَلَقْتُ عِبَادِي حُنَفَاءَ كُلَّهُمْ، وَإِنَّهُمْ أَتَتْهُمُ الشَّيَاطِينُ فَاجْتَالَتْهُمْ عَنْ دِينِهِمْ..." (مسلم).

وقد جاءت عقيدة الإسلام وشريعته في القرآن بأسلوبٍ سهلٍ واضح، وهو على قدر ما فيه من بلاغةٍ معجزةٍ؛ فإنه مُيَسَّر للذكر يفهمه العالِم والعامِّيِّ، وإن اختلفت طريقة الإقناع ودرجة الاقتناع باختلاف طاقات الناس ومداركهم، لكن لا يملك العقل الحر والنظر السليم والفطرة الصافية إلا أن تذعن له وتؤمن به.

2- الإيمان العظيم الذي يملأ قلوب الدعاة:
إن العقيدة الصحيحة متى استقرت في القلب فإنها تُثمر تحرير النفس من قبول الخضوع للاستبداد، أو الإقامة على الضَّيْم.

فالمؤمن يعلم أن الخلق جميعًا لا يملكون لأنفسهم شيئًا، بل ولا يملكون أن يدفعوا عنه شيئًا ﴿إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَن يَخْلُقُوا ذُبَاباً وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِن يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئاً لاَّ يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ (73)﴾ (الحج).

ويعلم أن العمر بيد الله، لا ينقص بالإقدام، ولا يزيد بالإحجام، وأنه لا ينجي من الموت فرارُ الفارِّين، ولا يقدِّمه على أوانه ثباتُ المؤمنين ﴿قُل لَّن يَنفَعَكُمُ الفِرَارُ إِن فَرَرْتُم مِّنَ المَوْتِ أَوِ القَتْلِ﴾ (الأحزاب: من الآية 16) ﴿إِنَّ أَجَلَ اللَّهِ إِذَا جَاءَ لاَ يُؤَخَّرُ﴾ (نوح: من الآية 4).

ولذلك فإن الداعية الصادق يقابل الأهوال بشجاعة، ويثبت أمام الخطوب ببسالة؛ لأنه يعلم أن يد الله ممدودة إليه، وهو يقرأ قوله تعالى: ﴿اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ﴾ (البقرة: من الآية 257).

وهو قبل ذلك وبعده مرتبط باليوم الآخر، متعلِّق الهمة بتحصيل الثواب فيه؛ ولذلك ينطلق في دعوته على هدًى من ربه، محتسبًا ما يَلقَى من أذى في سبيل الله، موقنًا بقرب طلوع فجر العدل، ومجيء ساعة الحساب.. يقول للمتربصين:﴿قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلاَّ إِحْدَى الحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَن يُصِيبَكُمُ اللَّهُ بِعَذَابٍ مِّنْ عِندِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا فَتَرَبَّصُوا إِنَّا مَعَكُم مُّتَرَبِّصُونَ (52)﴾ (التوبة)، ويقول للمخوِّفين: ﴿حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الوَكِيلُ﴾ (آل عمران: من الآية 173)، ويقول للمترددين:
مَن لم يمتْ بالسيفِ ماتَ بغيرِهِ تعددت الأسبابُ والموت واحد

ويتلو على المتأثرين بالشائعات والحروب النفسية التي يجتهد فيها أعداء الله ﴿وَلاَ يَحْزُنكَ قَوْلُهُمْ إِنَّ العِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا هُوَ السَّمِيعُ العَلِيمُ (65)﴾ (يونس)؛ فهل يُتصوَّر أن ينهزم مثل هذا الداعية صاحب العقيدة الصحيحة؟!.

3- الثقة التامة بوعد الله بالنصر والتمكين:
إن العقيدة الصحيحة تربِّي في نفوس دعاة الحق والخير الشعورَ بالأمل في الله، والثقةَ في نصره، ومهما توالت النكبات والكوارث على المجتمعات وتسلَّط المستبدُّون على الأمة؛ فإن الثقة في الله تطرد اليأس من قلوبهم، وتدفعهم إلى اقتحام المصاعب مهما اشتدَّت، ومقارعة الحوادث مهما عظمت، وكيف يصيب اليأسُ صاحبَ العقيدة وهو يقرأ: ﴿وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الوَارِثِينَ (5) وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الأَرْضِ...﴾ (القصص)؟!

وكيف يصيبه الضعف أمام نازلةٍ من النوازل، وهو يقرأ ﴿وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (139) إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ القَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ﴾ (آل عمران)؟!

وكيف يتراجع أمام أية قوةٍ وهو يقرأ قوله تعالى ﴿هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ مِن دِيَارِهِمْ لأَوَّلِ الحَشْرِ مَا ظَنَنتُمْ أَن يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُم مَّانِعَتُهُمْ حُصُونُهُم مِّنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُم بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي المُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُوْلِي الأَبْصَارِ (2)﴾ (الحشر)؟!

وكيف يتردد عن المضيِّ في الطريق أو يستطيل المسافة وهو يقرأ قوله تعالى: ﴿أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ البَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلاَ إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ (214)﴾ (البقرة)؟!

ولذلك فهو على تمام الثقة بتحقيق وعد الله ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا﴾ (النور: من الآية 55).

4- معرفتهم بحاجة الدنيا إلى الرسالة التي يحملونها:
إن الدعاة الصادقين يدركون أن قارورة الدواء التي تحتاجها البشرية لتتعافى من الداء الذي ألمَّ بها؛ هي في الرسالة التي كلَّفهم الله بحملها ونَدَبَهم إلى نشرها، فالأزمات العالمية المتلاحقة، والفوضى الأخلاقية الضاربة بأطنابها، والحروب الطاحنة بين الشعوب، والنظام العالمي الأعور المختلّ، والتفكك الأسري المفجع، والتفاوت الطبقي المذهل، والعنصرية المقيتة، والطائفية الفاشية في أنحاء العالم.. كل ذلك وغيره لا سبيل للتخلص منه إلا بمنهج الإسلام.

والسعادة المفقودة، والأمن العالمي والمحلي المنشود، والعدالة المأمولة، والمساواة بين الناس، وتكريم الإنسان وحفظ إنسانيته؛ لا يمكن أن تتم بشكلٍ سليمٍ ومتوازنٍ إلا في ظلال المنهج الإسلامي الكريم، ولهذا كان من واجب الدعاة الذين انتدبهم الله لهداية الناس وإخراج البشرية من الظلمات إلى النور؛ أن يستمروا في تقديم هذا الخير للبشرية، وإن غلبها الطيش وانحرف بها الغيُّ عن سلوك سبيل الرشاد.

وقد أكد القرآن الكريم هذا الواجب الثقيل الذي كرَّم الله به الأمة الإسلامية ورفع قدرها، فقال تعالى ﴿كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ المُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ﴾ (آل عمران: من الآية 110).. يقول الإمام المجدد حسن البنا رضي الله عنه تحت عنوان (عوامل النجاح): "ومن الحق- أيها الإخوان- أن نذكر أمام هذه العقبات جميعًا؛ أننا ندعو بدعوة الله وهي أسمى الدعوات، وننادي بفكرة الإسلام وهي أقوي الفِكَر، ونقدم للناس شريعة القرآن وهي أعدل الشرائع ﴿صِبْغَةَ اللهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ صِبْغَةً﴾ (البقرة: من الآية 138)، وأن العالم كله في حاجة إلى هذه الدعوة، وكل ما فيه يمهِّد لها ويهيِّئ سبيلها، وأننا بحمد الله براءٌ من المطامع الشخصية، بعيدون عن المنافع الذاتية، ولا نقصد إلا وجه الله وخير الناس، ولا نعمل إلا ابتغاء مرضاته، وإننا نترقَّب تأييد الله ونصره؛ فلا غالب له ﴿ذَلِكَ بِأَنَّ اللهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لا مَوْلَى لَهُمْ﴾ (محمد: 11). فقوة دعوتنا، وحاجة الناس إليها، ونبالة مقصدنا، وتأييد الله إيانا؛ هي عوامل النجاح التي لا تثبت أمامها عقبة، ولا يقف في طريقها عائق ﴿وَاللهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ﴾" (يوسف: من الآية 21).

أثر المحن والابتلاءات على الصف الإسلامي
يُخيَّل إلى كثيرٍ من خصوم الدعوة أن الضغط والقهر ومصادرة حريات الدعاة وأرزاقهم؛ ستصرفهم عن دعوتهم، وستصرف الناس عنهم، وهذا وهمٌ فاسدٌ، فإن الدعاة يقابلون هذه المحن باستعلاء إيماني عظيم، لا يبالون بغير نصرة دينهم، ورفع كلمة الله في الأرض، وينشد شاديهم في داخل السجون ومن وراء القضبان"
أخي أنت حر وراء السدود أخي أنت حر بتلك القيود
إذا كنت بالله مستعصمًا فماذا يضيرك كيد العبيد؟!

كلمة إلى الإخوان المسلمين
إن دعوتنا ماضية في طريقها المرسومة، وخطتها الموفقة، غير عابئة بالتحديات والعقبات، ولا متراجعة أمام العوائق والمثبطات، ولعل من المناسب أن أذكِّركم بكلام إمامنا الشهيد حسن البنا رحمه الله: "... وسيحقد عليكم الرؤساء والزعماء وذوو الجاه والسلطان، وستقف في وجهكم كل الحكومات على السواء، وستحاول كل حكومة أن تحدَّ من نشاطكم، وأن تضع العراقيل في طريقكم، وسيتذرَّع الغاصبون بكل طريق لمناهضتكم وإطفاء نور دعوتكم، وسيستعينون في ذلك بالحكومات الضعيفة والأيدي الممتدة إليهم بالسؤال وإليكم بالإساءة والعدوان، وسيثير الجميع حول دعوتكم غبار الشبهات وظلم الاتهامات، وسيحاولون أن يُلصقوا بها كل نقيصة، وأن يُظهروها للناس في أبشع صورة، معتمدين على قوتهم وسلطانهم، ومعتدِين بأموالهم ونفوذهم: ﴿يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللهُ إِلا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ﴾ (التوبة: 32)، وستدخلون بذلك ولا شك في دور التجربة والامتحان، فتُسجنون وتُعتقلون، وتُنقلون وتشرَّدون، وتُصادَر مصالحُكم، وتُعطَّل أعمالُكم وتُفتَّش بيوتكم، وقد يطول بكم مدى هذا الامتحان.. ﴿أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ﴾ (العنكبوت: 2)، ولكن الله وعدكم من بعد ذلك كله نصرة المجاهدين ومثوبة العاملين المحسنين ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ....... فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ﴾ (الصف:10- 14)، فهل أنتم مصرُّون على أن تكونوا أنصار الله؟!".

فلا تهنوا أيها الإخوان، ولا تتراجعوا، واصبروا على الحق الذي أنتم به مؤمنون، وثقوا بالنصر القريب، واسألوا الله تعالى أن يفتح بيننا وبين قومنا بالحق وهو خير الفاتحين، وثقوا بأن الدعوة بالغة غاياتها ومراميها ما دام الله معنا، فهو هادينا وناصرنا ﴿وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا﴾ (الفرقان: من الآية 31).
ويقولون متى هو؟! قل عسى أن يكون قريبًا، والله أكبر ولله الحمد..
وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم، والحمد لله رب العالمين.




ابو مصعب المصرى 11-07-2009 06:56 PM

رد: مقالات بقلم المرشد العام للأخوان
 
نداء إلى شرفاء الأمة في مصر والعالم
[
http://ikhwanonline.com/Data/2009/7/9/img3.jpg








رسالة من: محمد مهدي عاكف- المرشد العام للإخوان المسلمين
الحمد لله، والصَّلاة والسَّلام على رسول الله، سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه ومَن والاه، أمَّا بعد.. ﴿إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ﴾ (هود: من الآية 88)، ومثلما كان جزاء أنبياء الله تعالى الذين جاءوا برسالة الإصلاح والعدل هذه التَّكذيب والعسف من جانب أقوامهم؛ فإنَّ جزاء الشُّرفاء من أبناء هذه الأُمَّة، من علمائها وساستها ورموزها الوطنيَّة النَّزيهة، هو الاعتقال والعسف والظلم.
إنَّ الإخوان المسلمين عندما نهضوا لأداء رسالتهم الإصلاحيَّة، سعيًا منهم لإنهاض الأُمَّة وإصلاح أحوالها؛ كانوا يعلمون تمامًا مدى صعوبة الطَّريق الذي يسيرون فيه، وما سوف يلاقونه من مشاقّ، مع مساس ما يدْعون إليه من إصلاحٍ وما يصاحبه من فعلٍ إيجابيٍّ بمصالح الكثير من قوى الفساد والاستكبار الدَّاخلي والخارجي، ليسارع نظام البطش والفشل والتسوُّل في الهجوم، مصادرًا حرياتهم، ومروِّعًا أمنهم ومغلقًا أبواب الرِّزق في وجوههم ووجوه أبنائهم وأبناء هذا الوطن؛ ممَّن وَجَدوا في مُؤسَّسات بعض أفراد الإخوان مصدرًا للكسب الحلال في زمنٍ عزَّت فيه الوظائف، وصَعُبَ فيه العيش؛ بسبب فشل الحكومة في توفير الحد الأدنى من العيش لمواطنيها، برغم أنَّ ذلك هو أوَّل أولويَّات أيَّة حكومةٍ تحترم نفسها وشعبها.
وفي حقيقة الأمر فعند بحث ما يتعرَّض له الإخوان اليوم من حرب مستعرة فإنَّنا لا يمكننا رده إلى عامل واحدٍ، بل أكثر من عاملٍ وأكثر من طرفٍ، يكوِّنون فيما بينهم تحالف الفساد والاستبداد والغرب (ممثلاً في المشروع الأمريكي الصهيوني) الذي يستهدف الإخوان المسلمين ودعوتهم.
العامل الأوَّل آتٍ من الخارج، فحكومتنا باتت تلعب دورًا أساسيًّا في تمرير سياسات التَّحالُف الأمريكيِّ- الصُّهيونيِّ في منطقتنا العربيَّة وفضائِنا الإسلاميِّ، وكان لموقف الإخوان المسلمين في أزمة العدوان الوحشيِّ الصُّهيونيِّ على قطاع غزة في ديسمبر ويناير الماضيَيْن، ودورهم السِّياسيِّ والإعلاميِّ في كشف وقائع الظُّلم الذي يتعرَّض له أكثر من مليون ونصف المليون فلسطيني في قطاع غزة المحاصر حتى الموت؛ دورٌ كبيرٌ في إزعاج واشنطن وتل أبيب، ولذلك صدرت الأوامر بالتَّحرُّك ضد الإخوان لإخماد صوتهم هذا.
كذلك كان للإخوان المسلمين في كلِّ مكانٍ دورهم الكبير في التَّصدي للاستعمار الجديد، ومواجهة قوى الاستكبار العالمي في مساعيها لغزو أمتنا، والاستيلاء على ثرواتها، واتخاذ بعض بلدانها قاعدةً لمشاريعها الاستعماريَّة العالميَّة، ولكن مشاريع الممانعة- والتي كان الإخوان في نسيجها- أفشلت هذه المُخطَّطات، ولذلك أيضًا كان لا بد من الرَّد، وكان الرَّد عن طريق الأتباع والأعوان في مصر وفلسطين وغيرها، ويمكن الرَّبط ما بين ما يجري في مصر من اعتقالاتٍ وعسفٍ بحقِّ الإخوان بما يجري في الضفة الغربيَّة من انتهاكاتٍ بحق عناصر المقاومة الشَّريفة، الذين يقبع منهم خلف قُضبان سجون السُّلطة أكثر من ألف مقاومٍ ومقاوِمةٍ.
أما العامل الثاني فهو عاملٌ داخليٌّ، يتعلَّق بالمخاوف الدَّائمة الموجودة لدى النِّظام الحاكم من جهود الإخوان الإصلاحيَّة، وأدوارهم في كشف الفساد ومحاولة معالجة صور الانحراف الموجود في مختلف مفاصل النِّظام وإداراته.
كما أنَّ فشل الجهود الدِّعائيَّة الرَّسميَّة في تقديم صورةٍ سلبيَّةٍ مخالفةٍ للحقيقة عن الإخوان أمام الرَّأي العام الداخلي والخارجي؛ دعا أركان النِّظام وسدنته في الأجهزة الإعلاميَّة والأمنيَّة إلى محاولة فاشلةٍ بدورها لتشويه صورة الإخوان النَّاصعة في الدَّاخل والخارج، ووصمهم بما ليس فيهم.
اتهامات باطلة
ولكنْ دعونا نراجع في هدوءٍ هذه "الاتِّهامات" التي دأب الإعلام الحكومي والأمني على توجيهها إلى الإخوان؛ منهم من قال بأنَّ الإخوان يدعمون الفلسطينيين المحاصرين في غزة (!!)، فهل هذه تهمة؟!، وإنْ كانت كذلك، فالإخوان لا ينكرونها.
الاتهام الآخر الموجَّه للإخوان المسلمين، هو غسيل الأموال!!!.. مبدئيًّا فإنَّ كل المبالغ التي قيل إنَّها ضُبِطَت في حوزة الإخوان المعتقلين في القضيَّة الأخيرة لا تزيد في مجموعها- بحسب التَّقارير الحكوميَّة- عن 12 مليون يورو، وهو مبلغٌ لا يكاد يُذكر بجانب الأرقام المهولة التي نهبها رجال الأعمال من البنوك المصريَّة في غضون العقدَيْن الماضيَيْن، والتي قدَّرها خبراء بعشرات المليارات من الجنيهات؛ كان لها تأثيرها السلبي الكبير على احتياطي مصر النقدي من العملة الأجنبيَّة، وعلى خطط التَّنمية الدَّاخليَّة.
وبينما تقوم الدَّولة الآن بمصالحة هؤلاء الهاربين بخيرات مصر وإعادتهم إلى البلاد لنهب المزيد من أموالها؛ تعتقل المزيد من رجال الأعمال الشُّرفاء الذين يؤدون دورهم الوطني، اقتصاديًّا واجتماعيًّا، في رفع المعاناة عن أبناء شعب مصر، وتقليص طابور العاطلين والفقراء الذي خلقته عقود من النَّهب والفساد والفشل في الأداء الرَّسمي.
مسئوليَّة الشرفاء
إنَّ الحيثيَّات التي تحملها القضيَّة الأخيرة ذات دلالاتٍ لا تخفى على أحد، وأولى هذه الدلالات أنَّ حرب النِّظام الحاكم ضد الشُّرفاء من أبنائه وصلت إلى حدِّها الأعلى، وأنَّه لم يُعد هناك استثناءٌ لأحدٍ منها، بما في ذلك الشُّرفاء العاملون على خطوط المواجهة الأولى في أزمات الأُمَّة، وهم مسئولو الإغاثة في اتحاد الأطباء العرب وفي نقابة الأطباء وغيرها من المواقع، والذين كانوا خير سفراء لوطنهم وأمَّتهم.
نريد أن نضع بين يدي الجماعة السِّياسيَّة والوطنيَّة في مصر والرَّأي العام المصري مجموعةً من الأمور؛ منها أنَّ الكل معنيٌّ بما يجري، وأن النظام الحاكم دخل منذ فترة في خصومة مع كافة شرائح المجتمع: الطلاب وأساتذة الجامعات والصحفيين والمحامين والأطباء.. إلخ، لا يُستثنى من ذلك أحدٌ.
إنَّ القضيَّة عامَّة وليست خاصةً بالإخوان فحسب؛ فاعتقال رموز الجماعة وشرفائها رسالةٌ مُوجَّهةٌ إلى الشعب المصري في محاولةٍ لتفزيعه وتخويفه وإرهابه، ثم هي موجهة أيضًا إلى الجماعة السِّياسيَّة المصريَّة والقوى الوطنية كلها، التي تعاني أحزابها ومُنظماتُها المدنيَّة- بما فيها النَّقابات والمُؤسَّسات الحقوقيَّة- من وطأة سياسات النِّظام وقبضته الأمنيَّة، التي تُكرِّس أوضاعًا بعينها لمصلحة هذا النِّظام، وتسعى لصياغة عنوان المرحلة القادمة الذي يتلخَّص في الانفراد بالقرار وإسكات المعارضة، مع اقتراب مصر من مرحلةٍ مفصليَّةٍ من تاريخها.
فالعام القادم 2010م سوف يشهد انتخاباتٍ تشريعيَّةً لاختيار أعضاء مجلس الشَّعب المصريِّ، وأخرى لاختيار نصف أعضاء مجلس الشُّورى، وفي العام الذي يليه تشهد مصر انتخاباتٍ رئاسيَّةً قد تكون واحدةً من أهم الأحداث السِّياسيَّة في تاريخ مصر الحديث، وبالتالي فإن الجماعة الوطنية المصرية مدعوَّةٌ إلى توحيد جهودها في المرحلة القادمة لمواجهة القمع الذي يمارسه النظام لتمرير مخططاته.
إنَّ عوامل نجاح جهود الجماعة الوطنيَّة والسِّياسيَّة الشريفة في مصر- إذا ما اتَّحدت- كثيرةٌ، فيكفي عدالة القضيَّة، ويكفي القواسم المشتركة التي تجمع الإخوان مع المعارضة والمستقلين والشُّرفاء من أبناء هذا الوطن، مثل الرَّغبة في تحقيق استقلال الوطن الحقيقي، ورفض الهيمنة والنُّفوذ الأجنبيِّ، والسَّعي إلى تحقيق التَّنمية الحقيقيَّة لصالح المجتمع، وفق مبادئ العدالة الاجتماعيَّة، ومحاربة الفساد، وتحقيق الحٌرِّيَّات العامَّة والإعلاء من قيم الدَّولة المدنيَّة والمواطنة واحترام حقوق الإنسان، في إطار مبادئ الإصلاح السِّياسيِّ والشَّامل.
وباء عام!!
لقد بذلت الأنظمة الحاكمة في العالم العربيِّ والإسلاميِّ جهدًا كبيرًا لتخويف الرَّأي العام والنَّاس من الشُّرفاء، مستعينةً في ذلك بآلةٍ إعلاميَّةٍ تفاعلت للأسف مع مرامي السُّلطة؛ تحقيقًا لمصالح ضيقةٍ لأقلامٍ سوداء، تمثِّل أقليَّةً ضئيلةً ضالَّة في بحرٍ من أبناء الوسط الإعلاميِّ الشُّرفاء.
إنَّ الإخوان المسلمين يثقون في جماهير الشعب المصري والأمة العربية والإسلامية، وإن هذه الجماهير لديها من الوعي والذكاء الاجتماعي وفهم الواقع ما يجعلها تفرق بين الصالح والطالح، بين الطيب والخبيث، وإن الإخوان يبذلون عن طيب خاطر من مقدَّرات حياتهم وأقواتهم وحرياتهم ثمنًا لإصلاح حال الوطن ونهضة الأُمَّة.
فليس في تاريخ الإخوان المسلمين ما يُشير إلى تطرُّفٍ أو إلى نزعة عدم وطنيَّة أو نزعةٍ ذاتيَّةٍ، وليس من الإخوان المسلمين من اتُّهِمَ في قضايا فسادٍ أو انتهاكات حقوق إنسانٍ أو في قضايا خيانةٍ عظمى، بل إنَّ خصومهم هم من ينهبون ويفسدون ويضيِّعون ثروات الأُمَّة, وهم الأولى بأنْ يُحاكَمُوا على جرائمهم هذه.
إنَّ استثناء الإخوان المسلمين ومحاولة إقصائهم من العمل العام والحياة السِّياسيَّة؛ لا يجلب للوطن والأُمَّة سوى التَّراجُع والمزيد من الخسارة.
إنَّ الإخوان المسلمين يمثلون ركيزةً أخلاقيةً وإيمانيةً لازمةً وضروريةً لتماسك ومناعة وأمن واستقرار المجتمع الذي يعيشون فيه.
وعلى الرغم من ذلك تُشَنُّ الحرب على الإخوان ويُزُجَّ بالآلاف منهم في السجون، وتتعطل الدِّيمقراطيَّة والتَّنمية، ويتم تشويه سمعة مصر في الخارج؛ بسبب انتهاكات حقوق الإنسان ومُمارسات النِّظام التَّعسفيَّة ضد كلِّ منافذ العمل الوطني، غير أننا ماضون على درب هذه الدعوة مهما كانت العقبات.
واجب الوقت
إنَّ ما يجري من مؤامراتٍ يفرض على الجميع أنْ يعمل على شحذ الهِمَمِ، وأنْ يتصدَّى بكلِّ عزم للفساد والقهر والظلم والعدوان، مهما كانت صوره، والشُّعوب بقواها الحيَّة لديها من الطَّاقات الكامنة التي إذا امتلكت إرادة الفعل، ما يجعلها قادرةً على إحداث التغيير المنشود، وأن ذلك ربما يتطلب منها بذلاً وعطاءً وتضحية وفداء.
وفي النهاية نقول لرفقاء درب الإصلاح عامةً وللإخوان خاصةً: إن أمتكم على أعتاب مرحلة جديدة، وإن سعي الناس شتَّى، فأما من ثابر وصبر فتلك شيم أصحاب الدعوات الإصلاحية، يستصغرون في سبيل الحق كلَّ ابتلاء مهما كان ألمه، ونذكِّر بقوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ﴾ (الرعد: من الآية 11).
أيها الإخوان..
مطلوب منكم مزيدٌ من تلاحم الصف، وحسن صلتكم بربكم، ونشاط يعمُّ القاصي والداني؛ حتى يعلم كل صاحب لبٍّ حقيقة دعوتكم، فتجمع روحكم شتات الأماني، ويواجه حماسكم طوفان اليأس الذي يسعى الاستبداد لزرعه في نفوس أمتكم.. وليكن نصركم لإخوانكم في سجون الظلم ألاَّ تتقهقر مسيرتكم في العمل على إظهار الحقائق للأمة، شارعين في وجه رياح الظلم قول رب العزة جل وعلا: ﴿الَّذِينَ اسْتَجَابُوا للهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمْ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ﴾ (آل عمران: 172)، وإنما النصر صبر ساعة وما ذلك على الله بعزيز.

والله أكبر ولله الحمد، وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي، والحمد لله رب العالمين

ابو مصعب المصرى 04-08-2009 12:09 AM

رد: مقالات بقلم المرشد العام للأخوان
 
رسالة من محمد مهدي عاكف- المرشد العام للإخوان المسلمين
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد.
فإن الصراعَ بين الحق والباطل قديمٌ وممتَدٌّ، وإن وضوحَ الحق وقوةَ حجته من أهم الأسباب التي تدفع خصومَه إلى منع دعاته من الإعلان عنه والتحرك به؛ خوفًًا من انجذاب القلوب إليه وتعلُّق النفوس به، ولهذا يلجؤون إلى سلاح العزل والفصل بين الدعاة وبين جماهير الناس ما استطاعوا إلى ذلك سبيلاً، سواءٌ عن طريق الحبس والاعتقال، أو عن طريق القتل والاغتيال، أو عن طريق التشويه والتشويش والاحتيال، ولا يزال مكرهم مستمرًّا متكررًا ﴿وَإِذْ يَمْكرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكرُ الله وَالله خَيْرُ الْمَاكِرِين﴾ (الأنفال: 30).
ولكن ثقةَ الدعاة بربهم، وإيمانَهم الكاملَ بدعوتِهم، ويقينَهم بسموِّ مبادئِهم، وإخلاصَهم لأوطانِهم وبني جلدتهم، وصفاءَ علاقتهم بالمخلصين من أمتهم؛ هي عدَّتُهم في مواجهة الشدائد ومغالبة المصاعب والعوائق، وهم يوقنون أنه لا يحيق المكرُ السيِّئُ إلا بأهله، وأن هذا الصراعَ محتومُ النهاية معلومُ العاقبة.. ﴿كَتَبَ الله لأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ الله قَوِيٌّ عَزِيز﴾ (المجادلة: 21).
أيها المجاهدون خلف أسوار الاستبداد والقهر والظلم..
إن الاعتداءَ على حرياتكم، والانتقاصَ من حقوقكم، ومصادرةَ أرزاقكم، وتغييبَكم عن أهلكم وأحبَّائكم؛ إنما هو محاولةٌ لمنعكم من الإسهام في إنقاذ أمتكم، فلقد أراد الله أن تستيقظوا وغيرُكم يغِطُّ في نومه، وأن تؤمنوا وسواكم يَهيم في شكِّه، وأن تأملوا ومَنْ دونكم قد تغشَّته سحابةُ اليأس، وأن تتجمَّعوا وغيرُكم قد تشقَّقت عصاه واختلف أمرُه، وأن يلتفَّ الناسُ حولكم، وتنتهي الثقةُ إليكم، ويحُفُّ الأملُ بكم، حين فقد الناسُ أملَهم وثقتَهم، ووجدوا فيكم المنقذَ من الفساد، ورأَوا في دعوتكم طوقَ النجاة من الذلِّ والانكسار، فمنحوكم ثقتَهم، ووضعوا فيكم أملَهم.
وشاء الله أن تمر بكم وبالأمة عواصفُ من الظلم، مزَّقتْ من غيركم من الأحزاب والهيئات ما شاء الله لها أن تمزِّق، ولكنها تمرُّ بكم أنتم، فتُقوِّي ولا تُضعِف، وتُثبِّت ولا تُزعزِع، وتزيدكم إيمانًا بنصر الله وثقةً برعايته؛ لأنكم بالحق تنطقون، ولدعوة الله تعملون، فأنتم لذلك على عينه تُصنَعون ﴿وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ﴾ (الطور: 48).
وقد أراد الله أن يظهر أمرُ دعوتكم، فلم تقِف عند حدود مصر، بل جاوزتْها إلى عشرات الأقطار والبلدان، وانفتحتْ لها قلوبُ مئات الملايين من المسلمين والأحرار في هذا العالم؛ بما تحمِله من سُمُوٍّ ونُبلٍ وأخلاقٍ كريمةٍ، وبما تشتمل عليه من مبادئ العدل والحرية والإنصاف والمساواة والإنسانية وحب الأوطان، والتفاني في خدمة الناس، ابتغاءَ وجه الله بلا مَنٍّ ولا أذىً.
ثم كان موقفُكم الرائعُ والمشرِّفُ في مواجهة العدوان الصهيوني الفاجر على أهل غزة، فتقدَّمتم لإغاثتهم حين نكَص غيرُكم على عقِبه، وواصلتم الليل بالنهار في إعانة المظلومين المحاصَرين، في جهاد لا يَعرِف الكلل أو الملل، قدَّرتْه لكم جماهيرُ الأمة وقُواها الحية وكلُّ أحرارُ العالم، حتى نصر الله إخوانكم في غزة، وأبطل كيد المجرمين، فـ﴿لاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ (آل عمران: من الآية 139).
ولم يكن ذلك كلُّه ليمرَّ على قوى الشرِّ والبغي في الخارج وقوى الفساد والاستبداد في الداخل؛ من غير اجتهادٍ في تعويق مسيرتكم، ودَأَبٍ في تشويه دعوتكم، ومن ثَم لجؤوا إلى هذه الحملة الظالمة المضلِّلة، التي اشترك في تنفيذها جهازُ أمن النظام مع تابعيه من المنسوبين إلى الصحافة والإعلام، في مسعى واضحٍ لتحقيق أهداف صهيوأمريكية غربية من جهة، وأهداف سياسية ضيقة من جهة أخرى
أما الأهداف الصهيونية الأمريكية الغربية، فتتمثل في أمرين أساسيين:
أولهما: تصفية القضية الفلسطينية.. من خلال إحكام الحصار على رموز العزة في غزة الصامدة، ومنْعِ الأمة من نجدتهم أو تخفيف معاناتهم؛ حتى يستسلموا للمشروع الصهيوني، وهذا ما لن يقبل به الإخوان المسلمون، ولن تقبله الأمة على الإطلاق.
أليس من المضحك المبكي أن جمع التبرعات لصالح الشعب الفلسطيني وتقديمها من خلال لجان الإغاثة الإنسانية العربية والعالمية، ومن خلال الهلال الأحمر المصري؛ صار عند حكومة مصر سببًا للاتهام والتجريم، بدلاً من أن يكون سببًا للافتخار والتكريم؟!
أليس من المبكي أن تسمح الحكومة المصرية بمرور المدمِّرات الصهيونية عبْر قناة السويس، وفي ذات الوقت تُغلق معبر رفح في وجه أهل غزة المحاصرين؟!
أليس عجيبًا ألا يتحرك أحد من الحكام العرب بجديَّة لرفع الحصار الظالم، وحين يتحرك بعض الأحرار من الأوروبيين لكسره، يتمُّ تعويقُهم ومماطلتُهم، فلا يدخلون إلا بعد معاناة وإرهاق؟!
فهل يجيبنا أحد.. لحساب مَنْ تقوم الحكومةُ المصريةُ بهذا الدور؟ ولمصلحة مَنْ تعاقِب الذين رفعوا رأسَ مصر عاليًا ووقفوا إلى جانب المضطهدين من إخوانهم؟!
لقد صار واضحًا أن الحكومة المصرية بما اخترعته ممَّا يسمَّى بقضية "التنظيم الدولي" إنما تريد منع الإخوان من التصدي للمخطط الغربي الصهيوني لابتلاع فلسطين وتصفية قضيتها، وتريد منع غيرهم من أن يحذو حذوهم في التصدي للمشروع الصهيوني؟!
اطمئنوا أيها الأحرار خلف الأسوار..
إن الإخوان المسلمين، ومعهم كلُّ الأحرار في الأمة وفي العالم، مستمسكون بمشروعِهم الحرِّ الرافضِ للمشروع الغربي الصهيوني، ولن يقبلوا بهذا الغرس الشيطاني في فلسطين المباركة، ولن يتوقفوا عن دعم صمود المقاومة والمجاهدين في فلسطين، ولن يتوقف سيلُ الإغاثة للشعب المظلوم في غزة وفي عموم فلسطين؛ حتى تقوم دولة فلسطين الحرة على كامل تراب فلسطين بإذن الله.. ﴿وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾ (يوسف: من الآية 21).
الهدف الغربي الثاني: هو تمرير المشروع القِيَمي الغربي القائم على التفلُّت من الأخلاق والدين، ونشر الإباحية والشذوذ، ومحو هويَّة الأمة الحضارية والثقافية، وتمرير مقرَّرات مؤتمرات السكان الهادمة للأسرة والمفسِدة للأمة، وهم يدركون أن الإخوان- ومعهم كل مسلم غيور كريم- يقفون حجرَ عثرةٍ أمام هذا المشروع الساقط، ولهذا يعملون على عزلِ الإخوانِ عن ساحةِ التأثير في وعي الأمة، ويعملون على تشويه أهدافهم والتشويش على مقاصدهم.
ونحن نؤكد لكم- أيها الشرفاء- أن الإخوان لن يسمحوا بالعبث بأخلاق الأمة وهويَّتها وخصوصيتها الحضارية، وأنهم مستمرون في مشروعهم الإسلامي الراقي، الذي يحظَى بتأييد أغلبية الأمة، ولن يتنازلوا عن شيءٍ من دينهم ومبادئهم بحال من الأحوال، وهم على يقينٍ من توفيق الله لهم، ومن تجاوب الأمة معهم.
وخيرٌ للغربيِّين أن يُعيدوا النظر في مواقفهم، ويُعيدوا بناء مواقف عادلة تجاه الأمة، وألا يقفوا في مواجهة دعوة تحمل الخير والسلام والأمن للبشرية جمعاء، وأن يُحسنوا مدَّ جسور الحوار الصحيح مع الأمة؛ بدلاً من الاعتماد على الضغط على الأنظمة المعزولة عن الشعوب.
موقفنا من النظام..
وأما النظام الحاكم الذي ارتَضَى أن يخضع للضغوط الصهيوأمريكية، والذي يرى في انتشارِ دعوتِكم والتفافِ جماهيرِ الأمة حول رايتكم تهديدًا لمشروعه القائم على التبعية والاستبداد والفساد؛ فإننا نؤكد الحقائق التالية:
- أن الإخوان يدركون واجبهم نحو أمتهم، ولن يتخلَّوا عن مشروعهم الإصلاحي الذي تجاوبت معه الأمة، والقائم على التعبير السلمي البعيد عن العنف المادي أو المعنوي، والداعي إلى مشاركة كافة أبناء الأمة وطوائفها دون استثناء أو إقصاء، والمستند إلى مبادئ الحرية والعدالة والمساواة.
- أن الإخوان المسلمين لم يكونوا يومًا- ولن يكونوا بإذن الله- منافسين لأحدٍ على مناصب وكراسيّ ومتاع زائل، وأنهم كما عهدتهم أمتهم لا يبتغون سوى خدمة أمتهم، والعمل على رفعتها ورُقيِّها والنهوض بها؛ لتستعيد مكانتها وموقعَها على المستوى الإقليمي والدولي، وإنهم لن يدَّخروا في سبيل ذلك جهدًا ولا مالاً، ولن يتردَّدوا في تقديم كافة التضحيات من أجل مصر العظيمة.
- أن الإخوان المسلمين لن يتغيَّروا ولن يتخلَّوا عن منهجهم السلمي، كائنةً ما كانت الاستفزازاتُ التي يتعرَّضون لها، فوحدةُ الأمة وأمنُها القوميُّ والاجتماعيُّ وعدمُ انكشافها أمام الصهاينة المتربِّصين؛ هو خيارُ الإخوان، مهما كان الثمن الذي يدفعونه من دمائهم وأقواتهم وحرياتهم.
- أن الإخوان يتوجَّهون بمشروعهم الإصلاحي للأمة وللنخب الحرة فيها للتعاون في إنقاذ سفينة الوطن من الفساد الذي طال كافة المؤسسات، وللوقوف في وجه الاستبداد الذي أهدر كرامة الأمة وقوَّض عناصر القوة فيها، والذي يسعى لتعطيل كل شيء نافع في هذا الوطن العزيز، بدءًا من العمل الأهلي الخيري التطوعي، وحتى إغاثة المنكوبين من إخواننا في فلسطين.
- أن الإخوان المسلمين سيبقون على الدوام مستعدِّين للتعاون مع كلِّ الشرفاء وجاهزين للحوار حتى مع مَن ظلمَهم، لكل ما فيه مصلحة هذا الوطن الغالي، الذي لا يستحق ما يجري له من تقزيم وإفساد، ونرى أن على العقلاء في الحزب الوطني والحكومة- وهم كثرٌ- أن يكون لهم دورٌ في وقف هذا الاندفاع إلى السقوط والهاوية الذي يُجَرُّ إليه الوطنُ جرًّا، وسنظلُّ نمدُّ بالخير للجميع أيديَنا، ونرفع بالدعاء إلى الله أكفَّنا: أن يحفظ بلادنا، وأن يهدي إلى الخير حكَّامنا، وأن يهيِّئ لنا من أمرنا رشدًا.
والله أكبر ولله الحمد..
وصلى الله على سيدنا محمد، النبيِّ الأميِّ، وعلى آله وصحبه وسلم، والحمد لله رب العالمين.


ابو مصعب المصرى 06-08-2009 11:33 PM

رد: الرسائل الاسبوعية للمرشد العام للاخوان(متجدد)
 

في ذكرى تحويل القبلة
المسجد الأقصى يستصرخ المسلمين لتحريره من الصهاينة
[18:38مكة المكرمة ] [06/08/2009]
http://www.ikhwanonline.com/Data/2009/4/16/img7.jpg



رسالة من محمد مهدي عاكف- المرشد العام للإخوان المسلمين
الحمدُ لله والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه ومَن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

يقول الله تعالى: ﴿سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنْ النَّاسِ مَا وَلاَّهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمْ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (142)﴾ (البقرة :142).

وعن البراء رضي الله عنه: "أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- صلَّى إلى بيت المقدس ستة عشر شهرًا أو سبعة عشر شهرًا، وكان يعجبه أن تكون قبلته قِبَلَ البيت، وإنه صلَّى- أو صلاها- صلاة العصر وصلَّى معه قوم فخرجَ رجلٌ ممن صلّى معه فمر على أهل المسجد وهم راكعون قال: أشهد بالله لقد صليت مع النبي- صلى الله عليه وسلم- قِبَلَ مكة، فداروا كما هم قِبَلَ البيت..". البخاري.

لقد أكمل الله نعمته على الأمة الإسلامية بهذا التحول، وأضحت مستقلة المعالم في كل شيء، وبهذا التوجيه كمل ربط قلوب المسلمين بأماكن الله المقدسة، ببيت المقدس وإقليمه، والكعبة وإقليمها، ومن هذا الربط إيحاء بالمحافظة على تلك الأماكن المقدسة، وبالتضحية في سبيل تطهيرها من عبادة غير الله، ومن كل سلطان غير سلطان المسلمين.

لقد أيقن المسلمون بهذا التحويل أن الله مستخلفهم في الأرض لينظر كيف يعملون، وتأكدوا- في حينه وقبل فتح مكة وقبل دخول المسجد الأقصى- بأن المسجد الحرام بمكة سوف يطهرونه من الأوثان والأصنام، وأن بيت المقدس سوف يكون وما حوله تبعًا للبيت الأعظم، وأن رسالة الإسلام سوف تسري في الآفاق، ويمتد نورها إلى تلك البقاع.

بالإيمان والعمل يتحقق الأمل:
وقد حقق الله لهم تلك الآمال بإيمانهم وعملهم وجهادهم فطهروا المسجد الحرام من الأصنام يوم فتح مكة، وبإيمانهم وجهادهم فتحت القدس وبإيمانهم وعملهم أعيد المسجد الأقصى من أيدي الصليبيين في عهد صلاح الدين.

واليوم كأني بالمسجد الأقصى ينادي أمة الإسلام أن خلصوني مما أنا فيه، ومن أيدي الصهاينة الذين يعملون على طمس معالم القدس وعلى تهويدها، كما يسعون في هدم المسجد الأقصى المبارك بحفر الأنفاق من تحته، والخنادق من حوله، حتى يهدموه ويقيموا الهيكل المزعوم على أنقاضه.

فهل ينتفض الحكام المسلمون ومن خلفهم شعوبهم ويستجيبون لنداء الأقصى ويهبون للدفاع عن القدس وبيت المقدس وتخليصه من الاحتلال الصهيوني الجاثم على صدره.. وبالإيمان والعمل والجهاد في سبيل الله سوف تكون لهم الكلمة النافذة في تحديد مصير القدس وفلسطين، وسوف تعود فلسطين حرة في ظل الإسلام العظيم يعيش فيها المسلمون والمسيحيون واليهود، ولا يبقى للصهاينة سلطان ولا هيمنة على تلك الأرض المباركة.

تحويل القبلة يعمق جذور الإخلاص والتجرد:
وإن في تحويل القبلة حكمة من الله بالغة أراد بها أن تخلص النفوس المؤمنة له؛ وأن تتخلص من كل رواسب ووشائج كانت قبل الإسلام، وأن ينفرد في حسها شعار الإسلام وحده، لا يلتبس به شعار آخر، وأن يتوحد المصدر الذي تتلقى منه لا يشاركه مصدر آخر، وهذا ما جاء في قوله تعالى: ﴿وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ﴾ (البقرة: من الآية 143). فلقد كان العرب يعظمون المسجد الحرام، فأراد الله- عز وجل- أن يجرد إيمانهم من كل ملابسة تاريخية وعصبية قومية، فلما أسلموا لله صدر الأمر الإلهي الكريم بالاتجاه إلى المسجد الحرام، وربط قلوبهم بحقيقةٍ أخرى وهي: أن هذا البيت ميراثهم؛ وأنهم خير أمة أخرجت للناس وأنهم الأمة الوسط الشاهدة على الناس: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا﴾ (البقرة: من الآية 143).

وما أعظم استجابة الصحابة رضوان الله عليهم لأمر الله فلم ينتظروا حتى يتموا صلاتهم.. وإنما تحولوا في الحال حيث أراد الله لهم.. وهكذا شأن المسلم الصادق يدور مع أمر الله حيث دار، وحيثما اتجه فوجهته نحو الله: ﴿وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (115)﴾ (البقرة: 115).

وهنا نتساءل أما آن للأمة الإسلامية أن تسارع في استجابتها لربها، وأن تولى وجهها نحو خالقها دون سواه، بأن تخلص لربها وشرعه، وأن تتجرد لعقيدتها، وتنخلع مما سواها من العصبيات البغيضة والقوميات المفرقة والأجناس المتنازعة لتصير كما أراد الله لها أمة واحدة: ﴿إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ (92)﴾ (الأنبياء).

أيها المسلمون في كل مكان:
احذروا مما يخطط له الصهاينة الآن بخصوص المنطقة العربية وفلسطين فإنهم يدفعون بالحكام للضغط على شعوبهم لقبول السرطان الصهيوني في قلب جسم الأمة العربية والإسلامية، والاعتراف بالكيان الصهيوني كدولة قومية لليهود، وأن يتم الإعلان عن إنهاء الصراع إلى الأبد بين إسرائيل والعرب، وأن تكون الدويلة الفلسطينية الموعودة ذات الحدود المؤقتة منزوعة السلاح، وأن يكون التطبيع إقليميًّا شاملاً، وأن تحل قضية اللاجئين بعيدًا عن الكيان الصهيوني المغتصب لأرض العروبة والإسلام، وهذه أوهامهم.

فكيف يُنهى الصراع إلى الأبد والمحتل لا يزال غاصبًا للأرض، وصاحب الأرض ما زال طريدًا بعيدًا؟

وهل الأشلاء الممزقة بالحواجز والجدار العازل والمستوطنات هي الدولة الموعودة؟

وهل في العالم دولة منزوعة السلاح بجوار كيان غاصب يملك الأسلحة النووية؟

لقد منح الزعماء العرب الصهاينة صك الشرعية فيما لا يملكون ودون أن يستأذنوا أصحاب الأرض، وقد آن الأوان ليدرك هؤلاء الزعماء أنه لا الأمم المتحدة ولا غيرها يملك أن يجعل من الباطل حقًّا.. وأن أصحاب الحق لا يهدءون إلا باسترداد حقهم مهما طال الزمن.

وأن الصراع في المنطقة ليس بين الفلسطينيين والصهاينة، ولكنه بين المسلمين في كل أنحاء العالم.. وبين الصهاينة ومن حالفهم.

وأن تخاذل الحكام عن نصرة إخوانهم في فلسطين لن يمنع الشعوب المسلمة من نصرة إخوانهم، والوقوف بجانبهم.

وأن كل القوانين والأعراف والدساتير لا تمنع الفلسطينيين من العودة إلى ديارهم.
وأن المقاومة حق مشروع، وأن مقاومة أصحاب الحق لا يقف أمامها الباطل مهما قويت أسلحته.. ومهما ساندته قوى الأرض مجتمعة.


وأن للمسلمين في فلسطين مسجدًا تشد إليه الرحال وهذا يفرض على الحكام المسلمين بل وعلى سائر المسلمين أن يعملوا بكل الوسائل لاسترداد فلسطين والمسجد الأقصى، وأن يجاهدوا بكل السبل لفرض سلطانهم على فلسطين؛ حتى يتمكن المسلمون في كل أنحاء المعمورة من أن يشدوا إليه الرحال كما يشدونها إلى المسجد الحرام والمسجد النبوي تحقيقًا لقول رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: "لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام ومسجد الرسول- صلى الله عليه وسلم- ومسجد الأقصى". البخاري.

أيها المسلمون الصادقون المرابطون على الثغور..
لقد تجمع اليهود من شتات الأرض باسم حق مزعوم في هيكل موهوم، وأقاموا لهم دولة على مقدساتنا، فهل آن الأوان لتجتمع كلمة المسلمين وتتوحد على حقهم المؤيد بآيات من كتاب الله وبأحاديث من هدي رسول- صلى الله عليه وسلم- وبأسباب الاتحاد بينكم وهي كثيرة، فربكم واحد ورسولكم واحد وكتابكم واحد وقبلتكم واحدة، فاعتصموا بحبل الله جميعًا ولا تفرقوا وجددوا إيمانكم وأخلصوا في عبوديتكم لله واستجيبوا لله ورسوله إذا دعاكم لما يحييكم، ولا تخجلوا أو تخافوا من وصمكم بالإرهاب حين تجاهدون في سبيل الله لاسترداد حقكم المغصوب، واعلموا أن الجهاد سبيلكم لخروج المحتل من أرضكم، وعودة مقدساتكم، ونشر الأمن والأمان في ربوع دياركم.. كما أنه الطريق لنيل مرضاة الله، والتمتع بالحياة العزيزة الكريمة.

واحذروا أيها المسلمون حكامًا ومحكومين مما يكيده لكم الأعداء إنهم يعملون على توسيع الهوة بينكم كما يعملون على تأجيج نار الصراع بين القوميات المختلفة وإشعال الحروب فيما بينها ليفني بعضهم بعضًا، ويهلك كل منهما الآخر، ولا عاصم لكم من ذلك إلا بقتل هذه العصبية الملعونة، وأن يحل محلها أخوة الإسلام ورابطة الدين، بها نتعانق فننهي الخصومة، وبها نتواد ونتراحم فنطفئ نار العداوة، وبها نتعاطف ونتعاون فنبني أمتنا ونصنع نهضنا ونستعيد مكانتنا، وبها نقف صفًا واحدًا أمام كيد الأعداء ومؤامراته فنحبطها ونردهم على أعقابهم خاسئين.. وبذلك نتمكن من رفع راية الإسلام، ونشر مبادئ الحق.. الذي يخلص البشرية من الظلم والطغيان والاستبداد والفساد، ونشر العدل والرحمة والحرية والمساواة بين البشرية جمعاء دون تفريق بجنس أو قومية أو لون أو طبقة، وإنما الكل سواء في ظل الإسلام.. ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ (107)﴾ (الأنبياء).

أبو جهاد المصري 09-08-2009 04:07 PM

رد: الرسائل الاسبوعية للمرشد العام للاخوان(متجدد)
 
جزاك الله خيرا
اخي وحبيبي ابو مصعب
دمتم وبارك الله فيكم
تقبل مروري

ابو مصعب المصرى 10-08-2009 02:07 PM

رد: الرسائل الاسبوعية للمرشد العام للاخوان(متجدد)
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابو مالك الطيب (المشاركة 775413)
جزاك الله خيرا
اخي وحبيبي ابو مصعب
دمتم وبارك الله فيكم
تقبل مروري

بورك مرورك اخى الحبيب

ابو مصعب المصرى 23-08-2009 05:36 PM

رد: الرسائل الاسبوعية للمرشد العام للاخوان(متجدد)
 


رسالة من: محمد مهدي عاكف- المرشد العام للإخوان المسلمين
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد..
فلم يزل الموفَّقون ينتهزون الفرص الثمينة للفوز بخيرَي الدنيا والآخرة، ولا يتأخَّرون في استثمار ما هيَّأ الله لهم من أسباب الخير، ولذلك تجدهم في رمضان الخير يعمُرون نهارهم بالصيام وليلهم بالقيام، ويسابقون أوقاتهم وينافسون إخوانهم في الذكر والقرآن والطاعات، مستجيبين لقوله صلى الله عليه وسلم: "أَتَاكُمْ رَمَضَانُ شَهْرُ بَرَكَةٍ، فِيهِ خَيْرٌ يُغَشِّيكُمُ اللهُ فِيهِ، فَتُنَزَّلُ الرَّحْمَةُ، وَتُحَطُّ الخَطَايَا، وَيُسْتَجَابُ فِيهِ الدُّعَاءُ، فَيَنْظُرُ اللهُ إِلَى تَنَافُسِكُمْ، وَيُبَاهِي بِكُمْ مَلَائِكَتَهُ، فَأَرُوا اللهَ مِنْ أَنْفُسِكُمْ خَيْرًا، فَإِنَّ الشَّقِيَّ مَنْ حُرِمَ فِيهِ رَحْمَةَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ" (الطبراني).
وإذ يتقدم الإخوان المسلمون بالتهنئة للأمة في مشارق الأرض ومغاربها بمطلع هذا الشهر الكريم، ويدعونهم للاستفادة من (مدرسة الثلاثين يومًا)؛ فإنني أشير إلى بعض دروسها المباركة، لعل الله ينفع بها:
1- رمضان شهر الصوم عن المعاصي
يدرك أصحابُ العزائم القوية أن الصيامَ تربيةٌ نفسيةٌ ساميةٌ، وتدريبٌ راقٍ على الصبر وكظم الغيظ، وأنه ليس المقصودُ من تشريع الصيام نفسَ الجوع والعطش، بل ما يتبعه من قوةِ الإرادة والسموِّ الأخلاقي والروحي، وكسرِ الشهوات، وتطويعِ النفسِ الأمَّارةِ بالسوءِ للنفسِ المطمئنَّة؛ بمعنى أنه وقايةٌ وحِصنٌ من الوقوع في المعاصي، وواقٍ لصاحبه مما يؤذيه من الشهوات ومن ممارسة شيءٍ من الأقوال أو الأفعال غيرِ اللائقة، وإن اعتدى غيرُه عليه بقوله أو بفعله، على حد قوله صلى الله عليه وسلم: "الصِّيَامُ جُنَّةٌ، وَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلا يَرْفُثْ، وَلا يَصْخَبْ، فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ: إِنِّي امْرُؤٌ صَائِم" (متفق عليه)، وقوله صلى الله عليه وسلم: "أَعِفُّوا الصِّيَامَ؛ فَإِنَّ الصِّيَامَ لَيْسَ مِنَ الطَّعَامِ وَلا مِنَ الشَّرَابِ، وَلَكِنَّ الصِّيامَ مِنَ المَعَاصِي، فَإِذَا صَامَ أَحَدُكُمْ فَجَهِلَ عَلَيْهِ رَجُلٌ أَوْ شَتَمَهُ فَلْيَقُلْ: إِنِّي صَاِئٌم" (الطيالسي)، وقوله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ صَامَ رَمَضَانَ، وَعَرَفَ حُدُودَهُ، وَتَحَفَّظَ مِمَّا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَتَحَفَّظَ كَفَّرَ مَا قَبْلَه" (صححه ابن حبان).
فإذا لم يحصل ذلك فإن الله لا ينظر لهذا الصيام نظرَ القبول، على حد قوله صلى الله عليه وسلم: "رُبَّ- أو كَمْ مِنْ- صَائِمٍ حَظََُّهُ مِنْ صِيَامِهِ الجُوعُ والْعَطَشُ، ورُبَّ- أو كَمْ مِنْ- قَائِمٍ حَظُّهُ مِنْ قِيَامِهِ السَّهَرُ" (أحمد وصححه ابن خزيمة)، وقوله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ" (البخاري)، وبذلك ينصحنا جابر بن عبد الله رضي الله عنه فيقول: "إذا صمتَ فلْيَصُمْ سَمْعُك وبصرُك ولسانُك عن الكذب والمَحارم، ودَعْ أذى الخاصة، ولْيَكُنْ عليك وقارٌ وسكينةٌ يومَ صيامك، ولا تجعلْ يومَ فطرِك وصومِك سواء".
فتخيَّل معي كيف يكون حالُ الدنيا لو أن هذا الصومَ الذي أراده الله تحقَّق في حياة الناس أجمعين، أو حتى في حياة المسلمين، فطهَّر النفوس من رذائلها وفسادها، وتعهَّدها بمكارم الأخلاق في رحلةٍ تدريبيةٍ سنويةٍ، مُدّتُها ثلاثون يومًا، تمدُّ القلب بزاد الصبر والثبات والعزم وقوة الإرادة، وتحقق فيه معنى التقوى التي جعلها الله غايةً لهذه الفريضة المباركة ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ (البقرة: 183).
فهل يلتفت لهذه المعاني أصحابُ القلوب المؤمنة الحية، فينسجون على منوال أسلافهم من الصالحين، ويملؤون الدنيا نورًا وسلامًا وبركة، ويشيعون فيها أخلاقَ الطُّهْرِ والصفاءِ، وقِيَم الحق والعدل والإخاء، حتى يتحقق لهم النصر والعزة والتمكين؟!
وهل يلتفت لتلك المعاني أولئك الذين جعلوا همَّهم نصرةَ الباطل، وقولَ الزور، ورميَ البرآء بالعيوب، واضطهادَ المصلحين، فيراجعون أنفسَهم ومواقفَهم، ويصحِّحون خطأَهم ومنطلقاتِهم، ويمدُّون أيديَهم للتعاون مع المخلصين؛ ليتحقق للأمة ما يليق بها من مكانةٍ لائقةٍ في عالم الناس.
2- رمضان شهر الوحدة والتعاون
الوحدة هي شعار هذه الأمة ﴿إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً﴾ (الأنبياء: من الآية 92)، وشريعة الإسلام الغراء تحرص على تحقيق هذه الوحدة بكل سبيل، والناظرُ إلى العبادات التي فرضها الله على عباده يدرك بيقينٍ أنه يجعل وحدة العبادة وإخلاص العبودية لله أهمَّ سبيل لتحقيق وحدة الأمة، وللصيام من ذلك نصيب كبير، فالجميعُ يبدأ صومَه مع صيحة المؤذِّن للفجر، ويتناول إفطارَه مع صيحته للمغرب، والجميعُ يتحرك لإحياء الليل بالقيام، فضلاً عما يقتضيه الصومُ من توحيد المشاعر والأفكار، يقول الرافعي رحمه الله: "هذا الصومُ فقرٌ إجباريٌّ، تفرضه الشريعةُ على الناس فرضًا؛ ليتساوى الجميعُ في بواطنهم، سواءٌ منهم مَنْ ملك المليون من الدنانير، ومَنْ ملك القرش الواحد، ومَنْ لم يملك شيئًا.. فقرٌ إجباريٌّ يُرَادُ به إشعارُ النفس الإنسانية بطريقةٍ عمليةٍ واضحةٍ كل الوضوح أن الحياة الصحيحة وراء الحياة، لا فيها، وأنها إنما تكون على أتمِّها حين يتساوى الناسُ في الشعور، لا حين يختلفون، وحين يتعاطفون بإحساس الألم الواحد، لا حين يتنازعون بإحساس الأهواء المتعددة، وبهذا يضع الإنسانيةَ كلَّها في حالةٍ نفسيةٍ واحدةٍ، تتلبس بها النفس في مشارق الأرض ومغاربها، ويطلق في هذه الإنسانية كلها صوتَ الروح، يُعَلِّم الرحمةَ ويدعو إليها، فيُشْبِع فيها بهذا الجوع فكرةً معينة هي كلُّ ما في الاشتراكية من الحق".
وكم هي ماسّةٌ حاجةُ أمتِنا لهذه المعاني الجليلة في هذه الأيام التي تطاول فيها الأعداءُ، وكثُر فيها السفهاءُ، ولم تسلم فيها الأيدي الآثمةُ- وإن كانت مسلمةً أحيانًا- من الدماء المسلمة في مواطن كثيرةٍ وعزيزةٍ من جسد الأمة، في فلسطين قلب العروبة والإسلام، وفي يمن الإيمان والحكمة، وفي عراق التاريخ والحضارة، وفي سودان الخير، وفي القرن الإفريقي في الصومال، وفي أفغانستان، وباكستان، وتركستان الشرقية، وغيرها على امتداد رقعة أمتنا الإسلامية المحروبة.
ولهذا فإن الإخوان المسلمين يحدوهم الأمل أن يكون رمضانُ هذا العام عنوانًا لانطلاق تعاونٍ إسلاميٍّ وعربي لتوحيد الموقف إزاء كل القضايا التي تشغلنا، ولحقْن تلك الدماء التي تسيل وتضميد تلك الجروح التي تنزف، ورأْب تلك الصدوع التي فرَّقت بين أبناء الوطن الواحد، وباعدت بين أبناء القطر الواحد والأمة الواحدة، ويتوجه الإخوانُ بالنداء إلى كل حرٍّ أصيلٍ من صُنَّاع القرار على امتداد عالمنا الإسلامي؛ أن يُسهِم بما استطاع في الإصلاح بين الأشقاء المتخاصمين، والتقريب بين الفرقاء المتباعدين، والعمل على تشكيل موقف عربي وإسلامي موحَّد يعيد للأمة هيبتها وعزتها ومكانتها في العالمين.
3- رمضان شهر الأمل ومواجهة اليأس
في هذا الشهر المبارك حصلت الانتصارات الكبرى في تاريخ الأمة، بدءًا من "يوم الفرقان" و"فتح مكة" حتى نصر "العاشر من رمضان" على الصهاينة، وتحرَّرت الإرادةُ المسلمة من عُقَد الخوف واليأس والقنوط، وأدركت أن الصبر مفتاح الفرج، وأن مع العسر يُسْريْن؛ أَنْزَلَ اللَّهُ جَلَّ جَلالُهُ عَلَى نَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم بِمَكَّةَ: ﴿سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ﴾ (القمر: 45)، فَقَالَ عُمَرُ بن الْخَطَّابِ رضي الله عنه: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ جَمْعٍ؟ ذَلِكَ قَبْلَ بَدْرٍ، قَالَ: فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ وَانْهَزَمَتْ قُرَيْشٌ، نَظَرْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي آثَارِهِمْ مُصْلِتًا بِالسَّيْفِ، يَقُولُ: ﴿سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ﴾، وَكَانَتْ لِيَوْمِ بَدْرٍ... الحديث (الطبراني).
لم يكن أكثرُ القرشيين تشاؤمًا يتصور أن جمعَهم سيولِّي الأدبار، وأن مكةَ المكرَّمةَ ستُفْتَح على المهاجرين والأنصار، وأن كلمةَ الله ستعلو بعد أن كان محمد صلى الله عليه وسلم يختبئ في غار، ولكنَّ المؤمنين الصادقين كانوا ينتظرون تحقيقَ موعودِ الله لهم بالنصر، ويوقنون بتحقُّقِه على كل حال، بعد أن قال لهم نبيهم صلى الله عليه وسلم: "لَيَبْلُغَنَّ هَذَا الدِّينُ مَا بَلَغَ اللَّيْلُ والنهار، حَتَّى يَدْخُلَ بَيْتَ الْمَدَرِ، وَبَيْتَ الْوَبَرِ، حَتَّى يُعِزَّ اللَّهُ بِهِ الإِسْلامَ، وَيُذِلَّ الْكُفَّارَ" (الطبراني)، كما لم يكن أكثرُ الصليبيين تشاؤمًا يتوقَّع أن يخرج من بلاد الشام، فضلاً عن بيت المقدس، بعد أن عَلَوْا فيها عقودًا من الزمان، لكنَّ صلاحَ الدين ومَنْ وراءه من جند الإيمان كانوا مُفْعَمِين بالأمل القويِّ في تطهير بيت المقدس وعموم بلاد الشام من كل أثر لأولئك المعتدين، وقد تحقق ذلك كله في رمضان.
ولا يزال رمضانُ والصيامُ يعمل عمله في هذه الأمة التي استعصت على الذوبان، ولا تزال (مدرسة الثلاثين يومًا) تُخَرِّج الأحرارَ الذين لا يبالون بما يَلْقَوْن في سبيل نشر دينهم وعزَّة أوطانهم، ويَكُفُّون عن الشرِّ أيديَهم وألسنتَهم، على الرغم مما يجدون من ظلم ذوي قرباهم وأبناء جلدتهم من الحكام المستبدين وبعض الكتاب غير المنصفين
وظلمُ ذوي القربى أشدُّ مضاضةً على النفس من وَقْعِ الحُسام المهنَّد
ولا تزال ذاتُ المدرسة تُخَرِّج الأبطالَ الذين يقارعون العدو ويَقْرَعونه، من "كتائب القسام" و"سرايا القدس" و"كتائب الأقصى"، وغيرهم من المجاهدين الذين لم ينقطع أملُهم وأملُ الأمة معهم يومًا في نصر الله والفتح، وإنهم لعلى موعدٍ جديدٍ مع دورةٍ تدريبيةٍ جديدةٍ في مدرسة الصيام، تزداد بها روحُهم إشراقًا وأَلَقًا، وإرادتُهم تصميمًا وعزمًا، ونفوسُهم ثقةً وأملاً في النصر العزيز ﴿فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُءُوسَهُمْ وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَرِيبًا﴾ (الإسراء:51).
ولا تزال مدرسة الثلاثين يومًا تمدُّ أهلها والملتحقين بها بالدروس النافعة، ولنا عودة إلى بعضها إن شاء الله.
كلمة إلى أهل غزة الصامدين
أهنئكم وأهنئ كل شعبنا الفلسطيني في الداخل والخارج بالشهر الكريم، وأسأل الله أن يجعل لكم ولكل المظلومين فيه فرجًا ومخرجًا، وأن يجتمع شملُكم جميعًا في الدولة الحرة المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
وكم ساءنا وساءَ كلَّ حرٍّ غيورٍ ما جرى من أحداثٍ مؤسفةٍ في رفح، وتمنَّينا لو أنَّ السلاح الذي رُفع في هذه الفتنة كان موجَّهًا إلى نحور الصهاينة، ولو أن الدماءَ المسلمة التي سالت كانت قربانًا للنصر على الاحتلال وعُربونًا مقبولاً لإعلان الدولة الحرة على كامل التراب الفلسطيني، ولكن أبى شياطينُ الإنس والجن إلا أن تُطِلَّ الفتنةُ بقرنها، وأن توقَظ من نومها، وأبى اللهُ والمؤمنونَ إلا قطعَ دابرها ووأْدَها في مهدها.
وإني أتوجه إلى أبناء شعبنا المجاهد الصامد ألاَّ يقبلوا بأن تختلطَ الأوراقُ وتلتبس الحقائقُ عليهم، وأن يحرِّروا ولاءَهم، فلا يكون إلا لله ورسوله، وأن يحرِّروا أهدافَهم، فلا تكون إلا في خدمة قضية التحرير لوطنهم، وأن يحدِّدوا عدوَّهم فلا يتجاوزوا الصهاينة ومَنْ ظاهرهم وحارب معهم، وأن يتبصَّروا ميدانَ الجهاد الحقيقي فلا يكون غيرَ الأرض التي اغتصبها عدوُّهم، وأن يحتكم الجميعُ إلى منطق الشرع والعقل والحوار، حتى لا يشمتَ بهم أعداؤُهم، ولا يُسَاءَ بهم مُحِبُّوهم وأصدقاؤُهم.
وكل عام وأمتنا الإسلامية بألف خير، والله أكبر ولله الحمد
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.


ابو مصعب المصرى 27-09-2009 11:56 PM

رد: الرسائل الاسبوعية للمرشد العام للاخوان(متجدد)
 
العيد الذي تنتظره الأمة حين تتحرر الأوطان
[15:31مكة المكرمة ] [17/09/2009]
http://www.ikhwanonline.com/Data/2009/9/15/asd28.jpg
الأستاذ محمد مهدي عاكف


رسالة من محمد مهدي عاكف المرشد العام للإخوان المسلمين
رمضان يرحل بالآمال والآلام
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومَن والاه، وبعد،
فها هو رمضان يطوي سجله راحلاً إلى ربه، وقد كان معمورًا بآمالٍ عظام في التغيير والإصلاح للنفوس والأوطان والمجتمعات، تحقق بعضُها، وبقي الكثير مما يأمل المخلصون في تحقيقه، وهكذا تُطْوَى الأعمار، وتفنى الدهور يومًا بعد يوم، ثم يرى الإنسانُ نفسه وجهًا لوجه أمام ربه عز وجل، ليس بينه وبينه ترجمان، ويرى الحياةَ بطولها لم تكن إلا ساعةً من نهار، كما قال الله عز وجل ﴿كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلاَّ سَاعَةً مِّن نَّهَارٍ﴾ (الأحقاف: من الآية 35)، ﴿كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلاَّ عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا (46)﴾ (النازعات)
وإذ يَطوي الشهرُ الكريمُ صفحاتِه فإنه يشهد للمجتهدين والصابرين، ويشهد على المقصِّرين والظالمين، وسوف يفتح تلك الصفحات بين يدي الله؛ ليكشف ما أحدث الخلقُ فيه من خير وشر، في يوم لا تفيد فيه ندامةُ النادمين، ولا تنفع فيه شفاعةُ الشافعين
فيا تُرى ماذا سيكون حالُ الذين لم يراعوا حرمةَ الشهر الكريم، فاعتقلوا البرآءَ بغير ذنب، واغتالوا فرحةَ أطفالهم وذويهم بالعيد بغير رحمة، وصادروا أموالَهم بالباطل، واعتدوا على أحكام القضاء الواجبة النفاذ ببراءتهم، واستغلوا السلطةَ التي اغتصبوها في إهانة الأمة، وطاردوا الصائمين القائمين، ومنعوا المعتكفين، ومنعوا الأبناء أن يسيروا في جنازة أمهاتهم أو أن يتلقوا العزاء المشروع فيهم، ولم يتورعوا عن مطاردة الجنازات واعتقال من شارك فيها؟، كل ذلك في الوقت الذي سمحوا فيه للمفسدين- حتى في الشهر الكريم- أن يعبثوا بأخلاق الأمة، ويستهزئوا بثوابتها، ويحاولوا تدمير قيمها وميراثها الحضاري
كونوا ربانيين لا رمضانيين
أيها الإخوان المسلمون، أيها المسلمون أجمعون، يجب أن يكون لنا وقفةٌ مع انصراف الشهر الكريم، نعاهد الله فيها أن نستمر على ما كنا عليه من الخير والطاعة في رمضان، وألا نكون رمضانيين، نعبد الله في رمضان فقط، فإذا مضى رمضانُ عُدْنا للَّهو والعبث، فلقد جعل الله رمضانَ فرصةً ليتعوَّد الإنسان عاداتِ الخير ويستمر عليها من بعده، وتلك هي ثمرةُ الصوم الحقيقة التي تظهر بعد رمضان.
وقد كان صلى الله عليه وسلم يداوم على أعمال الخير، ولما سُئِلَ صلى الله عليه وسلم: أَيُّ الأَعْمَالِ أَحَبُّ إِلَى اللهِ؟ قَالَ: "أَدْوَمُهَا وَإِنْ قَلَّ" (البخاري)، وكان صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "أَحَبُّ الْعَمَلِ إِلَى اللهِ مَا دَاوَمَ عَلَيْهِ صَاحِبُهُ وَإِنْ قَلَّ" (مسلم).
كما دعا النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدوامة على ما اعتاد المرءُ من الخير من غير تفريط، فقال صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عمرو رضي الله عنه: "يَا عَبْدَ اللهِ، لاَ تَكُنْ مِثْلَ فُلاَنٍ، كَانَ يَقُومُ اللَّيْلَ فَتَرَكَ قِيَامَ اللَّيْلِ" (البخاري).
إذا ما المرء صام عن الدنايا فكل شهوره شهر الصيام
نحن أمام اختبارٍ بعد رمضان، ينبغي أن نكون فيه عقلاء لا ننقض ما غزلنا، ولا نضيع ما بذلنا فيه جهدنا، ولا ننكث بعهد الله الذي عاهدناه، وقد نبهنا الله عزَّ وجلَّ وحذرنا من هذا السلوك الخاطئ، فقال سبحانه ﴿وَلاَ تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا﴾ (النحل: من الآية 92)، فلنكن ربانيين لا رمضانيين.
هنيئًا بالعيد
أيها الإخوان، أيها المسلمون، وإذ نودع شهر الخير والطاعات، فإننا نستقبل العيد الذي جعله الله تبارك وتعالى فرحةً للمسلمين بعد أن أتم عليهم نعمةَ الصيام، وأكملوا عدةَ رمضان، وقد قال ربنا تبارك وتعالى: ﴿وَلِتُكْمِلُوا العِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ (البقرة: من الآية 185).
فالحمد لله الذي أتمَّ علينا النعمة وأكمل لنا العدة، وكل عام وأمتنا الإسلامية بخير، سائلاً الله تبارك وتعالى أن يعيد هذا العيد على الأمة بالعز والنصر والتمكين، وعلى الإنسانية التائهة بالهداية والتوفيق.
عِيدَ الْهَنَاءَ فَكُنْ عَلَيْنا نِعمَةً وَمِنَ الْكَرِيمِ فَجِئْنَا بِالإمْدَادِ
وَاِحْمِلْ إِِلَى الأَحْبَابِ صَفوَ تَحِيَّتِي مَشْفُوعَةً بِمَحَبَّتي وَوِدَادِي
وجديرٌ بنا في هذه المناسبة الكريمة أن نمد إلى إخواننا وجيراننا وأرحامنا أيديَنا بالمصافحة، وألسنتَنا بالكلام الطيب، وقلوبَنا بالحب والصفاء خالية من الأضغان والأحقاد والشحناء والبغضاء.. هذا هو جوهر العيد في الإسلام، فرحٌ بفضل الله، ووصلٌ للناس وللأرحام، وتقويةٌ لأواصر المودَّة، وتفريجٌ لهمّ المهمومين وكرب المكروبين وتيسيرٌ على المعسرين، لتكون فرحةُ العيد فرحةً شاملة للجميع.
متى يكون عيدنا الحقيقي؟
ذلك عيدُنا الشرعي نقوم بشعائره؛ امتثالاً لأمر الله، واحتسابًا لما عنده، وإحياءً لشعائره.
ولكن متى يكون عيدنا الحقيقي؟:
- عيدنا الحقيقي هو يوم تنتصر دعوتُنا، وتنهض دولتُنا، وتعلو بنا كلمة الله في أرضه، وتزول هذه الغشاوة، وتنقشع هذه الغُمة التي تحياها هذه الأمة، وتعود لأمة الإسلام قيادتُها للبشرية، ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله.
- عيدنا الحقيقي حين تنهض أمتنا من كبوتها، ويضع الله عنها إصرها والأغلال التي كبلتها، ويزيح عنها الاستبدادَ الذي أثقل كاهلها، وأخَّرها، وقعد بها عن مسابقة الأمم في ميدان الحضارة الفسيح.
- عيدنا الحقيقي عندما يفرح المظلومون القابعون خلف أسوار الاستبداد ظلمًا وعدوانًا بغير محاكمةٍ عادلةٍ، ومن غير جرم اقترفوه، سوى أنهم قالوا ربنا الله، وأرادوا العزَّ لأمتهم، والتمكينَ لدينهم، والخدمةَ لأوطانهم وذويهم، فساء ذلك الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون، فحالوا بينهم وبين أداء رسالتهم، وحرموا الأمةَ من جهودهم وعطائهم، ومنعوهم من حقوقهم المشروعة، أملاً في إسكات صوتهم أو منعهم من المشاركة في بناء أوطانهم، حين يفرح هؤلاء المظلومون وذووهم بجمع الشمل ونيل حريتهم فهذا هو العيد الحقيقي.
- عيدنا الحقيقي حين تتحرر فلسطينُ المباركة أرضُ الرباط، ويتحرر المسجد الأقصى الأسير، ويعود ألوف الأسرى الأبطال إلى بيوتهم وإلى أحضان أسرهم، وتقوم دولةُ فلسطين الحرةُ المستقلة وعاصمتها القدس الشريف على ثرى فلسطين الطاهر.
- عيدنا الحقيقي حين تتحرر أوطاننا تحررًا حقيقيًّا من كل سلطانٍ أجنبيٍّ ظاهرٍ أو خفيٍ، تحت أي مسمى وأي عنوان وأي لافتة، وحين تكون كلمةُ الأمة بيدها، وقراراتُها نابعةً من إرادتها، ومحققةً لمصالحها، وحين تتخلص من معاهدات الذل والعار التي قيدتها ومزقتها.
- عيدنا الحقيقي حين يتوقف سيل الدماء النازف من جسد الأمة، وحين يتحول بأس الأمة من الحروب بين الإخوة إلى الحرب ضد أعداء الأمة وخصومها، وحين تقوم الأمة بتحقيق الوحدة الشاملة.
فيا أمتنا المسلمة، ويا كل النخب السياسية والثقافية والدينية في أمتنا الإسلامية تعالوا إلى كلمةٍ سواء، أن نتكاتف لإقرار الحريات والحقوق الشرعية والإنسانية والوطنية، ومحاربة الاستبداد المدمر لقوى الأمة الحية، وأن نتعاون للتخلص من سيطرة الأجنبي والخضوع لإملاءاته، فعدوُّنا لن يريد بنا خيرًا، واسترضاءُ الأعداء لن يحقِّق لنا سوى الخسران المبين ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ (149) بَلِ اللَّهُ مَوْلاكُمْ وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ (150)﴾ (آل عمران)، وكونوا على يقينٍ من نصر الله لدينه ودعوته، إذا تحرَّكت الأمة في الاتجاه الصحيح.
تهنئة خاصة
في ظلال هذا الواقع الذي نسأل الله أن يغيره إلى أحسن حال يتقدم الإخوان المسلمون بخالص التهنئة لعموم المسلمين، ويخصون بالتهنئة:
- إخواننا الأبطالَ الذين يتعرضون للظلم في سجون المستبدين بعد محاكماتٍ مسرحية هزلية، وأقول لهم: صبرًا صبرًا فإن مع العسر يسرًا، وثقوا بأن الله لا يغفل عنكم ولا عن جلاديكم ﴿وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ (42)﴾ (إبراهيم).
- إخواننا المعتقلين، والذين أُعيد اعتقالهم بغير حق بعد أن برَّأتهم المحاكم الطبيعية، وأكدت خلو ساحتهم من أي فعل يمكن اعتباره جريمة، ونقول لهم: صبرًا فإن حبل الظلم قصير، ولا يغترن أحد بإمهال الله للظالمين، وقد قال صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ اللَّهَ لَيُمْلِى لِلظَّالِمِ حَتَّى إِذَا أَخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ"، ثُمَّ قَرَأَ صلى الله عليه وسلم ﴿وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهْىَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ (102)﴾ (هود) (متفق عليه).
- إخواننا الأبطالَ الأسرى في سجون الاحتلال الصهيوني الغاصب، والمجاهدين على ثرى فلسطين الطاهرة، ونقول لهم: صبرًا فإن نصر الله قريب ﴿إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آَمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ (51)﴾ (غافر).
- إخواننا المجاهدين بألسنتهم وأيديهم وأموالهم على امتداد ساحة الأمة الإسلامية، ونقول لهم: صبرًا فوعد الله بنصر الحق آتٍ لا ريب فيه ﴿فَانْتَقَمْنَا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ (47)﴾ (الروم).
وأسأل الله العظيم أن يتقبَّل منا الصيام والقيام وصالح الأعمال، وأن يهيئ لأمتنا من أمرها رشدًا، والله أكبر ولله الحمد.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

ابو مصعب المصرى 02-10-2009 12:35 AM

رد: الرسائل الاسبوعية للمرشد العام للاخوان(متجدد)
 
إلى الطلبة والطالبات.. في عامهم الجديد

http://www.ikhwanonline.com/Data/2007/6/16/Pic722.jpg



رسالة من: محمد مهدي عاكف- المرشد العام للإخوان المسلمين

http://www.ikhwanonline.com/Data/2007/7/30/Pic1176.jpg

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله الأمين، صلى الله عليه وسلم تسليمًا كثيرًا، وبعد.
أنتم صناع النهضة والتميُّز
لقد كتب الله ألا تنتصر الدعوات ولا تنتشر الأفكار، إلا على سواعد الشباب، وتشهد بذلك سيرةُ النبي صلى الله عليه وسلم.. يخبرنا ابْنُ عَبَّاسٍ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يَوْمَ بَدْرٍ "مَنْ فَعَلَ كَذَا وَكَذَا وَأَتَى مَكَانَ كَذَا وَكَذَا فَلَهُ كَذَا وَكَذَا"، فَتَسَارَعَ إِلَيْهِ الشُّبَّانُ، وَثَبَتَ الشيُوخُ عِنْدَ الرَّايَاتِ. (رواه النسائي).
فالشباب اليوم هم أمل أمتنا، وهم الروح التي تُحييها، وهم السواعد التي تبنيها.
والطلاب خاصةً هم صنَّاع التفوق والتميُّز، وأدوات التغيير المنشود، وأسباب النهضة المأمولة، ولذلك جعل الله قلوب الشباب وعاءً للعلم، وجعل العلم مستقرًّا في قلوب الشباب، يقول ابن عباس رضي الله عنهما: "ما آتى الله عز وجل عبدًا علمًا إلا شابًّا، والخيرُ كلُّه في الشباب"، ثم تلا قوله عز وجل: ﴿قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ﴾ (الأنبياء: 60)، وقوله تعالى: ﴿وَآَتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا﴾ (مريم: 12).
فالأمة في حاجة إلى كل نجاح دراسي على أيديكم، وإلى كل رحلة علم من إبداعكم، وإلى كل تميز وتفوق في اجتهادكم، ومَن أجدر منكم يا طلاب وفيكم الطاقة المقرونة بنور العلم لتغيير مستقبل أوطاننا، وتوجيه العالم نحو طريق الحق والعدل والمساواة.. ﴿إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى﴾ (الكهف: من الآية 13).
أوجب واجبات الطلاب
وقد طرحت عليكم من قبل عدة أسئلة، واليوم أطرحها ثانيةً، طالبًا من كل شاب وفتاة أن يرسم بإجاباته صورةً واقعيةً لواجباته؛ ليبدأ بعد الوقوف عليها في التحوُّل إلى النهوض واسترداد الحقوق:
* أين شباب العالم الإسلامي اليوم على خارطة التأثير في العالم؟!
* كيف يرى شباب العالم الإسلامي مكانته على خارطة وطنه؟!
* هل ثقافة شباب العالم الإسلامي اليوم ينبوعها هويته الإسلامية أم أنها صادرة عن معين آخر؟!
* ما حجم أمل شباب عالمنا الإسلامي في غده؟!
أليس بإجاباتكم يا طلاب قد أدركتم بُعْدَ واقعنا اليوم عمَّا نأمل أن تكون عليه أمتنا الساعية للتحرر من قيود الاحتلال والاستبداد والفساد والتبعية، وقد نبَّه الإمام الشهيد البنا كلَّ شاب إلى ذلك، فقال: "وحينئذٍ يكون من أوجب الواجبات على هذا الشاب أن ينصرف إلى أمته أكثر مما ينصرف إلى نفسه"، وهذا ما رآه النبي صلى الله عليه وسلم من بطولات الشباب حوله؛ فقال: "بُعثت فخذلني الشيوخ، ونصرني الشباب".
واليوم قد حان وقت النصرة لدينكم، دون خوف أو تردُّد، فاستمسكوا بحقوقكم، مهما كان الترهيب عنيفًا، واصدعوا بالحق رغم هذه الأساليب القمعية، وتقدَّموا بأفكاركم غير وجِلين من هذه الأنطمة الديكتاتورية، فإنها إلى زوال، ولن يدوم إلا الحق.
نحو خطواتنا العملية
ومن أوجب واجبات الطلاب في الانصراف إلى الأمة، هذه الخطوات العملية، التي قدمها- ويقدمها- الإخوان المسلمون، فكرةً وعملاً وتحقيقًا.. فهيَّا من الآن؛ من أجل أن يتحقق حلم الإمام البنا وهو يخاطب الطلاب في مؤتمرهم قائلاً: "ندَع ميدان الكلام إلى ميدان العمل، وميدان وضع الخطط والمناهج إلى ميدان التنفيذ والتحقيق، فالشرق يطالبنا في إلحاح بالأعمال الجدية المنتجة، والدنيا كلها تأخذ بأسباب القوة والاستعداد.. ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِيْنَ آمَنُوا لِمَ تَقُوْلُونَ مَا لاَ تَفْعَلُونَ* كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللهِ أَنْ تَقُوْلُوا مَا لاَ تَفْعَلُونَ﴾ (الصف: 2-3).
* هيَّا إلى فهم الإسلام الذي هو رسالة إنقاذ للأرض وأهلها، والذي يحمل في طياته السياسة والاقتصاد والاجتماع والثقافة والقانون، فإن كان غير ذلك فما هو إذن؟ وقد أجاب الإمام البنا أمام الطلبة قائلاً: "أهو هذه الركعات الخالية من القلب الحاضر؟ أم هذه الألفاظ؟ ألهذا نزل القرآن نظامًا كاملاً محكمًا مفصلاً؟! ﴿تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمْيَن﴾ (النحل: من الآية 89).
* هيَّا إلى الإصلاح والتمسك به مهما كانت العقبات؛ فهو حكم الله: ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ﴾ (المائدة: من الآية 50)، وقد أرشدنا إلى ذلك قدوتنا صلى الله عليه وسلم، حينما قال: "الدين النصيحة"، قالوا: لمن يا رسول الله؟ قال: "لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم"، وبذلك فمحال أن نسير لغاية غير غاية الإسلام، أو نعمل لفكرة غير فكرة الإسلام الحنيف.. ﴿صِبْغَةَ اللهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ﴾ (البقرة: 138).
* هيَّا إلى الجهر بدعوة الإسلام، لتكون هي الصوت العالي، فهذه هي طبيعتها التي بعث الله بها نبيه صلى الله عليه وسلم، فهل نحيد عنها؟ أم لا بد أن تمتزج بأعصابنا ودمائنا وأرواحنا وعقولنا، فنكون كالجيل الأول الذي حمل هذه الأمانة وصدع بها.. رهبانًا بالليل فرسانًا بالنهار.. أخلاَّء المسجد، وأنضاء العبادة، وحفظة الكتاب الكريم، وأبناء العلم، وجنود الدعوة، وصنَّاع الحضارة التي ساحت في آفاق الأرض، تحرِّر الشعوب، وتعلِّم الناس، وتغرس الفضائل، فكونوا رسل سلام في مدارسكم وجامعاتكم حتى تكون هذه المعاني حيَّةً في نفوس زملائكم وأساتذتكم وأهليكم.
* فأنتم يا شباب من يحافظ على استقلال الأمة وحريتها، ويُعيد مجدها وكرامتها، ويسترد عزتها وسؤددها، لتحتلَّ مكانتها السامية بين الأمم، ومنزلتها الرفيعة بين شعوب الأرض، ولتخليصها من الاحتلال البغيض في فلسطين، الذي ينتهك مقدسات الأمة، ويسعى اليوم لتهويد القدس وهدم مسجدنا الأقصى، أو الاحتلال المهين في العراق وأفغانستان، أو القهر المشين في كشمير وتركستان، أو الضعف العام في سائر بلدان الأمة، والمتمثل اليوم في قتل المسلمين بعضهم بعضًا، واعتقال الأحرار والشرفاء، وتقييد الحريات، وتزوير الانتخابات، والاستئثار بالحكم بلا عقل وبلا ضمير.
وليس الطريق إلى تحقيق ذلك إلا باستعداد العدة، واستكمال الإعداد.. ﴿وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللهِ وَعَدُوَّكُمْ﴾ (الأنفال: من الآية 60)، وبذلك تستفتحون عهدًا جديدًا نحو بناء أمتنا، وهذا يستلزم تعاونَ الجهود، وتوافرَ القوى، والانتفاعَ بكل المواهب، والعملَ الجادَّ في كل النواحي، فلا تصرفوا جهدًا إلا لتحقيق هدفكم.. لإنقاذ شعوبنا اليوم، وقد باتت تمتلك الحيوية، وأصبحت على استعداد لتقديم ما تملك من نشاط، ولكنها في حاجة إلى من يوجِّهها.
* وبذلك تمهِّدون السبيل للانتقال من الضعف والفقر والجهل والرذيلة، التي يكرِّسها الذين لا يريدون صلاحًا أو إصلاحًا، ويفسدون في الأرض، فلا تعيروهم اهتمامًا؛ فأنتم تصنعون النهضة، وواجهوهم بالحكمة، والحكمة تقتضي عدم التوقف أو التقهقر أو الارتداد؛ فإن منعوكم من التعبير عن رأيكم بالمظاهرات فعبِّروا عنها في الفضائيات أو عن طريق الإنترنت، أو الرسائل بأنواعها المختلفة، أو الصدْع بها في أقاربنا وأصدقائنا ومراكز المجتمع ونواديه، أو مخاطبة أهل العقل والفكر والثقافة، فدعوتنا لا تعرف هدمًا أو تخريبًا أو تزويرًا أو تكسيرًا، بل سلمًا وأمانًا وبناءً وإصلاحًا.
* وكونوا جبهةً طلابيةً واحدةً، فهي الكفيلة باستعادة الحقوق، واحذَروا التفرُّق والتشرذم، فالعدو المتربِّص بكم ينتظر تمزيقَ الجهود، وتشتيتَ الأعمال، واختلافَ الآراء، وتصارعَ الشئون، وتقطيعَ الصلات، وتنابزَ الوجهات، فالمستقبل يلحُّ عليكم إلحاحًا صارخًا فيكم، بالعمل والسير بأسرع ما يمكن من خطوات، وعرض دعوة الإسلام، في إيمان عميق، وبرهان وثيق، واعتقاد جازم، وليكن شعاركم: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ﴾ (الأنفال: من الآية 24).
وأخيرًا..
اعلموا أن الله معكم ما دمتم قد علمتم واجباتكم، وأدركتم جلال دعوتكم، وأخلصتم دينكم لله تعالى؛ فأنتم قوةُ الأمة، وطاقتها الدافعة، وتقدُّمها العلمي، وعلامةُ وحدتها، وصلابةُ وطنيتها، وأملُ مستقبلها، وأمانُ حاضرها.
فانتظروا ساعة الفوز، وترقَّبوا وقت الانتصار.. ﴿لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ﴾ (الروم: 4-5).
والله أكبر ولله الحمد
وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي، وعلى آله وصحبه وسلم، والحمد لله رب العالمين



الساعة الآن : 06:51 AM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 191.74 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 189.61 كيلو بايت... تم توفير 2.13 كيلو بايت...بمعدل (1.11%)]