ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   الملتقى الاسلامي العام (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=3)
-   -   سير أعلام الاسلام ، متجدد !!! (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=46402)

أبو إلياس 29-02-2008 05:31 PM

سير أعلام الاسلام ، متجدد !!!
 
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ،
احبتي الكلام الافاضل
حياكم الباري و بياكم و جعل الجنة مثوانا و مثواكم

هذا الموضوع ان شاء الله سيكون متضمنا على سير اعلام الاسلام الصالحين و سلفنا الصالح رضي الله عنهم أجمعين
و سوف أقوم بسرد تعريف لكل علم من اعلام الاسلام السلف و الخلف الذين كان لهم أثر في نشر الدعوة و وصول دين الله الينا ، و أرجو من الله أن يكون هذا العمل خالصا لوجهه الكريم ، و يرجى تثبيت الموضوع من طرف أحد مشرفي القسم ، حتى يتسنى للجميع قراءته .

ان شاء الله نبدأ بصديق الامة و ثاني اثنين اذ هما في الغار و صاحب رسول الله الامين


اسمه – على الصحيح - :
عبد الله بن عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي القرشي التيمي .

كنيته :
أبو بكر

لقبه :
عتيق ، والصدِّيق .
قيل لُقّب بـ " عتيق " لأنه :
= كان جميلاً
= لعتاقة وجهه
= قديم في الخير
= وقيل : كانت أم أبي بكر لا يعيش لها ولد ، فلما ولدته استقبلت به البيت ، فقالت : اللهم إن هذا عتيقك من الموت ، فهبه لي .
وقيل غير ذلك

ولُقّب بـ " الصدّيق " لأنه صدّق النبي صلى الله عليه وسلم ، وبالغ في تصديقه كما في صبيحة الإسراء وقد قيل له : إن صاحبك يزعم أنه أُسري به ، فقال : إن كان قال فقد صدق !
وقد سماه الله صديقا فقال سبحانه : ( وَالَّذِي جَاء بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ )
جاء في تفسيرها : الذي جاء بالصدق هو النبي صلى الله عليه وسلم ، والذي صدّق به هو أبو بكر رضي الله عنه .
ولُقّب بـ " الصدِّيق " لأنه أول من صدّق وآمن بالنبي صلى الله عليه وسلم من الرجال .

وسماه النبي صلى الله عليه وسلم " الصدّيق "
روى البخاري عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم صعد أُحداً وأبو بكر وعمر وعثمان ، فرجف بهم فقال : اثبت أُحد ، فإنما عليك نبي وصديق وشهيدان .

وكان أبو بكر رضي الله عنه يُسمى " الأوّاه " لرأفته

مولده :
ولد بعد عام الفيل بسنتين وستة أشهر

صفته :
كان أبو بكر رضي الله عنه أبيض نحيفاً ، خفيف العارضين ، معروق الوجه ، ناتئ الجبهة ، وكان يخضب بالحناء والكَتَم .
وكان رجلاً اسيفاً أي رقيق القلب رحيماً .

فضائله :
ما حاز الفضائل رجل كما حازها أبو بكر رضي الله عنه

فهو أفضل هذه الأمة بعد نبيها صلى الله عليه وسلم
قال ابن عمر رضي الله عنهما : كنا نخيّر بين الناس في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ، فنخيّر أبا بكر ، ثم عمر بن الخطاب ، ثم عثمان بن عفان رضي الله عنهم . رواه البخاري .

وروى البخاري عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال : كنت جالسا عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ أقبل أبو بكر آخذا بطرف ثوبه حتى أبدى عن ركبته فقال النبي صلى الله عليه وسلم : أما صاحبكم فقد غامر . وقال : إني كان بيني وبين ابن الخطاب شيء ، فأسرعت إليه ثم ندمت فسألته أن يغفر لي فأبى عليّ ، فأقبلت إليك فقال : يغفر الله لك يا أبا بكر - ثلاثا - ثم إن عمر ندم فأتى منزل أبي بكر فسأل : أثَـمّ أبو بكر ؟ فقالوا : لا ، فأتى إلى النبي فجعل وجه النبي صلى الله عليه وسلم يتمعّر ، حتى أشفق أبو بكر فجثا على ركبتيه فقال : يا رسول الله والله أنا كنت أظلم - مرتين - فقال النبي صلى الله عليه وسلم : إن الله بعثني إليكم فقلتم : كذبت ، وقال أبو بكر : صَدَق ، وواساني بنفسه وماله ، فهل أنتم تاركو لي صاحبي – مرتين - فما أوذي بعدها .

فقد سبق إلى الإيمان ، وصحب النبي صلى الله عليه وسلم وصدّقه ، واستمر معه في مكة طول إقامته رغم ما تعرّض له من الأذى ، ورافقه في الهجرة .

وهو ثاني اثنين في الغار مع نبي الله صلى الله عليه وسلم
قال سبحانه وتعالى : ( ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا )
قال السهيلي : ألا ترى كيف قال : لا تحزن ولم يقل لا تخف ؟ لأن حزنه على رسول الله صلى الله عليه وسلم شغله عن خوفه على نفسه .
وفي الصحيحين من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه حدّثه قال : نظرت إلى أقدام المشركين على رؤوسنا ونحن في الغار فقلت : يا رسول الله لو أن أحدهم نظر إلى قدميه أبصرنا تحت قدميه . فقال : يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما .

ولما أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يدخل الغار دخل قبله لينظر في الغار لئلا يُصيب النبي صلى الله عليه وسلم شيء .
ولما سارا في طريق الهجرة كان يمشي حينا أمام النبي صلى الله عليه وسلم وحينا خلفه وحينا عن يمينه وحينا عن شماله .

ولذا لما ذكر رجال على عهد عمر رضي الله عنه فكأنهم فضّـلوا عمر على أبي بكر رضي الله عنهما ، فبلغ ذلك عمر رضي الله عنه فقال : والله لليلة من أبي بكر خير من آل عمر ، وليوم من أبي بكر خير من آل عمر ، لقد خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم لينطلق إلى الغار ومعه أبو بكر ، فجعل يمشي ساعة بين يديه وساعة خلفه ، حتى فطن له رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا أبا بكر مالك تمشي ساعة بين يدي وساعة خلفي ؟ فقال : يا رسول الله أذكر الطلب فأمشي خلفك ، ثم أذكر الرصد فأمشي بين يديك . فقال :يا أبا بكر لو كان شيء أحببت أن يكون بك دوني ؟ قال : نعم والذي بعثك بالحق ما كانت لتكون من مُلمّة إلا أن تكون بي دونك ، فلما انتهيا إلى الغار قال أبو بكر : مكانك يا رسول الله حتى استبرئ الجحرة ، فدخل واستبرأ ، قم قال : انزل يا رسول الله ، فنزل . فقال عمر : والذي نفسي بيده لتلك الليلة خير من آل عمر . رواه الحاكم والبيهقي في دلائل النبوة .

ولما هاجر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ ماله كله في سبيل الله .

وهو أول الخلفاء الراشدين

وقد أُمِرنا أن نقتدي بهم ، كما في قوله عليه الصلاة والسلام : عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ . رواه الإمام أحمد والترمذي وغيرهما ، وهو حديث صحيح بمجموع طرقه .

واستقر خليفة للمسلمين دون مُنازع ، ولقبه المسلمون بـ " خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم "

وخلافته رضي الله عنه منصوص عليها
فقد أمره النبي صلى الله عليه وسلم وهو في مرضه أن يُصلي بالناس
في الصحيحين عن عائشةَ رضي اللّهُ عنها قالت : لما مَرِضَ النبيّ صلى الله عليه وسلم مرَضَهُ الذي ماتَ فيه أَتاهُ بلالٌ يُؤْذِنهُ بالصلاةِ فقال : مُروا أَبا بكرٍ فلْيُصَلّ . قلتُ : إنّ أبا بكرٍ رجلٌ أَسِيفٌ [ وفي رواية : رجل رقيق ] إن يَقُمْ مَقامَكَ يبكي فلا يقدِرُ عَلَى القِراءَةِ . قال : مُروا أَبا بكرٍ فلْيُصلّ . فقلتُ مثلَهُ : فقال في الثالثةِ - أَوِ الرابعةِ - : إِنّكنّ صَواحبُ يوسفَ ! مُروا أَبا بكرٍ فلْيُصلّ ، فصلّى .
ولذا قال عمر رضي الله عنه : أفلا نرضى لدنيانا من رضيه رسول الله صلى الله عليه وسلم لديننا ؟!

وروى البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه : ادعي لي أبا بكر وأخاك حتى اكتب كتابا ، فإني أخاف أن يتمنى متمنٍّ ويقول قائل : أنا أولى ، ويأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر .

وجاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فكلمته في شيء فأمرها بأمر ، فقالت : أرأيت يا رسول الله إن لم أجدك ؟ قال : إن لم تجديني فأتي أبا بكر . رواه البخاري ومسلم .

وقد أُمرنا أن نقتدي به رضي الله عنه
قال عليه الصلاة والسلام : اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر . رواه الإمام أحمد والترمذي وابن ماجه ، وهو حديث صحيح .

وكان أبو بكر ممن يُـفتي على عهد النبي صلى الله عليه وسلم
ولذا بعثه النبي صلى الله عليه وسلم أميراً على الحج في الحجّة التي قبل حجة الوداع
روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : بعثني أبو بكر الصديق في الحجة التي أمره عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل حجة الوداع في رهط يؤذنون في الناس يوم النحر : لا يحج بعد العام مشرك ، ولا يطوف بالبيت عريان .

وأبو بكر رضي الله عنه حامل راية النبي صلى الله عليه وسلم يوم تبوك .

وأنفق ماله كله لما حث النبي صلى الله عليه وسلم على النفقة
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نتصدق ، فوافق ذلك مالاً فقلت : اليوم أسبق أبا بكر إن سبقته يوما . قال : فجئت بنصف مالي ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما أبقيت لأهلك ؟ قلت : مثله ، وأتى أبو بكر بكل ما عنده فقال : يا أبا بكر ما أبقيت لأهلك ؟ فقال : أبقيت لهم الله ورسوله ! قال عمر قلت : والله لا أسبقه إلى شيء أبدا . رواه الترمذي .

ومن فضائله أنه أحب الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال عمرو بن العاص لرسول الله صلى الله عليه وسلم : أي الناس أحب إليك ؟ قال : عائشة . قال : قلت : من الرجال ؟ قال : أبوها . رواه مسلم .

ومن فضائله رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم اتخذه أخـاً له .
روى البخاري ومسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس وقال : إن الله خير عبدا بين الدنيا وبين ما عنده فاختار ذلك العبد ما عند الله . قال : فبكى أبو بكر ، فعجبنا لبكائه أن يخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عبد خير ، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم هو المخير ، وكان أبو بكر أعلمنا . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن مِن أمَنّ الناس عليّ في صحبته وماله أبا بكر ، ولو كنت متخذاً خليلاً غير ربي لاتخذت أبا بكر ، ولكن أخوة الإسلام ومودته ، لا يبقين في المسجد باب إلا سُـدّ إلا باب أبي بكر .

ومن فضائله رضي الله عنه أن الله زكّـاه
قال سبحانه وبحمده : ( وَسَيُجَنَّبُهَا الأَتْقَى * الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى * وَمَا لأَحَدٍ عِندَهُ مِن نِّعْمَةٍ تُجْزَى * إِلا ابْتِغَاء وَجْهِ رَبِّهِ الأَعْلَى * وَلَسَوْفَ يَرْضَى )
وهذه الآيات نزلت في ابي بكر رضي الله عنه .
وهو من السابقين الأولين بل هو أول السابقين
قال سبحانه : ( وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ )

وقد زكّـاه النبي صلى الله عليه وسلم
فلما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من جرّ ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة . قال أبو بكر : إن أحد شقي ثوبي يسترخي إلا أن أتعاهد ذلك منه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنك لست تصنع ذلك خيلاء . رواه البخاري في فضائل أبي بكر رضي الله عنه .

ومن فضائله رضي الله عنه أنه يُدعى من أبواب الجنة كلها
قال عليه الصلاة والسلام : من أنفق زوجين من شيء من الأشياء في سبيل الله دُعي من أبواب الجنة : يا عبد الله هذا خير ؛ فمن كان من أهل الصلاة دعي من باب الصلاة ، ومن كان من أهل الجهاد دُعي من باب الجهاد ، ومن كان من أهل الصدقة دُعي من باب الصدقة ، ومن كان من أهل الصيام دُعي من باب الصيام وباب الريان . فقال أبو بكر : ما على هذا الذي يدعى من تلك الأبواب من ضرورة ، فهل يُدعى منها كلها أحد يا رسول الله ؟ قال : نعم ، وأرجو أن تكون منهم يا أبا بكر . رواه البخاري ومسلم .

ومن فضائله أنه جمع خصال الخير في يوم واحد
روى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من أصبح منكم اليوم صائما ؟
قال أبو بكر رضي الله عنه : أنا .
قال : فمن تبع منكم اليوم جنازة ؟
قال أبو بكر رضي الله عنه : أنا .
قال : فمن أطعم منكم اليوم مسكينا ؟
قال أبو بكر رضي الله عنه : أنا .
قال : فمن عاد منكم اليوم مريضا ؟
قال أبو بكر رضي الله عنه : أنا .
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما اجتمعن في امرىء إلا دخل الجنة .

ومن فضائله رضي الله عنه أن وصفه رجل المشركين بمثل ما وصفت خديجة رضي الله عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم .
لما ابتلي المسلمون في مكة واشتد البلاء خرج أبو بكر مهاجراً قِبل الحبشة حتى إذا بلغ بَرْك الغماد لقيه ابن الدغنة وهو سيد القارَة ، فقال : أين تريد يا أبا بكر ؟ فقال أبو بكر : أخرجني قومي فأنا أريد أن أسيح في الأرض فأعبد ربي . قال ابن الدغنة : إن مثلك لا يخرج ولا يخرج فإنك تكسب المعدوم وتصل الرحم وتحمل الكَلّ وتقري الضيف وتعين على نوائب الحق ، وأنا لك جار فارجع فاعبد ربك ببلادك ، فارتحل ابن الدغنة فرجع مع أبي بكر فطاف في أشراف كفار قريش فقال لهم : إن أبا بكر لا يَخرج مثله ولا يُخرج ، أتُخرجون رجلا يكسب المعدوم ويصل الرحم ويحمل الكل ويقري الضيف ويعين على نوائب الحق ؟!
فأنفذت قريش جوار ابن الدغنة وآمنوا أبا بكر وقالوا لابن الدغنة : مُر أبا بكر فليعبد ربه في داره فليصل وليقرأ ما شاء ولا يؤذينا بذلك ولا يستعلن به ، فإنا قد خشينا أن يفتن أبناءنا ونساءنا قال ذلك ابن الدغنة لأبي بكر فطفق أبو بكر يعبد ربه في داره ولا يستعلن بالصلاة ولا القراءة في غير داره ، ثم بدا لأبي بكر فابتنى مسجدا بفناء داره وبرز فكان يصلي فيه ويقرأ القرآن فيتقصف عليه نساء المشركين وأبناؤهم يعجبون وينظرون إليه وكان أبو بكر رجلاً بكّاءً لا يملك دمعه حين يقرأ القرآن فأفزع ذلك أشراف قريش من المشركين فأرسلوا إلى ابن الدغنة فقدم عليهم فقالوا له : إنا كنا أجرنا أبا بكر على أن يعبد ربه في داره وإنه جاوز ذلك فابتنى مسجدا بفناء داره وأعلن الصلاة والقراءة وقد خشينا أن يفتن أبناءنا ونساءنا فأته فإن أحب أن يقتصر على أن يعبد ربه في داره فعل وإن أبى إلاّ أن يعلن ذلك فَسَلْهُ أن يرد إليك ذمتك فإنا كرهنا أن نخفرك ، ولسنا مقرين لأبي بكر الاستعلان . قالت عائشة فأتى ابن الدغنة أبا بكر فقال : قد علمت الذي عقدت لك عليه فإما أن تقتصر على ذلك وإما أن ترد إلي ذمتي فإني لا أحب أن تسمع العرب أني أخفرت في رجل عقدت له قال أبو بكر : إني أرد إليك جوارك وأرضى بجوار الله . رواه البخاري .

وكان عليّ رضي الله عنه يعرف لأبي بكر فضله
قال محمد بن الحنفية : قلت لأبي – علي بن أبي طالب رضي الله عنه - : أي الناس خير بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : أبو بكر . قلت : ثم من ؟ قال : ثم عمر ، وخشيت أن يقول عثمان قلت : ثم أنت ؟ قال : ما أنا إلا رجل من المسلمين . رواه البخاري .

وقال عليّ رضي الله عنه : كنت إذا سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثا نفعني الله به بما شاء أن ينفعني منه ، وإذا حدثني غيره استحلفته ، فإذا حلف لي صدقته ، وحدثني أبو بكر وصدق أبو بكر . قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما من عبد مؤمن يذنب ذنبا فيتوضأ فيحسن الطهور ثم يصلي ركعتين فيستغفر الله تعالى إلا غفر الله له ثم تلا : ( والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ) الآية . رواه أحمد وأبو داود .

ولم يكن هذا الأمر خاص بعلي رضي الله عنه بل كان هذا هو شأن بنِيـه
قال الإمام جعفر لصادق : أولدني أبو بكر مرتين .
وسبب قوله : أولدني أبو بكر مرتين ، أن أمَّه هي فاطمة بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر ، وجدته هي أسماء بنت عبد الرحمن بن أبي بكر .
فهو يفتخر في جّـدِّه ثم يأتي من يدّعي اتِّباعه ويلعن جدَّ إمامه ؟
قال جعفر الصادق لسالم بن أبي حفصة وقد سأله عن أبي بكر وعمر ، فقال : يا سالم تولَّهُما ، وابرأ من عدوهما ، فإنهما كانا إمامي هدى ، ثم قال جعفر : يا سالم أيسُبُّ الرجل جده ؟ أبو بكر جدي ، لا نالتني شفاعة محمد صلى الله عليه وسلم يوم القيامة إن لم أكن أتولاهما وأبرأ من عدوهما .
وروى جعفر بن محمد – وهو جعفر الصادق - عن أبيه – وهو محمد بن علي بن الحسين بن علي – رضي الله عنهم أجمعين ، قال : جاء رجل إلى أبي – يعني علي بن الحسين ، المعروف والمشهور بزين العابدين - فقال : أخبرني عن أبي بكر ؟ قال : عن الصديق تسأل ؟ قال : وتسميه الصديق ؟! قال : ثكلتك أمك ، قد سماه صديقا من هو خير مني ؛ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم والمهاجرون والأنصار ، فمن لم يُسمه صدِّيقا ، فلا صدّق الله قوله ، اذهب فأحب أبا بكر وعمر وتولهما ، فما كان من أمـر ففي عنقي .

ولما قدم قوم من العراق فجلسوا إلى زين العابدين ، فذكروا أبا بكر وعمر فسبوهما ، ثم ابتـركوا في عثمان ابتـراكا ، فشتمهم .
وابتركوا : يعني وقعوا فيه وقوعاً شديداً .
وما ذلك إلا لعلمهم بمكانة وزيري رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وبمكانة صاحبه في الغار ، ولذا لما جاء رجل فسأل زين العابدين : كيف كانت منزلة أبي بكر وعمر عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فأشار بيده إلى القبر ثم قال : لمنزلتهما منه الساعة .

قال بكر بن عبد الله المزني رحمه الله :
ما سبقهم أبو بكر بكثرة صلاة ولا صيام ، ولكن بشيء وَقَـرَ في قلبه .

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
يا سَائِلي عَنْ مَذْهَبِي وعَقيدَتِي = رُزِقَ الهُدى مَنْ لِلْهِدايةِ يَسأَلُ
اسمَعْ كَلامَ مُحَقِّقٍ في قَولِه = لا يَنْثَني عَنهُ ولا يَتَبَدَّل
حُبُّ الصَّحابَةِ كُلُّهُمْ لي مَذْهَبٌ = وَمَوَدَّةُ القُرْبى بِها أَتَوَسّل
وَلِكُلِّهِمْ قَدْرٌ وَفَضْلٌ ساطِعٌ = لكِنَّما الصِّديقُ مِنْهُمْ أَفْضَل

وجمع بيت أبي بكر وآل أبي بكر من الفضائل الجمة الشيء الكثير الذي لم يجمعه بيت في الإسلام
فقد كان بيت أبي بكر رضي الله عنه في خدمة النبي صلى الله عليه وسلم ، كما في الاستعداد للهجرة ، وما فعله عبد الله بن أبي بكر وأخته أسماء في نقل الطعام والأخبار لرسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبه في الغار
وعائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم هي بنت أبي بكر رضي الله عنه وعنها

قال ابن الجوزي رحمه الله :
أربعة تناسلوا رأوا رسول الله صلى الله عليه وسلم :
أبو قحافة
وابنه أبو بكر
وابنه عبد الرحمن
وابنه محمد

أعماله :
من أعظم أعماله سبقه إلى الإسلام وهجرته مع النبي صلى الله عليه وسلم ، وثباته يوم موت النبي صلى الله عليه وسلم .
ومن أعماله قبل الهجرة أنه أعتق سبعة كلهم يُعذّب في الله ، وهم : بلال بن أبي رباح ، وعامر بن فهيرة ، وزنيرة ، والنهدية وابنتها ، وجارية بني المؤمل ، وأم عُبيس .
ومن أعظم أعماله التي قام بها بعد تولّيه الخلافة حرب المرتدين
فقد كان رجلا رحيما رقيقاً ولكنه في ذلك الموقف ، في موقف حرب المرتدين كان أصلب وأشدّ من عمر رضي الله عنه الذي عُرِف بالصلابة في الرأي والشدّة في ذات الله
روى البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : لما توفى النبي صلى الله عليه وسلم واستُخلف أبو بكر وكفر من كفر من العرب قال عمر : يا أبا بكر كيف تقاتل الناس وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أمِرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله ، فمن قال لا إله إلا الله عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه وحسابه على الله ؟ قال أبو بكر : والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة ، فإن الزكاة حق المال ، والله لو منعوني عناقا كانوا يؤدونها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعها . قال عمر : فو الله ما هو إلا أن رأيت أن قد شرح الله صدر أبي بكر للقتال فعرفت أنه الحق .

لقد سُجِّل هذا الموقف الصلب القوي لأبي بكر رضي الله عنه حتى قيل : نصر الله الإسلام بأبي بكر يوم الردّة ، وبأحمد يوم الفتنة .
فحارب رضي الله عنه المرتدين ومانعي الزكاة ، وقتل الله مسيلمة الكذاب في زمانه .
ومع ذلك الموقف إلا أنه أنفذ جيش أسامة الذي كان النبي صلى الله عليه وسلم أراد إنفاذه نحو الشام .

وفي عهده فُتِحت فتوحات الشام ، وفتوحات العراق

وفي عهده جُمع القرآن ، حيث أمر رضي الله عنه زيد بن ثابت أن يجمع القرآن

وكان عارفاً بالرجال ، ولذا لم يرضَ بعزل خالد بن الوليد ، وقال : والله لا أشيم سيفا سله الله على عدوه حتى يكون الله هو يشيمه . رواه الإمام أحمد وغيره .

وفي عهده وقعت وقعة ذي القَصّة ، وعزم على المسير بنفسه حتى أخذ عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه بزمام راحلته وقال له : إلى أين يا خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ أقول لك ما قال لك رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أُحد : شِـمْ سيفك ولا تفجعنا بنفسك . وارجع إلى المدينة ، فو الله لئن فُجعنا بك لا يكون للإسلام نظام أبدا ، فرجع أبو بكر رضي الله عنه وأمضى الجيش .

وكان أبو بكر رضي الله عنه أنسب العرب ، أي أعرف العرب بالأنساب .

زهـده :
مات أبو بكر رضي الله عنه وما ترك درهما ولا دينارا

عن الحسن بن علي رضي الله عنه قال : لما احتضر أبو بكر رضي الله عنه قال : يا عائشة أنظري اللقحة التي كنا نشرب من لبنها والجفنة التي كنا نصطبح فيها والقطيفة التي كنا نلبسها فإنا كنا ننتفع بذلك حين كنا في أمر المسلمين ، فإذا مت فاردديه إلى عمر ، فلما مات أبو بكر رضي الله عنه أرسلت به إلى عمر رضي الله عنه فقال عمر رضي الله عنه : رضي الله عنك يا أبا بكر لقد أتعبت من جاء بعدك .

ورعـه :
كان أبو بكر رضي الله عنه ورعاً زاهداً في الدنيا حتى لما تولى الخلافة خرج في طلب الرزق فردّه عمر واتفقوا على أن يُجروا له رزقا من بيت المال نظير ما يقوم به من أعباء الخلافة

قالت عائشة رضي الله عنها : كان لأبي بكر غلام يخرج له الخراج ، وكان أبو بكر يأكل من خراجه ، فجاء يوماً بشيء ، فأكل منه أبو بكر ، فقال له الغلام : تدري ما هذا ؟ فقال أبو بكر : وما هو ؟ قال : كنت تكهّنت لإنسان في الجاهلية وما أحسن الكهانة إلا أني خدعته ، فلقيني فأعطاني بذلك فهذا الذي أكلت منه ، فأدخل أبو بكر يده فقاء كل شيء في بطنه . رواه البخاري .

وفاته :
توفي في يوم الاثنين في جمادى الأولى سنة ثلاث عشرة من الهجرة ، وه ابن ثلاث وستين سنة .

فرضي الله عنه وأرضاه
وجمعنا به في دار كرامته

مونية_074 01-03-2008 01:05 AM

اللهم آمين

اللهم اجمعنا بهم في الفردوس الأعلى يا رب

حباك الله على هذه المعلومات و جعلها في ميزان حسناتك إن شاء الله تعالى

و ننتظر منك المزيد أستاذنا الكبير


بارك الله بك أخونا الفاضل

طالبة العفو من الله 01-03-2008 02:02 AM

ماشاء الله لا قوة الا بالله

مجهود كبير جزاك الله خيراً أخي الفاضل أبو إلياس وجعله في ميزان حسناتك ..

يثبت لفترة إن شاء الله ..

أبو إلياس 01-03-2008 03:01 PM

نحن الان مع الشخصية الثانية الفذة الشامخة الاصل و النسب
الشخصية التي غيرت ما على الارض و نشرت الاسلام في كل جهة و ناحية

عمر بن الخطاب رضي الله عنه




تاريخه في سطور



1 - ولد قبل بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم بثلاثين سنة .



2 - كان عدد المسلمين يوم أسلم تسعة وثلاثين .



3 - كان صهر رسول الله وأبا أم المؤمنين حفصة .



4 - كان عمره يوم الخلافة خمسا وخمسين سنة .



5 - كانت مدة الخلافة عشر سنين وستة أشهر وأربعة أيام .



6 - فتحت في عهده بلاد الشام والعراق وفارس ومصر وبرقة وطرابلس الغرب وأذربيجان ونهاوند وجرجان



7 - بنيت في عهده البصرة والكوفة .



8 - أول من أرخ بالهجرة ، ودون الدواوين ، وصلى بالناس التراويح .



9 - دفن مع رسول الله وصاحبه أبي بكر في غرفة عائشة .



10 - تزوج في الجاهلية ، قريبة أم كلثوم بنت جرول ، وفي الإسلام زينب بنت مظعون ، وأم كلثوم بنت علي رضي الله عنه ، وجميلة بنت ثابت ، وأم حكيم بنت الحارث ، وعاتكة بنت زيد ، وقد توفي وبعضهن في عصمته .



11 - كان له من الولد اثنا عشر ستة من الذكور هم : عبد الله وعبد الرحمن وزيد وعبيد الله وعاصم وعياض ، وست من الإناث وهن : حفصة ورقية وفاطمة وصفية وزينب وأم الوليد .



اسمه ولقبه



هو عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى ، يجتمع نسبه مع النبي صلى الله عليه وسلم في كعب بن لؤي ، فهو قرشي من بني عدي . وكنيته أبو حفص ، والحفص هو شبل الأسد ، كناه به النبي صلى الله عليه وسلم يوم بدر. ولقبه الفاروق ، لقبه بذلك النبي صلى الله عليه وسلم يوم إسلامه ، فاعز الله به الإسلام ، وفرق بين الحق والباطل .



صفته وبيئته



نشأ في مكة عاصمة العرب الدينية ، من بيت عرف بالقوة والشدة ، كما كانت إليه السفارة في الجاهلية ، إذا وقعت بين قريش وبين غيرها حرب ، بعثته سفيرا يتكلم باسمها ، وإن نافرهم منافر، أو فاخرهم مفاخر، بعثوا به منافراً عنهم ، ومفاخراً بهم . وكان طويلا بائن الطول ، إذا مشى بين الناس أشرف عليهم كأنه راكب ، أسمر، مشربا بحمرة ، حسن الوجه ، غليظ القدمين والكفين ، أصلع خفيف العارضين ، جلداً شديد الخلق ، ضخم الجثة ، قوي البنية ، جهوري الصوت . قالت فيه الشفاء بنت عبد الله : كان عمر إذا تكلم أسمع ، وإذا مشى أسرع ، وإذا ضرب أوجع ، وهو الناسك حقا



جاهليته



كان من أنبه فتيان قريش وأشدهم شكيمة ، شارك فيما كانوا يتصفون به من لهو وعبادة . فشرب الخمر ، وعبد الأوثان واشتد بالأذى على المسلمين في سنوات الدعوة الأولى ، وكان يعرف القراءة والكتابة .



إسلامه



كان عمره يوم بعث النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثين سنة ، أو بضعا وعشرين سنة ، على اختلاف الروايات . وقد أسلم في السنة السادسة من البعثة ، في قصة مشهورة في السيرة النبوية . ومنذ أسلم انقلبت شدته على المسلمين إلى شدة على الكافرين ، ومناوأة لهم ، فأوذي وضرب ، وقد سبقه إلى الإسلام تسعة وثلاثون صحابيا فكان هو متمما للأربعين ، وقد استجاب الله به دعوة رسوله صلى الله عليه وسلم إذ قال : " اللهم أعز الإسلام بأحب الرجلين إليك : أبي جهل بن هشام أو عمر بن الخطاب " رواه الترمذي


فكان إسلامه دون أبي جهل ، دليلاً على محبة الله له ، وكرامته عنده .



صحبته للرسول صلى الله عليه وسلم



كان في صحبته للرسول صلى الله عليه وسلم مثال المؤمن الواثق بربه ، المطيع لنبيه ، الشديد على أعداء الإسلام ، القوي في الحق ، المتمسك بما أنزل الله من أحكام . شهد المعارك كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأثنى عليه الرسول صلى الله عليه وسلم بما يدل على عظيم منزلته عنده ، وبلائه في الإسلام . ومما ورد فيه قوله : " إن الله جعل الحق على لسان عمر وقلبه ، وفرق الله به بين الحق والباطل"رواه الترمذي



وكان ذا رأي سديد ، وعقل كبير ، وافق القران في ثلاث مسائل قبل أن ينزل فيها الوحي .



كان من رأيه تحريم الخمر فنزل تحريمها بقوله تعالى :


يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأنصَابُ وَالأزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ


وكان من رأيه عدم قبول الفداء من أسرى بدر، فنزل القرآن مؤيدا رأيه ، كما أشار على النبي باتخاذ الحجاب على زوجاته أمهات المؤمنين فنزل القرآن بذلك . ولما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم جزع لذلك جزعا شديداً ، حتى زعم أن رسول الله لم يمت ، وأنه ذهب يناجي ربه ، وسيعود إلى الناس مرة أخرى ، وأعلن أنه سيضرب كل من زعم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد مات .


وهكذا توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يمثل الشدة على أعداء الله من مشركين ومنافقين ، وكان إذا رأى أحداً أساء إلى النبي صلى الله عليه وسلم بقول أو فعل ، قال لرسول الله : دعني يا رسول الله أضرب عنق هذا المنافق . . وقد شهد له رسول الله بالجنة ، وهو أحد العشرة المبشرين بها ، وحسبه شرفاً ومكانة عند الله أن رسول الله توفي وهو عنه راض .



في خلافة أبي بكر



وكان عمر في خلافة أبي بكر رضي الله عنه وزير صدق ، ومساعد خير، به جمع الله القلوب على مبايعة أبي بكر يوم اختلف الصحابة في سقيفة بني ساعدة ، وكان إلهاما موفقا من الله أن بادر عمر إلى مبايعة أبي بكر، فبادر الأنصار والمهاجرون بعد ذلك إلى البيعة . ولقد كان أبو بكر أجدر الصحابة بملء هذا المكان الخطير ، بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بل لقد علم الصحابة جميعا ، أن الرسول حين استخلف أبا بكر على الصلاة إنما أشار بذلك إلى أهليته للخلافة العامة ، ولكن فضل عمر في مبايعة أبي بكر ، إنما كان في حسم مادة الخلاف الذي كاد يودي بوحدة المسلمين ، ويقضي على دولة الإسلام الناشئة .


وكانت شدة عمر في حياة النبي عليه السلام ، هي في حياة أبي بكر ... فأبو بكر كان رجلا حليماً تملأ الرحمة برديه ، ويغلب الوقار والعفو على صفاته كلها ، فكان لا بد من رجل قوي الشكيمة كعمر ، يمزج حلم أبي بكر بقوة الدولة ، وهيبة السلطان ... فكان عمر هو الذي قام هذا المقام ، واحتل تلك المنزلة ، ولذلك كان أبو بكر يأخذ برأيه ، ويعمل بقوله . أمر أبو بكر يوما بأمر فلم ينفذه عمر، فجاءوا يقولون لأبي بكر : والله ما ندري : الخليفة أنت أم عمر ؟ فقال أبو بكر : هو إن شاء ! …


وتلك لعمري نفحة من نفحات العظمة الإسلامية التي أرادها الله بشير خير للمسلمين وللعالم بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم … عمر يقول لأبي بكر يوم السقيفة : أنت أفضل مني ، وأبو بكر يجيبه بقوله : ولكنك أقوى مني . . فيقول عمر لأبي بكر : إن قوتي مع فضلك .. وبذلك تعاونت العظمتان في بناء صرح الدولة الإسلامية الخالد ... فضل أبي بكر وحلمه وعقله وحزمه ، مع قوة عمر وباسه وشدته وهيبته .



عمر في الخلافة



ويتولى عمر الخلافة ، وهي أشد ما تكون حاجة إلى رجل مثله ، المسلمون يشتبكون في حروب طاحنة مع فارس والروم ، والبلاد الإسلامية التي فتحت تحتاج إلى ولاة أتقياء أذكياء ، يسيرون في الرعية سيرة عمر في حزمه وعفته وعبقريته في التشريع والإدارة ، والعرب الفاتحون قد أقبلت عليهم الدنيا فهم منها على خطر عظيم ، أن يركنوا إليها ، ويملوا حياة الجهاد والكفاح ، و يعبوا من لذائذها وزينتها وترفها ...



تولى عمر الخلافة فسجل أروع الآثار في تاريخ ا لإسلام :



** أتم ما بدأ به أبو بكر من حرب فارس والروم ، فانتهت باستيلاء المسلمين على مصر والشام والعراق ومملكة فارس .



** نظم جهاز الدولة ، فدون الدواوين ، وفرض الأعطيات ، وجبى خراج الأراضي المفتوحة بأعدل طريق ، وأقوم سياسة ، وواجه حاجات الدولة الإسلامية في الأنظمة والقوانين ، بأعظم عبقرية تشريعية عرفها تاريخ الإسلام بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم



** حكم البلاد المفتوحة بيد تجمع بين القوة والرحمة ، وبين الرفق والحزم ، وبين العدل والتسامح ، فكان حكم عمر مضرب الأمثال في ذلك ، في تواريخ الأمم كلها ، وقل أن عرفت الإنسانية حاكما مثله خلده التاريخ بعدله ورحمته .



من كانت لديه أي اضافة جديدة فلا يبخل بها ، حتى ننتقل الى الشخصية الجديدة و المشرقة ،

أبو إلياس 02-03-2008 02:25 PM

عثمان بن عفان
 
عثمان بن عفان

عثمان بن عفان بن أبي العاص بن أميّة القرشي ، أحد العشرة المبشرين بالجنة
وأحد الستة الذي جعل عمر الأمر شورى بينهم ، وأحد الخمسة الذين أسلموا على
يد أبي بكر الصديق ، توفي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-وهو عنه راضٍ
صلى إلى القبلتيـن وهاجر الهجرتيـن وبمقتله كانت الفتنة الأولى في الإسلام

إسلامه

كان عثمان بن عفان -رضي الله عنه- غنياً شريفاً في الجاهلية ، وأسلم بعد البعثة بقليل ، فكان من السابقين إلى الإسلام ، فهو أول من هاجر إلى الحبشة مع زوجته رقيّة بنت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الهجرة الأولى والثانية وقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إنّهما لأوّل من هاجر إلى الله بعد لوطٍ )( إن عثمان لأول من هاجر إلى الله بأهله بعد لوطٍ )
وهو أوّل من شيّد المسجد ، وأوّل من خطَّ المفصَّل ، وأوّل من ختم القرآن في ركعة ، وكان أخوه من المهاجرين عبد الرحمن بن عوف ومن الأنصار أوس بن ثابت أخا

قال عثمان ان الله عز وجل بعث محمداً بالحق ، فكنتُ ممن استجاب لله ولرسوله ، وآمن بما بُعِثَ به محمدٌ ، ثم هاجرت الهجرتين وكنت صهْرَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وبايعتُ رسول الله فوالله ما عصيتُه ولا غَشَشْتُهُ حتى توفّاهُ الله عز وجل )

الصّلابة

لمّا أسلم عثمان -رضي الله عنه- أخذه عمّه الحكم بن أبي العاص بن أميّة فأوثقه رباطاً ، وقال أترغبُ عن ملّة آبائك إلى دين محدث ؟ والله لا أحلّك أبداً حتى تدعَ ما أنت عليه من هذا الدين )فقال عثمان والله لا أدَعُهُ أبداً ولا أفارقُهُ )رأى الحكم صلابتَه في دينه تركه

ذي النورين

لقّب عثمان -رضي الله عنه- بذي النورين لتزوجه بنتيْ النبي -صلى الله عليه وسلم- رقيّة ثم أم كلثوم ، فقد زوّجه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ابنته رقيّة ، فلّما ماتت زوّجه أختها أم كلثوم فلمّا ماتت تأسّف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على مصاهرته فقال والذي نفسي بيده لو كان عندي ثالثة لزوّجنُكَها يا عثمان )

سهم بَدْر

أثبت له رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سهمَ البدريين وأجرَهم ، وكان غاب عنها لتمريضه زوجته رقيّة بنت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-فقد قال الرسول -صلى الله عليه وسلم- إن لك أجر رجلٍ ممن شهد بدراً وسهمه )

الحديبية

بعث الرسول -صلى الله عليه وسلم- عثمان بن عفان يوم الحديبية إلى أهل مكة ، لكونه أعزَّ بيتٍ بمكة ، واتفقت بيعة الرضوان في غيبته ، فضرب الرسول -صلى الله عليه وسلم- بشماله على يمينه وقال هذه يدُ عثمان )فقال الناس هنيئاً لعثمان )

جهاده بماله

قام عثمان بن عفان -رضي الله عنه- بنفسه وماله في واجب النصرة ، كما اشترى بئر رومة بعشرين ألفاً وتصدّق بها ، وجعل دلوه فيها لدِلاِءِ المسلمين ، كما ابتاع توسعة المسجد النبوي بخمسة وعشرين ألفاً

كان الصحابة مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في غزاةٍ ، فأصاب الناس جَهْدٌ حتى بدت الكآبة في وجوه المسلمين ، والفرح في وجوه المنافقين ، فلما رأى الرسول -صلى الله عليه وسلم- ذلك قال والله لا تغيب الشمس حتى يأتيكم الله برزقٍ )فعلم عثمان أنّ الله ورسوله سيصدقان ، فاشترى أربعَ عشرة راحلةً بما عليها من الطعام ، فوجّه إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- منها بتسعٍ ، فلما رأى ذلك النبي قال ما هذا ؟)
قالوا : أُهدي إليك من عثمان 0 فعُرِفَ الفرحُ في وجه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والكآبة في وجوه المنافقين ، فرفع النبي -صلى الله عليه وسلم- يديه حتى رُؤيَ بياضُ إبطيْه ، يدعو لعثمان دعاءً ما سُمِعَ دعا لأحد قبله ولا بعده اللهم اعط عثمان ، اللهم افعل بعثمان )
قالت السيدة عائشة -رضي الله عنها-: دخل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عليَّ فرأى لحماً فقال من بعث بهذا ؟)قلت : عثمان 0 فرأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رافعاً يديْهِ يدعو لعثمان

جيش العُسْرة

وجهّز عثمان بن عفان -رضي الله عنه- جيش العُسْرَة بتسعمائةٍ وخمسين بعيراً وخمسين فرساً ، واستغرق الرسول -صلى الله عليه وسلم- في الدعاء له يومها ، ورفع يديه حتى أُريَ بياض إبطيهفقد جاء عثمان إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- بألف دينار حين جهّز جيش العسرة فنثرها في حجره ، فجعل -صلى الله عليه وسلم- يقلبها ويقول ما ضرّ عثمان ما عمل بعد اليوم )مرتين

الحياء

قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أشد أمتي حياءً عثمان )
قالت السيدة عائشة -رضي الله عنها- : استأذن أبو بكر على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو مضطجع على فراش ، عليه مِرْطٌ لي ، فأذن له وهو على حاله ، فقضى الله حاجته ، ثم انصرف ثم استأذن عمر فأذن له ، وهو على تلك الحال ، فقضى الله حاجته ، ثم انصرف ثم استأذن عثمان ، فجلس رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأصلح عليه ثيابه وقال اجمعي عليك ثيابك )فأذن له ، فقضى الله حاجته ثم انصرف ، فقلت يا رسول الله ، لم أركَ فزِعْتُ لأبي بكر وعمر كما فزعت لعثمان !!)
فقال يا عائشة إن عثمان رجل حيي ، وإني خشيت إنْ أذنْتُ له على تلك الحال أن لا يُبَلّغ إليّ حاجته ) وفي رواية أخرى ألا أستحي ممن تستحيي منه الملائكة )

فضله

دخل رسـول الله -صلى الله عليه وسلم- على ابنته وهي تغسل رأس عثمان فقال يا بنيّة أحسني إلى أبي عبد الله فإنّه أشبهُ أصحابي بي خُلُقـاً )000وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مَنْ يُبغضُ عثمان أبغضه الله )وقال اللهم ارْضَ عن عثمان )وقال اللهم إن عثمان يترضّاك فارْضَ عنه )

اختَصّه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بكتابة الوحي ، وقد نزل بسببه آيات من كتاب الله تعالى ، وأثنى عليه جميع الصحابة ، وبركاته وكراماته كثيرة ، وكان عثمان -رضي الله عنه- شديد المتابعة للسنة ، كثير القيام بالليل

قال عثمان -رضي الله عنه- ما تغنيّتُ ولمّا تمنّيتُ ، ولا وضعتُ يدي اليمنى على فرجي منذ بايعتُ بها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وما مرّت بي جمعة إلا وإعتقُ فيها رقبة ، ولا زنيتُ في جاهلية ولا إسلام ، ولا سرقت )

اللهم اشهد

عن الأحنف بن قيس قال : انطلقنا حجّاجاً فمروا بالمدينة ، فدخلنا المسجد ، فإذا علي بن أبي طالب والزبير وطلحة وسعد بن أبي وقاص فلم يكن بأسرع من أن جاء عثمان عليه ملاءة صفراء قد منع بها رأسه فقال أها هنا علي ؟)قالوا : نعم قال أنشدكم بالله الذي لا إله إلا هو أتعلمون أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال من يبتاع مِرْبدَ بني فلان غفر الله له ؟)فابتعته بعشرين ألفاً أو بخمسة وعشرين ألفاً ، فأتيت رسـول الله -صلى الله عليه وسلم- فقلت إني قد ابتعته )فقال اجعله في مسجدنا وأجره لك ) ؟قالوا : نعم

قال أنشدكم بالله الذي لا إله إلا هو أتعلمون أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال من يبتاع بئر روْمة غفر الله له ) فابتعتها بكذا وكذا ، فأتيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقلت إني قد ابتعتها )فقال اجعلها سقاية للمسلمين وأجرها لك )؟قالوا : نعم

قال أنشدكم بالله الذي لا إله إلا هو أتعلمون أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نظر في وجوه القوم يوم ( جيش العُسرة ) فقال من يجهز هؤلاء غفر الله له )فجهزتهم ما يفقدون خطاماً ولا عقالاً )؟قالوا : نعم

قال اللهم اشهد اللهم اشهد )ثم انصرف

الخلافة

كان عثمان -رضي الله عنه- ثالث الخلفاء الراشدين ، فقد بايعه المسلمون بعد مقتل عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- سنة 23 هـ ، فقد عيَّن عمر ستة للخلافة فجعلوا الأمر في ثلاثة ، ثم جعل الثلاثة أمرهم إلى عبد الرجمن بن عوف بعد أن عاهد الله لهم أن لا يألوا عن أفضلهم ، ثم أخذ العهد والميثاق أن يسمعوا ويطيعوا لمن عيّنه وولاه ، فجمع الناس ووعظهم وذكّرَهم ثم أخذ بيد عثمان وبايعه الناس على ذلك ، فلما تمت البيعة أخذ عثمان بن عفان حاجباً هو مولاه وكاتباً هو مروان بن الحكم

ومن خُطبته يوم استخلافه لبعض من أنكر استخلافه أنه قال أمّا بعد ، فإنَّ الله بعث محمداً بالحق فكنت ممن استجاب لله ورسوله ، وهاجرت الهجرتين ، وبايعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، والله ما غششْتُهُ ولا عصيتُه حتى توفاه الله ، ثم أبا بكر مثله ، ثم عمر كذلك ، ثم استُخْلفتُ ، أفليس لي من الحق مثلُ الذي لهم ؟!)

الخير

انبسطت الأموال في زمنه حتى بيعت جارية بوزنها ، وفرس بمائة ألف ، ونخلة بألف درهم ، وحجّ بالناس عشر حجج متوالية

الفتوح الإسلامية

وفتح الله في أيام خلافة عثمان -رضي الله عنه- الإسكندرية ثم سابور ثم إفريقية ثم قبرص ، ثم إصطخر الآخـرة وفارس الأولى ثم خـو وفارس الآخـرة ، ثم طبرستان ودُرُبجرْد وكرمان وسجستان ، ثم الأساورة في البحر ثم ساحل الأردن

الفتنة

ويعود سبب الفتنة التي أدت إلى الخروج عليه وقتله أنه كان كَلِفاً بأقاربه وكانوا قرابة سوء ، وكان قد ولى على أهل مصر عبدالله بن سعد بن أبي السّرح فشكوه إليه ، فولى عليهم محمد بن أبي بكر الصديق باختيارهم له ، وكتب لهم العهد ، وخرج معهم مددٌ من المهاجرين والأنصار ينظرون فيما بينهم وبين ابن أبي السّرح ، فلمّا كانوا على ثلاثة أيام من المدينة ، إذ همّ بغلام عثمان على راحلته ومعه كتاب مفترى ، وعليه خاتم عثمان ، إلى ابن أبي السّرح يحرّضه ويحثّه على قتالهم إذا قدموا عليه ، فرجعوا به إلى عثمان فحلف لهم أنّه لم يأمُره ولم يعلم من أرسله ، وصدق -رضي الله عنه- فهو أجلّ قدراً وأنبل ذكراً وأروع وأرفع من أن يجري مثلُ ذلك على لسانه أو يده ، وقد قيل أن مروان هو الكاتب والمرسل !

ولمّا حلف لهم عثمان -رضي الله عنه- طلبوا منه أن يسلمهم مروان فأبى عليهم ، فطلبوا منه أن يخلع نفسه فأبى ، لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان قد قال له عثمان ! أنه لعلّ الله أن يُلبسَكَ قميصاً فإن أرادوك على خلعه فلا تخلعه )

الحصار
فاجتمع نفر من أهل مصر والكوفة والبصرة وساروا إليه ، فأغلق بابه دونهم ، فحاصروه عشرين أو أربعين يوماً ، وكان يُشرف عليهم في أثناء المدّة ، ويذكّرهم سوابقه في الإسلام ، والأحاديث النبوية المتضمّنة للثناء عليه والشهادة له بالجنة ، فيعترفون بها ولا ينكفّون عن قتاله !!وكان يقول إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عهد إليّ عهداً فأنا صابرٌ عليه )( إنك ستبتلى بعدي فلا تقاتلن )

وعن أبي سهلة مولى عثمان : قلت لعثمان يوماً قاتل يا أمير المؤمنين )قال لا والله لا أقاتلُ ، قد وعدني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أمراً فأنا صابر عليه )

واشرف عثمان على الذين حاصروه فقال يا قوم ! لا تقتلوني فإني والٍ وأخٌ مسلم ، فوالله إن أردتُ إلا الإصلاح ما استطعت ، أصبتُ أو أخطأتُ ، وإنكم إن تقتلوني لا تصلوا جميعاً أبداً ، ولا تغزوا جميعاً أبداً ولا يقسم فيؤكم بينكم )فلما أبَوْا قال اللهم احصهم عدداً ، واقتلهم بدداً ، ولا تبق منهم أحداً )فقتل الله منهم مَنْ قتل في الفتنة ، وبعث يزيد إلى أهل المدينة عشرين ألفاً فأباحوا المدينة ثلاثاً يصنعون ما شاءوا لمداهنتهم

مَقْتَله
وكان مع عثمان -رضي الله عنه- في الدار نحو ستمائة رجل ، فطلبوا منه الخروج للقتال ، فكره وقال إنّما المراد نفسي وسأقي المسلمين بها )فدخلوا عليه من دار أبي حَزْم الأنصاري فقتلوه ، و المصحف بين يديه فوقع شيء من دمـه عليه ، وكان ذلك صبيحـة عيد الأضحـى سنة 35 هـ في بيته بالمدينة

ومن حديث مسلم أبي سعيد مولى عثمان بن عفان : أن عثمان أعتق عشرين عبداً مملوكاً ، ودعا بسراويل فشدَّ بها عليه ، ولم يلبَسْها في جاهلية ولا إسلام وقال إني رأيتُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- البارحة في المنام ، ورأيت أبا بكر وعمر وأنهم قالوا لي : اصبر ، فإنك تفطر عندنا القابلة )فدعا بمصحف فنشره بين يديه ، فقُتِلَ وهو بين يديه

كانت مدّة ولايته -رضي الله عنه وأرضاه- إحدى عشرة سنة وأحد عشر شهراً وأربعة عشر يوماً ، واستشهد وله تسعون أو ثمان وثمانون سنة
ودفِنَ -رضي الله عنه- بالبقيع ، وكان قتله أول فتنة انفتحت بين المسلمين فلم تنغلق إلى اليوم

يوم الجمل

في يوم الجمل قال علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- اللهم إني أبرأ إليك من دم عثمان ، ولقد طاش عقلي يوم قُتِل عثمان ، وأنكرت نفسي وجاؤوني للبيعة فقلت إني لأستَحْيي من الله أن أبايع قوماً قتلوا رجلاً قال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ألا أستحيي ممن تستحيي منه الملائكة )وإني لأستحي من الله وعثمان على الأرض لم يدفن بعد


فانصرفوا ، فلما دُفِنَ رجع الناس فسألوني البيعة فقلت اللهم إني مشفقٌ مما أقدم عليه )ثم جاءت عزيمة فبايعتُ فلقد قالوا يا أمير المؤمنين ) فكأنما صُدِعَ قلبي وقلت اللهم خُذْ مني لعثمان حتى ترضى )

أبو إلياس 04-03-2008 04:02 PM

علي بن أبي طالب رضي الله عنه
 
هو الإمام إذا عُـد الأئمـة
هو البطل إذا عُـدّ الأبطال
هو الشجاع المِقـدام
هو البطل الهُـمـام
هو الشهيد الذي قُتِل غدراً ، ولو أراد قاتله قتله مواجهته ما استطاع .
ولكن عادة الجبناء الطعن في الظهر !

فليتها إذ فَدَتْ عمراً بخارجةٍ = فَدَتْ علياً بمن شاءت من البشر
فـمـن هــو ؟
هو أمير المؤمنين الإمام الكريم : علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف القرشي الهاشمي ، أبو الحسن . رضي الله عنه وأرضاه .
كُنيته : أبو الحسن .
وكنّاه النبي صلى الله عليه وسلم : أبا تراب ، وسيأتي الكلام على سبب ذلك .

مولده : وُلِد قبل البعثة بعشر سنين .
وتربّى في حجر النبي صلى الله عليه وسلم ولم يُفارقه .

فضائله : فضائله جمّـة لا تُحصى
ومناقبه كثيرة حتى قال الإمام أحمد : لم ينقل لأحد من الصحابة ما نقل لعلي .
وقال غيره : وكان سبب ذلك بغض بني أمية له ، فكان كل من كان عنده علم من شيء من مناقبه من الصحابة يُثبته ، وكلما أرادوا إخماده وهددوا من حدّث بمناقبه لا يزداد إلا انتشارا .
ومن هنا قال الحافظ ابن كثير في البداية والنهاية : باب ذِكر شيء من فضائل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه .
ثم أطال رحمه الله في ذكر فضائل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه ،
قال : فمن ذلك أنه أقرب العشرة المشهود لهم بالجنة نسبا من رسول الله صلى الله عليه وسلم .
قال الحافظ ابن حجر : وقد ولّـد له الرافضة مناقب موضوعة ، هو غنى عنها .
قال : وتتبع النسائي ما خُصّ به من دون الصحابة ، فجمع من ذلك شيئا كثيراً بأسانيد أكثرها جياد .
وكتاب الإمام النسائي هو " خصائص عليّ رضي الله عنه " .
وهذا يدلّ على محبة أهل السنة لعلي رضي الله عنه .
وأهل السنة يعتقدون محبة علي رضي الله عنه دين وإيمان .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

حُبُّ الصَّحابَةِ كُلُّهُمْ لي مَذْهَبٌ = وَمَوَدَّةُ القُرْبى بِها أَتَوَسّل
من فضائله رضي الله عنه :
أول الصبيان إسلاماً .
أسلم وهو صبي ، وقُتِل في الإسلام وهو كهل .

قال عليه الصلاة والسلام لعلي رضي الله عنه يوم غدير خم : ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم ؟ قالوا : بلى . قال : اللهم من كنت مولاه فعليّ مولاه . اللهم والِ من والاه ، وعاد من عاد . رواه الإمام أحمد وغيره .

وروى الإمام مسلم في فضائل علي رضي الله عنه قوله رضي الله عنه : والذي فلق الحبة ، وبرأ النَّسَمَة إنه لعهد النبي الأمي صلى الله عليه وسلم إليّ أن لا يحبني إلا مؤمن ، ولا يبغضني إلا منافق .

وروى عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أنه قال في حق عليّ رضي الله عنه : ما ذكرت ثلاثا قالهن له رسول الله صلى الله عليه وسلم فلن أسبّه ؛ لأن تكون لي واحدة منهن أحب إليّ من حمر النعم . سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول له ، خَلّفه في بعض مغازيه فقال له عليّ : يا رسول الله خلفتني مع النساء والصبيان ؟! فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى ، إلا انه لا نبوة بعدي ؟ وسمعته يقول يوم خيبر : لأعطين الراية رجلا يحب الله ورسوله ، ويحبه الله ورسوله . قال : فتطاولنا لها فقال : ادعوا لي علياً . فأُتي به أرمد ، فبصق في عينه ودفع الراية إليه ، ففتح الله عليه . ولما نزلت هذه الآية : ( فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ ) دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا وفاطمة وحسنا وحسينا ، فقال : اللهم هؤلاء أهلي .

روى عليّ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم كثيراً .

شهد المشاهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا غزوة تبوك ، فقال له بسبب تأخيره له بالمدينة : ألا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى ،إلا أنه لا نبي بعدي .
وهذا كان يوم تبوك خلفه النبي صلى الله عليه وسلم على المدينة ، وموسى خلف هارون على قومه لما ذهب موسى لميعاد ربه .

وهو بَدري من أهل بدر ، وأهل بدر قد غفر الله لهم .
وشهد بيعة الرضوان .
وهو من العشرة المبشرين بالجنة .
وهو من الخلفاء الراشدين المهديين فرضي الله عنه وأرضاه .
وهو زوج فاطمة البتول رضي الله عنها ، سيدة نساء العالمين .
وهو أبو السبطين الحسن والحسين ، سيدا شباب أهل الجنة .
قال صلى الله عليه وسلم : الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة ، وأبوهما خير منهما . رواه ابن ماجه ، وصححه الألباني .

وكان علي رضي الله عنه أحد الشورى الذين نص عليهم عمر ، فعرضها عليه عبد الرحمن بن عوف وشرط عليه شروطا امتنع من بعضها ، فعدل عنه إلى عثمان ، فقبلها فولاه ، وسلم عليّ وبايع عثمان .
ولم يزل عليّ رضي الله عنه بعد النبي صلى الله عليه وسلم متصديا لنصر العلم والفتيا .

من خصائص عليّ رضي الله عنه :
ما رواه البخاري ومسلم عن سهل بن سعد رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم خيبر : لأعطين هذه الراية رجلاً يفتح الله علي يديه ، يحبّ الله ورسوله ، ويحبه الله ورسوله . قال : فَباتَ الناس يدوكون ليلتهم أيهم يعطاها . قال : فلما أصبح الناس غدوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم كلهم يرجون أن يعطاها ، فقال : أين علي بن أبي طالب ؟ فقالوا : هو يا رسول الله يشتكى عينيه . قال : فأرسلوا إليه . فأُتيَ به ، فبصق رسول الله صلى الله عليه وسلم في عينيه ودعا لـه فبرأ حتى كأن لم يكن به وجع فأعطاه الراية .

ولذا قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : ما أحببت الإمارة إلا يومئذ . كما عند مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه .
لا لأجل الإمارة ، ولكن لأجل هذه المنزلـة العالية الرفيعة " يحبّ الله ورسوله ويُحبُّـه الله ورسوله "

اشتهر عليّ رضي الله عنه بالفروسية والشجاعة والإقدام .
وكان اللواء بيد علي رضي الله عنه في أكثر المشاهد .
بارز عليٌّ رضي الله عنه شيبة بن ربيعة فقتله عليّ رضي الله عنه ، وذلك يوم بدر .

وكان أبو ذر رضي الله عنه يُقسم قسما إن هذه الآية ( هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ) نزلت في الذين برزوا يوم بدر ؛ حمزة وعلي وعبيدة بن الحارث ، وعتبة وشيبة ابني ربيعة والوليد بن عتبة . رواه البخاري ومسلم .

وفي اُحد قام طلحة بن عثمان صاحب لواء المشركين فقال : يا معشر أصحاب محمد إنكم تزعمون أن الله يعجلنا بسيوفكم إلى النار ، ويعجلكم بسيوفنا إلى الجنة ، فهل منكم أحد يعجله الله بسيفي إلى الجنة أو يعجلني بسيفه إلى النار ؟! فقام إليه علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقال : والذي نفسي بيده لا أفارقك حتى يعجلك الله بسيفي إلى النار ، أو يعجلني بسيفك إلى الجنة ، فضربه عليّ فقطع رجله فسقط فانكشفت عورته فقال : أنشدك الله والرحم يا ابن عمّ . فكبر رسول الله
وقال أصحاب عليّ لعلي : ما منعك أن تُجهز عليه ؟ قال : إن ابن عمي ناشدني حين انكشفت عورته ، فاستحييت منه .

وبارز مَرْحَب اليهودي يوم خيبر
فخرج مرحب يخطر بسيفه فقال :
قد علمت خيبر أني مرحب = شاكي السلاح بطل مجرب
إذا الحروب أقبلت تلهب
فقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه :
أنا الذي سمتني أمي حيدرة = كليث غابات كريه المنظرة
أوفيهم بالصاع كيل السندرة
ففلق رأس مرحب بالسيف ، وكان الفتح على يديه .
وعند الإمام أحمد من حديث بُريدة رضي الله عنه : فاختلف هو وعليٌّ ضربتين ، فضربه على هامته حتى عض السيف منه بيضة رأسه ، وسمع أهل العسكر صوت ضربته . قال : وما تتامّ آخر الناس مع عليّ حتى فتح له ولهم .

ومما يدلّ على شجاعته رضي الله عنه أنه نام مكان النبي صلى الله عليه وسلم لما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم الهجرة .

ومع شجاعته هذه فهو القائل : كُنا إذا احمرّ البأس ، ولقي القوم القوم ، اتقينا برسول الله صلى الله عليه وسلم ، فما يكون منا أحد أدنى من القوم منه . رواه الإمام أحمد وغيره .

فما أحد أشجع من رسول الله صلى الله عليه وسلم .

ومن فضائله رضي الله عنه :
اجتمع له من الفضائل الجمّـة ما لم يجتمع لغيره .
فمن ذلك ما أخرجه ابن عساكر أن علياً رضي الله عنه قال :

محمد النبي أخي وصهري = وحمزة سيد الشهداء عمي
وجعفر الذي يمسي ويضحى = يطير مع الملائكة ابن أمي
وبنت محمد سكني وعرسي = مَسُوطٌ لحمها بدمي ولحمي
وسبطا أحمد ولداي منها = فأيكم له سهم كسهمي ؟

من كريم خُلقه :
أنه جاءه رجل فقال : يا أمير المؤمنين إن لي إليك حاجة فرفعتها إلى الله قبل أن أرفعها إليك ، فإن أنت قضيتها حمدت الله وشكرتك ، وإن أنت لم تقضها حمدت الله وعذرتك ، فقال عليّ : اكتب حاجتك على الأرض ، فإني أكره أن أرى ذل السؤال في وجهك .

تواضعه رضي الله عنه :
قال عليّ رضي الله عنه : لا أوتي برجل فضلني على أبي بكر وعمر ، إلا جلدته حد المفتري .
وقال محمد بن الحنفية : قلت لأبي : أي الناس خير بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : أبو بكر . قلت : ثم من ؟ قال : ثم عمر . وخشيت أن يقول عثمان . قلت : ثم أنت ؟ قال : ما أنا إلا رجل من المسلمين . رواه البخاري .

ابتلاؤه رضي الله عنه :
ابتُلي رضي الله عنه من قبل أقوام ادّعوا محبّـته ، فقد ادّعى أقوام من الزنادقة أن علياً رضي الله عنه هو الله ! فقالوا : أنت ربنا ! فاغتاظ عليهم ، وأمر بهم فحرّقوا بالنار ، فزادهم ذلك فتنة وقالوا : الآن تيقنا أنك ربنا ! إذ لا يعذب بالنار إلا الله .
وقال رضي الله عنه : يهلك فيّ اثنان ؛ محب يُقرّظني بما ليس فيّ ، ومبغض يحمله شنآني على أن يبهتني ، ألا إني لست بنبي ولا يوحى إليّ ، ولكني أعمل بكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ما استطعت ، فما أمرتكم من طاعة الله فحقّ عليكم طاعتي فيما أحببتم وكرهتم .

وقد قيل لعلي رضي الله عنه : إن هنا قوماً على باب المسجد يدّعون أنك ربهم ، فدعاهم ، فقال لهم : ويلكم ما تقولون ؟ قالوا : أنت ربنا وخالقنا ورازقنا ! فقال : ويلكم إنما أنا عبدٌ مثلكم ؛ أكل الطعام كما تأكلون ، وأشرب كما تشربون ، إن أطعت الله أثابني إن شاء ، وإن عصيته خشيت أن يعذبني ، فاتقوا الله وأرجعوا ، فأبوا ، فلما كان الغد غدوا عليه ، فجاء قنبر فقال : قد والله رجعوا يقولون ذلك الكلام ، فقال : أدخلهم ، فقالوا : كذلك ، فلما كان الثالث قال : لئن قلتم ذلك لأقتلنكم بأخبث قتلة ، فأبوا إلا ذلك ، فقال : يا قنبر ائتني بفعلة معهم ، فخدّ لهم أخدوداً بين باب المسجد والقصر . وقال : احفروا فابعدوا في الأرض ، وجاء بالحطب فطرحه بالنار في الأخدود وقال : إني طارحكم فيها أو ترجعوا ، فأبوا أن يرجعوا ، فقذف بهم فيها حتى إذا احترقوا قال رضي الله عنه :
لما رأيت الأمر أمراً منكراً *** أوقدت ناري ودعوت قنبرا .
قال الحافظ في الفتح : وهذا سند حسن .

وأوذي ممن ادّعوا محبته ، بل ممن ادّعوا أنهم شيعته !
والذي قتل علياً رضي الله عنه ، وهو الشقي التعيس ( ابن ملجَم ) كان مِن شيعة عليّ !
ولذلك كان علي رضي الله عنه يقول في آخر حياته :
أشكو إلى الله عجري وبجري .
وقال رضي الله عنه في أهل الكوفة : اللهم إني قد مللتهم وملوني ، وأبغضتهم وأبغضوني ، وحملوني على غير طبيعتي وخلقي ، وأخلاق لم تكن تعرف لي . اللهم فأبدلني بهم خيراً منهم ، وأبدلهم بي شراً مني . اللهم أمِتْ قلوبهم موت الملح في الماء .
والكوفة هي موطن الشيعة الذين كانوا يدّعون محبته !

كلام جميل للحسن بن علي رضي الله عنهما :
لما حضرت الحسن بن على الوفاة قال للحسين : يا أخي إن أبانا رحمه الله تعالى لما قُبض رسول الله استشرف لهذا الأمر ورجا أن يكون صاحبه ، فصرفه الله عنه ، ووليها أبو بكر ، فلما حضرت أبا بكر الوفاة تشوّف لها أيضا فصُرفت عنه إلى عمر ، فلما احتضر عمر جعلها شورى بين ستة هو أحدهم ، فلم يشك أنها لا تعدوه فصُرفت عنه إلى عثمان ، فلما هلك عثمان بويع ثم نُوزع حتى جرّد السيف وطلبها فما صفا له شيء منها ، وإني والله ما أرى أن يجمع الله فينا أهل البيت النبوة والخلافة ، فلا أعرفن ما استخفك سفهاء أهل الكوفه فأخرجوك .

إنصـافــه رضي الله عنه :
وكان علي رضي الله عنه من أكثر الناس إنصافاً لخصومه .
فقد رأى عليٌّ رضي الله عنه طلحة رضي الله عنه في واد مُلقى ، فنزل فمسح التراب عن وجهه وقال : عزيز عليّ أبا محمد بأن أراك مجدلا في الأودية تحت نجوم السماء . إلى الله أشكو عجري وبجري . يعني : سرائري وأحزاني التي تموج في جوفي .
وقال طلحة بن مصرف انتهى علي رضي الله عنه إلى طلحة رضي الله عنه وقد مات ، فنزل عن دابته وأجلسه ، ومسح الغبار عن وجهه ولحيته ، وهو يترحم عليه ، وقال : ليتني مت قبل هذا اليوم بعشرين سنة .
وكان يقول : أني لأرجو أن أكون أنا وطلحة والزبير ممن قال الله عز وجل : ( وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ ) رواه ابن أبي شيبة والبيهقي .
ولما سُئل عـن أهـل النهروان [ من الخوارج ] أمشركون هـم ؟ قال : من الشرك فـرُّوا .
قيل: أفمنافقون ؟ قال : إن المنافقين لا يذكرون الله إلا قليلا . فقيل : فما هم يا أمير المؤمنين ؟ قال : إخواننا بَغَوا علينـا ، فقاتلناهم ببغيهم علينا . رواه ابن أبي شيبة والبيهقي .

علي رضي الله عنه والحِكمـة :
كان علي رضي الله عنه واعظاً بليغاً مؤثراً ، وخطيباً مُصقعـاً ، وكان ينطق بالحِكمة .
ولذلك عقد ابن كثير رحمه الله فصلا في البداية والنهاية فقال :
فصل في ذكر شيء من سيرته العادلة ، وطريقته الفاضلة ، ومواعظه وقضاياه الفاصلة ، وخُطبه وحِكَمِهِ التي هي إلى القلوب واصلة .
ثم ساق تحت هذا الفصل طرفا من حِكم عليّ رضي الله عنه ومواعظه .

علي رضي الله عنه والشِّعـر :
وكان علي رضي الله عنه شاعراً مُجيداً ، وقد اتّسم شعره بالحكمة .
ومن شِعره :

إذا اشتملت على اليأس القلوب = وضاق بما به الصدر الرحيب
وأوطَنِت المكاره واطمأنت = وأرست في أماكنها الخطوب
ولم تر لانكشاف الضرّ وجهاً = ولا أغنى بحيلته الأريب
أتاك على قنوط منك غوث = يمن به القريب المستجيب
وكل الحادثات إذا تناهت = فموصول بها الفرج القريب
ومِن شِعره :
فلا تصحب أخا الجهل = وإيـــاك وإيـــاهُ
فكم من جاهل أردى = حليما حين آخاهُ
يقاس المرء بالمرء = إذا ما المرء ما شاهُ
وللشيء على الشيء = مقاييس وأشباه
وللقلب على القلب = دليل حين يلقاه
وقوله رضي الله عنه :
حقيق بالتواضع من يموت = ويكفى المرء من دنياه قوت
فما للمرء يصبح ذا هموم = وحرص ليس تدركه النعوت
صنيع ُمَلِيكِنا حَسَنٌ جميل = وما أرزاقه عنّـا تفوت
فيا هذا سترحل عن قليل = إلى قوم كلامهم السكوت
زوجاته رضي الله عنه :
- سيدة نساء العالمين فاطمة بنت محمد صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنها .
وولدت له الحسن والحسين ، ويُقال : ومُحسناً ، ويُقال : مات وهو صغير .
وولدت له من البنات : زينب الكبرى ، وأم كلثوم الكبرى ، وهي التي تزوجها عمر رضي الله عنه .
ولم يتزوّج علي رضي الله عنه على فاطمة رضي الله عنها حتى ماتت بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم بستة أشهر .
ومن زوجاته :
- أم البنين بنت حزام .
وولدت له العباس وجعفراً وعبد الله وعثمان ، وقد قُتل هؤلاء مع أخيهم الحسين بكر بلاء ولا عقب لهم سوى العباس .
ومنهن :
- ليلى بنت مسعود بن خالد بن مالك من بني تميم ، فولدت له عبيد الله وأبا بكر . قال هشام بن الكلبي : وقد قتلا بكربلاء أيضا .
ومنهن :
- أسماء بنت عميس الخثعمية فولدت له يحيى ومحمداً الاصغر ، قاله الكلبي ، وقال الواقدي : ولدت له يحيى وعوناً .
قال الواقدي : فأما محمد الأصغر فمن أم ولد .
ومنهن :
- أم حبيبة بنت زمعة بن بحر بن العبد بن علقمة ، وهي أم ولد من السبي الذين سباهم خالد من بني تغلب حين أغار على عين التمر ، فولدت له عمر وقد عُمِّر خمسا وثمانين سنة ، ورقية .
ومنهن :
- أم سعيد بنت عروة بن مسعود بن مغيث بن مالك الثقفي ، فولدت له أم الحسن ، ورملة الكبرى .
ومنهن :
- ابنة امرئ القيس بن عدي بن أوس الكلبية ، فولدت له جارية ، فكانت تخرج مع علي إلى المسجد وهي صغيرة ، فيُقال لها : من أخوالك ؟ فتقول : وه وه ! تعني بني كلب .
ومنهن :
أمامه بنت أبي العاص بن الربيع بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي ، وأمها زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهي التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحملها وهو في الصلاة إذا قام حملها ، وإذا سجد وضعها ، فولدت له محمداً الأوسط .
وأما ابنه محمد الأكبر فهو ابن الحنفية وهي :
- خولة بنت جعفر بن قيس ، من بني حنيفة ، سباها خالد أيام الصديق أيام الردة من بني حنيفة ، فصارت لعلي بن أبي طالب ، فولدت له محمداً هذا ، ومن الشيعة من يدّعي فيه الإمامة والعصمة ، وقد كان من سادات المسلمين ولكن ليس بمعصوم ، ولا أبوه معصوم ، بل ولا من هو أفضل من أبيه من الخلفاء الراشدين قبله ليسوا بواجبي العصمة ، كما هو مقرر في موضعه والله اعلم . قاله ابن كثير في البداية والنهاية .

وقال أيضا :
وقد كان لعلى أولاد كثيرة آخرون من أمهات أولاد شتى ، فإنه مات عن أربع نسوة وتسع عشرة سُرِّية رضى الله عنه ، فمن أولاده رضي الله عنهم مما لا يعرف أسماء أمهاتهم أم هانئ وميمونة وزينب الصغرى ورملة الكبرى وأم كلثوم الصغرى وفاطمة وأمامة وخديجة وأم الكرام وأم جعفر وأم سلمة وجمانة . اهـ .

سبب تكنيته بأبي تراب :
كنّاه رسول الله صلى الله عليه وسلم بأبي تُراب .
روى البخاري ومسلم عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال : استُعمل على المدينة رجل من آل مروان ، فدعا سهل بن سعد فأمره أن يشتم علياً . فأبى سهل . فقال له : أما إذ أبيت فقل : لعن الله أبا التراب ! فقال سهل : ما كان لعليّ اسم أحب إليه من أبي التراب ، وإن كان ليفرح إذا دُعي بها . فقال له : أخبرنا عن قصته لم سُمي أبا تراب ؟ قال : جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بيت فاطمة ، فلم يجد علياً في البيت ، فقال : أين ابن عمك ؟ فقالت : كان بيني وبينه شيء فغاضبني فخرج ، فلم يَقِلْ عندي . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لإنسان : أنظر أين هو ؟ فجاء فقال : يا رسول الله هو في المسجد راقد . فجاءه رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مضطجع ، قد سقط رداؤه عن شقه ، فأصابه تراب ، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسحه عنه ويقول : قم أبا التراب . قم أبا التراب .

وفي هذا الحديث رد على الرافضة الذين يقولون : إن الله غضب على أبي بكر عندما أغضب فاطمة
ويستدلون بحديث : فاطمة بضعة مني فمن أغضبها أغضبني . رواه البخاري .
وسبب ورود هذا الحديث ما رواه البخاري ومسلم عن المسور بن مخرمة رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم على المنبر وهو يقول : إن بني هشام بن المغيرة استأذنوني أن يُنكحوا ابنتهم علي بن أبي طالب ، فلا آذن لهم ، ثم لا آذن لهم ، ثم لا آذن لهم ، إلا أن يُحب ابن أبي طالب أن يُطلق ابنتي وينكح ابنتهم ، فإنما ابنتي بضعة مني يريبني ما رابها ، ويؤذيني ما آذاها .

وفي رواية في الصحيحين أن علي بن أبي طالب خطب بنت أبي جهل على فاطمة قال : فسمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يخطب الناس في ذلك على منبره هذا وأنا يومئذ محتلم فقال : إن فاطمة مني وأني أتخوف أن تفتن في دينها . قال : ثم ذكر صهرا له من بني عبد شمس فأثنى عليه في مصاهرته إياه فأحسن . قال : حدثني فصدقني ووعدني فأوفي لي ، وأني لست احرم حلالا ولا أحل حراما ، ولكن والله لا تجتمع بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وبنت عدو الله مكانا واحدا أبدا .

فتبيّن أن المقصود بإغضاب فاطمة رضي الله عنها ما كان بحق ، أو ما كان عن طريق الزواج عليها
قال ابن حجر رحمه الله : والسبب فيه ما تقدم في المناقب أنها كانت أصيبت بأمها ثم بأخواتها واحدة بعد واحدة ، فلم يبق لها من تستأنس به ممن يخفف عليها الأمر ممن تفضي إليه بسرها إذا حصلت لها الغيرة .

وسيأتي – إن شاء الله - في ترجمة فاطمة رضي الله عنها زيادة بيان وتوضيح .

مما لم يصحّ فيما ذُكر في سيرته رضي الله عنه مما اشتهر :
حديث : أنا مدينة العلم ، وعليّ بابها . فإنه حديث موضوع .
ومثله حبس الشمس لعليّ رضي الله عنه . فإنه خبر موضوع مكذوب .
ومثل ذلك حديث : النظر إلى عليّ عبادة !
وقصة اقتلاع باب حصن خيبر ، ومقاتلته بالباب ، وأنه اجتمع عليه بعد ذلك سبعون رجلاً فما استطاعوا إعادته .
فهذا الخبر لا يصح ولا يثبت .
وحديث الطير ، أن النبي صلى الله عليه وسلم أُتي بطير فقال : اللهم ائتني بأحب خلقك إليك يأكل معي هذا الطير . وهو حديث ضعيف .
وأنه رضي الله عنه تصدّق بخاتمه وهو راكع !
وتزعم الرافضة أن الله أحيا أبا طالب فأسلم ، ثم أماته !
وكل ذلك من الغلو في حق أمير المؤمنين الذي لا يرضاه رضي الله عنه .

ويكفي عليّ رضي الله عنه ما ثبت مِن سيرته ، وما صحّ من خصائصه .

وفاته رضي الله عنه :
قُتِل رضي الله عنه في ليلة السابع عشر من شهر رمضان سنة أربعين من الهجرة .
قَتَلَه عبد الرحمن بن مُلجَم المرادي
قال ابن حجر في ترجمة ابن ملجم : من كبار الخوارج ، وهو أشقى هذه الأمة بالنص الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم بقتل علي بن أبي طالب ، فقتله أولاد عليّ ، وذلك في شهر رمضان سنة أربع وأربعين .
قال النبي صلى الله عليه وسلم قال لعلى رضى الله عنه : أشقى الناس الذي عقر الناقة ، والذي يضربك على هذا - ووضع يده على رأسه - حتى يخضب هذه يعنى لحيته . رواه الإمام أحمد وغيره ، وصححه الألباني .

وكانت مدة خلافته خمس سنين إلا ثلاثة أشهر ونصف شهر .

فرضي الله عن أمير المؤمنين الإمام الشهيد علي بن أبي طالب وأرضاه .
وجمعنا به في دار كرامته .

اللهم ارض عن أبي الحسن وأرضه .

اللهم إني أحببت عبدك ووليك هذا فاجمعنا به في دار كرامتك وبحبوحة جنتك

أبو إلياس 08-03-2008 02:24 PM

...........

أبو إلياس 08-03-2008 02:25 PM

أبو عبيدة بن الجراح
 
أبو عبيدة بن الجراح

إنه الصحابي الجليل أبو عبيدة عامر بن عبد الله بن الجراح -رضي الله عنه-، أحد العشرة المبشرين بالجنة، وكان من أحب الناس إلى الرسول (، فقد سئلت عائشة -رضي الله عنها-: أي أصحاب رسول الله ( كان أحب إليه؟ قالت: أبو بكر. قيل: ثم من؟ قالت: عمر. قيل ثم من؟ قالت: أبو عبيدة بن الجراح.
[الترمذي وابن ماجة]. وسماه رسول الله ( أمين الناس والأمة؛ حيث قال: "لكل أمة أمين، وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح" [البخاري].
ولما جاء وفد نجران من اليمن إلى الرسول (، طلبوا منه أن يرسل معهم رجلا أمينا يعلمهم، فقال لهم: "لأبعثن معكم رجلا أمينا، حق أمين"، فتمنى كل واحد من الصحابة أن يكون هو، ولكن النبي ( اختار أبا عبيدة، فقال: "قم يا أبا عبيدة" [البخاري].
وقد هاجر أبو عبيدة إلى الحبشة ثم إلى المدينة، وفي المدينة آخى الرسول ( بينه وبين سعد بن معاذ -رضي الله عنهما-.
ولم يتخلف أبو عبيدة عن غزوة غزاها النبي (، وكانت له مواقف عظيمة في البطولة والتضحية، ففي غزوة بدر رأى أبو عبيدة أباه في صفوف المشركين فابتعد عنه، بينما أصر أبوه على قتله، فلم يجد الابن مهربًا من التصدي لأبيه، وتقابل السيفان، فوقع الأب المشرك قتيلا، بيد ابنه الذي آثر حب الله ورسوله على حب أبيه، فنزل قوله تعالى: (لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم وأيديهم بروح منه ويدخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها رضي الله عنهم ورضوا عنه أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون) [المجادلة: 22].
وفي غزوة أحد، نزع الحلقتين اللتين دخلتا من المغفر (غطاء الرأس من الحديد وله طرفان مدببان) في وجه النبي ( من ضربة أصابته، فانقلعت ثنيتاه، فحسن ثغره بذهابهما. [الحاكم وابن سعد].
وكان أبو عبيدة على خبرة كبيرة بفنون الحرب، وحيل القتل لذا جعله الرسول ( قائدًا على كثير من السرايا، وقد حدث أن بعثه النبي) أميرًا على سرية سيف البحر، وكانوا ثلاثمائة رجل فقل ما معهم من طعام، فكان نصيب الواحد منهم تمرة في اليوم ثم اتجهوا إلى البحر، فوجدوا الأمواج قد ألقت حوتًا عظيمًا، يقال له العنبر، فقال أبو عبيدة: ميتة، ثم قال: لا، نحن رسل رسول الله وفي سبيل الله، فكلوا، فأكلوا منه ثمانية عشر يومًا. [متفق عليه].
وقال عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- لجلسائه يومًا: تمنوا. فقال أحدهم: أتمنى أن يكون ملء هذا البيت دراهم، فأنفقها في سبيل الله. فقال: تمنوا. فقال آخر: أتمنى أن يكون ملء هذا البيت ذهبًا، فأنفقه في سبيل الله. فقال عمر: لكني أتمنى أن يكون ملء هذا البيت رجالاً من أمثال أبي عبيدة بن الجراح، ومعاذ بن جبل، وحذيفة بن اليمان، فأستعلمهم في طاعة الله. [البخاري].
وكان عمر يعرف قدره، فجعله من الستة الذين استخلفهم، كي يختار منهم أمير المؤمنين بعد موته.
وكان أبو عبيدة -رضي الله عنه- كثير العبادة يعيش حياة القناعة والزهد، وقد دخل عليه عمر -رضي الله عنه- وهو أمير على الشام، فلم يجد في بيته إلا سيفه وترسه ورحله، فقال له عمر: لو اتخذت متاعًا (أو قال: شيئًا) فقال أبو عبيدة:
يا أمير المؤمنين، إن هذا سيبلِّغنا المقيل (سيكفينا). [عبد الرازق وأبو نعيم].
وقد أرسل إليه عمر أربعمائة دينار مع غلامه، وقال للغلام: اذهب بها إلى أبي عبيدة بن الجراح -رضي الله عنه- ثم انتظر في البيت ساعة حتى ترى ما يصنع، فذهب بها الغلام إليه، فقال لأبي عبيدة: يقول لك أمير المؤمنين: اجعل هذه في بعض حاجتك. فقال أبو عبيدة: وصله الله ورحمه، ثم قال: تعالي يا جارية، اذهبي بهذه السبعة إلى فلان، وبهذه الخمسة إلى فلان، وبهذه الخمسة إلى فلان حتى أنفذها. [ابن سعد].
وكان يقول: ألا رب مبيض لثيابه، مدنس لدينه، ألا رب مكرم لنفسه وهو لها مهين! بادروا السيئات القديمات بالحسنات الحديثات. [أبو نعيم وابن عبد البر].
وفي سنة (18) هـ أرسل عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- جيشًا إلى الأردن بقيادة أبي عبيدة بن الجراح، ونزل الجيش في عمواس بالأردن، فانتشر بها مرض الطاعون أثناء وجود الجيش وعلم بذلك عمر، فكتب إلى أبي عبيدة يقول له: إنه قد عرضت لي حاجة، ولا غني بي عنك فيها، فعجل إلي.
فلما قرأ أبو عبيدة الكتاب عرف أن أمير المؤمنين يريد إنقاذه من الطاعون، فتذكر قول النبي (: "الطاعون شهادة لكل مسلم" [متفق عليه]. فكتب إلى عمر يقول له: إني قد عرفت حاجتك فحللني من عزيمتك، فإني في جند من أجناد المسلمين، لا أرغب بنفسي عنهم. فلما قرأ عمر الكتاب، بكى، فقيل له: مات أبو عبيدة؟! قال: لا، وكأن قد (أي: وكأنه مات). [الحاكم].
فكتب أمير المؤمنين إليه مرة ثانية يأمره بأن يخرج من عمواس إلى منطقة الجابية حتى لا يهلك الجيش كله، فذهب أبو عبيدة بالجيش حيث أمره أمير المؤمنين، ومرض بالطاعون، فأوصى بإمارة الجيش إلى معاذ بن جبل، ثم توفي -رضي الله عنه- وعمره (58) سنة، وصلى عليه معاذ بن جبل، ودفن ببيسان بالشام. وقد روي أبو عبيدة -رضي الله عنه- أربعة عشر حديثًا عن النبي


فرضي عن أبي عبيدة بن الجراح و حشرنا و اياه مع الحبيب المصطفى صلوات ربي و سلامه عليه

أبو إلياس 12-03-2008 03:53 AM

طلحة بن عبيد الله
 
طلحة بن عبيد الله


عن أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت: اني لفي داري ورسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه بالفناء وبيني وبينهم الستر اذ أقبل طلحة بن عبيد الله.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من سره أن ينظر الى رجل يمشي على الأرض وقد قضى نحبه (أي استشهد في سبيل الله) فلينظر الى طلحة”.
ولا عجب في ذلك. فطلحة بن عبيد الله بن عثمان بن عمرو بن كعب بن تميم بن كعب يلتقي نسبه بالنبي صلى الله عليه وسلم في مرة بن كعب ومع أبي بكر الصديق في كعب بن سعد.
وهو من سادات قريش، ومن السابقين الى الاسلام والمنفقين في سبيل الله والمدافعين عن رسوله صلى الله عليه وسلم. وأيضاً من شهدائه الأبرار الذي صدقوا ماعاهدوا الله عليه.
وقد سماه النبي في يوم أحد طلحة الخير وفي غزوة القشيرة طلحة الفياض وفي يوم حنين طلحة الجواد.

راهب بصري

وقصة اسلامه تتشابه مع قصص كثير من السابقين الى الاسلام الذين جاءتهم الاشارات والبشارات سواء في الرؤى المنامية أو في حال اليقظة. يقول طلحة عن اسلامه:
حضرت سوق بصرى، فاذا أنا براهب في صومعته يقول: سلوا أهل هذا الموسم أفيهم أحد من الحرم؟ (أي من مكة)، فقلت: نعم: فقال: هل ظهر أحمد بعد ؟ فقلت:
ومن أحمد؟ قال الراهب: ابن عبد الله بن عبد المطلب. هذا شهره الذي يخرج فيه. وهو آخر الأنبياء. ومخرجه من الحرم ومهاجره الى نخل وحَرة وسياج.
فاياك أن تُسبق اليه. فوقع في قلبي ما قال. فخرجت سريعا حتى قدمت مكة. فقلت: هل كان من حدث؟ قالوا: نعم. محمد بن عبد الله الأمين قد تنبأ.
وقد تبعه ابن أبي قحافة أي أبو بكر الصديق رضي الله عنه فحدثتني نفسي: محمد وأبو بكر. والله لا يجتمع الاثنان على ضلالة أبداً.
لقد بلغ محمد الأربعين من عمره وما جربنا عليه كذبا. وانه ما كان ليترك الكذب على الناس ويكذب على الله. فخرجت حتى وقفت على أبي بكر فقلت:
اتبعت هذا الرجل؟ قال: نعم. فانطلق اليه فادخل عليه فاتبعه فإنه يدعو الى الحق. فأخبره طلحة بما قال الراهب.
فخرج به أبو بكر حتى دخل به على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلم طلحة وأخبر النبي بقصة الراهب.
وكما حدث مع غيره من السابقين للاسلام تعرض طلحة للأذى من أجل أن يترك هذا الدين وتعذب. ولكنه تحمل العذاب حتى يئس منه المشركون.
فقد بلغ خبر اسلام أبي بكر وطلحة الى نوفل بن خويلد وكان من سادات قريش فأخذهما نوفل وشدهما في حبل واحد. ولذلك سمي الاثنان بالقرينين لاقترانهما في حبل واحد.
واشترك معهما في التعرض للتعذيب الزبير بن العوام الذي ظل بعد ذلك هو وطلحة في تلازم وصحبة وسباق في عمل الخير وفي الدفاع عن الاسلام ونبي الاسلام
والانفاق في سبيل الله حتى ان علياً بن أبي طالب كرم الله وجهه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “طلحة والزبير جاراي في الجنة”. وأنعم به من جوار.

يوم طلحة

وهاجر طلحة بدينه الى المدينة المنورة وشهد مع النبي صلى الله عليه وسلم الوقائع كلها الا موقعة بدر: فقد بعثه النبي هو وسعيد بن زيد قبل خروجه من المدينة بعشر ليال يتحسسان
خبر العير القافلة التي كانت لقريش مع أبي سفيان بن حرب، فخرجا حتى بلغا الحوراء، فظلا بها حتى مرت بهما العير، فانطلقا حتى يبلغا رسول الله صلى الله عليه وسلم، غير أن
النبي كان قد علم بأمر العير قبل وصولهما فتجهز وخرج بالمسلمين لمواجهة المشركين، فلما علما بخروج النبي عادا ليلحقا به فلقياه وهو منصرف من بدر وقد نصره الله على الكفار.
فلم تتح لهما فرصة الاشتراك في غزوة بدر. غير أن النبي صلى الله عليه وسلم قدر لهما ما قاما به فضرب بسهامهما وأجورهما في غزوة بدر فكانا كمن شهدها.
غير أن البطولة الأكبر من طلحة قد تجلت في غزوة أحد فقد برزت في ذلك اليوم قوة ايمان طلحة بن عبيد الله وشجاعته وصموده أمام هول الكفار وثباته يوم عز الثبات،
ووفاؤه للنبي صلى الله عليه وسلم وتضحيته بنفسه في سبيل نجاة الرسول عليه الصلاة والسلام حيث رأى طلحة أن النبي عليه الصلاة والسلام هدف لأعداء الاسلام فلزم جانبه يفديه بنفسه.
ولقد كان دوره في هذه الغزوة سببا في أن يطلق على هذا اليوم: يوم طلحة وأن يلقب طلحة بلقب: الشهيد الحي وأن يسميه النبي صلى الله عليه وسلم: طلحة الخير.
فحين انهزم المسلمون عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يبق معه غير أحد عشر رجلا من الأنصار وطلحة بن عبيد الله من المهاجرين. كان النبي يصعد الجبل هو ومن معه.
فلحقت به عصبة من المشركين تريد قتله. فقال عليه الصلاة والسلام: “من يرد عني هؤلاء هو رفيقي في الجنة؟” فقال طلحة: “أنا يا رسول الله”.
فقال عليه الصلاة والسلام “لا.مكانك” فقال رجل من الأنصار: “أنا يا رسول الله”. فقال النبى: “نعم أنت” فقاتل الأنصاري حتى قتل.
ثم صعد الرسول عليه الصلاة والسلام بمن معه فلحقه المشركون. فقال النبي “ألا رجل لهؤلاء؟” فقال طلحة: أنا يا رسول الله. فقال صلى الله عليه وسلم:”لا. مكانك”.
فقال رجل من الأنصار: “أنا يا رسول الله”. فقال: “نعم أنت” فقاتل الأنصاري حتى قتل وتابع النبي صعوده والمشركون في أثره ومازال النبي يأذن للأنصار في القتال
حتى استشهدوا واحدا في اثر واحد ولم يبق سوى طلحة. ولحق المشركون بالنبي فقال طلحة: “الآن نعم”. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد تعرض لأذى كثير.
فقد كسرت رباعيته وشج جبينه وجرحت شفته وسال الدم على وجهه وأصابه الاعياء وثقلت حركته اذ كان يتشح بدرعين، فجعل طلحة يكر على المشركين حتى يدفعهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
ثم ينقلب الى النبي صلى الله عليه وسلم فيرقى به قليلا في الجبل.ثم يسنده الى الأرض ويكر على المشركين من جديد. ومازال كذلك حتى صدهم عنه.
قال أبو بكر رضي الله عنه: كنت آنئذ أنا وأبو عبيدة بن الجراح بعيدين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. فلما أقبلنا عليه نريد اسعافه قال: “اتركاني وانصرفا الى صاحبكما”
يعني طلحة، فاذا هو تنزف دماؤه وفيه بضع وسبعون ضربة بسيف أو طعنة برمح أو رمية بسهم. واذا هو قد قطعت كفه وسقط في حفرة مغشياً عليه. فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول بعد ذلك:
“من سره أن ينظر الى رجل يمشي على الأرض وقد قضى نحبه فلينظر الى طلحة بن عبيد الله”.

عطاء بلا حدود

وظل طلحة بن عبيد الله على عهده مع خلفاء النبي صلى الله عليه وسلم. وفي خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه استشار عمر الناس في الزحف لقتال الفرس الذين اجتمعوا في نهاوند
لقتال المسلمين واجهاض دعوة الاسلام. وكان طلحة بن عبيد الله من الخطباء المبرزين فقام فتشهد وحمد الله وأثنى عليه ثم قال: “أما بعد يا أمير المؤمنين قد أحكمتك الأمور وعجنتك
البلايا وأحنكتك التجارب فأنت وشأنك وأنت ورأيك. واليك هذا الأمر فمرنا نطع وادعنا نجب واحملنا نركب وقدنا ننقد فإنك ولي هذا الأمر وقد بلوت واختبرت فلم ينكشف لك عن شيء
من عواقب قضاء الله عز وجل الا عن خيار”. وقد كتب الله النصر للمسلمين بفضل المشورة الصادقة والطاعة الملتزمة وروح الفداء والانفاق في سبيل الله من أمثال طلحة بن عبيد الله.
وبقدر ما كان طلحة جواداً بنفسه في سبيل الله والدفاع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان جوادا بماله. فقد رزقه الله رزقا حسناً ووسع له في تجارته.
وكان رضي الله عنه سخياً محباً لفعل الخير معدودا من أجواد قريش وكرمائها، فكان لا يدع أحداً من بني تميم أهله الا كفاه مؤونته ومؤونة عياله وزوج أيامهم وأخدم عائلهم وقضى دين غارمهم.
وكلما اتسعت تجارته اتسع قلبه لفعل الخير وكثر عطاؤه في سبيل الله.
يقول قبيصة بن جابر: “ما رأيت أحداً أعطى لجزيل مال من غير مسألة من طلحة بن عبيد الله”. ويروي ابن سعد في طبقاته أن طلحة باع أرضا له الى عثمان بن عفان بسبعمائة ألف.
فحملها اليه. فلما جاء بها قال طلحة: “ان رجلاً تبيت هذه عنده في بيته لا يدري ما يطرقه من أمر الله العزيز”، فبات ورسله تختلف بها في سلك المدينة يوزعونها على الفقراء حتى أسحر وما عنده منها درهم.
وتروي عنه زوجته سعدى بنت عوف:دخل على طلحة يوماً فقلت:ما شأنك؟ قال:المال الذي عندي قد كثر وأكربنى.فقلت:وما عليك؟ اقسمه (أي وزعه على الفقراء) فقسمه حتى ما بقي عندهم درهم.
وبسبب هذه الخصال الكريمة وذلك الجهاد بالنفس والمال والحب لله ورسول الله أحبه الله ورسوله. فعن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لطلحة:
“أنت في حفظ الله ونظره حتى تلحق به”. وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لطلحة بن عبيد الله: “أبشر يا أبا محمد. ان الله قد غفر لك من ذنبك ما تقدم وما تأخر. وقد أثبت اسمك في ديوان المقربين”.

في موقعة الجمل

وقد كان طلحة بن عبيد الله أحد العشرة المبشرين بالجنة وأحد الستة أولي الرأي الذين أوكل اليهم أمير المؤمنين عمر بن الخطاب أمر المسلمين من بعده. وهم الذين اختاروا عثمان بن عفان وبايعوه.
وكان من المطالبين بثأر عثمان بن عفان رضي الله عنه. وفي موقعة الجمل وعندما تراءى الجيشان نادى علي طلحة مثلما فعل مع الزبير وقال: يا أبا محمد. ما الذي أخرجك؟ فقال: الطلب بدم عثمان.
قال علي: قتل الله أولادنا بدم عثمان. أما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “اللهم وال من والاه وعاد من عاداه” وأنت أول من بايعني ثم نكثت وقد قال الله عز وجل:
“ومن نكث فانما ينكث على نفسه” فلما سمع طلحة هذا قال: أستغفر الله. وخرج من المعركة. فرآه مروان بن الحكم راجعا فرماه بسهم فمات بعدها. ويروى أنه عندما أصيب قال لغلامه:
أردفني وأبلغني مكاناً أنزل فيه. وقيل انه اجتاز به رجلا من أصحاب علي فقال له: أنت من أصحاب أمير المؤمنين؟ قال: نعم.قال: امدد يدك أبايعك له. فبايعه. ولما قضى دفن في بني سعد.

طالبة العفو من الله 12-03-2008 12:42 PM

ماشاء الله أخي أبو إلياس موضوع مميز بحق ورائع مجهود ربنا يجعله في ميزان حسناتك ..

فكم نحتاج ويحتاج أبنائنا ان نعلم ويعلموا سير أعلام الإسلام فبارك الله فيك وسدد خطاك

أبو إلياس 13-03-2008 02:37 PM

الزبير بن العوام
 
الزبير بن العوام


يلتقي نسبه مع الرسول -صلى الله عليه وسلم-في (قصي بن كلاب)... كما أن أمه (صفية) عمة رسول الله، وزوجته أسماء بنت أبي بكر ذات النطاقين، كان رفيع الخصال عظيم الشمائل، يدير تجارة ناجحة وثراؤه عريضا لكنه أنفقه في الإسلام حتى مات مدينا...

الزبير وطلحة


يرتبط ذكر الزبيـر دوما مع طلحة بن عبيد الله، فهما الاثنان متشابهان في النشأة والثراء والسخاء والشجاعة وقوة الدين، وحتى مصيرهما كان متشابها فهما من العشرة المبشرين بالجنة وآخى بينهما الرسول -صلى الله عليه وسلم-، ويجتمعان بالنسب والقرابة معه.
وتحدث عنهما الرسول قائلا: (طلحة والزبيـر جاراي في الجنة)، و كانا من أصحاب الشورى الستة الذين اختارهم عمر بن الخطاب لإختيار خليفته ...

أول سيف شهر في الإسلام

أسلم الزبير بن العوام وعمره خمس عشرة سنة، وكان من السبعة الأوائل الذين سارعوا بالإسلام، وقد كان فارسا مقداما، وإن سيفه هو أول سيف شهر بالإسلام، ففي أيام الإسلام الأولى سرت شائعة بأن الرسول الكريم قد قتل، فما كان من الزبير إلا أن استل سيفه وامتشقه، وسار في شوارع مكة كالإعصار، وفي أعلى مكة لقيه الرسول -صلى الله عليه وسلم- فسأله ماذا به؟... فأخبره النبأ... فصلى عليه الرسول ودعا له بالخير ولسيفه بالغلب

إيمانه وصبره

كان للزبير -رضي الله عنه- نصيبا من العذاب على يد عمه، فقد كان يلفه في حصير ويدخن عليه بالنار كي تزهق أنفاسه، ويناديه: (اكفر برب محمد أدرأ عنك هذا العذاب)... فيجيب الفتى الغض: (لا والله، لا أعود للكفر أبدا)... ويهاجر الزبير الى الحبشة الهجرتين، ثم يعود ليشهد المشاهد كلها مع الرسول -صلى الله عليه وسلم-...

غزوة أحد

في غزوة أحد وبعد أن انقلب جيش قريش راجعا الى مكة، ندب الرسول -صلى الله عليه وسلم- الزبير وأبوبكر لتعقب جيش المشركين ومطاردته، فقاد أبوبكر والزبير -رضي الله عنهما- سبعين من المسلمين قيادة ذكية، أبرزا فيها قوة جيش المسلمين، حتى أن قريش ظنت أنهم مقدمة لجيش الرسول القادم لمطاردتهم فأسرعوا خطاهم لمكة هاربين...

بنو قريظة

وفي يوم الخندق قال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (مَنْ رجلُ يأتينا بخبر بني قريظة؟)... فقال الزبير: (أنا)... فذهب، ثم قالها الثانية فقال الزبير: (أنا)... فذهب، ثم قالها الثالثة فقال الزبيـر: (أنا)... فذهب، فقال النبـي -صلى الله عليه وسلم-: (لكل نبيّ حَوَارِيٌّ، والزبيـر حَوَاريَّ وابن عمتي)...

وحين طال حصار بني قريظة دون أن يستسلموا للرسول - صلى الله عليه وسلم -، أرسل الرسول الزبيـر وعلي بن أبي طالب فوقفا أمام الحصن يرددان:(والله لنذوقن ماذاق حمزة، أو لنفتحن عليهم حصنهم)... ثم ألقيا بنفسيهما داخل الحصن وبقوة أعصابهما أحكما وأنزلا الرعب في أفئدة المتحصـنين داخله وفتحا للمسلمين أبوابه...


يوم حنين

وفي يوم حنين أبصر الزبيـر (مالك بن عوف) زعيم هوازن وقائد جيوش الشرك في تلك الغزوة، أبصره واقفا وسط فيلق من أصحابه وجيشه المنهزم، فاقتحم حشدهم وحده، وشتت شملهم وأزاحهم عن المكمن الذي كانوا يتربصون فيه ببعض المسلمين العائدين من المعركة...

حبه للشهادة


كان الزبير بن العوام شديد الولع بالشهادة، فهاهو يقول: (إن طلحة بن عبيد الله يسمي بنيه بأسماء الأنبياء، وقد علم ألا نبي بعد محمد، وإني لأسمي بنيّ بأسماء الشهداء لعلهم يستشهدون)...
وهكذا سمى ولده عبد الله تيمنا بالشهيد عبد الله بن جحش
وسمى ولـده المنـذر تيمنا بالشهيد المنـذر بن عمـرو
وسمى ولـده عـروة تيمنا بالشهيد عـروة بن عمـرو
وسمى ولـده حمـزة تيمنا بالشهيد حمزة بن عبد المطلب
وسمى ولـده جعفـراً تيمنا بالشهيد جعفر بن أبي طالب
وسمى ولـده مصعبا تيمنا بالشهيد مصعب بن عميـر
وسمى ولـده خالـدا تيمنا بالشهيد خالـد بن سعيـد
وهكذا أسماهم راجيا أن ينالوا الشهادة في يوم ما...

وصيته

كان توكله على الله منطلق جوده وشجاعته وفدائيته، وحين كان يجود بروحه أوصى ولده عبد الله بقضاء ديونه قائلا: (إذا أعجزك دين، فاستعن بمولاي)... وسأله عبد الله: (أي مولى تعني؟)... فأجابه: (الله، نعم المولى ونعم النصير)... يقول عبدالله فيما بعد: (فوالله ما وقعت في كربة من دينه إلا قلت: يا مولى الزبير اقضي دينه، فيقضيه)...

موقعة الجمل


بعد استشهاد عثمان بن عفان أتم المبايعة الزبير و طلحة لعلي -رضي الله عنهم جميعا- وخرجوا الى مكة معتمرين، ومن هناك الى البصرة للأخذ بثأر عثمان، وكانت (وقعة الجمل) عام 36 هجري ... طلحة والزبير في فريق وعلي في الفريق الآخر، وانهمرت دموع علي -رضي الله عنه- عندما رأى أم المؤمنين (عائشة) في هودجها بأرض المعركة، وصاح بطلحة: (يا طلحة، أجئت بعرس رسول الله تقاتل بها، وخبأت عرسك في البيت؟).
ثم قال للزبير: (يا زبير: نشدتك الله، أتذكر يوم مر بك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ونحن بمكان كذا، فقال لك: يا زبير، الا تحب عليا؟؟0فقلت: ألا أحب ابن خالي، وابن عمي، ومن هو على ديني؟؟... فقال لك: يا زبير، أما والله لتقاتلنه وأنت له ظالم)... فقال الزبير: (نعم أذكر الآن، وكنت قد نسيته، والله لا أقاتلك)...

وأقلع طلحة والزبير -رضي الله عنهما- عن الاشتراك في هذه الحرب، ولكن دفعا حياتهما ثمنا لانسحابهما، و لكن لقيا ربهما قريرة أعينهما بما قررا فالزبير تعقبه رجل اسمه عمرو بن جرموز وقتله غدرا وهو يصلي، وطلحة رماه مروان بن الحكم بسهم أودى بحياته ...


الشهادة


لمّا كان الزبير بوادي السباع نزل يصلي فأتاه ابن جرموز من خلفه فقتله و سارع قاتل الزبير الى علي يبشره بعدوانه على الزبير ويضع سيفه الذي استلبه بين يديه، لكن عليا صاح حين علم أن بالباب قاتل الزبير يستأذن وأمر بطرده قائلا: (بشر قاتل ابن صفية بالنار)... وحين أدخلوا عليه سيف الزبير قبله الإمام وأمعن في البكاء وهو يقول: (سيف طالما والله جلا به صاحبه الكرب عن رسول الله)...
وبعد أن انتهى علي -رضي الله عنه- من دفنهما ودعهما بكلمات انهاها قائلا: (اني لأرجو أن أكون أنا وطلحـة والزبيـر وعثمان من الذين قال الله فيهم: (ونزعنا ما في صدورهم من غل اخوانا على سرر متقابلين)... ثم نظر الى قبريهما وقال: (سمعت أذناي هاتان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: (طلحة و الزبير، جاراي في الجنة)...

أبو إلياس 13-03-2008 02:38 PM

جزاك الله خيرا أختي طالبة العفو من الله على ردك الطيب ، و تشجيعك و أسأل الله أن يبارك فيك و ينفعك و ينفك بك

أبو إلياس 15-03-2008 04:10 PM

سعيد بن زيد القرشي

سعيد بن زيد القرشي 22 ق هـ -51 هـ هو سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل العدوي القرشي. يكني أبا الأعورمن خيار الصحابة ولد بمكة عام22 قبل الهجرة صحابي جليل وهو ابن عم عمر بن الخطاب وزوج أخته فاطمة بنت الخطاب وكان عمر متزوجاً من أخته عاتكة بنت زيد أسلم هو وزوجته فاطمة قبل دخول النبي صلى الله عليه وسلم دار الأرقم للدعوة و أسلم عمر بن الخطاب على يديهما بعد أن استمع منه إلى الآيات الأولى من سورة طه وهاجر الى المدينـة شهد المشاهد كلها إلا بدرا لقيامه مع طلحة بتجسس خبر العير وهو أحد العشرة المبشرين بالجنة كان من السابقين الى الإسلام هو وزوجته أم جميل فاطمة بنت الخطـاب وكان من ذوي الرأي والبسالة وشهد اليرموك وفتح دمشق وولاه أبو عبيدة دمشق نيابة عنه فكان أول من يتولى الإمارة بالنيابة وكان سعيد من المهاجرين الأولين آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بينه وبين أبي بن كعب كان رضي الله عنه مُجاب الدعوة وقصته مشهورة مع أروى بنت أوس فقد شكته الى مروان بن الحكم وادَّعت عليه أنّه غصب شيئاً من دارها فقال اللهم إن كانت كاذبة فاعْمِ بصرها واقتلها في دارها فعميت ثم تردّت في بئر دارها فكانت منيّتُها كان موصوفاً بالزهد محترماً عند الوُلاة ولمّا فتح أبو عبيدة بن الجراح دمشق ولاّه إيّاها ثم نهض مع مَنْ معه للجهاد فكتب إليه سعيد أما بعد فإني ما كنت لأُوثرَك وأصحابك بالجهاد على نفسي وعلى ما يُدْنيني من مرضاة ربّي وإذا جاءك كتابي فابعث إلى عملِكَ مَنْ هو أرغب إليه مني فإني قادم عليك وشيكاً إن شاء الله والسلام روى عن النبي صلى الله عليه وسلم ثمانية وأربعين حديثاً كتب معاوية إلى مروان بالمدينة يبايع لإبنه يزيد فقال رجل من أهل الشام لمروان ما يحبسُك قال مروان حتى يجيء سعيد بن زيد يبايع فإنه سيـد أهل البلد إذا بايع بايع الناس قال أفلا أذهب فآتيك به وجاء الشامـي وسعيد مع أُبيّ في الدار قال انطلق فبايع قال انطلق فسأجيء فأبايع فقال لتنطلقنَّ أو لأضربنّ عنقك قال تضرب عنقي فوالله إنك لتدعوني إلى قوم وأنا قاتلتهم على الإسلام فرجع إلى مروان فأخبره فقال له مروان اسكت وماتت أم المؤمنين زينب فأوصت أن يصلي عليها سعيد بن زيد فقال الشامي لمروان ما يحبسُك أن تصلي على أم المؤمنيـن قال مروان أنتظر الذي أردت أن تضرب عنقـه فإنها أوصت أن يُصلي عليها فقال الشامي أستغفر الله توفي بالمدينة سنة إحدى وخمسين للهجرة ودخل قبره سعد بن أبي الوقاص وعبد الله بن عمررضي الله عنهم أجمعين

أبو إلياس 18-03-2008 02:18 AM

عبد الله بن عمر
 
عبد الله بن عمر

عبد الله بن عمر عبد الله بن عمر ابن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى بن رياح بن قرط بن رزاح ، بن عدي ، بن كعب بن لؤي بن غالب ، الإمام القدوة شيخ الاسلام أبو عبد الرحمن القرشي العدوي المكي ، ثم المدني .
أسلم وهو صغير ، ثم هاجر مع أبيه لم يحتلم ، واستصغر يوم أحد ، فأول غزواته الخندق ، وهو ممن بايع تحت الشجرة ، وأمه و أم أم المؤمنين حفصة ، زينب بنت مظعون أخت عثمان بن مظعون الجمحي .
روى علما كثيرا نافعا عن النبي -صلى الله عليه وسلم- وعن أبيه ، وأبي بكر ، وعثمان ، وعلي ، وبلال ، وصهيب ، وعامر بن ربيعة ، وزيد بن ثابت ، وزيد عمه ، وسعد ، وابن مسعود ، وعثمان بن طلحة ، وأسلم ، وحفصة أخته ، وعائشة . وغيرهم .
روى عنه : آدم بن علي ، وأسلم مولى أبيه ، وإسماعيل بن عبد الرحمن بن أبي ذؤيب ، وأمية بن عبد الله الأموي ، وأنس بن سيرين ، وبسر بن سعيد ، وبشر بن حرب ، وبشر بن عائذ ، وبشر بن المحتفز ، وبكر المزني ، وبلال بن عبد الله ابنه ، وتميم بن عياض ، وثابت البناني ، وثابت بن عبيد ، وثابت بن محمد ، وثوير بن أبي فاختة ، وجبلة بن سحيم ، وجبير بن أبي سليمان ، وجبير بن نفير ، وجميع بن عمير ، وجنيد وحبيب بن أبي ثابت ، وحبيب بن أبي مليكة ، والحر بن الصياح ، وحرملة مولى أسامة ، وحريز أو أبو حريز ، والحسن البصري ، والحسن بن سهيل وحسين بن الحارث الجدلي ، وابن أخيه حفص بن عاصم ، والحكم بن ميناء ، وحكيم بن أبي حرة.
وحمران مولى العبلات ، وابنه حمزة بن عبد الله ، وحميد بن عبد الرحمن الزهري ، وحميد بن عبد الرحمن الحميري ، وخالد بن أسلم ، وأخوه زيد ، وخالد بن دريك وهذا لم يلقه ، وخالد بن أبي عمران الإفريقي ولم يلحقه ، وخالد بن كيسان ، وداود بن سليك ، وذكوان السمان ، ورزين بن سليمان الأحمري ، وأبو عمر زاذان ، والزبير بن عربي ، والزبير بن الوليد ، شامي ، وأبو عقيل زهرة بن معبد ، وزياد بن جبير الثقفي ، وزياد بن صبيح الحنفي ، وأبو الخصيب زياد القرشي ، وزيد بن جبير الطائي ، وابنه زيد ، وابنه سالم ، وسالم بن أبي الجعد ، والسائب والد عطاء ، وسعد بن عبيدة ، وسعد مولى أبي بكر ، وسعد مولى طلحة ، وسعيد بن جبير ، وسعيد بن الحارث الأنصاري ، وسعيد بن حسان ، وسعيد بن عامر ، وسعيد بن عمرو الأشدق ، وسعيد بن مرجانة ، وسعيد بن المسيب ، وسعيد بن وهب الهمداني ، وسعيد بن يسار وسليمان بن أبي يحيى ، وسليمان بن يسار ، وشهر بن حوشب.
وصدقة بن يسار ، وصفوان بن محرز ، وطاوس ، والطفيل بن أبي ، وطيسلة بن علي ، وطيسلة بن مياس ، وعامر بن سعد ، وعباس بن جليد وعبد الله بن بدر اليمامي ، وعبد الله بن بريدة ، وأبو الوليد عبد الله بن الحارث ، وعبد الله بن دينار ، وعبد الله بن أبي سلمة الماجشون ، وعبد الله بن شقيق ، وعبد الله بن عبد الله بن جبر وابنه عبد الله ، وابن أبي مليكة ، وعبد الله بن عبيد بن عمير ، وعبد الله بن عصم ، وعبد الله بن أبي قيس ، وعبد الله بن كيسان ، وعبد الله بن مالك الهمداني ، وعبد الله بن محمد بن عقيل ، وعبد الله بن مرة الهمداني ، وعبد الله بن موهب الفلسطيني ، وحفيده عبد الله بن واقد العمري ، وعبد الرحمن بن التيلماني وعبد الرحمن بن سعد مولاه ، وعبد الرحمن بن سمير.
وعبد الرحمن بن أبي ليلى ، وعبد الرحمن بن أبي نعم ، وعبد الرحمن بن هنيدة ، وعبد الرحمن بن يزيد الصنعاني ، وعبد العزيز بن قيس ، وعبد الملك بن نافع ، وعبدة بن أبي لبابة ، وابنه عبيد الله بن عبد الله ، وعبيد الله بن مقسم ، وعبيد بن جريج ، وعبيد بن حنين ، وعبيد بن عمير ، وعثمان بن الحارث ، وعثمان بن عبد الله بن موهب ، وعراك بن مالك ، وعروة بن الزبير ، وعطاء بن أبي رباح ، وعطية العوفي ، وعقبة بن حريث ، وعكرمة بن خالد ، وعكرمة العباسي ، وعلي بن عبد الله البارقي ، وعمر بن عبد الرحمن المعاوي ، وابنه عمر بن عبد الله إن صح ، وعمرو بن دينار ، وعمران بن الحارث ، وعمران بن حطان ، وعمران الأنصاري ، وعمير بن هانئ ، وعنبسة بن عمار ، وعون بن عبد الله بن عتبة ، والعلاء بن عرار، والعلاء بن اللجلاج ، وعلاج بن عمرو ، وغطيف أو أبو غطيف الهذلي ، والقاسم بن ربيعة ، والقاسم بن عوف ، والقاسم بن محمد ، وقدامة بن إبراهيم ، وقزعة بن يحيى ، وقيس بن عباد.
وكثير بن جمهان ، وكثير بن مرة ، وكليب بن وائل ، ومجاهد بن جبر ، ومجاهد بن رياح ، ومحارب بن دثار ، وحفيده محمد بن زيد ، ومحمد بن سيرين ، ومحمد بن عباد بن جعفر ، وأبو جعفر الباقر ، وابن شهاب الزهري ، ومحمد بن المنتشر ، ومروان بن سالم المقفع ، ومروان الأصفر ، ومسروق ، ومسلم بن جندب ، ومسلم بن المثنى ، ومسلم بن أبي مريم ، ومسلم بن يناق ، ومصعب بن سعد ، والمطلب بن عبد الله بن حنطب ، ومعاوية بن قرة ، ومغراء العبدي ، ومغيث بن سمي ، ومغيث الحجازي ، والمغيرة بن سلمان ، ومكحول الأزدي ، ومنقذ بن قيس ، ومهاجر الشامي ، ومورق العجلي ، وموسى بن دهقان ، وموسى بن طلحة ، وميمون بن مهران ، ونابل صاحب العباء ، ونافع مولاه ، ونسير بن ذعلوق ، ونعيم المجمر ، ونميلة أبو عيسى ، وواسع بن حبان ، ووبرة بن عبد الرحمن ، والوليد الجرشي وأبو مجلز لاحق ، ويحنس مولى آل الزبير ، ويحيى بن راشد ، ويحيى بن عبد الرحمن بن حاطب ، ويحيى بن وثاب ويحيى بن يعمر ، ويحيى البكاء.
ويزيد بن أبي سمية ، وأبو البزرى يزيد بن عطارد ، ويسار مولاه ، ويوسف بن ماهك ، ويونس بن جبير ، وأبو أمامة التيمي ، وأبو البختري الطائي ، وأبو بردة بن أبي موسى ، وأبو بكر بن حفص ، وأبو بكر بن سليمان بن أبي حثمة وحفيده أبو بكر بن عبد الله ، وأبو تميمة الهجيمي ، وأبو حازم الأعرج ولم يلحقه ، وأبو حية الكلبي ، وأبو الزبير ، وأبو سعيد بن رافع ، وأبو سلمة بن عبد الرحمن ، وأبو سهل ، وأبو السوداء ، وأبو الشعثاء المحاربي ، وأبو شيخ الهنائي ، وأبو الصديق الناجي ، وأبو طعمة ، وأبو العباس الشاعر ، وأبو عثمان النهدي ، وأبو العجلان المحاربي ، وأبو عقبة ، وأبو غالب ، وأبو الفضل ، وأبو المخارق إن كان محفوظا ، وأبو المنيب الجرشي ، وأبو نجيح المكي ، وأبو نوفل بن أبي عقرب ، وأبو الوليد البصري ، وأبو يعفور العبدي ، ورقية بنت عمرو بن سعيد .
قدم الشام والعراق والبصرة وفارس غازيا .
روى حجاج بن أرطاة ، عن نافع : أن ابن عمر بارز رجلا في قتال أهل العراق ، فقتله ، وأخذ سلبه .
وروى عبيد الله بن عمر ، عن نافع : أن ابن عمر كان يصفر لحيته .
سليمان بن بلال : عن زيد بن أسلم : أن ابن عمر كان يصفر حتى يملأ ثيابه منها ، فقيل له : تصبغ بالصفرة ؟ فقال : إني رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصبغ بها .
شريك : عن محمد بن زيد ; رأى ابن عمر يصفر لحيته بالخلوق والزعفران .
ابن عجلان : عن نافع : كان ابن عمر يعفي لحيته إلا في حج أو عمرة .
وقال هشام بن عروة : رأيت شعر ابن عمر يضرب منكبيه وأتي بي إليه ، فقبلني .
قال أبو بكر بن البرقي : كان ربعة يخضب بالصفرة . توفي بمكة .
وقال ابن يونس : شهد ابن عمر فتح مصر ، واختط بها ، وروى عنه أكثر من أربعين نفسا من أهلها .
الليث : عن يزيد بن أبي حبيب ، عن عبد الله بن الحارث بن جزء ، قال : توفي صاحب لي غريبا ، فكنا على قبره أنا وابن عمر ، وعبد الله بن عمرو ، وكانت أسامينا ثلاثتنا العاص ، فقال لنا النبي -صلى الله عليه وسلم- : انزلوا قبره وأنتم عبيد الله . فقبرنا أخانا ، وصعدنا وقد أبدلت أسماؤنا .
هكذا رواه عثمان بن سعيد الدارمي ، حدثنا يحيى بن بكير عنه .
ومع صحة إسناده هو منكر من القول ، وهو يقتضي أن اسم ابن عمر ما غير إلى ما بعد سنة سبع من الهجرة ، وهذا ليس بشيء .
قال عبد الله بن عمر عن ابن شهاب : إن حفصة وابن عمر أسلما قبل عمر ، ولما أسلم أبوهما ، كان عبدُ اللهِ ابنَ نحوٍ من سبع سنين .
وهذا منقطع .
قال أبو إسحاق السبيعي : رأيت ابن عمر آدم ، جسيما ، إزاره إلى نصف الساقين ، يطوف .
وقال هشام بن عروة : رأيت ابن عمر له جمة .
وقال علي بن جدعان : عن أنس وابن المسيب : شهد ابن عمر بدرا .
فهذا خطأ وغلط ، ثبت أنه قال : عرضت على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوم أحد وأنا ابن أربع عشرة سنة ، فلم يجزني .
وقال أبو إسحاق : عن البراء ، قال : عرضت أنا وابن عمر يوم بدر فاستصغرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم .
وقال مجاهد : شهد ابن عمر الفتح وله عشرون سنة .
وروى سالم ، عن أبيه ، قال : كان الرجل في حياة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا رأى رؤيا ، قصها على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وكنت غلاما عزبا شابا ، فكنت أنام في المسجد ، فرأيت كأن ملكين أتياني ، فذهبا بي إلى النار ، فإذا هي مطوية كطي البئر ، ولها قرون كقرون البئر ، فرأيت فيها ناسا قد عرفتهم ، فجعلت أقول : أعوذ بالله من النار ، فلقينا ملك ، فقال : لن تراع . فذكرتها لحفصة ، فقصتها حفصة على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال : نعم الرجل عبد الله لو كان يصلي من الليل . قال : فكان بعد لا ينام من الليل إلا القليل .
وروى نحوه نافع ، وفيه : إن عبد الله رجل صالح .
سعيد بن بشير : عن قتادة ، عن ابن سيرين ، عن ابن عمر ، قال : كنت شاهد النبي -صلى الله عليه وسلم- في حائط نخل ، فاستأذن أبو بكر ، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- : ائذنوا له وبشروه بالجنة . ثم عمر كذلك ، ثم عثمان فقال : بشروه بالجنة على بلوى تصيبه . فدخل يبكي ويضحك ، فقال عبد الله : فأنا يا نبي الله ؟ قال : أنت مع أبيك .
تفرد به محمد بن بكار بن بلال عنه .
قال إبراهيم : قال ابن مسعود : إن من أملك شباب قريش لنفسه عن الدنيا عبد الله بن عمر .
ابن عون : عن إبراهيم ، عن الأسود ، عن عبد الله ; لقد رأيتنا ونحن متوافرون وما فينا شاب هو أملك لنفسه من ابن عمر .
أبو سعد البقال : عن أبي حصين ، عن شقيق ، عن حذيفة ، قال : ما منا أحد يفتش إلا يفتش عن جائفة أو منقلة إلا عمر وابنه .
وروى سالم بن أبي الجعد ، عن جابر : ما منا أحد أدرك الدنيا إلا وقد مالت به إلا ابن عمر .
وعن عائشة : ما رأيت أحدا ألزم للأمر الأول من ابن عمر .
قال أبو سفيان بن العلاء المازني ، عن ابن أبي عتيق ، قال : قالت عائشة لابن عمر : ما منعك أن تنهاني عن مسيري ؟ قال : رأيت رجلا قد استولى عليك ، وظننت أنك لن تخالفيه ، يعني : ابن الزبير .
قال أبو سلمة بن عبد الرحمن : مات ابن عمر وهو في الفضل مثل أبيه .
وقال أبو إسحاق السبيعي : كنا نأتي ابن أبي ليلى ، وكانوا يجتمعون إليه ، فجاءه أبو سلمة بن عبد الرحمن ، فقال : أعمر كان أفضل عندكم أم ابنه ؟ قالوا : بل عمر ، فقال : إن عمر كان في زمان له فيه نظراء ، وإن ابن عمر بقي في زمان ليس له فيه نظير .
وقال ابن المسيب : لو شهدت لأحد أنه من أهل الجنة لشهدت لابن عمر .
رواه ثقتان عنه .
وقال قتادة : سمعت ابن المسيب يقول : كان ابن عمر يوم مات خير من بقي .
وعن طاوس : ما رأيت أورع من ابن عمر .
وكذا يروى عن ميمون بن مهران .
وروى جويرية ، عن نافع : ربما لبس ابن عمر المطرف الخز ثمنه خمس مائة درهم .
وبإسناد وسط ، عن ابن الحنفية : كان ابن عمر خير هذه الأمة .
قال عمرو بن دينار : قال ابن عمر : ما غرست غرسا منذ توفي رسول الله -صلى الله عليه وسلم .
قال موسى بن دهقان : رأيت ابن عمر يتزر إلى أنصاف ساقيه .
العمري : عن نافع : أن ابن عمر اعتم ، وأرخاها بين كتفيه .
وكيع : عن النضر أبي لولؤة ، قال : رأيت على ابن عمر عمامة سوداء .
وقال ابن سيرين : كان نقش خاتم بن عمر " عبد الله بن عمر " .
وقال أبو جعفر الباقر : كان ابن عمر إذا سمع من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حديثا لا يزيد ولا ينقص ، ولم يكن أحد في ذلك مثله .
أبو المليح الرقي : عن ميمون ; قال : ابن عمر : كففت يدي ، فلم أندم ، والمقاتل على الحق أفضل .
قال : ولقد دخلت على ابن عمر ، فقومت كل شيء في بيته من أثاث ما يسوى مائة درهم .
ابن وهب : عن مالك ، عمن حدثه ، أن ابن عمر كان يتبع أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وآثاره وحاله ويهتم به ، حتى كان قد خيف على عقله من اهتمامه بذلك .
خارجة بن مصعب : عن موسى بن عقبة ، عن نافع ، قال : لو نظرت إلى ابن عمر إذا اتبع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لقلت : هذا مجنون .
عبد الله بن عمر ، عن نافع : أن ابن عمر كان يتبع آثار رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كل مكان صلى فيه ، حتى إن النبي -صلى الله عليه وسلم- نزل تحت شجرة فكان ابن عمر يتعاهد تلك الشجرة فيصب في أصلها الماء لكيلا تيبس .
وقال نافع عن ابن عمر ، قال : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لو تركنا هذا الباب للنساء . قال نافع : فلم يدخل منه ابن عمر حتى مات .
قال الشعبي : جالست ابن عمر سنة ، فما سمعته يحدث عن النبي -صلى الله عليه وسلم- إلا حديثا واحدا .
قال مجاهد : صحبت ابن عمر إلى المدينة ، فما سمعته يحدث عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلا حديثا .
وروى عاصم بن محمد العمري ، عن أبيه ، قال : ما سمعت ابن عمر ذكر النبي -صلى الله عليه وسلم- إلا بكى .
وقال يوسف بن ماهك : رأيت ابن عمر عند عبيد بن عمير وعبيد يقص ، فرأيت ابن عمر ، ودموعه تهراق .
عكرمة بن عمار : عن عبد الله بن عبيد بن عمير ، عن أبيه : أنه تلا : فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ فجعل ابن عمر يبكي حتى لثقت لحيته وجيبه من دموعه ، فأراد رجل أن يقول لأبي : أقصر ، فقد آذيت الشيخ .
وروى عثمان بن واقد ، عن نافع : كان ابن عمر إذا قرأ : أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ بكى حتى يغلبه البكاء .
قال حبيب بن الشهيد : قيل لنافع : ما كان يصنع ابن عمر في منزله ؟ قال : لا تطيقونه : الوضوة لكل صلاة ، والمصحف فيما بينهما .
رواه أبو شهاب الحناط عن حبيب .
وروى عبد العزيز بن أبي رواد ، عن نافع : أن ابن عمر كان إذا فاتته العشاء في جماعة ، أحيى بقية ليلته .
ابن المبارك : أخبرنا عمر بن محمد بن زيد ، أخبرنا أبي : أن ابن عمر كان له مهراس فيه ماء ، فيصلي فيه ما قدر له ، ثم يصير إلى الفراش ، فيغفي إغفاءة الطائر ، ثم يقوم ، فيتوضأ ويصلي ، يفعل ذلك في الليل أربع مرات أو خمسة .
قال نافع : كان ابن عمر لا يصوم في السفر ، ولا يكاد يفطر في الحضر .
وقال ابن شهاب ، عن سالم : ما لعن ابن عمر خادما له إلا مرة ، فأعتقه .
روى أبو الزبير المكي ، عن عطاء مولى ابن سباع ، قال : أقرضت ابن عمر ألفي درهم ، فوفانيها بزائد مائتي درهم .
أبو بكر بن عياش ، عن عاصم ، أن مروان قال لابن عمر -يعني بعد موت يزيد - : هلم يدك نبايعك ، فإنك سيد العرب وابن سيدها . قال : كيف أصنع بأهل المشرق ؟ قال : نضربهم حتى يبايعوا . قال : والله ما أحب أنها دانت لي سبعين سنة ، وأنه قتل في سيفي رجل واحد .
قال : يقول مروان : إنـي أرى فتنـة تغلـي مراجلها
والملك بعد أبي ليلى لمن غلبا
أبو ليلى : معاوية بن يزيد ، بايع له أبوه الناس ، فعاش أياما .
أبو حازم المديني ، عن عبد الله بن دينار ، قال : خرجت مع ابن عمر إلى مكة ، فعرسنا ، فانحدر علينا راع من جبل ، فقال له ابن عمر : أراع ؟ قال : نعم ، قال : بعني شاة من الغنم . قال : إني مملوك ، قال : قل لسيدك : أكلها الذئب . قال : فأين الله عز وجل ؟ قال ابن عمر : فأين الله ! ! ثم بكى ، ثم اشتراه بعد ، فأعتقه !
أسامة بن زيد : عن نافع ، عن ابن عمر نحوه .
وفي رواية ابن أبي رواد ، عن نافع : فأعتقه ، واشترى له الغنم . عبيد الله : عن نافع ، قال : ما أعجب ابن عمر شيء من ماله إلا قدمه ، بينا هو يسير على ناقته ، إذ أعجبته ، فقال : إخ إخ ، فأناخها ، وقال : يا نافع ، حط عنها الرحل ، فجللها وقلدها وجعلها في بدنه .
عمر بن محمد بن زيد ، عن أبيه : أن ابن عمر كاتب غلاما له بأربعين ألفا ، فخرج إلى الكوفة ، فكان يعمل على حمر له ، حتى أدى خمسة عشر ألفا ، فجاءه إنسان ، فقال : أمجنون أنت ؟ أنت هاهنا تعذب نفسك ، وابن عمر يشتري الرقيق يمينا وشمالا ، ثم يعتقهم ; ارجع إليه ، فقل : عجزت. فجاء إليه بصحيفة ، فقال : يا أبا عبد الرحمن ! قد عجزت ، وهذه صحيفتي ، فامحها . فقال : لا ، ولكن امحها أنت إن شئت . فمحاها ، ففاضت عينا عبد الله ، وقال : اذهب فأنت حر . قال : أصلحك الله ، أحسن إلى ابني . قال : هما حران . قال : أصلحك الله ، أحسن إلى أمي ولدي . قال : هما حرتان .
رواه ابن وهب عنه .
عاصم بن محمد العمري : عن أبيه ، قال : أعطى عبدُ اللهِ ابنَ جعفر بن عمر بنافع عشرة آلاف ، فدخل على صفية امرأته ، فحدثها ، قالت : فما تنتظر ؟ قال : فهلا ما هو خير من ذلك ، هو حر لوجه الله . فكان يخيل إلي أنه كان ينوي قول الله لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ .
وقال ابن شهاب : أراد ابن عمر أن يلعن خادما ، فقال : اللهم الع ، فلم يتمها ، وقال : ما أحب أن أقول هذه الكلمة .
جعفر بن برقان : عن ميمون بن مهران ، عن نافع : أتي ابن عمر ببضعة وعشرين ألفا ، فما قام حتى أعطاها .
رواها عيسى بن كثير ، عن ميمون وقال : باثنين وعشرين ألف دينار .
وقال أبو هلال : حدثنا أيوب بن وائل ، قال : أتي ابن عمر بعشرة آلاف ، ففرقها ، وأصبح يطلب لراحلته علفا بدرهم نسيئة .
برد بن سنان : عن نافع قال : إن كان ابن عمر ليفرق في المجلس ثلاثين ألفا ، ثم يأتي عليه شهر ما يأكل مزعة لحم .
عمر بن محمد العمري ، عن نافع قال : ما مات ابن عمر حتى أعتق ألف إنسان ، أو زاد .
إسنادها صحيح .
أيوب : عن نافع ، قال : بعث معاوية إلى ابن عمر بمائة ألف ، فما حال عليه الحول وعنده منها شيء .
معمر : عن الزهري ، عن حمزة بن عبد الله ، قال : لو أن طعاما كثيرا كان عند أبي ما شبع منه بعد أن يجد له آكلا ، فعاده ابن مطيع ، فرآه قد نحل جسمه ، فكلمه ، فقال : إنه ليأتي علي ثمان سنين ، ما أشبع فيها شبعة واحدة . أو قال : إلا شبعة . فالآن تريد أن أشبع حين لم يبق من عمري إلا ظمء حمار .
إسماعيل بن عياش : حدثني مطعم بن المقدام قال : كتب الحجاج إلى ابن عمر : بلغني أنك طلبت الخلافة وأنها لا تصلح لعيي ولا بخيل ولا غيور . فكتب إليه : أما ما ذكرت من الخلافة فما طلبتها ، وما هي من بالي ، وأما ما ذكرت من العي ، فمن جمع كتاب الله ، فليس بعيني . ومن أدى زكاته ، فليس ببخيل . وإن أحق ما غرت فيه ولدي أن يشركني فيه غيري .
هشيم : عن يعلى بن عطاء ، عن مجاهد ; قال لي ابن عمر : لأن يكون نافع يحفظ حفظك ، أحب إلي من أن يكون لي درهم زيف . فقلت : يا أبا عبد الرحمن ، ألا جعلته جيدا ! ! قال : هكذا كان في نفسي .
الأعمش وغيره ، عن نافع ، قال : مرض ابن عمر ، فاشتهى عنبا أول ما جاء ، فأرسلت امرأته بدرهم ، فاشترت به عنقودا ، فاتبع الرسول سائل ، فلما دخل ، قال : السائل ، السائل . فقال ابن عمر: أعطوه إياه. ثم بعثت بدرهم آخر ، قال : فاتبعه السائل . فلما دخل ، قال : السائل ، السائل . فقال ابن عمر : أعطوه إياه ، فأعطوه ، وأرسلت صفية إلى السائل تقول : والله لئن عدت لا تصيب مني خيرا ، ثم أرسلت بدرهم آخر ، فاشترت به .
مالك بن مغول عن نافع ، قال : أتي ابن عمر بجوارش فكرهه ، وقال : ما شبعت منذ كذا وكذا .
إسماعيل بن أبي أويس : حدثنا سليمان بن بلال ، عن جعفر بن محمد ، عن نافع : أن المختار بن أبي عبيد كان يرسل إلى ابن عمر بالمال ، فيقبله ، ويقول : لا أسأل أحدا شيئا ، ولا أرد ما رزقني الله .
الثوري : عن أبي الوازع : قلت لابن عمر : لا يزال الناس بخير ما أبقاك الله لهم . فغضب ، وقال : إني لأحسبك عراقيا ، وما يدريك ما يغلق عليه ابن أمك بابه .
أبو جعفر الرازي : عن حصين ، قال ابن عمر : إني لأخرج ومالي حاجة إلا أن أسلم على الناس ، ويسلمون علي .
وروى معمر ، عن أبي عمرو الندبي ، قال: خرجت مع ابن عمر ، فما لقي صغيرا ولا كبيرا إلا سلم عليه .
قال عثمان بن إبراهيم الحاطبي رأيت ابن عمر يحفي شاربه ، حتى ظننت أنه ينتفه . وما رأيته إلا محلل الأزرار وإزاره إلى نصف ساقه . وقيل : كان يتزر على القميص في السفر ، ويختم الشيء بخاتمه ، ولا يكاد يلبسه ، ويأتي السوق ، فيقول : كيف يباع ذا ؟ ويصفر لحيته .
وروى ابن أبي ليلى ، وعبد الله بن عمر ، عن نافع ، أن ابن عمر كان يقبض على لحيته ، ويأخذ ما جاوز القبضة .
قال مالك : كان إمام الناس عندنا بعد زيد بن ثابت ، عبد الله بن عمر ، مكث ستين سنة يفتي الناس .
مالك : عن نافع : كان ابن عمر وابن عباس يجلسان للناس عند مقدم الحاج ، فكنت أجلس إلى هذا يوما ، وإلى هذا يوما ، فكان ابن عباس يجيب ويفتي في كل ما سئل عنه ، وكان ابن عمر يرد أكثر مما يفتي .
قال الليث بن سعد وغيره : كتب رجل إلى ابن عمر أن اكتب إلي بالعلم كله . فكتب إليه : إن العلم كثير ، ولكن إن استطعت أن تلقى الله خفيف الظهر من دماء الناس ، خميص البطن من أموالهم ، كاف اللسان عن أعراضهم ، لازما لأمر جماعتهم ، فافعل .
منصور بن زاذان : عن ابن سيرين ، أن رجلا قال لابن عمر : أعمل لك جوارش ؟ قال : وما هو ؟ قال : شيء إذا كظك الطعام ، فأصبت منه ، سهل . فقال : ما شبعت منذ أربعة أشهر ، وما ذاك أن لا أكون له واجدا ، ولكني عهدت قوما يشبعون مرة ، ويجوعون مرة .
وروى الحارث بن أبي أسامة ، عن رجل : بعثت أم ولد لعبد الملك بن مروان إلى وكيلها تستهديه غلاما ، وقالت : يكون عالما بالسنة ، قارئا لكتاب الله ، فصيحا ، عفيفا ، كثير الحياء ، قليل المراء . فكتب إليها : قد طلبت هذا الغلام ، فلم أجد غلاما بهذه الصفة إلا عبد الله بن عمر ، وقد ساومت به أهله ، فأبوا أن يبيعوه .
روى بقية ، عن ابن حذيم ، عن وهب بن أبان القرشي ; أن ابن عمر خرج ، فبينما هو يسير ، إذا أسد على الطريق قد حبس الناس ، فاستخف ابن عمر راحلته ، ونزل إلى الأسد ، فعرك أذنه ، وأخره عن الطريق ؟ وقال : سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقال : لو لم يخف ابن آدم إلا الله لم يسلط عليه غيره .
لم يصح هذا .
أسامة بن زيد : عن عبد الله بن واقد ، قال : رأيت ابن عمر يصلي ، فلو رأيته ، رأيته مقلوليا ورأيته يفت المسك في الدهن يدهن به .
عبد الملك بن أبي جميلة ، عن عبد الله بن موهب : أن عثمان قال لابن عمر : اذهب ، فاقض بين الناس ، قال : أو تعفيني من ذلك ! قال : فما تكره من ذلك وقد كان أبوك يقضي ؟ قال : إني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول : من كان قاضيا ، فقضى بالعدل ، فبالحري أن ينفلت كفافا . فما أرجو بعد ذلك ؟ ! .
السري بن يحيى : عن زيد بن أسلم ، عن مجاهد ، قال : قال ابن عمر : لقد أعطيت من الجماع شيئا ما أعلم أحدا أعطيه إلا أن يكون رسول الله -صلى الله عليه وسلم .
تفرد به يحيى بن عباد عنه .

أبو إلياس 18-03-2008 02:19 AM

أبو أسامة : حدثنا عمر بن حمزة : أخبرني سالم ، عن ابن عمر ، قال : إني لأظن قسم لي منه ما لم يقسم لأحد إلا للنبي -صلى الله عليه وسلم- وقيل : كان ابن عمر يفطر أول شيء على الوطء .
ليث بن أبي سليم : عن نافع ، قال : لما قتل عثمان ، جاء علي إلى ابن عمر ، فقال : إنك محبوب إلى الناس ، فسر إلى الشام ، فقال : بقرابتي وصحبتي والرحم التي بيننا . قال : فلم يعاوده .
ابن عيينة : عن عمر بن نافع ، عن أبيه ، عن ابن عمر ، قال : بعث إلي علي ، فقال : يا أبا عبد الرحمن ! إنك رجل مطاع في أهل الشام ، فسر فقد أمرتك عليهم . فقلت : أذكرك الله ، وقرابتي من رسول الله -صلى الله عليه و سلم- وصحبتي إياه ، إلا ما أعفيتني ، فأبى علي . فاستعنت عليه بحفصة ، فأبى . فخرجت ليلا إلى مكة ، فقيل له : إنه قد خرح إلى الشام . فبعث في أثري ، فجعل الرجل يأتي المربد ، فيخطم بعيره بعمامته ليدركني . قال : فأرسلت حفصة : إنه لم يخرج إلى الشام ، إنما خرج إلى مكة . فسكن .
الأسود بن شيبان : عن خالد بن سمير ، قال : هرب موسى بن طلحة من المختار ، فقال : رحم الله ابن عمر ! إني لأحسبه على العهد الأول لم يتغير ، والله ما استفزته قريش . فقلت في نفسي : هذا يزري على أبيه في مقتله . وكان علي غدا على ابن عمر ، فقال : هذه كتبنا ، فاركب بها إلى الشام ، قال : أنشدك الله والإسلام . قال : والله لتركبن . قال : أذكرك الله واليوم الآخر . قال : لتركبن والله طائعا أو كارها . قال : فهرب إلى مكة .
العوام بن حوشب : عن حبيب بن أبي ثابت ، عن ابن عمر : قال يوم دومة جندل : جاء معاوية على بختي عظيم طويل ، فقال : ومن الذي يطمع في هذا الأمر ويمد إليه عنقه ؟ فما حدثت نفسي بالدنيا إلا يومئذ . هممت أن أقول : يطمع فيه من ضربك وأباك عليه ، ثم ذكرت الجنة ونعيمها ، فأعرضت عنه .
حماد بن زيد : عن أيوب ، عن نافع ; أن معاوية بعث إلى ابن عمر بمائة ألف ، فلما أراد أن يبايع ليزيد ، قال : أرى ذاك أراد ، إن ديني عندي إذا لرخيص .
وقال محمد بن المنكدر : بويع يزيد ، فقال ابن عمر لما بلغه : إن كان خيرا رضينا ، وإن كان بلاء صبرنا .
ابن علية : عن ابن عون ، عن نافع ، قال : حلف معاوية على منبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ليقتلن ابن عمر ، يعني وكان ابن عمر بمكة . فجاء إليه عبد الله بن صفوان ، فدخلا بيتا ، وكنت على الباب ، فجعل ابن صفوان يقول : أفتتركه حتى يقتلك ؟ ! والله لو لم يكن إلا أنا وأهل بيتي ، لقاتلته دونك .فقال : ألا أصير في حرم الله ؟ وسمعت نحيبه مرتين ، فلما دنا معاوية تلقاه ابن صفوان ، فقال : إيها جئت لتقتل ابن عمر . قال : والله لا أقتله .
مسعر : عن أبي حصين : قال معاوية : من أحق بهذا الأمر منا ؟ وابن عمر شاهد ، قال : فأردت أن أقول : أحق به منك من ضربك عليه وأباك ، فخفت الفساد .
معمر : عن الزهري ، عن سالم ، عن أبيه وابن طاوس ، عن عكرمة بن خالد ، عن ابن عمر ، قال : دخلت على حفصة ونوساتها تنطف ، فقلت : قد كان من الناس ما ترين ، ولم يجعل لي من الأمر شيء . قالت : فالحق بهم ، فإنهم ينتظرونك ، . وإني أخشى أن يكون في احتباسك عنهم فرقة ، فلم يرعه حتى ذهب . قال : فلما تفرق الحكمان ، خطب معاوية ، فقال : من كان يريد أن يتكلم في هذا الأمر ، فليطلع إلي قرنه ، فنحن أحق بذلك منه ومن أبيه ; يعرض بابن عمر .
قال حبيب بن مسلمة : فهلا أجبته فداك أبي وأمي ؟ فقال ابن عمر : حللت حبوتي ، فهممت أن أقول : أحق بذلك منك من قاتلك وأباك على الإسلام . فخشيت أن أقول كلمة تفرق الجمع ، ويسفك فيها الدم ، فذكرت ما أعد الله في الجنان .
وقال سلام بن مسكين : سمعت الحسن يقول : لما كان من أمر الناس ما كان زمن الفتنة ، أتوا ابن عمر ، فقالوا : أنت سيد الناس وابن سيدهم ، والناس بك راضون ، اخرج نبايعك . فقال : لا والله لا يهراق في محجمة من دم ولا في سببي ما كان في روح .
جرير بن حازم : عن يعلى ، عن نافع ، قال : قال أبو موسى يوم التحكيم : لا أرى لهذا الأمر غير عبد الله بن عمر . فقال عمرو بن العاص لابن عمر : إنا نريد أن نبايعك ، فهل لك أن تعطى مالا عظيما على أن تدع هذا الأمر لمن هو أحرص عليه منك ؟ فغضب ، وقام . فأخذ ابن الزبير بطرف ثوبه ، فقال : يا أبا عبد الرحمن إنما قال : تعطي مالا على أن أبايعك . فقال : والله لا أعطي عليها ولا أعطى ولا أقبلها إلا عن رضى من المسلمين .
قلت : كاد أن تنعقد البيعة له يومئذ ، مع وجود مثل الإمام علي وسعد بن أبي وقاص ، ولو بويع ، لما اختلف عليه اثنان ، ولكن الله حماه وخار له .
مسعر : عن علي بن الأقمر ، قال : قال مروان لابن عمر : ألا تخرج إلى الشام فيبايعوك ؟ قال : فكيف أصنع بأهل العراق ؟ قال : تقاتلهم بأهل الشام . قال : والله ما يسرني أن يبايعني الناس كلهم إلا أهل فدك ، وأن أقاتلهم ، فيقتل منهم رجل . فقال مروان : إنـي أرى فتنـة تغلـي مراجلها
والملك بعد أبي ليلى لمن غلبا
وروى عاصم بن أبي النجود نحوا منها .
وهذا قاله وقت هلاك يزيد بن معاوية فلما اطمأن مروان من جهة ابن عمر ، بادر إلى الشام ، وحارب ، وتملك الشام ، ثم مصر .
أبو عوانة : عن مغيرة ، عن فطر قال : أتى رجل ابن عمر ، فقال : ما أحد شر الأمة منك ، قال : لم ؟ قال : لو شئت ما اختلف فيك اثنان . قال : ما أحب أنها -يعني الخلافة- أتتني ورجل يقول لا ، وآخر يقول بلى .
أبو المليح الرقي : عن ميمون بن مهران ، قال : دس معاوية عمرا وهو يريد أن يعلم ما في نفس ابن عمر ، فقال : يا أبا عبد الرحمن ! ما يمنعك أن تخرج تبايعك الناس ، أنت صاحب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وابن أمير المؤمنين ، وأنت أحق الناس بهذا الأمر . فقال : قد اجتمع الناس كلهم على ما تقول ؟ قال : نعم ، إلا نفر يسير . قال : لو لم يبق إلا ثلاثة أعلاج بهجر لم يكن لي فيها حاجة . قال : فعلم أنه لا يريد القتال . فقال : هل لك أن تبايع من قد كاد الناس أن يجتمعوا عليه ويكتب لك من الأرضين والأموال ؟ فقال : أف لك ! اخرج من عندي ، إن ديني ليس بديناركم ولا درهمكم .
يونس بن عبيد : عن نافع ، قال : كان ابن عمر يسلم على الخشبية والخوارج وهم يقتتلون وقال : من قال " حي على الصلاة " أجبته ، ومن قال " حي على قتل أخيك المسلم وأخذ ماله " فلا .
قال نافع : أتى رجل ابن عمر ، فقال : يا أبا عبد الرحمن ! ما يحمللك على أن تحج عاما وتعتمر عاما وتترك الجهاد ؟ فقال : بني الإسلام على خمس : إيمان بالله ورسوله ، وصلاة الخمس ، وصيام رمضان ، وأداء الزكاة ، وحج البيت . فقال : يا أبا عبد الرحمن ، ألا تسمع قوله : وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فقال : لأن أعتبر بهذه الآية ، فلا أقاتل ، أحب إلي من أن أعتبر بالآية التي يقول فيها : وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا فقال : ألا ترى أن الله يقول وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ قال : قد فعلنا على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذ كان الإسلام قليلا ، وكان الرجل يفتن في دينه ، إما أن يقتلوه ، وإما أن يسترقوه ، حتى كثر الإسلام ، فلم تكن فتنة . قال فلما رأى أنه لا يوافقه ، قال : فما قولك في عثمان وعلي ؟ قال : أما عثمان ، فكان الله عفا عنه ، وكرهتم أن يعفو الله عنه . وأما علي فابن عم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وختنه وأشار بيده هذا بيته حيث ترون .
الزهري : عن حمزة بن عبد الله قال : أقبل ابن عمر علينا ، فقال : ما وجدت في نفسي شيئا من أمر هذه الأمة ، ما وجدت في نفسي من أن أقاتل هذه الفئة الباغية كما أمرني الله .
قلنا : ومن ترى الفئة الباغية ؟ قال : ابن الزبير بغى على هؤلاء القوم ، فأخرجهم من ديارهم ، ونكث عهدهم .
أيوب : عن نافع ، قال : أصابت ابن عمر عارضة محمل بين أصبعيه عند الجمرة ، فمرض فدخل عليه الحجاج ، فلما رآه ابن عمر ، غمض عينيه ، فكلمه الحجاج ، فلم يكلمه فغضب ، وقال : إن هذا يقول إني على الضرب الأول ؟
عمرو بن يحيى بن سعيد بن عمرو : أخبرنا جدي ، أن ابن عمر قدم حاجا فدخل عليه الحجاج ، وقد أصابه زج رمح . فقال : من أصابك ؟ قال : أصابني من أمرتموه بحمل السلاح في مكان لا يحل فيه حمله .
أحمد بن يعقوب المسعودي : حدثنا إسحاق بن سعيد بن عمرو الأموي ، عن أبيه ، عن ابن عمر ، أنه قام إلى الحجاج ، وهو يخطب ، فقال : يا عدو الله ! استحل حرم الله ، وخرب بيت الله . فقال : يا شيخا قد خرف . فلما صدر الناس ، أمر الحجاج بعض مسودته ، فأخذ حربة مسمومة ، وضرب بها رجل ابن عمر ، فمرض ، ومات منها . ودخل عليه الحجاج عائدا ، فسلم فلم يرد عليه ، وكلمه ، فلم يجبه .
هشام ، عن ابن سيرين ; أن الحجاج خطب ، فقال : إن ابن الزبير بدل كلام الله . فعلم ابن عمر ، فقال : كذب ، لم يكن ابن الزبير يستطيع أن يبدل كلام الله ولا أنت ، قال : إنك شيخ قد خرفت الغد . قال : أما إنك لو عدت ، عدت .
قال الأسود بن شيبان : حدثنا خالد بن سمير قال : خطب الحجاج ، فقال : إن ابن الزبير حرف كتاب الله . فقال ابن عمر : كذبت كذبت ، ما يستطيع ذلك ولا أنت معه . قال : اسكت ، فقد خرفت ، وذهب عقلك ، يوشك شيخ أن يضرب عنقه ، فيخر قد انتفخت خصيتاه ، يطوف به صبيان البقيع .
الثوري ، عن عبد الله بن دينار ، قال : لما اجتمعوا على عبد الملك كتب إليه ابن عمر : أما بعد : فإني قد بايعت لعبد الله عبد الملك أمير المؤمنين بالسمع والطاعة على سنة الله وسنة رسوله فيما استطعت وإن بني قد أقروا بذلك .
شعبة : عن ابن أبي رواد : عن نافع : أن ابن عمر أوصى رجلا يغسله ، فجعل يدلكه بالمسك .
وعن سالم بن عبد الله : مات أبي بمكة ، ودفن بفخ سنة أربع وسبعين وهو ابن أربع وثمانين ، وأوصاني أن أدفنه خارج الحرم ، فلم نقدر ، فدفناه بفخ في الحرم في مقبرة المهاجرين .
حبيب بن أبي ثابت : عن سعيد بن جبير ، عن ابن عمر قال : ما آسى على شيء إلا أني لم أقاتل الفئة الباغية .
هكذا رواه الثوري عنه ، وقد تقدم نحوه مفسرا .
وأما عبد العزيز بن سياه ، فرواه عنه ثقتان ، عن حبيب بن أبي ثابت ، أن ابن عمر قال : ما آسى على شيء فاتني إلا أني لم أقاتل مع علي الفئة الباغية . فهذا منقطع .
وقال أبو نعيم : حدثنا عبد الله بن حبيب بن أبي ثابت ، عن أبيه : قال ابن عمر حين احتضر : ما أجد في نفسي شيئا إلا أني لم أقاتل الفئة الباغية مع علي بن أبي طالب .
وروى أبو أحمد الزبيري ; حدثنا عبد الجبار بن العباس ، عن أبي العنبس ، عن أبي بكر بن أبي الجهم ، عن ابن عمر ، فذكر نحوه .
ولابن عمر أقوال وفتاوى يطول الكتاب بإيرادها ، وله قول ثالث في الفئة الباغية .
فقال روح بن عبادة : حدثنا العوام بن حوشب ، عن عياش العامري ، عن سعيد بن جبير ، قال : لما احتضر ابن عمر ، قال : ما آسى على شيء من الدنيا إلا على ثلاث ; ظمأ الهواجر ، ومكابدة الليل ، وأني لم أقاتل الفئة الباغية التي نزلت بنا ، يعني الحجاج .
قال ضمرة بن ربيعة : مات ابن عمر سنة ثلاث وسبعين .
وقال مالك : بلغ ابن عمر سبعا وثمانين سنة .
وقال أبو نعيم ، والهيثم بن عدي ، وأبو مسهر ، وعدة : مات سنة ثلاث وسبعين .
وقال سعيد بن عفير وخليفة ، وغيرهما : مات سنة أربع وسبعين .
والظاهر أنه توفي في آخر سنة ثلاث .
قال أبو بكر بن البرقي : توفي بمكة ، ودفن بذي طوى . وقيل : بفخ مقبرة المهاجرين سنة أربع .
قلت : هو القائل : كنت يوم أحد ابن أربع عشرة سنة فعلى هذا يكون عمره خمسا وثمانين سنة -رضي الله عنه- وأرضاه .
أخبرنا أيوب بن طارق ، وأحمد بن محمد بقراءتي ، قالا : أخبرنا أبو القاسم بن رواحة ، أخبرنا أبو طاهر السلفي ، أخبرنا أحمد بن علي الطريثيثي وأبو ياسر محمد بن عبد العزيز ، وأبو القاسم الربعي ، وأبو منصور الخياط ، قالوا : أخبرنا عبد الملك بن محمد أخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد الفاكهي بمكة 353 ، حدثنا أبو يحيى عبد الله بن أبي مسرة حدثنا يعقوب بن إسحاق - وهو ابن بنت حميد الطويل - قال : سمعت عبد الله بن أبي عثمان يقول : رأيت ابن عمر يحفي شاربه ورأيته ينحر البدن قياما يجأ في لباتها .
أخبرنا إسحاق الأسدي ، أخبرنا ابن خليل ، أخبرنا اللبان ، أخبرنا أبو علي الحداد ، أخبرنا أبو نعيم الحـافظ ، حدثنا أحمد بن جعفر ; أخبرنا عبد الله بن أحمد ، حدثنا أبو كامل ، حدثنا أبو عوانة ، عن هلال بن خباب ، عن قزعة ، قال : رأيت على ابن عمر ثيابا خشنة أو جشبة ، فقلت له : إني قد أتيتك بثوب لين مما يصنع بخراسان ، وتقر عيناي أن أراه عليك . قال : أرنيه ، فلمسه ، وقال : أحرير هذا ؟ قلت : لا ، إنه من قطن . قال : إني أخاف أن ألبسه ، أخاف أكون مختالا فخورا ، والله لا يحب كل مختال فخور .
قلت : كل لباس أوجد في المرء خيلاء وفخرا فتركه متعين ولو كان من غير ذهب ولا حرير . فإنا نرى الشاب يلبس الفرجية الصوف بفرو من أثمان أربع مائة درهم ونحوها ، والكبر والخيلاء على مشيته ظاهر ، فإن نصحته ولمته برفق كابر ، وقال : ما في خيلاء ولا فخر . وهذا السيد ابن عمر يخاف ذلك على نفسه . وكذلك ترى الفقيه المترف إذا ليم في تفصيل فرجية تحت كعبيه ، وقيل له : قد قال النبي -صلى الله عليه وسلم- : ما أسفل من الكعبين من الإزار ففي النار يقول : إنما قال هذا فيمن جر إزاره خيلاء ، وأنا لا أفعل خيلاء . فتراه يكابر ، ويبرئ نفسه الحمقاء ، ويعمد إلى نص مستقل عام ، فيخصه بحديث آخر مستقل بمعنى الخيلاء ، ويترخص بقول الصديق : إنه يا رسول الله يسترخي إزاري ، فقال : لست يا أبا بكر ممن يفعله خيلاء فقلنا : أبو بكر -رضي الله عنه- لم يكن يشد إزاره مسدولا على كعبيه أولا ; بل كان يشده فوق الكعب ، ثم فيما بعد يسترخي .
وقد قال -عليه السلام- : إزرة المؤمن إلى أنصاف ساقيه ، لا جناح عليه فيما بين ذلك وبين الكعبين ومثل هذا في النهي لمن فصل سراويل مغطيا لكعابه . ومنه طول الأكمام زائدا ، وتطويل العذبة . وكل هذا من خيلاء كامن في النفوس . وقد يعذر الواحد منهم بالجهل ، والعالم لا عذر له في تركه الإنكار على الجهلة . فإن خلع على رئيس خلعة سيراء من ذهب وحرير وقندس ، يحرمه ما ورد في النهي عن جلود السباع ولبسها ، الشخص يسحبها ويختال فيها ، ويخطر بيده ويغضب ممن لا يهنيه بهذه المحرمات ، ولا سيما إن كانت خلعة وزارة وظلم ونظر مكس أو ولاية شرطة . فليتهيأ للمقت وللعزل والإهانة والضرب ، وفي الآخرة أشد عذابا وتنكيلا . فرضي الله عن ابن عمر وأبيه . وأين مثل ابن عمر في دينه ، وورعه وعلمه ، وتألهه وخوفه ، من رجل تعرض عليه الخلافة ، فيأباها ، والقضاء من مثل عثمان ، فيرده ، ونيابة الشام لعلي ، فيهرب منه . فالله يجتبي إليه من يشاء ، ويهدي إليه من ينيب .
الوليد بن مسلم : عن عمر بن محمد ، عن نافع ، عن ابن عمر قال : لولا أن معاوية بالشام ، لسرني أن آتي بيت المقدس ، فأهل منه بعمرة ، ولكن أكره أن آتي الشام ، فلا آتيه ، فيجد علي ، أو آتيه ، فيراني تعرضت لما في يديه .
روى عبد العزيز بن أبي رواد ، عن نافع ، أن ابن عمر كان إذا فاتته العشاء في جماعة ، أحيى ليلته .
الوليد بن مسلم : حدثنا ابن جابر ; حدثني سليمان بن موسى ، عن نافع ، عن ابن عمر ، أنه كان يحيي الليل صلاة ، ثم يقول : يا نافع ، أسحرنا ؟ فأقول : لا . فيعاود الصلاة إلى أن أقول : نعم فيقعد ويستغفر ويدعو حتى يصبح .
قال طاوس : ما رأيت مصليا مثل ابن عمر أشد استقبالا للقبلة بوجهه وكفيه وقدميه .
وروى نافع : أن ابن عمر كان يحيي بين الظهر إلى العصر .
هشام الدستوائي : عن القاسم بن أبي بزة : أن ابن عمر قرأ فبلغ يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ فبكى حتى خر ، وامتنع من قراءة ما بعدها .
معمر : عن أيوب ، عن نافع أو غيره ، أن رجلا قال لابن عمر : يا خير الناس ، أو ابن خير الناس . فقال : ما أنا بخير الناس ، ولا ابن خير الناس ، ولكني عبد من عباد الله ، أرجو الله ، وأخافه ، والله لن تزالوا بالرجل حتى تهلكوه .
عبيد الله بن عمر : عن نافع ، كان ابن عمر يزاحم على الركن حتى يرعف .
أخبرنا أحمد بن سلامة ، عن أبي المكارم التيمي ، أخبرنا أبو علي ، أخبرنا أبو نعيم ، حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن ، حدثنا بشر بن موسى ، حدثنا أبو عبد الرحمن المقرئ ، حدثنا حرملة ، حدثني أبو الأسود ، سمع عروة يقول : خطبت إلى ابن عمر ابنته ، ونحن في الطواف ، فسكت ولم يجبني بكلمة ، فقلت : لو رضي ، لأجابني ، والله لا أراجعه بكلمة . فقدر له أنه صدر إلى المدينة قبلي ، ثم قدمت ، فدخلت مسجد الرسول -صلى الله عليه وسلم- فسلمت عليه ، وأديت إليه حقه ، فرحب بي ، وقال : متى قدمت ؟ قلت : الأن . فقال : كنت ذكرت لي سودة ونحن في الطواف ، نتاخيل الله بين أعيننا ، وكنت قادرا أن تلقاني في غير ذلك الموطن . فقلت : كان أمرا قدر . قال : فما رأيك اليوم ؟ قلت : أحرص ما كنت عليه قط . فدعا ابنيه سالما وعبد الله ، وزوجني .
وبه إلى بشر : حدثنا خلاد بن يحيى ، حدثنا هارون بن أبي إبراهيم ، عن عبد الله بن عبيد بن عمير ، عن ابن عمر ، قال : إنما مثلنا في هذه الفتنة كمثل قوم يسيرون على جادة يعرفونها ، فبيناهم كذلك ، إذ غشيتهم سحابة وظلمة ، فأخذ بعضهم يمينا وشمالا ، فأخطأ الطريق ، وأقمنا حيث أدركنا ذلك ، حتى جلا الله ذلك عنا ، فأبصرنا طريقنا الأول . فعرفناه ، فأخذنا فيه . إنما هؤلاء فتيان قريش يقتتلون على هذا السلطان وعلى هذه الدنيا ، ما أبالي أن لا يكون لي ما يقتل عليه بعضهم بعضا بنعلي هاتين الجرداوين .
عبد الله بن نمير : عن عاصم الأحول ، عن من حدثه ، قال : كان ابن عمر إذا رآه أحد ظن به شيئا مما يتبع آثار النبي صلى الله عليه وسلم .
وكيع : عن أبي مودود ، عن نافع ، عن ابن عمر ; أنه كان في طريق مكة يقول برأس راحلته يثنيها ، ويقول : لعل خفا يقع على خف ، يعني خف راحلة النبي صلى الله عليه وسلم .
قال ابن حزم في كتاب " الإحكام " في الباب الثامن والعشرين : المكثرون من الفتيا من الصحابة ، عمر وابنه عبد الله ، علي ، عائشة ، ابن مسعود ، ابن عباس ، زيد بن ثابت ، فهم سبعة فقط يمكن أن يجمع من فتيا كل واحد منهم سفر ضخم . وقد جمع أبو بكر محمد بن موسى بن يعقوب بن أمير المؤمنين المأمون فتيا ابن عباس في عشرين كتابا . وأبو بكر هذا أحد أئمة الإسلام .
عبد الرحمن بن مهدي : حدثنا عثمان بن موسى ، عن نافع : أن ابن عمر تقلد سيف عمر يوم قتل عثمان ، وكان محلى ، كانت حليته أربع مائة .
أبو حمزة السكري : عن إبراهيم الصائغ ، عن نافع ; أن ابن عمر كان له كتب ينظر فيها قبل أن يخرج إلى الناس .
هذا غريب .
ولابن عمر في " مسند بقي " ألفان وست مائة وثلاثون حديثا بالمكرر ، واتفقا له على مائة وثمانية وستين حديثا . وانفرد له البخاري بأحد وثمانين حديثا ، ومسلم بأحد وثلاثين .
وأولاده من صفية بنت أبي عبيد بن مسعود الثقفي : أبو بكر ، وواقد ، وعبد الله ، وأبو عبيدة ، وعمر ، وحفصة ، وسودة .
ومن أم علقمة المحاربية : عبد الرحمن وبه يكنى .
ومن سرية له : سالم ، وعبيد الله ، وحمزة .
ومن سرية أخرى : زيد ، وعائشة .
ومن أخرى : أبو سلمة ، وقلابة .
ومن أخرى : بلال ، فالجملة ستة عشر .
وعن أبي مجلز ، عن ابن عمر ، قال : إليكم عني ، فإني كنت مع من هو أعلم مني ، ولو علمت أني أبقى حتى تفتقروا إلي ، لتعلمت لكم .
هشام بن سعد : عن أبي جعفر القارئ : خرجت مع ابن عمر من مكة ، وكان له جفنة من ثريد يجتمع عليها بنوه ، وأصحابه ، وكل من جاء حتى يأكل بعضهم قائما ، ومعه بعير له ، عليه مزادتان ، فيهما نبيذ وماء ، فكان لكل رجل قدح من سويق بذلك النبيذ .
وعن ابن عمر : أنه كان يأكل الدجاج ، والفراخ ، والخبيص .
معن : عن مالك ; بلغه أن ابن عمر قال : لو اجتمعت علي الأمة إلا رجلين ما قاتلتهما .
سلام بن مسكين : سمعت الحسن يحدث قال : لما قتل عثمان ، قالوا لابن عمر : إنك سيد الناس وابن سيدهم ، فاخرج يبايع لك الناس . فقال : لئن استطعت لا يهراق في محجمة . قالوا : لتخرجن أو لتقتلن على فراشك ، فأعاد قوله .
قال الحسن : أطمعوه وخوفوه ، فما قدروا على شيء منه .
وترجمة هذا الإمام في طبقات ابن سعد مطولة في ثمان وثلاثين ورقة .
يحول إلى نظرائه .

أبو إلياس 19-03-2008 11:04 PM

زيد بن حارثة
 
زيد بن حارثة
هو زيد بن حارثة بن شراحيل بن كعب بن عبد العزى، وكان طفلا حين سبي ووقع بيد حكيم بن حزام بن خويلد حين اشتراه من سوق عكاظ مع الرقيق، فأهداه الى عمته خديجة، فرآه الرسول -صلى الله عليه وسلم- عندها فاستوهبه منها فوهبته له، فأعتقه وتبناه، وصار يعرف في مكة كلها (زيد بن محمد). وذلك كله قبل الوحي.

قصة التبنى


منذ أن سلب زيدا -رضي الله عنه- ووالده يبحث عنه، حتى التقى يوما نفر من حي (حارثة) بزيد في مكة، فحملهم زيد سلامه وحنانه لأمه و أبيه، وقال لقومه: (أخبروا أبي أني هنا مع أكرم والد)... فلم يكد يعلم والده بمكانه حتى أسرع اليه، يبحث عن (الأمين محمد) ولما لقيه قال له: (يا بن عبد المطلب، يا بن سيد قومه، أنتم أهل حرم، تفكون العاني، وتطعمون الأسير، جئناك في ولدنا، فامنن علينا وأحسن في فدائه).
فأجابهم -صلى الله عليه وسلم-: (ادعوا زيدا، وخيروه، فان اختاركم فهو لكم بغير فداء، وان اختارني فوالله ما أنا بالذي أختار على من اختارني فداء).
أقبل زيد رضي الله عنه- وخيره الرسول -صلى الله عليه وسلم-، فقال زيد: (ما أنا بالذي أختار عليك أحدا، أنت الأب و العم)... ونديت عينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بدموع شاكرة وحانية، ثم أمسك بيد زيد، وخرج به الى فناء الكعبة، حيث قريش مجتمعة ونادى: (اشهدوا أن زيدا ابني ... يرثني وأرثه)... وكاد يطير قلب (حارثة) من الفرح، فابنه حرا، وابنا للصادق الأمين، سليل بني هاشم.

اسلام زيد

ما حمل الرسول -صلى الله عليه وسلم- تبعة الرسالة حتى كان زيد ثاني المسلمين، بل قيل أولهم... أحبه الرسول -صلى الله عليه وسلم- حبا عظيما، حتى أسماه الصحابة (زيد الحب)، وقالت السيدة عائشة -رضي الله عنها-: (ما بعث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- زيد بن حارثة في جيش قط الا أمره عليهم، ولو بقي حيا بعد الرسول لاستخلفه)... لقد كان زيد رجلا قصيرا، أسمرا، أفطس الأنف، ولكن قلبه جميع، وروحه حر... فتألق في رحاب هذا الدين العظيم.

زواج زيد


زوج الرسول -صلى الله عليه وسلم- زيدا من ابنة عمته (زينب)، وقبلت زينب الزواج تحت وطأة حيائها من الرسول -صلى الله عليه وسلم-، ولكن الحياة الزوجية أخذت تتعثر، فانفصل زيد عن زينب، وتزوجها الرسول -صلى الله عليه وسلم- واختار لزيد زوجة جديدة هي (أم كلثوم بنت عقبة)، وانتشرت في المدينة تساؤلات كثيرة: كيف يتزوج محمد مطلقة ابنه زيد؟... فأجابهم القرآن ملغيا عادة التبني ومفرقا بين الأدعياء والأبناء.
قال تعالى: {ما كان محمدا أبا أحد من رجالكم، ولكن رسول الله، وخاتم النبيين}... وهكذا عاد زيد الى اسمه الأول (زيد بن حارثة).

فضله


قال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (دخلت الجنة فاستقبلتني جارية شابة، فقلت: لمن أنت ؟)... قالت: (لزيد بن حارثة)... كما قال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (لا تلومونا على حبِّ زيدٍ)... وآخى الرسول -صلى الله عليه وسلم- بين زيد بن حارثة وبين حمزة بن عبد المطلب.
بعث الرسول -صلى الله عليه وسلم- بعثاً فأمر عليهم أسامة بن زيد، فطعن بعض الناس في إمارته فقال -صلى الله عليه وسلم-:(إن تطعنوا في إمارته فقد كنتم تطعنون في إمارة أبيه من قبل، وأيمُ الله إن كان لخليقاً للإمارة، وإن كان لمن أحب الناس إليّ، وإن هذا لمن أحب الناس إليّ بعده).

استشهاد زيد


في جمادي الأول من العام الثامن الهجري خرج جيش الإسلام إلى أرض البلقاء بالشام، ونزل جيش الإسلام بجوار بلدة تسمى (مؤتة) حيث سميت الغزوة باسمها ... ولأدراك الرسول -صلى الله عليه وسلم- لأهمية هذه الغزوة اختار لها ثلاثة من رهبان الليل وفرسان النهار، فقال عندما ودع الجيش: (عليكم زيد بن حارثة، فان أصيب زيد فجعفر بن أبي طالب، فان أصيب جعفر فعبد الله بن رواحة)... أي أصبح زيد الأمير الأول لجيش المسلمين، حمل راية رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، واقتحم رماح الروم ونبالهم وسيوفهم، ففتح باب دار السلام وجنات الخلد بجوار ربه.
قال حسان بن ثابت:
عين جودي بدمعك المنزور ... واذكري في الرخاء أهل القبور
واذكري مؤتة وما كان فيها ... يوم راحوا في وقعة التغوير
حين راحوا وغادروا ثم زيدا ... نعم مأوى الضريك و المأسور


بُكاء الرسول

حزن النبـي -صلى اللـه عليه وسلم- على زيد حتى بكاه وانتحب، فقال له سعـد بن عبادة: (ما هذا يا رسـول الله ؟!)... قال: (شوق الحبيب إلى حبيبه).



الساعة الآن : 11:51 AM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 148.83 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 148.16 كيلو بايت... تم توفير 0.67 كيلو بايت...بمعدل (0.45%)]