ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=91)
-   -   التوضيح لشرح الجامع الصحيح أبو حفص عمر بن علي بن أحمد الأنصاري المعروف بـ ابن الملقن (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=322396)

ابوالوليد المسلم 22-12-2025 12:53 AM

التوضيح لشرح الجامع الصحيح أبو حفص عمر بن علي بن أحمد الأنصاري المعروف بـ ابن الملقن
 
https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...b61e7e5bc2.gif

الكتاب: التوضيح لشرح الجامع الصحيح
المؤلف: سراج الدين أبو حفص عمر بن علي بن أحمد الأنصاري الشافعي

المعروف بـ ابن الملقن (٧٢٣ - ٨٠٤ هـ)
المحقق: دار الفلاح للبحث العلمي وتحقيق التراث بإشراف خالد الرباط، جمعة فتحي

تقديم: أحمد معبد عبد الكريم، أستاذ الحديث بجامعة الأزهر
الناشر: دار النوادر، دمشق - سوريا
الطبعة: الأولى، ١٤٢٩ هـ - ٢٠٠٨ م
عدد الأجزاء: ٣٦ (٣٣ والفهارس)
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]

https://encrypted-tbn0.gstatic.com/i...QZBZt0BJThvg&s


التوضيح لشرح الجامع الصحيح

تصنيف
سراج الدين أبي حفص عمر بن علي بن أحمد الأنصاري الشافعي
المعروف بابن المُلقّن (٧٢٣ - ٨٠٤ هـ)

تحقيق: دار الفلاح للبحث العلمي وتحقيق التراث
بإشراف: خالد الرباط - جمعة فتحي
تقديم: فضيلة الأستاذ الدكتور أحمد معبد عبد الكريم
أستاذ الحديث بجامعة الأزهر

إصدارات
وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية
إدارة الشؤون الإسلامية - دولة قطر
فريق العمل في تحقيق وإخراج كتاب التوضيح
في دار الفلاح - الفَيُّوم
بإشراف: خالد محمود الرباط

جمعه فتحى عبد الحليم
التحقيق والمقابلة والتعليق
وائل إمام عبد الفتاح
أحمد فوزي إبراهيم
حسام كمال توفيق
خالد مصطفى توفيق
عصام حمدي محمد
عبد الله أحمد فؤاد
ربيع محمد عوض الله
أحمد روبي عبد العظيم
أحمد عويس جنيد
هاني رمضان هاشم
محمد زكريا يوسف - سامح محمد عيد - سعيد عزت عيد
عادل أحمد محمود - طه مصطفى أمين - عماد مصطفى أمين
محمد عبد الفتاح علي - محمد أحمد عبد التواب - مصطفى عبد الحميد الإصلابي

تقدير وعرفان
إلي سعادة وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية بدولة قطر
السيد فيصل بن عبد الله بن زايد آل محمود
وفضيلة الشيخ الدكتور
أحمد معبد عبد الكريم
أستاذ الحديث بجامعة الأزهر
على توجيهاته النافعة وما أولاه من اهتمام لهذا الكتاب

دار الفلاح

إهداء
* إلى روح والدي
الشيخ محمود علي الرباط
رحمه الله
* وإلى فضيله الشيخ
عبد العزيز بن إبراهيم بن قاسم
حفظه الله
سائلا المولى أن يجزيهما عنا خير الجزاء
خالد محمود الرباط

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

مقدمة
سعادة وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية
إن الحمد لله نحمده سبحانه وتعالى ونعوذ به من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ونصلى ونسلم على صفوته من خلقه وخاتم رسله سيدنا محمد وعلى آله وصحبه.
وبعد:
فإن الأمم الواعيه هى التي تعرف قيمه تراث أسلافها وتدرك أن حاضرها لا يمكن أن ينهض إلا على أساس من مخزون ثقافتها وفكر أئمتها.
ومن أجل هذا تعمل وزاره الأوقاف والشؤون الإسلاميه جهدها على المشاركه في إحياء هذا التراث وتقديمه إلى العلماء وإتاحته للباحثين.
والحمد لله على توفيقه فقد وقع ما قدمته الوزاره من ذخائر وما أخرجته من أمهات المراجع والمصادر، وقع موقع الرضا والإكبار من أهل الشأن والإختصاص وذوى الرأى من كبار العلماء والمفتين. وهذا من فضل الله علينا وحسن توفيقه.
واليوم نقدم هذا الكتاب الجليل الكبير:
(التوضيح لشرح الجامع الصحيح) لسراج الدين بن الملقن.
وهو كتاب كبير بحجمه الذي بلغ ستهً وثلاثين مجلدًا وكبير بمؤلفه ومنزلته ومكانته وإمامته في فنه وكبير بموضوعه فهو شرح لصحيح البخاري أصح كتاب بعد كتاب الله.
ونحن تقدم هذا الكتاب نسأل الله سبحانه أن ينال من الرضا والقبول ما نالته أعمالنا السابقه وإليه -جلّ وعلا - نضرع أن يجعل عملنا خالصًا لوجهه الكريم وأن يديم توفيقنا وأن يهبنا من حوله وقوته فإنه لا حول ولا قوه إلا بالله العلي العظيم
وأخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
فيصل بن عبد الله آل محمود
وزير الأوقاف والشؤون الإسلاميه
رئيس مجلس إداره الهيئه القطريه للأوقاف
دوله قطر

لجنة إحياء التراث الإسلامي
إدارة الشؤون الإسلامية
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
كلمة لجنة إحياء التراث الإسلامي
الحمد لله وكفى وسلام على رسوله الذي اصطفى وعلى آله وصحبه ومن تبعه بإحسان
إلى يوم الدين
أما بعد:
فإن كتاب (التوضيح شرح الجامع الصحيح) لابن الملقن (ت ٨٠٤ هـ) جاء حافلًا بالفوائد والفرائد وبخاصة في النصف الأول منه.
والكتاب يطبع لأول مرة حيث تولي الوزارة اهتمامًا كبيرًا بالمخطوطات وتحقيقها سعيًا لاستكمال المكتبة الإسلامية ولا تخفى أهمية شروح الحديث النبوي الشريف في توضيح المعاني واستنباط الأحكام وإزالة للإشكال ورفع اللَّبس وقد قام خبراء الوزارة بفحص الكتاب والثناء على عمل المحققين وتوجيه النصح حيثما لزم.
وقد أشرف على تحقيقة الدكتور أحمد معبد عبد الكريم أستاذ الحديث بالأزهر فأجاد وأفاد فله الشكر منّا والأجر من الله تعالى.
وكلنا أمل أن يحظى الكتاب بما يستحق من عناية العلماء والباحثين وطلبة العلم وأن يرفدوا الوزارة بآرائهم واقتراحاتهم للمضيّ قُدمًا في مشروع إحياء التراث الإسلامي والله من وراء المقصد.

لجنة إحياء التراث الإسلامي

تقديم
بقلم أ. د/ أحمد معبد عبد الكريم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبعد:
فإن من يستعرض الشروح لكتب الحديث المسندة في مظانها من كتب التراجم، أو مصادر بيان المؤلفات الحديثية ومصادر فهرسة المخطوطات والمطبوعات فسيجد أن شروح صحيح البخاري تعد أكثر من شروح أي كتابٍ آخر من كتب الحديث المسندة، وقد قام أحد الباحثين المعاصرين وهو الشيخ محمد عصام عرار الحسيني بجمع ما تيسر له من الشروح والتعليقات على صحيح البخاري فبلغ ما ذكره (٣٧٥) مؤلفا، وذلك في كتاب له بعنوان «إتحاف القاري بمعرفة جهود وأعمال العلماء على صحيح البخاري» (طبع للمرة الأولى سنة ١٤٠٧ هـ ط دار اليمامة للطبع والنشر- لبنان- بيروت).
ومن يستعرض ما طُبع من هذِه الشروح والتعليقات فسيجد عددا غير

قليل، لكن سيجد أن ما طُبعَ محققا تحقيقا علميا موثقا يُعد نادِرًا، ولهذا فإنه عندما عرض عليَّ الأخ الأستاذ خالد الرباط نماذج من تحقيقه هو وزملائه لهذا الشرح، أرشدته إلى بعض الأمور التي ينبغي أن يُعتنى بها، ثم أتموا تحقيقه والتعليق عليه، فسررتُ بذلك؛ لأنه يُعد إضافة جديدة تدعم هذا العدد النادر من شروح هذا الجامع الصحيح المطبوعة بعد تحقيقها تحقيقًا علميا موثقًا. وأعني بالتحقيق العلمي الموثق باختصار: أنه الذي يعتمد فيه على أكبر قدر ممكن من النسخ الخطية الموثقة للكتاب، مع الإعتناء بتوثيق نصوصه بالعزو إلى المصادر الأصلية لتلك النصوص أو المصادر الوسيطة عند افتقاد الأصلية، ثم التعليق المفيد على ما يحتاج إلى توضيح أو تصويب.
كما يُعتنى فيه بالفهارس المتعددة التي ترشد القارئ إلى أكبر قدر ممكن من محتويات الكتاب.
وقد طلب مني الأخ خالد الرباط كتابة تقديم لهذا الشرح، مع ما يعرفه من ضيق وقتي وشواغلي، مما جعله يصبر عليَّ فترة ليست قصيرة، فيسَّر الله تعالى لي بعض الوقت لكتابة هذِه السطور المتواضعة، بعد أن نظرتُ في عدد من أجزاء الكتاب، واطلعتُ على عملهم فيه.
وقد كنتُ أعلم أن الكتاب وُزِّعَ تحقيقه على عدد من الرسائل الجامعية بقسم الكتاب والسُّنَّة بجامعة أم القرى بمكة المكرمة، ونُشرت فعلا إحدى الرسائل في مجلد عام ١٤١٨ هـ، دراسة وتحقيق أحمد حاج محمد عثمان، طبع المكتبة المكية ومؤسسة الريان- بيروت- لبنان.
أما بقية الرسائل فلم تُطبع حتى الآن حسب علمي، والاطلاع عليها

محدود، وغير متيسر إلا بمكةَ، وفي مكتبة الدراسات العليا، كما هو معلوم.
وعندما راجعت القسم المطبوع المشار إليه، وقارنتُ بينه وبين الأجزاء التي قدمها لي الأخ خالد، لاحظتُ أنَّ العمل لا يقل عنه تحقيقا وتوثيقًا، وبالجملة فإنَّ عملَهم لا يقل عن مستوى الرسائل الجامعية، وأحب أن أشير أنني وجدتُ أن أحد النسخ الخطية للكتاب وهي نسخة حلب التي نُقلت حاليا إلى مكتبة الأسد بدمشق، لم يعتمد عليها الأخ أحمد حاج في القسم الذي حققه، كما صرَّح بذلك في مقدمة بحثه، في حين ذكر لي الأخ خالد الرباط أنه رغم صعوبة هذِه النسخة فإنهم اعتبروها الأصل لما لها من مميزات عن غيرها، واعتنوا بها في المواضع المشتركة مع باقي النسخ، لكنني مع ذلك أشرتُ عليه ببعض جوانب يسيرة في الأجزاء التي اطلعتُ عليها سواءً في تحرير النص، أو توثيقه بالتخريج.
أما بالنسبة للكتاب، فسبحان الله؛ فإن ما عده الحافظ ابن حجر مغمزًا في هذا الشرح في وقته، أصبحنا الآن في وقتنا نراه ميزةً مهمة، فقد ذكر ابن حجر رحمه الله أن شيخه المؤلف اعتمد في هذا الشرح على شيخيه القطب الحلبي ومغلطاي، وزاد فيه قليلًا، وقال أيضًا: إنه جمع النصف الأول من عدة شروح، وأما النصف الثاني، فلم يتجاوز النقل من شرحي ابن بطال وابن التين، والمعنيون بفهارس المخطوطات في العالم حتى اليوم يعلمون أن شرحي قطب الدين عبد الكريم بن عبد النور الحلبي ومغلطاي بن قليج، لصحيح البخاري لا يوجد منهما في تلك الفهارس إلا بعض القطع اليسيرة، أما شرح ابن التين فلا يُعرف وجود شيء من نسخه كليةً.
وبالتالي يصبح ما حفظه الإمام ابن الملقن من نقول عن هذِه

الشروح الثلاثة ثروة علمية لا تُقدَّر، ويستحق عليها الثناء والترحم عليه.
ورحم الله الحافظ ابن حجر فقد كان توافر النُّسخ الخطيَّة لهذِه الشروح وغيرها في مكتبات مصر في أيامه، وعدم تصوره لما تعرضت له خزائن تلك المكتبات من التشتت والضياع والإحراق والنهب بعد ذلك، كل ذلك جعله ينتقد صنيع شيخه في كثرة تلك النقول، بل إنه سجل بنفسه في ترجمة شيخه المؤلف أنه كان له مكتبة خاصة ضخمة وأنه احترق جلها في أواخر حياته، فتغير عقله حزنًا عليها.
فلذلك يُعد ما حفظه هذا الشرح من نقول من هذِه الشروح أو من غيرها ميزةً له الآن لا مَغمزًا، بل إن ابن الملقن نفسه عدَّ نقوله هذِه مَفْخرة حرص على تقريرها كما سيأتي.
ومما ذكره من مصادره أو عز إليه أثناء الشرح ويُعد الآن مفقودًا جلُّه أو كله: «تاريخ نيسابور» للحاكم، و«سنن أبي علي بن السكن»، و«المختلف فيهم» لابن شاهين، و«الكنى» للنسائي، و«المراسيل» لابن بدر الموصلي، و«الصحابة» للعسكري، و«الأطراف» لأبي مسعود الدمشقي، و«أمالي ابن السمعاني»، و«الناسخ والمنسوخ» للأثرم، و«المبهمات» لابن بشكوال، وشرح كل من القزاز والمهلب بن أبي صفرة للبخاري، و«تاريخ حران» لأبي الثناء حماد، و«الإكليل» للحاكم، و«السيرة» لأحمد بن أبي عاصم النبيل، و«تفسير سُنيد»، و«تفسير ابن مردويه»، و«تفسير عبد بن حميد»، و«تهذيب الآثار» للطبري، و«صحيح الإسماعيلي»، و«مسند أحمد بن منيع»، وغير ذلك.
وقد أشار ابن الملقن بنفسه في خاتمة كتابه إلى اعتماده على تلك المصادر بما فيها شرح كل من شيخيه القطب الحلبي ومغلطاي،

واعتزازه بذلك حيث يقول:
(واعلم أيها الناظر في هذا الكتاب أنه نخبة عمر المتقدمين والمتأخرين إلى يومنا هذا، فإني نظرت عليه جل كتب هذا الفن من كل نوع، ولنذكر من كل نوع جملة منها، فنقول: ..) وساق قائمة طويلة، حتى قال: (ومن المتأخرين: شيخنا قطب الدين عبد الكريم في ستة عشر سفرا، وبعده علاء الدين مغلطاي في تسعة عشر سفرًا صغارا).
ثم ذكر أنه هذب كثيرًا من هذِه الكتب بزيادات واستدركات. كما سيأتي في نهايه الكتاب.
على أن في مجموع هذا الشرح كغيره ما لا يسلم منه جهد بشر من الخطأ والقصور، والكمال لله وحده.
ونسأل الله تعالى للأخ المحقق وزملائه كل توفيق وسداد، وأن يجعل عملهم هذا فاتحة خير تحفز الهمم منهم ومن غيرهم لمواصلة المسيرة في الإحياء الحقيقي لشروح هذا الجامع الصحيح وغيره من الشروح الحديثية للصحيحين والسنن الأربعة وغيرها مما طال انتظاره لجهود المخلصين وخبرة الباحثين.
والله الموفق.
وكتب
أ. د/ أحمد معبد عبد الكريم
أستاذ الحديث بجامعه الأزهر

مقدمه التحقيق
بقلم / خالد الرباط
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، إن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد - ﷺ -، وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (١٠٢)﴾ [آل عمران: ١٠٢].
﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا (١)﴾ [النساء: ١].
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (٧٠) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا (٧١)﴾ [الأحزاب: ٧٠ - ٧١].

وبعد:
فإن التفكير في إنجاز الأعمال العظيمة يصحبه شعور النفس باستعظامها، أو شعورها باستصغارها، ولكلا الحالين دواعيه وعواقبه، ولكن الشروع في الإنجاز نفسه ثم مواصلته يحتاج إلى حماسة لا تلهبها إلا حرارة الجُرْأة .. الجُرْأة التي تُخرج الآمال من ظلمات العدم إلى نور الوجود.
ولو كان عملنا هذا يدًا سريَّة أو صدقة مَخْفيَّة، لابتدرنا إلى كتمانها، حتى لا تعلم شمالنا ما أنفقتْ يمينُنا، ولكن أبى الله إلا أن يجْعله علانيةً تضيءُ أبصار المنصفين، وتُعْشي أعين الجاحِدين. وإنَّما نُلمح بكلماتٍ قليلة إلى تلك الجهود المبذولة والسنوات المَقْضيَّة التي استغرقها هذا العمل، ولسنا بذلك نعتفي إعجاب المطَّلعين، ولسنا بالعجب مُجاهِرين، ولكنَّا قصدنا من هذِه اللمحة إلى أمرين:
أولهما: بيان الإمكانات البحثية التي تمتاز بها مؤسستنا مع ما اعتراها من صعوبات وضغوط تفوق الطاقة، وقد بدأنا بهذا الكتاب منذ ستة أعوام، لم يَقْطعها- نادِرًا- إلا الإنشغال بأعمال أخرى نضطر إليها لتسيير أمور العمل، ثم ما يلبث العمل أن يستمر في طريقه متحديًّا الظروف التي ربما عوَّقت كبريات المؤسسات عن إتمام عملها، كما نرى ونسمع ذلك كثيرًا.
ورغم هذِه المثابرة الطويلة، ثم هذا النجاح، الذي كلَّل الله به جهودنا؛ فإننا كنَّا نطمحُ أن نزيد بهاءه بهاءً، وجلاله جلالا، فاعترضنا طريقان: أن نُعجِّلَ للباحثين منفَعته، وأن نؤخرها، فاخترنا تعجيل المنفعة على تأخيرها؛ فإن من الصعب حقًّا الوصول بهذِه

الكتب إلى الصدارة التي تُرضي أهل العلم، وعزاؤنا أنه من أفضل الشروح -التي خرجت- تحقيقًا حتى الآن، إن لم يَكُن أفضلها على الإطلاق.
وثانيهما: الإشارة بلمحة وفاء إلى هذِه الثُّلَّة من الباحثين الذين تربَّوا في أكنافِ دار الفلاح، وأُسنِدَ إليهم تحقيق الكتاب، والمتأمل في الأصل الذي عليه الكتاب يعرف حجم ما بذلوه لإخراجه، ليضعوه بين يدي أهل العلم في حُلة رائعة سهلة المنال عذبة المذاق، وقد يبذل الواحد منهم جُهدًا مضنيًا في التحقق من كلمة أو سطر ثم لا يظهر هذا الجهد في حاشية أو تعليق، ولا أدعي أنهم كلهم على درجة عالية من الكفاءة والعلم، بل هم متفاوتون في ذلك، ولكن عندهم من الجد والإخلاص ما يجعلني أستبشر لهم -بعد مزيد من الخبرة والعلم- بإذن الله بمستقبل مشرق في خدمة تراث أمتنا العظيم.
خالد الرباط
ت ٠١٠٦٦١٣٣٦٩/ ٠٠٢
Email: [email protected]

فصل في التحقيق والتراث والمحققين
قد أفردت للذين شاركوا في هذا الكتاب لوحة شرف، وهذا أقل ما يجب نحوهم، حتى وإن اعترى عملهم شيء من التقصير، ولسائل أن يقول: لِمَ هذا الزحام في كتابة أسماء المشاركين في التحقيق، ألا يكفي اثنان أو ثلاثة من المحققين البارزين؟
والحقيقة أني تعمدت ذلك لأسن سُنَّةً حسنة، وإنْ سبقني إليها غيري فأنا أُحييها، فإن المقتدين بها قلة، وأرى أن إظهار الذين قاموا بالعمل أفضل من عمل البعض من التنويه بهم في صفحات مخفية بُغية ألا يطلع عليهم أحد، وأرى أن فعلي هذا هو الذي تقتضيه الديانة والأمانة، والغريب أن غالب أهل الباطل يعزون العمل إلى فاعِلِيه كما في الأفلام والمسلسلات بل وفي الأغاني القصيرة! تجد عشرات؛ بل أحيانا مئات الأسماء لوصف طبيعة عملهم بدقة، أليس حريًّا بأهل العلم أن يكونوا مَثَلا يُحتذى به في الصدقِ والأمانة ونسبة العمل إلى أصحابه؟ ولا ندعو بذلك إلى تقليد الأفلام، ولكن كثيرًا من الأخلاق والمعاملات الإسلامية قد افتقدها المسلمون وأخذ بها طلاب الدنيا ففاقوا بها كثيرًا من المسلمين، ولستُ بحاجة أن أدلل على ذلك.
إن من طبائع النفس البشرية التطلع إلى حب الشهرة والظهور، وهذِه طبيعة تحتاج إلى توجيه وترشيد وتقويم، ولو أُطلق لها العنان ووجدت

لذلك أرضا خصبة لأفسدت في الأرض أيما إفساد، ﴿وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (٧) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (٨) قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (٩) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا (١٠)﴾ [الشمس: ٧ - ١٠].
ولتعذرني أُخيَّ إن أطلتُ قليلا في هذا الموضوع، وأستعرضُ هنا حُجَج المخالفين، الذين يسوِّلون لأنفسهم الانفرادَ بنسبة أعمالٍ إليهم لم يقوموا بنصفها ولا رُبْعها بل ربما لم يروها إلا بعد الطباعة، ولستُ بذلك أقصد رجلًا بذاته؛ فإنَّ منهم من نَفَعَ الله به ما لم يبلغه نفع المئاتِ من غيره، ولكنِّي لا أستئني في حديثي هذا حتَّى لا يكون الاستثناءُ مَطيّةً، ويُعد كلُّ شخص نفسه داخلا في الاستثناء، ولكن دعونا نتعاون في صياغة قواعد إسلامية لهذا الباب، لا ننحرف عنها إذا اتفقنا عليها، فالخطأ في كلامي وارد.
* أما حجج المؤيدين والفاعلين لهذا السلوك فتتلخص في الآتي:
١ - أنه صاحب الفكرة.
٢ - أنه الممول لهذا العمل العلمي.
٣ - أن الذين عاونوه في العمل قاموا بأعمال ثانوية.
٤ - أن الذين عاونوه في العمل مستواهم العلمي دون المطلوب ولا يليق بأن يضعهم معه.
٥ - أن بعض الجهات الرسمية لن تدعم هذا العمل إذا وجدت عليه أسماء من جنسيات أخرى.
٦ - أنه عمل جماعي هو الذي قام بالإشراف والتوجيه والتمويل وجلب ما يلزم من مخطوطات وكتب وكوادر علمية وفنية (مثل أصحاب المكاتب).

٧ - أن بعض المشايخ الثقات قد أفتى بذلك.
وسوف نستعرض كل حُجة مفصلين لها ومدحضين إياها، نقول وبالله التوفيق:
١ - أنه صاحب الفكرة.
إن أفكار المشروعات العلمية وتحقيق الكتب متكررة وموجودة عند أعداد كبيرة من أهل العلم والباحثين، بل وعند بعضهم خطط هذِه الأعمال وربما نماذج منها، لكن العبرة بالإنجاز.
فإن قيل: إن صاحب الفكرة قام بتمويلها ومتابعتها حتى خرجت للنور؟
قلتُ: وهل تعجز كلمات اللغة العربية عن وصف عمله وعمل الآخرين، حتى يستأثر به لنفسه. ثم مسألة التمويل سيأتي ذكرها.
فإن قيل: إن الفكرة كالاختراع لها حقوق ينبغي احترامها ونسبتها إلى صاحبها؟
قلتُ: الأمر يختلف في الأبحاث والتحقيقات الشرعية، ألا يحدث كثيرًا أن يتقدم باحث بخطة لحصوله على الماجستير أو الدكتوراه لكلية ما، فتُرفض الخطة، فيأخذها غيره ويقدمها لكلية أو جامعة أخرى فتُجاز وينفذها .. لمن يُنسب العمل؟ ألصاحب الخطة الأولى، أم لمنفذها؟ الجواب معروف؛ لأن إشكالات الأعمال العلمية في التنفيذ لا الفكرة، ليس هذا تقليلا من شأن الفكرة؛ ولكن لأن الواقع هو توارد الأفكار في الحقل الإسلامي وتكرارها بصورة كبيرة.
كم شخصٍ وجهةٍ فكَّر وخطط لعمل «موسوعة حديثية»، وكثيرًا ما تكون بمنهج يكاد يكون متطابقًا، فهل يعني ذلك أن صاحب أول

تفكير هو الذي يحتكرها؟ وإذا قام غيره بتنفيذها نكتب اسم صاحب الفكرة الأولى على أنها من عمله. وانظر كذلك إلى فكرة «الموسوعة الفقهية»، خططت لها عشرات الجهات وأقدم على تنفيذها الكثير، وأيضًا موسوعات المصطلحات والأصول .. وغير ذلك كثير.
إن انسحاب براءة الإختراع على أفكار الأعمال العلمية الشرعية لا يتطابق بالضرورة، وإنما الذي يتطابق هو تنفيذ العمل نفسه، ولنضرب مثلا آخر: ماذا لو أعلنت خزانة من خزانات المخطوطات عن عثورها على نسخة من كتاب كبير ونفيس كان مفقودا، ثم أعلن شخص أنه سيبادر إلى إخراجه وتحقيقه، ثم أعلن غيره وغيره .. هل نقول: هذِه فكرة الأول ولا يصح التعدي عليها ومن ينفذها فينبغي أن ينسبها لأول مُعلِن عن الفكرة. وألفت النظر أن هذا يختلف عن التعاون والتنسيق بين المحققين.
٢ - أنه الممول لهذا العمل العلمي:
أقول: إن منفذي الأعمال في أنحاء العالم كله غالبا غير مموليها، ولنضرب مثلا قريبا من هذا الدكتور أحمد زويل الفائز بجائزة نوبل، كرر مرارا تقديره للجهات التي يعمل فيها ودعمت أبحاثه التي فاز بها، ولم يُنفق عليها من جيبه فلسا، أما الحقوق .. فإنها ترجع لاتفاق التمويل، وليس هذا هو محور حديثي، وإنما الحديث حول نسبة العمل لعامليه.
وكثير من الولاة ووجهاء المسلمين والحكومات قد مولوا أعمالا علمية أو صناعية ونُسبت إلى فاعليها، وماذا لو دعمت حكومات أو وزارات أو جهات أو تجار وأفراد لا علاقة لهم بالعلم بعض الأعمال، بل ربما يكون أحدهم أميًّا لا يعرف القراءة والكتابة،
https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...b61e7e5bc3.gif



ابوالوليد المسلم 22-12-2025 01:05 AM

رد: التوضيح لشرح الجامع الصحيح أبو حفص عمر بن علي بن أحمد الأنصاري المعروف بـ ابن ال
 



https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...b61e7e5bc2.gif


الكتاب: التوضيح لشرح الجامع الصحيح
المؤلف: سراج الدين أبو حفص عمر بن علي بن أحمد الأنصاري الشافعي

المعروف بـ ابن الملقن (٧٢٣ - ٨٠٤ هـ)
الناشر: دار النوادر، دمشق - سوريا
الطبعة: الأولى، ١٤٢٩ هـ - ٢٠٠٨ م
عدد الأجزاء: ٣٦ (٣٣ والفهارس)

المجلد (1)
من صـــ 26 الى صـــ 50
الحلقة (2)

ولا يمنعه هذا الأجر إن شاء الله، هل نكتب مثلا:
«سؤالات الدارقطني» تحقيق الحاج حسن تاجر الملابس والخردوات، أو مقاول البناء والتشطيبات؟!
أو «معجم الشيوخ» تحقيق شركة الإسمنت ومواد البناء!
أو «الفقه الإسلامي» من تأليف شركة تسويق الخضار والفاكهة!
أو «الأعمال الكاملة» جمعتها مؤسسة النظافة والصيانة!
وليعذرني قارئي الكريم على هذِه الأمثلة، فقد استشرى الداء، ولم يعد بد من مناقشة هذا الأمر. ولو أخذنا بهذِه الحجة فلننسب أعمال البعثات العلمية التي تتحمل تكاليفها الحكومات إلى رئاسة الجمهورية أو الديوان الملكي أو وزير الخزانة!
٣ - أن الذين عاونوه في العمل قاموا بأعمال ثانوية:
أقول: هذِه الأعمال إما أنها قليلة جدًا فلا بأس بالإشارة فقط إلى فاعليها، أما إذا كانت الأعمال الثانوية مثلا: نسخ المخطوط، ومقابلة النسخ، واستخراج المصادر .. إلى آخره، ثم قام سعادته بالنظر إلى العمل الذي استغرق سنوات ثم تَصَفَّحهُ في ساعات وأبدى ملاحظاته وتوجيهاته، فلا بأس أن يكتب اسمه كإشراف أو اعتنا مع ضرورة كتابة العاملين الحقيقيين لهذا العمل.
٤ - أن الذين عاونوه في العمل مستواهم العلمي لا يليق بأن يضعهم معه، وأنه يصلح الكثير من أخطائهم:
إذا كان الوضع كذلك فلا يستعن بهؤلاء أصلًا أو ليَسْتَغْنِ عنهم بعد معرفة حالهم، أو أن عملهم كان قابلا للتعديل، فليكتب أنه قام بالتصحيح والمراجعة والتعديل. نعم في حالات يكون هناك طلبة علم


تحت التدريب ويعطيهم الشيخ بعض الأعمال ليتمرسوا فيها، ثم إنه قد يراجعها ويفيد منها، وهذِه صورة قليلة بعيدة عن محور كلامي.
٥ - أن بعض الجهات الرسمية لن تدعم هذا العمل إذا وجدت عليه أسماء من جنسيات أخرى.
أقول: وهل من الشرع التدليس على الجهات الرسمية؟ وإن لم يكن من الأمر بد فعلى الجهات الرسمية القيام بالسلوك الصحيح، ولو حاول الجميع في إيصال هذا المعنى لهم لوجدنا استجابة، وهل الجهات الرسمية إلا أنا وأنت أو ابن عمي وابن خالي، وجاري. وإلا فلنترك المجال لمستحقيه من الذين يعملون بأيديهم وتنطبق عليهم شروط هذِه الجهات.
٦ - أنه عمل جماعي هو الذي قام بالإشراف والتوجيه والتمويل وجلب ما يلزم من مخطوطات وكتب وكوادر علمية وفنية (مثل أصحاب المكاتب).
أقول: وما المانع أن يُنسب العمل إلى الجماعة، وقد سبق بيانه.
٧ - أن بعض المشايخ الثقات قد أفتى بذلك:
أقول: وماذا لو أفتى غيرهم بخلاف ذلك؟ ألا يحتاج منا ذلك أن نتبين الحكم الشرعي الراجح؟ أليس واردا أنه قد تم التلبيس على هؤلاء المشايخ؟ أليس واردا عدم إحاطتهم- مع احترامي لهم- بالملابسات الحاصلة، أو أخذهم الأمر وكأن أحد تلاميذهم يقابل معه مؤلَفَهُ المنسوخ من دروسه، أو يصوب له التجارب؟ وهذا أبسط حق للشيخ على تلميذه.
ثم ماذا لو كان الأمر مسألة أخرى متعلقة بحق مادي وأفتاه أحدهم


بأن ليس له حق، وأفتاه غيره بأن له الحق، ألن يدقق في المسألة ويبحث ويجادل ويسأل غير هذا وهذا، وربما يأتي للمخالف بالردود ولهذا بالحجج والبراهين، زاعمًا أنه يحرر المسألة، أليس في ذلك تشبهًا بالمنافقين ﴿وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ (٤٩)﴾. إن اختطاف مثل هذِه الفتوى والعمل بها لهو تأسيس بناء على شفا جُرُفٍ هار .. أين تحرير المسألة والوصول لأصلها وبحث فروعها؟ أين تحري الحلال، والبعد عن المشتبهات؟ أين درء المفاسد وسد الذرائع؟ هل هذا فقط متعلق بعوام المسلمين الذين نعظهم ونخاطبهم فننتقد إسرافهم في الحلال، ونرجح وقوعهم في الحرام، ونختار لهم من الأحكام أشدّها، ومن الأعمال أعسرها، حرصا على شدة إيمانهم وقوة عزيمتهم!
* مفاسد هذا العمل بحسب ما رأيتُ:
١ - فيه تدليس وتلبيس على طلبة العلم وعموم المسلمين. واعتياد المفترض فيهم القدوة على الكذب والافتراء.
٢ - احتكار القادرين وأصحاب الأموال وتوجيههم لبعض الأعمال العلمية بحسب ما يرون مع ضعف علمهم.
٣ - إذلال الفقراء من أهل العلم وعدم الإنفاق عليهم ما لم يُشاركوا في هذا التدليس.
٤ - تدهور أحوال مكاتب التحقيق قليلة الحيلة ما لم يُشاركوا في هذا التدليس.
٥ - إسناد الأمور إلى غير أهلها نتيجة الإعتقاد بأنهم أصحاب هذِه الأعمال. ورفع شأنهم العلمي بين عوام المسلمين فيفتونهم بغير علم فيَضلوا ويُضلوا.


٦ - تنافس طلبة العلم الموسرين المبتدئين على إخراج أعمال لا يصل إليها مستواهم العلمي، عن طريق غيرهم، مما يؤدي إلى تصدرهم هذا المجال ودخول العُجب عليهم، وتوقفهم عن طلب العلم، لأنهم طبعا أصبحوا علماء لا يُشق لهم غبار! ولا يصح أن يكونوا في مقام أقل من ذلك.
٧ - دخول أموال لهؤلاء المدلسين لا يستحقونها بما في ذلك التكريم والجوائز والدعوات والندوات والمؤتمرات .. وهذا من أكل الحرام. ويصل الأمر ببعضهم بأن يستحل ما اتفق عليه مع الباحث القائم بالعمل فلا يعطيه حقه رغم أنه يستفيد أضعافًا مضاعفة.
٨ - نشر العداوة والبغضاء والحسد في الأوساط العلمية بين القادرين وغيرهم.
٩ - وأد روح الإبداع والطموح عند المتميزين من طلبة العلم الفقراء ومتوسطي الحال.
١٠ - إقبال الهيئات العلمية الرسمية -والأهلية- وكذلك بعض الجهات التي تحتاج هيئات شرعية، على اتخاذ بعض المزيفين من هؤلاء المدلسين كعلماء أعضاء وكوادر بها، اعتمادا على كم الأعمال وذياع الصيت، ولعَمري إن كثيرًا من علماء المسلمين مات ولم يترك إلا كتابا أو بضعة رسائل، منهم من المتقدمين سيبويه لم يترك إلا «الكتاب»، ومن المتأخرين الشيخ عبد الرزاق عفيفي لم يترك إلا رسائل كانت تدرس في الجامعة.
بالله عليك أخي الكريم هل تُنكر عليَّ خطأً في عبارة واحدة مما


سبق؟ وهل مرت عليك مثل هذِه المفاسد أو سمعت بها قبل ذلك؟
ولست أريد هنا أن أقطع الصلة بين العلماء غير المتفرغين للعمل العلمي وبين طلابهم الذين يستفيدون علميًّا وعمليًّا بمشاركتهم مشايخهم في إنجاز أعمالهم، أو أَنْهى عن معاونة المشايخ والدعاة في تحضير دروسهم ومناظراتهم وخطبهم، بل إن هذا قد يكون واجِبًا في بعض الأحيان، إنما أتحدث عن واقعٍ مرير، وداءٍ انتشر ويزداد انتشارًا بصورةٍ لم نسمع عنها من قبل، ولا يمكن لأحد في مجال البحث والتحقيق والنشر أن يُنكر ذلك، وأظن أن حديثي واضحٌ بما فيه الكفاية فلا تُحَمِّلُّوه ما لا يحتمل. ولا يعني ذلك أن الصورة سوداء، فالحمد لله الخير كثير، وأهل الحق لا زالت لهم الغلبة.
قيل: الكلام السابق يغلب عليه السطحية والبساطة، وليس فيه عُمق وغير مبني على قواعد قوية! قلتُ: نعم فيه شيء من السطحية والبساطة؛ لأن التبحر في الموضوع سيُظهر كثيرًا من الفضائح والطَّامات واللصوصية التي نود أن نضرب عنها -الآن- صفحًا لعل الأمور تسير نحو الأفضل، ونأمل أن ينتشر الوعي بهذا الداء، ليقل خطره وليُعْطَى كل ذي حق حقه، والتعمق في الموضوع قد يؤدي إلى كثير من اللغط والأخذ والرد، وربما اتهام لكثير من الأفاضل بالباطل، فكم من متربصٍ بهم، يتمنى أن يظْهر من عوراتهم ما لا يوجد أصلًا، أو يبالغ في بعض أحوالهم التي لا ترقى لهذا التدليس.
ولا يعني ذلك أيضًا أن هذا هو الداء الوحيد الموجود في الأوساط العلمية، فهناك السرقات العلمية الصريحة ومن آخرها محاولة فردٍ السطو على أعمال لا يقدر عليها إلا فريق كبير، والادعاء بأنه قد أنجز هذا


العمل، ولو قضى عمره كله فيه لما استطاع ذلك، مع ضعفه العلمي وقصور اطلاعه .. لكن مع خبرة كبيرة في الكذب والزور قد ينطلي كلامه على غيرِ أهل النظر والفراسة، «ولا يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتبَ عِنْد اللهِ كذابا»، وكما أنَّ هناك أنواعًا مختلفة من اللصوصية ظهرتْ وانتشرف في هذا الحقل تحتاجُ إلى الأخذ على اليد، هناك أمراض أخرى تحتاج إلى نصح ومعالجة، وليس هذا مجال بسطها، وأظن أيضًا أنني قد وضعت نفسي موضعًا لا أُحسد عليه، ربما أتسبب في إغضاب بعض معارفنا، وربما يتخذني البعض غَرَضًا، لكن الحق أحق أن يُتبع، والله أسأل أنْ يُسلمنا وأن يقينا شرور أنفسنا وشرور خَلقه.
اللهم قد بلغت، اللهم فاشهد.


فريق العمل على كتاب التوضيح
قد ذكرتهم في واجهة الكتاب، وجميعهم من العاملين بدار الفلاح، وكما أشرف آنفا فهم متفاوتون في المستوى العلمي والفني، إلا أني أود أن أنوه بعمل بعضهم؛ فما كان من تخريجات مطولة فغالبا للأخ أحمد فوزي، وما كان من دقة في تتبع المصادر وتوثيقها فهي للإخوة وائل إمام وحسام كمال وعبد الله فؤاد، ثم ربيع محمد وأحمد عويس، وأكثر المقابلات كانت للأخين خالد مصطفى وعصام حمدي. وأما التعليقات العقدية فأكثرها مني، ومراجعات متن البخاري لي مع الدكتور جمعة فتحي والأخ أحمد روبي، والعمل في مجمله مشترك والأمور السابقة هي للغالب.
وهناك بعض الذين لم أذكرهم لقصر المدة التي قضوها مع الكتاب أو لقلة عملهم فيه، وهم: كمال محمود موسى، ووئام الحوشي، ومحمد رمضان، وأحمد عبد الله محمد علي، وسيد قطب، وشريف عبد اللطيف، ومحمد سعد، وأحمد عبد المجيد، والسيدة/ مها محمود.


شكر وتقدير
أتقدم بوافر الشكر لكل من عاون في إخراج هذا الكتاب ومنهم:
الأخ العزيز محمد طه آل بيوض التميمي بوزارة الأوقاف بقطر، والأخ عبد العزيز الراجحي، بمركز الملك فيصل للمخطوطات بالرياض، الذي يسر لي تصوير ما أحتاجه من نسخ بالمركز، والأخ عبد الرحمن الجميزي الذي تابع لي التصوير من الجامعة الإسلامية، وأخي الشيخ إمام علي إمام، وكذلك الدكتور سليمان العازمي بالكويت. والأخ غنيم عباس صاحب مكتب الكوثر الذي آثر أن نقوم بهذا العمل بعد أن بدأه.
ولا يفوتني أن أشكر الأستاذ الدكتور أكرم ضياء العمري على ملاحظاته وتوجيهاته، سواءً المتعلقة مباشرة بالكتاب، أو ما استفدناه من كتبه. والشكر موصول لمشايخنا وأساتذتنا وأصحاب الفضل على:
الدكتور سعد الحميد، والدكتور حمد الشتوي، والشيخ صالح السدلان، نسأل الله أن يبارك فيهم وأن يحفظهم من كل سوء، وأن يغفر لنا ولهم ولكل من له حق علينا.
أما فريق العمل القائم على نشر التراث بوزارة الأوقاف بقطر فقد وجدتُ عندهم من الهمة والدأب والإخلاص ما لم أجده في غيرهم؛ وعلى رأسهم سعادة الوزير، والإخوة: علي المهندي، وعبد الله البكري، وحسن الأصفر وغيرهم ممن لا أعلمهم، ولا يعلمهم آلاف المستفيدين من جهودهم العظيمة، لكن الله يعلمهم، ولا ينفعهم ولا يفيدهم شكري أو ثنائي، والله حسيبهم وهو يجزيهم إن شاء الله بما هو أهله من الثواب الجزيل والأجر العظيم، والآخرة خيرٌ وأبقى.


مقدمة حول السُّنَّة النبوية
* السنه ومكانتها:
إن المتتبع لما كُتب عن السُّنَّة ومكانتها من التشريع، وطرق تدوينها وحفظها، وتمييز صحيحها من سقيمها، ليجد كمًّا هائلا من المؤلفات القديمة والحديثة التي تفي ببيان هذا الموضوع بما يغني عن التكرار والكتابة فيه، ولكن من العجيب ظهور طوائف معاصرة من المتعالمين الذين يشككون في السُّنة ووجدوا من يناصرهم في السر والعلانية، وأكثرهم -إن لم يكن كلهم- لم يطلع على حجج أهل الإسلام على صحة السنة وسلامة وصولها إلينا، وهذا إما بسبب الإغترار بما يظنون أنهم عليه من علم، أو تسفيههم لأهل الدين، أو أنهم مغرر بهم، أو تأدية بعضهم لدور مطلوب منهم في الحملات المنسقة لمحاربة الإسلام.
وإن كانت هذِه الشبهات ليست بالجديدة فهي أفكار لبعض الفرق الخارجة عن أهل السُّنة والجماعة، ولم تتوقف في وقت من الأوقات؛ إلا أن حدتها تختلف، وكانت قد قلت لفترة طويلة نسبيا، ثم هي منذ سنوات مع تطور وسائل الإعلام تستعر وتثير كثيرًا من الغبار والدخان في محاولة للحد من الصحوة الحديثية الموجودة عند كثير من طلبة العلم في العالم الإسلامي.


وهنا أذكر ما كان يكرره علينا بعض إخواننا في بداية الطلب -تبعا لمنظريهم- من عدم الحاجة للتبحر في علوم الحديث، بحجة أن السابقين قد كفونا مؤونة ذلك ولا حاجة للتدقيق الشديد في روايات السنة والبحث في خباياها، واستبدال ذلك بما هو أكثر نافعا من علوم واقعية -زعموا- تنفع المسلمين ولا تجدد الخلافات المذهبية التي عفا عليها الزمان.
ولك أن تتصور إلى أي مدًى كان سيصل الحال بالمسلمين لو اتبعوا كلام هؤلاء المنظرين وقصَّروا في تعلم سنة نبيهم، ولوجد المشككون مَرْتعا خصبًا لأفكارهم التي هي بداية لإنكار الإسلام بالتشكيك في أصليه العظيمين: الكتاب والسنة.
وأحب أن أشير إلى أمور في هذا السياق:
الأول: أن من بدايات بدعة إنكار السنة في الأوساط المنتسبة للإسلام بالطريقة المنتشرة هذِه الأيام كانت من المعتزلة، فإنهم غلوا في شأن العقل، وجعلوه هو العالِم بحسن الفعل وقبحه، وصار الاستدلال بالقرآن والسُّنة عندهم اعتضادًا لا اعتمادًا، وردُّوا الأحاديث غير الموافقة لأغراضهم ومذاهبهم، وهذا هو عين فكر منكري السُّنة اليوم؛ لذا تجد الفريقين قد اشتركا في التشكيك في منزلة الصحاح، وفي إنكار عذاب القبر والميزان ورؤية الله في الآخرة .. وغير ذلك من البدع المشهورة عنهم. وأنكر حجية السنة أيضًا الخوارج والروافض.
الثانى: أن التسليم بهذا القول يترتب عليه فساد أصل الدين والاعتقاد، بل والرسالة كلها، فلو كان الأمر كما يظنون فكان يكفي أن ينزل القرآن من عند الله بطريقة ما وقد تكفل سبحانه بحفظه، ولا حاجة لرسول أو لتطبيق عملي لهذا الكتاب لأننا سننكر هذا التطبيق لو وصل إلينا، ومفاسد هذا القول أكثر من أن تُحصى، وأقل


ما يُقال أنها فكرة شيطانية لاجتثاث الإسلام وتدميره ﴿يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (٣٢) هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ (٣٣)﴾ [التوبة: ٣٢، ٣٣].
الثالث: يمكننا القول أن عدم الأخذ بأحاديث الآحاد في العقيدة هو قسيم لبدعة إنكار السنة وقرينها، فحجج منكري السنة تقف عاجزة أمام كثير من شرائع الإسلام كعدد ركعات الصلاة، ومقدار الزكاة ونصابها .. إلخ، فزيَّن لهم الشيطان أن هذِه سنة عملية أو متواترة لا ننكرها، غير أن منكري الاستدلال بأخبار الآحاد في العقيدة يأخذون بها في غير العقيدة، بل إن كثيرًا منهم يستدل بالأخبار الضعيفة والموضوعة لنصرة مذهبه الفقهي وعمل البدع، وهذا من التناقض العجيب، فأحاديث الآحاد الصحيحة لا يأخذون بها في جانب، والموضوعات والواهيات يستدلون بها في جانب آخر!.
وبهذا البيان السابق لا أجد حرجا أن تتضمن مقدمة هذا الكتاب لمحة موجزة ومفيدة عن هذا الموضوع.


فصل فى أهميه علم الحديث
اعلم أنَّ أنف العلوم الشرعية ومفتاحها ومشكاة الأدلة السمعية ومصباحها، وعمدة المناهج اليقينية ورأسها، ومبنى شرائع الإسلام وأساسها، ومستند الروايات الفقهية كلها، ومأخذ الفنون الدينية دِقّها وجلّها، وأسوة جملة الأحكامِ وأُسَّها، وقاعدة جميع العقائد وأصلها، وسماء العبادات وقطب مدارها، ومركز المعاملات ومحط حارِّها وقارها، هو علم الحديث الشريف الذي تُعرف به جوامع الكلم، وتنفجر منه ينابيع الحكم وتدور عليه رحى الشرع بالأثر، وهو ملاك كل أمر ونهي، ولولاه لقال من شاء ما شاء، وخبط الناس خبط عشواء وركبوا متن عمياء، فطوبى لمن جدَّ فيه، وحصل منه على تنويه، يملك من العلوم والنواصي، ويقرب من أطرافها البعيد القاصي، ومن لم يرضع من درِّه، ولم يَخُض في بحْرِه، ولم يقتطف من زهْرِهِ، ثم تعرَّض للكلام في المسائل والأحكام، فقد جار في ما حكم، وقال على الله ما لم يعلم، كيف وهو كلام رسول الله - ﷺ -، والرسول أشرف الخلق كلهم أجمعين .. وهو تلو كلام الله تعالى، وثاني أدلة الأحكام، فإن علوم القرآن وعقائد الإسلام بأثرها وأحكام الشريعة المطهرة بتمامها، وقواعد الطريقة الحقة بحذافيرها، وكذلك الكشفيات العقليات بنقيرها وقطميرها، تتوقف على بيانه - ﷺ - .. فكل قول يصدقه خبر الرسول - ﷺ - فهو الأصح للقبول، وكل ما لا يساعده


الحديث والقرآن، فذلك في الحقيقة سفسطة بلا برهان، .. وما الحق إلا فيما قاله - ﷺ - أو عمل به، أو قرره أو أشار إليه، أو تفكَّر فيه، أو خطر بباله، أو هجس بخلده واستقام عليه، .. فياله من علمٍ سيط بدمه الحق والهُدى، ونيط بعنقه الفوز بالدرجات العُلى (١).

* أهمية الإسناد وفضله، وبيان أنه من خصائص هذه الأمة:
لقد خص الله -سبحانه وتعالى- هذِه الأمة المحمدية بالإسناد، وأن الوقائع كانت تروى بالسند المتصل ساعة حدوثها إلى أن استودعت في بطون الكتب، ينقلها الرواة طبقة بعد طبقة، وهذا الإسناد لا يوجد عند الأمم الأخرى، حيث أغفلته، ولم تتنبه إليه.
قال أبو عليّ الجيّاني ت ٤٩٨ هـ: «خص الله تعالى هذِه الأمة بثلاثة أشياء لم يُعطها مَنْ قبلَها: الإسناد، والأنساب، والإعراب» (٢)، وروي هذا أيضًا عن أبي بكر محمد بن أحمد.
وقال محمد بن حاتم بن المظفر: إن الله قد أكرم هذِه الأمة وشرفها وفضلها بالإسناد، وليس لأحد من الأمم كلها قديمها وحديثها إسناد، إنما هو صحف في أيديهم، وقد خلطوا بكتبهم أخبارهم.
فليس عندهم تمييز بين ما نزل من التوراة والإنجيل وبين ما ألحقوه بكتبهم من الأخبار التي أخذوها عن غير الثقات.
وهذِه الأمة إنما تنص الحديث عن الثقة المعروف في زمانه، المشهور بالصدق والأمانة عن مثله حتى تتناهى أخبارهم؛ ثم يبحثون أشد البحث حتى يعرفوا الأحفظ فالأحفظ، والأضبط فالأضبط،
(١) «الحطة في ذكر الصحاح الستة» ص ٣٥، ٣٦ بتصرف يسير.
(٢) «تدريب الراوي» ٢/ ١٦٠.



والأطول مجالسة لمن فوقه ممن كان أقل مجالسة، ثم يكتبون الحديث من عشرين وجهًا أو أكثر حتى يهذبوه من الغلط والزلل، ويضبطوا حروفه ويعدوه عدًّا، فهذا من أفضل نعم الله على هذِه الأمة، فلْيُوزع الله شكر هذِه النعمة.
وقال أبو حاتم الرازي ت ٢٧٧ هـ: لم يكن في أمة من الأمم منذ خلق الله آدم أمناء يحفظون آثار الرسول إلا في هذِه الأمة (١).
ويقول عبد الله بن طاهر ت ٢٣٠ هـ: رواية الحديث بلا إسناد من عمل الزمنى، فإن إسناد الحديث كرامة من الله -سبحانه وتعالى- لأمة محمد - ﷺ - (٢).
وقال الشافعي ت ٢٠٤ هـ: مَثَل الذي يطلب العلم بلا حجة- يعني: بلا إسناد- مَثَل حاطب ليل يجمع حزمة حطب فيه أفعى يلدغه وهو لا يدري (٣).
وقال يزيد بن زريع ت ١٨٣ هـ: لكل دين فرسان، وفرسان هذا الدين أصحاب الأسانيد.
ويقول عبد الله بن المبارك ت ١٨١ هـ: الإسناد من الدين، ولولا الإسناد لقال من شاء ما شاء (٤).
وعنه أيضًا: مثل الذي يطلب أمر دينه بلا إسناد كمثل الذي يرتقي السطح بلا سلم.


(١) «فتح المغيث» للسخاوي ٣/ ٣.
(٢) «فتح المغيث» للسخاوي ٣/ ٤.
(٣) «المدخل إلى الصحيح» للحاكم ص ٢، «فتح المغيث» للسخاوي ٣/ ٤.
(٤) مقدمة «صحيح مسلم» باب: بيان أن الإسناد من الدين. «الإلماع إلى معرفة أصول الهداية وتقييد السماع» للقاضي عياض ص ١٩٤، «معرفة علوم الحديث» للحاكم ص ٤٠.



ويقول أيضًا: بيننا وبين القوم القوائم، يعني: الإسناد (١).
وسئل عن حديث عن الحجاج بن دينار، عن النبي - ﷺ - فقال: إن بين الحجاج وبين النبي - ﷺ - مفاوز تنقطع فيها أعناق المطي (٢).
وقال حماد بن زيد ت ١٧٩ هـ: وقد ذاكره بقية بن الوليد بأحاديث، فقال حماد: ما أجودها لو كان لها أجنحة! يعني: أسانيد (٣).
وقال مالك بن أنس ت ١٧٩ هـ: في قول الله تعالى: ﴿وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ﴾ [الزخرف: ٤٤]. قال: قول الرجل: أخبرني أبي عن جدي .. إلخ.
يقصد الرواية بالسند المتصل (٤).
وقال سفيان الثوري ت ١٦١ هـ: الإسناد سلاح المؤمن، إذا لم يكن معه سلاح، فبأي شيء يقاتل؟! (٥).
وقال شعبة بن الحجاج ت ١٦٠ هـ: كل علم ليس فيه حدثنا وأخبرنا فهو خل وبقل. يريد بالعلم هنا: الحديث (٦).




(١) قوائم الحديث: يعني: إسناده، فجعل ابن المبارك الحديث كالبيت لا يستقيم بدون أعمدة أو قوائم فكذا الحديث. والأثر رواه مسلم في المقدمة باب: بيان أن الإسناد من الدين.
(٢) المفاوز: الأرض البعيدة عن العمران والماء ويخشى فيها الهلاك، وهذِه العبارة فيها استعارة جميلة. لأن الحجاج من تابعي التابعين، فأقلُّ ما يمكن أن يكون بينه وبين الرسول - ﷺ - اثنان: التابعي والصحابي، ولذا قال: مفاوز، أي: انقطاع كبير.
(٣) انظر: «فتح المغيث» للسخاوي ٣/ ٤.
(٤) «المدخل» للحاكم ص ٢.
(٥) رواه السمعاني في «أدب الإملاء والاستملاء» ص ٨.
(٦) رواه الخطيب في «الكفاية في علم الرواية» هـ ٢٨٣ باب: ما جاء في عبارة الرواية. والسمعاني في «أدب الإملاء الاستملاء» ص ٧، والرامهرمزي في «المحدث الفاصل» ص ٥١٧ باب: القول في التحديث والإخبار.



وقال الأوزاعي ت ١٥٧ هـ: ما ذهاب العلم إلا ذهاب الإسناد.
وقال عبد الله بن عون ت ١٥١ هـ: كان الحسن البصري يحدثنا بأحاديث لو كان أسندها كان أحب إلينا.
وقال أبو سعيد الحداد (١) ت ٢٢١ هـ: الإسناد مثل الدرج، ومثل المراقي، فإذا زلت رجلك عن المرقاة سقطت (٢).
وقال مطر الوراق ت ١٢٥ هـ: في قوله الله تعالى: ﴿أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ﴾ [الأحقاف: ٤]. قال: إسناد الحديث.

* مكانة السنة:
القرآن الكريم هو الأصل الأول للدين، والسُّنة هي الأصل الثاني،
ومنزلة السُّنة من القرآن أنها مبيِّنه وشارحة له تُفصل مُجْمله، وتوضح
مُشْكله، وتقيِّد مُطلقه، وتُخصص عامَّه، وتَبْسُط ما فيه من إيجاز.

* حجيتها:
قال الشوكاني: إن ثبوت حجية السُّنة المطهرة واستقلالها بتشريع الأحكام ضرورة دينية، ولا يُخالِف في ذلك إلا مَنْ لا حظَّ له في الإسلام. (٣)
ولم يُخالف في الاحتجاج بالسنة إلا الخوارج والروافض، وخالف المعتزلة بتحكيم عقلهم في السنة، فتمسك هؤلاء بما بدا لهم من فهم لظاهر القرآن وأهملوا السنن، فضلوا وأضلوا، وحادوا عن الصراط




(١) هو أحمد بن داود الواسطي.
(٢) رواه الخطيب في «الكفاية في علم الرواية» ص ٣٩٣.
(٣) «إرشاد الفحول» ص ٢٩.



المستقيم.
وقد استفاض القرآن والسُّنَّه الصحيحة الثابتة بحجية كل ما ثبت عن الرسول - ﷺ -، قال سبحانه وتعالى: ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ﴾ [آل عمران: ٣١]، وقال سبحانه وتعالى ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا (٥٩)﴾ [النساء: ٥٩].
فهل قال أحد أن الأمر باتباع النبي - ﷺ - متعلق بحياته فقط؟ وإذا كان الأمر باق، فهل يأمرنا الله -عز وجل- بشيء مبهم وغير موجود لو اعتبرنا أن السنة الحقيقية غير موجودة!
قد قال -عز وجل- ﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (٦٥)﴾ [النساء: ٦٥].
وقال: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا (٢١)﴾ [الأحزاب: ٢١].
وقال: ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾ [الحشر: ٧].
﴿وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ﴾ [النحل: ٤٤] فإذا كان الأمر كما يظن منكرو السنه فما فائده أمر الله لرسوله ببيان القرآن؟!


الإمام البخاري
وكتابه الصحيح


الإمام البخارى وكتابه الصحيح
* عصر البخاري:
ولد البخاري في أواخر عهد الأمين، وعاش في عهد المأمون والمعتصم، والواثق، والمتوكل، والمستنصر، والمستعين، والمعتز، وبذلك استغرقت حياته النصف الثاني من العصر العباسي الأول، وأوائل العصر العباسي الثاني، وكلاهما كانا من أرقى وأعظم عصور بني العباس.
وقد امتاز العصر العباسي الأول (١٣٢ - ٢٣٢ هـ) بقوة سلطان الخلفاء، وانتشار نفوذهم، فقد كانت لهم الكلمة العليا والسيادة التامة على جميع العالم الإسلامي عدا بلاد الأندلس، وكانت الدولة الإسلامية قوية الشوكة، مهابة الجانب، عزيزة كريمة.
وامتاز هذا العصر أيضًا، بأن أغلب من تولى فيه الخلافة من بني العباس، كانوا من العلماء، يعقدون مجالس العلم ويشاركون فيها بالحوار والمناقشة، كما كانوا يكرمون العلماء ويجلونهم ويقربونهم ويعولون على آرائهم (١) وكان المنصور نفسه من أحسن رواة الحديث، كما ذكر الجاحظ في «البيان والتبيين» (٢).

(١) «تاريخ آداب اللغة العربية» ٢/ ٢١.
(٢) «البيان والتبيين» ٢/ ١٥٦.



وبلغ الإهتمام بالعلم والعلماء، وانتشار المعرفة والرغبة فيها مداه في عهد المأمون، حيث كثرت مجالس العلماء والحوار والمناظرة، وكان الخليفة نفسه يشارك فيها مما أدى إلى إطلاق الفكر من قيود التقليد، وانتشار الحرية الدينية، فظهرت البدع والفرق، وتأثر المأمون بآراء المعتزلة في القول بخلق القرآن وانتصر لهم (١).
ودعا العلماء والفقهاء إلى القول بذلك، فحصلت الفتنة وأوذي فيها خلق كثير، وعلى رأسهم الإمام ابن حنبل والإمام البخاري فيما بعد.
وقد ظل الناس مفتونين مضطهدين بمقولة خلق القرآن، مدة طويلة حتى عهد المتوكل، فهو الذي أمر برفع هذِه المحنة، وترك الناس أحرارًا فيما يعتقدون.
وامتاز هذا العصر أيضًا بأن المسلمين نقلوا فيه إلى لغتهم، ما كان معروفًا من العلم والطبيعة والطب والرياضيات عن سائر الأمم المتمدنة كاليونان والفرس والهند، حتى قيل بأن ما نقله العرب في قرن لم يستطع نقله الفرس في قرون. وفي هذا العصر أيضًا ازدهر علم الأرصاد وتطور، وبدأت الفلسفة تنتشر وتنمو، وظهر فلاسفة كبار كيعقوب بن إسحاق الكندي وغيره.
ويمكن القول بأنه في العصر العباسي الأول، توطدت دعائم الفقه وازدهر، ونقل إلى العربية أغلب علوم اليونان والفرس والهند، وظهر علم الكلام وأخذ ينتشر.
أما العصر العباسي الثاني (٢٣٢ - ٣٣٤ هـ) فيبتدئ بخلافة المتوكل، ومحاولته كبح جماح الموالي ونفوذ الأتراك، الذي أخذ يطغى أواخر

(١) «تاريخ آداب اللغة العربية» ٢/ ٢٢، ٢٣.


العصر العباسي الأول، لكن المتوكل عجز عن ذلك لقوة نفوذهم في القصر والدواوين، وسيطرتهم على أغلب مواقع الدولة ونشاطها، حتى أصبحت كلمتهم هي العليا، مما أدى إلى انقسامات في الصفوف بسبب الصراع بين الطبقات، وخاصة بين الموالي والعرب الذين أبعدوا عن مناصبهم (١).
ومن الناحية العلمية، فقد أراح المتوكل الأمة من محنة القول بخلق القرآن، فرفعها وأبطل الجدال فيها (٢). وأمر العلماء بالحديث وإظهار السنة.
كما ظلت العلوم في ازدهار وتقدم مطرد. وكثرت مجالس العلم وانتشرف، فازدهرت الفلسفة وعلوم الطبيعيات والمنطق خاصة، وبرزت كثير من الآراء والنظريات العلمية، وتولدت مذاهب فقهية، وتفرع مذهب الاعتزال، وازدهر علم الكلام وعلم التفسير.
وفي هذا العصر بالذات، ازدهر تدوين الحديث وأفرد بالتأليف فيه، خلافًا لما كان عليه الأمر في القرن الثاني، حيث كانت كتب الحديث تجمع بين الصحيح والسقيم، وبين الحديث والفتاوى وأقوال التابعين وغيرها، وكما هو الشأن في «مصنف شعبة بن الحجاج» المتوفى سنة ١٦٠ هـ، و«مصنف الليث بن سعد» المتوفى سنة ١٧٥ هـ، و«موطأ مالك» المتوفى سنة ١٧٩ هـ، و«مصنف سفيان بن عيينة» المتوفى سنة ١٩٨ هـ، وغيرهم (٣).

(١) «تاريخ الدولة الإسلامية وتشريعها» ص ٢٥٢، ٢٥٣.
(٢) «التنبيه والإشراف» ص ٤٠٠.
(٣) «مفتاح السنة» ص ٢٨، ٢٩.



أما في هذا العصر فقد أفرد الحديث بالجمع والتدوين والتأليف وحده دون سواه من فتاوى وأقوال الصحابة والتابعين، وأصبح للحديث كتب يستقل بها وظهر محدثون أئمة كبار، كالإمام البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وغيرهم، حتى يمكننا أن نسمي هذا العصر عهد ازدهار الحديث والمحدثين، وعصر تدوين الحديث وظهور المحدثين وكتبهم كالصحاح والمسانيد والسنن (١).
في هذا العصر الذي تصادمت فيه الملل والنحل، وتكاثرت المذاهب والآراء، وتصارعت الأفكار والمبادئ، وظهر إلى جانب أهل الخير والصلاح في الدين، جماعات من أهل الشر والفساد والإلحاد تحاول الكيد للدين بوضع الأحاديث المختلقة تأكيدًا لمذهب أو انتصارًا لفريق.
وفي كنف أسرة فاضلة متدينة خيرة غنية، قوامها والد عالم ورع محدث، ووالدة فاضلة خيرة صالحة من أصحاب الكرامة والولاية، في هذا العصر وتلك البيئة ولد البخاري وعاش.


(١) «حياة البخاري» ص ٣، ٤.


المترجمون للبخاري
لا تكاد تجد كتابا ترجم لأعلام الإسلام أو الرواة أو العلماء إلا وذَكَر البخاري، بل قد تجد بعض المصنفين يختصر ترجمته اختصارًا كبيرًا لشهرته وكثرة تراجمه وعدم الحاجة إلى تكرارها. ونورد هنا مواضع ترجمته والكتب التي أفردت ترجمته على قدر المستطاع:
«الجرح والتعديل» ٧/ ١٩١ (ت ١٠٨٦)
«تاريخ بغداد» ٢/ ٤
«طبقات الحنابلة» ٢/ ٢٤٢ (ت د. عبد الرحمن العثيمين)
«الأنساب» للسمعاني ٢/ ١٠٠
«اللباب» ١/ ١٢٥
«تهذيب الأسماء واللغات» للنووي ١/ ٦٧، ٧٦
«وفيات الأعيان» ٤/ ١٨٨
«تهذيب الكمال» ٢٤/ ٤٣٠ - ٤٦٨
«العبر» ٢/ ١٢، ١٣
«سير أعلام النبلاء» للذهبي ١٢/ ٣٩١ - ٤٧١.
«تاريخ الإسلام» للذهبي، وفيات سنة ٢٥٦ هـ
«تذكرة الحفاظ» ٢/ ٥٥٥


«الوافي بالوفيات» ٢/ ٢٠٦، ٢٠٩
«مرآة الجنان» ٢/ ١٦٧
«طبقات الشافعية» للسبكي ٢/ ٢١٢
«البداية والنهاية» لابن كثير ١١/ ٢٤
«مقدمة فتح الباري»
«النجوم الزاهرة» ٣/ ٢٥، ٢٦
«طبقات الحفاظ» ٢٤٨، ٢٤٩
«خلاصة تذهيب الكمال» ٣٢٧
«طبقات المفسرين» ٢/ ١٠٠
«شذرات الذهب» لابن العماد ٢/ ١٣٤، ١٣٦
«مفتاح السعادة» لطاش كبرى زاده ٢/ ١٣٠
«الأعلام» للزركلي
«معجم المؤلفين» لكحالة
وغير هذِه الكتب كثير.
* الكتب التي أفردت البخاري بالترجمة (١):
«أخبار البخاري» للكلاعى (سير ٢٣/ ١٣٦)
«شمائل البخاري» لأبي جعفر بن أبي حاتم الوراق كاتب البخاري
(سير ١٣/ ٣٩٤) لم يطبع، لكن نقل منه كثير ممن ترجم للبخاري، وُيعتبر
(١) انظر: «معجم الموضوعات المطروقة في التأليف الإسلامي وبيان ما أُلف فيها» تأليف عبد الله بن محمد الحبشي، منشورات المجمع الثقافي -أبو ظبي، الإمارات ١/ ٢٠٥. وفي مواضع من «سير أعلام النبلاء» ١٢/ ٣٩١ - ٤٧١. و«معجم المؤلفين» لكحالة.


https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...b61e7e5bc3.gif


ابوالوليد المسلم 22-12-2025 05:23 AM

رد: التوضيح لشرح الجامع الصحيح أبو حفص عمر بن علي بن أحمد الأنصاري المعروف بـ ابن ال
 
https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...b61e7e5bc2.gif


الكتاب: التوضيح لشرح الجامع الصحيح
المؤلف: سراج الدين أبو حفص عمر بن علي بن أحمد الأنصاري الشافعي

المعروف بـ ابن الملقن (٧٢٣ - ٨٠٤ هـ)
الناشر: دار النوادر، دمشق - سوريا
الطبعة: الأولى، ١٤٢٩ هـ - ٢٠٠٨ م
عدد الأجزاء: ٣٦ (٣٣ والفهارس)

المجلد (1)
من صـــ 51 الى صـــ 75
الحلقة (3)


أوثق ترجمة له لقرب صاحبها من البخاري.
«ترجمة البخاري» هبة الله بن جعفر، مخطوط بالظاهرية، والسخاوي في «إتحاف السامع» ٤٠.
«مناقب البخاري» للذهبي (سزكين ١/ ١١٦، كحالة ٧/ ١٤٢، بروكلمان ٢/ ١٧٣) «إضاءة البدرين في ترجمة الشيخين» للعجلوني.
«فرائد الدراري لترجمة الإمام البخاري» للجراحي العجلوني، خزانة البلدية، وخدابخش، والجامعة الأمريكية.
«الأعلام بأخبار البخاري الإمام» لأبي الربيع بن سالم (نفح ٤/ ٤٧٥، إحاطة ٤/ ٢٩٧)
«بخاربخور البخاري» عبد الكريم السمعاني.
«تحفة الإخباري بترجمة البخاري»، لابن ناصر الدين (مطبوع)
«مواهب الباري في مناقب مسلم والبخاري» محمد البخاري العقبي.
«حياة البخاري» جمال الدين القاسمي، طبع صيدا ١٣٣٠ هـ.
«الإمام البخاري سيد المحدثين» تقي الدين الندوي، بيروت ١٤٠٦ هـ (١٧٦ ص).
«المسك الدراري في شرح ترجمة البخاري» عبد القادر الكوهن.
«الإمام البخاري محدثا وفقيها» الحسيني عبد المجيد هاشم، مصر ١٣٨٠ هـ (٢٩٤ ص).
«التعريف بأمير المؤمنين في الحديث» ط مصر ١٣٨٧ هـ (١٣١ ص) «ذكر الإمام البخاري» سالم بن أحمد جندان.

«الإمام البخاري وصحيحه» عبد الغني عبد الخالق ط دمشق ١٤٠٤ هـ
«مع الإمام البخاري» معوض عوض إبراهيم، مصر ١٤٠٦ هـ (١٧٥ ص)
«الإمام البخاري» كامل محمد عويضة.
«الإمام البخاري فقيه المحدثين ومحدث الفقهاء» د. نزار عبد الكريم الحمداني- نشر جامعة أم القرى بمكة المكرمة ١٤١٢ هـ.
«سيرة الإمام البخاري سيد الفقهاء وإمام المحدثين» تأليف عبد السلام المباركفوري- نشر دار عالم الفوائد- مكة المكرمة ١٤٢٢ هـ.
«الإمام البخاري وجامعه الصحيح» د. يوسف الكتاني، كتاب جمعية الإمام البخاري (رقم ١).


نسب البخاري
هو أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة بن بَرْدِزْبَه وقيل بَذْدُزْبَه، وهي لفظة فارسية أو بخارية معناها الزرّاع، البخاري مولدًا، وموطنًا، الجعفي نسبًا.
وكان أجداده فرسًا على دين المجوس، على أن التاريخ لم يحفظ لنا من أجداد البخاري أبعد من جده الثالث «بَرْدِزْبَه» فهو رأس أسرته فيما نعلم.
وقد كان بَرْدِزْبَه هذا فارسي الأصل عاش ومات مجوسي الدين، وأول من أسلم من أجداد البخاري «المُغيرة بن بَرْدِزْبَه» كان إسلامه على يد اليمان الجعفي والي بخارى آنذاك، فانتمى إليه بالولاء، وانتقل في أولاده، وأصبح الجعفي نسبًا له ولأسرة البخاري.
أما إبراهيم بن المغيرة «جد البخاري» فلا نعلم شيئًا من أخباره غير انتسابه للمغيرة.
وأما والد البخاري «إسماعيل بن إبراهيم»، فقد كانت حياته مطلع النباهة لهذِه الأسرة، حيث غير منهج آبائه في الحياة، وشارك في الحياة العلمية مختارًا أهم جوانبها في عصره وهي: دراسة حديث الرسول - ﷺ - وتدريسه.
كان والد البخاري رحمه الله تقيًا عالمًا محدثًا، اشتهر بين الناس


بحسن سلوكه وورعه وسمته.
رحل كثيرًا إلى العلماء وأهل الحديث فحدث عنهم وأخذ منهم، روى سماعًا عن «مالك بن أنس» و«حمَّاد بن زيد» وصحب «عبد الله بن المبارك»، كما ذكر ذلك ابن حبان في كتابه «الثقات».
وروى عنه العراقيون منهم: أحمد بن حفص، وأحمد بن جعفر، ونصر بن الحسين وغيرهم.
ويكفي هذا الوالد شرفًا وفخرًا، أن الله أجزل مكافأته وعطاءه على فضله وعفته، فرزقه ولدًا هو الإمام البخاري.


المولد والنشأة
ولد محمد بن إسماعيل البخاري بعد صلاة الجمعة، في الثالث عشر من شهر شوال عام أربعة وتسعين ومائة للهجرة (١) وكانت ولادته بمدينة بخارى (٢) من خراسان، موطن آبائه وأجداده، وهي مدينة كبيرة من بلاد التركستان أو خراسان، فتحها المسلمون بعد منتصف القرن الأول للهجرة. وكانت عاصمة الملوك السَّامانيين قبل الفتح الإسلامي، وقد ولد البخاري وهي مركز علمي هام، وحاضرة من حواضر الإسلام.
استقبل البخاري حياتَه وسط أُسْرةٍ ثريةٍ متدينةٍ فاضلةٍ، غير أنَّ المنيةَ لم تُمْهِل والده الكريم، حيث تُوفي وابنه البخاري طفل، فكفلته أُمُّه ورعته من بعده.
وكانت امرأةً تقيةً صالحةً لا تقل تُقى وورعًا عن والده، حتى عدَّها المؤرخون من ذوي الكرامة والولاية.
روى غنجار في «تاريخ بخارى»، واللالكائي في باب كرامات الأولياء من «شرح عقيدة أهل السنة»، والسبكي في «الطبقات»، أن محمد بن إسماعيل البخاري ذهبت عيناه في صغره، فدعت أمه الله


(١) «طبقات الشافعية»، ٢/ ٢، «هدي الساري»، ص ٧٨.
(٢) بخارى هي الآن تابعة لجمهورية أوزبكستان في آسيا الوسطى. وكانت سابقا تحت نفوذ الاتحاد السوفييتي.



كثيرًا حتى رأت الخليل إبراهيم - عليه السلام - في المنام فقال لها: «يا هذِه قد رَدَّ الله على ابنك بَصَرَهُ بكَثْرة دُعائِك» قال: فأصبح وقد ردَّ الله عليه بصره (١).
في كنفِ هذِه الأسرة الكريمة نشأ البخاري، وفي رعاية هذِه الأم الفاضلة أخذ يختلف إلى الكتاب، يحفظ القرآن وأمهات الكتب المعروفة في زمانه، حتى إذا بلغ العاشرة من عمره، بدأ في حفظ الحديث، والاختلاف إلى الشيوخ والعلماء، وملازمة حلقات الدروس، وعند ذاك أخذت ميوله تظهر، ومداركه تنفتح.
وروي عن أبي جعفر محمد بن أبي حاتم الورَّاق كاتب البخاري، أنه قال: «قلتُ للبخاري: كيف كان بَدْءُ أمْرِك؟ فقال: أُلهمتُ حِفظ الحديثِ في المكتب ولي عشر سنوات أو أقل، ثُمّ خرجت من المكتب بعد العشر، فجعلتُ اختلف إلى الداخلي» (٢).
وهنا يسجل التاريخ خبرًا ينم عن نضجه المبكر، قال فيما يروي عن نفسه: «فجعلتُ أختلف إلى الدَّاخلي وهو من كبار المُحدثين في عهده فقال يومًا فيما كان يقرأ للناس: عن سُفيان عن أبي الزبير عن إبراهيم. فقلتُ: إن أبا الزبير لم يرو عن إبراهيم.
فانتهرني فقلتُ له: ارجع إلى الأصلِ إنْ كان عِنْدك، فدخل فنظرَ فيه ثم خَرَجَ فقال: كيف هو يا غلام؟ قلتُ: هو الزبير بن عدي عن إبراهيم.
فأخَذَ القلمَ منه وأصلَح كتابَه بِهِ وقال:»صدقتَ«(٣).


(١)»كرامات الأولياء«ص ٢٤٧،»طبقات الشافعية«للسبكي ٢/ ٢١٦، كذلك ذكرت هذه القصة في»البداية والنهاية«١١/ ٢٥. ونقلها الحافظ في مقدمة»الفتح«ص ٤٧٨ نقلا عن غنجار في»تاريخ بخارى«، واللالكائي.
(٢)»تاريخ بغداد«٢/ ٥، ٦،»طبقات الشافعية«٢/ ٢١٦.
(٣) انظر:»تاريخ بغداد«٢/ ٧،»تغليق التعليق" ٥/ ٣٨٦.



وقد حدث بعض أصحاب البخاري أنهم سألوه: ابن كم كان إذا ذاك؟ فقال: ابن إحدى عشرة سنة.
وقد سمع ببخارى قبل أنْ يَرْتحل من مولاه مِنْ فوق عبد الله بن محمد بن عبد الله بن جعفر بن اليمان المُسندي، ومحمد بن سَلام البِيْكَنْدي، وجماعة ليسوا من كبار شيوخه.
ثم سَمِعَ ببلخ من مكيٍّ بن إبراهيم، وهو من عوالي شيوخه.
ثم تتابعت مراحل نضج البخاري وتقدمه العلمي، فتابع دراسته وتعلمه بهمة ونشاط، حتى إذا بلغ السادسة عشرة من عمره، حفظ كتب ابن المبارك ووكيع وغيرهم من أهل الرأي، وفي هذِه السن المبكرة بدأت مرحلة جديدة من حياة البخاري، إذ خرج من بخاري راحلًا إلى الحج وطلب الحديث صحبة والدته وأخيه أحمد، حتى إذا انتهت مناسك الحج رجعت أمه صحبة أخيه أحمد إلى بلدها بخاري، بينما تخلف البخاري لطلب الحديث والأخذ عن الشيوخ وكانت سنه إذ ذاك ست عشرة سنة، أي سنة عشرة ومائتين للهجرة، تقريبا.
ومن هذا التاريخ تبتدئ مرحلة جديدة في حياة البخاري، وهي مرحلة الاتصال بالعالم الخارجي، وبداية الرحلة لطلب الحديث والاتصال بالعلماء والشيوخ.
وفي ذلك يقول البخاري: «خرجتُ مع أمي وأخي أحمد إلى مَكَّة، فلما حججتُ رجع بها أخي، وتخلفتُ في طلبِ الحديث» (١).
فسمع في رحلته من شيوخه بنيسابور، والرَّي، وبغداد، والبصرة،


(١) «سير أعلام النبلاء» ١٢/ ٣٩٥، «طبقات الشافعية» ٢/ ٥،«هدي الساري» ص ٤٧٨.


والكوفة، ومكة، والمدينة، ومصر، والشام.
وسمعه ورَّاقه محمد بن أبي حاتم يقول: كتبتُ عن ألفٍ وثمانين رجُلًا ليس فيهم إلا صاحب حديث، كانوا يقولون: الإيمان قول وعمل، يزيد وينقص.


صفات البخاري
وصفه الإمام السبكي في «الطبقات الكبرى» (١) قال: كان البخاري ضعيف البنيان ومن وصفوه كانوا يقولون:«إنه كان نحيفًا ليس بالطويل ولا بالقصير». وكان قليل الأكل جدًا، يتزهد فيه ويتقشف مكتفيًا بالخبز، معرضًا عن الإدام حتى مرض من كثرة تقشفه وقد روى صاحب «هدي الساري» (٢) قول البخاري: «لم أئتدم منذ أربعين سنة».
وكان عزيز النفس عفيف اليد، يتجمل ويتحمل، ولا يريق ماء وجهه، حتى في أشد حالات العسر (٣). وكان مرهف الحس، نبيل الشعور، عفيف اللسان، قال: «ما اغتبتُ أحد قط منذ علمت أن الغيبة حرام». وكان كريم الطبع كريم اليد محسنًا قال: «كنت أستغل في كل شهر خمسمائة درهم، فأنفقها في الطلب وما عند الله خير وأبقى».
كما كان متعبدًا زاهدًا قانتًا، يملأ نهاره بالدرس والتعليم، وليله بالعبادة والتهجد، حتى كان ورده القرآن.
وقد ورث الإمام البخاري ثروةً كبيرة من أبيه، فكان يُعطي المال مضاربةً ليتفرغ لخدمة السُّنَّة النبوية، فكان في معاملاته سمحًا رحيمًا،


(١) «طبقات الشافعية» ٢/ ٤.
(٢) «هدي الساري» ص ٤٨٢.
(٣) التعريف بالبخاري: كتاب المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية- مصر- ص ٢٧.



فذات مرة قطع له أحد الغرماء خمسةً وعشرين ألفًا، فحاول أصحابه أنْ يُلاحق غريمه ويستنجد على ذلك بالسلطان، ولكنه أبى وقال: «إن أخذتُ منهم كتابًا طمعوا، ولن أبيع ديني بدنياي».
وكان البخاري يهدف من تجارته أن ينفع خلقِ الله، فكان يُساعد طلبة العلم والشيوخ والمحدثين، وكان يُنفِقُ من دخله خمسمائة درهم على الفقراءِ والمساكين وطلبةِ العِلم وأصحاب الحديث كل شهر، ولم يكُن يعرف الترف والبذخ في حياته في المأكل والمشرب.
وكان رحمه الله يعود نفسه على الإيثار والبعد عن حب المال، وكان ورعا تقيا، وكان شديد التمسك بالسُّنَّة، بعيدًا عن مخالطة الأمراء ومجالستهم، وبنى رِباطا خارج مدينة بخارى، فكان يشارك العمال في بناءه، فينقل اللبن يحمله على رأسه ويرفعه ويقدمه للبنائين، فقيل له: يا أبا عبد الله إنَّك تُكفى ذلك! فيقول: «هذا الذي ينفعني».
وكان صاحب فراسة وبصيرة نافذة، واستحضار وذكاء، كان الإمام قتيبة بن سعيد يقول: «جالستُ الفقهاء والزهاد والعبَّاد، فما رأيتُ منذ عقلتُ مثل محمد بن إسماعيل، وهو في زمانه كعمر في الصحابة».
قال الذهبي عنه: «كان رأسًا في الذكاء، رأسا في العلم، ورأسًا في الورع والعبادة».


مكانة الإمام البخاري
كان الإمام البخاري كلما حلَّ مدينةً أو نزل أرضا يزدحم النَّاسُ حوله أزدحامًا يفوق الوصف، وكان الناس يتطلعون الى رؤيته لما يصل إلى مسامعهم من علمه وأخلاقه، ولما رجع إلى بُخارى عائدًا من رحلته الدراسية نُصبت له القِباب على فرسخ من البلد، واستقبله عامة أهلها، ونُثرَ عليه الدراهم والدنانير.
ولازال للبخاري مكانته في قلوب المسلمين حتى عصرنا هذا وإلى قيام السَّاعةِ إن شاء الله،، وله ذِكر عديم النظير، ولا غرابة في ذلك؛ فهو علَم الإسلام وصاحب أصح كتاب بعد كتاب الله -عز وجل-.
أقوال العلماء وثناؤهم عليه:
قال البخاري رحمه الله تعالى: ما قدمتُ على أحدٍ إلا كان انتفاعه بي أكثر من انتفاعي به.
وقال أبو الأزهر: كان بسمرقند أربعمائة ممن يطلبون الحديث، فاجْتَمعوا سبعة أيام، وأحبوا مغالطة محمد بن إسماعيل، فادخلوا إسناد الشام في إسناد العراق، وإسناد اليمن في إسناد الحرمين، فما تعلقوا منه بسقطةٍ لا في الإسناد، ولا في المتن.
وله قصة مشهورة وقعت له ببغداد ورواها ابن عدي قال: سمعت عدة مشايخ، أن البخاري قدم بغداد فاجتمع به أصحاب الحديث


وعمدوا إلى مئة حديث فقلبوا متونها وأسانيدها .. إلى آخر القصة المعروفة، وقد تُكلم في هذِه القصة لجهالة المشايخ، والصواب والله أعلم قبولها فإن نقلها عن عدد من المشايخ يدل على صحتها، وهي ليست حديث أو دليل شرعي لنطبق عليه قواعد الحديث بحذافيرها، بل هي قصة تحتمل التساهل في قبولها، ولم يكن هم العلماء في مثل هذِه القصص النظر الدقيق في الإسناد.
وقال رحمه الله تعالى: ما استصغرتُ نفسي عند أحدٍ إلا عند عليّ ابن المديني، وربما كنت أغْرِبُ عليه.
وقال: أحفظ مائة ألف حديث صحيح، وأحفظ مائتي ألف حديث غير صحيح.
وقال: إني أرجو أن ألقى الله ولا يحاسبني أني اغتبت أحدًا.
وقال مشايخ البصرة: كان لا يتقدمه أحدٌ، وكان أهل المعرفة من البصريين يَعْدون خلفه في طلب الحديث وهو شاب حتى يغلبوه على نفسه، ويجلسوه في بعض الطريق، فيجتمع عليه ألوف، أكثرهم ممن يكتب عنه، وكان شابًا لم يخرج وجهه (١)، ولما دخل البصرة قال محمد بن بشار: دخل اليوم سيد الفقهاء، وقال: حفاظ الدنيا أربعة: أبو زرعة بالرَّيَّ، ومسلم بن الحجاج بنيسابور، وعبد الله بن عبد الرحمن الدَّارمي بسمرقند، ومحمد بن إسماعيل البخاري ببخارى.
وكان ابن صاعدٍ إذا ذكره يقول: الكبش النّطاح.


(١) «تهذيب الأسماء واللغات» ١/ ١٧٠، سير أعلام النبلاء ١٢/ ٤١١ - ٤١٥،
«طبقات الشافعية الكبرى» للسبكي ٢/ ٢١٧.



وقال محمود بن النضر الشافعي: دخلت البصرة والشام والحجاز والكوفة ورأيت علماءها فكلما جرى ذكر محمد بن إسماعيل فضلوه على أنفسهم.
وقال عمرو بن عليّ الفلّاس: حديثٌ لا يعرفه محمد بن إسماعيل ليس بحديث.
وقال محمد بن سلَّام البيكَنْدِيُّ للبخاري: انظر في كتبي، فما وجدت فيها من خطأ فاضرب عليه، فقال له أصحابه: من هذا الفتى؟ فقال: هذا الذي ليس مثله.
وقال قتيبة بن سعيد: لو كان محمد بن إسماعيل في الصحابة، لكان آية.
وقال رجاء بن رجاء: فَضْلُ محمد بن إسماعيل على العلماء، كفضل الرجال على النساء.
وقال عبد الله بن عبد الرحمن الدَّرامي: قد رأيتُ العلماء بالحرمين والحجاز والشام والعراق، فما رأيت منهم أجمع من محمد بن إسماعيل، وقال: هو أعلمنا وأفقهنا وأكثرنا طلبًا.
وقال عبد الله بن سعيد بن جعفر: سمعت العلماء بمصر يقولون: ما في الدنيا مثل محمد بن إسماعيل في المعرفة والصلاح، ثم قال عبد الله: وأنا أقول قولهم.
وقال موسى بن هارون الحافظ: عندي لو أن أهل الإسلام اجتمعوا على أن يصيبوا آخر مثل محمد بن إسماعيل لما قدروا عليه.
وقال أحمد بن حنبل: لم يجئنا من خراسان مثل محمد بن إسماعيل.


وقال له مسلم بن الحجاج: أشهد أنه ليس في الدنيا مثلك، وجاء إليه فقبله بين عينيه، وقال: دعني حتى أُقبل رجليك يا أستاذ الأستاذين وسيد المحدثين ويا طبيب الحديث في علله.
وقال أبو عيسى محمد بن عيسى الترمذي: لم أرَ أعلم بالعلل والأسانيد من محمد بن إسماعيل البخاري.
وقال أبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة: ما تحت أديم السماء أعلم بالحديث من محمد بن إسماعيل البخاري (١).
هذا وإن ثناء الأئمة الحفاظ على الإمام البخاري يطول سرده وصنَّف الأئمة والحفاظ في سيرته ومناقبه مصنفات متنوعة، لذا اكتفيت بهذِه المقتطفات من بحر فضله.


(١) ينظر: «تاريخ بغداد» ٢/ ٤ - ٣٦، «تهذيب الأسماء واللغات» ١/ ٦٧،«تهذيب الكمال» ٢٤/ ٤٣١، ٤٤٥ وما بعدها، «سير أعلام النبلاء» ١٢/ ٤٠٨، وما بعدها، «طبقات الشافعية الكبرى» للسبكي ٢/ ٢١٨ وما بعدها، «هدي الساري» ٤٨٦ وما بعدها.


رحلاته العلمية
تعددت رحلات البخاري العلمية للأخذ عن الشيوخ والرواية عن المحدثين، والاختلاف إلى حلقات الدرس، حيث ابتدأت برحلته إلى الحج في صحبة والدته وأخيه، وكان ذلك سنة عشر ومائتين للهجرة، وسنه لا تتجاوز ست عشرة سنة، وما كان يفرغ من حجه والاتصال بعلماء مكة ومحدثيها، حتى رحل إلى المدينة المنورة لزيارة الرسول - ﷺ - والأخذ عن علمائها.
لقد آثر البخاري أن يجعل الحرمين الشريفين طليعة رحلاته العلمية للتحصيل والرواية، حيث أقام بها ستة أعوام حتى إذا استوفى حظه من الرواية والسماع، انطلق في سياحته العلمية متنقلًا عبر الأقاليم والأقطار.
روى سهل بن السدي عن البخاري قال: «دخلت إلى الشام ومصر والجزيرة مرتين، وإلى البصرة أربع مرات، وأقمت بالحجاز ستة أعوام، ولا أحصي كم مرة دخلت إلى الكوفة وبغداد مع المحدثين» (١) ثم تتابعت رحلات البخاري وسفره في سبيل الحديث والرواية، حتى شملت أغلب الحواضر العلمية في وقته، واستغرقت معظم حياته، كل ذلك يجالس العلماء ويحاورهم ويجمع الحديث ويرويه، ويعقد


(١) «هدي الساري» ص ٤٧٩.


مجالس التحديث والمناقشة، ويتعرض للامتحان والكيد، فيخرج سالمًا منتصرًا على الكائدين والمتربصين.
روى محمد بن أبي حاتم قال: سمعت البخاري يقول: «دخلت بغداد ثماني مرات، كل ذلك أجالس أحمد بن حنبل فقال لي آخر ما ودعته: يا أبا عبد الله تترك العلم والناس وتصير إلى خراسان» (١) وهكذا تكون الأقطار والأقاليم التي رحل إليها البخاري، وحدث فيها وزارها هي: مكة- المدينة- بغداد- واسط- البصرة- الكوفة- دمشق- حمص- قيسارية- عسقلان- خراسان- نيسابور- مرو- هراة- بخارى- مصر وغيرها (٢).


(١) «طبقات الشافعية» ٢/ ٥.
(٢) المصدر السابق ٢/ ٣.



شيوخ البخاري
تقدم أن البخاري رحل كثيرًا وطوف بالأقطار والأقاليم والحواضر العلمية، فلقي أغلب المحدثين في زمانه، وأخذ عن الأئمة والشيوخ المشهورين في عصره، فاتسعت مداركه وكثرت روايته للحديث، وكان ينتقي شيوخه ويتحرى في اختيارهم واضعًا لنفسه خطة ونهجًا في ذلك، حتى لا يأخذ إلا عن الثقات، يقول البخاري: «كتبت عن ألف ثقة من العلماء وزيادة، وليس عندي حديث لا أذكر إسناده» (١) وليس معنى ذلك أن اختياره لشيوخه وتثبته في الأخذ عنهم، جعله قليل الشيوخ بل بعكس ذلك، فقد أكثر من الأخذ من الشيوخ والرواية عنهم، حتى زادوا على كما تقدم من قوله: «كتبت عن ألف وثمانين نفسًا ليس فيهم إلا صاحب حديث» (٢).
وقد أُلِّف في شيوخه عدة كتب، بعضها خاص بشيوخ البخاري، وبعضها خاص برجال الصحيح، أو رجال الصحيحين، إضافةً إلى رجال الكتب الستة.
أما الكتب الخاصة بشيوخه فنوردها بالتفصيل إن شاء الله في كتابنا عن شروح صحيح البخاري وما يتعلق به، والذي أوردنا شيئًا منه عند كلامنا على شروح البخاري في هذِه المقدمة.


(١) «مقدمة شرح البخاري» للنووي ١/ ٨.
(٢) «هدي الساري» ص ٤٧٩.



وفاة البخاري
لقد ذكر الإمام البخاري في وصيته الرباعية أمورًا يبتلي بها العلماء والمحدثون، ولا بد لهم من الصبر عليها، وهي شماتة الأعداء، وملامة الأصدقاء، وطعن الجهلاء، وحسد العلماء. ولعله كان يتحدث عن نفسه، وعما يلاقيه من معاصريه، الكائدين له، والمؤتمرين به.
فلم يكد يقصد نيسابور للإقامة فيها والاستقرار بها إلا وضاق به الحساد والمغرضون من علماء نيسابور ومحدثيها، بسبب ظهوره وتألقه، والتفاف الناس من حوله، فسعوا بالوشاية بينه وبين أميرها، واختلقوا لذلك أقاويل وأكاذيب يتنزه البخاري عن مثلها، بسبب فتنة خلق القرآن التي كانت رائجة آنذاك، فأكثر القيل والقال من حوله، وكثر لغط العامة واختلافهم بسبب وجوده، مما أشاعه خصومه عنه، فوجد عليه أمير نيسابور، مما اضطر معه البخاري إلى مغادرتها والخروج منها، عائدًا إلى بلاده بخارى.
وقد أحسن أهل بخارى استقباله، وبالغوا في الحفاوة به وفي ذلك يروي الحافظ ابن حجر، عن أحمد بن محمد بن منصور الشيرازي يقول: "لما رجع أبو عبد الله البخاري إلى بخارى، نصبت له القباب على فرسخ من البلد، واستقبله عامة أهلها حتى لم يبق مذكور، ونثرت عليه الدراهم والدنانير، فبقي مدة ثم وقع الخلاف بينه وبين


الأمير فأمره بالخروج من بخارى، فخرج إلى بيكند» (١).
وكذلك لم يكد يستقر به المقام حتى وقعت بينه وبين أمير بخارى خالد بن أحمد الذهلي جفوة عكرت صفو البخاري، وكانت سبب خروجه منها مرغمًا، إلى أن مات بعيدًا عنها. ذلك أن الأمير الذهلي بعث إلى محمد بن إسماعيل «أن أحمل إلي كتاب الجامع والتاريخ لأسمع».
فقال البخاري لرسول الأمير: قل له إنني لا أذل العلم ولا أحمله إلى أبواب السلاطين، فإن كانت له حاجة إلى شيء منه فليحضرني في مسجدي أو في داري فإن لم يعجبك هذا فأنت سلطان، فامنعني من المجلس ليكون لي عذر عند الله يوم القيامة أني لا أكتم العلم«(٢).
وقد كان هذا الجواب الحق وحده ثقيلًا وكفيلًا بإثارة أمير بخارى وإصابته في كبريائه التي لم تألف مثل هذا الكلام، فاغتاظ من البخاري وكان سبب الوحشة بينهما، فأغرى به جماعة فهيجوا الفتنة عليه وتكلموا في مذهبه وأوغروا صدور بعض العلماء عليه، وأثاروا الناس من حوله، فأمر الأمير بنفيه عن بلده، فخرج من بخارى إلى خرتنك.
ولعل قرار الأمير الذهلي بنفي البخاري عن بلده، كان بداية النهاية لحياة هذا الإمام العظيم، ولعل البخاري لم يتألم في حياته، ولم يتأثر تأثره وتألمه لهذا القرار الخطير.
فقد خرج فيما قبل من بخارى إلى نيسابور، وكله أمل في أن يجد الراحة فيها والاستقرار، بعد الكيد والمضايقة والشغب، إلا أن المقام


(١)»هدى الساري«٤٩٤.
(٢)»طبقات الشافعية" ٢/ ١٤.



لم يستقر به فيها، حتى ظهرت رؤوس الفتنة من كل جانب وحامت حوله الأقاويل والدسائس، مما اضطره إلى العودة إلى بخاري، غير أن حظه فيها لم يكن أحسن منه بنيسابور، حيث وقعت الجفوة بينه وبين أميرها، بسبب طلبه أن يحمل إليه الصحيح والتاريخ، وجواب البخاري الذي اعتبر طلب الأمير إذلالا للعلم والعلماء، مما يؤكد اعتزازه الشديد بنفسه، واحترامه لعلمه وشخصيته.
روى ابن عدي قال: سمعت عبد القدوس بن عبد الجبار يقول: خرج البخاري إلى «خَرْتَنْك» وكان له بها أقرباء فنزل عندهم. ولعل البخاري قصد قرية بيكند أولًا، ثم انتهى به المطاف إلى خَرْتَنْك، وهي قرية كانت على فرسخين من سمرقند.
يقول عبد القدوس بن عبد الجبار: سمعت البخاري ليلة من الليالي وقد فرغ من صلاة الليل يقول في دعائه:«اللهم قد ضاقت علي الأرض بما رحبت فاقبضني إليك» قال: «فما تم الشهر حتى قبضه الله».
ويروي وراق البخاري يقول: سمعت غالبًا بن جبريل وهو الذي نزل عليه البخاري بخرتنك يقول: «إنه أقام أيامًا فمرض، حتى وجه إليه رسول من أهل سمرقند، يلتمسون منه الخروج إليهم، فأجاب وتهيأ للركوب ولبس خفيه، ولما مشى قدر عشرين خطوة أو نحوها إلى الدابة ليركبها وأنا آخذ بعضده قال:»أرسلوني فقد ضعفت«(١).
فأرسلناه فدعى بدعوات، ثم اضطجع فقضى، ثم سأل منه عرق كثير، وكان قد قال لنا: كفنوني في ثلاثة أثواب ليس فيها قميص ولا عمامة. قال: ففعلنا فلما أدرجناه في أكفانه وصلينا عليه،
(١)»هدي الساري" ص ٤٩٤.


ووضعناه في قبره، فاحت من تراب قبره رائحة طيبة كالمسك دامت أيامًا، وجعل الناس يختلفون إلى القبر أيامًا، يأخذون من ترابه إلى أن جعلنا عليه خشبًا مشبكًا (١).
وكانت وفاة البخاري يوم السبت في ليلة عيد الفطر، سنة ست وخمسين ومائتين للهجرة (٢٥٦ هـ).
ولا عجب أن يختم الله حياة هذا الإمام العظيم، هذِه الخاتمة التي فيها ابتلاء وامتحان واختبار، شأنه في ذلك شأن الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، نحسبه كذلك ولا نزكي على الله أحدًا، فرحمه الله وأجزل له العطاء، وبوأه مقام الصديقين.


(١) «تغليق التعليق» ٥/ ٤٤١.


التعريف بالجامع الصحيح
«الجامع الصحيح» هو أصح كتاب بعد كتاب الله، وهو الوصف الذي أطلقته الأمة الإسلامية على كتاب البخاري ونعتته به منذ أُلِّفَ إلى الآن. وصدق من قال (١):
صحيح البُخاري لو أَنْصفوه … لَمَا خُطَّ إلا بماءِ الذهبْ
هو الفَرْقُ بَيْنَ الهُدى والعَمَى … هو السُّدُّ بين الفتى والعَطَبْ
أسانيدُ مِثْلُ نُجوم السَّماء … أمامَ مُتُون كمثلِ الشُّهُب
بِهِ قام ميزانُ دينِ الرَّسُول … ودانَ بِهِ العُجْم بعدَ العَرَبْ
حجابٌ من النَّارِ لا شكَّ فيه … تَمَيَّزَ بَيْنَ الرِّضَى والغَضَبْ
وسِتْرٌ رقيقٌ إلى المُصْطفى … ونَصٌ مبينٌ لكَشْفِ الرِّيبْ
فيا عالِمًا أجمعَ العالِمُون … عَلَى فَضْلِ رُتْبَتِه في الرِّيَبْ
سَبَقْتَ الإئمةَ فيما جَمَعْتَ … وفُزْتَ عَلَى رَغْمهم بالقَصَبْ
نَفَيْتَ الضَّعِيفَ مِنَ النَّاقِلِينَ … ومَنْ كانَ مُتَّهَمًا بالكَذِبْ
وأَبْرَزْتَ في حُسْنِ تَرْتِيبه … وتَبْوِيبِهِ عَجَبًا لِلعَجَبْ


(١) أسنده ابن عساكر في ترجمته للبخاري من «تاريخ دمشق» ٥٢/ ٧٤ لأبي عامر الفضل بن إسماعيل الجرجاني الأديب، وأورده الذهبي «سير أعلام النبلاء» ١٢/ ٤٧١ - باختلاف يسير- دون نسبة. ونقلناه من «السير» عدا البيت الأخير فليس فيه.


فأَعْطَاكَ مَوْلاكَ ما تَشْتَهيه … وأَجْزَلَ حظَّكَ فِيْمَا وَهَبْ
وخَصَّكَ في عُرصاتِ الجِنان … بنِعَمٍ تدومُ ولا تَنْقَضِبْ
وهو الأثر الباقي الخالِد للإمام البُّخارى الذي جَمَعَ فيه مِنَ السُّنَّةِ الصحيحة وخلَّدَها، بعد أن نقَّاها وصفَّاها مما علق بها من اخْتِلاق، فخلَّدَ به اسمه في العالمين، وقد سمَّى البُّخارى كتابَهُ:
(الجامِع الصَّحيح المُسْند مِنْ حديثِ رسُولِ الله - ﷺ - وسُننه وأيامِهِ).
هكذا روى اسمه الحافظ ابن حجر في كتابه «هدي الساري» (١) وذكر الإمام العيني في «عمدة القاري» (٢) أن اسمه: «الجامِع المُسند الصحيح المختصر من أمورِ رسول الله - ﷺ - وسننه وأيامه» فالفرق بين الروايتين هو زيادة كلمة «المختصر» عند العيني.
ونظرا لطول هذا الاسم، وصعوبة الإستدلال به، والإشارة إليه عند الحاجة، والاستشهاد به كثيرًا، فقد دأب ذكره موجزًا مختصرًا على لسان الإمام البخاري نفسه وفي أقواله، فسماه مرة «الجامع الصحيح» كما ورد ذلك في حديثه عن الباعث على تأليفه قال:
كنا عند إسحاق بن راهويه فقال: (لو جمعتم كتابًا مختصرًا لصحيح سنة رسول الله - ﷺ - قال: فوقع ذلك في قلبي، فأخذت في جمع الجامع الصحيح) (٣)، وسماه أيضًا (الجامع) كما جاء في قوله: (ما أدخلت في كتابي الجامع إلا ما صح، وتركت من الصحيح حتى لا يطول) (٤) وسماه


(١) «هدي الساري» ص ٦.
(٢) «عمدة القاري» ١/ ٥، وهو كذلك عند النووي في «التلخيص» ١/ ٢١٣.
(٣) «هدي الساري» ص ٥.
(٤) المصدر السابق ص ٥، «طبقات الشافعية» ٢/ ٧.



أيضًا صحيح البخاري كما روى ذلك عنه أبو علي الغساني.
وسماه «الصحيح» وفي ذلك يقول البخاري: ما وضعت في «الصحيح» حديثًا إلا اغتسلت قبل ذلك وصليت ركعتين (١) وهناك تسمية أخرى للكتاب حيث جعله شريكًا له في الشهرة باسمه بين الناس، حيث سماه «البخاري» وقد ورد ذلك على لسان البخاري في قوله، روى محمد بن أبي حاتم الورَّاق عن البخاري قال: (لو نشر بعض أستاري هؤلاء لم يفهموا كيف صنفت البخاري ولا عرفوه) (٢).


(١) «هدي الساري» ٦ ص ٤٩٠، «طبقات الشافعية» ٢/ ٧.
(٢) «هدي الساري» ص (٤٨٨).



الباعث على تأليفه
لعل البواعث الداعية إلى تأليف البخاري جامعه الصحيح كثيرة، ذكرها وأشار إليها هو نفسه، منها:
الحاجة إلى إفراد الحديث الصحيح بكتاب يختص به وينفرد دون بقية أنواع الحديث، لا سيما وأن الكتب المؤلفة في الحديث آنذاك، كانت ممزوجة بأقوال الصحابة وفتاوى التابعين«كالموطأ» وغيرها (١).
ومنها دعوة رجل له وهو عند أستاذه وشيخه إسحاق بن راهويه، إلى جمع السنة الصحيحة كما روى إبراهيم بن معقل أنه سمع البخاري يقول: (كنت عند إسحاق بن راهويه، فقال رجل لو جمعتم كتابًا مختصرًا للسنن، فوقع ذلك في قلبي، فأخذت في جمع هذا الكتاب) وذلك لما رأى فيه من الأهلية والحفظ والإلمام بعلوم الحديث، وتوفقه في معرفة العلل والأسانيد) (٢).
ومنها رؤيا رأى فيها النبي - ﷺ - وهو يذب عنه بمروحة في يده. يقول البخاري (رأيت النبي - ﷺ - في المنام وأنا بين يديه أذب عنه بمروحة في يدي، فسألت بعض المعبرين في ذلك فقال لي: أنت تذب الكذب عن النبي - ﷺ -) (٣).


(١) «طبقات الشافعية» ٢/ ٧.
(٢) «تهذيب الأسماء»١/ ٦١.
(٣) «هدي الساري» ص ٥، «طبقات الشافعية» ٢/ ٧.



https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...b61e7e5bc3.gif


ابوالوليد المسلم 22-12-2025 05:27 AM

رد: التوضيح لشرح الجامع الصحيح أبو حفص عمر بن علي بن أحمد الأنصاري المعروف بـ ابن ال
 
https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...b61e7e5bc2.gif


الكتاب: التوضيح لشرح الجامع الصحيح
المؤلف: سراج الدين أبو حفص عمر بن علي بن أحمد الأنصاري الشافعي

المعروف بـ ابن الملقن (٧٢٣ - ٨٠٤ هـ)
الناشر: دار النوادر، دمشق - سوريا
الطبعة: الأولى، ١٤٢٩ هـ - ٢٠٠٨ م
عدد الأجزاء: ٣٦ (٣٣ والفهارس)

المجلد (1)
من صـــ 76 الى صـــ 100
الحلقة (4)



كيف ألف البخاري جامعه الصحيح؟
إن سعة اطلاع البخاري على علوم الحديث وفنونه، ومعرفته الواسعة بأحوال الرجال، وكثرة رحلاته طلبًا للحديث، وأخذًا عن الشيوخ، وقوة حافظته الخارقة، كل ذلك هيأه لإخراج الجامع الصحيح، وأعانه على تأليفه، كما أنه لم يكن متعجلًا متسرعًا في إخراجه وجمعه، بل اتخذ في تأليفه وتصنيفه أسلوبًا علميًا صحيحًا، ومنهجًا دقيقًا فريدًا، ويظهر ذلك كله في طريقة جمعه، ومدة تأليفه، وفي اختياره المكان المنالسب لتبييضه، وعدد المرات التي أعاد كتابته قبل أن يخرجه للناس، وفي الاستعداد الخاص عند الكتابة والتصنيف، روى السبكي في «الطبقات» قال (١):
قال شيخنا أبو عبد الله الحافظ: أروي من وجهين ثابتين عن البخاري أنه قال:
(أخرجت هذا الكتاب من نحو ستمائة ألف حديث، وصنفته في ست عشرة سنة، وجعلته حجة فيما بيني وبين الله، وما أدخلت في الجامع إلا ما صح، وتركت من الصحاح لأجل الطول). فهو لم يخرج من الجامع كل ما روى وحفظ من الحديث، بل ما صح منه على شروطه.
واشتغل في تأليفه وتصنيفه وجمعه وترتيبه وتبييضه وتنقيحه، مدة بلغت ستة عشر عامًا، وهي تستغرق مدة رحلاته العلمية إلى الأقاليم والأقطار الإسلامية، بمعنى أنه كان يرحل لطلب الحديث، ثم يعود


(١) «طبقات الشافعيه» ٢/ ٧، وانظر: «تاريخ بغداد» ٢/ ٨، ٩، «مقدمة شرح البخاري» للنووي ص ٧.

لإكمال ما بدأ من التصنيف، من محصول ما روي وما سمع، مما صح لديه وتجمع عنده من الحديث الصحيح، واتبع طريقة نموذجية في الإستعداد لتأليفه وجمعه، فكان يتهيأ لذلك بكيفية خاصة، حيث يغتسل ويصلي ويستخير الله قبل البدء في الكتابة.
روى ابن حجر عن البخاري قوله: ما كتبت في كتاب الصحيح حديثًا إلا اغتسلت قبل ذلك وصليت ركعتين (١). وقد صنفه في المسجد الحرام، وجمع تراجمه بين قبر النبي - ﷺ - ومنبره (٢).
وقد ذهب الحافظ ابن حجر إلى جمع الروايات المختلفة حول مكان تأليفه، إلى القول بأن البخاري ابتدأ تصنيفه، ووضع تخطيطه العام في المسجد الحرام، ثم أكمله وبيضه في بخاري، بدليل طول مدة تأليفه، وهو ما لم يجاوزه البخاري بمكة (٣).
وقد بلغ من حرص البخاري وعنايته بتصنيف «الجامع الصحيح»، أنه أعاد النظر فيه مرات، لكثرة ما تعهده بالتهذيب والتنقيح، قبل أن يخرجه للناس، ولذلك صنفه ثلاث مرات (٤).
وهذا يؤكد حرص البخاري ودقته وتثبته في إخراج الجامع الذي هو أول كتاب في الصحيح، حتى يكون نموذجًا خالدًا لكتب الحديث، ومثالًا يحتذي به المحدثون من بعده، حتى اعتبر أمير المؤمنين في الحديث، ولم يكد يتم تصنيفه وتأليفه حتى عرضه على شيوخه وأساتذته ليعرف رأيهم فيه، منهم علي بن المديني، ويحيى بن معين،


(١) «هدي الساري» ص ٥، «الوفيات» لابن خلكان ١/ ٦٥٠.
(٢) «هدي الساري» ص ٤٩٠.
(٣) «طبقات الشافعية» ٢/ ٧ المصدر السابق ص ٤٨٨.
(٤) «طبقات الشافعية» ٧/ ٢ «هدي الساري»، ص ٤٩١، «الإمام البخاري محدثًا وفقيها».



وأحمد بن حنبل، فاستحسنوه وشهدوا له بالصحة إلا في أربعة أحاديث قال العقيلي: «القول فيها قول البخاري» (١).
ولقد كانت عناية الإمام البخاري بمصنفاته كلها كبيرة، وروي عنه أنه قال: صنفت جميع كتبي ثلاث مرات (٢)، أي أنه ما زال ينقحها ويراجعها أكثر من مرة.


(١) «السنة ومكانتها في التشريع الاسلامي» ص ٥٠٦.
(٢) «سير أعلام النبلاء» ١٢/ ٤٠٣، «هدي الساري» ٤٨٧.



طريقة الإمام البخاري في جمع الحديث
لقد شمل منهج البخاري طريقة أخذ الحديث، وكتابته وجمعه، واختيار الشيوخ، ورجال الإسناد.
أما طريقة أخذ الحديث، فقد اتخذ البخاري لنفسه منهجًا لاختيار شيوخه، وفي بحثه وتأليفه إذ لم يكن يأخذ إلا عن الثقات وفي ذلك يقول:
«كتبت عن ألف ثقة من العلماء وزيادة، وليس عندي حديث لا أذكر إسناده» (١).
ونقل النووي عن أبي الفضل المقدسي، قال: الذين حدَّث عنهم البخاري في «صحيحه» خمس طبقات: .. فذكرهم، مع بيان اختلاف منهجه في الرواية عنهم في الصحيح وغير الصحيح (٢).
أما منهجه في كتابة الحديث، فقد تميز في كتابة الحديث والتأليف فيه بمزايا كثيرة، منها المكاني، ومنها الزماني، فقد توخى في تأليفه جامعه الصحيح الروية والأناة، بالرغم من حفظه الكبير، واتساع مداركه، ومعرفته العميقة للرجال، حيث صنفه في ستة عشر عامًا، وكان يعد نفسه لكل حديث بالغسل والصلاة، وفي ذلك يقول البخاري:


(١) «مقدمة شرح البخاري» للنووي ١/ ٨.
(٢) «مقدمة تلخيص النووي» ١/ ٢٣٤ - ٢٣٦.



أخرجت هذا الكتاب يعني الجامع الصحيح، من نحو ستمائة ألف حديث، وصنفته في ستة عشر سنة، وجعلته حجة بيني وبين الله (١).
وقال أيضًا: «ما وضعت في الصحيح حديثًا إلا اغتسلت قبل ذلك وصليت ركعتين».
أما مكان تصنيفه فبين الحرمين الشريفين، فقد صنفه في المسجد الحرام، ووضع تراجمه بين قبر النبي - ﷺ - ومنبره، وفي ذلك يقول:
«صنفت كتاب الجامع في المسجد الحرام، وما أدخلت فيه حديثًا إلا بعدما استخرت الله تعالى وصليت ركعتين وتيقنت صحته» (٢).
إن طول زمان تأليفه، يؤكد تحري البخاري وطول بحثه، وكبير استيعابه، كما أن اختيار الحرمين الشريفين، يدل على تقدير المسؤولية في اختيار الصحيح وانتقائه، مما يوحي جلال المهمة التي تصدى لها البخاري، وكان يقدرها حق قدرها، فقد بلغ من حرص البخاري وعنايته، أنه أعاد النظر فيه مرات لكثرة ما تعهده بالتهذيب والتنقيح، قبل أن يخرجه للناس، ولذلك صنفه ثلاث مرات (٣).
* عدد أحاديث الصحيح:
قال النووي: جملة ما في «صحيح البخاري» من الأحاديث المسندة سبعة آلاف ومئتان وخمسة وسبعون حديثا، بالأحاديث المكررة، وبحذف المكررة، نحو أربعة آلاف (٤).


(١) «طبقات الشافعية» ٢/ ٧، «التهذيب» لابن حجر ٩/ ٤٩٥،«الوفيات» ١/ ٦٥٠، «التلخيص شرح البخاري» للنووي ١/ ٢١٦.
(٢) «هدي الساري» (١١).
(٣) «طبقات الشافعية» ٢/ ٧.
(٤) «التلخيص» للنووي ١/ ٢١٩.



وقد فصلها ابن الملقن على الكتب في مقدمة «التوضيح» وعلقنا عليه بالمقارنة مع كلام الحافظ ابن حجر بما يغني عن التكرار هنا.
* استدراك الدارقطني على البخاري:
يمكن إيجاز الكلام في هذا الموضوع بقول النووي: قد استدرك الدرقطني على البخاري ومسلم أحاديث، وطعن في بعضها، وذلك الطعن الذي ذكره فاسدٌ، مبنيٌّ على قواعد لبعض المحدثين، ضعيفة جدًا، مخالِفة لما عليه الجمهور من أهلِ الفقهِ والأصولِ وغيرهم ولقواعد الأدلة، فلا تغتر بذلك (١).


(١) «التلخيص» للنووي ١/ ٢٤٥.


منهج البخاري في رواية الصحيح وشروطه فيه
يمكن استيعاب منهج الإمام البخاري في الحديث الصحيح وشروطه فيه، من أمرين:
١ - من الاسم الذي سمى به الجامع الصحيح.
٢ - ومن الاستقراء من تصرفه.
فهو قد سماه «كتاب الجامع الصحيح المسند المختصر من أمور رسول الله - ﷺ - وسننه وأيامه» وهو «الجامع» بمعنى: أنه لم يختص بصنف دون صنف ولذلك أورد فيه الأحكام والقضايا والأخبار المحضة والآداب والرقاق، كما أن من جُملة أغراضه بيان عقيدة السلف والرد على ما كان سائدًا في عصره من البدع.
وهو «الصحيح» أي: أنه ليس فيه شيء ضعيف عنده لقوله: «ما أدخلت في الجامع إلا ما صح».
وهو «المسند» أي: أنه خرج فيه الأحاديث المتصلة الإسناد ببعض الصحابة عن النبي - ﷺ - سواء من قوله أو فعله أو تقريره.
وهكذا يمكن حصر شروط البخاري في صحة الحديث فيما يلي:
أن يكون الحديث متصلًا، وأن يكون رواته عدولًا، وأن يخلو الحديث من العلة، أي: ليس فيه علة قادحة، ولا شاذًا بأن يخالف راويه الثقة من هو أوثق منه، أو أكثر عددًا منه وأشد ضبطًا، وقد


أوضح البخاري منهجه في الاتصال بدقة متناهية لا نجدها عند غيره، إذ اشترط في المعنعن شرطين: وهما اللقاء والمعاصرة وفي ذلك يقول: «الاتصال عندهم أن يعبر كل من الرواة في روايته عن شيخه، بصيغة صريحة في السماع منه، كسمعت وحدثني وأخبرني، أو ظاهرة كعن وأن فلانًا قال»، أي أن يكون الراوي قد ثبت له لقاء من حدث عنه ولو مرة واحدة، مع اشتراط أن يكون ثقة، فإذا ثبت عنه ذلك حملت عنه عنعنته على السماع، وعلة ذلك أنه لم يثبت لقاؤه له، وإنما كان معاصرًا له، احتمل أن تكون روايته عن طريق الإرسال، وأما إذا حدث عن شيخه بما لم يسمعه منه كان مدلسًا، وبذلك كان شرط البخاري في الاتصال أقوى وأتقن عنده من غيره، وخاصة مسلم وابن حنبل وغيرهما الذين اكتفوا بالمعاصرة دون اللقاء.
إن طريق ثبوت اللقاء عند البخاري، تدور على التصريح بالسماع في الإسناد، فإذا ثبت السماع عنده في موضع يحكم به سائر المواضع، ومن أجل ذلك كان البخاري يتثبت في الرجال الذين يخرج عنهم ينتقي أكثرهم صحبة لشيخه، وأعرفهم بحديثه، وإن فعل فإنما يخرج في المتابعات بشرط أن تقوم قرينة، وأن يكون ذلك مما ضبطه الراوي (١).
أما ابن الملقن فقال: يشترط [يعني لاتصال الإسناد] ثبوت اللقاء وحده، وهو قول البخاري والمحققين (٢).
وإضافةً لما سبق، فقد خلص بعض الباحثين أنه بالرغم من شيوع


(١) انظر: «هدي الساري» ص ٧.
(٢) انظر: «التوضيح» ج ٢ الوجه الحادي عشر في شرح أول حديث.



شرط اللقاء والمعاصرة عن البخاري فإنه لا يوجد ما يدل دلالة قاطعة على هذا الأمر (١).
قال«ابن خلدون» في مقدمة تاريخه في علوم الحديث، عن منهج البخاري: «وجاء محمد بن إسماعيل البخاري إمام المحدثين في عصره، وخرج أحاديث السنة على أبوابها في مسنده الصحيح، بجميع الطرق التي للحجازيين والعراقيين والشاميين، واعتمد منها ما أجمعوا عليه دون ما اختلفوا فيه، كما روى عن أهل الري وواسط وخراسان ومرو وبلخ وهراة ونيسابور وبخارى وغيرها، بخلاف غيره الذين لم يرحلوا إلى تلك البلاد».
وفي الجرح والتعديل كان للبخاري منهج دقيق وأسلوب فريد، كان فيه كثير من التحري والتثبت، فإذا أنكر السماع من راو كان يقول:«لم يثبت سماع فلان من فلان».
ولا يقول ورعًا «إن فلانًا لم يسمع من فلان» كما أكد ذلك صاحب «فيض الباري» نقلًا عن ابن حزم (٢) كما كان أكثر ما يقول في الرجل المتروك أو الساقط «سكتوا عنه» أو «فيه نظر» أو «اتركوه».
وقل أن يقول كذاب أو وضاع بل يقول:
«كذبه فلان» أو «رماه فلان» يعني بالكذب.
وكان أبلغ تضعيفه للمجروح قوله: «مُنكر الحديث» (٣).


(١) انظر «منهج الإمام البخاري في تصحيح الأحاديث وتعليلها» رسالة من إعداد أبي بكر الكافي، بإشراف د. حمزة المليباري، نشر دار ابن حزم ص ١٨٧، ٣٦٥.
(٢) «هدي الساري» ص ٤٨٨، «طبقات الشافعية» ٢/ ٧، «التعريف بالبخاري» ص ١٢٠.
(٣) «طبقات الشافعية» ٢/ ٩.



هذا ولم تقف ريادة البخاري ومنهجيته عند هذا الحد، بل تجلت في مواضع كثيرة من صحيحه: في تراجمه، وتقطيعه للحديث، واختصاره، وإعادته، ومكرراته، وتجريد الصحيح، مما ميزه عن غيره، وسجل له الأفضلية والأسبقية.

تراجم صحيح البخاري
المقصود بتراجم البخاري أسماء أبواب كتابه التي روى بعدها أحاديث الباب، ولقد راعى البخاري في هذِه التراجم مقاصد عالية رفيعة وأهدافًا سامية، فهو في بعض الأحيان يشير إلى النكات الفقهية، وأحيانا الأصول الحديثية، وعللها الغامضة، ولقد صدق من قال: «إن فقه البخاري في تراجمه» ذلك أن تراجم الصحيح تعطي الصورة الواضحة والدليل القاطع، على مقدرة البخاري وسعة علمه، وقوة حفظه ودرجة تفوقه في فهم الكتاب والسنة، واستنباط الأحكام منهما، والاستدلال لأبواب أرادها من الأصول والفروع، والزهد والرقائق، واستخراج فقه الحديث وماله صلة بالحديث المروي فيه فكان فيها كما قال عنه ابن حجر: «استخرج بفهمه من المتون معاني كثيرة، فرقها في أبواب الكتاب بحسب تناسبها، واعتنى فيه بآيات الأحكام فانتزع منها الدلالات البديعة، وسلك في الإشارة إلى تفسيرها السبل الوسيعة» (١).
كما كان في تراجمه سباق غايات، وصاحب آيات في وضع تراجم لم يسبق إليها، ولم يستطع أن يحاكيه أحد من المتأخرين، فنبه على مسائل مظان الفقه من القرآن، بل أقامها منه ودل على طرق التأنيس


(١) «هدي الساري» ص ٦.


منه، وبه ربط الفقه والحديث بالقرآن بعضه مع بعض، فكانت تراجمه صورة حية لاجتهاده وعبقريته ومنهجيته. ولزيادة التوضيح نورد أمثلة من تراجمه، تدليلًا على نبوغه وريادته، وتفوقه وتمكنه، وقوة استنباطه المعاني، واستخراج لطائف فقه الحديث، وتراجم الأبواب الدالة على ماله صلة بالحديث المروي فيه.
وقد تحدث ابن الملقن في مقدمة «التوضيح» عن تراجم البخاري وبيَّن منهجه فيها وأولاها اهتمامه في الشرح، لذا قال في المقدمة: (وأَحْصُرُ مقصودَ الكلام في عشرة أقسام: … سابعها: في بيان غامض فقهِهِ، واستنباطه، وتراجم أبوابه؛ فإنّ فيه مواضع يتحيرُ الناظرُ فيها، كالإحالة عَلَى أَصْل الحديث ومخرجه، وغير ذَلِكَ مما ستراه).
لقد كان منهجه عجيبًا وفريدًا في تراجمه، فقد يكون منها ما هو ظاهر، والترجمة فيه دالة بالمطابقة لما ترجم له، أي عنوان لما ترجم له، كقوله: «باب قول النبي - ﷺ - اللهم علمه الكتاب» كما جاء في الحديث المتصل عن ابن عباس قال: «ضمني رسول الله - ﷺ - وقال اللهم علمه الكتاب» (١).
وقد تكون الترجمة تعبيرًا للمعنى المراد من كلمة في الحديث مثاله.
«باب الاغتباط في العلم والحكمة وقال عمر: تفقهوا قبل أن تسودوا».
كما جاء في الحديث المسند عن عبد الله بن مسعود قال: «قال النبي - ﷺ -، لا حسد إلا في اثنتين، رجل آتاه الله مالًا فسلط على هلكته في


(١)»شرح الكرماني" للبخاري- كتاب العلم ٢/ ٤٧ - ٤٩.


الحق، ورجل آتاه الله الحكمة، فهو يقضي بها ويعلمها«(١).
فبين في هذِه الترجمة، أن المراد بالحسد هو الغبطة لا الحسد، وبذلك كانت ترجمته هنا بيانًا وتأويلًا لمعنى الحديث.
وقد يترجم بأيه ويأتى بعدها بالحديث، مثاله من كتاب العلم.
»باب قول الله تعالى ﴿وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا﴾ [الإسراء: ٨٥].
وساق السند المتصل عن علقمة عن عبد الله قال: بينما أنا أمشي مع النبي - ﷺ - في خرب المدينة، وهو يتوكأ على عسيب معه، فمر بنفر من اليهود فقال بعضهم لبعض: سلوه عن الروح، وقال بعضهم لا تسألوه لا يجيء فيه بشيء تكرهونه، فقال بعضهم: لنسألنه فقام رجل منهم فقال: يا أبا القاسم ما الروح؟ فسكت فقلت: إنه يوحى إليه، فقمت فلما انجلى عنه فقال: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا﴾ [الإسراء: ٨٥] قال الأعمش: هكذا فى قراءتنا، يريد البخاري أن يفيد إثبات الحكم بالمصدرين الكريمين الكتاب والسنة (٢) إلى غير ذلك من المعاني الدقيقة في تراجم البخاري التي يحفل بها صحيحه، والتي أفردها بعض العلماء بمصنفات مستقلة، منها:
- «المتواري على تراجم البخاري» لابن المنير.
- «فك أغراض البخاري المبهمة في الجمع بين الحديث والترجمة» للعلامة محمد بن منصور ابن حمامة المغربي.
- «ترجمان التراجم» لابن رشيد السبتي، ولم يتمه.


(١) المصدر السابق ٢/ ٤١ - ٤٣.
(٢) المصدر السابق ٢/ ١٤٩ - ١٥٠.



- «مناسبات تراجم البخاري» لابن جماعة.
- «شرح تراجم أبواب صحيح البخاري». ولي الله الدهلوي، وهي رسالة جامعية.
إضافة إلى كتاب ابن حجر «تغليق التعليق» ففيه اهتمام كبير بالمعلقات الموجودة في تراجم البخاري.


منهجه في تكرار الحديث واختصاره وتقطيعه
وهذا مظهر آخر من منهجية البخاري وبراعته وعبقريته، استعاض به عن هذا العدد العديد من الأحاديث التي ضمها «الجامع الصحيح» على كثرتها؛ حتى يجمع هذِه الثروة الحديثية الشاملة، وإلا احتاج إلى مجلدات حتى يستوفي أبواب صحيحه وكتبه، مراعاة لشروطه في الصحيح، والتي ألزم نفسه بها وهو يدون الحديث الصحيح في جامعه متحريًا خالصة لذاته وحسب شروطه.
يقول ابن الملقن في مقدمة «التوضيح»: (القاعدة الثانية عشر: اختصار الحديث والاقتصار عَلَى بعضه، الصحيح جوازه إِذَا كان ما فصله غير مرتبط الدلالة بالباقي، بحيث لا تختلف الدلالة، مفصلة كالحديثين المستقلين. ومنعه إن لم يكن كذلك. وأما تقطيع المصنف الحديث وتفريقه في أبواب فهو إلى الجواز أقرب ومن المنع أبعد، وقد فعله مالك والبخاري وغير واحد من أئمة الحديث).
وفي ذلك يقول الكشميري:
"إن المصنف لما شدد في شروط الأحاديث، قلَّت ذخيرة الحديث في كتابه، ولما أراد أن يتمسك منها على جملة أبواب الفقه، اضطر إلى التكرار والتوسع في وجوه الإستدلال، وذلك من كمال بداعته، ومن لا دراية له بغوامضه، ولا ذوق له في علومه، يتعجب من صحيحه،


ولا يدري أن التوسع فيه من أجل تضييقه على نفسه في مادة الأحاديث، فيستدل بالإيماءات، ويكتفي بالإيماضات» (١) وكان مصداق ما قيل:
أعيا فحول العلم حل رموز ما أبداه في الأبواب من أسرار.
فإذا صح أن البخاري أعاد الحديث الواحد وكرره في صحيحه أكثر من مرة، فإنما يلجأ إلى ذلك لمراميَ وأمور تتعلق بالإسناد أو بالمتن أو بهما معًا، على أن الصحيح في الأمر أنه لا يكرر، بل هو أسلوب اتخذه الإمام البخاري لما كان يرومه ويقصده من ترجمة أو معنى أو استدلال، وقلما يكون هناك حديث ورد في صحيحه أكثر من مرة كما هو إسنادا ومتنا، وإنما يختلف من حيث راويه أو اختصاره أو الاستدلال به كاملًا، ولنورد على ذلك أمثلة لتوضيح مقاصده في هذا الباب:
من ذلك أحاديث يرويها بعض الرواة تامة ويرويها بعضهم مختصرة، فيوردها هو كما جاءت تحريًا للدقة وإزالة للشبهة عن ناقلها، وليصل المنقطع منها على أصله فيقوي بعضها بعضًا، ويذكر الروايتين، مثال ذلك: ما أورده في «باب ليبلغ الشاهد الغائب» رواه ابن عباس عن النبي - ﷺ -.
ولكنه أسنده في كتاب الحج في باب الخطبة أيام منى، عن علي بن عبد الله، عن يحيى بن سعيد، عن فضيل بن غزوان عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما، أن رسول الله - ﷺ - خطب الناس يوم النحر فقال: «يا أيها الناس أي يوم هذا؟ قالوا: يوم حرام إلى أن قال: اللهم هل بلغت هل بلغت».


(١) «فيض الباري» ص ٤.


قال ابن عباس فوالذي نفسي بيده، إنها لوصيته إلى أمته ليبلغ الشاهد الغائب، لا ترجعوا بعدي كفارًا يضرب بعضكم رقاب بعض (١).
ومن ذلك، أنه كان يخرج الحديث عن صحابي ويورده عن صحابي آخر، وقصده أن يخرج به عن حد التفرد والغرابة، وكذلك يفعل في أهل الطبقة التالية للصحابة فمن بعدهم إلى مشايخه كما هو واضح في المتابعات، وأورد في هذا الباب:
حدثنا عبد الله بن يوسف، قال: حدثني الليث، قال: حدثني سعيد بن أبي شريح أنه قال لعمرو بن سعيد وهو يبعث البعوث إلى مكة: إئذن لي أيها الأمير أحدثك قولًا قام به النبي - ﷺ -، الخ الحديث، ذكره مطولًا ثم ذكره في كتاب الحج- باب فضل الحرم، بإسناد مغاير ومتن مختصر قال: حدثنا علي بن عبد الله، حدثنا جرير بن عبد الحميد، عن منصور، عن مجاهد، عن طاوس، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «قال رسول الله - ﷺ - يوم فتح مكة، إن هذا البلد حرمه الله لا يعضد شوكه ولا ينفر صيده، ولا يلتقط لقطته إلا من عرفها» (٢).
وليس في هذا الحديث الجزء الذي بوب له في الباب السابق، ويرمي البخاري من ذلك إلى أن ترك بعض المتن أو السند اختصارًا لا يضر إطلاقًا، وإنما يزيل الشبهة عن الناقل.
ومن ذلك أحاديث تعارض فيها الوصل والإرسال ورجح عنده في الموصول.


(١) «شرح الكرماني» للبخاري ٨/ ٢٠١.
(٢) «شرح الكرماني» للبخاري ٨/ ١٠٧.



ومنها أحاديث زاد فيها بعض الرواة رجلًا في الإسناد ونقصها بعضهم، فيوردها البخاري على الوجهين، إذ صح عنده أن الراوي سمعه من شيخ حدثه به عن آخر، ثم لقي الآخر فحدثه به، فكان يرويه على الوجهين.
وقد يورد البخاري الحديث لتسمية راو، أو التنبيه على زيادة في الرواية، فيراعي تقديم الحديث الأولى.
ومن أجل ذلك يتضح أن الإمام البخاري، لم يكن يورد الحديث الواحد في صحيحه أكثر من مرة، إلا لفائدة ولغاية من ترجمته، قال ابن حجر: «وبهذا يعلم أن البخاري لا يعيد إلا هادفًا للفائدة، حتى لو لم تظهر لإعادته فائدة، من جهة الإسناد، ولا من جهة المتن، لكانت الفائدة لإعادته من أجل مغايرة الحكم الذي تشتمل عليه الترجمة الثانية، موجبًا أنه لا يعد مكررًا بلا فائدة، وهي تعدد الطرق، فضلًا عن إبراز الأحكام المتعددة (١).
وما ألطف ما قال في هذا المعنى ابن الديبع:
قالوا: المسلم فضل. قلتُ: البخاري أعلى.
قالوا: المُكرر فيه. قلتُ: المُكرر أحْلى.
لقد كان هدف البخاري دائمًا استخراج المسائل واستنباط الفوائد، والنزول إلى أعماق الحديث، والتقاط درره، فقد روى حديث بريرة عن عائشة أكثر من اثنتين وعشرين مرة، لإبراز أحكام وقواعد جديدة منه في كل مرة يرويه.


(١)»الإمام البخاري محدثًا وفقيهًا" ص ٢٠٣.


وروى حديث جابر أكثر من عشرين مرة، «كنت مع النبي - ﷺ - في غزوة فأبطأ بي جملي وأعيا .. الحديث».
وروي حديث عائشة: «أن النبي - ﷺ - اشترى طعامًا من يهودي إلى أجل ورهنه درعًا من حديد» في أحد عشر موضعًا، وعقد له أبوابًا وتراجم.
وروى قصة موسى والخضر، في أكثر من عشرة مواضع.
وأخرج حديث كعب بن مالك في قصة غزوة تبوك في أكثر من عشرة مواضع.
وروى حديث أسماء في كسوف الشمس وخطبته - ﷺ - في عشرة مواضع.
ونجد أنزل سند فيه، سند إسماعيل بن إدريس، وهو تساعي.
وأعلى سند فيه الثلاثيات، وقد بلغت ثلاثة وعشرين على ما ذهب إليه الشبيهي في شرحه للجامع الصحيح (١).
وأكثر سند ذكرًا للصحابة، سند أبي سليمان في باب رزق الحكام من كتاب الأحكام، فإن فيه أربعة من الصحابة السائب ومن ذكر بعده.
وأطول حديث فيه حديث عمرة الحديبية المذكور في كتاب الصلح.
وأكثر أبوابه أحاديث باب ذكر الملائكة، وأكثر من روى عنه من الصحابة أبو هريرة - رضي الله عنه -.


(١) «الفجر الساطع على الصحيح الجامع» ج ١ ص ١٣، وما بعدها، بتصرف.


كيف وصل إلينا الصحيح أو الطرق التى تسلسل بها
لقد حدث البخاري بالحجاز والعراق وخراسان وما وراء النهر، وكتب عنه العلماء والمحدثون وما في وجهه شعرة، وقد روى عنه: أبو زرعة وأبو حاتم والترمذي ومسلم ومحمد بن نصر المروزي وصالح بن محمد وابن خزيمة وأبو العباس السراج، وأبو قريش محمد بن جمعة وأبو حامد بن الشرقي وغيرهم من الرواة الكثير الذين لا يحدهم حصر (١).
أما بخصوص «الجامع الصحيح» فقد أورد الحافظ ابن حجر رواية عن أحمد بن يوسف بن مطر بن صالح الفربري (٣٢٠ هـ) أن من سمعوا من البخاري كتابه الجامع الصحيح وحده كانوا تسعين ألفًا وكان هو منهم، كما يذكر الفربري أنه لم يبق ممن سمعه من البخاري إلا هو (٢).
وقد رد الحافظ ابن حجر على الفربري مستدركًا واحدًا من تلامذة البخاري الذين سمعوا منه الصحيح بقي متأخرًا عن الفربري، بحوالي تسعة أعوام، وهو أبو طلحة منصور بن محمد بن علي بن قريبة البزدوي المتوفى سنة ثلاثمائة وتسعة وعشرين للهجرة، فيكون هذا


(١) «طبقات الشافعية» ٢/ ٤.
(٢) «هدي الساري» ص ٤٩٢، ٤٩٣.



آخرهم سماعًا منه كما يقول الحافظ ابن حجر (١) وإذا كان من حمل عن البخاري جامعه الصحيح من تلامذته بلغوا تسعين ألفًا ويزيد، فإن رواية الفربري هي أشهر رواية عن البخاري من بين الروايات الواصلة إلينا منذ عهد البخاري إلى الآن.
وقد سمع الفربري الصحيح عن البخاري مرتين (٢): مرة بفربر سنة ثمانية وأربعين ومائتين، ومرة ببخارى سنة اثنين وخمسين ومائتين.
ولذلك كانت رواية الفربري أشهر الروايات وأتقنها لكونه آخر الرواة سماعًا عن البخاري وآخرهم حياة بعده، وعن هذِه الرواية تسلسلت كل الطرق المعاصرة التي وقعت عليها، وعن رواية الفربري كتب الكرماني، وابن حجر العسقلاني، والعيني، وقد جرت العادة أن يذكر أصحاب الشروح المعروفة الأسانيد التي سمعوا بها البخاري.
ونذكر على سبيل المثال الطرق التي تسلسل بها الصحيح إلى ابن حجر (ت ٨٥٢)، فقد عد منها أربعة عشر طريقًا وصلت بها إليه رواية صحيح البخاري، ومنها طريق أبي ذر، وهي نفس طريق الكرماني.
قال ابن حجر: إن أحسن الطرق التي وصل بها البخاري إليه هو هذا الطريق، ومن الطرق التي وصلته الجرجاني عن السبكي والهمداني عن أبي ذر وهي أكثر الروايات عددًا (٣).
وقد انتشر الرواة عن الفربري في الأقطار والأمصار، غير أن أشهر النسخ والروايات من طريقه، هي رواية أبي ذر، وهو ما أكده الحافظ في


(١) «هدي الساري» ص ٤٩٣.
(٢) «هدي الساري» ص ٤٩٣، «التنويه والإشادة» عبد الحي الكتاني ص ٢٥.
(٣) «التنويه والإشادة» ص (٣).



«الفتح». فهي أحسن الروايات لضبطه لها وتمييزه لاختلاف سياقها.
أما في المغرب فقد أورد المحدث سيدي عبد الحي الكتاني رواية عن القاضي عياض: «قال القاضي عياض في»المشارق«: أكثر الرواة عندنا من طريق الفربري والنسفي، ولم يصل إلينا من غير هذين الطريقين عنه ولا دخل المغرب والأندلس إلا عنهما، على كثرة رواة البخاري عنه لكتابه» (١).
وقد أخذ أبو ذر روايته عن شيوخه: السرخسي وأبي الهيثم الكشمهيني، وأبي إسحاق المستملي، وعنهم عن الفربري، عن البخاري، وقد كثرت الرواية عن أبي ذر وتشعبت وتفرقت الطرق وتعددت في العالم الإسلامي.
غير أن معتمد المغاربة هي رواية ابن سعادة وهو أبو عمران موسى بن سعادة، مولى سعيد بن نصر مولى الناصر عبد الرحمان بن محمد الأموي المتوفى سنة اثنين وعشرين وخمسمائة (٢).
وقد أخذ ابن سعادة روايته للصحيح عن الإمام الصدفي، عن الباجي، عن أبي ذر، فيكون بينه وبين البخاري خمسة وسائط (٣).
أما المشارقة فقد اعتمدوا في رواية الصحيح على النسخة اليونينية التي حررها الإمام الحافظ شرف الدين أبو الحسين علي بن محمد بن أحمد اليونيني، وكان قد قرأ الصحيح على عبد الله بن مالك الجياني النحوي، وقابل ذلك بأصل الحافظ أبي ذر والحافظ الأصيلي،


(١) المصدر السابق.
(٢) «معجم أصحاب الصدفي» لابن الآبار- «التنويه والإشادة» ص ٥.
(٣) «مختصر العروة الوثقى»: فهرست محمد بن الحسن الحجوي ص ٢٥.



والحافظ أبي القاسم الدمشقي، وبأصل مسموع عن الحافظ أبي الوقت سنة ٦٧٦ هـ (١).
ثم عمد الإمام جمال الدين محمد بن مالك الذي سمع من اليونيني، إلى توضيح مشكلات ألفاظ روايات البخاري حتى صارت هذِه النسخة أضبط النسخ على الإطلاق، وأصبح عمل اليونيني هو العمدة لكل من تعرض بعده لضبط روايات الصحيح (٢).
ولأخي ومشاركي في هذا العمل، الدكتور جمعة فتحي، رسالته (الدكتوراه) في هذا الموضوع، يسر الله نشرها.


(١) «التنويه والإشادة» ص ٣.
(٢) «دائرة المعارف الإسلامية» المجلد الثالث ص ٤٢٥.



مظاهر اهتمام الأمه الإسلاميه بصحيح البخاري (شروح البخاري)
لعل المكتبة الإسلامية لا تعرف كتابًا من كتب البشر الدينية اهتم به الباحثون والدارسون والعلماء ووقفوا جهودهم عليه، مثلما تناولوا كتاب الجامع الصحيح لأبي عبد الله البخاري بالشرح والتعليق والدراسة، وذلك منذ العصور الأولى منذ ألف هذا الكتاب وصدر عن صاحبه للناس.
فقد كانت هذِه العناية والاهتمام من لدن الباحثين والدارسين هي التي أحلت كتاب البخاري محل الصدارة بين الكتب المؤلفة في المكتبة الإسلامية، وجعلته في مقدمتها على الدوام، بفضل استمرار الاهتمام وتواصل العناية، مما يعتبر مظهرًا من مظاهر التقدير والاعتبار لهذا التراث العظيم الخالد الذي عم مشارق الأرض ومغاربها.
وقد امتدت العناية به إلى العلماء غير المسلمين حيث درس وترجم وكتبت حوله مئات المؤلفات من طرق الكتاب والمستشرقين الأجانب في مختلف أصقاع الدنيا، حتى وضع أحد المستشرقين ختمة عليه سماها «ختم البخاري» (١).


(١) «ختم البخاري» لجولد تسهير، «تاريخ التراث العربي» المجلد الأول ص ٣١١.


وبذلك كان كتاب «الجامع الصحيح» أعظم المؤلفات تقديرًا، وأعلاها منزلة، وأكثرها شهرة (١).
ولقد واكبت هذِه العناية والاهتمام من طرف العلماء والباحثين «الجامع الصحيح» منذ تأليفه، فقد ظهر أول شرح له في منتصف القرن الرابع الهجري وهو المسمى «أعلام السنن» للإمام الخطابي المتوفى سنة ٣٨٨ هـ، ثم توالت فيما بعد الشروح والحواشي والتعليقات متلاحقة متصلة ودون انقطاع، طوال القرون العشرة التي تلت تأليفه إلي اليوم، حيث لم يتوقف اهتمام العلماء بصحيح البخاري، أو يفتر إنتاجهم حوله، إذ أخرجت لنا المطبعة قبل سنوات حاشية عليه للشيخ المرحوم الطاهر بن عاشور (٢).
وقد ظهرت عناية العلماء والدارسين بالجامع الصحيح في هذا العدد الضخم من الكتب المؤلفة حوله شرحًا وتعليقًا وحاشية وغيرها، حتى عد صاحب «كشف الظنون» منها اثنين وثمانين (٣) وأوصل العدد للكاندهلوي في مقدمة اللامع إلى نيف وثلاثين ومائة (٤) إلى غير ذلك مما ذكره طاش كبرى زاده في «مفتاح السعادة» وما ذكر في «إتحاف النبلاء» و«الديباج المذهب» و«نيل الابتهاج» وغيرها.
إلا أننا وجدنا بعد الاستقصاء والبحث في المكتبة المغربية وحدها، أن هذا العدد لا يمثل الحقيقة، وقد قام الدكتور الشيخ محمد عصام


(١) «الجامع الصحيح» للإمام البخاري، أبو الحسن الندوي.
(٢) صدرت الطبعة الأولى من هذا الكتاب عن الدار العربية للكتاب بتونس ١٣٩٩ -
١٩٧٩ تحت اسم «النظر الفسيح عن مضايق الأنظار في الجامع الصحيح».
(٣) «كشف الظنون» ١/ ٥٤٥ - ٥٥٤.
(٤) «مقدمة لامع الدراري» ١٢٦ - ١٥١.

https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...b61e7e5bc3.gif





ابوالوليد المسلم 22-12-2025 05:18 PM

رد: التوضيح لشرح الجامع الصحيح أبو حفص عمر بن علي بن أحمد الأنصاري المعروف بـ ابن ال
 
https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...b61e7e5bc2.gif


الكتاب: التوضيح لشرح الجامع الصحيح
المؤلف: سراج الدين أبو حفص عمر بن علي بن أحمد الأنصاري الشافعي

المعروف بـ ابن الملقن (٧٢٣ - ٨٠٤ هـ)
الناشر: دار النوادر، دمشق - سوريا
الطبعة: الأولى، ١٤٢٩ هـ - ٢٠٠٨ م
عدد الأجزاء: ٣٦ (٣٣ والفهارس)

المجلد (1)
من صـــ 101 الى صـــ 125
الحلقة (5)



عرار الحسيني بجمع أسماء شروح البخاري وما يتعلق به في كتاب «إتحاف القاري بمعرفة جهود وأعمال العلماء على صحيح البخاري» ولم نقف عليه إلا بعد أن أوشكنا على الانتهاء من هذِه المقدمة. وكنا قد كلفنا الأخ أحمد فوزي الباحث بدار الفلاح بجمعها فوقف على عدد كبير وجدناه أوسع بكثير مما كتب الشيخ محمد عصام ووجدنا أن من الصعوبة أن نورد ذلك كله في هذِه المقدمة ولكن سنفرده بكتاب مستقل، ونضع هنا بعضًا منه:
١ - «أعلام الحديث»، أو «أعلام السنن»، أو «إعلام المحدث»:
مؤلفه: الإمام العلامة الحافظ اللغوي، أبو سليمان، حمد بن محمد بن إبراهيم بن خطاب البستي الخطابي، توفي ببست في شهر ربيع الآخر، سنة ثمان وثمانين وثلاثمائة (١).
والشرح هذا مطبوع، بتحقيق الدكتور محمد بن سعد بن عبد الرحمن آل سعود، ضمن إصدارات جامعة أم القرى، وهو في أربعة أجزاء.
وقد اختلف في اسمه، فسماه بعضهم «أعلام الحديث» وهو الموسوم به المطبوع، وكذا سماه السمعاني. وسماه بعضهم «أعلام السنن» كالحموي وابن خلكان، وحاجي خليفة (٢). وسماه بعضهم «إعلام المحدث»، كذا سماه بروكلمان وفؤاد سزكين (٣). وهو شرح لطيف فيه نكت لطيفة، يعد هو أول شرح لـ «صحيح البخاري»،

----------------------------------(١) انظر ترجمته في: «الأنساب» ٢/ ٢١٠، ٥/ ١٤٥، و«معجم الأدباء» ٣/ ٢٥١ (٣٧٩)، و«وفيات الأعيان» ٢/ ٢١٤ (٢٠٧)، و«تاريخ الإسلام» ٢٧/ ١٦٥، و«سير أعلام النبلاء» ٢٣/ ١٧ (١٢).
(٢) «كشف الظنون» ١/ ٥٤٥.
(٣) «تاريخ الأدب العربي» ٣/ ١٦٧، «تاريخ التراث العربي» ٣/ ٢٢٩.


فلا يُعلم أحد شرح «الصحيح» قبله، وهو من الشروح المختصرة، أهتم فيه مصنفه رحمه الله بالجوانب اللغوية، وضَبْطُ كثير من ألفاظ وكلمات «الصحيح»، فهو في الجملة كالشرح اللغوي «للصحيح»، وأحيانًا قليلة يتعرض لذكر بعض الفوائد الفقهية، وقليل من التعليقات العقائدية، وقد نقل كثير ممن شرح «الصحيح» بعده منه، كالحافظ في «فتح الباري»، والمصنف في شرحنا هذا، بل إنه من المكثرين في النقل عنه.
٢ - «النصيحة في شرح البخاري»:
مؤلفه: أحمد بن نصر، أبو جعفر الأزدي الداودي المالكي الفقيه، توفي سنة اثنتين وأربعمائة (١).
شرحه هذا غير مطبوع، ولا يعرف عنه شيء، ذكره غير واحد كالسخاوي في «الجواهر والدرر» ٢/ ٧١٠ وقال: وهو ممن ينقل عنه ابن التين وغيره. وحاجي خليفة في «كشف الظنون» ١/ ٥٤٥ وعد كتابه هذا بمثابة التتميم لشرح الخطابي، وكذا ذكره كحالة في «معجم المؤلفين» ١/ ٣١٩ (٢٣٣٩).
ويبدو أنه من الشروح النفيسة؛ فلقد أكثر المصنف- أي: ابن الملقن رحمه الله- النقل عنه في مواضع شتى، وكذا الحافظ في «الفتح» وغير شارح، وللحافظ في «المعجم المفهرس» (١٧٥٦) إسناد لهذا الشرح، قال: أنبأنا به أبو علي الفاضلي، عن أحمد بن أبي طالب، عن جعفر بن علي، عن محمد بن عبد الرحمن الحضرمي، عن عبد الرحمن بن محمد بن عتاب، عن يوسف بن عبد الله النمري، عن الداودي إجازة. ومات سنة اثنتين وأربعمائة. اهـ.

------------------------------(١) انظر ترجمته في «تاريخ الإسلام» ٢٨/ ٥٦ (٥٦).


٣ - «شرح القزاز»:
مؤلفه: أظنه: العلامة، إمام الأدب، أبو عبد الله، محمد بن جعفر التميمي القيراوني النحوي، القزاز، مات بالقيروان سنة اثنتي عشرة وأربعمائة (١).
وهذا الشرح من الشروح التي صرح المصنف الشارح -رحمه الله- في خاتمته أنه من الشروح التي اعتمد عليها في شرحه.
وأفاد الحافظ السخاوي في «الجواهر والدرر» ٢/ ٧١٢ أنه شرح لغريب البخاري، فقال: وشرح غريبه القزاز.
وذكره أيضًا الشيخ محمد زكريا الكاندهلوي في مقدمته في «لامع الدراري على جامع البخاري» وسماه «تفسير غريب البخاري».
٤ - «شرح أبي الزناد ابن سراج»:
مؤلفه: لعله سراج بن سراج بن محمد بن سراج، يكنى أبا الزناد من أهل قرطبة، توفي في محرم سنة اثنتين وعشرين وأربعمائة (٢).
ذكر هذا الشرح السخاوي فقال في «الجواهر والدرر» ٢/ ٧١٠: ممن علِمْتُه شَرَحَ البخاري، أبو الزناد [وقع في المطبوع: الزياد بالياء، وهو تصحيف]، بن سراج، وهو ممن يكثر ابنُ بطال النقل عنه.
قلت: وهو كما قال، ففي مواضع شتى من «شرح ابن بطال» قال فيها: قال أبو الزناد، وزاد في أول موضع ١/ ٣٢: ابن سراج.

---------------------------------(١) انظر ترجمته في: «وفيات الأعيان» ٤/ ٣٧٤ (٦٥٢)، و«تاريخ الإسلام» ٢٨/ ٦٧ (٧٥)، و«سير أعلام النبلاء» ١٧/ ٣٢٦ (١٩٧)، و«الوافي بالوفيات» ٢/ ٣٠٤ (٧٤٦).
(٢) انظر ترجمته في: «الصلة» ١/ ٢٢٦ (٥١٧).



ونقل عنه أيضًا الحافظ في «فتح الباري» في سبعة مواضع قال فيها: قال أبو الزناد. وكذا العيني في «عمدة القاري» في مواضع أكثر.
وذكر هذا الشرح أيضًا حاجي خليفة في «كشف الظنون» ١/ ٥٤٦.
٥ - «شرح المهلب»:
مؤلفه: المهلب بن أحمد بن أبي صفرة أسيد بن عبد الله الأسدي الأندلسي المريى، مصنف «شرح صحيح البخاري»، وكان أحد الأئمة الفصحاء الموصوفين بالذكاء. توفي في شوال سنة خمس وثلاثين وأربعمائة (١).
وهو أيضًا غير مطبوع، ولا يعرف عنه شيء، وذكره غير واحد كالذهبي، والسخاوي في «الجواهر والدرر» ٢/ ٧١٠ وقال: وهو ممن اختصر «الصحيح»، وحاجي خليفة في «الكشف» ١/ ٥٤٥، وكحالة في «معجم المؤلفين» ٣/ ٩٢٧ (١٧٣٤٤).
ويبدو أنه شرح ثمين، يتجلى ذلك من خلال نقولات المصنف -رحمه الله- عنه، فلقد أكثر عنه النقل خاصة فيما يتعلق بالمسائل الفقهية، وكذا الحافظ في «الفتح»، والعيني في «عمدة القاري».
وقبلهم ابن بطال -الآتي قريبًا- فهو ممن أكثر النقل جدًّا عن شيخه المهلب هذا.
٦ - «شرح البوني»:
مؤلفه: مروان بن علي -ويقال: ابن محمد- الأسدي القطان، أبو عبد الملك، القرطبي البوني.

---------------------------------(١) انظر ترجمته في «تاريخ الإسلام» ٢٩/ ٤٢٢ (١٥٨)، و«سير أعلام النبلاء»١٧/ ٥٧٩ (٣٨٤)، و«شذرات الذهب» ٣/ ٢٥٥.


قال ابن بشكوال: مات قبل الأربعين وأربعمائة (١).
شرحه هذا ذكره الحافظ في «المعجم المفهرس» (١٧٥٨) وذكر إسناده إليه فقال: أنبأنا به أبو علي الفاضلي، عن أحمد بن أبي طالب، عن جعفر بن علي، عن محمد بن عبد الرحمن الحضرمي، عن عبد الرحمن بن محمد بن عتاب، عن حاتم بن محمد الطرابلسي، عنه. وهو غير مطبوع، ولا يعرف عنه شيء.
٧ - «شرح ابن بطال»:
مؤلفه: العلامة أبو الحسن، علي بن خلف بن بطال البكري، القرطبي ثم البلنسي، ويعرف بابن اللجام، توفي في صفر سنة تسع وأربعين وأربعمائة (٢).
وقد طبع بتحقيق ياسر بن إبراهيم. مكتبة الرشد، في أحد عشر مجلدًا. وهو شرح نفيس عُنِي مصنفه فيه بالفقه، قال حاجي خليفة في «كشف الظنون» ١/ ٥٤٦: غالبه فقه الإمام مالك من غير تعرض لموضوع الكتاب غالبًا. اهـ.
قلت: والإشارات الحديثية فيه قليلة جدًّا، إن وجدت، ويذكر أحيانًا بعض اللغويات، ويتعرض لذكر بعض المسائل العقائدية، مع العلم بأنه فيها من المؤولين للصفات.
والمطالع للكتاب يجد ابن بطال رحمه الله كثير النقل جدًّا عن المهلب، المتقدم ترجمته، مع إفادة أن المهلب شيخه أخذ عنه

--------------------------------(١) انظر: «الصلة» ٢/ ٦١٦ (١٣٤٩)، و«معجم المؤلفين» ٣/ ٨٤٤ (١٦٨٢٣).
(٢) انظر ترجمته في: «الصلة» لابن بشكوال ٢/ ٤١٤ (٨٩١)، و«تاريخ الإسلام» ٣٠/ ٢٣٣ (٣٢٥)، و«سير أعلام النبلاء» ١٨/ ٤٧ (٢٠)، و«معجم المؤلفين» ٢/ ٤٣٨ (٩٤٥٥).



مباشرة، من ذلك ما ذكره في شرح أول حديث ١/ ٣١ قال: قال لي أبو القاسم المهلب ابن أبي صفرة .. وذكر نحو هذا في غير ما موضع.
وممن أكثر النقل عنه أيضًا أبو الزناد بن سراج، وقد تقدم.
وقد أكثر المصنف -ابن الملقن- النقل عن ابن بطال، وكذا الحافظ والعيني، خاصة المسائل الفقهية.
تنبيه: يوجد ابن بطال آخر هو: سليمان بن محمد بن بطال بن أيوب، البطليوسي، أبو أيوب، المالكي، يعرف بالمتلمس، فقيه إمام عالم محقق زاهد، توفي سنة اثنتين، وقيل: أربع وأربعمائة (١).
قال المقري في «نفح الطيب» ٣/ ٤٥١: له «شرح البخاري» وأكثر ابن حجر من النقل عنه في «فتح الباري»!
قلت: غريب؛ فشرح البخاري، إنما هو لابن بطال الأول علي بن خلف، واشتهر بل تواتر نسبة الكتاب إليه، ولم يذكر أحد قط ممن تقدم المقري أو تأخر عنه في ترجمة ابن بطال الثاني هذا أن له شرحًا للبخاري، وكل من ترجم له في كتب الفهارس ذكروا له كتبًا كثيرة، ولم يتعرض أحدهم لذكر هذا الكتاب، وهذا يؤكد أن الكتاب للأول، وأن قول المقري إنما هو توهم منه، رحمه الله، وأغرب من ذلك أن الدكتور فاروق حمادة في مقدمته لكتاب ابن القطان «الإقناع في مسائل الإجماع» ١/ ٩٧ جزم بنسبة هذا الشرح لابن بطال البطليوسي الثاني، مع نسبته أيضًا لابن بطال علي بن خلف شرحًا

-------------------------------------(١) انظر ترجمته في: «الصلة» ١/ ١٩٧ (٤٤٥)، و«الديباج المذهب» ١/ ٣٧٦، «نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب» ٣/ ٤٥٠، و«شجرة النور الزكية» (٢٥٨)، و«معجم المؤلفين» ١/ ٧٨٥ (٥٨٢٨)، ١/ ٧٩٦ (٥٨٩٨).


آخر، وخطَّأ المقري في قوله أن الثاني هو الذي ينقل عنه الحافظ في «الفتح».
وليس ثمة دليل أصلًا أن الثاني له شرح، فالشرح لابن بطال الأول، مع العلم بأن الدكتور فاروق نقل في ترجمة ابن بطال الثاني عن الحميدي في كتاب «جذوة المقتبس» ص (٢٢٢)، ولما طالعت ترجمة سليمان ابن بطال في «الجذوة» وجدت الحميدي لم ينسب له شروحًا.
ونخلص من هذا أن «شرح البخاري» إنما هو لابن بطال الأول، علي بن خلف، والله أعلم.
٨ - «شرح ابن حزم»:
مؤلفه: الإمام الأوحد، البحر، ذو الفنون والمعارف، أبو محمد، علي بن أحمد بن سعيد بن حزم بن غالب بن صالح بن خلف، الأندلسي القرطبي، صاحب التصانيف، توفي سنة ست وخمسين وأربعمائة (١).
وكتابه هذا أشار إليه الحافظ السخاوي في «الجواهر والدرر» ٢/ ٧١١ فقال: وكذا لأبي محمد بن حزم عدة أجوبة. وكذا ذكره حاجي خليفة في «كشف الظنون» ١/ ٥٤٥ - ٥٤٦.
قلت: يبدو أنه كتاب مختصر أو تعليقات مختصرة على «الصحيح».
وإلى هذا أشار الكاندهلوي كما في مقدمة «عمدة القاري» ١/ ٢٦ فقال: شرح لطيف لابن حزم.
ووجدت الحافظ الذهبي حصر مصنفات ابن حزم في «السير»

---------------------------------(١) انظر ترجمته في: «معجم الأدباء» ٣/ ٥٤٦ (٥٤٢)، و«تاريخ الإسلام»٣٠/ ٤٠٣ (١٦٨)، و«سير أعلام النبلاء» ١٨/ ١٨٤ (٩٩)، و«معجم المؤلفين» ٢/ ٣٩٣ (٩١١٧).


١٨/ ١٩٣ - ١٩٧ فبلغت ثمانين مؤلفًا ما بين مجلد ورسالة وكراسة، ولم يذكر فيها كتابه هذا على «صحيح البخاري»، إلا أنه قال في ١٨/ ٢٠٩: قال ابن حزم في «تراجم أبواب صحيح البخاري».
٩ - «شرح الهوزني»:
مؤلفه: عمر بن الحسن بن عمر بن عبد الرحمن بن عمر الهوزني الإشبيلي المالكي، أبو حفص، مات قتيلًا سنة ستين وأربعمائة (١).
شرحه هذا ذكره السخاوي في «الجواهر والدرر» ٢/ ٧١١، وحاجي خليفة، «كشف الظنون» ١/ ٥٤٦، وإسماعيل باشا، «هدية العارفين» ١/ ٧٨٢، وكحالة في «معجم المؤلفين» ٢/ ٥٥٧ (١٠٣٥٠).
١٠ - «الأجوبة عن المسائل المستغربة من كتاب البخاري»:
مؤلفه: الإمام العلامة، حافظ المغرب، شيخ الإسلام، أبو عمر، يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر بن عاصم النمري، الأندلسي القرطبي المالكي، صاحب التصانيف الفائقة، توفي سنة ثلاث وستين وأربعمائة (٢).
وقد طبع بتحقيق عبد الخالق بن محمد ماضي، طبع: وقف السلام الخيري، في مجلد. وسماه الحافظ الذهبي: «الأجوبة الموعبة ..».
والكتاب هو شرح وتعليقات لطيفة على بعض أحاديث «الصحيح»

--------------------------------(١) انظر ترجمته في «الصلة» ٢/ ٤٠٢ (٨٦٥)، و«تاريخ الإسلام»٣٠/ ٤٨٨ (٢٦٤).
(٢) انظر ترجمته في: «وفيات الأعيان» ٧/ ٦٦ (٨٣٧)، و«تاريخ الإسلام»٣١/ ١٣٦ (٩٤) و«سير أعلام النبلاء» ١٨/ ١٥٣ (٨٥)، و«معجم المؤلفين» ٤/ ١٧٠ (١٨٤٥٥).



خصها بالتعليق؛ لأنه طلب منه توضيح معاني بعض الأحاديث التي خفيت على أحد طلاب العلم، فأرسل لابن عبد البر يطلب منه توضيح ذلك، يدل لذلك قوله في مقدمة الكتاب: وذكرت أنه استعجم عليك من «الجامع الصحيح» للبخاري، أحاديث استغلقت عليك معانيها، ورجوتني لكشف المعمى عنك فيها، وسألتني شرحها وبسطها بما حضرني. اهـ «الأجوبة» ص ٩١ - ٩٢.
وقد بلغ عدد الأحاديث التي تعرض لها ابن عبد البر بالتعليق والشرح- أحدًا وعشرين حديثًا. ولا يفوتني أن أذكر أن الشارح -رحمه الله- قد عزا في غير ما موضع إلى هذا الكتاب.
فائدة:
ذكر الحافظ السخاوي في «الجواهر والدرر» ٢/ ٧١١ أن سَائلَ ابن عبد البر هو المهلبُ بن أبي صفرة.
١١ - «شرح البزدوي»:
مؤلفه: الإمام علي بن محمد بن حسين ابن المحدث عبد الكريم ابن موسى بن عيسى بن مجاهد، أبو الحسن، فخر الإسلام، البزدوي الزاهد، شيخ الحنفية، عالم ما وراء النهر، صاحب الطريقة في المذهب، وصاحب التصانيف الجليلة، توفي سنة اثنتين وثمانين وأربعمائة (١).
وليُنتبه إلى أن هذا الشرح تفرد بذكره حاجي خليفة في «كشف

------------------------------(١) انظر ترجمته في:»الأنساب«٢/ ١٨٨، و»تاريخ الإسلام«٣٣/ ٩٣ (٦٤)، و»سير أعلام النبلاء«١٨/ ٦٠٢ (٣١٩)، و»الوافي بالوفيات«٢١/ ٤٣٠ (٣٠٦)، و»تاج التراجم" (١٦٤).


الظنون» ١/ ٥٥٣ وقال: وهو شرح مختصر.
ومن تبعه كالبغدادي في «هدية العارفين» ١/ ٦٩٣، وكحالة في «معجم المؤلفين» ٢/ ٥٠١ (٩٩٤٦).
مع العلم بأن الحافظ الذهبي، وكذا الصفدي لم يذكرا له تصانيف بالمرة، ومن ذكر تصانيفه كقطلوبغا وطاش كبرى زاده في «مفتاح السعادة» ٢/ ١٦٥ لم يذكرا هذا الشرح، وإنما ذكرا كتابه «شرح الجامع الكبير» و«شرح الجامع الصغير» وغير ذلك، فيحتمل أن يكون توهم أنَّ «شرح الجامع الكبير» هذا هو«جامع البخاري»، والله أعلم.
١٢ - «شرح ابن المرابط»:
مؤلفه: الإمام مفتي مدينة المرية وقاضيها، أبو عبد الله محمد بن خلف بن سعيد بن وهب الأندلسي المريي ابن المرابط الصيرفي، توفي في شوال سنة خمس وثمانين وأربعمائة (١).
وشرحه هذا شرح كبير، اختصر فيه شرح شيخه المهلب بن أبي صفرة، ذكره السخاوي في «الجواهر والدرر» ٢/ ٧١٠ - ٧١١ وقال: وهو ممن ينقل عنه ابن رشيد.
وكذا ذكره حاجي خليفة في «كشف الظنون» ١/ ٥٤٥.
ولا يعرف عن هذا الكتاب شيء، غير أن أكثر من ترجم لابن المرابط، ذكر هذا الشرح كابن بشكوال، والذهبي والصفدي وكحالة، وذكروا أن هذا الشرح رُحِل إليه وسُمع منه.

---------------------------------(١) انظر ترجمته في: «الصلة» ٢/ ٥٥٧ (١٢٢٤)، و«تاريخ الإسلام» ٣٣/ ١٥٦ (١٥٧)، و«سير أعلام النبلاء» ١٩/ ٦٦ (٣٦)، و«الوافي بالوفيات» ٣/ ٤٦ (٩٤١)، و«معجم المؤلفين» ٣/ ٢٧٧ (١٣١٧١).


وهو من الشروح التي نقل عنها العيني في «عمدة القاري»، والحافظ في «الفتح» في مواضع عدة.
١٣ - «شرح أبي الأصبغ»:
مؤلفه: العلامة أبو الأصبغ عيسى بن سهل بن عبد الله الأسدي الجياني المالكي، توفي في المحرم سنة ست وثمانين وأربعمائة (١).
شرحه هذا ذكره الحافظ السخاوي في «الجواهر والدرر» ٢/ ٧١١ وقال: وذكر أنه ممن ينقل عنه ابن رشيد. وذكره أيضًا حاجي خليفة في «كشف الظنون» ١/ ٥٤٦، والبغدادي في «هدية العارفين» ١/ ٨٠٧، وكحالة في «معجم المؤلفين» ٢/ ٥٩٤ (٤٨٦).
ثم إني رأيت في «فتح الباري» ٨/ ٣٦٥ قال الحافظ: وقد تكلف لها أبو الإصبع -هكذا بهمزة مكسورة وعين مهملة- عيسى بن سهل في «شرحه» فيما نقلته من رحلة أبي عبد الله -رشيد عنه ما ملخصه، وساق كلامًا.
وهذِه فائدة عزيزة فاستفدها.
١٤ - «شرح التيمي»:
مؤلفه: الإمام محمد بن إسماعيل بن محمد بن الفضل بن علي بن أحمد بن طاهر التيمي الأصبهاني، أبو عبد الله.
قال القفطي في «المحمدون من الشعراء»: كان شابًا وفاق في الفضل شيوخ أهل زمانه، لكنه استوفى أنفاسه وطوى قرطاسه قبل أوانه! وفجع والده بشبابه (٢).

-------------------------------(١) انظر ترجمته في: «الصلة» ٢/ ٤٣٨ (٩٤١)، و«تاريخ الإسلام» ٣٣/ ١٨٧ (١٩٧)، و«سير أعلام النبلاء» ١٩/ ٢٥ (١٥).
(٢) «المحمدون من الشعراء» (٩٦).



وقال الحافظ الذهبي في «تاريخ الإسلام» ٣٦/ ٣٧٢: كان أبو عبد الله محمد قد ولد نحو سنة خمسمائة، ونشأ فصار إمامًا في العلوم كلها، حتى ما كان يتقدمه كبير أحد في وقته في الفصاحة والبيان والذكاء والفهم، ثم اخترمته المنية بهمذان في سنة ست وعشرين، وكان والده يروي عنه إجازة، وكان شديد الفقد عليه.
وهذا الشرح ذكره الذهبي في «تاريخ الإسلام» ٣٦/ ٣٧٢ نقلًا عن أبي موسى المديني قال: وقد شرح في الصحيحين فأملى في شرح كل واحد منهما صدرًا صالحًا.
ونقل نحوه في «السير» ٢٠/ ٨٤، وفي «تذكرة الحفاظ» ٤/ ١٢٨٠.
وذكره أيضًا السخاوي في «الجواهر والدرر» ٢/ ٧١٠ وعبارته: ممن علمته شرح البخاري، محمد بن التيمي واعتنى بشرح ما لم يذكره الخطابي، مع التنبيه على أوهام له. اهـ بتصرف.
وحاجي خليفة في «كشف الظنون» ١/ ٥٤٥.
تتمة:
ذكر ابن العماد في «شذرات الذهب» ٤/ ١٠٦ أن محمدًا هذا شرح صحيحي البخاري ومسلم فلما مات في حياة أبيه، أكملهما أبوه.
قلت: أبوه هو الإمام الحافظ شيخ الإسلام، أبو القاسم إسماعيل بن محمد بن الفضل بن علي بن أحمد بن طاهر القرشي التيمي الأصبهاني، الملقب بقوام السنة، توفي سنة خمس وثلاثين وخمسمائة (١).

-------------------------------(١) انظر ترجمته في: «التقييد» (٢٤٧)، و«تاريخ الإسلام» ٣٦/ ٣٦٧ (٢٢٨)، و«سير أعلام النبلاء» ٢٠/ ٨٠ (٤٩)، و«تذكرة الحفاظ» ٤/ ١٢٧٧ (١٠٧٥)، و«الأعلام» ١/ ٣٢٣، و«معجم المؤلفين» ١/ ٣٧٩ (٢٨٢١).


ذكر هذا الشرح ونسبه للأب، الذهبي في «طبقات الحفاظ» ص (٩٥)، والسيوطي في «طبقات المفسرين» (٢٣)، والداودي في «طبقات المفسرين» أيضًا ١/ ١١٤ (١٠٥) كلاهما نقلًا عن أبي موسى المديني، أو عن الذهبي عنه.
وحاجي خليفة في «كشف الظنون» ١/ ٥٥٤، والبغدادي في«هدية العارفين» ١/ ٢١١، والزركلي وكحالة.
ورأيت في «فتح الباري» في تسعة مواضع قال الحافظ: «قال التيمي»، وأحيانًا يزيد: «فى»شرحه«.
ورأيت في»عمدة القاري«أيضًا في مواضع بلغت خمسة وثمانين موضعًا قال فيها العيني: (قال التيمي)، في موضعين منها قال: (قال الكرماني: قال التيمي).
لكن لا أعلم أيَّ التيميين يريدان الأب أم الابن؟
١٥ -»النجاح في شرح أخبار كتاب الصحاح«:
مؤلفه: العلامة المحدث، أبو حفص، عمر بن محمد بن أحمد بن إسماعيل بن محمد النسفي الحنفي، من أهل سمرقند، وكان صاحب فنون، ألف في الحديث والتفسير والشروط، وله نحو من مائة مصنف توفي سنة سبع وثلاثين وخمسمائة (١).
وهذا الكتاب ذكره ابن قطلوبغا في»تاج التراجم«ص (٢٧١)، وحاجي خليفة في»كشف الظنون«١/ ٥٥٣ قال: ذكر في أوله أسانيده عن خمسين طريقًا إلى المصنف.

-------------------------------------(١) انظر ترجمته في:»تاريخ الإسلام«٣٦/ ٤٤٧ (٣٣٥)، و»سير أعلام النبلاء«٢٠/ ١٢٦ (٧٦)، و»معجم المؤلفين" ٢/ ٥٧١ (١٠٤٥٨).


وذكره أيضًا في ٢/ ١٩٢٩ وقال: وهو لعمر النسفي، قال في أوله بعد ذكر أسانيده: هذِه خمسون طريقًا لإسناد كتاب «صحيح البخاري» أخذتها عن مشايخي.
وذكره البغدادي في «هدية العارفين» ١/ ٧٨٣، وكحالة في «معجم المؤلفين».
١٦ - «الاحتواء على غاية المطلب والمراد في شرح ما اشتمل عليه مصنف البخاري من علم المتن بعد التعريف برجال الإسناد»:
مؤلفه: أحمد بن محمد بن عمر، أبو القاسم التيمي المريي، المعروف بابن ورد، توفي في رمضان من سنة أربعين وخمسمائة (١).
هذا الشرح ذكره بهذا الاسم السخاوي في «الجواهر والدرر» ٢/ ٧١١ وقال: وهو واسع جدًّا، وينقل عنه ابن رشيد.
وذكره الحافظ الذهبي وقال: رأيت له المجلد الثاني من شرح البخاري يقتضي أن يكون من حساب مائتي مجلدة.
وذكره حاجي خليفة ١/ ٥٤٦.
١٧ - «شرح غريب الجامع الصحيح»:
مؤلفه: محمد بن أحمد بن محمد بن خيثمة القيسي الحافظ أبو الحسن الجياني الأندلسي المالكي المتوفى بغرناطة سنة أربعين وخمسمائة.
كذا ذكر اسمه في «هدية العارفين»، وعبارة حاجي خليفة في «كشف الظنون»: وشرح غريبه- أي: «صحيح البخاري»- لأبى الحسن محمد بن

---------------------------------(١) انظر ترجمته في «الصلة» ١/ ٨٢ (١٧٧)، «تاريخ الإسلام» ٣٦/ ٥٣٢ (٤٦٨).


أحمد الجياني النحوي المتوفى سنة أربعين وخمسمائة. اهـ.
وعنه تلقفها كحالة في «معجم المؤلفين» ولم يزد على ذلك (١).
١٨ - «شرح ابن العربي»:
مؤلفه: الإمام العلامة الحافظ القاضي، أبو بكر، محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الله، ابن العربي الأندلسي الإشبيلي المالكي، صاحب التصانيف، توفي سنة ثلاث وأربعين وخمسمائة (٢).
وهذا الكتاب ذكره حاجي خليفة في «كشف الظنون» ١/ ٥٥٣، والبغدادي في «هدية العارفين» ٢/ ٩٠، ولا أستبعد أن يكون هذا الكتاب هو «شرح جامع الترمذي» المعروف بـ «عارضة الأحوذي» وهو مطبوع؛ فلم أجد أحدًا ممن ترجم لابن العربي ذكر أن له شرحًا على البخاري! والله أعلم.
١٩ - «الإفصاح عن معاني الصحاح»:
مؤلفه: أبو المظفر يحيى بن محمد بن هبيرة بن سعيد بن الحسن بن جهم، الشيباني الدوري العراقي، الحنبلي.
الوزير الكامل، الإمام العالم العادل، عون الدين، يمين الخلافة، صاحب التصانيف، توفي سنة ستين وخمسمائة (٣).

--------------------------------(١) انظر: «كشف الظنون» ١/ ٥٥٣، و«هدية العارفين» ٢/ ٨٩، و«معجم المؤلفين» ٣/ ٥٨ (١١٦٧٢).
(٢) انظر ترجمته في: «الصلة» ٢/ ٥٩٠ (١٢٩٧)، و«وفيات الأعيان» ٤/ ٢٩٦ (٦٢٦)، و«تاريخ الإسلام» ٣٧/ ١٥٩ (١٧١)، و«سير أعلام النبلاء» ٢٠/ ١٩٧ (١٢٨)، و«الوافي بالوفيات» ٣/ ٣٣٠ (١٣٨٨).
(٣) انظر ترجمته في: «المنتظم» ١٠/ ٢١٤ (٣٠٦)، و«وفيات الأعيان» ٦/ ٢٣٠ (٨٠٧)، و«تاريخ الإسلام» ٣٨/ ٣٢٨ (٣٧٠)، و«السير» ٢٠/ ٤٢٦ (٢٨٢).



والكتاب هذا مطبوع في عدة مجلدات بتحقيق الدكتور فؤاد عبد المنعم أحمد، طبع دار الوطن. وهو شرح لكتاب «الجمع بين الصحيحين» للحميدي، أبي عبد الله محمد بن أبي نصر فتوح بن عبد الله بن فتوح بن حميد، الأزدي، الحميدي الأندلسي الميورقي، الفقيه الظاهري صاحب ابن حزم وتلميذه، المتوفى سنة ثمان وثمانين وأربعمائة (١). وقد طبع أيضًا في مجلدين كبيرين بتحقيق الدكتور علي حسين البواب، طبع دار ابن حزم.
وفيه جمع الحميدي بين صحيحي البخاري ومسلم على مسانيد الصحابة، مبتدئًا بالمتفق عليه من أحاديث الصحابي، ثم بما انفرد به البخاري، ثم بما أنفرد به مسلم.
٢٠ - «كلام على حديثين من صحيح البخاري»:
مؤلفه: الإمام العلامة الحافظ الكبير الثقة شيخ المحدثين، أبو موسى، محمد بن أبي بكر عمر بن أبي عيسى أحمد بن عمر بن محمد بن أحمد بن أبي عيسى المديني الأصبهاني، الشافعي، صاحب التصانيف، وأشهرها «المغيث في اللغة»، توفي سنة إحدى وثمانين وخمسمائة (٢).
ذُكر هذا الشرح في كتاب «الفهرس الشامل للتراث المخطوط»

---------------------------------------(١) انظر ترجمته في: «وفيات الأعيان» ٤/ ٢٨٢ (٦١٦)، و«تاريخ الإسلام» ٣٣/ ٢٨٠ (٢٩٢)، و«السير» ١٩/ ١٢٠ (٦٣)، و«الوافي بالوفيات» ٤/ ٣١٧ (١٨٦٣).
(٢) انظر ترجمته في: «وفيات الأعيان» ٤/ ٢٨٦ (٦١٨)، و«سير أعلام النبلاء» ٢١/ ١٥٢ (٧٨)، و«تذكرة الحفاظ» ٤/ ١٣٣٤ (١٠٩٥) و«طبقات الشافعية الكبرى» ٦/ ١٦٠ (٦٧٥)، «الوافي بالوفيات» ٤/ ٢٤٦ (١٧٨٤)، و«معجم المؤلفين» ٣/ ٥٥٧ (١٤٩٩٦).



١/ ٥٦٨. ولم أجد أحدًا ممن ترجم له -فيما اطلعت عليه- ذكر أو أشار إلى هذا الكتاب أو هذا الجزء، والله أعلم.
٢١ - «كشف مشكل الصحيحين»:
مؤلفه: الشيخ الإمام العلامة الحافظ المفسر شيخ الإسلام مفخر
العراق، جمال الدين، عبد الرحمن بن علي بن محمد بن علي بن
عبيد الله بن عبد الله بن حمادي بن أحمد بن محمد بن جعفر بن
عبد الله بن القاسم بن النضر بن القاسم بن محمد بن عبد الله بن
عبد الرحمن بن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق -عبد الله بن
أبي قحافة- أبو الفرج ابن الجوزي، القرشي التيمي البكري
البغدادي، الحنبلي، الواعظ، صاحب التصانيف المشهورة في أنواع
العلوم من التفسير والحديث والفقهْ والوعظ والزهد والتاريخ والطب،
وغير ذلك، توفي سنة سبع وتسعين وخمسمائة (١).
وكتابه هذا طبع حديثًا بتحقيق الدكتور علي البواب.
وهو من الكتب التي ينقل عنها المصنف الشارح -رحمه الله- نقل
عنه في عدة مواضع، وكذا الحافظ والعيني.
٢٢ - «المخبر الفصيح في شرح البخاري الصحيح»:
مؤلفه: عبد الواحد بن التين السفاقسي، أبو محمد، الشيخ الإمام العلامة الهمام المحدث الراوية المفسر المتفنن المتبحر، توفي سنة ٦١١ بسفاقس، وقبره بها معروف (٢).

------------------------------------(١) انظر ترجمته في: «وفيات الأعيان» ٣/ ١٤٠ (٣٧٠)، و«تاريخ الإسلام» ٤٢/
٢٨٧ (٣٧١)، و«سير أعلام النبلاء» ٢١/ ٣٦٥ (١٩٢).
(٢) انظر ترجمته في: «شجرة النور الزكية في طبقات المالكية» (٥٢٨).



ذكر هذا الشرح بهذا الاسم الشيخ محمد مخلوف في كتابه «شجرة النور الزكية» وقال: له في هذا الشرح اعتناء زائد في الفقه ممزوجًا بكثير من كلام «المدونة» وشراحها مع رشاقة العبارة ولطف الإشارة، اعتمده الحافظ ابن حجر في «شرح البخاري»، وكذلك ابن رشيد وغيرهما.
قلت: وشرحنا هذا مملوء بالنقولات عن ابن التين، ويتجلى أيضًا من هذِه النقولات اهتمام ابن التين بالجوانب اللغوية والنحوية، وضبط كثير من ألفاظ وكلمات «الصحيح»، وكذا أسماء كثير من الرواة، وسيجد من يطالع شرحنا هذا أن الشارح -رحمه الله- كثيرًا ما يقول: (وضبطه ابن التين) أو يقول: (ووقع في شرح ابن التين) ويذكر لفظة أو اسم راوٍ، وهكذا، مع العلم بأن هذا الشرح من الشروح التي صرح المصنف بأنه اعتمد عليها في شرحه، كما ذكر ذلك في خاتمة هذا الشرح.
وممن ينقل عنه أيضًا العيني في «عمدة القاري»، وذكره السخاوي في «الجواهر والدرر» ٢/ ٧١٠ - ٧١١ وأنه ممن ينقل عن الداودي.
وذكر هذا الشرح أيضًا المقري في كتابه «أزهار الرياض في أخبار القاضي عياض» ص (٢٢١) باسم: «المحير الفصيح في شرح البخاري الصحيح» فلعله تصحيف، وذكره صاحبا كتاب «معجم المصنفات الواردة في فتح الباري» ص (٢٢٧) (٦٦٣) وسمياه: «المنجد الفصيح في شرح البخاري الصحيح» والله أعلم.
٢٣ - «شرح مشكل البخاري»:
مؤلفه: الإمام العالم الثقة الحافظ شيخ القراء حجة المحدثين، أبو عبد الله محمد بن أبي المعالي سعيد بن يحيى بن علي بن حجاج


الدبيثي، ثم الواسطي الشافعي، صاحب التصانيف، توفي سنة سبع وثلاثين وستمائة (١).
هذا الشرح ذكره فؤاد سزكين في «تاريخ التراث العربي» ١/ ٢٢٩.
٢٤ - «شرح الصغاني»:
مؤلفه: الشيخ الإمام العلامة المحدث إمام اللغة، الحسن بن محمد بن الحسن بن حيدر بن علي، أبو الفضائل، رضي الدين، القرشي العدوي العمري، الصغاني -أو الصاغانى- الأصل، الهندي اللهوري المولد، البغدادي الوفاة، المكي المدفن، الفقيه الحنفي صاحب التصانيف.
توفي سنة خمسين وستمائة، في تاسع عشر من شعبان (٢).
وهذا الشرح ذكره الحافظ الذهبي وقال: في مجلد. وكذا الصفدي، والكتبي، وقطلوبغا، والحافظ السيوطي في «بغية الوعاة» ١/ ٥١٩ (١٠٧٦)، وحاجي خليفة في «كشف الظنون» ١/ ٥٥٣ وقال: وهو مختصر في مجلد، والبغدادي في «هدية العارفين» ١/ ٢٨١، وكحالة في «معجم المؤلفين» وذكروا من تصانيفه أيضًا على الصحيحين كتاب «مشارق الأنوار في الجمع بين الصحيحين».

---------------------------------------(١) انظر ترجمته في: «وفيات الأعيان» ٤/ ٣٩٤ (٦٦١)، و«تاريخ الإسلام» ٤٦/ ٣٤٢ (٤٩٦)، و«سير أعلام النبلاء» ٢٣/ ٦٨ (٥٠)، و«معجم المؤلفين» ٣/ ٣٢٥ (١٣٢٩٧).
(٢) انظر ترجمته في: «معجم الأدباء» ٣/ ٩٤ (٣٣٥)، و«تاريخ الإسلام» ٤٧/ ٤٤٣ (٥٩٨)، و«سير أعلام النبلاء» ٢٣/ ٢٨٢ (١٩١)، و«الوافي بالوفيات» ١٢/ ٢٤٠ (٢١٩)، و«فوات الوفيات» ١/ ٣٥٨ (١٢٩)، و«تاج التراجم» (٩٦)، و«معجم المؤلفين» ١/ ٥٨٣ (٤٣٨٨).



٢٥ - «شواهد التوضيح والتصحيح لمشكلات الجامع الصحيح»:
مؤلفه: العلامة الأوحد، جمال الدين، محمد بن عبد الله بن عبد الله بن مالك، أبو عبد الله الطائي الجياني الشافعي النحوي الشهير، صاحب «الألفية» في النحو والصرف، توفي سنة اثنتين وسبعين وستمائة (١).
وهذا الكتاب مطبوع بتحقيق الدكتور طه محسن، طبع مكتبة ابن تيمية، في جزء واحد غلاف.
وهو عبارة عن جزء لطيف يحوي تعليقاتٍ ونكتًا نحوية ولغوية على بعض المواضع في «صحيح البخاري».
وقد نقل عنه الشارح في غير ما موضع.
٢٦ - وله أيضًا: «التوضيح في إعراب البخاري»:
ذكره بروكلمان في «تاريخ الأدب» ٣/ ١٦٨.
ولعله هو الكتاب الأول «شواهد التوضيح» والله أعلم.
٢٧ - «شرح النووي»:
مؤلفه: يحيى بن شرف بن مري بن حسن بن حسين، مفتي الأمة شيخ الإسلام، محيي الدين، أبو زكريا النووي، الحافظ الفقيه الشافعي الزاهد، أحد الأعلام. توفي سنة ست وسبعين وستمائة (٢).

----------------------------------(١) انظر ترجمته في: «تاريخ الإسلام» ٥/ ١٠٨ (٨٣)، و«الوافي بالوفيات» ٣/ ٣٥٩ (١٤٣٩)، و«فوات الوفيات» ٣/ ٤٠٧ (٤٧٢)، و«بغية الوعاة» ١/ ١٣٠ (٢٢٤)، و«معجم المؤلفين» ٣/ ٤٥٠ (١٤٣٣٨).
(٢) انظر ترجمته في: «تاريخ الإسلام» ٥/ ٢٤٦ (٣٣٠)، و«تذكرة الحفاظ» ٤/ ١٤٧٠ (١١٦٢)، و«فوات الوفيات» ٤/ ٢٦٤ (٥٦٨)، و«معجم المؤلفين» ٤/ ٩٨ (١٨٠٣٩).



هذا الشرح تواتر ذكره، وقد ذكره النووي نفسه في مقدمة «شرح مسلم» ١/ ٤ فقال: أما «صحيح البخاري» -رحمه الله- فقد جمعت في شرحه جملًا مستكثرات، مشتملة على نفائس من أنواع العلوم بعبارات وجيزات، وأنا مشمر في شرحه راج من الله الكريم في إتمامه المعونات. اهـ
قلت: لم يتمه رحمه الله، وانما وصل فيه إلى كتاب الإيمان، قاله حاجي خليفة في «كشف الظنون»، ١/ ٥٥٠.
وقد ذكره النووي أيضًا في مواضع من «شرح مسلم»، وذكره الحافظ الذهبي في «التاريخ»، و«التذكرة»، وذكره في موضع آخر من«تاريخ الإسلام» ٣/ ٦٥٩ قال: وقال الشيخ محيي الدين النووي في شرحه للبخاري، وذكر كلامًا. وذكره أيضًا الكتبي، ونقل عنه الحافظ كثيرًا في «الفتح»، وكذلك المصنف الشارح -رحمه الله- في أوائل كتابنا هذا.
ونفيد القاري الكريم أن هذا الشرح توجد نسخه في بعض المكتبات، ذكر ذلك بروكلمان ٣/ ١٦٧ وسزكين ١/ ٢٢٩، وأفاد الدكتور عبد الغني عبد الخالق في كتابه «الإمام البخاري وصحيحه» ص ٢٣٨ أن شرح النووي هذا قد طبع في المنيرية سنة سبع وأربعين وثلاثمائة وألف. (وقد طُبع أخيرا بدار طيبة بالرياض في مجلدين).
٢٨ - «شرح ابن المنير»:
مؤلفه: القاضي الأوحد، علي بن محمد بن منصور بن أبي القاسم بن مختار بن أبي بكر، زين الدين، أبو الحسن ابن القاضي أبي المعالي الجذامي، الإسكندراني المالكي، أخو القاضي العلامة ناصر الدين ابن المنير، الأصغر، توفي سنة خمس، وقيل: ست


وتسعين وستمائة (١).
ذكر شرحه هذا الحافظ في «هدي الساري» ص ١٤، والحافظ السخاوي في «الجواهر والدرر» ٢/ ٧١١ وقال: وشرحه في نحو عشر مجلدات، وحاجي خليفة في «كشف الظنون» ١/ ٥٤٦ - مع خطأ سيأتي تفصيله- والبغدادي في «هدية العارفين» ١/ ٧١٤، ومخلوف في «شجرة النور الزكية» (٦٢٦)، وكحالة في «معجم المؤلفين» ٢/ ٥٢٧ (١٠١٢٢).
٢٩ - «المتواري على تراجم أبواب البخاري»:
مؤلفه: القاضي العلامة، أحمد بن محمد بن منصور بن القاسم ابن مختار، ناصر الدين، ابن المنير، الإسكندراني المالكي، قاضي الإسكندرية وعالمها، وأخو زين الدين ابن المنير -المتقدم- الأكبر، أعني هذا، وذاك الأصغر. توفي سنة ثلاث وثمانين وستمائة (٢).
ذكر هذا الكتاب الحافظ الذهبي فقال: وله تأليف على تراجم البخاري. والصفدي، والكتبي، وأشار إليه الحافظ في «هدى الساري» ص ١٤ فقال: وقد جمع العلامة ناصر الدين أحمد بن المنير خطيب الإسكندرية من مشكلات تراجم البخاري أربعمائة ترجمة وتكلم عليها. اهـ بتصرف.
قلت: وقد نقل الحافظ معظم هذا الكتاب إن لم يكن كله في مواضعه.

--------------------------------(١) انظر ترجمته في: «تاريخ الإسلام» ٥٢/ ٢٦٦ (٣٤٥)، و«الوافي بالوفيات» ٢٢/ ١٤٢ (٨٩).
(٢) انظر ترجمته في: «تاريخ الإسلام» ٥١/ ١٣٦ (١٥٤)، و«الوافي بالوفيات» ٨/ ١٢٨ (٣٥٤٨)، و«فوات الوفيات» ١/ ١٤٩ (٥٥).



ومناسباته في «الفتح» وكذا المصنف -رحمه الله- لطالما نقل عنه في التراجم المشكلة المتكلم فيها.
ويغني عن ذكر هذا كله أن الكتاب هذا مطبوع بتحقيق وتعليق صلاح الدين مقبول أحمد -طبع مكتبة المعلا (الكويت).
فائدة:
إنما ذكرت هذا الكتاب وما تلاه من مصادر ذكرتْه، رغم أن هذا ليس محل ولا موضع ذكره، فبحثنا حصر لشروح وتعليقات وحواشي «الصحيح»، ذكرت ذلك لاضطراب حصل وتنوقل في اسم هذين المصنفين ومؤلفاتهما:
فقال حاجي خليفة في «كشف الظنون» ١/ ٥٤٦: وشرح الإمام ناصر الدين علي بن محمد بن المنير الإسكندراني، وهو كبير في نحو عشر مجلدات، وله حواشٍ على «شرح ابن بطال»، وله أيضًا كلام على التراجم سماه «المتواري»!
كذا قال فكنى الأصغر بكنية الأكبر، ونسب المصنفين-«الشرح» و«المتوارى»- لواحد.
وتبعه البغدادي في «هدية العارفين» ١/ ٧١٤ فنسبهما لعلي الأصغر، وأصاب في ذكر كنيته فقال: زين الدين.
وكذا كحالة في «معجم المؤلفين» ٢/ ٥٢٧ (١٠١٢٢) ترجمة علي الأصغر، فأقام الاسم، لكنه عزا الكتابين له!
وترجم لأحمد الأكبر ١/ ٢٩٩ (٢١٧٠) فأقام الاسم، ولم ينسب إليه أحدهما.
وكذا الكاندهلوي في كتابه «لامع الدراري» كما في مقدمة "عمدة


القاري» ١/ ٢٦ فقال: شرح ناصر الدين بن المنير ١٠ مجلدات!.
وقد ذكر محقق «المتواري» مزيد أدلة تؤكد نسبة الكتاب لأحمد الأكبر فلينظر.
فائدة أخرى:
قرأت في «الجواهر والدرر» ٢/ ٧١١: ولابن المنير حواشٍ على «شرح ابن بطال»، بل وعمل أيضًا على التراجم سماه «المتواري»، قلت: يقصد هنا الأكبر، كما هو معلوم.
٣٠ - «بهجة النفوس وتحليها بمعرفة مالها وما عليها»:
مؤلفه: أبو محمد عبد الله بن أبي جمرة، المحدث المقرئ توفي سنة تسع وتسعين وستمائة (١).
وهذا الشرح مطبوع في أربعة أجزاء في مجلدين، طبع دار الكتب العلمية (بيروت- لبنان).
والكتاب هذا شرح فيه مصنفه -رحمه الله- مختصره لصحيح البخاري، حيث اختصر «صحيح البخاري» في مختصر سماه «جمع النهاية في بدء الخير والغاية» بلغت أحاديثه سبعة وتسعين ومائتين.
وهو من الشروح التي نقل عنها المصنف الشارح -رحمه الله- في عدة مواضع خاصة في بدايات الشرح، وكذا نقله عنه الحافظ في «الفتح» والعيني في «عمدة القاري».
وقد ذكر سزكين ١/ ٢٤٥ أن ابن أبي جمرة قد ألف عن هذا الكتاب -أي «جمع النهاية»- رسالة، ذكر عنوانها، وأن لها نسخة في المتحف

----------------------------------(١) انظر: «معجم المؤلفين» ٢/ ٢٣٤ (٧٨٦٥).


البريطاني (٤٦١)، الإضافات (٩٦٨١).
وعلى هذا الشرح صنف الشارح نفسه جزءًا سماه «المرائي الحسان» جمع فيه مجموعة من الرؤى التي رآها حين شرح مختصره لصحيح البخاري، فهي تقاريظ ربانية ونبوية شريفة لكتابه هذا، تدل على مميزات شرحه، وهي ملحقة بهذا الشرح، بلغ عدد الرؤى التي قيدها سبعين رؤية. ولأهمية هذا المختصر، قام بشرحه غير واحد، مثل: «شرح الأجهوري»، و«النور الساري»، و«التعليق الفخري».
٣١ - «الراموز على صحيح البخاري»:
مؤلفه: الشيخ الإمام المفتي المحدث الحافظ المتقن القدوة بركة الوقت، شرف الدين، علي بن محمد بن أحمد بن عبد الله بن عيسى بن أحمد بن محمد بن محمد بن محمد، أبو الحسين اليونيني الحنبلي، توفي سنة إحدى وسبعمائة (١).
لم يذكر هذا الشرح أحد ممن ترجم لليونيني، وذكره بروكلمان في «تاريخ الأدب العربي» ٣/ ١٦٨ ونسخته في رامبور ٢/ ١١٨.
قلت: وهي رموز اليونيني التي اصطلح عليها للدلالة على الروايات التي ذكرها في نسخته من الصحيح المعروفة باليونينية، وعندنا مصورة منها من المكتبة الأزهرية وهي عبارة عن ثلاث لوحات فيها أسانيد اليونيني ورموزه في صحيح البخاري (٢).

------------------------(١) انظر ترجمته في: «ذيل تاريخ الإسلام» ٥٣/ ١٨ (٦)، و«الوافي بالوفيات» ٢١/ ٤٢١ (٢٩٥)، و«ذيل التقييد» ٢/ ٣١٥ (١٤٥٢)، و«الدرر الكامنة» ٣/ ٩٨ (٢٢٣).
(٢) وهي لم تطبع حتى الآن مع أي طبعة من طبعات صحيح البخاري ولا مع النسخة التي أمر بطبعها السلطان عبد الحميد الثاني سنة ١٣١١ هـ مما يدل على أن بروكلمان ذكره خطأ على أنه شرح.



https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...b61e7e5bc3.gif


ابوالوليد المسلم 22-12-2025 05:25 PM

رد: التوضيح لشرح الجامع الصحيح أبو حفص عمر بن علي بن أحمد الأنصاري المعروف بـ ابن ال
 
https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...b61e7e5bc2.gif


الكتاب: التوضيح لشرح الجامع الصحيح
المؤلف: سراج الدين أبو حفص عمر بن علي بن أحمد الأنصاري الشافعي

المعروف بـ ابن الملقن (٧٢٣ - ٨٠٤ هـ)
الناشر: دار النوادر، دمشق - سوريا
الطبعة: الأولى، ١٤٢٩ هـ - ٢٠٠٨ م
عدد الأجزاء: ٣٦ (٣٣ والفهارس)

المجلد (1)
من صـــ 126 الى صـــ 150
الحلقة (6)





٣٢ - «ترجمان التراجم في إبداء مناسبة تراجم البخاري»:
مؤلفه: الشيخ الإمام الحافظ الناقد الخطيب، أبو عبد الله محمد بن عمر بن محمد بن عمر بن محمد بن إدريس بن سعيد بن مسعود بن حسن بن عمر بن محمد بن رشيد الفهري، السبتي، توفي سنة إحدى وعشرين وسبعمائة (١).
وذكر هذا الكتاب الحافظ في «الدرر الكامنة» وقال: أطال فيه النفس ولم يكمل. وانظر «هدي الساري» ص ١٤ ووجدته قد نقل عنه في مواضع في «الفتح». وكذا العيني في «عمدة القاري».
وذكره أيضًا السخاوي في «الجواهر والدرر» ٢/ ٧١١ وذكر أنه ينقل عن ابن المرابط وعن ابن ورد التميمي وأبي الأصبغ الأسدي وقال المقري في «أزهار الرياض في أخبار القاضي عياض» ص ٢٢١: كان ابن رشيد يعتمد في شرح كلام البخاري على «المحير الفصيح في شرح البخاري الصحيح» لابن التين.
قلت: لعله: (المخبر).
وذكره أيضًا حاجي خليفة ١/ ٥٥١، وكحالة ٣/ ٥٦٧ (١٥٠٤٨).
٣٣ - «البدر المنير الساري في الكلام على البخاري»:
مؤلفه: الشيخ الإمام العالم الحافظ الناقد الصادق، مفتي الديار المصرية، قطب الدين -أبو علي، عبد الكريم بن عبد النور بن منير الحلبي ثم المصري، صاحب التصانيف.

----------------------------------
(١) انظر ترجمته في: «ذيل تاريخ الإسلام» ٥٣/ ١٧٨ (٥٦٥)، و«الوافي بالوفيات» ٤/ ٢٨٤ (١٨٠٥)، و«ذيل التقييد» ١/ ٢٠٠ (٣٧٦)، و«الدر الكامنة» ٤/ ١١١ (٣٠٨)، و«بغية الوعاة» ١/ ١٩٩ (٣٤٣).

توفي سنة خمس وثلاثين وسبعمائة (١).
وشرحه هذا ذكره الحافظ الذهبي في «التاريخ» فقال: وله تواليف مفيدة منها شرح شطر البخاري.
وكذا الصفدي، وقال الحافظ في «الدرر الكامنة» ٢/ ٣٩٨ (٢٤٨٣): شرع في شرح البخاري، وهو مطول أيضًا بيض أوائله إلى قريب النصف. والسخاوي في «الجواهر والدرر» ٢/ ٧١١. وكذا حاجي خليفة في «كشف الظنون» ١/ ٥٤٦.
وتوجد نسخة من هذا الكتاب في برلين، قاله بروكلمان ٣/ ١٦٨، وسزكين ١/ ٢٢٩.
٣٤ - «التلويح في شرح الجامع الصحيح»:
مؤلفه: مغلطاي بن قليج بن عبد الله البكجري الحنفي الحكري، الحافظ، علاء الدين، صاحب كتاب «إكمال تهذيب الكمال»، توفي سنة اثنتين وستين وسبعمائة (٢).
وهذا الشرح معروف مشهور، ذكره الحافظ في «الدرر الكامنة»، وقال في «اللسان»: شرح البخاري في نحو عشرين مجلدة.
وذكره ابن فهد المكي في «لحظ الألحاظ» ص ٣٦٦، وقطلوبغا في «تاج التراجم» وقال: في نحو عشرين مجلدًا.

----------------------------------
(١) انظر ترجمته في «ذيل تاريخ الإسلام» ٥٣/ ٣٠٤ (٩٢٥)، و«الوافي بالوفيات» ١٩/ ٨٠ (٧٩)، و«معجم المؤلفين» ٢/ ٢٠٨ (٧٦٦٩).
(٢) انظر ترجمته في: «الوفيات» لابن رافع السلامي ٢٤٣/ ٢ (٧٥٩)، و«تاج التراجم» (٣٠١)، و«الدرر الكامنة» ٤/ ٩٦٣، و«لسان الميزان» ٦/ ٧٢ (٨٥٨٢)، و«النجوم الزاهرة» ١١/ ٩، و«معجم المؤلفين» ٣/ ٩٠٣ (١٧١٨٣).



وذكره أيضًا ابن تغري بردي، والبغدادي في «هدية العارفين» ٢/ ٤٦٧، وكحالة في «معجم المؤلفين».
وقال حاجي خليفة في «كشف الظنون» ١/ ٥٤٦: هو شرح كبير بالقول أوله: الحمد لله الذي أيقظ من خلقه .. إلخ. قال صاحب «الكواكب»: وشرحه بتتميم الأطراف أشبه، وتصحيف تصحيح التعليقات أمثل، وكأنه من إخلائه من مقاصد الكتاب على ضمان ومن شرح ألفاظه وتوضيح معانيه على أمان. اهـ.
وهذا الشرح نقل عنه المصنف -رحمه الله- كثيرًا جدًّا، وهو من الشروح التي نص المصنف في خاتمته للكتاب أنه اعتمد عليها في شرحه.
وأيضًا نقل عنه الحافظ في «فتح الباري» وأكثر هذِه النقولات تعقبات على مغلطاي؛ فأكثرها عبارته فيها: «زعم مغلطاي» وما شابه ذلك.
وكذا العيني في «عمدة القاري» نقل عن هذا الشرح كثيرًا جدًّا، فكثيرًا ما يقول: (قال مغلطاي)، أو يقول: (قال صاحب التلويح).
٣٥ - «العقد الغالي في حل إشكال صحيح البخاري»:
أو: «العقد الجلي في حل إشكال الجامع الصحيح»:
مؤلفه: أحمد بن أحمد بن أحمد بن الحسين بن موسى الكردي الأصل، الهكاري، شهاب الدين، عارف بالرجال، توفي سنة ثلاث وستين وسبعمائة (١).
هذا الشرح ذكره بروكلمان في «تاريخ الأدب العربي» ٣/ ١٧٣ بالاسم الأول، وذكره سزكين في «تاريخ التراث العربي» ١/ 230

----------------------------------
(١) انظر ترجمته في «الدرر الكامنة» ١/ ٩٨ (٢٦٦)، و«معجم المؤلفين» ١/ ٩٢ (٦٩٩).


بالاسم الثاني، وذكر كلاهما أن منه نسخة في باريس (٢٦٧٧).
ولم أجد من ذكر هذا الشرح إلا هما، ولما ترجم له الحافظ في «الدرر» ذكر أنه جمع كتابًا في رجال الصحيحين، ولم يزد، وكذا كحالة. والعلم عند الله.
٣٦ - «شرح ابن كثير»:
مؤلفه: المحدث المؤرخ المفسر الفقيه، إسماعيل بن عمر بن كثير بن ضوء بن كثير بن زرع، الشهير بابن كثير، عماد الدين، أبو الفداء، البصروي ثم الدمشقي، الشافعي، توفي سنة أربع وسبعين وسبعمائة (١).
وهذا الشرح لا شك ولا مرية في نسبته لابن كثير طرفة عين؛ فهو بنفسه قد ذكره في «تفسيره» وعزا إليه، فقال في تفسير قوله تعالى: ﴿الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (٣)﴾ [البقرة: ٣] .. بل قد حكاه الشاَفعي وأحمد وأبو عبيد وغير واحد إجماعًا أن الإيمان قول وعمل، يزيد وينقص، وقد ورد فيه آثار كثيرة وأحاديث أوردنا الكلام فيها في أول «شرح البخاري»، ولله الحمد والمنة اهـ «تفسير ابن كثير» ١/ ٢٦٤.
وقد تتبعت المواضع التي ذكر فيها شرحه هذا وعزا إليه، فوجدتها بلغت أربعة عشر موضعًا غير هذا الموضع، انظرها في «تفسيره» ٣/ ٨٣، ١٣٠، و٦/ ٢٤٩، ٤٧٢، و٧/ ١٥، ٨٩، ٣٢٢، و١١/ ٨٤، ١٣٤، ١٦٣، و١٢/ ٢٥٥، و١٣/ ٨٠، ١٤٥، ٥٤٠. ط. مكتبة أولاد الشيخ

---------------------------------
(١) انظر ترجمته في: «الدرر الكامنة» ١/ ٣٧٣ (٩٤٤)، و«شذرات الذهب» ٦/ ٢٣١، و«معجم المؤلفين» ١/ ٣٧٣ (٢٧٧٨).


للتراث. وذكره أيضًا في «البداية والنهاية» في أربعة مواضع ٣/ ٣، ٢٢، و٤/ ٢٥٨، و١١/ ٣٣.
وذكره أيضًا الحافظ في «الدرر الكامنة»، والسخاوي في «الجواهر والدرر» ٢/ ٧١١، وابن العماد الحنبلي، وحاجي خليفة ١/ ٥٥٠، وذكروا أنه لم يكمله.
٣٧ - «شرح الكازروني»:
مؤلفه: محمد بن محمد -المدعو سعيد- بن مسعود بن محمد بن مسعود بن محمد بن علي بن أحمد بن عمر بن إسماعيل بن الأستاذ أبي علي الدقاق، وهو الحسن بن علي بن محمد بن إسحاق بن عبد الرحيم، نسيم الدين، أبو عبد الله بن سعيد الدين، النيسابوري، ثم الكازروني، الشافعي، توفي سنة إحدى وثمانين وسبعمائة، ووقع في «الأعلام» سنة خمس (١).
ذكر هذا الشرح السخاوي في «الضوء اللامع» فقال: صنف الكثير، ومن ذلك «شرح البخاري» وقال أنه استمد فيه من ثلاثمائة شرح عليه.
كذا قال.
وذكره أيضًا حاجي خليفة في «كشف الظنون» ١/ ٥٥٣ وقال: فرغ منه في شهر ربيع الأول سنة لست وستين وسبعمائة، بمدينة شيراز.
وذكره أيضًا الزركلي في «الأعلام» ٣/ ١٠١.

----------------------------------
(١) انظر ترجمته في: «ذيل التقييد» ١/ ٢٤٢ (٤٧٥)، و«درر العقود الفريدة» ٣/ ١٦٨ (١٠٦٣)، و«إنباء الغمر» ١/ ٢٣٠، و«الضوء اللامع» ٤/ ٣٦٢ (٦٣)، و«شذرات الذهب» ٧/ ١٠.


٣٨ - «شرح القرمي»:
مؤلفه: أحمد بن محمد بن عبد المؤمن القرمي، يقال له: قاضي قرم، ركن الدين الحنفي، ونسبه بعضهم فقال القريمي يقال له: قاضي قريم- بزيادة ياء!
وقال التقي الغزي في «الطبقات السنية في تراجم الحنفية»: القرمي المعروف بالمرتعش؛ لرعشة كانت به يديم معها تحريك رأسه. توفي سنة ثلاث وثمانين وسبعمائة (١).
وهذا الشرح ذكره الحافظ في «إنباء الغمر» فقال: وجمع شرحًا على البخاري، استمد فيه من شرح شيخنا ابن الملقن -قلت: أي شرحنا هذا- رأيت بعضه، وكان يرمى بالهنات. اهـ.
وذكره حاجي خليفة في «كشف الظنون» ١/ ٥٤٩، وابن العماد الحنبلي، والبغدادي في «هدية العارفين» ١/ ١١٤، وكحالة في «معجم المؤلفين» ١/ ٢٧٧ (٢٠٢١).
٣٩ - «فيض الباري في شرح صحيح مسلم والبخاري»:
مؤلفه: محمد بن محمود بن أحمد، ويقال: محمد بن محمد بن محمود، الرومي، البابرتي، أكمل الدين بن شمس الدين بن جمال الدين، توفي سنة يست وثمانين وسبعمائة (٢).

---------------------------------
(١) انظر ترجمته في: «إنباء الغمر» ١/ ٨٩، و«الطبقات السنية» ص ١٤١، و«شذرات الذهب» ٦/ ٢٧٩.
(٢) انظر ترجمته في: «الدرر الكامنة» ٤/ ٢٥٠ (٦٨٦)، و«إنباء الغمر بأبناء العمر» ١/ ١١٢، و«تاج التراجم» (٢٦٠)، و«بغية الوعاة» ١/ ٢٣٩ (٤٣٦)، و«مفتاح السعادة» ٢/ ٢٤٣، و«معجم المؤلفين» ٣/ ٦٩١ (١٥٨٤٤) و٣/ ٦٩٩ (١٥٩٠٠).



ذكر في «الفهرس الشامل للتراث المخطوط» ١/ ٥٦٨، وهو -فيما ذكروا- شرح على البخاري ومسلم معًا، وليعلم أن كل من ترجم للبابرتي هذا -فيما اطلعت عليه- لم يذكروا في مصنفاته هذا الكتاب، وإنما ذكروا ضمنها كتاب «شرح مشارق الأنوار» للقاضي عياض، فالله أعلم.
٤٠ - «الكواكب الدراري في شرح صحيح البخاري»:
مؤلفه: محمد بن يوسف بن علي بن سعيد الكرماني ثم البغدادي، شمس الدين، فقيه أصولي محدث مفسر متكلم نحوي بياني، توفي سنة ست وثمانين وسبعمائة (١).
ذكر هذا الشرح غير واحد، وقال الحافظ في «الدرر الكامنة»:
ودخل إلى الشام ومصر لما شرع في شرح البخاري، وسمى شرحه «الكواكب الدراري» وهو في مجلدين ضخمين، وفي الغالب يوجد في أربعة أو خمسة أجزاء، سمعه منه جماعة، وهو شرح مفيد على أوهام فيه في النقل؛ لأنه لم يأخذ إلا من الصحف، وقد عاب في خطبة كتابه على «شرح ابن بطال» ثم على «شرح القطب الحلبي» و«شرح مغلطاي». اهـ.
قلت: وهذا الشرح مطبوع في خمسة وعشرين جزءًا في تسعة مجلدات طبع مؤسسة المطبوعات الإسلامية، عاريًا عن هذا الاسم، إنما هو باسم «البخاري بشرح الكرماني».

---------------------------------
(١) انظر ترجمته في: «الدرر الكامنة» ٤/ ٣١٠ (٨٣٦)، و«بغية الوعاة» ١/ ٢٧٩ (٥١٥)، و«معجم المؤلفين» ٣/ ٧٨٤ (١٦٤٧١).


٤١ - «مختصر شرح مغلطاي»:
مؤلفه: جلال بن أحمد بن يوسف، جلال الدين، المعروف بالتباني، ويقال اسمه رسولًا، فقيه محدث، توفي سنة ثلاث وتسعين وسبعمائه (١).
ذكر هذا الشرح الحافظ، وقال: رأيته بخطه، وذكره أيضًا الحافظ السخاوي في «الجواهر والدرر» ٢/ ٧١١، وابن قطلوبغا في «تاج التراجم» ص ٨٩ (٨٧)، والسيوطي في «بغية الوعاة» ١/ ٤٨٨ (١٠١٠)، وحاجي خليفة في «كشف الظنون» ١/ ٥٤٦، وكحاله، وغيرهم كثير.
٤٢ - «التنقيح لألفاظ الجامع الصحيح»:
مؤلفه: محمد بن عبد الله بن بهادر بن عبد الله الزركشي التركي أصلًا، المصري مولدًا، بدر الدين أبو عبد الله، الشافعي العلامة المصنف الفقيه الأصولي المحدث المفسر، لقب بالزركشي، نسبة للزركش؛ لأنه تعلم صنعة الزركش في صغره، توفي سنة أربع وتسعين وسبعمائة (٢).
وهذا الكتاب مطبوع بتحقيق الدكتور يحيى بن محمد علي الحكمي، طبع مكتبة الرشد، في ثلاثة أجزاء.
وقد أفاد الحافظ في «الدرر» قائلًا: شرع في شرح البخاري فتركه

-----------------------------------
(١) انظر ترجمته في: «الدرر الكامنة» ١/ ٥٤٥ (١٤٧٤)، و«شذرات الذهب» ٦/ ٣٢٧، و«معجم المؤلفين» ١/ ٥٠٠ (٣٧٥٦)، ١/ ٧١٤ (٥٣٤٠).
(٢) انظر ترجمته في: «الدرر الكامنة» ٣/ ٣٩٧ (١٠٥٩)، و«شذرات الذهب» ٦/ ٣٣٥، و«معجم المؤلفين» ٣/ ١٧٤ (١٢٤٧٤) و٣/ ٤٣٣ (١٤٢١٦).



مسودة وقفت على بعضها، ولخص منه التنقيح في مجلد.
وأما عن صفة هذا الكتاب فندع الزركشي يوضح ذلك، قال ١/ ١: إني قصدت في هذا الإملاء إلى إيضاح ما وقع في «صحيح البخاري» من لفظ غريب أو إعراب غامض أو نسب عويص، أو راو يخشى في اسمه التصحيف … إلى آخر كلامه.
بالإضافة إلى بعض التعليقات الفقيهية والعقائدية وغيرها.
وقد تناوله بعض الشراح بالاختصار والتنكيت، وما إلى ذلك، وسيأتي.
فائدة: ذكر الحافظ السخاوي في «الجواهر والدرر» ٢/ ٧١١ أن للزركشي شرحًا على البخاري، قال: وهو غير «تنقيحه» الذي تداوله الناس. وإلى هذا أشار الحافظ، كما تقدم.
٤٣ - «فتح الباري شرح صحيح البخاري»:
مؤلفه: عبد الرحمن بن أحمد بن رجب بن الحسن بن محمد ابن مسعود البغدادي الدمشقي، ابن رجب الحنبلي، أبو الفرج، الحافظ الفقيه، شيخ الإسلام، توفي سنة خمس وتسعين وسبعمائة (١).
لهذا الشرح طبعتان: الأولى: نشر مكتبة الغرباء الأثرية (المدينة المنورة) في عشرة مجلدات، والثانية: طبع دار ابن الجوزي، بتحقيق طارق بن عوض الله، في سبعة مجلدات.
وهو شرح بديع نفيس ثمين غير أنه لم يكتمل، إنما وصل فيه إلى كتاب الجنائز، قاله غير واحد، والقطعة المطبوعة منه الآن حتى حديث

--------------------------------------
(١) انظر ترجمته في: «الدرر الكامنة» ٢/ ٣٢١ (٢٢٧٦)، و«الجوهر المنضد» (٥٧)، و«شذرات الذهب» ٦/ ٣٣٩، و«معجم المؤلفين» ٢/ ٧٤ (٦٧٥١).


(١٢٣٦) في كتاب السهو، فيبدو أنه فقد منه جزء.
ويكفينا عن هذا الشرح ما قاله ابن عبد الهادي في «الجوهر المنضد» ص (٥٠): وشرح قطعة من البخاري إلى كتاب الجنائز، وهي من عجائب الدهر، ولو كمل كان من العجائب.
٤٤ - «شرح البلبيسي»:
مؤلفه: إسماعيل بن إبراهيم بن محمد بن علي بن موسى الكناني البلبيسي، نزيل القاهرة، مجد الدين، أبو محمد، الحنفي، توفي سنة اثنتين وثمانمائة (١).
وهذا الشرح ذكره حاجي خليفة في «كشف الظنون» ١/ ٥٥٣ وورخ وفاته سنة عشر وثمانمائة.
ولم يذكره إلا هو وكحالة في «معجم المؤلفين» ١/ ٣٥٧ (٢٦٥٣)؛ فترجم له من ترجم كتقي الدين الفاسي، والمقريزي في كتابيه «المقفى» و«الدرر»، والحافظ في «الذيل» و«رفع الإصر» و«الإنباء»، والسخاوي، وابن العماد الحنبلي، ولم يذكر واحد منهم هذا الشرح! فالله أعلم.
٤٥ - «الفيض الجاري على الجامع الصحيح للبخاري»:
مؤلفه: المحدث الحافظ الفقيه الأصولي، أبو حفص، عمر ابن رسلان بن نصير بن صالح بن عبد الخالق بن عبد الحق، الكناني القاهري الشافعي، سراج الدين البلقيني، توفي سنة خمس

--------------------------------
(١) انظر ترجمته في: «ذيل التقييد» ١/ ٤٦٢ (٨٩٥)، و«المقفى الكبير» ٢/ ٦٣ (٧٢٥)، «درر العقود الفريدة» ١/ ٤٠٨ (٣٣٨)، و«ذيل الدرر الكامنة» (٦٣)، و«رفع الإصر عن قضاة مصر» (٣٦)، «وإنباء الغمر» ١/ ٢٤٢، و«الضوء اللامع» ١/ ٣٣٥، و«شذرات الذهب» ٧/ ١٦.


وثمانمائة (١).
وهذا الشرح ذكره الحافظ السخاوي في «الجواهر والدرر» ٢/ ٧١١ دون تسمية، وذكره حاجي خليفة ١/ ٥٥٠ وقال: وهو شرح قطعة من أوله إلى كتاب الإيمان في نحو خمسين كراسة. والبغدادي في «هدية العارفين» ١/ ٧٩٢ وسمياه بهذا الاسم. ونقل عنه الحافظ في «الفتح» كثيرًا جدًّا، وهو من شيوخ الحافظ ابن حجر.
وللبلقيني هذا أيضًا.
٤٦ - «مناسبات تراجم أبواب البخاري»:
ذكره الزركلي في «الأعلام»، ووجدت الحافظ ألمح إلى هذا الكتاب؛ فقال في «الفتح» ١٣/ ٥٤٢: وقال شيخنا شيخ الإسلام سراج الدين البلقيني في كلامه على مناسبة أبواب «صحيح البخاري» الذي نقلته عنه في أواخر المقدمة، وساق كلامًا. لكن قد يكون مصنفًا وحده، وقد يكون ضمن شرحه المذكور، وهذا أقرب والله أعلم.
٤٧ - «التحفة الملكية في شرح صحيح البخاري»:
مؤلفه: لعله: نصر الله بن أحمد بن عمر، التستري الأصل، البغدادي، الحنبلي، نزيل القاهرة، جلال الدين، أبو الفتح، وقال بعضهم: الششتري، بدل: التستري، توفي سنة اثنتي عشرة وثمانمائة (٢).

-----------------------------------
(١) انظر ترجمته في: «شذرات الذهب» ٧/ ٥١، و«الأعلام» ٥/ ٤٦، و«معجم المؤلفين» ٢/ ٥٥٨ (١٠٣٦٤).
(٢) انظر ترجمته في: «درر العقود الفريدة» ٣/ ٥٠٣ (١٤١٨)، و«إنباء الغمر» ١/ ٣٦٥، و«ذيل الدرر الكامنة» (٣٣٩)، و«النجوم الزاهرة» ١٣/ ١٧٥، و«الضوء اللامع» ٥/ ١٠٥ (٨٤٩)، و«شذرات الذهب» ٧/ ٩٩، و«هدية العارفين» ٢/ ٤٩٣، و«معجم المؤلفين» ٤/ ٢٦ (١٧٦٢٨).



وهو شرح لم أجد له ذكرًا عند أحد ممن ترجم لهذا المؤلف، فلم يُذكر -فيما علمت- إلا في «الفهرس الشامل للتراث المخطوط» ١/ ٥٦٨ وفيه: شرحه تستري بعنوان: «التحفة الملكية في شرح صحيح البخاري»، لذا قلت: (العله) وأظن -والله أعلم- أنه غير مستبعد؛ ففي ترجمته أنه أخذ عن الكرماني شارح البخاري، فالأمر قريب إذًا.
والله تعالى أعلم.
٤٨ - «فتح الباري بالسيل الفسيح الجاري في شرح صحيح البخاري»:
مؤلفه: محمد بن يعقوب بن محمد بن إبراهيم بن محمد بن أبي بكر بن أبي إدريس فضل الله ابن الشيخ أبي إسحاق إبراهيم بن علي الشيرازي، قاضي القضاة ببلاد اليمن، مجد الدين، أبو الطاهر بن أبي يوسف، الفيروزأبادي، الشافعي اللغوي. مات في شوال سنة سبع عشرة وثمانمائة (١).
هذا الشرح ذكره الحافظ في «إنباء الغمر» ٢/ ٤١٨ فقال: وشرع في شرح البخاري وملأه بغرائب المنقولات، وذكر لي أنه بلغ عشرين سفرًا، إلا أنه لما اشتهرت باليمن مقالة ابن عربي، صار الشيخ مجد الدين يدخل في شرح البخاري من كلام ابن عربي في «الفتوحات» ما كان سببًا لشين الكتاب. اهـ.
وذكره السخاوي في «الجواهر والدرر» ٢/ ٧١١، والسيوطي، وصاحب «كشف الظنون» ١/ ٥٥٠، وكحالة في «معجم المؤلفين»

-------------------------------
(١) انظر ترجمته في «ذيل التقييد» ١/ ٢٧٦ (٥٥٣)، و«طبقات الشافعية» لابن قاضي شهبة ٤/ ٦٣ (٧٥٢)، و«بغية الوعاة» ١/ ٢٧٣ (٥٠٦)، و«شذرات الذهب» ٧/ ١٢٦، و«معجم المؤلفين» ٣/ ٧٧٦ (١٦٤٢٦).


٤٩ - «دروس في الكلام على الجامع الصحيح»:
مؤلفه: أحمد بن عبد الله بن بدر بن مفرج بن بدر بن عثمان بن جابر ابن فضل بن ضوء، القاضي شهاب الدين، أبو نعيم الغزي العامري، الدمشقي الشافعي، المعروف بالغزي، توفي بمكة المكرمة يوم الخميس، سادس شوال من سنة اثنتين وعشرين وثمانمائة، ودفن بالمعلاة (١).
ذكره تقي الدين الفاسي في «العقد الثمين» فقال: له تأليف على «صحيح البخاري» يتعلق برجاله. وكذا ذكره في «درر العقود». وقال ابن قاضي شهبة في «طبقات الشافعية»: كتب قطعة من رجال البخاري.
وابن تغري بردي في «المنهل الصافي» ١/ ٦٦، وكحالة في «معجم المؤلفين» فقال: تعليق على «صحيح البخاري» في ثلاثة مجلدات.
وذُكر في «الفهرس الشامل للتراث المخطوط» ١/ ٥٧٠ بهذا الاسم.
٥٠ - «الإفهام لما في صحيح البخاري من الإبهام»:
مؤلفه: عبد الرحمن بن عمر بن رسلان بن نصير بن صالح بن عبد الخالق بن عبد الحق بن شهاب البلقيني، القاضي جلال الدين، أبو الفضل ابن شيخ الإسلام سراج الدين -صاحب «الفيض الجاري» -الشافعي، توفي سنة أربع وعشرين وثمانمائة (٢).

-------------------------------------
(١) انظر ترجمته في: «ذيل التقييد» ١/ ٣٢١ (٦٣٨)، و«العقد الثمين» ٣/ ٥٥ (٥٦٦)، و«درر العقود الفريدة» ١/ ٢٤٩ (١٦١)، و«طبقات الشافعية» ٤/ ٧٨ (٧٦٠)، و«إنباء الغمر» ١/ ٤٧٨، و«الضوء اللامع» ١/ ٢٢٩، و«شذرات الذهب» ٧/ ١٥٣، و«الأعلام» ١/ ١٩٥، و«معجم المؤلفين» ١/ ١٧٨ (١٣٢٦).
(٢) انظر ترجمته في: «رفع الإصر عن قضاة مصر» (١١١)، و«لحظ الألحاظ» ص (٢٨٢)، و«شذرات الذهب» ٧/ ١٦٦، و«معجم المؤلفين» ٢/ ١٠٣ (٦٩٢٤).



وهذا الكتاب ذكره الحافظ في «رفع الإصر عن قضاة مصر» وقال:
ولما صار ابن البلقيني يحضر لسماع البخاري في القلعة، أدمن مطالعة شرح شيخنا ابن الملقن، وأحب الاطلاع على معرفة أسماء من أبهم في «الجامع الصحيح» من الرواة ومن جرى ذكره في الصحيح، فحصل من ذلك شيئًا كثيرًا بإدمان المطالعة والمراجعة، فجمع كتاب «الإفهام بما في البخاري من الإبهام»، وذكر فيه فصلًا يختص بما استفاده من مطالعته، زائدًا عما استفاده من الكتب المصنفة في المبهمات والشروح، فكان عددًا كثيرًا. اهـ.
وقال ابن فهد المكي في «لحظ الألحاظ»: وله على «صحيح البخاري» تعليقات نفيسات، ومنها بيان ما وقع فيه من المبهمات، سماه «الإفهام لما في البخاري من الإبهام».
وذكره حاجي خليفة ١/ ٥٥١، والبغدادي في «هدية العارفين» ١/ ٥٣٠، وذكره بروكلمان ٣/ ١٦٩ وأن منه نسخة في آيا صوفيا (٤٧٩)، وكذا سزكين ١/ ٢٣٣.
٥١ - «تعليقات القلقشندي على شرح السراج البلقيني»:
مؤلفه: المحدث المفسر، عبد الرحمن بن محمد بن إسماعيل القلقشندي المقدسي الشافعي، زين الدين، توفي سنة ست وعشرين وثمانمائة (١).
هذا الكتاب ذكره البغدادي في «هدية العارفين» ١/ ٥٣٠، وكحالة في «معجم المؤلفين».

--------------------------------
(١) انظر ترجمته في: «شذرات الذهب» ٧/ ١٧٤، و«معجم المؤلفين» ٢/ ١٠٩ (٦٩٦٣).


٥٢ - «مصابيح الجامع الصحيح»:
مؤلفه: محمد بن أبي بكر بن عمر بن أبي بكر بن محمد بن سليمان بن جعفر بن يحيى بن حسين بن محمد بن أحمد بن أبي بكر بن يوسف بن علي بن صالح بن إبراهيم، القرشي المخزومي السكندري، المالكي، الشهير بابن الدماميني. توفي سنة سبع وعشرين وثمانمائة، وقيل: سنة ثمانٍ (١).
وهذا الشرح ذكره السخاوي في «الضوء اللامع» وقال: قد وقفت عليه في مجلد، وجله في الإعراب ونحوه.
وذكره حاجي خليفة ١/ ٥٤٩ وقال: أوله الحمد لله الذي جعل في خدمة السنة النبوية أعظم سيادة … إلخ، ذكر أنه ألفه للسلطان أحمد شاه بن محمد بن مظفر من ملوك الهند، وعلق على أبواب منه، ومواضع تحتوي على غرائب وإعراب وتنبيه.
وذكره أيضًا البغدادي في «هدية العارفين» ٢/ ١٨٥ وسماه: «المصابيح في شرح الجامع الصحيح». ومخلوف في «الشجرة».
وذكر الزركلي في «الأعلام» ٦/ ٥٧ أن له نسخًا متعددة إحداها في مجلد ضخم في مكتبة أدوز بالسوس، ذكرها صاحب خلال جزولة. اهـ
وذكره بروكلمان ٣/ ١٦٩، وسزكين ١/ ٢٣٣ وذكرا له نسخًا.
٥٣ - «التحقيق والشرح والتوضيح إلى ألفاظ متوالية من الجامع الصحيح»:
مؤلفه: محمد بن محمد بن محمد بن أحمد بن المحب، عبد الله بن

----------------------------------
(١) انظر ترجمته في: «الضوء اللامع» ٣/ ٤٥٠، و«بغية الوعاة» ١/ ٦٦ (١١٣)، و«شجرة النور الزكية» (٨٦٣)، و«معجم المؤلفين» ٣/ ١٧٠ (١٢٤٤٦).


أحمد بن محمد بن أحمد بن إبراهيم بن أحمد بن عبد الرحمن بن إسماعيل ابن منصور بن عبد الرحمن، الشمس، أبو عبد الله ابن الشمس، السعدي، المقدسي، الصالحى، الحنبلي، المعروف بابن المحب، توفي بمكة المكرمة، في رمضان سنة ثمان وعشرين وثمانمائة (١).
ذكره الحافظ في «الإنباء» فقال: وشرع في شرح البخاري، وتركه بعده مسودة. هكذا دون تسمية للكتاب.
والحافظ يوسف بن عبد الهادي في «الجوهر المنضد» فقال: صنف كتاب «التنقيح على الألفاظ المتوالية في الجامع الصحيح» في أربع مجلدات، وهو كتاب حسن كثير الفوائد.
وذكره أيضًا العليمي في «المنهج الأحمد»، و«الدر المنضد» دون تسمية. وكذا ابن مفلح في «المقصد الأرشد». والبردي في «تسهيل السابلة» نقلًا عن الحافظ.
وابن العماد الحنبلي في «شذرات الذهب».
والنجدي في «السحب الوابلة» نقلًا عن الحافظ ابن حجر أيضًا، دون تسمية.
وأفاد محققا الكتاب فذكراه في الهامش بهذا الاسم المصدر به الترجمة، وقالا: جزؤه الخامس في مكتبة جستربيتي بخطه.

-------------------------------------
(١) انظر ترجمته في: «ذيل التقييد» ١/ ٢٤٦ (٤٨٢)، و«إنباء الغمر» ٢/ ٣٨، و«الجوهر المنضد» (١٦٠)، و«المنهج الأحمد» ٥/ ٢٠٧ (١٥٠٧)، و«الدر المنضد» ٢/ ٦١٣ (١٥٣١)، و«المقصد الأرشد» ٢/ ٥٢٥ (١٠٨٥)، و«تسهيل السابلة» ٣/ ١٣٠١ (٢١٣٠)، و«شذرات الذهب» ٧/ ١٨٦، و«السحب الوابلة» ٣/ ١٠٧٢ (٧٠٨)، و«الأعلام» ٧/ ٤٥، و«معجم المؤلفين» ٣/ ٤٢٨ (١٤١٧٩).


أما الزركلي فجعله كتابين، فقال: وشرع في شرح الصحيحين، ثم تركه مسودة، وصنف «التحقيق والشرح والتوضيح لألفاظ متوالي من الجامع الصحيح» محفوظ في شسترتبي (٣٣٥١).
فهل الشرح المتروك مسودة -كما ذكر الحافظ- هو هو «التحقيق» هذا أم غيره؟ فالله أعلم.
وبهذا الاسم ذكره أيضًا أصحاب «الفهرس الشامل للتراث المخطوط» ١/ ٥٧١.
٥٤ - «التلويح إلى معرفة الجامع الصحيح»:
مؤلفه: محمد بن أحمد بن موسى بن عبد الله، الشمس، أبو عبد الله الكفيري، العجلوني، ثم الدمشقي، الشافعي -مولده بالكفير-مصغر- من عمل دمشق، وتوفي سنة إحدى وثلاثين وثمانمائة (١).
ذكر هذا الشرح بهذا الاسم ابن قاضي شهبة في «طبقات الشافعية» وقال: في ستة مجلدات. وكذا قال الحافظ في «إنباء الغمر» نقلًا عن ابن قاضي شهبة، لكنه لم يسمه.
والسخاوي في «الضوء اللامع» قائلًا: صنف «التلويح إلى معرفة الجامع الصحيح» واستمد فيه من البدر الزركشي والكرماني وابن الملقن، وزاد فيه أشياء مفيدة، وهو شرح جيد في خمسة مجلدات.
والبغدادي في «إيضاح المكنون» ١/ ٣٢٠، وفي «هدية العارفين» ٢/ ١٨٦ وأشار في الثاني أنه في خمسة مجلدات.

--------------------------------
(١) انظر ترجمته في: «طبقات الشافعية» ٤/ ٩٩ (٧٧٥)، و«إنباء الغمر» ٢/ ٥٩، و«الضوء اللامع» ٣/ ٤٢٩، و«شذرات الذهب» ٧/ ١٩٦، و«الأعلام» ٥/ ٣٣١، و«معجم المؤلفين» ٣/ ١١١ (١٢٠٥٨).


٥٥ - «الكوكب الساري في شرح صحيح البخاري»:
مؤلفه: هو الكفيري المتقدم.
ذكره البغدادي في «هدية العارفين» ٢/ ١٨٦ - ١٨٧ لكن قال: في اختصار البخاري.
وبروكلمان في «تاريخ الأدب العربي» ٣/ ١٦٩، وسزكين في «تاريخ التراث العربي» ١/ ٢٣٣ وذكرا أن منه نسخة في برلين (١٢٠٠) وأضاف سزكين قائلًا: بخط المؤلف.
وقد ذكراه بهذا الاسم، وكذا أصحاب «الفهرس الشامل للتراث
المخطوط» ١/ ٥٧١.
والزركلي في «الأعلام» فقال: وفي فهرس دار الكتب الشعبية في صوفيا: الجزء الثالث من «الكوكب الساري في شرح صحيح البخاري» مخطوط.
قلت: وهذِه فائدة عزيزة، لكن قال قبل هذا الكلام: للكفيري تصانيف، عدَّ السخاوي منها: «التلويح إلى معرفة الجامع الصحيح» خمسة مجلدات، في شرح البخاري. قلت: والمعروف أن «التلويح» هو لقطلوبغا. اهـ.
قلت: وها هنا مأخذان:
الأول: أن «التلويح» المشهور المعروف، إنما هو لمغلطاي، لا لقطلوبغا، وأظن -والله أعلم- أن الذي أوقعه في ذلك؛ إنما هو تشابه الإسمين.
الثاني: ليس معنى أن لمغلطاي «التلويح في شرح الصحيح» أن ذلك يمنع أن يكون للكفيري شرح على البخاري أسمه أيضًا «التلويح»


وقد نسبه له غير واحد من المتقدمين، ولا يمنع أيضًا أن يكون للكفيري شرح آخر اسمه «الكوكب الساري».
هذا وقد أشار الحافظ في «الإنباء» لذلك فقال: وجمع شرحًا على البخاري في ستة مجلدات، وكان قد لخص «شرح ابن الملقن» و«شرح الكرماني» ثم جمع بينهما.
وقال ابن قاضي شهبة: له شرح على البخاري في ستة مجلدات سماه «التلويح». واختصر شرح البخاري لابن الملقن في أربعة مجلدات، والكرماني في ثلاثة.
فأقول: لعله لما جمع بين «شرح ابن الملقن»، و«شرح الكرماني» -كما ذكر الحافظ- سماه «الكوكب الساري»، والعلم عند الله.
فائدة وتنبيه:
لما ترجم الزركلي في «الأعلام» ٦/ ٣١٧ للكفيري محمد بن عمر بن عبد القادر، الحنفي، الدمشقي، حفيد الكفيري صاحب الترجمة ومؤلف «التلويح»، و«الكوكب الساري»، ذكر ضمن مؤلفاته -أي الكفيري الحفيد المتوفى سنة ثلاثين ومائة وألف- «شرح البخاري» ستة مجلدات.
وهو وهم وقع فيه؛ لأنه استقى ترجمته من «سَلْك الدرر» للمرادي ٤/ ٤٠ حيث قال المرادي: محمد الكفيري ابن زين الدين عمر، ابن عبد القادر، ابن العلامة شمس الدين أبر عبد الله محمد الكفيري، صاحب التآليف المفيدة.
منها شرحه على البخاري في ستة مجلدات.
قلت: يقصد المرادي أن الشرح هذا للجد لا للحفيد، ففهم الزركلي -رحمه الله- أنه للحفيد.


وفهم ما فهمته، وقرر ما قررته، عبد الحي الكتاني، فلما ترجم للكفيري الحفيد في «فهرس الفهارس» ١/ ٤٩٧ (٢٨٥) قال: وجدت ترجمته في «سلك الدرر» وذكر المرادي له عدة تآليف منها ثبته المسمى: «إضاءة النور اللامع فيما اتصل من أحاديث النبي الشافع»، وأن لجد أبيه العلامة الشمس محمد الكفيري شرحًا على البخاري في ست مجلدات. اهـ. هذا والله أعلم بالصواب.
٥٦ - «اللامع الصبيح على الجامع الصحيح»:
مؤلفه: محمد بن عبد الدائم بن موسى بن عبد الدائم بن فارس -وقيل: عبد الله- بن محمد بن أحمد بن إبراهيم، الشمس أبو عبد الله بن أبي محمد بن الشرف، أبي عمران النعيمي -بالضم نسبة لنعيم المجمر- العسقلاني الأصل، البرماوي، ثم القاهري، الشافعي، توفي سنة إحدى وثلاثين وثمانمائة (١).
ذكر هذا الشرح الحافظ في «إنباء الغمر» فقال: وشرح البخاري في أربعة مجلدات. والسخاوي فقال: من تصانيفه شرح البخاري في أربعة مجلدات، ومن أصوله التي استمد منها فيه مقدمة «فتح الباري» للحافظ ابن حجر، ولم يبيض إلا بعد موته، وتداوله الفضلاء مع ما فيه من إعواز. وذكره أيضًا في «الجواهر والدرر» ٢/ ٧١١، وحاجي خليفة في «كشف الظنون» ١/ ٥٤٧ وقال: هو شرح حسن في أربعة أجزاء، أوله: الحمد لله المرشد إلى الجامع الصحيح .. إلخ، ذكر فيه أنه جمع

----------------------------------
(١) انظر ترجمته في: «إنباء الغمر» ٢/ ٦٠، «الضوء اللامع» ٣/ ٥١١ (٧٢٥)، و«شذرات الذهب» ٧/ ١٩٧، و«معجم المؤلفين» ٣/ ٣٨٨ (١٣٩٢١).


بين «شرح الكرماني» باقتصار- وبين «التنقيح» للزركشي بإيضاح وتنبيه.
وذكره ابن العماد الحنبلي، وكحالة، ولهذا الكتاب نسخ في بعض المكتبات، ذكرها بروكلمان في «تاريخ الأدب العربي» ٣/ ١٦٩، وسزكين في «تاريخ التراث العربي» ١/ ٢٣٣.
٥٧ - «مجمع البحرين وجواهر الحبرين في شرح صحيح البخاري»:
مؤلفه: يحيى بن محمد بن يوسف بن علي بن محمد بن سعيد، السعيدي ثم القاهري، الشافعي، يعرف بابن الكرماني، وهو ابن الكرماني صاحب الشرح على البخاري المسمى «الكواكب الدراري»، توفي سنة ثلاث وثلاثين وثمانمائة (١).
ذكر هذا الشرح حاجي خليفة في «كشف الظنون» ١/ ٥٤٦ - ٥٤٧ وقال: استمد فيه من شرح أبيه وشرح ابن الملقن، وأضاف إليه من شرح الزركشي وغيره، وما سنح له من حواشي الدمياطي و«فتح الباري» والبدر.
وذكره أيضًا البغدادي في «هدية العارفين» ٢/ ٥٢٧ وأنه في ثمانية أجزاء. وذكره أيضًا كحالة.
فائدة: ذكر هذا الشرح الحافظ السخاوي في «الجواهر والدرر» ٢/ ٧١١ وذكر أنه لخصه من شرحنا هذا ومن «الكواكب الدراري».
٥٨ - «الكوكب الساري»:
مؤلفه: علي بن حسين بن عروة، العلاء، أبو الحسن المشرقي ثم الدمشقي الحنبلي، ويعرف بابن زكنون بفتح أوله، والمشهور أيضًا بابن

--------------------------------------
(١) انظر ترجمته في: «شذرات الذهب» ٧/ ٢٠٦، و«معجم المؤلفين» ٤/ ١١٦ (١٨١٣٨).


عروة الحنبلي، توفي سنة سبع وثلاثين وثمانمائة (١).
هذا الكتاب ذكره سزكين في «تاريخ التراث العربي» ١/ ٢٣٤ وأنه له نسخة في رامبور ١/ ١٠٦.
قلت: ولعل هذا الكتاب هو كتاب «الكواكب الدراري في ترتيب مسند الإمام أحمد على أبواب البخاري».
وهو شرح لمسند الإمام أحمد، لا لصحيح البخاري؛ فكل من يترجم لابن عروة، يذكر كتاب «الكواكب الدراري» هذا، ولا يذكر أن له شرحًا على «صحيح البخاري». والله أعلم.
٥٩ - «التلقيح لفهم قارئ الصحيح»:
مؤلفه: المحدث الحافظ إبراهيم بن محمد بن خليل الطرابلسي الأصل -طرابلس الشام- الحلبي المولد والدار، الشافعي، سبط ابن العجمي، برهان الدين، أبو إسحاق، توفي سنة إحدى وأربعين وثمانمائة (٢).
هذا الكتاب ذكره الحافظ السخاوي في «الجواهر والدرر» ٢/ ٧١١، وفي «الضوء اللامع» وقال: شرحًا مختصرًا على البخاري، وهو بخطه في مجلدين، وبخط غيره في أربعة، وفيه فوائد حسنة، وذكر أنه والحافظ ابن حجر، نقل كلاهما عن الآخر في شرحيهما. وقال أيضًا: وله على البخاري عدة إملاءات كتبها عنه

-------------------------------------------
(١) انظر ترجمته في: «الضوء اللامع» ٣/ ٥١، و«الأعلام» ٤/ ٢٨٠، و«معجم المؤلفين» ٢/ ٤٣٠ (٩٤٠٤).
(٢) انظر ترجمته في: «الضوء اللامع» ١/ ٨٨، و«شذرات الذهب» ٧/ ٢٣٧، و«معجم المؤلفين» ١/ ٦١ (٤٦١).



جماعة من طلبته.
وذكره أيضًا حاجي خليفة ١/ ٥٤٧، والبغدادي في «هدية العارفين» ١/ ٢٠، وله نسخ في بعض المكتبات، ذكر ذلك سزكين ١/ ٢٣٤.
ونفيد القارئ الكريم أن صاحب الترجمة هذا له الباع الأكبر في نسخ شرحنا هذا «التوضيح»، ونسخته هي النسخة الأصلية والمعول عليها غالبًا.
ونضيف كذلك أني رأيت الحافظ قد ألمح في «الإصابة» ٤/ ٢٧٩.
أن شرح سبط هذا يعد تلخيصًا لـ«التوضيح»، حيث قال: حمنة بنت أبي سلمة، قيل: هي المذكورة في حديث أم حبيبة حين عرضت على النبي - ﷺ - أن يتزوج أختها .. قرأته في شرح البخاري للشيخ برهان الدين الحلبي الذي لخصه من شرح ابن الملقن.
٦٠ - «افتتاح القاري لصحيح البخاري»:
مؤلفه: محمد بن عبد الله بن محمد بن أحمد بن مجاهد بن يوسف بن محمد بن أحمد بن علي، شمس الدين، أبو عبد الله بن أبي بكر، القيسي الحموي الأصل، الدمشقي، الشافعي، المعروف بابن ناصر الدين الدمشقي، توفي سنة اثنتين واربعين وثمانمائة (١).
ذكره ابن فهد المكي في «لحظ الألحاظ» ص (٣٢٠)، والسخاوي في «الضوء اللامع»، وقال النعيمي في «الدارس في تاريخ المدارس»

---------------------------------------
(١) انظر ترجمته في: «لحظ الألحاظ» ص (٣١٧)، و«الضوء اللامع» ٤/ ١٢٩، و«الدارس في تاريخ المدارس» ١/ ٤١، و«شذرات الذهب» ٧/ ٢٤٣، و«فهرس الفهارس» ٢/ ٦٧٥ (٣٥٤)، و«الأعلام» ٦/ ٢٣٧، و«معجم المؤلفين» ٣/ ١٦٨ (١٢٤٣٧)، ٣/ ٤٥٣ (١٤٣٤٥).


١/ ٤٢ من تأليفه: كراريس في افتتاح الصحيح، وعدة ختوم نقلت ذلك من خطه.
وابن العماد الحنبلي في»الشذرات«، والبغدادي في»إيضاح المكنون«١/ ١٠٨، وفي»هدية العرافين«٢/ ١٩٣ وفي الثاني سماه:
افتتاح القاري في شرح الجامع الصحيح للبخاري».
وعبد الحي الكتاني في «فهرس الفهارس»، والزركلي في «الأعلام»، وكحالة في «المعجم».
٦١ - «المتجر الربيح والمسعى الرجيح والمرحب الفسيح في شرح الجامع الصحيح»:
مؤلفه: محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن محمد بن أبي بكر بن محمد بن مرزوق، أبو عبد الله العجيسي التلمساني المالكي، ويعرف بحفيد ابن مرزوق، وقد يختصر بابن مرزوق.
توفي سنة اثنتين وأربعين وثمانمائة (١).
ذكر هذا الشرح الحافظ السخاوي في «الضوء اللامع» وقال: لم يكمل. وكذا حاجي خليفة في «كشف الظنون» ١/ ٥٥٠، والبغدادي في «هدية العارفين» ٢/ ١٩٢، والزركلي في «الأعلام» وأفاد قائلًا: كان منه الجزءان الأول والثاني بخطه في الجامع الجديد، ثم فقد الأول. ومخلوف في «الشجرة» وأشار أيضًا إلى أنه لم يكمل، وذكره سزكين في «تاريخ التراث العربي» ١/ ٢٣٤ وأن منه نسخة في الكتاني بالرباط (٥٧٢).

-------------------------------------
(١) انظر ترجمته في: «الضوء اللامع» ٣٦٧/ ٣، و«شجرة النور الزكية» (٩١٨)، و«الأعلام» ٥/ ٣٣١، و«معجم المؤلفين» ٣/ ٩٧ (١١٩٦١).


ولهذا المصنف أيضًا:
٦٢ - «أنوار الدراري في مكررات البخاري»:
ذكره الكتاني في «فهرس الفهارس» ١/ ٥٢٥، والبغدادي في «إيضاح المكنون» ١/ ١٤٣، وفي «هدية العارفين» ٢/ ١٩٢، وكحالة.
ووقع في «الضوء اللامع» باسم: «أنواع الذراري في مكررات البخاري»، وكذا في «الأعلام»، وأظنه تحريفًا.
٦٣ - «شرح ابن أرسلان»:
مؤلفه: أحمد بن حسين بن حسن بن علي بن يوسف بن علي بن أرسلان- قال السخاوي: بالهمزة كما بخطه -الرملي الشافعي، شهاب الدين-أبو العباس.
وقال بعضهم: رسلان بغير همزة، توفي سنة أربع وأربعين وثمانمائة (١).
وهذا الشرح ذكره السخاوي في «الضوء اللامع» وقال: وصل فيه إلى آخر كتاب الحج، قيل: في ثلاثة مجلدات.
وذكره حاجي خليفة ١/ ٥٥٤، والزركلي، وكحالة.
٦٤ - «النكت على التنقيح شرح الجامع الصحيح» للزركشي:
مؤلفه: أحمد بن نصر الله بن أحمد بن محمد بن عمر بن أحمد التستري الأصل، البغدادي الحنبلي، المعروف بابن نصر الله، محب الدين، توفي سنة أربع وأربعين وثمانمائة (٢).

--------------------------------------------
(١) انظر ترجمته في: «الضوء اللامع» ١/ ١٣٣، و«شذرات الذهب» ٧/ ٢٤٨، و«الأعلام» ١/ ١١٧، و«معجم المؤلفين» ١/ ١٢٨ (٩٥٩).
(٢) انظر ترجمته في «شذرات الذهب» ٧/ ٢٥٠، و«معجم المؤلفين» ١/ ٣١٩ (٢٢٤٣).



https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...b61e7e5bc3.gif


ابوالوليد المسلم 22-12-2025 05:31 PM

رد: التوضيح لشرح الجامع الصحيح أبو حفص عمر بن علي بن أحمد الأنصاري المعروف بـ ابن ال
 
https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...b61e7e5bc2.gif


الكتاب: التوضيح لشرح الجامع الصحيح
المؤلف: سراج الدين أبو حفص عمر بن علي بن أحمد الأنصاري الشافعي

المعروف بـ ابن الملقن (٧٢٣ - ٨٠٤ هـ)
الناشر: دار النوادر، دمشق - سوريا
الطبعة: الأولى، ١٤٢٩ هـ - ٢٠٠٨ م
عدد الأجزاء: ٣٦ (٣٣ والفهارس)

المجلد (1)
من صـــ 151 الى صـــ 175
الحلقة (7)



هذا الكتاب ذكره حاجي خليفة في «كشف الظنون» ١/ ٥٤٩، وابن العماد الحنبلي، والبغدادي في «هدية العارفين» ١/ ١٢٦، وكحالة.
٦٥ - «فتح الباري بشرح صحيح البخاري»:
مؤلفه: العالم الحبر البحر الفهامة ذو الفنون وحائزها، شيخ الإسلام الحافظ أحمد بن علي بن محمد بن محمد بن علي بن أحمد الكناني العسقلاني المصري، الشهير بابن حجر، شهاب الدين، أبو الفضل، توفي سنة اثنتين وخمسين وثمانمائة (١).
شرحه هذا أشهر وأعرف من أن يُعَرَّف، فهو أشهر شرح لـ«صحيح البخاري» على الإطلاق، وهو شرح جاب الآفاق، وعرفه الصغير قبل الكبير، وطالب العلم قبل العالم، وكذا من قال: «لا هجرة بعد الفتح» قال حاجي خليفة: وشهرته وانفراده بما يشتمل عليه من الفوائد الحديثية والنكات الأدبية والفوائد الفقهية تغني عن وصفه وصدق من قال: ما أوفى بحق البخاري إلا العسقلاني، أو نحو هذا.
وقد صنف الحافظ في طليعة الشرح مقدمة أسماها «هدي الساري» تطبع وحدها في مجلد، قدم فيها للشرح وعقد فصولًا عدة، سبر فيها ما يتعلق بـ «الصحيح» من أسماء الرواة وتقييدهم، والرواة المتكلم فيهم والرد على ذلك، والأحاديث التي انتقدت، والرد على ذلك، وعدة أحاديث الكتاب، وما إلى ذلك.

------------------------------
(١) انظر ترجمته في: كتاب «الجواهر والدرر في ترجمة شيخ الإسلام ابن حجر» تصنيف شمس الدين السخاوي، جمع فيه السخاوي رحمه الله كل دقيقة وجليلة عن الحافظ فأوعى، فجاء موسوعة حياتية عن الحافظ رحمه الله. وأيضًا ينظر «شذرات الذهب» ٧/ ٢٧٠، و«معجم المؤلفين» ١/ ٢١٠ (١٥٥٢).

٦٦ - ٨١ - ونضيف أيضًا أن الحافظ قد أولى اهتمامًا بالغًا بالصحيح، فإلى جانب هذا الشرح، صنف مصنفات أخرى لها تعلق بـ «الصحيح» من ذلك:
(١) «تغليق التعليق»:
وهو كتاب قام فيه بوصل المعلقات التي رويت في «صحيح البخاري» إما بإسناده أو نقلًا من أحد الكتب المسندة، وهو كتاب مطبوع متداول، لا يستغني عنه طالب علم ولا عالم.
(٢) «التشويق إلى وصل المهم من التعليق»:
وهو اختصار لكتاب «التعليق».
(٣) «التوفيق لوصل المهم من التعليق»:
واقتصر في هذا الكتاب على الأحاديث التي لم يوصل البخاري أسانيدها في مكان آخر من «جامعه». ذكرهما السخاوي في «الجواهر والدرر» ٢/ ٦٦٦.
(٤) «انتقاض الاعتراض في الرد على العيني في شرح البخاري»:
وهو كتاب مطبوع في مجلدين، بتحقيق حمدي عبد المجيد السلفي معية صبحي السامرائي، طبع مكتبة الرشد، وشركة الرياض.
وهذا الكتاب له قصة وسبب، وهو أن العيني -ستأتي ترجمته- قد ألف كتابه «عمدة القاري شرح صحيح البخاري» واهتم بالرد على الحافظ ابن حجر في «فتح الباري» وكان يتعقبه وينتقده كلما وجد مجالًا لذلك، فما كان من الحافظ إلا أن انبرى له، ورد عليه في هذا الكتاب، وأجاب فيه على تلك الاعتراضات باختصار، مقتصرًا على بعضها؛ إذ لو أجاب عليها كلها لطال ذلك.


(٥) «الاستنثار على الطاني المعثار»:
ذكر الحافظ في «الانتقاض» ١/ ٢٥ سبب تأليفه لهذا الكتاب في معرض كلامه عن «عمدة القاري» فقال:
ثم ذكر العيني مقدمة لطيفة انتزعها من القطعة التي كتبها النووي، ولو كان نسخها من نسخة صحيحة ونسبها إليه لاستفاد السلامة مما وقع في خطه من التصحيف لكثير من الأسماء والسمات، والتحريف لبعض الكلمات، وقد تتبعت ما وقع له من ذلك في تلك الكراسة، فزاد على ثمانين غلطة، فأفردت ذلك في جزء سميته … فذكر هذا الكتاب.
وذكره أيضًا السخاوي في «الجواهر» ٢/ ٦٩٠، وحاجي خليفة ١/ ٥٥١ - ٥٥٢ وسمياه: «الاستنصار على الطاعن المعثار».
وذكره البغدادي في «إيضاح المكنون» ١/ ٦٩، وفي «هدية العارفين» ١/ ١٢٩ وسماه: «الاستبصار على الطاعن المعثار».
(٦) «بغية الداري -أو الراوي- بأبدال البخاري»:
وهو مصنف جمع فيه عوالي البخاري، وهي ما أخرجه عن شيخ
يكون بين أحد الأئمة الستة وبينه واسطة. ذكره السخاوي في «الجواهر
والدرر» ٢/ ٦٦٧.
(٧) «تقريب الغريب الواقع في البخاري»:
ذكره السخا وي ٢/ ٦٧٧ وقال: اختصره من القرطبي مع الزيادة عليه والفوائد المهمة في سنة ثماني عشرة وثمانمائة.
وذكره أيضًا حاجي خليفة ١/ ٤٦٤، والبغدادي في «هدية العارفين» ١/ ١٢٩، وكذا ابن العماد الحنبلي.


(٨)»المهمل من شيوخ البخاري«:
ذكره السخاوي ٢/ ٦٧٨.
(٩)»هدي الساري«- أو»هداية الساري لسند البخاري«:
ذكره السخاوي ٢/ ٦٨٢ وقال: في كراستين، صنفها قديمًا في سنة خمس وثمانمائة، وسمعها عليه حينئذ الشمس ابن القطان وغيره من شيوخه.
(١٠)»فوائد الاحتفال في بيان أحوال الرجال المذكورين في البخاري زيادة على ما في تهذيب الكمال«:
ذكره السخاوي ١/ ٦٨٢ وقال: مجلد ضخم مسودة.
وذكره أيضًا حاجي خليفة ٢/ ١٢٩٥ و١٥١١، وابن العماد الحنبلي في، الشذرات» ٧/ ٢٧١ - ٢٧٢، والبغدادي في، «الهداية» ١/ ١٣٠.
(١١) «الإعلام بمن ذكر في البخاري من الأعلام»:
ذكر السخاوي ٢/ ٦٨٢ أنه اسم آخر للكتاب السابق، وكذا ذكره حاجي خليفة ١/ ٥٥٢، وجعله البغدادي في «هدية العارفين» ١/ ١٢٩ كتابًا آخر، وفيه نظر.
(١٢) «الملتقط من التلقيح في شرح الجامع الصحيح» للبرهان الحلبي:
ذكره السخاوي ٢/ ٦٧٦ وقال: التقطه بحلب في سنة ست وثلاثين.
(١٣) «النكت على تنقيح الزركشي»:
وهي تعليقات على كتاب «التنقيح» للزركشي، ذكره السخاوي ٢/ ٦٧٧، وذكره حاجي خليفة ١/ ٥٤٩ وقال: هي تعليقة بالقول ولم تكمل.
(١٤) «تجريد التفسير من صحيح البخاري»:
هو على ترتيب السور منسوبًا لمن نقل عنه، ذكره السخاوي


٢/ ٦٧٦، وابن العماد ٧/ ٢٧٢.
(١٥) «شرح ثلاثيات البخاري»:
ذكره سزكين في «تاريخ التراث العربي» ١/ ٢٤٩.
(١٦) «النكت على صحيح البخاري»:
ذكر سزكين ١/ ٢٣٦ أنه مختصر من «فتح الباري» أعده المصنف نفسه.
وهذا الكتاب والذي قبله لم يذكرهما السخاوي! والله أعلم.
٨٢ - «تيسير منهل القاري في تفسير مشكل البخاري»:
مؤلفه: محمد بن محمد بن يوسف بن يحيى، ناصر الدين المنزلي الشافعي، سبط سويدان، وبه يشهر، فيقال له ابن سويدان، توفي سنة اثنتين وخمسين وثمانمائة (١).
ذكره بروكلمان في «تاريخ الأدب العربي» ٣/ ١٦٩ وأخطأ في اسمه فقال: (موسى)، بدل: (يوسف)، وقال (الحنبلي) بدل (المنزلي)! وأفاد أنه ألفه سنة ست وأربعين وثمانمائة. وسزكين في «تاريخ التراث العربي» ١/ ٢٣٤ وذكرا أن للكتاب نسخة في الإسكوريال ثاني برقم (١٦١٦)، وزاد سزكين أنها بخط المؤلف. والله أعلم.
وذكره أصحاب «الفهرس الشامل للتراث المخطوط» ١/ ٥٧١.
٨٣ - «عمدة القاري شرح صحيح البخاري»:
مؤلفه: محمود بن أحمد بن موسى بن أحمد بن حسين بن يوسف بن محمود الحلبي ثم القاهري، الحنفي، المعروف بالعيني، بدر الدين،

---------------------------------
(١) انظر ترجمته في: «الضوء اللامع» ٤/ ٣٦٨ (٩٢)، و«الأعلام» ٧/ ٤٧، و«معجم المؤلفين» ٣/ ٧٠٠ (١٥٩٠٤).


فقيه أصولي مفسر محدث، توفي سنة خمس وخمسين وثمانمائة (١).
وهذا الشرح مطبوع في عشرين مجلدًا من القطع الكبير، ويمتاز -مع ما عليه من مؤاخذات وانتقادات- بأمور منها: تنظيم الشرح والتعليق على الحديث، وغالبًا ما يقسم الشرح إلى فقرات معنونًا كل فقرة، فيبدأ ببيان تعلق الحديث أو الآية بالترجمة، ثم ببيان رجال ورواة الحديث، ثم ذكر المواضع التي تكرر فيها الحديث، وبيان اللغة والإعراب، ثم بيان معنى الحديث العام، وهكذا.
أيضًا يمتاز ببسط كثير من المسائل النحوية واللغوية، وأيضًا بسط كثير من المسائل الفقهية.
أما الذي انتقد عليه، فقال السخاوي في «الضوء اللامع» ٥/ ٦٣:
استمد العيني في «عمدة القاري» من شرح شيخنا -يقصد الحافظ- بحيث ينقل الورقة بكمالها، وربما اعترض. وبهذا الكلام صرح الحافظ نفسه في مقدمة «انتقاض الاعتراض» ١/ ٢٦.
وكذلك من يطالع شرحنا هذا يجد العيني ينقل منه الصفحات الطوال، بل الأبواب بتمامها دون عزو ولا نسبة إلى مخترعه، والله أعلم.
٨٤ - «مفتاح القاري لجامع البخاري»:
مؤلفه: حسين بن عبد الرحمن بن محمد بن علي بن أبي بكر، ابن الشيخ الكبير علي الأهدل، ابن عمر بن محمد بن سليمان بن عبيد بن عيسى بن علوي بن محمد بن حمحام بن عدي بن الحسن بن الحسين بن زيد العابدين -ويقال له: عيون- ابن علي بن الحسين بن

---------------------------------
(١) انظر ترجمته في: «بغية الوعاة» ٢/ ٢٧٥ (١٩٦٧)، و«شذرات الذهب» ٧/ ٢٨٦، و«معجم المؤلفين» ٣/ ٧٩٧ (١٦٥٣٥).


علي بن أبي طالب، البدر، أبو محمد، وأبو علي الحسني نسبًا وبلدًا، الشافعي، الأشعري، توفي سنة خمس وخمسين وثمانمائة (١).
هذا الشرح ذكره السخاوي في «الضوء اللامع» فقال: وألف حواشي على البخاري انتقاها من الكرماني مع زيادات وسماها «مفتاح القاري».
وذكره حاجي خليفة في «كشف الظنون» ١/ ٥٥٤ وسماه «مصباح القاري». والبغدادي في «إيضاح المكنون» ٢/ ٥٢٧، وكحالة في «معجم المؤلفين».
٨٥ - «تعليقة النويري على البخاري»:
مؤلفه: محمد بن محمد بن محمد بن علي بن محمد بن إبراهيم بن عبد الخالق، المحب، أبو القاسم بن الفاضل الشمس النويري الميموني القاهري المالكي، توفي سنة سبع وخمسين وثمانمائة (٢).
ذكر هذا الكتاب حاجي خليفة في «كشف الظنون» ١/ ٥٥٠ وقال: وهو شرح مواضع منه.
والبغدادي في «هدية العارفين» ٢/ ١٩٩، وسزكين في «تاريخ التراث العربي» ١/ ٢٣٧ وأن له نسخة في صائب بأنقرة.
٨٦ - «تلخيص أبي الفتح لمقاصد الفتح»:
مؤلفه: أبو الفتح، محمد بن أبي بكر بن الحسين بن عمر بن

-----------------------------------
(١) انظر ترجمته في: «الضوء اللامع» ٢/ ٦٣ (٥٥٧)، و«معجم المؤلفين» ١/ ٦١٤ (٤٦٣٦).
(٢) انظر ترجمته في: «الضوء اللامع» ٤/ ٣٠٧ (٥٩٨)، و«شذرات الذهب» ٧/ ٢٩٢، و«شجرة النور الزكية» (٨٦٩).



حدث خطأ في تحميل الصفحة

السلامي، وقيل: السلابي -بالباء- البيري الأصل، الحلبي، أبو عبد الله الشافعي، شمس الدين، توفي سنة تسع وسبعين وثمانمائة (١).
ذكره بروكلمان في «تاريخ الأدب العربي» ٣/ ١٧٣ وسمى مؤلف الشرح محمود، بدل محمد، وأفاد أن له نسخة في آيا صوفيا (٦٨٨ - ٦٨٩).
وذكر في «الفهرس الشامل للتراث» ١/ ٥٦٩.
٨٩ - «التوضيح للأوهام الواقعة في الصحيح»:
مؤلفه: أحمد بن إبراهيم بن محمود -وقيل: محمد- ابن خليل الطرابلسي الأصل، ثم الحلبي المولد والدار، الشافعي، أبو ذر، البرهان، موفق الدين، ابن البرهان الحلبي، صاحب «التلقيح» -المتقدم- ويعرف أيضًا بسبط ابن العجمي، كأبيه. توفي سنة أربع وثمانين وثمانمائة (٢).
وهذا الشرح ذكره السخاوي في «الضوء اللامع» وقال: وأفرد مبهمات البخاري، وكذا إعرابه، بل جمع عليه تعليقًا لطيفًا لخصه من الكرماني والبرماوي و«فتح الباري»، وآخر أخصر منه.
وذكره أيضًا حاجي خليفة ١/ ٥٥٣، والبغدادي في «هدية العارفين» ١/ ١٣٤، والزركلي وكحالة.
وذكره بروكلمان ٣/ ١٧٠ باسم: «الدر في شرح البخاري»! ولعله تحريف وذكر أن له نسخة في القاهرة ثاني ١/ ١٢٥.

----------------------------------
(١) انظر ترجمته في: «الضوء اللامع» ٣/ ٣١١، و«هدية العارفين» ٢/ ٢٠٨، و«الأعلام» ٦/ ١٤٧، و«معجم المؤلفين» ٣/ ٣٩ (١١٥٣٣).
(٢) انظر ترجمته في: «الضوء اللامع» ١/ ٩٤، و«الأعلام» ١/ ٨٨، و«معجم المؤلفين» ١/ ٩٠ (٦٨٥).



وكذا سزكين ١/ ٢٣٧ على الصواب.
٩٠ - «مواهب الجليل على شرح صحيح الإمام محمد بن إسماعيل»:
مؤلفه: يحيى بن أحمد بن عبد السلام بن رحمون الشرف، أبو زكريا بن الشهاب أبي العباس القسنطيني، المغربي، المالكي، نزيل القاهرة ثم مكة، المعروف بالعلمي بضم العين وفتح اللام، وربما سكنت، نسبة فيما قاله للسخاوي -في «الضوء اللامع»- إلى العلم.
توفي عصر يوم الإثنين رابع ربيع الثاني سنة ثمان وثمانين وثمانمائة (١).
ذكره السخاوي فقال: بلغني أنه كتب على البخاري. ومخلوف في «الشجرة» وقال أنه توفي في ربيع الأول! والله أعلم.
والزركلي في «الأعلام»، وكحالة في «المعجم»، والكاندهلوي في «لامع الدراري» كما في مقدمة «عمدة القاري» ١/ ٢٩، وأصحاب «الفهرس الشامل للتراث المخطوط» ١/ ٥٧٠. وهم الذين ذكروه بهذا الاسم.
٩١ - «شرح البكري»:
مؤلفه: محمد بن عبد الرحمن بن أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن عوض بن عبد الخالق بن عبد المنعم بن يحيى بن موسى بن الحسن بن عيسى بن عشبان بن عيسى بن شعبان بن داود بن محمد بن نوح بن طلحة بن عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق، الجلال، أبو البقاء بن العز أبي الفضل بن الزين أبي العباس بن ناصر الدين بن البكري، الدهروظي

------------------------------------
(١) انظر ترجمته في: «الضوء اللامع» ٥/ ١١٦ (٩٤١)، و«شجرة النور الزكية» (٩٨٠)، و«الأعلام» ٨/ ١٣٩، و«معجم المؤلفين» ٤/ ٨٦ (١٧٩٦٣).


الشافعي، المعروف بابن شكم، توفي سنة ثلاث وتسعين وثمانمائة (١).
ذكر في «الفهرس الشامل للتراث المخطوط» ١/ ٥٧٠: شرحه ابن شكم بعنوان «المنطق الفصيح في ختم الصحيح». فلا أدري أهو شرح كما هو في صدر الكلام، أم هو ختمة للصحيح كسائر الختمات، والله أعلم.
٩٤ - «شرح ابن العيني»:
مؤلفه: عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد، الزين بن العز، زين الدين، ابن العيني، الدمشقي، الحنفي، توفي سنة ثلاث وتسعين وثمانمائة (٢).
ذكر هذا الشرح حاجي خليفة في «كشف الظنون» ١/ ٥٥٣ فقال: وهو في ثلاثة مجلدات، كتب «الصحيح» على هامشه.
٩٥ - «الكوثر الجاري إلى رياض البخاري»:
مؤلفه: أحمد بن إسماعيل بن عثمان بن أحمد بن رشيد بن إبراهيم، شرف الدين، ثم دعي شهاب الدين، الشهرزوري الهمداني التبريزي الكوراني، ثم القاهري عالم بلاد الروم، توفي سنة ثلاث -وقيل أربع- وتسعين وثمانمائة (٣).

------------------------------------
(١) انظر ترجمته في: «هدية العارفين» ١/ ١٣٣، و«معجم المؤلفين» ١/ ٢٩٢ (٢١٢٥).
(٢) انظر ترجمته في: «الضوء اللامع» ٢/ ٢١٦، و«الأعلام» ٣/ ٣٠٠، و«معجم المؤلفين» ٢/ ٨٥ (٦٧٩٣).
(٣) انظر ترجمته في: «الضوء اللامع» ١/ ١١٤، و«الأعلام» ١/ ٩٧، و«معجم المؤلفين» ١/ ١٠٤ (٧٨٣).



وهذا الشرح ذكره السخاوي في «الضوء اللامع» دون تسمية، فقال: بلغني أنه عمل تفسيرًا وشرحًا على البخاري.
وذكره بهذا الاسم المتقي الغزي في «الطبقات السنية في تراجم الحنفية» ص (٨٣)، وحاجي خليفة ١/ ٥٥، والبغدادي في «هدية العارفين» ١/ ١٣٥، والزركلي وكحالة، وكذا بروكلمان ٣/ ١٧٠، وسزكين ١/ ٢٣٧ وذكرا أن له نسخًا في بعض المكتبات.
٩٦ - «المنهل الجاري المجرد من فتح الباري شرح الجامع الصحيح للبخاري»:
مؤلفه: محمد بن محمد بن عبد الله بن خيضر بن سليمان بن داود بن فلاح بن حميد، الدمشقي، القاضي قطب الدين -الرملي الشافعي، الخيضري، وخيضِر بكسر الضاد، توفي بالقاهرة في ربيع الأول سنة أربع وتسعين وثمانمائة (١).
ذكره حاجي خليفة في «كشف الظنون» ١/ ٥٥٥ فقال: وجرد الشيخ قطب الدين محمد بن محمد الخيضري من «فتح الباري» أسئلة مع الأجوبة، وسماها «المنهل الجاري» وذكره أيضًا البغدادي في «هدية العارفين» ٢/ ٢١٦.
٩٧ - «شرح السنوسي»:
مؤلفه: محمد بن يوسف بن عمر بن شعيب السنوسي، التلمساني، الحسني من جهة الأم، أبو عبد الله، عالم تلمسان في عصره وصالحها،

-------------------------------------
(١) انظر ترجمته في: «الضوء اللامع» ٤/ ٢٩٦ (٥٦٦)، و«نظم العقيان» (١٧٠)، و«الدارس في تاريخ المدارس» للنعيمي ١/ ٣، و«معجم المؤلفين» ٣/ ٦٥٤ (١٥٦٥٠).


توفي سنة خمس وتسعين وثمانمائة (١).
ذكره عبد الحي الكتاني في «فهرس الفهارس» ٢/ ٩٩٩ فقال: له شرح عجيب على البخاري، لم يكمله، وحاشية لطيفة على مشكلاته.
وذكره أيضًا الزركلي في «الأعلام»، ومخلوف في «الشجرة» وقال: وصل فيه إلى باب: من استبرأ لدينه.
والشيخ محمد زكريا الكاندهلوي في «لامع الدراري» كما في مقدمة «عمدة القاري» ١/ ٢٧ وذكر أن شرحه هذا مختصر لتنقيح الزركشي، والله أعلم، وذكر له أيضًا «شرح مشكلات البخاري» في كراستين.
٩٨ - «شرح النعماني»:
مؤلفه: إبراهيم بن علي بن أحمد بن بركة بن علي بن أبي بكر بن المكرم، برهان الدين، المصري، الشافعي، النعماني، توفي سنة ثمان وتسعين وثمانمائة (٢).
قال السخاوي في «الضوء اللامع»: شرع في الجمع بين شرح الحافظ ابن حجر والعيني على البخاري، فكتب منه جملة مع إضافة حاصل ما اشتمل عليه «انتقاض الاعتراض».
وذكر هذا الشرح أيضًا حاجي خليفة في «كشف الظنون» ١/ ٥٥١ فقال: وشرح برهان الدين إبراهيم النعماني إلى أثناء الصلاة، ولم يفِ بما التزمه.

------------------------------
(١) انظر ترجمته في: «هدية العارفين» ٢/ ٢١٦، و«شجرة النور الزكية في طبقات المالكية» (٩٨٤)، و«الأعلام» ٧/ ١٥٤، و«معجم المؤلفين» ٣/ ٧٨١ (١٦٤٥١)، ٣/ ٧٨٦ (١٦٤٧٥).
(٢) انظر ترجمته في: «الضوء اللامع» ١/ ٣٦، و«الأعلام» ١/ ٥٣.



وذكره أيضًا الزركلي في «الأعلام».
وقال بروكلمان في «تاريخ الأدب العربي» ٣/ ١٧٠: وكتب ابن حجر «انتقاض الاعتراض»، وكتب عليه إبراهيم بن علي الشافعي النعماني كتاب «المزيد»، الجزء الخامس منه في الإسكوريال ثاني (١٤٥٦). اهـ بتصرف.
وكذا سزكين في «تاريخ التراث» ١/ ٢٣٦ وأفاد أن هذا الجزء الموجود عدد ورقاته مائة وثمانية وثلاثون ورقة.
٩٩ - «البارع الفصيح في شرح الجامع الصحيح»:
مؤلفه: محمد بن علي بن خلف الأحمدي، المصري الشافعي، نزيل المدينة، أبو البقاء، لم أظفر له بتاريخ وفاة، وإنما قيل: إنه كان حيًّا في سنة تسع وتسعمائة، أي ما توفي إلا بعدها (١).
وهذا الشرح ورد بهذا الاسم في كتاب «الفهرس الشامل للتراث المخطوط» ١/ ٥٦٨.
وذكره سزكين في «تاريخ التراث العربي» ١/ ٢٣٧ وذكر أن له نسخة في «فيض الله» (٢٦٩) و«القاهرة»، «مجموع» (٥٢١) وسماه: «الباري الفصيح في الجامع الصحيح».
وذكره حاجي خليفة ١/ ٥٥١ وقال: وهو شرح كبير ممزوج وكان ابتدأ تأليفه في شعبان سنة تسع وتسعمائة، أوله: الحمد لله الواجب الوجود … إلخ، ذكر أنه جعله كـ «الوسيط»، برزخًا بين «الوجيز» و«البسيط»، ملخصًا من شروح المتأخرين كالكرماني وابن حجر والعيني.
وذكره البغدادي في «هدية العارفين» ٢/ ٢٢٤ دون تسمية وقال: بدأ

-------------------------------
(١) انظر ترجمته في: «الأعلام» ٦/ ٢٨٩، و«معجم المؤلفين» ٣/ ٥١٠ (١٤٧٠٦).


فيه سنة تسع وتسعمائة.
وذكره الزركلي في «الأعلام»، وكحالة في «معجم المؤلفين» دون تسمية أيضًا.
١٠٠ - «التوشيح شرح الجامع الصحيح»:
مؤلفه: عبد الرحمن بن الكمال أبي بكر بن محمد بن سابق الدين أبي بكر بن الفخر عثمان بن ناظر الدين محمد بن سيف الدين خضر بن نجم الدين أبي الصلاح أيوب بن ناصر الدين محمد بن الشيخ همام الدين همام الخضيري، العلامة المشهور في الآفاق، جلال الدين السيوطي، أو الأسيوطي.
توفي سنة إحدى عشر وتسعمائة (١).
وهذا الكتاب طبع بتحقيق رضوان جامع رضوان، في عشرة مجلدات، طبع مكتبة الرشد وشركة الرياض.
ويعد من الشروح المختصرة، اقتصر فيه مصنفه على بعض النقولات خاصة من «فتح الباري»، وذكر معاني بعض الألفاظ.
وبعض التعليقات اللطيفة على بعض كلمات الحديث، وفي بعض الأحيان يتطرق لذكر اختلافات نسخ «الصحيح».
وذكر بروكلمان في «تاريخه» ٣/ ١٧١ أن على هذا الشرح تعليقات في (برلين ١٢١٦).
وذكر حاجي خليفة في «كشف الظنون» ١/ ٥٥٠ أن للسيوطي أيضًا

--------------------
(١) انظر ترجمته في: «الضوء اللامع» ٢/ ٢١٣، و«طبقات المفسرين» للأدنوى (٤٨٢)، و«شذرات الذهب» ٨/ ٥١، و«الأعلام» ٣/ ٣٠١، و«معجم المؤلفين» ٢/ ٨٢ (٦٧٩٢).


«الترشيح ولم يتم».
١٠١ - «شرح غريب البخاري»:
مؤلفه: محمد بن أحمد بن عبد الله، اليفرني، الفاسي، المغربي، المؤرخ، المالكي، أبو عبد الله، المشهور بالمكناسي، توفي سنة سبع وقيل: ثمان عشرة وتسعمائة (١).
ذكر هذا الكتاب أصحاب «الفهرس الشامل للتراث المخطوط» ١/ ٥٧١.
١٠٢ - «إرشاد اللبيب إلى مقاصد حديث الحبيب»:
مؤلفه: محمد بن أحمد بن محمد بن محمد بن علي بن غازي، أبو عبد الله، المغربي، المكناسي، المالكي، الشهير بابن غازي، توفي سنة تسع عشرة وتسعمائة (٢).
ذكره البغدادي في «إيضاح المكنون» ١/ ٦٢، وفي «هدية العارفين» ٢/ ٢٢٦ ومنه سقت اسم المؤلف.
ومخلوف في «الشجرة» فقال: له تآليف منها تقييد نبيل على البخاري.
وعبد الحي الكتاني في «فهرس الفهارس» ٢/ ٨٩١ فقال: ألف في الحديث حاشية على البخاري في أربع كراريس. وهي أنزل تواليفه، واستنبط من حديث: «أبا عمير ما فعل النغير» مائتى فائدة.

-------------------------------------
(١) انظر ترجمته في: «شجرة النور الزكية» (١٠٢٥)، و«الأعلام» ٦/ ٢٣٩، و«معجم المؤلفين» ٣/ ٧٨ (١١٨٣٤).
(٢) انظر ترجمته في: «هدية العارفين» ٢/ ٢٢٦، و«شجرة النور الزكية» (١٠٢٩)، و«معجم المؤلفين» ٣/ ١٠٧ (١٢٠٣٠).



ثم قال: وتعليقه على الصحيح في نحو ثماني كراريس في القالب الرباعي، سماه «إرشاد اللبيب إلى مقاصد حديث الحبيب» قال في أوله: أودعته نكتًا يخف حملها، ويسهل إن شاء الله تناولها ونقلها، انتقيتها من كلام شراح البخاري، قال: وجعلته كالتكملة لتنقيح الزركشي، فلا أذكر غالبًا إلا ما أغفله.
وذكره أيضًا أصحاب «الفهرس الشامل للتراث المخطوط» ١/ ٥٧٠.
١٠٣ - «إرشاد الساري على صحيح البخاري»:
مؤلفه: أحمد بن محمد بن أبي بكر بن عبد الملك بن الزين أحمد بن الجمال محمد بن الصفي محمد بن المجد حسين بن التاج علي، القسطلاني الأصل، المصري الشافعي، ويعرف بالقسطلاني، أبو العباس، شهاب الدين، توفي سنة ثلاث وعشرين وتسعمائة (١).
وهذا الشرح مطبوع في اثني عشر مجلدًا، بحاشيته «تحفة الباري» لزكريا الأنصاري.
وهو من الشروح النفيسة لـ«صحيح البخاري» حتى قال العيدروس في «النور السافر في أهل القرن العاشر» -فيما نقله عنه الكتاني في «فهرس الفهارس»-: لعله أجمع شروح البخاري وأحسنها.
ثم قال الكتاني: وكان بعض شيوخنا يفضله على جميع الشروح من حيث الجمع وسهولة الأخذ والتكرار والإفادة، وبالجملة فهو للمدرس أحسن وأقرب من «فتح الباري» فمن دونه، ولابن الطيب الشركسي

------------------------------------
(١) انظر ترجمته في: «الضوء اللامع» ١/ ٢٤١، و«شذرات الذهب» ٨/ ١٢١، و«فهرس الفهارس» ٢/ ٩٦٧ (٥٤٦)، و«الأعلام» ١/ ٢٣٢، و«معجم المؤلفين» ١/ ٢٥٤ (١٨٢٨).


عليه حاشية في مجلدين، واختصره الشمس الحضيكي السوسي، عندي منه المجلد الثاني. اهـ.
وليعلم أن للقسطلاني أعمالًا أخرى على «صحيح البخاري»، من ذلك اختصار «إرشاد الساري» ولم يكمله، ذكر ذلك الكتاني.
وله أيضًا «الدراري في ترتيب أبواب البخاري» ذكره كحالة.
فائدة: ذكر البغدادي في «هدية العارفين» ١/ ١٩٥ أن لحمد الله الأنقرهوي كتابًا في فهرسة «إرشاد الساري»، سماه «النجوم الدراري إلى إرشاد الساري في فهرسة شرح البخاري» للقسطلاني.
١٠٤ - «منحة الباري بشرح صحيح البخاري» أو «تحفة الباري بشرح صحيح البخاري»:
مؤلفه: زكريا بن محمد بن أحمد بن زكريا الأنصاري السنيكي القاهرة الأزهري الشافعي، زين الدين، أبو يحيى، توفي سنة ست وعشرين وتسعمائة (١).
وهذا الشرح مطبوع في عشرة مجلدات، بعناية: سليمان بن دريع العازمي، بالتعاون مع مركز الفلاح للبحوث العلمية. طبع مكتبة الرشد.
والكتاب أشبه بالشرح اللغوي، فهو في الغالب يهتم بضبط ألفاظ وكلمات «الصحيح» مع الإشارة إلى اختلاف هذِه الألفاظ في نسخ «الصحيح» المتعددة، ويهتم أيضًا بنسبته أسماء الرواة المهملين.
١٠٥ - «معونة القاري لصحيح البخاري».
مؤلفه: علي بن محمد بن محمد بن محمد بن خلف بن جبريل،

-------------------------------------
(١) انظر ترجمته في: «شذرات الذهب» ٨/ ١٣٤، و«معجم المؤلفين» ١/ ٧٣٣ (٥٤٨٠).


المنوفي المصري مولدًا، الشاذلي طريقة وبها يعرف، نور الدين، أبو الحسن المالكي، الإمام الجليل الفقيه، صاحب التصانيف، توفي سنة تسع وثلاثين وتسعمائة (١).
ذكره بهذا الاسم الزركلي في «الأعلام» وقال: مخطوط في مجلد ضخم، فرغ من تأليفه في رمضان سنة إحدى وعشرين وتسعمائة، رأيته في خزانة الرباط (١٩١٢ كتاني) وعليه اسم مصنفه: علي بن محمد بن علي المالكي. اهـ.
وأصحاب «الفهرس الشامل للتراث المخطوط» ١/ ٥٧١، وسزكين في «تاريخ التراث العربي» ١/ ٢٤٠ باسم «مئونة القاري»- ولعله تصحيف- وذكر له نسخًا.
وأشار إليه كل من مخلوف في «الشجرة»، وكحالة في «المعجم» فقالا: له شرحان على البخاري.
١٠٦ - «صيانة القاري عن الخطأ واللحن في البخاري»:
مؤلفه: المنوفي المتقدم.
ذكره بهذا الاسم الزركلي في «الأعلام» ٥/ ١١ وقال: ذكره صاحب «نيل الابتهاج».
وأشار إليه مخلوف في «شجرة النور الزكية» ص ٢٧٢، وكحالة في «معجم المؤلفين» ٢/ ٥٢٤ (١٠١٠٢).
١٠٧ - «شرح الدلجي»:
مؤلفه: محمد بن محمد بن محمد بن أحمد، شمس الدين،

--------------------------------
(١) انظر ترجمته في: «هدية العارفين» ١/ ٧٤٣، «شجرة النور الزكية» (١٠٠٧)، و«الأعلام» ٥/ ١١، و«معجم المؤلفين» ٢/ ٥٢٤ (١٠١٠٢).


أبو عبد الله، العثماني، الشافعي، الدلجي، توفي سنة سبع -وقيل: تسع-وأربعين وتسعمائة، وقيل: سنة خمسين وتسعمائة (١).
ذكر هذا الشرح حاجي خليفة في «كشف الظنون» ١/ ٥٥١ وقال: كتب قطعة منه. وكذا ذكره البغدادي في «هدية العارفين» ٢/ ٢٣٧، وكحالة.
١٠٨ - «شرح الحديث الأول من الجامع الصحيح للبخاري»:
مؤلفه: عيسى بن محمد بن عبد الله -وقيل: عبيد الله- بن محمد السيد الشريف العلامة المحقق المدقق الفهامة، أبو الخير، قطب الدين، الحسني، الحسيني، الإيجي، الشافعي الصوفي، المعروف بالصفوي؛ نسبة إلى جده لأمه السيد صفي الدين والد الشيخ معين الدين الإيجي صاحب التفسير، توفي سنة ثلاث، -وقيل: خمس- وخمسين وتسعمائة (٢).
ذكره الزركلي في «الأعلام» وأشار إلى أنه رسالة مخطوطة، وذكر أيضًا في «الفهرس الشامل للتراث المخطوط» ١/ ٥٧٠.
١٠٩ - «شرح السفيري»:
مؤلفه: شمس الدين محمد بن الشيخ زين الدين عمر بن ولي الله الشيخ شهاب الدين أحمد، السفيري الحلبي، الشافعي، الإمام العلامة، اختلف في سنة وفاته، فورخ ابن العماد الحنبلي وفاته سنة ست وخمسين وتسعمائة، وتبعه الزركلي، وورخها البغدادي في

----------------------------------
(١) انظر ترجمته في: «شذرات الذهب» ٨/ ٢٧٠، و«معجم المؤلفين» ٣/ ٦٧٠ (١٥٧٦٤).
(٢) انظر ترجمته في: «الكواكب السائرة بأعيان المائة العاشرة» ص ٣٣٤، و«شذرات الذهب» ٨/ ٢٩٧، و«هدية العارفين» ١/ ٨١٠، و«الأعلام» ٥/ ١٠٨، و«معجم المؤلفين» ٢/ ٥٩٨ (١٠٦٤١).



«الهدية» سنة تسع وثلاثين وتسعمائة، وأفاد أنه تلميذ السيوطي.
أما كحالة فأبهم القول فقال في «المعجم»: كان حيًّا سنة تسع وثلاثين وتسعمائة. (١)
ذكر هذا الشرح الزركلي في «الأعلام» وأفاد أن منه مجلدين مخطوطين في التيمورية.
وكحالة في «معجم المؤلفين»، وأصحاب «الفهرس الشامل للتراث المخطوط» ١/ ٥٦٩.
وذكره بروكلمان في «تاريخ الأدب العربي» ٣/ ١٧٢ وأن منه نسخة في برلين (١٢١٢)، والإسكندرية (٣١) حديث. وسزكين في «تاريخ التراث العربي» ١/ ٢٤٠ وقال: الصفيري، بدل: السفيري، وهو خطأ.
١١٠ - «ضوء الساري في شرح صحيح البخاري» أو «فيض الباري في شرح غريب صحيح البخاري»:
مؤلفه: عبد الرحيم بن عبد الرحمن بن أحمد بن حسن بن داود بن سالم بن معالي، ابن الموفق أبي ذر بن الشهاب، بدر الدين، أبو الفتح، العباسي الحموي الأصل، القاهري الدمشقي الشافعي، توفي سنة ثلاث وستين وتسعمائة (٢).
ذكر هذا الشرح حاجي خليفة في «كشف الظنون» ١/ ٥٥١ دون تسمية وقال: رتبه على ترتيب عجيب وأسلوب غريب، فوضعه كما

----------------------------------
(١) انظر ترجمته في: «شذرات الذهب» ٨/ ٣١١، و«هدية العارفين» ٢/ ٢٣٤، و«الأعلام» ٦/ ٣١٧، و«معجم المؤلفين» ٣/ ٥٥٦ (١٤٩٩٣).
(٢) انظر ترجمته في: «الضوء اللامع» ٢/ ٢٨٢، و«شذرات الذهب» ٨/ ٣٣٥، و«الأعلام» ٣/ ٣٤٥، و«معجم المؤلفين» ٢/ ١٣١ (٧١٠٦).



قال في ديباجته على منوال مصنف ابن الأثير، وبناه على مثال «جامعه» وجرده من الأسانيد راقمًا على هامشه بإزاء كل حديث حرفًا أو حروفًا يعلم بها من وافق البخاري على إخراج ذلك الحديث من أصحاب الكتب الخمسة، جاعلًا إثر كل كتاب منه بابًا لشرح غريبه، واضعًا للكلمات الغريبة بهيئتها على هامش الكتاب موازيًا لشرحها، وقرظ له عليه البرهان بن أبي شريف وعبد البر بن شحنة والرضى الغربي.
وذكره ابن العماد وقال: أهدى هذا الشرح للسلطان بايزيد، فكافأه السلطان.
وكذا ذكره البغدادي في «هدية العارفين» ١/ ٥٦٣، وكحالة في «معجم المؤلفين» جميعًا دون تسمية.
وذكره سزكين ١/ ٢٤٠ بهذين الاسمين، وأنهما اسمان لكتاب واحد، وذكر له عدة نسخ في بعض المكتبات، وكذا ذكره الزركلي في «الأعلام» بالاسم الثاني.
١١١ - «بداية القاري في ختم صحيح البخاري»:
مؤلفه: محمد بن سالم بن علي، الشيخ الإمام العلامة، شيخ الإسلام، بقية السلف الكرام، ناصر الدين الطبلاوي، الشافعي، توفي بمصر، عاشر جمادى الآخرة سنة لست وستين وتسعمائة (١).
ذكره البغدادي في «إيضاح المكنون» ١/ ١٦٨، وفي «هدية العارفين».

---------------------------------
(١) انظر ترجمته في: «الكواكب السائرة» ص (٢١٨)، و«شذرات الذهب» ٨/ ٣٤٨، و«هدية العارفين» ٢/ ٢٤٧، و«الأعلام» ٦/ ١٣٤، و«معجم المؤلفين» ٣/ ٣١٠ (١٣٣٩٤).


والزركلي وقال: نسخة خطية بخطه في دار الكتب المصرية (١: ٩٢).
وكحالة في «المعجم» وبروكلمان في «تاريخ الأدب العربي» ٣/ ١٧٢ وقال: سليم، بدل: سالم، وهو خطأ، وورخ وفاته سنة تسع وستين وتسعمائة، وهو خطأ، إنما هو سنة ست، وذكر له نسخة في جاريت (١٣٥٣)، والقاهرة أولى (١: ٢٧٥).
وذكر في «الفهرس الشامل للتراث المخطوط» ١/ ٥٧٠: شرح الطبلاوي الباب الأخير منه بعنوان «بداية القاري» ووقع في «لامع الدراري» كما في مقدمة «عمدة القاري» ١/ ٢٩:«هداية القاري» لمحمد بن سليم بن علي الطبقلاوي، وهو خطأ؛ إنما هو الطبلاوي من غير قاف.
١١٢ - «فتح الباري شرح الجامع الصحيح للبخاري» أو «فيض الباري شرح الجامع الصحيح للبخاري»:
مؤلفه: عبد الأول بن ميرعلائي الحُسَيني، الزيدبوري الهندى الحنفي، توفي بدهلي سنة ثمان وستين وتسعمائة (١).
ذكره البغدادي في «هدية العارفين» بالاسم الأول. وذُكر في «الفهرس الشامل للتراث المخطوط» ١/ ٥٦٩ بالاسم الثاني. والله أعلم.
١١٣ - «غاية التوضيح في شرح الجامع الصحيح»:
مؤلفه: عثمان بن عيسى الحنفي، كذا ذكره البغدادي في «إيضاح المكنون» ٢/ ١٣٩، وذكره بروكلمان في «تاريخ الأدب العربي»

-------------------------------
(١) انظر ترجمته في: «هدية العارفين» ١/ ٤٩٣.


٣/ ١٧٣ فقال: «غاية التوضيح» لعثمان بن إبراهيم الصديق الحنفي، في المائة العاشرة، المكتب الهندي أول (١٢٩ - ١٣٠)، أصفية (١: ٦٥ رقم ٢٢٠)، بانته (٢: ٤٤٥ رقم ٢٦٢١).
وسزكين في «تاريخ التراث العربي» ١/ ٢٤٠ فقال: «غاية التوضيح» تأليف عثمان بن عيسى بن إبراهيم الصديقي الحنفي، المتوفى في نهاية القرن العاشر الهجري. وذكر نحو ما ذكره بروكلمان.
وذكر أيضًا في «الفهرس الشامل للتراث المخطوط» ١/ ٥٧٠.
ولم أظفر للصديقي هذا بترجمة، والله أعلم.
١١٤ - «بغية السامع والقاري بشرح صحيح البخاري»:
مؤلفه: أبو يوسف، جمال الدين بن عمر بن حسن ليًا، لم أجد بَعْدَ بحثٍ مستقصٍ مَنْ تَرْجَمَهُ، وذكره سزكين في«تاريخ التراث العربي» ١/ ٢٤١ وقال: في القرن العاشر الهجري، يوجد مخطوطًا في دار الكتب بالقاهرة، حديث (٢٠٨٩) مجلدان بخط المؤلف، ومنه نسخة برقم (٢٢٩٤٧ ب) انظر فهرس المخطوطات ١/ ١٠٧، ولي الدين (٥٩٩) [٣٦٢٠٣ ورقة] في سنة ٩٧٣ هـ، (٦٠٠) الرابع (٣٤٠) ورقة في سنة (٩٧٤) اهـ.
وذكر أيضًا في كتاب «الفهرس الشامل للتراث المخطوط»١/ ٥٦٩.
١١٥ - «الأبحاث التي كالبحر الجاري على آخر حديث في البخاري»:
مؤلفه: لعله تاج العارفين بن محمد بن علي، البكري، المصري، الشافعي، أبو الوفاء، توفي سنة ثمان، وقيل: سبع وألف (١).

--------------------------
(١) انظر ترجمته في: «خلاصة الأثر» ١/ ٤٧٤، و«هدية العارفين» ١/ ٢٤٥، و«معجم المؤلفين» ١/ ٤٥٦ (٣٤٣٤).


https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...b61e7e5bc3.gif


ابوالوليد المسلم 22-12-2025 05:38 PM

رد: التوضيح لشرح الجامع الصحيح أبو حفص عمر بن علي بن أحمد الأنصاري المعروف بـ ابن ال
 
https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...b61e7e5bc2.gif


الكتاب: التوضيح لشرح الجامع الصحيح
المؤلف: سراج الدين أبو حفص عمر بن علي بن أحمد الأنصاري الشافعي

المعروف بـ ابن الملقن (٧٢٣ - ٨٠٤ هـ)
الناشر: دار النوادر، دمشق - سوريا
الطبعة: الأولى، ١٤٢٩ هـ - ٢٠٠٨ م
عدد الأجزاء: ٣٦ (٣٣ والفهارس)

المجلد (1)
من صـــ 176 الى صـــ 200
الحلقة (8)



ذكر هذا الكتاب في «الفهرس الشامل للتراث المخطوط» ١/ ٥٦٨: شرح تاج العارفين آخر حديث فيه، وذكروا هذا الاسم، ولم أعرف أيَّ تاج العارفين يريدون، لذا قلت: (لعله) والله أعلم بالصواب.
١١٦ - «إفحام المجاري في إفهام البخاري»:
مؤلفه: عبد القادر بن محمد بن يحيى بن مكرم بن محب الدين بن رضي الدين بن محب الدين بن شهاب الدين بن إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن أبي بكر بن محمد بن إبراهيم بن أبي بكر بن علي بن فارس بن يوسف بن إبراهيم بن محمد بن علي بن عبد الواحد بن موسى بن إبراهيم بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين السبط بن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -، محيي الدين الحسيني المكي الشافعي، المعروف بالمحب الطبري، توفي سنة ثلاث وثلاثين وألف (١).
ذكره المحبي في «خلاصة الأثر» ٢/ ٤٥٩ وقال: له رسائل علمية منها: قطعة على أوائل «صحيح البخاري».
وكذا قال البغدادي في «هدية العارفين»، و«إيضاح المكنون» ١/ ١٠٨.
١١٧ - «شرح الأجهوري»:
مؤلفه: علي بن زين العابدين محمد بن أبي محمد زين الدين عبد الرحمن بن علي، أبو الإرشاد، نور الدين الأجهوري، بضم الهمزة وسكون الجيم وضم الهاء، نسبة إلى أجهور الورد، قرية بريف مصر، المالكي، شيخ المالكية في عصره بالقاهرة وإمام الأئمة وعلم الإرشاد
-----------------------------------
(١) انظر ترجمته في: «خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر» ٢/ ٤٥٧، و«هدية العارفين» ١/ ٦٠٠، و«معجم المؤلفين» ٢/ ١٩٧ (٧٥٩٥).

وبركة الزمان، كان محدثًا فقيهًا، توفي سنة ست وستين وألف (١).
وشرحه هذا لمختصر البخاري لابن أبي جمرة، ذكره المحبي في «خلاصة الأثر» فقال: وألف مجلدًا في الأحاديث التي اختصرها ابن أبي جمرة من البخاري.
وذكره أيضًا محمد مخلوف في «شجرة النور الزكية»، وسزكين في «تاريخ التراث العربي» ١/ ٢٤٦ وذكر للكتاب عدة نسخ في بعض المكتبات. وذكره الزركلي في «الأعلام» وقال: رأيت نسخة منه في الرباط (٤٤٨ جلاوي).
١١٨ - «الخير الجاري شرح صحيح البخاري»:
مؤلفه: محمد يعقوب الدهلوي.
ذَكَرَ الدهلويَّ هذا عَبْدُ الحيَّ الكتانيُّ في «فهرس الفهارس» ١/ ٢٠٥ ضمن ترجمة أخرى، وكذا في ١/ ٣٦٢. وهذا الشرح ذكر في كتاب «الفهرس الشامل للتراث المخطوط» ١/ ٥٦٩.
وذكره بهذا الاسم بروكلمان في «تاريخ الأدب العربي» ٣/ ١٧٤، وسزكين في «تاريخ التراث العربي» ١/ ٢٤١ ونسباه لمحمد يعقوب البنباني، بدل: الدهلوي، وذكرا أنه في القرن الحادي عشر الهجري، وأن له نسخًا في بنكيبور، ورامبور.
وذكره أصحاب «الفهرس الشامل للتراث المخطوط» ١/ ٥٦٩ ونسبوه أيضًا لمحمد يعقوب البنباني!
---------------------------------------
(١) انظر ترجمته في: «خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر» ٣/ ١٥٧، و«شجرة النور الزكية في طبقات المالكية» (١١٧٤)، و«الأعلام» ٥/ ١٣، و«معجم المؤلفين» ٢/ ٥١٠ (١٠٠٠٧).


وذكره محمد زكريا الكاندهلوي في «لامع الدراري» كما في مقدمة «عمدة القاري» ١/ ٢٨ بهذا الاسم ونسبه ليعقوب اللاهوري، وذكر أنه في ثلاثة مجلدات.
ومحمد يعقوب هذا أو ذاك لم أجد له ترجمة، وذكرتهما معًا للاشتراك في اسم الكتاب، وفي الاسم وهو محمد يعقوب، واختلفا فقط في النسبة، ويبدو -والله أعلم- أنهما واحد.
١١٩ - «الضياء الساري على صحيح البخاري»:
مؤلفه: الإمام المحدث، عبد الله بن سالم بن محمد بن سالم بن عيسى، البصري الأصل، المكي، جمال الدين، توفي بمكة سنة أربع وثلاثين ومائة وألف (١).
ذكره البغدادي في «إيضاح المكنون» ٢/ ٧٥، وفي «هدية العارفين» ١/ ٤٨٠ وقال: في ثلاثة مجلدات.
وصديق بن حسن القنوجي في «أبجد العلوم» ٣/ ١٧٧ فقال: له شرح عز أن يلقى في الشروح له مثال، لكن ضاق به الوقت عن الإكمال، سماه «ضياء الساري»، وهذا الاسم موافق لعام الشروع في تأليفه وأشار إليه أيضًا في ٣/ ٢٣٩.
وقال في كتابه «الحطة في ذكر الصحاح الستة» وذكره قال: السيد آزاد في «تسلية الفؤاد»: وله شرح على «صحيح البخاري» سار في الأنفس والآفاق سير الروح، ولعمري لقد عز أن يلقى مثله في سائر الشروح، لكن ضاق الوقت عن إكماله وضن الزمان الشحيح بإفاضة
--------------------------
(١) انظر ترجمته في: «هدية العارفين» ١/ ٤٨٠، و«فهرس الفهارس» ١/ ١٩٣ - ١٩٩، و«الأعلام» ٤/ ٨٨، و«معجم المؤلفين» ٢/ ٢٤٣ (٧٩٤٥).


نواله، والنسخة التي نسخها الشيخ بيده الشريفة، وهي أصل الأصول للنسخ الشائعة في الآفاق، رأيتها عند مولانا محمد أسعد الحنفي المكي من تلامذة الشيخ تاج الدين المكي ببلدة آركات. أخذ الشيخ عن ولد المصنف، فقلت للشيخ محمد أسعد: هذِه النسخة المباركة حقها أن تكون في الحرمين المكرمين، فقال الشيخ: هذا الكلام حق، ولكن ما فارقتها لفرط محبتي إياها، ثم أرسل الشيخ كتبه من آركات إلى أورنق آباد احتياطًا لما رأى من هيجان الفتنة بتلك البلاد، فوصلت النسخة إلى أورنق آباد، وهي موجودة بها الآن حفظها الله تعالى. اهـ ص (١٩٧).
وذكره أيضًا عبد الحي الكتاني في «فهرس الفهارس» وقال: قال الشمس ابن عقيلة عن شيخه البصري: شرح البخاري وذكر فيه عيون ما في «فتح الباري» والكرماني وغيرهما، فهو أبسط من القسطلاني و«فتح الباري»، ووصل إلى الثلث ونحوه.
ثم قال: وفي «النفس اليماني» [٦٨] للوجيه الأهدل عن الجمال البصري: أن عبد الله بن سالم البصري قرأ «صحيح البخاري» في جوف الكعبة المشرفة مرارًا، وأن شرحه على الصحيح عز أن يلقى له مثال، قال: وهذا الاسم كاد أن يكون من قبيل المعمى؛ فإنه موافق لعام الشروع في تأليفه. قال: ومن مناقبه تصحيحه للكتب الستة، ومن أعظمها «صحيح البخاري» الذي وجد فيه ما في اليونينية وزيادة، أخذ في تصحيحه وكتابته نحوًا من عشرين سنة. اهـ من «الفهرس».
وذكره الزركلي في «الأعلام»، وكحالة، وسزكين في «تاريخ التراث العربي» ٢٤١/ ١.

وذكره أصحاب «الفهرس الشامل للتراث المخطوط» ١/ ٥٦٨ وذكروا شرحًا آخر لسالم بن عبد الله ترجمته في «معجم المؤلفين» ١/ ٧٤٩ (٥٥٧٢) توفي سنة ستين ومائة وألف. والله أعلم.
١٢٠ - «الفيض الجاري شرح صحيح البخاري»:
مؤلفه: إسماعيل بن محمد بن عبد الهادي بن عبد الغني، العجلوني، الجراحي، أبو الفداء، الشافعي، المؤرخ، صاحب الكتاب المشهور «كشف الخفا» توفي سنة اثنتين وستين ومائة وألف (١).
وهذا الشرح ذكره المرادي في «سلك الدرر» فقال: ومن مؤلفات العجلوني الباهرة، وهو أجلها شرحه على البخاري، وقد كتبتُ من مسوداته مائتين واثنتين وتسعين كراسة، وصل فيها إلى قول البخاري: باب: مرجع النبي - ﷺ - من الأحزاب ومخرجه إلى بني قريظة ومحاصرته إياهم، من المغازي، ولو كمل هذا الشرح لكان من نتائج الدهر.
قلت: أي وصل إلى حديث (٤١١٧ - ٤١٢٤) من الكتاب والباب المذكورين.
وذكره البغدادي في «إيضاح المكنون» ٢/ ٢١٣، وفي «هدية العارفين» ١/ ٢٢١، وعبد الحي الكتاني في «فهرس الفهارس» فقال: له شرح على «الصحيح» قال عنه تلميذه الشهاب أحمد العطاء: شرحه شرحًا يرحل إليه، جعله خلاصة الشروح السابقة، وأطال فيه من الفوائد والنكات والأحكام، سماه «الفيض الجاري»، وصل فيه إلى كتاب التفسير، واخترمته المنية قبل كماله.
-----------------------------------
(١) انظر ترجمته في: «سلك الدرر» ٢٥٩/ ١، و«فهرس الفهارس» ١/ ٩٨، و«الأعلام» ١/ ٣٢٥، و«معجم المؤلفين» ١/ ٣٧٨ (٢٨١٧).


قلت: كتاب التفسير يبدأ بحديث رقم (٤٤٧٤)، ولا تعارض بين هذا القول وما قاله المرادي آنفًا، فيحمل قول المرادي على ما كتبه هو من هذا الشرح، وأنه فاته من الباب المذكور إلى هذا الموضع من كتاب التفسير، والذي يزيد على ثلاثمائة حديث. والله أعلم.
وذكر هذا الشرح أيضًا الزركلي في «الأعلام» وقال: ثمانية مجلدات منه بخطه، في مكتبة زهير الشاويش ببيروت، كتبها سنة ثلاث وخمسين ومائة وألف، ولم يتمه.
قلت: وهذِه فائدة عزيزة، وذكره أيضًا كحالة.
وذكره بروكلمان ٣/ ١٧٤، وسزكين ١/ ٢٤٢ وذكروا له نسخًا في بعض المكتبات.
وذكروا أيضًا أن له كتاب «الفوائد الدراري بترجمة الإمام البخاري».
١٢١ - «نجاح القاري في شرح صحيح البخاري»:
مؤلفه: عبد الله بن محمد بن يوسف بن عبد المنان الحلمي، الإسلامبولي الحنفي، الرومي، أبو محمد، المعروف بعبد الله حلمي، ويوسف زاده، ويوسف أفندي، والأماسي، الفاضل المحدث المفسر رئيس القراء، توفي في ذي الحجة سنة سبع وستين ومائة وألف، ودفن عند والده خارج طوب قبو (١).
ذكره المرادي في «السلك»، والبغدادي في «إيضاح المكنون» ٢/ ٦٢٦ وقال: أوله: إن أبهى ما يتوشح به صدور الكتب حمد من رفع ذكر العلماء .. إلخ.
-------------------------------
(١) انظر ترجمته في: «سلك الدرر» ٣/ ٨٧، و«هدية العارفين» ١/ ٤٨٢، و«الأعلام» ٤/ ١٢٩، و«معجم المؤلفين» ٢/ ٢٩٤ (٨٣٦٦).


وذكره أيضًا في «هدية العارفين». والزركلي في «الأعلام» وقالا: عشرون مجلدًا، زاد الزركلي: منه جزء في طوب قبو.
وكحالة في «المعجم» وقال: في ثلاثين مجلدًا.
قلت: لعل له عدة مخطوطات.
وذكره سزكين في «تاريخ التراث العربي» ١/ ٢٤٢ وذكر له نسخًا عدة في مكتبات عدة.
وكذا ذكره أصحاب «القوس الشامل للتراث المخطوط» ١/ ٥٧١.
١٢٢ - «إضاءة الدراري في شرح صحيح البخاري»:
مؤلفه: أحمد بن علي بن عمر بن صالح بن أحمد بن سليمان بن إدريس بن إسماعيل بن يوسف بن إبراهيم، الحنفي، الطرابلسي الأصل، المنيني المولد، الدمشقي المنشأ، أبو النجاح، شهاب الدين، توفي في يوم السبت، تاسع عشر جمادى الثانية، سنة اثنتين وسبعين ومائة وألف (١).
ذكره المرادي في «السلك» ١/ ١٣٥ وقال: وصل فيه إلى كتاب الصلاة، ولم يكمله.
والبغدادي في «إيضاح المكنون» ١/ ٩٤، وفي «هدية العارفين»، وعبد الحي الكتاني في «الفهرس» ٢/ ٨٢٨ إشارة، وقال في ٢/ ٩٧٦: له شرح على «الصحيح» وصل فيه إلى كتاب الصلاة، سماه «إضاءة الدراري في شرح صحيح البخاري»، وقفت عليه بدمشق.
وذكره أيضًا كحالة في «معجم المؤلفين».
------------------------------------
(١) انظر ترجمته في: «سلك الدرر» ١/ ١٣٣، و«هدية العارفين» ١/ ١٧٥، و«فهرس الفهارس» ٢/ ٩٧٦، و«الأعلام» ١/ ١٨١، و«معجم المؤلفين» ١/ ٢٠٧ (١٥٣١).


١٢٣ - «شرح الدهلوي»:
مؤلفه: أحمد بن عبد الرحيم الفاروقي الدهلوي، الهندي، الحنفي، أبو عبد العزيز، الملقب شاه ولي الله، توفي بدهلي سنة ست وسبعين- وقيل: ثمانين ومائة وألف (١).
وهو شرح مطبوع، وهو لتراجم أبواب البخاري، كذا قال الزركلي في «الأعلام». وذكره بروكلمان في «تاريخ الأدب العربي» ٣/ ١٧٤ مع خطأ في اسم الدهلوي.
وذكر أيضًا في «الفهرس الشامل للتراث المخطوط» ١/ ٥٦٩.
١٢٤ - «ضوء الدراري شرح صحيح البخاري»:
مؤلفه: غلام علي آزاد بن السيد نوح الحسيني، الواسطي حسبًا، البلكرامي الهندي، مولده في بلكرام، حنفي المذهب، كان من الفضلاء، توفي في أورنك آباد، سنة أربع وتسعين ومائة وألف، ولقبه حسان الهند (٢).
ذكره صديق حسن القنوجي في «أبجد العلوم» ٣/ ٢٥١، وورخ وفاته سنة أربع وتسعين كما ذكرنا، وذكره أيضًا في «الحطة في ذكر الصحاح الستة» ص ١٩٦ - ١٩٧ وأطال قائلًا: أوله: الحمد لمن تواترت آلاؤه وتسلسلت نعماؤه، والصلاة والسلام على سيدنا محمد ما أعلى شأنه وما أحسن بيانه، وعلى آله المتكئين على سرر مرفوعة،
--------------------------------------
(١) انظر ترجمته في: «هدية العارفين» ١/ ١٧٧، و«فهرس الفهارس» ١/ ١٧٨، و«الأعلام» ١/ ١٤٩.
(٢) انظر ترجمته في: «أبجد العلوم» ٣/ ٢٥٠، و«هدية العارفين» ١/ ٧٧٠، و«الأعلام» ٥/ ١٢١، و«معجم المؤلفين» ٢/ ٦٠٤ (١٠٦٨٣).


وأصحابه المتجرعين من أكواب موضوعة، وفيه يقول: إني لما وصلت إلى المدينة المؤسسة في أوائل سنة إحدى وخمسين ومائة وألف من الهجرة المقدسة، واتفق بعونه تعالى قراءتي «صحيح البخاري» ومطالعة شرحه المسمى «بإرشاد الساري» للقسطلاني، هممت أن ألتقط منه ما يتعلق بمتن الحديث من حل المباني وتحقيق المعاني مقتصرًا عليه عن أسماء الرجال، وما بعثني على أخذ القليل إلا حمل السفر الثقيل في السفر الطويل؛ فإن هي إلا عدة معان، وما تلك إلا عدة عجلان، وسميته «ضوء الدراري شرح صحيح البخاري» نستعين بالمولى الكريم ونهتدي به إلى الصراط المستقيم، وقال في آخره: هذا آخر كتاب الزكاة، ولما بلغت هذا المكان سكن القلم عن الجريان، وقد تكاثرت العوائق عن الكتابة، لكنها ما كفتني عن القراءة، فالحمد لله على نعمه الوافرة، وله الحمد في الأولى والآخرة. انتهى. ومن خطه رحمه الله تعالى نقلت. اهـ بتصرف.
وذكره كذلك البغدادي في «هدية العارفين»، والزركلي في «الأعلام».
١٢٥ - «النور الساري على متن مختصر البخاري»:
مؤلفه: أحمد بن أحمد بن محمد السجاعي البدراوي الأزهري، فقيه شافعي مصري، نسبة إلى السجاعية من غربية مصر، توفي سنة سبع وتسعين ومائة وألف (١).
وشرحه هذا ذكره البغدادي في «هدية العارفين» ١/ ١٨٠، وكحالة في «معجم المؤلفين»، وسزكين ٣/ ٢٤٦ وذكر له بعض النسخ.
-------------------------------
(١) انظر ترجمته في: «الأعلام» ١/ ٩٣، و«معجم المؤلفين» ١/ ٩٧ (٧٣٤).


١٢٦ - «مواهب رب البرية بالأملاء الشيخونية»:
مؤلفه: محمد بن محمد بن محمد بن عبد الرزاق، أبو الفيض الزبيدي، اليمني، ثم المصري، الحنفي، الفقيه اللغوي- الصوفي، الشهير بالمرتضى، صاحب كتاب «تاج العروس» توفي سنة خمس ومائتين وألف (١).
ذكره البغدادي في «هدية العارفين» لكنه لم يشر أن هذا الكتاب شرح لصحيح البخاري، وإنما ذكره ضمن شروح البخاري أصحابُ «الفهرس الشامل للتراث المخطوط» ١/ ٥٧١، والله أعلم.
١٢٧ - «حاشية القسطلاني»:
مؤلفه: عبد القادر بن أحمد بن عبد القادر بن الناصر، الكوكباني، أستاذ الشوكاني، توفي سنة سبع ومائتين وألف (٢).
ذكره صديق حسن القنوجي في «أبجد العلوم» فقال: له من المؤلفات ما يزيد على أربعين مؤلفًا، منها حاشية القسطلاني في مجلدين.
وعن القنوجي نَقَلَ البغداديُّ في «هدية العارفين» ١/ ٥٩٩ وقال: «حاشية على شرح البخاري».
١٢٨ - «زاد المجد الساري لمطالع البخاري»:
مؤلفه: العلامة المحدث الصالح المعمر، إمام فقهاء المغرب،
---------------------------------
(١) انظر ترجمته في: «هدية العارفين» ٢/ ٣٤٧، و«فهرس الفهارس» ١/ ٥٢٦ (٣٠٠)، و«الأعلام» ٧/ ٧٠، و«معجم المؤلفين» ٣/ ٦٨١ (١٥٨٠١).
(٢) انظر ترجمته في: «أبجد العلوم» ٣/ ١٨٣، و«الأعلام» ٤/ ٣٧، و«معجم المؤلفين» ٢/ ١٨٤ (٧٤٩١).


أبو عبد الله محمد التاودي بن الطالب بن علي بن قاسم بن محمد بن علي بن قاسم بن أبي محمد، القاسم بن محمد بن أبي القاسم ابن سودة المري الفاسي، توفي بفاس سنة تسع وقيل: سبع ومائتين وألف (١).
وهو مطبوع، وذكره مخلوف في «شجرة النور» وذكر أنها حاشية، وعبد الحي الكتاني في «الفهرس» فقال:«زاد المجد الساري» في نحو أربعة مجلدات، وحاشيته هذِه طبعت بفاس. ونقل عنه في موضع آخر ٢/ ١١٣٣. والزركلي في «الأعلام»، وبروكلمان في «تاريخ الأدب العربي» ٣/ ١٧٣، وسزكين في «تاريخ التراث العربي» ١/ ٢٤٣ وقال: «زاد المجد الساري». وذكر له نسخًا مخطوطة، ثم قال: وبعنوان آخر هو «الحاشية على صحيح البخاري» الذي طبع في فاس في أربعة مجلدات ١٣٢٧ - ١٣٣٠ هـ.
أما بالاسم المذكور أول الترجمة، ذكر في «الفهرس الشامل للتراث المخطوط» ١/ ٥٦٨.
١٢٩ - «نظم اللآلي في شرح ثلاثيات البخاري»:
مؤلفه: عبد الباسط بن رستم علي بن علي، أصغر القنوجي، من علماء الهند، توفي سنة ثلاث وعشرين ومائتين وألف (٢).
ذكره في «أبجد العلوم» ٣/ ١٦١، و«إيضاح المكنون» ٢/ ٦٦٠، و«هدية العارفين»، و«معجم المؤلفين».
------------------------------------
(١) انظر ترجمته في: «شجرة النور الزكية» (١٤٨٦)، وفهرس الفهارس ١/ ٢٥٦ (٩٨)، و«الأعلام» ٦/ ٦٢، ١٧٠، و«معجم المؤلفين» ٣/ ٣٦٣ (١٣٧٥٩).
(٢) انظر ترجمته في: «أبجد العلوم» ٣/ ١٦١، و«هدية العارفين» ١/ ٤٩٤، و«الأعلام» ٣/ ٢٧١، و«معجم المؤلفين» ٢/ ٤١ (٦٤٩٥).


١٣٠ - «حاشية على مختصر البخاري لابن أبي جمرة»:
مؤلفه: محمد بن علي بن منصور الشنواني الشافعي، المصري، ولي مشيخة الجامع الأزهر، نسبته إلى شنوان الغرف من قرى المنوفية، توفي سنة ثلاث وثلاثين ومائتين وألف (١).
ذكر هذِه الحاشيةَ الزركليُّ في «الأعلام»، وكحالةُ في «معجم المؤلفين»، وسزكين ١/ ٢٤٦، وبروكلمان ٣/ ١٧٥ وذكرا له نسخًا.
وقال إدوارد فنديك في «اكتفاء القنوع بما هو مطبوع» ص ١٢٦: طبعت هذِه الحاشية في القاهرة سنة أربع وثلاثمائة وألف، في ثمان عشرة ومائتي صفحة، والمختصر هذا مع الحاشية هذِه مرغوبان عند طلبة علم الحديث.
١٣١ - «التعليق الفخري»:
مؤلفه: محمد عباس علي خان.
وقد طبع هذا التعليق في الهند سنة أربع عشرة وثلاثمائة وألف.
وينظر: «تاريخ الأدب العربي» ١/ ١٧٥.
١٣٢ - «روح التوشيح على الصحيح»:
مؤلفه: علي بن سليمان الدمنتي -أو الدمناتي- البوجمعوي المغربي المالكي، أبو الحسن، فقيه مؤرخ محدث مفسر شاعر، ولد بدمنات، وتوفي بمراكش في الثامن والعشرين من ربيع الثاني سنة أربع وثلاثين ومائتين وألف (٢).
-----------------------------------
(١) انظر ترجمته في: «الأعلام» ٦/ ٢٩٧، و«معجم المؤلفين» ٣/ ٥٤٨ (١٤٩٣٤).
(٢) انظر ترجمته في: «معجم المؤلفين» ٢/ ٤٤٧ (٩٥٣٢).


وشرحه هذا مطبوع، ذكر إدوارد فنديك في «اكتفاء القنوع بما هو مطبوع» ص (١٢٩) أنه شرح لغوي، طبع في القاهرة سنة ١٢٩٨ م.
وأفاد سزكين في «تاريخ التراث العربي» ١/ ٢٣٨ أن هذا الشرح مختصر لشرح السيوطي المسمى بـ «التوشيح» -المتقدم ذكره- ومن قبله بروكلمان في «تاريخ الأدب العربي» ٣/ ١٧١.
١٣٣ - «شرح البناني»:
مؤلفه: محمد بن محمد بن محمد بن العربي بن عبد السلام بن حمدون بن عبد الواحد بن محمد بن أحمد بوسته ابن عبد الله بن أبي القاسم البناني، المغربي، القلعي أصلًا، المكي دارًا، ومفتي المالكية بمكة المكرمة، توفي في ربيع الثاني سنة خمس وأربعين ومائتين وألف (١).
ذكره عبد الحي الكتاني في «فهرس الفهارس»، والزركلي، وكحالة.
١٣٤ - «شرح أول ترجمة من صحيح البخاري»:
مؤلفه: عبد القادر بن أحمد بن أبي جيدة الكوهن، الفاسي، العلامة المحدث، الصوفي، أبو محمد، توفي بالمدينة المنورة، سنة أربع وخمسين ومائتين وألف. وورخ كحالة وفاته سنة ثلاث وخمسين (٢).
ذكره عبد الحي الكتاني في «فهرس الفهارس»، وكحالة في «معجم المؤلفين» وأصحاب «الفهرس الشامل للتراث المخطوط» ١/ ٥٧١.
----------------------------------
(١) انظر ترجمته في: «فهرس الفهارس» ١/ ٢٢٩ (٨٠)، و«الأعلام» ٧/ ٧٢، و«معجم المؤلفين» ٣/ ٦٨٣ (١٥٨٠٩).
(٢) انظر ترجمته في: «شجرة النور الزكية» (١٥٨٢)، و«فهرس الفهارس» ١/ ٤٩٠٢ (٢٨٢)، و«الأعلام» ٤/ ٣٧، و«معجم المؤلفين» ٢/ ١٨٣ (٧٤٨٨).


١٣٥ - «المسك الداري شرح آخر ترجمة للبخاري»:
مؤلفه: هو الكوهن المتقدم.
ذكره البغدادي في «هدية العارفين» ١/ ٦٠٤، والزركلي في «الأعلام» كلاهما بهذا الاسم، وأفاد أن له نسخة مخطوطة في دار الكتب. وعبد الحي الكتاني في «فهرس الفهارس»، وكحالة في «معجم المؤلفين». وذكره أيضًا أصحاب «الفهرس الشامل للتراث المخطوط» ١/ ٥٧١ بهذا الاسم.
١٣٦ - «شرح السوسي»:
مؤلفه: عبد الرحمن -وقيل: عبد الرحيم- بن إبراهيم بن عبد الله، التغرغرتي -وقيل: التغارغرتي- السوسي، المالكي، توفي سنة ثمان وسبعين ومائتين وألف (١).
ذكره عبد الحي الكتاني في «فهرس الفهارس» فقال: له شرح على البخاري في أربعة مجلدات كامل.
وذكر أيضًا في «الفهرس الشامل للتراث المخطوط» ١/ ٥٦٩ وأشاروا أنه شرح جزءًا منه فقط، وكلام الكتاني يرده، والله أعلم.
١٣٧ - «كشف الالتباس عما أورده الإمام البخاري على بعض الناس»:
مؤلفه: عبد الغني بن طالب بن حمادة بن إبراهيم بن سليمان الغنيمي، الدمشقي، الحنفي، المشهور بالميدانى، توفي بدمشق سنة ثمان وتسعين ومائتين وألف (٢).
-------------------------------------
(١) انظر ترجمته في: «فهرس الفهارس» ٢/ ٧٤٢ (٣٩٩)، و«الأعلام» ٣/ ٢٩٣.
(٢) انظر ترجمته في: «حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر» ١/ ٣٨٢، و«هدية العارفين» ١/ ٥٩٤، و«الأعلام» ٤/ ٣٣، و«معجم المؤلفين» ٢/ ١٧٩ (٧٤٥١).


ذكره الزركلي في «الأعلام» وذكر أنه مخطوط، وكحالة في المعجم، وأصحاب «الفهرس الشامل للتراث المخطوط» ١/ ٥٧١.
وذكره عبد الرزاق البيطار في «حلية البشر» باسم: «كشف الالتباس في قول البخاري: قال بعض الناس».
١٣٨ - «سلم القاري لشرح صحيح البخاري»:
مؤلفه: محمد بن أحمد بن عبد الباري، الأهدل، الحسيني، التهامي، الشافعي، توفي سنة ثمان وتسعين ومائتين وألف (١).
ذكر هذا الشرحَّ كحالةُ في «معجم المؤلفين» فقال: له حاشية على «الجامع الصحيح» للبخاري، سماها «سلم القارئ»، وذكره أيضًا الزركلي في «الأعلام».
١٣٩ - «النور الساري من فيض صحيح البخاري»:
مؤلفه: حسن العدوي الحمزاوي، المالكي، من قرية عِدْوة بمصر، تعلم ودرس بالأزهر، وهو راوٍ علامة خادم السنة، اشتهر بحفظ السنة وسير الصالحين، توفي في رمضان سنة ثلاث وثلاثمائة وألف بالقاهرة (٢).
كتابه هذا مطبوع، ذكره الزركلي في «الأعلام» وقال: في خمسة مجلدات. وأدورد فنديك في «اكتفاء القنوع بما هو مطبوع» ص ١٢٦ في كلامه على «جامع البخاري» وطبعاته، فقال: طبع في القاهرة سنة تسع وسبعين ومائتين وألف، في عشرة أجزاء، وعلى هوامشها «النور
----------------------------------
(١) انظر ترجمته في:»الأعلام«٦/ ١٩، و»معجم المؤلفين«٣/ ٧١ (١١٧٨٣).
(٢) انظر ترجمته في:»الأعلام«٢/ ١٩٩، و»شجرة النور الزكية في طبقات المالكية«(١٦٣١)، و»معجم المؤلفين" ١/ ٥٦٣ (٤٢٢١).


الساري» وهو شرح للشيخ حسن العدوي.
وكذا قال سركيس في «معجم المطبوعات» ١/ ٥٣٦ و٢/ ١٣١٣.
وذكره البغدادي في «هدية العارفين» ١/ ٣٠٣، ومخلوف في «شجرة النور»، وكحالة في «معجم المؤلفين» وذكره بروكلمان ٣/ ١٧٦، وسزكين ١/ ٢٤٣.
١٤٠ - «عون الباري لحل أدلة البخاري»:
مؤلفه: علي بن حسن بن علي بن لطف الله، الحسيني البخاري، القنوجي، ولما ترجم لنفسه في «أبجد العلوم» قال: صديق بن حسن بن علي. ولما ترجمه الزركلي في «الأعلام» قال: محمد صديق خان بن حسن بن علي. وذكره كحالة في «المعجم» كما ذكرناه أولًا.
وهو علامة محدث، اشتهر بصديق حسن خان أبو الطيب، توفي في رجب من سنة سبع وثلاثمائة وألف (١).
وهذا الشرح مطبوع في خمسة مجلدات ضخام، نشر: دار الرشيد، حلب سوريا.
والكتاب عبارة عن شرح لمختصر البخاري، تأليف العلامة أحمد بن أحمد بن زين الدين عبد اللطيف بن أبي بكر، الشرجي الزبيدي، اليماني، الحنفي، أبو العباس زين الدين، محدث الديار اليمانية، المتوفى بزبيد سنة ثلاث وتسعين وثمانمائة (٢).
----------------
(١) انظر ترجمته في: كتابه «أبجد العلوم» ٣/ ٢٧١، و«الأعلام» ٦/ ١٦٧، و«معجم المؤلفين» ٢/ ٤٢٥ (٩٣٦٨).
(٢) انظر ترجمته في: «الضوء اللامع» ١/ ١٣٦، و«فهرس الفهارس» ٢/ ١٠٦٦ (٥٩٧)، و«الأعلام» ١/ ٩١، و«معجم المؤلفين» ١/ ٩٦ (٧٢٠).


وهو المسمى «التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح» قال عبد الحي الكتاني في «فهرس الفهارس»: جرد فيه أحاديث «الصحيح» من غير تكرار، وجعلها محذوفة الأسانيد، ولم يذكر من الأحاديث إلا ما كان مسندًا متصلًا، وتحافظ على الألفاظ النبوية ما أمكنه، وقد أشتهر، وشرحه جماعة.
قلت: منهم العلامة صديق حسن القنوجي في كتابه «عون الباري».
وهذا المختصر قد اشتهر بـ «مختصر الزبيدي».
١٤١ - «نعمة الباري شرح صحيح البخاري»:
مؤلفه: عبد الله بن درويش، الركابي السكري، الدمشقي، الحنفي، توفي في الثالث عشر من شوال، سنة تسع وعشرين وثلاثمائة وألف (١).
ذكره الزركلي في «الأعلام»، وكحالة في «معجم المؤلفين».
١٤٢ - «فيض الباري على صحيح البخاري»:
مؤلفه: محمد أنورشاه الهندي الكشميري، فاضل، توفي سنة اثنتين وخمسين وثلاثمائة وألف (٢).
وهو شرح مطبوع، قال الشيخ محمد زكريا الكاندهلوي في مقدمة كتابه «لامع الدراري» كما في مقدمة «عمدة القاري» ١/ ٢٩: «فيض الباري» شرح المحدث الكبير أنورشاه، جمعها تلميذه الرشيد مولانا السيد بدر المهاجر المدني، طبع بمصر في ثلاثة مجلدات كبار.
وذكره سزكين في «تاريخ التراث العربي» ١/ ٢٤٣ وقال: طبع بالقاهرة سنة ثمان وثلاثين وتسعمائة وألف، ميلادية.
-----------------------------------
(١) انظر ترجمته في: «الأعلام» ٤/ ٨٥، و«معجم المؤلفين» ٢٤١ (٧٩٢٧).
(٢) انظر ترجمته في: «معجم المؤلفين» ٣/ ١٤٩ (١٢٢٩٧).


١٤٣ - «تذكرة الأحباب»:
مؤلفه: الفقيه محمود حسن التونكي، له معرفة بالرجال، ولد في بلدة تونك عاصمة إحدى الإمارات الإسلامية في الهند، ونشأ بها، وأخذ عن علمائها، وبها توفي سنة ست وستين وثلاثمائة وألف (١).
ذُكر هذا الشرح في «الفهرس الشامل للتراث المخطوط» ١/ ٥٦٨.
هذا ما تيسر ذكره في هذِه المقدمة فيما يتعلق بالكتب الخادمة للصحيح، وهناك كثير من الشروح الأخرى والمصنفات التي لها صلة بصحيح البخاري نعد ببيانها في مؤلف مستقل قريبا إن شاء الله.
-----------------------------------------
(١) انظر ترجمته في: «معجم المؤلفين» ٣/ ٨٠٢ (١٦٥٦٠).


ترجمة ابن الملقن
* التعريف بالمصنف:
هو عمر بن علي بن أحمد بن محمد بن عبد الله، سراج الدين أبو حفص، الأنصاري، الأندلسي الأصل. الوادي آشي ثم التكروري، المصري، الشافعي، ابن النحوي، المعروف بـ «ابن الملقن».
* أما كنيته:
ذكرت المصادر كلها أنه أبو حفص إلا أن ابن فهد (١) ذكر أن كنيته: أبو علي، ولعل ابن فهد ذكر ذلك باعتبار اسم ابنه علي، إلا أن المشهور الأول.
والأنصاري: نسبة إلى أنصار المدينة، بني الأوس والخزرج، ذلك أنه لما تم الفتح الإسلامي لغرناطة، نزلت بها بعض القبائل العربية، فكان منهم جماعة من الأنصار. (٢)
أما الوادي آشي (٣): نسبةً إلى مدينة «وادي آش»
------------------------------------
(١) «لحظ الألحاظ» (ص ١٩٧).
(٢) يقول الأستاذ/ جمال السيد: فالرجل -أي ابن الملقن- فيما يبدو- عربي تنحدر أصوله من الأنصار، - رضي الله عنهم -. اهـ. وانظر: «اللمحة البدرية في الدولة النصرية» (ص ١٦).
(٣) قال يا قوت الحموي (١/ ٢٣٤ رقم ٦٧٨): أش: بالفتح، والشين مخففة، وربما مدت همزته: مدينة الأشات بالأندلس من كورة البيرة وتعرف بوادي أش، والغالب على شجرها الشاهبلُّوط، وتنحدر إليها أنهار من جبال الثلج، بينها وبين =


التكروري (١) ينسب إلى التكرور؛ لأن أباه رحل من الأندلس إلى بلاد التكرور، ومكث فيها مدة، فأقرأ أهلها القرآن، وحصل له من أهلها مال كثير، وأُنعم عليه بدنيا طائلة.
المصري (٢): نسبة إلى مصر، حيث إن أباه ارتحل من التكرور إلى مصر، ونزل «بالقاهرة»، وهناك تأهل، وولد له ابنه «عمر» صاحب هذِه الترجمة.
الشافعي (٣): نسبة إلى المذهب الشافعي، وله مؤلفات عديدة في فقه المذهب ورجاله.
أما ابن النحوي: فلكون أبيه كان عالمًا بالنحو (٤).
أما شهرته: ابن الملقن (٥): عرف الشيخ بـ «ابن الملقن»، وذلك لأن أباه -قبل وفاته- أوصى به إلى صديقه الشيخ عيسى المغربي، وكان يلقن القرآن بجامع ابن طولون -فتزوّج بأم المصنف، فصار ينسب إليه، وبه عرف، والظاهر أن المصنف كان يكره هذِه الكنية.
-------------------------------------------
= غرناطة أربعون ميلًا، وهي بين غرناطة وبجانة. اهـ. قلتُ: واشتهر منها محمد بن جابر الوادي آشي صاحب «البرنامج».
(١) نسبة إلى تكرور، قال عنها ياقوت الحموي في «معجم البلدان» (٢/ ٤٤): بلاد تنسب إلى قبيلة من السودان في أقصى جنوب المغرب، وأهلها أشبه الناس بالزنوج. اهـ انظر: «إنباء الغمر» (٢/ ٢١٦)، و«لحظ الألحاظ» (ص ١٩٧).
(٢) وانظر: «إنباء الغمر»: (٢/ ٢١٦).
(٣) انظر: «طبقات الشافعية».
(٤) «الضوء اللامع» (٦/ ١٠٠).
(٥) قال السخاوي في «الضوء اللامع» (٦/ ١٠٠): وكان -فيما بلغني- يغضب منها بحيث لم يكتبها بخطه، إنما كان يكتب غالبًا: ابن النحوي، وبها اشتهر في بلاد اليمن. اهـ.


* مولده:
قال السخاوي (١): ولد في ربيع الأول سنة ثلاث وعشرين في ثاني عشريه كما قرأته بخطه، وقيل: في يوم السبت رابع عشريه -والأول أصح- بالقاهرة.
* أسرته:
نشأ ابن الملقن في بيت علم مما هيأ له طلب العلم مبكرا.
* والده:
أما والده أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد الأنصاري الوادي آشي فقد كان عالمًا بالنحو.
قال ابن العماد (٢): قال في «المنهل»: رحل أبوه نور الدين من الأندلس إلى بلاد الترك، وأقرأ أهلها هناك القرآن الكريم، فنال منهم مالًا جزيلًا، فقدم به إلى القاهرة واستوطنها، فولد له بها سراج الدين هذا في يوم السبت رابع عشري ربيع الأول سنة ثلاث وعشرين وسبعمائة.
قال ابن حجر (٣): كان أبوه أبو الحسن عالمًا بالنحو، أخذ عنه الشيخ جمال الدين الإسنائي وغيره، فلهذا كان شيخنا يكتب بخطه: عمر بن أبي الحسن النحويِّ، وبهذا اشتهر في بلاد اليمن لكثرة ما رواها بخطه في تصانيفه. اهـ.
-------------------------------------
(١) «الضوء اللامع» (١/ ١٠٠).
(٢) «شذرات الذهب» (٧/ ٤٤).
(٣) «المجمع المؤسس» (٢/ ٣١١).
ذكر المقريزي في «السلوك» (٣/ ١/ ٧٩) في ترجمة ابن المعزى أنه أخذ النحو بالقاهرة عن أبي الحسن، والد الشيخ سراج الدين بن الملقن.


وذكره السيوطي في «بغية الوعاة» (١).
وقد أخذ عنه النحو عبد الرحيم بن الحسن الإسنوي (ت ٧٧٢ هـ) (٢) ومحمد بن علي ابن يوسف الأسنوي كمال الدين ت ٧٨٤ هـ (٣) وأحمد بن لؤلؤ الرومي شهاب الدين بن النقيب (ت ٧٦٩ هـ) (٤) وصلاح الدين عبد الله بن محمد بن كثير التاجر النحوي (ت ٧٦٣ هـ) (٥) وغيرهم.
* أبناؤه:
خلف ابن الملقن ابنا وحيدًا هو علي ويلقب بنور الدين، ترجم له السخاوي (٦)؛ فقال: ولد في سابع شوال سنة ثمان وستين وسبعمائة، ونشأ في كنف أبيه، فحفظ القرآن وكتبًا، وعرض على جماعة، وأجاز له جماعة، بل رحل مع أبيه إلى دمشق وحماة، وأسمعه هناك علي بن أميلة وغيره من أصحاب الفخر وغيره، وكذا سمع بالقاهرة على العز أبي اليمن بن الكويك، وتفقه قليلًا بأبيه وغيره، ودرس في جهات أبيه بعد موته، وناب في القضاء بالقاهرة والشرقية وغيرها، وتمول بآخره، وكثرت معاملاته، وكان ساكنًا حييًّا، زاحم الكبار … ومات- فيما أرخه به العيني- في أوائل رمضان سنة سبع بمدينة بلبيس، وحمل إلى القاهرة فدفن بها -يعني في تربة سعيد السعداء عند أبيه- قال: ولم يكن مثل أبيه ولا قريبًا منه. وأرخه غيره في يوم
-------------------------------------
(١) «بغية الوعاة» (٢/ ١٤٤).
(٢) «الدرر الكامنة» (٢/ ٣٥٤).
(٣) «الدرر الكامنة» (٤/ ٩٩).
(٤) «الدرر الكامنة» (١/ ٢٣٩).
(٥) «السلوك للمقريزي» (٣/ ١/ ٧٩).
(٦) «الضوء اللامع» (٥/ ٢٦٧ - ٢٦٨).


الاثنين سلخ شعبان منها وهو أشبه، ولكن أرخه المقريزي في «عقوده» بأول رمضان وقال: إنه كثر ماله وتزايدت حشمته، وكانت بيني وبينه صداقة، رحمه الله وإيانا. وقد رأيته أختصر «المبهمات» لابن بشكوال مع زيادات له فيها. وقال عنه المقريزي (١): برع في الفقه، ودرس بعد أبيه في عدة مواضع، وناب في الحكم عدة أعوام حتى فخم ذكره، وتعين لقضاء القضاة الشافعية، وكثر ماله.
وذكر أيضًا أنه عين في إفتاء دار العدل مضافًا لمن كان بها في المحرم من سنة ٨٠٢ هـ (٢) وذكر السخاوي من تلاميذه عبد العزيز بن محمد بن عبد الله الأنصاري (ت ٨٥٨ هـ) (٣).
وترجم له ابن تغري بردي في «الدليل الشافي» (١/ ٤٦٥) ووصفه بالعلامة، ولا ريب أنه قد ترجم له في «المنهل».
وقد ذكر له صاحب «الرسالة المستطرفة» (٤) من الكتب اختصاره للغوامض والمبهمات لابن بشكوال مع حذف أسانيده، ويقول المقريزي: إن له زيادات عليه.
* أحفاد ابن الملقن:
خلف علي ثلاثة من الولد هم الجلال عبد الرحمن وأختاه خديجة وصالحة.
فأما عبد الرحمن فقد ولد بالقاهرة ودرس على عدد من المشايخ منهم الشمس السعودي الذي حفظ عليه القرآن، وحفظ «العمدة»
-------------------------------------
(١) «السلوك» (٣/ ٣/ ١١٦٨).
(٢) «السلوك» (٣/ ٣/ ٩٧٩).
(٣) «الضوء اللامع» (٤/ ٢٢٨).
(٤) «الرسالة المستطرفة» (ص ٩١).


و«المنهاج» وغيرهما، وعرض على جده السراج ابن الملقن والزين العراقي والصدر المناوي والكمال الدميرى وآخرين وأجازوا له، وكذلك سمع على جده والتنوخي والعراقي وابن أبي المجد والهيثمي والحلاوي وغيرهم، وباشر في وظائف والده علي، وناب في القضاء.
وكان إنسانًا حسنا ذا سكينة ووقار، وسمت حسن، وخط حسن، مع التواضع والديانة والفقه، والانجماع عن الناس وحسن السيرة، ومزيد العقل والتودد، وتقدمه في الشهرة، وعدم التبسط في معيشته، والدخول فيما لا يعنيه، والتصدق سرًّا ومداومته على حفظ «المنهاج» إلى آخر وقت، ومداومته على تدريس الحديث، وحج سنة (٨٠٩ هـ) وتوفي سنة (٨٧٠) صبيحة الجمعة ثامن شوال، وكانت جنازته حافلة رحمه الله (١).
وقد تتلمذ عليه كثيرون ممن لا نطيل بذكرهم ذكرهم السخاوي أثناء كتابه (٢).
خديجة: ولدت خديجة سنة (٧٨٨ هـ)، وأحضرت في سابع شهر يوم الثلاثاء سابع عشري صفر بقراءة أبيها على العز أبي اليمن الكويك الختم من «الموطأ» رواية يحيى بن يحيى عن مالك، وحدثت به غير مرة، سمعه منها الفضلاء، قال السخاوي: أخذته عنها، وكانت قد قرأت في صغرها بعض القرآن وتعلمت شيئًا قليلًا، وكانت تعلم النساء الخط وأحكام الحيض ونحوه، مع مداومة المطالعة والبراعة في استخلاص الخطوط المتنوعة، وكانت غاية في الخير
------------------------------------------------------
(١) «الضوء اللامع» (١٠/ ١٠١).
(٢) انظر: «الضوء اللامع» (٣/ ٢٦٥، ٤/ ١٢٢، ٢٨٠، ٣١٠، ٦/ ٢٦٩، ٧/ ٣٥، ١٥١، ٢٥٤، ٩/ ٦٤، ١٦٢، ١٧٣، ٢٢٥، ١٠/ ٧٢، ١١/ ٩٣).


والديانة والمحافظة على الصلوات والقيام، ولم تزل ممتعة بسمعها وبصرها وسائر حواسها حتى ماتت في شوال سنة (٨٧٣ هـ) رحمها الله (١).
تزوجها أحمد بن عثمان بن محمد المناوي السلمي القاهري (٨٢٥ هـ) (٢).
وذكر السخاوي أنها أجازت محمد بن إبراهيم بن علي أبا السعود عالم الحجاز (٣).
صالحة: ولدت سنة (٧٩٥ هـ) وأحضرت في الثالثة في شوال سنة (٧٩٧) وبعدها على جدها، بل سمعت عليه المسلسل وغيره، وحدثت عنه، سمع منها الفضلاء، وحمل عنها السخاوي وقال: كانت كاسمها. وماتت في رمضان سنة (٨٧٦ هـ) رحمها الله (٤).
تزوجها خليل بن أبي بكر الأندلسي القاهري الشافعي (٣٨٣ هـ)، وأنجبها ابنه محمدًا (٥).
ويذكر السخاوي أنها أجازت محمد بن إبراهيم أبا السعود عالم الحجاز، ومحمد بن بركات بن حسن بن عجلان الحسيني مالك الحجاز (٦).
-------------------------
(١) «الضوء اللامع» (١٢/ ٢٩).
(٢) «الضوء اللامع» (١/ ٣٨٠).
(٣) «الضوء اللامع» (٦/ ٢٦٩).
(٤) «الضوء اللامع» (١٢/ ٧٠).
(٥) «الضوء اللامع» (٣/ ١٩٤).
(٦) «الضوء اللامع» (٧/ ١٥١).
https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...b61e7e5bc3.gif




ابوالوليد المسلم 22-12-2025 05:43 PM

رد: التوضيح لشرح الجامع الصحيح أبو حفص عمر بن علي بن أحمد الأنصاري المعروف بـ ابن ال
 
https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...b61e7e5bc2.gif


الكتاب: التوضيح لشرح الجامع الصحيح
المؤلف: سراج الدين أبو حفص عمر بن علي بن أحمد الأنصاري الشافعي

المعروف بـ ابن الملقن (٧٢٣ - ٨٠٤ هـ)
الناشر: دار النوادر، دمشق - سوريا
الطبعة: الأولى، ١٤٢٩ هـ - ٢٠٠٨ م
عدد الأجزاء: ٣٦ (٣٣ والفهارس)

المجلد (1)
من صـــ 201 الى صـــ 225
الحلقة (9)



* نشأته:
مات والده وهو صغير وقبل وفاته أوصى به إلى الشيخ عيسى المغربي يحدثنا عن ذلك ابن فهد (١) فيقول: مات أبوه عنه وهو ابن سنة، فأوصى به إلى الشيخ عيسى المغربي، وكان خيّرًا صالحًا يلقِّن القرآن العظيم بجامع ابن طولون، فتزوج بأمّه، وتربى في حجره فنُسب إليه، حتى صار يعرف بابن الملقن، وصار علمًا عليه إلى أن مات، فحصل له من جهته خير كثير.
* اهتمام الشيخ عيسى المغربي بابن الملقن:
بعد أن توفي والد ابن الملقن اهتم به وصيه الشيخ عيسى المغربي، فنشأ في كفالته، وكان رجلًا صالحًا يلقن الناس القرآن بجامع ابن طولون، فتزوج بأمه وعاش السراج في رعايته حتى صار بمنزلة ابنه، ولذا دعي بابن الملقن، ولقد كان الشيخ عيسى له نعم الوالد حقًّا بعد أبيه، فقد أحسن تربيته والقيام على تعليمه وتأديبه حتى بلغ هذِه المنزلة العظيمة في ميدان العلم.
فقد ابتدأ الشيخ عيسى بتحفيظه القرآن فحفظه، ثم حفظ بعده «عمدة الأحكام»، وأراد أن يقرئه في مذهب مالك فأشار عليه ابن جماعة صديق والده بأن يقرئه في المذهب الشافعي فدرس «المنهاج» للنووي وحفظه، ثم أسمعه على الحافظين أبي الفتح بن سيد الناس والقطب الحلبي.
ومن أجل تأمين حياة طيبة لابن الملقن، وكفايته مؤنة السعي على طلب الرزق (فإن وصيه أنشا له ربعًا (٢)، أنفق عليه قريبًا من ستين ألف

--------------------------------------------
(١) «لحظ الألحاظ» (ص ١٩٧).
(٢) الربع: الدار بعينها حيث كانت، والجمع رباع، وربوع، وأرباع، وأربع. والربع أيضًا: المحلة. «مختار الصحاح» (ص ٢٢٩).


درهم، فكان يغل عليه جملة صالحة) (١) وكان (يكتفي بأجرته، ويوفر بقية ماله للكتب) (٢).
* اهتمامه بالعلم منذ صغره:
مرَّ بنا أن وصيه اتجه به نحو العلم منذ صغره حيث أسمعه الحديث على ابن سيد الناس، والقطب الحلبي، ثم سعى لتحصيل الإجازة له من علماء مصر والشام منهم الحافظ المزي (٣).
قال ابن حجر (٤): عني في صغره بالتحصيل.
وقال ابن فهد (٥): وطلب الحديث في صغره بنفسه، فأقبل عليه، وعني به لتوفر الدواعي وتفرغه.
ويذكر السخاوي (٦) أنه لازم جلة شيوخ عصره كالشيخ علاء الدين مغلطاي والشيخ زين الدين الرحبي، حتى تخرج بهما، وقرأ البخاري على ثانيهما وقرأ «صحيح مسلم» على الزين ابن عبد الهادي.
وقد اهتم ابن الملقن بفنون العلم الأخرى كالفقه والقراءات والعربية يظهر ذلك جليًا عند ذكر مشايخه، فمنهم من كان عالمًا بالفقه، ومنهم من كان عالمًا بالقراءات، ومنهم من كان عالمًا بالعربية.
* رحلاته:
رحل ابن الملقن -كما هي عادة المحدثين- طلبًا للعلم والتحصيل، وقد قام بعدة رحلات خارج مصر وهي:

------------------------------------------
(١) «لحظ الألحاظ» (ص ١٩٧، ١٩٨).
(٢) «الضوء اللامع» (٦/ ١٠٠).
(٣) انظر «لحظ الألحاظ» لابن فهد (ص ١٩٧).
(٤) «إنباء الغمر» (٢/ ٢١٧).
(٥) «لحظ الألحاظ» ص ١٩٧.
(٦) «الضوء اللامع» (٦/ ١٠٠ - ١٠١).



١ - رحلته إلى القدس الشريف، والتي التقى فيها بالحافظ العلائي، وقرأ عليه، وأخذ عنه. وقد أشار إلى هذِه الرحلة في كتابه «البدر المنير» في أثناء ترجمته للإمام الرافعي، فقال -عند سياقه جملة من أحاديث الرافعي-: «ومن حديثه: ما أخبرنا بقية الحفاظ صلاح الدين أبو سعيد خليل بن كيكلدي بن عبد الله العلائي، بالقدس الشريف، بقراءتي عليه، قال: ..» (١).
وقال أيضًا في «البدر المنير» عند الكلام على حديث: «السواك مطهرة للفم مرضاة للرب»: وعزاه غير واحد إلى صحيح الإمام أبي بكر ابن خزيمة .. وهو كما قالوا فقد رأيته كذلك فيه بالقدس الشريف في رحلتي إليها.
وقال أيضًا في «البدر» -عند الكلام على حديث أنه عليه الصلاة والسلام تيمم بتراب المدينة وأرضها سبخة-: قال ابن خزيمة .. وفي هذا ما بان وثبت أن التيمم بالسباخ جائز هذا لفظه ومن «صحيحه» في رحلتي إلى القدس نقلته.
وقد قرأ في هذِه الرحلة كتاب «جامع التحصيل في أحكام المراسيل» على مؤلفه الحافظ العلائي، وأشار إلى هذا السخاوي (٢).
وأثبت العلائي ذلك في طبقة السماع، ووصفه بالشيخ، الفقيه، الإمام، العالم، المحدث، الحافظ، المتقين، شرف الفقهاء والمحدثين ..، وأجاز له جميع ما يجوز عنه روايته، وهو ثابت بخطه على نسخة «جامع التحصيل» (٣).

---------------------------------------------
(١) انظر مقدمة المؤلف للبدر المنير.
(٢) «الضوء اللامع» (٦/ ١٠١).
(٣) انظر «مقدمة جامع التحصيل» (ص ٦، ٧) صورة الورقة الأولى من مخطوطة الكتاب.



٢ - رحلته إلى دمشق سنة (٧٧٠ هـ)، وأشار إلى هذِه الرحلة أكثر الذين ترجموا لابن الملقن (١).
قال الشهاب ابن حجي: «ورد علينا دمشق في سنة سبعين طالبًا لسماع الحديث» (٢). وفي هذِه الرحلة «اجتمع بالسبكي، ونوه به، بل كتب له تقريظًا على تخريج الرافعي له … ولزم العماد بن كثير فكتب له أيضًا» (٣).
وذكره ابن الملقن نفسه في «التوضيح» عند شرح حديث (٢٩٢٤):
«حمص من الشام، رأيتها في رحلتين إليها».
٣ - رحلته إلى مكة لأداء الحج، والتي أشار إليها السخاوي فقال: «قرأت بخطه إجازة كتبها وهو بمكة سنة إحدى وستين وسبعمائة (٧٦١ هـ) تجاه الكعبة قال فيها: إن مروياته: الكتب الستة، ومسند الشافعي، وأحمد، والدارمي ..» (٤)، وذكر فيها مشا يخه، ومؤلفاته.
وعند شرحه لحديث (٥١٨٨) في «التوضيح» كتب تلميذه سبط في الحاشية: ذكر لي شيخنا المؤلف أنه ابن أبي جبرة بالباء، وأنه رآه كذلك بمكة«..
* مكتبته:
يشير ابن العماد (٥) إلى أن ابن الملقن كان جمَّاعة للكتب.

-----------------------------------
(١) انظر مثلًا:»إنباء الغمر«(٢/ ٢١٨) و»الضوء اللامع«(٦/ ١٠١).
(٢)»طبقات الشافعية«لابن قاضي شهبة (٤/ ٥٦).
(٣)»طبقات الشافعية«لابن قاضي شهبة (٤/ ٥٦).
(٤)»الضوء اللامع«(٦/ ١٠١).
(٥)»الشذرات" (٧/ ٤٥).



ويشير ابن الملقن نفسه -رحمه الله- إلى ذلك فيقول في خطبة «البدر المنير»: «ويسر الله -تعالى-لنا-سبحانه وله الحمد والمنة- من الكتب التي يحتاج إليها طالب هذا الفن زيادة على مائة تأليف ..».
وذكر في خاتمة «التوضيح» ما يدل على أنه رجع إلى مئات الكتب خلال تأليفه للكتاب، وذكر منها الكثير، ثم اختصر الكلام على بعضها بقوله: وأما الأجزاء فلا تنحصر، وكذا كتب الفقه.
وقد كان من أهم الأسباب التي هيأت لابن الملقن تكوين هذِه المكتبة: يسر حاله، وقلة عياله، ذلك أنه كان له مال ثابت، يتحصل عليه من الربع الذي أنشأه له وصيه، «فكان يكتفي بأجرته، وتوفر له بقية ماله، فكان يقتني الكتب» (١).
وقال المقريزي في «عقوده»: «كان يتحصل له من ريع»الربع«كل يوم مثقال ذهب، مع رخاء الأسعار، وعدم العيال» (٢).
ويصور لنا ابن حجر (٣) مدى إقبال ابن الملقن على شراء الكتب فيقول: كان يقتني الكتب، بلغني أنه حضر في الطاعون العام بيع كتب شخص من المحدثين، فكان وصيه لا يبيع إلا بالنقد الحاضر، قال: فتوجهت إلى منزلي فأخذت كيسًا من الدراهم ودخلت الحلقة فصببته فصرت لا أزيد في الكتاب شيئًا إلا قال: بع له، فكان فيما اشتريت «مسند الإمام أحمد» بثلاثين درهمًا، ويذكر ابن حجر أن مكتبة ابن الملقن كانت تحتوي بعض الكتب التي لا يمتلكها فيقول:

__________________________
(١) «إنباء الغمر» (٢/ ٢١٧).
(٢) «الضوء اللامع» (٦/ ١٠٠).
(٣) «إنباء الغمر» (٥/ ٤٢).



وعنده من الكتب ما لا يدخل تحت الحصر منها ما هو ملكه ومنها ما هو من أوقاف المدارس لا سيما الفاضلية (١).
احتراق مكتبته:
تذكر لنا المصادر أن مكتبته احترقت، ويحدثنا عن ذلك الحافظ ابن حجر فيقول (٢) بعد ذكر مؤلفاته:
ولكن لم يوجد ذلك بعده؛ لأن كتبه أحرقت قبل موته بقليل وراح منها من الكتب النفيسة الموقوفة وغير الموقوفة شيء كثير جدًّا، وقلت في ذلك أخاطبه بعد أحتراق كتبه:
لا يزعجنك يا سراج الدين إن … لعبت بكتبك ألسن النيران
لله قد قربتها فتقبلت … والنار مسرعة إلى القربان
وقلت في ذلك أيضًا:
ألا يا سراج الدين لا تأس إن غنَّت … بكتبك نار ما لمعرورها عار
لربك قد قربتها فتقبلت … كذلكم القربان تأكله النار

--------------------------------------(١) «إنباء الغمر» (٥/ ٤٥).
(٢) «ذيل الدرر الكامنة» (ص ١٢٢).



* عقيدة ابن الملقن من خلال كتاب «التوضيح»:
كان ابن الملقن ينقل عقيدة الأشاعرة دون تمحيص إذ هي عقيدة حكام البلاد وملوكها وغالب علمائها في ذلك الوقت، وقليلًا ما ينقل عقيدة السلف بنوع من الإقرار.
وكما هو معلوم فإن في كلامِ الأشاعرة كثيرًا من الحق، وكذلك في كثير من مقدماتهم، لكنهم يصلون بها إلى التأويل في نهاية المطاف، وقد بيَّنَّا وعلقنا على غالب المواضع المذكورة بما يُغني عن الرد هنا؛ إذ ليس هذا موضعه، وإنما الغرض تقرير عقيدة ابن الملقن بتفصيل لا يدع مجالا للشك في صحة هذا الاستنتاج، وتظهر في النقاط التالية:
- تقرير مذهب الأشاعرة، في إثبات سبع صفات فقط وتأويل الباقي.
- تأويل كثير من الصفات التي يؤوِّلها الأشاعرة.
- استخدام لغة المتكلمين بغرض الوصول إلى التأويل، مثل: الحدث، الاسم والمسمى، صفات الذات وصفات الفعل، القديم، الجارحة، الجهة، الكلام النفسي .. إلى آخره، وكذلك المقدمات الموصلة إلى التأويل.
- النقل عن أهل التأويل دون استدراك عليهم.
- النقل عن غلاة المؤولة دون تمحيص.
- مناقشته لما عدَّه شبهات الحشوية والمجسمة وتفصيل الرد عليها.
- تعريفه لبعض المصطلحات بغير ما عرفها السلف.
- خلطه كلام المشبهة والمجسمة بعقيدة السلف كلما هو حال المتكلمين.


- تقريره لبعض عقائد السلف.
ويظهر ذلك في المواضع التالية:
- في شرحه لحديث جبريل (٥٠) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ - ﷺ - بَارِزًا يَوْمًا لِلنَّاسِ، فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ فَقَالَ: مَا الإِيمَانُ؟ قَالَ: «الإِيمَانُ أَنْ تُؤْمِنَ باللهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَبِلِقَائِهِ وَرُسُلِهِ، وَتُؤْمِنَ بِالْبَعْثِ» … الحديث.
قال: (الخامسة: الإيمان بالله: هو التصديق بوجوده تعالى وأنه لا يجوز عليه العدم، وأنه تعالى موصوف بصفات الجلال والكمال من العلم والقدرة والإرادة والكلام والسمع والبصر والحياة، وأنه تعالى مُنزه عن صفات النقص التي هي أضداد تلك الصفات، وعن صفات الأجسام والمتحيزات، وأنه واحد حق صمد فرد خالق جميع المخلوقات متصرف فيها بما شاء من التصرفات، يفعل في ملكه ما يريد ويحكم في خلقه ما يشاء).
- وفي شرحه لحديث (٣٤٩) عن أَبي ذَرٍّ مرفوعًا: «فرِجَ عَنْ سَقْفِ بَيْتي وَأَنَا بِمَكَّةَ، فَنَزَلَ جِبْرِيلُ فَفَرَجَ صَدْرِي ..»
قال: (.. واعلم أن الأئمة - رضي الله عنهم - اعتنوا بالإسراء، وأفردوه بالتأليف، منهم: أبو شامة، وابن المنير في مجلد ضخم، وابن دحية، فلنلخص من كلامهم فوائد:
الأولى: لا بد لك عند مرورك بهذا الحديث بطرقه عندما يتصور فيه وهمك من استحضار قوله تعالى: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ وتنفي الجهة والجسمية والتكلم بحرف أو صوت تعالى الله عن ذَلِكَ، وفوض علم ذَلِكَ إلى الرب ﷻ، أو أوله عَلَى ما يليق به مع التنزيه، فالحجب للمخلوق لا للخالق، وحي ربك قدسه


هناك، واجعل العرش قبلتك في المناجاة بعيدًا).
- وفي آخر شرح حديث (٦٦١) ناقلا عن ابن عبد البر كالمقر لكلامه: (قال أبو عمر: هذا أحسن حديث يروى في فضائل الأعمال وأصحها -إن شاء الله- لأن العلم محيط بأن كل من كان في ظل الله تعالى يوم القيامة لم ينل هول الموقف، والظل في الحديث يراد به الرحمة، والله أعلم. ومن رحمته الجنة، ..)
- وفي شرحه لحديث (٨٠٦) عن أبي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّاسَ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، هَلْ نَرى رَبَّنَا يَوْمَ القِيَامَةِ؟ قَالَ: «هَلْ تُمَارُونَ فِي القَمَرِ لَيْلَةَ البَدْرِ لَيْسَ دُونَهُ سَحَابٌ؟». قَالُوا: لَا يَا رَسُولَ اللهِ. قَالَ: «فَهَلْ تُمَارُونَ فِي الشَّمْسِ لَيْسَ دُونَهَا سَحَابٌ؟». قَالُوا: لَا. قَالَ: «فَإِنَّكُمْ تَرَوْنَهُ كَذَلِكَ، .. الحديث وفيه: فَيَأْتِيهِمُ اللهُ فَيَقُولُ: أَنَا رَبُّكُمْ. فَيَقُولُونَ: أَنْتَ رَبُّنَا. فَيَدْعُوهُمْ فَيُضْرَبُ الصِّرَاطُ بَيْنَ ظَهْرَانَي جَهَنَّمَ، فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ يَجُوزُ مِنَ الرُّسُلِ بِأُمَّتِهِ،.
قال في فوائده: (رابعها: قوله:»فيأتيهم الله" الإتيان هنا إنما هو كشف الحجب التي بين أبصارنا وبين رؤية الله -عز وجل-، لأن الحركة والانتقال لا تجوز عَلَى الله تعالى؛ لأنها صفات الأجسام المتناهية، والله تعالى لا يوصف بشيء من ذَلِكَ، فلم يبق من معنى الإتيان إلا ظهوره -عز وجل- إلى الأبصار، لم تكن تراه ولا تدركه، والعادة أن من غاب عن غيره لا يمكنه رؤيته إلا بالإتيان، فعبر به عن الرؤية مجازًا، ولا شك أن ما كان عليه السلف من التسليم أسلم، لكن مع القطع بأن الظواهر المذكورة يستحيل حملها على ظواهرها لما يعارضها من ظواهر أخر، والمتأول أولها عَلَى ما يليق بها عَلَى حسب مواقعها، وإنما يسوغ تأويلها لمن كان عارفا بلسان العرب، وقواعد الأصول


والفروع.
وزعم القاضي عياض أن الإتيان فعل من أفعال الله تعالى سماه إتيانًا. قَالَ: والأشبه أن المراد يأتيهم بعض الملائكة، ويكون هذا الملك الذي جاءهم في الصورة التي أنكروها من سمات الحدث الظاهرة عليه، أو يكون معناه: يأتيهم في صورة لا تشبه صفات الإلهية؛ ليختبرهم وهو آخر امتحان المؤمنين، فإذا قَالَ لهم هذا الملك أو هذِه الصورة: أنا ربكم. رأوا عليه من علامات المخلوق ما ينكرونه ويعلمون أنه ليس ربهم فيستعيذون بالله منه).
وفي شرحه لنفس الحديث قال:
(السادس عشر: .. وقول الرب جلَّ وعلا: «ما أغدرك» تلطف بعبده وتأنيس لكثرة إدلاله عليه وسؤاله. والضحك من صفات الرب ﷻ، ومعناه: الاستبشار والرضا لا الضحك بلَهَواتٍ وتعجب).
- وفي شرحه لحديث (٢٨٢٦) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ - ﷺ - قَالَ: «يَضْحَكُ اللهُ إِلَى رَجُلَيْنِ يَقْتُلُ أَحَدُهُمَا الآخَرَ يَدْخُلَانِ الجَنَّةَ، يُقَاتِلُ هذا فِي سَبِيلِ اللهِ فَيُقْتَلُ، ثُمَّ يَتُوبُ اللهُ عَلَى القَاتِلِ فَيُسْتَشْهَدُ».
قال: (الضحك مفسر برواية النسائي السالفة «يعجب من رجلين» ونقل ابن الجوزي عن أكثر السلف أنهم كانوا يمنعون من تفسير مثل هذا ويمرونه كما جاء، قَالَ: وينبغي أن تُرَاعَى قاعدة في هذا قبل الإمرار وهي: أنه لا يجوز أن يحدث لله صفة ولا تشبه صفاته صفات الخلق فيكون والعياذ بالله معنى إمرار الحديث الجهل بتفسيره.
قَالَ الخطابي: الضحك الذي يعتري البشر عندما يستخفهم الفرح،


أو يستفزهم الطرب غير جائز على الله تعالى، وإنما هو مثل مضروب لهذا الصنيع الذي يحل محل التعجب عند البشر، فإذا رأوه أضحكهم، ومعنى الضحك في صفة الله: الإخبار عن الرضا بفعل أحد هذين والقبول من الآخر ومجازاتهما على صنيعهما الجنة مع تباين مقاصدهما.
وقال ابن حبان في «صحيحه»: يريد أضحك الله ملائكته وعجبهم من وجود ما قضى. وقال ابن فورك: أن يُبْدِي الله من فضله ونعمه توفيقًا لهذين الرجلين كما تقول العرب: ضحكت الأرض بالنبات إذا ظهر فيها، وكذلك قالوا للطلع إذا انفتق عنه: كافره الضحك؛ لأجل أن ذَلِكَ يبدو منه البياض الظاهر كبياض الثغر. وقال الداودي: أراد قبول أعمالهما ورحمتهما والرضى عنهما. وكذا قَالَ ابن بطال: المعنى: يتلقاهما بالرحمة والرضوان، والضحك منه على المجاز؛ لأنه لا يكون منه تعالى على ما يكون من البشر؛ لأنه ليس كمثله شيء).
وقد نقل هنا وفي مواضع كثيرة عن ابن فورك دون تمحيص، وحال ابن فورك معروفة من غلوه في التأويل. وكذلك عن محمد بن شجاع الثلجي:
- ففي التفسير: باب قَوْلهِ: ﴿وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ﴾ عند شرحه لحديث (٤٨١١): جَاءَ حَبْرٌ مِنَ الأَحْبَارِ إِلَى رَسُولِ اللهِ - ﷺ - فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، إِنَّا نَجِدُ أَنَّ اللهَ يَجْعَلُ السمَوَاتِ عَلَى إِصْبَعِ وَالأَرَضِينَ عَلَى إِصْبَع، وَالشَّجَرَ عَلَى إِصْبَع" .. وفي آخره: فَضَحِكَ رسول الله - ﷺ - تَصْدِيقًا لِقَوْلِ الحَبْرِ، ثُمَّ قَرَأَ: ﴿وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ﴾.
قال: (وهذا الحديث من أحاديث الصفات، وفيها مذهبان


مشهوران: التأويل والإمساك عنه مع الإيمان بها مع الاعتقاد أن الظاهر غير مراد، فعلى الأول الإصبع هنا: القدرة، أي: خلقها مع عظمها بلا تعب ولا ملل، وذكره هنا للمبالغة، ويحتمل -كما قاله ابن فورك- أن يكون المراد به هنا أصابع بعض مخلوقاته، وهو غير ممتنع، وكذا قال محمد بن شجاع الثلجي، يحتمل أن يكون خلق من خلقه يوافق اسمه اسم الإصبع، وما ورد في بعض الروايات من أصابع الرحمن يؤول على القدرة والملك).
- وفي شرحه لحديث (٤٠٧٣) عن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - ﷺ -:»اشْتَدَّ غضب اللهِ عَلَى قَوْمٍ فَعَلُوا بِنَبِيِّهِ قال: (يريد بقوله: «اشتد غضب الله» أنَ ذلك من أعظم السيئات عنده ويجازي عليه، ليس الغضب الذي هو عرض؛ لأن القديم لا تحيله الأعراض؛ لأنها حوادث، ويستحيل وجودها فيه).
- وفي شرحه لحديث ٥٢٢٨ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ - ﷺ -: "إِنِّي لأَعْلَمُ إِذَا كُنْتِ عَنِّي رَاضِيَةً ..
قال: (وكذلك إذا قال: لقيت اسم زيد. لا يفهم منه أنه لقي زيدًا. ويبين ذلك ما نشاهده من تبديل اسماء المماليك وتبديل كنى الأحرار، ولا تتبدل الأشخاص مع ذلك، وإنما يصح عند تحقيق النظر أن يكون الاسم هو المسمى في الله وحده فقط، لا فيما سواه من المخلوقين، لمباينته تعالى وأسمائه وصفاته حكمَ أسماء المخلوقين وصفاتهم، بيان عدم اللزوم في حقه تعالى أن طرق العلم بالشيء إنما تؤخذ من جهة الاستدلال عليه بمثله وشبهه، أو من حكم ضده، وعلمنا يقينًا أنه تعالى لا شبيه له بقوله: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾، وبقوله: ﴿وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ (٤)﴾ فثبت بذلك أنه لا ضد له؛ لأن حكم الضد


رسول الله - ﷺ -: يقبض أصابعه ويبسطها. وليس اليد في الصفات بمعنى الجارحة حَتَّى يتوهم بثبوتها ثبوت الأصابع، فدل على أنه -عليه السلام- هو الذي يقبض أصابعه ويبسطها، وذكر الأصابع لم يوجد في شيء من الكتاب والسنة المقطوع بصحتها؛ فإن قلت: قد ورد ذكر الإصبع في غير ما حديث كحديث الصحيحين، أنه -عليه السلام- أتاه رجل من أهل الكتاب فقال: يا أبا القاسم، أَبَلَغَكَ أن الله تعالى يحمل السماوات على إصبع، والأرضين على إصبع، والشجر على إصبع، والثرى على إصبع، والخلائق على إصبع؟ فضحك رسول الله - ﷺ - حَتَّى بدت نواجده فنزل: ﴿وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾.
وحديث «الصحيحين» من طريق عبد الله بن عمرو أنه سمع رسول الله - ﷺ - يقول: «إن قلوب بني آدم كلها بين إصبعين من أصابع الرحمن كقلب واحد، يصرفها حيث يشاء» ثم قال - ﷺ -: «اللهم مصرف القلوب صرف قلوبنا على طاعتك» ومثله كثير.
فالجواب: أما إطلاق الجارحة هنا فمحال تقدس الله عن ذَلِكَ، وهو هنا بمعنى القدرة على الشيء، ويسر تقليبه، وهو كثير في كلامهم، فلما كانت السماوات والأرض أعظم الموجودات قدرًا، وأكثرها خلقًا، كان إمساكها بالنسبة إلى الله كالشيء الحقير الذي نجعله نحن بين أصابعنا، ونتصرف فيه كيف شئنا، فتكون الإشارة بقوله: «ثم يقبض أصابعه، ويبسطها، ثم يهزهن» كما في بعض ألفاظ مسلم. أي: هذِه في قدرته كالحبة (مثلًا) في كف أحدنا التي لا يبالي بإمساكها، ولا بهزها، ولا بحركتها، والقبض والبسط عليها، ولا يجد في ذَلِكَ صعوبة ولا مشقة، وقد تكون الإصبع في كلام العرب بمعنى:


النعمة، وهو المراد بقوله: «إن قلوب بني آدم بين إصبعين من أصابع الرحمن» أي: بين نعمتين من نعمه، يقال: لفلان عليَّ إصبع. أي: أثر حسن إذا أنعم عليه نعمة حسنة، وللراعي على ماشيته إصبع أي: أثر حسن. وفيه عدة أشعار.
فإن قلت: كيف يجوز إطلاق الشمال على الله تعالى وذلك يقضي بالنقص؟ فالجواب: أنه مما تفرد به عمر بن حمزة عن سالم وقد روى هذا الحديث نافع وابن مقسم عن ابن عمر فلم يذكر فيه الشمال، ورواه أيضًا أبو هريرة وغيره عن رسول الله - ﷺ -، ولم يذكر واحد منهم الشمال.
وقال البيهقي: روي ذكر الشمال في حديث آخر في غير هذِه القصة، إلا أنه ضعيف بمرة، وكيف يصح ذَلِكَ مع ما صح عنه أنه سمى كلتا يديه يمينًا، وكان من قال ذَلِكَ أرسله من لفظه على ما وقع له إذ عادة العرب ذكرها في مقابلة اليمين.
قال الخطابي: ليس فيما يضاف إلى الله تعالى من صفة اليد شمال؛ لأن الشمال محل النقص والضعف، وليس معنى اليد عندنا الجارحة، إنما هي صفة جاء بها التوقيف، فنحن نطلقها على ما جاءت، وننتهي إلى حيث انتهى بها الكتاب والسنة المأثورة الصحيحة، وهو مذهب أهل السنة والجماعة، وقد تكون اليمين في كلام العرب بمعنى القدرة والملك، ومنه قوله تعالى: ﴿أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ﴾ يريد: الملك. وقال ﴿لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ﴾ أي: بالقوة والقدرة، أي: أخذنا قوته وقدرته، كذا ذكره الفراء، وأنشد فيه للشماخ وغيره، وقد تكون في كلامهم بمعنى التبجيل والتعظيم، تقول: فلان عندنا باليمين. أي: بالمحل الجليل، وأنشد عليه. وأما قوله: «كلتا يديه يمين» فإنه أراد بذلك التمام والكمال).


- وفي أول كِتَابِ التَّعْبِيرِ حديث (٦٩٨٢) عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّهَا قَالَتْ: أَوَّلُ مَا بُدِئَ بِهِ رَسُولُ اللهِ - ﷺ - مِنَ الوَحْيِ الرُّؤْيَا الصَّادِقَةُ
قال: (واتفق العلماء على جواز رؤية الباري تعالى في المنام وصحتها ولو رآه إنسان على صفة لا تليق بجلاله من صفات الأجسام؛ لأن ذلك المرئي غير ذات الله تعالى، ولا يجوز عليه التجسم، ولا اختلاف الأحوال باختلاف رؤية سيدنا رسول الله - ﷺ -).
وفي أول كِتَاب التَّوحِيدِ والرَّد على الجهْميةِ، قال: (فصل: ينبغي أن يعتقد أن الله تعالى في عظمته لا يشبه شيئًا من مخلوقاته ولا يُشبَّهُ به، وأن ما جاء مما أطلقه الشرع على الخلق والمخلوقات فلا تشابه بينهما في المعنى الحقيقي؛ إذ صفات القديم بخلاف صفات المخلوق، فكما أن ذاته لا تشبه الذوات، فكذلك صفته لا تشبه صفات المخلوقين؛ إذ صفاتهم لا تنفك عن الأعراض، والأعراض هو تعالى منزه عنها.
قال بعضهم: التوحيد إثبات ذات غير مشبهة للذوات، ولا معطلة عن الصفات. وقال الواسطي: ليس كذاته ذات، ولا كاسمه اسم، ولا كفعله فعل، ولا كصفته صفة إلا من جهة موافقة اللفظ اللفظ، وجلَّت الذات القديمة أن تكون لها صفة حديثة، كما استحال أن يكون للذات المحدثة صفة قديمة، من اطمأن إلى موجود انتهى إليه فكره فهو مشبه، ومن اطمأن إلى النفي المحض فهو معطل، وإن اعترف بموجود، اعترف بالعجز عن درك حقيقته فهو موحد. وقال ذو النون: حقيقة التوحيد أن تعلم أن قدرة الله في الأشياء بلا علاج، وصنعه لها بلا مزاج، وعلة كل شيء صنعه ولا علة لصنعه، وما تصور في وهمك فالله بخلافه).
وفي شرحه لحديث (٧٣٧٢) وما بعده قال: (وتضمنت ترجمة


الباب: أن الله واحد، وأنه ليس بجسم؛ لأن الجسم ليس بشيء واحد، وإنما هي أشياء كثيرة مؤلفة، في نفس الترجمة الرد على الجهمية في قولها: إنه تعالى جسم. تعالى الله عن قولهم، والدليل على استحالة كونه جسمًا: أن الجسم موضوع في اللغة للمؤلف المجتمع وذلك محال عليه تعالى؛ لأنه لو كان كذلك لم ينفك عن الأعراض المتعاقبة عليه الدالة بتعاقبها عليه على حدثها لفناء بعضها عند مجيء أضدادها، وما لم ينفك عن المحدثات فمحدث مثلها، وقد قام الدليل على قدمه تعالى، فبطل كونه جسمًا).
ثم قال: (فصل: ينبغي أن يعتقد أن الله تعالى في عظمته لا يشبه شيئًا من مخلوقاته ولا يشبه به، وأن ما جاء مما أطلقه الشرع على الخلق والمخلوقات فلا تشابه بينهما في المعنى الحقيقي؛ إذ صفات القديم بخلاف صفات المخلوق، فكما أن ذاته لا تشبه الذوات، فكذلك صفته لا تشبه صفات المخلوقين؛ إذ صفاتهم لا تنفك عن الأعراض، والأعراض هو تعالى منزه عنها.
قال بعضهم: التوحيد إثبات ذات غير مشبهة للذوات، ولا معطلة عن الصفات.
وقال الواسطي: ليس كذاته ذات، ولا كاسمه اسم، ولا كفعله فعل، ولا كصفته صفة إلا من جهة موافقة اللفظ اللفظ، وجلَّت الذات القديمة أن تكون لها صفة حديثة، كما استحال أن يكون للذات المحدثة صفة قديمة، من اطمأن إلى موجود انتهى إليه فكره فهو مشبه، ومن اطمأن إلى النفي المحض فهو معطل، وإن (اعترف) بموجود، اعترف بالعجز عن درك حقيقته فهو موحد).
- وفي شرحه لحديث (٧٣٧٦) عن جَرِيرِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله - ﷺ -


«لَا يَرْحَمُ اللهُ مَنْ لَا يَرْحَمُ الناس».
قال: (وغرضه في هذا الباب إثبات الرحمة، وهي صفة من صفات ذاته لا من صفات أفعاله، والرحمن وصف به نفسه تعالى، وهو متضمن لمعنى الرحمة، كتضمن وصفه لنفسه بأنه عالم وقادر وحي وسميع وبصير ومتكلم ومريد للعلم والقدرة والحياة والسمع والبصر والكلام والإرادة التي جميعها صفات ذاته لا صفات أفعاله؛ لقيام الدليل على أنه تعالى لم يزل ولا يزال حيًّا عالمًا قادرًا سميعًا بصيرًا متكلمًا مريدًا، ومن صفات ذاته الغضب والسخط. والمراد: برحمته تعالى: إرادته لنفع من سبق في علمه أنه ينفعه ويثيبه على أعماله فسماها رحمة. والمراد بغضبه وسخطه إرادته لإضرار من سبق في علمه إضراره، وعقابه على ذنوبه، فسماها غضبًا وسخطًا).
وقرر ابن الملقن تَقسيم الصفاتِ إلى صفاتِ ذاتٍ وصفاتِ أفْعالٍ ولكن على طريقة الأشاعِرة، ووافق مَنْ اتخذ هذا التقسيم وسيلة لتأويل بعض الصفات كما هو الحال عند كثير من المتكلمين، ومن الأمثلة على ذلك:
في شرحه لحديث (٧٣٨٣) عَنِ ابن عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ - ﷺ - كَانَ يَقُولُ: «أَعُوذُ بِعِزَّتِكَ الذِي لَا إله إِلا أَنْتَ، الذِي لَا يَمُوتُ، وَالْجِنُّ وَالانْسُ يَمُوتون».
وحديث (٧٣٨٤) عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ - ﷺ - وفيه: «.. قَدْ قَدْ بِعِزَّتِكَ وَكَرَمِكَ».
قال: (العزيز متضمن للعزة، ويجوز أن تكون صفة ذات بمعنى: القدرة والعظمة، وأن تكون صفة فعل بمعنى: القهر لمخلوقاته والغلبة لهم.)


وقال: (الحكيم متضمن الحكمة وهو على وجهين أيضًا: صفة ذات تكون بمعنى العلم، والعلم من صفات ذاته، والثاني: أن يكون بمعنى الأحكام للفعل والإتقان له، وذلك من صفات الفعل وإحكام الله تعالى لمخلوقاته فعل من أفعاله، وليس إحكامه لها شيئًا زائدًا على مقابل بل إحكامه لها جعلها تقاد.)
ثم أكمل الكلام ناقلا طريقة الأشاعرة في معالجة هذِه المسائل معتبرا ذلك مذهب أهل السنة:
(وأما على ما ذهب إليه أهل السنة أن خلق الشيء وإحكامه هو نفس الشيء، وإلا أدى القول بأن الأحكام والخلق غير المحكم المخلوق إلى التسلسل إلى ما لا نهاية له، والخروج إلى ما لا نهاية له إلى الوجود مستحيل، فبان الفرق بين الحالف بعزة الله التي هي صفة ذاته، وبين من حلف بعزته التي هي صفة فعله أنه حانث في حلفه بصفة الذات دون صفة الفعل، بل هو منهي عن الحلف بصفة الفعل؛ لقول القائل: وحق السماء، وحق زيد؛ لقوله -عليه السلام-: «مَنْ كان حالِفًا فليحلفْ بالله»).
ثم قال: (ثالثها: القَدَم لفظ مشترك يصلح استعماله في الجارحة وفيما ليس بجارحة، فيستحيل وصفه تعالى بالقدم الذي هو الجارحة؛ لأن وصفه بذلك يوجب أن يكون جسمًا والجسم مؤلف حامل للصفات وأضدادها غير متوهم خلوه منها، وقد بان أن المتضادات لا يصح وجودها معا، إذا استحال هذا ثبت وجودها على طريق التعاقب وعدم نقضها عند مجيء بعض، وذلك دليل على حدوثها، وما لا يصح خلوه من الحوادث فواجب كونه محدثًا، فثبت أن المراد بالقدم في هذا الحديث: خلق من خلقه تقدم علمه أنه لا يملأ جهنم إلا به، قاله ابن بطال.


ثم قال: وقال النضر بن شميل: القدم ها هنا هم الكفار الذين سبق في علم الله أنهم من أهل النار، وأنه يملأ النار بهم حتى ينزوي بعضها إلى بعض من الملء؛ لتضايق أهلها فتقول: قط قط. أي: امتلأتُ، ومنه قوله تعالى: ﴿وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ﴾ أي: سابقة صدق وقال ابن الأعرابي: القدم هنا هو المتقدم في الشرف والفضل، وقد قد وقط قط بمعنى: حسبي، أي: كفاني، وقال: قدني وقطني بمعنى).
(ثم حكى في القدم أقوالًا: أحدها: عن الحسن: يجعل الله فيها الذين قدمهم من شرار خلقه، فهم الذين قدم الله للنار، كأن المسلمين قدم للجنة.
فمعنى القَدَم على هذا المتقدم أي: سبق في علم الله أنهم من أهل النار، وهذا قد سلف عن النضر. ثانيها: أنهم قوم يختلقون يوم القيامة يسميهم الله قدمًا. ثالثها: المعنى: قدم بعض خلقه فأضيف إليه، كما يقال: ضرب الأمير اللص فيضاف الضرب إليه على معنى أمره وحكمه. وقال الداودي: قيل معناه: وعد الصدق الذي وعد لعباده أن ينجي منهم المتقين قال تعالى: ﴿أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ﴾. وقال بعض المفسرين: قدم صدق محمد - ﷺ -، قال: فإن كان كذلك فهي الشفاعة التي تكون منه، فيأمر الله الملائكة أن يخرجوا من النار من كان في قلبه مثقال حبة من إيمان، وهذا من المقام المحمود الذي وعده، وهذا خلاف نص الحديث؛ لأن فيه أن رب العالمين يضع فيها قدمه بعد أن قالت: «هل مِنْ مزيد»؛ وكيف ينقص منها وهي تطلب الزائد، وإنما ينزوي بما جعل فيها ليس بما يخرج منها، وفي هذا الخبر دلالة على من تأول في الخبر الآخر «حتى يضعَ الجبارُ فيها قدمه» أن الجبار إبليسُ وشيعته؛ لأنه أول من تكبر، ولذلك رد من قال: يراد به غير الله من المتجبرين).


- وفي شرحه لحديث (٧٤٠٧) «إِنَّ اللهَ لَا يَخْفَى عَلَيْكُمْ، إِنَّ اللهَ لَيْسَ بِأَعْوَرَ» قال:
(الشرح: ما ذكره في تفسير: ﴿وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي﴾ هو قول قتادة، وهو معروف في اللغة يقال: صنعت الفرس وصنعته إذا أحسنت القيام عليه، واستدلاله من هذِه الآية والحديث على أن لله تعالى صفة سماها (عينا) ليست هو ولا غيره وليست كالجوارح المعقولة سببا؛ لقيام الدليل على استحالة وصفه بأنه ذو جوارح وأعضاء تعالى عن ذلك، خلافًا لما تقوله المجسمة من أنه تعالى جسم لا كالأجسام.
واستدلوا على ذلك بهذِه، كما استدلوا بالآيات المتضمنة لمعنى الوجه، واليدين ووصفه لنفسه بالإتيان والمجيء والهرولة في حديث الرسول، وذلك كله باطل وكفر من متأوله؛ لقيام الدليل على تساوي الأجسام في دلائل الحدث القائم بها واستحالة كونه من جنس المحدثات، إذ المحدث إنما كان محدثًا من حيث متعلق هو متعلق بمحدث أحدثه، وجعله بالوجود أولى منه بالعدم.
فإن قالوا: الدليل على صحة ما نذهب إليه من أنه تعالى جسم أنه - أي: الله -ليس بأعور، وإشارته إلى عينه، وأن المسيح الدجال أعور عين اليمين ففي إشارته إلى عينه بيده؛ تنبيه على أن عينه كسائر الأعين.
قلنا لهم: قد تقدم في دليلنا استحالة كونه جسمًا؛ لاستحالة كونه محدثًا وإذا صح ذلك وجب صرف قوله، وإشارته بيده إلى معنًى يليق به وهو نفي النقص والعور عنه تعالى، وأنه ليس كمن لا يرى ولا يبصر بل هو منتفٍ عنه جميع النقائص والآفات التي هي أضداد البصر والسمع وسائر صفات ذاته التي يستحيل وصفه بأضدادها إذ


الموصوف بها تارة وأضدادها أخرى محدث مربوب؛ لدلالة قيام الحوادث به على حدثه).
وفي شرحه لحديث (٧٤١٠)»يَجْمَعُ اللهُ المُؤْمِنِينَ يَوْمَ القِيَامَةِ كَذَلِكَ، فَيَقُولُونَ: لَوِ اسْتَشْفَعْنَا إِلَى رَبِّنَا حَتَّى يُرِيحَنَا مِنْ مَكَانِنَا هذا.
وحديث (٧٤١١) «يَدُ اللهِ مَلأى لَا يَغِيضُهَا نَفَقَةٌ، سَحَّاءُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ». وَقَالَ: «أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْفَقَ مُنْذُ خَلَقَ السمَوَاتِ وَالأَرْضَ؟ فَإِنَّهُ لَمْ يَغِضْ مَا فِي يَده» وَقَالَ: «عَرْشُهُ عَلَى المَاءِ، وَبِيَدِهِ الأُخْرى المِيزَانُ يَخْفِضُ وَيَرْفَعُ».
وحديث (٧٤١٢) «إِنَّ اللهَ يَقْبِضُ يَوْمَ القِيَامَةِ الأَرْضَ، وَتَكُونُ السَّمَوَاتُ بِيَمِينِهِ، ثُمَّ يَقُولُ: أَنَا المَلِكُ». وما بعده ..
قال: (الشرح: اليد هنا: القدرة، قال الداودي: يحتمل أن يريد ذلك، وقال أبو المعالي: ذهب بعض أئمتنا إلى أن اليد والعين والوجه صفات ثابتة للرب، والسبيل إلى إثباتها السمع دون قضية العقل، والذي يصح عندنا حمل اليدين على القدرة، والعين على البصر، والوجه على الوجود.
قال ابن فورك: قوله: «يد الله مع الجماعة»، من أصحابنا من قال: اليد هنا بمعنى الذات كقوله تعالى: ﴿مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا﴾ أي: ما عملنا، قال: فإن قال قائل: إذا حملتم اليد على معنى الذات فهلا حملتموه في قوله: ﴿خَلَقْتُ بِيَدَيَّ﴾ على الذات: قيل: لا يصح ذلك ذكره ابن التين، قال: والفرق بينهما أن الله تعالى قال ذلك لإبليس محتجًّا عليه مفضلًا لآدم بهذا التخصيص مبطلا لقوله: ﴿أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ﴾، فلو حمل على معنى الذات سقطت الفائدة وبطل معنى الاحتجاج منه تعالى على إبليس فيه.


وقال ابن بطال: استدلاله بقوله تعالى: ﴿لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ﴾ وسائر أحاديث الباب على إثبات يدين لله تعالى هما صفتان من صفات ذاته ليستا بجارحتين بخلاف قول المجسمة المثبتة أنهما جارحتان، وخلاف قول القدرية النفاة لصفات ذاته ثم إذا لم يجز أن يقال: إنهما جارحتان لم يجز أن يقال: إنهما قدرتان ولا أنهما نعمتان؛ لأنهما لو كانتا قدرتين لفسد ذلك من وجهين: أحدهما: أن الأمة أجمعت من بين ناف لصفات ذاته وبين مثبت لها أن الله تعالى ليس له قدرتان بل واحدة في قول المثبتة ولا قدرة في قول النافية لصفاته؛ لأنهم يعتقدون كونه قادرًا بنفسه لا بقدرته، والآخر: أن الله تعالى قال لإبليس: ﴿مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ﴾ الآية قال إبليس مجيبًا له: ﴿أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ﴾ فأخبر بالعلة التي لأجلها لم يسجد، وأخبره تعالى بالعلة التي لها أوجب السجود وهي خلقه بيده، فلو كانت القدرة: اليد التي خلق آدم بها وبها خلق إبليس لم يكن لاحتجاجه تعالى عليه بأن خلقها بما يوجب عليه السجود معنًى؛ إذ إبليس مشارك لآدم فيما خلقه به تعالى من قدرته، ولم يفخر إبليس بأن يقول له: أي رب فأي فضل له وأنا خلقتني بقدرتك كما خلقته، ولم يعدل إبليس عن هذا الجواب إلى أن يقول: أنا خير منه؛ لأنه خلقه من نار وخلق آدم من طين، فعدول إبليس عن هذا الاحتجاج مع وضوحه دليل على أن آدم خصه الله من خلقه بيده بما لم يخص به إبليس، وقد يسوغ للقدرية القول بأن اليد هنا القدرة، وظاهر الآية مع هذا يقتضي يدين، فينبغي على الظاهر إثبات قدرتين وذلك خلاف الأمة ولا يجوز أن يكون المراد باليدين: نعمتين؛ لاستحالة خلق المخلوق بمخلوق مثله؛ لأن النعم مخلوقة كلها، وإذا استحال كونهما

جارحتين ونعمتين وقدرتين ثبت أنهما يدان صفتان لا كالأيدي، والجوارح المعروفة عندنا اختص آدم بأن خلقه بهما من بين سائر خلقه تكريمًا له وتشريفًا).
- وفي باب قوله تعالى ﴿وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ﴾ حديث (٧٤١٨) وفيه:»كَانَ اللهُ وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ قَبْلَهُ، وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى المَاءِ، وما بعده.
قال: (وغرضه في الباب حديث العرش بدليل قوله تعالى: ﴿وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ﴾، وبدليل قوله في حديث أبي سعيد الآتي: «فإذا موسى آخذ بقائمة من قوائم العرش» فوصفه تعالى بأنه مربوب كسائر المخلوقات، ووصفه -عليه السلام- بأنه ذو أبعاض وأجزاء منها ما تسمى قائمة، والمبعض والمتجزئ لا محالة جسم، والجسم مخلوق؛ لدلائل قيام الحدث به من التأليف خلافًا لما يقوله الفلاسفة أن العرش هو الصانع الخالق).
قال: (فصل: وأما الاستواء فاختلف الناس في معناه: فقالت المعتزلة: إنه بمعنى الاستيلاء والقهر والغلبة، واحتجوا بقول الشاعر:
قد استوى بشر على العراق … من غير سيف ودم مهراق
يعني: قهر وغلب. وقال كثير من أهل اللغة: إن معنى ﴿عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾ استقر؛ لقوله تعالى ﴿فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ عَلَى الْفُلْكِ﴾، وأنكر بعضهم الأول، وقال: لا يقال استولى إلا لمن لم يكن مستوليًا؛ لأنه تعالى لم يزل مستوليًا).
وفيه كلام طويل تضمن كثيرًا من أقوال المتكلمين، فانظره في موضعه.


وقال: (قال ابن فورك في قوله: «سبقت غضبى» معنى الغضب والرحمة في صفاته تعالى يرجع إلى صفة واحدة في رحمة يوصف بها أنها إرادة لتنعيم من علم أنه ينعمه بالجنة، ..).
وقال: (وغرضه في هذا الباب رد شبهة الجهمية المجسمة في تعلقها بظاهر قوله تعالى: ذى المعارج ﴿ذِي الْمَعَارِجِ (٣) تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ﴾، وبقوله: ﴿إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ﴾ وما تضمنته أحاديث الباب، من هذا المعنى، وقد سلف الكلام في الرد عليهم، وهو أن الدلائل الواضحة قد قامت على أن الباري تعالى ليس بجسم ولا محتاجًا إلى مكان يحله ويستقر فيه؛ لأنه تعالى قد كان ولا مكان وهو على ما كان، ثم خلق المكان، فمحال كونه غنيًّا عن المكان قبل خلقه إياه ثم يحتاج إليه بعد خلقه له -هذا مستحيل- ولا حجة لهم في قوله: ﴿ذِي الْمَعَارِجِ﴾ لأنه إنما أضاف المعارج إليه إضافة فعل، وقد كان ولا فعل له موجود، وقد قال ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: ﴿ذِي الْمَعَارِجِ﴾ هو بمعنى: العلو والرفعة.
وكذلك لا شبهة لهم في قوله تعالى: ﴿إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ﴾ لأن صعود الكلم إليه تعالى لا يقتضي كونه في جهة العلو، إذ الباري تعالى لا تحويه جهة، إذ كان موجودًا ولا جهة، وإذا صح ذلك وجب أن يكون تأويل قوله: ﴿ذِي الْمَعَارِجِ﴾ رفعته وإعتلاؤه على خليقته وتنزيهه عن الكون في جهة؛ لأن ذلك ما يوجب كونه جسمًا -تعالى الله عن ذلك- وإنما وصف الكلم بالصعود إليه (فمحال أيضًا وامتناع)؛ لأن الكلم عرض، والعرض لا يفعل؛ لأن من شرط الفاعل كونه حيًّا قادرًا عالمًا مريدًا، فوجب صرف الصعود المضاف إلى الكلم إلى الملائكة الصاعدين به).

https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...b61e7e5bc3.gif




ابوالوليد المسلم 22-12-2025 05:48 PM

رد: التوضيح لشرح الجامع الصحيح أبو حفص عمر بن علي بن أحمد الأنصاري المعروف بـ ابن ال
 
https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...b61e7e5bc2.gif


الكتاب: التوضيح لشرح الجامع الصحيح
المؤلف: سراج الدين أبو حفص عمر بن علي بن أحمد الأنصاري الشافعي

المعروف بـ ابن الملقن (٧٢٣ - ٨٠٤ هـ)
الناشر: دار النوادر، دمشق - سوريا
الطبعة: الأولى، ١٤٢٩ هـ - ٢٠٠٨ م
عدد الأجزاء: ٣٦ (٣٣ والفهارس)

المجلد (1)
من صـــ 226 الى صـــ 250
الحلقة (10)





- وفي باب قَوْلِ الله -عز وجل-: ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (٢٢) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ (٢٣)﴾
شرحه لحديث (٧٤٣٤) وما بعده.
ذكر فيه كلامًا طويلًا غالبه حق موافق للسلف، لكن خلطه بألفاظ المتكلمين.
- وأيضًا في باب كَلَامِ الرَّبِّ -عز وجل- مَعَ جِبْرِيلَ وَنداءِ اللهِ المَلَائِكَةَ. وشرحه لحديث (٧٤٨٥) "إِنَّ اللهَ تبارك وتعالى إِذَا أَحَبَّ عَبْدًا نَادى جِبْرِيلَ .. وما بعده
قال: (هذا الباب كالباب الذي قبله في إثبات كلامه تعالى وإسماعه جبريل والملائكة، فيسمعون عند ذلك الكلام القائم بذاته الذي لا يشبه كلام المخلوقين؛ إذ ليس بحروف ولا تقطيع بفم، وليس من شرطه أن يكون بلسان وشفتين وآلات، وحقيقته أن يكون مسموعًا مفهومًا، ولا يليق بالباري تعالى أن يستعين في كلامه بالجوارح والأدوات، فمن قال: لم أشاهد كلامًا إلا بأدوات لزمه التشبيه؛ إذ حكم على الله بحكم المخلوقين، وخالف قوله -عز وجل-: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾.)
وانظر أيضًا شرحه لحديث (٧٥٠٩) وما بعده. وحديث (٧٥١٥) وما بعده حتى آخر الكتاب، قرر فيه بعض عقائد السلف مع خلطه ببعض أقوال المتكلمين.

* صوفيته
الذي يرى بعض كتب ابن الملقن مثل كتاب «طبقات الأوليا» و«حدائق الأولياء» يظن للوهلة الأولى أنه صوفي قح، فهو من الذين لبسوا خرقة التصوف وألبسوها بالإسناد، وهو يذكر في آخر كتابه «طبقات الأولياء» سلاسل خرقه بأسانيد كأسانيد الحديث، فمرة ينتهي السند إلى أويس القرني، عن عمر وعلي، عن رسول الله - ﷺ -، ومرة إلى عائشة رضي الله عنها موقوفًا! وثالثة إلى علقمة عن ابن مسعود عن رسول الله - ﷺ -!
ولا ريب في وهاء هذِه الأسانيد وبطلانها. قال السخاوي (١): حديث لبس الخرقة الصوفية وكون الحسن البصري لبسها من علي. قال ابن دحية وابن الصلاح: إنه باطل. وكذا قال شيخنا -أي ابن حجر-: إنه ليس في شيء من طرقها ما يثبت، ولم يرد في خبر صحيح ولا حسن ولا ضعيف أن النبي - ﷺ - ألبس الخرقة على الصورة المتعارفة بين الصوفية لأحد من أصحابه، ولا أمر أحدًا من أصحابه بفعل ذلك، وكل ما يروى في ذلك صريحًا فباطل .. إلخ.
وكان ابن الملقن -رحمه الله- من المؤمنين بوجود الخضر -عليه السلام- ويذكر في «طبقات الأولياء» (ص ٥٥٩) قصتين في اجتماعه بالخضر، (والذي رجح في قصته في «التوضيح» حياته) وكل هذا من آثار تصوفه، وفي كتابه المشار إليه من هذا القبيل عجائب وغرائب. رحمه الله وإيانا والمسلمين.

------------------------------------
(١) «المقاصد الحسنة» (ص ٣٣١).


ومن ذلك ما حكاه أيضًا في ترجمة «أحمد بن أبي الحواري»، من أنه كان بينه وبين أبي سليمان الداراني عهد ألا يخالفه في شيء يأمره به، فجاء يومًا والداراني في مجلسه، فقال له: إن التنور قد سجر، فبم تأمر؟ فلم يجبه ثلاث مرات، فلما ألح عليه، قال له: اذهب فاقعد فيه! ثم تغافل، واشتغل عنه ساعة، ثم ذكره، فقال: اطلبوا أحمد فإنِّه في التنور. فذهبوا إليه، فإذا هو في التنور، لم تحترق منه شعرة.
وعلى الرغم مما سبق فإنه باستقراء المواضع التي تكلم فيها عن الصوفية في كتاب التوضيح نجد أشياء مخالفة للقطع بصوفيته:
* أولا إخبار عام عن التصوف دون التعرض لهم بنقد أو إقرار:
قال في المقدمة: في فصل في بيان رجال «صحيح البخاري» منه إلينا:
(فائدة: السجزي -بكسر السين- نسبة إلى سجزة، وقال السمعاني: سجستان، قَالَ ابن ماكولا وغيره: هي نسبة إلى غير القياس. والهروي نسبة إلى هراة، مدينة مشهورة بخراسان، خرج منها خلائق من الأئمة. والصوفي نسبة إلى الصوفية، وهم الزهاد العباد، وسموا بذلك للبسهم الصوف غالبًا، وحكى السمعاني قولًا: أنهم نسبوا إلى بني صوفة جماعة من العرب كانوا يتزهدون، وأما من قَالَ: إنه مشتق من الصفاء أو صفة مسجد رسول الله - ﷺ - أو الصف ففاسد من حيث العربية. ومن أحسن حدود التصوف: أنه استعمال كل خلق سَنِيٍّ، وترك كل خلق دني.)
وفي باب الصَّلَاةِ بَعْدَ الفَجْرِ حَتَّى تَرْتَفِعَ الشَّمْسُ. الأحاديث (٥٨١ - ٥٨٤) عَنِ ابن عَبَّاسِ قَالَ شَهِدَ عِنْدِي رِجَالٌ مَرْضِيُّونَ، وَأَرْضَاهُمْ عِنْدِي عُمَرُ: أَنَّ النَّبِيَّ - ﷺ - نَهَى عَنِ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصُّبْحِ حَتَّى تَشْرُقَ الشَّمْسُ،


وَبَعْدَ العَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ.
وعن ابن عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - ﷺ - «لَا تَحَرَّوْا بِصَلَاتكُمْ طُلُوعَ الشَّمْسِ وَلَا غُرُوبَهَا».
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ - ﷺ - نَهَى عَنْ بَيْعَتَيْنِ، وَعَنْ لِبْسَتَيْنِ، وَعَنْ صَلَاتَيْنِ: نَهَى عَنِ الصَّلَاةِ بَعْدَ الفَجْرِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، وَبَعْدَ العَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشمْسُ«..
قال: (ثانيهما: لا يقدح في الإجماع السالف عَلَى كراهة صلاة لا سبب لها في هذِه الأوقات بما رُوِي عن داود السالف؛ لأن خلافه لا يقدح في الإجماع، وكذا لا يقدح في جواز الفرائض المؤدَّاة فيها ما حكاه ابن العربي من المنع، وما نقله ابن حزم عن أبي بكرة وكعب بن عجرة أنهما نهيا عن الفرائض أيضًا. وحكي عن قوم أنهم لم يروا الصلاة أصلًا في هذِه الأوقات كلها. وأبدى الشيخ شهاب الدين السهروردي حكمة الكراهة بعد الصبح والعصر أنها لأجل راحة العمال من الأعمال، وهو معنى صوفي.)
وقال في شرحه لحديث: (٨٤٣) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: جَاءَ الفُقَرَاءُ إِلَى النَّبِيِّ - ﷺ - فَقَالُوا: ذَهَبَ أَهْلُ الدُّثُورِ مِنَ الأَمْوَالِ بِالدَّرَجَاتِ العُلَا وَالنَّعِيمِ المُقِيمِ، يُصَلُّونَ كَمَا نُصَلِّي، .. الحديث.
قال: (الثاني: فيه تفضيل الغني الشاكر على الفقير الصابر، وهو أصح المذاهب الخمسة فيه، وإن كان جمهور الصوفية عَلَى ترجيح الفقير الصابر؛ لسبقه قبل الأغنياء بخمسمائة عام، وهم مسؤولون.)
وفي شرحه لحديث (٧١٦٣)» .. فَمَا جَاءَكَ مِنْ هذا المَالِ- وَأَنْتَ


غير مُشْرِفٍ وَلَا سَائِلٍ - فَخُذْهُ، وَإِلَّا فَلَا تتبِعْهُ نَفْسَكَ»
قال: (فصل: ذهب بعض الصوفية: أن المال إذا جاء من غير إشراف نفس ولا سؤال لا يرد، فإن رد عوقب بالحرمان، ويحكى عن أحمد أيضًا وأهل الظاهر.)
* ثانيا: كلام يوحي بإقراره ببعض معتقداتهم وأفكارهم:
وقال في شرحه لحديث (٤) عن جابر مرفوعًا: "بَيْنَا أَنَا أَمْشِي إِذْ سَمِعْتُ صَوْتًا مِنَ السَّمَاءِ، فَرَفَعْتُ بَصَرِي فَإِذَا المَلَكُ الذِي جَاءَنِي بِحِرَاءٍ جَالِسٌ عَلَى كُرْسِيٍّ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ، فَرُعِبْتُ مِنْهُ .. الحديث
قال: (الثانية بعد العشرين: فيه دلالة لما تقوله الصوفية أن التحلي لا يكون إلا بعد التخلي فتخلى أولًا بالجهد ثمَّ تحلى بإلقاء الوحي إليه).
وانظر تعليقنا على ذلك في موضعه.
وفي شرحه أيضًا للحديث السابق:
(السادسة بعد الأربعين: فيه دلالة للصوفية في قولهم استصحاب العمل وترك الالتفات ودوام الإقبال؛ لأن النظر إلى كثرة العمل تورث الكسل، فكيف به إِذَا كان النظر لغير العمل؟ ومنه قولهم للوقت: سيف. المراد: اقطع الوقت بالعمل؛ لئلا يقطعك بالتسويف.)
* ثالثا: ذكر مذهبهم في المسألة بطريقة توحي بعدم إقراره لهم:
قال في شرحه لحديث (١٢٩٩، ١٣٠٠) باب مَنْ جَلَسَ عِنْدَ المُصِيبَةِ يُعْرَفُ فِيهِ الحُزْنُ. عن عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: لَمَّا جَاءَ النَّبِيَّ - ﷺ - قَتْلُ ابن حَارِثَةَ وَجَعْفَرٍ وَابْنِ رَوَاحَةَ جَلَسَ يُعْرَفُ فِيهِ الحُزْنُ، .. الحديث.
وعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: قَنَتَ رَسُولُ اللهِ - ﷺ - شَهْرًا حِينَ قُتِلَ القُراءُ، فَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ - ﷺ - حَزِنَ حُزْنًا قَطُّ أَشَدَّ مِنْهُ.


قال: (قَالَ الطبري: إن قَالَ قائل: إن أحوال الناس في الصبر متفاوتة، فمنهم من يظهر حزنه على المصيبة في وجهه بالتغير له، وفي عينيه بانحدار الدموع. ولا ينطق بالسيئ من القول، ومنهم من يظهر ذلك في وجهه وينطق بالهجر المنهي عنه، ومنهم من يجمع ذلك كله ويزيد عليه إظهاره في مطعمه وملبسه، ومنهم من يكون حاله في حال المصيبة وقبلها سواء. فأيهم المستحق اسم الصبر؟
قيل: قد اختلف السلف في ذلك فقال بعضهم: المستحق لاسم الصبر هو الذي يكون في حالها مثله قبلها، ولا يظهر عليه حزن في جارحة ولا لسان. قَالَ غيره -كما زعمت الصوفية-: أن الولي لا تتم له ولاية إلا إذا تم له الرضا بالقدر، ولا يحزن على شيء، والناس في هذا الحال مختلفون، فمنهم من في طبعه الجلد وقلة المبالاة بالمصائب، ومنهم من هو بخلاف ذلك، فالذي يكون في طبعه الجزع ويملك نفسه ويستشعر الصبر أعظم أجرًا من الذي الجلد طباعه).
* رابعا: ذكره التصوف بالنقد:
قال في شرحه لحديث (١٨٨٨) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ - ﷺ - قَالَ: «مَا بَيْنَ بَيْتي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الجَنَّةِ، وَمِنْبَرِي عَلَى حَوْضِي».
وحديث (١٨٨٩) عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللهِ - ﷺ - المَدِينَةَ وُعِكَ أَبُو بَكْرٍ وَبِلَالٌ، .. الحديث.
قال: (الثالث: حديث عائشة ووعك أبي بكر وبلال وإنشادهما في ذلك، فإن الله تعالى لما ابتلى نبيه بالهجرة وفراق الوطن ابتلى أصحابه بما يكرهون من الأمراض التي تؤلمهم، فتكلم كل إنسان حسب علمه


ويقينه بعواقب الأمور فتعزى الصديق عند أخذ الحمى له بما ينزل به من الموت في صباحه ومسائه، ورأى أن ذلك شامل للخلق، فلذلك قال: كل امرئ مصبح في أهله. يعني: تصبحه الآفات وتمسيه وأما بلال فإنه تمنى الرجوع إلى مكة وطنه الذي اعتاده ودامت فيه صحته، فبان فضل الصديق وعلمه بسرعة فناء الدنيا حتى مثل الموت بشراك نعله، فلما رأى -عليه السلام- وما نزل بأصحابه من الحمى والوباء خشي منهم كراهية البلد؛ لما في النفوس من استثقال ما تكرهه، فدعا ربه تعالى في رفع الوباء عنهم، وأن يحبب إليهم المدينة كحبهم مكة أو أشد، فدل ذلك أن أسباب التحبيب والتكرمة بيد الله تعالى وهبة منه يهبها لمن يشاء، وفي هذا حجة واضحة على من كذب بالقدر إذ الذي ملك النفوس فيحبب إليها ما أحب ويكره إليها ما أكره هو الرب ﷻ، فأجاب الله دعوة نبيه، فأحبوها حبا دام في نفوسهم حتى ماتوا عليه، وفيه رد على الصوفية إذ قالوا: إن الولي لا تتم ولايته إلا إذا تم له الرضى بجميع ما نزل به، ولا يدعو الله في كشف ذلك عنه، فإن دعا فليس في الولاية كاملًا. وقد أزروا في قولهم هذا بنبيه وأصحابه، وقد كان - ﷺ - إذا نزل به شيء يكثر عليه الرقى والدعاء في كشفه).
وقال في شرحه لحديث (٢٢١٦): (وفيه: رأفته بالحاضرين، وتفقد الغائبين، وهو رد على جهلة الصوفية حيث يقولون: من غاب غاب نصيبه.)
قال في باب حَمْلِ الزَّادِ فِي الغَزْوِ. وَقَوْلِ الله تَعَالَى: ﴿وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى﴾. عند شرحه للأحاديث: (٢٩٧٩ إلى ٢٩٨٢) وهي: حديث عَنْ أَسْمَاءَ رضي الله عنها قَالَتْ: صَنَعْتُ سُفْرَةَ رَسُولِ اللهِ - ﷺ - فِي بَيْتِ أَبِي بَكْرِ حِينَ أَرَادَ أَنْ يُهَاجِرَ إِلَى المَدِينَةِ، .. الحديث.


وحديث جَابِر بن عبد الله رضي الله عنهما قَالَ: كُنَّا نَتَزَوَّدُ لُحُومَ الأَضَاحِيِّ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ - ﷺ - إِلَى المَدِينَةِ.
وحديث سُوَيْدَ بْنَ النُّعْمَانِ رضي الله عنه أَنَّهُ خَرَجَ مَعَ النَّبِيِّ - ﷺ - عَامَ خَيْبَرَ، .. الحديث.
قال: (الشرح: ما ذكره ظاهر في أخذ الزاد وتحمل ثقله في الأسفار البعيدة اقتداء بخير البرية وأكرمها على ربه وعباده، وشفيع الأمم كلها يوم القيامة، والآية نزلت عند جماعة من المفسرين في ناس من أهل اليمن كانوا يخرجون إلى مكة بغير زاد، وقد سلف ذَلِكَ في الحج، وهو رافع لما يدعيه أهل البطالة من الصوفية والمخرقة على الناس باسم التوكل الذي المترودون أولى به منهم، ولما أملقوا جمع بقايا أزوادهم وجعلهم فيه سواء، ليس من كان له بقية منها بأولى بمن لم يكن له شيء، ففيه أنه إذا أصاب الناس مخمصة ومجاعة يأمر الإمام الناس بالمواساة، ويجبرهم عليه على وجه النظر لهم بثمن وغيره، وقد استدل به بعض الفقهاء على أنه يجوز للإمام عند قلة الطعام أن يأمر من عنده طعام يفضل عن قوته أنه يخرجه للبيع ويجبره عليه؛ لما فيه من صلاح الناس، ولم يره مالك وقال: لا إجبار فيه. وفيه أيضًا أن للإمام أن يحبس الناس في الغزو ويصبرهم على الجوع وعلى غير زاد، ويعللهم بما أمكن حَتَّى يتم قصده.)
وفي أول كِتَاب الخُمُسِ حديث (٣٠٩١) حديث علي قَالَ: كَانَتْ لِي شَارِفٌ مِنْ نَصِيبِي مِنَ المَغنَم يَوْمَ بَدْرٍ، وَكَانَ النَّبِيُّ - ﷺ - أعْطَانِي شَارِفًا مِنَ الخُمُسِ، فَلَمَّا أَرَدْتُ أَنْ أَبْتَنِىَ بِفَاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِ الله - ﷺ - وَاعَدْتُ رَجُلًا صَوَّاغًا مِنْ بَنِي قَيْنُقَاعَ أنْ يَرْتَحِلَ مَعِيَ فَنَأتِيَ بِإذْخِرٍ


أرَدْتُ أَنْ أَبِيعَهُ الصَّوَّاغِينَ، وَأَسْتَعِينَ بِهِ فِي وَلِيمَةِ عُرْسِي، فَبَيْنَا أَنَا أجْمَعُ لِشَارِفَيَّ مَتَاعًا مِنَ الأقْتَابِ وَالْغَرَائِرِ وَالْحِبَالِ، وَشَارِفَايَ مُنَاخَانِ إِلَى .. الحديث بطوله مع باقي أَحاديث الباب.
قال: (وفيه: جواز ادخار الرجل لنفسه وأهله قوت سنة، وأن ذَلِكَ كان فعله - ﷺ - حين فتح الله عليه بني النضير وفدك وغيرهما. وهو خلاف قول جهلة الصوفية المنكرين للادخار الزاعمين أن من ادخر لغد فقد أساء الظن بربه، ولم يتوكل عليه حق توكله.)
وفي شرحه لحديث (٢٧٩٠) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله - ﷺ - «مَنْ آمنَ باللهِ وَبِرَسُولِهِ وَأقَامَ الصَّلَاةَ .. الحديث.
قال: (وقوله:»من آمن بالله ورسوله .. " إلى آخره؛ فيه تأنيس لمن حرم الجهاد في سبيل الله، فإن له من الإيمان بالله تعالى والتزام الفرائض ما يوصله إلى الجنة؛ لأنها هي غاية الطالبين ومن أجلها تبذل النفوس في الجهاد؛ خلافًا لما يقوله بعض جهلة الصوفية.)
وفي باب حَبْسِ الرَّجُلِ قُوتَ سَنَةٍ عَلَى أَهْلِهِ، وَكَيْفَ نَفَقَاتُ العِيَالِ؟ في معرض شرحه لحديث (٥٣٥٧) وما بعده، عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ - ﷺ - كَانَ يَبِيعُ نَخْلَ بَنِي النَّضِيرِ، وَيَحْبِسُ لأهْلِهِ قُوتَ سَنَتِهِمْ
وحديث عن عمر رضي الله عنه مطولًا. وفيه: ينفق على أهله نفقة سنتهم من هذا المال.
قال: (وفيه دليل كما ترجم له: ادخار القوت للأهل والعيال، وأنه ليس بحكرة، وأن ما ضمه الإنسان من أرضه أو جدَّه من نخله وثمره وحبسه لقوته لا يسمى حكرة، ولا خلاف في هذا بين الفقهاء، كما قاله المهلب.


قال الطبري: وفيه رد على الصوفية في قولهم: إنه ليس لأحد ادخار شيء في يومه لغده وأن فاعل ذَلِكَ قد أساء الظن بربه، ولم يتوكل عليه حق توكله. ولا خفاء بفساد هذا القول؛ لثبوت الخبر عن الشارع أنه كان يدخر لأهله قوت السنة. وفيه أكبر الأسوة لأمر الله تعالى عباده اتباع سنته، فهو الحجة على جميع خلقه، وقد سلف ذَلِكَ في الخمس واضحًا.)
وقال في شرحه لحديث (٥٣٧٩) عن أَنَسَ: إِنَّ خَيَّاطًا دَعَا رَسُولَ اللهِ - ﷺ - لِطَعَامٍ صَنَعَهُ- قَالَ أَنَسٌ:- فَذَهَبْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ - ﷺ - فَرَأَيْتُهُ يتتبع الدُّبَّاءَ مِنْ حَوَالَي القَصْعَةِ- قَالَ:- فَلَمْ أَزَلْ أحب الدُّبَّاءَ مِنْ يَوْمَئِذٍ
قال: (فصل: وَيجوز أن يجمع على مائدته بين لونين وإدامين، لا كما يزعمه بعض الصوفية، ويذكرون فيه حديثًا غير صحيح، والصواب ما ذكرناه)
وفي باب مَا كَانَ السلَفُ يَدَّخِرُونَ فِي بُيُويهِمْ وَأَسْفَارِهِمْ مِنَ الطعَامِ وَاللَّحْمِ وَكَيْرِهِ.
حديث (٥٤٢٣) عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَابِسٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قُلْتُ لِعَائِشَةَ: أَنَهَى النَّبِيُّ - ﷺ - أنْ تُؤْكَلَ لُحُومُ الأَضَاحِيِّ فَوْقَ ثَلَاثٍ؟ قَالَتْ: مَا فَعَلَهُ إِلَّا فِي عَامٍ جَاعَ النَّاسُ فِيهِ، فَأَرَادَ أَنْ يُطْعِمَ الغَنِيُّ الفَقِيرَ، .. الحديث.
وحديث (٥٤٢٤) جَابِر قَالَ: كُنَّا نتَزَوَّدُ لُحُومَ الهَدْيِ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ - ﷺ - إِلَى المَدِينَةِ.
قال: (وهذا الباب رد على الصوفية في قولهم: إنه لا يجوز ادخار طعام لغدٍ، وأن المؤمن الكامل الإيمان لا يستحق اسم الولاية لله؛ حَتَّى


يتصدق بما يفضل عن شبعه. ولا يترك طعامًا لغد، ولا يصبح عنده شيء من عين ولا عرض، يسمي لذلك، ومن خالف ذَلِكَ فقد اساء الظن بربه ولم يتوكل عليه حق توكله. وهذِه الآثار ثابتة بادخار الصحابة، وتزود الشارع وأصحابه في أسفارهم، وهي المقنع والحجة الكافية في رد قولهم. وقد سلف في كتاب الخمس في حديث مالك بن أوس بن الحدثان قول عمر رضي الله عنه لعلي والعباس حين جاءا يطلبان ما أفاء الله على رسوله من بني النضير إلى قول عمر رضي الله عنه، فكان -عليه السلام- ينفق على أهله نفقة سنتهم من هذا المال. وقد صح بهذا ادخاره لأهله فوق سنتهم.)
وفي باب مَنْ دَعَا بِرَفْعِ الوَبَاءِ وَالْحُمَّى. حديث (٥٦٧٧) عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّهَا قَالَتْ: لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ الله - ﷺ - وُعِكَ أَبُو بَكْرٍ وَبِلَال، قَالَتْ: فَدَخَلْتُ عَلَيْهِمَا فَقُلْتُ: يَا أَبَتِ كَيْفَ تَجِدُكَ؟ وَيَا بِلَالُ كَيْفَ تَجِدُكَ؟ قَالَتْ: وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ إِذَا أَخَذَتْهُ الحُمَّى يَقُولُ:
كُلُّ امْرِئٍ مُصَبَّحٌ فِي أَهْلِهِ … وَالْمَوْتُ أَدْنَى مِنْ شِرَاكِ نَعْلِهِ
.. الحديث.
قال: (وفيه من الفقه: جواز الدعاء إلى الله في رفع الوباء والحمى والرغبة إليه في الصحة والعافية.
وهذا رد على الصوفية في قولهم: إن الولي لا تتم له الولاية إلاَّ إذا رضي بجميع ما نزل به من البلاء، ولا يدعُ الله في كشفه، وهو من العجائب، وقد سلف زيفه.
وفي أول كِتَاب الطِّبِّ حديث (٥٦٧٨) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ - ﷺ - قَالَ: «مَا أَنْزَلَ اللهُ دَاءً إِلَّا أَنْزَلَ لَهُ شِفَاءً».


قال: (فصل: فيه: إباحة التداوي وجواز الطب، وهو رد على الصوفية أن الولاية لا تتم إلا إذا رضي بجميع ما نزل به من البلاء ولا يجوز له مداواته. وقد أباح الشارع التداوي وقال للرجلين: «أيكما أطب؟» فقالا: أو في الطب خير يا رسول الله؟ فقال: «أَنْزل الداء الذي أنزل الأدواء» أخرجه مالك في «الموطأ» عن زيد بن أسلم.
وروى الأولى منه عاصم بن عمر، عن سهيل، عن أبي هريرة مرفوعًا، والباقي بأسانيد صحيحة، فلا معنى لقول من أنكر ذلك، وفيه الإعلام أن تلك الأدوية تشفي بإذن الله، وأن البرء ليس في وسعه أن يُعَجِّلَه قبل نزول وقته.)
وفي الطب أيضًا: باب الحَلْقِ مِنَ الأَذى. حديث (٥٧٠٣) عَنْ كَعْبٍ قَالَ: أَتَى عَلَيَّ النَّبِيُّ - ﷺ - زَمَنَ الحُدَيْبِيَةِ وَأَنَا أُوقِدُ تَحْتَ بُرْمَةٍ، وَالْقَمْلُ يَتَنَاثَرُ عَنْ رَأْسِي، فَقَالَ: «أَيُؤْذِيكَ هَوَامُّكَ؟». قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: «فَاحْلِقْ وَصُمْ ثَلَاثَةَ أيامٍ، أَوْ أَطْعِمْ سِتَّةً، أَوِ انْسُكْ نَسِيكَةً».
قال: (وفيه: أن كل ما يتأذى به المؤمن وإن صغر أذاه فمباح له إزالته وإماطته عنه؛ لأن تناثر القمل على كعب كان من شعث الإحرام، وذلك لا محالة أهون من علة لو كانت بجسده، فكما أمره - ﷺ - بإماطة أذى القمل عنه كان مداواة أسقام الجسد أولى بإماطتها بالدواء، بخلاف قول الصوفية الذين لا يرون بالمداواة.)
وفي باب مَنِ اَكْتَوى أَوْ كَوى غَيْرَهُ، وَفَضْلِ مَنْ لَمْ يَكْتَوِ. حديث (٥٧٠٤) عن جابر عَنِ النَّبِيِّ - ﷺ - قَالَ: «إِنْ كَانَ فِي شَيْءٍ مِنْ أَدْوِيتِكُمْ شِفَاءٌ فَفِي شَرْطَةِ مِحْجَمٍ، أَوْ لَذْعَةٍ بِنَارٍ، وَمَا أُحِبُّ أَنْ أَكتَوِيَ».
و(٥٧٠٥) عن ابن عَبَّاسِ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - ﷺ -: "عُرِضَتْ عَلَيَّ


الأُمَمُ، .. الحديث وفيه: وَيَدْخُلُ الجَنَّةَ مِنْ هؤلاء سَبْعُونَ أَلْفًا بِغَيْرِ حِسَابٍ». إلى أن قال: «هُمُ الذِينَ لَا يَسْتَرْقُونَ، وَلَا يَتَطَيَّرُونَ، وَلَا يَكْتَوُونَ، وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ». إلخ.
قال في الشرح: (وقال أبو الحسن القابسي: معنى «لا يسترقون» يريد به الذي كانوا يسترقون به في الجاهلية مما ليس في كتاب الله، وهو ضرب من السحر، فأما الاسترقاء بكتاب الله فقد فعله - ﷺ - وأمر به، وليس بمخرج عن التوكل؛ لأن الثقة بالله، والاعتماد في الأمور عليه، وتفويض كل ذلك بعد استفراغ الوسع في السعي فيما بالعبد الحاجة إليه في أمر دينه ودنياه، على ما أمر به لا كما قاله بعض الصوفية أن التوكل حده الاستسلام للسباع وترك الاحتراز من الأعداء ورفض السعي للمعايش والمكاسب والإعراض عن علاج العلل تمسكا بقوله: «ولا يكتوون ..» الحديث. ومعناه: معتقدين أن الشفاء والبرء في الكي وغيره دون إذن الله بالشفاء، وأما من اكتوى معتقدا إذا شفي أن الله هو الذي شفاه فهو المتوكل على ربه.)
وفي حديث (٥٨٠٧) عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: هَاجَرَ إِلَى الحَبَشَةِ نَاسٌ مِنَ المُسْلِمِينَ، وَتَجَهَّزَ أَبُو بَكْرٍ مُهَاجِرًا، فَقَالَ النَّبِيُّ - ﷺ -: «عَلَى رِسْلِكَ، فَإِنِّي أَرْجُو أَنْ يُؤْذَنَ لِي». وفيه حديث الهجرة والغار وقصة أسماء، بطوله.
قال: (وفيه: اتخاذ الفضلاء الزاد في أسفارهم وردُّ قول من أنكر ذلك من الصوفية، وزعم أن من صح توكله ينزل عليه طعام من السماء إذا احتاج. ولا أجد أصح توكلًا من الشارع والصديق.)


* والخلاصة في موقف ابن الملقن من التصوف:
يمكننا أن نبرر اختلاف نظرة ابن الملقن للتصوف والصوفية إلى أحد أمرين أو كليهما معا:
- إما أنها كانت مرحلة زمنية كان الغالب عليه موافقة الصوفية ومشاركته لهم، ثم تلا ذلك مرحلة التحقيق العلمي، والنظر إلى أفعالهم نظرة نقدية فيها القبول والرد بحسب ما يجد من دليل، ومما يقوي ذلك أنه كثيرًا ما يحيل في مؤلفاته على أخرى، ولم أقف في شرحه هذا على إحالته لكتاب «طبقات الأولياء» أو «حدائق الأولياء».
ولو كان للتصوف مكانة عنده لاعتز بالإحالة إليهما في شرحه هذا.
- أو أنها مسألة تساهل تجاه التصوف كما هو حال غالب العلماء في هذِه العصور، فهم في الغالب يقرون بالتصوف كتوجه مشروع ولكن لا يقرون كل أعمالهم، ولهم مآخذ على كثير من المتصوفة. وهذا أيضًا قريب من موقفهم من مسألة التأويل، فهم يقرون كثيرًا من كلام الأشاعرة ويتساهلون، ولكن في مواضع ليست بالقليلة يردون عليهم بكلام السلف وعقيدة أهل السنة والجماعة، ولكن دون إظهار كبير فارق بين الفريقين.


* شيوخه:
يقول د/ عبد الله بن سعاف اللحياني (١): قيض الله -عز وجل- للإمام ابن الملقن صفوة ممتازة من كبار علماء عصره؛ فتتلمذ عليهم وأخذ العلم عنهم، وكان لهم أكبر الأثر في نبوغه وتفوقه؛ فقد كان أكثر مشايخه رأسًا في علم من العلوم أو أكثر؛ فأبو حيان وابن هشام شيخا العربية في وقته؛ والإمام السبكي تقي الدين وابن جماعة من أعيان الفقهاء الشافعيين، وابن سيد الناس محدث عصره وغيرهم، وسأذكر من وقفت عليه من مشايخه فيما يلي مرتبين على حروف المعجم:
١ - إبراهيم بن إسحاق بن إبراهيم شرف الدين المناوي (ت ٧٥٧ هـ) (٢). قرأ عليه في الأصول.
٢ - إبراهيم بن علي الزرزاري (ت ٧٤١ هـ) (٣).
٣ - أحمد بن إبراهيم بن يونس الدمشقي (٤). أجاز له ولولده علي سنة (٧٧٨) ولم يذكر الحافظ ابن حجر سنة وفاته.
٤ - أحمد بن سالم بن ياقوت المكي المؤذن (ت ٧٧٨ هـ) (٥). أجاز له ولولده علي سنة (٧٧١ هـ).
٥ - أحمد بن علي بن أيوب المشتولي (ت ٧٤٤) (٦).

--------------------------------------
(١) مقدمة تحفة المحتاج.
(٢) «الدرر الكامنة» (١/ ١٧).
(٣) «مقدمة طبقات الأولياء» (ص ٣٤).
(٤) «الدرر الكامنة» (١/ ٩٧).
(٥) «الدرر الكامنة» (١/ ١٣٤).
(٦) «مقدمة طبقات الأولياء» ص ٣٤.



٦ - أحمد بن عمر بن أحمد النشائي كمال الدين أبو العباس الفقيه الشافعي الخطيب (ت ٧٥٧ هـ). أخذ عنه الفقه. ذكر له الحافظ ابن حجر عدة مؤلفات، وقال عنه الأسنوي: كان حافظًا للمذهب (١).
٧ - أحمد بن كُشْتُغْدي -بضم الكاف والتاء وسكون الشين المعجمة بينهما وسكون الغين المعجمة- ابن عبد الله المعزي الصيرفي (ت ٧٤٤) (٢).
٨ - أحمد بن محمد بن عمر، شهاب الدين العقيلي الحلبي الحنفي (ت ٧٦٥) (٣).
٩ - أحمد بن محمد بن محمد بن قطب الدين محمد القسطلاني شهاب الدين (ت ٧٧٦ هـ) (٤) أجاز له ولولده.
١٠ - أحمد بن يحيى بن إسحاق الشيباني الدمشقي شهاب الدين ابن قاضي زرع ت ٧٧٢ هـ (٥) أجاز له ولولده.
١١ - برهان الدين الرشيدي (ت ٧٤٩) (٦) أخذ عنه القراءات.
١٢ - الحسن بن سديد الدين (٧).

------------------------------------
(١) «الضوء اللامع» (٦/ ١٠٠)، «الدرر الكامنة» (١/ ٢٢٥).
(٢) «الضوء اللامع» (٦/ ١٠٠) و«مقدمة طبقات الأولياء» (ص ٣٤) و«الدرر الكامنة» (١/ ٢٣٨).
(٣) «مقدمة طبقات الأولياء» (ص ٣٤)، «الدرر الكامنة» (١/ ٢٨٩).
(٤) «الدرر الكامنة» (١/ ٣٠٠).
(٥) «الدرر الكامنة» (١/ ٣٢٨).
(٦) «الضوء اللامع» (٦/ ١٠٠) و«مقدمة طبقات الأولياء» (ص ٣٣) و«طبقات ابن الجزري» (١/ ٢٨).
(٧) «مقدمة طبقات الأولياء» (ص ٣٤)، و«الضوء اللامع» (٦/ ١٠٠).



١٣ - خليل بن كيكلدي العلائي صلاح الدين أبو سعيد الشافعي (ت ٧٦١ هـ) الإمام المشهور صاحب «جامع التحصيل في أحكام المراسيل» وغيره من المصنفات العظيمة. قرأ عليه في بيت المقدس كتابه «جامع التحصيل»، وأثنى عليه العلائي ثناءً بالغًا (١).
١٤ - عبد الرحمن بن أحمد بن عبد الهادي زين الدين الصالحى (ت ٧٨٩ هـ) سمع عليه «صحيح مسلم» وغيره (٢).
١٥ - عبد الرحيم بن الحسن بن علي الإسنوي أبو محمد جمال الدين المصري الشافعي الإمام (ت ٧٧٢ هـ). كان شيخ الشافعية في وقته (٣).
١٦ - وعبد العزيز بن محمد بن إبراهيم عز الدين أبو عمر الكناني المصري المعروف بابن جماعة (ت ٧٦٧)، من أعلام الشافعية في عصره. أخذ عنه الفقه (٤).
١٧ - عبد الكريم بن عبد النور بن منير الحلبي ثم المصري قطب الدين أبو علي ت ٧٣٥ هـ (٥) ذكر له الحافظ بعض التصانيف في الحديث وغيره.
١٨ - عبد الله بن يوسف بن عبد الله جمال الدين أبو محمد النحوي المشهور بابن هشام (ت ٧٦١) الإمام المشهور شيخ العربية صاحب التصانيف الكثيرة النافعة. أخذ عنه العربية (٦).

-----------------------------
(١) «الضوء اللامع» (٦/ ١٠١).
(٢) «الضوء اللامع» (٦/ ١٠٠) و«مقدمة طبقات الأولياء» (ص ٣٣ - ٣٤).
(٣) «الضوء اللامع» (٦/ ١٠٢) و«شذرات الذهب» (٦/ ٢٢٣ - ٢٢٤).
(٤) «الضوء اللامع» (٦/ ١٠٠).
(٥) «الضوء اللامع» (٦/ ١٠٠).
(٦) «الضوء اللامع» (٦/ ١٠٠) و«الدرر الكامنة» (٢/ ٣٠٨ - ٣١٠).



١٩ - عبد الوهاب بن محمد بن عبد الرحمن القروي محيي الدين الإسكندراني (ت ٧٨٨ هـ) (١) سمع منه الحديث.
٢٠ - علي بن أحمد بن قصور -بضم القاف والمهملة مخففًا- علاء الدين الحموي. حدث عنه ابن الملقن (٢).
٢١ - علي بن عبد الكافي بن علي بن تمام السبكي الأنصاري تقي الدين أبو الحسن الشافعي (ت ٧٥٦ هـ)، الإمام المشهور الحافظ المجتهد، صاحب التصانيف الكثيرة المفيدة (٣). أخذ عنه الفقه.
٢٢ - عمر بن حمزة بن يونس العدوي الأربلي ثم الدمشقي ثم الصالحين (ت ٧٨٢ هـ) (٤) أجاز له ولولده.
٢٣ - محمد بن أحمد بن خالد الفارقي المصري بدر الدين (ت ٧٤١ هـ) (٥).
٢٤ - محمد بن عبد الرحمن بن علي الزمردي شمس الدين بن الصائغ النحوي الحنفي (ت ٧٧٦ هـ) (٦). أخذ عنه العربية.
٢٥ - محمد بن غالي بن نجم بن عبد العزيز الدمياطي شمس الدين أبو عبد الله بن الشماع (ت ٧٤١ هـ) (٧).

---------------------------------
(١) «الدرر الكامنة» (٢/ ٤٣٠ - ٤٣١).
(٢) «الدرر الكامنة» (٣/ ١٩ - ٢٠) ولم يذكر الحافظ سنة وفاته.
(٣) «الضوء اللامع» (٦/ ١٠٠)، «الدرر الكامنة» (٦٣/ ٣ - ٧١).
(٤) «الدرر الكامنة» (٣/ ١٦١).
(٥) «الدرر الكامنة» ٣/ ٣١٥ - ٣١٦.
(٦) «الضوء اللامع» (٦/ ١٠٠) و«الدرر الكامنة» (٣/ ٤٩٩).
(٧) «الضوء اللامع» (٦/ ١٠١) و«الدرر الكامنة» (٤/ ١٣٣).



٢٦ - محمد بن محمد بن إبراهيم الميدومي صدر الدين أبو الفتح (ت ٨٥٤ هـ (١).
٢٧ - محمد بن محمد بن محمد بن أحمد أبو الفتح اليعمري الشهير بابن سيد الناس، الحافظ العلامة الأديب المشهور (ت ٧٣٤ هـ) (٢).
٢٨ - محمد بن محمد بن نمير سراج الدين الكاتب (ت ٧٤٧ هـ). كتب عليه الخط المنسوب (٣).
٢٩ - محمد بن يوسف بن علي الغرناطي، أثير الدين أبو حيان الأندلسي (ت ٧٤٥ هـ) الإمام النحوي الكبير صاحب «البحر المحيط» أخذ عنه العربية (٤).
٣٠ - مغلطاي بن قليج بن عبد الله الحنفي الحافظ علاء الدين، صاحب التصانيف التي تربو على المائة (ت ٧٦٢ هـ) (٥). لازمه وتخرج به.
٣١ - يوسف بن الزكي عبد الرحمن بن يوسف الحلبي الأصل المزي أبو الحجاج جمال الدين، الإمام الكبير والحافظ العلم (ت ٧٤٢ هـ) (٦). أجاز له.
٣٢ - يوسف بن محمد بن نصر المعدني الحنبلي جمال الدين (ت ٧٤٥ هـ) (٧).

----------------------------------------(١) «الضوء اللامع» (٦/ ١٠١) و«الدرر الكامنة» (٤/ ١٥٧).
(٢) «الضوء اللامع» (٦/ ١٠٠) و«الدرر الكامنة» (٤/ ٢٠٨ - ٢١٣).
(٣) «الضوء اللامع» (٦/ ١٠٠) «الوفيات للسلامي» (٢/ ٣٢).
(٤) «الضوء اللامع» (٦/ ١٠٠)، «الدرر الكامنة» (٤/ ٣٠٢).
(٥) «الضوء اللامع» (٦/ ١٠٠)، «طبقات الحفاظ للسيوطي» (ص ٥٣٤).
(٦) «الضوء اللامع» (٦/ ١٠١)، «الدرر الكامنة» (٤/ ٤٥٧).
(٧) «الضوء اللامع» (٦/ ١٠١)، «الدرر الكامنة» (٤/ ٤٧٦).



٣٣ - أبو بكر بن قاسم بن أبي بكر الكناني الرحبي زين الدين (ت ٧٤٩ هـ) (١). قرأ عليه «صحيح البخاري» ولازمه وتخرج به.
٣٤ - الشمس العسقلاني المقرئ (٢). أجاز له.

----------------------------------
(١) «الضوء اللامع» (٦/ ١٠٠)، «الدرر الكامنة» (١/ ٤٥٥).
(٢) «الضوء اللامع» (٦/ ١٠٠).



* تلاميذه:
كانت شهرة ابن الملقن وعظمته سببًا في إقبال الطلبة عليه، وتزاحمهم على دروسه، وكانت دماثة خلقه ورحابة صدره وتواضعه من دواعي حب الناس له ورغبتهم فيما عنده، ولهذا كثر الآخذون عنه من جميع المذاهب والمشارب، وفيما يلي بيان بأسماء تلاميذه مرتبة على حروف المعجم:
١ - إبراهيم بن أحمد بن أحمد الميلق بن محمد الحسيني (ت ٨٦٧ هـ) (١).
٢ - إبراهيم بن أحمد الخجندي المدني الحنفي الأديب برهان الدين (ت ٨٥١ هـ) (٢).
٣ - إبراهيم بن أحمد بن غانم المقدسي، شيخ الخانقاه الصلاحية ببيت المقدس كان حيًّا سنة سبع وتسعين وثمانمائة (٣).
٤ - إبراهيم بن صدقة بن إبراهيم المقدسي الصالحى القاهري الحنبلي (ت ٨٥٢ هـ) (٤).
٥ - إبراهيم بن علي بن أحمد بن أبي بكر البهنسي القاهري الشافعي (ت ٨٤٦ هـ) (٥).
٦ - إبراهيم بن علي البيضاوي المكي الشهير بالزمزمي (ت ٨٦٤ هـ).
أجاز له ابن الملقن (٦).

----------------------------------
(١) «الضوء اللامع» (١/ ٩).
(٢) «الضوء اللامع» (١/ ٢٤).
(٣) «الضوء اللامع» (١/ ٢١).
(٤) «الضوء اللامع» (١/ ٥٥).
(٥) «الضوء اللامع» (١/ ٨١).
(٦) «معجم الشيوخ لابن فهد» (ص ٤٥).



٧ - إبراهيم بن العز محمد بن أحمد الهاشمي النويري المالكي الشافعي (ت ٨١٩ هـ) (١). أجاز له.
٨ - إبراهيم بن محمد بن خليل الطرابلسي الحلبي الشافعي أبو الوفاء المعروف بسبط ابن العجمي، الإمام العلامة حافظ بلاد الشام، صاحب التصانيف الكثيرة المفيدة (ت ٨٤١ هـ) (٢). حضر دروس ابن الملقن بالقاهرة وكتب عنه شرحه للبخاري وهي النسخة التي اعتمدناها أصلًا في معظم الكتاب.
٩ - إبراهيم بن محمد بن علي النحريري الشافعي الرفاعي (ت ٨٦١ هـ) (٣).
١٠ - أحمد بن إبراهيم بن عبد الرحمن الشهاب الأبودري المالكي كان حيًّا سنة (٨٩٢ هـ) (٤).
١١ - أحمد بن إسماعيل بن محمد المقدسي القلقشندي (ت ٨٤٤ هـ) (٥).
١٢ - أحمد بن حسن بن محمد البطائحي المصري الشافعى (ت ٨١٠ هـ) (٦). كان ملازمًا لابن الملقن.
١٣ - أحمد بن حسين بن علي الشهاب أبو البقاء الزبيري (ت ٨٥٤ هـ) (٧).
١٤ - أحمد بن رجب المعروف بابن المجدي القاهري الشافعي (ت ٨٥٠ هـ) (٨). تفقه بابن الملقن.

--------------------------------------
(١) «الضوء اللامع» (١/ ١٢٧).
(٢) «معجم الشيوخ» (ص ٤٩)، و«الضوء اللامع» (١/ ١٣٩).
(٣) «الضوء اللامع» (١/ ١٥٤).
(٤) «الضوء اللامع» (١/ ١٩٥).
(٥) «الضوء اللامع» (١/ ٢٤٣).
(٦) «الضوء اللامع» (١/ ٢٧٨).
(٧) «الضوء اللامع» (١/ ٢٨٩).
(٨) «الضوء اللامع» (١/ ٣٠٠)، و«البدر الطالع» (١/ ٥٧).



١٥ - أحمد بن عبد الرحمن بن عوض الأندلسي القاهري الشافعي (ت ٨٤٢ هـ) (١). لازم ابن الملقن.
١٦ - أحمد بن عبد الرحيم بن الحسين العراقي الولي أبو زرعة الحافظ المشهور ابن الحافظ الكبير (ت ٨٢٦ هـ) (٢).
١٧ - أحمد بن عثمان بن محمد الشهاب الريشي القاهري، ويعرف بالكوم الريشي (ت ٨٥٢ هـ) (٣). عرض العمدة -أي «عمدة الأحكام»- على ابن الملقن.
١٨ - أحمد بن علي المقريزي، تقي الدين -الإمام المؤرخ المشهور (ت ٨٤٥ هـ) (٤).
١٩ - أحمد بن علي الكناني العسقلاني الشهير بابن حجر، الإمام الكبير، خاتمة الحفاظ ت ٨٥٢ هـ.
تفقه على ابن الملقن، وقرأ عليه في الحديث أيضًا. وقد ذكر الحافظ ابن حجر ما قرأه على شيخه في معجمه (٥) فقال: قرأت على الشيخ قطعة كبيرة من شرحه الكبير على المنهاج وأجاز لي.
وقرأت عليه جزءين السادس والسابع من «أمالي المخلص».
ثم قال: وسمعت منه المسلسل بالأولية والجزء الخامس من مشيخة النجيب تخريج أبي العياش ابن الطاهري.

-----------------------------
(١) «الضوء اللامع» (١/ ٣٣٢).
(٢) «الضوء اللامع» (١/ ٣٣٨، ٦/ ١٠٤)، «البدر الطالع» (١/ ٧٣).
(٣) «الضوء اللامع» (٢/ ٢).
(٤) «السلوك» (٣/ ٢/ ٥٠٠، ٤/ ٣/ ١٢٣١).
(٥) «المعجم المؤسس» (٢/ ٨٠ - ٩٠) وانظر «معجم الشيوخ» لابن فهد (ص ٧٢). و«بغية العلماء والرواة» (ص ٧٧).



وكما أفاد الحافظ من دروس شيخه فقد انتفع أيضًا بكتبه الكثيرة، و«فتح الباري» مليء بالنقول عن شيخه.
٢٠ - أحمد بن علي بن أبي بكر الشارمساحي ثم القاهري الشافعي (ت ٨٥٥ هـ) (١).
٢١ - أحمد بن علي بن محمد المحلي المدني شهاب الدين (ت ٨٥٨ هـ) (٢).
٢٢ - أحمد بن عمر بن أحمد الأنصاري المصري الشاذلي الشافعي الواعظ المعروف بالشاب التائب (ت ٨٣٢ هـ) (٣).
٢٣ - أحمد بن عمر بن سالم بن علي الشامي القاهري البولاقي الشافعي.
قال السخاوي: مات بعيد شيخنا -أي ابن حجر- بيسير ظنًّا (٤).
٢٤ - أحمد بن محمد بن إبراهيم الأنصاري الفيشي -بالفاء والمعجمة- ثم القاهري المالكي (ت ٨٤٨ هـ).
عرض عليه ألفية ابن مالك وأجازه (٥).
٢٥ - أحمد بن محمد بن أحمد الأنصاري الخزرجي السعدي العبادي المكي المالكي (ت ٨٤٣ هـ).
أجاز له ابن الملقن (٦).

-----------------------------------
(١) «الضوء اللامع» (٢/ ١٧).
(٢) «معجم الشيوخ» (ص ٧٨).
(٣) «الضوء اللامع» (٢/ ٥٠).
(٤) «الضوء اللامع» (٢/ ٥٣).
(٥) «الضوء اللامع» (٢/ ٦٩).
(٦) «الضوء اللامع» (٢/ ٨٧).



٢٦ - أحمد بن محمد بن أحمد الكناني الزفتاوي المصري الشافعي (ت ٨٦١ هـ) أخذ عنه الفقه (١).
٢٧ - أحمد بن محمد بن إلياس الدينوري الأصل القاهري الشافعي ويعرف بالمزملاتي. قال عنه السخاوي: أحد الصلحاء المعتبرين. ولم يؤرخ وفاته (٢).
٢٨ - أحمد بن محمد بن صدقة الشهاب المصري القادري الشافعي، أحد الصوفية بالصلاحية، والجماعة القادرية، توفي في حدود الستين بعد الثمانمائة (٣).
٢٩ - أحمد بن محمد بن الصلاح محمد بن عثمان الأموي العثماني المصري الشهير بابن المحمرة -بضم الميم وفتح الحاء المهملة وتشديد الميم وفتح الراء- العلامة قاضي القضاة شهاب الدين أبو العباس (ت ٨٤٠ هـ). حضر دروسه ولازمه (٤).
٣٠ - أحمد بن محمد بن أبي العباس الأنصاري الخزرجي السعدي العبادي نسبة إلى سعد بن عبادة الصحابي المشهور (ت ٨٤٣ هـ).
أجاز له ابن الملقن (٥).
٣١ - أحمد بن محمد بن عبد الله الحسني الجرواني ثم القاهري الشافعي (ت ٨٥٠ هـ) تقريبًا (٦).

---------------------------------
(١) «الضوء اللامع» (٢/ ٧٦).
(٢) «الضوء اللامع» (٢/ ٩٩).
(٣) «الضوء اللامع» (٢/ ١١٧ - ١١٨).
(٤) «معجم الشيوخ» (ص ٨٩) و«الضوء اللامع» (١٢/ ١٨٦).
(٥) «معجم الشيوخ» (ص ٨٤ - ٨٥).
(٦) «الضوء اللامع» (٢/ ١٣٦).



https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...b61e7e5bc3.gif


ابوالوليد المسلم 23-12-2025 10:20 PM

رد: التوضيح لشرح الجامع الصحيح أبو حفص عمر بن علي بن أحمد الأنصاري المعروف بـ ابن ال
 
https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...b61e7e5bc2.gif


الكتاب: التوضيح لشرح الجامع الصحيح
المؤلف: سراج الدين أبو حفص عمر بن علي بن أحمد الأنصاري الشافعي

المعروف بـ ابن الملقن (٧٢٣ - ٨٠٤ هـ)
الناشر: دار النوادر، دمشق - سوريا
الطبعة: الأولى، ١٤٢٩ هـ - ٢٠٠٨ م
عدد الأجزاء: ٣٦ (٣٣ والفهارس)

المجلد (1)
من صـــ 251 الى صـــ 275
الحلقة (11)





٣٢ - أحمد بن محمد بن عبد الله بن حسن القرشي المهلبي البهنسي القاهري الشافعي (ت ٨٥٤ هـ). عرض «التنبيه» و«العمدة» عليه (١).
٣٣ - أحمد بن موسى بن عبد الله الشهاب المغربي الصنهاجي الأصل المنوفي ثم القاهري (ت ٨٥٨ هـ) (٢).
٣٤ - أحمد بن نصر الله بن أحمد بن محمد التستري الأصل البغدادي المولد والدار نزيل القاهرة الحنبلي، من كبار أئمة الحنابلة في وقته. قال السخاوي عنه: كان إمامًا فقيهًا مفتيًا علامة متقدمًا في فنون خصوصًا مذهبه فقد أنفرد به وصار عالم أهله بلا مدافعة (٣).
وقال عنه المقريزي (٤): إنه لم يخلف في الحنابلة بعده مثله، لازم ابن الملقن وقرأ عليه كتابه «التلويح في رجال الجامع الصحيح» وما ألحق به من زوائد مسلم، وذلك بعد أن كتب بخطه منه نسخة ووصفه مؤلفه بظاهره بالشيخ الإمام العالم الأوحد القدوة جمال المحدثين صدر المدرسين علم المفيدين .. إلى أن قال: وصار في هذا الفن قدوة يرجع إليه، وإمامًا تحط الرواحل لديه، مع استحضاره للفروع والأصول، والمعقول والمنقول، وصدق اللهجة، والوقوف مع الحجة، وسرعة قراءة الحديث وتجويده، وعذوبة لفظه وتحريره. قال: فاستحق بذلك أخذ هذِه العلوم عنه والرجوع فيها إليه والتقدم على أقرانه والاعتماد عليه. قال: وأذنت له، سدده الله وإياي، في رواية هذا التأليف المبارك وإقرائه،

----------------------------------
(١) «الضوء اللامع» (٢/ ١٣١).
(٢) «الضوء اللامع» (٢/ ٢٢٩).
(٣) «الضوء اللامع» (٢/ ٢٣٣ - ٢٣٥) و«معجم الشيوخ» (ص ٩٧).
(٤) «السلوك» (٤/ ٣/ ١٢٣١).


ورواية شرحي لصحيح البخاري وقد قرأ جملًا منه علي، ورواية جميع مؤلفاتي ومروياتي وأرخ ذلك بجمادى الآخرة سنة تسعين (١).
وقد ذكر السخاوي في «بغية العلماء والرواة» (٢) أن صاحب الترجمة قد قرأ على ابن الملقن «سنن ابن ماجه» أيضًا.
وكانت وفاته سنة (٨٤٤ هـ).
٣٥ - إسماعيل بن عبد الله بن عثمان المجد الشطنوفي القاهري الشافعي (ت ٨٤٦ هـ). عرض «التنبيه» على ابن الملقن (٣).
٣٦ - حسن بن أحمد بن حرمي بن مكي العلقمي القاهري الشافعي (ت ٨٣٣ هـ) (٤).
٣٧ - حسن بن محمد بن أيوب بن محمد بن حصين الحسيني القاهري الشافعي ويعرف بالشريف النسابة (٥).
٣٨ - خلف بن علي بن محمد بن أحمد المغربي الأصل التروجي المولد السكندري الشافعي (ت ٨٤٤ هـ).
سمع على ابن الملقن جميع «الموطأ»، وأجازه (٦).
٣٩ - خليل بن عبد الرحمن بن علي النويري المكي لم يذكر السخاوي وفاته. أجاز له سنة ست وتسعين وسبعمائة (٧).

---------------------------------
(١) «الضوء اللامع» (٢/ ٢٣٥).
(٢) «بغية العلماء» (ص ١١٢).
(٣) «الضوء اللامع» (٢/ ٣٠١).
(٤) «الضوء اللامع» (٣/ ٩٣).
(٥) «الضوء اللامع» (٣/ ١٢١).
(٦) «الضوء اللامع» (٣/ ١٨٤).
(٧) «الضوء اللامع» (٣/ ١٩٧).



٤٠ - رضوان بن محمد بن يوسف بن سلامة الزين أبو النَّعيم-بفتح النون- وأبو الرضا العقبي ثم القاهري الصحراوي الشافعي المقرئ (ت ٨٥٢ هـ) (١).
قال عنه النجم بن فهد: الإمام العلامة المحدث المفيد المقرئ المجود.
وقال السخاوي: شيخنا مفيد القاهرة محدث العصر.
ووصفه الشوكاني بالحافظ الكبير.
٤١ - سليمان بن إبراهيم بن عمر بن علي العدناني التعزي الحنفي، محدث اليمن (ت ٨٢٥ هـ) (٢).
قال السخاوي: برع في الحديث وصار شيخ المحدثين ببلاد اليمن وحافظهم.
أجاز له ابن الملقن.
٤٢ - سليمان بن فرح بن سليمان علم الدين أبو الربيع بن نجم الدين أبي المنجا الحجيني الحنبلي (ت ٨٢٢ هـ) (٣).
٤٣ - شعبان بن محمد بن محمد بن محمد بن محمد الكناني العسقلاني الأصل المصري المولد القاهري الشافعي، ويعرف بابن حجر وهو حفيد عم الحافظ ابن حجر (ت ٨٥٩ هـ). عرض القرآن و«العمدة» على ابن الملقن (٤).

--------------------------------------
(١) «الضوء اللامع» (٣/ ٢٢٦ - ٢٢٧) و«معجم الشيوخ» (ص ١١٢ - ١١٣) و«البدر الطالع» (١/ ٢٥٠).
(٢) «الضوء اللامع» (٣/ ٢٦٠) و«البدر الطالع» (١/ ٢٦٥).
(٣) «الضوء اللامع» (٣/ ٢٦٩).
(٤) «الضوء اللامع» (٣/ ٣٠٤).



٤٤ - صدقة بن علي بن محمد فتح الدين بن النور أبي الحسن ابن الشمس الشارمساحي، ويعرف بابن نور الدين مات قبل الخمسين بعد الثمانمائة (١). عرض عليه «التنبيه» وأجاز له.
٤٥ - عبد الرحمن بن أحمد بن علي بن عبيد زين الدين بن الشهاب الديسطي ثم القاهري القلعي الشافعي ويعرف بالصُّمُل-بضم المهملة والميم وآخره لام مشددة- لم يذكر السخاوي وفاته.
عرض على ابن الملقن سنة ثمانمائة (٢).
٤٦ - عبد الرحمن بن عبد الوارث بن محمد أبو الخير القرشي البكري المصري المالكي ويعرف بابن عبد الوارث (ت ٨٦٨ هـ) (٣). قرأ «الإمام» على ابن الملقن.
٤٧ - عبد الرحمن بن علي بن أحمد الزين أبو المعالي وأبو الفضل الآدمي ثم المصري الشافعي (ت ٨٦٦ هـ) (٤).
٤٨ - عبد الرحمن بن علي بن عمر بن أبي الحسن علي بن أحمد الأنصاري الأندلسي الأصل المصري الشافعي (ت ٨٧٠ هـ).
حفيد ابن الملقن (٥).
٤٩ - عبد الرحمن بن عنبر -بنون وموحدة كجعفر- ابن علي العثماني البوتيجي ثم القاهري الشافعي الفرضي (ت ٨٦٤ هـ) (٦).

--------------------------------
(١) «الضوء اللامع» (٣/ ٣١٨).
(٢) «الضوء اللامع» (٤/ ٥٤).
(٣) «الضوء اللامع» (٤/ ٩٥).
(٤) «الضوء اللامع» (٤/ ٩٣).
(٥) «الضوء اللامع» (٤/ ١٠١).
(٦) «الضوء اللامع» (٤/ ١١٥).



٥٠ - عبد الرحمن بن محمد بن حسن القرشي الزبيري الشهير بابن الفاقوسي (ت ٨٦٤ هـ) (١). سمع من ابن الملقن جزء الحسن بن عرفة.
٥١ - عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله صفي الدين أبو الفضل ابن النور الحسيني الإيجي ثم المكي الشافعي ت ٨٦٤ هـ (٢).
وصفه النجم بن فهد بقوله: السيد الشريف الإمام العالم الصالح الزاهد العابد.
٥٢ - عبد الرحمن بن محمد بن محمد بن يحيى الزين أبو الفضل ابن التاج السندبيسي -بفتح السين المهملة وإسكان النون وفتح الدال المهملة وكسر الباء الموحدة ثم ياء مثناة من تحت ثم سين مهملة- القاهري الشافعى (٣).
٥٣ - عبد الرحيم بن إبراهيم بن محمد اللخمي الأميوطي الأصل المكي الشافعي زين الدين ويعرف بابن الأميوطي (ت ٨٦٧ هـ) (٤).
٥٤ - عبد الرحيم بن عبد الكريم بن نصر الله بن سعد الله القرشي البكري الصديقي الشيرازي الشافعي (ت ٨٢٨ هـ) (٥).
٥٥ - عبد الرحيم بن محمد بن عبد الرحيم أبو محمد العز القاهري الحنفي، ويعرف بابن الفرات (ت ٨٥١ هـ) (٦).

------------------------------------
(١) «الضوء اللامع» (٤/ ١٢٨) و«معجم الشيوخ» (ص ١٣٠).
(٢) «الضوء اللامع» (٤/ ١٣٥ - ١٣٦) و«معجم الشيوخ» (ص ١٣٢).
(٣) «الضوء اللامع» (٤/ ١٥١) و«معجم الشيوخ» (ص ١٣٣).
(٤) «الضوء اللامع» (٤/ ١٦٦).
(٥) «الضوء اللامع» (٤/ ١٨٠ - ١٨١).
(٦) «الضوء اللامع» (٤/ ١٨٦).



٥٦ - عبد السلام بن داود بن عثمان بن القاضي شهاب الدين عبد السلام ابن عباس العز السلطي الأصل المقدسي الشافعي، ويعرف بالعز المقدسي (ت ٨٥٠ هـ) (١). قال عنه السخاوي: كان إمامًا علامة داهية لسنًا فصيحًا في التدريس والخطابة وغيرها.
٥٧ - عبد العزيز بن محمد بن عبد الله بن عبد العزيز البدر أبو محمد الأنصاري القاهري المالكي (ت ٨٥٨ هـ) (٢).
٥٨ - عبد الغني بن علي بن عبد الحميد، التقي أبو محمد المغربي الأصل المنوفي ثم القاهري الشافعي (ت ٨٥٨ هـ) (٣). أخذ الفقه عن ابن الملقن.
٥٩ - عبد الغني بن محمد بن أبي العباس أحمد بن عبد العزيز الزين القمني ثم القاهري الشافعي (ت ٨٦٧ هـ) (٤).
٦٠ - عبد اللطيف بن أحمد بن علي النجم أبو الثناء وأبو بكر الحسني الفاسي المكي الشافعي (ت ٨٢٢ هـ) (٥). أخذ عنه الفقه وسمع منه كثيرًا.
٦١ - عبد اللطيف بن أبي الفتح محمد بن أحمد سراج الدين أبو المكارم الحسني الفاسي الأصل المكي الحنبلي قاضي الحرمين، وهو أول من ولي قضاء الحنابلة بالحرمين (ت ٨٥٣ هـ) (٦).

---------------------------------
(١) «الضوء اللامع» (٤/ ٢٠٣).
(٢) «الضوء اللامع» (٤/ ٢٢٨ - ٢٢٩).
(٣) «الضوء اللامع» (٤/ ٢٥٣).
(٤) «الضوء اللامع» (٤/ ٢٥٤).
(٥) «الضوء اللامع» (٤/ ٣٢٢).
(٦) «معجم الشيوخ» (ص ١٤٥) و«الضوء اللامع» (٤/ ٣٣٥).



٦٢ - عبد اللطيف بن محمد بن عبد الله بن أحمد الثقفي أبو الطيب الزفتاوي القاهري الشافعي (ت ٨٧٧ هـ) (١).
٦٣ - عبد الله بن أحمد بن عبد العزيؤ الجمال العذري البشبيشي ثم القاهري الشافعي (ت ٨٢٠ هـ) (٢). أخذ الفقه عن ابن الملقن.
٦٤ - عبد الله ابن القاضي عبد الرحمن الزبيري جمال الدين، أجاز له ابن الملقن وقال له: يا ولدي، أنتم من الزبيرية قرية من قرى المحلة، ما أنتم من ولد الزبير بن العوام (٣). وكان المترجم له ينتسب إلى الزبير بن العوام.
٦٥ - عبد الله بن محمد بن أحمد بن محمد بن عبد المعطي الأنصاري المكي المالكي، عفيف الدين (ت ٨٤٢ هـ) (٤). أجاز له.
٦٦ - عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن الكنانى الحموي الأصل المقدسي الشافعي الخطيب (ت ٨٦٥ هـ) (٥). أخذ عنه «العجالة» قراءة وسماعًا.
٦٧ - عبد الله بن محمد بن عيسى بن محمد بن جلال الدين الجمال أبو محمد العوفي -نسبة لعبد الرحمن بن عوف- القاهري الشافعي (ت ٨٤٥ هـ) (٦) لازم ابن الملقن.

----------------------------------
(١) «الضوء اللامع» (٤/ ٣٣٦).
(٢) «الضوء اللامع» (٥/ ٧).
(٣) «الدرر الكامنة» (٤/ ٣٤).
(٤) «معجم الشيوخ» (ص ١٥١).
(٥) «الضوء اللامع» (٥/ ٥١).
(٦) «الضوء اللامع» (٥/ ٦٠ - ٦١).



قال عنه السخاوي: تقدم في العلوم وأذن له غير واحد من شيوخه بالإفتاء والتدريس.
٦٨ - عبد الله بن محمد بن محمد بن محمد التاج أبو محمد القرشي الميموني ثم القرافي القاهري الشافعي (ت ٨٥٧ هـ) (١). أذن له غير واحد من الأعيان بالإقراء والفتوى وبالغوا في الثناء عليه.
٦٩ - عبد الله بن محمد بن عبد الله بن محمد بن فرحون اليعمري المدني المالكي قاضي القضاة بدر الدين (ت ٨٥٩ هـ). من بيت رياسة وعلم. أجاز له ابن الملقن (٢).
٧٠ - عبد الهادي بن أبي اليمن محمد بن أحمد الحسني الطبري الأصل المكي الشافعي الإمام زين الدين (ت ٨٤٥ هـ) (٣).
٧١ - علي بن إبراهيم بن سليمان بن إبراهيم نور الدين القليوبي ثم القاهري الشافعي (ت ٨٥٥ هـ) (٤). عرض «المنهاج» الفرعي عليه.
٧٢ - علي بن أبي بكر بن عبد الله بن أبي البركات أحمد نور الدين الأشموني ثم القاهري الشافعي ويعرف بابن الطباخ (ت ٨٥٤ هـ) (٥).
٧٣ - علي بن أبي بكر بن علي بن أبي بكر محمد بن عثمان نور الدين أو موفق الدين البكري البلبيسي الأصل القاهري الشافعي (ت ٨٥٩ هـ) (٦).

-------------------------------
(١) «الضوء اللامع» (٥/ ٦٥).
(٢) «معجم الشيوخ» (ص ١٥٣ - ١٥٤) و«الضوء اللامع» (٥/ ٥٥).
(٣) «معجم الشيوخ» (ص ١٥٥ - ١٥٦).
(٤) «الضوء اللامع» (٥/ ١٥٢ - ١٥٣).
(٥) «الضوء اللامع» (٥/ ٢٠٣).
(٦) «الضوء اللامع» (٥/ ٢٠٤).



٧٤ - علي بن أحمد بن إسماعيل بن محمد العلاء أبو الفتح القرشي القلقشندي الأصل القاهري الشافعي (ت ٨٥٦ هـ). أخذ الفقه عن ابن الملقن.
أثنى عليه غير واحد، وقال عنه السخاوي: وكان إمامًا علامة متقدمًا في الفقه وأصوله والعربية والمعاني والبيان والقراءات مشاركًا في غير ذلك (١).
٧٥ - علي بن أحمد بن خليل نور الدين السكندري الأصل القاهري الشافعي ويعرف أولًا بابن السقطي -بمهملتين بينهما قاف مفتوحة- ثم بابن البصال- بموحدة ومهملة ثقيلة- (ت ٨٤٧ هـ) (٢).
عرض التبريزي في الفقه و«الملحة» عليه وسمع منه وكتب الكثير من تصانيفه.
٧٦ - علي بن أحمد بن إبراهيم النور البكتمري القاهري الشافعي سبط الشمس الغماري النحوي ويعرف بالبكتمري (ت ٨٥٩ هـ) (٣).
حفظ القرآن و«العمدة» و«التنبيه» و«المنهاج» الأصلي و«ألفية ابن مالك» وعرضها على ابن الملقن والعراقي وغيرهما.
٧٧ - علي بن إسحاق بن محمد بن حسن العلاء التميمي الخليلي الشافعي (ت ٨٣٠ هـ) (٤). أخذ عن ابن الملقن والبلقيني وغيرهما، وأذنا له بالإفتاء والتدريس، وكان عالمًا فاضلًا جيدًا حسن السيرة والملتقى.

--------------------------------
(١) «الضوء اللامع» (٥/ ١٦١).
(٢) «الضوء اللامع» (٥/ ١٦٦).
(٣) «الضوء اللامع» (٥/ ١٧٩).
(٤) «الضوء اللامع» (٥/ ١٩٢).



٧٨ - علي بن رمح بن سنان بن قنا بن ردين نور الدين الشنباري -بضم المعجمة ثم نون ساكنة بعدها موحدة- القاهري الشافعي (ت ٨٢٤ أو ٨٢٦ هـ) (١). لازم ابن الملقن دهرًا.
٧٩ - علي بن عثمان العلاء الحواري الخليلي (ت ٨٣٣ هـ) (٢).
٨٠ - علي بن عمر بن حسن النور أبو الحسن المغربي الأصل الجرواني -بفتحات وآخره نون- التلواني القاهري الشافعي، ويعرف بالتلواني (ت ٨٤٤ هـ) (٣). لازم ابن الملقن. أذن له شيخ الإسلام البلقيني بالإفتاء والتدريس. ووصفه العز ابن جماعة أحد مشايخه بالشيخ الإمام العالم العلامة البحر الفهامة شيخ الإسلام ومفتي الأنام.
٨١ - علي بن عمر بن علي بن أحمد نور الدين أبو الحسن بن السراج أبي حفص القاهري يعرف كأبيه بابن الملقن. وهو الابن الوحيد له (ت ٨٠٧ هـ) تفقه قليلًا بأبيه (٤).
٨٢ - علي بن محمد بن محمد بن محمد النور بن العز القرشي السكندري المالكي ويعرف بابن فتح الله (ت ٨٦٢ هـ). أجاز له ابن الملقن (٥).
٨٣ - علي بن محمد بن محمد بن محمد بن عيسى نور الدين أبو الحسن ابن الشمس ابن الشرف المتبولي ثم القاهري الحنبلي ويعرف بابن الرزاز (ت ٨٦١ هـ) (٦).

-----------------------------------------
(١) «الضوء اللامع» (٥/ ٢٢٠).
(٢) «الضوء اللامع» (٥/ ٢٦١).
(٣) «الضوء اللامع» (٥/ ٢٦٣ - ٢٦٤).
(٤) «الضوء اللامع» (٥/ ٢٦٧).
(٥) «الضوء اللامع» (٦/ ١٧).
(٦) «الضوء اللامع» (٦/ ١٦).



قال عنه السخاوي: ولي إفتاء دار العدل، وتصدى للإفتاء والإقراء.
٨٤ - علي بن يوسف بن إبراهيم بن عبد الله بن عبد القادر بن أحمد العلاء الحلبي المالكي ويعرف بالناسخ (ت ٨٥٤ هـ) تقريبًا (١).
٨٥ - علي بن يوسف بن محمد بن يوسف بن أبي بكر بن هبة الله العلاء أو النور -وهو الأكثر- الجزري الأصل القاهري الشافعي الكتبي (ت ٨٥١ هـ) (٢).
٨٦ - عمر بن إبراهيم بن هاشم بن إبراهيم بن عبد المعطي بن عبد الكافي السراج أبو حفص القمني ثم القاهري الشافعي (ت ٨٥١ هـ) (٣).
حفظ «التنبيه» و«ألفية ابن مالك» و«مختصر ابن الحاجب»
و«الشاطبية» وعرضها على ابن الملقن والأبناسي.
٨٧ - عمر بن حجي بن موسى بن أحمد بن سعد النجم أبو الفتوح بن العلاء أبي محمد السعدي الحسباني الأصل الدمشقي الشافعي ويعرف بابن حجي (ت ٨٣٠ هـ) (٤) أخذ عن ابن الملقن وأذن له بالإفتاء والتدريس.
٨٨ - عمر بن عمر بن عبد الرحمن بن يوسف السراج الأنصاري الدموشي الشافعي البسطامي (ت ٨٢٩ هـ) (٥). أخذ عن ابن الملقن شرحه للحاوي.

-------------------------------
(١) «الضوء اللامع» (٦/ ٥١).
(٢) «الضوء اللامع» (٦/ ٥٤).
(٣) «الضوء اللامع» (٦/ ٦٧).
(٤) «الضوء اللامع» (٦/ ٧٨).
(٥) «الضوء اللامع» (٦/ ١١١).



٨٩ - عمر بن محمد بن عمر السراج أبو حفص الحسيني القرشي الطنبدي القاهري الشافعي ويعرف بابن عرب (ت ٨٦٧ هـ) (١).
٩٠ - عمر بن موسى بن الحسن بن عيسى بن محمد القرشي المخزومي الحمصي الشافعي سراج الدين (ت ٨٦١ هـ) (٢).
وذكر له النجم بن فهد بعض التصانيف في الفقه والأصول وغيرها.
٩١ - عمر بن يوسف بن عبد الله السراج أبو علي القبايلي اللخمي السكندري المالكي ويعرف بالبسلقوني لنزوله بها وقتًا، شيخ الفقراء الأحمدية (٣).
أذن له كثير من مشايخه في الإقراء والإفتاء، وذكر له السخاوي
بعض التصانيف وقال إن البقاعي وصفه بالعلامة الثقة الضابط.
أجاز له ابن الملقن.
٩٢ - قاسم بن محمد بن مسلم بن مخلوف التروجي الأصل السكندري. لم يذكر السخاوي وفاته (٤). «سمع» «الشفا» على ابن الملقن.
٩٣ - ماهر بن عبد الله بن نجم الزين أبو الجود الأنصاري الشافعي (ت ٨٦٦ هـ) (٥). أخذ عنه الفقه.
٩٤ - محمد بن إبراهيم بن عبد الرحيم الصلاح القاهري الشافعي الحريري ويعرف بابن مطيع (ت ٨٤٤ هـ) (٦).

---------------------------------
(١) «الضوء اللامع» (٦/ ١٢٣).
(٢) «معجم الشيوخ» (ص ١٩٤ - ١٩٥).
(٣) «الضوء اللامع» (٦/ ١٤٢ - ١٤٤).
(٤) «الضوء اللامع» (٦/ ١٩٢).
(٥) «الضوء اللامع» (٦/ ٢٣٦).
(٦) «الضوء اللامع» (٦/ ٢٥٤).



حفظ القرآن و«العمدة» و«المنهاج» الأصلي و«ألفية ابن مالك» وعرضها على ابن الملقن والعراقي وغيرهما.
٩٥ - محمد بن أبي بكر بن الحسين القرشي القماني المراغي المصري المدني، نزيل مكة الشافعي العلامة شرف الدين (ت ٨١٩ هـ) (١).
وصفه الزركشي بالشيخ الإمام الفاضل العالم، نقل ذلك السخاوي عنه.
٩٦ - محمد بن أبي بكر بن أيوب القاضي فتح الدين أبو عبد الله بن القاضي زين الدين ابن نجم الدين المخزومي المحرقي -نسبة للمحرقية قرية بالجيزة- القاهري الشافعي (ت ٨٤٧ هـ) (٢).
عرض «العمدة» على ابن الملقن وغيره. أثنى عليه السخاوي وغيره.
٩٧ - محمد بن أبي بكر بن عبد الوهاب القابس المغربي (ت ٨٥٤ أو ٨٥٥ هـ) (٣).
٩٨ - محمد بن أبي بكر بن عمر البدر القرشي المخزومي السكندري المالكي ويعرف بابن الدماميني (ت ٨٢٧ هـ).
كان أحد الكملة في فنون الأدب، وتصدر في الأزهر لإقراء النحو، ودرس في جهات أخرى (٤).
٩٩ - محمد بن أبي بكر بن محمد بن محمد بن محمد بن علي التاج السمنودي الأصل القاهري الشافعى المقرئ ويعرف بابن تمرية.
(ت ٨٣٧ هـ) (٥).

----------------------------------
(١) «الضوء اللامع» (٧/ ١٦١) «معجم الشيوخ» وجعل وفاته سنة (٨٥٩ هـ).
(٢) «الضوء اللامع» (٧/ ١٥٩).
(٣) «الضوء اللامع» (٧/ ١٧٥).
(٤) «الضوء اللامع» (٧/ ١٨٥)، و«البدر الطالع» (٢/ ١٥٠).
(٥) «الضوء اللامع» (٧/ ١٩٩ - ٢٠٠).



برع في القراءات ووصفه الحافظ ابن حجر بالشيخ الإمام المجود المحقق الأوحد البارع الباهر، شيخ القراء، علم الأدباء، بقية السلف الأتقياء.
١٠٠ - محمد بن أحمد بن إبراهيم الشرف أبو المعالي المخزومي القاهري الشافعي (ت ٨٧٣ هـ) (١).
١٠١ - محمد بن أحمد بن أحمد الشمس أبو المعالي بن الشهاب أبي العباس البكري القاهري الشافعي السعودي ويعرف بابن الحصري -بمهملتين مضمومة ثم ساكنة- وبابن العطار أيضًا (ت ٨٥٨ هـ) (٢).
أخذ عنه الفقه ولازمه حتى حمل عنه جملة من تصانيفه «كالعجالة» و«هادي النبيه» و«شرح الحاوي».
١٠٢ - محمد بن أحمد بن محمد بن إبراهيم الجلال أبو عبد الله بن الشهاب أبي العباس ابن الكمال الأنصاري المحلي الأصل -نسبة للمحلة الكبرى من الغربية- القاهري الشافعي ويعرف بالجلال المحلي (ت ٨٦٤ هـ) (٣).
قال السخاوي عنه: كان إمامًا علامة محققًا نظارًا، مفرط الذكاء، صحيح الذهن .. وترجمته تحتمل كراريس.
وقد أشار السخاوي إلى تلمذته على ابن الملقن بصيغة التعريض حيث قال: وقيل إنه روى عن البلقيني وابن الملقن والأبناسي والعراقي، فالله أعلم.

-----------------------------------
(١) «الضوء اللامع» (٦/ ٢٨٥).
(٢) «الضوء اللامع» (٦/ ٢٩١).
(٣) «الضوء اللامع» (٧/ ٣٩ - ٤١).



١٠٣ - محمد بن أحمد بن الضياء القرشي العمري المكي الحنفي قاضي القضاة رضي الدين أبو حامد (ت ٨٥٨ هـ) (١). تفقه على ابن الملقن.
١٠٤ - محمد بن أحمد بن عبد العزيز بن عثمان البدر أبو محمد الأنصاري الأبياري ثم القاهري الشافعي القاضي الشهير بابن الأمانة (ت ٨٣٩ هـ). لازم ابن الملقن في الفقه وغيره.
أثنى عليه غير واحد من شيوخه وغيرهم، ووصفه الحافظ ابن حجر بالشيخ الإمام العلامة مفيد الجماعة (٢).
١٠٥ - محمد بن أحمد بن عثمان بن خلف بن عثمان المحب البهوتي -بالضم- القاهري الشافعي السعودي نسبة لطريقة الفقراء السعودية ويعرف بالبهوتي (ت ٨٥٥ هـ) (٣).
١٠٦ - محمد بن أحمد بن علي التقي أبو عبد الله وأبو الطيب الحسني الفاسي المكي المالكي شيخ الحرم، ويعرف بالتقي الفاسي (ت ٨٣٢ هـ) المؤرخ المشهور صاحب كتاب «شفاء الغرام بأخبار البلد الحرام» وغيره من المصنفات الممتعة المفيدة (٤).
١٠٧ - محمد بن أحمد بن عمر بن كميل -بضم الكاف- الفقيه الفاضل الشاعر القاضي شمس الدين- (ت ٨٤٨ هـ) (٥).

------------------------------------(١) «معجم الشيوخ» (٧/ ٢١٥ - ٢١٧).
(٢) «الضوء اللامع» (٦/ ٣١٨ - ٣٢١) و«معجم الشيوخ» (ص ٢٠٥ - ٢٠٦).
(٣) «الضوء اللامع» (٢/ ٧).
(٤) «الضوء اللامع» (٧/ ١٨)، و«البدر الطالع» (٢/ ١١٤).
(٥) «معجم الشيوخ» (٣٧٨)، و«الضوء اللامع» (٧/ ٢٩).



١٠٨ - محمد بن أحمد بن عمر النحريري الشهير بالسعودي (ت ٨٤٩ هـ) (١).
سمع منه التذكرة في علوم الحديث له، وأخذ عنه الفقه.
١٠٩ - محمد بن أحمد بن محمد التلمساني المالكي، ويعرف بحفيد ابن مرزوق (ت ٨٤٢ هـ) (٢) ذكر له السخاوي عدة مؤلفات.
١١٠ - محمد بن أحمد بن محمد البهاء أبو البقاء العمري الصاغاني الأصل المكي الحنفي. (ت ٨٥٤ هـ) (٣).
ذكر له السخاوي عدة مؤلفات وقال: كان إمامًا علامة متقدمًا في الفقه والأصلين والعربية مشاركًا في فنون.
أجاز له ابن الملقن.
١١١ - محمد بن أحمد بن محمد الكناني العسقلاني الطوخي القاهري الشافعي (ت ٨٥٢ هـ) (٤).
١١٢ - محمد بن أحمد بن محمد الكناني العسقلاني ولي الدين أبو الفتح (ت ٨٣٨ هـ) (٥) أخو الذي قبله.
١١٣ - محمد بن أحمد بن محمد التميمي المصري الشافعي أبو الفضل ناصر الدين (ت ٨٥٥ هـ) (٦).
١١٤ - محمد بن أحمد بن محمد العراقي الأصل الفارسكوري لم يذكر السخاوي وفاته (٧).

----------------------------------------(١) «معجم الشيوخ» (ص ٢٠٩)، و«الضوء اللامع» (٧/ ٣١).
(٢) «الضوء اللامع» (٧/ ٥٠)، و«البدر الطالع» (٢/ ١٩١).
(٣) «الضوء اللامع» (٧/ ٨٥)، و«معجم الشيوخ» (ص ٢١٤).
(٤) «الضوء اللامع» (٧/ ٨٧).
(٥) «الضوء اللامع» (٧/ ٨٨).
(٦) «الضوء اللامع» (٧/ ٧١).
(٧) «الضوء اللامع» (٧/ ٨٢).



١١٥ - محمد بن أحمد بن محمد الزنكلوني القاهري الشافعي (ت ٨٥٦ هـ) (١).
١١٦ - محمد بن أحمد بن محمد بن محمد الشمس أبو عبد الله الدمياطي المالكي (ت ٨٥٨ هـ) (٢).
١١٧ - محمد بن أحمد بن محمد المصري الشافعي (ت ٨٦٧ هـ) (٣).
١١٨ - محمد بن أحمد بن محمود العماد أبو البركات الهمذاني -بالتحريك والإعجام- القاهري الشافعي (ت ٨٦٣ هـ) (٤).
عرض العمدة على ابن الملقن.
١١٩ - محمد بن إسماعيل بن محمد الشمس الونائي -بفتح الواو والنون- القرافي القاهري الشافعي (ت ٨٤٩ هـ) (٥).
قال عنه السخاوي: كان إمامًا علامة فقيهًا أصوليًّا نحويًّا.
١٢٠ - محمد بن حسن بن سعد ناصر الدين أبو محمد القرشي الزبيري القاهري الشافعي (ت ٨٤١ هـ) (٦).
أخذ عنه الفقه ولازمه حتى أذن له في الإقراء.
١٢١ - محمد بن حسن بن عبد الله بن سليمان القرني -نسبة إلى أويس القرني- المصري الشافعي (ت ٨٧١ هـ) (٧).

------------------------------------(١) «الضوء اللامع» (٧/ ٥٩).
(٢) «الضوء اللامع» (٧/ ٩٤).
(٣) «الضوء اللامع» (٧/ ٨٣).
(٤) «الضوء اللامع» (٧/ ١٠٦).
(٥) «الضوء اللامع» ٧/ ١٤٠.
(٦) «الضوء اللامع» (٧/ ٢٢٢).
(٧) «معجم الشيوخ» (ص ٢٢٧)، و«الضوء اللامع» (٧/ ٢٢٤).



١٢٢ - محمد بن حسن بن علي بن عثمان الشمس النواجي-نسبة لنواج بالغربية بالقرب من المحلة- ثم القاهري الشافعي (ت ٨٥٩ هـ).
أجاز له ابن الملقن (١). وصفه السخاوي بشاعر الوقت، وذكر له بعض المؤلفات في الأدب والشعر.
١٢٣ - محمد بن خليل بن هلال بن حسن العز أبو البقاء الحلبي الحنفي (ت ٨٠٤ هـ). قال عنه البرهان الحلبي: لا أعلم بالشام كلها مثله ولا بالقاهرة مثل مجموعه الذي اجتمع فيه من العلم الغزير والتواضع الكثير والدين المتين والمحافظة على الجماعة والذكر والتلاوة والاشتغال بالعلم (٢).
١٢٤ - محمد بن عباس بن أحمد الأنصاري العاملي القاهري الشافعي (ت ٨٥٥ هـ) (٣). لازم ابن الملقن حتى قرأ عليه «دلائل النبوة» للبيهقي وبعض الصحيح.
١٢٥ - محمد بن عبد الدائم بن موسى الشمس أبو عبد الله البرماوي ثم
القاهري الشافعي (ت ٨٣١ هـ) (٤).
قال عنه السخاوي: كان إمامًا علامة في الفقه وأصوله والعربية وغيرها. وذكر له عدة تصانيف.
١٢٦ - محمد بن عبد الرحمن بن علي أبو الفضل الهاشمي العقيلي النويري (ت ٨٧٠ هـ) (٥). أجاز له ابن الملقن.

----------------------------------(١) «الضوء اللامع» (٧/ ٢٢٩).
(٢) «الضوء اللامع» (٧/ ٢٣٢ - ٢٣٤).
(٣) «الضوء اللامع» (٧/ ٢٧٥).
(٤) «الضوء اللامع» (٧/ ٢٨١).
(٥) «معجم الشيوخ» (ص ٢٣٢)، «الضوء اللامع» (٧/ ٢٩٢).



١٢٧ - محمد بن عبد الرحمن بن عيسى بن سلطان الغزي ثم القاهري الشافعي الصوفي القادري (ت ٨٥٣ هـ) (١).
١٢٨ - محمد بن عبد العزيز بن عبد السلام الكازروني المدني الشافعي الإمام العلامة شمس الدين. (ت ٨٤٩ هـ) (٢).
١٢٩ - محمد بن عبد الله بن إبراهيم محيي الدين أبو نافع السعدي القاهري الشافعي (ت ٨٧٠ هـ) (٣).
١٣٠ - محمد بن عبد الله بن ظهيرة بن أحمد القرشي المخزومي المكي الشافعي ويعرف بابن ظهيرة (ت ٨١٧ هـ). تفقه بابن الملقن.
كان إمامًا علامة، انتهت رياسة الشافعي ببلده، إليه ولقب بعالم الحجاز (٤).
١٣١ - محمد بن عبد الله بن علي بن أحمد الشمس القرافى الشافعى الواعظ ويعرف بالحفار (ت ٨٧٦ هـ) (٥).
١٣٢ - محمد بن عبد الله بن محمد بن أحمد الشمس أبو عبد الله القيسي الحموي الأصل الدمشقي الحافظ الكبير المعروف بابن ناصر الدين، حافظ الشام صاحب التصانيف الكثيرة النافعة (ت ٨٣٧ هـ) (٦).

-----------------------------------
(١) «الضوء اللامع» (٧/ ٢٩٨).
(٢) «معجم الشيوخ» (ص ٢٣٣) و«الضوء اللامع» (٨/ ٦٠).
(٣) «الضوء اللامع» (٨/ ٧٩).
(٤) «الضوء اللامع» (٧/ ٩٢ - ٩٥).
(٥) «الضوء اللامع» (٧/ ٩٩).
(٦) «غاية السول في خصائص الرسول - ﷺ -» (ص ٢٢)، «شذرات الذهب» (٧/ ٤٥).



١٣٣ - محمد بن عبد الله بن محمد الرشيدي الأصل القاهري الشافعي (ت ٨٥٤ هـ) (١).
١٣٤ - محمد بن عبد الوهاب بن علي الأنصاري الزرندي المدني ت ٨٣٨ هـ (٢).
أجاز له ابن الملقن.
١٣٥ - محمد بن عثمان بن عبد الله ناصر الدين أبو الحسن المصري الشاذلي الشافعي صهر الزين العراقي (ت ٨٣٧ هـ) (٣).
١٣٦ - محمد بن عثمان بن عبد الله العمري أصيل الدين أبو عبد الله القاهري الشافعي (ت ٨٠٤ هـ) (٤).
أخذ عنه الفقه، وأذن له بالإفتاء والتدريس ووصفه بالعالم العلامة.
١٣٧ - محمد بن علي بن أحمد بن عبد العزيز الهاشمي العقيلي النويري المكي المالكي قاضى القضاة ولى الدين أبو عبد الله (ت ٨٤٢ هـ) (٥). أجاز له.
١٣٨ - محمد بن علي بن محمد الصالحي الأصل المكي شمس الدين أبو المعالي (ت ٨٤٦ هـ) (٦). أجاز له.

--------------------------------------
(١) «الضوء اللامع» (٨/ ١٠١).
(٢) «الضوء اللامع» (٨/ ١٣٥).
(٣) «الضوء اللامع» (٨/ ١٤٧).
(٤) «الضوء اللامع» (٨/ ١٤٧).
(٥) «معجم الشيوخ» (ص ٢٤٣).
(٦) «معجم الشيوخ» (ص ٢٤٨).



١٣٩ - محمد بن علي بن محمد الشمس السمنودي الأصل المصري الشافعي ت ٨١٣ هـ. أخذ عنه الفقه.
قال عنه المقريزي: كان من أعيان الفقهاء النحاة القراء.
وقال العيني: باشر عدة وظائف منها مشيخة القراءات (١).
١٤٠ - محمد بن علي بن محمد بن يعقوب الشمس أبو عبد الله القاياتي القاهري الشافعي (ت ٨٥٠ هـ) (٢).
قال عنه السخاوي: كان إمامًا عالمًا علامة غاية في التحقيق.
١٤١ - محمد بن علي بن مسعود الشمس القاهري الشافعي (ت ٨٥٧ هـ) (٣).
١٤٢ - محمد بن عمار بن محمد الشمس أبو ياسر القاهري المصري المالكي ويعرف بابن عمار (ت ٨٤٤ هـ) (٤).
قرأ علي ابن الملقن «تقريب النووي» وقطعة من شرحه لـ«العمدة»، أثنى عليه السخاوي وغيره وذكر له عدة مؤلفات.
ووصفه الحافظ ابن حجر بالشيخ الإمام العلامة الفقيه الفاضل الفهامة المفيد المحدث (٥).
١٤٣ - محمد بن عمر بن أبي بكر الكناني الطوخي القاهري الشافعى
(ت ٨٤٩ هـ) (٦). تففه بابن الملقن.

-------------------------------------
(١) «الضوء اللامع» (٩/ ٩).
(٢) «الضوء اللامع» (٨/ ٢١٢).
(٣) «الضوء اللامع» (٨/ ٢١٩).
(٤) «الضوء اللامع» (٨/ ٢٣٢)، و«البدر الطالع» (٢/ ٢٣٢).
(٥) «الضوء اللامع» (٨/ ٢٣٢ - ٢٣٤).
(٦) «الضوء اللامع» (٨/ ٢٤٠).



١٤٤ - محمد بن عمر بن أبي بكر التاج أبو الفتح القاهري الشرابيشي (ت ٨٣٩ هـ) (١). لازم ابن الملقن في الحديث والفقه وغيرهما، واستملى منه وقرأ عليه جملة من تصانيفه.
١٤٥ - محمد بن عمر بن محمد الجمال البارنباري المصري الشافعي (ت ٨٤٢ هـ) (٢). عرض على ابن الملقن وتفقه به.
١٤٦ - محمد بن عمر بن محمد الشمس الخصوصي ثم القاهري الشافعي (ت ٨٤٣ هـ) (٣). تفقه على ابن الملقن.
١٤٧ - محمد بن عمر بن محمد المصري الشافعي قطب الدين أبو البركات (ت ٨٥٥ هـ) (٤). عرض «التنبيه» علي ابن الملقن.
١٤٨ - محمد بن محمد بن أبي بكر ولي الدين أبو عبد الله المحلي الشافعي الشهير بابن مراوح -بفتح الميم والراء وكسر الواو- (٨٤٦ هـ) (٥).
١٤٩ - محمد بن محمد بن أبي بكر الأنصاري المكي الشافعي الشهير بابن المرجاني (ت ٨٧٦ هـ) (٦). أجاز له.
١٥٠ - محمد بن محمد بن أحمد البغدادي الأصل المصري الشافعي، نزيل مكة (ت ٨٤٤ هـ) (٧).

-----------------------------------------
(١) «الضوء اللامع» (٨/ ٢٤١)، و(معجم الشيوخ) (ص ٢٥١).
(٢) «الضوء اللامع» (٨/ ٢٥٤).
(٣) «الضوء اللامع» (٨/ ٢٥٦).
(٤) «الضوء اللامع» (٨/ ٢٦٦)، «معجم الشيوخ» (ص ٢٥٣ - ٢٥٤).
(٥) «الضوء اللامع» (٩/ ٦١)، «معجم الشيوخ» (ص ٢٦١).
(٦) «معجم الشيوخ» (ص ٢٦٢ - ٢٦٣).
(٧) «الضوء اللامع» (٩/ ٢٦) و«معجم الشيوخ» (ص ٢٥٩).



١٥١ - محمد بن محمد بن أحمد بن عمر البلبيسي الشافعي الشمس أبو عبد الله (ت ٨٥٣ هـ) (١).
١٥٢ - محمد بن محمد بن أحمد بن يحيى الجوجري ثم القاهري الأزهري الشافعي (ت ٨٦٥ هـ) (٢).
١٥٣ - محمد بن محمد بن أحمد بن عز الدين المحب أبو عبد الله القاهري الشافعي (ت ٨٤٥ هـ) (٣). أخذ الفقه عنه.
١٥٤ - محمد بن محمد بن إسماعيل الشمس أبو عبد الله البنهاوي القاهري الشافعي (ت ٨٥٤ هـ) (٤).
١٥٥ - محمد بن محمد بن عبد الرحمن الأنصاري المدني الشافعي العلامة محيي الدين أبو المعالي (ت ٨٥٦ هـ) (٥). أجاز له ابن الملقن.
١٥٦ - محمد بن محمد بن عبد السلام أبو عبد الله المغربي الصنهاجي الأصل المنوفي ثم القاهري الشافعي ويعرف بالعز ابن عبد السلام (ت ٨٦٥ هـ) (٦).
١٥٧ - محمد بن محمد بن عبد اللطيف أبو البقاء الأموي المحلي المولد ثم السنباطي ثم القاهري المالكي (ت ٨٦١ هـ) (٧). عرض «الموطأ» عليه.

--------------------------------------
(١) «الضوء اللامع» (٩/ ٢٨).
(٢) «الضوء اللامع» (٩/ ٤٨ - ٤٩).
(٣) «الضوء اللامع» (٩/ ٤٩).
(٤) «الضوء اللامع» (ص ٩/ ٥٣).
(٥) «معجم الشيوخ» (ص ٢٦٨).
(٦) «الضوء اللامع» (٩/ ١٠٦ - ١٠٨).
(٧) «الضوء اللامع» (٩/ ١١٣).



١٥٨ - محمد بن محمد بن عبد الله ناصر الدين أبو اليمن الزفتاوي الأصل القاهري الشافعي (ت ٨٧٦ هـ) (١). عرض في سنة ثمانمائة عليه.
١٥٩ - محمد بن محمد بن عبد الله الحسيني المكراني الإيجي الشافعي (٨٥٥ هـ) (٢). أجاز له ابن الملقن.
١٦٠ - محمد بن محمد بن علي أمين الدين أبو اليمن الهاشمي العقيلي النويري الشافعي (ت ٨٥٣ هـ) (٣). أجاز له ابن الملقن.
١٦١ - محمد بن محمد بن عمر العز أبو اليمن الشيشيني ثم المحلي الشافعي (ت ٨٣٩ هـ) (٤).
١٦٢ - محمد بن محمد بن محمد بن أبي الحسن السكندري الأصل القاهري بدر الدين أبو اليمن ويعرف بابن روق (ت ٨٤٤ هـ) (٥).
١٦٣ - محمد بن محمد بن محمد بن حسين القرشي المخزومي المكي الشافعي القاضي نجم الدين أبو المعالي (ت ٨٤٦ هـ) (٦).
١٦٤ - محمد بن محمد بن محمد بن حسين الجلال أبو السعادات القرشي المخزومي المكي شقيق الذي قبله ويعرف بابن ظهيرة (ت ٨٦١ هـ) (٧). أجاز له.

---------------------------------
(١) «الضوء اللامع» (٩/ ١١٦).
(٢) «الضوء اللامع» (٩/ ١٢٦).
(٣) «معجم الشيوخ» (ص ٢٧٠) و«الضوء اللامع» (٩/ ١٤٣ - ١٤٤).
(٤) «الضوء اللامع» (٩/ ١٧٦).
(٥) «معجم الشيوخ» (ص ٢٧٤) و«الضوء اللامع» (٩/ ٢١٣).
(٦) «معجم الشيوخ» (ص ٢٧٥).
(٧) «الضوء اللامع» (٩/ ٢١٤)، و«معجم الشيوخ» (ص ٢٧٦).



١٦٥ - محمد بن محمد بن محمد بن عبد الرزاق الصدر السفطي المصري الشافعي (ت ٨٠٨ هـ) (١).
أخذ عن ابن الملقن وكتب جملة من تصانيفه.
١٦٦ - محمد بن محمد بن محمد بن محمد النجم أبو العطاء القرشي القاهري الشافعي الشاذلي (ت ٨٦٢ هـ) (٢).
١٦٧ - محمد بن محمد بن محمود الشمس أبو عبد الله الرديني الشافعي (ت ٨٥٣ هـ أو ٨٥٤ هـ) (٣).
١٦٨ - علي بن محمود بن محمد الشصس أبو عبد الله الربعي البالسي ثم القاهري الشافعي صهر ابن الملقن (ت ٨٥٤ هـ) (٤). اشتغل بالفقه عليه.
١٦٩ - محمد بن موسى بن عيسى الكمال أبو البقاء الدميري الأصل القاهري الشافعي (ت ٨٠٨ هـ) صاحب «حياة الحيوان» وغيره من التصانيف. مهر في الفقه والأدب والحديث وغيرها (٥).
١٧٠ - محمد القصري التاجر ويعرف بابن ستيت (ت ٨٢٢ هـ) (٦).
١٧١ - موسى بن علي بن محمد المناوي القاهري ثم الحجازي المالكي (ت ٨٢٠ هـ) (٧).

------------------------------------
(١) «الضوء اللامع» (٩/ ٢٢٧).
(٢) «الضوء اللامع» (٩/ ٢٧٠).
(٣) «الضوء اللامع» (١٠/ ١٨ - ١٩).
(٤) «الضوء اللامع» (١٠/ ٤٤).
(٥) «الضوء اللامع» (١٠/ ٥٩ - ٦٢) و«البدر الطالع» (٢/ ٢٧٢).
(٦) «الضوء اللامع» (١٠/ ١٢٤).
(٧) «الضوء اللامع» (١٠/ ١٨٧).



https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...b61e7e5bc3.gif


ابوالوليد المسلم 23-12-2025 10:26 PM

رد: التوضيح لشرح الجامع الصحيح أبو حفص عمر بن علي بن أحمد الأنصاري المعروف بـ ابن ال
 
https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...b61e7e5bc2.gif


الكتاب: التوضيح لشرح الجامع الصحيح
المؤلف: سراج الدين أبو حفص عمر بن علي بن أحمد الأنصاري الشافعي

المعروف بـ ابن الملقن (٧٢٣ - ٨٠٤ هـ)
الناشر: دار النوادر، دمشق - سوريا
الطبعة: الأولى، ١٤٢٩ هـ - ٢٠٠٨ م
عدد الأجزاء: ٣٦ (٣٣ والفهارس)

المجلد (1)
من صـــ 276 الى صـــ 300
الحلقة (12)





١٧٢ - يحيى بن يحيى بن أحمد القبابي -بكسر القاف ثم بباء موحدة ثم ألف ثم باء موحدة- المصري الدمشقي الشافعي القاضي محيي الدين أبو زكريا (ت ٨٤٠ هـ) (١).
قال عنه السخاوي: كان إمامًا علامة فقيهًا واعظًا فصيحًا.
١٧٣ - يوسف بن إسماعيل بن يوسف الأنصاري الخزرجي الساعدي الأنبابي الشافعي (ت ٨٢٣ هـ) (٢).
تفقه بابن الملقن وحمل عنه شرحه للحاوي.
١٧٤ - يوسف بن محمد بن أحمد الجمال القاهري الشافعي (ت ٨٤٧ هـ) (٣). تفقه به.
١٧٥ - أبو بكر بن صدقة بن علي الزكي المناوي القاهري الشافعي (ت ٨٨٠ هـ) (٤). أجاز له.
١٧٦ - أبو بكر بن محمد بن إسماعيل القلقشندي المقدسي الشافعي تقي الدين (ت ٨٦٧ هـ) (٥). أجاز له.
قال عنه السخاوي: سمع منه الأئمة، وأخذ عنه الأكابر.
١٧٧ - أبو بكر بن أبي اليمن محمد الطبري المكي كان حيًّا سنة (٨٠٧ هـ) (٦). أجاز له.

-----------------------------------(١) «الضوء اللامع» (١٠/ ٢٦٣)، «معجم الشيوخ» (ص ٢٩٩).
(٢) «الضوء اللامع» (١٠/ ٣٠٢).
(٣) «الضوء اللامع» (١٠/ ٣٢٨).
(٤) «الضوء اللامع» (١١/ ٣٦).
(٥) «الضوء اللامع» (١١/ ٦٩ - ٧١) و«معجم الشيوخ» (ص ٣٥٠).
(٦) «الضوء اللامع» (١١/ ٦٨).


١٧٨ - أبو الحسن البيجوري نور الدين سمع منه كتابه «غاية السول» (١).
١٧٩ - أبو عبد الله بن مرزوق (٢).
* تلاميذه من النساء:
١٨٠ - خديجة ابنة أبي عبد الله محمد بن حسن القيسي القسطلاني الأصل المكي (ت ٨٤٦ هـ) (٣). أجاز لها.
١٨١ - رقية ابنة علي بن محمد المحلي المدني (ت ٨٨٠). أجاز لها في سنة إحدى وثمانمائة (٤).
١٨٢ - زينب ابنة إبراهيم بن أحمد المرشدي المكي أم أحمد (ت ٨٤١ هـ) (٥). أجاز لها.
١٨٣ - زينب ابنة الرضي محمد بن المحب الطبري المكى (ت ٨٦٢) (٦).
أجاز لها.
١٨٤ - زينب ابنة أبي اليمن محمد بن أبي بكر العثمانى المراغى المدنى (ت ٨٥٩ هـ) (٧). أجاز لها.
١٨٥ - غصون ابنة النور أبي الحسن علي بن أحمد أم الوفاء العقيلية النويرية المكية (ت ٨٥٥ هـ) (٨). أجاز لها.

-------------------------------------
(١) «غاية السول» (ص ٦٩).
(٢) «درة الحجال» (٣/ ٢٠٠).
(٣) «معجم الشيوخ» (ص ٣١٣).
(٤) «معجم الشيوخ» (ص ٣١٤)، «الضوء اللامع» (١٢/ ٣٥).
(٥) «معجم الشيوخ» (ص ٣١٤).
(٦) «معجم الشيوخ» (ص ٣١٧)، «الضوء اللامع» (١٢/ ٤٨).
(٧) «الضوء اللامع» (١٢/ ٤٦)، «معجم الشيوخ» ص ٣١٦.
(٨) «الضوء اللامع» (١٢/ ٨٥).



١٦٨ - كمالية الصغرى ابنة علي بن أحمد أم كمال ابنة النور العقيلي المكي (ت ٨٦٧ هـ) (١). أجاز لها.
١٨٧ - كمالية ابنة المرجاني محمد بن أبي بكر الأنصاري (ت ٨٨٠ هـ) (٢). أجاز لها.
١٨٨ - هاجر ابنة محمد بن محمد أم الفضل ابنة المحدث الشرف أبي الفضل القدسي الأصل القاهري الشافعي (ت ٨٧٤ هـ) (٣).
١٨٩ - أم الحسن وتسمى سعيدة ابنة أحمد بن الكمال أبي الفضل محمد النويري، كانت حية في سنة (٨٣٦ هـ) (٤) أجاز لها.
١٩٠ - أم الحسين وتسمى سعادة ابنة عبد الملك بن محمد البكري التونسي الأصل المكي الشهير والدها بابن المرجاني (ت ٨٤٢ أو ٨٤٣ هـ) (٥) أجاز لها.
١٩١ - أم كلثوم ابنة المحب محمد بن أحمد الطبري المكية وتسمى سعيدة (٨٣٧ هـ) (٦) أجاز لها.
١٩٢ - أم كمال ابنة عبد الرحمن بن علي النويري المكية وتسمى عائشة (٨٤٣ هـ) (٧).

------------------------------------
(١) «الضوء اللامع» (١٢/ ١٢٠)، و«معجم الشيوخ» (ص ٣٢٦).
(٢) «معجم الشيوخ» (ص ٣٢٨).
(٣) «الضوء اللامع» (١٢/ ١٣١).
(٤) «الضوء اللامع» (١٢/ ١٣٥).
(٥) «معجم الشيوخ» (ص ٣٠٤)، «الضوء اللامع» (١٢/ ١٤٠).
(٦) «الضوء اللامع» (١٢/ ١٥١).
(٧) «الضوء اللامع» (١٢/ ١٥٣).



١٩٣ - أم هانئ ابنة العلامة نور الدين أبي الحسن علي بن القاضي تقي الدين الهورينية الأصل المصرية الشافعية (٨٧١ هـ) (١). أجاز لها.
١٩٤ - أم هانئ ابنة أبي الفتح محمد بن أحمد الحسني الفاسي المكي (٨٥٥ هـ) (٢). أجاز لها.
١٩٥ - أم الوفاء الصغرى ابنة القاضي علي بن أحمد بن عبد العزيز الهاشمي العقيلي النويري (٨٥٥ هـ) (٣). أجاز لها.

--------------------------------
(١) «الضوء اللامع» (١٢/ ١٥٦)، «معجم الشيوخ» (ص ٣٠٦).
(٢) «معجم الشيوخ» (ص ٣٠٧).
(٣) «الضوء اللامع» (١٢/ ١٦١)، «معجم الشيوخ» (ص ٣٠٧).



* صفاته:
قال ابن حجر (١):
كان مديد القامة، حسن الصورة، يحب المزاح والمداعبة مع ملازمة الاشتغال والكتابة، وكان حسن المحاضرة، جميل الأخلاق، كثير الإنصاف، شديد القيام مع أصحابه.
وقال أيضًا (٢): وقرأت بخط البرهان المحدّث بحلب أنه لازمه فبالغ في إطرائه، ووصفه بسعة العلم وكثرة التصانيف، ونقل عنه أنه كان يعتكف في رمضان في كل سنة في جامع الحاكم، وأنه كان كثير الانجماع عن الناس، وكان كثير المحبة في الفقراء والتبرك بهم، وأنه كان حسن الخلق، كثير المروءة، وهو كما قال فيما شاهدناه.
وقال أيضًا سبط ابن العجمي: شكالته حسنة وكذا خلقه مع التواضع والإحسان، لازمته مدة طويلة فلم أره منحرفًا قط.
وقال عنه أيضًا: وكان منقطعًا عن الناس، لا يركب إلا إلى درس أو نزهة، وكان يعتكف كل سنة بجامع الحاكم، ويحب أهل الخير والفقر ويعظمهم (٣).
وقال عنه المقريزي:
كان من أعذب الناس ألفاظًا، وأحسنهم خلقًا، وأعظمهم محاضرة، صحبته سنين وأخذت عنه كثيرًا من مروياته ومصنفاته (٤).

---------------------------------
(١) «إنباء الغمر» (٥/ ٤٥).
(٢) «المجمع المؤسس» (٢/ ٣١٩).
(٣) «الضوء اللامع» (٦/ ١٠٤).
(٤) «الضوء اللامع» (٦/ ١٠٥).



* مناصبه:
يذكر ابن فهد (١) أن ابن الملقن تصدى للإفتاء دهرًا، وناب في القضاء عمرًا.
فمناصب ابن الملقن كانت تنحصر في التدريس والإفتاء والقضاء، وعن مناصبه يحدثنا السخاوي (٢) أنه ولي قضاء الشرقية ثم تخلى عنه لولده علي، وأنه تولى الميعاد بجامع الحاكم في سنة ثلاث وستين وسبعمائة، وتولى أمر دار الحديث الكاملية خلفًا للزين العراقي الذي سافر لقضاء المدينة المنورة وكان ذلك في يوم الاثنين رابع شوال من سنة (٧٨٨ هـ) كما أرخه المقريزي (٣).
ويذكر المقريزي (٤) أنه تولى أيضًا التدريس في المدرسة السابقية.

--------------------------------
(١) «لحظ الألحاظ» (ص ١٩٨).
(٢) «الضوء اللامع» (٦/ ١٠٤).
(٣) «السلوك» (٣/ ٢/ ٥٥).
(٤) «خطط المقريزي» (٣/ ٣٣٥).



* محنته:
الابتلاء سنة من سنن الله يختبر بها عباده المؤمنين، وما يزال
المؤمن في بلاء حتى يلقى الله وما عليه خطيئة، وقد أصاب ابن
الملقن شيء من هذا الابتلاء، فقد حكى السخاوي أن برقوقًا صمم
على ولاية ابن الملقن منصب قاضي القضاة الشافعية، فعلم بعض
الناس بذلك فزور ورقة على لسان ابن الملقن بدفع أربعة آلاف دينار
إلى أحد الأمراء حتى يتم الأمر، ووصلت إلى برقوق، فجمع العلماء
وسأل الشيخ ابن الملقن: هذا خطك؟ فأنكر وصدق في إنكاره،
فغضب برقوق وزاد حنقه، وأهانه وسجنه، ثم خلصه الله -تعالى-
بعد مدة يسيرة بشفاعة البلقيني وطائفة من العلماء، وقد كانت هذِه
المحنة سنة ثمانين وسبعمائه (١).

---------------------------------
(١) «الضوء اللامع» (٦/ ١٠٥).


* وفاته:
توفي ابن الملقن ليلة الجمعة سادس عشر ربيع الأول سنة أربع وثمانمائه، ودفن مع أبيه بحوش سعيد السعداء (١).

----------------------------------
(١) انظر «الضوء اللامع» (٦/ ١٠٥) و«شذرات الذهب» (٧/ ٤٥).


* ثناء العلماء عليه:
وصفه الحافظ العراقي بالشيخ الإمام الحافظ (١). وقال عنه الحافظ العلائي: الشيخ الفقيه الإمام العالم المحدث الحافظ المتقين سراج الدين شرف الفقهاء والمحدثين فخر الفضلاء (٢).
وقال عنه ابن فهد (٣): الإمام العلامة الحافظ، شيخ الإسلام، وعلم الأئمة الأعلام، عمدة المحدثين، وقدوة المصنفين.
وقال عن تآليفه: قد سار بجملة منها رواة الأخبار واشتهر ذكرها في الأقطار، وكان -رحمه الله تعالى- عليه له فوائد جمة ويستحضر غرائب، وهو من أعذب الناس لفظًا، وأحسنهم خلقًا، وأجملهم صورة، وأفكههم محاضرة، كثير المروءة والإحسان والتواضع والكلام الحسن لكل إنسان، كثير المحبة للفقراء والتبرك بهم مع التعظيم الزائد لهم.
وقال عنه ابن تغري بردي (٤): الشيخ الإمام، صاحب التصانيف الجليلة، أثنى عليه الأئمة بالعمل والفضل، ووصف بالحافظ ونوه بذكره القاضي تاج الدين السبكي وكتب له تقريظًا على شرحه للمنهاج.
ووصفه قاضي صفد: بأنه أحد مشايخ الإسلام صاحب التصانيف التي ما فتح على غيره مثلها في هذِه الأوقات (٥).

----------------------------------
(١) «الضوء اللامع» (٦/ ١٠١) وانظر «لحظ الألحاظ» (ص ٢٠٠).
(٢) «المرجع السابق وانظر أيضًا»تحفة المراسيل«.
(٣)»لحظ الألحاظ«(١٩٧ - ٢٠٠).
(٤)»المنهل الصافي«(٦/ ١٤٦).
(٥)»الضوء اللامع«(٦/ ١٠٤) و»لحظ الألحاظ«(ص ٢٠١) و»المجمع المؤسس" (٢/ ٣١٩).



ووصفه الغماري بالشيخ الإمام، علم الأعلام، فخر الأنام، أحد مشايخ الإسلام، علامة العصر، بقية المصنفين، علم المفيدين والمدرسين سيف المناظرين مفتي المسلمين (١).
وقال عنه المقريزي: كان من أعذب الناس ألفاظًا وأحسنهم خلقًا وأعظمهم محاضرة، صحبته سنين وأخذت عنه كثيرًا من مروياته ومصنفاته (٢).
وقال عنه الصلاح الأقفهسي: تفقه وبرع وصنف وجمع وأفتى ودرس وحدث، وسارت مصنفاته في الأقطار، وقد لقينا خلقًا ممن أخذ عنه دراية ورواية، وخاتمة أصحابه تأخر إلى بعد السبعين (٣).
وقال عنه سبط ابن العجمي: حفاظ مصر أربعة أشخاص وهم من مشايخي: البلقيني وهو أحفظهم لأحاديث الأحكام، والعراقي وهو أعلمهم بالصنعة، والهيثمي وهو أحفظهم للأحاديث من حيث هي، وابن الملقن وهو أكثرهم فوائد في الكتابة على الحديث (٤).
وقال أيضًا: كان فريد وقته في التصنيف، وعبارته فيها جلية واضحة، وغرائبه كثيرة (٥).
وقال عنه ابن حجر (٦): وهؤلاء الثلاثة: العراقي، والبلقيني، وابن الملقن كانوا أعجوبة هذا العصر على رأس القرن:

------------------------------------
(١) «الضوء اللامع» (٦/ ١٠٤).
(٢) «الضوء اللامع» (٦/ ١٠٥).
(٣) «الضوء اللامع» (٦/ ١٠٥).
(٤) «لحظ الألحاظ» (ص ٢٥١).
(٥) «الضوء اللامع» (٦/ ١٠٤).
(٦) «المعجم المؤسس»: (٢/ ٣١٨). و«الضوء اللامع» (٦/ ١٠٥).



الأول: في معرفة الحديث وفنونه.
والثاني: في التوسع في معرفة مذهب الشافعي.
والثالث: في كثرة التصانيف.
وقال عنه أيضًا (١): اشتهر اسمه وطار صيته، ورغب الناس في تصانيفه لكثرة فوائدها وبسطها وجودة ترتيبها.
وقال عنه السيوطي (٢): الإمام الفقيه الحافظ ذو التصانيف الكثيرة .. أحد شيوخ الشافعية وأئمة الحديث.
وقال ابن قاضي شهبة عنه (٣): الشيخ، الإمام، العالم، العلامة، عمدة المصنفين.
وعده المولى طاش كبرى زاده من الرؤساء الذين انفرد كل منهم بفن من الفنون فاق فيه أقرانه على رأس القرن الثامن وهم:
١ - البلقيني في الفقه الشافعي.
٢ - وابن الملقن في كثرة التصانيف في الفقه الشافعي والحديث.
٣ - وشمس الدين الفناري في الاطلاع على كل العلوم العقلية والنقلية والعربية.
٤ - وأبو عبد الله محمد بن عرفة في الفقه المالكي بل وفي سائر العلوم بالمغرب.
٥ - مجد الدين الفيروز آبادي في اللغة (٤).

---------------------------------
(١) «ذيل الدرر الكامنة» (ص ١٢٢).
(٢) «طبقات الحفاظ» (ص ٥٣٧).
(٣) «طبقات الشافعية» (٤/ ٥٣).
(٤) «مقدمة تحفة المحتاج» (١/ ٦٠).



وقال عنه الحسيني (١):
هو البحر الكامل، كان من أفقه زمانه، وأفضل أقرانه، ورعًا زاهدًا شهيرًا بإخراج الأحاديث وتصحيحها وجرح الرواة وتعديلهم.
وقال الشوكاني (٢):
إنه من الأئمة في جميع العلوم، واشتهر صيته، وطار ذكره، وسارت مؤلفاته في الدنيا.
وقال أيضًا (٣): رزق الإكثار من التصنيف وانتفع الناس بغالب ذلك.
وقال عنه محمد بن إبراهيم الوزير (٤): هو المصحح عند أئمة الحديث من الشافعية كالنووي والذهبي وابن كثير وابن النحوي وغيرهم.

-----------------------------
(١) «طبقات الشافعية» (ص ٢٣٥ - ٢٣٦).
(٢) «البدر الطالع» (١/ ٥١٠).
(٣) «البدر الطالع» (١/ ٥١٠).
(٤) «الروض الباسم» (ص ١٥٢).



* نقده:
وقد صوبت لابن الملقن سهام النقد:
قال ابن حجر (١): وكانت كتابته أكثر من استحضاره، فلهذا كثر القول فيه من علماء الشام ومصر حتى قرأت بخط ابن حجي: كان ينسب إلى سرقة التصانيف؛ فإنه ما كان يستحضر شيئًا ولا يحقق علمًا ويؤلف الكثير على معنى النسخ من كتب الناس، ولما قدم دمشق نوه بقدره تاج الدين السبكي سنة سبعين وكتب له تقريظًا على كتابه «تخريج أحاديث الرافعي» وألزم عماد الدين ابن كثير فكتب له أيضًا، وقد كان المتقدمون يعظمونه كالعلائي وأبي البقاء ونحوهما، فلعله كان في أول أمره حاذقًا، وأما الذين قرؤوا عليه ورأوه من سنة سبعين فما بعدها فقالوا: لم يكن بالماهر في الفتوى ولا التدريس، وإنما كان يقرأ عليه مصنفاته غالبًا فيقرر على ما فيها.
وقال عنه أيضًا (٢): وكان يكتب في كل فن سواء أتقنه أو لم يتقنه.
وقال عنه أيضًا: لم يكن في الحديث بالمتقن ولا له ذوق أهل الفن (٣).
وقال عنه أيضًا (٤): وكان في أوَّل أمره ذكيًّا فطنًا، رأيت خطوط فضلاء ذلك العصر في طباق السماع بوصفه بالحفظ ونحوه من الصفات العلية، ولكن لما رأيناه لم يكن في الاستحضار ولا في التصرف بذاك، فكأنه لما طال عمره استروح وغلبت عليه الكتابة فوقف ذهنه.

----------------------------------
(١) «إنباء الغمر» (٥/ ٤٤) وذكر نحو هذا أيضًا في «المجمع المؤسس» (٢/ ٣١٧).
(٢) «المجمع المؤسس» (٢/ ٣١٥).
(٣) «الضوء اللامع» (٦/ ١٠٣).
(٤) «ذيل الدرر الكامنة» (ص ١٢٢).



وكانت كتابته أكثر من استحضاره، فلما دخل الشام فاتحوه في كثير من مشكلات تصانيفه فلم يكن له بذلك شعور ولا أجاب عن شيء منه، فقالوا في حقه: ناسخ كثير الغلط، وقد تغير قبل موته فحجبه ولده نور الدين علي إلى أن مات، وكان ينوب في الحكم لكن لا ينهمك فيه وإنما همته منصبة إلى التصنيف.
وذكر ابن قاضي شهبة (١) أن المصريين ينسبونه إلى سرقة التصانيف.
وقال السخاوي (٢) في دفع هذا: وكلاهما غير مقبول من قائله ولا مرضي.
وقال الشوكاني (٣): وفي هذا الكلام من التحامل ما لا يخفى على منصف؛ فكتبه شاهدة بخلاف ذلك منادية بأنه من الأئمة في جميع العلوم، وقد اشتهر صيته، وطار ذكره، وسارت مؤلفاته في الدنيا.
وذكر أيضًا الحافظ ابن حجر بعض التعقيبات على كتاب «التوضيح» نذكرها في الكلام عن الكتاب.
قلت: أما منزلته في الحديث فتصانيفه شاهدة على ريادته. ومقدمته لكتاب «التوضيح» تدل على علم غزير، ولا ينقص من قيمتها بعض العبارات غير الدقيقة المكتوبة -كما يقال- من استحضاره.
أما نقله من تصانيف غيره فهذا دأب كثير من العلماء الأعلام، وقد نقل منه ابن حجر والعيني في مئات المواضع، كما سيأتي تفصيله، وكثيرًا ما ينقل ابن حجر والعيني عنه دون إشارة إلى ذلك، أما ابن

--------------------------------
(١) «طبقات الشافعية» (٤/ ٥٧).
(٢) «الضوء اللامع» (٦/ ١٥٤).
(٣) «البدر الطالع» (١/ ٥١٠).



الملقن فشرحه على البخاري طافح بالعزو للمصادر حتى أنها أرهقتنا في توثيقها لكثرتها في الصفحة الواحدة، بل في الفقرة أو السطر الواحد! وهو كذلك في «البدر» و«الإشارات».
أما كونه ناسخ كثير الغلط، فليس إلى هذا الحد ولكن وقع له ذلك في بعض كتبه وبخاصة في شرحه للبخاري، ولعل طول الكتاب وكثرة مصادره وتزاحمها أدى به إلى ذلك، أما غيره من الكتب كـ «الإشارات» و«الأشباه والنظائر» فما وقع له من خطأ في النقل فهو قليل كغيره من المصنفين.
ومما يدل على صدق كلام السخاوي والشوكاني في ذلك أن ابن الملقن برزت شخصيته النقدية في تحليل المصادر التى ينقل منها، فلم يكن مجرد ناقل أو ناسخ، فقد كان يبدي رأيه فيها.
فمن عباراته في «البدر المنير» في الثناء على بعض هذِه الكتب، وبيان فضلها:
قوله في «علل ابن أبي حاتم»: وما أكثر فوائده.
وقوله في «الميزان»، للذهبي: وهو من أنفس كتبه.
وعن كتاب «موضح أوهام الجمع والتفريق» للخطيب: وهو كتاب نفيس وقع لي بخطه.
وعن «أطراف» المزي: اقتصرت عليه لكونه هذب الأطراف قبله، واستدرك جملة عليهم.
وعن «خلافيات» البيهقي في الحديث: لم أر مثلها، بل ولا صُنِّفَ.
وعن «التحقيق» لابن الجوزي- وسماه «الخلافيات»-: وهي مفيدة.
وعن «المغرب» للمطرزي: ما أكثر فوائده.


وعن «الأحكام» للضياء المقدسي: ما أكثرها نفعًا.
وعن «الإمام» لابن دقيق العيد: وأما كتابه «الإمام» فهو للمسلمين إمام ولهذا الفن زمام، لا نظير له، وقال عنه أيضًا: ولو بيض هذا الكتاب وخرج إلى الناس لاستغنى به عن كل كتاب صنف في نوعه أو بقيت مسودته.
وعن كتابي البكري، والحازمي في أسماء الأماكن: وهما غاية في بابهما.
وعن «الناسخ والمنسوخ» للحازمي: وهو كتاب لا نظير له في بابه، في غاية التحقيق والنفاسة.
أما عن عبارته التي أطلقها لبيان ما يؤخذ على بعض هذِه المصادر، فمنها:
قوله في «أطراف الكئب الستة» لابن طاهر: كثيرة الوهم، كما شهد بذلك حافظ الشام ابن عساكر.
وعن «الجمع بين رجال الصحيحين» لابن طاهر أيضًا: غير معتمد عليه.
وعن «الأحكام» لمجد الدين بن تيمية، المسمى بـ «المنتقى»: وهو كاسمه، وما أحسنه، لولا إطلاقه في كثير من الأحاديث العزو إلى كتب الأئمة دون التحسين والتضعيف .. وأشد من ذلك: كون الحديث في «جامع الترمذي» مبينًا ضعفه، فيعزوه إليه من غير بيان ضعفه.
وكثيرًا ما يناقش كلام الأئمة والأمثلة على ذلك كثيرة. سنذكر بعضها في منهج المصنف في كتابه.


مؤلفات ابن الملقن
اشتهر الإمام ابن الملقن بكثرة التصانيف، قال السيوطي في «التدريب» (٢/ ٤٠٦) في النوع الثالث والتسعين في معرفة الحفاظ:
أربعة تعاصروا: السراج البلقينى والسراج ابن الملقن، والزين العراقي، والنور الهيثمي، أعلمهم بالفقه ومداركه البلقيني، وأعلمهم بالحديث ومتونه العراقي، وأكثرهم تصنيفًا ابن الملقن، وأحفظهم للمتون الهيثمي.
وكذا ذكر أيضًا صاحب «الشقائق النعمانية» (١/ ٢٢).

* أسباب كثرة تصانيف ابن الملقن:
ويذكر الدكتور عبد الله بن سعاف اللحياني في مقدمة «تحفة المحتاج» (ص ٦٧) أسباب كثرة تصانيف ابن الملقن فيقول:
وكثرة مصنفات ابن الملقن تعود إلى عوامل عدة أهمها بعد توفيق الله ما يلي:
١ - تفرغه للعلم والتأليف وقلة مشاغله فلم تكن لقمة العيش لتصرفه عن الدرس والتحصيل والكتابة؛ وذلك لأنه كان موسعًا عليه في الدنيا -كما مر- وكان أيضًا قليل العيال فلم يكن له إلا ابنه الوحيد علي.


٢ - امتداد حياته العلمية؛ فقد عاش ثمانين سنة ولم يتوقف عن التأليف إلا قبيل وفاته بعام أو عامين.
٣ - اشتغاله بالتأليف وهو شاب، فقد كتب بعض مصنفاته وهو بعد لم يبلغ العشرين.
٤ - مكتبته الضخمة التي جمع فيها آلاف الكتب القيمة في مختلف فروع المعرفة.
٥ - سعة دائرته العلمية، وسرعته في القراءة والكتابة، فقد ذكر عنه تلميذه سبط ابن العجمي أنه طالع مجلدين من «الأحكام» للمحب الطبري في يوم واحد (١).
كل ذلك قد هيأ لابن الملقن أن يكون أكثر أهل زمانه تصنيفًا، حتى بلغت كتبه في سائر الفنون نحوًا من ثلاثمائة كتاب لم يصلنا منها إلا القليل.

----------------------------------------
(١) «لحظ الألحاظ» (ص ٢٠١).


* ذكر كتب ابن الملقن مرتبة على الحروف الهجائية (١):
١ - الإشارات إلى ما وقع في المنهاج من الأسماء والأماكن واللغات:
وهو مختصر لكتابه «نهاية المحتاج إلى ما يستدرك على المنهاج»، وقسمه إلى ثلاثة أقسام تتناول لغاته العربية والمعربة، والألفاظ المولدة، والمقصور والممدود، والمجموع والمفرد، وعدد لغات اللفظة والأسماء المشتركة والمترادفة، ثم أسماء الأماكن وتحقيقها من أماكنها وضبطها، وذكر أنه فرغ منه سنة ثلاث وأربعين وسبعمائة، ثم زاد عليه قدره أو أكثر منه سنة خمس وأربعين، ثم لم يؤل يزيد فيه إلى سنة ثمان وخمسين.
وقد أشار إليه المؤلف في إجازته التي كتبها بمكة بقوله: ولغاته في واحد. وقد ذكره حاجى خليفة في «كشف الظنون» (٢/ ١٨٧٣) وإسماعيل باشا في «هدية العارفين» (١/ ٧٩١) وابن قاضي شهبة في «طبقات الشافعية» (٤/ ٥٨) والزركلي في «الأعلام» (٥/ ٥٧) وكحالة في «معجم المؤلفين» (٧/ ٢٩٨).
وذكره ابن الملقن في «التوضيح» مرات، منها: ٢/ ٣٨٣.
والكتاب في مرحلة المراجعة الأخيرة عندنا بدار الفلاح.

٢ - الأشباه والنظائر:
في الفقه وأصوله، أوله بعد الديباجة: وبعد، فإن الاشتغال بالأشباه

---------------------------------
(١) قد يختلف الترتيب قليلًا في بعض الكتب مثل الكتب المتعلقة بالتنبيه، ولم نذكر مواضع نسخ الكتب إلا في القليل ونحيل القارئ إلى: «معجم مؤلفات العلامة ابن الملقن المخطوطة بمكتبات المملكة العربية السعودية» للدكتور/ ناصر السلامة، نشر دار الفلاح بالفيوم. إضافةً إلى مقدمة «البدر المنير».


والنظائر والقواعد لما تحتوي من الفوائد والفرائد وتحد الأذهان وتظهر النظر، وقد هذب العلماء جملة منها واعتنوا بها، فمنهم العلامة عز الدين وشهاب الدين القرافي، وللعلامة عصيرنا -كذا- ناصر الدين محمد بن المرحل فيه مصنف حسن هذبه ورتبه ابن أخيه زين الدين وهو الذي أبرزه، ولشيخنا الحافظ العلامة صلاح الدين بن العلائي مصنف مفرد أيضًا لكنها كلها غير مرتبة على شأن القواعد وعلى ما يقع في تلك المقاعد، وقد استخرت الله تعالى -والخيرة بيده- في كتاب في ذلك مرتب على الأبواب الفقهية على أقرب ترتيب، سهل التنقيح والتهذيب، مبين ما وقع في الاختلاف وما يفتى به عند الاضطراب من الخلاف، لم ينسج مثله على منوال، ولم يسبقني أحد إلى ترتيبه على هذا النمط … إلخ.
ذكره ابن قاضي شهبة في «طبقات الشافعية» (٤/ ٥٦) وصاحب «كشف الظنون» (١٠٠).
وذكره ابن الملقن في «التوضيح» مرارا، منها: ٢/ ١٨٩
- وقد طبع الكتاب سنة (١٤١٧ هـ) بتحقيق حمد بن عبد العزيز الخضيري ونشرته إدارة القرآن والعلوم الإسلامية بكراتشي بباكستان ويقع في مجلدين.

٣ - الإعلام بفوائد عمدة الأحكام:
وهو شرح: لـ «عمدة الأحكام» لتقي الدين عبد الغني بن عبد الواحد الجماعيلي.
قال عنه مؤلفه: عز نظيره (١).

-------------------------------------
(١) «الضوء اللامع» (٦/ ١٠١).


وذكره صاحب «كشف الظنون» (ص ١١٦٥) وقال: هو من أحسن مصنفاته وابن قاضي شهبة في «طبقات الشافعية» (٤/ ٥٨).
وابن حجر في «المجمع المؤسس» (٢/ ٣١١). و«الإصابة» (٥/ ٦٦٣). والشوكاني في «البدر الطالع» (١/ ٥٠٨). والزركلي في «الأعلام» (١/ ٥٧).
وذكره أيضًا ابن قاضي شهبة في «طبقات الشافعية» (٤/ ٤٦) وابن فهد في «لحظ الألحاظ» (ص ٣٦٩) وابن حجر في «جمان الدرر» (ق ٧٤ - ب) والسيوطي في «ذيل طبقات الحفاظ» (ص ٦٩٣) والسخاوي في «الضوء اللامع» (١/ ١٠٢) والشوكاني في «البدر الطالع» (١/ ٥٠٨). وإسماعيل باشا في «هدية العارفين» (١/ ٧٩١).
وذكره ابن الملقن في «التوضيح» مرارا، منها: ٣/ ٦٦، ٩٧، ١٥٣، ١٩٥، ٤٢٣، ٥١٠، ٥١٣، ٤/ ٣٩٠، ٤١١، ٤٣٤، ٤٣٥، ٤٨٨، ٦٤٤، ٦٥٩.
وقد طبع الكتاب بتحقيق المشيقح عن دار العاصمة. وفي تحقيقه تصحيف وتحريف، وفي التعليق عليه قصور في كثير من المواضع، وفي مواضع أخرى إسراف في نُقول لا حاجةَ إليها. ورغم هذا فقد بلغني أنه ليس من صنعه، واختلاف أسلوب التحقيق من مجلد لآخر، يدل على تداول الأيدي عليه، وإلى الله المشتكى. وانظر كلامنا السابق عن أدواء التحقيق ص ٣١، ٣٢.

٤ - الإشراف على الإطراف:
ذكره حاجي خليفة في «كشف الظنون» (١٠٣) وصاحب «الرسالة المستطرفة» (ص ١٢٦) وابن قاضي شهبة في «طبقاته» ٤/ ٥٨.


٥ - إكمال تهذيب الكمال:
اختصر ابن الملقن «تهذيب الكمال» للمزي مع التذييل عليه.
قال ابن حجر (١):
ذكر فيه تراجم ست كتب وهي: أحمد، وابن خزيمة، وابن حبان، والدارقطني، والحاكم، والبيهقي، ولم أقف منها على شيء إلا الأول.
وقال السخاوي (٢):
ومن تصانيفه مما لم أقف عليه «إكمال تهذيب الكمال» ذكر فيه تراجم رجال كتب ستة (٣) وهي: أحمد، وابن خزيمة وابن حبان، والدارقطني، والحاكم. قلت: قد رأيت منه مجلدًا وأمره فيه سهل.
وذكره الشوكاني في «البدر الطالع» (١/ ٥٠٩).
والزركلي في «الأعلام» (٥/ ٥٧).

٦ - إنجاز الوعد الوفي في شرح جامع الترمذي:
قال الأستاذ جمال السيد (٤): وقفت على قطعة منه تنتهي في الكلام على التشهد من كتاب الصلاة، والظاهر أنها بخط المؤلف.
وفقدت منه الورقة الأولى، والتي فيها خطبة المؤلف، لكن بقية الخطبة موجودة، وفيها: الكلام على كتاب الترمذي وتقسيمه، وجمعه بين الصحة والحسن ونحو ذلك.
وهذا الكتاب لم أقف على من ذكره من أصحاب كتب التراجم

------------------------------
(١) «المجمع المؤسس» (٢/ ٣١١).
(٢) «الضوء اللامع» (٦/ ١٠٢).
(٣) كذا ذكر السخاوي مع أنه لم يذكر إلا خمسة كتب حيث لم يذكر «سنن البيهقي».
(٤) «مقدمة البدر» ط دار العاصمة (١/ ٩٧).



وغيرهم، فأخشى أن يكون هو نفسه: «شرح زوائد الترمذي على الثلاثة» (١).

٧ - إيضاح الارتياب في معرفة ما يشتبه ويتصحف من الأسماء والأنساب، والألفاظ، والكنى، والألقاب، الواقعة في تحفة المحتاج إلى أحاديث المنهاج.
أوله: قال مؤلفه غفر الله له: وقد سئلت أن ألحق بآخر هذا الكتاب -أي تحفة المحتاج- فصلًا مختصرًا في ضبط ما يشكل على الفقيه الصرف من الأسماء والألفاظ واللغات وتبيينها فأجبته وبالله التوفيق.
وآخره: قال مؤلفه غفر الله له: آخره -ولله الحمد والمنة- على وجه الإيجاز والاختصار والعجلة، فإني علقت ذلك في بعض يومين من شهر رمضان من سنة خمس وخمسين وسبعمائة وإن مد الله تعالى في العمر أرجو أن أكتب عليه تعليقًا كما ينبغي، وأضم إليه الكلام على ما وقع فيه من أسماء الصحابة والتابعين فمن بعدهم، وما وقع من المبهمات وغير ذلك مما يتعلق بفنون الحديث (٢) .. إلخ.
ذكره إسماعيل باشا في «هدية العارفين» (١/ ٧٩١) و«إيضاح المكنون» (١/ ١٥٣) والزركلي في «الأعلام» (٥/ ٥٧).

---------------------------------
(١) ويوجد منه نسخة في مكتبة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض تحت رقم (٥١٨٧ - ف).
عدد أوراقها: ١٥٣ ورقة. وهي مصورة عن مكتبة شستربتي بإيرلندا برقم (٥١٨٧). وله صورة بمعهد البحوث العلمية بكلية الشريعة بجامعة أم القرى تحت رقم خاص (٣٢٨).
(٢) وهو قيد التحقيق عندنا في دار الفلاح، يسر الله إتمامه.



٨ - البدر المنير في تخريج أحاديث الشرح الكبير.
وهو تخريج وتعليق على الأحاديث التي أوردها الرافعي في شرحه الكبير على الوجيز، وترجع أهمية الكتاب لأهمية الشرح. ويعتبر موسوعة في باب التخريج وجمع طرق الأحاديث، ولم يقتصر على تخريج الأحاديث والآثار فقط، بل إننا نجده يتطرق إلى شرح الغريب من ألفاظ الحديث، أو يتعرض لضبط اسم علم أو مكان، وأحيانًا يتعرض للحكم الفقهي للحديث أو إزالة ما يتوهم من تعارض بين حديثين. إلا أن هذا كله لا يخرج موضوع الكتاب عن كونه كتاب تخريج لأحاديث الرافعي.
وقد طُبع منه ثلاثة أجزاء عن دار العاصمة، ثم طُبع كاملا في دار الهجرة بالخبر بتحقيق إخواننا في دار الكوثر.
وذكره ابن الملقن في «التوضيح» مرارا، منها: ٤/ ٢٤٣، ١٠/ ٦٢٦، ١١/ ٥٨، ٢٦/ ٤٠٦، وهناك أكثر من اختصار لكتاب «البدر المنير» منها:
١ - خلاصة البدر المنير: لابن الملقن نفسه، فقد اختصر كتابه «البدر المنير» وبين سبب اختصاره ومنهجه فيه في مقدمة كتابه «خلاصة البدر» حيث قال: إلا أن العمر قصير، والعلم بحر مداه طويل، والهمم فاترة، والرغبات قاصرة، والمستفيد قليل، والحفيظ كليل، فترى الطالب ينفر من الكتاب الطويل، ويرغب في القصير ويقنع باليسير. وكان بعض مشايخنا -عامله الله بلطفه في الحركات والسكنات، وختم أقواله وأفعاله بالصالحات- أشار باختصاره في نحو عُشر الكتاب تسهيلًا للطلاب. وليكون عمدة لحفظ الدارسين


ورأس مال لإنفاق المدرسين، فاستخرت الله -تعالى- في ذلك وسألته التوفيق في القول والعمل والعصمة من الخطأ والخطل من غير إعراض عن الأول؛ إذ عليه المعول، فشرعت في ذلك ذاكرًا من الطرق أصحها أو أحسنها ومن المقالات أرجحها، .. إلى آخر كلامه.
٢ - المنتقى من خلاصة البدر المنير: للمؤلف أيضًا حيث أشار إليه في مقدمة «خلاصة البدر المنير» فقال: فإن رمت جعلته كالأحراف فقد لخصته في كراريس لطيفة مسمى بالمنتقى.
٣ - التلخيص الحبير للحافظ ابن حجر العسقلاني: وهو من أكثر الكتب شهرة في مجال التخريج وقد بين منهجه فيه في مقدمة «التلخيص» حيث قال: فقد وقفت على تخريج أحاديث «شرح الوجيز»، للإمام أبي القاسم الرافعي -شكر الله سعيه- لجماعة من المتأخرين، منهم القاضي عز الدين بن جماعة، والإمام أبو أمامة بن النقاش، والعلامة سراج الدين عمر بن علي الأنصاري، والمفتي بدر الدين محمد بن عبد الله الزركشي، وعند كل منهم ما ليس عند الآخر من الفوائد والزوائد، وأوسعها عبارة وأخلصها إشارة كتاب شيخنا سراج الدين، إلا أنه أطاله بالتكرار فجاء في سبع مجلدات، ثم رأيته لخصه في مجلدة لطيفة، أخل فيها بكثير من مقاصد المطول وتنبيهاته، فرأيت تلخيصه في قدر ثلث حجمه مع الالتزام بتحصيل مقاصده، فمن الله بذلك، ثم تتبعت عليه الفوائد الزوائد من تخاريج المذكورين معه، ومن «تخريج أحاديث الهداية» في فقه الحنفية، للإمام جمال الدين الزيلعي؛ لأنه ينبه فيه على ما يحتج به مخالفوه، وأرجو الله إن تم هذا التتبع أن يكون حاويًا لجل ما يستدل به الفقهاء في مصنفاتهم في الفروع، وهذا مقصد جليل، والله -تعالى- المسئول

https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...b61e7e5bc3.gif




ابوالوليد المسلم 23-12-2025 10:31 PM

رد: التوضيح لشرح الجامع الصحيح أبو حفص عمر بن علي بن أحمد الأنصاري المعروف بـ ابن ال
 
https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...b61e7e5bc2.gif


الكتاب: التوضيح لشرح الجامع الصحيح
المؤلف: سراج الدين أبو حفص عمر بن علي بن أحمد الأنصاري الشافعي

المعروف بـ ابن الملقن (٧٢٣ - ٨٠٤ هـ)
الناشر: دار النوادر، دمشق - سوريا
الطبعة: الأولى، ١٤٢٩ هـ - ٢٠٠٨ م
عدد الأجزاء: ٣٦ (٣٣ والفهارس)

المجلد (1)
من صـــ 301 الى صـــ 325
الحلقة (13)





أن ينفعنا بما علمنا، ويعلمنا ما ينفعنا، وأن يزيدنا علمًا، وأن يعيذنا من حال أهل النار، وله الحمد على كل حال.

٩ - البلغة في أحاديث الأحكام:
ذكره السخاوي في «الضوء اللامع» (٦/ ١٠١).
وإسماعيل باشا في «هدية العارفين» (١/ ٧٩) والشوكاني في «البدر الطالع» (١/ ٥٠٩).
أوله بعد الديباجة: وبعد، فهذِه بلغة في أحاديث الأحكام، مما اتفق عليه الإمامان محمد ابن إسماعيل ومسلم بن الحجاج مرتبة على أبواب «المنهاج» للعلامة محيي الدين النووي، انتخبتها من تأليفي «تحفة المحتاج إلى أدلة المنهاج» التي لا يستغنى عنها، مع زيادات يسيرة مهمة ليسهل حفظها في أيسر مدة ويكون للطالب اعتماد أو عدة، وربما ذكرت أحاديث يسيرة من أفراد الصحيحين وغيرهما؛ لأني لم أجد في ذلك الباب ما يستدل به غيره، أو دلالته أظهر من دلالة غيره، والله أرغب في النفع (١) بها .. إلخ وقد فرغ من تأليفه سنة (٧٥٧ هـ).

١٠ - تاريخ الدولة التركية:
ذكره ابن قاضي شهبة في «طبقات الشافعية» (٤/ ٥٨).
وحاجي خليفة في «كشف الظنون» (١/ ٢٨٠).
وإسماعيل باشا في «هدية العارفين» (١/ ٧٩١).

---------------------------------
(١) يوجد من الكتاب نسخة في المكتبة الظاهرية تحت رقم (٣٥٨) وعنها صورة في مكتبة الجامعة الإسلامية برقم (١٤٩١) يوجد منه نسخة بمكتبة جامعة الملك سعود بالرياض تحت رقم (ف ١١٢٢٧/ ٣ - أ).
وعدد أوراقها: ٣١ وهي مصورة عن المكتبة الظاهرية بمكتبة الأسد بدمشق برقم (١١٤٩).


١١ - تاريخ بيت المقدس:
يوجد له نسخة في مكتبة جامعة الإمام محمد بن سعود بالرياض تحت رقم (٨٥٧٤ - ف). عدد أوراقها: ١٣ ورقة. مصورة عن مكتبة دار الكتب الوطنية بتونس.

١٢ - التبصرة شرح التذكرة في علوم الحديث:
ذكرها السخاوي في آخر «التوضيح الأبهر» (١) في شرح «تذكرة ابن الملقن»، فقال: «وبعد تمامه -يعني»التوضيح الأبهر«- رأيت شرحًا عليها لمؤلفها سمَّاه:»التبصرة«، في كراسة، أرجو أن ما كتبته أنفع منه … أطال في أماكن كالضعيف، بما نقله من شرح ألفية العراقي … مما الأنسب باختصار الأصل وعدمه».

١٣ - تحرير الفتاوي الواقعة في الحاوي.
قال حاجي خليفة في «كشف الظنون» (١/ ٦٢٥) وله «تصحيح الحاوي» في مجلد. وذكره إسماعيل باشا في «هدية العارفين» (١/ ٧٩١) باسم «تصحيح الحاوي في الفروع» وقد أشار إليه مؤلفه بقوله: و«شرح الحاوي الصغير» في مجلدين ضخمين لم يوضع عليه مثله وتصحيحه في مجلد (٢).
وذكره ابن حجر في «المجمع المؤسس» (٢/ ٣١٤).
و«ذيل الدرر الكامنة» (ص ١٢٢).
والشوكاني في «البدر الطالع» (١/ ٥٠٩).
والزركلي في «الأعلام» (٥/ ٥٧).

-------------------------------
(١) «التوضيح الأبهر» (ق ١٠/ ب). له نسخة في مكتبة الأزهر بالقاهرة برقم (٦١).
(٢) «الضوء اللامع» (٦/ ١٠٢).



يوجد منه نسخة في دار الكتب المصرية تحت رقم (٥٥ فقه شافعي).

١٤ - تصحيح المنهاج:
ذكره حاجي خليفة في»كشف الظنون«(ص ١٨٧٣).
وإسماعيل باشا في»هدية العارفين«(١/ ٧٩١).
ولعله الذي يشير إليه ابن الملقن عند الكلام على»المنهاج«- بقوله:»والاعتراضات عليه«(١).

١٥ - تحفة المحتاج إلى أدلة المنهاج:
أشار إليه ابن الملقن في»البدر المنير«عند الكلام على الحديث السابع بعد المائة إلا يقبل الله صلاة إلا بطهور والصلاة عليَّ».
وذكره: إسماعيل باشا في «هدية العارفين» (١/ ٧٩١).
والشوكانى في «البدر الطالع» (١/ ٥٠٩).
وهو مطبوع بتحقيق د. عبد الله اللحياني.
وذكره ابن الملقن في «التوضيح» مرارا، منها: ١٣/ ٤٦٤.

١٦ - تخريج أحاديث «مختصر منتهى السول والأمل في علمي الأصول والجدل»:
«المختصر» و«المنتهى» للإمام جمال الدين أبي عمر عثمان بن عمر الشهير بابن الحاجب المالكي (ت ٦٤٦ هـ) صنف «المنتهى» ثم اختصره، وقد ذكره المؤلف ضمن مصنفاته في إجازته بمكة (٢).
ذكره حاجي خليفة في «كشف الظنون» (ص ١٨٥٣).

-------------------------------
(١) «الضوء اللامع» (٦/ ١٠١).
(٢) «الضوء اللامع» (٦/ ١٠١).



والشوكاني في «البدر الطالع» (١/ ٥٥٨).

١٧ - تخريج أحاديث منهاج الأصول للبيضاوي:
وهو تخريج للأحاديث والآثار الواقعة في «منهاج الوصول في علم الأصول» للقاضي ناصر الدين البيضاوي.
وقد ذكره المؤلف في إجازته بمكة قال: «في جزء حديثي» (١).
ذكره الشوكاني في «البدر الطالع» (١/ ٥٠٨).
وقد جاء في آخره: آخر تخريج أحاديث «منهاج الأصول» للقاضي ناصر الدين البيضاوي على وجه الاختصار والعجلة، والحمد لله رب العالمين وصلاته على خير خلقه محمد وآله وسلم (٢).

١٨ - تذكرة الأخيار بما في الوسيط من الأخبار:
وقد أشار إليه المؤلف في كتابه «التوضيح» ١٠/ ٦٣٩، وفي «تحفة المحتاج» وانظر حديث (٩٥٠).
وقال في «البدر المنير» عند كلامه على الحديث التاسع عشر أنه -عليه السلام- قال لها: «إن دم الحيض أسود» .. قال ابن الملقن: وقد أوضحت ذلك كله في تخريجي لأحاديث «الوسيط». وقال أيضًا عند حديث «إن الشيطان ليأتي أحدكم فينفخ بين أليتيه .. قلت: ونحوه حديث أبي سعيد الخدري وأنس وقد ذكرتهما في تخريج أحاديث»الوسيط«المسمى بـ»تذكرة الأخيار بما في الوسيط من الأخبار«.
وقال أيضًا في»البدر«عند حديث أم سليم»إن الله لا يستحي من الحق هل على المرأة من غسل .. قال ابن الملقن: أم سليم اسمها سهلة

----------------------------------
(١) «الضوء اللامع» (٦/ ١٠١).
(٢) «الضوء اللامع» (٦/ ١٠١).



على أحد الأقوال وهي أم أنس ووقع في كلام الصيدلاني ثم إمام الحرمين ثم الغزالي ثم الرويانى ثم محمد بن يحيى أنها جدته وغلطهم ابن الصلاح ثم النووي في ذلك وقد أبديت وجهه في كتابي «تذكرة الأخيار بما في الوسيط من الأخبار» فسارع إليه.
وقال أيضًا عند حديث أم سلمة: (كان رسول الله - ﷺ - يوتر بثلاث عشرة فلما كبر وضعف أوتر بسبع): وأما ابن الصلاح فقال: لا نعلم في روايات الوتر مع كثرتها أنه -عليه السلام- أوتر بواحدة فحسب. وقد ناقشته في ذلك في تخريجي لأحاديث «الوسيط». وهو تخريج لأحاديث كتاب «الوسيط» للغزالي في الفقه الشافعي (١).
ذكره السخاوي في «الضوء اللامع» (٦/ ١٠١) وصاحب «الرسالة المستطرفة» (ص ١٤٢) وإسماعيل باشا في «هدية العارفين» (١/ ٧٩١) والشوكاني في «البدر الطالع» (١/ ٥٠٨).

١٩ - التذكرة في علوم الحديث:
قال السخاوي: في كراسة رأيتها. وذكره إسماعيل باشا في «هدية العارفين» (١/ ٧٩١) والزركلي في«الأعلام» (٥/ ٥٧).
وهي رسالة مختصرة جدًّا جعلها المؤلف كالإشارات، اختصرها من كتابه الكبير «المقنع».
أولها بعد الديباجة: وبعد، فهذِه تذكرة في علوم الحديث، ينتبه بها المبتدي ويتبصر بها المنتهي، اقتضبتها من «المقنع» تأليفي، والله أرغب في النفع به.

--------------------------------
(١) يوجد له نسخة بمكتبة الجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية تحت رقم (٧٠٣٦)، عدد أوراقها: ٢٤٥ ورقة. وهي مصورة عن مكتبة أحمد الثالث بتركيا رقم (٤٧٣).


وآخره: فرغت من تحرير هذِه التذكرة في نحو ساعتين من صبيحة يوم الجمعة، سابع عشرين جمادى الأولى سنة ثلاث وستين وسبعمائة.
قال عنها حاجي خليفة: وصل فيها من الأنواع إلى ثمانين نوعًا فحفظت ورجزت. اهـ.
وهي رسالة صغيرة تقع في ثلاث ورقات تشبه في حجمها -إلى حد كبير- «نخبة الفكر» للحافظ ابن حجر.
وقد لاقت «التذكرة» اهتمامًا كبيرًا من العلماء فشرحها محمد المنشاوي تلميذ الشيخ زكريا الأنصاري شيخ الإسلام (٨٢٦ - اهـ) وسمى شرحه: «فتح المغيث بشرح تذكرة الحديث» وشرحها أيضًا العلامة السخاوي وسمى شرحه «التوضيح الأبهر».
وقد حقق «التذكرة» الأستاذ محمد عزيز شمس ونشرف في المجلة التي تصدرها الجامعة السلفية بالهند في العدد (٩) مجلد (١٥) سنة (١٤٠٣ هـ-١٩٨٣ م).

٢٠ - التذكرة في الفروع:
على مذهب الشافعي، جمعها لولده علي، ورتبها على فصول أولها: الحمد لله على توالي الإنعام.
ذكره صاحب «كشف الظنون» (ص ٣٩٢).
وقال الدكتور عبد الله اللحياني في مقدمة «تحفة المحتاج» (١/ ٧٧): وقد اعتبرها الأستاذ نور الدين شريبة و«كفاية الأخيار» كتابًا واحدًا. وعندي أنهما كتابان مختلفان «كفاية الأخيار» كتاب حديث، و«التذكرة» في فروع الفقه، والله أعلم.


٢١ - تذكرة المبتدي وتبصرة المنتهي (١):
توجد له نسخة في مكتبة الأزهر برقم (١٩٧٠). له صورة بمكتبة الجامعة الإسلامية بالمدينة تحت رقم (٢٨٦٤).

٢٢ - تلخيص الوقوف على الموقوف:
ذكره السخاوي في «الضوء اللامع» (٦/ ١٠٣) وحاجي خليفة في «كشف الظنون» (ص ٤٧٩) وإسماعيل باشا في «هدية العارفين» (١/ ٧٩١).

٢٣ - تلخيص كتاب «المعنى عن الحفظ والكتاب بقولهم لم يصح شيء في الباب» لابن بدر الموصلي الحافظ (ت ٦٢٣ هـ).
ذكره حاجي خليفة في «كشف الظنون» (ص ١٧٥٠) وإسماعيل باشا في «هدية العارفين» (١/ ٧٩٢).
والسخاوي في «الضوء اللامع» (٦/ ١٠٣).
قال الدكتور عبد الله اللحياني في مقدمة «المحتاج»:
وقد ذكره حاجي خليفة باسم: «المغني في تلخيص كتاب ابن بدر في قوله: ليس يصح شيء في هذا الباب» وتبعه على هذِه التسمية صاحب «هدية العارفين» ثم الأستاذ نور الدين شريبة، رحم الله الجميع.
ومنشأ هذا الوهم -فيما أحسب- هو قول السخاوي وهو بصدد ذكر كتب ابن الملقن: و«تلخيص كتاب ابن بدر في قوله: ليس يصح شيء في هذا الباب» المسمى بـ «المغني» فكأنه فهم من قوله المسمى بـ«المغني» أن كتاب ابن الملقن له هذِه التسمية، والعلم عند الله.

-----------------------------------
(١) توجد له نسخة في مكتبة عارف حكمت الموجودة بمكتبة الملك عبد العزيز العامة
بالمدينة النبوية. له صورة بمكتبة جامعة الملك سعود بالرياض برقم (ف ٣٥ ق).



٢٤ - التلويح برجال الجامع الصحيح:
ذكره السخاوي في ذيله على «رفع الإصر عن قضاء مصر».
وانظر «بغية العلماء والرواة» (ص ١١٣).

٢٥ - التوضيح في شرح الجامع الصحيح:
وهو كتابنا هذا وسيأتي تفصيل الكلام عليه.

٢٦ - جزء في حديث «هو الطهور ماؤه الحل ميتته».
حيث أشار المؤلف نفسه إليه في كتابنا هذا فقال: والكلام على هذا الحديث منتشر جدًّا، لا يسعنا هنا استيعابه وقد نبهنا بما ذكرنا على كثير مما تركنا ولعلنا نفرده بالتصنيف إن شاء الله وقدره.
وقد فعل ذلك ولله الحمد في سنة ثلاث وستين في جزء أضيف.

٢٧ - جمع الجوامع:
وهو كتاب في الفروع. قال عنه مؤلفه (١): جمعت فيه بين كلام الرافعي في «شرحيه» و«محرره»، والنووي في «شرحه» و«منهاجه» و«روضته»، وابن الرفعة في «كفايته» و«مطلبه»، والقمولي في «بحره» و«جواهره»، وغير ذلك مما أهملوه وأغفلوه مما وقفت عليه من التصانيف في المذهب نحو المائتين.
وقد ذكر حاجي خليفة في «كشف الظنون» (ص ٥٩٨) أنه يقع في نحو مائة مجلد، وذكره ثانية (ص ١٨٧٣) أنه يقع في نحو ثلاثين مجلدًا، احترق غالبه، وذكره أيضًا إسماعيل باشا (١/ ٧٩١) والشوكاني في «البدر الطالع» (٥٠٩/ ١).

--------------------------------
(١) «الضوء اللامع» (٦/ ١٠٢).


٢٨ - حدائق الحقائق:
وجاء في بعض النسخ تسميته «حدائق الأولياء» وانظر «كشف الظنون» (ص ٦٣٣) و«هدية العارفين» (١/ ٧٩١).
قال عنه مؤلفه: يشتمل على نحو ألفي حديث، ومن حكايات الصالحين نحو ستمائة، خلاف الآثار والأشعار والنوادر.
أوله: الحمد لله على ما أنعم، وأشكره على ما ألهم وبعد، فهذا كتاب «الحدائق» يشتمل على نحو ألفي حديث … إلخ.
وآخره: حدائق الحقائق لبرهان الدين عمر بن علي ابن الملقن.
وقد أتممنا تحقيقه بحمد الله بدار الفلاح بالفيوم.

٢٩ - خلاصة البدر المنير:
وهو اختصار «للبدر المنير»: وقد تقدم منهجه عند الكلام عن «البدر».
وقد طبع عام (١٤٠٦ هـ) بتحقيق حمدي عبد المجيد السلفي، ونشرته دار الرشد بالرياض، ويقع في (٣٦٢ صفحة).
ذكره إسماعيل باشا في «هدية العارفين» (١/ ٧٩١). وابن قاضي شهبة في «طبقات الشافعية» (٤/ ٤٦).
وابن حجر في «ذيل الدرر الكامنة» (ص ١٢٢).
والشوكاني في «البدر الطالع» (١/ ٥٠٨).
والزركلي في «الأعلام» (٥/ ٥٧).

٣٠ - خلاصة الفتاوي في تسهيل أسرار الحاوي:
أوله: الحمد لله على الدوام قال عنه مؤلفه (١): لم يوضع عليه مثله.

-----------------------------------
(١) «الضوء اللامع» (٦/ ١٠٢).


ويقع الكتاب في مجلدين:
يوجد منه المجلد الثاني في خزانة الأوقاف ببغداد برقم ٣٨٧٥ أوله باب الوصايا.
توجد منه نسخة في: مكتبة أحمد الثالث بتركيا برقم (٨٠٩/ ٢).
ويوجد منه ست نسخ بدار الكتب المصرية.
النسخة الأولى: تحت رقم: (٩٥ فقه شافعي).
النسخة الثانية: تحت رقم: (١٥٣ فقه شافعي).
النسخة الثالثة: تحت رقم: (١٥٤ فقه شافعي).
النسخة الرابعة: تحت رقم: (١٥ فقه شافعي).
النسخة الخامسة: تحت رقم: (١١١٠ فقه شافعي).
النسخة السادسة: تحت رقم: (١٩ فقه شافعي).
ذكره ابن حجر في «المجمع المؤسس» (٢/ ٣١٤) وقال: و«الحاوي» في مجلدين، أجاد فيه.
وذكره أيضًا إسماعيل باشا في «هدية العارفين» (١/ ٧٩١).
والشوكاني في «البدر الطالع» (١/ ٥٠٩).
والزركلي في «الأعلام» (٥/ ٥٧).
وذكر ابن قاضي شهبة في «طبقاته» (٤/ ٥٥) عن ابن حجر أنه قال: ومن محاسن تصانيفه: «شرح الحاوي» رأيت منه نسخة.

٣١ - درر الجواهر في مناقب الشيخ عبد القادر.
وهي رسالة صغيرة في مناقب الشيخ عبد القادر الجيلاني الزاهد المشهور:


يوجد منه نسخة في الظاهرية برقم (٤٤٠٧ - عام).
وعدد أوراقها ٤ ورقات.
ويوجد له نسخة أخرى موصولة «بطبقات الأولياء» للمؤلف في خزانة الأوقاف ببغداد برقم (١٠٠٥٨).
أشار إليه المؤلف في كتابه «طبقات الأولياء» (ص ٢٤٦).
وانظر: «كشف الظنون» (ص ٧٤٧) و«هدية العارفين» (١/ ٧٩١).

٣٢ - الخلاصة في أدلة التنبيه:
قال عنه مؤلفه: هو من المهمات. وهو في الحديث ومرتب على أبواب «التنبيه».
وانظر «الضوء اللامع» (٦/ ١٠٢) و«كشف الظنون» (ص ٤٩١).
وأشار إليه المصنف في «التوضيح» ١٦/ ٤٢٣، وقد أتم تحقيقه الشيخ حسين عكاشة، لنشره بدار الفلاح إن شاء الله.

٣٣ - هادي النبيه إلى شرح التنبيه:
وهو شرح آخر للتنبيه أصغر من «شرح الكفاية» المتقدم.
قال عنه مؤلفه: وآخر نصيف اسمه «هادي النبيه إلى تدريس التنبيه» (١).
وذكره حاجي خليفة في «كشف الظنون» (ص ٤٩١).
وابن فهد في «لحظ الألحاظ» (ص ٢٠٠).
وإسماعيل باشا في «هدية العارفين» (١/ ٧٩٢).
وابن قاضي شهبة في «طبقات الشافعية» (٤/ ٤٧).
والشوكاني في «البدر الطالع» (١/ ٥٠٩).

------------------------------
(١) «الضوء اللامع» (٦/ ١٠١).


٣٧ - عجالة التنبيه:
ذكره حاجي خليفة في «كشف الظنون» (ص ١١٢٤).
وإسماعيل باشا في «هدية العارفين» (١/ ٧٩١).

٣٨ - إرشاد النبيه إلى تصحيح التنبيه:
كتاب «التنبيه» ألفه الشيرازي في الفقه الشافعي و«الإرشاد» هذا اختصار لهذا الكتاب قال عنه ابن الملقن: وهو غريب في بابه، يتعين على طالب «التنبيه» حفظة (١).
ذكره صاحب «كشف الظنون» (ص ٤٩١).
وإسماعيل باشا في «هدية العارفين» (١/ ٧٩١).

٣٩ - شرح التنبيه:
يوجد منه نسخة في مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية بالرياض. رقم الحفظ: (٤٠٥٤). مخطوط أصلي.

٤٠ - الذيل على كتاب الإسنوي:
يوجد منه نسخة في مكتبة عارف الموجودة بمكتبة الملك عبد العزيز العامة بالمدينة النبوية. رقم الحفظ: (٣٨٩٦/ ١٥٠/ ٩٠٠).
ذكره السخاوي في «الضوء اللامع» (٦/ ١٠٢).

٤١ - الرائق من حدائق الحقائق:
وهو اختصار لكتابه المتقدم «حدائق الحقائق».

٤٢ - رجال الكتب العشرة:
ذكره السخاوي في «الإعلان بالتوبيخ» (ص ١١٧).

----------------------------------
(١) يوجد منه نسخة في مكتبة الملك فهد الوطنية بالرياض مصور عن مكتبة جامعة برنستون بأمريكا مجموعة يهودا (١) تحت رقم (٦٤٥).


٤٣ - رسالة في تتبع أوهام ابن حزم:
ذكره المؤلف في كتابه «تحفة المحتاج» وانظر حديث رقم (١٢٦٧).

٤٤ - شرح الأربعين النووية:
في مجلد ذكره السخاوي في «الضوء اللامع» (٦/ ١٠٢).
وإسماعيل باشا في «هدية العارفين» (١/ ٧٩١).
وذكره في «التوضيح» ٣/ ١٩٥، ٣٠/ ١٢٧، ٢٩/ ٤٠٤، وانظر هنا «المعين».

٤٥ - شرح الألفية:
أي ألفية ابن مالك. ذكره السخاوي (٦/ ١٠٣).
وحاجي خليفة في «كشف الظنون» (ص ١٥٣).
وابن قاضي شهبة في «طبقات الشافعية» (٤/ ٥٦).
وإسماعيل باشا في «هدية العارفين» (١/ ٧٩١).
وابن حجر في «ذيل الدرر الكامنة» (ص ١٢٢).
والشوكاني في «البدر الطالع» (١/ ٥٠٩).
وكحالة في «معجم المؤلفين» (٧/ ٢٩٨).

٤٦ - شرح زوائد جامع الترمذي:
وهو شرح لزوائده على الصحيحين وأبي داود.
ذكره السخاوي في «الضوء اللامع» (٦/ ١٠٢) وحاجي خليفة في «كشف الظنون» (ص ٥٥٩) وإسماعيل باشا في «هدية العارفين» (١/ ٧٩١).
وقد ذكر الحافظ في «الفتح» أنه استفاد منه.


وذكره أيضًا الحافظ في «المجمع المؤسس» (٢/ ٣١٩).
وفي «إنباء الغمر» (٥/ ٤٣) و«ذيل الدرر الكامنة» (ص ١٢٢).
وذكره الشوكاني في «البدر الطالع» (١/ ٥٥٩).

٤٧ - شرح زوائد سنن أبي داود:
وهو شرح لزوائد سنن أبي داود على الصحيحين ويقع في مجلدين.
ذكره السخاوي في «الضوء اللامع» (٦/ ١٠٢) وحاجي خليفة في «كشف الظنون» (ص ١٠٠٥).
وذكره ابن حجر في «المجمع المؤسس» (٢/ ٣١٩). و«إنباء الغمر» (٥/ ٤٣ - ٤٤) و«ذيل الدرر الكامنة» (ص ١٢٢).
وذكره الشوكاني في «البدر الطالع» (١/ ٥٠٩).

٤٨ - شرح زوائد سنن النسائي:
وهو شرح لزوائد النسائي على الصحيحين وجامع الترمذي وسنن أبي داود، ويقع في مجلد.
ذكره السخاوي في «الضوء اللامع» (٦/ ١٠٢)
وحاجي خليفة في «كشف الظنون» (ص ١٠٠٦).
وابن حجر في «المجمع المؤسس» (٢/ ٣١٩). و«إنباء الغمر» (٥/ ٤٣) و«ذيل الدرر الكامنة» (ص ١٢٢).
وذكره الشوكاني في «البدر الطالع» (١/ ٥٠٩).

٤٩ - شرح زوائد مسلم على البخاري:
يقع في أربعة مجلدات.
ذكره حاجي خليفة في «كشف الظنون» (ص ٥٥٨).


وابن حجر في «المجمع المؤسس» (٢/ ٣١٩).
و«إنباء الغمر» (٥/ ٤٣) و«ذيل الدرر الكامنة» (ص ١٢٢) وذكره الشوكاني في «البدر الطالع» (ص ١/ ٥٠٩) والزركلي في «الأعلام» (٥/ ٥٧).
يوجد منه نسخة في خزانة الأوقاف ببغداد برقم (٣٠١٢/ ٣٠١٥).

٥٠ - شرح فرائض الوسيط:
كذا ذكره في «التوضيح» ٤/ ٣٢٦، ١٥/ ١٤١، ٣٠/ ٥٢١، وانظر هنا «تذكرة الأخيار».

٥١ - شرح مختصر التبريزي:
مختصر التبريزي في فروع الشافعية، ألفه أمين الدين مظفر بن أحمد التبريزي (ت ٦٢١ ص). لخصه من «الوجيز» للغزالي.
ذكره السخاوي في «الضوء اللامع» (٦/ ١٠٢).
وحاجي خليفة في «كشف الظنون» (٢/ ١٦٢٦).
وإسماعيل باشا في «هدية العارفين» (١/ ٧٩١).
والشوكاني في «البدر الطالع» ١ (/ ٥٠٩).
وقد طُبع في دار الفلاح بتحقيق الأخ وائل بكر.

٥٢ - شرح مختصر منتهي السول والأمل في علمي الأصول والجدل:
ذكره حاجي خليفة في «كشف الظنون» (ص ١٨٥٦).
والسخاوي في «الضوء اللامع» (٦/ ١٠٣).
وابن حجر في «ذيل الدرر الكامنة» (ص ١٢٢).
والشوكاني في «البدر الطالع» (١/ ٥٠٩).


٥٣ - شرح المنتقى في الأحكام:
و«المنتقى» لمجد الدين ابن تيمية أبي البركات جد شيخ الإسلام تقي الدين ابن تيمية.
ولم يكمل ابن الملقن هذا الشرح بل كتب قطعة منه وقد أشار ابن الملقن إلى كتابه هذا في مقدمة «البدر» ونبه على ذلك الشوكاني في «البدر الطالع» (١/ ٥٠٨).
ذكره السخاوي في «الضوء اللامع» (٦/ ١٠١) وحاجي خليفة في «كشف الظنون» (ص ١٨٥١).

٥٤ - شرح منهاج الوصول إلى علم الأصول:
ذكره حاجي خليفة في «كشف الظنون» (ص ١٨٧٩).
«المنهاج» للقاضي ناصر الدين البيضاوي:
قال السخاوي (١): وقفت عليه، شرط فيه جمع مسائل الأصول: وذكره ابن قاضي شهبة في «طبقات الشافعية» (٤/ ٥٨).
وذكر حاجي خليفة في «كشف الظنون» (٢/ ١٧٨٩) باسم «شرح أحاديث منهاج الوصول» فلا أدري هل يكون هو نفسه «شرح منهاج الوصول» أم هما كتابان مختلفان.
وذكره ابن حجر في «ذيل الدرر الكامنة» (ص ١٢٢).
والشوكاني في «البدر الطالع» (١/ ٥٠٩) وكحالة في «معجم المؤلفين» (٧/ ٢٩٨).
وأشار إليه في «التوضيح» ١٧/ ٣٠، ٢٦٦.

--------------------------------
(١) «الضوء اللامع» (٦/ ١٠٣).


٥٥ - طبقات الأولياء:
وهو في طبقات الصوفية، ترجم فيه لمشايخ الصوفية منذ منتصف القرن الثاني الهجري إلى زمنه:
ذكره إسماعيل باشا في «هدية العارفين» (١/ ٧٩١).
والزركلي في «الأعلام» (٥/ ٥٧).
وهو مطبوع بتحقيق الأستاذ نور الدين شريبة رحمه الله.

٥٦ - طبقات القراء:
ذكره السخاوي في «الضوء اللامع» (٦/ ١٠٢)
وحاجي خليفة في «كشف الظنون» (ص ١١٠٦).
والزركلي في «الأعلام» (٥/ ٥٧).

٥٧ - طبقات المحدثين:
ذكر فيه طبقات المحدثين من زمن الصحابة إلى زمنه.
ذكره ابن فهد «ذيل طبقات الحفاظ» (٢٠٠).
وحاجي خليفة في «كشف الظنون» (ص ١١٠٦)
والسخاوي في «الضوء اللامع» (٦/ ١٠١).
وإسماعيل باشا في «هدية العارفين» (١/ ٧٩١)
والشوكاني في «البدر الطالع» (١/ ٥٠٩)
والزركلي في «الأعلام» (٥/ ٥٧).

٥٨ - عجالة المحتاج في شرح المنهاج:
ذكره ابن فهد «ذيل طبقات الحفاظ» (٢٠٠).
وحاجي خليفة في «كشف الظنون» (ص ١٨٧٤).


وإسماعيل باشا في «هديه العارفين» (١/ ٧٩١).
وابن حجر في «المجمع المؤسس» (٢/ ٣١٣) وابن قاضي شهبة في «طبقات الشافعية» (٤/ ٤٧) والزركلي في «الأعلام» (٥/ ٥٧).
ولعله هو الذي أشار إليه المؤلف في إجازته التي كتبها بمكة .. ومنها في الفقه «شرح المنهاج» في ست مجلدات وآخر صغير في اثنين (١).
وقد طُبع في دار الكتاب بالأردن، بتحقيق عز الدين هشام بن عبد الكريم البدراني. باسم: «عجالة المحتاج إلى توجيه المنهاج» وهما واحد والله أعلم.

٥٩ - عدد الفرق:
ذكره السخاوي في «الضوء اللامع» (٦/ ١٠٣).
وإسماعيل باشا في «هدية العارفين» (١/ ٧٩٢).

٦٠ - العدة في معرفة رجال العمدة.
أي «عمدة الأحكام» للمقدسي.
قال عنه مؤلفه (٢): في مجلد، غريب في بابه.
وقد أشار أيضًا إليه في خطبة كتابه «الإعلام»
ذكره إسماعيل باشا في «هدية العارفين» (١/ ٧٩١)
والشوكاني في «البدر الطالع» (١/ ٥٠٨).
وذكره في مواضع من «التوضيح» منها: ٣/ ٢٤، ٣٤، ٥٣٩، ٢٠/ ٢٥١، ٢٠/ ٢٨١، ٣١٨، ٣٦٧،

------------------------------------
(١) «الضوء اللامع» (٦/ ١٠١).
(٢) «الضوء اللامع» (٦/ ١٠١).



٦١ - العقد المذهب في طبقات حملة المذهب:
ترجم فيه لعلماء الشافعية من زمن الشافعي إلى سنة (٧٧٠ هـ). فيه سبعمائة وألف ترجمة، واستفاد فيه من طبقات الأسنوي وابن كثير والسبكي وزاد فيه وحرره وهذبه حتى صار أحسن منها.
قال ابن حجر (١):
جمع فيها بين: الأسنوي، والتاج السبكي، بحيث لم يزد ترجمة واحدة، ذكره حاجي خليفة في «كشف الظنون» (ص ١١٠١، ١١٥٢).
وإسماعيل باشا فى «هدية العارفين» (١/ ٧٩١).
والشوكاني في «البدر الطالع» (١/ ٥٠٩).
والزركلي في «الأعلام» (٥/ ٥٧).
وكحالة في «معجم المؤلفين» (٧/ ٢٩٨).
وأشار إليه المؤلف في «التوضيح» ٢/ ٤٦٤
وقد طبع عام (١٤١٧ هـ) بتحقيق أيمن نصر الأزهري، وسيد مهنى، ونشرفه دار الكتب العلمية ببيروت، ويقع في (٦٤٣ صفحة) ويحتاج إلى إعادة تحقيق.

٦٢ - عقود الكمام في متعلقات الحمام:
ذكره حاجي خليفة في «كشف الظنون» (ص ١١٥٦ - ١١٥٧).
وقال عنه: جزء لطيف مشتمل على جمل من الفوائد.
وذكره أيضًا إسماعيل باشا في «هدية العارفين» (١/ ٧٩١).

------------------------------------
(١) «جمان الدرر» (ق ٥٥ - ب).


٦٣ - عمدة المفيد وتذكرة المستفيد:
يوجد منه نسخة في مكتبة جامعه الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض. رقم الحفظ: (٣٣٣٥ - ف).

٦٤ - عمدة المحتاج إلى لباب المنهاج للنووي:
يوجد منه نسخة في مكتبة جامعة الملك سعود بالرياض. رقم الحفظ: (٨٨٣ - ٣٩ م ص). عدد الأوراق: ٥ ورقات ضمن مجموع من ق (٦٢٥ - ٦٢٩).
مصدره: مصور عن المكتبة الأحمدية بحلب برقم (٣٠٨).

٦٥ - عمدة المحتاج إلى كتاب المنهاج:
وهو شرح لـ«منهاج الطالبين» للإمام النووي:
ذكره في «التوضيح» مرات عديدة، وذكره في إجازته التى كتبها بمكة قال: «شرح المنهاج» في مجلدات كما في «الضوء اللامع» (٦/ ١٠١ ت).
ذكره حاجي خليفة في «كشف الظنون» (ص ١٨٧٤).
وابن قاضي شهبة في «طبقات الشافعية» (٤/ ٥٨).
وإسماعيل باشا في «هدية العارفين» (١/ ٧٩١).
وابن حجر في «المجمع المؤسس» (٢/ ٣١١).
والشوكاني في «البدر الطالع» (١/ ٥٠٩).
وذكره في «التوضيح» في مواضع، منها: ٤/ ٢٣، ٤٤، ٤٦، ٥/ ١٣٣، ٦/ ١٣٠، ٢٦١، ٣٢٧، ٧/ ٥٧١، ٨/ ٥٨، ١٢/ ٥٨٧، ٢٠/ ٤٦٥، ٢٢/ ٢٢٠، ٢٩/ ١٠٧، ٣٠/ ٦٢٢، ويذكره دائما بـ«شرح المنهاج». وقد بدأنا بفضل الله في تحقيقه بدار الفلاح.


٦٦ - غاية السول في خصائص الرسول - ﷺ -:
وقد أشار ابن الملقن إليه في «البدر» في كتاب النكاح الحديث التاسع بعد العشرين أنه - ﷺ - مات عن تسع نسوة وذكره أيضًا في الحديث التاسع بعد الثلاثين في كتاب النكاح.
ذكره السخاوي في «الضوء اللامع» (٦/ ١٠٢)
وحاجى خليفة في «كشف الظنون» (٦/ ٧٠١)، (٢/ ١١٩٢)
وإسماعيل باشا في «هديه العارفين» (١/ ٧٩١).
والزركلي في «الأعلام» (٥/ ٥٧). وهو في الخصائص النبوية.
وذكره ابن الملقن في «التوضيح» في مواضع كثيرة، منها: ٢/ ٢٠٨، ٤/ ٢٣٣، ١٥/ ١٦٧، ١٥/ ٦٦٢، ١٧/ ٤٢١، ٢٢٧، ١٨/ ١٠٦، ٢٣/ ١١٧، ١٢٢. طبع عام (١٤١٤ هـ) بتحقيق عبد الله بحر الدين عبد الله، ونشرته دار البشائر الإسلامية ببيروت، ويقع في (٣٣٦ صفحة).

٦٧ - غاية مأمول الراكب في معرفة أحاديث ابن الحاجب:
يوجد منه نسخة في مكتبة الجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية، مصورة عن المكتبة السليمانية بتركيا (داماد إبراهيم برقم ٣٩٦/ ١).

٦٨ - غريب كتاب الله العزيز:
وهو كتاب في التفسير ذكره الزركلي في «الأعلام» (٥/ ٥٧) وهو مطبوع.

٦٩ - الكافي في الفقه:
قال عنه ابن حجر (١): أكثر فيه من النقول الغريبة.

-----------------------------------
(١) «ذيل الدرر الكامنة» (ص ١٢٢).


٧٠ - الكافي:
في علم الحديث، قال عنه ابن حجر (١): لم يكن فيه بالمتقن ولا له ذوق أهل الفن وتابعه على ذلك ابن فهد (٢).

٧١ - الكلام على سنة الجمعة قبلها وبعدها.
ذكره الأستاذ شريبة في مقدمة «طبقات الأولياء» (٢/ ٧٩٦).
وهو رسالة صغيرة مطبوعة.

٧٢ - ما تمس إليه الحاجة على سنن ابن ماجه:
شرح فيه زوائد ابن ماجه على الصحيحين وأبي داود، والترمذي والنسائي، وألحق في خطبته بيان من وافقه من باقي الأئمة الستة، مع ضبط المشكل من الأسماء والكنى، وما يحتاج إليه من الفوائد مما لم يوافق الباقين.
ابتدأه في ذي القعدة سنة (٨٠٠ هـ) وفرغ منه في شوال من سنة (٨٠١ هـ). ويقع الكتاب في ثمانية مجلدات.
قال عنه ابن حجر كما في «الضوء اللامع» (٦/ ١٠١): وقفت عليه وعلى «شرح زوائد أبي داود» وليس فيهما كبير أمر مع أنه قد سبقه للكتابة على ابن ماجه: شيخه مغلطاي.
وذكره ابن حجر في «المجمع المؤسس» (٢/ ٣١٩) و«إنباء الغمر» (٥/ ٤٤)، والشوكاني في «البدر الطالع» (١/ ٥٠٩) وذيل «الدرر الكامنة» (ص ١٢٢). وذكره حاجي خليفة في «كشف الظنون» (ص ١٠٠٤) وإسماعيل باشا في «هدية العارفين» (١/ ٧٩٢).

---------------------------------
(١) «المعجم المؤسس» (٢/ ٨٥ - ٩٠).
(٢) «لحظ الألحاظ» (ص ١٩٩).



٧٣ - المحرر المذهب في تخريج أحاديث المهذب:
أشار إليه المؤلف في كتابه «تحفة المحتاج» وانظر حديث (١٩١٣).
وقال في «البدر المنير» عند الكلام على حديث معاذ قال سألت النبي - ﷺ - عما يحل للرجل من امرأته وهي حائض؟ فقال: «ما فوق الإزار». قال ابن الملقن: وروي مثل حديث معاذ من حديث عمر وعبد الله بن سعد وعائشة وقد أوضحت الكلام عليها في تخريجي لأحاديث «المهذب» فسارع إليه وقال أيضًا عند حديث لا يقرأ الجنب ولا الحائض شيئًا من القرآن وقد وقع لنا بعلو كما ذكرته بإسنادي في تخريج أحاديث «المهذب».
وقال أيضًا في «البدر» عند حديث معاوية بن الحكم السلمي قال: لما رجعت من الحبشة صليت مع رسول الله - ﷺ - فعطس بعض القوم فقلت يرحمك الله .. الحديث.
ولفظ مسلم: رماني القوم بأبصارهم. واستشكلت رواية: صدقني.
كما ذكرته في تخريج أحاديث «المهذب» مع الجواب عنها. وأشار إليه أيضًا عند قول النبي - ﷺ - في الهدي إذا عطب: «لا تأكل منها أنت ولا أحد من أهل رفقتك» وذكره أيضًا في حديث عبادة بن الصامت: «لا تبيعوا الذهب بالذهب».
وقد ذكر في عدة مواضع أخرى في كتاب «البدر».
ذكره السخاوي في «الضوء اللامع» (٦/ ١٠١) وحاجي خليفة في «كشف الظنون» (ص ١٩١٣) وإسماعيل باشا في «هدية العارفين» (١/ ٧٩١) والشوكاني في «البدر الطالع» (١/ ٥٠٨).


٧٤ - مختصر دلائل النبوة:
وهو اختصار و«دلائل النبوة» للبيهقي.
ذكره حاجي خليفة في «كشف الظنون» (ص ٧٦٠) وابن قاضي شهبة في «طبقات الشافعية» (٤/ ٥٨).

٧٥ - مختصر البعث والنشور:
وهو اختصار و«البعث والنشور» للبيهقي.
ذكره بروكلمان في «تاريخ الأدب العربي» (٦/ ٢٣٢).
وذكر أن له نسخة في «بنكيبور» (٥ (٢) ٣٨٤ - ٣٨٥).

٧٦ - مختصر صحيح ابن حبان:
ذكره حاجي خليفة في «كشف الظنون» (ص ١٠٧٥).
وابن قاضي شهبة في «طبقات الشافعية» (٤/ ٥٨).

٧٧ - مختصر في المختلف والمؤتلف:
ذكره في «التوضيح» ٢/ ١٥٣، ١٥٦،

٧٨ - مختصر مسند أحمد بن حنبل.
ذكره حاجى خليفة في «كشف الظنون» (ص ١٦٨٠)
وابن قاضي شهبة في «طبقات الشافعية» (٤/ ٥٨)
وكحالة في «معجم المؤلفين» (٢٩٨/ ٧).

٧٩ - مشكاة الأنوار:
ذكره في «التوضيح» ١٠١/ ٢٠
م- المعين على تفهم الأربعين:
وهو شرح الأربعين النووية المتقدم ذكره. ذكره حاجي خليفة في


https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...b61e7e5bc3.gif


ابوالوليد المسلم 23-12-2025 10:35 PM

رد: التوضيح لشرح الجامع الصحيح أبو حفص عمر بن علي بن أحمد الأنصاري المعروف بـ ابن ال
 
https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...b61e7e5bc2.gif


الكتاب: التوضيح لشرح الجامع الصحيح
المؤلف: سراج الدين أبو حفص عمر بن علي بن أحمد الأنصاري الشافعي

المعروف بـ ابن الملقن (٧٢٣ - ٨٠٤ هـ)
الناشر: دار النوادر، دمشق - سوريا
الطبعة: الأولى، ١٤٢٩ هـ - ٢٠٠٨ م
عدد الأجزاء: ٣٦ (٣٣ والفهارس)

المجلد (1)
من صـــ 326 الى صـــ 350
الحلقة (14)




«كشف الظنون» (ص ٦٠). وقد صدر عن دار الفاروق بالقاهرة.

٨٠ - مشتبه النسبة:
ذكره في «التوضيح» ٢/ ٣٢٣، ٤٩٦، ٥٥٩

٨١ - المقنع في علوم الحديث:
اختصر فيه ابن الملقن مقدمة ابن الصلاح وزاد عليه، ورتبه على خمسة وستين نوعًا كترتيب ابن الصلاح وكان ابتدأ في تأليفه سنة ٧٤٩ هـ وانتهى في سنة (٧٥٩ هـ) أشار إليه ابن الملقن في «البدر المنير» عند الكلام على الحديث الثالث بعد العشرين عن أم عطية رضي الله عنها: كنا لا نعد الصفرة والكدرة شيئًا.
والكتاب ذكره ابن قاضي شهبة في «طبقاته» (٤/ ٥٨) وإسماعيل باشا في «هدية العارفين» (١/ ٧٩٢) وابن حجر في «المجمع المؤسس» (٢/ ٣١٥) والشوكاني في «البدر الطالع» (١/ ٥٠٩).
وذكره في «التوضيح» ٢/ ١٠٢، ٣/ ٣٩، ١٤٥، ٢٩٥،٥٤٩، ٥٥٢، ٥/ ٥٥٥، ١٠/ ٥٢١، ٦٢٦، ١٦/ ٥٦٥، ١٨/ ٥٩٥، ٢٠/ ٢٣٨، ٢٩/ ٢٨٧. وقد طبع عام (١٤١٣ هـ) بتحقيق عبد الله بن يوسف الجديع، ونشرته دار فواز بالإحساء، ويقع في (٨٢٢ صفحة).

٨٢ - مناقب الرافعي:
أشار إليه المؤلف في مقدمة «البدر» حيث قال: وقد ذكرت بإسناد الإمام الرافعي أربعين حديثًا في مناقبه التي أفردتها بالتصنيف.

٨٣ - المنتقى في مختصر الخلاصة:
وهو مختصر لكتابه «خلاصة البدر المنير» في جزء حديثي. وقد تقدم ذِكره عند الكلام على «البدر».

ذكره السخاوي في «الضوء اللامع» (٦/ ١٠١)
وحاجي خليفة في «كشف الظنون» (ص ١٨٥٢، ٢٠٠٣).
وإسماعيل باشا في «هدية العارفين» (٢/ ٧٩)
وابن قاضي شهبة في «طبقات الشافعية» (٤/ ٤٦)
والشوكاني في «البدر الطالع» (١/ ٥٠٨).

٨٤ - الناسك لأم المناسك:
ذكره حاجي خليفة في «كشف الظنون» (ص ١٩٢١).
والسخاوي في «الضوء اللامع» (٦/ ١٠٣).
وإسماعيل باشا في «هدية العارفين» (١/ ٧٩٢).

٨٥ - نزهة العارفين من تواريخ المتقدمين:
ويسمى كذلك «تاريخ ابن الملقن» كما يسمى «تاريخ الدولة التركية». وهو في أخبار الدولة التركية.
ذكره حاجي خليفة في «كشف الظنون» (ص ٢٨٠).
وإسماعيل باشا في «هدية العارفين» (١/ ٧٩٢).

٨٦ - نواظر النظائر:
وتوجد منه نسخة بدار الكتب المصرية: تحت رقم: (٢٢٩ أصول تيمور عربي) عدد الأوراق: ١٤٤ ورقة.

٨٧ - نزهة النظار في قضاة مصر:
ذكره حاجي خليفة في «كشف الظنون» (ص ٢٩) وسماه «أخبار قضاة مصر».
أوله: الحمد لله على إبرام القضايا وإحكامها … إلخ.


وصل فيه المؤلف إلى سنة (٧٨٠ هـ) ورتبه طبقة بعد طبقة وأورد في آخره منظومة في أسماء القضاة:

٨٨ - مختصر استدراك الحافظ الذهبي على مستدرك أبي عبد الله الحاكم على الصحيحين:
وقد يسمى «المدرك في تصحيح المستدرك».
أوله: بعد حمد الله تعالى والثناء عليه بما يليق بجلاله، وصلاته وسلامه على محمد نبيه وصحبه وآله، هذِه المواضع التي استدركها وأفادها الحافظ المحرر شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي على الحافظ أبي عبد الله الحاكم في تلخيصه لمستدركه، رأيت أن تكون مجموعة في هذِه الكراريس لمن يكون عنده المستدرك وبالله التوفيق، وحيث أقول: (قال) فهو للحاكم و(قلت) فهو للذهبي، وربما زدت من عندي زيادات مبينات على حسب ما تيسر.
وقد طبع عام ١٤١١ هـ بتحقيق عبد الله بن حمد اللحيدان، وشيخنا سعد بن عبد الله آل حميد، ونشرته دار العاصمة بالرياض، ويقع في سبع مجلدات (٣٥٩٠ صفحة).

٨٩ - مختصر إيضاح الارتياب في معرفة ما يشتبه ويتصحف من الأسماء والأنساب والألقاب:
يوجد منه نسخة في دار المخطوطات اليمنية بصنعاء باليمن.
ونسخة في دار الكتب المصرية: تحت رقم حفظ (٢٠ حديث م عربي). ونسخة أخرى بدار الكتب المصرية: تحت رقم (٢٩٨٨٩ ب عربي).


٩٠ - النكت اللطاف في بيان الأحاديث الضعاف:
يوجد منه نسخة في مكتبة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض. رقم الحفظ: (٧١٣٩ - ف). عدد الأوراق: ٩٩ ورقة. مصورة لمجمع العلمي العراقي.

٩١ - نهاية المحتاج فيما يستدرك على المنهاج:
ذكره ابن فهد في «لحظ الألحاظ» (٢٠٠).

* كتب نسبت إلى ابن الملقن وليست له:
- التأديب في مختصر التدريب.
- ترجمان شعب الإيمان.
نسبهما له إسماعيل باشا في «هدية العارفين» (١/ ٧٩١) وهما من مؤلفات السراج البلقيني.


كتاب التوضيح لشرح الجامع الصحيح
* إثبات نسبة الكتاب للمصنف:
١ - صرح المؤلف نفسه بكتابه هذا في عدة كتب من مؤلفاته، قال في خطبة كتابه (وسميته التوضيح لشرح الجامع الصحيح).
٢ - ذكر الشارح في أثناء هذا الكتاب كتب من تأليفه في مواضع كثيرة جدًّا، فيحيل الموضوع إلى أحد مؤلفاته مثل:
«شرح العمدة»، و«الإشارات»، «شرح المنهاج». مما يقطع أنه ابن الملقن.
٣ - ممن ذكر نسبة شرح البخاري لابن الملقن من العلماء ما يلي:
- حاجي خليفة في «كشف الظنون» (١).
- إسماعيل باشا في «هدية العارفين» (٢).
- صاحب «الرسالة المستطرفة» (٣).
- قاسم بن قطلوبغا، في كتابه «منية الألمعي فيما فات من تخريج
أحاديث الهداية للزيلعي» (٤).

------------------------------------
(١) «كشف الظنون» (٢/ ٢٠٠٣).
(٢) «هدية العارفين» (١/ ٧٩١).
(٣) «الرسالة المستطرفة» (ص ١٤٢).
(٤) «منية الألمعي» (ص ٩).



- ابن الوزير في كتابه «تنقيح الأنظار في علوم الآثار» (١). وذكره أيضًا في كتابه «الروض الباسم» (٢).
- الصنعاني في كتابه «توضيح الأفكار» (٣).
- الشوكاني في كتابه «نيل الأوطار» (٤) و«البدر الطالع» (٥).
- ابن قاضي شهبة في «طبقات الشافعية» (٦).
ومن تلك الأدلة أيضًا:
نقولات الخالفين منه، فقد نقل بدر الدين أبو محمد العيني من هذا الشرح في كتابه «عمدة القاري شرح صحيح البخاري»: ١٣/ ١٤، حيث قال: وقال صاحب «التوضيح»: لعله المقبري، وشنع عليه بعض من عاصره، لا شك أن سعيدًا هو المقبري بلا حرف ترج، ومثل هذا كيف يتصدى لشرح البخاري.
نقل منه أيضًا الحافظ ابن حجر في «فتح الباري» ٦/ ١٤٠ حين قال: واغتر بذلك شيخنا ابن الملقن فإنه لما وصل إلى شرح هذا الحديث هنا أحال بشرحه على الصلاة.
وقال: تقدم في الصلاة، وكأنه تبع شيخه مغلطاي في ذلك فإنه كذلك صنع، ولم يتقدم هذا الحديث عند البخاري في كتاب الصلاة أصلًا.

-----------------------------------


(١) «تنقيح الأنظار» (١/ ٢١١، ٢١٥، ٢٢١).
(٢) «الروض الباسم» (ص ٢١).
(٣) «توضيح الأفكار» (١/ ٦٤).
(٤) «نيل الأوطار» (١/ ٢٥) وذكره أيضًا في عدة مواضع أخرى.
(٥) «البدر الطالع» (١/ ٥٠٨).
(٦) «طبقات الشافعية» (٤/ ٤٦).



ومن تلك الأدلة أيضًا:
أن إبراهيم بن محمد سبط ابن العجمي تلميذ ابن الملقن وناسخ نسخة (س) كتب في آخرها ما يأتي: وكنت قديمًا كتبت النصف الأول من هذا المؤلف، وقرأته على شيخنا العلامة الحافظ سراج الدين أبي حفص عمر المؤلف بالقاهرة.
ومن تلك الأدلة أيضًا وجود هذا الاسم على غلاف عدة نسخ من الكتاب.

* اسم الكتاب:
أجمعت المصادر التي ترجمت لابن الملقن على أن له شرحًا على «صحيح البخاري»، ولم يذكروا اسم هذا الشرح إلا ما كان من حاجي خليفة، وإسماعيل باشا، والواقع أن هذا الشرح الذي بين أيدينا اسمه «التوضيح لشرح الجامع الصحيح» وأنه للإمام سراج الدين ابن الملقن، والأدلة على ذلك قائمة.
ولكن حاجي خليفة في «كشف الظنون» ١/ ٥٤٧ وإسماعيل باشا في «هدية العارفين» ١/ ٥٩١ سمياه بـ «شواهد التوضيح»، كما كتب ناسخ على ظهرية إحدى نسخه: «كتاب شواهد التوضيح لشرح الجامع الصحيح» ومعلوم أن ما يكتب على ظهرية النُّسخ يحتمل عدم الدقة، فقد يكون من تصرف ناسخ أو مفهرس بعد زمن النسخ بسنوات، والصواب أن هذا الاسم «شواهد التوضيح» لكتاب لجمال الدين ابن مالك الأندلسي النحوي، والصواب تسمية شرح ابن الملقن بـ «التوضيح لشرح الجامع الصحيح» كما سماه مصنفه، وصرَّح به في مقدمة الشرح، وعلى ظهرية نسخة سبط بخطه.


- الكتب التى شاركت ابن الملقن في شرحه للبخاري:
تقدمت في الكلام على صحيح البخاري.

* منهج ابن الملقن في شرحه:
يتضح لنا وصف منهج ابن الملقن في كتابنا هذا من خلال الأمور الآتية:
- مقدمة الكتاب وذِكْره لمنهجه فيه:
قدم المصنفَ لكتابه هذا بمقدمة نفيسة جدًا، تكلم فيها عن أهمية معرفة سنّة النبي - ﷺ -، ومنزلتها من كتاب الله، وأدلة ذلك من الكتاب والسنة، وضرورة معرفة القاضي والمفتي بأحاديث الأحكاَم، وتعريف العام والخاص والمطلق والمقيد والناسخ والمنسوخ، وحث النبي - ﷺ - على حفظ السنة وتبليغها، وامتثال الصحابة رضوان الله عليهم لأمره - ﷺ - وقيامهم بحفظ سنته وتبليغها، وكذا التابعين من بعدهم، وتدوين الحديث النبوي وظهور المصنفات فيه، ثم ذكر نبذة عن حال حفاظ الحديث وطرف من أخبارهم، ثم تناول طرق تصنيف الحديث، وعرف الصحيح والحسن والضعيف والمتصل والمرسل .. إلخ.
أما في اللغة فهو بارع ينقل من كتب أهل هذا الشأن، ومن هذِه الكتب ما لم يطبع إلى الآن، بحيث يجد المتخصص بغيته في هذا الفن.
وفي الفقه يستنبط الأحكام الفقهية من أدلتها ذاكرًا الروايات عن الصحابة والتابعين والفقهاء بحيث تشعر أنك أمام كتاب فقه متخصص.
فإذا انتقل إلى غريب الحديث تجده يستوعب كلام من قبله ثم


يدلي بدلوه بما يوافق حس الفقيه المدرك لمدلول كل لفظة من الألفاظ، فإذا تكلم على العلل ينقل أقوال أئمة الجرح والتعديل، ومن لهم يد طولى في هذا المجال كأمثال الدارقطني، والإمام أحمد، وابن المديني وغيرهم، يسوق أقوالهم في نسق فريد بحيث يشبه المؤلف المستقل في المسألة.
وقبل كل ذلك فهو يجمع أقوال العلماء على تراجم الكتب والأبواب، وكشف أوجه تعلق الأحاديث بها جامعًا أقوال من سبقه في هذا المجال، ثم كلامه على تقطيع البخاري للأحاديث، وتحرير الألفاظ في كل موضع من مواضع البخاري، ووصل المعلقات، والإشارة إلى المستخرجات، وطرق الحديث في الكتب الأصول المسندة ومنها ما هو مطبوع وما هو مخطوط. بالإضافة إلى كتب الفوائد والأجزاء الحديثية والمشيخات وغيرها مما لم يطبع حتى الآن.
فإذا تكلم في الأنساب وتحريرها وضبطها، والمؤتلف والمختلف من الأسماء، والكنى والألقاب والأوهام التي فيها، وناسخ الحديث ومنسوخه، ومشكل الحديث وبيانه، وبيان وجه الصواب فيها تكلم في كل ذلك بقدم راسخة لأنه من فرسان هذا الميدان حيث أن له مؤلفات في هذِه الفنون.
وبالجملة ففي الكتاب درر وفرائد في كثير من الفنون التي لا يستطيع أن يقدرها إلا من طالع الكتاب ويعلم من خلاله قدر هذا العالم الجليل فرحمه الله رحمة واسعة.
- أنه اهتم بأمر هام في شرحه هذا وهو تحرير الألفاظ المختلف


فيها بين نسخ الصحيح ناقلًا أقوال الأئمة في ذلك ذاكرًا ما يوافق روايته للصحيح وما يختلف عنها.
وقد أعتمد المؤلف في شرحه على رواية الزبيدي عن أبي الوقت عبد الأول السجزي عن الداودي عن أبي محمد السرخسي الحموي عن الفربري عن البخاري رحمه الله تعالى.
- طريقة المؤلف البديعة التي سار عليها في شرح الكتاب، حيث يبدأ بذكر الحديث أو الترجمة ويتكلم عليها، ثم يرتب الكلام على الحديث بعد ذلك في أوجه.
قال ابن الملقن في مقدمة الكتاب:
(فهذِه نبذ مهمة، وجواهر جمة، أرجو نفعها وذخرها، وجزيل ثوابها وأجرها، عَلَى صحيح الإمام أمير المؤمنين أبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري، سقى الله ثراه، وجعل الجنة مأواه، الذي هو أصحُّ الكتب بعد القرآن، وأجلُّها، وأعظمها، وأعمُّها نفعًا بعد الفرقان.
وأحصرُ مقصود الكلام في عشرة أقسام:
أحدها: في دقائق إسناده، ولطائفه.
ثانيها: في ضبط ما يشكل من رجاله، وألفاظ متونه ولغته، وغريبه.
ثالثها: في بيان أسماء ذوي الكنى، وأسماء ذوي الآباء والأمهات.
رابعها: فيما يختلف منها ويأتلف.
خامسها: في التعريف بحال صحابته، وتابعيهم، وأتباعهم، وضبط أنسابهم، ومولدهم، ووفاتهم. وإن وقع في التابعين أو أتباعهم قدح يسير بينته، وأجبت عنه. كل ذَلِكَ عَلَى سبيل الاختصار، حذرًا من الملالة


والإكثار.
سادسها: في إيضاح ما فيه من المرسل، والمنقطع، والمقطوع، والمعضل، والغريب، والمتواتر، والآحاد، والمدرج، والمعلل، والجواب عمن تكلم عَلَى أحاديث فيه بسبب الإرسال، أو الوقف، أو غير ذَلِكَ.
سابعها: في بيان غامض فقهه، واستنباطه، وتراجم أبوابه؛ فإن فيه مواضع يتحير الناظر فيها، كالإحالة عَلَى أصل الحديث ومخرجه، وغير ذَلِكَ مما ستراه.
ثامنها: في إسناد تعاليقه، ومرسلاته، ومقاطعه.
تاسعها: في بيان مبهماته، وأماكنه الواقعة فيه.
عاشرها: في الإشارة إلى بعض ما يستنبط منه من الأصول، والفروع، والآداب والزهد، وغيرها، والجمع بين مختلفها، وبيان الناسخ والمنسوخ منها، والعام والخاص، والمجمل والمبين، وتبيين المذاهب الواقعة فيه. وأذكر إن شاء الله تعالى وجهها، وما يظهر منها مما لا يظهر، وغير ذَلِكَ من الأقسام التي نسأل الله إفاضتها علينا.
ونذكر قبل الشروع في ذَلِكَ:
مقدمات مهمة منثورة في فصولٍ مشتملة عَلَى سبب تصنيفه، وكيفية تأليفه، وما سماه به، وعدد أحاديثه، ونبذة من فقه حال مصنفه، وبيان رجال إسناده إلينا، وما يتعلق بصحيحه، كطبقات رجاله، وحال تعاليقه، وبيان فائدة إعادته الحديث في الأبواب، والجواب عمن خرج حديثه في الصحيح وتُكلِّم فيه، وفي أحاديث


استدركت عليهما، وفي أحاديث ألزما إخراجها، وفي بيان شرطهما، ومعرفة الاعتبار، والمتابعة، والشاهد، والوصل، والإرسال، والو قف، والانقطاع، وزيا دة الثقات، والتدليس، والعنعنة، ورواية الحديث بالمعنى واختصاره، ومعرفة الصحابي، والتابعي، وضبط جملة من الأسماء المتكررة، وغير ذَلِكَ مما ستراه إن شاء الله تعالى.
وإذا تكرر الحديث شرحته في أول موضع، ثم أحلت فيما بعدُ عليه، وكذا إِذَا تكررت اللفظة من اللغةِ بينتها واضحة في أول موضع، ثم أحيل بعد عليه، وكذا أفعل في الأسماء أيضًا، وسميته:
«التوضيح لشرح الجامع الصحيح»
نسألك اللَّهُمَّ العون عَلَى إيضاح المشكلات، واللطف في الحركات والسكنات، والمحيا والممات، ونعوذ بك من علم لا ينفع، وعمل لا يرفع، وقول لا يسمع، وقلب لا يخشع، ونفس لا تشبع، ودعاء لا يسمع.
وعليك اللَّهُمَّ أعتضد فيما أعتمد، وأنت حسبي ونعم الوكيل، اللَّهُمَّ وانفع به مؤلفه وكاتبه، وقارئه، والناظر فيه، وجميع المسلمين. آمين.) انتهى كلامه.
وقد التزم ابن الملقن في معظم النصف الأول من الكتاب هذا المنهج، غير أنه اضطر إلى تخفيفه واختصاره لأسباب كثيرة نرى أنها ترجع في الغالب لتكرار الأحاديث والرواة وهذا ليس بعيب ولا نقص، وقد يكون هناك معنى جديد في تكرار الحديث فيختصر الأقسام السابقة أو يضمها معا، وقد يحتاج إلى الخروج عن هذِه الأقسام ويستطرد في فصول يرى أنها تحتاج إلى استطراد.


- ترتيب الكتاب:
سار ابن الملقن على الترتيب المعروف لصحيح البخاري بحسب نسخته وقلما يحدث تقديم أو تأخير أو ضم أبواب، أو استحداث كتاب عن طريق قسمة كتاب أصلي، وكثيرًا ما ينبه سبط في الحاشية على ذلك، مثاله ما ذكره في «كتاب البر والصلة» وإنما هو قسم من كتاب الأدب، ونبَّه عليه سبط في الحاشية. وهذا لا يؤثر على سياق الشرح.
- منهج ابن الملقن في تخريج الأحاديث والحكم عليها:
لا يخفى أن ابن الملقن من المكثرين في التصنيف في التخريج، وأبرز كتبه في ذلك هو كتاب «البدر المنير» وهو هنا يشرح أصح كتاب بعد كتاب الله تعالى فلم يكن بحاجة إلى تفصيل وتطويل في تخريج أحاديث الباب، فيكتفي بذكر تخريج مسلم والأربعة له، أما في أحاديث الشرح وعند اختلاف الألفاظ فتظهر براعته في استقصاء مصادر الحديث وعلله والحكم عليها، وكثيرًا ما ينقل أحكام المتقدمين على الحديث، وأحيانا يحكم هو أو يذكر الخلاصة في ذلك بعد أن يقدم ما يؤيد كلامه.
- تثبت ابن الملقن من النص:
كان ابن الملقن رحمه الله يتثبت في النص وقد تشتبه عليه بعض الألفاظ فيشير أنها كذلك بالأصل الذي ينقل منه، وتبعه في ذلك تلميذه سبط، ولكن هناك بعض المواضع، القليلة بالنسبة إلى حجم الكتاب، سقطت منه كلمات وربما سطر أثناء نقله من المصدر وقد نجد ذلك في عدة نُسخ -عندما يتاح ذلك في بعض


المواضع- مما يدل على أن الخطأ في النقل من ابن الملقن نفسه، وبخاصة وأنه قد راجع قسما كبيرا من نُسخة سِبط، وقد أثبتنا مثل هذا السقط عندما يُخل بالمعنى، أما إذا لم يُخِل فربما يكون ذلك اختصار وتصرف من المصنف، ويرجع تقدير ذلك إلى الباحثين والمراجعين الذين قاموا بتحقيق هذِه المواضع.

* تاريخ بدء تأليف الكتاب ونهايته:
استغرق تأليف هذا الكتاب أكثر من إحدى وعشرين سنة، بداية من أواخر سنة ٧٦٣ حتى أوائل سنة ٧٨٥ هـ تخللها أوقات لم يعمل فيها على الكتاب.
قال ابن الملقن في آخر الكتاب: وكان الابتداء في هذا التأليف المبارك في أواخر ذي الحجة سنة ثلاث وستين وسبعمائة، ثم فتر العزم إلى سنة اثنتين وسبعين فشرعت فيه وكانت خاتمته قرب زوال يوم الأحد ثالث من شهر المحرم من شهور سنة خمس وثمانين وسبعمائة سوى فترات في أثناء ذلك فكتبتُ في غيره، وذلك ببهبيت من ضواحي كوم الريش ولله الحمد والمنة.

* مصادر المؤلف:
ذكر المصنف بعض المصادر التي اعتمد عليها في آخر الكتاب، ولكنها ليست كل المصادر فهو يقول (مثل كذا) و(وغيرها)، وقد ذكر أضعافها في الشرح، وقد ينقل عن مصادر وسيطة مثل -ابن بطال- من كتب ليست عنده أو على الأقل لم ينقل منها مباشرة، وقد ذكرنا في الفهارس الكتب التي وردت في الشرح، ونذكر هنا نبذة سريعة عن مصادره التي ذكرها في آخر الكتاب، وأخرى نقل منها ورجع إليها في الشرح، وذلك بذكر اسم المؤلف وإحدى طبعات الكتاب إن أمكن:
قال ابن الملقن:
(واعلم أيها الناظر في هذا الكتاب أنه نخبة عمر المتقدمين والمتأخرين إلى يومنا هذا، فإني نظرت عليه جل كتب هذا الفن من كل نوع، ولنذكر من كل نوع جملة منها، فنقول:


أصله ما في الكتب الستة:
(البخاري) وهو الكتاب المشروح هنا وقد فصلنا الكلام عليه وعلى مؤلفه، وأفضل طبعاته حتى الآن الطبعة السلطانية المعتمدة على النسخة اليونينية، وقد صورت منذ سنوات مع ترقيم الأستاذ محمد فؤاد عبد الباقي عن دار طوق النجاة.
(ومسلم) وهو الجامع الصحيح، لمؤلفه مسلم بن الحجاج النيسابوري وهو يلي كتاب البخاري في الصحة -على الراجح-.
(وأبي داود) السنن لأبي داود السجستاني. طُبع عدة طبعات أشهرها بتحقيق: عزت عبيد الدعاس، وعادل السيد.
(والترمذي) «الجامع المختصر من السنن ومعرفة الصحيح والمعلول وما عليه العمل»: أو سنن الترمذي، لأبي عيسى محمد بن عيسى بن سورة الترمذي. تحقيق: أحمد محمد شاكر، ومحمد فؤاد عبد الباقي، وابراهيم عطوة عوض.
(وابن ماجه) السنن: لمحمد بن يزيد القزويني ابن ماجة. تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي.
(والنسائي) السنن الصغرى أو المجتبى: لأحمد بن شعيب بن علي النسائي. ترقيم عبد الفتاح أبو غدة. تصوير مكتب المطبوعات الإسلامية بحلب.
(والموطأ لمالك من طرقه) الإمام مالك بن أنس، رواية يحي بن يحي الليثي -تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي.
-رواية أبي مصعب الزهري- مؤسسة الرسالة بيروت -لبنان- تحقيق: بشار معروف ومحمود خليل.


-رواية سويد بن سعيد- دار الغرب الإسلامي-بيروت-لبنان- تحقيق: عبد المجيد التركي.
-رواية محمد بن حسن الشيباني - دار القلم -دمشق-سوريا (وموطأ عبد الله بن وهب) صدر قسم منه عن دار ابن الجوزي بالدمام، بتحقيق هشام الضبي.
(ومسند الشافعي) محمد بن إدريس الشافعي، ترتيبه: لمحمد عابد السندي. تحقيق: السيد يوسف على المروزي، والسيد عزت العطار.
(والأم) له أيضًا، أشرف على طبعه محمد زهري النجار. وطُبع أيضًا في دار السلام بالقاهرة، بتحقيق د. رفعت فوزي.
(والبويطي) وهو المختصر المعروف.
(والسنن من طريق الطحاوي عن المزني وعنه) السنن المأثورة، له عدة طبعات.
(ومسند الإمام أحمد) الإمام أحمد بن حنبل، الطبعة الميمنية في ست مجلدات.
وطبعة مؤسسة الرسالة، بتحقيق شعيب الأرنؤوط وآخرين.
(ومسند أبي داود الطيالسي) طُبع بتحقيق د. محمد التركى، دار هجر، القاهره.
(وعبد بن حميد) «المنتخب من مسند عبد بن حميد»، لعبد بن حميد، تحقيق: صبحي البدري السامرائي، ومحمود محمد خليل الصعيدي، عالم الكتب -بيروت.
(وابن أبي شيبة) «المصنف في الأحاديث والآثار» لأبي بكر عبد الله بن محمد بن إبراهيم بن عثمان العبسي، ابن أبي شيبة، الطبعة الهندية،


وصدر أيضًا عن مكتبة الرشد بالرياض، ودار الفاروق الحديثة بالقاهرة.
(والحميدي) المسند للحميدي، بتحقيق حبيب الرحمن الأعظمي، المكتبة السلفية، المدينة المنورة.
(والبزار) «البحر الزخار»، المعروف بمسند البزار، لأبي بكر أحمد بن عمرو بن عبد الخالق العتيكي البزار، مكتبة العلوم والحكم، المدينة المنورة.
(وإسحاق ابن راهويه) المسند: لإسحاق بن راهويه الحنظلي المروزي. تحقيق د. عبد الغفور عبد الحق حسين البلوشي. مكتبة الإيمان، المدينة المنورة.
(وأبي يعلى) المسند، لأبي يعلى أحمد بن علي بن المثنى الموصلي. تحقيق: حسين الأسد، دار المأمون للتراث، دمشق.
(والحارث بن أبي أسامة) مسند الحارث بن أبي أسامة، لم يُطبع، لكن عمل الهيثمي زوائده، بغية الباحث عن زوائد مسند الحارث، طُبع بتحقيق مسعد عبد الحميد السعدني، دار الطلائع، القاهرة.
(وأحمد بن منيع شيخ البخاري) لم يُطبع لكن زوائده موجودة في عدة كتب مثل: «المطالب العالية في زوائد المسانيد الثمانية» للحافظ ابن حجر، طُبع بدار الوطن، وله طبعة كبيرة عن دار العاصمة بالرياض.
(والمنتقى لابن الجارود) طُبع مع تخريجه باسم: «غوث المكدود بتخريج منتقى ابن الجارود» لأبي إسحاق الحويني، دار الكتاب العربي، بيروت.
(وصحيح أبي بكر الإسماعيلي) وهو مستخرج على صحيح البخاري، لم يُطبع، ينقل منه كثير من شُرَّاح البخاري مثل ابن الملقن


وابن حجر.
(وتاريخ البخاري: الأكبر والأوسط والأصغر)
«التاريخ الكبير» لأبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري
«التاريخ الأوسط» صدر عن مكتبة الرشد بالرياض
«التاريخ الصغير» تحقيق: محمود إبراهيم زايد، دار المعرفة، بيروت.
(وتاريخ ابن أبي خيثمة) طُبع في دار الفاروق الحديثة بالقاهرة، بتحقيق صلاح هلل.
(والجرح والتعديل لابن أبي حاتم) لأبي محمد عبد الرحمن بن محمد بن إدريس، مطبعة مجلس دائرة المعارف العثمانية، الهند.
(والكامل لابن عدي) «الكامل في ضعفاء الرجال» لأبي أحمد عبد الله بن عدي الجرجاني، تحقيق: د. سهيل زكار، وقراءة وتدقيق يحيى مختار غزاوي، دار الفكر، بيروت.
(والضعفاء للبخاري) الضعفاء الصغير: لمحمد بن إسماعيل البخاري. تحقيق: بوران الضناوي، عالم الكتب، بيروت.
(والنسائي) «الضعفاء» للنسائي صاحب السنن، مطبوع.
(والعقيلي) «الضعفاء الكبير» لأبي جعفر محمد بن عمرو بن موسى العقيلي. تحقيق د. عبد المعطي قلعجي. دار الكتب العلمية، بيروت.
(وابن شاهين) «الضعفاء والمجروحين» لأبي حفص عمر بن شاهين، لم يطبع.
(وابن حبان) «المجروحين من المحدثين والضعفاء والمتروكين» لأبي حاتم محمد بن حبان التيمي البستي، بتحقيق: محمود إبراهيم


زايد، دار الوعي، بحلب.
(وأبي العرب) لم أقف عليه.
(وابن الجوزي) أبي الفرج عبد الرحمن بن علي القرشي، ابن الجوزي. له كتاب: الموضوعات، تحقيق: عبد الرحمن محمد عثمان.
وكتاب: «العلل المتناهية في الأحاديث الواهية».
(وتاريخ نيسابور للحاكم) صاحب المستدرك، لم يُطبع.
(وبغداد للخطيب) «تاريخ بغداد»، لأحمد بن علي بن ثابت الخطيب البغدادي.
(وذيله) ذيل تاريخ بغداد: لمحب الدين محمد بن محمود بن الحسن البغدادي، ابن النجار.
(وذيل ذيله) لابن الدبيثي.
(وتاريخ دمشق لابن عساكر) مطبوع.
(ومستدرك الحاكم على الصحيحين) المستدرك على الصحيحين: لأبي عبد الله محمد بن عبد الله الحاكم النيسابوري.
(وصحيح ابن خزيمة) محمد بن إسحاق بن خزيمة. تحقيق: الدكتور محمد مصطفى الأعظمي. الطبعة الأولى. المكتب الإسلامي، بيروت.
(وصحيح ابن حبان) وسمه «التقاسيم والأنواع»، ترتيبه: «الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان»: تأليف علاء الدين علي بن بلبان الفارسي، طُبع بتحقيق: شعيب الأرناؤوط. مؤسسة الرسالة، بيروت.
(وصحيح أبي عوانة) مستخرج على صحيح مسلم، لأبي عوانة، يعقوب بن إسحاق الإسفراييني) مطبوع.
(والمعاجم الثلاثة للطبراني: الكبير والأوسط والأصغر)


«المعجم الكبير»: للحافظ أبي القاسم سليمان بن أحمد الطبراني. تحقيق: حمدي عبد المجيد السلفي، الدار العربية للطباعة، بغداد.
«المعجم الأوسط»: تحقيق: الدكتور محمود الطحان.
«المعجم الصغير»: مع تخريجه «الروض الداني». تحقيق: محمد شكور محمود الحاج أمرير.
(وسنن البيهقي) «السنن الكبرى»: لأبي بكر أحمد بن الحسين البيهقي، مطبعة مجلس دائرة المعارف النظامية، الهند.
(والمعرفة له) «معرفة السنن والآثار»: تحقيق: د. عبد المعطي قلعجي. جامعة الدراسات الإسلامية: باكستان، دار قتيبة: دمشق، دار الوعي: حلب، دار الوفاء: القاهرة.
(والشعب أيضًا) «شعب الإيمان»: لأبي بكر أحمد بن الحسين البيهقي. تحقيق: أبي هاجر محمد السعيد بن بسيوني زغلول. دار الكتب العلمية، بيروت.
(وسنن أبي علي بن السكن) لم يُطبع.
- (وأحكام عبد الحق الثلاثة: الكبرى والوسطئ والصغرى) «الأحكام الكبرى»: لعبد الحق بن عبد الرحمن الإشبيلي: طُبع ناقصا بتحقيق حسين عكاشة.
«الأحكام الوسطى»: طُبع بتحقيق حمدي السلفي وصبحي السامرائي، مكتبة الرشد، الرياض.
«الأحكام الصغرى»، هناك تحقيق عليه للشيخ خالد العنبري، لم أقف عليه.
(وكلام ابن القطان على الكبرى) "بيان الوهم والإيهام الواقعين في


كتاب الأحكام»: للحافظ ابن قطان الفاسي، أبي الحسن علي بن محمد بن عبد الملك (ت ٦٢٨ هـ) دراسة وتحقيق: د. الحسين آيت سعيد. دار طيبة- السعودية.
(وأحكام الضياء المقدسي) صاحب «الأحاديث المختارة»، طُبع بتحقيق الشيخ حسين عكاشة، نشر دار ماجد عسيري، جدة.
(وابن بزيزة) «شرح الأحكام» لأبي محمد عبد العزيز بن إبراهيم ابن بَزِيْزة ت بعد ٦٦٠ هـ.
(وأحكام المحب الطبري) محب الدين أحمد بن عبد الله ت ٦٩٤ هـ. مطبوع.
(وابن الطلاع) في «هدية العارفين»: محمد بن فرج المعروف بابن الطلاع أبو جعفر القرطبي مولى محمد بن يحيى البكري المالكي ولد سنة ٤٠٤ وتوفي سنة ٤٩٧ سبع وتسعين وأربعمائة. له أحكام النبي - ﷺ -.
«كتاب الأقضية».
(وغير ذلك) ذكر في الشرح أيضًا:
«أحكام القرآن» لابن العربي أبو بكر محمد بن عبد الله، دار المعرفة، تحقيق: علي محمد البجاوي.
«أحكام القرآن»، لأبي بكر أحمد بن علي الرازي الجصاص، دار إحياء التراث العربي بيروت، تحقيق: محمد الصادق قمحاوي
«أحكام القرآن» للطحاوي، طُبع قسم منه بتركيا.
«الأحكام» لإسماعيل بن إسحاق القاضي، الأحكام لأبي علي الطوسي، الأحكام للمجد ابن تيمية، لعله: المنتقى، الأحكام لابن العلاء، الأحكام لابن حزم.


(وثقات ابن شاهين) طُبع بتحقيق د. عبد المعطي قلعجي، دار الكتب العلمية، بيروت.
(وابن حبان) «الثقات»: لأبي حاتم محمد بن حبان البستي. تحت مراقبة: الدكتور محمد عبد المعيد خان. مطبعة مجلس دائرة المعارف العثمانية، الهند.
(والمختلف فيه لابن شاهين) المؤتلف والمختلف.
(وآخرهم الكمال لعبد الغني)
(وتهذيب الكمال للحافظ المزي) «تهذيب الكمال في أسماء الرجال»، لأبي الحجاج المزي، مؤسسة الرسالة، بيروت.
(وقد هذبته بزيادات واستدركات) وهو «إكمال تهذيب لكمال» تقدم الكلام عليه في مؤلفات ابن الملقن.
(ومختصرة للذهبي) وهو «تذهيب التهذيب»، لمحمد بن أحمد بن عثمان الذهبي. صدر عن دار الفاوق الحديثة بالقاهرة، بتحقيق مكتب الكوثر.
(وميزانه) «ميزان الاعتدال في نقد الرجال»: تحقيق: علي محمد البجاوي. دار المعرفة -بيروت.
(والمغني في الضعفاء له) مطبوع بتحقيق نور الدين عتر، دار المعارف، حلب.
(والذب عن الثقات)
(ومن تكلم فيه وهو موثق) طُبع بتحقيق محمد شكور، مكتبة المنار، الأردن.


- ومن كتب الكنى:
(للنسائي) الكنى لأبي عبد الرحمن أحمد بن شُعيب النسائي، وصفه الذهبي في «السير» ١٤/ ١٣٣ بأنه كتاب حافل.
(والدولابي) «الكُنى والأسماء»، لأبي بشر الدولابي، طُبع قديما في حيدر أباد عن دائرة المعارف النظامية، وله طبعة حديثة ببيروت.
(وأبو أحمد الحاكم) «الكنى» لأبي أحمد الحاكم، غير مطبوع، واختصره الذهبي في المقتنى في سرد الكُنى، طُبع المقتنى بتحقيق محمد صالح عبد العزيز مراد.
- ورجال الصحيحين:
(للكلاباذي) «الهداية والإرشاد في معرفة أهل الثقة والسداد»، أو: رجال صحيح البخاري، لأبي النصر أحمد بن محمد بن الحسين. تحقيق عبد الله الليثي، دار المعرفة، بيروت.
(وابن طاهر) «الجمع بين رجال الصحيحين» - لأبي الفضل محمد بن طاهر بن علي المقدسي المعروف بابن القيسراني الشيباني -ت ٥٠٧ هـ- دار الكتب العلمية- بيروت. أو أسماء رجال الصحيحين، جمع فيه: بين كتابي أبي نصر وابن منجويه وأحسن في ترتيبه على الحروف.
(وغيرها) مثل: «رجال البخاري» لأبي الوليد سليمان بن خلف الباجي، طُبع بدار اللواء بالرياض بتحقيق أبي لبابة حسين.
(والمدخل للصحيحين للحاكم) «المدخل إلى الصحيح» للحاكم أبي عبد الله محمد بن عبد الله بن حمدويه النيسابوري، بتحقيق الشيخ ربيع المدخلي، مكتبة الفرقان.


(والأسماء المفردة للحافظ أبي بكر البردي)
(ورجال الكتب الستة لابن نقطة) الحافظ أبي بكر محمد بن عبد الغني ابن نقطة الحنبلي، صاحب «التقييد لمعرفة رواة السنن والمسانيد»، و«تكملة الإكمال».
(وكشف النقاب عن الأسماء والألقاب لابن الجوزي)
(والأنساب لابن طاهر)
(وإيضاح الشك للحافظ عبد الغني المصري)
(وغنية الملتمس في إيضاح الملتبس للحافظ أبي بكر البغدادي) لأبي بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب البغدادي.
(وموضح أوهام الجمع والتفريق، له) طُبع بتحقيق: د. عبد المعطي أمين قلعجي- دار المعرفة- بيروت.
(وتلخيص المتشابه في الرسم وحماية ما أشكل منه عن بوادر التصحيف والوهم، أيضًا) طُبع بتحقيق: سكينة الشهابي -طلاس- دمشق.
(وأسماء من روى عن مالك له)
(وكتاب الفصل للوصل المدرج في النقل، له) طُبع بتحقيق: عبد السميع محمد الأنيس -دار ابن الجوزي- الدمام ..
- ومن كتب العلل:
(ما أودعه أحمد) العلل ومعرفة الرجال: للإمام أحمد بن محمد بن حنبل، رواية ابنه عبد الله بن أحمد عنه، تحقيق: وصي الله محمد عباس.
الدار السلفية، الهند. و«العلل ومعرفة الرجال»: برواية المروذي وغيره. تحقيق: وصي الله محمد عباس. الدار السلفية، الهند.


https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...b61e7e5bc3.gif


ابوالوليد المسلم 23-12-2025 10:38 PM

رد: التوضيح لشرح الجامع الصحيح أبو حفص عمر بن علي بن أحمد الأنصاري المعروف بـ ابن ال
 
https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...b61e7e5bc2.gif


الكتاب: التوضيح لشرح الجامع الصحيح
المؤلف: سراج الدين أبو حفص عمر بن علي بن أحمد الأنصاري الشافعي

المعروف بـ ابن الملقن (٧٢٣ - ٨٠٤ هـ)
الناشر: دار النوادر، دمشق - سوريا
الطبعة: الأولى، ١٤٢٩ هـ - ٢٠٠٨ م
عدد الأجزاء: ٣٦ (٣٣ والفهارس)

المجلد (1)
من صـــ 351 الى صـــ 375
الحلقة (15)





(وابن المديني) العلل: لعلي بن عبد الله بن جعفر السعدي، ابن المديني. تحقيق: محمد مصطفى الأعظمي. المكتب الإسلامي، بيروت ..
(وابن أبي حاتم) عبد الرحمن، له عدة طبعات آخرها بتحقيق شيخنا سعد الحميد، دار المحقق، الرياض.
(والدارقطني) العلل الواردة في الأحاديث النبوية، تحقيق الشيخ محفوظ الرحمن، دار طيبة، الرياض.
(وابن القطان في وهمه) بيان الوهم والإيهام الواقعين في كتاب الأحكام: للحافظ ابن قطان الفاسي، أبي الحسن علي بن محمد بن عبد الملك ت ٦٢٨ هـ، دراسة وتحقيق: د. الحسين آيت سعيد. دار طيبة- الرياض.
(وابن الجوزي في عللهم) العلل المتناهية في الأحاديث الواهية: لأبي الفرج عبد الرحمن بن علي، ابن الجوزي القرشي. تحقيق: خليل الميس. الطبعة الأولى (١٤٠٣ هـ.) دار الكتب العلمية، بيروت.
قال ابن مهدي الحافظ: لأن أعرف علة حديث أحب إلي من أن أكتب عشرين حديثًا ليس عندي.
- ومن كتب المراسيل:
(ما أودعه أبو داود) «المراسيل»: لأبي داود. تحقيق: شعيب الأرناؤوط -مؤسسة الرساله- بيروت.
(وابن أبي حاتم) «المراسيل» لأبي محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم- ت ٣٢٧ هـ. تحقيق: شكر الله بن نعمة الله قوجاني- مؤسسة الرسالة.

(وابن بدر الموصلي وغيرهم).
- ومن كتب الموضوعات:
(ما أودعه ابن طاهر)
(والجوزقاني) «الأباطيل والمناكير والصحاح والمشاهير» للحسين بن إبراهيم، الجوزقاني. تحقيق: عبد الرحمن عبد الجبار الفريوائي- الطبعة الثالثة (١٤١٥ هـ) دار الصميعي- الرياض.
(وابن الجوزي) «الموضوعات»: لأبي الفرج عبد الرحمن بن علي القرشي، ابن الجوزي. تحقيق: د. نور الدين بن شكري بن علي- الطبعة الأولى (١٤١٨ هـ). أضواء السلف- الرياض.
(والصغاني) لم يُطبع.
(وابن بدر الموصلي في موضوعاتهم).
- ومن كتب الصحابة:
(كتاب أبي نعيم) «معرفة الصحابة»: لأبي نعيم أحمد بن عبد الله بن أحمد الأصبهاني، تحقيق عادل العزازي، دار الوطن، الرياض.
(وأبي موسى) لم يُطبع.
(وابن عبد البر) «الإستيعاب في معرفة الأصحاب»: لأبي عمر يوسف بن عبد الله بن محمد القرطبي، ابن عبد البر، تحقيق: علي محمد البجاوي. مكتبة نهضة مصر، القاهرة.
(وابن قانع في معجمه) «معجم الصحابة» لأبي الحسين عبد الباقي بن قانع (٢٦٥ - ٣٥١ هـ). بتعليق: أبي عبد الرحمن صلاح بن سالم المصراتي. مكتبة الغرباء الأثرية، المدينة المنورة.
(والعسكري)


(وأسد الغابة لابن الأثير) أسد الغابة في معرفة الصحابة: لعز الدين أبي الحسن علي بن محمد الجزري، ابن الأثير، تحقيق: محمد إبراهيم البنا، ومحمد أحمد عاشور، ومحمد عبد الوهاب فايد. دار الشعب، القاهرة.
(ولخصه الذهبي في معجمه، وفيه إعواز).
- ومن كتب الأطراف:
(أطراف خلف) «أطراف الصحيحين» لخلف بن محمد بن علي بن حمدون الواسطي، ت بعد ٤٠٠ هـ
(وأبي مسعود) «أطراف الصحيحين»: لإبراهيم بن محمد بن عُبيد ت ٤٠١ هـ.
(وابن عساكر) هو: أبو القاسم علي بن أبي محمد الحسن الدمشقي صاحب «تاريخ دمشق»، وكتابه هو «الإشراف على معرفة الأطراف».
(وابن طاهر) «أطراف الكتب الستة» لشمس الدين أبي الفضل محمد بن طاهر المقدسي المعروف بابن القيسراني، ت ٥٠٧ هـ
(وأطراف المزي الجامعة) وهو: «تحفة الأشراف لمعرفة الأطراف»- جمال الدين أبو الحجاج يوسف المزي- المكتب الإسلامي- بيروت- لبنان، والدار القيمة- بهيوندي- بمباي- الهند- تحقيق: عبد الصمد شرف الدين.- ومن كتب الخلافيات الحديثة:
(خلافيات البيهقي) طُبع أجزاء منه في دار الصميعي بالرياض.
(وابن الجوزي) «التحقيق في أحاديث الخلاف»، لأبي الفرج عبد الرحمن بن علي بن الجوزي البغدادي الحنبلي، طُبع عدة طبعات منها: دار الفاروق الحديثة بالقاهرة، ودار أضواء السلف بالرياض.


(والمحلى لابن حزم ولنا معه مناقشات) لأبي محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم، تحقيق لجنة إحياء التراث العربي.
(ولابن عبد الحق) هو اَختصار لكتاب ابن الجوزي السابق، للبرهان إبراهيم بن علي بن عبد الحق الدمشقي، المتوفى سنة ٧٤٤ هـ.
(ولابن معوز أيضًا).
- ومن كتب الأمالي:
(أمالي ابن السمعاني)
(وأمالي ابن منده) هو: أبو عبد الله محمد بن إسحاق بن يحيى بن منده، ت ٣٩٥ هـ
(وأمالي ابن عساكر).
- ومن كتب الناسخ والمنسوخ:
(ما أودعه الشافعي في اختلاف الحديث)
(والأثرم) «ناسخ الحديث ومنسوخه» لأبي بكر أحمد بن محمد بن هانئ الأثرم- ت ٢٦٠ هـ. تحقيق: عبد الله بن حمد المنصور.
(والحازمي) وهو: «الاعتبار في الناسخ والمنسوخ من الآثار» لأبي بكر محمد بن موسى الحازمي. تحقيق: زكريا عميرات- الطبعة الأولى- ١٤١٦ هـ- دار الكتب العلمية- بيروت.
(وابن شاهين) «ناسخ الحديث ومنسوخه» تحقيق سمير الزهيري، مكتبة المنار بالأردن.
(وابن الجوزي في تواليفهم) وهو «إخبار أهل الرسوخ في الفقه والحديث بمقدار المنسوخ من الحديث» لجمال الدين أبي الفرج عبد الرحمن بن علي بن الجوزي، طُبع بتحقيق علي رضا- دار المأمون


للتراث، واختصره مؤلفه باسم «إعلام العالم بعد رسوخه بحقائق ناسخ الحديث ومنسوخه» طُبع بتحقيق: د. أحمد بن عبد الله العماري الزهراني، دار ابن الجوزي، بيروت.
ونقل أيضًا من «الناسخ والمنسوخ في كتاب الله -عز وجل- واختلاف العلماء في ذلك»: لأبي جعفر أحمد بن محمد بن إسماعيل النحاس، طُبع بتحقيق د. سليمان بن إبراهيم اللاحم. مؤسسة الرسالة، بيروت.
- (ومن كتب المبهمات):
(ما أودعه الخطيب) «الأسماء المبهمة في الأنباء المحكمة» لأبي بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب البغدادي. تحقيق: د/ عز الدين علي السيد. مكتبة الخانجي- القاهرة
(وابن بشكوال) «غوامض لأسماء الواقعة في متون الأحاديث المسندة» لأبي القاسم خلف بن عبد الملك بن بشكوال. ت ٥٧٨ هـ، تحقيق د. عز الدين علي السيد، محمد كمال الدين، عالم الكتب، بيروت.
(وابن طاهر)
(وابن باطيش)
(وما أودعه النووي في مختصر الخطيب)
(وابن الجوزي في آخر معجمه).
- (ومن كتب اللغات والغريب):
(غريب أبي عبيد) «غريب الحديث»: لأبي عبيد القاسم بن سلام الهروي. تحت مراقبة محمد معيد خان. مطبعة مجلس دائرة المعارف العثمانية، الهند.


(وأبي عبيدة، وجمعه في أربعين سنة)
(والحربي صاحب الإمام أحمد) «غريب الحديث» لأبي إسحاق إبراهيم بن إسحاق الحربي، ت ٢٨٥ هـ، تحقيق د. سليمان العابد، جامعة أم القرى، مكة المكرمة.
(والزمخشري في الفائق) «الفائق في غريب الحديث»: للزمخشري -تحقيق: علي محمد البجاوي ومحمد أبي الفضل إبراهيم- الطبعة الثانية- عيسى البابي الحلبي وشركاه.
(والهروي في غريبيه) «الغريبين في القرآن والحديث» مطبوع في الهند. وله طبعة عن مكتبة نزار الباز بكة المكرمة.
(وابن الأثير في نهايته وجامعه) «النهاية في غريب الحديث والأثر»: لمجد الدين المبارك بن محمد الجزري ابن الأثير. تحقيق: طاهر أحمد الزاوي ومحمود الطناحي -دار إحياء التراث العربي.
(وابن الجوزي) «غريب الحديث» مطبوع.
(والمحكم) «المحكم والمحيط الأعظم» لابن سيده. تحقيق: عبد الفتاح السيد سليم، د. فيصل الحفيان، نشر معهد المخطوطات العربية بالقاهرة.
(والمخصص لابن سيده) طُبع بدار إحياء التراث العربي -بيروت- لبنان.
(والصحاح) «الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية»- إسماعيل بن محمد الجوهري- تحقيق: أحمد عبد الغفور عطار.
(والعباب) «العباب الزاخر واللباب الفاخر» الحسن بن محمد بن الحسين الصاغاني، تحقيق محمد حسن آل ياسين، دار الرشيد، بغداد.


(والتهذيب) «تهذيب اللغة»-الأزهري- دار المعرفة- بيروت- لبنان- تحقيق: د/ رياض زكي قاسم.
(والواعي) في «هدية العارفين»: «عدة الداعي وعمدة الواعي» للكلاعي: أحمد بن حسن بن علي الكلاعي البلنسي المالقي أبو جعفر بابن الزيات خطيب جامع بلش ولد سنة ٦٥٩ وتوفي سنة ٧٣٠، وقيل ٧٢٨، ولم أقف على غيره بهذا الاسم.
(والجامع) للقزار، لم يطبع.
(وغير ذلك): «المجموع المغيث في غريبي القرآن والحديث» للإمام الحافظ موسى محمد بن أبي بكر بن أبي عيسى المديني الأصبهاني. تحقيق: عبد الكريم العزباوي -مركز البحث العلمي وإحياء التراث الإسلامي.
«غريب الحديث»: لأبي سليمان حمد بن محمد، الخطابي.
تحقيق: عبد الكريم بن إبراهيم العزباوي -دار الفكر- دمشق.
«البيان في غريب إعراب القرآن» -أبو البركات عبد الرحمن بن محمد بن الأنباري- دار الكاتب العربي- القاهرة- تحقيق: طه عبد الحميد طه.
(والمجمل) «مجمل اللغة»- أحمد بن فارس- مؤسسة الرسالة- بيروت لبنان- الطبعة الثانية (١٤٠٦ هـ- ١٩٨٦ م) تحقيق: زهير عبد المحسن سلطان.
(والزاهر) في غريب ألفاظ الفقه الشافعي، مطبوع.
(والجمهرة لابن دريد) «جمهرة اللغة» لأبي بكر محمد بن الحسن بن دريد. تحقيق: د. رمزي منير بعلبكي- دار العلم للملايين-


بيروت- لبنان.
(وعياض في مشارقه) «مشارق الأنوار على صحاح الآثار» للقاضي عياض المكتبة العتيقة- تونس، ودار التراث- القاهرة.
(وتلاه ابن قرقول في مطالعه) وهو كتاب نفيس سيصدر إن شاء الله قريبا عن دار الفلاح.
(والخطابي في تصحيفه) «تصحيفات المحدثين»
(والصولي)
(والعسكري) «تصحيفات المحدثين» لأبي أحمد الحسن بن عبد الله بن سعيد العسكري- ت ٣٨٢ هـ. تحقيق: محمود أحمد ميرة، المطبعة العربية الحديثة.
(والمطرزي).
- (ومن كتب شروحه):
(القزاز) وهو الجامع وهو شرح لغريب الصحيح.
(والخطابي) «أعلام الحديث» للإمام أبي سليمان حمد بن محمد الخطابي. تحقيق: د. محمد بن سعيد بن عبد الرحمن آل سعود- معهد البحوث العلمية- مكة المكرمة.
(والمهلب) ابن أبي صفرة. أكثر هو وابن حجر في النقل منه، ولم يُطبع.
(وابن بطال) «شرح صحيح البخاري» لأبي الحسن علي بن خلف، ابن بطال- ضبط نصه: أبو تميم ياسر بن إبراهيم- مكتبة الرشد- الرياض.
(وابن التين) لم يُطبع ونقل منه المصنف، وابن حجر كثيرا.


(ومن المتأخرين: شيخنا قطب الدين عبد الكريم في ستة عشر سفرا) الحلبي الحنبلي، توفي سنة ٧٣٥ هـ، وهو إلى نصفه كما في «كشف الظنون».
(وبعده علاء الدين مغلطاي في تسعة عشر سفرًا صغار).
(وشرحنا هذا خلاصة الكل مع زيادات مهمات وتحقيقات) وهو كما قال.
- ومن شروح الحديث:
(المازري) «المعلم بفوائد مسلم» للإمام أبي عبد الله محمد بن علي المازري. تحقيق: متولي خليل عوض الله وموسى السيد شريف- المجلس الأعلى للشئون الإسلامية- القاهرة.
(وعياض) «إكمال المعلم بفوائد مسلم» -للقاضي عياض. تحقيق: د. يحيى إسماعيل- دار الوفاء- القاهرة، مكتبة الرشد- الرياض.
(والقرطبي) «المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم» لأبي العباس القرطبي. تحقيق: محيي الدين ديب مستو ويوسف علي بديوي وأحمد محمد السيد ومحمود إبراهيم بزال -دار ابن كثير- ودار الكلم الطيب- بيروت.
(والنووي) «شرح صحيح مسلم»- لأبي زكريا يحيى بن شرف النووي- دار الريان للتراث- مصر.
(وشرح سنن أبي داود للخطابي) «أعلام الحديث» للإمام أبي سليمان حمد بن محمد الخطابي. تحقيق: د. محمد بن سعيد بن عبد الرحمن آل سعود- معهد البحوث العلمية- مكة.
(والجوامع للزكي عبد العظيم) لعله «مختصر سنن أبي داود»: لعبد


العظيم بن عبد القوي المنذري. تحقيق: أحمد محمد شاكر، ومحمد حامد الفقي- مكتبة أنصار السنة المحمدية.
(وشرح مسند الإمام الشافعي لابن الأثير) مطبوع بمكتبة الرشد بتحقيق الشيخ أحمد سليمان.
(والرافعي) طُبع بتحقيق وائل بكر زهران، دار الفلاح للبحث العلمي بالفيوم، نشر وزارة الأوقاف القطرية.
(ومن كتب أسماء الأماكن):
(ما أودعه الوزير أبو عبيد البكري في معجم ما استعجم من أسماء البلدان) «معجم ما استعجم من أسماء البلاد والمواضع» - عبد الله بن عبد العزيز البكري- دار عالم الكتب- بيروت- لبنان- تحقيق: مصطفى السقا
(ثم الحازمي في مختلفة ومؤتلفه).
- (ومن كتب الخلاف):
(تهذيب ابن جرير) «تهذيب الآثار» لأبي جعفر محمد بن جرير الطبري: طُبع أكثره بتحقيق: محمود شاكر- مطبعة المدني- القاهرة.
و«الجزء المفقود منه»: بتحقيق: علي رضا بن عبد الله بن علي رضا- دار المأمون للتراث- دمشق.
(وكتب ابن المنذر: الأوسط) «الأوسط في السنن والإجماع والاختلاف» لأبي بكر محمد بن إبراهيم النيسابوري، ابن المنذر.
طُبعت أجزاء منه بتحقيق: الدكتور صغير أحمد بن محمد حنيف- دار طيبة- الرياض. وسيصدر إن شاء الله عن دار الفلاح بتحقيق الموجود من المخطوط كله، والذي ينقصه الصوم والزكاة.


(والإشراف) «الإشراف على مذاهب أهل العلم»- ابن المنذر- دار الفكر- بيروت- لبنان- تحقيق: عبد الله عمر البارودي.
(وغير ذلك).
- (ومن كتب الطبقات):
(مسلم) «الطبقات» لمسلم بن الحجاج صاحب «الصحيح» صدر عن دار الهجرة بالخبر.
(وابن سعد) «الطبقات الكبرى» لمحمد بن سعد كاتب الواقدي- دار صادر- بيروت- لبنان.
- (وكتب السير والمغازي):
(كابن إسحاق) «السيرة النبوية»
(والواقدي) «المغازي» مطبوع.
(وغيرهما)
(وما يتعلق بها من ضبط كالسهيلي وغيره) «الروض الأنف في شرح السيرة النبوية» لابن هشام: لعبد الرحمن بن الخطيب السهيلي. تحقيق: طه عبد الرؤوف سعد.
- (وكتب المؤتلف):
(لعبد الغني)
(والدارقطني) «المؤتلف والمختلف»: لأبي الحسن علي بن عمر البغدادي، الدارقطني. تحقيق: الدكتور موفق بن عبد الله بن عبد القادر. دار الغرب الإسلامي، بيروت.
(والخطيب) «المتفق والمفترق»: للخطيب البغدادي، تحقيق: محمد صادق آيدان الحامدي. دار القادري، دمشق وبيروت.


(وابن ماكولا) وهو«الإكمال»، مطبوع.
(وابن نقطة)
(وابن سليم وغيرهم).
- وكتب الأنساب:
(الرشاطي)
(والسمعاني) مطبوع.
(وابن الأثير) «اللباب في تهذيب الأنساب» مطبوع.
- (ومن كتب أخرى):
(كمعجم أبي يعلى الموصلي) أحمد بن علي بن المثنى الموصلي.
تحقيق: حسين سليم أسد الداراني. دار المأمون للتراث، بيروت.
(وجامع المسانيد لابن الجوزي) مطبوع.
(وبقي النقل له)
(وتحريم الوطء في الدبر له)
(والأشربة لأحمد) مطبوع.
(والحلية لأبي نعيم) «حلية الأولياء وطبقات الأصفياء»: لأبي نعيم أحمد بن عبد الله الأصبهاني. مطبوع.
(والأمثال للرامهرمزي) مطبوع.
(وعلوم الحديث للحاكم) معرفة علوم الحديث، لأبي عبد الله بن عبد الله الحاكم النيسابوري، طُبع كاملا بتحقيق السلوم.
(ثم ابن الصلاح) علوم الحديث: لأبي عمرو عثمان بن عبد الرحمن، ابن الصلاح الشهرزوري. تحقيق: نور الدين عتر. دار الفكر، دمشق.


(وما زدته عليها) في كتابه: «المقنع» مطبوع عن دار فواز، بتحقيق عبد الله الجديع.
- (وكتب ابن دحية) أبو مجد الدين أبو الخطاب عمر بن حسن بن علي بن الجميل، ت ٦٣٣:
(العلم المشهور) «العلم المشهور في فضائل الأيام والشهور»
(والآيات البينات) «الآيات البينات في ذكر ما في أعضاء النبي - ﷺ - من المعجزات»
(وشرح مرج البحرين) «مرج البحرين في فوائد المشرقين والمغربين. المستوفى في أسماء المصطفى»
(والتنوير) «التنوير في مولد السراج المنير»
(وغيرهما)
- (وأما أجزاؤه فلا تنحصر)
- (وكذا كتب الفقه) وقد ذكرناها كلها في فهارس المؤلفات الموجودة في الشرح، لكن لم نفصل فيها لكثرتها.


أهمية الكتاب
وكتاب «التوضيح» له أهمية كبيرة في بابه وتبرز لنا أهميته في النواحي الآتية:
١ - أنه يتعلق بشرح الحديث النبوي.
٢ - أن موضوعه أصح كتاب بعد كتاب الله.
٣ - الأحكام لا يجوز أن تثبت إلا بالأحاديث الصحيحة.
٤ - يعد كتاب «التوضيح» موسوعة شاملة لكثير من العلوم الشرعية مرتبة على أحاديث البخاري: الحديث رواية ودراية، الغريب، الفقه، القواعد الفقهية، أصول الفقه، العقيدة. وغير ذلك.
٥ - أنه من أكبر شروح صحيح البخاري وهو أصح كتاب بعد كتاب الله تعالى.
٦ - مكانة مؤلف التي بوأته لينال مكانة علمية عظيمة ويشهد لذلك كتبه المطبوعة وعلى رأسها: «البدر المنير»، «الإعلام».
٧ - أن هذا الشرح يعتبر أصل لكثير من الشروح المعاصرة أو التالية له، فلا تجد شارحا للحديث إلا وقد استفاد من هذا الشرح وإن لم يصرح، وقد نقل منه ابن حجر في «فتح الباري» مصرح باسمه أحيانًا، وأحيانًا أخرى يقول شيخنا -ويقصد به ابن الملقن-، وأيضًا «عمدة القاري» كثيرًا ما نقل منه.


٨ - ومما يميز كتاب»التوضيح«أن مصنفه -رحمه الله- كان يجتهد في جمع وترتيب شرحه للحديث، فقد بقى المؤلف زمنًا في تأليف الكتاب يعلق الفوائد اللغوية والفقهية والحديثية ويجمع متفرقها.
٩ - احتفظ لنا هذا الكتاب بنصوص وفوائد علمية ونقولات هامة فقد أصولها أو لم تُطبع، منها ما هو في الحديث أو الرجال أو اللغة أو غير ذلك.
وإليك بعض الأمثلة على ذلك:
-»شرح البخاري للمهلب بن أبي صفرة، وكذا شرح مغلطاي، وابن التين، وغيرهم من الشُراح.
- «جامع القزاز»
- «الصحاح» لابن السكن.
- «الدلائل» للسرقسطي.
- «الأمالي» لابن منده.
- «كتاب البسملة» لأبي محمد المقدسي.
- «الأمالى الشارحه لمفردات الفاتحة» للرافعي.
- «الموعب» للتباني.
- «كشف النقاب عن الأسماء والألقاب» لابن الجوزي.
- «أحكام ابن الطلاع».
- «مطالع الأنوار على صحاح الآثار» لابن قرقول.
-«الواعى» للكلاعي.
- «شرح التنبيه» للشيخ نجم الدين البالسي.
- «مسند ابن منيع».


- العديد من مؤلفات ابن الملقن نفسه التي لم تطبع، مثل «الإشارات»، و«الإيضاح»، و«شرح المنهاج» وغيرها.
١٠ - اشتمل االكتاب على العديد من القواعد والفوائد الحديثية، والإجماعات، والأصول، واللغة، والقراءات. ومقدمته نافعة جدًا في علوم الحديث.
- بعض مآخذ العلماء على الكتاب:
وهناك بعض المآخذ على كتاب «التوضيح» إلا أن هذا لا ينقص من قيمة الكتاب ولا من قدره، وتتمثل هذِه المآخذ فيما يلي:
١ - إن ابن الملقن رحمه الله أحيانًا ينقل نصوصًا من كلام العلماء ولا ينسبها إليهم.
٢ - وهمه في عزو الحديث أحيانَا أو في تراجم بعض الرواة.
٣ - قد يعتمد في العزو أحيانًا على مصادر وسيطة دون الرجوع إلى الأصل.
- الحافظ ابن حجر:
انتقد الحافظ هذا الشرح بأنه مفيد في أوله ضعيف في آخره.
وهذا القول غير دقيق كما هو واضح من الكتاب، بل نبه ابن الملقن أن هذا العيب في بعض شروح البخاري، فقال عند شرحه لباب فِي القَدَرِ حديث رقم ٦٥٩٤ وما بعده: (استروح بعض شيوخنا من شراحه فقال: أبوابه كلها تقدمت ولم يزد، ثم انتقل إلى الإيمان والقدر، وهذا كما فعل في الأدب إلى الاستئذان حيث تفرد في نحو أربع ورقات بخطه، وهو في كتاب البخاري نفسه ثلاث وعشرون ورقة، وقد شرحناه بحمد الله في نحو نصف جزء كما سلف.


وما خاب المثل: تسمع بالمعيدي خير من أن تراه، وعلى تقدير سبقها، فتراجم البخاري وفقهه في أبوابه وصناعته في إسناده، أين تذهب؟ وللحروب رجال، فمن يتصدى لهذا الكتاب الجليل، ويعمل فيه هذا العمل القليل، في كثير مع عدم التحرير والتصحيف والتحريف والتكرار والنقص والتقليد والتقديم والتأخير؟! والله المستعان.)
وعلق سبط ابن العجمي على هذا الكلام قائلا:
أظن بل أجزم أنه أراد به شيخه الحافظ علاء الدين مغلطاي، ولم يرد الحافظ قطب الدين عبد الكريم الحلبي، وذلك لأن قطب الدين أجازه فقط ولم يقرأ عليه، وانتفع به، بخلاف مغلطاي فإنه قرأ عليه وانتفع به، وقد قرأ عليه قطعة من شرحه لهذا الكتاب من أوائله كما رأيت، وفي آخر كلام شيخنا ما يريد إلى ما ذكرته، وذلك قطب الدين شرحه مسودة لم يبيضه، وما أظن شيخنا وقف عليه كله، وقد رأيت عنده بخط قطب الدين وهو خط غلق، وقطب توفي سنة أربع وثلاثين بل خمس وثلاثين في سلخ رجب، وكان شيخنا إذ ذاك له عشر سنين وزيادة، وأخبرني أنه عرض عليه «العمدة» لعبد الغني وأجازه، ورأيت خطه معه عليها، والعرض في سنة أربع وثلاثين وستمائة، والله أعلم، وقد قال ابن رافع في «معجم شيوخه» أنه كتب قطعة كبيرة من شرح البخاري، فصريح هذا أنه لم يكمل شرحه يعني: الشيخ قطب الدين.


وصف المخطوطات
اعتمدنا في تحقيق الكتاب على نسخ خطية أهمها وأتمها نسخة سبط ابن العجمي تلميذ المصنف، وقد أضاف عليها كثير من التعليقات والحواشي.

* النسخة الأولى:
نسخة سبط بن العجمي:
وهي النسخة التي كانت في المكتبة العثمانية بحلب ثم نقلت إلى مكتبة الأسد بدمشق وهو أربع مجلدات ضخام:
- المجلد الأول:
ويبدأ بحديث (٧٤) من الصحيح ويبدو أن القطعة الأولى من مقدمة المصنف حتى هذا الحديث قد فُقدت ويبدأ هذا المجلد بقوله:
وقوله: ﴿هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ﴾ [الكهف: ٦٦] الآية: حدثنا محمد بن غرير الزهري قال .. وهو في باب ما ذكر في ذهاب موسى -عليه السلام- في البحر إلى الخضر من كتاب العلم.
وينتهي بشرح آخر كتاب في الصلاة وهو حديث رقم (١٢٣٦) وفي آخره ما يلي: آخر كتاب الصلاة ويتلوه في الجزء الثاني كتاب الجنائز.
ثم قال سبط بخطه أيضًا:


فرغ من تعليقه بدار السنة الكاملية بالقاهرة في مدة آخرها منتصف شعبان الكريم من سنة خمس وثمانين وسبعمائة إبراهيم بن محمد بن خليل ابن العجمي الحلبي الحمد لله وحده وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، وحسبنا الله ونعم الوكيل ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
وعلى يمين هذِه الكتابة بخط مغاير يبدو أنه خط ابن الملقن:
ثم بلغ في الثاني بعد المائة قراءة علي ومقابلة بأصلي نفعه الله به وإياي كتبه مؤلفه غفر الله له.
وهذا الجزء كما هو واضح قرأه سبط على شيخه ابن الملقن في مجالس عددها مائة واثنان مجلسًا وفي نهاية كل مجلس يحدد موضع البلاع ويكتب ذلك ابن الملقن بنفسه.
وهذا المجلد يقع في ٢٨٧ لوحة برقم ١٤٨٤٧ في مصورة المكتبة المركزية بجامعة أم القرى، وله مصورة بمكتبة جامعة الملك سعود بالرياض رقم (١٠٤٢/ ص) والجامعة الإسلامية رقم (٣٣٢٧/ ١) وهي بخط دقيق تتراوح أسطرها ما بين ٣٩ إلى ٤١ سطرًا.
- المجلد الثاني:
ويبدأ بكتاب الجنائز من حديث رقم (١٢٣٧) وينتهي بحديث (٢٧٨١) وهو آخر كتاب الوصايا. ويقع في ٤١٩ لو حة ويحمل رقم ١٤٨٤٨ في مصورات المكتبة المركزية بجامعة أم القرى. وأرقامه من ٢٦١٢ حتى ٢٦١٨ بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة تبدأ بقوله: بسم الله الرحمن الرحيم رب يسر وأعن كتاب الجنائز هي بفتح الجيم .... وتنتهي بقول سبط فرغ من تعليقه من خط مؤلفه أحسن الله إليه


دنيا وآخرة في عَجز جُمادى الأولى من شهور سنة ست وثمانين وسبعمائة بالقاهرة بدار السنة الكاملية رحم الله واقفها إبراهيم بن خليل الحلبي سبط ابن العجمي عفا الله تعالى عنه وعن والديه وعن المسلمين بمنه ويمنه وكرمه.
الحمد لله وحده وصلى الله على سيدنا محمد نبي الرحمة وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرًا وحسبنا الله ونعم الوكيل.
ثم قال: يتلوه كتاب الجهاد وبجانب هذا الكلام يسارًا بخط ابن الملقن: ثم بلغ في التاسع بعد الثمانين كتبه مؤلفه غفر الله له.
وكما هو واضح أن المؤلف سمع قراءة سبط في مجالس عددها تسع وثمانون مجلسًا ودون بخطه موضع نهاية كل مجلس.
وكتب على طرة هذا المجلد: الجزء الثاني من التوضيح لشرح الجامع الصحيح تأليف فقير رحمة ربه عمر بن علي بن أحمد الأنصاري الشافعي لطف الله به.
وكتب على يمين هذا العنوان الحمد لله وحده قد انتظم هذا السفر المبارك والذي قبله واللذان بعده في ملك العبد الفقير إبراهيم بن محمد النجسي الحلبي .. نفع الله به ولطف به وغفر له ولوالديه ولجميع المسلمين.
وعلى شماله بخط سبط: ملك إبراهيم بن محمد بن خليل الحلبي سبط ابن العجمي وهو كاتبه هو والجزء قبله واثنين بعده.
- المجلد الثالث:
وفيه شرح الأحاديث من رقم ٢٧٨٢ وهو أول كتاب الجهاد حتى آخر الحديث رقم ٥٣١٧ وهو نهاية كتاب الطلاق في ترتيب رواية


المصنف، ويقع في ٤١٠ لوحة، وله مصورة في جامعة الملك سعود بالرياض رقم (١٠٤٢/ ص) ورقمه في مكتبة الجامعة الإسلامية (٣٣٢٧/ ٣) ومكتوب على طرة المجلد: الجزء الثالث من شرح البخاري للشيخ الإمام العالم العلامة شيخ الإسلام شيخ الشافعية سراج الدين أبي حفص عمر بن أبي علي الأنصاري، واللوحة الأولى تبدأ بقوله: بسم الله الرحمن الرحيم رب يسر وأعن.
بسم الله الرحمن الرحيم كتاب الجهاد والسير الجهاد لغة أصلة الجهد ..
- المجلد الرابع:
ويقع فيه شرح الأحاديث من رقم ٥٣١٨ من أول كتاب العدة حتى رقم ٧٥٦٣ من كتاب التوحيد وهو آخر حديث في الصحيح ويقع في ٤٤٣ لوحة وصورته في الجامعة الإسلامية رقم (٣٣٢٧/ ٤)، وفي جامعة الملك سعود رقم (١٠٤٢/ ص) وأوله: بسم الله الرحمن الرحيم رب يسر وأعن: كتاب العدة باب قول الله تعالى: ﴿وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ﴾
وآخره مكتوب: وأسأل الله أن يجعل سعينا في ذلك مشكورًا، وأن يلقى حبرةً وسرورًا، ولا يجعله ممن وكله إلى نفسه وأهمله إلى رمسه.
وكان الآبتداء في هذا التأليف المبارك في أواخر ذي الحجة سنة ثلاث وستين وسبعمائة، ثم فتر العزم إلى سنة اثنتين وسبعين، فشرعتُ فيه، وكانت خاتمته قرب زوال يوم الأحد ثالث وعشرين المحرم من شهور سنة خمس وثمانين وسبعمائة سوى فترات حصلت في أثناء ذلك، فكتبت في غيره، وذلك ببهيت من ضواحي كوم


الريش، ولله الحمد والمنة.
وكتب مؤلفه عمر بن علي بن أحمد بن محمد الأنصاري الشافعي، حامدًا مصليًا ومسلمًا إلى يوم الدين، حسبنا الله ونعم الوكيل ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
فرغ من تعليقه في مدة آخرها عجز ذي القعدة الحرام من سنة إحدى وعشرين وثمانمائة بالشرفية، بحلبَ إبراهيم بن محمد بن خليل سبط بن العجمي الحلبي، عفا الله عنهم بِمَنِّه وكرمه، وكنتُ قديمًا كتبت النصف الأول من هذا المؤلَّف، وقرأته على شيخنا العلامة الحافظ سراج الدين أبي حفص عمر المؤلف بالقاهرة، ثم كتبت هذا النصف الثاني من نسختين سقيمتين إحداهما من الجهاد إلى باب صفة النبي - ﷺ -، ثم من المغازي إلى أثناء الفرائض من نسخة ثانية من باب صفة النبي - ﷺ - إلى المغازي، ومن أثناء الفرائض إلى آخر الكتاب، ولله الحمد، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، وحسبنا الله ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.


* أهم الملاحظات على هذِه النسخة:
من الملاحظ على هذِه النسخة أن قيمة المجلد الأول والثاني منها تختلف عن المجلد الثالث والرابع ويلاحظ على الأول والثاني ما يلي:
* أولًا:
هذِه النسخة قُرئت على المؤلف وكتبت في حياته وقوبلت على نسخته التي هي أصله، ويدل على ذلك أمور:
١ - ما كتب في هوامش هذين المجلدين وفي نهايتهما من بلاغات بخط المؤلف وقد بلغت مجالس المجلد الأول مائة واثنين مجلسًا في نهاية كل مجلس يوقع المؤلف بخطه بما يدل على سماعه ومقابلته بأصله.
وبلغت مجالس المجلد الثاني تسعة وثمانين مجلسًا، وكتب أيضًا عند نهاية كل مجلس ما يدل على بلوغه.
٢ - مما يدل أيضًا على مقابلة هذِه النسخة على أصل المؤلف وجود حواش في المجلد الأول والثاني تدل على تجزئة المصنف؛ فمثلًا تجده في اللوحة رقم (٢٥/ ب) يقول عند آخر كتاب العلم بخط سبط: آخر الجزء الرابع من الجزء الثاني من تجزئة المصنف، وهكذا.
وانظر أيضًا بداية كتاب الهبة في اللوحة رقم (٣٥٩/ أ) من المجلد الثاني يقول: آخر ستة من ثمانية من تجزئة المصنف، واللوحة رقم (١٦/ أ) من المجلد الأول في شرح حديث رقم ٢٦٨٥ من باب القرعة في المشكلات: نهايه الجزء السابع من ثمانية من تجزئة المصنف.


ومن المعروف عند كل من ترجم للمصنف أن شرحه كان في عشرين مجلدًا.
٣ - وجود تعليقات وحواش نقلها سبط في هامش نسخته وذكر أنه نقلها من هامش المصنف؛ فمثلًا في اللوحة الثانية من المجلد الأول عند التعليق على قول الشارح في تعيين اسم الخضر -عليه السلام- وضع علامة الحاشية، ثم قال: قال المصنف: بخط الدمياطي يليا -يعني بيائين من تحت بينهما لام- وقال تحتها أيضًا: قال المصنف في الهامش بخط الدمياطي أروميا من ولد عيص بن إسحاق، وانظر اللوحة رقم (١٥/ ب) من المجلد الأول.
* ثانيًا:
توجد في هوامش هذِه النسخة تعليقات كثيرة لسبط وهي كثيرة بحيث لو جمعت لقاربت مجلدًا، وكثير منها استدراكات وتعقيبات نقلها الناسخ من كتب أخرى مثل كتاب «الكاشف» للذهبي وحواشي الدمياطي على نسخته من البخاري وكتاب «المطالع» لابن قرقول.
وقد أثبتناها في الهامش وقد أغلق علينا قراءة بعض الحواشي ونبهنا عليها في موضعها.
وله في هذِه التعليقات أحيانا استدراكات على ابن الملقن، فمثلا في شرح حديث (٣٣٨٣) علَّق سبط: (.. وما قاله شيخنا هنا خطأ محض فكأنه اشتبهت عليه الإشارة إلى الحاشية ..) إلى آخر كلامه.
* ثالثًا:
توجد سماعات لبعض الفضلاء من العلماء الذين حضروا قراءة سبط على المؤلف ومن هؤلاء الذين كتبت أسماؤهم بخط سبط:


١ - عز الدين ابن الحاضري، وهو محمد بن خليل بن هلال بن حسن أبو البقاء، ولد في سنة سبع وأربعين وسبعمائة وقيل ست وأربعين ورحل إلى دمشق فأخذ عن جماعة، ورحل إلى القاهرة، ورافق برهان الدين سبط بن العجمي فأخذا عن الشيوخ ومنهم ابن الملقن، قال عنه سبط فيما نقله ابن حجر: لا أعلم بالشام كلها مثله، ولا بالقاهرة مثل مجموعه .. إلخ اهـ.
توفي بحلب سنة أربع وعشرين وثمانمائة وصلى عليه سبط بن العجمي (١).
٢ - محمد بن محمد بن ميمون البلوي بفتح الموحدة واللام أبو الحسن الأندلسي، رحل إلى القاهرة وسمع بالحجاز ومصر والشام وحلب، فأكثر عن أميلة وحدث عنه البرهان سبط بن العجمي ومات قبل أن يتصدى للرواية سنة سبع وثمانين وسبعمائة (٢).
٣ - علي بن محمد بن محمد نور الدين أبو الحسن بن الشرف المتبولي ثم القاهري الحنبلي ويعرف بابن الرزاز.
ولد بالقاهرة ونشأ بها، فحفظ المتون والأمهات وعرضها في سنة تسع وثمانين على ابن الملقن والغماري، والعز بن جماعة. مات في سنة إحدى وستين وثمانمائة (٣).

---------------------------------------
(١) انظر ترجمته في «درر العقود الفريدة» ٣/ ١٠٠ ترجمة ٩٨٦، و«إنباء الغمر» ٢/ ١ و«ذيل الدرر الكامنة» (٥٥٠)، و«الضوء اللامع» ٤/ ١٥ (٥٧٣)، و«هدية العارفين» ١/ ١٣١ و«الأعلام» ٦/ ١١٧.
(٢) انظر ترجمته في: «الدرر الكامنة» ٤/ ٢٣٢ (٦١١)، و«إنباء الغمر» ١/ ١١٦، «شذرات الذهب» ٦/ ٢٩٩.
(٣) انظر ترجمته في: «الضوء اللامع» ٣/ ١٤٤، و«شذرات الذهب» ٧/ ٣٠١.



https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...b61e7e5bc3.gif


ابوالوليد المسلم 23-12-2025 10:42 PM

رد: التوضيح لشرح الجامع الصحيح أبو حفص عمر بن علي بن أحمد الأنصاري المعروف بـ ابن ال
 
https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...b61e7e5bc2.gif


الكتاب: التوضيح لشرح الجامع الصحيح
المؤلف: سراج الدين أبو حفص عمر بن علي بن أحمد الأنصاري الشافعي

المعروف بـ ابن الملقن (٧٢٣ - ٨٠٤ هـ)
الناشر: دار النوادر، دمشق - سوريا
الطبعة: الأولى، ١٤٢٩ هـ - ٢٠٠٨ م
عدد الأجزاء: ٣٦ (٣٣ والفهارس)

المجلد (1)
من صـــ 376 الى صـــ 400
الحلقة (16)



٤ - العاملي: أحمد بن شاور بن عيسى، الشهاب القاهري، الشافعي، الفرضي، توفي في سنة اثنتين وثمانمائة (١).
٥ - البطائحي: أحمد بن حسين بن محمد بن الشهاب، أبو العباس، المصري، الشافعي، المولود في سنة ثلاثين وسبعمائة، قال المقريزيى: كان يلازم ابن الملقن. مات سنة عشر من القرن التاسع بالبيبرسية (٢).
٦ - الحموي: محمد بن عمر نظام الدين التفتازاني الحنفي، ويعرف بنظام، مات في رابع عشر ذي القعدة سنة اثنتين وعشرين وثمانمائة (٣).
٧ - البيجوري: برهان الدين إبراهيم بن أحمد البيجوري الشافعي، ولد في حدود الخمسين وسبعمائة وأخذ عن الإسنوي ولازم البلقيني، توفي سنة خمس وعشرين وثمانمائة (٤).

* النسخة الثانية:
النسخة المحفوظة في مركز الملك فيصل للبحوث.
وهي توجد في مجلدين:
- المجلد الأول:
وهو محفوظ في مركز الملك فيصل للبحوث قسم المخطوطات، ومصورتها برقم ٣١٥ فن حديث وهي بخط نسخ في ٣٥٢ ورقة وعدد

------------------------------------
(١) انظر ترجمته في: «الضوء اللامع» ١/ ١٩٩، و«ذيل الدرر الكامنة» (٥).
(٢) انظر ترجمته في: «الضوء اللامع» ١/ ١٧٨.
(٣) انظر ترجمتة في: «إنباء الغمر» ١/ ٤٧٩، و«الضوء اللامع» ٤/ ٢٤١ (٧٢٩).
(٤) انظر ترجمته في: «شذرات الذهب» ٧/ ١٦٩


أسطرها حوالي ٣١ سطرا، ومقاس الورقة ٢٨× ١٩.٥ سم وكتبت بمداد أسود وأحمر، وهي مقابلة على الأصل وعليها بعض التصحيحات والحواشي وكانت في ملك يحيى بن حجي الشافعي سنة ٨٥٥ هـ.
وهو يتكون من جزأين: كل جزء منهما بخط مغاير.
الجزء الأول: من اللوحة (١) حتى اللوحة (٢٠٩/أ) وطرة هذا الجزء مكتوب عليها شرح التوضيح على صحيح البخاري تأليف عمر بن علي، وفي اللوحة الثانية تلخيص للأحاديث الموجودة في هذا الجزء وما ذكر فيه من تراجم لبعض الصحابة والتابعين وتابعيهم.
وفي هذِه اللوحة أيضًا نظم لأبيات في مدح الكتاب ومؤلفه والعلوم التي حواها وناظمها هو: جلال الدين أبو الفتح: نصر الله بن أحمد بن محمد البغدادي الحنبلي. (٧٣٣ - ٨١٢) (١)
ونص هذِه الأبيات وهي من بحر الرجز:
طالعه الداعي لمولى إلفه … أن يسبغ الله عليه كنفَهْ
وأن ينيله جميل قصده … فيما نوى تصنيفه أو صنفَهْ
وأن يضاعف الإله أجره … فيما حبا من طالب أو أتحفَهْ
لا سيما التوضيح وهو كاسمه … أوضح كل مشكل واستكشفَهْ
بين أحكام الصحيح وأتى … بكل معنًى غير ما عرفَهْ
وأبرز المخزون من فنونه … وحد ما أبانه وعرفَهْ
وأوضح الصحيح من ضعيفه … عن كل من صححه أوضعَّفَهْ
وفاق بالتهذيب في كماله … مختلف الإكمال أو مؤتلفَهْ
واستخرج الفنون من عيونه … فأطرب السمع بها وشيَّقَهْ

-----------------------------------
(١) انظر ترجمته في: «إنبا الغمر» ١/ ٣٦٥، والضوء اللآمع ٥/ ١٠٥ (٨٤٩)


كم مطلق قيده ومحكم سيده … ومجمل قد كشفَهْ
ومهمل أوضحه ومفْصَلٍ صححه … ومبهم قد عرَّفَهْ
سما الشروح رتبة ورفعة … فهي على أشرف شرح مشرِفَهْ
فوائد الشروح قد أفرغها … في قالب يعرفه من أنصفَهْ
فكل ما فيها لديه واضح … مع ما أفاد مرشدًا وأردَفَهْ
أعظم به شرحًا لبحر زاخر … منه العلوم دائمًا مغترفَهْ
فاسأل لمن أنشاه عاقبةً … حميدة بكل هير مسعفَهْ
مع طول عمر وكمال صحة … ونيل آمال (.....)
(…) المولى الذي ألف ما … ألف قلوبنا المختلفَهْ
وأصبحت بفضله وعلمه … طوائف العلم له معترفَهْ
(…) بحار ما أفاد لم تزل … على اختلاف قصدها مغترفَهْ
وشاعت وزاعت في البلاد كتبه … فكأنها بفضله مشرفَهْ
(…) يحيى ذكره … كما به أبقى وأجبا سلفَهْ
وأمتع الإسلام والدين به … من يحبه وأبقى خلفه
ناظمها العبد نصر الله بن أحمد بن محمد البغدادي الحنبلي، عفا الله عنهم.
كما يوجد أيضًا نظم لبعض الأبيات في مدح هذا الشرح وناظمها:
محمد بن موسى بن محمد بن محمد بن الشهاب محمود الحلبي (٧٧٠ -
٨١١) (١) وهي من بحر الخفيف ونصها:
طالع العبد رُبَا التوضيح … فرآه حوى لباب الشروح
جامعًا للصحيح متنًا وشرحًا … نثره ناظم لمجد صريح

-------------------------------------------
(١) انظر ترجمته في: «إنباء الغمر» ١/ ٣٥٣


فنحت منه المؤلف سبلا … لمقال زاكٍ وفعلٍ ربيح
وجدير منشيه بالفتح فيه غمر لم يزل على الفتوح
صال في حلبة المعالي فأوتي … قصْب السبق في المجال الفسيح
بشر العلم في الورى بعد موت … فأتى مهديًا كلهدي المسيح
غاص في أبحر لنقل وعقل … فانتقى جوهر البيان الفصيح
فغدا قدوة الأنام بفضل … قال: يا روضة البراعة فوحي
وغدا بضبط العلوم بنقس … قال: للمسك ما لريحك روحي
يا سراجًا أضاء فيه الدياجي … وسما نوره لشمس وبوحٍ
دمت كهف الإسلام عزًّا وعلمًا … مستديمًا أعمار شيث ونوحٍ
كاتبها ناظمها المملوك محمد بن موسى بن محمد بن محمد بن الشهاب محمود الحلبي في مستهل جمادى الآخرة سنة أربعين وسبعمائه بالقاهرة.
وعليه عدة تملكات:
الأول نصه: من كتب يحيى حجي الشافعي سنة ٨٥٥ هـ، والثاني نصه: الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى ثم ملكه هو وما بعده من جميع شرح الصحيح وعدة أجزائه أربعة عشر جزءًا مختلفة الخط، وذلك بطريق الابتياع الشرعي من وكيل مالكه واضح خطه أعلاه أدام الله عزه وعلاه مسطر هذِه الأحرف بيده الفانية فقير رحمة الله الباقية الغريب فقيد قلبه وأسير ذنبه أحمد بن عبد العمري الشافعي المقدسي القادري آنسه الله تعالى بقربه وجعله من أولياءه وحسبه محمد أفضل من روى عن ربه - ﷺ - وعلى آله وصحبه بتاريخ شهر رجب الفرد سنة إحدى وسبعين ثمانمائة، وفيه أيضًا انساق بهذا الكتاب الشريف إلى الشيخ عبد الرزاق سنة ثمانين وألف سبع قطع


بسوق الرزاق مما من به الله على عبد الله الغزالي.
واللوحة الثالثة تبدأ بقول: بسم الله الرحمن الرحيم اللهم يسر وأعن يا كريم، ربنا آتنا من لدنك رحمة وهيئ لنا من أمرنا رشدا. أحمد الله تعالى على توالي نعمه إلى آخره.
وهو بداية المقدمة، وينتهي هذا الجزء بقوله: أحسن خلقه وعمله في الدنيا، ثم قال: آخر كتاب الإيمان من شرح صحيح البخاري بحمد الله ومنة ربه كمال الجزء الأول والحمد على كل حال يتلوه في الجزء الثاني كتاب العلم إن شاء الله.
ثم كتب على يمينه: بلغ الجزء بكماله تحرير على أصول توافق.
كتبه مؤلفه غفر الله له.
وكتب بالأسفل: لطف الله بكاتبه ومؤلفه وناظره وختم لهم بخير في عاقبة العمر وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.
قال مؤلفه عفا الله عنه: فرغت منه صبيحة يوم الجمعة لتسع عشرة خلت من صفر من سنة أربعة وسبعين وسبعمائة، فرغت في مدرسة بالجامع الحاتمي يوم الاثنين ثاني عشر من صفر في السنة المذكورة، وكان للعودة من تعليقه في يوم الاثنين ثالث جمادى الآخرة سنة ثمانين وسبعمائة أحسن الله الخاتمة لسيدنا محمد وأله وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
أما الجزء الثاني من هذا المجلد فيبدأ من لوحة رقم (٢٠٩/ ب) ومكتوب بخط يختلف عن الجزء السابق حيث كتبت عناوين الكتب والأبواب باللون الأحمر ومكتوب على طرة هذا الجزء: الجزء الثاني


من التوضيح لشرح الجامع الصحيح، تأليف فقير رحمة ربه: عمر بن أبي الحسن علي الأنصاري الشافعي لطف الله به، ومكتوب تحته: تملك نصه: من كتب يحيى حجي الشافعي ٨٥٥ هـ، وبجانبه بخط مخالف نصه: أنهاه وما قبله تلخيصًا ولد المصنف علي حبره الله وغفر له ولوالده في شوال سنة ..
ويبدأ هذا الجزء بقوله: بسم الله الرحمن الرحيم ربنا آتنا من لدنك رحمة، كتاب العلم وقول الله تعالى: ﴿يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ﴾ وينتهي هذا الجزء بنهاية المجلد وهي اللوحة رقم (٣٣١)، وآخرها: فقال: لو استنجيت كلما أتيت الخلاء لكان سنة، وفيما ذكره نظر، وما استشهد به حديث ضعيف.
وفي آخره في اليمين من الحاشية مكتوب: ثم بلغ كتبه مؤلفه، ثم قال: يتلوه باب لا يستقبل القبلة بغائط أو بول.
وهذِه النسخة مقابلة بأصل المؤلف وعليها بعض التصحيحات والتعليقات والحواشي ويوجد عليها بخط ابن المصنف عند باب قول النبي - ﷺ -: «اللهم علمه الكتاب» في الهامش ما نصه: ثم بلغ بقراءة برهان الدين الحلبي على والدي وكتبه علي ولده حبره الله.

* النسخة الثالثة:
نسخة بغداد: وهي من محفوظات مديرية الآثار العامة ببغداد ولها مصورة في مكتبة الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة بأرقام: ٢٧٥٩، ٢٧٦٠، ٢٧٦١، وتقع في ثلاثة أجزاء.
الجزء الأول: ويتضمن شرح الأحاديث من رقم ٥١٠٦ إلى ٥٣٧٣، وهي في ١٦٣ ورقة في أول ورقة منها وقف نصه: بسم الله


الرحمن الرحيم الحمد لله الذي وقف .. على أحبائه وسخرهم بمزيد نعمه وآلائه، والصلاة والسلام على صفوة أنبيائه وعلى آله وأصحابه وأوليائه، وبعد فقد وقف هذا الكتاب المسمى شرح البخاري ومسلم (كذا قال) الحاج نعمان ابن المرحوم عثمان بك .. الموصلي على مدرسته الواقعة بمحلة سبع بكار وقفًا مؤبدًا وحبسًا مخلدًا بحيث لا يباع ولا يوهب ولا يورث، ولا يخرج من المدرسة (فمن بدله بعدما سمعه فإنما إثمه على الذين يبدلونه إن الله سميع عليم) سنة ١٢٣٩ غرة رجب، وتحته ختم نعمان عثمان بك، وينتهي هذا الجزء بكتاب النكاح وبداية كتاب الأطعمة ونهاية آخر ورقة مكتوب فيها: لأنه لما روي من اللبن استقى بطنه وصار.
وهذِه النسخة عليها تصحيحات ويبدو أنها مقابلة على الأصل.
الجزء الثاني: يبدأ من شرح حديث ٥٣٧٤ وهو أول كتاب الأطعمة وينتهي بشرح حديث ٥٦٧٧ وهو آخر كتاب المرض ويحمل رقم ٢٧٦٠ من مصورات الجامعة الإسلامية ويقع في ١٥١ لوحة وبدايته من بداية كتاب الأطعمة: كأنه سهم لأنه كان بالجوع ملتصقًا …
ونهايته قوله: والعقيرة فعيلة بمعنى مفعولة.
ثم كتب تحته: تم الجزء بحمد الله وعونه وصلواته على سيدنا محمد وآله كلما ذكره الذاكرون وسهى عن ذكره الغافلون، يتلوه كتاب الطب.
وبجانبه في الهامش بلغ حسب الطاقة على أصلي كتبه مؤلفه.
الجزء الثالث: ويشمل شرح الأحاديث من رقم ٥٦٧٨ من كتاب الطب وحتى حديث رقم ٦٧٤٣ من كتاب الفرائض، ويقع في ٢١٩


لوحة بخط نسخ وعليه تصحيحات وهو من مصورات الجامعة الإسلامية تحت رقم ٢٧٦١.
ويبدأ أوله بقوله: بسم الله الرحمن الرحيم ربنا آتنا من لدنك رحمة وهيء لنا من أمرنا رشدا.
كتاب الطب باب: ما أنزل الله من داء إلا أنزل له شفاءا ..
وآخره: في باب ميراث الإخوة والأخوات قال: وإلى هذا ذهب ابن أبي ليلى وطائفة من الكوفيين.
ثم قال: آخر الجزء بحمد الله وعونه وحسن توفيقه يتلوه فيما بعده الجزء الأخير أوله باب يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة … إلى آخر السورة وحسبنا الله ونعم الوكيل.

* النسخة الرابعة:
نسخة دار الكتب المصرية:
ولها مصورة في مكتبة الجامعة الإسلامية.
تبدأ من باب ما منَّ النبي - ﷺ - على الأسارى من غير أن يخمس من كتاب الجهاد، وتنتهي بنهاية باب خاتم النبوة من كتاب المناقب، وهي غير مرقمة، مكتوبة بخط نسخ واضح.
كتب على لوحة العنوان بخط كبير: (كتاب جهاد التوضيح لشرح الجامع الصحيح تأليف فقير رحمة ربه عمر بن علي بن .... الأنصاري الشافعي لطف الله تعالى ورحم سلفه).
وأمام العنوان ختم كتبخانة الخديوية بمصر، وعلى يمين العنوان أسفل منه قليلًا بخط صغير (خط ابن الملقن).
ثم تحت العنوان كتابة سودها وضرب عليها ولم يظهر منها شيء ثم


تحت التسويد: خصوصية حديث ١٣٤٨ ثم ضرب عليه وكتب ١٣٤٧، وكتب عمومية ٣٤٢٠٦ ثم ضرب عليه وكتب ٣٤٢٠٥ وأسفل منه تمليك (ملكه من فضل الله تعالى فقير عفوه وغفرانه إبراهيم بن أبي اليمن بن عبد الرحمن التبروني ثم الحلبي الحلواني الحنفي عامله مولاه بلطفه الخفي في شهر صفر الخير من شهور سنة اثنين وأربعين وألف والحمد لله وحده وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
وفي آخر هذِه النسخة: (هذا آخر ما يسره الله تعالى من نسخ هذا الكتاب في سنة الثمانمائة وخمسة وخمسين) وخطه يشبه الخط الذي كتب به الكتاب، وفي يمين هذِه الكتابة كتابة بخط سبط ابن العجمي الحلبي عفا الله عنهم بمنه وكرمه ثم أكمله تعليقًا في مدة يسيرة كاتبه إبراهيم، الحمد لله وحده وصلئ الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم بخط مؤلفه.
وفي هامش هذِه النسخة كتابتان إحداهما كتابة اللحق يشبه خطها خط الأصل، والأخرى عبارة عن تصويبات وتوضيحات وتنبيهات على الأوهام وهي بخط سبط ابن العجمي، وخطه معروف.
وهذِه التعليقات هي نفس التعليقات في الغالب المثبتة على هاممش النسخة التي كتبها سبط ابن إلعجمي السابق وصفها.
ونسخ دار الكتب المصرية توجد بعدة أرقام منها:
المجلد الأول: نسخة رقم (١٨) حديث وله صورة في الجامعة الإسلامية برقم ٢٤٥٨/ ١ وعدد أوراقه ٣٥٤ ورقة.
المجلد الثاني: برقم (١٦٧) حديث وله صورة في الجامعة تحت رقم ٢٤٥٨/ ٢، وعدد أورقاها ٣٨١ ورقة في ٣١ سطرًا، واسم


الناسخ: محمد بن ورقة بن أبي بكر الشافعي.
المجلد الثالث: برقم (٨١٤) حديث، وله صورة بالجامعة تحت رقم ٣١١٣، وعدد أوراقه ٢٦٥، وعدد الأسطر ٣٤ سطرًا.
المجلد الرابع: برقم (١٤) حديث، وله صورة بالجامعة برقم ٢٤٥٨/ ٣، وعدد الأسطر ٣١ سطرًا وعدد أوراقها ٢٦٢ ورقة، والناسخ محمد بن أبي بكر بن أبيك الشرقي الشافعي.
المجلد الخامس: برقم (١٦) حديث، وله صورة في الجامعة برقم ٢٣٢١، وعدد أوراقها ٣٢٩ ورقة وعدد الأسطر ٣١ سطرًا.

* النسخة الخامسة:
من مكتبة فيض الله بتركيا، تقع في خمسة عشر مجلدًا وهي كثيرة الأخطاء بحسب ما أفاد المحقق أحمد حاج (محقق الجزء المطبوع من قصص الأنبياء)، وهي مكتوبة بخط النسخ وأسطرها ٢٣ سطرًا، قال: تناوب على نسخها ناسخان جاهلان فمسخا الكتاب مسخًا وشاع فيه السقط والتصحيف وهي نسخة من كتب الفقير السيد فيض الله المفتي في السلطنة العثمانية، وعليها تملك الفقير إلى الله سبحانه مصطفى بن عبد المحسن البكبازاري في سنة ..
وهذِه النسخة لم نهتم بالحصول عليها لعدم قيمتها العلمية.

* النسخة السادسة:
نسخة المكتبة السليمانية في استانبول بتركيا وهي تقع في مجلدين:
المجلد الأول: عدد أوراقه ٢٠٩ ورقة، ومحفوظ بمكتبة الجامعة الإسلامية برقم (٨٨٧٠/ ف) ويلاحظ أن الصفحات: ٢١، ٩٩، ١٦٧، ١٧٩ ناقصة.


المجلد الثاني: محفوظ برقم (٨٨٧١/ ف)، وعدد أورقه ٩٨ ورقة.
وهذِه النسخة قد استفدنا منها -هي والتي بعدها- في الترجيح بين النسخ السابقة.

* النسخة السابعة:
النسخة المصورة عن المكتبة الملكية بالرباط بالمغرب برقم (٤٤٧)، ولها صور في مكتبة الجامعة الإسلامية وهي عدة مجلدات: مجلد: رقم (١١٧١)، وعدد أورقه ٢٥٧ وعدد الأسطر ٢٠ سطرًا.
يبدأ من أول الجنائز إلى الحج.
مجلد آخر: رقم (١١٧٢) عدد أورا قه ٢٩٣ وعدد أسطره ٢٠ وفيه من كتاب الحج إلى كتاب الشرب والمساقاة.
مجلد آخر: رقم (١١٧٣) عدد أوراقه ٢٥٤ يبدأ من أول الكتاب إلى باب السؤال والفتيا عند رمي الجمار.


* منهج النسخ:
١ - اعتمدنا نسخة سبط أصلًا (١)، وهي نسخة تلميذ المصنف الحافظ برهان الدين الحلبي (سبط ابن العجمي) وتقع في أربع مجلدات كبار واتخذت أصلًا، لأمور منها:
- مقابلة المجلد الأول والثاني على أصل المصنف وقراءتها على المصنف في حياته.
- علميَّة الناسخ، فقد كان الناسخ من أهل العلم وتلميذًا لابن الملقن.
- قِدَم النسخة؛ إذ إنها أقدم نسخة وصلت إلينا، حيث كتب المجلد الأول والثاني في حياة المؤلف والباقي بعد موته سنة إحدى وعشرين وثمانمائة من الهجرة.
- تملكات وسماعات لأهل العلم على ظهور المجلدات، وقد ترجمنا لهم فيما مضى.
- وجود حواش وتعليقات من هامش نسخة المصنف واستدراكات من سبط ابن العجمي نفسه كما ذكرنا بالتفصيل في وصف النسخ.
- نقل أهل العلم من هذِه النسخة (تعريضًا لا تصريحا) كما فعل العيني (قال: وفي هامش الورقة .. وكانت هذِه الورقة هي ما انتسخها سبط).
٢ - رمزنا لنسخة سبط بـ (س) أو (الأصل).
ورمزنا لنسخ الملك فيصك بـ (ف).
ونسخة بغدادب (غ)
(١) وانظر: وصف النسخ المخطوطة وترجمة سبط من هذِه المقدمة.


ونسخ دار الكتب المصرية ص ١، ص ٢
٣ - قام إخواننا بنسخ نسخة (س)، ثم قاموا بمقابلة المنسوخ على النسخة الخطية مرتين، ثم قاموا بمقابلة باقي النسخ الخطية على المنسوخ، ثم قمنا بضبط نص الكتاب، واتبعنا لذلك المنهج الآتي:
- نسقنا فقرات الكتاب ووضعنا علامات الترقيم.
- قابلنا المواطن المشكلة مرة ثانية على النسخ الأصلية.
- أصلحنا ما وجدنا من تصحيف أو تحريف في النسخ الخطية، ونبهنا على ذلك في الحاشية.
- أثبنا ما سقط من «س» من النسخ الخطية الأخرى.
- أثبتنا الفروق الجوهرية فقط بين النسخ الخطية، ونبهنا عليها في الحاشية.
- اجتهدنا في اختيار الأصوب عند اختلاف النسخ.
وأثبتنا في صلب الكتاب ما تصوَّرناه صوابًا، وأحيانًا نثبت ما في المخطوط وغالبًا ما يكون في النسخة (س) الأصل في صلب الكتاب ويعلق في الهامش (كذا بالأصل) هذا فيما إذا عدمنا مصادر تخريج النص، أو أن ذلك من بنيان قول المصنف وما كان من تعليق لناسخ أو تصويب أثبتناه في الحاشية.
وقد أغلق علينا قراءة بعض الحواشي ونبهنا عليها في موضعها.


وهذا جدول يوضح أجزاء نسخة سبط وأماكن وجود كل حديث في هذِه النسخة وأثبتناه هنا لنستغني عن ذكر أرقام صفحات المخطوط في الكتاب:
* مقدمة المصنف
١ - كِتَابُ بدء الوحي (١ - ٧)
٢ - كِتَابُ الأيمان (٨ - ٥٨)

* المجلد الأول من نسخة سبط ييدأ من حديث رقم (٧٤ - ١٢٣٦)
٣ - كِتَابُ العِلمِ (٥٩ - ١٣٤) … ٢ أ
٤ - كِتَابُ الوُضُوءِ (١٣٥ - ٢٤٧) … ٢٥ ب
٥ - كِتَابُ الغُسلِ (٢٤٨ - ٢٩٣) … ٦٣ ب
٦ - كِتَابُ الحيض (٢٩٤ - ٣٣٣) … ٧٣ أ
٧ - كِتَابُ التيمُمِ (٣٣٤ - ٣٤٨) … ٨٣ أ
٨ - كِتَابُ الصَّلَاةِ (٣٤٩ - ٥٢٠) … ٨٨ أ
٩ - كِتَابُ مَوَاقِيتِ الصَّلاةِ (٥٢١ - ٦٠٢) … ١٢٣ أ
١٠ - كِتَابُ الأذَانِ (٦٠٣ - ٨٧٥) … ١٣٨ أ
١١ - كِتَابُ الجمعة (٨٧٦ - ٩٤٠) … ١٨٧ ب
١٢ - كِتَابُ صَلَاةِ الخَوْفِ (٩٤٢ - ٩٤٧) … ٢٠٩ ب
١٣ - كِتَابُ العيدين (٩٤٨ - ٩٨٩) … ٢١٣ ب
١٤ - كِتَابُ الوتر (٩٩٠ - ١٠٠٤) … ٢٢٢ أ
١٥ - كِتَابُ الاستسقاء (١٠٠٥ - ١٠٣٩) … ٢٢٦ ب
١٦ - كِتَابُ الكسوف (١٠٤٠ - ١٠٦٦) … ٢٣٣ ب


١٧ - كِتَابُ سجود القرآن (١٠٦٧ - ١٠٧٩) … ٢٣٩ أ
١٨ - كِتَابُ تقصير الصلاة (١٠٨٠ - ١١١٩) … ٢٤٢ ب
١٩ - كِتَابُ التهجد (١١٢٠ - ١١٨٧) … ٢٥٤ ب
٢٠ - كِتَابُ فَضْلِ الصَّلاةِ في مَسْجدِ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ … ٢٧٢ ب
(١١٨٨ - ١١٩٧)
٢١ - كِتَابُ العَمَلِ فِي الصَّلَاةِ (١١٩٨ - ١٢٢٣) … ٢٧٥ أ
٢٢ - كِتَابُ السَّهْو (١٢٢٤ - ١٢٣٦) … ٢٨٢ أ-٢٨٧ ب
وهو آخر المجلد الأول

* والمجلد الثاني من نسخة سبط يبدأ من حديث رقم (١٣٣٧ - ٢٧٨١)
٢٣ - كِتَابُ الجَنَائِزِ (١٢٣٧ - ١٣٩٤) … ٢ ب
٢٤ - كِتَابُ الزَّكَاةِ (١٣٩٥ - ١٥١٢) … ٤٢ أ
٢٥ - كِتَابُ الحَجِّ (١٥١٣ - ١٧٧٢) … ٨١ أ
٢٦ - كِتَابُ العُمرَةِ (١٧٧٣ - ١٨٠٥) … ١٥٧ أ
٢٧ - كِتَابُ المُحْصَر (١٨٠٦ - ١٨٢٠) … ١٦٢ أ
٢٨ - كِتَابُ جزاء الصيد (١٨٢١ - ١٨٦٦) … ١٦٥ ب
٢٩ - كِتَابُ فَضَائِل المَدْينَةِ (١٨٦٧ - ١٨٩٠) … ١٨١ أ
٣٠ - كِتَابُ الصَّوْمِ (١٨٩١ - ٢٠٠٧) … ١٨٨ أ
٣١ - كِتَابُ صَلَاةِ التَّرَاوِيحِ (٢٠٠٨ - ٢٠١٣) … ٢٢٧ أ
٣٢ - كِتَابُ فَضْلِ لَيْلَةِ القَدِرِ (٢٠١٤ - ٢٠٢٤) … ٢٢٨ ب
٣٢ - كِتَابُ الاعْتِكَافِ (٢٠٢٥ - ٢٠٤٦) … ٢٣١ أ
٣٤ - كِتَابُ البيوع (٢٠٤٧ - ٢٢٣٨) … ٢٣٥ أ


٣٥ - كِتَابُ السَّلَمِ (٢٢٣٩ - ٢٢٥٦) … ٢٨١ أ
٣٦ - كِتَابُ الشفْعَةِ (٢٢٥٧ - ٢٢٥٩) … ٢٨٤ أ
٣٧ - كِتَابُ الإجَارَةِ (٢٢٦٠ - ٢٢٨٦) … ٢٨٥ ب
٣٨ - كِتَابُ الحَوَالاتِ (٢٢٨٧ - ٢٢٨٩) … ٢٩٢ أ
٣٩ - كِتَابُ الكفالة (٢٢٩٠ - ٢٢٩٨) … ٢٩٣ أ
٤٠ - كِتَابُ الوَكَالَةِ (٢٢٩٩ - ٢٣١٩) … ٢٩٥ ب
٤١ - كِتَابُ الحَرْثِ والمُزَارَعَةِ (٢٣٢٠ - ٢٣٥٠) … ٣٠٠ أ
٤٢ - كِتَابُ المُسَاقَاة (٢٣٥١ - ٢٣٨٢) … ٣٠٧ أ
٤٣ - كِتَابُ الاسْتِقْرَاضِ وَأدَاءِ الدُّيُون والْحَجْرِ والتَّفْلِيسِ … ٣١٤ ب
(٢٣٨٥ - ٢٤٠٩)
٤٤ - كِتَابُ الخصومات (٢٤١٠ - ٢٤٢٥) … ٣١٩ أ
٤٥ - كِتَابٌ في اللقطة (٢٤٢٦ - ٢٤٣٩) … ٣٢٢ أ
٤٦ - كِتَابُ المظَالِم (٢٤٤٠ - ٢٤٨٢) … ٣٢٦ ب
٤٧ - كِتَابُ الشركة (٢٤٨٣ - ٢٥٠٧) … ٣٣٨ أ
٤٨ - كِتَابُ الرهن (٢٥٠٨ - ٢٥١٦) … ٣٤٣ أ
٤٩ - كِتَابُ العتق (٢٥١٧ - ٢٥٥٩) … ٣٤٤ ب
٥٠ - كِتَابُ المكاتب (٢٥٦٠ - ٢٥٦٥) … ٣٥٦ أ
٥١ - كِتَابُ الهبة (٢٥٦٦ - ٢٦٣٦) … ٣٥٩ أ
٥٢ - كتَابُ الشهادات (٢٦٣٧ - ٢٦٨٩) … ٣٦٩ أ
٥٣ - كِتَابُ الصلح (٢٦٩٠ - ٢٧١٠) … ٣٨٩ أ
٥٤ - كِتَابُ الشروط (٢٧١١ - ٢٧٣٧) … ٣٩٨ أ
٥٥ - كِتَابُ الوصايا (٢٧٣٨ - ٢٧٨١) … ٤٠٤ أ-٤١٨ ب
وهو آخر المجلد الثاني


* المجلد الثالث من نسخة سبط يبدأ من حديث رقم (٢٧٨٢ - ٥٣٤٩)
٥٦ - كِتَابُ الجهَادِ وَالسِّيَرِ (٢٧٨٢ - ٢٨٥٧) … ٢ أ
٥٧ - كِتَابُ فَرْضِ الخُمُسِ (٣٠٩١ - ٣١٥٥) … ٦٢ أ
٥٨ - كِتَابُ الجِزْيةِ وَالْمُوَادَعَةِ (٣١٥٦ - ٣١٨٩) … ٧٩ أ
٥٩ - كِتَابُ بدء الخلق (٣١٩٠ - ٣٣٢٥) … ٨٨ أ
٦٠ - كِتَابُ الأَنْبياء (٣٣٢٦ - ٣٤٨٨) … ١٠٨ أ
٦١ - كِتَابُ المَنَاقِبِ (٣٤٨٩ - ٣٦٤٨) … ١٣٧ أ
٦٢ - كِتَابُ فَضَائِلِ الصَّحَابَةِ (٣٦٤٩ - ٣٧٧٥) … ١٥٤ أ
٦٣ - مَنَاقِب الأنصَارِ (٣٧٧٦ - ٣٩٤٨) … ١٦٥ ب
٦٤ - كِتَابُ المَغَازِي (٣٩٤٩ - ٤٤٧٣) … ١٨٥ ب
٦٥ - كِتَابُ التفسير (٤٤٧٤ - ٤٩٧٧) … ٢٢٧ ب
٦٦ - كِتَابُ فَضَائِلِ القُرْآنِ (٤٩٧٨ - ٥٠٦٢) … ٢٩٨ ب
٦٧ - كِتَابُ النِّكَاحِ (٥٠٦٤ - ٥٢٥٠) … ٣١٠ ب
٦٨ - كِتَابُ الطَّلَاقِ (٥٢٥١ - ٥٣١٧) … ٣٦٠ ب-٤١٠
وهو آخر المجلد الثالث

* المجلد الرابع من نسخة سبط ويبدأ من رقم (٥٣١٨ - ٧٥٦٣) وهو
آخر الصحيح
كِتَابُ العدة (٥٣١٨ - ٥٣٥٠) … ٢ أ
٦٩ - كِتَابُ النَّفَقَاتِ (٥٣٥١ - ٥٣٧٢) … ١١ أ
٧٠ - كِتَابُ الأَطْعِمَةِ (٥٣٧٣ - ٥٤٦٦) … ١٥ ب


٧١ - كِتَابُ العَقِيقَةِ (٥٤٦٧ - ٥٤٧٤) … ٣٠ أ
٧٢ - كِتَابُ الصَّيْد (٥٤٧٥ - ٥٤٧٩)
كِتَابُ الذبائح (٥٤٩٨ - ٥٥٤٤) … ٣٤ أ
٧٣ - كِتَابُ الأضَاحِيِّ (٥٥٤٥ - ٥٥٧٤) … ٥٧ أ
٧٤ - كِتَابُ الأَشرِبَةِ (٥٥٧٥ - ٥٦٣٩) … ٦٨ أ
٧٥ - كِتَابُ المرض (٥٦٤٠ - ٥٦٧٧) … ٩١ ب
٧٦ - كِتَابُ الطِّبِّ (٥٦٧٨ - ٥٧٨٢) … ٩٧ ب
٧٧ - كِتَابُ اللِّبَاسِ (٥٧٨٣ - ٥٩٦٩) … ١١٧ ب
٧٨ - كِتَابُ الأَدَبِ (٥٩٧٠ - ٦٢٢٦) … ١٤٣ ب
٧٩ - كِتَابُ الاستئذان (٦٢٢٧ - ٦٣٠٣) … ١٧٩ ب
٨٠ - كِتَابُ الدَّعَوَاتِ (٦٣٠٤ - ٦٤١١) … ١٩١ ب
٨١ - كِتَابُ الرِّقَاقِ (٦٤١٢ - ٦٥٩٣) … ٢٠٩ ب
٨٢ - كِتَابُ القَدَرِ (٦٥٩٤ - ٦٦٢٠) … ٢٤١ ب
٨٣ - كِتَابُ الأيمَان والنُّذُورِ (٦٦٢١ - ٦٧٠٧) … ٢٥٧ ب
٨٤ - كِتَابُ كَفَّارَاتِ الأيْمَان (٦٧٠٨ - ٦٧٢٢) … ٢٦٧ ب
٨٥ - كِتَابُ الفَرَائِضِ (٦٧٢٣ - ٦٧٧١) … ٢٧٢ أ
٨٦ - كِتَابُ الحُدُودِ (٦٧٧٢ - ٦٨٦٠) … ٢٨٦ ب
٨٧ - كِتَابُ الدِّيَاتِ (٦٨٦١ - ٦٩٧١) … ٣١٢ أ
٨٨ - كِتَابُ اسْتِتَابَةِ المُرْتَدِّينَ وَالمُعَانِدِينَ وَقِتَالِهِمْ … ٣٣٠ ب
(٦٩١٨ - ٦٩٣٩)
٨٩ - كِتَابُ الإكراه (٦٩٤٠ - ٦٩٥٢) … ٣٣٩ أ
٩٠ - كِتَابُ الحِيَلِ (٦٩٥٣ - ٦٩٨١) … ٣٣٤ أ
٩١ - كِتَابُ التَّعْبِيرِ (٦٩٨٢ - ٧٠٤٧) … ٣٤٨ ب


٩٢ - كِتَابُ الفِتَنِ (٧٠٤٨ - ٧١٣٦) … ٣٦٢ أ
٩٣ - كِتَابُ الأحكام (٧١٣٧ - ٧٢٢٥) … ٣٧٥ أ
٩٤ - كِتَابُ التَّمَنِّي (٧٢٢٦ - ٧٢٤٥) … ٣٩٠ ب
٩٥ - كِتَابُ أخْبَارِ الآحَادِ (٧٢٤٦ - ٧٢٦٧) … ٢٩٢ أ
٩٦ - كِتَابُ الاعْتِصَامِ بالكِتَابِ وَالسُّنَّةِ (٧٢٦٨ - ٧٣٧٠) … ٣٩٣ أ
٩٧ - كِتَابُ التَّوحِيدِ (٧٣٧١ - ٧٥٦٣) … ٤٠٧ ب-٤٤٣
آخر المجلد الرابع وآخر الصحيح


* ترجمة برهان الدين سبط ابن العجمي (١)
اسمه ونسبه: هو برهان الدين أبو الوفاء إبراهيم بن محمد بن خليل الطرابُلسيُّ الأصل -طرابلس الشام- الحلبيُّ المولد والوفاة، الشافعيُّ المذهب. رحمه الله تعالى.
يُعرف ببرهان الدين الحلبي، وبسبط ابن العجمي، وبإبراهيم المحدث، وبالبرهان المحدث،

مولده ووفاته:
أرَّخ البرهانُ مولده بنفسه في سماع نجم الدين ابن فهد عليه جزأه «التبيين في أسماء المدلِّسين»، فقد جاء في آخر الجزء المذكور -وهو بخط ابن زُريق تلميذ البرهان- من كلام البرهان- «ومولدي في ثاني عشري رجب من سنة ثلاث وخمسين وسبعمائة بحلب»
وكان مولده بحلب بحيِّ الجَلُّوم أحد الأحياء الحلبية العريقة بالعلم في تلك الأيام، وحتى عهد قريب.

--------------------------------------
(١) استفدنا غالب هذِه الترجمة من مقدمة كتاب «الكاشف» للذهبي بتحقيق محمد عوامة، وهي بدورها مستفادة من عدة مصادر.
قال الشيخ محمد عوامة: وقد ترجم للبرهان الحلبي كثيرون، أشهرهم: تلميذه تقي الدين ابن فهد في «لحظ الألحاظ» ص ٣٠٨ - ٣١٥، وابنه نجم الدين ابن فهد في «معجم الشيوخ» ص ٤٧ - ٥٠ وهو تلميذه أيضًا، والسخاوي في «الضوء اللامع» ١/ ١٣٨ - ١٤٥ وعنه العلامة الشيخ محمد راغب الطباخ في تاريخ حلب «إعلام النبلاء» ٥: ١٩٩ - ٢٠٧ من الطبعة الجديدة -وابن تغري بردي في «المنهل الصافي» ١: ١٣١، والسيوطي في «ذيل تذكرة الحفاظ» ص ٣٧٩، وابن العماد الحنبلي في «شذرات الذهب» ٧: ٢٣٧، والشوكاني في «البدر الطالع» ١: ٢٨ وعمدتي الثلاثة الأول. ولم أر دراسة مناسبة عن هذا الإمام المغمور، فأطلت القول بعض الإطالة.



وتوفي رحمه الله تعالى شهيدًا -نحسبه كذلك- بالطاعون قبل ظهر يوم الاثنين، السادس والعشرين من شوال سنة إحدى وأربعين وثمانمائة، عن عمر مبارك: ثمان وثمانين سنة، وثلاثة أشهر، وأربعة أيام. وصُلِّي على جنازته بين الظهر والعصر في الجامع الأموي الكبير بحلب، ودُفن بمقبرة أهله الملحقة بجامع أبي ذر، في حيِّ الجُبَيلة، المعروف الآن، وكان الجمعُ على جنازته حاشدًا مشهودًا.
وكما أكرمه الله تعالى بالشهادة بالطاعون، أكرمه بالتمتُّع بعقله ووعيه وعلمه، «ولم يغب له عقل، بل مات وهو يتلو» (١).
شيوخه ورحلاته: أخذ البرهانُ السبطُ عن شيوخ كثيرين جدًا من علماء حلب وحماة وحمص ودمشق، والبلدان الأخرى الكثيرة التي دخلها لا سيما من بلاد مصر.
قال السخاوي رحمه الله: «ارتحل إلى البلاد المصرية مرتين: الأولى: في سنة ثمانين -وسبعمائة- والثانية: في سنة ست وثمانين- وسبعمائة- فسمع بالقاهرة، ومصر، والإسكندرية، ودمياط، وتنيس، وبيت المقدس، والخليل، وغزة، والرملة، ونابلس، وحماة، وحمص، وطرابلس، وبعلبك، ودمشق».
ويضاف إلى هذِه البلاد: بلبيس، ذكرها التقي ابن فهد في قوله: «ثم عاد- من القاهرة إلى الإسكندرية إلى حلب، فسمع في طريقه ببلبيس ودمياط وغزَّة». فكأن هذا في عودته من رحلته الأولى إلى القاهرة، ثم دخلها ثانية في رحلته الثانية.
وقد أرخ سبط في نهاية الجزء الأول من شرح ابن الملقن أنه انتهى

-----------------------------------
(١) «الضوء اللامع» ١: ١٤٥.


منه في شعبان سنة خمس وثمانين وسبعمائة بالقاهرة.
وذكر السخاوي بعض شيوخ المترجم البرهان وقال: «قرأت بخطّه- البرهان-: مشايخي في الحديث نحو المائتين، ومن رويتُ عنه شيئًا من الشعر دون الحديث: بضع وثلاثون، وفي العلوم غير الحديث: نحو الثلاثين.
وقد عمل لنفسه»ثبتًا كان يتعب في استخراج ما يريده منه، فيسر له ذلك تلميذه نجم الدين أبو القاسم عمر بن محمد بن محمد بن عبد الله بن فهد المكي (٨١٢ - ٨٨٥) (١). أشار إلى ذلك في «معجم شيوخه» ص ٤٨، وصرَّح به وسماه والده تقي الدين في «لحظ الألحاظ» ص ٣١٢ ولفظه: «وشيوخه بالسماع والإجازة يجمعهم»معجمه«الذي خرَّجه له ابني نجم الدين أبو القاسم محمد المدعو بعمر، نفعه الله تعالى ونفع به، سماه»مورد الطالب الظَّمي من مرويات الحافظ سبط ابن العجمي«بمكة المكرمة المبجلة، لما قدم من رحلته، أرسل به إليه صحبة الحاج الحلبي في موسى سنة تسع وثلاثين وثمانمائة» ووصفه فقال: «في مجلد ضخم، وهو كثير الفوائد».
وعلَّق العلامة الكوثري رحمه الله تعالى على هذا بالنقل عن ابن طولون، وفيه ثناؤه على المعجم وسعة رواية البرهان فقال: «من أراد معرفة مشايخه وتراجمهم ومسموعاتهم فليراجعها، لينظر العَجَب العُجَاب».
وكان ارتحاله عن بلده بعد أن سمع نحوًا من سبعين شيخًا من شيوخها، وهذِه من سنَّة المحدثين.

----------------------------------
(١) صاحب «معجم الشيوخ»، وهو نجم الدين، ولد تقيِّ الدين صاحب «لحظ الألحاظ» وكان نجم الدين شديد الحبِّ والإعجاب به.


فقد قال التقي ابن فهد في «لحظ الألحاظ» مشيرًا إلى تأدُّب السبط بهذا الأدب: «سمع وقرأ الكثير ببلدة حلب (حتى) جاء على غالب مروياتها، وشيوخُه بها قريب من سبعين شيخًا …» وعدَّد أربعة وعشرين واحدًا منهم، ثم قال: «ثم رحل في سنة ثمانين وسبعمائة، فسمع بحماة وحمص …»، فيكون عمره لما ارتحل للمرة الأولى سبعًا وعشرين سنة، وقد استوعب الأخذ عن هؤلاء الشيوخ، ويكون عدد شيوخه في الرحلة نحو ١٣٠ شيخًا.

ومن شيوخه بحلب:
محمد بن عبد الكريم، وعمر بن إبراهيم، وهاشم بن عمر، أخذ عن عمر بن إبراهيم الحديث والفقه والنحو.
ومنهم شهاب الدين الأذْرَعي (٧٠٨ - ٧٨٣) أحدُ تلامذة الإمامين المزي والذهبي، وصاحبُ «التوسط والفتح بين الروضة والشرح» في عشرين مجلدًا، قال عنه ابن حجر في «الدرر» ١/: ١٢٦: «كثير الفوائد».
ومن شيوخه بحلب قبل رحلته: نجم الدين أبو محمد عبد اللطيف بن محمد بن موسى ابن أبي الخير الميهني، المتوفَّى سنة ٧٨٧ بحلب.

ومن شيوخه بدمشق:
- سراج الدين ابن الملقِّن (٧٢٣ - ٨٠٤) رحمه الله تعالى
- صدر الدين أبو الربيع سليمان بن يوسف بن مفلح الياسُوفي (٧٣٩ - ٧٨٩)
- سراج الدين البلقيني (٧٢٣ - ٨٠٥) رحمه الله مفخرةُ القرن التاسع في الجمع بين علوم التفسير والحديث والأصول والفقه.


- الحافظ زين الدين العراقي (٧٢٥ - ٨٠٦) رحمه الله مجدِّد عصره في السنة وعلومها.
- الحافظ نور الدين الهيثميُّ رحمه الله (٧٣٥ - ٨٠٧)

تلامذته:
أقدم أصحابه وفاةً هو:
ناصر الدين أبو عبد الله محمد بن عبد الرحمن بن سحلول الحلبي، المتوفى سنة ٨١٢، أرَّخ وفاته السخاوي ٨: ٤٥، وذكر أنه «سمع على البرهان الحلبي».
وآخرهم وفاةً هو:
محمد بن أبي بكر بن عبد الرحمن ابن زريق (٨١٢ - ٩٠٠).
ومن تلامذته:
الحافظ ابن حجر المتوفى سنة ٨٥٢، رحمه الله
وابن ناصر الدين الدمشقي (٧٧٧ - ٨٤٢)، قدم حلب سنه ٨٣٧، كما قاله ابن تغري بردي في «المنهل الصافي» ١: ١٣٦، والسخاوي ١: ١٤٣، فيكون له من العمر ستون سنة.
وعلاء الدين أبو الحسن علي بن محمد ابن خطيب الناصرية الحلبي (٧٧٤ - ٨٤٣)، وشارك البرهان في عدد من شيوخه.
وزين الدين عمر بن محمد النَّصِيبي الحلبي (٨٢٣ - ٨٧٣).
وأخوه أبو بكر بن محمد النَّصِيبي الحلبي (٨٢٤ - ٨٦٣).
ومحمد بن محمد بن محمد ابن أمير حاج الحلبي (٨٢٥ - ٨٧٩) رحمه الله.


علومه:
كان جلُّ اهتمام الحافظ السبط رحمه الله تعالى متوجِّهًا نحو الحديث الشريف وفنونه، كما هو ظاهر من ترجمته، ومن مؤلفاته، لكن لم يكن حال علمائنا السابقين الاقتصار على علم واحد وإهمال ما سواه بل لابدَّ عندهم من الاشتغال بعلوم أخرى أساسية كالعربية والفقه، والمشاركة بالتفسير والعقائد والأصول وعلوم الآلة.
وكذلك كان حال البرهان الحلبي.
وتأمل ما ذكره السخاوي بخطِّ البرهان، وفيه يقول: «مشايخي في الحديث نحو المائتين، ومن رويت عنه شيئًا من الشعر دون الحديث بضع وثلاثون، وفي العلوم غير الحديث نحو الثلاثين».
ومن العلوم التي اشتغل بها في أول أمره: علم القراءات -فإنه بعدما حفظ القرآن الكريم أول نشأته، توجَّه إلى علم القراءات. قال النجم ابن فهد في «معجم الشيوخ» ص ٤٨: «ثم قرأ من أول القرآن العظيم إلى سورة التوبة لأبي عمرو على الماجدي، ثم قرأ من أول القرآن الكريم إلى أول سورة المزمِّل لقالون على الإمام شهاب الدين أحمد بن أبي الرضا الحموي، وقرأ ختمتين لأبي عمرو، وثالثة بلغ فيها إلى أول سورة يس لعاصم، على الشيخ عبد الأحد الحراني الحنبلي، ثم قرأ بعض القرآن لنافع وابن كثير وابن عامر وأبي عمرو على الإمام المُجيد أبي عمرو الحسن بن ميمون البلوي الأندلسي».
أما علم الحديث: فإنه توجَّه إليه بكليته منذ بدء كتابته له سنة ٧٧٠، ومعلوم أن ولادته كانت سنة ٧٥٣ - ذكر هذا في مصادر ترجمته الثلاثة: «لحظ الألحاظ»، و«معجم الشيوخ» و«الضوء اللامع».


https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...b61e7e5bc3.gif


ابوالوليد المسلم 23-12-2025 10:47 PM

رد: التوضيح لشرح الجامع الصحيح أبو حفص عمر بن علي بن أحمد الأنصاري المعروف بـ ابن ال
 
https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...b61e7e5bc2.gif


الكتاب: التوضيح لشرح الجامع الصحيح
المؤلف: سراج الدين أبو حفص عمر بن علي بن أحمد الأنصاري الشافعي

المعروف بـ ابن الملقن (٧٢٣ - ٨٠٤ هـ)
الناشر: دار النوادر، دمشق - سوريا
الطبعة: الأولى، ١٤٢٩ هـ - ٢٠٠٨ م
عدد الأجزاء: ٣٦ (٣٣ والفهارس)

المجلد (1)
من صـــ 401 الى صـــ 438
الحلقة (17)



ومهر فيه، وبلغ درجة الإمامة، وصار المشار إليه، والرُّحْلَة، وأخذ عليه فكره وهمَّته، واستغرق منه كل أوقاته.
قال النجم ابن فهد رحمه الله: «قرأ»صحيح البخاري«على الناس في الجوامع والمساجد وغير ذلك -خارجًا عما قرأه في الطلب وقرأ عليه-: ستين مرة! وقرأ»صحيح مسلم«نحو العشرين».
حتى إنه عُرف بالبرهان المحدث، وبخادم السنة.

ثناء الأئمة عليه:
اتفقت كلمة عارفيه على وصفه بالإمامة، وما وراء ذلك من مطلب!
قال البدر المارديني المتوفى سنة ٨٣٧ في أبياته التي هنأ فيها البرهان بولادة ابنه أنس سنة ٨١٣، وأولها:
يا سيدًا بعلومه ساد الورى.
وسما الأئمة رفعةً وبهاء.
وقال ابن خطيب الناصرية (٨٤٣): «هو شيخ إمام، عامل، عالم، حافظ، ورع، مفيد، زاهد ..، وصار رُحْلة الآفاق».
وقدم الحافظ ابن حجر حلب سنة ٨٣٦، وعمره ثلاث وستون سنة، وبعد رجوعه إلى القاهرة عمل «مشيخة» للبرهان، قال في مقدِّمتها -كما في «الضوء» ١: ١٤٣ -: «أما بعد: فقد وقفتُ على»ثَبَت«الشيخ الإمام العلامة الحافظ المسند شيخ السنة النبوية برهان الدين الحلبي ..، فأحببتُ أن أخرِّج له»مشيخة«أذكرُ فيها أحوال الشيوخ المذكورين ومروياتهم ليستفيدها الرحَّالة، فإنه اليوم أحقُّ الناس بالرِّحلة إليه، لعلوِّ سنده حسًّا ومعنًى، ومعرفته بالعلوم فنًّا فنًّا. أثابه الحسنى. آمين».
فاتفق قول ابن حجر فيه مع قول ابن خطيب الناصرية أن المترجم

رُحلَة، أي: يقصد بالارتحال إليه، وهذا لا يقال في كل أحد.
قال السخاوي عقب ما تقدم: «وفهرس»المشيخة«-أي كتب ابن حجر عنوانًا عليها- بخطه بما نصُّه: جزء فيه تراجم مشايخ شيخ الحفاظ برهان الدين» فهل بعد هذا ثناءٌ ولا سيما من الحافظ ابن حجر، وقد بلغ من العمر ثلاثًا وستين سنة!
ولابن حجر كلماتٌ أخرى في الثناء عليه تجدُها في «الضوء اللامع» أيضًا.
وقال تقي الدين ابن فهد في «لحظ الألحاظ» ص ٣١٢ - ٣١٣: «اشتغل في علوم، وجَمَع، وصنف، مع حسن السيرة والانجماع عن التردُّد إلى ذوي الوجاهات، والتخلُّق بجميل الصفات، والإقبال على القراءة بنفسه، ودوام الإسماع والإشغال، وهو إمام حافظ علامة ورع، ديِّن، وافر العقل، حسن الأخلاق، جميل المعاشرة، متواضع، محبٌّ للحديث وأهله …».
ثم قال صفحة ٣١٤: «هو الآن … بقيَّة حفاظ الإسلام بالإجماع».
وقال ابن تغري بردي في «المنهل الصافي»: «قلت: كان إمامًا حافظًا بارعًا مفيدًا».
وقال نجم الدين ابن فهد -ولد تقي الدين- في «معجم شيوخه» ص ٤٧ أول الترجمة: «الإمام العلامة الحافظ الكبير برهان الدين أبو الوفاء، حافظ بلاد الشام، أشهر من أن يُوصف، وأكبرُ من أن ينبِّه مثلي على قدره».

مكتوباته:
لا بدَّ من الوقوف عند نقطة تلفت النظر من خلال كلام مترجميه، وهي الواردة في كلام النجم ابن فهد ص ٤٩: "وكتب بخطه الحسن


المليح عدة مجلدات ومجاميع» ونحوه في «الضوء» ١: ١٤١.
ومن أهم مكتوباته التي لها قيمة علمية «شرح البخاري» لشيخه ابن الملقن. قال السخاوي ١: ١٤١: «فمن ذلك كما تقدم: شرح البخاري لابن الملقن، بل فقد منه نصفه في الفتنة، فأعاد كتابته أيضًا».
والإشارة في قوله: «كما تقدم» يريد قوله عند كلامه عن شيوخ البرهان وأن منهم ابن الملقن: قال: «وكتب عنه»شرحه«على البخاري في مجلدين بخطه الدقيق، الذي لم يحسن عند مصنفه، لكونه كتبه في عشرين مجلدًا».
فانظر إلى همَّته في الكتابة والنسخ، أعاد كتابة نصفه الذي فقده.
٢ - «المغني عن حمل الأسفار في الأسفار» لشيخه العراقي، توجد نسخة أخذت عن نسخة البرهان في المكتبة الأحمدية بحلب، رقم ٢٣٢.
٣ - «المقتنى في سرد الكنى» للذهبي، ونسخته محفوظة في خزائن المكتبة الأحمدية بحلب برقم ٣٢٨، وفي آخرها أنه نسخها سنة ٧٨٦ بالمدرسة الشرفية بحلب.
٤ - «ميزان الاعتدال» للذهبي، اعتمد على هذِه النسخة الأستاذ البجاوي رحمه الله اعتمادًا خفيفًا، وذكرها في مقدمته، دون ذكر اسم المكتبة التي هي فيها، أو تاريخ نسخها ومكانه.

مصنفاته:
محورُ مصنفات السبط رحمه الله تعالى التي تدور حوله: الحديث الشريف وفنونه، والطابعُ عليها -كما شهد له بذلك ابن حجر-: الإتقانُ وتحريرُ المسائل، ففي «الضوء اللامع» ١: ١٤٣ وهو يحكي ثناء ابن حجر على البرهان، قال: "قال -ابن حجر-: ومصنفاته ممتعة محررة


دالة على تتبع زائد وإتقان. قال -ابن حجر-: وهو قليل المباحث فيها كثير النقل».
وقلة مباحثه: أمر يتعلق بطبيعة نفسه، فهي تدلُّ على هدوء طبعه وبرودة مزاجه، لذلك لا يألف المباحثات التي فيها أخذ ورد، ومناقشة واعتراض، بل يتحير من النقول أوفاها بالغرض وأصلحها عنده للمراد، وإلا فكثرة النقول دليل سعة الإطلاع.
هذا، وقد سرد مترجموه الثلاثة: السخاوي وابنا فهد، أسماء كتبه، والأولُ منهم أوفاهم تعدادًا، وسأذكرها، مع الإشارة إلى ما طُبع منها، وذكر ما عرفتُ موضع المخطوط منها، وما وقفت على جديد زائد لم يذكره السخاوي، إلا كتابه في «التاريخ»، و«نثل الهميان»، و«هوامش الاستيعاب»، فبلغ مجموعها أربعة وعشرين كتابًا.
وأكثر كتبه حواش على كتب، إذ بلغ عدد حواشيه ستة عشر كتابًا، كأنه كان يكتبها حين إقرائه وتدريسه لها، وسبعة منها كتب مستقلَّة، وواحد مختصر لكتاب سابق.
وها هي ذي مسرودة على وفق حروف الهجاء:
- «اختصار الغوامض والمبهمات» لابن بشكوال.
- «الاغتباط بمعرفة من رمي بالاختلاط».
- «إملاءات على صحيح البخاري».
- «التبيين لأسماء المدلسين». رسالة صغيرة في سبع ورقات بخط ابن زريق.
- «تذكرة الطالب المعلَّم فيمن يقال: إنه مخضرم». رسالة صغيرة.
- «التلقيح لفهم قارئ الصحيح». وهو شرح مختصر على صحيح


البخاري وهو في مجلدين بخط البرهان.
- «الثَّبَت». ذكره السخاوي.
- حاشية على «ألفية العراقي». في المصطلح ذكره السخاوي.
- «حاشية على تجريد الصحابة». للذهبي.
- حاشية على «تلخيص المستدرك». للذهبي أيضًا.
- حاشية على «جامع التحصيل». للعلائي.
- حاشية على «سنن ابن ماجه». وهو تعليق لطيف في نحو مجلد.
- حاشية على «سنن أبي داود».
- حاشية على «شرح ألفية العراقي». للعراقي نفسه.
- «حاشية على»صحيح مسلم«.
- حاشية على»الكاشف«.
- حاشية على»ميزان الاعتدال«. ذكرها النجم ابن فهد.
-»الكشف الحثيث عمن رُمي بوضع الحديث«.
-»المقتفى في ضبط ألفاظ الشفا«. للقاضي عياض.
-»نثل الهميان في معيار الميزان".


عملنا في الكتاب
* أولًا: نص البخاري:
وضعنا نص صحيح البخاري في كل باب لأن المصنف سلك طرقا مختلفة في ذكر أحاديث الباب:
فهو أحيانا يذكر الحديث بإسناده كاملا، وهذا قليل، وهو في أول الكتاب أكثر من آخره في ذلك.
وأحيانا أخرى يختصر إسناده ومتنه، وخاصة الأحاديث المطولة والمكررة.
وأحيانا أخرى يشير إلى الحديث بما يدل عليه إن كان الحديث معروفًا.
ونعلم أن صحيح البخاري اختلفت نسخه ورواياته في بعض الألفاظ والعبارات زيادة ونقصا وذلك لأسباب ليس هذا مجال ذكرها -وهي بحمد الله لا تقدح في متن الصحيح لأنها مميزة في كتب الشروح (١) -

--------------------------------------
(١) وقد بسط الأخ جمعة فتحي الكلام على نسخ وروايات الجامع الصحيح وذلك في رسالته التي هي بعنوان: «الاختلاف بين روايات الجامع الصحيح ونسخه، دراسة نظرية تطبيقية» لنيل درجة الدكتوراه من قسم الحديث وعلومه بكلية أصول الدين بالقاهرة -جامعة الأزهر الشريف بإشراف الأستاذ الدكتور/ أحمد عمر هاشم، والأستاذ الدكتور/ مصطفى محمد السيد أبو عمارة.


ومراعاة هذِه الاختلافات بين النسخ عند الشرح أمر لا بد منه، فأحيانا يشرح المصنف لفظة بناء على ما ثبت عنده في روايته، في حين نجد أن هذِه اللفظة ليست في النسخة المعتمدة لكتابة نص صحيح البخاري.
وهذا الأمر نجده جليًّا في طبعة «فتح الباري» لابن حجر، حيث يظن المطالع للكتاب من أول وهلة أن النص الذي يعقبه الشرح هو الرواية التي وقعت لابن حجر العسقلاني، واعتمدها في شرحه، وهي رواية أبي ذر الهروي (٤٣٤) عن شيوخه الثلاثة (المستملي والكشميهني والسرخسي) ولكن الواقع غير ذلك حيث أن النص المثبت هو تلفيق من عدة روايات ولذا كثيرًا ما نجد ابن حجر يشرح ويحرر لفظة لا توجد في النص المثبت ناهيك عن أن تكون الرواية المقابلة في نفس اللفظة.
وتحرير لفظ الصحيح بما يتوافق مع رواية المصنف -وهي رواية أبي الوقت، عن الداودي، عن الحموي، عن الفربري، عن البخاري (١) - أمر هام ليتم إخراج الكتاب بصورة مرضية ولذلك أثبتنا نص البخاري من نص «اليونينية» (ونقصد باليونينية الطبعة السلطانية) الذي حرره شرف الدين اليونيني (٦٢١ - ٧٠١) عن أبي ذر الهروي وغيره من رواة الصحيح، والمطبوع بأمر السلطان عبد الحميد الثاني سنة ١٣١١ هـ.
وحاولنا أن نراعي اختلاف الروايات في متن المصنف وأثبتنا روايته قدر المستطاع، وربما أشرنا إلى اختلافها عن رواية اليونيني ونبهنا على ذلك في الحاشية، وذلك من خلال الشروح والكتب التي اهتمت

-------------------------------------
(١) كما نص على ذلك المصنف في المقدمة.


بالروايات مثل: كتاب «تقييد المهمل» لأبي علي الغساني الجياني، وكتاب «مشارق الأنوار» للقاضي عياض وغيرهما -ونذكر من خلال هذِه الكتب ما يوثق كل رواية ونثبت في الأصل رواية ابن الملقن لأن هذِه الرواية روايته.
من أجل كل ذلك أدرجنا متن البخاري كاملًا مضبوطًا بالشكل التام كما جاء في النسخة السلطانية، ثم أبقينا على متن البخاري كما ذكره المصنف؛ حرصًا على المقارنة بين النصين حيث إن متن الصحيح عند المصنف من رواية أبي الوقت، عن الداودي، عن الحموي، عن الفربري، عن البخاري وهذِه الرواية يوجد فيها اختلافات زيادة ونقصانا، تقديمًا وتأخيرًا عن نسخة اليونيني ولا يخفى ما في ذلك من أهمية؛ لأن الشارح يشرح ألفاظ الحديث كما جاء في روايته.
وذكرنا أطراف الحديث عند البخاري ومواضع تخريج مسلم إن وجد، كما ذكرنا مكان شرح الحديث من «فتح الباري»؛ لمقابلة الشرح أو لنظر تعليق فيه، ولشهرة الكتاب بين طلبة العلم.
إحالات الصحيح:
اهتم ابن الملقن في صدر كل حديث بيان طرق الحديث في الصحيح، ثم صحيح مسلم، ثم المستخرجات عليها ثم بعد ذلك باقي كتب السنة.
ومما يجب التنبيه عليه هنا أمران:
الأول: أنه أحيانًا يذكر الحديث بإسناده إلى بعض شيوخ البخاري من طريق أحد الأئمة أصحاب التصانيف، وذلك بغرض إزالة إشكال، أو بيان وهم، أو تميز شكل أو غير ذلك، وهي وإن كانت مواضع قليلة،


إلا إنها في غاية النفاسة لما لذلك من فوائد لا تعد ولا تحصى.
الثاني: أنه يهتم بروايات بعض الكتب التي اشتهر اختلاف رواة هذِه الكتب فيها مثل: «موطأ مالك»، «سنن أبي داود» «وسنن الترمذي» وهي وإن كانت قليلة أيضًا، إلا أنها مما يعز وجوده، ويزيل بعض الإشكالات التي توقف فيها كثير من العلماء.

* ثانيًا: شرح المصنف:
- وبعد أن ضبطنا نص صحيح البخاري وأثبتناه مشكولًا تشكيلًا كاملًا يمكن تلخيص عملنا في الشرح فيما يلي:

١ - الآيات القرآنية:
قمنا بعزو الآيات القرآنية من المصحف الشريف.
وحرصنا على الاهتمام بالقراءات الواردة في سياق الأحاديث، وهي مسألة اشتهر الخلاف فيها، ووقع في كتب الحديث وشروح الحديث الكثير منها، فنثبت النص كما أثبته مؤلفه مع التنبيه في الحاشية، لأن ذلك الأمر غالبًا لا يكون خافيًا عليه، ونذكر ما يدل على تواتر هذِه الرواية -إن كانت مخالفة لرواية حفص عن عاصم- أو كونها من القراءات الآحاد أو الشاذة أو غير ذلك، من خلال كتب القراءات المعتمدة في هذا المجال.

٢ - تخريج الأحاديث النبوية:
قمنا بتخريج الأحاديث النبوية المرفوعة وآثار الصحابة والتابعين وأقوالهم في الفقه والتفسير وغير ذلك، ويعلم قدر ذلك والصعوبات التي فيه من طالع الكتاب، ورأى القدر الهائل من الأحاديث المرفوعة وأقوال الصحابة والتابعين وبخاصة إذا كانت في شرح لكتاب مثل


كتاب صحيح البخاري، وهو متنوع في الكتب والأبواب والموضوعات، من موضوعات فقهية وعقائدية وأحكام وآداب وفتن وملاحم وغير ذلك مما لا مجال لبيانه وتوضيحه، بحيث يجد المطالع للكتاب توثيقًا لجل الأحاديث التي تكلمت في موضوع معين وذلك من خلال نفس ابن الملقن الطويل في شرحه للأحاديث.
وكان منهجنا في تخريج الأحاديث كما يلي:
- الأحاديث التي يذكرها المصنف دون عزو اكتفينا فيها بالصحيحين إن وجد، وإلا فالأربعة؛ فإن لم نجد عزونا إلى كتب التخريج الأخرى مع ترتيبها الزمني مع ذكر راوي الحديث في الغالب.
- عزونا للصحيحين يكون بالكتاب والباب غالبًا، والا فأحيانا ما يشير المصنف إلى الكتاب أو إلى الباب.
- عزونا للصحيح يكون بعبارة: سلف أو سيأتي.
- اعتمدنا في تخريج الآثار على المصنفات كـ«مصنف عبد الرزاق» و«مصنف ابن أبي شيبة» والكتب التي تعد مظانًّا لهاكـ «سنن سعيد» وكتب الطحاوي والبيهقي وابن عبد البر وغير ذلك.
- بعض الآثار لم نجدها إلا في كتب الشروح كابن بطال وشرح مسلم للنووي فأشرنا إلى ذلك.
- الأحاديث التي عزاها المصنف إلى كتب مفقودة أو غير مطبوعة إلى الآن حاولنا عزوها إلى من يروي من طريق صاحب ذلك الكتاب أو من طريق راوي الحديث.
- عزونا للأحاديث يكون على ترتيب الكتب الستة البخاري، مسلم، أبو داود، الترمذي، النسائي، ابن ماجه.


- كثيرًا ما يعزو المصنف إلى النسائي، ويكون في السنن الكبرى لا الصغرى خلافًا لما هو معروف.
- ما بعد الكتب الستة يكون بالترتيب الزمني.
- حاولنا قدر الإمكان الحكم على الحديث أو الأثر من كلام علماء الحديث.
- نبهنا إلى الأخطاء الواقعة في كتب تخريج الحديث من اختلاف ألفاظ أو أسماء رواة.
- إذا أتى المصنف بلفظ للحديث ولم نقف على لفظه أو وقفنا على لفظ مقارب أشرنا إلى ذلك.
- أطلنا الكلام على بعض الأحاديث أو الآثار التي تحتاج إلى إطالة وزيادة بيان.

٣ - تراجم الأعلام:
كان ابن الملقن رحمه الله يترجم للرواة الذين يرد ذكرهم في الصحيح فقمنا بعزو أقواله التي نقلها عن الأئمة ووثقنا نقوله عن العلماء، كما ترجمنا للأعلام الذين ورد ذكرهم في الشرح.
وكان منهجنا في التراجم كما يلي:
- من ترجم له المصنف اكتفينا بالعزو إلى مصادر الترجمة في الغالب.
- من لم يترجم له المصنف ترجمنا له بترجمة شاملة لاسمه، وما قيل فيه، وتاريخ وفاته، وأهم مصنفاته. مع ختام الترجمة بأهم المصنفات التي ترجمت به.
- اعتمدنا في ترجمة الصحابة على كتاب «الطبقات» لابن سعد،


«الإصابة» لابن حجر وغيرها من كتب تراجم الصحابة المعتمدة.
- اعتمدنا في الغالب على كتاب «تهذيب الكمال» للمزي، «سير أعلام النبلاء» للذهبي.
- قد نكرر الترجمة في بعض المواضع مرة أخرى نظرًا لطول الكتاب.
- أحيانًا يذكر المصنف أعلامًا بأسماء مبهمة أو مهملة بلا نسب فنكتفي بذكر اسمه كاملًا للتعريف به.
مثاله: (ابن مطير اللخمي) نقول: وهو الطبراني.
(القشيري) نقول: يريد به ابن دقيق العيد.
(أحمد) نقول: يريد به البيهقي.
- أحلنا إلى التراجم التي سبق أن ترجم لها المصنف أو قمنا بترجمتها.

٤ - عزو الأقوال:
عزونا الأقوال إلى قائليها سواء كان ذلك في علوم اللغة واشتقاقها كالنقول عن ابن سيده في كتابيه «المحكم» و«المخصص»، أو ابن دريد في «الجمهرة»، والجوهري، والأزهري، والخليل بن أحمد، وغيرهم من أئمة اللغة.
أو كان في باقي العلوم مثل غريب الحديث، وكتب الأنساب، والمؤتلف والمختلف، وتأويل مشكل الحديث، وناسخ الحديث ومنسوخه وغير ذلك.
أو كان من كتب أهل التفسير، أو الفقه، أو الأصول، أو القراءات، أو شروح الصحيح، أو المصنفات الأخرى مثل: شروح


حدث خطأ في تحميل الصفحة

٦ - المسائل الفقهية والأصولية:
قمنا بتحرير المسائل الفقهية والأصولية، وذلك من خلال توثيق نصوص الفقهاء من كتبهم المعتمدة لديهم، وذكر ما في ذلك من خلال مقابلة ما في هذِه الكتب مع ما ذكره ابن الملقن عنهم والتعليق على بعض المسائل عند الحاجة ..
وكان منهجنا في ذلك كما يلي:
- التزمنا تخريج الأقوال الفقهية، وعزوها إلى قائلها قدر الإمكان.
- التزمنا في مسائل الخلاف الترتيب المذهبي أولًا ثم الزمني داخل كل مذهب.
- عزو الأقوال الفقهية يكون للمتقدم غالبًا، وإلا فقد لا نجد القول إلا في كتب بعض المتأخرين.
- بعض المصادر التي يذكرها المؤلف قد تكون مفقودة أو غير مطبوعة حتى الآن، فيكون العزو إلى كتب تنقل منها أو ممن ينقل عنها.
- اعتمدنا في عزونا الفقهي على الكتب المعتمدة في كل مذهب غالبًا.
- أحيانًا يكتفي المصنف بقول مذهب من المذاهب في مسألة من المسائل فنشير أحيانًا إلى باقي المذاهب الأخرى لزيادة البيان.
- أحيانا يكتفي المصنف بقولِ واحد لإمام من الأئمة ولا يشير إلى وجود قول آخر له أو أقوال أخر، فأشرنا إليها بإيجاز وأحيانًا بإطناب.
- أحيانًا ما يذكر المصنف قولًا أو مسألة فقهية تحتاج إلى إيضاح، فنشير إليها بما يوضحها.
- أشرنا في المواضع التي عزا فيها المصنف أقوالًا إلى بعض


قولًا واحدًا؛ إلا في البلاغات فإنها بخط مغاير ويبدو أنه خط المصنفرحمه الله-. كما نبه عليه في غير ما موضع.
ومن الجدير بالملاحظة أن هناك مصادر لم نقف على أصولها لعدم توفرها بين أيدينا إما لفقدان أصولها (ضياع مخطوطاتها) مما ترتب عليه عدم طباعتها، وإما لأنها قيد التحقيق.
فكان الطريق إلى عزو هذِه المصادر استخدام المصادر الناقلة عنها الأقدم فالأقدم، وجعلنا ضابطنا في هذا الترتيب الزمني، والنقل عن صاحب المصدر الأساسي مثاله «الغريبين» لأبي عبيد الهروي فعزوه من «النهاية» لابن الأثير؛ لأنه نقله فيه وعلم على ذلك.

فهارس الكتاب
١ - فهرس أحاديث وآثار «صحيح البخاري» الذي وضعناه قبل الشرح.
فهارس الشرح:
٢ - فهرس الآيات القرآنية: اقتصرنا في عمل فهرس للآيات القرآنية على إيراد رقم الآية والجزء والصفحة، ولم نفهرس كتاب التفسير الواقع في المجلدين ٢١، ٢٢؛ وذلك لترتيب الكتاب على سور القرآن، ويكفي الرجوع لفهرس المجلدين أو فهرس موضوعات الكتاب للوصول إلى تفسير السورة.
٣ - فهرس أطراف الأحاديث.
٤ - فهرس الآثار.
٥ - النكت والفوائد الحديثية:


٦ - أحكام ابن الملقن على الأحاديث (صحة وضعفًا).
لا يدخل نقولاته، مثل (صححه الحاكم).
٧ - أقواله في فنون مصطلح الحديث وأقسامه.
٨ - فهرس الأعلام المترجم لهم من المصنف أو في التحقيق.
٩ - فهرس الرجال الذين تكلم عليهم جرحا وتعديلا، ولا يدخل في نقولاته، مثل (وثقه أبو حاتم).
١٠ - فهرس مسائل العقيدة.
١١ - فهرس المسائل الفقهية:
١٢ - فهرس القواعد الفقهية.
١٣ - فهرس مسائل أصول الفقه.
١٤ - فهرس الإجماعات.
١٥ - فهرس اللطائف والفوائد الفقهية.
١٦ - فهرس اللغة والغريب.
١٧ - فهرس المسائل النحوية والصرفية.
١٨ - فهرس المسائل البلاغية والمعاني والبديع.
١٩ - فهرس الأبيات الشعرية.
٢٠ - فهرس القبائل والشعوب.
٢١ - الفرق والمذاهب، والملل والنحل.
٢٢ - فهرس الأيام والغزوات.
٢٣ - فهرس الأماكن والبلدان.
٢٤ - فهرس المصنفات المذكورة في الشرح.


٢٥ - فهرس مصادر التحقيق.
٢٦ - فهرس الموضوعات.


* أهم الصعوبات التي واجهتنا في تحقيق الكتاب:
إن الإقدام على إخراج الأعمال الكبيرة مثل شرح ابن الملقن يحتاج إلى همة عالية وتحمل لصعوبات قد تجعل المقدم على عمل مثل هذا الشرح يعدل عنه، وكتاب «التوضيح» قد واجهتنا عدة صعوبات في تحقيقه أهمها:
- صغر خط نسخة سبط وعدم وضوح حروفها في جزء كبير منها وعدم وجود نسخة أخرى أفضل منها.
- أننا قمنا بتخريج الأحاديث النبوية المرفوعة وآثار الصحابة والتابعين وأقوالهم في الفقه والتفسير وغير ذلك، ويعلم قدر ذلك والصعوبات التي فيه من طالع الكتاب، ورأى القدر الهائل من الأحاديث المرفوعة وأقوال الصحابة والتابعين وخاصة إذا كانت في شرح لكتاب مثل كتاب صحيح البخاري، وهو متنوع في الكتب والأبواب والموضوعات. من موضوعات فقهية وعقائدية وأحكام وآداب وفتن وملاحم وغير ذلك مما لا مجال لبيانه وتوضيحه. بحيث يجد المطالع للكتاب توثيقًا لجل الأحاديث التي تكلمت في موضوع معين وذلك من خلال نفس ابن الملقن الطويل في شرحه للأحاديث.
- كثرة وتنوع مصادر المصنف التي استمد منها شرحه والتي يعرفها من يطالع الكتاب، ويذكر ابن حجر أن مكتبة ابن الملقن كانت تحتوي بعض الكتب التي لا يمتلكها فيقول: وعنده من الكتب ما لا يدخل تحت الحصر منها ما هو ملكه ومنها ما هو من أوقاف المدارس لا سيما الفاضلية (١).

---------------------------------------------
(١) «إنباء الغمر» (٥/ ٤٥).


ويقول ابن الملقن نفسه في خاتمة الكتاب: واعلم أيها الناظر في هذا الكتاب أنه نخبة عمر المتقدمين والمتأخرين إلى يومنا هذا، فإني نظرت عليه جُلَّ كتب هذا الفن من كل نوع، ولنذكر من كل نوع جملة منها .. إلخ
- الكتاب يعد موسوعة فقه مقارن توسع فيه المصنف في إيراد الأقوال والمذاهب المختلفة، بل أحيانًا ما يشير إلى قول الشيعة والخوارج، مما كلفنا مشقة بالغة في عزو كل قول إلى قائله.
- توجد في هواممش نسخة سبط تعليقات كثيرة لسبط وهي كثيرة بحيث لو جمعت لقاربت مجلدًا، وكثير منها استدراكات وتعقيبات نقلها الناسخ من كتب أخرى مثل كتاب «الكاشف» للذهبي وحواشي الدمياطي على نسخته من البخاري وكتاب «المطالع» لابن قرقول، وقد أثبتناها في الهامش.
وقد أغلق علينا قراءة بعض الحواشي ونبهنا عليها في موضعها.
ومن الجدير بالملاحظة أن هناك مصادر لم نقف على أصولها لعدم توفرها بين أيدينا إما لفقدان أصولها (ضياع مخطوطاتها) أو لعدم طباعتها حتى الآن.
كما أن هناك مصادر مطبوعة لم نقف عليها إلا بعد أن قطعنا شوطا كبيرا في الكتاب.


حدث خطأ في تحميل الصفحة

نماذج من النسخ الخطيه للكتاب

اللوحة الأخيرة من المجلد الأول.

طرّة المجلد الثاني وعليها عنوان الكتاب.

مصوره للورقه الثانيه من المجلد وفيها أول كتاب الجنائز

مصورة لآخر ورقة من المجلد الثاني وعليها بلاغ
المؤلف بخطة ووقت الانتهاء (الانتهاء فيها بخط سبط).


اللوحه الثانيه من الكتاب من الجزء الثالث ويبدأ بكتاب الجهاد.

مصورة طرّة المجلد الرابع.

اللوحة الأخيرة من المجلد الرابع والكتاب من
نسخة سبط وفيها بيان فراغ المؤلف من تصنيف الكتاب.


لوحة من المجلد الرابع من سبط ويظهر فيها
تذاخل الكلمات وصعوبة قراءتها.


طرة نسخة دار الكتب المصرية.

اللوحة الأولى من الجزء العاشر من النسخة
التركية بمكتبة فيض الله.


الورقة الأولى من الجزء الأول من نسخة بفراد.

اللوحة الأخيرة من المجلد الثالث لنسخة بفراد.
انتهى المجلد (1)

https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...b61e7e5bc3.gif


ابوالوليد المسلم 23-12-2025 10:53 PM

رد: التوضيح لشرح الجامع الصحيح أبو حفص عمر بن علي بن أحمد الأنصاري المعروف بـ ابن ال
 
https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...b61e7e5bc2.gif


الكتاب: التوضيح لشرح الجامع الصحيح
المؤلف: سراج الدين أبو حفص عمر بن علي بن أحمد الأنصاري الشافعي

المعروف بـ ابن الملقن (٧٢٣ - ٨٠٤ هـ)
الناشر: دار النوادر، دمشق - سوريا
الطبعة: الأولى، ١٤٢٩ هـ - ٢٠٠٨ م
عدد الأجزاء: ٣٦ (٣٣ والفهارس)

المجلد (2)
من صـــ 9 الى صـــ 25
الحلقة (18)



[مقدمة المصنف]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
اللَّهُمَّ يَسِّرْ وأَعِنْ يا كريم
﴿رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا﴾ [الكهف: ١٠]
أحمدُ الله على توالى إنعامه، وأشكره على ترادف أفضاله، بنفى الزيغ والتحريف عن كلام أشرف أصفيائه، ببقاء الجهابذه والنقاد إلى يوم لقائه.
وأشهد ان لا إله الا الله وحده لا شريك له، شهاده دائمه بدوامه، وأنّ محمد عبده ورسوله، خاتمَ رسلِهِ ومِسْكَ ختامِهِ، - ﷺ - وعلى آله وصحبه صلاةً مقرونه بسلامه.
وبعد، فهذِه نُبَذه مهمه، وجواهر جمّه، أرجو نفعها وذخرها، وجزيل ثوابها وأجرها، عَلَى صحيح الإمام أمير المؤمنين أبى عبد الله محمد بن إسماعيل البخارى، سقى الله ثراه، وجعل الجنه مأواه، الذى هو أصحُّ الكتب بعد القرآن، وأجلُّها، وأعظمها، وأعمُّها نفعًا بعد الفرقان.

وأَحْصُرُ مقصودَ الكلام في عشرة أقسام:
أحدها: في دقائق إسناده، ولطائفه.
ثانيها: في ضبط ما يشكل من رجاله، وألفاظِ متونِهِ ولغتِهِ، وغريبِهِ.
ثالثها: في بيان أسماء ذوي الكنى، وأسماء ذوي الآباء والأمهات.
رابعها: فيما يختلف منها ويأتلف.
خامسها: في التعريف بحال صحابته، وتابعيهم، وأتباعهم، وضبط أنسابهم، ومولدهم، ووفاتهم. وإن وقع في التابعين أو أتباعهم قدح يسير بينته، وأجبت عنه. كل ذَلِكَ عَلَى سبيل الاختصار، حذرًا من الملالة والإكثار.
سادسها: في إيضاحِ ما فيه من المرسل، والمنقطعِ، والمقطوعِ، والمُعْضل، والغريب، والمتواتر، والآحاد، والمدرج، والمعلل، والجواب عَمّن تكلمَ عَلَى أحاديثَ فيه بسبب الإرسال، أو الوقف، أو غير ذَلِكَ.
سابعها: في بيان غامض فقهِهِ، واستنباطه، وتراجم أبوابه؛ فإنّ فيه مواضع يتحيرُ الناظرُ فيها، كالإحالة عَلَى أَصْل الحديث ومخرجه، وغير ذَلِكَ مما ستراه.
ثامنها: في إسناد تعاليقه، ومرسلاته، ومقاطعه.
تاسعها: في بيان مبهماته، وأماكنه الواقعة فيه.
عاشرها: في الإشارة إلى بعض ما يستنبط منه من الأصول، والفروع، والآداب، والزهد، وغيرها، والجمع بين مختلفها، وبيان الناسخ والمنسوخ منها، والعام والخاص، والمجمل والمبين، وتبيين المذاهب الواقعة فيه. وأذكر إن شاء الله تعالى وجهها، وما يظهر منها


مما لا يظهر، وغير ذَلِكَ من الأقسام التي نسأل الله إفاضتها علينا.
ونذكر قبل الشروع في ذَلِكَ مقدمات مهمة منثورة في فصولٍ مشتملة عَلَى سبب تصنيفه، وكيفية تأليفه، وما سماه به، وعدد أحاديثه، ونبذة من فقه حال مصنفه، وبيان رجال إسناده إلينا، وما يتعلق بصحيحه، كطبقات رجاله، وحال تعاليقه، وبيان فائدة إعادته الحديث في الأبواب، والجواب عمن خرج حديثه في الصحيح وتُكلِّم فيه، وفي أحاديث استدركت عليهما، وفي أحاديث أُلْزما إخراجها، وفي بيان شرطهما، ومعرفة الاعتبار، والمتابعة، والشاهد، والوصل، والإرسال، والوقف، والانقطاع، وزيادة الثقات، والتدليس، والعنعنة، ورواية الحديث بالمعنى واخْتصاره، ومعرفة الصحابي، والتابعي، وضبط جملة من الأسماء المتكررة، وغير ذَلِكَ مما ستراه إن شاء الله تعالى.
وإذا تكرر الحديث شرحته في أول موضع، ثم أَحَلْتُ فيما بعدُ عليه، وكذا إِذَا تكررت اللفظة من اللغةِ بينتها واضحة في أول موضع، ثم أحيل بعدُ عليه، وكذا أفعل في الأسماء أيضًا.
وسميته «التوضيحُ لشَرْحِ الجامِعِ الصَّحيحِ» نسألك اللَّهُمَّ العونَ عَلَى إيضاح المشكلات، واللطفَ في الحركات والسكنات، والمحيا والممات، ونعوذ بك من علم لا يَنْفع، وعمل لا يُرْفع، وقول لا يُسْمع، وقلب لا يَخْشع، ونَفْس لا تَشْبع، ودعاء لا يُسْمع.
وعليك اللَّهُمَّ أعتضد فيما أَعْتمد، وأنت حسبي ونعم الوكيل، اللَّهُمَّ وَانْفَع به مؤلفه وكاتبه، وقارئه، والناظر فيه، وجميع المسلمين. آمين.


فصل أقدمه قبلَ الشروعِ في المقدماتِ
وهو: معرفة نسب النبي - ﷺ - ومولده ووفاته مختصرًا؛ ليشرف الكتاب به، ولمعرفته فوائد أُخر لا تُحصى ومنها:
أن من نذكره في هذا الكتاب إِذَا التقى نسبُه نسبَه أقتصر عليه استغناء بمعرفة تمامه من نسبه - ﷺ -.
هو: أبو القاسم وأبو الأرامل وأبو إبراهيم محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة ابن مدركة بن إلياس بن مُضَرَ بن نِزَار بن مَعَد بن عدنان (١) ويأتي في

-------------------------------
(١) روى ابن سعد في «الطبقات الكبرى» ١/ ٥٥ - ٥٦ قال: أخبرنا هشام بن محمد بن السائب بن بشر الكلبي قال: علمني أبي وأنا غلام نسب النبي - ﷺ - … ثم ساقه.
وذكره ابن حبان في «السيرة النبوية» ص ٤٥ إلى عدنان أيضًا، وكذا ابن حزم في «جامع السيرة» ص ٢، وابن عبد البر في «الاستيعاب» ١/ ١٣٣، وابن الأثير في «أسد الغابة» ١/ ٢٠، والمزي في «تهذيب الكمال» ١/ ١٧٤، والذهبي في «تاريخ الإسلام» ١/ ١٧، وابن كثير في «الفصول في سيرة الرسول» ص ١٨ - ١٩.
وروى الحاكم في «علوم الحديث» ص ١٧٠ - ١٧١، والبيهقي في «دلائل النبوة» ١/ ١٣٦، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» ٣/ ٤٨ من طريق مالك بن أنس، عن الزهري، عن أنس بن مالك قال: بلغ النبي - ﷺ - أن رجالًا من كندة يزعمون أنه منهم، فقال: "إنما كان يقول ذلك العباس وأبو سفيان بن حرب إذا قدما اليمن =



باب (١) واسم عبد المطلب: شيبة الحمد عَلَى قول الجمهور، وقال ابن قتيبة: عامر (٢)، وعاش مائة وأربعين سنة، سمي عبد المطلب؛ لأن عمه المطلب أردفه خلفه حين أتى به من المدينة صغيرًا، فكان يقال له: من هذا؟ فيقول: عبدي.
واسم هاشم: عمرو؛ لأنه هَشّم الثريد لقومه في المجاعة (٣).

-----------------------------
= - وفي بعض الرويات المدينة -فيأمنا بذلك، وإنا لأن ننتفي من أبينا، نحن بنو النضر ابن كنانة«قال: وخطب رسول الله - ﷺ -، فقال:»أنا محمد بن عبد الله .. «ثم ساق النسب إلى نزار فقط، وفي آخره قال - ﷺ -:»وخرجت من نكاح، ولم أخرج من سفاح من لدن آدم حتى انتهيت إلى أبي وأمي فأنا خيركم نفسًا وخيركم أبًا«.
قال البيهقي: تفرد به عبد الله بن محمد القدامي، وله عن مالك وغيره أفراد، ولم يتابع عليها. وأورد ابن كثير هذا الحديث في»البداية والنهاية«٢/ ٦٥٧ من طريق البيهقى. وقال: الله أعلم بصحته، وهو حديث غريب جدًا من حديث مالك، تفرد به القدامي وهو ضعيف.
وقال المصنف في»البدر المنير«٧/ ٦٣٧: ذكره ابن دحية من هذا الوجه، وأعله بعبد الله هذا. اهـ. وقال الحافظ في»التلخيص«٣/ ١٧٦: إسناده ضعيف، وقال الألباني في»الضعيفة«(٢٩٥٢): ضعيف جدًّا.
(١) باب: مبعث النبي - ﷺ -، من كتاب مناقب الأنصار.
(٢)»المعارف«ص ٧٢، واعترض عليه ابن عبد البر في»الاستيعاب«١/ ١٣٤ وقال: ولا يصح والله أعلم. اهـ.
وابن قُتيبة هو عبد الله بن مسلم بن قتيبة المروزي الدينوري البغدادي، أحد الفحول في اللغة والأدب والنحو والغريب، وله معرفة بالتاريخ والسير والأخبار، ولد سنة (٢١٣ هـ)، وتوفي في بغداد سنة (٢٧٦ هـ) من مصنفاته:»غريب القرآن«، و»مشكل القرآن«، و»غريب الحديث«، و»أدب الكاتب«، و»عيون الأخبار«، و»المعارف«.
انظر ترجمته في:»تاريخ بغداد«١٠/ ١٧٠ (٥٣٠٩)،»المنتظم«٥/ ١٠٢ (٢٣٢)،»وفيات الأعيان«٣/ ٤٢ - ٤٤ (٣٢٨)،»تاريخ الإسلام«٢٠/ ٢٢٨،»سير أعلام النبلاء«١٣/ ٢٩٦ - ٣٠٢ (١٣٨).
(٣) رواه البخاري في»التاريخ الكبير" ١/ ٤.



وعبد مناف اسمه: المغيرة، وكان يقال له: قمر البطحان. وقصي لقب، واسمه: زيد، وهو تصغير قَصِي، أي: بعيد؛ لأنه بَعُدَ عن عشيرته في بلاد قضاعة حين احتملته أمه فاطمة (١).
ولؤي، بالهمز عند الأكثرين، وقيل: بتركه.
والنضر هو: أبو قريش في قول الجمهور، فمن كان من ولده فقرشي، وإلا فلا، وقيل: أبوهم فهر، قاله مصعب الزبيري (٢)، وابن الكلبي (٣)، وغيرهما (٤)، وقيل: إلياس، وقيل: هم ولد مضر. وإلياس:

-------------------------------
(١) انظر: «الروض الأنف» ١/ ٨.
(٢) «نسب قريش» لمصعب الزبيري ص ١٢، وهو: مصعب بن عبد الله بن مصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير بن العوام القرشي الأسدي، أبو عبد الله الزبيرىِ المدني، عم الزبير بن بكار، سكن بغداد، قال الزبير بن بكار: أمه أمةُ الجبار بنت إبراهيم بن جعفر بن مصعب بن الزبير، قال أبو بكر بن أبي خيثمة: كتب عنه أبي، ويحيى بن معين. وقال أحمد بن حنبل: مصعب الزبيري مستثبت، وقال يحيى بن معين: ثقة. وكذلك قال الدارقطني. قال الزبير: وتوفي مصعب بن عبد الله ليومين خلوا من شوال سنة ست وثلاثين ومائتين، وهو ابن ثمانين سنة.
انظر ترجمته في: «الطبقات الكبرى» ٥/ ٤٣٩، «الجرح والتعديل» ٨/ ٣٠٩ (١٤٢٩)، «الثقات» ٩/ ١٧٥، «تاريخ بغداد» ١٣/ ١١٢، «تهذيب الكمال» ٢٨/ ٣٤ (٥٩٨٧).
(٣) هو هشام بن محمد بن السائب، أبو المنذر، المعروف، والده بالكلبي، الأخباري النسابة العلامة. قال أحمد بن حنبل: إنما كان صاحب سمر ونسب، ما ظننت أن أحدًا يحدث عنه. وقال الدارقطني وغيره: متروك، وقال ابن عساكر: رافضي، ليس بثقة. وقال ابن أبي حاتم: سألت أبي عنه فقال: كان صاحب أنساب وسمر، وهو أحب إليَّ من أبيه. وقال ابن حبان: يروي عن أبيه العجائب والأخبار التي لا أصول لها، وكان غاليًا في التشيع، أخباره في الأغلوطات أشهر من أن يحتاج إلى الإغراق في وصفها. انظر ترجمته في: «الضعفاء الكبير» ٤/ ٣٣٩ (١٩٤٥)، «الجرح والتعديل» ٩/ ٦٩ (٢٦٣)، «المجروحين» ٣/ ٩١، «ميزان الاعتدال» ٥/ ٤٢٩ - ٤٣٠ (٩٢٣٧)، «لسان الميزان» ٧/ ٢٦٩ - ٢٧٠ (٩٠١٣).
(٤) نَصَرَ هذا القول أيضًا أبو محمد علي بن حزم في: «جمهرة أنساب العرب» ص ١٢.



بكسر الهمزة عند ابن الأنباري (١) وطائفة، قيل: إنها الهمزة المصاحبة للام التعريف تقع في الابتداء، وتسقط في غيره، وصححه المحققون.
وينشد السهيلي فيه أبياتا (٢)، قيل: هو أول من أهدى البُدْن إلى البيت، وهو بالياء، وله أخ يقال له بالنون بدلها قَالَه ابن ماكولا (٣).

--------------------------------(١) ابن الأنباري: هو أبو بكر محمد بن القاسم بن بشار بن الأنباري، الإمام الحافظ اللغوي ذو الفنون المقرئ النحوي. قال أبو علي القالي: كان شيخنا أبو بكر يحفظ فيما قيل ثلاثمائة ألف بيت شاهد في القرآن، وقال محمد بن جعفر التميمي: ما رأينا أحدًا أحفظ من ابن الأنباري ولا أغزر من علمه وحدثوني عنه أنه قال: أحفظ ثلاثة عشر صندوقًا. من مصنفاته: «الزاهر»، «المذكر والمؤنث»، «الأضداد». انظر ترجمته في: «تاريخ بغداد» ٣/ ١٨١، «تذكرة الحفاظ» ٣/ ٨٤٢، «سير أعلام النبلاء» ١٥/ ٢٧٤ (١٢٢)، «شذرات الذهب» ٢/ ٣١٥.
(٢) «الروض الأنف» للسهيلي ١/ ٩ - ١٠، والسهيلي هو: عبد الرحمن بن عبد الله بن أحمد بن إصبغ السهيلي المالكي، مؤرخ لغوي محدِّث، ولد بمالقة من بلاد الأندلس سنة (٥٠٨ هـ)، وأخذ عن ابن العربي المالكي، ثم انتقل في آخر عمره إلى مراكش وبها توفي سنة (٥٨١ هـ)، وكان -رحمه الله- كفيفًا، من تصانيفه: «الروض الأنف شرح سيرة ابن هشام)، و»التعريف والإعلام فيما أُبْهم في القرآن من الأسماء والأعلام«وله كتاب»نتائج الفكر«ومسألة:»رؤية الله تعالى في المنام ورؤية النبي«، ومسألة:»السر في عور الدجال«. انظر ترجمته في:»وفيات الأعيان«٣/ ١٤٣ - ١٤٤ (٣٧١)،»تذكرة الحفاظ«٤/ ١٣٤٨ - ١٣٥٠ (١٠٩٩)،»شذرات الذهب«٤/ ٢٧١ - ٢٧٢.
(٣)»الإكمال«٧/ ٤٢٤. وابن ماكولا هو: أبو نصر علي بن هبة الله بن علي بن جعفر بن علي بن محمد بن الأمير دلف، المولى، الأمير الكبير، الحافظ، الناقد، النسابة، الحجة. قال الحميدي: ما راجعت الخطيب في شيء إلا وأحالني على الكتاب، وما راجعت ابن ماكولا في شيء إلا وأجابني حفظًا كأنه يقرأ من كتاب. من مصنفاته:»الإكمال«،»مستمر الأوهام«.
انظر ترجمته في:»المنتظم«٩/ ٥، ٧٩،»وفيات الأعيان«٣/ ٣٠٥،»فوات الوفيات«٣/ ١١٠،»سير أعلام النبلاء«١٨/ ٥٦٩ (٢٩٨)،»شذرات الذهب" ٣/ ٣٨١.



وأما مُضر، فيقال له: مضر الحمراء، ويقال لأخيه: ربيعة الفَرسَ.
قيل: لأن أباهما أوصى لمضر بقُبة حمراء ولربيعة بفرس. وكان مُضر حسن الصوت، قيل: وهو أول من حدا، وفي حديث: «لا تسبوا ربيعة ولا مضر، فإنهما كانا مؤمنين» (١).
ونِزار -بكسر النون- مشتق من النزر، وهو القليل سمي به؛ لأن أباه حين وُلِدَ له، ونظر إلى النور بين عينيه -وهو نور النبوة الذي كان ينتقل في الأصلاب (٢) -فرح فرحا شديدا ونَحَر وأطعم، وقال: كل هذا نزر

---------------------------------
(١) رواه الحاكم في «تاريخه» كما في «لسان الميزان» ٥/ ١٦٩ من حديث جابر مرفوعًا: «لا تسبوا ربيعة ومضر، فإنهما كانا مسلمين، ولا تسبوا ضبة من أولاد تميم بن مرة، ولا أسد بن خزيمة، فإنهم كانوا على دين إسماعيل». قال الحافظ: رواته ثقات إلا محمد بن زكريا الغلابي فهو آفته، ورواه أحمد في «فضائل الصحابة» (١٥٢٤) عن عبد الله بن الحارث بن هشام المخزومي أن رسول الله - ﷺ - قال: «لا تسبوا مضر فإنه كان على دين إبراهيم …» الحديث. وهذا حديث مرسل، قال ابن عبد البر في «الاستيعاب» ٣/ ٢٢ (١٥١٩): عبد الله بن الحارث، روى عن النبي - ﷺ - يقال: إنه حديث مرسل، ولا صحبة له، والله أعلم، إلا أنه ولد على عهد رسول الله - ﷺ -. اهـ.
ورواه ابن سعد في «طبقاته» ١/ ٥٨ عن عبد الله بن خالد قال: قال رسول الله - ﷺ -: «لا تسبوا مضر فإنه كان قد أسلم». قال الألباني في «الضعيفة» (٤٧٨٠): وهذا ضعيف معضل.
(٢) لعل المصنف يشير إلى ما روي عن ابن عباس في تفسير قوله تعالى: ﴿وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ (٢١٩)﴾ [الشعراء: ٢١٩]، قال: من صلب نبي إلى نبي حتى أخرجه نبيًا، رواه ابن سعد في «الطبقات» ١/ ٢٤ من طريق شبيب بن بشر، عن عكرمة، عن ابن عباس، وابن أبي حاتم في «تفسيره» ٩/ ٢٨٢٨ (١٦٠٢٨)، والبزار في «مسنده» كما في «كشف الأستار» (٢٢٤٢)، والطبراني في «الكبير» ١١/ ٣٦٢. قال الهيثمي في «المجمع» ٧/ ٨٦: رواه البزار والطبراني ورجالهما رجال الصحيح غير شبيب ابن بشر وهو ثقة. اهـ، وقال في ٨/ ٢١٤: رواه البزار ورجاله ثقات. اهـ. وقال ابن حجر في «مختصر زوائد مسند البزار» ٢/ ٩٧ - ٩٨: إسناده حسن. اهـ.



في حق هذا المولود (١).
وما ذكرته من النسب إلى عدنان هو إجماع الأمة. وفيما بعده إلى آدم خلاف واضطراب، والمحققون ينكرونه (٢) ومن أشهره كما قاله النووي (٣) في «إملائه»: عدنان بن أُدد -هو مصروف. قَالَ ابن

-------------------------------------
(١) انظر: ما سبق في «الروض الأنف» ١/ ٩ - ١٠.
(٢) قال ابن عبد البر في «الاستيعاب» ١/ ١٣٣: لم يختلف أهل العلم بالأنساب والأخبار وسائر العلماء بالأمصارأنه صلى الله عليه وآله وسلم: محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان. هذا ما لم يختلف فيه أحد من الناس، وقد روي من أخبار الآحاد عن النبي - ﷺ - أنه نسب نفسه كذلك إلى نزار بن معد بن عدنان، وما ذكرنا من إجماع أهل السير وأهل العلم بالأثر يغني عما سواه والحمد لله.
واختلفوا فيما بين عدنان وإسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام، وفيما بين إبراهيم وسام بن نوح بما لم أَرَ لذكره هاهنا وجهًا؛ لكثرة الاضطراب فيه، وأنه لا يُوقف منه على شيء متتابع متفق عليه، وَهُم مع اختلافهم واضطرابهم مجمعون على أن نزارًا بأسرها، وهي ربيعة ومضر هي الصريح الصحيح من ولد إسماعيل. اهـ.
وقال المزي في «التهذيب» ١/ ١٧٤: إلى عدنان أجمع أهل النسب عليه، وما وراء ذلك ففيه اختلاف كبير جدًا. اهـ. وقال ابن كثير في «الفصول» ص ٢١: هذا النسب الذي سقناه إلى عدنان لا مرية فيه ولا نزاع، وهو ثابت بالتواتر والإجماع، وإنما الشأن فيما بعد ذلك. اهـ.
(٣) هو يحيى بن شرف بن مري بن حسن بن حسين بن محمد بن جمعة بن حزام أحد الأعلام، شيخ الإسلام، الفقيه، الحافظ، الزاهد، الشافعي محيي الدين أبو زكريا النووي بحذف الألف، ويجوز إثباتها، الدمشقي ولد بنوى سنة إحدى وثلاثين وستمائة، كان يقرأ كل يوم اثني عشر درسًا على المشايخ شرحًا وتصحيحًا توفي سنة ست وسبعين وستمائة من مصنفاته: «المجموع»، «المنهاج في شرح مسلم»، «الخلاصة في الحديث»، «الإرشاد في علم الحديث»، «التبيان في آداب حملة القرآن» «تهذيب الأسماء واللغات»، «شرح قطعة من البخاري»، «طبقات الفقهاء الملخصة من طبقات ابن الصلاح». =



السراج: هو من الود، وانصرف كثُقبٍ وليس معدولا كعمر (١) - بن مقوم ابن ناحور -بنون ثم حاء مهملة- بن تيرَح- بمثناة فوق، ثم تحت، ثم راء مفتوحة، ثم حاء مهملتين -بن يعرب بن يشجُب -بضم الجيم- بن نابت -بالنون- بن إسماعيل بن إبراهيم خليل الرحمن بن تارَخ -بمثناة فوق، وفتح الراء، وهو: آزر، قيل معناه: الأعوج -بن ناحور بن ساروح -بمهملات- بن راعُو -بضم العين المهملة -بن فالَخ -بالفاء، وفتح اللام، وبالمعجمة، ومعناه: الرسول، أو الوكيل -بن عيبر -بمهملة، ثم مثناة تحت، ثم موحدة مفتوحة- بن شالَخ -بالمعجمتين، واللام مفتوحة- بن أرفخْشذ- براء، ثم فاء، ثم خاء معجمة ساكنة، ثم شين معجمة، ومعناه بالسريانية: مصباح مضيئ -بن سام بن نوح بن لامك -بفتح الميم، وكسرها -بن مَتُّوشَلَخ -بميم مفتوحة، ثم مثناة فوق مشددة مضمومة، ثم واو ساكنة، ثم شين معجمة، ثم لام مفتوحتين، ثم خاء معجمة -ويقال: متوشلخ بن حنُوخ- بحاء مهملة، وقيل: معجمة، ثم نون مضمومة، ثم واو، ثم معجمة.
قَالَ ابن إسحاق (٢) والأكثرون:

-----------------------------------
= انظر ترجمته في: «طبقات علماء الحديث» ٤/ ٢٥٤، «البداية والنهاية» ١٣/ ٣٢٢، «طبقات الشافعية» ٢/ ١٥٣ - ١٥٧، «شذرات الذهب» ٦/ ٣٥٤.
(١) «الروض الأنف» ١/ ١١، وعُمر بوزن فُعل.
قال ابن قتيبة في «أدب الكاتب» ص ٢٢٥: وما كان علي فُعَل فهو لا ينصرف في المعرفة، وينصرف في النكرة، وما لم يكن معدولًا انْصرف نحو: جُعل، وصُرد، وفرق ما بينهما أن المعدول لا تدخله الألف واللام، وغير المعدول تدخله الألف واللام. اهـ.
(٢) هو محمد بن إسحاق بن يسار بن خيار المدني، أبو بكر، صاحب «السيرة النبوية»، رأى أنس بن مالك، وسالم بن عبد الله بن عمر، وسعيد بن المسيب. قال =



وهو إدريس (١)، وأنكره آخرون وقالوا: إنه ليس في عمود النسب، وإنما إدريس هو إلياس -واختاره ابن العربي (٢) وصاحِبُه السهيلي لحديث الإسراء حيث قَالَ: «مرحبًا بالأخ»، ولم يقل: بالابن كما قَالَ آدم، وإبراهيم: «الابن الصالح» (٣) -بن يَرْد- بمثناة تحت مفتوحة، ثم راء ساكنة، ثم دال، ومعناه: الضابط -بن مهليل -ويقال: مهلايل، ومعناه: الممدوح- بن قينن -ويقال: قينان بالقاف، ومعناه: المسوي-بن يانش -ويقال: آنش، ويقال: آنوش بالنون والشين
----------------------------------
= ابن معين: ثقة، وكان حسن الحديث. وقال الزهري: كان ابن إسحاق أعلم الناس بمغازي رسول الله - ﷺ -، انظر ترجمته في: «طبقات ابن سعد» ٧/ ٣٢١، «تاريخ بغداد» ١/ ٢١٤، «تهذيب الكمال» ٢٤/ ٤٠٥ (٥٠٥٧)، «شذرات الذهب» ٦/ ٣٥٤.
(١) «سيرة ابن إسحاق» ص ١، «سيرة ابن هشام» ١/ ٢، «الطبقات الكبرى» ١/ ٥٤.
(٢) ابن العربى: الإمام العلَّامة، أبو بكر محمد بن عبد الله بن محمد الأندلسي، الأشبيلي، المالكي. ولد سنة (٤٦٨ هـ)، وتوفي سنة (٥٤٣ هـ). وقيل غير ذلك. من تصانيفه: «عارضة الأحوذي شرح جامع الترمذي»، «العواصم من القواصم»، «أحكام القرآن»، «الإنصاف في مسائل الخلاف»، وكان -رحمه الله تعالى- قد بلغ مرتبة الاجتهاد.
انظر: «الصلة» لابن بشكوال ٢/ ٥٩٠ (١٢٩٧)، «وفيات الأعيان» ٤/ ٢٩٦ (٦٢٦)، «تاريخ الإسلام» ٣٧/ ١٥٩ (١٧١)، «سير أعلام النبلاء» ٢٠/ ١٩٧ (١٢٨)، «الوافي بالوفيات» ٣/ ١٣٨٨، «شذرات الذهب» ٤/ ١٤١.
(٣) قال السهيلي في «الروض الأنف» ١/ ١٣ - ١٤ بعد أن حكاه عن ابن العربى: وهذا القول عندي أَنْبل والنفس إليه أميل لما عضده من هذا الدليل. اهـ.
وسيأتي هذا الحديث برقم (٣٤٩) كتاب: الصلاة، باب: كيف فرضت الصلاة في الإسراء، و(٣٣٤٢) كتاب: أحاديث الأنبياء، باب: ذكر إدريس -عليه السلام-، ورواه مسلم (١٦٣) كتاب: الإيمان، باب: الإسراء برسول الله - ﷺ - إلى السماوات وفرض الصلوات.



المعجمة، ومعناه: الصادق- بن شيث- وهو بالعبرانية، ويقال: شاث بالسريانية، ومعناه: عطية الله -بن آدم عليه السلام (١).
وذكر أبو الحسن المسعودي (٢)، وآخرون بين عدنان، وإبراهيم نحو أربعين أبا، وهذا أقرب كما قاله النووي؛ فإن المدة بينهما طويلة جدا، لكن في لفظها وضبطها اختلاف كبير منها:
أن عدنان من نسل قيدار بن إسماعيل، وأما الحديث المشهور عن
ابن عباس رفعه بعد عدنان: «كذب النسابون» فضعيف (٣). والأصح وقفه

-----------------------------------
(١) انظر: «سيرة ابن إسحاق» ص ١ - ٢، «سيرة ابن هشام» ١/ ١ - ٢، «التاريخ الكبير» ١/ ٥ - ٦، «السيرة النبوية» لابن حبان ص ٣٩ - ٤٣، «الروض الأنف» ١/ ١٢ - ١٤.
(٢) علي بن الحسين بن علي، أبو الحسن المسعودي المؤرخ، من ذرية عبد الله بن مسعود الصحابي - رضي الله عنه -. عداده في البغداديين، وأقام بمصر مدة، وكان أخباريًا علامة صاحب غرائب ومُلح ونوادر، مات سنة ست وأربعين وثلاثمائة. وله من التصانيف: كتاب «مروج الذهب ومعادن الجوهر في تحف الأشراف والملوك» وكتاب «ذخائر العلوم وما كان في سالف الدهور»، «الرسائل والاستذكار لما مر في سالف الأعصار»، «أخبار الخوارج» انظر ترجمته في: «تذكرة الحفاظ» ٣/ ٨٥٧، «سير أعلام النبلاء» ١٥/ ٥٦٩ (٣٤٣)، «الوافي بالوفيات» ٢١/ ٥، «شذرات الذهب» ٢/ ٣٧١.
(٣) رواه ابن سعد في «الطبقات» ١/ ٥٦، وابن خياط في «الطبقات» ص ٢٧، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» من طريق هشام بن محمد، قال: أخبرني أبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس أن النبي - ﷺ - كان إذا انتسب لم يجاوز في نسبه معد بن عدنان بن أدد ثم يمسك ويقول: «كذب النسابون. قال الله عزوجل: ﴿وَقُرُونًا بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيرًا﴾» [الفرقان: ٣٨]. وابن خياط في «الطبقات» ص ٢٧، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» ٣/ ٥٢، ٥٩.
وهشام بن محمد هو ابن السائب الكلبي، قال ابن معين: غير ثقة، وليس عن مثله يُروى الحديث. اهـ. وقال الدارقطني: متروك. اهـ. وقال ابن حبان: يروي عن أبيه =



عَلَى ابن مسعود (١). وكره مالك رفع الأنساب إلى آدم. وقال: من أخبر بذلك؟ (٢)
---------------------------------------
= العجائب والأخبار التي لا أصول لها. اهـ، وقال ابن عساكر: رافضي ليس بثقة.
وأما أبوه فهو شر منه، وقال النسائي: متروك ساقط. اهـ. وقال أبو حاتم: الناس مجمعون على ترك حديثه. اهـ. وقال ابن عدي: وإذا روي عن أبي صالح، عن ابن عباس ففيه مناكير. اهـ.
والحديث أورده الألباني في «الضعيفة» ١/ ٢٨٨ (١١١)، وقال: موضوع. انظر ترجمته في: «الجرح والتعديل» ٧/ ٢٧٠ - ٢٧١، «المجروحين» ٣/ ٩١، «الكامل في الضعفاء» ٨/ ٤١٢، «تهذيب الكمال» ٢٥/ ٢٤٦ - ٢٥٢، «المغني في الضعفاء» ٢/ ٧١١، «لسان الميزان» ٦/ ١٩٦ - ١٩٧.
(١) قاله السهيلي في «الروض الأنف» ١/ ١١، وقد رواه عن ابن مسعود ابن سعد في «الطبقات» ١/ ٥٦، والطبري في «تفسيره» ٧/ ٤٢١ (٢٠٥٩١ - ٢٠٥٩٣)، وابن أبي حاتم في «تفسيره» ٧/ ٢٢٣٦ (١٢٢١٩).
(٢) حكاه عن مالك السهيلي في «الروض الأنف» ١/ ١٤، والبغوي في «تفسيره» ٤/ ٣٣٧، قال السهيلي: سئل مالك عن الرجل يرفع نسبه إلى آدم؟ فكره ذلك، قيل له: فإلى إسماعيل؟ فأنكر ذلك أيضًا، وقال: ومن يخبره به؟! وكره أيضًا أن يرفع في نسب الأنبياء مثل أن يقال: إبراهيم بن فلان بن فلان، قال: ومن يخبره به؟!. اهـ.
وروي عن عمر بن الخطاب أنه قال: إنما ننتسب إلى عدنان وما فوق ذلك لا ندري ما هو.
وعن عروة بن الزبير أنه قال: ما وجدنا أحدًا يعرف ما بين عدنان وإسماعيل.
وعن ابن عباس أنه قال: بين عدنان وإسماعيل ثلاثون أبًا لا يعرفون.
قلت: وأثر ابن عباس فيه هشام بن محمد بن السائب الكلبي، وأبوه، وهما من المتكلم فيهم كما سبق أن ذكرنا، قال ابن عبد البر: وليس هذا الإسناد مما يقطع بصحته، ولكنه عمن عِلْمُ الأنساب صَنْعَته. اهـ.
وقال ابن حبان: نسبة رسول الله - ﷺ - تصح إلى عدنان وما وراء عدنان فليس عندي فيه شيء صحيح أعتمد عليه. اهـ. انظر: «السيرة النبوية» لابن حبان ص ٣٩ - ٤٠، «الاستيعاب» ١/ ١٣٣، «الروض الأنف» ١/ ١٤ - ١٥.



وذهب كثيرون إلى جوازه (١)، وهو الأظهر؛ لأنه يترتب عليه معرفة العرب من غيرهم، وقريش من غيرهم، ويبنى عليه أحكام كالإمامة، والكفاءة، والتقديم في قسمة الفيء، وغير ذَلِكَ. وفي الصحيح: «حدثوا عن بني إسرائيل، ولا حرج» (٢).
واسم أمه - ﷺ -: آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب بن مرة (٣).
ولد بمكة عام الفيل، وقيل: بعده بثلاثين سنة. وقيل: بأربعين.
واتفقوا عَلَى أنه ولد يوم الاثنين، وكان مولده - ﷺ - في شهر ربيع الأول، قيل: لليلتين خلتا منه. وقيل: لثمان. وقيل: لعشر. وقيل: لثنتي عشرة وهو الأشهر، وتوفي يوم الاثنين ضحًى لثنتي عشرة خلت من ربيع الأول سنة إحدى عشرة، هذا هو الصحيح والمشهور. وقيل: لليلتين خلتا منه. وقيل: في أوله، وله حينئذ ثلاث وستون سنة. وقيل: خمس وستون. وقيل: ستون. وبعث يوم الاثنين وله أربعون سنة، وقيل: أربعون ويوم. وخرج من مكة يوم الاثنين، مهاجرًا إلى المدينة، وقدمها يوم الاثنين أيضًا ضحًى لثنتي عشرة خلت من شهر ربيع الأول، فأقام بها عشر سنين بالإجماع.

----------------------------------
(١) منهم: ابن إسحاق والطبري والبخاري والزبيريَّان. انظر: «الروض الأنف» ١/ ١٤.
(٢) سيأتي برقم (٣٤٦١) كتاب: أحاديث الأنبياء، باب: ما ذكر عن بني إسرائيل. من حديث عبد الله بن عمرو.
(٣) «نسب قريش» ص ٢٠، «أنساب الأشراف» ١/ ٧٩، «جمهرة أنساب العرب» ص ١٧، «التبيين في أنساب القريشيين» لابن قدامة ص ٣٨.



فصل
صحيح الإمام أبي عبد الله البخاري، متواتر عنه، وأشهر من رواه الفربري عنه، قَالَ أبو عبد الله الفربري: سمع «الصحيح» من أبي عبد الله تسعون ألف رجل فما بقي أحد يرويه غيري (١).
قَالَ الذهبي (٢): وآخر من روى عنه صحيحه منصور بن محمد البزدوي (٣)، وآخر من زعم أنه سمع منه أبو ظهير عبد الله بن فارس

----------------------------------------
(١) رواه الخطيب في «تاريخ بغداد» ٢/ ٩، والذهبي في «سير أعلام النبلاء» ١٢/ ٣٩٨، وقال في ١٥/ ١٢: ويروى: ولم يصح أن الفربري قال: سمع «الصحيح» من البخاري تسعون ألف رجل ما بقي أحد يرويه غيري. اهـ.
وقال الحافظ في «هدي الساري» ص ٤٩١: وأطلق ذلك بناء على ما في علمه، وقد تأخر بعده بتسع سنين أبو طلحة منصور بن محمد بن علي البزدوي، وكانت وفاته سنة تسع وعشرين وثلثمائة. اهـ.
(٢) الحافظ الذهبي: هو الإمام الحافظ، محدِّث العصر، ومؤرخ الإسلام، وفرد الدهر، إمام الوجود حفظا، وذهبي العصر معنى ولفظًا، وشيخ الجرح والتعديل، ورجل الرجال في كل سبيل، شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان التركماني الدمشقي، ولد سنة (٦٧٣ هـ)، ومات سنة (٧٤٨ هـ). من تصانيفه: «سير أعلام النبلاء»، «تذكرة الحفاظ»، «ميزان الاعتدال في نقد الرجال». انظر ترجمته في: «الوافي بالوفيات» ٢/ ١٦٣ - ١٦٨ (٥٢٣)، «البداية والنهاية» ١٤/ ٦٤٩، ٦٥٠، «الدرر الكامنة» ٣/ ٣٣٦ - ٣٣٨ (٨٩٤)، «معجم المؤلفين» ٣/ ٨٠، ٨١ (١١٥٨)، «الأعلام» ٥/ ٣٢٦.
(٣) هو الشيخ الكبير المُسنِد أبو طلحة منصور بن محمد بن علي بن مُزينة- وقيل: بن قرينة- بن سوية البزدي، ويقال: البزدوي النسفي، دهقان قرية بزدة. وسمع من =



(البلخي) (١) سنة ست وأربعين وثلاثمائة (٢)
وقال الخطيب (٣): آخر من حدث عن البخاري ببغداد: الحسين بن إسماعيل المحاملي (٤).
ورواه- أعني: «صحيحه»- عن الفربري خلائق منهم: أبو محمد الحموي، وأبو زيد المروزي (٥) الفقيه الشافعي، وهو أجل من رواه

-----------------------------------------
= أهل بلده وصارت إليه الرحلة في أيامه؛ مات سنة تسع وعشرين وثلاثمائة. انظر ترجمته في: «الإكمال» ٧/ ٢٤٣، «الأنساب» ٣/ ٩٩، «سير أعلام النبلاء» ١٥/ ٢٧٩ (١٢٣)، «لسان الميزان» ٦/ ١٠٥.
(١) في الأصل:: الثلجي، والصواب ما أثبتناه، كما في «طبقات الشافعية» ٢/ ٢١٥، «تاريخ الإسلام» ١٩/ ٢٤١، «لسان الميزان» ٣/ ٣٢٥.
(٢) هو عبد الله بن فارس بن علي أبو ظهير، شيخ من أهل بلخ، توفي سنة ست وأربعين وثلاثمائة، ادعى السماع من أبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري.
قال ابن حجر: وما أعتقد صحة قوله في السماع من البخاري، فإن كان صادقًا فهو خاتمة أصحابه في الدنيا، وما كنت أعتقد أن أحدًا بقي بعد المحاملي ممن يروي عنه، فالله أعلم. انظر ترجمته في: «لسان الميزان» ٣/ ٣٢٥.
(٣) هو الإمام العلامة المفتي، الحافظ الناقد، محدِّث الوقت أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب البغدادي، صاحب التصانيف، ولد سنة (٣٩٢ هـ)، ومات سنة (٤٦٣ هـ). من تصانيفه: «تاريخ بغداد»، «الفقيه والمتفقه»، «الكفاية في علم الرواية»، وغيرها من الكتب والتصانيف المفيدة والنافعة.
انظر: «تاريخ الإسلام» ٥٣/ ٣٠٩ - ٣١١ (٩٣٤)، «تذكر ة الحفاظ» ٤/ ١٥٠٣، «مرآة الجنان» ٤/ ٢٩١، «معجم المؤلفين» ٣/ ٦٧٣ - ٦٧٤.
(٤) هو أبو عبد الله الحسين بن إسماعيل البغدادي المحاملي، مولده في أول سنة خمسٍ وثلاثين ومائتين، وأول سماعه في سنة أربعة وأربعين ومائتين.
انظر ترجمته في: «تاريخ بغداد» ٨/ ١٩ - ٢٣ و«سير أعلام النبلاء» ١٥/ ٢٥٨، و«شذرات الذهب» ٢/ ٣٢٦.
(٥) هو الشيخ الإمام المفتي القدوة الزاهد، شيخ الشافعية أبو زيد محمد بن أحمد بن عبد الله بن محمد المروزي راوي «صحيح البخاري» عن الفربري ولد ٣٧١ هـ، قال =



عنه وأولهم، وأبو إسحاق المستملي (١)، وأبو الحسن علي بن أحمد الجرجاني (٢)، وأبو الهيثم محمد بن مكي الكُشْمَيْهَني (٣)، وأبو علي إسماعيل بن محمد الكشاني (٤)، (ومحمد بن أحمد بن مَتّ) (٥) -بفتح الميم وتشديد المثناة فوق- وآخرون.
ورواه عن كل واحد من هؤلاء جماعات، واشتهر الآن من طريق أبي الوقت، عن الداودي، عن الحموي، عن الفربري، عن البخاري.

------------------------------------------


= الحاكم: كان أحد أئمة المسلمين، ومن أحفظ الناس للمذهب. قال الخطيب: حدَّث أبو زيد ببغداد، ثم جاور بمكة، وحدَّث هناك بـ«الصحيح» وهو أجل من رواه. سئل أبو زيد: متى لقيت الفربري؟ قال: سنة ثماني عشرة وثلاثمائة. انظر ترجمته في: «تاريخ بغداد» ١/ ٣١٤، و«سير أعلام النبلاء» ١٦/ ٣١٣.
(١) هو أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد بن إبراهيم بن أحمد بن داود البلخي المستملي راوي «صحيح البخاري» عن الفربري. مات سنة ٣٧٦ هـ. انظر: «سير أعلام النبلاء» ١٦/ ٤٩٢، و«شذرات الذهب» ٣/ ٨٦.
(٢) هو أبو الحسن علي بن أحمد بن عبد العزيز الجرجاني المحتسب، مات ٣٦٦ هـ.
انظر ترجمته في: «سير أعلام النبلاء» ١٦/ ٢٤٧، و«لسان الميزان» ٤/ ٧١٧.
(٣) هو أبو الهيثم محمد بن مكي بن محمد بن زراع بن هارون المروزي الكُشْمِيْهَني، قال ابن العماد: كان ثقة، وله رسائل أنيقة، مات في يوم عرفة سنة ٣٨٩ هـ. انظر ترجمته في: «سير أعلام النبلاء» ١٦/ ٤٩١، و«شذرات الذهب» ٣/ ١٣٢.
(٤) هو أبو علي إسماعيل بن محمد بن حاجب الكشاني السمرقندي، آخر من روى «صحيح البخاري» عاليًا، سمعه من الفربري سنة ٣٢٠ هـ. مات ٣٩١ هـ. انظر ترجمته في: «سير أعلام النبلاء» ١٦/ ٤٨١، و«شذرات الذهب» ٣/ ١٣٩.
(٥) في الأصل: أحمد بن محمد والصواب ما أثبتناه، وهو محمد بن أحمد بن مَتّ، الفقيه الشافعي، السغدي الإشتيخني، نسبة إلى إشتيخن قرية كبيرة على سبعة فراسخ من سمرقند، مات بإشتيخن غرة رجب سنة ثمان وثمانين وثلاثمائة.
حدث بـ«صحيح البخاري» عن الفربري وسماعه كان في سنة تسع عشرة وثلائمائة.
انظر ترجمته في: «التقييد» لابن نقطة ص ٤٩، «سير أعلام النبلاء» ١٦/ ٥٢١.



فصل
واسم صحيحه: «الجامعُ المسنَدُ الصحيحُ، المختصرُ من أمورِ رسولِ اللهِ - ﷺ -، وسننِهِ، وأيامِهِ» كذا سماه هو أوَّلَ كتابِه، وهو أولُ كتاب صنف في الحديث الصحيح المجرد، وهو أكثر فوائد من صحيح مسلم، وأصح عَلَى الصحيح عند الجمهور.
وقال النسائي: ما في هذِه الكتب أجود منه (١). وقد قرر الإسماعيلي (٢) ترجيح كتابه في «مدخله»، ومما يرجح به أنه لابد من

---------------------------------------
(١) رواه الخطيب في «تاريخ بغداد» ٢/ ٩، والمزي في «تهذيب الكمال» ٢٤/ ٤٤٢ من طريق محمد بن موسى بن يعقوب بن المأمون قال: سئل أبو عبد الرحمن- يعني: النسائي- عن العلاء وسهيل، فقال: هما خير من فليح ومع هذا فما في هذِه الكتب كلها أجود من كتاب محمد بن إسماعيل البخاري.
وقال ابن حجر في «هدي الساري» ص ١٠ - ١١: روينا بالإسناد الصحيح عن أبي عبد الرحمن النسائي، ثم ذكر مثل مقولته، ثم قال: ولا يعني بالجودة إلا جودة الأسانيد كما هو المتبادر إلى الفهم من اصْطلاح أهل الحديث، ومثل هذا من مثل النسائي غاية في الوصف مع شدة تحريه وتوقيه وتثبته في نقد الرجال، وتقدمه في ذلك على أهل عصره حتى قدمه قوم من الحذاق في معرفة ذلك على مسلم بن الحجاج، وقدمه الدارقطني وغيره في ذلك على إمام الأئمة ابن خزيمة. اهـ.
(٢) هو الإمام الحافظ الحجة الفقيه، شيخ الإسلام، أبو بكر أحمد بن إبراهيم بن إسماعيل بن العباس الجرجاني الإسماعيلي الشافعي، صاحب «المستخرج على صحيح البخاري» وهو من أشهر وأعظم المستخرجات على البخاري. انظر ترجمته في: «المنتظم» ٧/ ١٠٨، «تذكرة الحفاظ» ٣/ ٩٤٧، «سير أعلام النبلاء» ١٦/ ٢٩٢ (٢٠٨)، «الوافي بالوفيات» ٦/ ٢١٣، «شذرات الذهب» ٣/ ٧٢ - ٧٥.

https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...b61e7e5bc3.gif





ابوالوليد المسلم 23-12-2025 10:59 PM

رد: التوضيح لشرح الجامع الصحيح أبو حفص عمر بن علي بن أحمد الأنصاري المعروف بـ ابن ال
 
https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...b61e7e5bc2.gif


الكتاب: التوضيح لشرح الجامع الصحيح
المؤلف: سراج الدين أبو حفص عمر بن علي بن أحمد الأنصاري الشافعي

المعروف بـ ابن الملقن (٧٢٣ - ٨٠٤ هـ)
الناشر: دار النوادر، دمشق - سوريا
الطبعة: الأولى، ١٤٢٩ هـ - ٢٠٠٨ م
عدد الأجزاء: ٣٦ (٣٣ والفهارس)

المجلد (2)
من صـــ 26 الى صـــ 50
الحلقة (19)





ثبوت اللقاء عنده، وخالفه مسلم واكْتفى بإمكانه.
وأجمعت الأمةُ عَلَى صحة كتابه وكتاب مسلم، ومعناه أنه يجب العملُ بأحاديثهما، وأنهما يفيدان الظنّ، إلا ما تواتر منها، فيفيد العلم، وقال قومٌ: إنها كلها تفيد العلم القطعي، وأنكره الجمهور والمحققون.

وعنه أنه قَالَ: رأيت النبي - ﷺ - في المنام كأني واقف بين يديه، وبيدي مروحة أَذُبُّ عنه، فسألت بعض المعبرين فقال: أنت تذب الكذب؛ فهو الذي حملني عَلَى إخراج «الصحيح» (١).
وعنه قَالَ: ما أدخلت في كتاب «الجامع» إلا ما صَحَّ، وتركت من الصحاح لحال الطول (٢). وفي رواية عنه حكاها الحازمي (٣) في «شروط الأئمة الخمسة»: لم أخرج في هذا الكتاب إلا صحيحًا، وما تركته من الصحاح أكثر (٤)، وهي بمعناها.
وقال الفربري: قَالَ لي البخاري: ما وضعت في كتاب «الصحيح» حديثًا إلا اغْتسلت قبل ذَلِكَ وصليت ركعتين (٥).
وقال عبد القدوس بن همام: سمعت عدة من المشايخ يقولون: حَوَّل البخاري تراجم جامعه بين قبر النبي - ﷺ - ومنبره، وكان يصلي

----------------------------------
(١) ذكره النووي في «تهذيب الأسماء واللغات» ١/ ٧٤، والحافظ في «هدي الساري» ص ٧، وقال: بإسناد ثابت. اهـ.
(٢) رواه ابن عدي في مقدمة «الكامل» ١/ ٢٢٦، ومن طريقه الخليلي في «الإرشاد» ٣/ ٩٦٢، والخطيب ٢/ ٨ - ٩، وأبو يعلى الفراء في «طبقات الحنابلة» ٢/ ٢٥٢ - ٢٥٣، والمزي في «تهذيب الكمال» ٢٤/ ٤٤٢، والذهبي في «السير» ١٢/ ٤٠٢
(٣) هو: الإمام الحافظ الحجة الناقد النسابة البارع أبو بكر محمد بن موسى بن عثمان ابن حازم الحازمي الهمذاني ولد سنة ثمان وأربعين وخمسمائة.
برع في فن الحديث خصوصًا النسب، واستوطن بغداد، من كتبه: «الناسخ والمنسوخ»، «عجالة المبتدئ في النسب»، و«المؤتلف والمختلف في أسماء البلدان»، وأسند أحاديث «المهذب». توفي سنة أربع وثمانين وخمسمائة. انظر: «سير أعلام النبلاء» ٢١/ ١٦٧، و«شذرات الذهب» ٤/ ٢٨٢.
(٤) «شروط الأئمة الخمسة» ص ٦٣.
(٥) رواه الخطيب ٢/ ٩، والفراء في «الطبقات» ٢/ ٢٤٩ - ٢٥٠، والمزي ٢٤/ ٤٤٣، والذهبي في «السير» ١٢/ ٤٥٢.



لكل ترجمة ركعتين (١).
وقال أبو زيد المروزي: رأيت النبي - ﷺ - في المنام، فقال لي: «إِلى متى تدرس الفقه، ولا تدرس كتابي؟». قُلْتُ: وما كتابك يا رسول الله؟ قَالَ: «جامع محمد بن إسماعيل البخاري»، أو كما قَالَ (٢).
وفي «تاريخ نيسابور» للحاكم (٣)، عن أبي عمرو إسماعيل، ثنا أبو عبد الله محمد بن علي قَالَ: سمعت محمد بن إسماعيل البخاري يقول: أقمت بالبصرة خمس سنين معي كتبي أصنف وأحج في كل سنة، وأرجع من مكة إلى البصرة. قَالَ: وأنا أرجو أن الله تعالى يبارك للمسلمين في هذِه المصنفات. قَالَ أبو عمرو: قَالَ أبو عبد الله: فلقد بارك الله فيها (٤).

-------------------------------------
(١) رواه الخطيب ابن عدي في «أسامي من روى عنهم البخاري من مشايخه» ص ٥١ - ٥٢، ومن طريقه ٢/ ٩، والمزي ٢٤/ ٤٤٣.
(٢) رواه القزويني في «التدوين» ٢/ ٤٥ - ٤٦، والذهبي في «سير أعلام النبلاء» ١٢/ ٤٣٨، ١٦/ ٣١٤ - ٣١٥، وابن حجر في «هدي الساري» ص ٤٨٩، وفي «تغليق التعليق» ٥/ ٤٢٢. وقال: إسناد هذِه الرواية صحيح، ورواتها ثقات أئمة، وأبو زيد من كبار الشافعية، له وجه في المذهب. اهـ.
(٣) هو محمد بن عبد الله بن محمد بن حمدويه بن نعيم بن الحكم، أبو عبد الله بن البيع، صاحب «المستدرك على الصحيحين» ولد يوم الاثنين ثالث شهر ربيع الأول، سنة إحدى وعشرين وثلاث مائة بنيسابور، من مصنفاته: «معرفة علوم الحديث»، «تاريخ النيسابورين»، «المدخل إلى علم المصطلح»، «الإكليل» وغيرها.
انظر ترجمته في: «تاريخ بغداد» ٥/ ٤٧٣، «المنتظم» ٧/ ٢٧٤، «وفيات الأعيان» ٤/ ٢٨٠، «تدكرة الحفاظ» ٣/ ١٠٣٩، «سير أعلام النبلاء» ١٧/ ١٦٢ (١٠٠)، «شذرات الذهب» ٣/ ١٧٦.
(٤) رواه ابن عساكر في «تاريخ دمشق» ٥٢/ ٧٢.



وقال (ابن طاهر) (١): صنف صحيحه ببخارى. وقيل: بمكة (٢). وقال ابن بجير (٣): سمعت البخاري يقول: صنَّفْتُه في المسجد الحرام، وما أدخلت فيه حديثًا إلا بعد ما اسْتخرت الله تعالى وصليت ركعتين، وتيقنت صحته (٤).
قَالَ ابن طاهر: والقول الأول عندي أصح (٥).
وجمع النووي بين ذَلِكَ بأنه كان يصنف فيه بمكة، والمدينة، والبصرة، وبخارى، فإنه مكث في تصنيفه ست عشرة سنة كما سلف (٦).

--------------------------------
(١) في الأصل: أبو طاهر، والصواب ما أثبتناه. وهو محمد بن طاهر بن علي بن أحمد أبو الفضل الحافظ الجوال الرحال المعروف بابن القيسراني، الظاهري الصوفي، صاحب كتاب «شروط الأئمة الستة» ولد ببيت المقدس في شوال سنة ثمان وأربعمائة، قال عن نفسه: بُلتُ الدم في طلب الحديث مرتين، مرة ببغداد، وأخرى بمكة، وكنت أمشي حافيًا في الحر، فلحقني ذلك، وما ركبت دابة قط في طلب الحديث، وكنت أحمل كتبي على ظهري، وما سألت في حال الطلب أحدًا، وكنت أعيش على ما يأتي. توفي سنة سبع وخمس مائة.
انظر ترجمته في: «المنتظم» ٩/ ١٧٧، «وفيات الأعيان» ٤/ ٢٨٧، «تذكرة الحفاظ» ٤/ ١٢٤٢، «سير أعلام النبلاء» ١٩/ ٣٦١ (٢١٣)، «شذرات الذهب» ٤/ ١٨.
(٢) نقله عنه النووي في «تهذيب الأسماء واللغات» ١/ ٧٤.
(٣) هو الإمام الحافظ الثبت الجوال، مصنف «المسند» أبو حفص، عمر بن محمد بن بجير الهمداني السمرقندي، كان من أوعية العلم، وكان أبوه صاحب حديث، توفي سنة إحدى عشر وثلاثمائة. انظر ترجمته في: «تذكرة الحفاظ» ٢/ ٧١٩، «سير أعلام النبلاء» ١٤/ ٤٠٢ (٢١٩)، «شذرات الذهب» ٢/ ٢٦٢.
(٤) قال الحافظ في «التغليق» ٥/ ٤٢١، و«هدي الساري» ص ٤٨٩: قال أبو سعيد الإدريسي: أخبرنا سليمان بن داود الهروي، سمعت عبد الله بن محمد بن هاشم يقول: قال عمر بن بجير البجيري .. ثم ساقه.
(٥) هو في كتاب ابن طاهر المسمى «جواب المتعنت» فقد أشار إليه الحافظ ابن حجر في «هدي الساري» ص ١٥.
(٦) «تهذيب الأسماء واللغات» ١/ ٧٤.



وبعث الأمير خالد بن أحمد الذهلي (١) والي بخارى إليه: أن (احمل) (٢) إليَّ كتاب «الجامع»، و«التاريخ»، وغيرهما؛ لأسمع منك.
فبعث إليه: أنا لا أَذِلُّ العلم، ولا أحمله إلى أبواب الناس، فإن كان لك إلى شيء منه حاجة فاحضرني في مسجدي أو في داري (٣).
ويروى أنه بعث إليه أن يعقد مجلسًا لأولاده لا يحضره غيرهم، فامتنع وقال: لا يسعني أن أخص بالسماع قومًا دون قوم (٤).

--------------------------------
(١) هو الأمير أبو الهيثم الذهلي، صاحب ما وراء النهر، له آثار حميدة ببخارى أكرم بها المحدثين وأعطاهم، روى عن ابن راهويه، وروى عنه ابن أبي حاتم وابن عقدة، مات سنة سبعين ومائتين. انظر ترجمته في: «الجرح والتعديل» ٣/ ٣٢٢، «تاريخ بغداد» ٨/ ٣١٤ - ٣١٦، «المنتظم» ٥/ ٦٨، «سير أعلام النبلاء» ١٣/ ١٣٧ (٦٨).
(٢) في الأصل: (انحمل).
(٣) رواه الخطيب ٢/ ٣٣، والمزي ٤٦٤/ ٢٤ - ٤٦٥، وغنجار في «تاريخه» كما في «السير» ١٢/ ٤٦٤، والحافظ في «التغليق» ٥/ ٤٣٩.
(٤) رواه الخطيب ٢/ ٣٣، والمزي ٢٤/ ٤٦٥.



فصل في عددِ أحاديثِهِ
جملة ما فيه من الأحاديث المسندة سبعة آلاف ومائتان وخمسة وسبعون حديثًا بالأحاديث المكررة. وبحذفها نحو أربعة آلاف (١)، قد ذكرها مفصلة الحافظ أبو الفضل محمد بن طاهر المقدسي بإسناده عن الحموى (٢) فقال: عدد (٣) أحاديث «صحيح البخاري»- رحمه الله-:

----------------------------------
(١) قلت: هذا هو قول ابن الصلاح في «علوم الحديث» ص ٢٠، وتبعه النووي في «التقريب» كما في «تدريب الراوي» ١/ ١٢٨، وكذا في «تهذيب الأسماء» ١/ ٧٥، وتبعهما المصنف -رحمه الله- هنا وكذا في «المقنع» ١/ ٦٤. قال الحافظ في «هدي الساري» ص ٤٦٥: هكذا أطلق ابن الصلاح وتبعه النووي في «مختصره» وخالف في الشرح، فقيدها بالمسندة،. ولفظه: جملة ما في «صحيح البخاري» من الأحاديث المسندة بالمكرر، فذكر العدة سواء، فأخرج بقوله: (المسندة) الأحاديث المعلقة وما أورده في التراجم والمتابعة وبيان الاختلاف بغير إسناد موصل، فكل ذلك خرج بقوله: (المسندة) بخلاف إطلاق ابن الصلاح. اهـ.
(٢) نقل الحافظ في «هدي الساري» ص ٤٦٥ عن النووي قال: وقد رأيت أن أذكر الأحاديث مفصلة ليكون كالفهرسة لأبواب الكتاب، ثم ساقها النووي ناقلًا لذلك من كتاب «جواب المتعنت» لأبي الفضل ابن طاهر بروايته من طريق الحموي. اهـ.
قلت: ثم نقل الحافظ عد هذِه الأحاديث، وتعقب هذا العدد كما سنورده تباعًا.
(٣) أضفنا أرقام الأحاديث أمام كل كتاب لتسهيل المنفعة بحسب ترقيم الأستاذ/ محمد فؤاد عبد الباقي، ولا يخفى أن ذلك قد يخالف عد المصنف -وعد ابن حجر أيضًا- وذلك يرجع إلى أمرين: الأول: اختلاف النسخ تقديمًا وتأخيرًا وتبويبًا.
الثاني: اختلاف طريقة العد، فربما اعتبر المصنف الحديثين والثلاثة حديثًا واحدًا.



بدء الوحي: خمسة أحاديث (١). [١ - ٧]
الإيمان: خمسون (٢). [٧ - ٥٨]
العلم: خمسة وسبعون. [٥٩ - ١٣٤]
الوضوء: مائة وتسعة أحاديث (٣). [١٣٥ - ٢٤٧]
غسل الجنابة: (ثلاثة) (٤) وأربعون (٥). [٢٤٨ - ٢٩٣]
الحيض: سبعة وثلاثون. [٢٩٤ - ٣٣٣]
التيمم: خمسة عشر. [٣٣٤ - ٣٤٨]
فرض الصلاة: حديثان. [٣٤٩ - ٣٥٠]
الصلاة في الثياب: تسعة وثلاثون (٦). [٣٥١ - ٣٩٠]

---------------------------------
(١) قال الحافظ: هي سبعة وكأنه لم يعد حديث الأعمال ولم يعد حديث جابر في أول ما نزل، وبيان كونها سبعة أن أول ما في الكتاب حديث عمر: الأعمال، والثاني: حديث عائشة في سؤال الحارث بن هشام، الثالث: حديثها أول ما بدئ به من الوحي، الرابع: حديث جابر وهو يحدث عن فترة الوحي وهو معطوف على إسناد حديث عائشة، وهما حديثان مختلفان لا ريب في ذلك. الخاص: حديث ابن عباس في نزول: ﴿لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ﴾ [القيامة: ١٦]. السادس: حديثه في معارضة جبريل في رمضان. السابع: حديثه عن أبي سفيان في قصة هرقل، وفي أثنائه حديث آخر موقوف، وهو حديث الزهري، عن ابن الناطور في شأن هرقل، وفيه من التعليق موضعان ومن المتابعات ستة مواضع. اهـ.
(٢) قال: بل هي أحد وخمسون وذلك أنه أورد حديث أنس: «لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده …» الحديث. من رواية قتادة، عن أنس، ومن رواية عبد العزيز بن صهيب، عن أنس إسنادين مختلفين فلكون المتن واحدًا لم يعده حديثين، ولا شك أن عده حديثين أولى من عد المكرر إسنادًا ومتنًا.
(٣) قال الحافظ: بل مائة وخمسة عشر حديثًا على التحرير.
(٤) في الأصل (ثلاث) والصواب ما أثبتناه.
(٥) قال الحافظ: بل سبعة وأربعون.
(٦) قال: بل إحدى وأربعون.



القبلة: ثلاثة عشر. [٣٩١ - ٤١٤]
المساجد: ستة وسبعون. [٤١٥ - ٤٩٢]
سترة المصلي: ثلاثون (١). [٤٩٣ - ٥٢٠]
مواقيت الصلاة: خمسة وسبعون (٢). [٥٢١ - ٦٠٢]
الأذان: ثمانية وعشرون (٣). [٦٠٣ - ٦٣٤]
فضل صلاة الجماعة وإقامتها: أربعون (٤). [٦٣٥ - ٦٧٤]
الإمامة: أربعون. [٦٧٥ - ٧١٦]
إقامة الصفوف: ثمانية عشر (٥). [٧١٧ - ٧٣١]
افتتاح الصلاة: ثمانية وعشرون. [٧٣٢ - ٧٥٤]
القراءة: ثلاثون. [٧٥٥ - ٧٨٢] (٦)
الركوع والسجود والتشهد: اثنان وخمسون. [٧٨٣ - ٨٣٥]
انقضاء الصلاة: سبعة عشر (٧). [٨٣٦ - ٨٥٢]
اجتناب أكل الثوم: خمسة أحاديث (٨) [٨٥٣ - ٨٥٦]
صلاة النساء والصبيان: خمسة عشر (٩). [٨٥٧ - ٨٧٥]
الجمعة: خمسة وستون. [٨٧٦ - ٩٤١]

--------------------------------
(١) قال:: اثنان. قلت: يعني: اثنين وثلاثين.
(٢) قال: الحافظ: بل ثمانون.
(٣) قال: بل ثلاثة وثلاثون.
(٤) قال: واثنان.
(٥) قال: بل أربعة عشر، وقد حررتها وكررت مراجعتها.
(٦) قال: الحافظ: بل سبعة وعشرون.
(٧) قال: بل أربعة عشر.
(٨) قال: الحافظ: بل أربعة فقط.
(٩) قال:: بل فيه أحد وعشرون حديثًا.



صلاة الخوف: ستة أحاديث. [٩٤٢ - ٩٤٧]
العيد: أربعون. [٩٤٨ - ٩٨٩]
الوتر: خمسة عشر. [٩٩٠ - ١٠٠٤]
الاستسقاء: خمسة وثلاثون (١). [١٠٠٥ - ١٠٣٩]
الكسوف: خمسة وعشرون. [١٠٤٠ - ١٠٦٦]
سجود القرآن: أربعة عشر. [١٠٦٧ - ١٠٧٩]
القصر: ستة وثلاثون. [١٠٨٠ - ١١١٩]
الاستخارة: ثمانية. [انظر: ١١٦٣]
التحريض عَلَى قيام الليل: أحد وأربعون (٢) [١١٢٠ - ١١٥٨]
النوافل: ثمانية عشر (٣) [١١٥٩ - ١١٨٧]
الصلاة بمسجد مكة: تسعة. [١١٨٨ - ١١٩٧]
العمل في الصلاة: ستة وعشرون. [١١٩٨ - ١٢٢٣]
السهو: أربعة عشر (٤). [١٢٢٤ - ١٢٣٦]
الجنائز: مائة وأربعة وخمسون. [١٢٣٧ - ١٣٩٤]
الزكاة: مائة وثلاثة عشر. [١٣٩٥ - ١٥٠٢]
صدقة الفطر: عشرة. [١٥٠٣ - ١٥١٢]
الحج: مائتان وأربعون. [١٥١٣ - ١٧٧٢]

----------------------------------
(١) قال: بل أحد وثلاثون.
(٢) قال: لم أر الاستخارة في هذا المكان، بل هنا باب التهجد، ثم إن مجموع ذلك أربعون حديثًا لا غير.
(٣) قال الحافظ: بل ستة وعشرون.
(٤) قال: بل خمسة عشر بحديث أم سلمة.



العمرة: اثنان وثلاثون (١). [١٧٧٣ - ١٨٠٥]
الإحصار: أربعون (٢). [١٨٠٦ - ١٨٢٠]
جزاء الصيد: أربعون (٣). [١٨٢١ - ١٨٦٦]
الصوم: ستة وستون (٤). [١٨٩١ - ٢٠٠٧]
ليلة القدر: عشرة. [٢٠١٣ - ٢٠٢٤]
قيام رمضان: ستة. [٢٠٠٨ - ٢٠١٣]
الاعتكاف: عشرون. [٢٠٢٥ - ٢٠٤٦]
البيوع: مائة وأحد وتسعون. [٢٠٤٧ - ٢٢٣٨]
السلم: تسعة عشر. [٢٢٣٩ - ٢٢٥٦]
الشفعة: ثلاثة أحاديث. [٢٢٥٧ - ٢٢٥٩]
الإجارة: أربعة وعشرون. [٢٢٦٠ - ٢٢٨٩]
الحوالة: ثلاثون (٥) [٢٢٨٧ - ٢٢٨٩]
الكفالة: ثمانية أحاديث. [٢٢٩٠ - ٢٢٩٨]
الوكالة: سبعة عشر. [٢٢٩٩ - ٢٣١٩]

--------------------------------
(١) كذا في الأصل، في «هدي الساري» ص ٤٦٦: اثنان وأربعون.
(٢) قال: لا والله بل ستة عشر فقط.
(٣) قال الحافظ: بل ستة عشر ايضا. قلت: وقع في «هدي الساري» ص ٤٦٦ بعد جزاء الصيد، الإحرام وتوابعه: اثنان وثلاثون، فضل المدينة: أربعة وعشرون، ثم بعد ذلك الصوم، وقد تابع المصنف على ذلك العيني في «عمدة القاري» ١/ ٦.
(٤) قال الحافظ: لم يحرر الصوم ولم يتقنه، فإن جملة ما بعد قوله: كتاب الصيام إلى قوله: كتاب الحج من الأحاديث المسندة بالمكرر مائة وستة وخمسون حديثًا، ففاته من العدد أربعة وعشرون حديثًا، وهذا في غاية التفريط.
(٥) قال: كذا رأيت في غير ما نسخة، وهو غلط والصواب ثلاثة أحاديث.



الشروط: أربعة وعشرون. [٢٧١١ - ٢٧٣٧]
الوصايا: أحد وأربعون. [٢٧٣٨ - ٢٧٨١]
الجهاد والسير: مائتان وخمسة وخمسون. [٢٧٨٢ - ٣٠٤٧]
بقية الجهاد أيضًا: اثنان وأربعون. [٣٠٤٨ - ٣٠٩٠]
فرض الخمس: ثمانية وخمسون (١). [٣٠٩١ - ٣١٥٥]
الجزية والموادعة: ثلاثة وستون (٢). [٣١٥٦ - ٣١٨٩]
بدء الخلق: مائتان وحديثان. [٣١٩٠ - ٣٣٢٥]
الأنبياء والمغازي: أربعمائة وثمانية وعشرون. [٣٣٢٧ - ٣٧٧٥]
جزء آخر بعد المغازي: مائة وثمانية وثلاثون (٣). [٣٧٧٦ - ٤٤٧٣]

---------------------------
(١) قال الحافظ: من قوله: كتاب الجهاد، إلى قوله: فرض الخمس، عدة أحاديثه مائتان وأربعة وتسعون حديثًا، قلت: ومجموع ما ذكره المصنف من كتاب: الجهاد والسير وبقية الجهاد: مائتان وسبعة وتسعون. قال: وأما فرض الخمس فهو ثلاثة وستون حديثًا.
(٢) قال: بل ثمانية وعثرون حديثًا فقط.
(٣) كذا في الأصل وفي «هدي الساري» مائة وثمانية.
علق الحافظ قائلُا: لم يقع في هذا الفصل تحرير، فأما بدء الخلق، فإنما عدة أحاديثه على التحرير مائة وخمسة وأربعون حديثًا، وأحاديث الأنبياء وأوله باب قول الله جل وعلى: ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا﴾ [هود: ٢٥]، وآخره ما ذكر عن بني إسرائيل مائة وأحد عثر حديثًا. أخبار بني إسرائيل وما يليه ستة وأربعون حديثًا، المناقب وفيه علامات النبوة مائة وخمسون حديثًا. فضائل أصحاب النبي - ﷺ - مائه وخمسة وستون حديثًا. بنيان الكعبة وما يليه من أخبار الجاهلية عثرون حديثًا. مبعث النبي - ﷺ - وسيرته إلى ابتداء الهجرة ستة وأربعون حديثًا. الهجرة إلى ابتداء المغازي خمسون حديثًا، والمغازي إلى آخر الوفاة أربعمائة حديث واثنا عشر حديثًا. فانظر إلى هذا التفاوت العظيم بين ما ذكر هذا الرجل واتبعوه عليه وبين ما حررته من الأصل. اهـ.



التفسير: خمسمائة وأربعون (١). [٤٤٧٤ - ٤٩٧٧]
فضائل القرآن: أحد وثمانون. [٤٩٧٨ - ٥٠٦٢]
النكاح والطلاق: مائتان وأربعة وأربعون (٢) [٥٠٦٣ - ٥٣٥٠]
النفقات: اثنان وعشرون. [٥٣٥١ - ٥٣٧٢]
الأطعمة: سبعون (٣). [٥٣٧٣ - ٥٤٦٦]
العقيقة: أحد عشر (٤). [٥٤٦٧ - ٥٤٧٤]
الصيد والذبائح وغيره: تسعون (٥) [٥٤٧٥ - ٥٥٤٤]
(الذبائح والأضاحي) (٦): ثلاثون. [٥٥٤٥ - ٥٥٧٤]
الأشربة: خمسة وستون. [٥٥٧٥ - ٥٦٣٩]
الطب: تسعة وسبعون. [٥٦٧٨ - ٥٦٨٢]
اللباس: مائة وعشرون. [٥٦٨٤ - ٥٩٦٩]
المرضى: أحد وأربعون. [٥٩٤٠ - ٥٦٧٧]
اللباس أيضًا: مائة (٧).

----------------------------------
(١) قال الحافظ: بل هو أربعمائة وخمسة وستون حديثًا من غير التعاليق والموقوفات.
(٢) قال: يحتاج هذا الفصل إلى تحرير، فأما النكاح وحده مائة وثلاثة وثمانون حديثًا، والطلاق ومعه الخلع والظهار واللعان والعدد ثلاثة وثمانون حديثًا.
(٣) قال: الصواب تسعون.
(٤) قال: بل تسعة أحاديث، وفيه غير ذلك من التعاليق والمتابعة.
(٥) قال: بل الجميع ستة وستون حديثًا.
(٦) كذا بالأصل، والصواب: (الأضاحي) كما جاء في «هدي الساري» ص ٤٦٧، «عمدة القاري» ١/ ٦.
(٧) قال الحافظ: هكذا رأيت في عدة نسخ، والذي في أصل «الصحيح» بعد الأشربة كتاب: المرضى، فذكر ما يتعلق بثواب المريض وأحوال المرضى وعدته أربعون حديثًا، ثم قال كتاب: الطب وعدته سبعة وتسعون حديثًا بتقديم السين على الباء في سبعة وبتقديم التاء على السين في التسعين. اهـ.



الأدب: مائتان وستة وخمسون [٥٩٧٠ - ٦٢٢٦]
الاستئذان: سبعة وسبعون. [٦٢٢٧ - ٦٣٠٣]
الدعوات: ستة وسبعون. [٦٣٠٤ - ٦٤١١]
ومن الدعوات: ثلاثون (١).
الرقاق: مائة. [٦٤١٢ - ٦٥١٦]
الحوض: ستة عشر. [٦٥٧٥ - ٦٥٩٣]
الجنة والنار: سبعة وخمسون (٢). [٦٥١٧ - ٦٥٧٤]
القدر: ثمانية وعشرون. [٦٥٩٤ - ٦٦٢٠]
الأيمان والنذور: أحد وثلاثون (٣). [٦٦٢١ - ٦٧٠٧]
كفارة اليمين: خمسة عشر (٤). [٦٧٠٨ - ٦٧٢٢]
الفرائض: خمسة وأربعون (٥) [٦٧٢٣ - ٦٧٧١]
الحدود: ثلا ثون. [٦٧٧٢ - ٦٨٠١] (٦)
المحاربون: اثنان وخمسون. [٦٨٠٢ - ٦٨٦٠]
الديات: (أربعة) (٧) وخمسون. [٦٨٦١ - ٦٩١٧]

------------------------------
(١) قال: هو مائة وستة أحاديث كما قال.
(٢) قال الحافظ: لكل من كتاب الرقاق، وأما صفة الجنة والنار، فقد تقدم ذكرهما في بدء الخلق، وعدة الرقاق على ما ذكر مائة وثلاثة وسبعون حديثًا، وقد حررته فزاد على ذلك أربعة أحاديث.
(٣) قال: كذا هو في عدة نسخ، وهو خطأ وإنما هو أحد وثمانون.
(٤) قال: بل ثمانية عشر حديثًا.
(٥) قال: ستة وأربعون.
(٦) قال: بل اثنان وثلاثون.
(٧) في الأصل: (أربع)، والصواب: ما أثبتناه كما في «هدي الساري» ص ٤٦٧، «عمدة القاري» ١/ ٧.



استتابة المرتدين: عشرون. [٦٩١٨ - ٦٩٣٩]
الإكراه: ثلاثة عشر (١). [٦٩٤٠ - ٦٩٥٢]
ترك الحيل: ثلاثة وعشرون (٢). [٦٩٥٣ - ٦٩٨١]
التعبير: ستون (٣). [٦٩٨٢ - ٧٠٤٧]
الفتن: ثمانون. [٧٠٤٨ - ٧١٣٦] (٤)
الأحكام: اثنان وثمانون. [٧١٣٧ - ٧٢٢٥]
(الأماني) (٥): اثنان وعشرون (٦). [٧٢٢٦ - ٧٢٤٥]
إجازة خبر الواحد: تسعة عشر (٧). [٧٢٤٦ - ٧٢٦٧]
الاعتصام: ستة وتسعون (٨). [٧٢٦٨ - ٧٣٧٠]
التوحيد وعظمة الرب -سبحانة وتعالى- وغير ذلك إلى آخر الكتاب: (مائة وسبعون) (٩). [٧٣٧١ - ٧٥٦٣]
وهذا فصل نفيس يغتبط به أهل العناية، فهو كالفهرست لأبواب الكتاب، فيسهل معرفة مظان أحاديثه عَلَى قاصديه (١٠).

---------------------------------
(١) قال الحافظ: بل اثنا عشر حديثًا.
(٢) قال: بل ثمانية وعشرون.
(٣) قال: وثلاثة.
(٤) قال: وحديثان.
(٥) كذا في الأصل، وفي «اليونينية»، و«الفتح» التمني، والمذكور إحدى روايات الصحيح وهي رواية الجرجاني.
(٦) قال: بل عشرون من غير المعلق.
(٧) قال: بل اثنان وعشرون.
(٨) قال: بل ثمانية وتسعون حديثًا.
(٩) كذا بالأصل، وفي «هدي الساري»: (مائة وتسعون).
(١٠) قال الحافظ: وإنما أوردت هذا القدر ليتبين منه أن كثيرًا من المحدثين وغيرهم يستروحون بنقل كلام من يتقدمهم مقلدين له ويكون الأول ما أتقن ولا حرر بل =



وقال أبو حفص عمر بن عبد المجيد الميانشي (١) في «إيضاح ما لا يسع المحدث جهله»: الذي اشتمل عليه كتاب البخاري من الأحاديث سبعة آلاف وستمائة ونيِّف.
قَالَ: واشتمل كتابه وكتاب مسلم عَلَى ألف حديث ومائتي حديث من الأحكام، فروت عائشة من جملة الكتابين مائتين ونيِّفًا وسبعين حديثًا، لم يخرج غير الأحكام منها إلا يسيرا.
قَالَ الحاكم: فحُمل عنها ربع الشريعة. ومن الغريب ما رأيته في كتاب «الجهر بالبسملة» لأبي سعيد إسماعيل بن أبي القاسم البوشنجي (٢) نقل عن البخاري أنه صنف كتابًا أورد فيه مائة ألف حديث صحيح.

-----------------------------------
= يتبعونه تحسينًا للظن والإتقان بخلاف، فلا شيء أظهر من غلطه في هذا الباب في أول الكتاب فياعجباه لشخص يتصدى لعدّ أحاديث كتاب وله به عناية ورواية، ثم يذكر ذلك جملة وتفصيلًا فيقلد في ذلك لظهور عنايته به حتى يتداوله المصنفون، ويعتمده الأئمة الناقدون، ويتكلف نظمه ليستمر على استحضاره المذاكرون، أنشد أبو عبد الله الأندلسي في فوائده عن أبي الحسين الرعيني، عن أبي عبد الله بن عبد الحق لنفسه.
جميع أحاديث الصحيح الذي روى الـ … ـبخاري خمس ثم سبعون تعد
وسبعة آلاف تضاف وما مضى … إلى مائتين عد ذاك أولو الجد
ثم قال: فجميع أحاديثه بالمكرر سوى المعلقات والمتابعات على ما حررته وأتقنته سبعة آلاف وثلاث مائة وسبعة وتسعون حديثًا، فقد زاد على ما ذكروه مائة حديث واثنان وعشرون حديثًا. اهـ. راجع «هدي الساري» ص ٤٦٥ - ٤٦٩ (الفصل العاشر). ومع هذا جميعه فيكون الذي قلده في ذلك لم يتقن ما تصدى له.
(١) أبو حفص عمر بن عبد المجيد بن عمر القرشي الميانشي محدث مكة، وميانش من نواحي أفريقيا، لم أقف له على ترجمة مفردة، ولكن له ذكر في سياق تراجم أخرى كما في «تذكرة الحفاظ» ٤/ ١٣٣٦، «سير أعلام النبلاء» ٢١/ ١٥٧.
(٢) إسماعيل بن عبد الواحد بن إسماعيل بن محمد أبو سعيد البوشنجي، الفقيه =



فصل
قَالَ الحاكم أبو عبد الله في «المدخل إلى معرفة المستدرك»: عدد من أخرج لهم البخاري في «الجامع الصحيح»، ولم يخرج لهم مسلم أربعمائةٍ وأربعةٌ وثلاثون شيخًا، وعدد من احتج به مسلم في «صحيحه»، ولم يحتج بهم البخاري في «جامعه» ستمائة وخمسة وعشرون شيخًا (١).

------------------------------
= الشافعي نزيل هراة. سمع أبا صالح المؤدب، وأبا بكر بن خلف الشيرازي، وحمد ابن أحمد، وتفقه وبرع في المذهب ودرس وأفتى وصنف التصانيف. قال ابن السمعاني: كان كثير العبادة، خشن العيش، قانعًا باليسير منه. ولد سنة ٤٦١ هـ وتوفي سنة ٥٣٦ هـ. وأبو القاسم هي كنية والد البوشنجي.
انظر ترجمته في: «المنتظم» ١٠/ ٩٩ (١٢٨)، «تاريخ الإسلام» ٣٦/ ٤٠٨ - ٤٠٩ (٢٧٣)، «طبقات الشافعية الكبرى» ٧/ ٤٨ - ٥١ (٧٢٧)، «شذرات الذهب» ٤/ ١١٢ - ١١٣، «معجم المؤلفين» ١/ ٣٧٠.
(١) قال الحافظ: الذين انفرد البخاري بالإخراج لهم دون مسلم أربعمائة وبضع وثلاثون رجلًا، المتكلم فيه بالضعف منهم ثمانون رجلًا، والذين انفرد مسلم بالإخراج لهم دون البخاري ستمائة وعشرون رجلًا، المتكلم فيه بالضعف منهم مائة وستون رجلًا، ولاشك أن التخريج عمن لم يتكلم فيه أصلًا أولى من التخريج عمن تكلم فيه وإن لم يكن ذلك الكلام قادحًا. اهـ. «هدي الساري» ص ١١.



فصل في نبذة من حال مصنفه مختصرة فإنها تحتمل تصنيفًا
هو أمير المؤمنين أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المُغيرة -بضم الميم عَلَى المشهور، ويجوز كسرها في لغةٍ -بن يزْدِزبه-، بفتح أوله، وهو مثنى تحت، ثم زاي ساكنة، ثم دال مهملة مكسورة، ثم زاي، ثم باء موحدة، ثم هاء -ويقال: بردزبه -بموحدة في أوله بدل المثناة، ثم راء مهملة، والباقي مثله.
كذا ضبطه أولًا ابن خلكان (١) عن بعضهم، ثم نقل الثاني عن ابن ماكولا (٢) قَالَ -أعني ابن ماكولا-:

------------------------------
(١) ابن خلكان هو: أحمد بن محمد بن إبراهيم بن أبي بكر بن خلكان، ولد بإربل سنة ثمان وستمائة، سمع بها «صحيح البخاري»، وأجاز له المؤيد الطوسي، روى عنه المزي والبرزالي، وكان إمامًا فاضلًا بارعًا متقنًا عارفًا بالمذهب، حسن الفتاوى، توفي سنة إحدى وثمانين وستمائة. انظر ترجمته في: «تاريخ الإسلام» ٥١/ ٦٥ (٦)، «الوافي بالوفيات» ٧/ ٣٠٨، «شذرات الذهب» ٥/ ٣٧١.
(٢) قلت: هذِه العبارة فيها نظر؛ لأن الثابت في «وفيات الأعيان» ٤/ ١٨٨، ١٩٠ يزدبه، ثم نقل عن ابن ماكولا أن ضَبْطه يزدزبه، والذي في «الإكمال» لابن ماكولا ١/ ٢٥٩: بردزبه، وهو المشهور كما في «هدي الساري» ص ٤٧٧، وفي ضبطه أقوال أخر، منها: بزدزبه، ذكره الذهبي في «الكاشف» ٢/ ١٥٦، وابن حجر في: «تغليق التعليق» ٥/ ٣٨٤، ومنها بذذبه، ذكره السبكي في «طبقاته» ٢/ ٢١٢.



هو بالبخارية، ومعناه بالعربية: الزراع (١).
وقال ابن دحية في كلامه عَلَى حديث «إنما الأعمال بالنيات» (٢): قَالَ لي أهل خراسان بعد أن لم يعرفوا معنى هذِه اللفظة: يقال للفلاحين بالفارسية برزكر-بباء موحدة، ثم راء ساكنة، ثم زاي مكسورة، ثم كاف غير صافية، ثمَّ راء ساكنة -وهو لقب لكل من سكن البادية زراعا كان أو غيره، وقيل: إنه المغيرة بن الأحنف الجعفي مولاهم ولاء الإسلام؛ لأن جده المغيرة أسلم عَلَى يد يمان البخاري الجعفي والي بخارى. ويمان هذا هو أبو جد عبد الله بن محمد بن جعفر بن يمان المسندي شيخ البخاري.
ولد بإجماع بعد صلاة الجمعة لثلاث عشرة خلت من شوال سنة أربع وتسعين ومائة، وأجمعوا عَلَى أنه توفي ليلة السبت، عند صلاة العشاء ليلة الفطر، ودفن يوم الفطر بعد الظهر سنة ست وخمسين ومائتين بخرتنك (٣) -قرية عَلَى فرسخين من سمرقند- كتب - رضي الله عنه - بخراسان، والجبال، والعراق، والحجاز، والشام، ومصر، عن أبي نعيم، والفريابي، وأحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، وخلق يزيدون عَلَى ألف.
وروى عنه: الترمذي، والنسائي فيما قيل (٤)، ومسلم خارج «الصحيح» وإبراهيم الحربي، وأبو زرعة، ومحمد بن نصر المروزي،

-----------------------------------
(١) «الإكمال» ١/ ٢٥٩.
(٢) هو أول أحاديث البخاري.
(٣) قال ياقوت الحموي: خرتنك: بفتح أوله وتسكين ثانيه وفتح التاء، ونون ساكنة، وكاف، قرية بينها وبين سمرقند ثلاثة فراسخ، بها قبر إمام أهل الحديث محمد بن إسماعيل البخاري. اهـ. «معجم البلدان» ٢/ ٣٥٦.
(٤) قال الذهبي في «الكاشف» ٢/ ١٥٧، «سير أعلام النبلاء» ١٢/ ٣٩٧: والصحيح أن النسائي ما سمع منه. اهـ. =



وصالح بن محمد بن جزرة -بفتح الجيم وكسرها- ومطين، وابن خزيمة.
وكان يحضر مجلسه أكثر من عشرين ألفًا يأخذون عنه (١).
وصفته: أنه كان نحيف الجسم ليس بالطويل، ولا بالقصير (٢).
ومن كلامه: المادح والذام عندي سواء (٣)، وأرجو أن ألقى الله ولا يطالبني أني اغتبت أحدًا (٤).

---------------------------------
= وقال الصفدي في «الوافي بالوفيات» ٢/ ٥٩٠: والأصح أنه لم يرو عنه شيئًا. اهـ. وقال المزي في «تهذيب الكمال» ٢٤/ ٤٣٦ - ٤٣٧: وروى النسائي في الصيام من «سننه» عن محمد بن إسماعيل، عن حفص بن عمر بن الحارث، عن حماد، عن معمر والنعمان بن راشد، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة: ما لعن رسول الله - ﷺ - من لعنة تذكر … الحديث. هكذا رواه أبو القاسم حمزة بن محمد الكنانى الحافظ، وأبو علي الحسن بن الخضر الأسيوطي، وأبو الحسن بن حبوية النيسابوري، عن النسائي، عن محمد بن إسماعيل حَسْب. وفي أصل الحافظ أبي عبد الله الصوري الذي كتبه بخطه، عن أبي محمد بن النحاس، عن حمزة، عن النسائي: حدثنا محمد بن إسماعيل وهو أبو بكر الطبراني.
وقال أبو بكر بن السني وحده عن النسائي: حدثنا محمد بن إسماعيل البخاري، ولم نجد للنسائي عنه رواية سوى هذا الحديث إن كان ابن السني حفظه عن النسائي، ولم ينسبه من تلقاء نفسه معتقدًا أنه البخاري والله أعلم. وقد روى النسائي الكثير عن محمد بن إسماعيل بن إبراهيم، وهو ابن علية وهو يشارك البخاري في بعض شيوخه كما سيأتي في ترجمته، وروى في كتاب «الكنى» عن عبد الله بن أحمد بن عبد السلام الخفاف، عن البخاري عدة أحاديث، فهذِه قرينة ظاهرة في أنه لم يلق البخاري ولم يسمعه منه، والله أعلم. اهـ.
(١) رواه الخطيب في «تاريخ بغداد» ٢/ ٢٠، وفي «الجامع لأخلاق الراوي» ٢/ ٥٣، والسمعاني في «أدب الإملاء والاستملاء» ص ١٧، والمزي ٢٤/ ٤٥٢.
(٢) رواه ابن عدي في «من روي عنهم البخاري في الصحيح» ص ٤٩، والخطيب ٢/ ٦.
(٣) النووي في «تهذيب الأسماء» ١/ ٦٨.
(٤) رواه الخطيب ٢/ ١٣، والفراء في «طبقات الحنابلة» ٢/ ٢٥٥، والمزي ٢٤/ ٤٤٦، والحافظ في «التغليق» ٥/ ٣٩٨.



وقَالَ: ما اشتريت منذ ولدت من أحد بدرهم، ولا بعت أحدًا شيئًا.
فسئل عن الكاغد والحبر فقال: كنت آمر إنسانًا يشتري لي (١).
وقال: ما أتيت شيئًا بغير علم (٢).
وقال: أحفظ مائة ألف حديث صحيح، ومائتي ألف حديث غير صحيح (٣). وأقوال الأئمة في تفضيله، وتعظيمه، وتفرده بهذا الشأن مشهورة، وقد ذكرت جملة منها في «الإعلام بفوائد عمدة الأحكام» (٤).
فائدة يتعين عليك حفظها: قَدْ علمت أن البخاري مات سنة ست وخمسين ومائتين، ومات مسلم بنيسابور سنة إحدى وستين ومائتين، ومات أبو داود بالبصرة سنة خمس وسبعين ومائتين، ومات الترمذي بها سنة تسع وسبعين ومائتين، ومات النسائي بمكة سنة ثلاث وثلاثمائة.
فائدة ثانية:
قَدْ أسلفت أن البخاري -رحمه الله- أمير المؤمنين في الحديث (٥)،

------------------------------------
(١) رواه الخطيب ٢/ ١١، والفراء ٢/ ٢٥٤.
(٢) رواه الخطيب ٢/ ١٤، والمزي ٢٤/ ٤٤٨.
(٣) رواه الخطيب ٢/ ٢٥، والفراء ٢/ ٢٥٢، والمزي ٢٤/ ٤٦١.
(٤) «الإعلام بفوائد عمدة الأحكام» ١/ ١١٨ - ١٢٥.
(٥) أمير المؤمنين في الحديث هو: من تبحر في علمي الحديث رواية ودراية، وأحاط علمه بجميع الأحاديث ورواتها جرحًا وتعديلًا، وبلغ في حفظ كل ذلك الغاية، ووصل في فهمه النهاية، وجرب في كل ذلك فلم يأخذ عليه آخذ، وإنما حاز قصب السبق في كل ذلك، وفاق حفظًا وإتقانًا وتعمقًا في علم الحديث وعلله كل من سبقه حتى صار مرجعًا لمن يأتي بعده، فهو من أرفع ألقاب المحدثين وأعلاها، وهو أعلى مرتبة من الحاكم فليس فوقه مكان لمستزيد. قال السيوطي في «ألفيته» ص ١٥٨:
وبأمير المؤمنين لقبوا … أئمة الحديث قدمًا نسبوا
وإنما سمي بأمير المؤمنين في الحديث؛ لأنه خليفة رسول الله - ﷺ - في أداء السنن =



وقد شاركه في ذَلِكَ جماعة أفردهم الحافظ أبو علي الحسن بن محمد البكري (١) في كتابه «التبيين لذكر من يسمى بأمير المؤمنين» قَالَ: وأول من سمي بهذا الاسم -فيما أعلمه وشاهدته ورويته، وسمي بالإمام في أول الإسلام- أبو الزناد عبد الله بن ذكوان، وبعده إمام دار الهجرة: مالك بن أنس، ثم عد بعدهما: محمد بن إسحاق
-----------------------------------= إلى المسلمين، وهو اصطلاح مأخوذ من حديث رواه الطبراني في «الأوسط» ٦/ ٧٧ (٥٨٤٦) قال رسول الله - ﷺ -: «اللهم ارحم خلفائى»، قلنا: يا رسول الله، وما خلفاؤك؟ قال: «الذين يأتون من بعدي يروون أحاديثي وسنتي». وهو حديث قال عنه الألباني في «الضعيفة» (٨٥٤): باطل، وقال في «ضعيف الجامع» (١١٧١): موضوع.
وقال الشنقيطي في «هدية المغيث في أمراء المؤمنين في الحديث»:
وبأمير المؤمنين لقبوا … بعض أئمة لديهم جربوا
إذ هم لخير المرسلين خلفًا … لما رواه الطبراني ذو الوفا
ومن هذا الحديث أخذ أهل الحديث اصطلاحهم فلقبوا بعض أئمة الحديث منهم بأمير المؤمنين في الحديث، وهذا اللقب لم يظفر به إلا الأفذاذ النوادر الجهابذة، الذين هم أئمة هذا الشأن والمرجع إليهم فيه كشعبة بن الحجاج وسفيان الثوري وإسحاق بن راهويه وأحمد بن حنبل والبخاري والدارقطني، ومن المتأخرين ابن حجر العسقلاني، وعند الإطلاق يقصد به الإمام البخاري وحده.
انظر: «أصول الحديث» لعجاج الخطيب ص ٤٧٨، «معجم مصطلحات الحديث» للأعظمي ص ٥٩، «السراج المنير في ألقاب المحدثين» لسعد فهمي ص ٢٦١ - ٢٦٣.
(١) هو الشيخ الإمام المحدث المفيد الرحال المسند جمال المشايخ صدر الدين، أبو علي الحسن بن محمد بن الشيخ، أبي الفتوح محمد بن محمد بن محمد بن عمروك ابن محمد بن عبد الله بن حسن بن القاسم، البكري النيسابوري، ثم الدمشقي الصوفي، ولد بدمشق في سنة أربع وسبعين وخمسمائة، وتوفي سنة ست وخمسين وستمائة. انظر ترجمته في: «سير أعلام النبلاء» ٢٣/ ٣٢٦ (٢٢٦)، «تذكرة الحفاظ» ٤/ ١٤٤٤، «الوافي بالوفيات» ١٢/ ٢٥١ (٢٢٨)، «شذرات الذهب» ٥/ ٢٧٤.



صاحب المغازي، وشعبة بن الحجاج، وسفيان الثوري، والبخاري، والواقدي، وإسحاق ابن راهويه، وعبد الله بن المبارك، والدارقطني وذكر فيه أن أبا إسحاق الشيرازي أمير المؤمنين فيما بين الفقهاء نقلًا عن الموفق الحنفي إمام أصحاب (الرأي) (١) ببغداد.
هذا مجموع ما ذكره في تأليفه، وأغفل الإمام أبا عبد الله محمد بن يحيى الذهلي؛ فإن أبا بكر بن أبي داود قَالَ: ثنا محمد بن يحيى، وكان أمير المؤمنين في الحديث (٢). وأبا نعيم الفضل بن دكين الملائي الكوفي فإن الحاكم في «تاريخ نيسابور» قَالَ: حَدَّثَنِي محمد بن الحسن بن الحسين بن منصور قَالَ: حَدَّثَنِي أبي ثنا محمد بن عبد الوهاب قَالَ: سمعت بالكوفة يقولون: أمير المؤمنين في الحديث. وإنما يعنون أبا نعيم الفضل بن دكين لعلمه بالحديث. وكذلك هشام بن أبي عبد الله الدستوائي، فإن أبا داود الطيالسي قَالَ: كان أمير المؤمنين في الحديث (٣). ومسلم بن الحجاج جدير بأن يتلقب بذلك وإن لم أرهم نَصُّوا عليه.

--------------------------------
(١) في الأصل: (الري)، والصواب ما أثبتناه كما في «الإعلام» للمصنف ١/ ١٢٥.
(٢) رواه الخطيب في «تاريخه» ٣/ ٤١٩.
(٣) رواه ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» ٩/ ٦٠.



فصل في بيان رجال «صحيح البخاري» منه إلينا
فأما الفربري راويه عنه: فهو أبو عبد الله محمد بن يوسف بن مطر بن صالح بن بشر، منسوب إلى فربر -قرية من قرى بخارى عَلَى طرف جيحون، بكسر الفاء وفتحها، وفتح الراء، وإسكان الباء الموحدة (١) - قَالَ الحازمي: والفتح أشهر، واقتصر عليه ابن ماكولا والسمعاني (٢)، قَالَ الكلاباذي (٣): كان سماع الفربري من البخاري -يعني: «صحيحه»- مرتين: مرة بفربر سنة ثمان وأربعين ومائتين، ومرة ببخارى سنة ثنتين وخمسين ومائتين (٤).

---------------------------------------
(١) انظر: «معجم البلدان» ٤/ ٢٤٥ - ٢٤٦.
(٢) «الإكمال» لابن ماكولا ٧/ ٨٤، «الأنساب» للسمعاني ٩/ ٢٦٠ - ٢٦٢.
(٣) ورد بهامش الأصل: كلاباذ: محلة بنيسابور.
والكلاباذي هو: الإمام، أبو نصر، أحمد بن محمد بن الحسين بن الحسن بن علي ابن رستم، البخاري الكلاباذي. ولد في سنة ثلاث وعشرين وثلاثمائة، وكانت وفاته في سنة ثمان وتسعين وثلاثمائة. قال المستغفري: هو أحفظ من بما وراء النهر اليوم فيما أعلم. وقال الحاكم: أبو نصر الكلاباذي الكاتب من الحفاظ، حسن الفهم والمعرفة، عارف بـ «صحيح البخاري»، كتب بما وراء النهر وخراسان، وبالعراق وجدت شيخنا أبا الحسن الدارقطني قد رضي فهمه ومعرفته، وهو متقن ثبت. انظر ترجمته في: «تاريخ بغداد» ٤/ ٤٣٤، «سير أعلام النبلاء» ١٧/ ٩٤ (٥٨)، «شذرات الذهب» ٣/ ١٥١
(٤) انظر: «الأنساب» للسمعاني ٩/ ٢٦٠ - ٢٦١ وقال: سمع الفربري الصحيح من =



https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...b61e7e5bc3.gif


ابوالوليد المسلم 23-12-2025 11:10 PM

رد: التوضيح لشرح الجامع الصحيح أبو حفص عمر بن علي بن أحمد الأنصاري المعروف بـ ابن ال
 
https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...b61e7e5bc2.gif


الكتاب: التوضيح لشرح الجامع الصحيح
المؤلف: سراج الدين أبو حفص عمر بن علي بن أحمد الأنصاري الشافعي

المعروف بـ ابن الملقن (٧٢٣ - ٨٠٤ هـ)
الناشر: دار النوادر، دمشق - سوريا
الطبعة: الأولى، ١٤٢٩ هـ - ٢٠٠٨ م
عدد الأجزاء: ٣٦ (٣٣ والفهارس)

المجلد (2)
من صـــ 51 الى صـــ 75
الحلقة (20)





وقال أبو عبد الله محمد بن أحمد الغنجار (١) في «تاريخ بخارى» عن أبي علي إسماعيل بن محمد بن أحمد بن حاجب الكشاني، سمعت محمد بن يوسف بن مطر يقول: سمعتُ «الجامع الصحيح» من محمد بن إسماعيل بفربر في ثلاث سنين في سنة ثلاث وخمسين.
ولد سنة إحدى وثلاثين ومائتين، ومات سنة عشرين وثلاثمائة سمع من قتيبة بن سعيد (٢) فشارك البخاري في الرواية عنه. قَالَ أبو بكر السمعاني (٣) في «أماليه»: وكان ثقة ورعا (٤).
وأما الحمُّوي راويه عنه: فهو: أبو محمد عبد الله بن أحمد بن حمويه السرخسي -بفتح السين، والراء، وإسكان الخاء، وقيل: بكسر

------
= البخاري في ثلاث سنين في سنة ثلاث وأربع وخمسين ومائتين، و«سير أعلام النبلاء» ١٥/ ١١. وقال الذهبي في ترجمته قال الفربري: سمعت «الجامع» سنة ثمانٍ وأربعين ومائتين، ومرة أخرى سنة اثنتين وخمسين ومائتين. اهـ.
(١) هو: الإمام الحافظ محدث بخارى، وصاحب كتاب «تاريخ بخارى» أبو عبد الله محمد بن أحمد بن محمد بن سليمان بن كامل البخاريّ، ولقبه غُنْجار. توفي سنة اثنتي عشرة وأربعمائة.
انظر ترجمته في: «سير أعلام النبلاء» ١٧/ ٣٠٤ (١٨٤)، «تذكرة الحفاظ» ٣/ ١٠٥٢، «الوافي بالوفيات» ٢/ ٦٠، «شذرات الذهب» ٣/ ١٩٦.
(٢) قال الذهبي: وقد أخطأ من زَعَمَ أنه سمع من قتيبة، فما رآه، وقد ولد في سنة إحدى وثلاثين ومائتين، ومات قتيبة في بلدٍ آخر سنة أربعين. «السير» ١٥/ ١١.
(٣) هو الإمام الأوحد، أبو بكر، محمد بن أبي المظفر منصور بن محمد بن عبد الجبار التميمي السمعاني المروزي، والد الحافظ أبي سعد.
ولد سنة ستة وستين وأربعمائة، وتوفي سنة عشر وخمسمائة، من تصانيفه: «أدب الإملاء»، «آمالي مجالس في الحديث».
انظر ترجمته في: «تذكرة الحفاظ» ٤/ ١٢٦٦ - ١٢٦٩، «هداية العارفين» ص ٤٩٠.
(٤) انظر ترجمة الفربري في «وفيات الأعيان» ٤/ ٢٩٠، «الوافى بالوفيات» ٥/ ٢٤٥، «سير أعلام النبلاء» ١٥/ ١٠ - ١٣، «شذرات الذهب» ٢/ ٢٨٦.


السين، وقيل: بفتحها مع إسكان الراء، وفتح الخاء -نسبة إلى بلدة معروفة بخراسان (١)، الحموي -بفتح الحاء المهملة، وضم الميم المشددة- نسبة إلى جده نزيل بوشنج هراة. رحل إلى ما وراء النهر وكان سماعه «الصحيح» من الفربري بفربر سنة ست عشرة وثلاثمائة، وقيل: سنة خمس عشرة (٢).
قَالَ الحافظ أبو ذر: وكان الحموي ثقة صاحب أصول حسان، مات في ذي الحجة لليلتين بقيتا سنة إحدى وثمانين وثلاثمائة، وكان مولده سنة ئلاث وتسعين ومائتين (٣).
وأما الداودي راويه عنه: فهو أبو الحسن عبد الرحمن بن محمد بن المظفر بن محمد بن داود بن أحمد بن معاذ بن سهل بن الحكم الداودي البوشنجي -وبُوشنْج بضم الباء الموحدة، وفتح الشين المعجمة، وإسكان النون ثمَّ جيم، ويقال أيضًا بالسين المهملة- قَالَ السمعاني: ويقال أيضًا فوشنج -بالفاء- قَالَ: ويقال لها أيضًا: بوشنك، بلدة بخراسان عَلَى سبعة فراسخ من هراة، خرج منها جماعة من العلماء الفضلاء في كل فن (٤).
كان سماعه لـ «الصحيح» من الحموي في صفر سنة إحدى وثمانين وثلاثمائة (٥)، وسمع أيضًا الحاكم وغيره. وعنه أبو الوقت وغيره، وكان

----
(١) انظر: «معجم البلدان» ٣/ ٢٠٨ - ٢٠٩.
(٢) ذكره الذهبي في «السير» ١٦/ ٤٩٢.
(٣) انظر ترجمته في: «سير أعلام النبلاء» ١٦/ ٤٩٢ (٣٦٣)، «تاريخ الإسلام» ٢٧/ ٣٣، «شذرات الذهب» ٣/ ١٠٠.
(٤) «الأنساب» ٢/ ٣٣٢ - ٣٣٣، ٩/ ٣٤٦.
(٥) روى الذهبي عن أبي الحسن عبد الغافر بن إسماعيل قال: سمعت «الصحيح» من أبي سهل الحفصي، وأجازه لي الداودي، وإجازة الداودي أحبُّ إلي من السماع =



ثقة إمامًا، وتفقه عَلَى أبي بكر القفال، والشيخ أبي حامد، والصعلوكي، وغيرهم، وكان حالَ التفقه يحمل ما يأكله من بلاده احتياطًا، وصحب الأستاذ أبا عليِّ الدقاق، وأبا عبد الرحمن السلمي.
قَالَ أبو سعد السمعاني: كان وجهَ مشايخ خراسان، وله قدم راسخ في التقوى (١). قَالَ: وحكي أنه بقي أربعين سنة لا يأكل اللحم وقت نهب التركمان، وكان يأكل السمك، فحكي له أن بعض الأمراء أكل عَلَى حافة الموضع الذي يصاد له منه السمك ونفضت سفرته، وما فضل منه في النهر فما أكل السمك بعد ذَلِكَ.
ولد في شهر ربيع الآخر سنة أربع (وسبعين) (٢) وثلاثمائة، ومات ببوشنج في شوال سنة سبع وستين وأربعمائة (٣).
وأما أبو الوقت راويه عنه: فهو عبد الأول بن عيسي بن شعيب بن إبراهيم بن إسحاق السجزي الهروي الصوفي، كان اسمه محمدًا، فسماه الإمامُ عبدُ الله الأنصاري عبدَ الأول، وكنَّاه بأبي الوقت. وقال: الصوفى ابن وَقْتِه ولد في ذي القعدة سنة ثمان وخمسين وأربعمائة بهراة، ومات في ذي القعدة سنة ثلاث وخمسين وخمسمائة، ودفن ببغداد، وكان شيخًا صالحًا ثقة ألحق الصغار بالكبار، ومات وهو صحيح. وكان سماعه لـ«الصحيح» سنة خمس وستين وأربعمائة، مع والده وهو في

--------
= من الحفصي. انظر: «سير أعلام النبلاء» ١٨/ ٢٢٤.
(١) «الأنساب» ٥/ ٢٦٣.
(٢) ورد في الأصل: وستين، وورد بهامش الأصل: سبعين، وهو الصواب كما في: «سير أعلام النبلاء» ١٨/ ٢٢٣، «الأنساب» ٥/ ٢٦٤.
(٣) انظر ترجمة الداودي في: «المنتظم» ٨/ ٢٩٦، «سير أعلام النبلاء» ١٨/ ٢٢٢، «فوات الوفيات» ٢/ ٢٩٥، «شذرات الذهب» ١/ ٣٢٧.



السابعة من عمره (١). وسمع منه الأئمة والحفاظ (٢).
فائدة: السجزي -بكسر السين- نسبة إلى سجزة (٣)، وقال السمعاني سجستان، قَالَ ابن ماكولا وغيره: هي نسبة إلى غير القياس (٤).
والهروي نسبة إلى هراة، مدينة مشهورة بخراسان، خرج منها خلائق من الأئمة (٥). والصوفي نسبة إلى الصوفية، وهم الزهاد العباد، وسموا بذلك للبسهم الصوف غالبًا، وحكى السمعاني قولًا: أنهم نسبوا إلى بني صوفة جماعة من العرب كانوا يتزهدون، وأما من قَالَ: إنه مشتق من الصفاء أو صفة مسجد رسول الله - ﷺ - أو الصف ففاسد من حيث العربية. ومن أحسن حدود التصوف: أنه استعمال كل خلق سَنِيٍّ، وترك كل خلق دني.
وأما الزَبيدي راويه عنه: فهو بفتح الزاي نسبة إلى زبيد -بلدة معروفة باليمن (٦) - وهو: أبو عبد الله الحسين بن أبي بكر المبارك بن محمد بن يحيى، ورد دمشق سنة ثلاث وستمائة وأسمع بها «صحيح البخاري» وغيره، وألحق الأحفاد بالأجداد. مات في صفر سنة إحدى وثلاثين وستمائة ببغداد، وكان مولده سنة خمس وأربعين وخمسمائة، وكان

------
(١) ذكر ذلك الحافظ الذهبي في «السير» ٢٠/ ٣٠٤.
(٢) انظر ترجمته في: «المنتظم» ١٠/ ١٨٢، «وفيات الأعيان» ٣/ ٢٢٦، «سير أعلام النبلاء» ٢٠/ ٣٠٣ (٢٠٦)، «تذكرة الحفاظ» ٤/ ١٣١٥، «شذرات الذهب» ٤/ ١٦٦.
(٣) انظر: «معجم ما استعجم» ٣/ ٧٢٤، «معجم البلدان» ٣/ ١٨٩، ١٩٠، وفيهما (سجز) دون التاء المربوطة.
(٤) «الإكمال» لابن ماكولا ٤/ ٥٤٩ - ٥٥٠.
(٥) انظر: «معجم البلدان» ٥/ ٣٩٦ - ٣٩٧.
(٦) انظر: «معجم ما استعجم» ٢/ ٦٩٤، «معجم البلدان» ٣/ ١٣١ - ١٣٢.



ثقة، وكان سماعه «الصحيح» من أبي الوقت في اثني عشر مجلسًا آخرها ثالث صفر سنة ثلاث وخمسين وخمسمائة (١)، وسمعه منه جماعة منهم: الحافظ شرف الدين أبو الحسين علي بن أبي عبد الله محمد بن أبي الحسين اليُونيني (٢).
وقرأته أجمع عَلَى شيخنا المسند المعمر زين الدين أبي بكر بن قاسم الكناني الحنبلي بسماعه منه ومن غيره، وأخبرنيه عامةً أعلى من هذا بدرجة أبو العباس أحمد بن أبي طالب بن نعمة الحجار (٣) بسماعه من الزبيدي به، ومولد شيخنا زين الدين بالصالحية في ربيع الأول سنة ست وستين وستمائة، ومات في أواخر سنة تسع وأربعين وسبعمائة شهيدًا بالطاعون، وكان حبرًا صالحًا، ومولد الحجار سنة أربع وعشرين وستمائة أو قبلها، كما رأيته بخط الحافظ جمال الدين

-----
(١) قلت: أثبت سماعه للصحيح الذهبي وابن رجب الحنبلي وغيرهم كما في ترجمته في: «سير أعلام النبلاء» ٢٢/ ٣٥٧ (٢٢٢)، «تاريخ الإسلام» ٤٦/ ٦٠ (٢٠)، «ذيل طبقات الحنابلة» ٣/ ٤٠٥ - ٤١١ (٣٣٦)، «شذرات الذهب» ٥/ ١٤٤.
(٢) هو الإمام العلامة الصالح العارف المحدث شرف الدين أبو الحسين علي ابن الشيخ الفقيه الرباني أبي عبد الله محمد بن أبي الحسين أحمد بن عبد الله بن عيسى بن أحمد بن محمد بن محمد بن محمد اليُونيني البَعْلَبَكي الحنبلي، ولد في حادي عشر رجب سنة (٦٢١ هـ). وتوفي في يوم الجمعة ثاني عشر رمضان سنة (٧٠١ هـ).
انظر ترجمته في: «معجم شيوخ الذهبي» ٢/ ٤٠، «تذكرة الحفاظ» ٤/ ١٥٠٠، «الذيل على طبقات الحنابلة» ٢/ ٣٤٥، «النجوم الزاهرة» ٨/ ١٩٨، «شذرات الذهب» ٦/ ٣.
(٣) هو: شهاب الدين أحمد بن أبي طالب بن نعمة بن حسن الصالحي الحجار، من قرية من قرى وادي بردى بدمشق. مولده سنة ٦٢٣، ومات سنة ٧٣٠ هـ. انظر: «شذرات الذهب» ٦/ ٩٣.



المزي (١) قَالَ: وكان سماعه لـ«الصحيح» من ابن الزبيدي سنة ثلاثين وستمائة، ومات في خامس عشر من صفر من سنة ثلاثين وسبعمائة، ودفن بسفح جبل قاسيون، وهو آخر من روى عن ابن الزبيدي وابن اللتي.
-------
(١) هو الحافظ جمال الدين أبو الحجاج يوسف بن الزكي عبد الرحمن بن يوسف بن علي بن عبد الملك بن علي بن أبي الزهر الكلبي القضاعي المزى، ولد في ليلة العاشر من شهر ربيع الآخر سنة أربع وخمسين وستمائة، من أشهر مصنفاته كتاب: «تهذيب الكمال»، «تحفة الأشراف بمعرفة الأطراف»، توفي سنة اثنتين وأربعين وسبعمائة.
انظر ترجمته في: «تذكرة الحفاظ» ٤/ ١٤٩٨، «طبقات الشافعية الكبرى» ١٠/ ٣٩٥، «طبقات الشافعية» ٢/ ٤٦٤.



فصل
إنما علا البخاري من هذا الوجه؛ لأن غالب رواته سمعوه في الصغر، فالسجزي سمعه في السابعة، وكذا الحجار، والزبيدي في الثامنة، والداودي دون العشرين، ونحوه الفربري والحموي، وعَمَّروا أيضًا، فالداودي والسجزي جاوزا التسعين، والباقون قاربوها، خلا الحجار فإنه جاوز المائة.


فصل
جملة من حدث عنه البخاري في «صحيحه» خمس طبقات كما نبه عليه ابن طاهر المقدسي (١):
الأولى: لم يقع حديثهم إلا كما وقع من طريقه إليهم، منهم: محمد بن عبد الله الأنصاري حدث عنه، عن حميد عن أنس، ومنهم: مكي بن إبراهيم، وأبو عاصم النبيل حدث عنهما، عن يزيد بن أبي عبيد، عن سلمة بن الأكوع، ومنهم: عبيد الله بن موسى حدث عنه، عن معروف، عن أبي الطفيل عن علي وحدث عنه، عن هشام بن عروة، وإسماعيل بن أبي خالد وهما تابعيان، ومنهم: أبو نعيم حدث عنه، عن الأعمش، والأعمش تابعي، ومنهم علي بن عباس حدث عنه، عن جرير بن عثمان، عن عبد الله بن بسر الصحابي، هؤلاء وأشباههم الطبقة الأولى، وكان البخاري سمع مالكا والثوري وشعبة وغيرهم، فإنهم حدثوا عن هؤلاء وطبقتهم.
الطبقة الثانية: من مشايخه قومٌ حدثوا عن أئمة حدثوا عن التابعين، وهم شيوخه الذين روى عنهم، عن ابن جريج، ومالك، وابن أبي ذئب، وابن عيينة بالحجاز، وشعيب والأوزاعي وطبقتهما بالشام، والثوري وشعبة وحماد وأبي عوانة وهمام بالعراق، والليث ويعقوب بن

------
(١) هو في كتاب «جواب المتعنت» لابن طاهر كما أشار إلى ذلك الحافظ ابن حجر في «هدى الساري» ص ١٥.


عبد الرحمن بمصر. وفي هذِه الطبقة كثرة.
الثالثة: قوم حدثوا عن قوم أدرك زمانهم، وأمكنه لقيهم، لكنه لم يسمع منهم كيزيد بن هارون وعبد الرزاق.
الرابعة: قوم في طبقته حدث عنهم عن مشايخه، كأبي حاتم محمد ابن إدريس الرازي حدث عنه في «صحيحه»، ولم ينسبه عن يحيى بن صالح.
الخامسة: قوم حدث عنهم وهم أصغر منه في الإسناد والسن والوفاة والمعرفة منهم: عبد الله بن حماد الآملي (١)، وحسين القباني (٢) وغيرهما (٣). اهـ.

------
(١) هو عبد الله بن حمَّاد بن أيوب الامام الحافظ البارع الثقة، أبو عبد الرحمن الآملي، سمع القعنبي، وأبا اليمان، وسليمان بن حرب، وسعيد بن أبي مريم، ويحيى الوحاظي، ويحيى بن معين، وأبا الجماهر الكفرسوسي، وعنه البخاري. مات في رجب سنة ثلاث وسبعين ومائتين. وقيل: بل مات سنة تسع وستين في ربيع الآخر. انظر ترجمته في: «تاريخ بغداد» ٩/ ٤٤٤، ٤٤٥، «تهذيب الكمال» ١٤/ ٤٢٩ - ٤٣١ (٣٣٣٢)، «سير أعلام النبلاء» ١٢/ ٦١١ (٢٣٥)، «التقريب» (٣٢٨١).
(٢) القباني هو الإمام الحافظ، الثقة، شيخ المحدثين بخراسان، أبو علي الحسين بن محمد بن زياد النيسابوري، ولد سنة بضع عشرة وماثتين، سمع من إسحاق بن راهويه، وسهل بن عثمان، ومنصور بن أبي مزاحم، والحسين بن الضحاك، وسريج بن يونس وغيرهم حدث عنه محمد بن إسماعيل البخاري، وزكريا بن محمد بن بكار وأحمد بن محمد بن عبيدة وأبو حامد بن الشرقي وغيرهم. توفي سنة تسع وثمانين ومائتين.
انظر ترجمته في: «اللباب» ٣/ ١٢، «تهذيب الكمال» ٦/ ٤٧٦ - ٤٧٨ (١٣٣٦)، «سير أعلام النبلاء» ١٣/ ٤٩٩ - ٥٠٢ (٢٤٧)، «تذكرة الحفاظ» ٢/ ٦٨٠، ٦٨٢، «شذرات الذهب» ٢/ ٢٠١.
(٣) وهذا يسمى في مصطلح الحديث رواية الأكابر عن الأصاغر، وهو أن يروي الراوي عمن هو دونه في السن والطبقة، أو في العلم والحفظ أو الاثنين معًا، كما =



قَالَ: فهذا تفصيل طبقاتهم مختصرًا نبهت عليه؛ لئلا يظن من لا معرفة له إِذَا حدث البخاري، عن مكي، عن يزيد بن أبي عبيد، عن سلمة، ثم حدث في موضع آخر عن بكر بن مضر، عن عمرو بن الحارث، عن بكير بن عبد الله بن الأشج، عن يزيد بن أبي عبيد، عن سلمة، أن الإسناد الأول سقط منه شيء، وعلى هذا سائر الأحاديث.
وكان البخاري يحدث بالحديث في موضع نازلًا وفي موضع عاليًا، فقد حدث في مواضع كثيرة جدًا عن رجل عن مالك (١)، وحدث في موضع عن عبد الله بن محمد المسندي، عن معاوية بن عمرو، عن أبي إسحاق الفزاري، عن مالك (٢)، وحدث في مواضع عن رجل، عن شعبة، وحدث في مواضع عن ثلاثة عن شعبة، منها: حديثه عن حماد بن حميد عن عبد الله بن معاذ عن أبيه عن شعبة، وحدث في مواضع عن رجل عن الثوري، وحدث في موضع عن ثلاثة عنه، فحدث عن أحمد بن عمر، عن أبي النضر، عن عبيد الله الأشجعي، عن الثوري، وأعجب من هذا كله: أن عبد الله بن المبارك أصغر من مالك وسفيان وشعبة، ومتأخر الوفاة. وحدث البخاري عن جماعة من أصحابه عنه وتأخرت وفاتهم، ثم حدث عن سعيد بن مروان، عن محمد بن عبد العزيز أبي رزمة، عن أبي صالح سلمويه، عن عبد الله ابن المبارك. فقس عَلَى هذا أمثاله.

-------
= هو الحال هنا، وكرواية الزهري ويحيى بن سعد الأنصاري عن مالك، وكرواية العبادلة عن كعب الأحبار. انظر: «علوم الحديث» ص ٣٠٧ - ٣٠٩، «المقنع» ٢/ ٥١٨ - ٥٢٠، «تدريب الراوي» ٢/ ٣٤٩ - ٣٥٢.
(١) كما في أحاديث (٢، ١٩، ٢٢).
(٢) سيأتي في حديث رقم (٤٢٣٤) كتاب: المغازي، باب: غزوة خيبر.



وقد حدث البخاري عن قوم خارج «الصحيح»، وحدث عن رجل عنهم في «الصحيح» منهم: أحمد بن منيع وداود بن رشيد، وحدث عن قوم في الصحيح، وحدث عن آخرين عنهم منهم: أبو نعيم وأبو عاصم والأنصاري وأحمد بن صالح وأحمد بن حنبل ويحيى بن معين وفيهم كثرة.
فإذا رأيت مثل هذا فَأَصْلُهُ ما ذكرنا، وقد روينا عنه أنه قَالَ: لا يكون المحدث محدثًا كاملًا حتَّى يكتب عمن هو فوقه وعمن هو مثله وعمن هو دونه (١)، وروينا هذا الكلام أيضًا عن وكيع (٢).

-------
(١) ذكره الحافظ في «هدي الساري» ص ٤٧٩.
(٢) رواه الخطيب في «الجامع لأخلاق الراوي» ٢/ ٢١٦ (١٦٥٤ - ١٦٥٥)، والحافظ في «التغليق» ٥/ ٣٩٤.



فصل
وقد أكثر البخاري رحمه الله في «صحيحه» في تراجم أبوابه من ذكر أحاديث وأقوال الصحابة وغيرهم بغير إسناد، وحكم هذا (أن ما) (١) كان منه بصيغة جزم، كقال وروي وشبههما فهو حكم منه بصحته (٢)، وما كان بصيغة تمريض كروي وشبهه فليس فيه حكم بصحته، ولكن ليس هو واهيًا إذ لو كان واهيًا لم يدخله في «صحيحه».
ودليل صحة الأول أن هذِه الصيغة موضوعة لـ «الصحيح»، فإذا استعملها هذا الإمام في مثل هذا المصنف الصحيح مع قوله السالف: ما أدخلت إلا ما صح. اقتضى ذَلِكَ صحته، ولا يقال: يَرُدُّ عَلَى هذا إدخاله ما هو بصيغة تمريض؛ لأنه قد نبه عَلَى ضعفه بإيراده إياه بصيغة التمريض. والمراد بقوله: ما أدخلت في «الجامع» إلا ما صح. أي: ما ذكرت فيه مسندًا إلا ما صح، كذا قرره النووي (٣)، وأصله للشيخ تقي الدين ابن الصلاح (٤).

-------
(١) في «الأصل»: أنما، والصواب ما أثبتناه.
(٢) قلت: ينبغي أن يقيد حكم الصحة بكونه صحيحًا إلى المضاف إليه، فإذا كان الذي عُلِّق الحديث عنه دون الصحابة، فالحكم بصحته متوقف على اتصال الإسناد بينه وبين الصحابي. انظر: «المقنع» ١/ ٧٢ - ٧٣، «تدريب الراوي» ١/ ١٤٤ - ١٥١، «فتح المغيث» ١/ ٥٣ - ٥٥.
(٣) «التقريب» للنووي مع «التدريب» ١/ ١٥٠.
(٤) «مقدمة ابن الصلاح» ص ٢٥، وابن الصلاح: هو الإمام العلامة تقي الدين =



لكن وقع في «صحيح البخاري» ذكر التعليق مرة بغير صيغة جزم، ثم يسنده في موضع آخر؛ فقال في كتاب الصلاة: ويذكر عن أبي موسى قَالَ: كنا نتناوب النبي - ﷺ - لصلاة العشاء (١). ثم أسنده في باب: فضل العشاء، فقال: ثنا محمد بن العلاء، ثنا أبو أسامة، عن بُرَيْد، عن أبي بردة، عن أبي موسى (٢)، وقال في كتاب: الإشْخَاص: ويذكر عن جابر أنه عليه الصلاة والسلام رد المتصدق عَلَى صدقته (٣) ثمَّ أسنده في موضع آخر (٤).
وقال في كتاب الطب: ويذكر عن ابن عباس عن النبي - ﷺ - في الرقى بفاتحة الكتاب (٥)، وأسنده مرة (٦).
وقال أبو العباس القرطبي (٧) في كتابه في السماع: البخاري لا يعلق

------
= أبو عمرو عثمان بن عبد الرحمن بن عثمان الكردي، الشهرزوري، الموصلي، الشافعي، ولد سنة (٥٧٧ هـ)، ومات سنة: (٦٤٣ هـ)، من تصانيفه: «علوم الحديث»، و«شرح صحيح مسلم»، «الفتاوى». انظر ترجمته في: «وفيات الأعيان» ٢/ ٢٤٣ - ٢٤٥، «السير» ٢٣/ ١٤٠ - ١٤٤.
(١) يأتي معلقًا قبل حديث (٥٦٤) كتاب: مواقيت الصلاة، باب: ذكر العشاء والعتمة ومن رآه واسعًا.
(٢) يأتي مسندًا برقم (٥٦٧).
(٣) يأتي معلقًا في كتاب: الخصومات، باب: من رد أمر السفيه.
(٤) يأتي مسندًا برقم (٢١٤١) كتاب: البيوع، باب: بيع المزايدة.
(٥) يأتي معلقًا قبل حديث (٥٧٣٦ ت) باب: الرقى بفاتحة الكتاب.
(٦) يأتي مسندًا بعده برقم (٥٧٣٧) باب: الشرط في الرقية بقطيع من الغنم.
(٧) هو أحمد بن عمر بن إبراهيم بن عمر الأنصاري الأندلسي القرطبي المالكي، ضياء الدين أبو العباس، الإمام الفقيه المحدث المدرس الشاهد بالإسكندرية، ولد سنة ثمان وسبعين وخمسمائة في قرطبة، من مصنفاته «المفهم في شرح ما أشكل من تلخيص كتاب مسلم»، «مختصر البخاري»، «شرح التلخيص»، توفي في ذي القعدة من سنة ستة وخمسين وستمائة. انظر ترجمته في: «تذكرة الحفاظ» ٤/ ١٤٣٨.



في كتابه إلا ما كان في نفسه صحيحًا مسندًا، لكنه لم يسنده؛ ليفرق بين ما كان عَلَى شرطه في أصل كتابه، وبين ما ليس كذلك. ولم يصب ابن حزم الظاهري (١) في رده تعليق حديث: «ليكونن في أمتي أقوام يستحلون الحر» (٢) إلى آخره، فإنه ليس منقطعًا بل معلقًا، وقد ثبت اتصاله في غيره كما سنوضحه إن شاء الله في موضعه (٣).
ثمَّ اعلم أن هذِه تسمى تعليقًا إِذَا كانت بصيغة جزم، كذا أسماها الحميدي الأندلسي (٤)، وغيره من العلماء المتأخرين، وسبقهم بهذِه

-------
(١) ابن حزم: هو علي بن أحمد بن سعيد بن حزم الظاهري، وكنيته أبو محمد، عالم الأندلس في عصره، وأحد الأئمة في الإسلام، ولد بقرطبة يوم الأربعاء عام (٣٨٤ هـ-٩٩٤ م) حفظ القرآن، وتلقى العلوم على أكابر العلماء بقرطبة، نشأ - رحمه الله- شافعي المذهب، ثم أنتقل إلى مذهب أهل الظاهر، له مصنفات كثيرة بلغت أربعمائة منها: «الفصل في الملل والأهواء والنحل»، و«المحلى»، و«جمهرة الأنساب»، و«مراتب الإجماع»، و«الناسخ والمنسوخ» وغيرها.
توفى بقرية (منليشتم) من أعمال (لبله) من بلاد الأندلس أو آخر شعبان سنة (٤٥٦ هـ-١٠٦٤ م).
انظر: «الصلة» لابن بشكوال ٢/ ٤١٥ - ٤١٧ (٨٩٤)، «معجم الأدباء» ٣/ ٥٤٦ - ٥٥٦ (٥٤٢)، «وفيات الأعيان» ٣/ ٣٢٥ - ٣٣٠ (٤٤٨)،«تاريخ الإسلام» ٣٠/ ٤٠٣ - ٤١٧ (١٦٨)، «سير أعلام النبلاء» ١٨/ ١٨٤ - ٢١٢ (٩٩)، «تذكرة الحفاظ» ٣/ ١١٤٦ - ١١٥٥ (١٠١٦)، «مرآة الجنان» ٣/ ٧٩ - ٨١، «البداية والنهاية» ١٢/ ٥٥٣.
(٢) يأتي برقم (٥٥٩٠) كتاب: الأشربة، باب: ما جاء فيمن يستحل الخمر ويسميه بغير اسمه.
(٣) سيأتي تخريجه مفصلًا إن شاء الله.
(٤) هو الإمام القدوة الأثري، المتقن الحافظ، شيخ المحدثين، أبو عبد الله محمد بن أبي نصر فتوح بن عبد الله بن فتوح، بن حميد بن يصل، الأزدي، الحميدي، الأندلسي الفقيه، الظاهري صاحب ابن حزم وتلميذه، قال: مولدي قبل سنة عشرين وأربعمائة، من مصنفاته: «الجمع بين الصحيحين»، "جمل تاريخ =



التسمية الدارقطني (١)، وشبهوه بتعليق الجدار لقطع الاتصال، ثمَّ إنه يسمى تعليقًا إِذا انقطع من أول إسناده واحد فأكثر، ولا يسمى بذلك ما سقط وسط إسناده أو آخره، ولا ما كان بصيغة تمريض، كما نبه عليه ابن الصلاح (٢).
واعلم أن هذا التعليق إنما يفعله البخاري لما سيأتي أن مراده بهذا الكتاب الاحتجاج بمسائل الأبواب، فيؤثر الاختصار. وكثير من هذا التعليق أو أكثره مما ذكره في هذا الكتاب في باب آخر كما أسلفناه، وربما كان قريبًا (٣).

------
= الإسلام«،»الذهب المسبوك في وعظ الملوك«،»ذم النميمة«،»حفظ الجار«، توفي في سابع عشر ذي الحجة سنة ثمان وثمانين وأربعمائة. انظر ترجمته في:»سير أعلام النبلاء«١٩/ ١٢٠ - ١٢٧،»الوافي بالوفيات«٤/ ٣١٧ - ٣١٨،»وفيات الأعيان«٤/ ٢٨٢،»شذرات الذهب«٣/ ٣٩٢.
(١) هو الإمام الحافظ المجود، شيخ الإسلام، علم الجهابذة، أبو الحسن، علي بن عمر بن أحمد بن مهدي بن مسعود بن النعمان بن دينار بن عبد الله البغدادي، من أهل محلة دار القطن ببغداد، ولد سنة ست وثلاث مائة، وتوفي سنة خمس وثمانين وثلاثمائة، وكان من بحور العلم ومن أئمة الدنيا، وكان على مذهب الإمام الشافعي، من مصنفاته:»السنن«،»المختلف والمؤتلف«. انظر ترجمته في:»تاريخ بغداد«١٢/ ٣٤ - ٤٠،»وفيات الأعيان«٣/ ٢٩٧ - ٢٩٩،»السير«١٦/ ٤٤٩ - ٤٦١،»تذكرة الحفاظ«٣/ ٩٩١ - ٩٩٥،»شذرات الذهب«٣/ ١١٦ - ١١٧.
(٢)»علوم الحديث«ص ٦٧ - ٧٢.
(٣) قلت: للحافظ ابن حجر كلام نفيس حول تعليقات البخاري قلَّ أن تجد مثله، انظره في»هدي الساري" ص ١٧ - ١٩، وإنما لم نورده هنا خشية الإطالة، وبالله التوفيق.



فصل
لا يجوز العمل في الأحكام ولا يثبت إلا بالحديث الصحيح أو الحسن، ولا يجوز بالضعيف لكن يُعمل به فيما لا يتعلق بالعقائد والأحكام، كفضائل الأعمال والمواعظ وشبههما (١).

--------
(١) اختلف العلماء في الأخذ بالحديث الضعيف على ثلاثة مذاهب:
المذهب الأول: لا يعمل به مطلقًا لا في الفضائل ولا في الأحكام، حكاه ابن سيد الناس، عن ابن معين، وإليه ذهب أبو بكر بن العربى، والظاهر أنه مذهب البخاري ومسلم، لما عرفناه من شرطيهما، وهو مذهب ابن حزم.
المذهب الثاني: أنه يعمل بالحديث الضعيف، وعزي هذا إلن أبي داود والإمام أحمد رضي الله عنهما، وأنهما يريان ذلك أقوى من رأي الرجال.
المذهب الثالث: أنه يعمل به في الفضائل والمواعظ، إذا توفرت له بعض الشروط، وقد ذكر ابن حجر هذِه الشروط وهي:
١ - أن يكون الضعف غير شديد، ونقل العلائي الاتفاق على هذا الشرط.
٢ - أن يندرج تحت أصل معمول به.
٣ - أن لا يعتقد عند العمل به ثبوته بل يعتقد الاحتياط.
وقال: هذان ذكرهما ابن عبد السلام وابن دقيق العيد.
وإلى المذهب الأول -وهو أن لا يعمل به مطلقًا- ذهب المصنف -رحمه الله- فقال في «المقنع» ١/ ١٠٤: في قول من قال بأنه تجوز روايته والعمل به في غير الأحكام. قال: فيه وقفة فإنه لم يثبت، فإسناد العمل إليه يوهم ثبوته، ويوقع من لا معرفة له في ذلك فيحتج به. اهـ.
وذهب إليه أيضًا شيخ الإسلام فقال: لا يجوز أن يعتمد في الشريعة على الأحاديث الضعيفة التي ليست صحيحة ولا حسنة، لكن أحمد بن حنبل وغيره من العلماء جوزوا أن يروى في فضائل الأعمال ما لم يعلم أنه ثابت إذا لم يعلم أنه =



وإذا كان الحديث ضعيفًا لا يورد بصيغة الجزم بل بصيغة التمريض؛ صيغة الجزم تقتضي صحته عن المضاف إليه فلا تطلق إلا فيما صح، وإلا فيكون في معنى الكاذب عليه، وقد اشتد إنكار البيهقي (١) الحافظ
--------
= كذب، وذلك أن العمل إذا علم أنه مشروع بدليل شرعي، وروي في فضله حديث لا يعلم أنه كذب، جاز أن يكون الثواب حقًّا، ولم يقل أحد من الأئمة أنه يجوز أن يجعل الشيء واجبًا أو مستحبًا بحديث ضعيف، ومن قال هذا فقد خالف الإجماع.
ثم قال شيخ الإسلام ابن تيمية: وما كان أحمد بن حنبل ولا أمثاله من الأئمة يعتمدون على مثل هذِه الأحاديث في الشريعة، ومن نقل عن أحمد أنه كان يحتج بالحديث الضعيف الذي ليس بصحيح ولا حسن، فقد غلط عليه .. اهـ.«مجموع الفتاوى» ١/ ٢٥٠ - ٢٥١.
وذهب إليه أيضًا العلامة أحمد شاكر فقال: لا فرق بين الأحكام وبين فضائل الأعمال ونحوها في عدم الأخذ بالرواية الضعيفة، بل لا حجة لأحد إلا بما صح عن رسول الله - ﷺ - من حديث صحيح أو حسن، وأما ما قاله أحمد بن حنبل وعبد الرحمن بن مهدي وعبد الله بن المبارك: إذا روينا في الحلال والحرام شددنا، وإذا روينا في الفضائل ونحوها تساهلنا، فإنما يريدون به -فيما أرجح، والله أعلم- أن التساهل إنما هو في الأخذ بالحديث الحسن الذي لم يصل إلى درجة الصحة، فإن الاصطلاح في التفرقة بين الصحيح والحسن، لم يكن في عصرهم مستقرًّا واضحًا، بل كان أكثر المتقدمين لا يصف الحديث إلا بالصحة أو بالضعف فقط. اهـ. «الباعث الحثيث» ص ٧٦.
وكذا الألباني فقال: إننا ننصح إخواننا المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها أن يَدَعُوا العمل بالأحاديث الضعيفة مطلقًا، وأن يوجهوا همتهم إلى العمل بما ثبت عن النبي - ﷺ - ففيها ما يغني عن الضعيف. اهـ. «صحيح الجامع» ١/ ٥٦.
(١) البيهقي: هو أبو بكر أحمد بن الحسين بن علي بن موسى الخراساني، الخسروجردي، الإمام الحافظ، العلامة، شيخ خراسان، من أكابر فقهاء الشافعية في عصره، ولد في (خسروجرد من قرى بيهق بخراسان)، في شعبان عام (٣٨٤ هـ- ٩٩٤ م)، نشأ في بيهق، ورحل إلى بغداد، ثم الكوفة، ومكة، وغيرها.
صنَّف زُهاء ألف جزء لم يُسبق إليها، من تصانيفه: «السنن الكبرى»، و"السنن =



عَلَى من خالف هذا من العلماء، وقد اعتنى البخاري بهذا التفصيل في «صحيحه» كما ستعلمه، فيذكر في الترجمة الواحدة ما يورد بعضه بجزم وبعضه بتمريض، ونِعْمَتِ الخصلة.
--------
= الصغرى«، و»دلائل النبوة«، وغيرها.
توفي بنيسابور عاشر جمادى الأولى عام (٤٥٨ هـ-١٠٦٦ م)، ودفن بها، وقيل: نقل إلى بيهق. وترجمته في:»الأنساب«٢/ ٣٨١ - ٣٨٣،»المنتظم«٨/ ٢٤٢ (٢٩٢)،»الكامل«١٠/ ٥٢،»وفيات الأعيان«١/ ٧٥، ٧٦ (٢٨)،»سير أعلام النبلاء«١٨/ ١٦٣ - ١٧٠ (٨٦٠)،»تذكرة الحفاظ«٣/ ١١٣٢ - ١١٣٥ (١٠١٤)،»طبقات السبكي«٨/ ٤ - ١٦ (٢٥٠)،»طبقات الإسنوى«١/ ١٩٨ - ٢٠٠ (١٩٨)،»البداية والنهاية«١٢/ ٥٥٦،»طبقات ابن قاضي شهبة«١/ ٢٢٠ - ٢٢٢ (١٨٢)،»طبقات ابن هداية الله«٢٣٣،»شذرات الذهب" ٣/ ٣٠٤، ٣٠٥.



فصل
قَدْ أكثر البخاري رحمه الله من إعادة الحديث في أبواب، وفائدتُه: إظهار دقائق الحديث، واستنباط لطائفه، وما اشتمل عليه من الأصول والفروع والزهد والآداب والأمثال، وغيرها من الفنون. وهذا هو مقصود البخاري بهذا الصحيح، وليس مقصوده الاقتصار عَلَى الحديث وتكثير المتون؛ فلهذا أخلى كثيرًا من الأبواب عن إسناد الحديث، واقتصر عَلَى قوله فيه: فلان الصحابي عن النبي - ﷺ -، أو فيه: حديث فلان ونحو ذلك.
وقد يذكر متن الحديث بغير إسناد، وقد يحذف من أول الإسناد واحدًا فأكثر، وهذان النوعان يسميان تعليقًا كما سلف؛ وإنما يفعل هذا؛ لأنه أراد الاحتجاج للمسألة التي ترجم لها، واستغنى عن إسناد الحديث أو عن إسناده ومتنه وأشار إليه لكونه معلومًا، وقد يكون مما تقدم وربما تقدم قريبًا.
وذكر في تراجم الأبواب آيات كثيرة من القرآن العزيز، وربما اقتصر في بعض الأبواب عليها فلا يذكر معها شيئًا أصلًا. وذكر أيضًا في تراجم الأبواب أشياء كثيرة جدًا من فتاوى الصحابة والتابعين فمن بعدهم (١).

-----
(١) قال الحافظ: أنواع التراجم في البخاري ظاهرة وخفية، أما الظاهرة فليس ذكرها من غرضنا هنا وهي أن تكون الترجمة دالة بالمطابقة لما يورد في مضمونها وإنما فائدتها الإعلام بما ورد في ذلك الباب من غير اعتبار لمقدار تلك الفائدة كأنه يقول =


قَالَ ابن طاهر: كان البخاري يذكر الحديث في موضع يستخرج منه -بحسن استنباط وغزارة فقه- معنى يقتضيه الباب، وقلما يورد حديثًا في موضعين بإسناد واحد ولفظ واحد، بل يورده ثانيًا من طريق صحابي آخر أو تابعي أو غيره ليقوي الحديث بكثرة طرقه، أو يختلف لفظه، أو تختلف الرواية في وصله، أو زيادة راوٍ في الإسناد أو نقصه، أو يكون في الإسناد الأول مدلس، أو غيره لم يذكر لفظ السماع فيعيده بطريق فيه التصريح بالسماع، أو غير ذَلِكَ (١).
-------
= هذا الباب الذي فيه كيت وكيت، أو باب ذكر الدليل على الحكم الفلاني مثلًا، وقد تكون الترجمة بلفظ المترجم له أو بعضه أو بمعناه إلى أن قال: وربما اكتفى أحيانًا بلفظ الترجمة التي هي لفظ حديث لم يصح على شرطه، وأورد معها أثرًا أو آية، فكأنه يقول: لم يصح في الباب شيء على شرطي، وللغفلة عن هذِه المقاصد الدقيقة اعتقد من لم يمعن النظر أنه ترك الكتاب بلا تبييض، ومن تأمل ظفر، ومن جد وجد. اهـ. وانظر تمام كلام الحافظ في: «هدي الساري» ص ١٣ - ١٤.
(١) نقله الحافظ في «هدي الساري» ص ١٥، وعزاه إلى جزء ابن طاهر «جواب المتعنت».



فصل
في «الصحيح» جماعة قليلة جرحهم بعض المتقدمين، وهو محمول عَلَى أنه لم يثبت جرحهم بشرطه، فإن الجرح لا يثبت إلا مفسرًا مبين السبب عند الجمهور؛ لئلا يجرح بما يتوهمه جارحًا وليس جارحًا، كذا قرره ابن الصلاح (١) وسبقه إليه الخطيب (٢)، ومثَّله -أعني ابن الصلاح- بعكرمة، وإسماعيل بن أبي أويس، وعاصم بن علي، وعمرو بن مرزوق، وغيرهم، قَالَ: واحتج مسلم بسويد بن سعيد وجماعة اشتهر الطعن فيهم قَالَ: وذلك دالٌّ عَلَى أنهم ذهبوا إلى أن الجرح لا يقبل إلا إِذَا فُسِّر سببُه (٣). ولك أن تقول: قد فسر الجرح في هؤلاء (٤).

---------
(١) «علوم الحديث» لابن الصلاح ص ١٠٦ - ١٠٧.
(٢) «الكفاية» للخطيب البغدادي ص ١٠٨.
(٣) «علوم الحديث» ص ١٠٧.
(٤) قال الحافظ في «هدي الساري»: ينبغي لكل منصف أن يعلم أن تخريج صاحب الصحيح لأي راو كان مقتض لعدالته عنده وصحة ضبطه وعدم غفلته ولا سيما ما انضاف إلى ذلك من إطباق جمهور الأئمة على تسمية الكتابين بالصحيحين، وهذا معنى لم يحصل لغير من خُرج عنه في الصحيح فهو بمثابة إطباق الجمهور على تعديل من ذكر فيهما هذا إذا خرج له في الأصول، فأما إن خرَّج له في المتابعات والشواهد والتعاليق، فلهذا يتفاوت درجات من أخرج له منهم في الضبط وغيره مع حصول اسم الصدق لهم، وحينئذ إذا وجدنا لغيره في أحد منهم طعنًا فذلك الطعن مقابل لتعديل هذا الإمام فلا يقبل إلا مبين السبب مفسرًا بقادح يقدح في عدالة هذا =



أما عكرمة (١)، فقال ابن عمر لنافع: لا تكذب علي كما كذب عكرمة عَلَى ابن عباس (٢)، وفي «الأنساب» لمصعب الزبيري: إن سبب ذَلِكَ في عكرمة: أنه عَزا رأي الإباضية إلى ابن عباس فقيل ذَلِكَ، قُلْتُ: وقد كذبه مجاهد وابن سيرين ومالك، وقال حماد بن زيد: قيل لأيوب: أكانوا يتهمون عكرمة؟ فقال: أما أنا فلم أكن أتهمه (٣).
-------
= الراوي وفي ضبطه أو في ضبطه لخبر بعينه؛ لأن الأسباب الحاملة للأئمة على الجرح متفاوتة منها ما يقدح ومنها لا يقدح. ذكر كلامًا نفيسًا جدًّا ندر أن تجد مثله، ئم أورد أسماء هؤلاء المطعون فيهم مرتبًا لهم على حروف المعجم، رادًّا على أكثر هذِه الطعون. «هدي الساري» ص ٣٨٤ - ٤٥٦.
(١) هو عكرمة القرشي الهاشمي أبو عبد الله، مولى ابن عباس، وستأتي ترجمته مفصلة في شرح حديث (٧٥) كتاب: العلم، باب: قول النبي - ﷺ -: «اللهم علمه الكتاب» فانظرها هناك.
(٢) رواه ابن عساكر في «تاريخه» ٤١/ ١٠٧ من طريق عبد الله بن عيسى أبي خلف، عن يحيى البكاء قال: سمعت ابن عمر، … ثم ذكره. وفيه أبو خلف الخزاز، قال أبو زرعة: منكر الحديث، وقال النسائي: ليس بثقة.
وأما يحيى البكاء، فهو ضعيف. انظر: «الضعفاء والمتروكين» للنسائي ص ١١٠، «الجرح والتعديل» ٥/ ١٢٧، ٩/ ١٨٩، «المجروحين» ٣/ ١١٠، «تهذيب الكمال» ١٥/ ٤١٦، ٣١/ ٥٣٤ - ٥٣٥، «تهذيب التهذيب» ٢/ ٤٠١.
ورواه الباجي في «التعديل والتجريح» ٣/ ١٠٢٣، وابن عساكر في «تاريخه» ٤١/ ١٠٨ من طريق هارون بن معروف قال: حدثنا ضمرة، عن أيوب، عن ابن سيرين قال: قال ابن عمر لنافع … وقال ابن عساكر: أيوب عن ابن عمر.
وقد روي أيضًا عن سعيد بن المسيب أنه قال ذلك لمولاه برد. رواه الباجي في «التعديل والتجريح» ٣/ ١٠٢٤، وابن عساكر في «تاريخه» ٤١/ ١١٠ من طريق موسى بن إسماعيل قال: حدثنا أبو هلال الراسبي، قال: حدثنا الحكم بن أبي إسحاق قال: كتبت عن سعيد، وثمَّ مولى له فقال: انظر لا تكذب عليَّ كما كذب … ثم ذكره.
(٣) رواه ابن سعد في «طبقاته» ٥/ ٢٨٩.



وقال أحمد: يرى رأي الخوارج الصفرية.
وقال ابن المديني: كان عكرمة يرى رأي نجدة.
وقال غيره: كان يرى السيف. وأمَّا الجمهور فوثَّقُوه واحتَّجوا به، ولعله لم يكن داعية (١).
وأما إسماعيل بن أبي أويس فأقر عَلَى نفسه بالوضع، كما حكاه النسائي؛ عن سلمة بن (شبيب) (٢) عنه (٣)، وقال ابن معين: يساوي

--------
(١) تعقب جماعة من الأئمة ما قيل في عكرمة وصنفوا في الذب عنه، منهم: الطبري، ومحمد بن نصر المروزي، وابن منده وابن حبان، وابن عبد البر. انظر: «التمهيد» ٢/ ٢٧ - ٣٤، «الثقات» لابن حبان ٥/ ٢٢٩، «تهذيب الكمال» ٢/ ٢٦٤ - ٢٩٢، «ميزان الاعتدال» ٤/ ١٣ - ١٧، «سير أعلام النبلاء» ٥/ ٢٢ - ٣٦، «تهذيب التهذيب» ٣/ ١٣٤ - ١٣٨، «هدي الساري» ص ٤٢٥ - ٤٣٠.
(٢) في الأصل: شعيب، والمثبت هو الصواب كما في مصادر التخريج.
(٣) قال الحافظ في «تهذيب التهذيب» ١/ ١٥٨: قرأت على عبد الله بن عمر، عن أبي بكر بن محمد أن عبد الرحمن بن مكي أخبرهم كتابة: أخبرنا أبو طاهر السلفي، أخبرنا أبو غالب محمد بن الحسن بن أحمد الباقلاني، أخبرنا الحافظ أبو بكر أحمد بن محمد بن غالب البرقاني، حدثنا أبو الحسن الدارقطني، قال: ذكر محمد ابن موسى الهاشمي -وهو أحد الأئمة وكان النسائي يخصه بما لم يخص به ولده فذكر عن أبي عبد الرحمن- قال، حكى لي سلمة بن شبيب، قال: بما توقف أبو عبد الرحمن؟ قال: فما زلت بعد ذلك أداريه أن يحكي لي الحكاية حتى قال: قال لي سلمة بن شبيب: سمعت إسماعيل بن أبي أويس يقول: ربما كنت أضع الحديث لأهل المدينة إذا اختلفوا في شيء فيما بينهم. قال البرقاني: قلت للدارقطني: من حكى لك هذا عن محمد بن موسى؟ قال الوزير: كتبتها من كتابه وقرأتها عليه -يعني: بالوزير الحافظ الجليل جعفر بن حنزابة-. ثم قال الحافظ ابن حجر: وهذا هو الذي بان للنسائي منه حتى تجنب حديثه وأطلق القول فيه بأنه ليس بثقة، ولعل هذا كان من إسماعيل في شبيبته ثم انصلح، وأما الشيخان فلا يظن بهما أنهما أخرجا عنه إلا الصحيح من حديثه الذي شارك فيه الثقات وقد أوضحت ذلك في مقدمة شرحي على البخاري، والله أعلم. اهـ. وانظر: «هدي الساري» ص ٣٩١.



فلسين، وهو وأبوه يسرقان الحديث (١). وقال النضر بن سلمة المروزي -فيما حكاه الدولابي عنه-: كذاب، كان يحدث عن مالك بمسائل ابن وهب (٢). وقال أبو حاتم: محله الصدق، مغفل (٣). وقال الدارقطني: لا أختاره في الصحيح (٤).
وأما عاصم بن علي فقال ابن معين: لا شيء (٥). وقال غيره: كذاب ابن كذاب (٦)، وقال مسلمة: كثير المناكير، وقال ابن سعد: ليس بالمعروف بالحديث، كثير الخطأ في حديثه (٧)، وأما أحمد فصدقه وصدق أباه (٨).

--------
(١) رواه العقيلي في «الضعفاء» ١/ ٨٧، وابن عدي في «الكامل» ١/ ٥٢٥.
(٢) رواه ابن عدي في «الكامل» ١/ ٥٢٥.
(٣) «الجرح والتعديل» ٢/ ١٨٠.
(٤) هو إسماعيل بن عبد الله بن عبد الله بن أويس بن مالك بن أبي عامر الأصبحي. قال ابن حجر في «هدي الساري» ص ٣٩١. أحتج به الشيخان إلا أنهما لم يكثرا من تخريج حديثه ولا أخرج له البخاري مما تفرد به سوى حديثين وأما مسلم فأخرج له أقل مما أخرج له البخاري وروى له الباقون سوى النسائي.
انظر ترجمته في: «الجرح والتعديل» ٢/ ١٨٠ - ١٨١ (٦١٣)، «تهذيب الكمال» ٣/ ١٢٤ (٤٥٩)، «ميزان الاعتدال» ١/ ٩٠، «تهذيب التهذيب» ١/ ١٥٨.
(٥) رواه ابن عدي في «الكامل في الضعفاء» ٦/ ٤٠٧، والخطيب في «تاريخه» ٢/ ٢٤٩
(٦) رواه ابن عدي في «الكامل في الضعفاء» ٦/ ٤٠٧ عن يحيى بن معين أيضًا.
(٧) «الطبقات الكبرى» ٧/ ٣١٦.
(٨) هو عاصم بن علي بن عاصم بن صهيب الواسطي، أبو الحسين، ويقال: أبو الحسن القرشي التيمي، مولى قريبة. مات سنة إحدى وعشرين ومائتين. قال ابن حجر في «هدي الساري» ص ٤١٢: روى عنه البخاري قليلًا عن عاصم بن محمد بن زيد. وروى في كتاب الحدود عن رجل عنه عن ابن أبي ذئب حديثًا واحدًا. انظر ترجمته في: «التاريخ الكبير» ٦/ ٤٩١ (٣٨٠١)، «الجرح والتعديل» ٦/ ٣٤٨ (١٩٢٠)، «تهذيب الكمال» ١٣/ ٥٠٨ (٣٠١٦).



وأما عمرو بن مرزوق (١)، فنسبه أبو الوليد الطيالسي إلى الكذب.
وكان يحيى القطان لا يرضاه (٢).
وقال الدارقطني: كثير الوهم. وأما أبو حاتم فوثقه (٣).
وقال سليمان بن حرب: جاء بما ليس عندهم فحسدوه (٤).
وأما سويد بن سعيد (٥) فمعروف بالتلقين وقال ابن معين: كذاب ساقط، وقال أبو داود: سمعت يحيى يقول: هو حلال الدم (٦).

--------
(١) هو: عمرو بن مرزوق الباهلي أبو عثمان البصري. قال ابن سعد في «الطبقات» ٧/ ٣٠٥: كان ثقة كثير الحديث عن شعبة، مات بالبصرة في صفر سنة أربع وعشرين ومائتين. قال الحافظ في «هدي الساري» ص ٤٣٢: لم يخرج عنه البخاري في «الصحيح» سوى حديثين. ثم قال: فوضح أنه لم يخرج له احتجاجًا.
وقال في «التقريب» (٥١١٠): ثقة فاضل له أوهام. انظر ترجمته في: «التاريخ الكبير» ٦/ ٣٧٣ (٢٦٧٧)، «الجرح والتعديل» ٦/ ٢٦٣ (١٤٥٦) «تهذيب الكمال» ٢٢/ ٢٢٤ (٤٤٤٦).
(٢) «الجرح والتعديل» ٦/ ٢٦٤.
(٣) المرجع السابق.
(٤) رواه ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» ٦/ ٢٦٤.
(٥) هو سويد بن سعيد بن سهل بن شهريار الهروي. قال عبد الله بن أحمد: عرضت علي أبي أحاديث لسويد بن سعيد، عن ضمام بن إسماعيل، فقال لي: اكتبها كلها، أو قال: تتبعها فإنه صالح، أو قال: ثقة.
وقال أبو القاسم البغوي: كان من الحفاظ، وقال عبد الله بن علي بن المديني: سئل أبي عن سويد الأنباري فحرك رأسه وقال: ليس بشيء، وقال أبو حاتم: كان صدوقًا وكان يدلس ويكثر ذلك، وقال البخاري: كان قد عمي فتلقن ما ليس من حديثه، وقال النسائي: ليس بثقة ولا مأمون.
قال الحافظ في «التقريب» (٢٦٩٠): صدوق في نفسه إلا أنه عمي فصار يتلقن ما ليس من حديثه، فأفحش فيه ابن معين القول. انظر ترجمته في: «الجرح والتعديل» ٤/ ٢٤٠ (١٠٢٦)، «المجروحين» لابن حبان ١/ ٢٥٣، «تاريخ بغداد» ٩/ ٢٢٨، «تهذيب الكمال» ١٢/ ٢٤٧ (٢٦٤٣).
(٦) رواه الخطيب في «تاريخه» ٩/ ٢٣٠.

https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...b61e7e5bc3.gif





ابوالوليد المسلم 23-12-2025 11:15 PM

رد: التوضيح لشرح الجامع الصحيح أبو حفص عمر بن علي بن أحمد الأنصاري المعروف بـ ابن ال
 
https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...b61e7e5bc2.gif


الكتاب: التوضيح لشرح الجامع الصحيح
المؤلف: سراج الدين أبو حفص عمر بن علي بن أحمد الأنصاري الشافعي

المعروف بـ ابن الملقن (٧٢٣ - ٨٠٤ هـ)
الناشر: دار النوادر، دمشق - سوريا
الطبعة: الأولى، ١٤٢٩ هـ - ٢٠٠٨ م
عدد الأجزاء: ٣٦ (٣٣ والفهارس)

المجلد (2)
من صـــ 76 الى صـــ 100
الحلقة (21)





فصل
استدرك الدارقطني في كتابه المسمى بـ «الاستدراكات والتتبع» عَلَى البخاري ومسلم أحاديث، وطعن في بعضها، وذلك في مائتي حديث مما في الكتابين (١). ولأبي مسعود الدمشقي (٢) عليهما استدراك (٣)، وكذا لأبي علي الغساني (٤) في «تقييده» (٥).
وقد أجبت عن ذَلِكَ كله أو أكثره، وسترى ما يخص البخاري من

--------------
(١) مطبوع بتحقيق العلامة الشيخ مقبل بن هادي الوادعي باسم «الإلزامات والتتبع» وسماه غير واحد من أهل العلم «الاستدراكات والتتبع» كالمصنف والنووي كما في «شرح مسلم» ١/ ٢٧، وجملة ما في الكتاب مائتان وثمانية عشر حديثًا.
(٢) هو أبو مسعود، إبراهيم بن محمد بن عبيد الدمشقي، صنف كتاب «أطراف الصحيحين»، وكانت وفاته سنة إحدى وأربعمائة، وقيل: سنة أربعمائة. انظر ترجمته في: «سير أعلام النبلاء» ١٧/ ٢٢٧، «شذرات الذهب» ٣/ ١٦٢.
(٣) وله أيضًا كتاب أجاب فيه عن انتقاد الدارقطني لمسلم في أحاديث أخرجها في «صحيحه» سماه كتاب «الأجوبة» وهو مطبوع.
(٤) هو أبو علي الحسين بن محمد بن أحمد الغساني الجياني، صاحب كتاب: «تقييد المهمل» ولد في سنة سبع وعشرين وأربعمائة، وكانت وفاته في سنة ثمان وتسعين وأربعمائة وكان من جهابذة الحفاظ، قويَّ العربية، بارع اللغة، مقدمًا في الآداب والشعر والنسب، له تصانيف كثيرة في هذِه الفنون. انظر: «سير أعلام النبلاء» ١٩/ ١٤٨ (٧٧)، «شذرات الذهب» ٣/ ٤٠٨، ٤٠٩.
(٥) هو كتاب: «تقييد المهمل وتمييز المشكل» جمع فيه الأوهام التي تتعلق بـ «صحيح البخاري» و«صحيح مسلم» و«موطأ مالك» وهو مطبوع عدة طبعات وقد طبع جزء «صحيح مسلم» باسم «التنبيه على الأوهام الواقعة في صحيح الإمام مسلم».


ذَلِكَ في مواضعه إن شاء الله تعالى وقدر (١).
وقال النووي: الطعن الذي ذكره فاسد مبني عَلَى قواعد لبعض المحدثين ضعيفة جدًا مخالفة لما عليه الجمهور من أهل الفقه والأصول، ولقواعد الأدلة فلا يُغْترّ بذلك (٢).

---------------
(١) وقد تصدى للرد على كثير من هذِه الانتقادات التي وجهت و«الصحيحين» جماعة من الأئمة منهم القاضي عياض في شرحه لمسلم وكذا النووي والحافظ ابن حجر في شرحه للبخاري.
(٢) قاله في مقدمة «شرح البخاري» كما في «هدي الساري» ص ٣٤٦.



فصل
ألزم الدارقطني وغيره البخاري ومسلمًا إخراج أحاديث تركا إخراجها، مع أن أسانيدهما أسانيد قد أخرجا لرواتها في صحيحيهما.
وذكر الدارقطني أن جماعة من الصحابة رووا عن النبي - ﷺ -، ورويت أحاديثهم من وجوه صحاح لا مطعن في ناقليها، ولم يخرجا من أحاديثهم شيئًا فلزمهما إخراجها عَلَى مذهبهما (١). وذكر البيهقي أنهما اتفقا عَلَى أحاديث من صحيفة همام بن منبه، وأنَّ كل واحد منهما انفرد عن الآخر بأحاديث منها مع أن الإسناد واحد.
وصنف الدارقطني والهروي (٢) في هذا النوع الذي ألزموهما. وهذا الإلزام ليس بلازم في الحقيقة، فإنهما لم يلزما استيعاب الصحيح بل صح عنهما تصريحهما بأنهما لم يستوعباه، وإنما قصدا جمع جمل

-----------------
(١) «الإلزامات والتتبع» ص ٨٣.
(٢) هو الحافظ الإمام العلامة، شيخ الحرم، أبو ذر، عَبْد بن أحمد بن محمد بن عبد الله بن غفير بن محمد، المعروف ببلده بابن السماك، الأنصاري الخراساني الهروي المالكي، راوى «الصحيح» عن المستملي، والحموي، والكشميهني، ولد سنة خمس أو ست وخمسين وثلاثمائة، من مصنفاته «مستدرك على الصحيحين»، «السنة»، «الجامع»، «الدعاء»، «فضائل القرآن»، «دلائل النبوة».
توفي سنة خمس وثلاثين وأربعمائة وقيل: في سنة أربع وثلاثين وأربعمائة.
انظر ترجمته في: «تاريخ بغداد» ١١/ ١٤١، «تذكرة الحفاظ» ٣/ ١١٠٣ - ١١٠٨، «سير أعلام النبلاء» ١٧/ ٥٥٤ - ٥٦٣، «شذرات الذهب» ٣/ ٢٥٤.



من الصحيح كما يقصد المصنف في الفقه جمع جملة من مسائله لا أنه يحصر جميع مسائله، لكنهما إِذَا كان الحديث الذي تركاه أو تركه أحدهما مع صحة إسناده في الظاهر أصلًا في بابه ولم يخرجا له نظيرًا ولا ما يقوم مقامه، فالظاهر من حالهما أنهما اطلعا فيه عَلَى علة إن كان روياه أو تركاه إيثارا لترك الإطالة، أو لأنهما رأيا أن غيره مما ذكراه يسد مسده أو لغير ذَلِكَ.

فصل
الذي استقر عليه الأمر وعليه الكثير أو الأكثر من العلماء أن المبتدع يحتج بحديثه إِذَا لم يكن داعية، ولا يحتج بحديثه إِذَا كان داعية.
وفي الصحيح كثير من أحاديثهم في الأصول والشواهد فليحمل عَلَى ما إِذَا لم يكن داعية، وإن كان وقع فيه الرواية عمن هو داعية، كعبد الحميد بن عبد الرحمن الحماني فإنه كان داعية إلى الإرجاء كما قاله أبو داود (١)، وكعمران بن حطان فإنه من دعاة الشراة (٢) ولعله قليل في جنب الأول (٣).

----------------
(١) هو: عبد الحميد بن عبد الرحمن الحماني، أبو يحيى الكوفي، والد يحيى بن عبد الحميد الحماني وعبد الرحمن لقبه بَشْمين أصله خوارزمي، وحمان من تميم.
قال يحيى بن معين: يحيى بن عبد الحميد الحماني ثقة، وأبوه ثقة.
وقال النسائي: ثقة، وفي موضع آخر قال: ليس بالقوي.
روى له مسلم في مقدمة كتابه، والباقون، سوى النسائي، مات سنة اثنتين ومائتين.
قال الحافظ في «هدي الساري» ص ٤١٦: كان ثقة ولكنه ضعيف العقل، روى له البخاري حديثًا واحدًا في فضائل القرآن من روايته عن بريد بن عبد الله بن أبي بردة عن أبي موسى فى قول النبي - ﷺ -: «لقد أوتيت مزمارًا من مزامير آل داود» وقال فى «التقريب» (٣٧٧١): صدوق يخطئ ورمي بالإرجاء. انظر ترجمته في: «التاريخ الكبير» ٦/ ٤٥ (١٦٥٣)، «الجرح والتعديل» ٦/ ١٦ (٧٩)، «الكامل» لابن عدي ٧/ ٩ (١٤٧٠)، «تهذيب الكمال» ١٦/ ٤٥٢ (٣٧٢٥).
(٢) الشراة: الخوراج. انظر: «تهذيب اللغة» ٢/ ١٨٦٩، «لسان العرب» ٤/ ٢٢٥٣.
(٣) هو عمران بن حطان بن ظبيان بن لوذان بن عمرو بن الحارث، وثقه العجلي، قال =



فصل
ادعى الحاكم في «مدخله إلى الإكليل» أن شرط البخاري ومسلم في صحيحيهما أن لا يذكرا إلا ما رواه صحابي مشهور عن النبي - ﷺ -، له راويان ثقتان فأكثر، ثم يرويه عنه تابعي مشهور بالرواية عن الصحابة له أيضًا راويان ثقتان فأكثر، ثم يرويه عنه مِن أتباع الأتباع الحافظ المتقن المشهور عَلَى ذَلِكَ الشرط. ثم كذلك قَالَ: والأحاديث المروية بهذِه الشريطة لا يبلغ عدها عشرة آلاف حديث (١).
وهذا الشرط الذي ذكره عملهما يخالفه، فقد أخرجا في «الصحيحين» حديث عمر بن الخطاب: «إنما الأعمال بالنيات» ولا يصح إلا فردا كما سيأتي (٢)، وحديث المسيب بن حزن والد سعيد بن المسيب في وفاة أبي طالب ولم يرو عنه غير ابنه سعيد (٣)،

--------------
= قتادة: كان عمران بن حطان لا يتهم في الحديث: قال الحافظ في «هدي الساري» ص ٤٣٢: لم يخرج له البخاري سوى حديث واحد. وقال في «التقريب» (٥١٥٢): صدوق إلا أنه كان على مذهب الخوراج، ويقال: رجع عن ذلك.
انظر ترجمته في: «التاريخ الكبير» ٦/ ٤١٣ (٢٨٢٢)، «الجرح والتعديل» ٦/ ٢٩٦ (١٦٤٣)، «تهذيب الكمال» ٢٢/ ٣٢٢ (٤٤٨٧)، «سير أعلام النبلاء» ٤/ ٢١٤.
(١) «المدخل إلى الإكليل» ص ٢٩.
(٢) سيأتي برقم (١).
(٣) سيأتي برقم (١٣٦٠) كتاب: الجنائز، باب: إذا قال المشرك عند الموت: لا إله إلا الله، ورواه مسلم (٢٤) كتاب: الإيمان، باب: الدليل على صحة إسلام من حضره الموت …



وأخرج مسلم حديث حميد بن هلال عن أبي رفاعة العدوي، ولم يرو عنه غير حميد (١)، قَالَ ابن الصلاح، وتبعه النووي: وأخرج البخاري حديث الحسن البصري، عن عمرو بن تغلب: «إني لأعطي الرجل والذي أدع أحب إليّ» (٢)، ولم يرو عنه غير الحسن (٣). قُلْتُ: لا، فقد روى عنه أيضًا الحكم بن الأعرج، كما نص عليه ابن أبي حاتم (٤).
قالا: وأخرج أيضًا حديث قيس بن أبي حازم عن مرداس الأسلمي
«يذهب الصالحون الأول فالأول» (٥). ولم يرو عنه غير قيس (٦).
قُلْتُ: لا، فقد روى عنه زياد بن علاقة أيضًا، كما ذكره ابن أبي حاتم أيضًا (٧).

------------
(١) مسلم (٨٧٦) كتاب: الجمعة، باب: حديث التعليم في الخطبة.
(٢) سيأتي برقم (٩٢٣) كتاب: الجمعة، باب: من قال في الخطبة بعد الثناء: أما بعد.
(٣) «علوم الحديث» ص ٣٢٠، «التقريب مع التدريب» ٢/ ٣٨٢.
(٤) «الجرح والتعديل» ٦/ ٢٢٢ في ترجمة عمرو بن تغلب (١٢٣٥)، ونص عليه أيضًا ابن عبد البر في «الاستيعاب» ٣/ ٢٥١ - ٢٥٢ ترجمة عمرو (١٩٢٠).
(٥) سيأتي برقم (٦٤٣٤) كتاب: الرقاق، باب: ذهاب الصالحين ويقال: الذهاب المطر.
(٦) «علوم الحديث» ص ٣٢٠، «التقريب مع التدريب» ٢٣/ ٣٨٢.
(٧) قلت: هكذا ذكر المصنف هنا أن زياد بن علاقة يروي عن مرداس بن مالك الأسلمي، وذكره كذلك في «المقنع» ١/ ٢٦٠، وهو ما ذكره أيضًا المزي في «تهذيب الكمال» ٩/ ٤٩٨ في ترجمة زياد بن علاقة (٢٠٦١) فقال: روى عن مرداس الأسلمي، وكرره أيضًا في ترجمة مرداس الأسلمي من «التهذيب» ٢٧/ ٣٧٠ (٥٨٥٦) فقال: روى عنه: زياد بن علاقة وقيس بن أبي حازم، وذكره أيضًا الذهبي فقال في «الكاشف» ٢/ ٢٥١ (٥٣٥٥): مرداس بن مالك الأسلمي، عنه قيس بن أبي حازم، وزياد بن علاقة، وكذا العيني في «عمدة القاري» ١/ ٥ وهو وهم منهم جميعًا تتابعوا عليه. والصواب ما ذهب إليه ابن الصلاح والنووي من أن مرداس الأسلمي لم يرو عنه غير قيس بن أبي حازم، أما مرداس الذي يروي عنه =



قالا: وأخرج مسلم حديث عبد الله بن الصامت عن رافع بن عمرو الغفاري (١)، ولم يرو عنه غير عبد الله (٢).
-----------------
= زياد بن علاقة هو مرداس بن عروة، ومما يؤكد ذلك أن المصنف عزا قوله هنا لابن أبي حاتم، والذي عند ابن أبي حاتم يؤكد ما قلناه، ففي ترجمة زياد بن علاقة من «الجرح والتعديل» ٣/ ٥٤٠ (٢٤٣٧) أورد ابن أبي حاتم ترجمته ولم يذكر له رواية عن مرداس الأسلمي، وفي ترجمة مرداس الأسلمي ٨/ ٣٥٠ (١٦٠٧) قال: روى عنه قيس بن أبي حازم سمعت أبي يقول ذلك، ثم أورد ترجمة مرداس بن عروة (١٦٠٨) وقال: روى عنه زياد بن علاقة سمعت أبي يقول ذلك. وأيضًا قال مسلم في «المنفردات والوحدان» ص ٧٥ - ٧٧: أسامة بن شريك، ومرداس بن عروة لم يرو عنهما إلا زياد بن علاقة، وقال ابن حبان في «الثقات» ٥/ ٤٤٩: مرداس بن عروة روى عنه زياد بن علاقة، وقال أبو نعيم في «معرفة الصحابة» ٥/ ٢٥٦٦ (٢٧٣٦): مرداس بن عروة يعد في الكوفيين، روى عنه زياد بن علاقة، وكذا قال ابن الأثير في «أسد الغابة» ٥/ ١٤٠، وقال العراقي في «التقييد والإيضاح» ص ٣٣٤ الصواب ما قاله ابن الصلاح، فإن الذي روى عنه زياد بن علاقة إنما هو مرداس بن عروة صحابي آخر، وقال الحافظ في «الفتح» ٧/ ٤٤٥: قال ابن السكن، زعم بعض أهل الحديث أن مرداس بن عروة الذي روى عنه زياد بن علاقة هو الأسلمي، قال: والصحيح أنهما اثنان. قلت: وفي هذا تعقب على المزي في قوله في ترجمة مرداس الأسلمي: روى عنه قيس بن أبي حازم وزياد بن علاقة، ووضح أن شيخ زياد غير مرداس الأسلمي. اهـ. وقال نحو هذا القول في «الفتح» ١١/ ٢٥١ - ٢٥٢، وقاله أيضًا في «التهذيب» ٤/ ٤٧، وكذا في «الإصابة» ٣/ ٤٠١ ترجمة مرداس الأسلمي (٧٨٩٤)، ويؤكد ما قلناه أيضًا ما رواه البخاري في «التاريخ الكبير» ٧/ ٤٣٥، وابن قانع في «معجم الصحابة» ٣/ ١١٧ - ١١٨، والطبراني ٢٠/ ٢٩٩ (٧١٠)، وأبو نعيم في «معرفة الصحابة» ٥/ ٢٥٦٦ - ٢٥٦٧، البيهقي ٨/ ٤٣ من طريق محمد بن جابر والوليد بن أبي ثور كلاهما عن زياد بن علاقة، عن مرداس بن عروة: أن رجلًا رمى رجلًا بحجر فقتله، فأتي به النبي - ﷺ - فأقاده منه.
(١) مسلم (١٠٦٧) كتاب: الزكاة، باب: الخوراج شر الخلق والخليقة.
(٢) «علوم الحديث» ص ٣٢٠ - ٣٢١، «التقريب مع التدريب» ٢/ ٣٨٣.



قُلْتُ: لا، ففي «الغيلانيات» من حديث سليمان بن المغيرة ثنا ابن أبي الحكم الغفاري، (حدثتني جدتي) (١)، عن رافع بن عمرو، فذكر حديثًا (٢).
قالا: وأخرج حديث أبي بردة عن الأغر المزني: «إنه ليغان عَلَى قلبي» (٣) ولم يرو عنه غير أبي بردة (٤).
قُلْتُ: لا، فقد ذكر العسكري أن ابن عمر روى عنه أيضًا (٥). قُلْتُ: ومعاولة بن قرة أيضًا (٦).

-------------
(١) في الأصل: حدثني جدي، ولعل الصواب ما أثبتناه كما في «الغيلانيات» ص ٢٧٣.
(٢) «الغيلانيات» ص ٢٧٣ (٧٦٩)، ورواه أيضًا أبو داود (٢٦٢٢)، وابن ماجه (٢٢٩٩) من طريق معتمر بن سليمان، عن ابن أبي الحكم الغفاري، عن جدته، عن عم أبيها رافع بن عمرو، والحديث ضعفه الألباني في «ضعيف أبي داود» (٤٥٣) لجهالة ابن أبي الحكم، وجدته.
(٣) مسلم (٢٧٠٢) كتاب: الذكر والدعاء، باب: استحباب الاستغفار والاستكثار منه.
(٤) «علوم الحديث» ص ٣٢١، ولم يذكره النووي في «التقريب» وإنما نقله السيوطي في «التدريب» ٢/ ٣٨٣ عن ابن الصلاح.
(٥) روى البخاري في «الأدب المفرد» (٩٨٤)، وابن أبي عاصم في «الآحاد والمثاني» ٢/ ٣٥٧ (١١٢٨)، والطبراني ١/ ٣٠٠ (٨٧٩)، وأبو نعيم في «معرفة الصحابة» ١/ ٣٣٢ (١٠٤٥)، والبيهقي في «الشعب» ٦/ ٤٣٣ - ٤٣٤ (٨٨٨٨)، والضياء في «المختارة» ٤/ ٣١٥ - ٣١٦ (١٤٩٥)، والمزي ١٧/ ٢٢٨ عن ابن عمر، عن الأغرِّ المزني أنه كانت له أوسق من تمر على رجل من بني عمرو بن عوف … الحديث.
وحسنه الألباني في «الأدب المفرد» (٩٨٤)، فثبت بهذا الحديث ما ذكره المصنف عن العسكري أن ابن عمر يروي عن الأغر.
(٦) وأما حديث معاوية بن قرة عن الأغر، فرواه البزار كما في «كشف الأستار» (٨٤٤)، والطبراني ١/ ٣٠٢ - ٣٠٣ (٨٩١)، وأبو نعيم في «معرفة الصحابة» ١/ ٣٣٣ (١٠٤٨)، والضياء في «المختارة» ٤/ ٣١٨ (١٤٩٩) أن رجلًا أتى رسول الله =



وفي «معرفة الصحابة» لابن قانع (١) قَالَ: ثابت البناني: عن الأغر، أغر مزينة (٢). وأغرب من قول الحاكم هذا قول الميانشي في «إيضاح ما لا يسع المحدث جهله»: شرطهما في صحيحيهما ألا يدخلا فيه إلا ما صح عندهما، وذلك ما رواه عن رسول الله - ﷺ - اثنان من الصحابة فصاعدًا، وما نقله عن كل واحد من الصحابة أربعة من التابعين فأكثر، وأن يكون عن كل واحد من التابعين أكثر من أربعة.
والظاهر أن شرطهما اتصال الإسناد بنقل الثقة عن الثقة من مبتداه إلى منتهاه، من غير شذوذ ولا علة (٣).

----------------
= - ﷺ - فقال: يا نبي الله إني أصبحت ولم أوتر، فقال: «إنما الوتر بالليل …» الحديث.
قال الهيثمي في «المجمع» ٢/ ٢٤٦: رجاله موثقون، وإن كان في بعضهم كلام لا يضر، وحسنه الألباني في «الصحيحة» (١٧١٢).
(١) هو الإمام الحافظ البارع القاضي أبو الحسين عبد الباقي بن قانع بن مرزوق بن واثق الأموي مولاهم البغدادي، ولد سنة خمس وستين ومائتين، وكان واسع الرحلة كثير الحديث بصيرًا به، قال البرقاني: البغداديون يوثقونه، وهو عندي ضعيف، وقال الدارقطني: كان يحفظ، ولكنه يخطئ ويصر، توفي سنة إحدى وخمسين وثلاثمائة. انظر ترجمته في: «تاريخ بغداد» ٤/ ١٤، «المنتظم» ٧/ ١٤، «سير أعلام النبلاء» ١٥/ ٥٢٦، «تذكرة الحفاظ» ٣/ ٨٨٣، «لسان الميزان» ٣/ ٣٨٣.
(٢) «معجم الصحابة» ١/ ٥٠ - ٥١.
(٣) قلت: وهذا هو تعريف الحديث الصحيح كما هو مقرر في مصطلح الحديث، وهو: ما اتصل إسناده بنقل العدل الضابط عن مثله إلى منتهاه من غير شذوذ ولا علة. انظر: «علوم الحديث» ص ١١ - ١٢، «المقنع» ١/ ٤١، «التقييد والإيضاح» ص ٢٤.



فصل في معرفة الاعتبار والمتابعة والشاهد
وقد أكثر البخاري من ذكر المتابعة، فإذا روى حماد مثلًا حديثًا عن أيوب، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة، عن النبي - ﷺ -، نظرنا هل تابعه ثقة فرواه عن أيوب؟ فإن لم نجد فثقة غير أيوب عن ابن سيرين، وإلا فثقة غير ابن سيرين عن أبي هريرة، وإلا فصحابي غير أبي هريرة، عن النبي - ﷺ -؛ فأي ذَلِكَ وُجِدَ عُلِمَ أنَّ له أصلًا يرجع إليه وإلا فلا، فهذا النظر هو الاعتبار.
وأما المتابعة: فأن يرويه عن أيوب غير حماد، أو عن ابن سيرين غير أيوب، أو عن أبي هريرة غير ابن سيرين، أو عن النبي - ﷺ - غير أبي هريرة. فكل نوع من هذِه يسمى متابعة. وأفضلها الأولى، وهي: متابعة حماد في الرواية عن أيوب، ثمَّ ما بعده عَلَى الترتيب، وسببه أنها تقويه، والمتأخر إلى التقوية أحوج.
وأما الشاهد: فأن يروى حديث آخر بمعناه. وتسمى المتابعة شاهدًا، ولا ينعكس، فإذا قالوا في مثل هذا: تفرد به أبو هريرة أو ابن سيرين أو أيوب أو حماد، كان مشعرًا بانتفاء وجوه المتابعات كلها فيه. ثمَّ إنه يدخل في المتابعة والاستشهاد رواية بعض الضعفاء. وفي «الصحيح» جماعة منهم ذكروا في المتابعات والشواهد، ولا يصلح


لذلك كل ضعيف. ولهذا يقول الدارقطني وغيره: فلان يعتبر به وفلان لا يعتبر به.
ولنذكر مثالًا للمتابع والشاهد ليتضح لك ذَلِكَ: فحديث سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن عطاء، عن ابن عباس أنه - ﷺ - قَالَ: «لو أخذوا إهابها فدبغوه فانتفعوا به» (١) ورواه ابن جريج عن عمرو عن عطاء بدون الدباغ (٢). تابع عمرًا أسامة بن زيد فرواه عن عطاء عن ابن عباس أنه - ﷺ - قَالَ: «ألا نزعتم جلدها فدبغتموه فانتفعتم به» (٣) وشاهده حديث عبد الرحمن بن وَعْلَة عن ابن عباس رفعه: «أيما إهاب دبغ فقد طهر» (٤).
ثمَّ اعلم أن البخاري -رحمه الله- قد يأتي بالمتابعة ظاهرًا، كقوله في مثل هذا: تابعه مالك عن أيوب. أي: تابع مالك حمادًا فرواه عن أيوب كرواية حماد، فالضمير في (تابعه) يعود إلى حماد، وتارة يقول: تابعه مالك ولا يزيد، فنحتاج إذًا إلى معرفة طبقات الرواة ومراتبهم، فتنبه لذلك.

--------------------
(١) رواه مسلم (٣٦٣) كتاب: الحيض، باب: تطهير جلود الميتة.
(٢) رواه أحمد ١/ ٢٢٧، الدارقطني ١/ ٤٤، والبيهقي ١/ ١٦.
(٣) رواه االطحاوي في «شرح معاني الآثار» ١/ ٤٦٩، والدارقطني ١/ ٤٤، والبيهقي ١/ ١٦.
(٤) رواه مسلم (٣٦٦) كتاب: الحيض، باب: طهارة جلود الميتة بالدباغ، والترمذي (١٧٢٨)، وابن الجارود (٦١، ٨٧٤)، وأبو عوانة (٥٦١)، وابن حبان (١٢٨٧ - ١٢٨٨)، والبيهقي ١/ ١٦.



فصل في معرفة ألفاظ تتداول عَلَى الألسنة في هذا الفن
منها: المرفوع (١)، وهو ما أضيف إلى رسول الله - ﷺ - خاصة قولًا، أو فعلًا أو تقريرًا، متصلًا كان أو منقطعًا أو مرسلًا. وقال الخطيب: هو ما أخبر به الصحابي عن فعل النبي - ﷺ - أو قوله (٢). فخصَّصه بالصحابة فيخرج مرسل التابعي.
ومنها: الموقوف (٣): وهو ما أضيف إلى الصحابة كذلك، ويستعمل في غيرهم مقيدًا، فيقال: وقفه فلان عَلَى عطاء ونحوه.
ومنها: المقطوع (٤): وهو ما أضيف إلى تابعي أو من دونه كذلك.
ومنها: المنقطع (٥): وهو ما لم يتصل سنده عَلَى أي وجه كان انقطاعه، فإن سقط منه رجل فأكثر سمي أيضًا معضلًا بفتح الضاد.

-------------------
(١) انظر: «علوم الحديث» ص ٤٥، «المقنع» ١/ ١١٣، «تدريب الرواي» ١/ ٢٢٦.
(٢) «الكفاية في علم الرواية» ص ٥٨.
(٣) نظر: «علوم الحديث» ص ٤٦، «المقنع» ١/ ١١٤ - ١١٥.
(٤) انظر: «علوم الحديث» ص ٤٧ - ٥١، «المقنع» ١/ ١١٦ - ١٢٨، «تدريب الراوي» ١/ ٢٤٠.
(٥) انظر: «علوم الحديث» ص ٥٦ - ٥٨، «المقنع» ١/ ١٤١ - ١٤٤، «تدريب الراوي» ١/ ٢٦٠ - ٢٦٣.



ومنها: المرسل (١): فهو عند الفقهاء وجماعة من المحدثين أنه ما انقطع سنده كالمنقطع. وقال جماعة من المحدثين أو أكثرهم: لا يسمى مرسلًا إلا ما أخبر فيه التابعي عن رسول الله - ﷺ -، وشرط بعضهم أن يكون تابعيًّا كبيرًا. ثمَّ مذهب الشافعي والمحدثين: أن المرسل لا يحتج به، وقال مالك وأبو حنيفة وأحمد وأكثر الفقهاء: يحتج به (٢)، ومذهب الشافعي: أنه إِذَا انضم إلى المرسل ما يعضده احتج به وبان بذلك صحته، وذلك بأن يروى مسندًا، وإن كان ضعيفًا أو مرسلًا من جهة أخرى، أو يعمل به بعض الصحابة أو أكثر العلماء أو عوام أهل العلم كما قاله الشافعي في «الرسالة» (٣)، أو يكون معه قول صحابي أو قياس، أو ينتشر من غير دافع، أو يعمل به أهل العصر، أو لا يوجد دلالة سواه، كما قَالَه الشافعي في الجديد -كما قَالَ الماوردى (٤) -، أو عرف أنه لا يرسل إلا عن عدل.
وسواء في هذا مرسل سعيد بن المسيب وغيره، وقال بعض الشافعية: مرسل سعيد حجة مطلقًا؛ لأنها فتشت فوجدت مسندة،

-------------------
(١) انظر: «علوم الحديث» ص ٥١ - ٥٦، «المقنع» ١/ ١٢٩ - ١٤٠، «تدريب الراوي» ١/ ٢٤١ - ٢٥٩.
(٢) انظر: «التمهيد» ١/ ٢ - ٥، «المجموع» ١/ ١٠٠ - ١٠١، «جامع التحصيل» ص ٣٣ - ٤٩، «أصول مذهب الإمام أحمد» ص ٣٢٧ - ٣٤٣.
(٣) «الرسالة» ص ٤٦٢ - ٤٦٥.
(٤) «الحاوي» ٥/ ١٥٨، والماوردي هو: الإمام العلامة، أقضى القضاة، أبو الحسن، علي بن محمد بن حبيب البصري، الماوردي الشافعي، صاحب التصانيف، منها: «الحاوي»، تفسير القرآن المسمى «النكت والعيون»، «أدب الدنيا والدين». انظر ترجمته في: «تاريخ بغداد» ١٢/ ١٠٢، «طبقات المفسرين» للداودى ١/ ٤٢٣، «سير أعلام النبلاء» ١٨/ ٦٤ (٢٩)، «شذرات الذهب» ٣/ ٢٨٥.



وليس كما قال (١). هذا في مرسل غير الصحابي. أما مرسله -وهو روايته- ما لم يدركه أو يحضره كقول عائشة رضي الله عنها: أول ما بدئ به رسول الله - ﷺ - من الوحي الرؤيا الصالحة (٢). فالجمهور عَلَى أنه حجة، وخالف فيه الأستاذ أبو إسحاق الإسفراييني (٣) فقال: إنه ليس بحجة إلا أن يقول: لا أروي إلا عن صحابي؛ لأنه قد يروي عن تابعي، والصواب الأول؛ لأن روايته غالبًا عن النبي - ﷺ -، أو عن صحابي آخر، فإذا روى عن تابعي عَلَى الندور ينبه (٤).
وقد أفرد الخطيب جزءًا فيما رواه الصحابة عن التابعين، وزاد عددهم عَلَى العشرين.

--------------------
(١) انظر: «الكفاية في علم الرواية» ص ٥٧١ - ٥٧٢، «المجموع» ١/ ١٠٠ - ١٠١.
(٢) سيأتي برقم (٣) كتاب: بدء الوحي، باب (٣).
(٣) هو الإمام العلامة الأوحد، الأستاذ أبو إسحاق، إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن مهران، الأصولي الشافعي، الملقب بركن الدين، أحد المجتهدين في عصره، وصاحب المصنفات الباهرة، بنيت له بنيسابور مدرسة مشهورة، توفي بنيسابور يوم عاشوراء من سنة ثماني عشرة وأربعمائة. انظر ترجمته في: «وفيات الأعيان» ١/ ٢٨، «سير أعلام النبلاء» ١٧/ ٣٥٣ (٢٢٠)، «الوافي بالوفيات» ٦/ ١٠٤، «شذرات الذهب» ٣/ ٢٠٩.
(٤) انظر: «المجموع» ١/ ١٠٣، «تدريب الراوي» ١/ ٢٥٩.



فصل في قواعد يكثر الحاجة إليها
وهي خمس عشرة قاعدة
الأولى:
إِذَا روى بعض الثقات الحديث متصلًا وبعضهم مرسلًا، أو بعضهم مرفوعًا وبعضهم موقوفًا أو وصله هو أو رفعه في وقت، وأرسله أو وقفه في وقت، فالصحيح الذي عليه الفقهاء وأهل الأصول ومحققو المحدثين أنه يحكم بالوصل والرفع؛ لأنه زيادة ثقة. وصححه الخطيب. وقيل: يحكم بالإرسال والوقف، ونقله الخطيب عن أكثر المحدثين، وقيل: يؤخذ برواية الأحفظ، وقيل: الأكبر (١).
القاعدة الثانية:
زيادة الثقة مقبولة عند الجمهور من الطوائف، وقيل: لا يقبل، وقيل: تقبل من غير من رواه ناقصًا ولا تقبل منه للتهمة. وأما إِذَا روى العدل الضابط المتقن حديثًا انفرد به فمقبول بلا خلاف. نقل الخطيب اتفاق العلماء عليه (٢).

--------------------
(١) «الكفاية» للخطيب للبغدادي ص ٥٧٨ - ٥٨٢، وانظر: «علوم الحديث» لابن الصلاح ص ٨٥ - ٨٨ النوع السادس عشر، «المقنع» ١/ ١٩١ - ٢٠٨، «تدريب الراوي» ١/ ٣١٠ - ٣١٥.
(٢) المصادر السابقة.



القاعدة الثالثة:
إِذَا قَالَ الصحابي: أمرنا بكذا، أو: نهينا عن كذا، أو: من السنة كذا، أو: أُمِر بلال أن يشفع الأذان (١) ونحو ذَلِكَ، فكله مرفوع عَلَى الصحيح الذي عليه الجمهور من الطوائف، سواء قَالَ ذَلِكَ في حياة رسول الله - ﷺ - أو بعده، وقيل: موقوف، والصواب الأول، وهو ما نصَّ عليه أيضًا الشافعي في «الأم» (٢) حيث قَالَ في باب: ما عدد كفن الميت؟ بعد ذكر ابن عباس، والضحاك: وابن عباس والضحاك بن قيس رجلان من أصحاب النبي - ﷺ -، لا يقولان السنة إلا سنة رسول الله - ﷺ -. ونقل ابن داود من أصحابنا في شرحه المختصر في كتاب الجنايات في أسنان الإبل عن الشافعي أنه كان يرى في القديم أن ذَلِكَ مرفوع من الصحابي أو التابعي، ثمَّ رجع عنه؛ لأنهم قد يطلقونه ويريدون به سنة البلد. أما إِذَا قَالَ التابعي: أمرنا بكذا. فقال الغزالي: يحتمل أن يريد: أمر النبي - ﷺ - أو أمر كل الأمة فيكون حجة. ويحتمل: أمر بعض الصحابة، لكن لا يليق بالعالم أن يطلق ذَلِكَ إلا وهو يريد من يجب طاعته (٣).

----------------------
(١) سيأتي برقم (٦٠٥) كتاب: الأذان، باب: الأذان مثنى مثنى.
(٢) «الأم» ١/ ٢٤٠.
(٣) «المستصفى من علم الأصول» ١/ ٢٤٩.
والغزالي هو الشيخ الإمام البحر، حجة الإسلام، أعجوبة الزمان، زين الدين أبو حامد محمد بن محمد بن محمد بن أحمد الطوسي الشافعي الغزالي، صاحب التصانيف، والذكاء المفرط من مصنفاته «الإحياء»، «الأربعين»، «القسطاس»، «محك النظر»، انظر ترجمته في: «المنتظم» ٩/ ١٦٨، «وفيات الأعيان» ٤/ ٢١٦، «سير أعلام النبلاء» ١٩/ ٣٢٢ (٢٠٤)، «الوافي بالوفيات» ١/ ٢٧٤، «شذرات الذهب» ٤/ ١٠.



فروع:
إِذَا قيل في الحديث عند ذكر الصحابي: يرفعه أو ينميه أو يبلغ به أو رواية فمرفوع بالاتفاق، وإذا قَالَ الراوي عن التابعي: يرفعه أو يبلغ به فمرفوع مرسل، وإذا قَالَ التابعي: من السنة كذا، فالصحيح أنه موقوف، وقيل: مرفوع مرسل، وإذا قَالَ الصحابي: كنا نقول أو نفعل كذا، أو كانوا يقولون أو يفعلون كذا، أو لا يرون بأسًا بكذا. إن لم يضفه إلى حياة رسول الله - ﷺ - أو عهده أو نحو ذَلِكَ فموقوف، وإن أضافه فقال: كنا أو كانوا يفعلون في حياة رسول الله - ﷺ - أو عهده أو وهو فينا أو بين أَظْهُرنا فمرفوع عَلَى الصحيح.
وقيل: موقوف، وقيل: إن كان أمرًا يظهر غالبًا فمرفوع وإلا فموقوف (١).
وبه قطع الشيخ أبو إسحاق الشيرازي الشافعي (٢).
وقيل: مرفوع مطلقًا وهو ظاهر كلام كثيرين من المحدثين والفقهاء.
قَالَ النووي: وهو قوي فإنه ظَاهِرُهُ (٣).

---------------------
(١) انظر: «الكفاية» ص ٥٨٥، باب: التابعي عن الصحابي يرفع الحديث وينميه ويبلغ به، «علوم الحديث» لابن الصلاح ص ٤٧ النوع الثامن، «المقنع» لابن الملقن ١/ ١١٦.
(٢) هو الشيخ الإمام القدوة المجتهد شيخ الإسلام، أبو إسحاق إبراهيم بن علي بن يوسف الفيروز أبادي، الشيرازي الشافعي، نزيل بغداد، قيل: لقبه جمال الدين، ولد في سنة ثلاث وتسعين وثلاثمائة، من مصنفاته: «المهذب»، «التنبيه»، «اللمع في أصول الفقه»، «الملخص في أصول الفقه». انظر ترجمته في: «الأنساب» ٩/ ٣٦١، «المنتظم» ٩/ ٧، «وفيات الأعيان» ١/ ٢٩، «سير أعلام النبلاء» ١٨/ ٤٥٢ (٢٣٧)، «شذرات الذهب» ٣/ ٣٤٩.
(٣) «مسلم بشرح النووي» ١/ ٣٠.



وأغرب بعضهم فقال: إن كان الراوي الصديق، فمرفوع؛ لأنه لا يقول: أمرنا إلا وأمره النبي - ﷺ - بخلاف غيره من الصحابة، فإنه يحتمل غيره، حكاه ابن الأثير.
وأما قول التابعي: كانوا يقولون أو يفعلون. فلا يدل عَلَى قول ولا عَلَى فعل جميع الأمة، فلا حجة فيه بلا خلاف، إلا أن يصرح بنقله عن أهل الإجماع. وفي ثبوت الإجماع بخبر الواحد خلاف، ذهب الأكثرون إلى أنه لا يثبت به.
القاعدة الرابعة:
إِذَا خلط الثقة لاختلال ضبطه بهرم أو ذهابِ بصر ونحوه، قُبِلَ حديث من أخذ عنه قبل الاختلاط، ولا يقبل من أخذ عنه بعد الاختلاط أو شككنا في وقت أخذه، وما كان في «الصحيحين» من هذا فمحمول عَلَى أنه علم أنه أخذ قبل الاختلاط (١).
القاعدة الخامسة:
الإسناد المُعنعَن: وهو فلان عن فلان، قيل: إنه مرسل أو منقطع، والصحيح عند جمهور الفقهاء والأصوليين والمحدثين -وادعى جماعة الإجماع عليه- أنه متصل بشرط أن لا يكون المُعنعِن مدلسًا، وبشرط إمكان لقاء بعضهم بعضا.
وفي اشتراط ثبوث اللقاء، قولان:
أحدهما: يشترط، وهو مذهب علي بن المديني وأبي بكر الصيرفي الشافعي والمحققين.

----------------
(١) انظر: «علوم الحديث» لابن الصلاح ص ٣٩١ - ٣٩٨ النوع الثاني والستون.
«المقنع» ٢/ ٦٦٢ - ٦٦٧، «تدريب الراوي» ٢/ ٥٣٠ - ٥٤٤.



قَالَ النووي في «شرح مسلم» وغيره: وهو الأصح (١).
و(ثانيهما) (٢): لا، بل يكفي الإمكان وهو مذهب مسلم بن الحجاج، وادّعى في مقدمة «صحيحه» الإجماع عليه (٣).
وفي اشتراط طول صحبته له قولان وكذا في معرفته بالرواية عنه.
وباشتراط هذا قَالَ أبو عمرو المقري (٤).
وإذا قَال: ثنا الزهري أن ابن المسيب حدث بكذا. أو قَالَ ابن المسيب كذا ونحوه.
فقال الإمام أحمد ويعقوب بن شيبة (٥) والبرديجي (٦) لا يلتحق ذَلِكَ

----------------
(١) «مسلم بشرح النووي» ١/ ٣٢.
(٢) في الأصل: (ثانيها).
(٣) «صحيح مسلم» ١/ ٢٣ - ٢٩.
(٤) هو الإمام الحافظ المجود المقرئ الحاذق، عالم الأندلس، أبو عمرو، عثمان بن سعيد بن عثمان بن سعيد بن عمر الأموي، القرطبي ثم الداني، ويعرف قديمًا بابن الصيرفي، صنف: «التيسير»، «جامع البيان»، ولد سنة إحدى وسبعين وثلاثمائة، وتوفي يوم نصف شوال سنة أربع وأربعين وأربعمائة. انظر ترجمته في: «معجم الأدباء» ١٢/ ١٢٤، «سير أعلام النبلاء» ١٨/ ٧٧ (٣٦)، «تذكرة الحفاظ» ٣/ ١١٢٠، «شذرات الذهب» ٣/ ٢٧٢.
(٥) هو يعقوب بن شيبة بن الصلت بن عصفور، الحافظ الكبير العلامة الثقة، أبو يوسف السدوسي البصري ثم البغدادي، صاحب «المسند الكبير» العديم النظير المعلل، الذي تمَّ من مسانيده نحو من ثلاثين مجلدًا، ولو كمل لجاء في مائة مجلد، ولد في حدود الثمانين ومائة. انظر ترجمته في: «تاريخ بغداد» ١٤/ ٢٨١، «سير أعلام النبلاء» ١٢/ ٤٧٦ (١٧٤)، «تذكرة الحفاظ» ٢/ ٥٧٧، «شذرات الذهب» ٢/ ١٤٦.
(٦) هو الإمام الحافظ الحجة، أبو بكر، أحمد بن هارون بن روح البرديجي البرذعي، نزيل بغداد، ولد بعد الثلاثين ومائتين، أو قبلها. انظر ترجمته في: «تاريخ بغداد» ٥/ ١٩٤، «سير أعلام النبلاء» ١٤/ ١٢٢ (٦٦)، «تذكرة الحفاظ» ٢/ ٧٤٦، «الوافي بالوفيات» ٨/ ٢٢٣.



بعن، بل هو منقطع حتَّى يتبين السماع (١) وقال الجمهور كما نقله عنهم ابن عبد البر: هو كعن فيحمل عَلَى السماع بالشرط السالف (٢).
القاعدة السادسة:
التدليس قسمان:
أحدهما: أن يروي عمن عاصره ما لم يسمعه منه موهمًا سماعه قائلا: قَالَ فلان أو عن فلان ونحوه، وربما لم يسقط شيخه وأسقط غيره صغيرًا أو ضعيفًا تحسينا للحديث. وهذا القسم مذموم جدًّا، ذمَّه الجمهور، ولا يغتر بجلالة من تعاطاه من كبار العلماء، فقد كان لبعضهم فيه عذر، وهو أن الحديث قَدْ يكون عنده عمن يعتقد عدالته وضبطه، وهو عند الناس أو أكثرهم مجروح، فهو يعتقد صحة الحديث في نفس الأمر لكون الراوي ثقة عنده والناس يرونه ضعيفًا، فلو ترك التدليس وصرح باسم شيخه جعل الناس الحديث ضعيفًا وفاتت سنة عَلَى المسلمين، فعدل إلى التدليس لهذِه المصلحة مع أنه لم يكذب. فإن قُلْت: فعلى هذا ينبغي أن يحتج بعنعنة المدلس؛ لأنه إن كان فيه محذوف فهو ثقة. قُلْتُ: عنه جوابان للنووي رحمه الله:
أحدهما: أن هذا الاحتمال وإن كان ممكنًا فلسنا عَلَى قَطْع منه ولا ظَنّ.
ثانيهما: أنه وإن كان ثقة عنده فلا يحتج به حتَّى يسميه؛ لأنه قد يعتقده ثقة وهو مجروح للاختلاف في أسباب الجرح، ولهذا لو قَالَ:

--------------------
(١) انظر: «علوم الحديث» ص ٦٢ - ٦٣، «التقييد والإيضاح» ص ٨٤ - ٨٥، «تدريب الراوي» ١/ ٢٧٠ - ٢٧٢.
(٢) «التمهيد» ١/ ٢٦.



أخبرني الثقة لم يحتج به عَلَى المذهب الصحيح، ثمَّ قَالَ قوم: من عرف بهذا التدليس صار مجروحًا ولا تقبل روايته وإنْ بَيَّنَ السماع. والصحيح الذي عليه الجمهور التفصيل فيما رواه بلفظ محتمل لم يبين فيه السماع كعن وقال، فمرسل، وما بينه فيه كسمعت، وثنا، وأبنأ فمقبول محتج به.
وفي الصحيحين وغيرهما من هذا الضرب كثير جدًّا كقتادة والأعمش والسفيانين وهشيم وغيرهم. وهذا الحكم جارٍ فيمن ثبت أنه دلس مرة واحدة. وما كان في الصحيحين وشبههما من الكتب المعتمدة التي التزم مصنفوها المحققون الصحيح عن المدلسين (بعن) محمول عَلَى أنه ثبت سماع ذَلِكَ المدلس ذَلِكَ الحديث من ذَلِكَ الشخص من جهة أخرى.
القسم الثاني: أن يسمي شيخه أو يكنيه أو ينسبه أو يصفه بخلاف ما يعرف به، فكراهته أخف من الأولى، وسببها توعير طريق معرفته، ورمي الوليد بن مسلم وَبقِيَّة بن الوليد بتدليس التسوية، وهو لا يختص بشيخ المدلس بل بشيخ شيخه، مثاله: أن يكون بين الأوزاعي ونافع مثلًا من ضُغف، مع أن الأوزاعي روى عن نافع فيسقط بَقِيَّةُ الضعيف، ويروي الحديث عن الأوزاعي عن نافع فتنبه لذلك (١).
القاعدة السابعة:
إِذَا قَالَ الصحابي لنفسه قولًا ولم يخالفه غيره ولم ينتشر، فليس هو إجماعًا، وهل هو حجة؟ فيه خلاف للعلماء وهو قولان للشافعي: الجديد الصحيح: أنه ليس بحجة، والقديم: أنه حجة، فإن قلنا:

------------------
(١) انظر: «الكفاية» ص ٥١٠، «علوم الحديث» ص ٧٣ - ٧٦، «المقنع» ١/ ١٥٤ - ١٩٤، «تدريب الراوي» ١/ ٢٧٩ - ٢٩١.


حجة قدم عَلَى القياس. ولزم التابعي وغيره العمل به ولا يجوز مخالفته، وهل يخص به العموم؟ فيه وجهان، وإذا قلنا: ليس بحجة قدم القياس عليه وجاز للتابعي مخالفته (١).
وأما إِذَا اختلفت الصحابة فعلى الجديد: لا يقلد بعضهم ويطلب الدليل، وعلى القديم: هما دليلان تعارضا فنرجح أحدهما بكثرة العدد، فإن استويا قدم بالأئمة، فإن كان مع أقلهما عددًا إمام دون أكثرهما فهما سواء، فإن استويا في العدد والأئمة لكن في أحدهما أحد الشيخين أبي بكر وعمر رضي الله عنهما فهل يقدم أم يستويان؟ فيه وجهان لأصحابنا، هذا كله إِذَا لم ينتشر، فأما إِذَا انتشر فإن خولف فحكمه ما سبق، وإن لم يخالف ففيه خمسة أوجه لأصحابنا:
أصحها: أنه حجة وإجماع.
وثانيها: لا فيهما. واختاره الغزالي في «المستصفى» (٢).
وثالثها: حجة بلا إجماع.
ورابعها: إن كان حكم إمام أو حاكم فليس بحجة وإن كان فُتيا غيرهما فحجة.
وخامسها: عكسه؛ لأن الحكم غالبًا يكون بعد مشورة ومباحثة وينتشر انتشارًا ظاهرًا بخلاف الفتيا (٣).

-----------------------
(١) انظر: «التلخيص» لإمام الحرمين ٣/ ٩٧، ٤٥٠ - ٤٥١، «مسلم بشرح النووي» ١/ ٣١، «الإبهاج في شرح المنهاج» ٣/ ١٩٢، «التمهيد» للإسنوي ص ٤٩٩ - ٥٠٠.
(٢) «المستصفى» ١/ ٤٠٠.
(٣) انظر: «التلخيص» ٣/ ٤٥١ - ٤٥٦، «المستصفى» ١/ ٤٠٠ - ٤٠٤، «مسلم بشرح النووي» ١/ ٣١، «التمهيد» للإسنوى ص ٤٩٩ - ٥٠٠.



ولو قَالَ التابعي قولًا ولم ينتشر وخولف فليس بحجة قطعًا، فإن لم يخالف فالصحيح الذي عليه الجمهور أنه كالصحابي، فيكون عَلَى الأوجه الخمسة، وقيل: لا يكون هذا حجة. قَالَ ابن الصباغ: والصحيح أنه إجماع. قَالَ النووي: وهو كما صحح؛ لأن التابعي في هذا كالصحابي من حيث أنه انتشر وبلغ الباقين ولم يخالفوا فكانوا مجمعين، وإجماع التابعين كإجماع الصحابة (١)، وقال في «شرح مسلم»: ما صححه صاحب «الشامل» هو الأفقه، فلا فرق في هذا بين الصحابي والتابعي (٢).
القاعدة الثامنة:
إِذَا أراد رواية الحديث بالمعنى فإن لم يكن خبيرًا بالألفاظ ومقاصدها عالمًا بما تختلف به دلالتها، لم يجز له الرواية بالمعنى بلا خلاف، بل عليه أداء اللفظ الذي سمعه فإن كان عالمًا بذلك فأقوال:
أحدها: أنه لا يجوز أيضًا، قاله طائفة من أصحاب الحديث والفقه والأصول.
ثانيها: يجوز في غير حديث النبي - ﷺ - دون حديثه.
ثالثها: يجوز في الجميع إِذَا قطع بأنه أدى المعنى، قاله الجمهور من الطوائف، وهو الصواب الذي تقتضيه أحوال الصحابة فمن بعدهم في نقلهم القضية الواحدة بألفاظ مختلفة، وهذا الخلاف في غير المصنفات، أما فيها: فلا يجوز تغييرها. وإن كان بالمعنى فإن من

----------------------
(١) «المجموع» ١/ ٩٨.
(٢) «شرح مسلم للنووي» ١/ ٣١.



رخص ثَمَّ؛ إنما رخص لما في الجمود عَلَى الألفاظ من الحرج وهو منتفٍ فيها (١).
فرع: لو كان في أصل الرواية أو الكتاب لفظة وقعت غلطًا،
فالصواب الذي عليه الجمهور أنه لا يغيره في الكتاب، بل يرويه عَلَى الصواب، وينبه عليه عَلَى حاشية الكتاب. وعند الرواية فيقول: كذا وقع والصواب كذا. وأحسن الإصلاح أن يكون ما جاء في رواية.
وعن الشيخ عزالدين بن عبد السلام أنه لا يجوز روايته بواحد منهما، أما الصواب؛ فلأنه لم يسمعه من الشيخ كذلك، وأما الخطأ؛ فلأنه - ﷺ - لم يقله (٢).
القاعدة التاسعة:
إِذَا كان في سماعه عن رسول الله - ﷺ - فأراد أن يرويه ويقول عن النبي - ﷺ - أو عكسه، فالصحيح جوازه؛ لأنه لا يختلف به هنا معنى (٣).
القاعدة العاشرة:
ليس له أن يزيد في نسب غير شيخه أو صفته عَلَى ما سمع من شيخه؛ لأنه يكون كاذبًا عَلَى شيخه، إلا أن يميز فيقول: حَدَّثَنِي فلان: قَالَ: ثنا فلان هو: ابن فلان أو يعني: ابن فلان. أو هو: الفلاني. وما أشبه هذا، فهذا جائز حسن قَدْ استعمله الأئمة، وهذا مما ينبغي أن يحفظ فهو كثير الاستعمال، وقد استعمل في «الصحيح» من هذا أشياء لا تنحصر وستمر بك إن شاء الله.

--------------
(١) انظر: «الكفاية» ص ٣٢٨، «علوم الحديث» ص ٢١٣، «المقنع» ١/ ٣٧٢.
(٢) انظر: «علوم الحديث» ص ٢٢٥، «المقنع» ١/ ٣٨٤.
(٣) قلت: وممن اختار جوازه: حماد بن سلمة، وأحمد بن حنبل، وأبو بكر الخطيب، وقال أبو عمرو بن الصلاح: لا يجوز، انظر: «مسلم بشرح النووي» ١/ ٣٨.



https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...b61e7e5bc3.gif


ابوالوليد المسلم 23-12-2025 11:21 PM

رد: التوضيح لشرح الجامع الصحيح أبو حفص عمر بن علي بن أحمد الأنصاري المعروف بـ ابن ال
 
https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...b61e7e5bc2.gif


الكتاب: التوضيح لشرح الجامع الصحيح
المؤلف: سراج الدين أبو حفص عمر بن علي بن أحمد الأنصاري الشافعي

المعروف بـ ابن الملقن (٧٢٣ - ٨٠٤ هـ)
الناشر: دار النوادر، دمشق - سوريا
الطبعة: الأولى، ١٤٢٩ هـ - ٢٠٠٨ م
عدد الأجزاء: ٣٦ (٣٣ والفهارس)

المجلد (2)
من صـــ 101 الى صـــ 125
الحلقة (22)





القاعدة الحادية عشر:
إِذَا قدم بعض المتن عَلَى بعض، فإن اختلفت الدلالة به لم يجز وإلا جاز عَلَى الصحيح؛ بناءً عَلَى جواز الرواية بالمعنى، ولو قدم المتن عَلَى الإسناد أو بعض الإسناد مع المتن، ثمَّ ذكر باقي الإسناد حتَّى اتصل بما بدأ به جاز وهو سماع متصل. فلو أراد من سمع هكذا أن يقدم جميع الإسناد فالصحيح جوازه، ومنعه بعضهم (١).
القاعدة الثانية عشر:
اختصار الحديث والاقتصار عَلَى بعضه، الصحيح جوازه إِذَا كان ما فصله غير مرتبط الدلالة بالباقي، بحيث لا تختلف الدلالة، مفصلة كالحديثين المستقلين. ومنعه إن لم يكن كذلك. وأما تقطيع المصنف الحديث وتفريقه في أبواب فهو إلى الجواز أقرب ومن المنع أبعد، وقد فعله مالك والبخاري وغير واحد من أئمة الحديث.
القاعدة الثالثة عشر:
معرفة الصحابي والتابعي وبها يعرف الاتصال والإرسال، فالصحابي: كل مسلم (رأى) (٢) النبي - ﷺ - ولو ساعة وإن لم يصحبه.
هذا هو الصحيح في حده كما أوضحته في «المقنع في علوم الحديث» (٣) من ستة أقوال فيه، والتابعي: من (رأى) (٤) الصحابي عَلَى الأصح (٥).

-------------
(١) انظر: «الكفاية» ص ٢٧١.
(٢) في الأصل: رآه، والصواب ما أثبتناه.
(٣) «المقنع» ٢/ ٤٩٠ - ٥٠٥.
(٤) في الأصل: رآه، والصواب ما أثبتناه.
(٥) انظر: «علوم الحديث» ص ٢٩١ - ٣٠٦، «تدريب الراوي» ٢/ ٢٩٨ - ٣٤٩.


القاعدة الرابعة عشر:
جرت العادة بحذف قَالَ ونحوه من رجال الإسناد خطًّا، ولابد للقارئ أن يتلفظ بها وإذا كان فيه: قرئ عَلَى فلان قَالَ: أخبرك فلان أو قرئ عَلَى فلان ثنا فلان، فليقل القارئ في الأول قيل له: أخبرك فلان وفي الثاني قَالَ: ثنا فلان، وإذا تكررت كلمة (قَالَ) كقوله في «صحيح البخاري»: (ثنا صالح قَالَ: قَالَ الشعبي) فإنهم يحذفون أحدهما خطًّّا، وعلى القارئ أن يتلفظ بها، فإن لم يتلفظ بـ (قال) في هذا كله فقد أخطأ، والظاهر صحة السماع للعلم بالمحفوظ، ويكون هذا من الحذف لدلالة الحال عليه (١).
القاعدة الخامسة عشر:
جرت العادة بالاقتصار عَلَى الرمز في حَدَّثَنَا وأخبرنا، واستمر الاصطلاح عليه من قديم الأعصار وهَلُمَّ جرَّا، بحيث لا يخفى فيكتبون من حَدَّثنَا (ثنا) وهو الثاء والنون والألف، وربما حذفوا الثاء.
ويكتبون من أخبرنا (أنا)، ولا يحسن زيادة الباء قبل النون، وإن فعله البيهقي وغيره، وقد يزاد في علامة (ثنا) دال في أوله، و(أثنا) ثاء بعد الألف، ووجدت الدال في خط الحاكم والبيهقي. وإذا كان للحديث إسنادان أو أكثر كتبوا عند الانتقال من إسناد إلى إسناد (ح) مهملة والمختار أنها مأخوذة من التحول لتحوله من إسناد إلى إسناد، وأنه يقول القارئ إِذَا انتهى إليها: ح، ويستمر في قراءة ما بعدها، وهذِه الحاء كثيرة في «صحيح مسلم» قليلة في «صحيح البخاري» فتنبه لحكمها.

----------------
(١) انظر: «مسلم بشرح النووي» ١/ ٣٦.


فصل مهم فى ضبط جمله من الأسماء المتكرره فيه وفي «صحيح مسلم» المشتبهة
فمن ذَلِكَ (أُبَيّ) كله بضم الهمزة وفتح الباء وتشديد الياء المثناة تحت، إلا آبي اللحم فإنه بهمزة ممدودة مفتوحة، ثمَّ باء مكسورة ثمَّ ياء مثناة تحت مخففة؛ لأنه كان لا يأكله، وقيل: لا يأكل ما ذبح للصنم (١).
(البراء) كله بتخفيف الراء إلا أبا معشر البراء، وأبا العالية البراء فبالتشديد وكله ممدود، وقيل: إن المخفف يجوز قصره، حكاه النووي (٢). والبراء هو الذي يبري العود.
(يزيد) كله بالمثناة تحت والزاي إلا ثلاثة:
بُرَيْد بن عبد الله بن أبي بردة يروي غالبًا عن أبي بُردة بضم الباء الموحدة وبالراء.
والثاني: محمد بن عرعرة بن البِرِند بموحدة وراء مكسورتين، وقيل بفتحهما ثمَّ نون. والثالث: علي بن هاشم بن البِرِيد بموحدة مفتوحة ثمَّ راء مكسورة ثمَّ مثناة تحت

---------------
(١) انظر: «مسلم بشرح النووي» ١/ ٣٩.
(٢) «تهذيب الأسماء واللغات» للنووي ١/ ١٣٢.



(يسار) كله بمثناة تحت ثم مهملة، إلا محمد بن بشار شيخهما فبموحدة ثمَّ معجمة، وفيهما سيار بن سلامة، وسيار بن أبي سيار بمهملة ثمَّ بمثناة.
(بشر) كله بموحدة ثمَّ شين معجمة، إلا أربعة فبالضم ثمَّ مهملة: عبد الله بن بسر الصحابي، وبسر بن سعيد، وبسر بن عبيد الله الحضرمي، وبسر بن محجن، وقيل: هذا بالمعجمة كالأول.
(بشير) كله بفتح الموحدة وكسر المعجمة إلا اثنين فبالضم وفتح الشين وهما: بُشَير بن كعب، وبُشَير بن يسار، وإلا ثالثا فبضم المثناة وفتح المهملة وهو: يُسَير بن عمرو، ويقال: أسير، ورابعًا: فبضم النون وفتح المهملة قطن بن نسير.
(حارثة) كله بالحاء المهملة والمثلثة، إلا: جارية بن قدامة، ويزيد ابن جارية فبالجيم والمثناة، قلت: كذا اقتصر عليهما ابن الصلاح.
وأهمل عمرو بن أبي سفيان بن أسيد بن جارية الثقفي حليف بني زهرة والأسود بن العلاء بن جارية ذكرهما الجياني، وقَالَ: الأول حديثه مخرّج في «الصحيحين»، الثاني في مسلم (١).
(جرير) كله بالجيم وراء مكررة، إلا حريز بن عثمان، وأبا حريز عبد الله بن الحسين الراوي عن عكرمة فبالحاء والزاي آخرا، ويقاربه حدير بالحاء والدال: والد عمران ووالد زياد وزيد
(حازم) كله بالحاء المهملة، إلا أبا معاوية محمد بن خازم فبالمعجمة، كذا اقتصر عليه ابن الصلاح وتبعه النووي (٢)، وأهملا

-----------------
(١) «تقييدالمهمل» ١/ ١٦٩.
(٢) «مسلم بشرح النووي» ١/ ٤٠.



بشير بن أبي خازم الإمام الواسطي أخرجا له، ومحمد بن بشير العبدي كنَّياه أبا حازم بالمهملة.
قَالَ أبو علي الجياني: والمحفوظ أنه بالمعجمة، كذا كناه أبو أسامة في روايته عنه، قاله الدارقطني (١).
(حبيب) كله بفتح المهملة إلا خبيب بن عديّ، وخبيب بن عبد الرحمن، و(خبيبا) (٢) غير منسوب عن حفص بن عاصم، وخبيبا كنية ابن الزبير فبضم المعجمة.
(حيان) كله بالفتح والمثناة، إلا حَبان بن منقذ والد واسعبن حبان وجدّ محمد بن يحيى بن حَبان وجدّ حَبان بن واسع بن حَبان، وإلا حَبان ابن هلال منسوبًا وغير منسوب عن شعبة ووهيب وهمام وغيرهم فبالموحدة وفتح الحاء، وإلا حبان بن العرقة وحبان بن عطية وحبان ابن موسى منسوبًا وغير منسوب عن عبد الله -هو: ابن المبارك- فبكسر الحاء وبالموحدة. قلت: وكذا أحمد بن سنان بن أسد بن حبان، روى لَهُ البخاري في الحج، ومسلم في الفضائل، كما نبه عليه الجياني (٣)، وأغفله ابن الصلاح ثم النووي.
(خراش) كله بالخاء المعجمة، إلا والد ربعي فبالمهملة.
(حزام) بالزاي في قريش وبالراء في الأنصار، كذا اقتصر عليه -أعني: ابن الصلاح والنووي (٤) - وفي «المختلف والمؤتلف» لابن

-----------------
(١) «المؤتلف والمختلف» ٢/ ٦٥٦، «تقييد المهمل» ١/ ٢٠٥.
(٢) في الأصل: (هو خبيب)، والمعنى لا يستقيم، وما أثبتناه هو الصواب إن شاء الله كما في «مسلم بشرح النووي» ١/ ٤٠.
(٣) «تقييد المهمل» ١/ ٢٠٠ - ٢٠١.
(٤) «مسلم بشرح النووي» ١/ ٤٠.



حبيب في جذام: حرام بن جذام، وفي تميم بن مُرّ: حرام بن كعب، وفي خزاعة: حرام بن حبشية وفي عذرة حرام بن رضنّة (١).
وأما حزام بالزاي فجماعة في غير قريش منهم: حزام بن هشام الخزاعي، وحزام بن ربيعة شاعر، وعروة بن حزام الشاعر العدوي.
(حُصَين) كله بضم الحاء وفتح الصاد المهملتين، إلا أبا حَصِين عثمان بن عاصم فبالفتح وكسر الصاد، وإلا أبا ساسان حضين بن المنذر فبالضم وضاد معجمة.
(حَكِيم) كله بفتح الحاء وكسر الكاف إلا حُكَيم بن عبد الله، ورزيق ابن حُكَيم فبالضم وفتح الكاف.
(رباح) كله بالموحدة إلا زياد بن رياح عن أبي هريرة في أشراط الساعة فبالمثناة عند الأكثرين.
وقال البخاري: بالوجهين، بالمثناة وبالموحدة.
قُلْتُ: وفيهما أيضًا عَلَى ما ذكره أبو علي الجياني محمد بن أبي بكر ابن عوف بن رياح الثقفي سمع أنسًا وعنه مالك رويا له، ورياح بن عَبِيدة من ولد عمر بن عبد الوهاب الرياحي روى لَهُ مسلم، ورياح في نسب عمر بن الخطاب، وقيل: بالموحدة (٢).
(زُبيد) بضم الزاي: هو ابن الحارث ليس فيهما غيره. وأما زُييد بن الصلت فبعد الزاي ياء مثناة مكررة وهو في «الموطأ» (٣).
(الزُبير) بضم الزاي، إلا عبد الرحمن بن الزَبير -الذي تزوج امرأة

------------
(١) ذكره الدارقطني في «المؤتلف والمختلف» ٢/ ٥٧٤.
(٢) «تقييد المهمل» ١/ ٢٦٢.
(٣) كما في ص ٥١، ٥٥ من رواية يحيى.



(عَبْدة) كله بإسكان الباء إلا عامر بن عبدة وبَجَالة بن عبدة ففيهما الفتح والإسكان، والفتح أشهر. وعند بعض رواة مسلم عامر بن عبد بلا هاء ولا يصح.
(عُبيد) كله بضم العين.
(عُبيدة) كله بالضم، إلا السلماني، وابن سفيان، وابن حميد، وعامر بن عَبيدة فبالفتح. قلت: وإلا عامر بن عَبيدة قاضي البصرة، ذكره البخاري في كتاب الأحكام كما نبه عليه الجياني (١) وأهمله ابن الصلاح ثم النووي.
(عَقيل) كله بالفتح، إلا عُقيل بن خالد الأيلي، ويأتي كثيرًا عن الزهري غير منسوب، وإلا يحيى بن عُقيل، وبني عُقيل للقبيلة فبالضم.
(عُمارة) كله بضم العين.
(واقد) كله بالقاف.
(يَسرة) بفتح المثناة تحت المهملة واحد، وهو يسرة بن صفوان شيخ البخاري، وأما بسرة بنت صفوان فليست في الصحيحين.
الأنساب:
(الأَيَلي) كله بفتح الهمزة والمثناة، ولا يرد شيبان بن فروخ الأُبلي بضم الهمزة والموحدة شيخ مسلم، لأنه لم يقع في «صحيح مسلم» منسوبًا، قلت: والأيلي نسبة إلى أيلة: قرية من قرى مصر (٢)، والأبلي بالباء نسبة إلى قرية من قرى البصرة (٣).

-------------------
(١) «تقييد المهمل» ٢/ ٣٤٣.
(٢) انظر: «معجم ما استعجم» ١/ ٩٨.
(٣) انظر: «معجم ما استعجم» ١/ ٢١٦.



(البصري) كله بالموحدة مفتوحة ومكسورة نسبة إلى البصرة مثلثة الباء، إلا مالك بن أوس بن الحدثان النصري، وعبد الواحد النصري، وسالمًا مولى النصريين فبالنون.
(البزاز) بزايين محمد بن الصباح وغيره، إلا خلف بن هشام البزار، والحسن بن الصباح فآخرهما راء.
قلت: وإلا يحيى بن محمد بن السكن بن حبيب، وبشر بن ثابت فبالراء أيضا، والأول حدّث عنه البخاري في صدقة الفطر والدعوات، والثانى استشهد به فى صلاة الجمعة نبه على ذلك الجياني (١)، وأهمله ابن الصلاح، ثم النووي.
(الثوري) كله بالمثلثة، إلا أبا يعلى محمد بن الصلت التوزي فبالمثناة فوق وتشديد الواو المفتوحة وبالزاي، ذكره البخاري في كتاب الردة (٢).
(الجُرَيري) بضم الجيم وفتح الراء، إلا يحيى بن بشر الحريري -شيخهما عَلَى ما ذكره ابن الصلاح، ولم يعلِّم له المزي إلا علامة مسلم فقط- فبالحاء المفتوحة (٣)، وعدّ ابن الصلاح من الأول ثلاثة، ثمَّ قَالَ: وهذا ما فيهما بالجيم المضمومة، وأهمل رابعًا وهو عباس بن فروخ روى لَهُ مسلم في الاستسقاء، وخامسًا وهو أبان بن تغلب روى لَهُ مسلم أيضًا (٤).

-------------
(١) «تقييد المهمل» ١/ ١٢٨ - ١٢٩.
(٢) سيأتي برقم (٦٨٠٣) كتاب: الحدود، باب: لم يحسم النبي - ﷺ - المحاربين من أهل الردة حتى هلكوا.
(٣) «تهذيب الكمال» ٣١/ ٢٤٢ - ٢٤٣ (٦٧٩٤).
(٤) مسلم (٩١) كتاب: الإيمان، باب: تحريم الكبر وبيانه.



(الحارثي) كله بالحاء والمثلثة، ويقاربه سعد الجاريُّ بالجيم وبعد الراء ياء مشددة نسبة إلى الجار مرفأ السفن ساحل المدينة (١).
(الحزامي) كله بالحاء والزاي، وقوله في «صحيح مسلم» في حديث أبي اليسر: كان لي عَلَى فلان الحرامي (٢)، قيل: بالزاي وبالراء، وقيل: الجذامي بالجيم والذال المعجمة.
والحرامي بالحاء والراء المهملتين في الصحيحين جماعة منهم جابر ابن عبد الله.
(السلمي) في الأنصار بفتح اللام وحكي كسرها وفي بني سليم بضمها وفتح اللام.
(الهمْداني) كله بإسكان الميم ودال مهملة. كذا اقتصر عليه ابن الصلاح، ثم النووي، وقَالَ الجياني: أبو أحمد المرار بن حمويه الهمذاني -بفتح الميم وذال معجمة- يقال: إن البخاري حدّث عنه في الشروط (٣) فهذِه ألفاظ وجيزه نافعة جدًّا في المؤتلف والمختلف.
وأما المفردات فلا تنحصر، وستمر بك -إن شاء الله تعالى- واضحة محققة.

-------------------
(١) انظر: «معجم ما استعجم» ١/ ٣٥٥.
(٢) مسلم (٣٠٠٦) كتاب: الزهد والرقائق، باب: حديث جابر الطويل وقصة أبي اليسر.
(٣) «تقييد المهمل» ٢/ ٤٨٨.



فصل
عن أبي علي سعيد بن عثمان بن السكن البصري: كل ما في البخاري أنا محمد، أنا عبد الله فهو ابن مقاتل المروزي عن ابن المبارك، وما كان أنا محمد عن أهل العراق كأبي معاوية وعبدة ويزيد بن هارون والفزاري فهو ابن سلام البيكندي، وما كان فيه عبد الله غير منسوب فهو عبد الله بن محمد الجعفي المسندي مولى محمد بن إسماعيل البخاري، وما كان أنا يحيى غير منسوب فهو ابن موسى البلخي وإسحاق غير منسوب فهو ابن راهويه.
وهذا أخر ما يسره الله تعالى من هذِه الفصول، ونشرع الآن في المهم المقصود أعان الله على إكماله، ونفع به وهو حسبي ونعم الوكيل (١).

--------------
(١) آخر الجزء الأول من تجزئة المصنف.


١

كتاب بدء الوحى


بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

١ - كتاب بدء الوحى
﴿رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾ [البقرة: ٢٠١]
قال الإمام أبو عبد الله البخاري رحمه الله:

١ - باب (١) كيف كان بدء الوحى
إِلَى رَسُولِ اللِّه - ﷺ -
وَقَوْلُ اللهِ جَلَّ ذِكْرُهُ: ﴿إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ)﴾ [النساء: ١٦٢]
الكلام على هذِه الترجمة من وجوه:
أحدها:
قوله: (باب) يجوز رفعه بلا تنوين على الإضافة، وهو خبر مبتدأ

------------------
(١) ورد بهامش (ف): بلغ ثانيًا له مؤلفه.


محذوف، أي: هذا باب، ويجوز تنوينه، وهما جاريان في نظائره أيضًا، ووقع في بعض نسخ البخاري بغير ذكر باب (١) وهي سماع أبي العز الحراني.
ثانيها:
(بَدْءُ) يجوز فيه الهمز من الابتداء، وتركه من الظهور مع سكون الدال، والأول أرجح، وقال القاضي عياض: بدأ (٢) بالهمز مع سكون الدال من الابتداء وبغير همز مع ضم الدال، وتشديد الواو من الظهور (٣).
قال أهل اللغة: بدأت الشيء بداءً: ابتدأت به، وبدا الشيء -بلا همز- بدوًّا -بتشديد الواو- كقعد قعودًا، أي: ظهر. فالمعنى على الأول: كيف كان ابتداؤه، وعلى الثاني: كيف كان ظهوره.
قال بعضهم فيما حكاه القاضي: الهمز أحسن؛ لأنه يجمع المعنيين، والأحاديث المذكورة في الباب تدل عليه؛ لأنه بيَّن فيه كيف يأتيه المَلَكُ ويظهر له، وكيف كان ابتداء أمره أول ما ابتدئ به (٤). وقيل: الظهور أحسن؛ لأنه أعم.
ثالثها:
قوله: (وَقَوْلُ اللهِ) هو مجرور ومرفوع معطوف على (كيف) قاله النووي في «تلخيصه»، وعبارة القاضي: يجوز الرفع على الابتداء، والكسر عطفًا على (كيف) وهي في موضع خفض، كأنه قال: باب

----------------
(١) كما في نسختي ابن عساكر وأبي الوقت، انظر: «صحيح البخاري» ١/ ٦ الطبعة السلطانية.
(٢) في (ف): دوي، والصواب ما أثبتناه كما في «مشارق الأنوار» ١/ ٧٩ - ٨٠.
(٣) «مشارق الأنوار» ١/ ٨٠.
(٤) «مشارق الأنوار» ١/ ٨٠.



كيف كذا، وباب معنى قول الله، أو الحجة بقول الله، قال: ولا يصح أن يحمل على الكيفية لقول الله تعالى، إذ لا يكيف كلام الله.
رابعها:
الوحي أصله الإعلام في خفاءٍ وسرعة ومنه: الوحاء الوحاء (١) وهي في عرف الشرع إعلام الله تعالى أنبياءه ما شاء من أحكامه، فكل ما دلت عليه من كتاب أو رسالة أو إشارة بشيء فهو وحي، ومن الوحي الرؤيا والإلهام، وأوحى أفصح من وحى، وبه جاء القرآن، والثانية أسدية كما قاله الفرَّاء، وقال القزاز في «جامعه»: هو من الله إلهام، ومن الناس إشارة، وستعرف في أول الحديث الثاني إن شاء الله تعالى أقسامه.
والوحي بمعنى الأمر في قوله تعالى ﴿وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ﴾ [المائدة: ١١١]، وبمعنى الإلهام في قوله تعالى: ﴿وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى﴾ [القصص: ٧]، وبمعنى التسخير في قوله: ﴿وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ﴾ [النحل: ٦٨]، وبمعنى الإشارة في قوله: ﴿فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا﴾ [مريم: ١١].
خامسها:
قال أبو إسحاق الزجاج وغيره: هذِه الآية جواب لما تقدم من قوله تعالى: ﴿يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِنَ السَّمَاءِ﴾ [النساء: ١٥٣] الآية، فأَعْلم الله تعالى أن أمره كأمر النبيين من قبله يوحى إليه كما يوحى إليهم، وقيل: المعنى: أوحى الله تعالى إلى محمد - ﷺ - وحي رسالة كما أوحى إلى الأنبياء، لا وحي إلهام.

-------------
(١) الوحاء: السرعة، ووَحَى يحي وَحاء إذا أسرع وعجل، والوحاء الوحاء: الإسراع. انظر: «الفائق» ٢/ ٢٩٩، «الصحاح» ٦/ ٢٥٢٠، «تاج العروس» ١/ ٨٦٤١ مادة: (وحى).


سادسها:
ذكر البخاري رحمه الله هذِه الآية في أول كتابه تبركًا ولمناسبتها لما ترجم له، وقد أسلفنا فيما مضى أنه يستدل للترجمة بما وقع له من قرآن وسنة مسندة وغيرهما، وأراد أن الوحى سنة الله تعالى في أنبيائه.
سابعها:
بدأ البخاري رحمه الله بالوحي، ومالك في «الموطأ» بوقوت الصلاة، ومنهم من بدأ بالإيمان، ومنهم من بدأ بالوضوء، ومنهم من بدأ بالطهارة، ومنهم من بدأ بالاستنجاء، ولكلٍّ وجه، والله الموفق.
ثامنها:
(نوح) أعجمي، والمشهور صرفه، ويجوز تركه.

١ - حَدَّثَنَا الحُمَيْدِيُّ عَبْدُ اللهِ بْنُ الزُّبَيْرِ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ: حَدَّثَنَا يحيى بْنُ سَعِيدِ الأنصَارِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بن إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيُّ، أَنَّهُ سَمِعَ عَلْقَمَةَ بْنَ وَقَّاصِ اللَّيْثِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ - رضي الله عنه - عَلَى الِمنْبَرِ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - ﷺ - يَقُولُ: «إِنَّمَا الأَعْمَالُ بالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا أَوْ إِلَى امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا، فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ». [٥٤، ٢٥٢٩، ٣٨٩٨، ٥٠٧٠، ٦٦٨٩، ٦٩٥٣ مسلم ١٩٠٧ - فتح ١/ ٩].
قال البخاري رحمه الله:
ثَنَا الحُمَيْدِيُّ، ثَنَا سُفْيَانُ، ثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِى، أَنَّهُ سَمِعَ عَلْقَمَةَ بْنَ وَقَّاصٍ اللَّيْثِيَّ يَقُولُ: سَمِعْت عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ - رضي الله عنه - عَلَى المِنْبَرِ يقول: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - ﷺ - يَقُولُ: «إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا أَوْ امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا، فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ».


هذا حديث حفيل جليل، وقبل الخوض في الكلام عليه ننبه على خمسة أمور مهمة:
أولها: وجه تعلق هذا الحديث بالآية أن الله تعالى أوحى إلى نبينا وإلى جميع الأنبياء أن الأعمال بالنيات، والحجة لَهُ قوله تعالى: ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ﴾ [البينة: ٥]، وقوله تعالى: ﴿شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ﴾ [الشورى: ١٣]، والإخلاص: النية، قَالَ أبو العالية: وصاهم بالإخلاص في عبادته.
وقال مجاهد: أوصيناك به والأنبياء دينًا واحدًا (١)، والمعنى: شرع لكم من الدين دينَ نوح ومحمد ومَن بينهما من الأنبياء، ثمَّ فسر المشروع المشترك بينهم، فقال: ﴿أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ﴾ [الشورى: ١٣].
ثانيها: إن قُلْتَ: ما وجه تعلق هذا الحديث أيضًا بالترجمة والتبويب؟ قُلْتُ: عنه أوجه:
أحدها: أنه -عليه السلام- خطب بهذا الحديث لما قدم المدينة حين وصل إلى دار الهجرة، وذلك كان بدء ظهوره ونصره واستعلائه (٢)، فالأول: مبدأ

-------------------
(١) رواه الطبري ١١/ ١٣٤ - ١٣٥ (٣٠٦٣٣).
(٢) قال الحافظ في «الفتح» ١/ ١٠: وهذا وجه حسن إلا إنني لم أر ما ذكره من كونه
- ﷺ - خطب به -أول ما هاجر- منقولا، وقد وقع في باب ترك الحيل بلفظ:
سمعت رسول الله - ﷺ - يقول: «يا أيها الناس، إنما الأعمال بالنية» الحديث، ففي
هذا إيماء إلى أنه كان في حال الخطبة، أما كونه كان في ابتداء قدومه إلى المدينة فلم أر ما يدل عليه، ولعل قائله استند إلى ما روي في قصة مهاجر أم قيس، قال ابن دقيق العيد: نقلوا أن رجلا هاجر من مكة إلى المدينة لا يريد بذلك فضيلة الهجرة، وإنما هاجر ليتزوج امرأة تسمى أم قيس، فلهذا خص في الحديث ذكر المرأة دون سائر ماينوى به، انتهى.
وهذا لو صح لم يستلزم البداءة بذكره أول الهجرة النبوية، وقصة مهاجر أم قيس =



النبوة والرسالة والاصطفاء وهو قوله: باب بدء الوحي، والثاني: بدء النصر والظهور، ويؤيده أن المشركين كانوا يؤذون المؤمنين بمكة، فشكوا إلى النبي - ﷺ -، وسألوه أن يغتالوا مَنْ مكَّنَهُم منهم ويغدروا به، فنزلت: ﴿إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ﴾ (١) [الحج: ٣٨]، فنهوا عن ذَلِكَ، وأمروا بالصبر إلى أن هاجر النبي - ﷺ - فنزلت ﴿أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا﴾ [الحج: ٣٩] الآية فأباح الله قتالهم، فكان إباحة القتال مع الهجرة التي هي سبب النصر والغلبة وظهور الإسلام.
ثانيها: أنه لما كان الحديث مشتملًا عَلَى الهجرة وكانت مقدمة النبوة في حقه - ﷺ - هجرته إلى الله تعالى، وإلى الخلو بمناجاته في غار حراء، فهجرته إليه كانت ابتداء فضله باصطفائه ونزول الوحي إليه مع التأييد الإلهي والتوفيق الرباني.
ثالثها: أنه إنما أتى به عَلَى قصد الخطبة والترجمة للكتاب -كما سيأتي-.
فإن قُلْتَ: لِمَ لَمْ يبتدئ في أول «صحيحه» بالحمد، وهو أمر مُهم،

-------------
= رواها سعيد بن منصور قال: أخبرنا أبو معاوية عن الأعمش عن شقيق عن عبد الله هو ابن مسعود قال: من هاجر يبتغي شيئا فإنما له ذلك، هاجر رجل ليتزوج امرأة يقال لها: أم قيس فكان يقال له مهاجر أم قيس، ورواه الطبراني من طريق أخرى عن الأعمش بلفظ: كان فينا رجل خطب امرأة يقال لها: أم قيس فأبت أن تتزوجه حتى يهاجر فهاجر فتزوجها، فكنا نسميه مهاجر أم قيس. وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين، لكن ليس فيه أن حديث الأعمال سيق بسبب ذلك، ولم أر في شيء من الطرق ما يقتضي التصريح بذلك. اهـ.
(١) قراءة متواترة قرأ بها أبو عمرو ويعقوب وابن كثير. انظر: «حجة القراءات» ص ٤٧٧، و«الكوكب الدري» ص ٤٩٩.



لَهُ بال عظيم، وقد صحَّ من حديث أبي هريرة لكنه - رضي الله عنه - عبد الله أو عبد الرحمن بن صخر أمير المدينة النبوية على ساكنها أفضل الصلاة والسلام- أن رسول الله - ﷺ - قَالَ: «كل كلام لا يبدأ فيه بحمد الله فهو أجذم» رواه أبو داود والنسائي في «سننهما» (١)، كذلك وابن ماجه في «سننه» بلفظ: «كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بالحمد أقطع» (٢).
ورواه الحافظ عبد القادر الرهاوي (٣) فى «أربعينه» بلفظ: «بذكر الله وببسم الله الرحمن الرحيم» (٤).

-------------
(١) أبو داود (٤٨٤٠)، والنسائي في «الكبرى» ٦/ ١٢٧ - ١٢٨ (١٠٣٢٨)، من طريق الوليد عن الأوزاعي، عن قرة، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة مرفوعًا به، لكن في النسائي بلفظ: أقطع.
(٢) ابن ماجه (١٨٩٤) من طريق عبيد الله بن موسى، عن الأوزاعي، عن قرة، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة مرفوعًا به. ومن هذا الطريق رواه أيضًا ابن الأعرابي في «معجمه» (٣٦٢)، والبيهقي في «الدعوات الكبير» (١) بزيادة: «فهو». أي: فهو أقطع.
(٣) هو الإمام أبو محمد عبد القادر بن عبد الله الرهاوي الحنبلي، ولد سنة ٥٣٦ هـ بالرها، ونشأ بالموصل، وتوفي سنة ٦١٢ هـ. قال الذهبي: عمل «الأربعين المتباينة الإسناد والبلدان» فدل على حفظه ونبله، وله فيها أوهام. انظر في ترجمته: «معجم البلدان» ٣/ ١٠٦، «البداية والنهاية» ١٣/ ٨٢، «سير أعلام النبلاء»، ٢٢/ ٧١ - ٧٥، «تاريخ الإسلام» ٤٤/ ١٠٨ - ١١٠.
(٤) رواه من طريقه السبكي في «طبقات الشافعية الكبرى» ١/ ١٢ ولفظه: «كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه ببسم الله الرحمن الرحيم فهو أقطع» وفيه أحمد بن محمد بن عمران، قال الخطيب: كان يضعف في روايته، ويطعن عليه في مذهبه، وسئل الأزهري عنه فقال: ليس بشيء. اهـ. وقال العتيقي: كان يرمى بالتشيع، وكانت له أصول حسان. اهـ. وقال الذهبي: شيعي. انظر: «تاريخ بغداد» ٥/ ٧٧، «سير أعلام النبلاء» ١٦/ ٥٥٦، «ميزان الاعتدال» ١/ ١٤٧. والحديث ضعفه الألباني في «إرواء الغليل» ١/ ٢٩ (١).



ورواه أبو عوانة وأبو حاتم ابن حبان في صحيحيهما (١).
قَالَ ابن الصلاح: ورجاله رجال الصحيحين سوى قرة بن الرحمن، فإنه ممن انفرد مسلم عن البخاري بالتخريج له (٢). قَالَ: حديث حسن (٣).
قُلْتُ: بل صحيح كما أسلفناه عن ذينك الإمامين (٤)، وقد تابع سعيدُ

------------
(١) أبو عوانة كما في «الإتحاف» ١٦/ ٧٢ (٢٠٤٠٤)، وابن حبان (١) من طريق عبد الحميد بن أبي العشرين، عن الأوزاعي، عن قرة به، بلفظ: «كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بحمد الله فهو أقطع».
قلت: ورواه أيضًا الخليلي في «الإرشاد» ١/ ٤٤٨ (١١٨) بسنده ومتنه، وأحمد ٢/ ٢٥٩ من طريق ابن المبارك عن الأوزاعي عن قرة به، بلفظ: «كل كلام أو أمر ذي بال لا يفتح بذكر الله، فهو أبتر» أو قال: «أقطع». والدارقطني ١/ ٢٢٩ من طريق موسى بن أعين عن الأوزاعي، عن قرة به، بلفظ: «كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بذكر الله أقطع»، والبيهقي ٣/ ٢٠٨ - ٢٠٩ من طريق أبي المغيرة، عن الأوزاعي عن قرة به، بلفظ: «كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بالحمد لله أقطع».
والحديث مداره على قرة بن عبد الرحمن، وهو متكلم فيه، قال أحمد: منكر الحديث جدًّا، وقال ابن معين: ضعيف الحديث، وقال أبو زرعة: الأحاديث التي يرويها مناكير. وقال أبو حاتم والنسائي: ليس بقوي. انظر: «الجرح والتعديل» ٧/ ١٣١ - ١٣٢ (٧٥١)، «تهذيب الكمال» ٢٣/ ٥٨١ - ٥٨٣. وفيه علة أخرى وهي اضطرابه في متن الحديث، قال الألباني: فهو تارة يقول: «أقطع»، وتارة: «أبتر»، وتارة: «أجذم»، وتارة: يذكر الحمد، وأخرى يقول: «بذكر الله». اهـ. ومن ثمَّ فقد حكم عليه بالضعف. «إرواء الغليل» ١/ ٣١ - ٣٢.
(٢) قال تاج الدين السبكي في «طبقاته» ١/ ٩: وأنا أقول: لم يخرج له مسلم إلا في الشواهد مقرونًا بغيره، وليس لها حكم الأصول. اهـ.
(٣) وممن حكم عليه أيضًا بالحسن النووي في «شرح مسلم» ١/ ١٤٣، والمصنف في «البدر المنير» ٧/ ٥٢٨، والعجلوني في «كشف الخفاء» ٢/ ١١٩ (١٩٦٤).
(٤) وممن حكم بصحة هذا الحديث مع الكلام على طرقه وألفاظه ومحاولة التوفيق بينها مستفيضًا تاج الدين السبكي في «طبقات الشافعية الكبرى» ١/ ٥ - ٢٤.



ابنُ عبد العزيز قرةَ، كما أخرجه النسائي (١) فلم ينفرد به إذًا، فلا يلتفت إلى تضعيف ابن الصباغ (٢) -من أصحابنا- في «شامله» ولا إلى القاضي الحسين (٣)؛ حيث نقل ذَلِكَ عن الأصحاب، ولا إلى كونه روي مرة
----------------------
(١) «السنن الكبرى» ٦/ ١٢٧ (١٠٣٢٩) مرفوعًا، وقال النووي في «شرح مسلم» ١/ ٤٣: إسنادها جيد. اهـ.
قلت: وتابعه أيضًا يونس بن يزيد كما رواه الخليلي في «الإرشاد» ١/ ٤٤٩ من طريق إسماعيل بن أبي زياد الشامي عن يونس بن يزيد عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة بلفظ: «كل أمر لم يُبْدأ فيه بحمد الله، والصلاة على فهو أقطع، أبتر، ممحوق من كل بركه».
قال الخليلي: إسماعيل بن أبي زياد شيخ ضعيف. اهـ، وقال أيضًا: ولا يعتمد على رواية إسماعيل عن يونس. اهـ.
وقال الرهاوي كما في «فيض القدير» ٥/ ١٩: غريب، تفرد بذكر الصلاة فيه إسماعيل بن أبي زياد وهو ضعيف جدًّا لا يعتبر بروايته ولا بزيادته. اهـ.
وقال السبكي في «طبقاته» ١/ ٤: حديث غير ثابت. اهـ.
(٢) الإمام، العلامة، شيخ الشافعية، أبو نصر، عبد السيد بن محمد بن عبد الواحد بن أحمد بن جعفر البغدادي الفقيه المعروف بابن الصباغ، مصنف كتاب «الشامل» وكتاب «الكامل» وكتاب «تذكرة العالم والطريق السالم»، ولد سنة ٤٠٠ هـ، قال ابن خلكان كان تقيًّا صالحًا. توفي ٤٧٧ هـ.
انظر ترجمته في: «المنتظم» ٩/ ١٢ - ١٣، «الكامل» ٣/ ١٤١، «تهذيب الأسماء واللغات» ٢/ ٢٩٩ (٥٧٠)، «وفيات الأعيان» ٣/ ٢١٧، ٢١٨ (٣٩٩)، «سير أعلام النبلاء» ١٨/ ٤٦٤، ٤٦٥ (٢٣٨)، «شذرات الذهب» ٣/ ٣٥٥.
(٣) القاضي حسين بن محمد بن أحمد، العلامة شيخ الشافعية بخراسان، أبو علي المروزي ويقال أيضًا: المروروذي الشافعى حدث عن أبي نعيم سبط الحافظ أبي عوانة، وحدث عنه عبد الرزاق المنيعي، ومحيي السنة البغوي، وجماعة، له «التعليقة الكبرى»، و«الفتاوى» وغير ذلك وكان من أوعية العلم مات ٤٦٢ هـ.
انظر ترجمته في: «تهذيب الأسماء واللغات» ١/ ١٦٤، «وفيات الأعيان» ٢/ ١٣٤، ١٣٥ (١٨٣)، «سير أعلام النبلاء» ١٨/ ٢٦٠، ٢٦١، (١٣١)، «كشف الظنون» ١/ ٤٢٤، «شذارت الذهب» ٣/ ٣١٠.



مرسلًا (١)؛ لأن الحكم للاتصال عند الجمهور؛ لأنها زيادة من ثقة فقبلت (٢).
قُلْتُ: عنه سبعة أجوبة:
أحدها: أن هذا الحديث ليس على شرطه في قرة السالف.
ثانيها: على تقدير تسليم صحته على شرطه أن المراد بالحمد الذكر لأمرين:
أحدهما: أنه قَدْ روي «بذِكْر الله» بدل «حمد الله» كما سلف.
ثانيهما: تعذر استعماله؛ لأن التحميد إنْ قُدّم عَلَى التسمية خولف فيه العادة، وإن ذكر بعدها لم يقع به البداءة، فثبت بهذين الأمرين أن المراد به الذكر، وقد بدأ به لإتيانه بالبسملة أولًا، فالحمد: الثناء عَلَى الله تعالى، وقد أثنى البخارى عليه بإتيانه بالتسمية أولًا، وهي من أبلغ الثناء، ولأنها أفضل آي القرآن -كما قَالَه الروياني (٣) في

--------------------
(١) رواه مرسلًا النسائي في «السنن الكبرى» ٦/ ١٢٧ (١٠٣٣٠)، وقال أبو داود في «سننه» بعد حديث (٤٨٤٠): رواه يونس وعقيل وشعيب وسعيد بن عبد العزيز، عن الزهري، عن النبي - ﷺ - مرسلًا. ورجح الدارقطني إرساله كما في «سننه» ١/ ٢٢٩، «العلل» ٨/ ٢٩ - ٣٠. قال الألباني في «الإرواء» ١/ ٣١: وهو الصواب؛ لأن هؤلاء الذين أرسلوه أكثر وأوثق من قرة. اهـ.
(٢) قلت: بل ليس بثقة، انظر ما سبق من كلام الأئمة الحفاظ فيه، وزِدْ عليه: قال الآجري عن أبي داود: في حديثه نكارة. وقال أيضًا: سألت أبا داود عن عقيل وقرة فقال: عقيل أحلى منه. وقال يحيى بن معين: كان يتساهل في السماع وفي الحديث، وليس بكذاب. انظر: «تهذيب التهذيب» ٣/ ٤٣٨.
(٣) القاضي العلامة، فخر الإسلام، شيخ الشافعية، أبو المحاسن عبد الواحد بن إسماعيل بن أحمد بن محمد الروياني، الطبري، الشافعي مولده في آخر سنة ٤١٠ هـ، وتفقه ببخارى مدة، ارتحل في طلب الحديث والفقه جميعًا، وبرع في الفقه، ومهر وناظر، وصنف التصانيف الباهرة منها «البحر» و«مناصيص الشافعي» =



«البحر»- وقد أسلفنا في رواية بالبسملة بدل الحمد؛ وأيضًا فكتابه العزيز مفتتح بها، وكُتُب رسوله عليه أفضل الصلوات والسلام مبتدأة بها؛ فلذلك تأسى البخاري بها.
ثالثها: وهو قريب مما قبله، أن بعض الذكر يقوم مقام البعض كما قاله - ﷺ - حكاية عن الله تعالى: «مَنْ شغله ذكري عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين» (١) فكذلك التسمية هنا تقوم مقامه، وكذا قوله - ﷺ -: «أفضل الدعاء دعاء يوم عرفة، وأفضل ما قُلْتُ أنا والنبيون من قبلي: لا إلة إلا الله وحده لا شريك له» (٢) الحديث، قيل لسفيان: هذا ثناء وليس بدعاء فأنشد:
إِذَا أثنى عليك المرء يومًا … كفاه من تعرضه الثناء

---------------------
= و«حلية المؤمن» و«الكافي» قتل سنة إحدى وخمسمائة بيد الإسماعيلية بجامع آمل.
انظر ترجمته في: «الأنساب» ٦/ ١٨٩، ١٩٠، «المنتظم» ٩/ ١٦٠، «معجم البلدان» ٣/ ١٠٤، «الكامل في التاريخ» ١٠/ ٤٧٣، «اللباب» ٢/ ٤٤، «تهذيب الأسماء واللغات» ٢/ ٢٧٧ (٤٦٤)، «سير أعلام النبلاء» ١٩/ ٢٦٠ (١٦٢).
(١) رواه الترمذي (٢٩٢٦) من حديث أبي سعيد، وقال: هذا حديث حسن. ورواه البخاري في «خلق أفعال العباد» (٤٢٧)، والبيهقي في «الشعب» ١/ ٤١٣ (٥٧٢) كلاهما عن ابن عمر.
قال ابن عبد البر في «التمهيد» ٦/ ٤٦ ليس يجيء هذا الحديث فيما علمت مرفوعًا إلا بهذا الإسناد، وصفوان بن أبي الصهباء وبكير بن عتيق رجلان صالحان وله طرق أخرى كثيرة كلها ضعيفة، والحديث ضعفه الألباني في «الضعيفة» (١٣٣٥)، (٤٩٨٩).
(٢) رواه مالك ص ١٥٠ رواية يحيى، وعبد الرزاق في «المصنف» ٤/ ٣٧٨ (٨١٢٥)، والفاكهي في «أخبار مكة» ٥/ ٢٥ (٢٧٦٥)، والمحاملي في «الدعاء» (٦٥)، والبيهقي في «السنن الكبرى» ٤/ ٢٨٤، وفي «فضائل الأوقات» (١٩١)، والبغوي في «شرح السنة» ٧/ ١٥٧ (١٩٢٩) من حديث عبيد الله بن كريز مرسلًا، قال البيهقي: هذا مرسل حسن. وصححه الألباني في «الصحيحة» (١٥٠٣).



رابعها: أن الذي اقتضاه لفظ الحمد أن يحمد لا أن يكتبه، والظاهر أنه حمد بلسانه.
خامسها: أن الأمر به محمول عَلَى ابتداءات الخطب دون غيرها، زجرًا عما كانت الجاهلية عليه من تقديم الشعر المنظوم والكلام المنثور، وإنما كان ذَلِكَ لثلاثة أمور:
أحدها: ما روي أن أعرابيًّا خطب فترك التحميد فقال - ﷺ -: «كل أمر ذي بال» إلى آخره (١).
ثانيها: أن أول ما نزل من القرآن: ﴿اقْرَأْ﴾ (٢) [العلق: ١] وقيل: ﴿يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (١)﴾ (٣) [المدثر: ١]. وليس في ابتدائهما حمد الله، فلم يجز أن يأمر الشارع بما كتابُ الله على خلافه (٤).
ثالثها: أن خبر الشارع لا يجوز أن يكون خلاف مخبره وقد قَالَ: «فهو أجذم» وروي «أبتر». و«صحيح البخاري» أصح المصنفات وأنفع المؤلفات، فعلم بهذِه الأمور أنه محمول عَلَى الخطب دون غيرها من المصنفات والكتب.
سادسها: أن هذا الحديث منسوخ بأنه - ﷺ - لما صالح قريشًا عام

--------------------
(١) قال العيني في «عمدة القاري» ١/ ١٣: وفيه نظر؛ لأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب. اهـ.
(٢) سيأتي برقم (٤٩٢٢) كتاب: التفسير، ورواه مسلم (١٦١) كتاب: الإيمان، باب: بدء الوحي إلى رسول الله - ﷺ -.
(٣) سيأتي برقم (٤٩٥٤) كتاب: التفسير، باب: قوله: ﴿اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (٣)﴾ [العلق: ٣]، ورواه مسلم (١٦٠) كتاب: الإيمان، باب: بدء الوحي إلى رسول الله - ﷺ -.
(٤) قال العيني في «عمدة القاري» ١/ ١٣: وهذا ساقط جدًّا؛ لأن الاعتبار بحالة الترتيب العثماني لا بحالة النزول؛ إذ لو كان الأمر بالعكس، لكان ينبغي أن يترك التسمية أيضا. اهـ.



https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...b61e7e5bc3.gif


ابوالوليد المسلم 23-12-2025 11:31 PM

رد: التوضيح لشرح الجامع الصحيح أبو حفص عمر بن علي بن أحمد الأنصاري المعروف بـ ابن ال
 
https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...b61e7e5bc2.gif


الكتاب: التوضيح لشرح الجامع الصحيح
المؤلف: سراج الدين أبو حفص عمر بن علي بن أحمد الأنصاري الشافعي

المعروف بـ ابن الملقن (٧٢٣ - ٨٠٤ هـ)
الناشر: دار النوادر، دمشق - سوريا
الطبعة: الأولى، ١٤٢٩ هـ - ٢٠٠٨ م
عدد الأجزاء: ٣٦ (٣٣ والفهارس)

المجلد (2)
من صـــ 126 الى صـــ 148
الحلقة (23)





الحديبية كتب: «بسم الله الرحمن الرحيم، هدا ما صالح عليه محمد رسول الله سهيل بن عمرو» (١) فلولا نَسْخُه لما تركه، وهذا بعيد، وأي دليل دلنا عَلَى النسخ فقد يكون الترك لبيان الجواز.
سابعها: إنما تركه لأنه راعى قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ﴾ [الحجرات: ١]. فلم يقدم بين يدي الله ولا رسوله شيئًا، وابتدأ بكلام رسوله عوضًا عن كلام نفسه (٢)، وانضم إلى ذَلِكَ ما سلف أنه - ﷺ - خطب به عند قدومه المدينة، وخطب به عمر أيضًا، فجعله البخاري خطبة لكتابه (٣).
فإن قُلْتَ: فقد قدم الترجمة فالجواب: أنها وإن تقدمت لفظًا فهي كالمتأخرة تقديرًا؛ لتقدم الدليل على مدلوله وضعًا وفي حكم التبع، وبهذا يندفع سؤال آخر وهو: لم قدم السند عَلَى المتن؟
الأمر الثالث: إن قُلْتَ: لِمَ لَمْ يبتدئ البخاري -رحمه الله- بخطبة في أول «صحيحه» كما فعله مسلم رحمه الله؟ قُلْتُ: لأنه خطب بالحديث للتأسي كما سلف، ونعم السلف.
الرابع: سألني بعض الفضلاء في الدرس عن السر في ابتداء البخاري بهذا الحديث مختصرًا كما سلف عند إيراده، (ولِمَ لَمْ يذكره) (٤)

------------
(١) رواه مسلم (١٧٨٤) كتاب: الجهاد والسير، باب: صلح الحديبية في الحديبية، من حديث أنس.
(٢) قال العيني في «عمدة القاري» ١/ ١٣: الآتي بالتحميد ليس بمقدم شيئا أجنبيًّا بين يدي الله ورسوله، وإنما هو ذكره بثنائه الجميل لأجل التعظيم على أنه مقدم بالترجمة وبسوق السند، وهو من كلام نفسه، فالعجب أن يكون بالتحميد الذي هو تعظيم الله تعالى مقدما ولا يكون بالكلام الأجنبي. اهـ.
(٣) ورد في هامش (ف): بلغ مقابلة بحمد الله وعونه.
(٤) في (ف): ولم لا ذكره، ولعل الصواب ما أثبتناه لمناسبة السياق.


مطولًا كما ذكره في غيره من الأبواب؟ فأجبته في الحال بأن عمر قاله عَلَى المنبر وخطب به، فأراد التأسي به، لكن البخاري ذكره أيضًا مطولًا في ترك الحيل (١)، وفيه: أنه خطب به أيضًا كما ستعلمه، وقد قَالَ بعضهم: إن في الحديث ما يقوم مقام الترجمة من إعلام الناظر في كتابه أنه إنما قصد تأليفه وجمعه وجه الله تعالى، وتوصيته لَهُ أن يحذو حذوه ويفرغ جهده في طلب الإخلاص فيه، يحصل الفوز والخلاص. وقد قَالَ ابن مهدي الحافظ: من أراد أن يصنف كتابًا فليبدأ بهذا الحديث (٢). وقال: لو صنفت كتابًا لبدأت في كل باب منه بهذا الحديث (٣)، وقال الخطابي (٤) نقلًا عن الأئمة: ينبغي لمن صنف كتابًا أن يبتدئ بهذا الحديث؛ تنبيهًا للطالب على تصحيح النية، ولعموم الحاجة إليه.
------------
(١) سيأتي برقم (٦٩٥٣).
(٢) رواه البيهقي في «السنن الصغرى» ١/ ٢٠ (٣).
(٣) ذكره ابن رجب في «جامع العلوم والحكم» ١/ ٦١. ونقل الترمذي ٤/ ١٨٠ عقب الرواية (١٦٤٧) عن ابن مهدي قوله: ينبغي أن نضع هذا الحديث في كل باب.
(٤) هو أبو سليمان حمد -وقيل: أحمد- بن محمد بن إبراهيم الخطَّابي، نسبة إلى زيد بن الخطاب البُستي، ولد في مدينة (بُست) في شهر رجب سنة تسع عشرة وثلائمائة من الهجرة نشأ بها للعلم مجتهدًا في تحصيله من كل سبيل، وطوَّف من أجله في البلاد الإسلامية شرقًا وغربًا، تفقه على يد أبي بكر القفال الشاشي، وسمع الحديث بمكة المكرمة من أبي سعيد بن الأعرابي أحمد بن محمد بن زياد شيخ الحرم، وصنف فأبدع، ومن مصنفاته «أعلام الحديث»، «معالم السنن»، «غريب الحديث». توفي يوم السبت السادس عشر من ربيع الثاني سنة ست وثمانين وقيل: ثمان وثمانين وثلاثمائة من الهجرة المباركة بمدينة (بُست). انظر: «الأنساب» ٢/ ٢١٠، «المنتظم» ٦/ ٣٩٧، «معجم البلدان» ١/ ٤١٥، «اللباب» ١/ ١٥١، «وفيات الأعيان» ٢/ ٢١٤ - ٢١٦ (٢٠٧)، «سير أعلام النبلاء» ١٧/ ٢٣ - ٢٨ (١٢)، «شذرات الذهب» ٣/ ١٢٧، ١٢٨.



الخامس: بدأ البخاري -رحمه الله- بإخلاص القصد وختمه بالتسبيح حيث أورد في آخره حديث: «كلمتان حبيبتان إلى الرحمن» إلى آخره (١)؛ لأن به تتعطر المجالس وهو كفارة لما قد يقع من الجالس، والله تعالى يهدينا إلى صراطه القويم، ويعيذنا من الشيطان الرجيم.
إِذَا تقررت هذِه الأمور فلنرجع إلى الكلام عَلَى الحديث، وهو من ثلاثة وأربعين وجهًا:
أولها: في تعداد المواضع التي خرجه البخاري فيها:
ونحن نسلك -إن شاء الله تعالى- هذا الأسلوب، نذكر في أول موضع ذُكِرَ فيه الحديث جميع طرقه إِذَا كان مكررًا؛ ليحال ما يقع بعد ذَلِكَ عليه. فنقول: ذكره البخاري هنا مختصرًا وهو مشهور بالطول، وساقه عنه الداودي بالسند المذكور مطولًا في أول «شرحه» ولم أرَ ذَلِكَ في نسخه، فتنبه لَهُ. قَالَ الخطابي: ولست أشك في أن ذَلِكَ لم يقع من جهة الحميدي، فقد رواه لنا الأثبات من طريقه مطولًا (٢)، قُلْت: وقد ذكره في ستة مواضع أخرى من «صحيحه» عن ستة شيوخ أخرى أيضًا:
أولها: في الإيمان، في باب: ما جاء أن الأعمال بالنية، عن عبد الله بن مسلمة القعنبي، ثنا مالك عن يحيى بن سعيد، عن محمد بن إبراهيم، عن علقمة، عن عمر - رضي الله عنه - أن رسول الله - ﷺ - قَالَ:

--------------
(١) سيأتي برقم (٧٥٦٣) كتاب: التوحيد، باب: قول الله تعالى: ﴿وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ﴾.
(٢) «أعلام الحديث» ١/ ١٠٩.



«الأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ، وَلكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إلى اللهِ وَرَسُولِهِ، فَهِجْرَتُهُ إلى اللهِ وَرَسُولِهِ، وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ لِدُنْيَا يُصِيبُهَا أَوِ أمْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا، فَهِجْرَتُهُ إلى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ» (١).
وهذِه الزيادة وهي: «فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إلى اللهِ وَرَسُولِهِ» أنسب بهذا الموضع، وإن كان يقال: إنه استغنى عنها هنا بقوله: «فَهِجْرَتُهُ إلى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ» كأنه يفهم أن كل من هاجر إلى شيء فهجرته إليه، من شأنه العدول إلى الاستدلال الخفي مع الإمكان بالظاهر الجلي.
ثانيها: في العتق، في باب: الخطأ والنسيان في العتاقة والطلاق ونحوه، عن محمد بن كثير، عن سفيان الثوري، ثنا يحيى بن سعيد، عن محمد، عن علقمة قَالَ: سمعت عمر يقول: عن النبي - ﷺ - قَالَ: «الأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ، وَلاِمْرِئٍ مَا نَوى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ ..» الحديث بمثل اللفظ الذي قبله (٢).
ثالثها: في باب: هجرة النبي - ﷺ - عن مسدد، ثنا حماد بن زيد، عن يحيى، عن محمد، عن علقمة: سمعت عمر قَالَ: سمعت النبي - ﷺ -، يقول: «الأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إلى دُنْيَا يُصِيبُهَا أَوِ أمْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا فَهِجْرَتُهُ إلى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ، وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إلى اللهِ وَرَسُولِهِ فَهِجْرَتُهُ إلى اللهِ وَرَسُولِهِ» (٣).
رابعها: في النكاح، في باب: من هاجر أو عمل خيرًا لتزويج امرأة فله ما نوى، عن يحيى بن قزعة، حَدَّثنَا مالك، عن يحيى، عن محمد بن إبراهيم بن الحارث، عن علقمة، عن عمر قَالَ: قَالَ رسول الله - ﷺ -:

-------------
(١) سيأتي برقم (٥٤).
(٢) سيأتي برقم (٢٥٢٩).
(٣) سيأتي برقم (٣٨٩٨).



«العمل بالنية، وإنما لامرئ ما نوى ..» الحديث بلفظه في الإيمان، إلا أنه قَالَ: «ينكحها» بدل «يتزوجها» (١).
خامسها: في الأيمان والنذور، في باب: النية في الأيمان، عن قتيبة بن سعيد، ثنا عبد الوهاب: سمعت يحيى بن سعيد يقول: أخبرني محمد بن إبراهيم أنه سمع علقمة بن وقاص الليثي يقول: سمعت عمر يقول: سمعت رسول الله - ﷺ -: «إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ، وَإِنَّمَا لاِمْرِئٍ مَا نَوى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إلى اللهِ وَرَسُولِهِ فَهِجْرَتُهُ إلى اللهِ وَرَسُولِهِ، وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إلى دُنْيَا يُصِيبُهَا أَوِ أمْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا (فَهِجْرَتُهُ) (٢) إلى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ» (٣).
سادسها: في ترك الحيل، في باب: في ترك الحيل وأن لكل امرئ ما نوى في الأيمان وغيره، عن أبي النعمان محمد بن الفضل، ثنا حماد بن زيد، عن يحيى، عن محمد، عن علقمة قَالَ: سمعت عمر يخطب قَالَ: سمعت النبي - ﷺ - يقول: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنَيَّةِ، وَإِنَّمَا لاِمْرِئٍ مَا نَوى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إلى اللهِ وَرَسُولِهِ فَهِجْرَتُهُ إلى اللهِ وَرَسُولِهِ، وَمَنْ هَاجَرَ إلى دُنْيَا يُصِيبُهَا أَوِ أمْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا فهِجْرَتُهُ إلى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ» (٤).
وأخرجه مسلم في «صحيحه» في آخر كتاب الجهاد، عن عبد الله بن مسلمة، عن مالك بلفظ: «إنما الأعمال بالنية، وإنما لامرئ ما نوى» (٥)

---------------
(١) سيأتي برقم (٥٠٧٠).
(٢) في (ف): هجرته، والصواب ما أثبتناه كلما في البخاري (٦٦٨٩).
(٣) سيأتي برقم (٦٦٨٩)، وورد بهامش (ف): ثم بلغ ثانيًا له مؤلفه.
(٤) سيأتي برقم (٦٩٥٣).
(٥) رواه برقم (١٩٠٧) كتاب: الإمارة.



الحديث مطولًا.
وأخرجه أيضًا عن محمد بن رمح بن المهاجر، عن الليث، وعن أبي الربيع العتكي، عن حماد بن زيد، وعن محمد بن المثنى، عن عبد الوهاب الثقفي، وعن إسحاق بن إبراهيم، عن أبي خالد الأحمر، وعن ابن نمير، عن حفص بن عتاب، ويزيد بن هارون، وعن محمد بن العلاء، عن ابن المبارك، وعن ابن أبي عمر، عن سفيان بن عيينة، كلهم عن يحيى بن سعيد، عن محمد، عن علقمة، عن عمر، وفي حديث سفيان: سمعت عمر عَلَى المنبر يخبر عن رسول الله - ﷺ - (١).
وأخرجه أبو داود في الطلاق عن محمد بن كثير، عن سفيان (٢).
والترمذي في الحدود عن ابن المثنى، عن الثقفي (٣).
والنسائي عن يحيى بن حبيب، عن حماد بن زيد، وعن سليمان بن منصور عن ابن المبارك، وعن إسحاق بن إبراهيم عن أبي خالد الأحمر، وعن عمرو بن منصور، عن القعنبي، وعن الحارث عن ابن القاسم جميعًا عن مالك ذكره في أربعة أبواب من «سننه» (٤): الأيمان (٥)، والطهارة (٦)، والرقاق، والطلاق (٧)، ورواه ابن ماجه في الزهد من

---------------
(١) (١٩٠٧) كتاب: الإمارة.
(٢) «سنن أبي داود» (٢٢٠١).
(٣) «سنن الترمذي» (١٦٧٤).
(٤) الحديث في الطهارة، والأيمان، والطلاق من «المجتبى»، وفي الرقائق من «السنن الكبرى» كما في «تحفة الأشراف» ٨/ ٩٢ - ٩٣ عن سويد بن نصر عن ابن المبارك.
(٥) «سنن النسائي» ٧/ ١٣. عن إسحاق بن إبراهيم.
(٦) «سنن النسائي» ١/ ٥٨ - ٦٠. عن يحيى بن حبيب، وعن سليمان بن منصور.
(٧) «سنن النسائي» ٦/ ١٥٨ - ١٥٩، عن عمرو بن منصور، وعن الحارث بن مسكين.



«سننه» عن أبي بكر عن يزيد بن هارون، وعن ابن رمح، عن الليث، كل هؤلاء عن يحيى، عن محمد، عن علقمة، عن عمر به (١).
ورواه مع هؤلاء الستة -أعني: البخاري، ومسلمًا، وأبا داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه -الإمام الشافعي في «مختصر البويطي» والإمام أحمد في «مسنده» (٢)، والدارقطني (٣)، والبيهقي (٤) وأبو حاتم ابن حبان في «صحيحه» المسمى بـ «التقاسيم والأنواع» (٥)، ولم يبق من أصحاب الكتب المعتمد عليها من لم يخرجه سوى الإمام مالك فإنه لم يخرجه في «موطَّئِه» (٦). نعم رواه (خارجه) (٧)، كما علمته من طرق هؤلاء الأئمة، وقد أخرجه من حديثه الشيخان -كما سلف- ووهم ابن دحية الحافظ في «إملائه» فقال عَلَى هذا الحديث: أخرجه مالك في «الموطأ» ورواه الشافعي عنه، وهذا عجيب منه (٨).

---------------
(١) «سنن ابن ماجه» (٤٢٢٧).
(٢) «مسند أحمد» ١/ ٢٥ (١٦٨).
(٣) «سنن الدارقطني» ١/ ٥٠.
(٤) «سنن البيهقي» ١/ ٤١.
(٥) «صحيح ابن حبان» (٣٨٨).
(٦) بل خرجه فيه (٩٨٢) برواية محمد بن الحسن الشيباني.
(٧) في (ف): خارجها، وما أثبتناه المناسب للسياق.
(٨) قلت: وكذا قال الحافظ أيضًا في «الفتح» ١/ ١١، وهو عجيب منهما -أعني: المصنف والحافظ- فإن الحديث في «الموطأ» برواية محمد بن الحسن، وكأنهما لم يقفا عليه مع سعة اطلاعهما، والله أعلم.
قال السيوطي في «تنوير الحوالك» ص ١٠ في معرض حديثه عن رواة «الموطأ»: ورواية محمد بن الحسن صاحب أبي حنيفة فيها أحاديث يسيرة زيادة على سائر الموطآت، منها حديث: «إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» وبذلك تبين صحة قول من عزا روايته إلى «الموطأ» ووهم من خطأه في ذلك. اهـ.
قلت: إلا أنه في كتابه «الأشباه والنظائر» ص ٨ قد تابعهما على ما قالا، بل وتعجب من عدم إخراج مالك له!!



الوجه الثاني (١):
تحصل لنا من هذِه الطرق أربعة ألفاظ واقعة في الحديث: «إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنَيّاتِ»، «الأعمال بالنية»، «العمل بالنية» وادعى النووي في «تلخيصه» قلتها، رابعها: «إنما الأعمال بالنية»، وأورده القضاعي في «الشهاب» بلفظ خامس وهو: «الأَعْمَالُ بالنِّيَّاتِ» (٢) بحذف (إنما) وجمع الأعمال والنيات، فقال الحافظ أبو موسى الأصبهاني: لا يصح إسنادها. وأقره النووي على ذَلِكَ في «تلخيصه» وغيره، وهو غريب منهما، فهي رواية صحيحة أخرجها إمامان حافظان، وحكما بصحتها:
أحدهما: أبو حاتم ابن حبان، فإنه أورده في «صحيحه» عن على بن محمد القباني، ثنا عبد الله بن هاشم الطوسي، ثنا يحيى بن سعيد الأنصاري، عن محمد، عن علقمة عن عمر قَالَ: قَالَ رسول الله - ﷺ -: «الأَعْمَالُ بالنِّيَّاتِ ..» الحديث بطوله (٣).
ثانيهما: شيخه الحاكم أبو عبد الله، فإنه أورده في كتابه «الأربعين في شعار أهل الحديث» عن أبي بكر ابن خزيمة، ثنا القعنبي، ثنا مالك، عن يحيى بن سعيد به سواء ثمَّ حكم بصحته، وأورده ابن الجارود في «المنتقى» بلفظ سادس عن ابن المقرئ، ثنا سفيان، عن يحيى: «إن الأعمال بالنية، وإن لكل آمرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى ما هاجر إليه، ومن كانت هجرته إلى دنيا ..» (٤)

------------
(١) ورد بهامش (ف): بلغ الشيخ برهان الدين الحلبي قراءة على في الثاني و… الحاضري … وأبو الحسن … وابن بهرام … بهاء الدين محمد بن الصفدي وآخرون كالسلاوي.
(٢) «مسند الشهاب» ١/ ٣٥ - ٣٦ (١).
(٣) سبق تخريجه.
(٤) «المنتقى» (٦٤).



الحديث، وأورده الرافعي في «شرحه الكبير» بلفظ آخر غريب وهو: «ليس للمرء من عمله إلا ما نواه» (١). ولم أقف على من خرَّجه بهذا اللفظ بعد شدة البحث عنه (٢). وفي البيهقي من حديث أنس مرفوعًا: «إنه لا عمل لمن لا نية له» (٣) وهو بمعناه، لكن في إسناده جهالة.
الوجه الثالث: في التعريف برواته:
أما راويه عن النبي - ﷺ - فهو أمير المؤمنين أبو حفص -والحفص في اللغة: الأسد (٤) - وأول من كناه بذلك رسول الله - ﷺ -، كما رواه ابن الجوزي عنه، عمر -وهو اسم معدول عن عامر ولا ينصرف للعدل والتعريف- بن الخَطَّاب -وهو فَعَّال من الخطبة بالضم والكسر- بن نفيل -بضم أوله- بن عبد العزى بن رِياح -براء مكسورة ثمَّ مثناة تحت، وأبعد من أبدلها بموحدة -بن عبد الله بن قرط -بضم القاف ثمَّ راء وطاء مهملتين -بن رزاح -بفتح الراء والزاي.
قَالَ شيخنا قطب الدين (٥) في «شرحه»: ومن عداه بكسر أوله، ولم

---------------
(١) «الشرح الكبير» ١/ ١٨٥.
(٢) وقال الحافظ في «التلخيص» ١/ ١٥٠: هذا الحديث بهذا اللفظ لم أجده. اهـ.
(٣) رواه البيهقي ١/ ٤١.
(٤) جمع حفص: أَحْفاصٌ وحُفُوصٌ، والحَفْصُ: البيت الصغير، والحَفْصُ: الشِّبْل، قال الأزهري: ولد الأسد يُسمى حفصًا. وقال ابن الأعرابي: هو السَّبُعُ أيضا، وقال ابن بَرِّي: قال صاحب «العين»: الأسد يكنَّى أبا حَفْصٍ، ويسمى شِبْلُهُ حفصًا. انظر: «تهذيب اللغة» ١/ ٨٦٦، «لسان العرب» ٢/ ٩٢٨.
(٥) هو قطب الدين عبد الكريم بن عبد النور بن منير الحلبي ثم المصري. أحد من جرد العناية ورحل وتعب وحصل وكتب وأخذ عن أصحاب ابن طبرزذ ضمن بعدهم وصنف التصانيف وظهرت فضائله مع حسن السمت والتواضع والتدين وملازمة العلم، ولد سنة أربع وتسعين وستمائة، وتوفي في رجب سنة خمس وثلاثين وسبعمائة. =



أر من صنف في المؤتلف والمختلف ذكر ذَلِكَ بترجمته فاعلمه-. بن عدي -أخي مرة وهصيص- بن كعب بن لؤي -بالهمز وتركه- بن غالب الفهري العدوي القرشي، يجتمع مع رسول الله - ﷺ - في كعب بن لؤي الأب الثامن.
واتفقوا عَلَى تسميته بالفاروق؛ لفرقانه بين الحق والباطل بإسلامه وظهور ذَلِكَ؛ ولأن الشيطان يفرُّ منه، فقيل: سماه الله بذلك. روته عائشة، وإسناده ضعيف كما قَالَ ابن دحيه (١).
وقال ابن شهاب: سماه بذلك أهل الكتاب. ذكره الطبري (٢)، وقيل: رسول الله - ﷺ -. فهذِه ثلاثة أقوال.

----------------
= خرج لنفسه التساعيات والمتباينات والبلدانيات، وجمع لمصر تاريخًا حافلًا لو كمل لبلغ عشرين مجلدة بيض منه المحمدين في أربعة، واختصر «الإلمام» فحرره، وشرح سيرة عبد الغني، وشرع في شرح البخاري وهو مطول أيضًا، بيض أوائله إلى قريب النصف. وكان حنفي المذهب يدرس بالجامع الحاكمي.
انظر ترجمته في: «تذكرة الحفاظ» ٤/ ١٥٠٢، «الدرر الكامنة» ٢/ ٣٩٨ - ٣٩٩، «شذرات الذهب» ٦/ ١١٠ - ١١١.
(١) الشيخ العلامة المحدَّث الرحال المتفنن مجد الدين أبو الخطاب عمر بن حسن بن علي بن الجميل، واسم الجميل محمد بن فرج بن خلف بن قومس بن مزلال بن ملال بن أحمد بن بدر بن دحية بن خليفة الكلبي الداني ثم السبتي، كان بصيرًا بالحديث معتنيًا بتقييده، مكبًّا على سماعه حسن الخط، معروفًا بالضبط، له حظ وافر من اللغة ومشاركة في العربية وغيرها. قال الذهبي: كان هذا الرجل صاحب فنون وتوسع ويد في اللغة، وفي الحديث على ضعف فيه. توفي سنة أربع وأربعين وخمسمائة، وقيل: سنة ثمان وأربعين وخمسمائة.
انظر ترجمته في: «وفيات الأعيان» ٣/ ٤٤٨ - ٤٥٠ (٤٩٧)، «سير أعلام النبلاء» ٢٢/ ٣٨٩ - ٣٩٥ (٢٤٨)، «لسان الميزان» ٤/ ٢٩٢، «شذرات الذهب» ٥/ ١٦٠، ١٦١.
(٢) الطبري في «تاريخه» ٢/ ٥٦٢.



وهو أول من سُمِّي أمير المؤمنين (١) عمومًا، وسمي به قبله خصوصًا عبد الله بن جحش على سرية في اثني عشر رجلًا، وقيل: ثمانية، وقد كان مسيلمة الكذاب يسمى بذلك أيضًا كما سيأتي في «الصحيح» في قصة قتله إن شاء الله (٢). وأمه حنتمة -بحاء مهملة مفتوحة ثمَّ نون ثمَّ مثناة فوق- بنت هاشم، يعرف بذي الرمحين -بن المغيرة بن عبد الله بن عمر، أخي عامر وعمران ابني مخزوم بن نقطة بن (مرة) (٣) بن كعب المخزومي، قَالَ أبو عمرو: من قَالَ: حنتمة بنت (هشام) (٤) فقد أخطأ، ولو كانت كذلك لكانت أخت أبي جهل بن هشام، وإنما هي ابنة عمهما (٥)، وقد وقع في هذا الخطأ ابن قتيبة في «معارفه» (٦)، وقبله ابن منده في «المعرفة» وقال: هي أخت أبي جهل، وهو وَهْمٌ.
قَالَ ابن عبد البر: الصحيح أنها بنت هاشم وقيل: بنت هشام، فمن قَالَ: هشام فهي أخت أبي جهل، ومن قَالَ: بنت هاشم فهي ابنة عم أبي جهل (٧) وهاشم وهشام ومهشم والوليد وأبو أمية حذيفة والفاكه ونوفل وأبو ربيعة عمرو وعبد الله وتيم وعبد شمس، كل هؤلاء أولاد المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم وهو -يعني: المغيرة- بيت بني مخزوم.

---------------
(١) ورد بهامش الأصل: في سببه خلاف مشهور.
(٢) سيأتي برقم (٤٠٧٢) كتاب: المغازي، باب: قتل حمزة بن عبد المطلب، عن جعفر بن عمرو بن أمية الضمري.
(٣) في الأصل: مري، والصواب ما أثبتناه كما في «تاريخ بغداد» ٧/ ٤٢٣ (٣٩٩١).
(٤) في (ف): هاشم، والصواب ما أثبتناه من «الاستيعاب» ٣/ ٢٣٥.
(٥) «الاستيعاب» ٣/ ٢٣٥.
(٦) «المعارف» لابن قتيبة ص ١٨٠.
(٧) «الاستيعاب» ٣/ ٢٣٥.



ولد بتبالة بعد الفيل بثلاث عشرة سنة، وقال عن نفسه: ولدت قبل الفجار الأعظم بأربع سنين. وإليه كانت السفارة في الجاهلية، وأسلم بعد ست من النبوة، وقيل: خمس، بعد أن دخل رسول الله - ﷺ - دار الأرقم بعد أربعين رجلًا، وقيل: ثلاثة عشر وإحدى عشرة امرأة.
وقال ابن الجوزي: لا خلاف أنه أسلم سنة ست من النبوة بعد أربعين، قَالَ: ولما أسلم نزل جبريل -عليه السلام- فقال: استبشر أهل السماء بإسلامه (١)، وقيل: إنه أسلم بعد أربع من النبوة وهاجر فهو من المهاجرين الأولين. وكان إسلامه عزًّا ظهر به الإسلام بدعوة النبي - ﷺ -، وسيأتي في الصحيح إن شاء الله: «ما زلنا أعزة منذُ أسْلَمَ عُمر» (٢) قَالَ ابن مسعود: كان إسلام عمر فتحًا، وهجرته نصرًا، وإمامته رحمة، ولقد رأيتنا وما نستطيع أن نصلي في البيت، حتَّى أسلم عمر، فلما أسلم قاتلهم حتَّى تركونا فصلينا (٣)، وشهد بدرًا والمشاهد كلَّها.

-------------
(١) رواه ابن ماجه (١٠٣)، والطبراني ١١/ ٨٠ - ٨١ (١١١٠٩)، وابن حبان (٦٨٨٣) من طريق عبد الله بن خراشي الحوشبي، عن العوام بن حوشب، عن مجاهد عن ابن عباس، ورواه أيضًا الحاكم في «المستدرك» ٣/ ٨٤، لكن عن سعيد بن جبير عن ابن عباس، وقال: صحيح، وتعقبه الذهبي، وقال: عبد الله ضعفه الدارقطني. اهـ.
وقال البوصيري ١/ ١٧: هذا الإسناد ضعيف لاتفاقهم على ضعف عبد الله بن خراش، إلا ابن حبان فإنه ذكره في «الثقات». اهـ. والحديث ضعفه الألباني في «الضعيفة» (٤٣٤٠).
(٢) سيأتي برقم (٣٦٨٤، ٣٨٦٣).
(٣) رواه ابن سعد في «الطبقات الكبرى» ٣/ ٢٧٠، وأحمد في «فضائل الصحابة» ١/ ٤٠٩، ٤١٠ (٤٨٢)، والطبراني ٩/ ١٦٢ (٨٨٠٦) قال الهيثمي في «المجمع» ٩/ ٦٣: رجاله رجال الصحيح إلا أن القاسم لم يدرك جده ابن مسعود. اهـ.



بويع لَهُ بالخلافة يوم موت الصديق، وهو يوم الثلاثاء لثمانٍ بقين من جمادى الآخرة سنة ثلاث عشرة بوصاية الصديق إليه، فسار بأحسن سيرة، وزين الإسلام بعَدْلِهِ، وفتح الله به الفتوح الكبيرة كبيت المقدس وجميع الشام، ودوَّن الدواوين في العطاء ورتَّب الناس فيه، وكان لا يخاف في الله لومة لائم، وهو أول من ضرب بالدرة وحملها، ومصَّر الأمصار، وكسر الأكاسرة، وقصر القياصرة، وأخَّر المقام إلى موضعه الآن، وكان ملصقًا بالبيت، ونوَّر المساجد لصلاة التراويح، وأول من أَرَّخ التاريخ من الهجرة، وأول قاضٍ في الإسلام، ولَّاه الصديق القضاء، وأول من جمع القرآن في المصحف، وآخى رسول - ﷺ - بينه وبين الصديق، حج بالناس عشر سنين متوالية، وحج في إحداهن بأمهات المؤمنين. وزهده ومناقبه جَمَّةٌ مَشْهورةٌ في «الصحيح» وغيره، وستقف على قطعة صالحة منها حيث ذكره البخاري -إن شاء الله- في كتاب المناقب (١).
وكان طوالا جدًّا جسيمًا، كث اللحية، خفيف العارضين، أصلع شديد الصلع، أعسر يسر-أي: قوة يديه سواء- وكان يأخذ بيده اليمنى أذنه اليسرى ثمَّ يجمع جراميزه -أي: أطرافه- ويثبت، فكأنما خلق على ظهر فرسه، وكان يخضب بالحناء والكتم بحتًا، وكان شديد حمرة العينين. وكان أبيض يعلوه حمرة، وقيل: أبيض أمهق وقيل: آدم. ونقله ابن عبد البر عن الأكثرين (٢)، وأنكره الواقدي والجمهور، وقالوا: إنما كان أبيض. قالوا: ولعله صار في لونه سمرة

---------------
(١) سيأتي برقم (٣٦٧٩ - ٣٦٩٤) كتاب: فضائل الصحابة، باب: مناقب عمر بن الخطاب.
(٢) «الاستيعاب» ٣/ ٢٣٦.



عام الرمادة لتخشنه (١)، وكان من مُحَدِّثي هذِه الأمة (٢). وسيأتي أنه وافق ربَّه في عدة مواضع إن شاء الله، وفي «الصحيح» أنه - ﷺ - قَالَ له: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا لَقِيَكَ الشَّيْطَانُ سَالِكًا فَجًّا إِلَّا سَلَكَ فَجًّا غَيْرَ فَجِّكَ» (٣).
وشهد لَهُ بالشهادة (٤)، والجنة (٥) وسماه سراج أهل الجنة (٦)، وأخبر
أن الله جعل الحق على لسانه (٧).
روي لَهُ عن النبي - ﷺ - خمسمائة حديث وتسعة وثلاثون حديثًا، اتفق البخاري ومسلم على ستة وعشرين منها، وانفرد البخاري بأربعة وثلاثين، ومسلم بأحد وعشرين، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة

-----------
(١) ورده ابن عبد البر في «الاستيعاب» ٣/ ٢٣٦ حيث قال: وزعم الواقدي أن سمرة عمر وأدمته إنما جاءت من أكله الزيت عام الرمادة، وهذا منكر من القول، وأصح ما في الباب -والله أعلم- حديث سفيان الثوري عن عاصم بن بهدلة عن زر بن حبيش قال: رأيت عمر شديد الأدمة. اهـ.
وقد جود إسناد حديث زر بن حبيش الحافظ في «الإصابة» ٢/ ٥١٨.
(٢) سيأتي برقم (٣٤٦٩) كتاب: حديث الأنبياء، باب: حديث الغار، وبرقم (٣٦٨٩) كتاب: المناقب، باب: مناقب عمر.
(٣) سيأتي برقم (٣٢٩٤) كتاب: بدء الخلق، باب: صفة إبليس وجنوده.
(٤) سيأتي برقم (٣٦٧٥) كتاب: فضائل الصحابة، باب: مناقب عمر.
(٥) رواه أبو داود (٤٦٤٩).
(٦) رواه أحمد فى «فضائل الصحابة» ١/ ٥٢٣ (٦٧٧)، والبزار كما في «كشف الأستار» ٣/ ١٧٤ (٢٥٠٢) من طريق عبد الله بن إبراهيم بن أبي عمر الغفاري، وهو منكر الحديث، ورواه أبو نعيم في «الحلية» ٦/ ٣٣٣ من طريق الواقدي عن أبي هريرة، والواقدي كذاب. وقال الألباني في «الضعيفة» (٣٩١٦): باطل.
(٧) رواه الترمذي (٣٦٨٢) كتاب: المناقب، وأحمد ٢/ ٥٣، وعبد بن حميد في «المنتخب» (٧٥٦)، وابن عبد البر في «التمهيد» ٨/ ١٠٩ - ١١٠ من حديث ابن عمر، قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح غريب، وصححه الألباني في «صحيح الجامع» (١٧٣٦)، وفي الباب عن الفضل بن عباس وأبي ذر وأبي هريرة.



وغيرهم. روى عنه نحو خمسين صحابيًّا منهم: عثمان وعلي وطلحة وسعد وعبد الرحمن بن عوف، وخلائق من التابعين.
ولي الخلافة عشر سنين وخمسة أشهر أو ستة أشهر قولان، واستشهد يوم الأربعاء لأربع أو لثلاث أو لسبع بقين من ذي الحجة سنة ثلاث وعشرين من الهجرة، وقال الفلاس وابن نمير: سنة أربع وهو ابن ثلاث وستين عَلَى الصحيح كسن سيدنا رسول الله - ﷺ - وسن الصديق. وقيل: ابن ستين، قَالَ الواقدي: وهو أثبت الأقاويل عندنا، وقيل: ابن إحدى وستين، وقيل: ابن اثنتين وخمسين، وقيل: ابن أربع، وقيل: ابن خمس، وقيل: ست، وقيل: سبع وخمسين حكاهن الصُّرَيْفِيْنِيُّ، فهذِه ثمانية أقوال في سنه.
وغسله ابنه الزاهد أبو عبد الرحمن عبد الله الأكبر، أفضل أولاده الذكور العشرة، وعاصم -أمه جميلة بنت عاصم- وعبيد الله قتل بصفين مع معاوية، وعبد الله الأصغر وعبد الرحمن الأكبر وعبد الرحمن الأوسط وعياض، وزيد الأكبر -أمه أم كلثوم بنت علي- وزيد الأصغر والعقب من الثلاثة الأولى الذكور، وكان لَهُ من الإناث حفصة وزينب، وكفنه عبد الله أيضًا في ثوبين سحوليين، وصلى عليه صهيب بن سنان الرومي، ودفن في الحجرة النبوية، عَلَى ساكنها أفضل الصلاة والسلام.
قتله أبو لؤلؤة غلام نصراني، وقيل: مجوسي للمغيرة بن شعبة، وهو في صلاة الصبح، طعنه ثلاث طعنات بسكين مسموم ذات طرفين فقال: قتلني -أو أكلني الكلب- وطعن معه ثلاثة عشر رجلًا، فمات منهم تسعة، وفي رواية سبعة، فلما رأى ذَلِكَ رجل من المسلمين طرح عليه برنسًا، فلما ظن أنه مأخوذ نحر نفسه، فصار إلى لعنة الله وغضبه، ثمَّ


حُمل عمر إلى منزله، وبقي ثلاثة أيام وقيل: سبعة، وماترضي الله عنه - وعنَّا - به وكان وافر العلم.
قَالَ ابن مسعود حين توفي عمر: ذهب تسعة أعشار العلم (١). ومن زهده وتواضعه أنه كان في قميصه أربع عشرة رقعة إحداها من أدم.
فائدة:
ليس في الصحابة من آسمه عمر بن الخطاب غيره، فهو من الأفراد (٢) -أحد أنواع علوم الحديث- وفي الصحابة عمر ثلاثة وعشرون نفسًا على خلاف في بعضهم، وربما يلتبس بعمرو بزيادة واو في آخره، وهم خلق فوق المائتين بزيادة أربعة وعشرين على خلاف في بعضهم - رضي الله عنهم -.
فائدة ثانية:
في الرواة عمر بن الخطاب غير هذا الإمام ستة:
(أحدهم) (٣): كوفي (٤) روى عن خالد بن عبد الله الواسطي.
ثانيهم: راسبي (٥) روى (عن سويد أبي حاتم) (٦).

------------------
(١) رواه الطبراني في «الكبير» ٩/ ١٦٢، ١٦٣ (٨٨٠٨، ٨٨٠٩)، وقال الهيثمي ٩/ ٦٩: رواه الطبراني بأسانيد، ورجال هذا رجال الصحيح غير أسد بن موسى ثقة.
(٢) انظر «علوم الحديث» لابن الصلاح ص ٣٢٥ - ٣٣٩، النوع التاسع والأربعون.
(٣) فى (ف): أحدها، وهو ما أثبتناه هو المناسب للسياق.
(٤) عمر بن الخطاب الكوفي، انظر: «إكمال تهذيب الكمال» ١٠/ ٤٥ (٣٩٦٥).
(٥) عمر بن الخطاب بن زكريا الراسبي، أبو حفص البصري. انظر: «تهذيب الكمال» ٢١/ ٣١٥ (٤٢٢٤)، «تهذيب التهذيب» ٣/ ٢٢١، «التقريب» ص ٤١١ (٤٨٨٧).
(٦) فى (ف): (عنه سويد أبو حاتم)، والصواب ما أثبتناه كما في مصادر الترجمة.



ثالثهم: سكندري (١) روى عن ضمام بن إسماعيل.
رابعهم: عنبري (٢) روى عن أبيه، عن يحيى بن سعيد الأنصاري.
خامسهم: سجستاني (٣) روى عن محمد بن يوسف الفريابي.
سادسهم: سدوسي (٤) بصري روى عن معتمر بن سليمان.
فائدة ثالثة:
عمر هذا ثاني العشرة، وهاك سرد وفاتهم على سبيل الاختصار لتستحضره فإنه مهم: الصديق مات سنة ثلاث عشرة من الهجرة، وأبو عبيدة سنة ثمان عشرة، وعمر سنة ثلاث وعشرين كما سلف مع الخلاف فيه. وعثمان سنة خمس وثلاثين، وطلحة والزبير بعده بسنة، وابن عوف سنة اثنتين وثلاثين، وعلي سنة أربعين، وسعد بن أبي وقاص سنة خمس وخمسين على الأصح، وهو آخرهم موتا (....) (٥) خمسين (٦).

------------------
(١) عمر بن الخطاب بن حليلة -بمهملة ولامين، بوزن عظيمة- بن زياد بن أبي خالد الإسكندراني، مولى كندة، يكنى أبا الخطاب. انظر: «تهذيب الكمال» ١٣/ ٣١٢ في ترجمة ضمام بن إسماعيل، «إكمال التهذيب» ١٠/ ٤٥ (٣٩٦٦)، «تهذيب التهذيب» ٣/ ٢٢٢ - ٢٢٣.
(٢) عمر بن الخطاب العنبري الكوفي، يعرف بابن أبي خيرة. انظر: «إكمال التهذيب» ١٠/ ٤٥ (٣٩٦٧). و«تهذيب التهذيب» ٣/ ٢٢٢.
(٣) عمر بن الخطاب السجستاني القشيري، نزيل الأهواز. انظر: «تهذيب الكمال» ٢١/ ٣٢٦ (٤٢٢٦). و«تهذيب التهذيب» ٣/ ٢٢٢، و«تقريب التهذيب» ص ٤١٢ (٤٨٨٩).
(٤) عمر بن الخطاب شيخ بصري سدوسي انظر: «تهذيب التهذيب» ٣/ ٢٢١.
(٥) بياض بالأصل.
(٦) هو تاريخ وفاة سعيد بن زيد، وهو عاشر العشرة. انظر: «الاستيعاب» ٢/ ١٨٢.



وأما راويه عن عمر فهو أبو واقد -بالقاف- علقمة بن وقاص الليثي، نسبة إلى ليث بن بكر المدني العتواري، ولد على عهد النبي - ﷺ - فيما ذكره الواقدي.
وروى ابن منده أنه شهد الخندق، وكان في الوفد الذين قدموا على النبي - ﷺ -، روى عن عمر وعائشة ومعاوية وغيرهم، وعنه ابناه عمر وعبد الله والزهري ومحمد بن إبراهيم التيمي وغيرهم.
وروى له مع البخاري مسلم وباقي الستة، ذكره ابن منده وأبو عمر في الصحابة (١) والجمهور في التابعين، كما نبه عليه النووي في «إملائه» على هذا الحديث. وليس له في الصحيحين إلا هذا الحديث وحديث الإفك عن عائشة (٢)، كما نبه عليه شيخنا قطب الدين في «شرحه».
مات بالمدينة في خلافة عبد الملك بن مروان، قاله الواقدي (٣).
فائدة:
ليس في الكتب الستة من اسمه علقمة بن وقاص غيره.
وأما راويه عن علقمة فهو أبو عبد الله محمد (ع) بن إبراهيم بن الحارث، وكان -أعني: الحارث- من المها جرين الأولين، وهو

------------
(١) «الاستيعاب» ٣/ ١٩٥ - ١٩٦.
(٢) سيأتي برقم (٢٦٣٧) كتاب: الشهادات، باب: إذا عدَّل رجل أحدًا.
(٣) علقمة بن وقاص بن محسن بن كلدة بن عبد ياليل بن طريف بن عتوارة بن عامر بن مالك بن ليث بن بكر بن عبد مناة بن كنانة الليثي العتواري المدني. قال ابن سعد: كان ثقة، قليل الحديث، وله دار بالمدينة في بني ليث وله به عقب، وثقه النسائي، وقال الحافظ ابن حجر: ثقة ثبت، أخطأ من قال: له صحبة. انظر ترجمته في: «الطبقات الكبرى» ٥/ ٦٠، «التاريخ الكبير» ٧/ ٤٠ (١٧٦)، «الجرح والتعديل» ٦/ ٤٠٥ (٢٢٥٩)، «الثقات» ٥/ ٢٠٩، «تهذيب الكمال» ٢/ ٣١٣ - ٣١٤ (٤٠٢١)، «تقريب التهذيب» (٤٦٨٥).



ابن عم الصديق ابن خالد بن صخر بن عامر بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي القرشي التيمي المدني التابعي.
سمع ابن عمر وأنسًا وغيرهما من الصحابة، وعنه ابنه موسى المحدث الفقيه والزهري وخلق.
ذكره ابن سعد في الطبقة الثالثة من أهل المدينة، وقال: أمه حفصة بنت أبي يحيى واسمه عمير، وكان من قدماء موالي بني تيم. قال: وكان ثقة، كثير الحديث (١)، وقال يحيى بن معين: ثقة، وكذا وثقه النسائي وأبو حاتم (٢) وابن خراش، وأخرج له مسلم أيضًا في «صحيحه» مع باقي الستة.
وأما أحمد فقال فيما نقله العقيلي عن عبد الله بن أحمد عنه: في حديثه شيء، روى أحاديث مناكير (٣).
مات سنة عشرين ومائة، وقيل: سنة إحدى وعشرين، وقيل: سنة تسع عشرة، وهو ابن أربعٍ وسبعين (٤).
وأما راويه عن محمد فهو الإمام أبو سعيد يحيى (ع) بن سعيد بن قيس بن عمرو، وقيل: قهد بن سهل بن ثعلبة بن الحارث بن زيد بن ثعلبة بن غنم بن مالك بن النجار بن ثعلبة بن الخزرج الأكبر الأنصاري النجاري -بالنون والجيم- المدني قاضيها، وأقدمه

--------------
(١) «الطبقات الكبرى» الجزء المتمم ص ٩٩.
(٢) «الجرح والتعديل» ٧/ ٨٤.
(٣) «الضعفاء الكبير» للعقيلي ٤/ ٢٠.
(٤) انظر ترجمته في: «الثقات» ٥/ ٣٨١، «تهذيب الكمال» ٢٤/ ٣٠١ - ٣٠٥ (٥٠٢٣)، «سير أعلام النبلاء» ٥/ ٢٩٤ - ٢٩٦ (١٤٠)، «تقريب التهذيب» (٥٦٩١)، «شذرات الذهب» ١١/ ١٥٧.



المنصور العراق، وولاه القضاء بالهاشمية ومات بها، وقيل: إنه ولي قضاء بغداد ولم يصح. وهو تابعي صغير.
سمع أنسًا والسائب بن يزيد وغيرهما.
وعنه جماعة من التابعين منهم: هشام بن عروة وحميد الطويل وغيرهما.
واتفقوا على جلالته وعدالته وحفظه وإتقانه وورعه، وقال أحمد في حقه: إنه أثبت الناس. وقال أبو حاتم: هو يوازي الزهري (١). وقال أيوب: ما تركت بالمدينة أفقه منه. وقال ابن حبان: كان خفيف الحال، فلما استقضاه أبو جعفر ارتفع شأنه ولم يتغير حاله، فقيل له في ذَلِكَ، فقال: من كانت نفسه واحدة لم يغيره المال (٢). مات سنة أربع، وقيل: ثلاث، وقيل: ست وأربعين ومائة. روى له الجماعة (٣).
فائدة:
في الرواة يحيى بن سعيد جماعة في «الصحيح»، لكن لا التباس لهم بهذا. يحيى (ع) بن سعيد بن أبان الأموي الحافظ (٤)، يحيى (ع) بن سعيد بن حيان أبو حيان التيمي الإمام (٥)، يحيى (حم) بن سعيد بن العاص الأموي تابعي (٦)، يحيى (عم) بن سعيد بن فروخ

---------------
(١) «الجرح والتعديل» ٩/ ١٤٩.
(٢) «الثقات» ٥/ ٥٢١ «تهذيب الكمال» ٣١/ ٣٥٧.
(٣) انظر ترجمته في: «التاريخ الكبير» ٨/ ٢٧٥، ٢٧٦ (٢٩٨٠)، «معرفة الثقات» ٢/ ٣٥٢، ٣٥٣ (١٩٧٧)، «تهذيب الكمال» ٣١/ ٣٤٦ (٦٨٣٦)، «تقريب التهذيب» (٧٥٥٩).
(٤) ستأتي ترجمته في حديث رقم (١١).
(٥) ستأتي ترجمته في حديث رقم (٥٠).
(٦) يحيى بن سعيد بن العاص بن سعيد بن العاص بن أمية القرشي الأموي، أبو أيوب، ويقال: أبو الحارث المدني. =



القطان التميمي الحافظ أحد الأعلام (١). ولهم يحيى بن سعيد العطار- براءٍ في آخره- واهٍ فاعلمه (٢). وجملة من اسمه يحيى بن سعيد في الحديث ستة عشر كما بينهم الخطيب في «المتفق والمفترق».
فائدة أخرى: النجار الذي سلف في نسب يحيى بن سعيد لقب، واسمه تيم اللات، سمي النجار؛ لأنه اختتن بالقدوم وقيل: ضرب وجه رجل به فنجره، أي: نحته.
وأما راويه (٣) عن يحيى بن سعيد فهو الإمام العلامة أبو محمد سُفيان (ع) -بضم السين على المشهور، وحكي كسرها وفتحها أيضًا- ابن عيينة:- بضم العين، وحكى النووي في «إملائه» […]، (٤) كسرها- ابن أبي عمران الهلالي أبو محمد الكوفي ثم المكي. واسم أبي عمران: ميمون، مولى محمد بن مزاحِم أخي الضحاك، وقال الواقدي: مولى بني عبد الله بن رؤيبة من بني هلال بن عامر، وكان بنو عيينة عشرة خزازين، حدَّث منهم خمسة: محمد وإبراهيم وسفيان وآدم وعمران، وأجلهم وأشهرهم سُفيان هذا، وهو من تابعي التابعين، سكن مكة، ومات بها.

--------------
= وثقه النسائي وابن حبان. انظر ترجمته في: «طبقات ابن سعد» ٥/ ٢٣٨، «التاريخ الكبير» ٨/ ٢٧٧ (٢٩٨٧)، «الجرح والتعديل» ٩/ ١٤٩ (٦٢١)، «تهذيب الكمال» ٣١/ ٣٢٥ - ٣٢٩ (٦٨٣٣).
(١) ستأتي ترجمته في حديث رقم (١٣).
(٢) يحيى بن سعيد العطار الأنصاري أبو زكريا الشامي الحمصي، ويقال: الدمشقي ضعفه الجمهور. انظر ترجمته في: «التاريخ الكبير» ٨١/ ٢٧٧ (٢٩٨٥)، «الجرح والتعديل» ٩/ ١٥٢ (٦٢٨)، «تهذيب الكمال» ٣١/ ٣٤٣ - ٣٤٦ (٦٨٣٥).
(٣) أي: حديث النية.
(٤) بياض في (ف) بمقدار كلمة.



وسمع جماعات من التابعين منهم: الزهري.
وعنه: مسعر وخلق، وروى الثوري عن يحيى القطان عنه، وهو من الطُّرَف.
وكان من الحفاظ المتقنين وأهل الورع والدين، ومن العلماء بكلام رب العالمين وسند سيد المرسلين، قرأ القرآن وهو ابن أربع، وكتب الحديث وهو ابن سبع، ولما بلغ خمس عشرة قال له أبوه: يا بني، قد انقطعت عنك شرائع الصبى فاخْتَلِطْ بالخير تكن من أهله، واعلم أنه لن يسعد بالعلماء إلا من أطاعهم فأطعهم واخدمهم تقتبس من علمهم. قال: فجعلت لا أعدل عن وصية أبي (١). وكان كثير التلاوة والحج، حج نيفًا وسبعين حجة كما قال ابن حبان (٢).
وقال الحسن بن عمران بن عيينة: إن سفيان قال له بجمعٍ آخر حجة حجها: قد وافيت هذا الموضع سبعين مرة أقول في كل مرة: اللهم لا تجعله آخر العهد من هذا المكان، وقد استحييت من الله -عز وجل- من كثرة ما أساله. فرجع فتوفي في السنة الداخلة يوم السبت غرة رجب سنة ثمانٍ وتسعين ومائة (٣)، ودفن بالحجون، وكان مولده سنة سبع ومائة (٤). روى له الجماعة.
ومناقبه جمة، ومنها ما حكاه أبو يوسف الغسُّولي، عنه قال: دخلت

----------------
(١) رواه البيهقي في «الزهد الكبير» ٢/ ١١١ - ١١٢.
(٢) «الثقات» ٦/ ٤٠٤.
(٣) رواه الخطيب في «تاريخه» ٩/ ١٨٣ - ١٨٤.
(٤) انظر: «طبقات ابن سعد» ٥/ ٤٩٨، «التاريخ الكبير» ٤/ ٩٤ (٢٠٨٢)، «معرفة الثقات» ١/ ٤١٧ (٦٣١)، «الجرح والتعديل» ٤/ ٢٢٥ - ٢٢٧ (٩٧٦)، «تاريخ بغداد» ٩/ ١٥٤، «تهذيب الكمال» ١١/ ١٧٧ - ١٩٧ (٢٤١٣).



عليه وبين يديه قرصان من شعير فقال: يا أبا يوسف، إنهما طعامي منذ أربعين سنة (١). وكان ينشد:
خَلتِ الدِّيارُ فَسُدتُ غير مُسوَّدِ … ومن الشَّقاءِ تَفَرُّدِي بالسُّؤددِ (٢)
قال الشافعي: لولا مالك وسفيان لذهب علم الحجاز (٣). وقال أبو حاتم هما أثبت أصحاب الزهري. وقال الشافعي أيضًا: ما رأيت أحدًا فيه آلة العلم ما في سفيان، وما رأيت أحدًا أحسن لتفسير الحديث منه ولا أكف عن الفتيا منه (٤).
وقال ابن وهب: ما رأيت أعلم بكتاب الله منه (٥). وروى الخطيب البغدادي بسنده إلى أحمد بن النضر الهلالي قال: سمعت أبي يقول: كنت في مجلس سفيان بن عيينة، فنظر إلى صبي دَخل المجلس، فكان أهل المجلس تهاونوا به لصغره، فقال سفيان: ﴿كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ﴾ [النساء: ٩٤].
ثم قال لي: يا نضر، لو رأيتني ولي عشر سنين، طولي خمسة أشبار، ووجهي كالدينار، وأنا كشعلة نار، ثيابي صغار، وأكمامي قصار، وذيلي بمقدار، ونعلي كآذان الفار، أختلف إلى علماء الأمصار،

----------------
(١) رواه أبو الشيخ في «طبقات المحدثين بأصبهان» ٣/ ١٨٠ (٣٠٤)، وأبو نعيم في «الحلية» ٧/ ٢٧٢ - ٢٧٣، وجاء فيهما أبو يوسف الفسوي. والله أعلم.
(٢) رواه أبو الشيخ في «طبقات المحدثين بأصبهان» ٢/ ٢٧٧ (١٧٣)، والخطيب في «تاريخه» ٩/ ١٧٨، وأبو نعيم في «الحلية» ٧/ ٢٧٤، ٢٩٠.
(٣) رواه ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» ١/ ١٢، ٣٢، وأبو نعيم في «الحلية» ٦/ ٣٢٢، والخطيب في «تاريخه» ٩/ ١٧٩، وابن عبد البر في «التمهيد» ١/ ٦٣.
(٤) رواه ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» ١/ ٣٢ - ٣٣، وأبو يعلى الخليلي في «الإرشاد» ١/ ٣٦٨.
(٥) رواه ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» ١/ ٣٣.









https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...b61e7e5bc3.gif


ابوالوليد المسلم 23-12-2025 11:37 PM

رد: التوضيح لشرح الجامع الصحيح أبو حفص عمر بن علي بن أحمد الأنصاري المعروف بـ ابن ال
 
https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...b61e7e5bc2.gif


الكتاب: التوضيح لشرح الجامع الصحيح
المؤلف: سراج الدين أبو حفص عمر بن علي بن أحمد الأنصاري الشافعي

المعروف بـ ابن الملقن (٧٢٣ - ٨٠٤ هـ)
الناشر: دار النوادر، دمشق - سوريا
الطبعة: الأولى، ١٤٢٩ هـ - ٢٠٠٨ م
عدد الأجزاء: ٣٦ (٣٣ والفهارس)

المجلد (2)
من صـــ 149 الى صـــ 170
الحلقة (24)



مثل: الزهري وعمرو بن دينار، أجلس بينهم كالمسمار، محبرتي كالجوزة، ومقلمتي كالموزة، وقلمي كاللوزة، فإذا دخلت المجلس قال: أوسعوا للشيخ الصغير. قال: ثم تبسم ابن عيينة وضحك (١).
فائدة:
سفيان هذا أحد مشايخ الشافعي، ومن ينتهي إليه سلسلة أصحابنا في الفقه، ومنه إلى النبي - ﷺ -، وكان إذا جاءه شيء من التفسير أو الفتيا التفت إلى الشافعي وقال: سلوا هذا (٢). وقيل عن الشافعي: إنه مات في غشية له. فقال: إن كان مات فقد مات أفضل أهل زمانه (٣).
وأما راويه عن سفيان فهو: الإمام أبو بكر عبد الله (ع) بن الزبير بن عيسى بن عبيد الله بن الزبير بن عبيد الله بن حُميد -بضم الحاء- الحُميدي القرشي الأسدي المكي الثقة، رئيس أصحاب ابن عيينة وأثبتهم. جَاَلسَه عشرين سنة، ومن الفضلاء الآخذين عن الشافعي وأحد رفقائه في الرحلة.
وهو أول من حدَّث عنه البخاري في «صحيحه»، وروى مسلم في مقدمة «صحيحه» عن سلمة بن شبيب عنه (٤)، وروى أبو داود والنسائي عن رجل عنه، والترمذي وابن ماجه في التفسير. مات بمكة سنة تسع عشرة ومائتين وقيل: سنة عشرين (٥).

----------------
(١) رواه الخطيب في «الكفاية» ص ٦١، وذكره الذهبي في «السير» ٨/ ٤٥٩ وقال: وفي صحة هذا نظر، وإنما سمع -يعني: سفيان- من المذكورين -يعني: الزهري، وعمرو بن دينار -وهو ابن خمس عشرة سنة أو أكثر.
(٢) رواه أبو نعيم في «الحلية» ٩/ ٩١ - ٩٢.
(٣) رواه أبو نعيم في «الحلية» ٩/ ٩٥.
(٤) «صحيح مسلم» ١/ ١٦.
(٥) انظر ترجمته في: «طبقات ابن سعد» ٥/ ٥٠٢، «التاريخ الكبير» ٥/ ٩٦ - ٩٧ =


فائدة:
في الكتب الستة عبد الله بن الزبير ثلاثة هذا أحدهم، وثانيهم الصحابي (١)، وثالثهم البصري (٢): روى له ابن ماجه والترمذي في «الشمائل».
وفي الصحابة أيضًا عبد الله بن الزبير بن [عبد] (٣) المطلب بن هاشم (٤)، وليس لهما ثالث في الصحابة.

---------------
= (٢٧٦)، «الجرح والتعديل» ٥/ ٥٦، ٥٧ (٢٦٤)، «الثقات» ٨/ ٣٤١، «تهذيب الكمال» ١٤/ ٥١٢ - ٥١٥ (٣٢٧٠).
(١) عبد الله بن الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي القرشي الأسدي، يكنى أبا بكر، أبوه حواري الرسول - ﷺ -، وأمه أسماء بنت أبي بكر الصديق، وخالته عائشة أم المؤمنين، وعمته خديجة أم المؤمنين، وجدته صفية عمة رسول الله - ﷺ -، وهو أول مولود يولد في الإسلام للمهاجرين بالمدينة، بايع النبي - ﷺ - وهو ابن ثمان، وكان فصيحًا، وذا شجاعة وقوة، وكان صوامًا قوَّامًا، بالحق قوالًا، وللرحم وصالًا شديدًا على الفجرة، ذليلًا للأتقياء البررة. بويع له بالخلافة بعد موت يزيد بن معاوية فكانت خلافته تسع سنين، قتله الحجاج بن يوسف في أيام عبد الملك بن مروان وصلبه بمكة يوم الثلاثاء لسبع عشرة خلت من جمادي الأولى سنة ثلاث وسبعين.
انظر ترجمته في: «معجم الصحابة» للبغوي ٣/ ٥١٤، «معجم الصحابة» لابن قانع ٢/ ١٢٦ (٥٨٩)، «معرفة الصحابة» ٣/ ١٦٤٧ (١٦٣٧)، «الاستيعاب» ٣/ ٣٩ (١٥٥٣)، «أسد الغابة» ٣/ ٢٤٢ (٢٩٤٧).
(٢) عبد الله بن الزبير بن معبد الباهلي أبو الزبير، ويقال: أبو معبد البصري، قال أبو حاتم: مجهول لا يُعرف. وقال عنه الحافظ ابن حجر: مقبول. «تهذيب الكمال» ١٤/ ٥١٦ (٣٢٧١)، «الكاشف» ١/ ٥٥٢ (٢٧٢٢)، «تقريب التهذيب» (٣٣٢١).
(٣) ساقط من (ف)، ومثبت من مصادر الترجمة.
(٤) عبد الله بن الزبير بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف القرشي الهاشمي، ابن عم النبي - ﷺ -، وأمه عاتكة بنت أبي وهب بن عمرو بن عائذ بن عمران بن =



فائدة ثانية:
الحُمَيدي هذا -بضم الحاء وفتح الميم- قال السمعاني: وهي نسبة إلى حُميد بطن من أسد بن عبد العزى بن قصي، وقال النووي في «إملائه»: هو نسبة إلى جده حميد المذكور وهو ما ذكر ابن طاهر في (…) (١)، وقال السمعاني: سمعت شيخي أبا القاسم إسماعيل بن محمد الحافظ يقول: هو منسوب إلى الحميدات وهي قبيلة.
فائدة ثالثة:
الحميدي هذا قد يشتبه بالحميدي المتأخر صاحب «الجمع بين الصحيحين» وهو العلامة أبو عبد الله محمد بن أبي نصر فتوح بن عبد الله بن فتوح بن حميد بن يصل -بمثناة تحت ثم صاد مهملة مكسورة ثم لام- الأندلسي، الإمام (ذو) (٢) التصانيف في فنون، سمع الخطيب وطبقته، وبالأندلس ابن حزم وغيره، وعنه الخطيب وابن ماكولا وخلق، وكان ثقة صالحًا إمامًا حافظًا متقنًا، متفقًا على جلالته وإمامته، سكن ببغداد مدة، ومات بها سابع عشر ذي الحجة من سنة ثمان وثمانين وأربعمائة، قال السمعانى: والحميدي هذا نسبة إلى جده حميد (٣).

------------------
= مخزوم، لا عقب له، وهو أخو ضباعة بنت الزبير، وكان الزبير أخا عبد الله أبي رسول الله - ﷺ - لأبيهما وأمهما. وشهد عبد الله قتال الروم في خلافة أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - وقتل يوم أجنادين، ووجد حوله عصبة من الروم قتلهم، ثم أثخنته الجراح فمات. انظر ترجمته في: «معجم الصحابة» للبغوي ٣/ ٥٢٢، ٥٢٣، «الاستيعاب» ٣/ ٣٨، ٣٩ (١٥٥٢)، «أسد الغابة» ٣/ ٢٤١ (٢٩٤٦).
(١) مقدار كلمة غير واضحة.
(٢) في (ف): ذوا.
(٣) انظر ترجمته في: «اللباب» ١/ ٣٩٢، «تذكرة الحفاظ» ٤/ ١٢١٨ - ١٢٢٢ (١٠٤١)، «سير أعلام النبلاء» ١٩/ ١٢٠ (٦٣)، «شذرات الذهب» ٣/ ٣٩٢.



فائدة رابعة:
الحُميدي -بالضم- يشتبه بالحَمِيدي -بالفتح وكسر الميم- نسبة لإسحاق بن تَكِيْنَك الحميدي، مولى الأمير الحميد الساماني، سمع من أبي إسحاق إبراهيم بن محمد بن سلم وغيره، نبه عليه السمعاني (١). قلت: وأبو بكر عتيق بن علي الصنهاجي الحَميدي -بالفتح أيضًا- ارتحل وسمع من نصر الله القزاز وتفقه، وله ديوان شعر، ثم ولي قضاء عدن، ومات باليمن، وذكر ابن ماكولا مع الحُميدي -بالضم- الجنيدي، وقال: يروي عنه ابن عَدِي ولا يُلبس، وما ذكرناه من الضم مع الفتح أولى، وكذا سُقْتُهُ في مختصري في المؤتلف والمختلف.
فائدة:
هذا الحديث على شرط مسلم أيضًا من هذا الوجه، فإنه أخرج لرجاله كلهم في «صحيحه» فتنبَّه له.
الوجه الرابع: في لطائف إسناده:
من لطائفه أن رجال إسناده ما بين مكي ومدني، فالأولان مكيان والباقون مدنيون.
ومن لطائفه رواية تابعي عن تابعي وهما يحيى ومحمد التيمي، وهذا كثير، وإن شئت قلت: فيه ثلاثة تابعيون بعضهم عن بعض بزيادة علقمة، على قول الجمهور كما سلف أنه تابعي لا صحابي (٢).

-------------------
(١) انظر: «اللباب» ١/ ٣٩٢.
(٢) قلت: هذا يسمى: المدبج أو رواية الأقران بعضهم عن بعض، كما هو مقرر في مصطلح الحديث. =



ومن لطائفه أيضًا: رواية صحابي عن صحابي على قول من عدّه صحابيًّا، ويقع أيضًا رواية أربعة من التابعين بعضهم عن بعض، ورواية أربعة من الصحابة بعضهم عن بعض أيضًا، وقد أفرد الحافظ أبو موسى الأصبهاني جزءًا لرباعي الصحابة وخماسيهم، وقد لخصته بحذف أسانيده، وسيأتي لك بعضه عند التوغل في هذا الشرح في أَمَسّ المواضع به إن شاء الله.
ومن الغريب العزيز رواية ستة من التابعين بعضهم عن بعض، وقد أفرده الخطيب البغدادي بجزء وجمع اختلاف طرقه، وهو حديث (منصور) (١) بن المعتمر، عن هلال بن يساف، عن الربيع بن خثيم، عن عمرو بن ميمون الأودي، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن امرأة من الأنصار، عن أبي أيوب، عن النبي - ﷺ - في أن ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (١)﴾ [الإخلاص: ١] تعدل ثلث القرآن (٢).

------------------
= فالمدبج هو أن يروي القرينان كل واحد منهما عن الآخر، والقرينان هما المتقاربان في السن والإسناد، المشتركان في الأخذ عن الشيوخ. فمثال المدبج في الصحابة: عائشة وأبو هريرة، روى كل واحد منهما عن الآخر، وفي التابعين: رواية الزهري عن عمر بن عبد العزيز، ورواية عمر، عن الزهري، وفي أتباع التابعين: رواية مالك عن الأوزاعي ورواية الأوزاعي عن مالك.
أما رواية الأقران: فهي أن يروي أحد القرينين عن الآخر فقط، مثاله: رواية سليمان التيمي عن مسعر بن كدام، فهما قرينان، ولا يعلم لمسعر رواية عن سليمان. انظر: «علوم الحديث» ص ٣٠٩ - ٣١٠، «المقنع» ٢/ ٥٢١ - ٥٢٣، «تدريب الراوى» ٢/ ٣٥٣ - ٣٥٦.
(١) في (ف): المنصور، والصواب ما أثبتناه، كما في مصادر التخريج.
(٢) رواه الترمذي (٢٨٩٦)، والنسائي ٢/ ١٧٢، وأحمد ٥/ ٤١٨، وعبد بن حميد في «المنتخب» ١/ ٢٢٣ (٢٢٢)، والطبراني ٤/ ١٦٧ (٤٠٢٨، ٤٠٢٩)، وابن عبد البر في «التمهيد» ٧/ ٢٥٥ - ٢٥٦. قال الترمذي: هذا حديث حسن. وقال =



قال يعقوب بن شيبة: وهذا أطول إسناد روي. قال الخطيب: والأمر كما قال، قال: وقد روي هذا الحديث أيضًا من طريق سبعة من التابعين، ثم ساقه من حديث أبي إسحاق الشيباني، عن عمرو بن مرة، عن هلال، عن عمرو، عن الربيع، عن عبد الرحمن، فذكره.
الوجه الخامس: في بيان الأنساب الواقعة فيه:
وقع فيه الحميدي والأنصاري والليثي والتيمي، أما الأول: فقد سلف بيانه، وأما الثاني: فنسبته إلى الأنصار، واحدهم نصير كشريف وأشراف، وبه جزم النووي، وقيل: ناصر كصاحب وأصحاب وهم قبيلتان: الأوس، والخزرج ابنا حارثة -بالحاء المهملة- بن ثعلبة العنقاء بن عمرو بن مُزَيْقِيَاء بن عامر ماء السماء بن حارثة الغطريف بن قيس بن امرئ القيس بن ثعلبة بن مازن بن الأزد بن الغوث بن نبت بن مالك بن زيد بن كهلان بن سبأ بن يَشْجُب بن يعرب بن قحطان بن عامر بن صالح بن أرفخشد بن سام بن نوح -عليه السلام-. وقحطان أصل العرب -أعني: عرب اليمن- واسم قحطان: يقطن وقيل: يَقطان؛ وسمي به لأنه كان أول من قحط أموال الناس من ملوك العرب. وقال ابن ماكولا اسمه: مهرّم (١).
وأما عرب الحجاز وهم العرب المستعربة فمن ذرية إسماعيل، وأما

---------------------
= شيخ الإسلام ابن تيمية: الأحاديث المأثورة عن النبي - ﷺ - في فضل: ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (١)﴾، وأنها تعدل ثلث القرآن من أصح الأحاديث وأشهرها، حتى قال طائفة من الحفاظ كالدارقطني: لم يصح عن النبي - ﷺ - في فضل سورة من القرآن أكثر مما صح عنه في فضل ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (١)﴾. «تفسير سورة الإخلاص» ص ٢٦، وصححه الألباني في «السلسلة الصحيحة» (٣٩٧٨).
(١) «الإكمال» ١/ ٣٤١، ٢/ ٥٦٦، ٧/ ٣٠٥.



العرب العاربة فهم: عاد وثمود وجرهم والعماليق وأمم سواهم، وقيل: إن جميع العرب ينسبون إلى إسماعيل، والمشهور ما ذكرناه. والخزرج أشرف من الأوس؛ لكون أخوال النبي - ﷺ - منهم، وهو وصفٌ لهم إسلامي، وقيل لهم ذَلِكَ؟ لنصرتهم رسول الله - ﷺ - في «الصحيح» كما سيأتي إن شاء الله تعالى في موضعه، عن غيلان بن جرير قال: قلت لأنس بن مالك: أرأيتم اسم الأنصار أكنتم تسمون به أم سماكم الله به؟ قال: بل سمانا الله (١). وتفرعوا بطونًا وأفخاذًا كثيرة.
وأما الليثي فنسبة إلى ليث بن بكر -كما أسلفناه- بن عبد مناة بن كنانة بن خزيمة بن مدركة، وقد ينسب في غير هذا إلى الجد دون القبيلة وإلى نزوله فيهم، ويشتبه الليث بأشياء ذكرتها في «المؤتلف».
وأما التيمي فنسبه إلى عدة قبائل اسمها تيم قريش، ومنها خلق كثير من الصحابة فمن بعدهم، منها: محمد بن إبراهيم السالف، ومنها تيم اللات بن ثعلبة، وتيم الرباب، وتيم ربيعة. ويشتبه التيمي بالتيَمي -بفتح الياء- بطن ابن غافق، منهم الماضي بن محمد سمع منه ابن وهب (٢).
الوجه السادس:
هذا الحديث أحد أركان الإسلام وقواعد الإيمان، ولا شك في صحته من حديث الإمام أبي سعيد يحيى بن سعيد الأنصاري، رواه عنه حفاظ الإسلام وأعلام الأئمة إمام دار الهجرة مالك (خ، م) بن

----------------------
(١) سيأتي برقم (٣٧٧٦) كتاب: مناقب الأنصار، باب: مناقب الأنصار.
(٢) هو أبو مسعود، الماضي بن محمد بن مسعود التمي الغافقي، روى «الموطأ» عن مالك، روى عنه ابن وهب، وتوفي سنة ثلاث وثمانين ومئة.
انظر: «اللباب في تهذيب الأنساب» ١/ ٢٣٢ - ٢٣٣.



أنس، وشعبة بن الحجاج، والحمادان: حماد (خ) بن زيد، وحماد بن سلمة، والسفيانان: سفيان الثوري وابن عيينة، والليث بن سعد، ويحيى بن سعيد القطان، وعبد الله بن المبارك، وعبد الوهاب (خ)، وخلائق لا يحصون كثيرة. وقد ذكره البخاري من حديث سفيان ومالك وحماد بن زيد وعبد الوهاب كما سلف.
قال أبو سعيد محمد بن على الخشَّاب الحافظ (١): روى هذا الحديث عن يحيى بن سعيد نحو مائتين وخمسين رجلًا.
قلت: وبلغهم ابن منده (٢) في «مستخرجه» فوق الثلاثمائة.
ولولا خشية الملالة لعددتهم، وقال الحافظ أبو موسى الأصبهاني: سمعت الحافظ أبا مسعود عبد الجليل (محمد) (٣) يقول في المذاكرة:

-------------------
(١) هو الإمام المحدث المفيد الثقة، أبو سعيد محمد بن علي بن محمد بن أحمد بن حبيب النيسابوري، الخشاب، الصافر، ولد سنة إحدى وثمانين وثلاثمائة.
قال عبد الغافر في سياق تاريخ نيسابور: كان محدثًا مفيدًا، من خواص خدم أبي عبد الرحمن السلمي، وكان صاحب كتب حتى صار بُندار كتب الحديث بنيسابور.
توفي في ذي القعدة سنة تسع وخمسين وأربعمائة.
انظر ترجمته في: «سير أعلام النبلاء» ١٨/ ١٥٠ - ١٥١، «شذرات الذهب» ٣/ ٣٠١.
(٢) هو الإمام أبو القاسم عبد الرحمن بن الإمام أبي عبد الله محمد بن المحدث أبي يعقوب إسحاق بن الحافظ أبي عبد الله محمد بن يحيى بن منده، العبدي الأصبهاني، أبوه صاحب تصانيف منها «معرفة الصحابة». ولد سنة ثلاث وثمانين وثلاثمائة، وسمع أباه وأبا بكر بن مردويه وغيرهم، وكان كبير الشأن جليل القدر كثير السماع، سافر إلى الحجاز وبغداد وهمذان وخراسان، وكتابه المذكور هو «المستخرج من كلام الناس» قيد التحقيق بدار الفلاح.
انظر ترجمته في: «سير أعلام النبلاء» ١٨/ ٣٤٩، «شذرات الذهب» ٣/ ٣٣٧ - ٣٣٨.
(٣) في (ف): أحمد، والمثبت هو الصواب.
وهو الشيخ الإمام الحافظ المتقن محدث أصبهان، أبو مسعود، عبد الجليل بن محمد بن عبد الواحد بن محمد الأصبهاني كُوتاه، ولد سنة ست وسبعين وأربعمائة. =



قال الإمام عبد الله الأنصاري: كتبت هذا الحديث عن سبعمائة نفر من أصحاب يحيى بن سعيد، وقال الحافظان: أبو موسى المديني (١)، وشيخ الإسلام أبو إسماعيل الهروي: إنه رواه عن يحيى سبعمائة رجل (٢).
ثم تنبه بعد ذَلِكَ لقولين ساقطين:
الأول: ما رأيته في أول كتاب «تهذيب مستمر الأوهام» لابن ماكولا أنه يقال: إن يحيى بن سعيد لم يسمعه من التيمي.
الثانية: ذكرها هو أيضًا في موضع آخر أنه يقال: لم يسمعه التيمي من علقمة (٣). وبيان وهن هاتين المقالتين رواية البخاري السالفة أول «صحيحه» فإن فيها: عن يحيى بن سعيد، أخبرني محمد بن إبراهيم

-------------------
= قال الحافظ أبو موسى: هو أوحد وقته في علمه مع حسن طريقته وتواضعه.
مات في شعبان سنة ثلاث وخمسين وخمسمائة.
انظر ترجمته في: «المنتظم» ١٠/ ١٨٢، «سير أعلام النبلاء» ٢٠/ ٣٢٩ - ٢٣١، «شذرات الذهب» ٤/ ١٦٧.
(١) أبو موسى محمد بن أبى بكر عمر بن أبى عيسى أحمد بن عمر بن محمد بن أحمد بن أبى عيسى المديني الأصبهاني الشافعي صاحب التصانيف، إمام علامة، حافظ كبير، ثقة شيخ المحدثين، ولد سنة ٥١١ هـ، ومات سنة ٥٨١ هـ.
انظر: «وفيات الأعيان» ٤/ ٢٨٦ (٦١٨)، «سير أعلام النبلاء» ٢١/ ١٥٢ - ١٥٩ (٧٨)، «الوافي بالوفيات» ٤/ ٢٤٦، ٢٤٧ (١٧٨٤)، «شذرات الذهب» ٤/ ٣٧٣.
(٢) قال الحافظ في «الفتح» ١/ ١١: وأنا أستبعد صحة هذا، فقد تتبعت طرقه من الروايات المشهورة والأجزاء المنثورة منذ طلبت الحديث إلى وقتي هذا فما قدرت على تكميل المائة. اهـ. وقال في «التلخيص الحبير» ١/ ٥٥: تتبعته من الكتب والأجزاء حتى مررت على أكثر من ثلاثة آلاف جزء فما استطعت أن أكمل له سبعين طريقًا. اهـ.
(٣) «تهذيب مستمر الأوهام» ص ٦١ - ٦٢ بتصرف.



التيمي أنه سمع علقمة بن وقاص فذكره، وكذا صرح بذلك في كتاب: الأيمان والنذور كما سلف لك، وإنما ذكرت هاتين المقالتين لأُنَبِّه على وَهنهما وشذوذهما وأنهما لا يقدحان في الإجماع السالف على صحته، ومثلهما في الوهن قول ابن جرير الطبري في «تهذيب الآثار»: إن هذا الحديث قد يكون عند بعضهم مردودًا؛ لأنه حديث فرد (١).
الوجه السابع:
هذا الحديث قد رواه عن النبي - ﷺ - غير عمر، من الصحابة - رضي الله عنهم -، وإن كان الحافظ أبو بكر البزار قال: لا نعلم رُوِيَ هذا الحديث إلا عن عمر، عن رسول الله بهذا الإسناد (٢). وكذا ابن السكن في كتابه المسمى بـ «السنن الصحاح المأثورة» حيث قال: لم يروه عن النبي - ﷺ - بإسناد غير عمر بن الخطاب، وكذلك الإمام أبو عبد الله محمد بن عتَّاب، حيث قال: لم يروه عن النبي - ﷺ - غير عمر. وذكره الحافظ أبو يعلى القزويني في كتابه «الإرشاد» من حديث عبد المجيد، عن مالك، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخدري، عن النبي - ﷺ -: «الأعمال بالنية» (٣). ثم قال: ورواه عنه نوح بن حبيب وإبراهيم بن عتيق، وهو حديث غير محفوظ عن زيد بن أسلم بوجه.
فهذا مما أخطا فيه الثقة عن الثقة، وإنما هو حديث آخر أُلصق بهذا، وهذا مما غلط فيه عبد المجيد (٤).
ورواه الدارقطني في «أحاديث مالك التي ليست في الموطأ» ولفظه:

------------------
(١) «تهذيب الآثار» ص ٧٨٦، مسند عمر بن الخطاب، السفر الثاني.
(٢) «البحر الزخار» ١/ ٣٨٠ (٢٥٧).
(٣) «الإرشاد» ١/ ٢٣٣ (٢٨).
(٤) «الإرشاد» ١/ ١٦٧.



«إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، ولكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوى» إلى آخره، ثم قال: تفرد به عبد المجيد، عن مالك، ولا نعلم حدث به عن عبد المجيد غير نوح بن حبيب وإبراهيم بن محمد العتيقي. قلت: وعبد المجيد هو ابن (عبد العزيز) (١) بن أبي رواد المكي، وهو من رجال مسلم مقرونًا، ووثَّقه يحيى وغيره. وقال أحمد: ثقة يغلو في الإرجاء. وقال أبو حاتم: ليس بالقوي يكتب حديثه (٢). وقال الدارقطني: لا يحتج به (٣). وأما الخطابي فإنه أحال الغلط على الراوي عنه فقال: لا أعلم خلافًا بين أهل العلم أن هذا الحديث لا يصح مسندًا إلا من حديث عمر، وقد غلط فيه نوح بن حبيب (٤)، ونوح هذا ثقة صاحب سنة، وأخرج له أبو داود والنسائي وقال: لا بأس به (٥)، وقال الخطيب: هو ثقة، أمر أحمد بن حنبل أن يكتب حديثه (٦).
وقال ابن منده الحافظ: رواه عن النبي - ﷺ - غير عُمَرَ سعدُ بن أبي وقاص، وعلي بن أبي طالب، وأبو سعيد الخدري وعبد الله بن مسعود، وعبد الله بن عمر، وأنس، وابن عباس، ومعاوية، وأبو هريرة، وعبادة بن الصامت، وعتبة بن عبد السلمي (وهزال بن

-----------------
(١) في (ف): عبد الله، والصواب ما أثبتناه كما في مصادر الترجمة.
(٢) «الجرح والتعديل» ٦/ ٦٥.
(٣) انظر ترجمته في: «الطبقات الكبرى» ٥/ ٥٠٠، «التاريخ الكبير» ٦/ ١١٢ (١٨٧٥)، «تهذيب الكمال» ١٨/ ٢٧١ - ٢٧٦ (٣٥١٠).
(٤) «أعلام الحديث» ١/ ١١١.
وتعقبه العراقي في «طرح التثريب» ٢/ ٤ - ٥، فقال: وما قاله الخطابي ليس بجيد، فإنه لم ينفرد به نوح عنه بل رواه غيره عنه وإنما الذي تفرد به ابن أبي رواد كما قال الدارقطني وغيره. اهـ.
(٥) انظر: «تاريخ بغداد» ١٣/ ٣٢١.
(٦) «تاريخ بغداد» ١٣/ ٣٢٠، ٣٢١.



حدث خطأ في تحميل الصفحة

الجُذامي ومحمد بن المنكدر.
ورواه عن علقمة غير التيمي: سعيد بن المسيب، ونافع مولى ابن عمر، وتابع يحيى بن سعيد على روايته عن التيمي (محمد) (١) بن علقمة أبو الحسن الليثي، وداود بن أبي الفرات، ومحمد بن إسحاق، وحجاج بن أرطاة، وعبد الله بن قيس الأنصاري.
الوجه التاسع:
ادعى الخليلي أن الذي عليه الحفاظ أن الشاذ ما ليس له إلا إسناد واحد، يشذ به ثقة أو غيره، فما كان عن غير ثقة فمردود وما كان عن ثقة توقف فيه، ولا يحتج به (٢). وقال الحاكم: إنه ما انفرد به ثقة وليس له أصل يتابع (٣).
وما ذكراه يشكل بما ينفرد به العدل الضابط كهذا الحديث؛ فإنه لا يصح إلا فردًا و(ليس له) (٤) متابع أيضًا كما سلف، ومثل هذا الحديث النهي عن بيع الولاء وهبته الآتي في بابه تفرد به عبد الله بن دينار، عن ابن عمر، عن النبي - ﷺ - (٥)، وقد قال مسلم في «صحيحه»: للزهري نحو من تسعين حديثًا يرويها عن النبي - ﷺ - لا يشاركه فيها أحد بأسانيد جياد (٦)، وما أبدع حد الشافعي رحمه الله للشاذ، حيث

-----------------
= المختصر«٢/ ٢٤٨، ولم أقف له أيضا على ترجمة، والله أعلم.
(١) في (ف) محمد بن محمد، والصواب ما أثبتناه كما في»تهذيب الكمال«٢٦/ ٢١٢.
(٢)»الإرشاد«للخليلي ١/ ١٧٦.
(٣)»معرفة علوم الحديث«للحاكم ص ١١٩.
(٤) في (ف): وله، ولعل الصواب ما أثبتناه حتى يستقيم السياق والله أعلم.
(٥) سيأتي برقم (٢٥٣٥) كتاب: العتق، باب: بيع الولاء وهبته.
(٦)»صحيح مسلم" عقب الرواية (١٦٤٧).



بريء منه، وهو للذي أشرك» (١) وفي رواية: «تركته وشركه»، وحديث: «من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله» (٢).
الوجه العاشر:
قول البخاري رحمه الله: (ثنا الحميدي)، وقول يحيى بن سعيد (أخبرني) يتعلق به مسائل:
الأولى: في كتابة: نا وأنا، وقد أسلفنا الكلام عليه في القاعدة الخامسة عشر في الفصل المعقود لها فرَاجِعْها منه.
الثانية: جرت العادة أنْ يقال فيما سمعه وحده من لفظ الشيخ: حَدَّثَني، ومع غيره: ثنا، وفيما قرأ عليه بنفسه: أخبرني، وفيما قرأ عليه بحضوره: أنا، فإن شك هل كان وحده أو مع غيره؟ فيحتمل أن يقال: يقول: حَدَّثَني أو أخبرني؛ لأن عدم غيره هو الأصل، واختاره البيهقي، ولا يقول: ثنا، فإن كان حَدَّثَني أكمل مرتبة منها فيقتصر

----------------
= الوصايا، باب: أن يترك ورثته أغنياء، (٣٩٣٦) كتاب: مناقب الأنصار، باب: قول النبي - ﷺ - «اللهم أمضِ لأصحابي هجرتهم»، (٤٤٠٩) كتاب: المغازي، باب: حجة الوداع، (٥٣٥٤) كتاب: النفقات، باب: فضل النفقة على الأهل. (٥٦٦٨) كتاب: المرض، باب: ما رخص للمريض أن يقول: إني وجع، (٦٣٧٣) كتاب: الدعوات، باب: التعوذ من البخل، (٦٧٣٣) كتاب: الفرائض، باب: ميراث البنات. ورواه مسلم (١٦٢٨) كتاب: الوصية: باب الوصية بالثلث.
(١) رواه مسلم (٢٩٨٥) كتاب: الزهد والرقائق، باب من أشرك في عمله غير الله، وابن ماجه (٤٢٠٢)، وأحمد ٢/ ٣٠١، وابن خزيمة ٢/ ٦٧ - ٦٨ (٩٣٨) كلهم من حديث أبي هريرة.
(٢) سيأتي برقم (٧٤٥٨) كتاب: التوحيد، باب: قوله تعالى: وقد ﴿وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا﴾، ورواه مسلم (١٩٠٤) كتاب: الاِمارة، باب: من قاتل لتكون كلمة الله هى العليا فهو فى سبيل الله، عن أبي موسى الأشعري.



على الناقص، وهو ما قاله الإمام يحيى القطان فيما إذا شك أن الشيخ قال: نا فلان أو حَدَّثَني، ثم إن هذا التفصيل من أصله مستحب، ويجوز في حَدَّثَني: نا، وفي أخبرني: أنا، وذلك سائغ في كلام العرب.
الثالثة: أرفع الأقسام عند الجماهير السماع من لفظ المُسْمِع، قال الخطيب: وأرفع العبارات: سمعت ثم نا، وحَدَّثَني، فإنه لا يكاد أحد يقول في الإجازة والكتابة: سمعت لأنه يدلس ما لم يسمعه، وكان بعضهم يستعمل ثنا في الإجازة (١).
وقال ابن الصلاح: نا، وأنا أرفع من سمعت؛ إذ ليس في سمعت دلالة أن الشيخ خاطبه، بخلافهما كما وقع لأبي القاسم الآبندوني (٢)، فإنه كان عسر الرواية، فكان البرقاني يجلس بحيث لا يراه أبو القاسم، ولا يعلم بحضوره فيسمع منه ما يحدث به، فكان يقول: سمعت، ولا يقول: نا ولا أنا؛ لأن قصده الرواية للداخل عليه (٣).
قلت: ولك أن تقول: نا أيضًا، قد استعملها بعضهم في الإجازة كما سلف، ولا شك في انحطاط رتبتها عن السماع.
الرابعة: في إطلاق نا، وأنا في القراءة على الشيخ ثلاث مذاهب: المنع، والجواز، والمنع في نا والجواز في أنا، والأول قول جماعة

------------------
(١) انظر: «الكفاية» ص ٤١٢ - ٤١٣.
(٢) هو أبو القاسم عبد الله بن إبراهيم بن يوسف الآبندوني الجرجاني، كان إمامًا حافظًا زاهدًا ثقة مأمونًا ورعًا مكثرًا من الحديث، وكان من أقران أبي بكر الإسماعيلي وأبي أحمد ابن عدي الحافظ، وروى عنه الحاكم أبو عبد الله الحافظ، وأبو بكر البرقاني الخوارزمي.
مات سنة ثمان أو سبع وستين وثلاثمائة.
انظر ترجمته في: «تاريخ بغداد» ٩/ ٤٠٨، «الأنساب» للسمعاني ١/ ٩١ - ٩٢.
(٣) «مقدمة ابن الصلاح» ص ١٣٥ - ١٣٦.



منهم: أحمد، وصححه الآمدي (١)، والغزالي (٢) من الأصوليين، وهو مذهب المتكلمين.
والثاني: منسوب إلى معظم الحجازيين والكوفيين ومالك والبخاري أيضًا، وصححه ابن الحاجب (٣) من الأصوليين، وعن الحاكم أنه مذهب الأئمة الأربعة (٤).
والثالث: نسب إلى الشافعي وأصحابه ومسلم بن الحجاج وجمهور أهل المشرق، ونقل عن أكثر المحدثين أيضًا ومنهم ابن وهب (٥)، وقيل: إنه أول من أحدث هذا الفرق بمصر، وصار هو الشائع الغالب على أهل الحديث (٦)، وقد أعاد أبو حاتم الهروي قراءة «صحيح البخاري» كله؛ لأنه قرأه على بعض الشيوخ عن الفربري، وكان يقول له في كل حديث: حدثكم الفربري، فلما فرغ من الكتاب سمع الشيخ يذكر له إنما سمع الكتاب من الفربري قراءة عليه، فأعاده وقال له في جميعه: أخبركم الفربري (٧).
وقد ذكر البخاري في باب: العلم كما ستعلمه: عن الحميدي عن

-----------------
(١) «الإحكام» ٢/ ١٠٠.
(٢) «المستصفى» ١/ ٣١٠.
(٣) «منتهى الوصول» ص ٨٣.
(٤) «معرفة علوم الحديث» ص ٢٥٩ - ٢٦٠.
(٥) «مقدمه ابن الصلاح» ص ١٣٢ - ١٣٧، «المقنع في علوم الحديث» ص ٢٨٨ - ٢٩٢.
(٦) انظر: «علوم الحديث» ص ١٤٠، ثم قال ابن الصلاح: وهذا يدفعه أن ذلك مروي عن ابن جريج والأوزاعي حكاه عنهما الخطيب، إلا أن يعني أنه أول من فعل ذلك بمصر، والله أعلم. اهـ.
(٧) أوردها الخطيب في «الكفاية» ص ٤٣٦.



ابن عيينة أنه قال: نا وأنا وأنبأنا وسمعت واحد (١)، وقد أتى البخاري في هذا الحديث بألفاظ، فقال: نا الحميدي، نا سفيان، وفي بعض نسخه، وهي نسخة شيخنا قطب الدين عن سفيان، ثم قال: أخبرني محمد، ثم قال سمعت عمر، فكأنه يقول: هذِه الألفاظ كلها تفيد السماع والاتصال (٢).
الوجه الحادي عشر:
قام الإجماع على أن الإسناد المتصل بالصحابي لا فرق فيه بين أن يأتي بلفظ: سمعت، أو بلفظ: عن، أو بلفظ: أن، أو بلفظ: قال. وقد ذكر البخاري في هذا الحديث الألفاظ الأربعة، فذكره هنا وفي الهجرة (٣) والنذور وترك الحيل بلفظ: سمعت رسول الله - ﷺ -. وفي باب: العتق بلفظ: عن. وفي؛ باب: الإيمان بلفظ: أنَّ، وفي النكاح بلفظ: قال.
نعم. وقع الاختلاف فيمن دونه إذا قال: عن، فقيل: إنه من قبيل المرسل والمنقطع حَتَّى يتبين اتصاله بغيره، والصحيح أنه من قبيل المتصل بشرط أن لا يكون المُعَنعِنُ مدلسًا، وبشرط إمكان لقاء بعضهم بعضا. وفي اشتراط ثبوت اللقاء وطول الصحبة ومعرفته بالراوية عنه مذاهب:

------------------
(١) سيأتي قبل الرواية (٦١) كتاب: العلم، باب: قول المحدث: حدثنا أو أخبرنا أو أنبانا.
(٢) ورد بهامش (ف) ما نصه: بلغ إبراهيم بن محمد بن خليل الحلبي قراءة على شيخنا حافظ الإسلام المصنف، وسمعه الأئمة شيخنا شمس الدين محمد الصفدي والبستاني الحاضري وأبو الحسن التيمي وابن بهرام وآخرون.
(٣) من كتاب: «المناقب» حديث رقم (٣٨٩٨).



أحدها: لا يشترط شيء من ذَلِكَ، ونقل مسلم في مقدمة «صحيحه» الإجماع عليه (١).
وثانيها: يشترط ثبوت اللقاء وحده، وهو قول البخاري والمحققين.
وثالثها: يشترط طول الصحبة.
ورابعها: يشترط معرفته بالرواية عنه، وقد أسلفنا كل ذَلِكَ في القاعدة الخامسة السالفة أول الكتاب في المقدمات.
والحميدي مشهور بصحبة ابن عيينة، وهو أثبت الناس فيه، قال أبو حاتم: هو رئيس أصحابه ثقة إمام (٢). وقال ابن سعد: هو صاحبه وراويته (٣). والأصح أنَّ أنْ كعن بالشرط المتقدم. قلت: ولغة بني تميم إبدال العين من الهمزة، وقال أحمد وجماعة: يكون منقطعًا حَتَّى يتبين السماع.
الوجه الثاني عشر:
ذكر البخاري في بعض رواياته لهذا الحديث: سمعت رسول الله - ﷺ -. وفي بعضها: سمعت النبي - ﷺ -. كما قدمناه. وتتعلق بذلك مسألة مهمة وهي: هل يجوز تغيير قال النبي إلى قال الرسول أو عكسه؟ وقد سلفت أول الكتاب.
قال ابن الصلاح: والظاهر أنه لا يجوز، وإن جازت الرواية بالمعنى؛ لاختلاف معنى الرسالة والنبوة (٤). وسهل في ذَلِكَ الإمام أحمد وحماد بن سلمة والخطيب، وصوبه النووي، فإنه لا يختلف به

----------------------
(١) «صحيح مسلم» ١/ ٣٢.
(٢) «الجرح والتعديل» ٥/ ٥٧.
(٣) «الطبقات الكبرى» ٥/ ٥٠٢.
(٤) «مقدمة ابن الصلاح» ص ٢٣٣.



هنا معنى (١)، وهو كما قال. وبهذا يظهر ردُّ بحثِ مَن بحثَ، حيث قال: لو قيل: يجوز تغيير النبي إلى الرسول دون عكسه لما بعد؛ لأن في الرسول معنى زائدًا على النبي وهو الرسالة.
قلت: وهذِه المسألة من أصلها مبنية على أن الرسالة أخص من النبوة، وهو ما عليه الجمهور.
وأما من قال: إنهما بمعنى، فلا يأبى هذا، وقد أوضحت الكلام على ذَلِكَ في كتابنا المسمى بـ«الإعلام بفوائد عمدة الأحكام» في شرح الخطبة مع فوائد جمة متعلقة بذلك، وذكرت فيه أن من الغرائب ما قاله الحليمي (٢): إن الإيمان يحصل بقول الكافر: آمنت بمحمد النبي دون محمد الرسول، معللًا بأن النبي لا يكون إلا لله، والرسول قد يكون لغيره. وقلت فيه: كأنه أراد أن لفظ الرسول يستعمل عرفًا في غير الرسالة إلى الخلق، بخلاف النبوة فإنها لا تستعمل إلا في النبوة الشرعية دون اللغوية (٣).
ثم اعلم أنه يتأكد الاعتناء بالجمع بين الصلاة والتسليم عند ذكره

-------------------------
(١) «مسلم بشرح النووي» ١/ ٣٨.
(٢) الحليمي هو أبو عبد الله، الحسين بن الحسن بن محمد بن حليم البخاري، الشافعي أحد الأذكياء الموصوفين، ومن أصحاب الوجوه في المذهب، كان متفننا، سيّال الذهن، مناظرًا، طويل الباع في الأدب والبيان. ولد في سنة ثمان وثلاثين وثلاثمائة، وله مصنفات نفيسة، توفي في شهر ربيع الأول سنة ثلاث وأربعمائة.
انظر ترجمته في: «وفيات الأعيان» ٢/ ١٣٧، ١٣٨، «سير أعلام النبلاء» ١٧/ ٢٣١ - ٢٣٤، «الوافي بالوفيات» ١٢/ ٣٥١، «طبقات السبكي» ٤/ ٣٣٣ - ٣٤٣.
(٣) «الإعلام بفوائد عمدة الأحكام» ١/ ١٠٨.



عليه أفضل الصلاة والسلام، وقد نص العلماء على كراهة إفراد أحدهما (١).
الوجه الثالث عشر:
اختلف النحاة في (سمعت) هل يتعدى إلى مفعولين؟ على قولين: أحدهما: نعم، وهو مذهب أبي علي الفارسي في «إيضاحه» قال: لكن لابد أن يكون الثاني مما يُسْمَع، كقولك: سمعت زيدًا يقول كذا، ولو قلت: سمعمت زيدًا أخاك لم يجز (٢)، والصحيح أنه لا يتعدى إلا إلى مفعول واحد، والفعل الواقع بعد المفعول في موضع الحال، أي: سمعته حال قوله كذا.
الوجه الرابع عشر:
(الْمِنْبَرِ) -بكسر الميم- مشتق من النبر وهو الارتفاع، قاله أهل اللغة (٣)، قال الجوهري: نبرت الشيء، أنْبُرُه نبرًا: رفعته. ومنه سمي المِنبر (٤).
الخامس عشر:
لفظة: «إنما» موضوعة للحصر، تثبت المذكور، وتنفى ما عداه، هذا مذهب الجمهور من أهل اللغة والأصول وغيرهما. وعلى هذا هل هو بالمنطوق أو بالمفهوم؟ فيه مذهبان حكاهما ابن الحاجب (٥)،

------------------
(١) انظر: «مقدمة ابن الصلاح» ص ١٩٠، «مسلم بشرح النووي» ١/ ٤٤، «المقنع» ١/ ٣٥٣.
(٢) «الإيضاح» ١/ ١٩٧.
(٣) «لسان العرب» ٥/ ١٨٨، «تاج العروس» ١/ ٣٥١٠، مادة: (نبر).
(٤) «الصحاح» ٢/ ٨٢١، مادة: (نبر).
(٥) «المنتهى» لابن الحاجب ص ١١٢.



ومقتضى كلام الإمام وأتباعه أنه بالمنطوق (١)، واختار الآمدي أنها لا تفيد الحصر بل تفيد تأكيد الإثبات (٢)، وهو الصحيح عند النحويين (٣)، وقيل: تفيده وضعًا لا عرفًا، حكاه بعض المتأخرين، ومحل بسط المسألة كتب الأصول والعربية فلا نطول به.
فائدتان: الأولى: (أنما) -بفتح الهمزة- كإنما قاله الزمحشري (٤) في قوله تعالى: ﴿قُلْ إِنَّمَا يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ﴾ [الأنبياء: ١٠٨].
وعُدَّ ذَلِكَ من أفراده (٥)، ومنع بعض شيوخنا الحصر هنا لاقتضائه أنه لم يُوْحَ إليه غير التوحيد (٦). وفيما ذكره نظر، فإن الخطاب مع المشركين، فالمعنى: ما أُوحي إِلَيَّ في أمر الربوبية إلا التوحيد لا الإشراك (٧).
الثانية: للحصر أدواتٌ أُخَرُ منها: حصر المبتدأ في الخبر نحو: العالم زيد (٨)، ومنها: تقديم المعمولات على ما قاله الزمخشري (٩) وجماعة نحو: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ﴾ [الفاتحة: ٥]، ومنها إلا، على اختلاف

------------------
(١) «التمهيد» للإسنوي ص ٢١٨، «الإبهاج» ١/ ٣٥٦.
(٢) «الإحكام» ٣/ ١٠٦.
(٣) انظر: «مغني اللبيب» ص ٤٠٦.
(٤) «الكشاف» ٣/ ٢٠٨.
(٥) قاله أبو حيان، انظر: «مغني اللبيب» ص ٥٩، «القواعد والفوائد الأصولية» للبعلي ص ١٤٠.
(٦) وهو منقول أيضًا عن أبي حيان، انظر المصادر السابقة.
(٧) انظر: «مغني اللبيب» ص ٥٩، «القواعد والفوائد الأصولية» ص ١٤٠.
(٨) قلت: المسألة خلافية، فقد ذهب الحنفية والقاضي أبو بكر وجماعة من المتكلمين إلى أنه لا يفيد الحصر، واختاره الآمدي، وذهب الغزالي والهراسي وجماعة من الفقهاء إلى أنه يدل على الحصر. انظر: «الإحكام» ٣/ ١٠٦.
(٩) «الكشاف» ١/ ٤، ٧.



https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...b61e7e5bc3.gif


ابوالوليد المسلم 23-12-2025 11:42 PM

رد: التوضيح لشرح الجامع الصحيح أبو حفص عمر بن علي بن أحمد الأنصاري المعروف بـ ابن ال
 
https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...b61e7e5bc2.gif


الكتاب: التوضيح لشرح الجامع الصحيح
المؤلف: سراج الدين أبو حفص عمر بن علي بن أحمد الأنصاري الشافعي

المعروف بـ ابن الملقن (٧٢٣ - ٨٠٤ هـ)
الناشر: دار النوادر، دمشق - سوريا
الطبعة: الأولى، ١٤٢٩ هـ - ٢٠٠٨ م
عدد الأجزاء: ٣٦ (٣٣ والفهارس)

المجلد (2)
من صـــ 171 الى صـــ 190
الحلقة (25)





فيها، ومنها لام كي، كقوله تعالى: ﴿وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً﴾ [النحل: ٨]، قاله الباجي (١)، ومنها السبر والتقسيم (٢) نحو: إن لم يكن زيد متحركًا فهو ساكن.
السادس عشر:
في الحديث مع «إنما» صيغة حَصْرٍ أخرى، وهي المبتدأ والخبر الواقع بعده، وقد أسلفنا عن البخاري أنه رواه مرة بإسقاط «إنما» فكل منهما إذا انفرد يفيد ما أفاده الآخر واجتماعهما آكد.
السابع عشر:
«الأَعْمَال» حركات البدن، ويتجوز بها عن حركات النفس، وعبَّر بها دون الأفعال؛ لئلا تتناول أفعال القلوب، ومنها النية ومعرفة الله تعالى، فكان يلزم أن لا يصحَّان إلا بنية، لكن النية فيهما محال؛ أما النية فلأنها لو توقفت على نية أخرى لتوقفت الأخرى على أخرى ولزم التسلسل أو الدور، وهما محالان. وأما معرفة الله تعالى؛ فلأنها لو توقفت على النية، -مع أن النية قصد المنوي بالقلب- لزم أن يكون عارفًا بالله قبل معرفته وهو محال. ولأن المعرفة وكذا الخوف والرجاء مميزة لله تعالى بصورتها- وكذا التسبيح وسائر الأذكار والتلاوة، لا يحتاج شيء منها إلى نية التقرب به بل إلى مجرد القصد له، ولهذا لما كان الركوع والسجود في الصلاة غير ملتبس بهما لم يجب فيهما ذكر،

----------------
(١) «المنتقى» ٣/ ١٣٢.
(٢) السبر والتقسيم: هو حصر الأوصاف في الأصل المقيس عليه وإبطال ما لا يصلح بدليل فيتعين أن يكون الباقي علة، والسبر لغة: الاختبار ومنه الميل الذي يختبر به الجرح، فإنه يقال له: المسبار، وسمي هذا به؛ لأن المناظر يقسم الصفات ويختبر كل واحدِ منها، هل تصلح للعلية أم لا؟ =


بخلاف القيام والقعود في التشهد فإن كلًّا منهما ملتبس بالعادة، فوجب في القيام القراءة وفي القعود التشهد ليتميزا عن العادة.
ثم اعلم أن الأعمال ثلاثة: بدني، وقلبي، ومُرَكَّب منهما:
فالأول: كل عمل لا يشترط فيه النية: كرد الغصوب، والعواري، والودائع، والنفقات، وكذا إزالة النجاسة على الصواب وغير ذَلِكَ.
والثاني: كالاعتقادات، والتوبة، والحب في الله، والبغض فيه، وما أشبه ذَلِكَ.
والثالث: كالوضوء، والصلاة، والحج، وكل عبادة بدنية، فيشترط فيها النية قولًا كانت أو فعلًا كما سيأتي. وبعض الخلافيين يخصص العمل بما لا يكون قولًا، وفيه نظرٌ؛ لأن القول عمل جارحي أيضًا، أما الأفعال فقد استعملت مقابلة للأقوال. ولا شك أن هذا الحديث يتناول الأقوال.
الوجه الثامن عشر:
«النِّيَّاتِ»: جمع نية -بالتشديد والتخفيف-، فمن شدد -وهو المشهور- كانت من نوى ينوي إذا قصد وأصله نوية، قلبت الواو ياء ثم أدغمت في الياء بعدها لتقاربهما، ومن خفف كانت من ونى يني إذا أبطا وتأخر؛ لأن النية تحتاج في توجيهها وتصحيحها إلى إبطاء وتأخر (١). ويقال: نويت فلانًا وأنويته بمعنًى.

----------------
= انظر: «المختصر في أصول الفقه» لابن اللحام ص ١٤٨، «المنخول» ص ٣٥٠، «شرح الكوكب المنير» ٤/ ١٤٢، «إرشاد الفحول» ٢/ ٨٩٢.
(١) قال العيني في «عمدة القاري» ١/ ٢٦: وهذا بعيد لأن مصدر ونى يني وَنْيًا، قال الجوهري: يقال: ونيت في الأمر أني ونًى ووَنيًا، أي: ضعفت فأنا وانٍ. اهـ.
وانظر: «الصحاح» ٦/ ٢٥٣١.



الوجه التاسع عشر: الباء في قوله: («بِالنِّيَّاتِ»)، يحتمل أن تكون باء السببية، ويحتمل أن تكون باء المصاحبة (١)، ويتخرج على ذَلِكَ أن النية جزءٌ من العبادة أم شرط، وستعلم ما فيه قريبًا.
الوجه العشرون:
وجه إفراد النية على رواية البخاري في الإيمان كونها مصدرًا، وجمعت هنا، لاختلاف أنواعها ومعانيها؛ لأن المصدر إذا اختلفت أنواعه جُمع، فمتى أُريد مطلق النية -من غير نظر لأنواعها- تعين الإفراد، ومتى أريد ذَلِكَ جُمعت.
الوجه الحادي بعد العشرين:
أفردت أيضًا وجمعت الأعمال؛ لأن المفرد المُعَرَّف عام، والمراد أن كل عمل على انفراده تعتبر فيه نية مفردة، ويحتمل أن العمل الواحد يحتاج إلى نيات إذا قُصِدَ كمال العمل، كمن قصد بالأكل دفع الجوع، وحفظ النفس، والتقوي على العبادة، وما أشبه ذَلِكَ، وبسبب تعدد النيات يتعدد الثواب.
الوجه الثاني بعد العشرين:
أصل النية: القصد، تقول العرب: نواك الله بحفظه، أي: قصدك الله بحفظه، كذا نقله عنهم جماعة من الفقهاء، واعترض ابن الصلاح

--------------------
(١) باء السببية هي التي يَصلح غالبًا في موضعها اللام وقد يصلح موضعها لفظ (بسبب) ومنه قوله تعالى ﴿إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ﴾. أما باء المصاحبة فلها علامتان: إحداهما: أن يحسن في موضعها (مع)، والأخرى: أن يغني عنها وعن مصحوبها الحال. كقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ﴾ أي مع الحق أو محقًا، وقوله: ﴿قِيلَ يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلَامٍ﴾ أي: مع سلام أو مسلمًا عليك. ولصلاحية وقوع الحال موقعها سماها كثير من النحويين باء الحال.


فقال: هذِه عبارة منكرة؛ لأن المقصود مخصوص بالحادث، فلا يضاف إلى الله تعالى.
قال: وفي ثبوت ذَلِكَ عن العرب نظر؛ لأن الذي في «الصحاح»: نواك الله، أي: صحبك في السفر وحفظك (١)، وقال الأزهري: يقال: نواه الله، أي: حفظه (٢)، وهذا الذي أنكره عليهم غير منكر بل صحيح، وقد قال: هو في القطعة التي شرحها من أول (٣) «صحيح مسلم»، وقد ورد عن العرب: نواك الله بحفظه. هذا كلامه، ومعلوم أن من أطلق القصد لم يرد القصد الذي هو من صفة الحادث بل أراد الإرادة، إذا تقرر هذا، فالمراد هنا قصد الشيء المأمور تقربًا إلى الله تعالى مقترنًا بقصده. فإن قصد وتراخى عنه فهو عزم. وجعل الحافظ أبو الحسن علي بن المفضل المقدسي (٤) في «أربعينه» النيةَ، والإرادةَ، والقصد، والعزم بمعنًى، قال: وكذا أزمعت على الشيء وعمدت إليه، قال: وتطلق الإرادة على الله تعالى ولا يطلق عليه غيرها مما (ذكرنا) (٥).

------------------
(١) «الصحاح» ٦/ ٢٥١٦.
(٢) «تهذيب اللغة» ٤/ ٣٦٨٢ مادة: نوى.
(٣) هنا تبدأ النسخة: (ج).
(٤) هو علي بن المفضل بن علي بن مفرج بن حاتم بن حسن بن جعفر، الشيخ الإمام، المفتي، الحافظ، الكبير، المتقن، شرف الدين، أبو الحسن، ولد في سنة أربع وأربعين وخمسمائة، كان ذا دِيْنٍ وَوَرع وتصون وعدالة وأخلاق رضيّة، توفي في مستهل شعبان سنة إحدى عشرة وستمائة ودفن بسفح المقطم.
انظر ترجمته في: «وفيات الأعيان» ٣/ ٢٩٠ - ٢٩٢، «سير أعلام النبلاء» ٢٢/ ٦٦ - ٦٩، «العبر» ٥/ ٣٨ - ٣٩.
(٥) في (ج): ذكرناه. قال الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد في «معجم المناهي اللفظية» ص ٣٢٤: النية لا يجوز إطلاقها على الله، فلا يقال: ناوٍ، ولكن يقال يريد، طردًا لقاعدة التوقيف على ما ورد به النص. اهـ.



ثم اعلم بعد ذَلِكَ أن محلها القلب عند الجمهور لا اللسان؛ لقوله تعالى: ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ﴾ [البينة: ٥]، والإخلاص إنما يكون بالقلب، وقال تعالى: ﴿وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ﴾ [الحج: ٣٧]، وقال عليه أفضل الصلاة والسلام: «التقوى ها هنا» ويشير إلى صدره ثلاث مرات (١).
إذا تقرر أن محلها القلب، فإن اقتصر عليه جاز (٢) إلا في الصلاة على وجه شاذٍّ لأصحابنا لا يُعْبَأ به. وإن اقتصر على اللسان لم يجز (٣) إلا في الزكاة على وجه شاذٍّ أيضا (٤)، ومثله قول الأوزاعي: لا تجب النية في الزكاة (٥) وإن جمع بينهما فهو آكد (٦). واشترطه

-------------------
(١) رواه مسلم (٢٥٦٤) كتاب: البر والصلة، باب: تحريم ظلم المسلم، وأبو داود (٤٨٨٢)، والترمذي (١٩٢٧)، وابن ماجه (٣٩٣٣)، وأحمد ٢/ ٢٧٧، والبيهقي في «الشعب» ٧/ ٥٠٧، ٥٠٨ (١١١٥١) كلهم من حديث أبي هريرة.
(٢) انظر: «المعونة» ١/ ٩١، «المهذب» ١/ ٢٣٦، «العزيز» ١/ ٤٧٠، «الكافي» لابن قدامة ١/ ٢٧٥.
(٣) انظر: «الحاوي» ٢/ ٩١، «التهذيب» ٢/ ٧٢، «البيان» ٢/ ١٦٠.
(٤) انظر: «المجموع» ١/ ٣٥٩، «فتاوى السبكي» ١/ ١٩٩.
(٥) انظر: «المجموع» ٦/ ١٥٧، «المغني» ٤/ ٨٨.
(٦) وقال بعضهم: يستحب، وقال آخرون: إنه أكمل الأحوال انظر: «الحاوي» ٢/ ٩١، «الوسيط» ١/ ٢٠٩، «المغني» ٢/ ١٣٢، والصواب أن التلفظ بالنية سرًّا بدعة، قال شيخ الإسلام في «مجموع الفتاوى» ٢٢/ ٢٣٣: الجهر بالنية في الصلاة من البدع السيئة، ليس من البدع الحسنة، وهذا متفق عليه بين المسلمين، لم يقل أحد منهم أن الجهر بالنية مستحب، ولا هو بدعة حسنة، فمن قال ذلك فقد خالف سنة الرسول - ﷺ -، وإجماع الأئمة الأربعة، وغيرهم، وقائل هذا يستتاب فإن تاب وإلا عوقب بما يستحقه، وإنما تنازع الناس في نفس التلفظ بها سرًا هل يستحب أم لا؟ على قولين: والصواب أنه لا يستحب التلفظ بها فإن النبي - ﷺ - وأصحابه لم يكونوا يتلفظون بها لا سرًا ولا جهرًا، والعبادات التي شرعها النبي - ﷺ - لأمته ليس =



أبو عبد الله الزبيري كما أشار إليه الماوردي (١)، وحكاه الروياني (٢) أيضًا، واقتضى كلامه طرده في كل عبادة. ومشهور مذهب مالك أن الأفضل أن ينوي العبادة بقلبه من غير نطق بلسانه؛ إذ اللسان ليس محلًّا للنية على ما مر (٣).
تنبيهات:
أحدها: جميع النيات المعتبرة يشترط فيها المقارنة إلا الصوم

---------------
= لأحد تغييرها، ولا إحداث بدعة فيها. اهـ.
وقال في ٢٢/ ٢١٩ - ٢٢٠: والنية تتبع العلم فمن علم ما يريد أن يفعله فلابد أن ينويه، فإذا علم المسلم أن غدًا من رمضان، وهو ممن يصوم رمضان، فلابد أن ينوي الصيام، فإذا علم أن غدًا العيد لم ينو الصيام تلك الليلة. ثم قال: والنية تتبع العلم والاعتقاد اتباعًا ضروريًا، إذا كان يعلم ما يريد أن يفعله فلابد أن ينويه، فإذا كان يعلم أنه يريد أن يصلي الظهر، وقد علم أن تلك الصلاة صلاة الظهر، امتنع أن يقصد غيرها. اهـ.
وقال في «شرح العمدة» ٢/ ٥٩١: لأن النية محض عمل القلب فلم يشرع إظهارها باللسان لقوله تعالى: ﴿قُلْ أَتُعَلِّمُونَ اللَّهَ بِدِينِكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ [الحجرات: ١٦]، وفاعل ذلك يُعلم الله بدينه الذي في قلبه. اهـ.
(١) «الحاوي» ٢/ ٩١ - ٩٢.
(٢) هو القاضي العلامة، فخر الإسلم، شيخ الشافعية، أبو المحاسن عبد الواحد بن
إسماعيل بن أحمد بن محمد الروياني، الطبري، الشافعي، ولد في آخر سنة خمس
عشرة وأربعمائة، من مصنفاته: «البحر» في المذهب، طويل جدًّا، غزير الفوائد،
«مناصيص الشافعي»، «حلية المؤمن»، «الكافي». قتل بجامع آمل يوم الجمعة
حادي عشر سنة إحدى وخمسمائة، قتلته الإسماعيلية، ورويان بلدة من أعمال
طبرستان. انظر ترجمته في: «وفيات الأعيان» ١٩٨/ ٣ - ١٩٩، «سير أعلام
النبلاء» ١٩/ ٢٦٠ - ٢٦٢، «العبر» ٤/ ٤ - ٥، «طبقات السبكي» ٧/ ١٩٣ - ٢٠٣.
(٣) انظر: «المعونة» ١/ ٩١، «التاج والإكليل» ٢/ ٢٠٧، «حاشية الدسوقي» ١/ ٢٣٤.



للمشقة، وإلا الزكاة؛ فإنه يجوز تقديمها قبل وقت إعطائها، قيل: والكفارات؛ فإنه يجوز تقديمها قبل الفعل والشروع.
ثانيها: ينبغي لمن أراد شيئًا من الطاعات أن يستحضر النية، فينوي به وجه الله تعالى. وهل يشترط ذَلِكَ أول كل عمل وإن قَلَّ وتكرر فعله مقارنًا لأوله؟ فيه مذاهب: أحدها: نعم. وثائيها: يشترط ذَلِكَ في أوله ولا يشترط إذا تكرر، بل يكفيه أن ينوي أول كل عمل، ولا يشترط تكرارها فيما بعد ولا مقارنتها ولا الاتصال. وثالثها: يشترط المقارنة دون الاتصال. ورابعها: يشترط الاتصال وهو أخف من المقارنة.
وكأن هذِه المذاهب راجعة إلى أنَّ النية جزء من العبادة أو شرط لصحتها، والجمهور على الأول، ولأصحابنا وجه بالثاني، والشرط لا (يجب) (١) مقارنته ولا اتصاله ولا تكراره للمشروط، بل متى وجد ما يرفعه أو ينفيه وجب فعله، وقال الحارث بن أسد المحاسبي (٢): الراجح عند أكثر السلف الاكتفاء بنية عامة، ولا يحتاج إليها في كل جزء لما فيه من الحرج والمشقة.
الثالث: النية وسيلة للمقاصد، والأعمال قد تكون وسيلة وقد تكون مقصودة وقد يجتمعان.

----------------
(١) خرق بمقدار كلمة في (ج).
(٢) هو الزاهد العارف، شيخ الصوفية، أبو عبد الله، الحارث بن أسد البغدادي، المحاسبي، صاحب التصانيف الزهدية، قال الخطيب: له كتب كثيرة في الزهد وأصول الديانة والرد على المعتزلة والرافضة، وقال الذهبي: المحاسبي كبير القدر، وقد دخل في شيء يسير من الكلام فنُقم عليه، وورد أن الإمام أحمد أثنى على حال المحاسبي من وجه وحذر منه، مات سنة ٢٤٣.
وانظر ترجمته في: «حلية الأولياء» ١٠/ ٧٣، ١٠٩، «تاريخ بغداد» ٨/ ٢١١، ٢١٦، «وفيات الأعيان» ٢/ ٥٧، ٥٨، «سير أعلام النبلاء» ١٢/ ١١٠ - ١١٢.



الرابع: الغرض المهم من النِّيَّة تمييز العبادات عن العادات، وتمييز رتب العبادات بعضها عن بعض، فمن أمثلة الأول: الوضوء، والغسل، والإمساك عن المفطرات، ودفع المال إلى الغير. ومن أمثلة الثاني: الصلاة.
الخامس: قد أسلفنا أن معنى النِّيَّة القصد، وذلك لا يؤثر إلا إذا كان جازمًا بالمقصود بصفته الخاصة، وإلا لم يكن قصدًا، فلو كان شاكًّا في وجود شرط ذَلِكَ الفعل، أو علق النية على شرط لم يصح المنوي، نعم لو كان جازمًا بالوجوب ناسيًا صفته، كمن تحقق أن عليه صومًا ولم يَدْرِ أنه من قضاء رمضان أو نذر أو كفارة، فقد حكى صاحب «البيان» عن (الصيمري) (١) أنه يصح إذا نوى الصوم الواجب عليه، قياسًا على من نسي صلاة من الخَمس ولم يعرف عينها، فإنه يعذر في جزم النية للضرورة (٢). ولو علق كما إذا قال: أصوم غدًا إن شاء الله. فالأصح أنه إن قصد الشك أو التعليق لم يصح، وإن قصد التبرك أو تعليق الحياة على مشيئة الله تعالى وتمكينه صح (٣)، ثم في عدم الجزم بالنية صورٌ محل الخوض فيها كتب الفروع.

-----------------
(١) في (ف): الصميري، وما أثبتناه من (جـ) وهو الصواب، والصيمري هو: شيخ الإسلام، القاضي أبو القاسم، عبد الواحد بن الحسين الصيمري، من أصحاب الوجوه.
من مصنفاته: «الإيضاح في المذهب»، «القياس والعلل»، «الكفاية». توفي الصيمري بعد سنة ست وثمانين وثلائمائة.
انظر ترجمته في: «معجم البلدان» ٣/ ٤٣٩، «تهذيب الأسماء واللغات» ٢/ ٢٦٥، «سير أعلام النبلاء» ١٧/ ١٤.
(٢) «البيان» ٣/ ٤٩٢.
(٣) انظر: «البيان» ٣/ ٤٩٢ - ٤٩٣، «المجموع» ٦/ ٣١٥.



الوجه الثالث بعد العشرين:
قوله - ﷺ -: («إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ ..») هو متعلق بالخبر المحذوف، ولا جائز أن نقدر وجودها لوجود العمل ولا نية، فتعين أن نقدر نفي الصحة أو نفي الكمال، وفيه مذهبان للأصوليين، والأظهر الأول؛ لأنه أقرب إلى حضوره بالذهن عند الإطلاق، فالحمل عليه أَوْلَى، وقد يقدرونه بالاعتبار، أي: اعتبار الأعمال بالنيات، وقرب ذَلِكَ بمثل قولهم: إنما الملك بالرجال -أي: قوامه ووجوده- وإنما الرجال بالمال، وإنما الرعية بالعدل، وكل ذَلِكَ يراد به أن قوام هذِه الأشياء بهذِه الأمور. وقدَّر بعض المحدثين القبول وهو راجع إلى ثواب الآخرة، وهو مرتب على الصحة والكمال، وقد تنفك الصحة عن القبول بالنسبة إلى أحكام الدنيا فقط. وعلى تقدير إضمار الصحة أو الكمال وقع اختلاف الفقهاء، فذهب الشافعي ومالك وأحمد وداود وجمهور أهل الحجاز إلى تقدير الصحة، أي: الأعمال مجزية أو معتبرة بالنيات، أو: إنما صحتها أو اعتبارها بالنيات. فيكون قد حذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه، فلا يصح وضوء ولا غسل ولا تيمم إلا بنية، وذهب أبو حنيفة ومن وافقه إلى تقدير الكمال، أي: كمال الأعمال بالنيات. فيصح الوضوء والغسل بغير نية ولا يصح التيمم إلا بنية، وذهبت طائفة ثالثة إلى أنه يصح الكل من غير نية، حكاه ابن المنذر عن الأوزاعي وغيره (١)، ومحل الخوض في هذِه المسألة كتب الخلافيات، وقد أوضحتها في «شرح عمدة الأحكام»، فليراجع منه (٢).

----------------------
(١) «الأوسط» ١/ ٣٦٩ - ٣٧٠.
(٢) «الإعلام بفوائد عمدة الأحكام» ١/ ١٨٣.



فإن قلت: الحديث المذكور عام مخصوص فإن أداء الدين، ورد الودائع، والأذان، والتلاوة، والأذكار، وهداية الطريق، وإماطة الأذى عبادات، وتصح بلا نية، فتضعف دلالته حينئذ، ويخص عدم اعتبارها في الوضوء أيضًا.
فالجواب: أن ما عُدَّ وادُّعِيَ فيه الصحة بلا نية إجماعًا ممنوع حَتَى يثبت الإجماع، ولن يقدر عليه، ثم نقول: النية تلازم هذِه الأعمال، فإنَّ مؤدي الديَّن قصد براءة الذمة وذلك عبادة، وكذا الوديعة، والأذكار، والتلاوة والأذان بصورتهن عبادة، ولا ينفك تعاطيهن عن القصد، وذلك نية. ومتى خَلَوْنَ عن القصد لم يعتد بهن عبادة، والهداية والإماطة مترددة بين القربة وغيرها، وتتميز بالقصد.
تتمات تتعلق بالنية:
الأولى: لو وطئ امرأة يظنها أجنبية، فإذا هي مباحة له أَثِمَ، ولو اعتقدها زوجته أو أمته فلا إثم (١)، وكذا لو شرب مباحًا يعتقده حرامًا أَثِمَ، وبالعكس لا يأثم، ومثله: ما إذا قَتل من يعتقده معصومًا، فبان أنه مستحق دمه، أو أتلف مالًا يظنه لغيره فكان ملكه.
قال الشيخ عز الدين في «قواعده»: ويجري عليه حكم الفاسق لجرأته على ربه تعالى. وأما مفاسد الآخرة فلا يعذب (تعذيبَ) (٢) زانٍ، ولا قاتلٍ ولا آكلٍ مالًا حرامًا؛ لأن عذاب الآخرة مرتب على رتب المفاسد في الغالب، كما أن ثوابها مرتب على رتب المصالح في الغالب، قال: والظاهر أنه لا يعذب تعذيبَ من ارتكب صغيرة

-------------------
(١) ورد بهامش (ف): قال الخضري: إن كانت زوجته حرة؛ فالولد حر، وإلا فرقيق.
(٢) فى (ج): عذاب.



لأجل جرأته وانتهاكه الحرمة، بل عذابًا متوسطًا بين الصغيرة والكبيرة (١).
الثانية: لو قال لامرأته: أنت طالق. يظنها أجنبية (طلقت) (٢) زوجته لمصادفة محله، وفي عكسه تردد لبعض العلماء مأخذه النظر إلى النية أو إلى فوات المحل، ولو قال لرقيقه: أنت حرٌّ. يظنه أجنبيًّا عتق، وفي عكسه التردد المذكور. وعلى هذا القياس في مسائل الشريعة والحقيقة والمعاملات الظاهرة والباطنة.
الثالثة: ذهب بعض العلماء إلى وقوع الطلاق بالنية المجردة ولزوم النذر بها؛ اعتمادًا على هذا الحديث ولا يرد على هذا حديث: «إن الله تجاوز لأمتي عما حدثت به أنفسها ما لم تعمل به» (٣) لأن (المعفو) (٤) عنه في هذا الحديث هو الخطرات والهمم الضعيفة، بخلاف ما (عقدت) (٥) به العزائم، وهم إنما يوقعون الطلاق ونحوه بالنية إذا قويت وصارت عزيمة أكيدة.
الرابعة: إذا نذر اعتكاف مدة (متتابعة) (٦) لزمه، وأصح الوجهين عند أصحابنا أنه لا يجب التتابع بلا شرط (٧).

---------------
(١) «قواعد الأحكام» ١/ ٢٦.
(٢) في (ج): خلفت.
(٣) سيأتي رقم (٢٥٢٨) كتاب: العتق، باب الخطأ والنسيان في العتاقة والطلاق ونحوه، و(٥٢٦٩) كتاب: الطلاق، باب: الطلاق في الإغلاق والكره، و(٦٦٦٤) كتاب: الأيمان والنذور، باب: إذا حنث ناسيًا في الأيمان، ومسلم (١٢٧) كتاب: الإيمان، باب: تجاوز الله عن حديث النفس والخواطر بالقلب إذا لم تستقر.
(٤) في (ج): العفو.
(٥) في (ج): عقد.
(٦) في (ج): مستأنفة.
(٧) انظر: «روضة الطالبين» ٢/ ٣٣٩، «فتح الوهاب» ١/ ١٣١، «مغني المحتاج» ١/ ٤٥٥.



فعلى هذا لو نوى التتابع بقلبه ففي لزومه وجهان: أصحهما لا كما لو نذر أصل الاعتكاف بقلبه، كذا نقله الرافعي (١) عن تصحيح البغوي (٢) وغيره. قال الروياني وهو ظاهر نقل المزني، قال: والصحيح عندي اللزوم؛ لأن النية إذا اقترنت باللفظ عملت كما لو قال: أنت طالق. ونوى ثلاثًا.
الخامسة: في اشتراط النية في الخطبة وجهان للشافعية كما في الأذان، قاله الروياني في «البحر» وفي الرافعي في الجمعة: أن القاضي حسين حكى اشتراط نية الخطبة وفرضيتها كما في الصلاة (٣)، ونقله في «الشرح الصغير» عن بعضهم.
السادسة: عدة الوفاة من حين الموت حَتَّى لو بلغها موته بعد تقضيها حلت للأزواج عندنا، وبه قال مالك والكوفيون. ولو أعتق عبده عن غيره

--------------
(١) «العزيز» ٣/ ٢٦٥ والرافعي هو شيخ الشافعية إمام الدين أبو القاسم عبد الكريم بن محمد بن عبد الكريم بن الفضل الرافعي القزويني ولد سنة خمس وخمسين وخمسمائة من تصانيفه: «شرح مسند الشافعي» (طُبع بتحقيق دار الفلاح)، «الفتح العزيز في شرح الوجيز»، «التذنيب». توفي سنة ٦٢٣.
انظر ترجمته في: «سير أعلام النبلاء» ٢٢/ ٢٥٢ - ٢٥٥.
(٢) «التهذيب» ٣/ ٢٢٦ وهو الشيخ الإمام، العلامة القدوة الحافظ، شيخ الإسلام، محي السنة، أبو محمد الحسين بن مسعود بن محمد بن الفراء البغوي الشافعي المفسر، صاحب التصانيف كـ «شرح السنة»، و«معالم التنزيل»، و«المصابيح»، و«التهذيب» وغيرها من التصانيف المفيدة النافعة.
كان يلقب بمحيي السنة، وبركن الدين، توفي بمرو الروذ في شوال سنة ست عشرة وخمسمائة.
انظر ترجمته في: «وفيات الأعيان» ٢/ ١٣٦ - ١٣٧، «سير أعلام النبلاء» ١٩/ ٤٣٩ - ٤٤٣، «الوافي بالوفيات» ١٣/ ٢٦.
(٣) «العزيز» ٢/ ٢٩٣.



في كفارة الظهار بغير إذنه أجزأه عند ابن القاسم، وخالفه أشهب تبعًا للشافعي وأبي حنيفة (١).
السابعة: إذا أخذ الخوارج الزكاة اعتد بها على الأصح عندنا.
ثالثها (٢): إن أخذت قهرًا فنعم، وإلا فلا، وبه قال مالك.
الثامنة: قال الشافعي في البويطي كما نقله الروياني، عن القاضي أبي الطيب عنه: قد قيل: إن من صرح بالطلاق، والظهار، والعتق ولم يكن له نية في ذَلِكَ لم يلزمه فيما بينه وبين الله تعالى طلاق، ولا ظهار ولا عتق، ويلزم في الحكم. وحجته هذا الحديث و«رفع القلم عن ثلاثة» (٣). والإجماع على المجنون والنائم إذا تلفظا بصريح الطلاق لا يلزمهما. وقال: قال مالك: من طلق، أو أعتق، أو ظاهر بلا نية يلزمه ذَلِكَ في الحكم فيما بينه وبين الله تعالى. والحجة فيه لمن ذهب إليه ما ذكر الله من إتلاف المؤمن خطأ، وما أجمع عليه العلماء أن من أتلف مال آدمي خطأ فذلك عليه وإن لم ينو، وذلك من حقوق الآدميين، وللمرأة حق في منعها نفسها، وللعبد حق في حريته، وللمساكين حق في الظهار. ولم يتعرض البويطي لواحد (منهما) (٤). فالظاهر أنه قصد تخريجه على قولين.

-----------------
(١) انظر: «المنتقى» ٤/ ٤٢.
(٢) على اعتبار أن في مسألة أخذ الخوارج للزكاة ثلاثة أوجه.
(٣) رواه أبو داود (٤٣٩٨)، والنسائي ٦/ ١٥٦، وابن ماجه (٢٠٤١)، وأحمد ٦/ ١٠٠ - ١٠١، وأبو يعلى ٧/ ٣٣٦ (٤٤٠٠)، والطحاوي في «مشكل الآثار» «تحفة» ١/ ٥٨٢ (٥٧٩)، والحاكم ٢/ ٥٩ وصححه على شرط مسلم، من حديث عائشة، والحديث صححه الألباني في «الإرواء» (٢٩٧).
(٤) في (ج): منها.



التاسعة: روينا في «مسند أبي يعلى» من حديث (…) (١) أنه -عليه السلام- قال: «يقول الله تعالى للحفظة يوم القيامة: اكتبوا لعبدي كذا وكذا من الأجر، فيقولون: ربنا لم نحفظ ذَلِكَ عنه ولا هو في صحفنا فيقول: إنه نواه، إنه نواه» (٢). ولهذا المعنى ونحوه ورد الحديث الآخر: «نية المؤمن خير من عمله» (٣) وللناس فيه تأويلات ذكرت منها في «شرح
-------------------
(١) بياض في (ج)، و(ف).
والحديث بهذا النص مروي عن أبي عمران الجوني من قوله، وروي مرفوعًا عن أبي عمران الجوني عن أنس، بلفظ مقارب لهذا النص.
أما قول أبي عمران فقد رواه ابن أبي الدنيا في»الإخلاص والنية«ص ٧٥، وأبو نعيم في»الحلية«٢/ ٣١٣.
وأما حديث أنس فقد رواه الطبراني في»الأوسط«٣/ ٩٧. وقال: لم يرو هذا الحديث عن أبي عمران إلا الحارث. اهـ. والبزار (٣٤٣٥) وقال: لا نعلمه يروى عن أنس إلا من هذا الوجه، والدارقطني في»السنن«١/ ٥١، من طريق الحارث بن غسان، عن أبي عمران الجوني، عن أنس قال: قال رسول الله - ﷺ -:»يؤتى يوم القيامة بصحف مختمة فتنصب بين يدي الله تبارك وتعالى، فيقول تبارك وتعالى: ألقوا هذا، واقبلوا هذا، فتقول الملائكة: وعزتك ما رأينا إلا خيرًا، فيقول الله -عز وجل-: إن هذا كان لغير وجهي، وإني لا أقبل من العمل إلا ما ابتغي به وجهي«.
قال الهيثمي في»المجمع«١٠/ ٣٥٠: رواه الطبراني في»الأوسط«بإسنادين ورجال أحدهما رجال الصحيح، ورواه البزار. اهـ. والحديث ضعفه الألباني في»الضعيفة«(٥١٥٤).
قلت: وقع عند الطبراني أن الحارث هو ابن عبيد وهو خطأ، بل الصواب ابن غسان كما عند البزار، والدارقطني والله أعلم.
(٢) رواه ابن أبي الدنيا في»الإخلاص والنية«ص ٧٥، وأبو نعيم في»الحلية«٢/ ٣١٣.
(٣) رواه الطبراني في»الكبير«٦/ ١٨٥ (٥٩٤٢)، وأبو نعيم في»الحلية«٣/ ٢٥٥ من طريقه، والخطيب في»تاريخ بغداد«٩/ ٢٣٧، عن سهل بن سعد الساعدي، وقال الهيثمي في»المجمع«١/ ٦١: رجاله موثقون إلا حاتم بن عباد بن دينار الجرشي لم أر من ذكر له ترجمة. اهـ، وقال العراقي في»تخريج أحاديث الإحياء" ٢/ =



عمدة الأحكام» تسعة على (تقدير) (١) صحته، منها: أن نيته خير من خيرات عمله.
ومنها: أن النية المجردة عن العمل خير من العمل المجرد عنها (٢).
الوجه الرابع بعد العشرين:
قوله عليه الصلاة السلام: «وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئِ مَا نَوى» يقال: امْرؤ وَمرء. قال تعالى: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ﴾ [الأنفال: ٢٤]، (يقال) (٣) هذا مرء، وهذان امرآن، ولا يجمع إلا قومًا ورجالًا، ومنهم من يقول: هذا مرآن، وأنثى امرئ امرأة، وأنثى مرء مرأة ومرة

------------------
= ١١٧١: رواه الطبراني من حديث سهل بن سعد، ومن حديث النواس بن سمعان وكلاهما ضعيف. اهـ. والحديث ضعفه الألباني في «الضعيفة» (٦٠٤٥). ورواه القضاعي في «مسند الشهاب» ١/ ١١٩ (١٤٨) عن النواس بن سمعان. قال الحافظ في «الفتح» ٤/ ٢١٩: والحديث ضعيف. اهـ. وقال العجلوني في «كشف الخفاء» ٢/ ٣٢٤: وللعسكري بسند ضعيف عن النواس بن سمعان: «نية المؤمن خير من عمله ونية الفاجر شر من عمله». اهـ. وقال الألباني في «الضعيفة» (٢٧٨٩): موضوع، فيه عثمان بن عبد الله الشامي كان يضع الحديث. اهـ ورواه القضاعي في «مسند الشهاب» ١٩/ ١١ (١٤٧)، والبيهقي في «شعب الإيمان» ٥/ ٣٤٣، عن أنس. قال البيهقي: وهذا إسناد ضعيف. اهـ. وقال الحافظ في «الفتح» ٤/ ٢١٩: والحديث ضعيف. اهـ.، وقال العجلوني في «كشف الخفاء» ٢/ ٤٣٠ في إسناده يوسف بن عطية ضعيف. اهـ. ورواه ابن عبد البر في «التمهيد» ١٢/ ٢٦٥ عن علي بن أبي طالب. ورواه الربيع بن حبيب! في «مسنده» ص ٢٣ عن ابن عباس، والحديث ضعف إسناده الألباني في «الضعيفة» (٢٧٨٩) وقال: فيه مسلم بن أبي كريمة مجهول كما قال أبو حاتم والذهبي، والربيع بن حبيب إباضي مجهول، ومسنده هذا هو «صحيح الإباضية» وهو مليء بالأحاديث الواهية والمنكرة. اهـ.
(١) في (ف): تقرير.
(٢) «الإعلام بفوائد عمدة الأحكام» ١/ ١٩٣ - ١٩٤.
(٣) في (ف): تقول.



- بغير همز- و(ما) بمعنى: الذي، وصِلَتُه: نوى، والعائد محذوف، أي: نواه. فإن قدرت ما مصدرية لم تحتج إلى حذف؛ إذ ما المصدرية عند سيبويه حرف، والحروف لا تعود عليها الضمائر، والتقدير: لكل امرئ نيته.
الوجه الخامس بعد العشرين:
قوله: «(وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوى»). مقتضاه أن من نوى شيئًا يحصل له، وما لم يَنْوِه لا يحصل له؛ ولهذا عظموا هذا الحديث، وجعلوه ثلث العلم، والمراد بالحصول وعدمه بالنسبة إلى الشرع، وإلا فالعمل قد حصل لكنه غير معتد به، وسياق الحديث يدل عليه بقوله: «(فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إلى دُنْيَا (يُصِيبُهَا) (١) ..») إلى آخره، فإن قلت: فما فائدة ذكر هذا بعد الأول وهو يقتضي التعميم؟
قلت: له فوائد:
الأولى: اشتراط تعيين المنوي، فمن كانت عليه مقضية لا يكفيه أن ينوي الصلاة الفائتة، بل لابد أن ينوي كونها ظهرًا أو عصرًا أو غيرهما، ولولا اللفظ الثاني لاقتضى الأول صحة النية بلا تعيين، أو أوهم ذَلِكَ، قاله الخطابى (٢).
الثانية: منع الاستنابة في النية، فإن اللفظ إنما يقتضي اشتراط النية في كل عمل، وذلك لا يقتضي منع الاستنابة في النية، إذ لو نوى واحد عن غيره صدق عليه أنه عمل بنية وذلك ممتنع، فأفاد بالثاني مَنْعَ ذلك.
وقد استثني من هذا نية الولي عن الصبي في الحج، والمسلم عن زوجته

-------------------
(١) من (ج).
(٢) «أعلام الحديث» ١/ ١١٣ - ١١٤.



الذمية عند طُهْرِهَا من الحيض على القول بذلك، وحَجُّ الإنسان عن غيره، وكذا إذا وكَّل في تفرقة الزكاة، وفوض إليه النية ونوى الوكيل، فإنه يجزئه كما قاله الإمام والغزالي و«الحاوي الصغير».
الثالثة: أنه تأكيد لقوله: «إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» فنفى الحكم بالأول، وأكده بالثاني تنبيها على شرف الإخلاص (وتحذيرًا من الرياء المانع من (الإخلاص) (١).
فائدة: إذا أشرك في العبادة غيرها من أمر دنيوي أو رياء، فاختار الغزالي اعتبار الباعث على العمل، فإن كان القصد الدنيوي هو الأغلب لم يكن فيه أجر، وإن كان القصد الديني هو الأغلب كان له (أجر) (٢) بقدره، وإن تساويا تساقطا.
واختار الشيخ عز الدين ابن عبد السلام أنه لا أجر فيه مطلقًا سواء تساوى القصدان أو اختلفا (٣).
وقال المحاسبي: إذا كان الباعث الديني أقوى بطل عمله وخالف في ذَلِكَ الجمهور.
وقال محمد بن جرير الطبري: إذا كان ابتداء العمل لله لم يضره ما عرض بعده في نفسه من عجب. هذا قول عامة السلف.
الوجه السادس بعد العشرين:
مقتضى قوله - ﷺ -: «وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوى» أن من نوى شيئًا لم يحصل له غيره ومن لم ينوِ شيئًا لم يحصل، وهذِه قاعدة مطردة في جميع

----------------
(١) من (ف) وفيها: الخلاص، والمثبت هو الصواب.
(٢) في (ف): الأجر.
(٣) «قواعد الأحكام» ١/ ١٢٤.



مسائل النية، نعم شدَّ عن ذَلِكَ مسائل يتأدى الفرض فيها بنية النفل، محل الخوض فيها كتب الفروع، وقد أوضحتها في كتاب «الأشباه والنظائر» فلتراجع منه (١).
الوجه السابع بعد العشرين:
الهجرة في اللغة: الترك. والمراد بها هنا: ترك الوطن والانتقال إلى غيره، وهي في الشرع: مفارقة دار الكفر إلى دار الإسلام خوف الفتنة، وطلب إقامة الدين. وفي الحقيقة: مفارقة ما يكره الله إلى ما يحب.
ووقعت الهجرة في الإسلام على خمسة أوجه:
أحدها: إلى الحبشة عندما آذى الكفار الصحابة.
ثانيها: من مكة إلى المدينة بعد الهجرة.
الثالثة: هجرة القبائل إلى المدينة قبل الفتح للاقتباس والتعلم لقومهم عند الرجوع.
الرابعة: هجرة من أسلم من أهل مكة؛ ليأتى النبي - ﷺ - ثمَّ يرجع إليها. كفعل صفوان بن أمية ومهاجرة الفتح.
الخامسة: هجرة ما نهى الله عنه، وهي أهمها، وقد أوضحتها بفوائد (جمة) (٢) في كتابنا «الإعلام بفوائد عمدة الأحكام» فلابد لك من مراجعته (٣). وأما حديث: «لا هجرة بعد الفتح» (٤) فمؤول كما ستعلمه في موضعه حيث ذكره البخاري -إن شاء الله- فإن الهجرة باقية إلى يوم القيامة من دار الكفر -إِذَا لم يمكنه إظهار دينه- إلى دار الإسلام،

-------------------
(١) «الأشباه والنظائر» لابن الملقن ١/ ٢٤٨ - ٢٥٢.
(٢) في (ج): خمسة.
(٣) «الإعلام بفوائد عمدة الأحكام» ١/ ١٩٨ - ٢٠١.
(٤) سبق تخريجه.



وينبغي أن تعدُّ سادسة (١). ثمَّ اعلم أن معنى الحديث وحكمه يتناول الجميع غير أن الحديث ورد على سبب كما سيأتي، والعبرة بعموم اللفظ.
الوجه الثامن بعد العشرين:
قوله - ﷺ -: (»فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إلى دُنْيَا .. «) إلى آخره، هو تفصيل لما سبق في قوله: (»إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّياتِ، وَإِئمَا لِكُلِّ آمْرِئٍ مَا نَوى«)، وإنما فرض الكلام في الهجرة؛ لأنها السبب الباعث على هذا الحديث كما سيأتي.
الوجه التاسع بعد العشرين:
قوله - ﷺ - في الرواية الأخرى في الإيمان: (»فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إلى اللهِ وَرَسُولِهِ .. «). إلى آخره لابد فيه من تقدير شيء؛ لأن القاعدة عند أهل الصناعة أن الشرط والجزاء والمبتدأ والخبر لابد من تغايرهما، وهنا وقع الاتحاد، (فالتقدير) (٢): فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله نية وعقدًا، فهجرته إلى الله ورسوله حكمًا وشرعًا (٣).
الوجه الثلاثون:
قوله - ﷺ -: (»فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إلى دُنْيَا«) الدنيا بضم الدال عَلَى

-------------------
(١) زاد الحافظ أبو زرعة العراقي في»طرح التثريب" ١/ ٢٢: الهجرة الثانية إلى أرض الحبشة فإنهم هاجروا إلى أرض الحبشة مرتين كما هو معروف في السير ولا يقال: كلاهما هجرة إلى الحبشة، فاكتفي بذكر الهجرة إليها مرة فإنه قد عدد الهجرة إلى المدينة في الأقسام لتعددها.
ثم قال: والهجرة إلى الشام في آخر الزمان عند ظهور الفتن. اهـ.
(٢) في (ج): والتقديرين.
(٣) ورد تعليق بهامش (ف) نصه: وقد يقصد بالخبر المفرد بيان الشيء وعدم التغيير فيتحد بالمبتدأ لفظًا كقوله: أنا أبو النجم، وشعري شعري.



المشهور (١)، وحكى ابن قتيبة وغيره كسرها (٢)، وجمعها دُنَا ككبرى وكُبَر وهي من دنوت لدنوها وسبقها الدار الآخرة، وينسب إليها دنيوي ودُنْييُّ، وقال الجوهري (٣) وغيره: ودنياوي وقوله: «دُنْيَا» هو مقصور غير منون عَلَى المشهور، وهو الذي جاءت به الرواية، ويجوز في لغة غريبة تنوينها (٤).
الوجه الحادي بعد الثلاثين:
في حقيقة الدنيا قولان للمتكلمين:
أحدهما: ما عَلَى الأرض مع الجو والهواء، (وأظهرهما) (٥): كل المخلوقات من الجواهر والأعراض الموجودة قبل الدار الآخرة.
الوجه الثاني بعد الثلاثين:
المراد بالإصابة: الحصول، شَبَّهَ تحصيل الدنيا بإصابة العرض بالسهم بجامع حصول المقصود.

-----------------
(١) الدنيا انقلبت فيها الواو ياءً، لأن فُعْلَى إذا كانت اسمًا من ذوات الواو أبدلت واوها ياءً، كما أُبدلت الواو مكان الياء في فَعْلَى، فأدخلوها في فُعْلَى ليتكافآ في التغيير.
(٢) «أدب الكاتب» ص ٣٢٨.
(٣) «الصحاح» ٦/ ٢٣٤١. مادة: (دنو).
(٤) قال الحافظ أبو زرعة العراقي في «طرح التثريب» ١/ ٢٥: وحكى بعض المتأخرين من شراح البخاري أن فيها لغة قريبة بالتنوين وليس بجيد، فإنه لا يعرف في اللغة، وسبب الغلط أن بعض رواة البخاري رواه بالتنوين وهو أبو الهيتم الكشميهني، وأنكر ذلك عليه ولم يكن ممن يرجع إليه في ذلك فأخذ بعضهم يحكي ذلك لغة كما وقع لهم نحو ذلك في خلوف فم الصائم فحكوا فيه لغتين، وانما يعرف أهل اللغة الضم وأما الفتح فرواية مردودة لا لغة. اهـ.
(٥) في (ف): أظهرها.



https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...b61e7e5bc3.gif


ابوالوليد المسلم 24-12-2025 10:47 PM

رد: التوضيح لشرح الجامع الصحيح أبو حفص عمر بن علي بن أحمد الأنصاري المعروف بـ ابن ال
 
https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...b61e7e5bc2.gif


الكتاب: التوضيح لشرح الجامع الصحيح
المؤلف: سراج الدين أبو حفص عمر بن علي بن أحمد الأنصاري الشافعي

المعروف بـ ابن الملقن (٧٢٣ - ٨٠٤ هـ)
الناشر: دار النوادر، دمشق - سوريا
الطبعة: الأولى، ١٤٢٩ هـ - ٢٠٠٨ م
عدد الأجزاء: ٣٦ (٣٣ والفهارس)

المجلد (2)
من صـــ 191 الى صـــ 210
الحلقة (26)



الثالث بعد الثلاثين:
قوله - ﷺ -: («أَوِ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا») هو بمعنى: ينكحها كما جاء في الرواية الأخرى، وقد يستعمل بمعنى الاقتران بالشيء، ومنه قوله تعالى: ﴿وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ﴾ [الدخان: ٥٤]، أي: قرناهم، قاله الأكثرون. وقال مجاهد والبخاري وطائفة: أنكحناهم (١).
الرابع بعد الثلاثين:
إن قُلْتَ: كيف ذكرت المرأة مع الدنيا مع أنها داخلة فيها، فالجواب عنه من أوجه:
أحدها: أنه لا يلزم دخولها في هذِه الصيغة؛ لأن (لفظة) (٢) دنيا نكرة وهي لا تعم في الإثبات. فلا يلزم دخول المرأة فيها.
الثاني: أن هذا الحديث ورد على سبب، وهو أنه لما أُمر بالهجرة من مكة إلى المدينة تخلف جماعة عنها فذمَّهم الله تعالى بقوله: ﴿إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ)﴾ الآية [النساء: ٩٧]، ولم يهاجر جماعة لفقد استطاعتهم فَعَذَرهُم واسْتَثْنَاهُم بقوله: ﴿إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ﴾ [النساء: ٩٨]، الآية، وهاجر المخلصون إليه، فمدحهم في غير ما موضع من كتابه، وكالت في المهاجرين جماعة خالفت نيتهم نية المخلصين، منهم من كانت نيته تزوج امرأة كانت بالمدينة من المهاجرين يقال لها: أم قيس (٣)، وادعى ابن دحية: أن اسمها قيلة،

--------------------
(١) رواه الطبري في «تفسيره» ١١/ ٢٤٨، ٢٤٩ (٣١١٧٦).
(٢) في (ج): لفظ.
(٣) رواه الطبراني في «الكبير» ٩/ ١٠٣ (٨٥٤٠) من طريق سعيد بن منصور، عن أبي معاوية، عن الأعمش، عن شقيق، عن عبد الله ومن طريقه المزي في «تهذيب الكمال» ١٦/ ١٢٦، والذهبي في «السير» ١٠/ ٥٩٠، قال الهيثمي في «المجمع» ١٠١/ ٢ (٢٥٨٠): رواه الطبراني في «الكبير» ورجاله رجال الصحيح. اهـ. =


فسمي مهاجر أم قيس، ولا يعرف اسمه بعد البحث عنه، ولعله للستر عليه، فكان قصده بالهجرة من مكة إلى المدينة (بنية) (١) التزوج بها لا لقصد فضيلة الهجرة، فقال النبي - ﷺ - ذَلِكَ، وبين مراتب الأعمال بالنيات، فلهذا خص ذكر المرأة دون سائر ما ينوى به الهجرة من أفراد الأغراض الدنيوية؛ لأجل تبيين السبب، وإن كانت أعظم أسباب فتنة الدنيا قَالَ - ﷺ -: «ما تركت بعدي فتنة أضر عَلَى الرجال من النساء» (٢)، وذكر الدنيا معها من باب زيادة النص عَلَى السبب، كما أنه لما سُئِلَ عن طهورية ماء البحر زاد: «حل ميتته» (٣) ويحتمل أن يكون هاجر لمالها مع نكاحها، ويحتمل أنه هاجر لنكاحها وغيره لتحصيل دنيا من جهة ما، فعرض بها.
الثالث: أن ذكرها من باب التنبيه على زيادة التحذير منها كذكر الخاص بعد العام؛ تنبيهًا عَلَى مزيته، كما في ذكر جبريل وميكائيل بعد الملائكة وغير ذَلِكَ، وليس منه قوله تعالى: ﴿وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ﴾ [الرحمن: ٦٨]، بعد ذكر الفاكهة، وإن غلط فيه بعضهم؛ لأن فاكهة نكرة في سياق الإثبات فلا تعم، (لكن وردت في معرض الامتنان) (٤)، وقد جاء أيضا في القرآن عكس هذا وهو ذكر العام بعد الخاص

-----------------------
= وقال الحافظ في «الفتح» ١/ ١٠: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين. اهـ.
(١) ساقطة من: ج.
(٢) سيأتي برقم (٥٠٩٦) كتاب: النكاح، باب: ما يتقى من شؤم المرأة، ورواه مسلم (٢٧٤٠) كتاب: الرقاق، من حديث أسامة بن زيد.
(٣) رواه أبوداود (٨٣) عن أبي هريرة أن رجلًا سأل ..، والترمذي (٦٩) عن أبي هريرة، وفي الباب عن جابر والفراسي، وقال: هذا حديث حسن صحيح. والنسائي ١/ ٥١ عن أبي هريرة سأل رجل ..، وابن ماجه (٣٨٧) عن الفراسي.
(٤) ساقط من: (ج). =



كقوله تعالى إخبارًا عن إبراهيم -عليه السلام-: ﴿رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ﴾ [إبراهيم: ٤١]، وقوله تعالى إخبارًا عن نوح -عليه السلام-: ﴿رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا﴾ [نوح: ٢٨]
الخامس بعد الثلاثين:
إن قُلْتَ لم ذم على طلب الدنيا وهو أمر مباح والمباح لا ذم فيه ولا مدح؟ قُلْتُ: إنما ذم لكونه لم يخرج في الظاهر لطلب الدنيا. وإنما خرج في صورة طالب فضيلة الهجرة فأبطن خلاف ما أظهر.
السادس بعد الثلاثين:
إنما لم يعد - ﷺ - ما بعد الفاء الواقعة جوابًا للشرط بقوله: «فَهِجْرَتُهُ إلى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ» ولم يعده باللفظ الأول في الرواية الأخرى: «فهجرته إلى الله ورسوله» للإعراض عن تكرير ذكر الدنيا والغض منها وعدم الاحتفال بأمرها؛ ولئلا يجمع بين ذكر الله ورسوله في الضمير (فقد نهى عنه) (١) في حديث الخطيب (٢).
السابع بعد الثلاثين:
هذا الحديث أحد الأحاديث التي عليها مدار الإسلام، وقد اختلف في عدها على عشرة أقوال ذكرتها مجموعة في كتابنا «الإعلام بفوائد

--------------------
= وما قاله المصنف فيه نظر؛ لأن النكرة في سياق الإثبات إن كانت للامتنان عمت كما قاله جماعة من الأصوليين.
انظر:»التمهيد«للإسنوي ص ٣٢٥،»القواعد والفوائد الأصولية«ص ٢٠٤.
وقال العيني في»عمدة القاري" ١/ ٣٠: الفاكهة اسم لما يتفكه به: أي يتنعم به زيادة على المعتاد، وهذا المعنى موجود في النخل والرمان فحينئذ يكون ذكرهما بعد ذجر الفاكهة من قبيل عطف الخاص على العام. اهـ.
(١) من (ج).
(٢) رواه مسلم (٧٨٠) عن عدي بن حاتم أن رجلًا خطب عند النبي - ﷺ - …



عمدة الأحكام» (١) فراجعه (منها) (٢) فإنه من المهمات، نذكر منها هنا أربعة:
أحدها: أنها ثلاثة: هذا الحديث، وحديث: «حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه» (٣)، وحديث: «الحلال بيِّن والحرام بيِّن» (٤).
ثانيها: أنها أربعة بزيادة حديث: «ازهد في الدنيا يحبك الله» (٥)، وقد نظمها بعضهم فقال:

-------------------------
(١) «الإعلام بفوائد عمدة الأحكام» ١/ ١٥٣ - ١٥٧.
(٢) في (ج): منه.
(٣) كذا في الأصول والحديث رواه الترمذي (٢٣١٧)، وابن ماجه (٣٩٧٦)، وابن حبان (٢٢٩) من حديث أبي هريرة، قال الترمذي: هذا حديث غريب لا نعرفه من حديث أبي سلمة، عن أبي هريرة، عن النبي - ﷺ - إلا من هذا الوجه. اهـ. والحديث صححه الألباني في «صحيح الجامع» (٥٩١١).
(٤) سيأتي برقم (٥٢) كتاب: الإيمان، ورواه مسلم (١٥٩٩) كتاب: المساقاة، باب: أخذ الحلال وترك الشبهات.
(٥) رواه ابن ماجه (٤١٠٢)، والعقيلي في «الضعفاء» ٢/ ١١، والطبراني في «الكبير» ٦/ ١٩٣ (٥٩٧٢)، والحاكم ٤/ ٣١٣، وأبو نعيم ٧/ ١٣٦، والقضاعي في «مسند الشهاب» ١/ ٣٧٣، من طريق خالد بن عمرو القرشي، عن سفيان الثوري، عن أبي حازم، عن سهل بن سعد الساعدي. قال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه. اهـ. وتعقبه الذهبي ففال: خالد وضاع. اهـ. وقال العقيلي: ليس له من حديث الثوري أصل، وقد تابعه محمد بن كثير الصنعاني، ولعله أخذ عنه ودلسه؛ لأن المشهور به خالد هذا. اهـ. وقال البوصيري في «زوائد ابن ماجه» ص ٥٣١: إسناد حديث سهل بن سعد ضعيف، خالد بن عمرو متفق على ضعفه، واتهم بالوضع. اهـ. وخالد هذا قال عنه أحمد: منكر الحديث، وقال مرة: ليس بثقة يروي أحاديث بواطيل. اهـ. وقال ابن معين: ليس حديثه بشيء. اهـ. وقال مرة: كان كذابًا يكذب. اهـ. وقال أبو حاتم: متروك الحديث ضعيف. اهـ.
وأما متابعة محمد بن كثير فقد رواها ابن عدي في «الكامل» ٣/ ٤٥٨ - ٤٥٩، والخليلي في «الإرشاد» ٢/ ٤٧٩، والبيهقي في «الشعب» ٧/ ٣٤٤. قال ابن عدي: =



عمدة الدين عندنا كلمات … أربع من كلام خير البرية
اتق الشبهات وازهد وع … ما ليس يعنيك واعملنَّ بنية (١)
الثالث: أنها اثنان.
الرابع: أنها واحد وهو حديث: «الحلال بَيِّن».

----------------------
= لا أدري ما أقول في رواية ابن كثير عن الثوري لهذا الحديث؛ فإن ابن كثير ثقة وهذا الحديث عن الثوري منكر. اهـ. وذكر ابن أبي حاتم في «العلل» ٢/ ١٠٧: أنه سأل أباه عن حديث محمد بن كثير، عن سفيان فذكر هذا الحديث فقال: هذا حديث باطل يعني بهذا الإسناد. اهـ.
وقد روي هذا الحديث من وجه آخر مرسل خرجه ابن منده في «مسند إبراهيم بن أدهم» ص ٢٩ - ٣٠ من طريق أحمد بن إبراهيم الدورقي، ثنا الحسن بن الربيع، ثنا المفضل بن يونس، عن إبراهيم، عن منصور بن المعتمر، عن مجاهد به. ورواه أبو نعيم في «الحلية» ٨/ ٤١ من طريق أبي أحمد إبراهيم بن محمد بن أحمد الهمداني، ثنا أبو حفص عمر بن إبراهيم المستملي، ثنا أبو عبيدة بن أبي السفر، ثنا الحسين بن الربيع، ثنا المفضل بن يونس، ثنا إبراهيم بن أدهم، عن منصور، عن مجاهد، عن أنس به. فال أبو نعيم: ذكر أنس في هذا الحديث وهم من عمر أو أبي أحمد؛ فقد رواه الأثبات عن الحسن بن الربيع فلم يجاوز فيه مجاهدًا. اهـ.
وبالجملة فالحديث حسنه النووي في «أربعينه» كما في «جامع العلوم والحكم» ٢/ ١٧٤ فقال: حديث حسن رواه ابن ماجه وغيره بأسانيد حسنة. اهـ. وكذلك العراقي كما في «المقاصد الحسنة» ص ٧٥، وقال المنذري في «الترغيب والترهيب» ٤/ ٧٤ - ٧٥: رواه ابن ماجه، وقد حسن بعض مشايخنا إسناده، وفيه بُعد لأنه من رواية خالد بن عمرو القرشي الأموي السعيدي، عن سفيان الثوري، عن أبي حازم، عن سهل، وخالد هذا قد تُرك واتهم، ولم أر من وثقه، لكن على هذا الحديث لامعة من أنوار النبوة، ولا يمنع كون راويه ضعيفًا أن يكون النبي - ﷺ - قاله، وقد تابعه عليه محمد بن كثير الصنعاني، عن سفيان، ومحمد هذا قد وثق على ضعفه، وهو أصلح حالًا من خالد. اهـ. والحديث حسنه الألباني في «الصحيحه» (٩٤٤).
(١) انظر: «جامع العلوم والحكم» ١/ ٦٣.



الثامن بعد الثلاثين:
هذا الحديث عظيم الموقع كثير الفائدة أصل من أصول الدين، قَالَ أبو داود: إنه نصف الفقه، وقال الشافعي فيما رواه البويطي عنه: يدخل في هذا الباب ثلث العلم (١)، وقال في رواية الربيع: هذا الحديث ثلث العلم؛ وسببه كما قَالَ البيهقي وغيره أن كسب العبد بقلبه ولسانه وجوارحه، فالنية أحد أقسامها الثلاث وأرجحها؛ لأنها تكون عبادة بانفرادها بخلاف القسمين الآخرين؛ ولأن القول والعمل يدخلهما الفساد بالرياء ونحوه بخلاف النية (٢)، فهذا الحديث يتضمن النية، وحديث: «من حسن إسلام المرء» يتضمن القول، وحديث: «الحلال بين» (٣) يتضمن العمل فكمل بالمجموع الإسلام؛ لأنه قول وعمل ونية، وقال عبد الرحمن بن مهدي: يدخل هذا الحديث في ثلاثين بابًا من الإرادات والنيات.
وقال أبو عبيد: ليس شيء من أخبار النبي - ﷺ - حديث أجمع وأغنى وأكثر فائدة وأبلغ من هذا الحديث. وقال البخاري في «صحيحه» في أواخر الإيمان فدخل فيه الإيمان والوضوء والصلاة والزكاة والحج والصوم والأحكام. وقال ابن دحية: لم أجد فيما أرويه من الدينيات أنفع من قوله: («إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ»)، إذ مدار العلم عليه، وهو نور يسعى بين يديه.
(قُلْتُ:) (٤) وقول إمامنا الشافعي السالف: إن هذا الحديث يدخل في سبعين بابًا من الفقه، مراده الأبواب الكلية كالطهارة بأنواعها

------------------------
(١) رواه البيهقي في «الكبرى» ٢/ ١٤.
(٢) «السنن الصغرى» للبيهقي ١/ ٢٠.
(٣) سبق تخريج الحديثين.
(٤) ساقطة من (ج).



والصلاة بأقسامها والزكاة والصيام والاعتكاف والحج والعمرة والأيمان والنذور والأضحية والهدي والكفارة والجهاد والطلاق والخلع والظهار والعتق والكتابة والتدبير والإبراء ونحوها والبيع والإجارة وسائر المعاملات والرجعة والوقف والهبة وكناية الطلاق وغيرها عند من يقول: كنايتها مع النية كالصريح وهو الصحيح، وكذلك إِذَا كان عليه ألفان بأحدهما رهن دون الآخر فأوفاه ألفا صرفه إلى ما نواه منهما وشَبَهِ ذَلِكَ.
وذكر القاضي حسين من أصحابنا في آخر حَدِّ الخمر أنه لابد للإمام في إقامة الحدود من النية حتَّى لو ضربه لمصادرة أو لمعنى آخر وعليه حدود لا تحسب عنه.
وأما المسائل الجزئية فلا تحصى، ثمَّ يحتمل أن يكون أراد بالسبعين التحديد. ويحتمل أن يكون أراد المبالغة في التكثير؛ لأن العرب تستعمل السبعين في ذَلِكَ، ومنه قوله تعالى: ﴿إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً﴾ [التوبة: ٨٠].
ومن المسائل الجزئية التي ينبغي استحضار النية فيها: الصدقات، وقضاء حوائج الناس، وعيادة المرضى، واتباع الجنائز، وابتداء السلام ورده، وتشميت العاطس وجوابه، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وإجابة الدعوة، وحضور مجلس العلم والأذكار، وزيارة الأخيار، والقبور، والنفقة عَلَى الأهل والضيفان، وإكرام أهل الود والفضل وذوي الأرحام، ومذاكرة العلم والمناظرة فيه وتكراره وتدريسه وتعلمه وتعليمه ومطالعته وكتابته وتصنيفه، والفتوى، والقضاء، وإماطة الأذى عن الطريق، والنصيحة، والإعانة عَلَى البر والتقوى، وقبول الأمانات وأدائها، وما أشبه ذَلِكَ، حتَّى ينبغي


استحضارها عند إرادة الأكل والشرب والنوم ويقصد بها التقوِّي عَلَى الطاعة، وإراحة البدن لينشط لها، وكذا إِذَا جامع موطوءته بقصد المعاشرة بالمعروف وإيصالها حقها، وتحصيل ولد صالح يعبد الله تعالى، وإعفاف الزوجة، وإعفاف نفسه وصيانتها، من التطلع إلى حرام أو الفكر فيه أو مكابدة المشاق بالصبر، وهذا معنى قوله - ﷺ -: «وفي بضع أحدكم صدقة» (١)، وكذا ينبغي لمن عمل حرفة للمسلمين مما هو فرض كفاية أن يقصد إقامة فرض الكفاية ونفع المسلمين، كالزراعة وغيرها من الحرف التي هي قوام عيش المسلمين.
والضابط لحصول النية أنه متى قصد بالعمل امتثال أمر الشرع وبتركه الانتهاء بنهي الشرع كانت حاصلة مثابًا عليها وإلا فلا، وإن لم يقصد ذَلِكَ كان عملًا بهيميًّا، ولهذا قَالَ السلف: الأعمال البهيمية ما عملت بغير نية (٢).
الوجه التاسع بعد الثلاثين:
هذا الحديث من أجل أعمال القلوب والطاعة المتعلقة بها وعليه مدارها، وهو قاعدتها، فهو قاعدة الدين لتضمنه حكم النيات التي محلها القلب بخلاف الذكر الذي محله اللسان، ولهذا لو نوى الصلاة بلسانه دون قلبه لم يصح، ولو قرأ الفاتحة بقلبه دون لسانه لم

------------------------
(١) رواه مسلم (١٠٠٦) كتاب: الزكاة، باب: بيان أن اسم الصدقة يقع على كل نوع من المعروف، والبخاري في «الأدب المفرد»، (٢٢٧)، والترمذي (١٩٥٦)، وابن حبان (٥٢٩)، كلهم عن أبي ذر.
(٢) قلت: ومصداق هذا ما قاله بعض العلماء من أن الله لو كلفنا عملًا بلا نية لكلفنا ما لا يطاق، والله أعلم.



يصح، فهو أصل في وجوب النية في سائر العبادات كما (سلف) (١) عن الجمهور.
الوجه الأربعون:
هذا الحديث أصل في الإخلاص أيضًا، فهو إرادة تمثيل الفعل إلى وجه الله تعالى وحده خالصًا، والنية هي القصد المتعلق بتمثيل الفعل إلى وجه الله تعالى، وللإخلاص مرجع إلى الكتاب والسنة، أما الكتاب فكل آية تضمنت مدح الإخلاص وذم الرياء، وقد ذكرت جملة منها في الوجه التاسع، وكذا من السنة أيضًا.
الوجه (الحادي بعد الأربعين) (٢):
استنبط من الحديث أنه لا يجوز الإقدام عَلَى الفعل قبل معرفة حكمه، ووجهه أنه لابد للمكلَّف من الإتيان بما أمر به على وجهه، وقد نفى أن يكون العلم منتفعًا به إلا بالنية أي: بنية التقرب لما طلبه الله من العبد ولا يتصور ذَلِكَ إلا بعد معرفة المطلوب.
الوجه (الثاني بعد الأربعين) (٣):
قد يستدل به بَعْدَ العبادات في أحكام المعاملات كالإكراه عَلَى الطلاق والعتاق، وفي باب الأيمان حتَّى لو حلف: والله ما رأيت زيدًا، وهو ينوي أنه لم يصب رئته، وما كلمت محمدًا يريد ما جرحته، كان عَلَى ما نوى. وكذلك يدل عَلَى أن من باع واشترى بغش وخلابة أو ربا بحيلة، فإنه محظور في حق الدين. فأما طلاق

------------------------
(١) في: (ف): سلفت.
(٢) في (ج): الحادي والأربعون.
(٣) في (ج): الثاني والأربعين.



السكران فلا يدخل فيه؛ لأن صريح الطلاق لا يحتاج إلى النية إلا أن يكون ذَلِكَ بلفظ كناية.
وقال قوم: إن الاستدلال بهذا الحديث في غير العبادات لا يجوز؛ لأنه غير ما قصد به، وحاصله: أن الألف واللام في الأعمال هل هي لاستغراق الجنس فيدخل (فيه) (١) جميع الأعمال؟ أو لتعريف العهد؟ (٢) لأن المراد أعمال البر والقربات.
الثالث والأربعون:
وهو ينعطف عَلَى ما مضى: من الأعمال ما تشترط النية فيه لصحته (ولحصول) (٣) - الثواب بفعله كالصلاة والصيام والحج والاعتكاف والطواف في غير حج ولا عمرة وغيرها، وهذا مجمع عليه.
ومنها مختلف فيه كالوضوء، والغسل، والتيمم، والطواف في الحج والعمرة، وغيرها.
ومنها ما لا يشترط فيه النية لصحته بل لحصول الثواب بفعله كستر العورة، والأذان، والابتداء بالسلام ورده، وبناء المدارس، والوقف، والهبة، والوصية، والأمر بالمعروف، وحضور مجالس العلم، وزيارة

----------------------
(١) من (ج).
(٢) (أل) الجنسية قسمان: أحدهما: حقيقي، وهي التي ترد لشمول أفراد الجنس نحو: ﴿إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (٢)﴾ والآخر: مجازي، وهي التي ترد لشمول خصائص الجنس على سبيل المبالغة، نحو: أنت الرجل علما، أي الكامل في هذِه الصفة، ويقال لها: التي للكمال. و(أل) العهدية: هي التي عُهد مصحوبها بتفدم ذكره، نحو: جاءني رجل فأكرمت الرجل، أو بحضوره حسًّا أو علمًا، نحو: ﴿إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ﴾ [التوبة: ٤٠].
(٣) في (ج): (وبحصول).



(الأحياء (١) والقبور، والنفقة عَلَى الأهل والضيف، وإكرام ذوي الود، والأرحام، ومذاكرة العلم، والمناظرة به، وتكراره ودرسه، وتعليمه، وتعلمه، وتصنيفه، والفتوى، والنصيحة، وقبول الأمانات، وأدائها، والقضاء، وإماطة الأذى عن الطريق، والإعانة عَلَى البر والتقوى، وشبهها كالأكل والشرب ينوي بها التقوِّي عَلَى الطاعة، والنوم ينوي به راحة البدن لينشط للعبادة، والجماع ينوي به المعاشرة بالمعروف وإيصالها حقها، وحصول ولد صالح يعبد الله، وإعفاف نفسه، وتحصين فرجه، وصيانة زوجه ونفسه من التطلع إلى الحرام، والفكر فيه، ومكابدة المشاق بالصبر عليه. وهو معنى قوله - ﷺ -: «وفي بضع أحدكم صدقة» وكذا ينوي بعمل معيشته منفعة المسلم، وأداء فرض الكفاية وما أشبه ذَلِكَ (٢).
---------------------
(١) في (ج): الأخيار.
(٢) ورد بهامش (ف): بلغ إبراهيم بن محمد بن خليل الحلبي قراءة على المصنف وسمعه الأئمة: الصفدي والحاضري … وابن بهرام ومحمد بن بحر البرموي والعاملي وآخرون …



٢ - باب
٢ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ - رضي الله عنها - أَنَّ الْحَارِثَ بْنَ هِشَامٍ - رضي الله عنه - سَأَلَ رَسُولَ اللهِ - ﷺ - فَقَالَ يَا رَسُولَ اللهِ كَيْفَ يَأْتِيكَ الْوَحْيُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - ﷺ - «أَحْيَانًا يَأْتِينِى مِثْلَ صَلْصَلَةِ الْجَرَسِ -وَهُوَ أَشَدُّهُ عَلَىَّ- فَيُفْصَمُ عَنِّي وَقَدْ وَعَيْتُ عَنْهُ مَا قَالَ، وَأَحْيَانًا يَتَمَثَّلُ لِىَ الْمَلَكُ رَجُلًا فَيُكَلِّمُنِي فَأَعِي مَا يَقُولُ». قَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها: وَلَقَدْ رَأَيْتُهُ يَنْزِلُ عَلَيْهِ الْوَحْىُ فِي الْيَوْمِ الشَّدِيدِ الْبَرْدِ، فَيَفْصِمُ عَنْهُ وَإِنَّ جَبِينَهُ لَيَتَفَصَّدُ عَرَقًا. [٣٢١٥ - مسلم ٢٢٣٣ - فتح ١/ ١٨]
الحديث الثاني:
نَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ، أنَا مَالِكٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ المُؤْمِنِينَ أَنَّ الحَارِثَ بْنَ هِشَامٍ سَأَلَ رَسُولَ اللهِ - ﷺ - فقَالَ: يَا رَسولَ اللهِ كَيْفَ يأتيك الوَحْيُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - ﷺ -: «أَحْيَانًا يَأْتِينِي مِثْلَ صَلْصَلَةِ الجَرَسِ -وَهُوَ أَشَدُّهُ عَلَيَّ- فَيُفْصَمُ عَنِّي وَقَدْ وَعَيْتُ عَنْهُ مَا قَالَ، وَأَحْيَانًا يَتَمَثَّلُ لِيَ المَلَكُ رَجُلًا فَيُكَلِّمُنِي فَأَعِي مَا يَقُولُ». قَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها: وَلَقَدْ رَأَيْتُهُ يَنْزِلُ عَلَيْهِ الوَحْيُ فِي اليَوْمِ الشَّدِيدِ البَرْدِ، فَيَفْصِمُ عَنْهُ وَإِنَّ جَبِينَهُ لَيَتَفَصَّدُ عَرَقًا.
الكلام عليه من وجوه:
أحدها:
هذا الحديث رواه البخاري أيضًا في بدء الخلق عن فروة، عن علي بن مسهر، عن هشام (١)، ورواه مسلم أيضًا في الفضائل عن أبي بكر، عن ابن عيينة، وعن أبي كريب، عن أبي أسامة، وعن

---------------------
(١) سيأتي برقم (٣٢١٥) كتاب: بدء الخلق، باب: ذكر الملائكة.


ابن نمير، واللفظ له عن ابن بشر عنه (١).
ثانيها:
هذا الحديث أدخله الحفاظ في مسند عائشة دون الحارث، وليس للحارث هذا في الصحيحين رواية، وإنما له رواية في سنن ابن ماجه فقط (٢)، وعده ابن الجوزي فيمن روى من الصحابة حديثين، مراده في غير الصحيحين، وليس في الصحابة في الصحيحين من اسمه الحارث غير الحارث بن ربعي أبي قتادة، على أحد الأقوال في اسمه، والحارث بن عوف أبي واقد الليثي، وهما بكنيتيهما أشهر، وأما خارج الصحيحين فجماعات كثيرون فوق المائة وخمسين.
والحارث الواقع هنا هو الحارث بن هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم، أخو أبي جهل لأبويه، وابن عم خالد بن الوليد، شهد بدرًا كافرًا وانهزم، وله يقول حسان:
إن كنت كاذبة بما حدثتني … فنجوت منجى الحارث بن هشام
ترك الأحبة أن يقاتل دونهم … ونجا برأسي طمرة ولجام
فاعتذر الحارث عن فراره فقال:
القوم أعلم ما تركت قتالهم … حتَّى حَبَوا مهري بأشقر مزبد
وعرفت أني إن أقاتل واحدًا … أقتل ولا ينكى عدوي مشهدي
فصددت عنهم والأحبة فيهم … طمعًا لهم بعقاب يوم مفسد (٣)
فقال الأصمعي: لم أسمع أحسن من اعتذاره في الفرار.

----------------------
(١) مسلم (٢٣٣٣) في الفضائل، باب: عرق النبي - ﷺ - في البرد وحين يأتيه الوحي.
(٢) «سنن ابن ماجه» (١٩٩١).
(٣) رواه الحاكم في «المستدرك» ٣/ ٣١٣، وانظر: «الاستيعاب» ٣/ ٣٦٤ - ٣٦٥.



أسلم يوم الفتح، وحسن إسلامه، وأعطاه النبي - ﷺ - يوم حنين مائة من الإبل، وكان من فضلاء الصحابة وخيارهم، خرج هو وسُهيل بن عمرو إلى الشام؛ ليستدركا ما فاتهما من سابقة الإسلام بالجهاد، فقاتل الكفار حتَّى قتل باليرموك سنة خمس عشرة أو بعمواس وهو الذي أجارته أم هانئ يوم الفتح، وقيل: بل هو غيره.
روى عنه ولده عبد الرحمن، وكان شريفًا في قومه، وله اثنان وثلاثون ولدًا، منهم: أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، أحد الفقهاء السبعة عَلَى قول، كان يقال له: الراهب (١).
فائدة:
ليس في الصحابة الحارث بن هشام إلا هذا، وإلا الحارث بن هشام الجهني.
روى عنه المصريون، ذكره ابن عبد البر (٢).
الثالث: في التعريف برواته.
أما عائشة (٣) فهي: الصديقة بنت الصديق، (الحبيبة بنت الحبيب) (٤)، أبي بكر عبد الله بن أبي قحافة، عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب،

---------------------------
(١) انظر ترجمته في: «الطبقات الكبرى» ٥/ ٤٤٤، «الاستيعاب» ١/ ٣٦٤ - ٣٦٧ (٤٥٢)، «أسد الغابة» ١/ ٤٢٠، ٤٢١ (٩٧٩).
(٢) «الاستيعاب» ١/ ٣٦٧ (٤٥٣).
(٣) انظر ترجمتها في: «الاستيعاب» ٤/ ٤٣٥ - ٤٣٩ (٣٤٦٣)، «أسد الغابة» ٧/ ١٨٨ - ١٩٢ (٧٠٨٥)، «تهذيب الكمال» ٣٥/ ٢٢٧ - ٢٣٦ (٧٨٨٥)، «شذرات الذهب» ١/ ٩.
(٤) في (ف): الحسيبة بنت الحسيب.



أم المؤمنين كنيتها أم عبد الله كنيت بابن أختها عبد الله بن الزبير، وأبعد من قَالَ: بسقط لها.
وعائشة مأخوذة من العيش، وحكي عيشة -لغة فصيحة-، وأُمُّها أم رومان -بفتح الراء وضمها- زينب بنت عامر بن عويمر بن عبد شمس بن عتاب بن أذينة بن سبيع بن دهمان بن الحارث بن غنم بن مالك بن كنانة، وهي أم عبد الرحمن، أخي عائشة أيضًا، ماتت سنة ست في قول الواقدي والزبير وهو الأصح. تزوجها - ﷺ - بمكة قبل الهجرة بسنتين، وقيل: بثلاث، وقيل: سنة ونصف أو نحوها في شوال بنت ست وقيل سبع، وبنى بها في شوال أيضًا بعد وقعة بدر في السنة الثانية من الهجرة، وقال الواقدي: في الأولى بنت تسع. فأقامت في صحبته ثمانية أعوام وخمسة أشهر، وتوفي عنها وهي بنت ثماني عشرة، وعاشت خمسًا وستين سنة. وكانت من أكبر فقهاء الصحابة، وأحد الستة الذين هم أكثر الصحابة رواية.
رُوي لها ألفا حديثٍ ومائتا حديث وعشرة أحاديث، اتفق البخاري ومسلم عَلَى مائة وأربعة وسبعين حديثًا، وانفرد البخاري بأربعة وخمسين، ومسلم (بتسعة) (١) وستين.
روت عن خلق من الصحابة، وروى عنها جماعات من الصحابة والتابعين قريب من المائتين.
ماتت بعد الخمسين، إما سنة خمس أو ست أو سبع أو ثمان في رمضان، وقيل: في شوال، وأمرت أن تدفن ليلًا بعد الوتر بالبقيع، وصلى عليها أبو هريرة. ولها عدة خصائص ذكرتها في غير هذا

-------------------
(١) في (ج): ثمانية، والمثبت من (ف) وهو الصواب كما في «السير» ٢/ ١٣٩.


الموضع خشية الطول (١)، ومناقبها والأحاديث الصحيحة في فضلها كثيرة مشهورة، قَالَ عروة: كانت عائشة أعلم الناس بالقرآن وبالحديث وبالطب وبالشعر (٢).
وقال أبو موسى الأشعري: ما أشكل على أصحاب رسول الله - ﷺ - شيء (٣) فسألنا عنه عائشة إلا وجدنا عندها منه علمًا (٤). وقال قبيصة بن ذؤيب: كانت عائشة أعلم الناس يسألها كبار الصحابة (٥).
وقال القاسم بن محمد: استقلت بالفتوى في خلافة أبي بكر وعمر وعثمان وهلم جرا إلى أن ماتت (٦).
فوائد مهمة تتعلق بترجمتها رضي الله عنها:
الأولى: مات - ﷺ - عن تسع نسوة، وعائشة أفضلهن قطعًا، وهل هي أفضل من خديجة بنت خويلد؟ فيه وجهان لأصحابنا:
أحدهما: أن خديجة أفضل، وبه قَالَ القاضي والمتولي، وقطع به ابن العربي المالكي (٧)، وغيره.

----------------------
(١) ورد بهامش في (ف): منها أنها ابنة الخليفة.
(٢) رواه أحمد ٦/ ٦٧ (٢٤٣٨٠)، والبزَّار كما في «كشف الأستار» (٢٦٦٢)، والطبراني ٢٢/ ٢٩٤، وأبو نعيم في «الحلية» ٢/ ٤٩. قال الهيثمي في «المجمع» ٩/ ٢٤٢: فيه عبد الله بن معاوية الزبيري. قال أبو حاتم: مستقيم الحديث، وفيه ضعف، وبقية رجال أحمد والطبراني في «الكبير» ثقات إلا أن أحمد قال: عن هثام بن عروة أن عروة كان يقول لعائشة. فظاهره الانقطاع، وقال الطبراني في «الكبير» عن هشام بن عروة، عن أبيه. فهو متصل، والله أعلم. اهـ.
(٣) في (ف): (شيئًا)، والمثبت من (ج).
(٤) رواه الترمذي (٣٨٨٣) وقال: هذا حديث حسن صحيح غريب.
(٥) رواه ابن سعد في «الطبقات الكبرى» ٢/ ٣٧٤.
(٦) رواه ابن سعد في «الطبقات الكبرى» ٢/ ٣٧٥.
(٧) «عارضة الأحوذي» ١٣/ ٢٥٣.



والثاني: أن عائشة أفضل، وقد بسطت ذَلِكَ في كتابي «غاية السول في خصائص الرسول» مع حكاية خلاف آخر في أن عائشة أفضل من فاطمة أيضًا فراجع ذَلِكَ منه (١).
الثانية: جملة من في الصحابة اسمه عائشة عشرة: عائشة هذِه الجليلة، وبنت سعد (٢)، وبنت (جرير) (٣)، وبنت الحارث القرشية (٤)، وبنت أبي سفيان الأشهلية (٥)، وبنت عبد الرحمن بن عتيك زوج رفاعة (٦)، وبنت (عمير) (٧) الأنصارية (٨)، وبنت معاوية بن المغيرة أم

-------------------------
(١) «غاية السول في خصائص الرسول» ص ١٥٤ - ١٥٦، مطبوع باسم «خصائص الرسول».
(٢) عائشة بنت سعد بن أبي وقاص القرشية الزهرية المدنية روت عن أبيها سعد وبعض أزواج النبي - ﷺ - وروى لها البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي ماتت سنة ١١٧ هـ. انظر ترجمتها في: «الطبقات الكبرى» ٨/ ٤٦٧ «تهذيب الكمال» ٢٥/ ٢٣٦ (٧٨٨٦) «الإصابة» ٤/ ٣٦١.
(٣) في الأصول: جزء، والمثبت هو الصواب، وهي عائشة بنت جرير بن عمرو بن زارح الأنصارية. انظر ترجمتها في: «أسد الغابة» ٧/ ١٩٢، «الإصابة» ٤/ ٣٦١.
(٤) عائشة بنت الحارث بن خالد بن صخر القرشية التيمية، ولدت هي وأختها فاطمة وزينب بأرض الحبشة، وقيل: إنهن متن في إقبالهن من أرض الحبشة من ماء شربنه في الطريق، وقد قيل: إن فاطمة نجت منهن وحدها. انظر ترجمتها رضي الله عنها في: «الاستيعاب» ٤/ ٤٣٩ (٣٤٦٤)، «أسد الغابة» ٧/ ١٩٣ (٧٠٨٧).
(٥) عائشة بنت أبي سفيان بن الحارث بن زيد الأنصارية من بني عبد الأشهل ذكرها ابن حبيب في المبايِعات. انظر ترجمتها في: «أسد الغابة» ٧/ ١٩٣، «الإصابة» ٤/ ٣٦١ (٧٠٧).
(٦) عائشة بنت عبد الرحمن بن عتيك النضرية كانت تحت ابن عمها رفاعة بن وهب بن عتيك فطلقها فتزوجت بعده عبد الرحمن بن الزبير القرظي ثم طلقها فأرادت أن ترجع للأول فأبى رسول الله - ﷺ -. انظر ترجمتها في: «أسد الغابة» ٢/ ٢٣٣، «الإصابة» ١/ ٥١٨.
(٧) في (ج): عمر.
(٨) وهي عائشة بنت عمير بن الحارث بن ثعلبة الأنصارية ذكرها ابن حبيب في =



عبد الملك بن مروان، وبنت قدامة بن مظعون (١)، وعائشة من الأوهام وإنما هي بنت عجرد (٢) سمعت ابن عباس. وليس في الصحيحين من اسمه عائشة من الصحابة سوى الصديقة، وفيهما عائشة بنت طلحة بن عبيد الله، عن خالتها (٣) عائشة أصدقها مصعب ألف ألف، وكانت بديعة جدًّا (ضخمة) (٤)، وفي البخاري عائشة بنت سعد بن أبي وقاص، روت عن أبيها (٥). وفي ابن ماجه عائشة بنت مسعود بن
------------------------
= المبايِعات. انظر ترجمتها في: «الطبقات الكبرى» ٨/ ٣٩٨، «أسد الغابة» ٧/ ١٩٤ (٧٠٩١)، «الإصابة» ٤/ ٣٦٢.
(١) هي عاشة بنت قدامة بن مظعون القرشية الجمحية، هي وأمها رائطة بنت سفيان الخزاعية من المبايِعات.
انظر ترجمتها في: «الاستيعاب» ٤/ ٤٣٩، «أسد الغابة» ٧/ ١٩٤، «الإصابة» ٤/ ٣٦٢.
(٢) عائشة بنت عجرد، روت عن ابن عباس، وروى عنها أبو حنيفة، قال الدارقطني: لا تقوم بها حجة. اهـ. وقال الذهبي: لا تكاد تعرف، ويقال: لها صحبة ولم يثبت ذلك، بلى أرسلت فأوهمت: أنها صحابية. اهـ.
انظر ترجمتها في: «ميزان الاعتدال» ٣/ ٨٧، «تعجيل المنفعة» ٢/ ٦٥٧ (١٦٤٨).
(٣) عائشة بنت طلحة بن عبيد الله القرشية التيمية، أم عمران المدنية، وأمها أم كلثوم بنت أبي بكر الصديق. تزوجها ابن خالها عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق، فمات عنها، ثم خلف عليها مصعب بن الزبير، فقتل عنها فخلف عليها عمر بن عبد الله بن معمر التيمي، وكانت من أجمل نساء قريش، أصدقها مصعب بن الزبير ألف ألف درهم، وثقها ابن معين والعجلي وأبو زرعة وابن حبان روى لها الجماعة.
انظر ترجمتها في: «معرفة الثقات» ٢/ ٤٥٥ (٢٣٤٢)، «تهذيب الكمال» ٣٥/ ٢٣٧، ٢٣٨ (٧٨٨٨)، «تقريب التهذيب» (٨٦٣٦).
(٤) في (ف): صحيحة.
(٥) البخاري (١٨٧٧) كتاب: الحج، باب: إثم من كاد أهل المدينة، (٥٦٥٩) كتاب: المرضى، باب: وضع اليد على المريض.



العجماء العدوية عن أبيها. وعنها ابن أختها محمد بن طلحة (١)، وليس في مجموع الكتب الستة غير ذَلِكَ، وثم عائشة بنت سعد (٢) أخرى بصرية تروي عن الحسن.
الثالثة: قولهم في عائشة وغيرها من أزواج النبي - ﷺ - ورضي عنهن: أم المؤمنين تبعوا فيه قوله تعالى: ﴿وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ﴾ [الأحزاب: ٦]، وقرأ مجاهد: (وهو أب لهم) (٣) وقيل: إنها قراءة أُبي بن كعب (٤)، وهن أمهات في وجوب احترامهن وبِرِّهن وتحريم نكاحهن، لا في جواز الخلوة والمسافرة وتحريم نكاح بناتهن، وكذا النظر في الأصح، وبه جزم الرافعي (٥) ومقابله حكاه الماوردي (٦).
وهل يقال لإخوتهن أخوال المسلمين، ولأخواتهن: خالات المؤمنين، ولبناتهن: أخوات المؤمنين؟ فيه خلاف عندنا وعند غيرنا، والأصح المنع لعدم التوقيف. ووجه مقابله أنه مقتضى ثبوت الأمومة، وهو ظاهر النص، لكنه مؤول (٧)، قالوا: ولا يقال: آباؤهن وأمهاتهن أجداد المؤمنين وجداتهم (٨). وهل يقال فيهن: أمهات المؤمنات؟ فيه

----------------------------
(١) ابن ماجه (٢٤٥٨).
(٢) عائشة بنت سعد، من أهل البصرة، تروي عن الحسن البصري، وحفصة بنت سيرين، ويروي عنها عبد الرحمن بن عمرو بن جبلة البصري أحد الضعفاء المتروكين.
انظر ترجمتها في: «تهذيب الكمال» ٣٥/ ٢٣٧ (٧٨٨٧).
(٣) رواه الطبري في «التفسير» ١٠/ ٢٥٨ (٢٨٣٣٦).
(٤) رواه البيهقي في «السنن الكبرى» ٧/ ٦٩.
(٥) «العزيز» ٧/ ٤٥٧.
(٦) «الحاوي الكبير» ٩/ ١٩.
(٧) انظر: «العزيز» ٧/ ٤٥٧، «روضة الطالبين» ٧/ ١١، «غاية السول في خصائص الرسول» ص ١٦٧ - ١٦٨.
(٨) المصادر السابقة.



خلاف عندنا، والأصح أنه لا يقال؛ بناء عَلَى الأصح أنهن لا يدخلن في خطاب الرجال (١)، وعن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: أنا أم (الرجال) (٢) لا أم النساء (٣). وهل يقال للنبي - ﷺ -: أبو المؤمنين؟ فيه وجهان عندنا، والأصح: الجواز (٤)، ونص عليه الشافعي أيضا (٥)، أي: في الحرمة. ومعنى قوله تعالى: ﴿مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ﴾ [الأحزاب: ٤٠]، لصُلبه، وعن الأستاذ أبي إسحاق أنه لا يقال: أبونا، وإنما يقال: هو كأبينا، لما روي أنه - ﷺ - قَالَ: «إنما أنا لكم كالوالد» (٦).
---------------------------
(١) انظر: «الحاوي» ٧/ ١٩، «تفسير الماوردي» ٤/ ٣٧٤، «التهذيب» ٥/ ٢٢٧،
«روضة الطالبين» ٧/ ١١ - ١٢.
أما مسألة دخول النساء في خطاب الرجال أو عدمه، فقد اتفق العلماء على أن كل واحد من المذكر والمؤنث لا يدخل في الجمع الخاص بالآخر، كالرجال والنساء، وعلى دخولهما في الجمع الذي لم تظهر فيه علامة تذكير ولا تأنيث كالناس، وإنما وقع الخلاف بينهما في الجمع الذي ظهرت فيه علامة التذكير، كالمسلمين والمؤمنين هل هو ظاهر في دخول الإناث فيه أو لا؟ فذهب الجمهور إلى نفيه، وذهب الحنابلة وأبو بكر بن داود وأصحاب أبي حنيفة إلى إثباته.
انظر المسألة بالتفصيل في: «الإحكام» للآمدي ٢/ ٣٢٥ - ٣٢٩، «إرشاد الفحول» ١/ ٥٦٣ - ٥٦٦، «مذكرة الشنقيطي» ص ٢١٢، «معالم أصول الفقه» ص ٤٢٤.
(٢) في (ف): (رجالكم).
(٣) رواه ابن سعد في «الطبقات الكبرى» ٨/ ٢٠٠، والبيهقي في «الكبرى» ٧/ ٧٠.
(٤) انظر: «التهذيب» ٥/ ٢٢٨، «روضة الطالبين» ٧/ ١٢.
(٥) «الأم» ٥/ ١٢٦.
(٦) رواه أبو داود (٨)، والنسائي ١/ ٣٨، وابن ماجه (٣١٣)، وأحمد ٢/ ٢٤٧، وابن خزيمة (٨٠). وهو جزء من حديث أبي هريرة في الاستنجاء بالحجارة والنهي عن الروث والرمة. والحديث حسن إسناده الألباني في «صحيح سنن أبي داود» (٦).



https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...b61e7e5bc3.gif


ابوالوليد المسلم 24-12-2025 10:53 PM

رد: التوضيح لشرح الجامع الصحيح أبو حفص عمر بن علي بن أحمد الأنصاري المعروف بـ ابن ال
 
https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...b61e7e5bc2.gif


الكتاب: التوضيح لشرح الجامع الصحيح
المؤلف: سراج الدين أبو حفص عمر بن علي بن أحمد الأنصاري الشافعي

المعروف بـ ابن الملقن (٧٢٣ - ٨٠٤ هـ)
الناشر: دار النوادر، دمشق - سوريا
الطبعة: الأولى، ١٤٢٩ هـ - ٢٠٠٨ م
عدد الأجزاء: ٣٦ (٣٣ والفهارس)

المجلد (2)
من صـــ 211 الى صـــ 230
الحلقة (27)





ونقل صاحب «المحكم» عن الزجاج (١) في معنى قوله تعالى: ﴿قَالَ يَا قَوْمِ هَؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ﴾ [هود: ٧٨] كنى ببناته عن نسائهم، ونساءُ أمةِ كلِّ نبيٍّ بمنزلة بناته، وأزواجه بمنزلة أمهاتهم.
وحكى جماعة من المفسرين في ذَلِكَ قولين:
أحدهما: أنه أراد بنتيه حقيقة؛ لأن الجمع يقع عَلَى الاثنين.
والثاني: أنه أراد نساء أمته؛ لأنه وليُّ أمته (٢).
وأما الراوي عن عائشة فهو أبو عبد الله عروة بن الزبير بن العوام ابن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي الأسدي المدني التابعي الجليل المجمع عَلَى إمامته وتوثيقه ووفور علمه، وهو أحد فقهاء المدينة السبعة، وهم: سعيد بن المسيب، وعروة بن الزبير، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، والقاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، وسليمان بن يسار، وخارجة بن زيد بن ثابت، وفي السابع ثلاثة أقوال:
أحدها: أبو سلمة بن عبد الرحمن.
ثانيها: سالم بن عبد الله بن عمر.
ثالثها: أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام. وقد جمعهم الشاعر على هذا القول الأخير فقال:
ألا إن من لا يقتدي بأئمةٍ … فقسمته ضيزى من الحق خارجة
فخذهم عبيد الله عروة قاسم … سعيد أبو بكر سليمان خارجة

----------------------
(١) «المحكم» ٤/ ٢٥٦ [أهل] لكن في معنى قوله: ﴿إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِك﴾ [هود: ٤٦].
(٢) انظر: «تفسير الطبري» ١٢/ ٨٤، «تفسير القرطبي» ٩/ ٧٦، «تفسير الماوردي» ٢/ ٤٨٨، «زاد المسير» ٤/ ١٣٧ - ١٣٨، «الدر المنثور» ٣/ ٦١٩ - ٦٢٠.


وأم عروة: أسماء بنت الصديق، وقد جمع الشرف من وجوه، فرسول الله - ﷺ - صهره، وأبو بكر جده، والزبير والده، وأسماء أمه، وعائشة خالته، سمع أباه وأمه وخالته وأخاه عبد الله بن الزبير وخلائق من كبار الصحابة وجماعة من التابعين، وروى عنه جماعة من التابعين وغيرهم.
قَالَ الزهري: كان عروة بحرًا لا تكدره الدلاء (١). وفي رواية: بحرًا لا يُنْزَف (٢).
وقال ولده هشام: والله ما (تعلمنا) (٣) منه جزءًا من ألفي جزء من حديثه (٤)، وقال: صام أبي الدهر وما مات إلا وهو صائم (٥).
وقال سفيان بن عيينة: كان أعلم الناس بحديث عائشة: القاسم بن محمد وعروة وعمرة.
وقال عمر بن عبد العزيز: ما أعلم أحدًا أعلم منه.
ولد سنة عشرين، ومات سنة أربع وتسعين. وقيل: سنة ثلاث.
وقيل: سنة تسع روى له الجماعة، وليس في الستة عروة بن الزبير سواه، ولا في الصحابة أيضا (٦).

--------------------
(١) رواه ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» ٦/ ٣٩٦، أبو نعيم في «الحلية» ٣/ ٣٦٦، وابن عبد البر في «التمهيد» ٨/ ٦، ولفظ أبي فعيم: «فأما عروة فبئر لا تكدره الدلاء».
(٢) رواه ابن سعد في «الطبقات» ٥/ ١٨١.
(٣) في (ج): (بلغنا).
(٤) انظر: «التاريخ الكبير» ٧/ ٣٢.
(٥) رواه ابن سعد في «الطبقات» ٥/ ١٨٠.
(٦) انظر ترجمته في: «الطبقات الكبرى» ٥/ ١٧٨ - ١٨٢، «التاريخ الكبير» ٧/ ٣١، ٣٢ (١٣٨)، «معرفة الثقات» ٢/ ١٣٣ (١٢٢٩)، «الثقات» ٥/ ١٩٤ - ١٩٥، «تهذيب الكمال» ١١/ ٢٠ - ٢٥ (٣٩٠٥).



وأما الراوي عنه فهو ولده هشام أبو المنذر. وقيل: أبو عبد الله أحد الأعلام، تابعي مدني، رأى ابن عمر ومسح برأسه ودعا له، وجابرًا وغيرهما، وسمع أباه وعمه عبد الله بن الزبير وخلقًا. وروى عن بكر بن وائل وهو أصغر منه، وعنه شعبة ومالك والقطان.
وكان سيدًا جليلًا ثقة (ثبتًا) (١) كثير الحديث، وُلِدَ مقتل الحسين سنة إحدى وستين ومات ببغداد سنة خمس وأربعين ومائة وقيل: سنة ست وقيل: سنة سبع، روى لَهُ الجماعة، ولا يحضرني أحد شاركه في اسمه مع اسم أبيه (٢).
وأما الراوي عنه فهو الإمام -إمام دار الهجرة- أبو عبد الله مالك بن أنس بن مالك تابعي -سمع عثمان- بن أبي عامر نافع -وله إدراك- ابن عمرو بن الحارث بن غيمان -بغين معجمة مفتوحة ثم مثناة تحت ساكنة- بن خثيل -بخاء معجمة مضمومة، وقيل بالجيم حكاه أبو نصر عن الدارقطني (٣) ثمَّ مثلثة مفتوحة، ثمَّ مثناة تحت ساكنة، ثمَّ لام -بن عمرو بن الحارث وهو ذو أصبح، عدادهم بالحلف في تيم -بن مرة من قريش الأصبحي (٤) المدني، ومناقبه جمة أفردت بالتأليف.
سمع خلقًا من التابعين وغيرهم، قَالَ أبو القاسم الدولعي (٥): أخذ

--------------------
(١) في (ج): تقيًّا.
(٢) انظر ترجمته في: «الطبقات الكبرى» ٧/ ٣٢١، «التاريخ الكبير» ٨/ ١٩٣، ١٩٤ (٢٦٧٣)، «التاريخ الصغير» ١/ ٥٧، ٢٣١، «الجرح والتعديل» ٩/ ٦٣، ٦٤ (٢٤٩)، «الثقات» ٥/ ٥٠٢، «تهذيب الكمال» ج ٣/ ٢٣٢ - ٢٤٢ (٦٥٨٥).
(٣) «الإكمال» ٢/ ٥٦٦.
(٤) قال الحافظ أبو عمر ابن عبد البر في «التمهيد» ١/ ٩٠: وأنا أستغرب نسب مالك إلى ذي أصبح، وأعتقد أن فيه نقصانًا كثيرًا؛ لأن ذا أصبح قديم جدًّا. اهـ.
(٥) هو أبو القاسم ضياء الدين عبد الملك بن زيد بن ياسين الأرقمي الموصلي الدولعي =



عن تسعمائة شيخ منهم ثلاثمائة من التابعين وستمائة من تابعيهم ممن اختاره وارتضى دينه وفقهه وقيامه بحق الرواية وشروطها وسكنت النفس إليه، وحصلت الثقة به، وترك الرواية عن أهل دين وصلاح لا يعرفون الرواية (١).
روى عنه جماعة من التابعين منهم: الزهري ويحيى بن سعيد الأنصاري وهما من شيوخه، وروى عنه ممن بعد التابعين خلائق من الأعلام منهم الأوزاعي (٢) والثوري وشعبة والليث والشافعي وآخرون.
وحديث أبي هريرة الحسن في الترمذي أنه - ﷺ - قَالَ: «يوشك أن يضرب الناس آباط المطي في طلب العلم فلا يجدون عالمًا أعلم من عالم المدينة» (٣) قيل: إنه ليس المراد رجلًا بعينه، وإنما هذا في آخر الزمان عند ضعف الدين، والمعروف أن المراد به الإمام مالك، هذا هو الذي حمله العلماء عليه، وإن كان سفيان بن عيينة قَالَ مرة: إنه (العمري) (٤) عبد العزيز بن عبد الله الزاهد (٥).

---------------------
= الشافعي خطيب دمشق، ولد سنة ٥٠٧ هـ، ومات سنة ٥٩٨ هـ. والدولعية من قرى الموصل. انظر ترجمته في: «سير أعلام النبلاء» ٢١/ ٣٥٠. «طبقات الشافعيه» ٧/ ١٨٧، «البداية والنهاية» ١٣/ ٤٠ - ٤١.
(١) انظر: «تهذيب الأسماء واللغات» ٢/ ٧٨ - ٧٩.
(٢) ستأتي ترجمته في حديث (١٧٨).
(٣) رواه الترمذي (٢٦٨٠)، وأحمد ٢/ ٢٩٩، وابن حبان (٣٧٣٦)، والحاكم ١/ ٩١ من حديث أبي هريرة بلفظ: «أكباد الابل» ورواه الحميدي في «مسنده» ٢/ ٤٨٥ بهذا اللفظ، قال الترمذي: هذا حديث حسن، وهو حديث سفيان بن عيينة. اهـ.
وقال الحاكم صحيح على شرط مسلم، والحديث أعله الألباني في «الضعيفة» (٤٨٣٣) بعنعنة ابن جريج وأبي الزبير.
(٤) في (ج): (العمر بن)
(٥) انظر: الترمذي (٢٦٨٠)، «تهذيب الكمال» ٢٧/ ١١٧. وقيل: إنه ابنه عبد الله كما =



مات - رضي الله عنه - صبيحة أربع عشرة من شهر ربيع الأول من سنة تسع وسبعين ومائة، عن خمس وثمانين سنة، وقيل: غير ذَلِكَ، وقبره بالبقيع معروف في قبة مفردة، وقد زرته غير مرة، ونسأل الله العودة، وكان حمل به البطن ثلاث سنين (١)، ولما حضرته الوفاة تشهد ثمَّ قَالَ: لله الأمر من قبل ومن بعد (٢)، وكان نقش خاتمه: حسبي الله ونعم الوكيل (٣). روى لَهُ الجماعة (٤).
-----------------
= في «سير أعلام النبلاء» ٨/ ٥٧، «تهذيب التهذيب» ٢/ ٣٧٧ والله أعلم.
(١) انظر ترجمته في: «الطبقات الكبرى» القسم المتمم (٤٣٤)، «الثقات» ٧/ ٤٥٩،
«وفيات الأعيان» ٤/ ١٣٧.
وقد اختلف الفقهاء في أقصى مدة للحمل على أقوال:
القول الأول: أنه أربع سنين. وهو المشهور عن مالك، وبه قال الشافعي، وهو المذهب عند الحنابلة.
القول الثاني: أنه سنتان. وهو مذهب أبي حنيفة، والثوري، وهو رواية عن أحمد، وهو مروي عن عائشة أم المؤمنين.
القول الثالث: أنه سبع سنين. وهو قول ابن وهب وأشهب.
القول الرابع: أنه ست سنين. وهو منقول عن مالك.
القول الخامس: أنه ثلاث سنين. وهو قول الليث.
القول السادس: أنه خمس سنين. وهو قول عبّاد بن العوام.
القول السابع: أنه ليس لأقصاه وقت يوقف عليه. وهو قول أبي عبيد.
انظر: «تبين الحقائق» ٣/ ٤٥، «البحر الرائق» ٤/ ٢٧٦، «المنتقى» ٤/ ٨٠، «حاشية الدسوقي» ٢/ ٤٧٤، «العزيز» ٩/ ٤٥١، «روضة الطالبين» ٨/ ٣٧٧، «المغني» ١١/ ٢٣٢ - ٢٣٣، «الإنصاف» ٢٤/ ٢٣ - ٢٤.
(٢) انظر: «طبقات ابن سعد» القسم المتمم (٤٤٣)، «صفوة الصفوة» ٢/ ١٢١، «تهذيب الكمال» ٢٧/ ١١٩.
(٣) رواه أبو نعيم في «الحلية» ٦/ ٣٢٩، وابن عبد البر في «التمهيد» ١/ ٩٢، وانظر: «الطبقات» القسم المتمم (٤٣٤)، «سير أعلام النبلاء» ٨/ ١١٣.
(٤) انظر ترجمته في: «الحلية» ٦/ ٣١٦، «صفة الصفوة» ٢/ ١٢٠ - ١٢١، "وفيات =



فائدة:
مالك - رضي الله عنه - أحد المذاهب الستة المتبوعة.
وثانيهم: أبو حنيفة النعمان بن ثابت مات ببغداد سنة خمسين ومائة عن سبعين سنة (١).
وثالثهم: الشافعي محمد بن إدريس، مات بمصر سنة أربع ومائتين عن أربع وخمسين سنة (٢).
ورابعهم: أحمد بن حنبل، مات سنة إحدى وأربعين ومائتين عن ثمانين سنة ببغداد.

---------------------
= الأعيان«٤/ ١٣٥ - ١٣٩،»تهذيب الكمال«٢٧/ ٩١ - ١٢٠،»سير أعلام النبلاء«٨/ ٤٨ - ١٣٥.
(١) الإمام فقيه الملة، عالم العراق، أبو حنيفة النعمان بن ثابت بن زوطي التيمي الكوفي، مولى بني تميم بن ثعلبة يقال: إنه من أبناء الفرس، ولد سنة ثمانين في حياة صغار الصحابة، ورأى أنس بن مالك لما قدم عليه الكوفة، وقد قال عنه الشافعي: الناس في الفقه عيال على أبي حنيفة توفي سنة خمسين ومائة.
انظر ترجمته في:»التاريخ الكبير«٨/ ٨١ (٢٢٥٣)،»الجرح والتعديل«٨/ ٤٤٩، ٤٥٠ (٢٠٦٢)،»وفيات الأعيان«٥/ ٤٠٥ - ٤١٥ (٧٦٦)،»سير أعلام النبلاء«٦/ ٣٩٠ - ٤٠٣ (١٦٣).
(٢) الشافعي: محمد بن إدريس بن العباس، أبو عبد الله، الشافعي، القرشي، يجتمع مع النبي - ﷺ - في عبد مناف بن قصي، أحد المجتهدين الأربعة، ناصر السنة، وسيد الفقهاء في عصره، مناقبه كثيرة شهيرة، أفردها العلماء بتصانيف مستقلة، منها:»آداب الشافعي ومناقبه«لابن أبي حاتم، و»مناقب الشافعي«للبيهقي.
ولد بغزة سنة خمسين ومائة، وقيل: بعسقلان وتوفي بالقاهرة ليلة الجمعة الأخيرة من رجب سنة أربع ومائتين.
من مؤلفاته»الحجة«،»رسالة الأصول«،»المبسوط«،»فضائل قريش«وغيرها كثير.
انظر ترجمته في:»التاريخ الكبير«١/ ٤٢ (٧٣)،»حلية الأولياء«٩/ ٦٣، ٦٤،»تاريخ بغداد«٢/ ٥٦ - ٧٣ (٤٥٤»سير أعلام النبلاء" ١٠/ ٥ - ٩٩.



وخامسهم: أبو عبد الله سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري، مات بالبصرة سنة إحدى وستين ومائة عن أربع وستين سنة (١).
وآخرهم: داود بن علي بن خلف أبو سليمان الأصبهاني، مات سنة تسعين ومائتين عن ثمان وثمانين سنة ببغداد، وهو إمام الظاهرية (٢) أخذ العلم عن إسحاق بن راهويه (٣)، وأبي ثور (٤)، وقد جمع الإمام أبو الفضل يحيى بن سلامة الحصكفي (٥) من أصحابنا الفقهاء

-------------------
(١) ستأتي ترجمته أثناء شرح حديث (٣٤).
(٢) انظر ترجمته في: «تاريخ بغداد» ٨/ ٣٦٩ - ٣٧٥، «وفيات الأعيان» ٢/ ٢٥٥ - ٢٥٧، «تهذيب الأسماء» ١/ ١٨٢، «سير أعلام النبلاء» ١٣/ ٩٧، «لسان الميزان» ٢/ ٤٢٢.
(٣) ستأتى ترجمته في حديث رقم (١٢٨).
(٤) أبو ثور: إبراهيم بن خالد بن أبي اليمان الكلبي، البغدادي، كان حنفيا من أصحاب محمد، فلما قدم الشافعي بغداد صحبه وأخذ عنه الفقه، وتبعه ونشر مذهبه، ثم استقل بعد ذلك بمذهبٍ، فهو مجتهد مطلق، صاحب مذهب فقهي مستقل، قال ابن حبان: كان أبو ثور أحد أئمة الدنيا فقها وعلما وورعا وفضلا وخيرا، ممن صنَّف الكتب، وفرَّع على السنن، وقال أحمد: أعرفه بالسنة منذ خمسين سنة، هو عندي كسفيان الثوري، وقال ابن عبد البر: له مصنفات كثيرة، منها: كتاب ذكر فيه اختلاف مالك والشافعي وذكر مذهبه في ذلك. ولد سنة سبعين ومائة، وتوفي سنة أربعين ومائتين.
انظر ترجمته في: «طبقات الشيرازي» ١٠١، ١٠٢، «وفيات الأعيان» ١/ ٢٦ (٢)، «تهذيب الكمال» ٢/ ٨٠ - ٨٣ (١٦٩)، «تاريخ الإسلام» ١٧/ ٦٣ - ٦٥ (٣٤) «سير أعلام النبلاء» ١٢/ ٧٢ - ٧٦ (١٩)، «تذكرة الحفاظ» ٢/ ٥١٢ - ٥١٣ (٥٢٨).
(٥) يحيى بن سلامة بن الحسين بن محمد المعروف بالخطيب الحصكفي، الشافعي أبو الفضل معين الدين أديب، كاتب، شاعر، خطيب، فقيه، ولد في طنزة سنة ٤٥٩ هـ، ونشأ بحصن كيفا وقدم بغداد فقرأ الفقه، وأخذ الأدب عن الخطيب التبريزي، وتولى قضاء وخطابة ميافارقين وبها مات سنة ٥٥١ هـ. =



(القراء) (١) السبعة في بيت وأئمة المذاهب في بيت، فقال:
جمعت لك القراء لما أردتهم … ببيت تراه للأئمة جامعًا
أبو عمرو وعبد الله حمزة عاصم … علي ولا تنس المديني نافعًا
وإن شئت أركان الشريعة فاستمع … لتعرفهم فاحفظ إِذَا كنت سامعًا
محمد والنعمان مالك أحمد … وسفيان واذكر بعد داود تابعا
فائدة ثانية:
ليس في الرواة مالك بن أنس غير هذا الإمام وغير مالك بن أنس الكوفي (٢)، روي عنه حديث واحد عن هانئ بن حزام وقيل: جزام، ووَهمَ بعضهم فأدخل حديثه في حديث الإمام نبه عليه الخطيب في (كتابه) (٣) «المتفق والمفترق».
وأما الراوي عن الإمام مالك فهو أبو محمد عبد الله بن يوسف -بتثليث السين مع الهمز ودونه- المصري التنيسي شيخ البخاري، وتنيس -بمثناة فوق مكسورة ثمَّ نون مكسورة ثمَّ ياء مثناة تحت ساكنة ثمَّ سين مهملة- بلدة بمصر سميت بتنيس بن حام بن نوح -عليه السلام-، أصله من دمشق ثم نزل تنيس، قَالَ البخاري: لقيته بمصر سنة سبع عشرة ومائتين، ومنه سمع البخاري «الموطأ» عن مالك، قَالَ يحيى بن معين: ما بقي عَلَى أديم الأرض أحد أصدق في «الموطأ» منه، سمع

--------------------------
= انظر ترجمته في: «اللباب» ١/ ٣٦٩، «الكامل في التاريخ» ١١/ ٢٣٩، «وفيات الأعيان» ٦/ ٢٠٥ - ٢١٠ (٨٠٤)، «سير أعلام النبلاء» ٢٠/ ٣٢٠، ٣٢١ (٢١٣)، «شذرات الذهب» ٤/ ١٦٨، ١٦٩، «معجم المؤلفين» ٤/ ٩٧.
(١) من (ف).
(٢) انظر ترجمته في: «التاريخ الكبير» ٧/ ٣١٠، «الجرح والتعديل» ٨/ ٢٠٤، «تهذيب التهذيب» ٤/ ٨ - ٩.
(٣) من (ف).



الأعلام مالكًا والليث وغيرهما، وعنه الأعلام يحيى بن معين والذهلي وغيرهما، وأكثر عنه البخاري في «صحيحه» وقال: كان أثبت الشاميين، وروى أبو داود والترمذي والنسائي عن رجل عنه، ولم يخرج له مسلم، مات بمصر سنة ثمان عشرة ومائتين، وليمس في الكتب الستة عبد الله بن يوسف سواه (١).
فائدة:
هذا الإسناد كلُّه مدنيون، خلا شيخ البخاري وفيه أيضًا طرفة ثانية، وهي رواية تابعي عن تابعي.
الوجه الرابع: في ألفاظه ومعانيه:
وهو بيان لكيفية الوحي لا لكيفية بدوه، فتنبه له:
الأول: قد أسلفنا أول الباب أن الوحي أصله الإعلام في خفاء وسرعة، ثمَّ الوحي في حق الأنبياء عَلَى ثلاثة أضرب، كما نبه عليه القاضي عياض رحمه الله:
أحدها: سماع الكلام القديم (٢) كسماع موسى عليه أفضل الصلاة والسلام بنص القرآن ونبينا - ﷺ - بصحيح الآثار.
ثانيها: وحي رسالة بواسطة الملك.
ثالثها: وحي تلقٍّ بالقلب، وقيل: كان هذا حال داود - ﷺ - كقوله:

-------------------------
(١) انظر ترجمته في: «التاريخ الكبير» ٥/ ٢٣٣ (٧٦٤)، «التاريخ الصغير» ٢/ ٣٣٨، «معرفة الثقات» ٦٧/ ٢ (٩٩٩)، «تهذيب الكمال» ١٦/ ٣٣٣ - ٣٣٦ (٣٦٧٣)، «شذرات الذهب» ٢/ ٤٤.
(٢) وصف كلام الله -سبحانه وتعالى- بأنه قديم من الألفاظ المبتدعة المخترعة، التي لم ينطق بها سلف الأمة وأئمتها كما ذكر ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية في أكثر من موضع من «مجموع الفتاوى» فقال في ٥/ ٥٣٢ - ٥٣٣ ما معناه. =



«إن روح القدس نفث في روعي» (١) أي: في نفسي والوحي إلى غير الأنبياء بمعنى الإلهام كالوحي إلى النحل.
--------------------------
= إن أهل السنة متفقون على أنه ليس بمخلوق منفصل، ومتفقون على أن كلام الله قائم بذاته، وكان أئمة السنة كأحمد وأمثاله والبخاري وأمثاله، وداود وابن المبارك وابن خزيمة والدارمي وابن أبي شيبة وغيرهم متفقين على أن الله يتكلم بمشيئته وقدرته، ولم يقل أحد منهم إن القرآن قديم، وأول من شهر عنه أنه قال ذلك هو ابن كلاب. اهـ.
وقال في ٧/ ٦٦١: ولم يقل أحد منهم إن القرآن قديم، لا معنى قائم بالذات، ولا أنه تكلم به في القديم بحرف وصوت، ولا تكلم به في القديم بحرف قديم، لم يقل أحد منهم لا هذا ولا هذا، وأن الذي اتفقوا عليه أن كلام الله منزل غير مخلوق، والله لم يزل متكلمًا إذا شاء، وكلامه لا نهاية له. اهـ.
وقال في ١٢/ ٥٤ ما معناه: والسلف يقولون إن القرآن كلام الله منزل غير مخلوق، وقالوا لم يزل متكلمًا إذا شاء، فبينوا أن كلام الله قديم أي جنسه قديم لم يزل، ولم يقل أحد منهم أن نفس الكلام المعين قديم، ولا قال أحد منهم القرآن قديم، بل قالوا: إنه كلام الله منزل غير مخلوق، وإذا كان الله قد تكلم بالقرآن، بمشيئته كان القرآن كلامه، وكان منزلًا غير مخلوق، ولم يكن أزليًّا قديمًا بقدم الله، وإن كان الله لم يزل متكلمًا إذا شاء فجنس كلامه قديم. اهـ.
لكن قال شيخ الإسلام في ١٢/ ٥٦٧: فإذا قيل: كلام الله قديم بمعنى أنه لم يصر متكلمًا بعد أن لم يكن متكلمًا، ولا كلامه مخلوق، ولا معنى واحد قديم قائم بذاته، بل لم يزل متكلمًا إذا شاء فهذا كلام صحيح. اهـ.
وقال في «درء التعارض» ١/ ٦٧: إذا قال قائل: القرآن قديم وأراد به أنه نزل من أكثر من سبعمائة سنة وهو القديم في اللغة، أو أراد أنه مكتوب في اللوح المحفوظ قبل نزول القرآن فإن هذا مما لا نزاع فيه. اهـ.
(١) رواه الحاكم ٢/ ٤ من حديث ابن مسعود، وله طريق آخر عن جابر، رواه ابن حبان (٣٢٣٩)، والحاكم ٢/ ٤ وصححه على شرط الشيخين، وصححه الألباني في «الصحيحة» (٢٨٦٦)، وفي الباب عن حذيفة وأبي أمامة.



وذكر السهيلي (١) أن في كيفية نزول الوحي عَلَى سيدنا رسول الله - ﷺ - سبع صور:
الأول: المنام. كما جاء في هذا الحديث (٢).
ثانيها: أن يأتيه الوحي في مثل صلصة الجرس كما جاء فيه أيضًا.
ثالثها: أن ينفث في روعه الكلام كما جاء في الحديث السالف، وقال مجاهد وغيره في قوله تعالى: ﴿فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ﴾ [الشورى: ٥١] هو أن ينفث في روعه بالوحي.
رابعها: أن يتمثل له الملك رجلًا كما جاء في هذا الحديث وقد كان يأتيه في صورة دحية (٣).
خامسها: أن يتراءى له جبريل في صورته التي خلقها الله تعالى، له

----------------------
(١) «الروض الأنف» ١/ ٢٦٩ - ٢٧٠.
(٢) كذا في الأصول: في هذا الحديث، وهو غير صحيح، بل المعنى يكون صحيحًا دون لفظة (هذا)؛ لأن الحديث، لم يأت فيه الوحي في المنام بل قال: «يَأْتِيني مِثْلَ صَلْصَلَةِ الجَرَسِ» وقال: «وَأَحْيَانًا يَتَمَثَّلُ لِيَ المَلَكُ رَجُلًا»، ففي الحالتين يكون الوحي في اليقظة، وأما دليل كون الوحي يكون في المنام فحديث عائشة التالي وفيه: أول ما بدئ به رسول الله - ﷺ - من الوحي الرؤيا الصالحة في النوم …
(٣) دحية بن خليفة بن فروة بن فضالة بن امرئ القيس بن الخزج، واسمه زيد مناة، بن عامر بن بكر بن عامر بن عامر الأكبر بن زيد اللات، وقيل: عامر الأكبر بن عوف بن بكر بن عوف بن عذرة بن زيد اللات بن رفيدة بن ثور بن كلب الكلبي، صاحب رسول الله - ﷺ -، ورسوله إلى قيصر ملك الروم، وكان جبريل يأتي رسول الله على صورته، وكان أجمل الناس وجهًا.
أسلم قديمًا، ولم يشهد بدرًا، وشهد المشاهد مع رسول الله - ﷺ - بعد بدر، وبقي إلى خلافة معاوية. انظر ترجمته في: «معرفة الصحابة» ٢/ ١٠١٢ - ١٠١٤ (٨٧٨)، «الاستيعاب» ٢/ ٤٤، ٤٥ (٧٠٠)، «أسد الغابة» ٢/ ١٥٨ (١٥٠٧)، «تهذيب الكمال» ٨/ ٤٧٣ - ٤٧٥ (١٧٩٤)، «الإصابة» ١/ ٤٧٣.



ستمائة جناح ينتثر منها اللؤلؤ والياقوت.
سادسها: أن يكلمه الله من وراء حجاب إما في اليقظة كليلة الإسراء، أو في النوم كما جاء في الترمذي مرفوعًا: «أتاني ربي في أحسن صورة فقال: فيم يختصم الملأ الأعلى؟ ..» الحديث (١).
وحديث عائشة الآتي: «فجاءه الملك فقال: اقرأ» (٢) ظاهره أن ذَلِكَ كان يقظة، وفي «السيرة»: «فأتاني وأنا نائم» (٣) ويمكن الجمع بأنه جاءه أولًا منامًا توطئة وتيسيرًا عليه ورفقًا به.
وفي «صحيح مسلم» من حديث ابن عباس مكث - ﷺ - بمكة خمس عشرة سنة يسمع الصوت ويرى الضوء سبع سنين ولا يرى شيئًا، وثمان سنين يوحى إليه (٤).
سابعها: وَحْيُ إسرافيل كما جاء عن الشعبي أن النبي - ﷺ - وكِّل به إسرافيل فكان يتراءى لَهُ ثلاث سنين ويأتيه بالكلمة من الوحي والشيء ثمَّ وكَّل به جبريل (٥)، وأنكر الواقدي وغيره كونه وكَّل به غير جبريل.
وقال أحمد بن محمد البغدادي: أكثر ما في الشريعة مما أوحي إلى رسول الله - ﷺ - على لسان جبريل -عليه السلام-.
قَالَ الغزالي: وسماع النبي - ﷺ - والملك الوحي من الله تعالى بغير

-------------------------
(١) رواه الترمذي (٣٢٣٣، ٣٢٣٤)، وأحمد ١/ ٣٦٨ عن ابن عباس قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه، والحديث صححه الألباني في «الإرواء» (٦٨٤).
(٢) سيأتي برقم (٣) باب: كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله - ﷺ -.
(٣) رواه ابن إسحاق في «السيرة» ص ١٠٠ - ١٠١.
(٤) مسلم (٢٣٥٣/ ١٢٣) كتاب: الفضائل، باب: كم أقام النبي بمكة والمدينة.
(٥) رواه الطبري في «تاريخه» ١/ ٥٧٣، ٥٧٤، وابن عبد البر فى «الاستيعاب» ١/ ١٤٠، وقال القرطبي في «التفسير» ١٠/ ١٧٧: سنده صحيح.



واسطة يستحيل أن يكون بحرف أو صوت لكن يكون بخلقه تعالى للسامع علمًا ضروريًّا بثلاثة أمور: (بالمتكلم) (١) وبأن ما سمعه كلامه وبمراده من كلامه، والقدرة الأزلية لا تقتصر عن اضطرار النبي والملك إلى العلم بذلك. وكما أن كلامه تعالى ليس من جنس كلام البشر فسماعه الذي يخلقه لعبده ليس من جنس سماع الأصوات، ولذلك عسر علينا فهم كيفية سماع موسى -عليه السلام- لكلامه تعالى الذي ليس بحرف ولا صوت كما يعسر عَلَى الأكمه كيفية إدراك البصر للألوان، أما سماعه - ﷺ - فيحتمل أن يكون بحرف وصوت دال عَلَى معنى كلام الله.
والمسموع الأصوات الحادثة، وهي فعل الملك دون نفس الكلام، ولا يكون هذا سماعًا لكلام الله تعالى من غير واسطة، وإن كان يطلق عليه أنه سماع كلام الله تعالى، وسماع الأمة من الرسول كسماع الرسول من الملك، وطريق الفهم فيه تقديم المعرفة بوضع اللغة التي يقع بها المخاطبة (٢).

-------------------------
(١) في الأصول: للمتكلم، والصواب ما أثبتناه كما في «عمدة القاري» ١/ ٤٥ وهو الموافق للسياق.
(٢) مذهب أهل السنة والجماعة أن الكلام صفة من صفاته تعالى، ليس شيئًا بائنًا منه مخلوقًا، فهو يتكلم بكلام حقيقي، متى شاء، كيف شاء، بما شاء، بحرف وصوت لا يشبه أصوات المخلوقين.
قال شيخ الإسلام كما في «مجموع الفتاوى» ١٢/ ٢٤٣ - ٢٤٤: والصواب الذي عليه سلف الأمة -كالإمام أحمد والبخاري وغيره وسائر الأئمة قبلهم وبعدهم- اتباع النصوص الثابتة، وإجماع السلف، وهو أن القرآن جميعه كلام الله، حروفه ومعانيه، ليس شيء من ذلك كلامًا لغيره؛ ولكن أنزله على رسوله، وليس القرآن اسمًا لمجرد المعنى، ولا لمجرد الحرف، بل لمجموعهما، وكذلك سائر الكلام ليس هو الحروف فقط؛ ولا المعاني فقط، كما أن الإنسان المتكلم =



وحكى القرافي خلافًا للعلماء في ابتداء الوحي هل كان جبريل -عليه السلام- ينقل له ملك عن الله تعالى أو يخلق لَهُ علم ضروريًّا بأن الله تعالى طلب منه أن يأتي محمدًا وغيره من الأنبياء بسور كذا، أو خلق له علمًا ضروريًا بأن يأتي اللوح المحفوظ فينقل منه كذا.
الثاني: قوله - ﷺ -: («أَحْيَانًا يَأْتِيني مِثْلَ صَلْصَلَةِ الجَرَسِ») الأحيان: الأوقات جمع حين يقع عَلَى القليل والكثير، قَالَ تعالى: ﴿هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا﴾ [الإنسان: ١]، أي مدة من الدهر والصلصلة -بفتح الصادين المهملتين-: الصوت المتدارك الذي لا يفهم أول وهلة، قَالَ الخطابي: يريد أنه صوت متدارك يسمعه ولا ينتبه أول ما يقرع سمعه حتَّى يفهمه من بَعدُ (١).
قيل: الحكمة في ذَلِكَ أن يتفرغ سمعه، ولا يبقى فيه مكان لغير صوت الملك ولا في قلبه (٢)، وكذلك قَالَ المهلب يعني قوة صوت الملك الوحي ليشغله عن أمور الدنيا، وتفرغ حواسه فلا يبقى في سمعه ولا في قلبه مكان لغير صوت الملك.

-------------------
= الناطق ليس هو مجرد الروح، ولا مجرد الجسد، بل مجموعهما، وأن الله تعالى يتكلم بصوت. كما جاءت به الأحاديث الصحاح، وليس ذلك كاصوات العباد، لا صوت القارئ ولا غيره. وأن الله ليس كمثله شيء، لا في ذاته، ولا في صفاته، ولا في أفعاله، فكما لا يشبه علمه وقدرته وحياته علم المخلوق وقدرته وحياته فكذلك لا يشبه كلامه كلام المخلوق، ولا معانيه تشبه معانيه، ولا حروفه تشبه حروفه، ولا صوت الرب يشبه صوت العبد، فمن شبه الله بخلقه فقد ألحد في أسمائه وآياته، ومن جحد ما وصف به نفسه فقد ألحد في أسمائه وآياته. اهـ.
(١) «أعلام الحديث» للخطابي ١/ ١٢١.
(٢) «شرح النووي على مسلم» ١٥/ ٨٨.



قَالَ أبو الحسن علي بنُ بطال (١): وعلى مثل هذِه الصفة تتلقى الملائكة الوحي من الله تعالى، وقد ذكر البخاري في كتاب التوحيد وغيره عن ابن مسعود: إِذَا تكلم الله بالوحي سمع أهل السموات شيئًا، فإذا فزع عن قلوبهم وسكن الصوت عرفوا أنه الحق ونادوا: ماذا قَالَ ربكم؟ قالوا: الحق (٢).
وعن أبي هريرة قَالَ: «إِذَا قضى الله تعالى الأمرَ في السماءِ ضربت الملائكةُ بأجنحتها خضعانا لقوله، كأنه سلسلة عَلَى صفوان، فإذا فزع عن قلوبهم قالوا: ماذا قَالَ ربكم؟ قالوا: الحق. وهو العلي الكبير فيسمعها مسترقو السمع هكذا بعضه فوق بعض -ووصف سفيان بكفه فحركها وبدد بين أصابعه- فيستمع الكلمة فيلقيها إلى من تحته ثمَّ يقليها الآخر إلى من تحته حتَّى يلقيها عَلَى لسان الساحر والكاهن فربما أدركه الشهاب قبل أن يلقيها وربما ألقاها قبل أن يدركه فيكذب معها مائة كذبة، وقال: أليس قَدْ كان كذا وكذا فيصدق بتلك الكلمه التي سمعت من السماء» (٣)، وقيل: معنى فزع: كشف. وهو دال عَلَى

----------------------------
(١) هو العلامة أبو الحسن، على بن خلف بن بطال البكري، القرطبي، ثم البلنسي، ويعرف بابن اللّجّام قال ابن بشكوال: كان من أهل العلم والمعرفة، عني بالحديث العناية التامة، شرح «الصحيح» في عدة أسفار، رواه الناس عنه، واستقضى بحصن لُوْرَقَة. اهـ. وقد كان من كبار المالكية. توفي في صفر سنة تسع وأربعين وأربعمائة.
انظر ترجمته في: «الصلة» ٢/ ٤١٤، «الوافي بالوفيات» ١٢/ ٥٦، «سير أعلام النبلاء» ١٨/ ٤٧ - ٤٨، «شذرات الذهب» ٣/ ٢٨٣.
(٢) علقه البخاري عن ابن مسعود قبل الرواية (٧٤٨١) كتاب: التوحيد، باب: قول الله تعالى: ﴿وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ﴾. ورواه في «خلق أفعال العباد» ص ١٣٩، ورواه مرفوعًا أبو داود (٤٧٣٨)، والحديث صححه الألباني في «الصحيحة» (١٢٩٣).
(٣) سيأتي في التفسير برقمي (٤٧٠١، ٤٨٠٠).



أنه يصيبهم فزع شديد من شيء يحدث من أمر الله تعالى، والمراد بالحق: الوحي، وقال ابن جبير: ينزل الأمر من رب العزة فيسمعون مثل وقع الحديد عَلَى الصفا فيفزع أهل السماء حتَّى (يستبين) (١) لهم الأمر الذي نزل فيه، فيقول بعضهم لبعض: ماذا قَالَ ربكم؟ فيقول: قَالَ: الحق.
وروي مرفوعًا: «إِذَا أراد الله أن يوحي بالأمر تكلم بالوحي أخذت السماء منه رجفة -أو قَالَ: رعدة- شديدة خوفًا من الله، فإذا سمع ذَلِكَ أهل السماوات صعقوا وخروا لله سجدًا، فيكون أول ما يرفع رأسه جبريل فيكلمه من وحيه بما (أراد) (٢)، ثمَّ يمر جبريل عَلَى الملائكة، كلما مر على سماء سأله ملائكتها: ماذا قَالَ ربنا يا جبريل؟ قَالَ: الحق وهو العلي الكبير. فيقولون كلهم مثل ما قَالَ جبريل، فينتهي جبريل حيث أمره الله» (٣).
الوجه الثالث: قَدْ أسلفنا أن الصلصلة الصوت المتدارك، قَالَ أبو علي الهَجَري في «أماليه»: الصلصلة للحديد والنحاس والصفر ويابس الطين، وما أشبه ذَلِكَ صوته.
وقال في «المحكم»: صل يصل صليلًا، وصلصل صلصلة (وتصلصلًا) (٤): صَوَّت (٥). فإن توهمت ترجيع صوت قُلْتَ: صلصل وتصلصل (٦).

---------------------------
(١) في (ج): يتبين.
(٢) في (ف): أراه.
(٣) رواه ابن أبي عاصم في «السنة» (٥١٥) عن النواس بن سمعان وضعفه الألباني.
(٤) في (ج): وتصليلًا.
(٥) عبارة «المحكم»: صلصل صلصلة مصلصلا، ثم قال: وصل اللجام امتد صوته.
(٦) «المحكم» ٨/ ١٧٦.



وعبارة القاضي: الصلصلة: صوت: الحديد فيما له طنين. وقيل: معنى الحديث هو: قوة صوت حفيف أجنحة الملائكة لشغله عن غير ذَلِكَ، ويؤيده الرواية الأخرى: «كأنه سلسلة عَلَى صفوان» (١) أي: حفيف الأجنحة. والجرس هو الجلجل الذي يعلق في رأس الدواب، كره - ﷺ - صحبته في السفر؛ لأنه مزمار الشيطان كما أخرجه أبو داود وصححه ابن حبان (٢). وقيل: كرهه لأنه يدل عَلَى أصحابه بصوته، وكان يحب ألا يعلم العدو به حتَّى يأتيهم فجأة، حكاه ابن الأثير (٣) قَالَ ابن دريد: واشتقاقه من الجرس أي: الصوت والحس (٤).
وقال ابن سيده: الجَرْس والجِرْس والجَرَس-الأخير عن كراع- الحركة والصوت من كل ذي صوت، وقيل: الجرس بالفتح إِذَا أفرد، فإذا قالوا: ما سمعت له حسًّا ولا جرسًا كسروا فأتبعوا اللفظ اللفظ (٥).
وقال الصغاني: قَالَ ابن السكيت: الجَرَس والجِرْس الصوت ولم يفرق. وقال الليث: الجَرْسُ: مصدر الصوت المجروس، والجِرس بالكسر: الصوت نفسه.
الوجه الرابع: قوله: («وَأَحْيَانًا يَتَمَثَّلُ لِيَ المَلَكُ رَجُلًا») يحتمل تمثيل جبريل له رجلًا أن الله تعالى أفنى الزائد من خلقه ثمَّ أعاده إليه، ويحتمل أنه يزيله عنه ثمَّ يعيده إليه بعد التبليغ، نبه عَلَى ذَلِكَ

-----------------------
(١) ستأتى برقم (٤٨٠٠)، كتاب: التفسير، باب: ﴿حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ﴾.
(٢) رواه مسلم (٢١١٤) كتاب: اللباس والزينة، باب: كراهة الكلب والجرس في السفر، وأبو داود (٢٥٥٦)، وابن حبان (٤٧٠٤) عن أبي هريرة رضي الله عنه.
(٣) «النهاية في غريب الحديث والأثر» ١/ ٢٦١.
(٤) «جمهرة اللغة» ١/ ٤٥٦.
(٥) «المحكم» ٧/ ١٨٩.



إمام الحرمين، وأما التداخل فلا يصح عَلَى مذهب أهل الحق، وأبدى الشيخ عِزُّ الدين ابن عبد السلام سؤالًا، فقال: إن قيل: إِذَا لقي جبريل النبي - ﷺ - في صورة دحية، فأين تكون روحه؟ فإن كان في الجسد الذي له ستمائة جناح، فالذي أتى لا روح جبريل ولا جسده، وإن كانت في هذا الذي هو في صورة دحية فهل يموت الجسد العظيم أم يبقى خاليًا من الروح المنتقلة عنه إلى الجسد المشبه بجسد دحية؟ ثم أجاب بأنه لا يبعد أن لا يكون انتقالها موجب موته فيبقى الجسد حيًّا لا ينقص من معارفه شيء، ويكون انتقال روحه (إلى) (١) الجسد الثاني كانتقال أرواح الشهداء إلى أجواف طير خضر، قَالَ: وموت الأجساد بمفارقة الأرواح ليس بواجب عقلًا، بل بعادة أجراها الله تعالى في بني آدم، فلا تلزم في غيرهم (٢).
الوجه الخامس: قوله: («فَيُفْصَمُ عَنِّي») فيه روايات: أصحها: «يَفْصِم» بفتح الياء المثناة تحت وإسكان الفاء وكسر الصاد، قَالَ الخطابي: معناه: يقطع وينجلي ما يغشاني منه، قَالَ: وأصل الفصم القطع ومنه: ﴿لَا انْفِصَامَ﴾ [البقرة: ٢٥٦]، وقيل: إنه الصدع بلا إبانة، وبالقاف قطع مع إبانة (٣). فمعنى الحديث: أن الملك فارقه ليعود.
الثانية: بضم أوله وفتح ثالثه، وهي رواية أبي ذر الهروي.
والثالثة: بضم أوله وكسر ثالثه من أفصم المطر إِذَا أقلع رباعي، وهي لغة قليلة.

-------------------------
(١) في (ج): من.
(٢) الأسلم للمرء في دينه ترك الخوض في مثل هذا، والإعراض، واقتضاء طريقة السلف، فإنهم لم يخوضوا في شيء من هذا ولم يبحثوا عنه.
(٣) «أعلام الحديث» ١/ ١٢٠ - ١٢١.



السادس: قوله: («وَقَدْ وَعَيْتُ عَنْهُ مَا قَالَ») أي: فهمت وجمعت وحفظت. قَالَ صاحب «الأفعال»: وعيت العلم: حفظته، ووعيت الأذان: سمعته، وأوعيت المتاع جمعته في الوعاء.
قَالَ ابن القطاع: وأوعيت العلم مثل وعيته، وقوله تعالى: ﴿وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُوعُونَ (٢٣)﴾ [الانشقاق: ٢٣]، أي: بما يضمرون في قلوبهم من التكذيب (١)، وقال الزجاج: بما يحملون في قلوبهم، فهذا من أوعيت المتاع.
السابع: قوله («يَتَمَثَّلُ») أي: يتصور وانتصب (رَجُلًا) عَلَى التمييز، والملَك هنا بفتح اللام المراد به واحد الملائكة، ويقال للجمع أيضًا.
الثامن: قولها: (وَإِنَّ جَبِينَهُ لَيَتَفَصَّدُ عَرَقًا) الجبين غير الجبهة وهو فوق الصدغ، والصدغ: ما بين العين إلى الأذن، وللإنسان جبينان يكتنفان الجبهة، ومعنى (يتفصد) بالفاء والصاد المهملة يسيل.
و(عرقًا): منصوب عَلَى التمييز، والمعنى: أن الوحي إِذَا كان ورد عليه يجد لَهُ مشقة ويغشاه كرب لثقل ما يُلقى عليه، قَالَ تعالى: ﴿إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا (٥)﴾ [المزمل: ٥] ولذلك كان يعتريه مثل حال المحموم، كما روي أنه كان يأخذه عند الوحي الرحضاء يعني: البُهْر والعرق من الشدة، وأكثر ما يسمى به عرق الحمى، فكان جبينه يتفصد عرقًا كما يتفصد لذلك، وإنما كان ذَلِكَ ليبلو صبره ويحسن تأديبه، ويرتاض لاحتمال ما كُلِّف من أعباء النبوة.
وفي حديث يعلى: ورآه حين نزل عليه الوحي مُحَمرَّ الوجه وهو

--------------------
(١) «الأفعال» ٣/ ٣٣٣.


يغطُّ. سيأتي في المناسك حيث ذكره البخاري (١).
ومنه في حديث عبادة بن الصامت أنه - ﷺ - كان إِذَا نزل عليه الوحي كرب لذلك وتربد وجهه (٢).
وفي حديث الإفك قالت عائشة: فأخذه ما كان يأخذه من البرحاء عند الوحي حتَّى إنه ليتحدر منه مثل الجمان من العرق في اليوم الشاتي من ثقل القول الذي أنزل عليه (٣).
وفي «صحيح مسلم»: كان إِذَا نزل عليه الوحي نكس رأسه ونكص أصحابه رءوسهم، فإذا انجلى عنه رفع رأسه (٤).
التاسع: ذكر في هذا الحديث حالين من أحوال الوحي وهما: «مِثْلَ صَلْصَلَةِ الجَرَسِ»، وتمثيل الملك لَهُ رجلًا، ولم يذكر الرؤيا في النوم مع إعلامه لنا أن رؤياه حق لوجهين:
أحدهما: أن الرؤيا الصالحة قَدْ يشركه فيها غيره بخلاف الأولين.
ثانيهما: لعله علم أن قصد السائل بسؤاله ما خص به ولا يعرف إلا من جهته.

-----------------------
(١) سيأتي برقم (١٥٣٦) كتاب: الحج، باب: غسل الخلوق ثلاث مراتٍ من الثياب، و(١٧٨٩) كتاب: العمرة، باب: يفعل في العمرة ما يفعل في الحج، و(١٨٤٧) كتاب: جزاء الصيد، باب: إذا أحرم جاهلًا وعليه قميص.
(٢) رواه مسلم (١٦٩٠) كتاب: الحدود، باب: حد الزنا، وأبو داود (٤٤١٥ - ٤٤١٧)، والترمذي (١٤٣٤)، وابن ماجه (٢٥٥٠)، وأحمد ٥/ ٣١٣.
(٣) سيأتي برقم (٤٧٥٠) كتاب: التفسير، باب: قوله: ﴿لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ﴾. ورواه مسلم: (٢٧٧٠) كتاب: التوبة، باب: في حديث الإفك وقبول توبة القاذف.
(٤) مسلم (٢٣٣٥) كتاب: الفضائل، باب: عرق النبي - ﷺ - في البرد وحين يأتيه الوحي.



https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...b61e7e5bc3.gif


ابوالوليد المسلم 24-12-2025 10:59 PM

رد: التوضيح لشرح الجامع الصحيح أبو حفص عمر بن علي بن أحمد الأنصاري المعروف بـ ابن ال
 
https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...b61e7e5bc2.gif


الكتاب: التوضيح لشرح الجامع الصحيح
المؤلف: سراج الدين أبو حفص عمر بن علي بن أحمد الأنصاري الشافعي

المعروف بـ ابن الملقن (٧٢٣ - ٨٠٤ هـ)
الناشر: دار النوادر، دمشق - سوريا
الطبعة: الأولى، ١٤٢٩ هـ - ٢٠٠٨ م
عدد الأجزاء: ٣٦ (٣٣ والفهارس)

المجلد (2)
من صـــ 231 الى صـــ 250
الحلقة (28)





العاشر: في الحديث إثبات الملائكة، والرد عَلَى من أنكرهم من الملحدة والفلاسفة، ذكر ذَلِكَ أبو عبد الله بن المرابط.
الحادي عشر: فيه -كما قَالَ ابن عبد البر- دلالة عَلَى أن الصحابة كانوا يسألونه عن كثير من المعاني، وكان - ﷺ - يجمعهم ويعلمهم وكانت طائفة تسأل وأخرى تحفظ وتؤدي وتبلغ، حتَّى أكمل الله دينه (ولله الحمد) (١).
(آخر الجزء الثاني من تجزئة المصنف) (٢).

----------------------
(١) في (ف): (وله الحمد)، وانظر «التمهيد» ٢٢/ ١١٣.
(٢) من (ف) وورد بهامشها تعليق نصه: بلغ إبراهيم الحلبي قراءة على المصنف وسمعه الأئمة الحاضري (…) وابن بهرام وولد المصنف نور الدين علي والعاملي ومحمد بن أحمد بن عمر البرموي (…) شيخنا الصفدي والنظام الحموي وآخرون.


٣ - باب
٣ - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّهَا قَالَتْ: أَوَّلُ مَا بُدِئَ بِهِ رَسُولُ اللهِ - ﷺ - مِنَ الْوَحْىِ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ فِى النَّوْمِ، فَكَانَ لَا يَرَى رُؤْيَا إِلاَّ جَاءَتْ مِثْلَ فَلَقِ الصُّبْحِ، ثُمَّ حُبِّبَ إِلَيْهِ الْخَلَاءُ، وَكَانَ يَخْلُو بِغَارِ حِرَاءٍ فَيَتَحَنَّثُ فِيهِ -وَهُوَ التَّعَبُّدُ- اللَّيَالِىَ ذَوَاتِ الْعَدَدِ قَبْلَ أَنْ يَنْزِعَ إِلَى أَهْلِهِ، وَيَتَزَوَّدُ لِذَلِكَ، ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى خَدِيجَةَ، فَيَتَزَوَّدُ لِمِثْلِهَا، حَتَّى جَاءَهُ الْحَقُّ وَهُوَ فِى غَارِ حِرَاءٍ، فَجَاءَهُ الْمَلَكُ فَقَالَ اقْرَأْ. قَالَ»مَا أَنَا بِقَارِئٍ«. قَالَ»فَأَخَذَنِى فَغَطَّنِى حَتَّى بَلَغَ مِنِّى الْجَهْدَ، ثُمَّ أَرْسَلَنِى فَقَالَ اقْرَأْ. قُلْتُ مَا أَنَا بِقَارِئٍ. فَأَخَذَنِى فَغَطَّنِى الثَّانِيَةَ حَتَّى بَلَغَ مِنِّى الْجَهْدَ، ثُمَّ أَرْسَلَنِى فَقَالَ اقْرَأْ. فَقُلْتُ مَا أَنَا بِقَارِئٍ. فَأَخَذَنِى فَغَطَّنِى الثَّالِثَةَ، ثُمَّ أَرْسَلَنِى فَقَالَ: ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (١) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (٢) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (٣)﴾. فَرَجَعَ بِهَا رَسُولُ اللهِ - ﷺ - يَرْجُفُ فُؤَادُهُ، فَدَخَلَ عَلَى خَدِيجَةَ بِنْتِ خُوَيْلِدٍ رضي الله عنها فَقَالَ: «زَمِّلُونِى زَمِّلُونِى». فَزَمَّلُوهُ حَتَّى ذَهَبَ عَنْهُ الرَّوْعُ، فَقَالَ لِخَدِيجَةَ وَأَخْبَرَهَا الْخَبَرَ «لَقَدْ خَشِيتُ عَلَى نَفْسِى». فَقَالَتْ خَدِيجَةُ: كَلاَّ وَاللهِ مَا يُخْزِيكَ اللهُ أَبَدًا، إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَحْمِلُ الْكَلَّ، وَتَكْسِبُ الْمَعْدُومَ، وَتَقْرِى الضَّيْفَ، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ. فَانْطَلَقَتْ بِهِ خَدِيجَةُ حَتَّى أَتَتْ بِهِ وَرَقَةَ بْنَ نَوْفَلِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى ابْنَ عَمِّ خَدِيجَةَ -وَكَانَ امْرَأً تَنَصَّرَ فِى الْجَاهِلِيَّةِ، وَكَانَ يَكْتُبُ الْكِتَابَ الْعِبْرَانِىَّ، فَيَكْتُبُ مِنَ الإِنْجِيلِ بِالْعِبْرَانِيَّةِ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ يَكْتُبَ، وَكَانَ شَيْخًا كَبِيرًا قَدْ عَمِىَ- فَقَالَتْ لَهُ خَدِيجَةُ: يَا ابْنَ عَمِّ اسْمَعْ مِنَ ابْنِ أَخِيكَ. فَقَالَ لَهُ وَرَقَةُ: يَا ابْنَ أَخِى مَاذَا تَرَى؟ فَأَخْبَرَهُ رَسُولُ اللهِ - ﷺ - خَبَرَ مَا رَأَى. فَقَالَ لَهُ وَرَقَةُ: هَذَا النَّامُوسُ الَّذِى نَزَّلَ اللهُ عَلَى مُوسَى. يَا لَيْتَنِى فِيهَا جَذَعًا، لَيْتَنِى أَكُونُ حَيًّا إِذْ يُخْرِجُكَ قَوْمُكَ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - ﷺ - «أَوَمُخْرِجِىَّ هُمْ». قَالَ نَعَمْ، لَمْ يَأْتِ رَجُلٌ قَطُّ بِمِثْلِ مَا جِئْتَ بِهِ إِلاَّ عُودِىَ، وَإِنْ يُدْرِكْنِى يَوْمُكَ أَنْصُرْكَ نَصْرًا مُؤَزَّرًا. ثُمَّ لَمْ يَنْشَبْ وَرَقَةُ أَنْ تُوُفِّىَ وَفَتَرَ الْوَحْىُ. [٣٣٩٢، ٤٩٥٣، ٤٩٥٥، ٤٩٥٦، ٤٩٥٧، ٦٩٨٢ - مسلم ١٦٠ - فتح ٢٢/ ١]


الحديث الثالث:
قَالَ البخاري رحمه الله:
نَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، نَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابن شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ ابْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: أَوَّلُ مَا بُدِئَ بِهِ رَسُولُ اللهِ - ﷺ - مِنَ الوَحْي الرُّؤْيَا الصالحه فِي النَّوْمِ، وَكَانَ لَا يَرى رُؤْيَا إِلَّا جَاءَتْ مِثْلَ فَلَقِ الصُّبْحَ، ثُمَّ حُبِّبَ إِلَيْهِ الخَلَاءُ، فكَانَ يَخْلُو بغَارِ حِرَاءٍ فَيَتَحَنَّثُ فِيهِ -وَهُوَ التَّعَبُّدُ- اللَّيَالِيَ ذَوَاتِ العَدَدِ قَبْلَ أَنْ يَنْزعَ إلى أَهْلِهِ، وَيتَزَوَّدُ لِذَلِكَ، ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى خَدِيجَةَ، فَيَتَزَوَّدُ لِمِثْلِهَا، حَتَّى جَاءَهُ الحَقُّ وَهُوَ فِي غَارِ حِرَاءٍ، فَجَاءَهُ المَلَكُ فَقَالَ اقْرَأ. فقَلت:»مَا أَنَا بِقَارِئٍ«. قَالَ:»فَأَخَذَنِي فَغَطنِي حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الجَهْدَ، ثُمَّ أَرْسَلَنِي فَقَالَ: اقْرَأْ. قُلْتُ: مَا أَنَا بقَارِئٍ. فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّانِيَةَ حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الجَهْدَ، ثُمَّ أَرْسَلَنِي فَقَالَ: اقْرَأْ. فَقُلْتُ: مَا أَنَا بِقَارِئٍ. فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّالِثَةَ، ثُمَّ أَرْسَلَنِي فَقَالَ: ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (١) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (٢) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (٣)﴾. فَرَجَعَ بِهَا رَسُولُ اللهِ - ﷺ - يرْجُفُ فُؤَادُهُ، فَدَخَلَ على خَدِيجَةَ بِنْتِ خُوَيْلِدٍ فَقَالَ: «زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي». فَزَمَّلُوهُ حَتَّى ذَهَبَ عَنْهُ الرَّوْعُ، فَقَالَ لِخَدِيجَةَ وَأَخْبَرَهَا الخَبَرَ «لَقَدْ خَشِيتُ عَلَى نَفْسِي». فَقَالَتْ خَدِيجَةُ: كَلّاَ والله مَا يُخْزِيكَ اللهُ أَبَدًا، إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَحْمِلُ الكَلَّ، وَتَكْسِبُ المَعْدُومَ، وَتَقْرِي الضَّيْفَ، وَتُعِينُ على نَوَائِبِ الحَقِّ. فَانْطَلَقَتْ بِهِ خَدِيجَةُ حَتَّى أتت بِهِ وَرَقَةَ بْنَ نَوْفَلِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ العُزى ابن عَمِّ خَدِيجَةَ- وَكَانَ امْرَأً تَنَصَّرَ فِي الجَاهِلِيَّةِ، وَكَانَ يَكْتُبُ الكِتَابَ العِبْرَانِيَّ، فَيَكْتُبُ مِنَ الإِنْجِيلِ بِالْعِبْرَانِيَّةِ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ يَكْتُبَ، وَكَانَ شَيْخًا كَبِيرًا قَدْ عَمِيَ -فَقَالَتْ لَهُ خَدِيجَةُ: يَا ابن عَمِّ اسْمَعْ مِنَ ابن أَخِيكَ. فَقَالَ لَهُ وَرَقَةُ: يَا ابن أَخِي مَاذَا تَرى؟ فَأَخْبَرَهُ رَسُولُ اللهِ


- ﷺ - خَبَرَ مَا رَأى. فَقَالَ لَهُ وَرَقَةُ: هذا النَّامُوسُ الذِي نَزلَ اللهُ على مُوسَى.
يَا لَيْتَنِي فِيهَا جَذَعًا، لَيْتَنِي أَكُونُ حَيًّا إِذْ يُخْرِجُكَ قَوْمُكَ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - ﷺ -: «أَوَمُخْرِجِىَّ هُمْ». قَالَ نَعَمْ، لَمْ يَأْتِ رَجُلٌ قَطُّ بِمِثْلِ مَا جِئْتَ بِهِ إِلاَّ عُودِىَ، وَإِنْ يُدْرِكْنِي يَوْمُكَ أَنْصُرْكَ نَصْرًا مُؤَزَّرًا. ثُمَّ لَمْ يَنْشَبْ وَرَقَةُ أَنْ تُوُفّيَ وَفَتَرَ الوَحْيُ.
الكلام عليه من وجوه:
أحدها:
هذا الحديث من مراسيل الصحابة كما نبهنا عليه في الفصول السابقة أول الشرح. فإن عائشة لم تدرك هذِه (القصة) (١) فروتها إما سماعًا من النبي - ﷺ -، أو من صحابي آخر.
ثانيها:
هذا الحديث أخرجه البخاري أيضًا في التفسير والتعبير، عن عبد الله بن محمد، عن عبد الرازق، عن معمر (٢)، وفي: التفسير، عن سعيد بن مروان، عن محمد بن عبد العزيز بن أبي رزمة، عن أبي صالح سلمويه، عن ابن المبارك، عن يونس (٣)، وفي الإيمان عن ابن رافع، عن عبد الرزاق، عن معمر، وعن عبد الملك، عن أبيه، عن جده، عن عقيل، وعن أبي الطاهر، عن ابن وهب، عن يونس كلهم عن الزهري (٤).

----------------------------
(١) في (ف): القضية.
(٢) سيأتي برقم (٤٩٥٦) كتاب: التفسير، باب: قوله: ﴿اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (٣)﴾ و(٦٩٨٢) في التعبير، باب: أول ما بدئ به رسول اللهﷺ - من الوحي الرؤيا الصالحة.
(٣) يأتي برقم (٤٩٥٣) باب: (١).
(٤) قلت: عزو المصنف هذا الحديث هنا يوهم أنه في البخاري، إلا أن هذِه الطرق =



وأخرجه مسلم في الإيمان (١)، والترمذي (٢)، والنسائي في التفسير (٣).
ثالثها: في التعريف برواته:
أما عائشة وعروة فسلفا في الحديث قبله، وأما ابن شهاب فهو: الإمام أبو بكر محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب بن عبد الله بن الحارث بن زهرة بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي الزهري المدني، سكن الشام وهو تابعي صغير، سمع أنسًا وربيعة بن عباد وخلقًا من الصحابة، وسعيد بن المسيب وعطاء وخلقًا من كبار التابعين، ورأى ابن عمر، وروى عنه، ويقال: (سمع منه حديثين) (٤)، وعنه جماعات من كبار التابعين منهم: عطاء وعمر بن عبد العزيز، ومن صغارهم ومن الأتباع أيضًا، صحَّ عنه أنه قَالَ: ما استودعت حفظي شيئًا فخانني. وصحَّ عنه أنه أخذ القرآن في ثمانين ليلة، وجمع علم التابعين، واتفقوا عَلَى جلالته وبراعته وإمامته وحفظه وإتقانه.
قَالَ الشافعي: لولا الزهري ذهبت السنن من المدينة. مات بالشام وأوصى بأن يدفن عَلَى الطريق بقرية يقال لها: (شَغْب وبدّا) (٥) في

---------------------------
= الثلاثة في مسلم (١٦٠/ ٢٥٢ - ٢٥٤) كتاب: الإيمان، باب: بدء الوحي إلى رسول الله - ﷺ -.
(١) مسلم (١٦٠) كتاب: الإيمان، باب: بدء الوحي إلى رسول اللهﷺ -.
(٢) الترمذي (٣٦٣٢).
(٣) لم أقف عليه عند النسائي.
(٤) في (ف): إنه روى عنه حديثين.
(٥) الذي وقع في مصادر الترجمة أنه توفى بضيعة يقال: لها أداما، وهي خلف شَغْب وبَدّا، وهما واديان، وقيل: قريتان بين الحجاز والشام في موضع هو آخر عمل الحجاز وأولج عمل فلسطين. انظر: «الثقات» ٥/ ٢٤٩، «وفيات الأعيان» ٤/ =



رمضان سنة أربع وعشرين ومائة، ابن اثنتين وسبعين سنة (١).
وأما الراوي عنه فهو أبو خالد، عُقيل -بضم العين كما سلف في الفصول السابقة أول الكتاب- بن خالد بن عقيل -بفتح العين- الأيلي -بالمثناة تحت- (القرشي) (٢) الأموي مولى عثمان بن عفان، الحافظ، روى عن عكرمة والقاسم وسالم والزهري وخلق، وعنه الليث وضمام بن إسماعيل.
قَالَ يحيى بن معين: أثبت من روى عن الزهري مالك ثم معمر ثمَّ عقيل. وقيل: عقيل أثبت من معمر، مات سنة إحدى وأربعين ومائة، وقيل: سنة أربع بمصر فجأة، وليس في الكتب الستة من اسمه عقيل بضم العين غيره (٣).
وأما الراوي عنه فهو الإمام أبو الحارث، الليث بن سعد بن عبد الرحمن الفهمي مولاهم المصري، عالم أهل مصر من تابعي التابعين، مولى عبد الرحمن بن خالد بن مسافر الفهمي، وقيل: مولى خالد بن ثابت، وفهم بن قيس غيلان، ولد بقرقشندة -عَلَى نحو أربع فراسخ من بلدنا مصر- سنة ثلاث أو أربع وتسعين، سمع عطاء وابن

------------------------
= ١٧٨، «تهذيب الكمال» ٢٦/ ٤٤٢، «سير أعلام النبلاء» ٥/ ٣٤٩. وقال النووي في «تهذيبه» ١/ ٩٢: قرية يقال لها: شغبدا أهـ.
(١) انظر ترجمته في: «التاريخ الكبير» ١/ ٢٢٠ - ٢٢١ (٦٩٣)، «معرفة الثقات» ٢/ ٢٥٣ (١٦٤٥)، «الثقات» ٥/ ٣٤٩ - ٣٥٠، «تهذيب الكمال» ٢٦/ ٤١٩ - ٤٤٣ (٥٦٠٦)، «تهذيب التهذيب» ٣/ ٦٩٦ - ٦٩٨.
(٢) في (ج): الدمشقي.
(٣) انظر ترجمته في: «الطبقات الكبرى» ٧/ ٥١٩، «التاريخ الكبير» ٧/ ٩٤ (٤١٩)، «الجرح والتعديل» ٧/ ٤٣ (٢٤٣)، «الثقات» ٧/ ٣٠٥، «تهذيب الكمال» ٢٠/ ٢٤٢ - ٢٤٥ (٤٠٠١).



أبي مليكة وخلقًا. وعنه قتيبة ومحمد بن رمح وعيسى زُغْبة (١)، وخلائق من التابعين وغيرهم، ومنهم: محمد بن عجلان، وهو من كبار التابعين، ومن شيوخه.
وإمامته وبراعته وجلالته وحفظه وإتقانه وجوده وإفضاله وورعه وعبادته مجمع عليه، وغير ذَلِكَ من المحاسن والمكارم، ووصفه الشافعي بكثرة الفقه، إلا أنه ضيعه أصحابه -يعني: لم يعتنوا بكتبه ونَقْلِها والتعليق عنه- ففات الناس معظم علمه، وكان دَخْلُه في السنة ثمانين ألف دينار وما وجبت عليه زكاة قط، ولمّا قَدِمَ المدينة أهدى لَهُ مالك من طرفها، فبعث إليه ألف دينار.
قَالَ يحيى بن بكير: كان الليث أفقه من مالك، ولكن كانت الحظوة لمالك، ورأيت من رأيت فما رأيت مثل الليث، كان فقيه البدن، عربي اللسان، يحسن القرآن، ويحفظ الحديث والنحو والشعر، حسن المذاكرة، ومازال يعقد خصالًا جميلة حتَّى عقد عشرة.
وقال ابن وهب: ما كان في كتب مالك: أخبرني من أرضى من أهل العلم فهو الليث.
وقال أيضًا: لولا أن الله أنقذني به وبمالك لضللت.
وقال أحمد: كان كثير العلم، صحيح الحديث، ما في هؤلاء المصريين أثبت منه، ما أصح حديثه!
وقال أحمد بن صالح: الليث إمام أوجب الله تعالى علينا حقه.

------------------------
(١) هو عيس بن حماد زُغْبة، وهو آخر من حدث عنه من الثقات. انظر: «تهذيب الكمال» ٢٤/ ٢٦٠.


وقال شرحبيل بن جميل: أدركت الناس أيام هشام، وكان الليث بن سعد حديث السن، وهم يعرفون له فضله وورعه مع حداثة سنه. وقال ابن سعد: استقل بالفتوى في زمانه بمصر، وكان سريًّا نبيلًا سخيَّا ومناقبه جمة (١).
قَالَ الشافعي: ما ندمت عَلَى أحد ما ندمت عَلَى الليث.
مات في شعبان سنة خمس وسبعين ومائة، وقبره عندنا بمصر يزار (٢)، وعليه من الجلالة والبهاء ما هو لائق به، وليس في الكتب

----------------------
(١) «الطبقات الكبرى» ٧/ ٥١٧. وابن سعد: هو محمد بن سعد بن منيع، الحافظ العلامة الحجة، أبو عبد الله البغدادي، كاتب الواقدي، ومصنف «الطبقات الكبير»، و«الطبقات الصغير» وغير ذلك، ولد بعد الستين ومائة، وكان من أوعية العلم، قال ابن أبي حاتم: سألت أبي عنه فقال: صدوق. توفي ببغداد يوم الأحد لأربع خلون من جمادى الآخرة سنة ٢٣٠ هـ، وهو ابن اثنتين وستين سنة.
انظر ترجمته في:
«الجرح والتعديل» ٧/ ٢٦٢، «تاريخ بغداد» ٥/ ٣٢١، ٣٢٢، و«سير أعلام النبلاء» ١٠/ ٦٦٤ (٢٤٢).
(٢) قد أكثر المصنف في كتابه هذا من قوله: وفلان قبره يزار فاعلم أنه لا يجوز شرعًا تخصيص قبر بعينه للزيارة، وإن كان للعبرة والعظة؛ لعموم قوله - ﷺ -: كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها. ولم يحدد قبرًا بعينه، ثم اعلم أن الزيارة الشرعية إنما هي في التفكر والاتعاظ بالموتى والدعاء لهم لا غير، فإن صاحب ذلك نوع من أنواع الشرك، فقد قال - ﷺ -: من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في «اقتضاء الصراط المستقيم» ٤٠٠ - ٤٠١: غلب في عرف كثير من الناس استعمال لفظ: زرنا، في زيارة قبور الأنبياء والصالحين على استعمال لفظ: زيارة القبور، في الزيارة البدعية الشركية لا في الزيارة الشرعية ولم يثبت عن النبي - ﷺ - حديث واحد في زيارة قبر مخصوص، ولا رَوى في ذلك شيئًا لا أهل الصحيح ولا السنن ولا الأئمة المصنفون في المسند كالإمام أحمد وغيره، وإنما روى ذلك مَن جَمَع الموضوع وغيره. ا. هـ.



الستة من اسمه الليث بن سعد سواه (١)، نعم في الرواة ثلالة غيره: أحدهم: بصري وكنيته أبو الحارث أيضًا، وهو ابن أخي سعيد بن الحكم.
ثانيهم: يروي عن ابن وهب. ذكرهما ابن يونس (٢) في «تاريخ مصر».
وثالثهم: تنيسي حدث عن بكر بن سهل نبه عَلَى ذَلِكَ الخطيب (٣).
وأما الراوي عنه فهو أبو زكريا، يحيى بن عبد الله بن بكير، نسبه البخاري إلى جده، القرشي المخزومي مولاهم، المصري الحافظ

---------------------------
(١) انظر ترجمته في: «الطبقات الكبرى» ٧/ ٥١٧، «معرفة الثقات» ٢/ ٢٣٠ (١٥٦٥) «التاريخ الكبير» ٧/ ٢٤٦ - ٢٤٧ (١٠٥٣)، «الجرح والتعديل» ٧/ ١٧٩ (١٠١٥)، «سير أعلام النبلاء» ٨/ ١٣٦ (١٢)، «تهذيب الكمال» ٢٤/ ٢٥٥ (٥٠١٦).
(٢) هو علي بن عبد الرحمن بن أحمد بن يونس بن عبد الأعلى الصدفي المصري،
أبو الحسن، الفلكي المؤرخ، مصنف «تاريخ أعيان مصر»، توفي في شوال سنة
تسع وتسعين وثلاثمائة، انظر ترجمته في: «الأنساب» ٨/ ٤٦، «وفيات الأعيان»
٣/ ٤٢٩ - ٤٣١، «تاريخ الإسلام» ٤/ ١١٢، «سير أعلام النبلاء» ١٧/ ١٠٩.
(٣) قلت: هذا يسمى: المتفق والمفترق، كما هو مقرر في مصطلح الحديث، وهو أن تتفق أسماء الرواة لفظًا وخطَّا وتختلف أو تفترق أشخاصهم، مثاله: أبو بكر بن عياش ثلاثة، وأحمد بن جعفر بن حمدان أربعة، وأبو عمران الجوني، اثنان، وطالح بن أبي صالح أربعة، والليث بن سعد -كما ذكره المصنف هنا- أربعة.
وللخطيب فيه كتاب «المتفق والمفترق».
انظر: «علوم الحديث» ص ٣٥٨ - ٣٦٥، و«المقنع» ٢/ ٦١٤ - ٦٢١، «فتح المغيث» ٣/ ٢٦٩ - ٢٨٣، و«تدريب الراوي» ٢/ ٤٥٥ - ٤٧٤.
وما عزاه المصنف هنا للخطيب مظنه كتاب: «المتفق والمفترق»، وذكره الخطيب أيضًا في كتابه «تالي تلخيص المتشابه» ٢/ ٦١٧ - ٦١٨ (٤٣٦ - ٤٣٩) وعزاه محققه «للمتفق والمفترق» للخطيب (ق ٢٢٥/ ب). وذكر المصنف هنا أن الليث بن سعد ابن أخي سعيد بن الحكم، بصري، ووقع في «تالي التلخيص» أنه مصري، وكذا ذكر العيني في «عمدة القاري» ١/ ٥٣ أنه مصري.



المفتي، الثقة الواسع العلم، روى عن مالك والليث وابن الماجشون وغيرهم، وعنه: البخاري ويحيى بن معين والذهلي وأبو زرعة وخلائق، وهو راوي «الموطأ» عن مالك، وقد تكلم أهل الحديث في سماعه منه (١) كما نبه عليه الباجي (٢)، ولد سنة أربع وقيل: خمس وخمسين ومائة، ومات سنة إحدى وثلاثين ومائتين، واعلم أن البخاري روى عن يحيى هذا في مواضع (٣)، وروى عن محمد بن عبد الله -هو الذهلي- عنه، قاله أبو نصر الكلاباذي. قَالَ المقدسي: نسبه إلى جده يدلسه، وتارة يقول: ثنا محمد ولا يزيد عليه، وتارة: محمد بن عبد الله، وإنما هو محمد بن عبد الله (بن خالد بن فارس) (٤)
----------------------------
(١) قلت: والعلة في ذلك ما ذكره الحافظ في «تهذيب التهذيب» ٤/ ٣٦٨ قال: قال الساجي: قال ابن معين: سمع يحيى بن بكير «الموطأ» بعرض حبيب كاتب الليث، وكان شر عرض، كان يقرأ على مالك خطوط الناس ويصفح ورقتين ثلاثة أهـ. ولكن قال بقي بن مخلد -كما في «تذكرة الحفاظ» ٢/ ٤٢٠ -: سمع يحيى بن بكير «الموطأ» من مالك سبع عشرة مرة أهـ.
(٢) «التعديل والتجريح» ٣/ ١٢١٣.
والباجي: هو أبو الوليد سليمان بن خلف بن سعد بن أيوب بن وارث التجيبي، الأندلسي، القرطبي، الباجي، الإمام العلامة الحافظ ذو الفنون، القاضي، صاحب التصانيف ولد في سنة ٤٠٣ هـ وتفقه به أئمة واشتهر اسمه، وصنف التصانيف النفيسة، قال الأمير أبو نصر: أما الباجي ذو الوزارتين فقيه متكلم، أديب شاعر، سمع بالعراق ودرس الكلام وصنف، إلى أن قال: وكان جليلا رفيع القدر والخطر، قبره بالمرية مات سنة أربع وسبعين وأربعمائة. انظر ترجمته في: «الإكمال» ١/ ٤٦٨، «وفيات الأعيان» ٢/ ٤٠٨ - ٤٠٩، «البداية والنهاية» ١٢/ ١٢٢ - ١٢٣، «سير أعلام النبلاء» ١٨/ ٥٣٧.
(٣) منها ما سيأتي برقم (١٣٦، ١٤٦، ٢٠٨، ٥٦٦، ١٨٩٠، ٢٣٤٥، ٢٧٥٧، ٣١٧٤) وغيرها.
(٤) فى الأصل: ابن خالد بن عبد الله بن فارس، والصواب ما أثبتناه كما في مصادر الترجمة.



ابن ذؤيب الذهلي، وتارة ينسبه إلى جده فيقول: محمد بن عبد الله، وتارة محمد بن خالد بن فارس فتنبَّه لذلك (١).
وروى مسلم عن أبي زرعة (٢) عنه -أعني: عن ابن بكير- حديثًا (٣)، وروى ابن ماجه عن رجل عنه (٤).

------------------------
(١) «الجمع بين رجال الصحيحين» لابن طاهر المقدسي ٢/ ٤٦٥ (١٧٨٧) قلت: أما قول البخاري: ثنا محمد، ولا يزيد عليه فانظر حديث رقم: (١٢٤٠، ١٨٠٩، ٢٠٧١، ٣٤٦٤، ٤٤٣٨، ٤٥٤٥، ٤٦٧٧، ٤٨٧٥، ٥٩٣٠، ٦١٠٣، ٦٦٦٥). وأما قوله: ثنا محمد بن عبد الله، فانظر حديث رقم: (٢٦٩٣، ٢٨٠٩، ٤٢٧٣، ٤٧٢٩، ٤٨٠٧، ٦٧٢٢، ٦٧٨٥، ٦٩٠٨). وأما قوله: ثنا محمد بن خالد، فانظر حديث رقم: (١٩٥٢، ٥٧٣٩، ٧١٥٥، ٧٥١١).
وسبب ذلك أن البخاري لما دخل نيسابور شغب عليه محمد بن يحيى الذهلي في
مسألة خلق اللفظ، وكان قد سمع منه فلم يترك الرواية عنه ولم يصرح باسمه.
ولمزيد بيان ينظر: «سير أعلام النبلاء» ١٢/ ٤٥٣ - ٤٦٣.
(٢) هو عبيد الله بن عبد الكريم بن يزيد بن فروخ، محدث الري، ولد بعد نيف ومائتين، قال ابن أبي شيبة: ما رأيت أحفظ من أبي زرعة. وقال ابن أبي حاتم: سئل أبي عن أبي زرعة فقال: إمام. توفي سنة ستين ومائتين وهو ابن أربع وستين سنة، وقيل: توفي وهو ابن ست وخمسين سنة، انظر ترجمته في: «الجرح والتعديل» ١/ ٣٢٨ - ٣٤٩، «تاريخ بغداد» ١٠/ ٣٢٦ - ٣٢٧، «طبقات الحنابلة» ١/ ١٩٩ - ٢٠٣، «البداية والنهاية» ١١/ ٣٧، «سير أعلام النبلاء» ١٣/ ٦٥ (٤٨).
(٣) مسلم (٢٧٣٩) كتاب: الرقاق، قال: حدثنا عبيد الله بن عبد الكريم -أبو زرعة- حدثنا ابن بكير، حدثني يعقوب بن عبد الرحمن، عن موسى بن عقبة، عن عبد الله بن دينار، عن عبد الله بن عمر، قال: كان من دعاء رسول الله - ﷺ -: «اللهم إني أعوذ بك من زوال نعمتك، وتحول عافيتك، وفجاءة نقمتك، وجميع سخطك».
قال النووي في «شرح مسلم» ١٧/ ٥٤: هذا الحديث رواه مسلم عن أبي زرعة الرازي أحد حفاظ الإسلام وأكثرهم حفظًا، ولم يرو مسلم في «صحيحه» عنه غير هذا الحديث، وهو من أقران مسلم، توفي بعد مسلم بثلاث سنين سنة أربع وستين ومائتين ا. هـ.
(٤) قلت: روى له ابن ماجه بواسطة عن ثلاث: =



قَالَ أبو حاتم: كان يفهم هذا الشأن ولا يحتج به، يُكْتب حديثه (١).
وقال النسائي: ليس بثقة. ووثقه غيرهما، وقال الدارقطني: عندي ما به بأس. وأخرج لَهُ مسلم عن الليث (٢)، وعن يعقوب بن عبد الرحمن (٣)، والمغيرة (٤)، ولم يخرج لَهُ عن مالك شيئًا؛ ولعله -والله أعلم- للعلة السالفة عن الباجي قَالَ -أعني الباجي-: وكان ثبتًا في الليث، وكان جاره، وكان عنده ما ليس عند غيره (٥)، ووثقه الخليلي (٦) أيضًا في «إرشاده» (٧).
فائدة: هذا الإسناد على شرط الستة إلا يحيى هذا، فعلى شرط البخاري ومسلم وابن ماجه، وكلهم ما بين مصري ومدني كما عرفته،

-----------------------
= الأول: سهل بن أبي سهل عنه، حديث رقم (٣٨٧).
الثاني: محمد بن يحيى عنه، حديث رقم (٢٠٨١، ٢١٣٣).
الثالث: حرملة بن يحيى عنه، حديث رقم (٣٣١١).
(١) «الجرح والتعديل» ٩/ ١٦٥.
(٢) حديث رقم: (١٨٥١).
(٣) حديث رقم: (٢٧٣٩).
(٤) حديث رقم: (٢٧٨٥، ٢٩٤٢).
(٥) «التعديل والتجريح» ٣/ ١٢١٣.
(٦) هو القاضي، العلامة الحافظ أبو يعلى، الخليل بن عبد الله بن أحمد بن الخليل، الخليلي القزويني، مصنف كتاب «الإرشاد في معرفة المحدثين» كان ثقة حافظًا، عارفًا بالرجال والعلل، كبير الشأن، وله غلطات في «إرشاده» توفي بقزوين في آخر سنة ست وأربعين وأربعمائة وكان من أبناء الثمانين. انظر ترجمته في: «الإكمال» ٣/ ١٧٤، «تذكرة الحفاظ» ٣/ ١١٢٣ - ١١٢٥، «شذرات الذهب» ٣/ ٢٧٤، «سير أعلام النبلاء» ١٧/ ٦٦٦.
(٧) «الإرشاد» ١/ ٢٦٢.
وانظر ترجمة يحيى بن بكير في: «التاريخ الكبير» ٨/ ٢٨٥ (٣٠١٩)، «الجرح والتعديل» ٩/ ١٦٥ (٦٨٢)، «الثقات» ٩/ ٢٦٢، «تهذيب الكمال» ٣١/ ٤٠١ (٦٨٥٨)، «سير أعلام النبلاء» ١٠/ ٦١٢ (٢١٠).



وفيه أيضًا من طُرَفِ الإسناد رواية تابعي عن تابعي وهما: الزهري عن عروة.
الوجه الثالث: في الكلام عَلَى مفرداته وفوائده:
الأول: قولها: (مِنَ الوَحْيِ) في (من) هنا قولان:
أحدهما: أنها لبيان الجنس.
وثانيهما: للتبعيض (١)، قَالَ القزاز (٢) بالأول، كانها قالت: من جنس الوحي، وليست الرؤيا من الوحي حتَّى تكون (من) للتبعيض، ورده القاضي (٣)، وقال: بل يجوز أن تكون للتبعيض، لأنها من

----------------------------
(١) مجيء (من) لبيان الجنس قال به أكثر النحويين، وجعلوا منه قوله تعالى: ﴿فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ﴾ [الحج: ٣٠] وقوله: ﴿وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا خُضْرًا مِنْ سُنْدُسٍ﴾ [الكهف: ٣١] قالوا: وعلامتها أن يحسن مكانها (الذي). وأنكر أكثر المغاربة مجيء (من) لبيان الجنس. أما مجيئها للتبعيض فكثير ومنه قوله تعالى: ﴿مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللهُ﴾ [البقرة: ٢٥٣]، وعلامتها وقوع (بعض) موقعها.
(٢) هو أبو عبد الله، محمد بن جعفر، التميمي القيرواني النحوي العلامة إمام الأدب، مؤلف كتاب «الجامع» في اللغة وهو من نفائس الكتب وكان مهيبًا عالي المكانة، محببًا إلى العامة، لا يخوض إلا في علم دين أو دنيا، وله نظم جيد، وشُهْرةُ بمصر. عمَّرَ تسعين عاما، قيل: مات بالقيروان سنة اثنتي عشرة وأربعمائة. انظر ترجمته في: «معجم الأدباء» ١٨/ ١٠٥ - ١٠٩، «وفيات الأعيان» ٤/ ٣٧٤ - ٣٧٦، «سير أعلام النبلاء» ١٧/ ٣٢٦.
(٣) هو عياض بن موسى بن عياض بن عمرو بن عياض اليحصبي، الأندلسي، الإمام العلامة الحافظ الأوحد، شيخ الإسلام، القاضي أبو الفضل. ولد سنة ٤٧٦ هـ، قال عنه ابن بشكوال: هو من أهل العلم والتفنن والذكاء والفهم، ومن تصانيفه: «إكمال المعلم بفوائد مسلم»، و«مشارق الأنوار» و«التنبيهات». توفي في ليلة الجمعة نصف الليلة التاسعة من جمادى الآخرة، ودفن بمراكش سنة ٥٠٤ هـ.
انظر ترجمته في: «وفيات الأعيان» ٣/ ٤٨٣، «سير أعلام النبلاء» ٢٠/ ٢١٢ (١٣٦)، «تذكرة الحفاظ» ٤/ ١٣٠٤، «شذرات الذهب» ٤/ ١٣٨.



الوحي، كما جاء في الحديث أنها جزء من النبوة (١). والوحي: الإعلام كما سلف، فرؤيا المنام إعلام وإنذار وبشارة، ورؤيا الأنبياء حق وصدق.
الثاني: جاء هنا: (الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ)، وفي «صحيح مسلم»: (الصادقة) (٢)، وكذا رواه البخاري في كتاب التعبير أيضًا (٣)، وساقه شيخنا في «شرحه» هنا بلفظ: (الصادقة) وهما بمعنى (٤)، وكأن ما وقع في «شرح شيخنا» من طغيان القلم، فإنه بعد أن ساقه قَالَ: جاء هنا: (الصالحة) وفي مسلم: (الصادقة) وقد زدنا عليه أن البخاري ساقه في التعبير كما ساقه مسلم، ورأيته أيضًا في تفسير سورة: ﴿اقْرَأْ﴾ (٥)، [العلق: ١] وذكر ابن المرابط (٦) أن رواية معمر ويونس: (الصادقة).

------------------
(١) «إكمال المعلم بفوائد مسلم» ١/ ٤٧٩. والحديث سيأتي برقم (٦٩٨٧) كتاب: التكبير، باب: الرؤيا الصالحة جزء من ستة وأربعين جزءًا من النبوة.
(٢) مسلم (١٦٠/ ٢٥٢). كتاب: الإيمان، باب: بدء الوحي.
(٣) سيأتي برقم (٦٩٨٢). كتاب التعبير، باب: أول ما بدئ به رسول الله - ﷺ - من الوحي الرؤيا الصالحة.
(٤) قال الحافظ في «الفتح» ١٢/ ٣٥٥: وهما بمعنًى واحد بالنسبة إلى أمور الآخرة في حق الأنبياء، وأما بالنسبة إلى أمور الدنيا فالصالحة في الأصل أخص، فرؤيا النبي كلها صادقة وقد تكون صالحة وهي الأكثر، وغير صالحة بالنسبة للدنيا كما وقع في الرؤيا يوم أحد، وأما رؤيا غير الأنبياء فبينهما عموم وخصوص؛ إن فسرنا الصادقة بأنها التي لا تحتاج إلى تعبير، وأما إن فسرناها بأنها غير الأضغاث فالصالحة أخص مطلقا. وقال الإمام نصر بن يعقوب الدينوري في «التعبير القادري»: الرؤية الصادقة ما يقع بعينه، أو ما يعبر في المنام أو يخبر به ما لا يكذب، والصالحة ما يسر أهـ.
(٥) سيأتي برقم (٤٩٥٦). كتاب التفسير، باب: قوله: ﴿اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (٣)﴾.
(٦) هو الإمام مفتي مدينة المرِيَّة وقاضيها، أبو عبد الله محمد بن خلف بن سعيد بن وهب الأندلسي، ابن المرابط، صاحب «شرح صحيح البخاري»، توفي في شوال =



قال المهلب (١): الرؤيا الصالحة هي تباشير النبوة؛ لأنه لم يقع فيها ضغث، قال: وهي التي لم يسلط عليه فيها ضغث ولا تلبيس شيطان (فيتساوى) (٢) مع الناس في ذَلِكَ بل خص - ﷺ - بصدقها كلها، قَالَ ابن عباس: رؤيا الأنبياء وحي، وقرأ: ﴿إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ﴾ (٣) [الصافات: ١٠٢]، وكان - ﷺ - تنام عينه دون قلبه (٤)، فكان صدق الرؤيا في النوم في ابتداء النبوة مع رؤية الضوء، وسماع الصوت، وسلام
----------------------------
= سنة خمس وثمانين وأربعمائة، وقد شاخ، من كبار المالكية.
انظر ترجمته في: «سير أعلام النبلاء» ١٩/ ٦٦ (٣٦)، «الوافي بالوفيات» ٣/ ٤٦، «شذرات الذهب» ٣/ ٣٧٥.
(١) هو المهلب بن أحمد بن أبي صفرة أسيد بن عبد الله، الأسدي الأندلسي المريبي، أبو القاسم، مصنف «شرح صحيح البخاري» وكان أحد الأئمة الفصحاء، الموصوفين بالذكاء، ولي قضاء المرية. توفي في شوال سنة ٤٣٥ هـ.
انظر ترجمته في: «سير أعلام النبلاء» ١٧/ ٥٧٩ (٣٨٤)، «شذرات الذهب» ٣/ ٢٥٥.
(٢) في (ت): فتساوى.
(٣) رواه ابن أبي عاصم في «السنة» (٤٦٣)، والطبراني عن ١٢/ ٦ (١٢٣٠٢) عن ابن عباس، دون ذكر الآية. قال الهيثمي في «المجمع» ٧/ ١٧٦: رواه الطبراني عن شيخه عبد الله بن محمد بن سعيد بن أبي مريم وهو ضعيف، وبقية رجاله رجال الصحيح. اهـ. قال الألباني في تعليقه على «السنة» (٤٦٣): إسناده حسن. أهـ.
ورواه ابن أبي حاتم كما في «تفسير ابن كثير» ١٢/ ٣٨ - ٤٩ عن ابن عباس مرفوعًا به. قال ابن كثير: ليس هو في شيء من الكتب الستة من هذا الوجه أهـ. قال الألباني في تعليقه على «السنة»: رجاله ثقات غير أبي عبد الملك الكرندي فلم أعرفه، ولا عرفت نسبته أهـ.
وسيأتي برقم (١٣٨) كتاب: الوضوء، باب: التخفيف في الوضوء. من قول عبيد بن عمير.
(٤) سيأتي برقم (١٣٨)، ورواه مسلم (٧٦٣/ ١٨٦) كتاب: صلاة المسافرين، باب: الدعاء في صلاة الليل وقيامه.



الحجر والشجر عليه (١) بالنبوة، ثم أكمل الله لَهُ النبوة بإرسال الملك في اليقظة، وكشف لَهُ عن الحقيقة كرامةً لَهُ منه - ﷺ -.
قَالَ القاضي وغيره: وإنما ابتدئ - ﷺ - بالرؤيا، لئلا يفجأه الملك ويأتيه بصريح النبوة فلا تحتملها قوى البشرية، فبدئ بأوائل خصال النبوة وتباشير الكرامة، من صدق الرؤيا مع سماع الصوت وغيره (٢).
الثالث: الرؤيا: قَالَ أهل اللغة: يقال: رأى في منامه رؤيا، بلا تنوين عَلَى وزن فُعلى كحبلى، وجمعها: رؤًى بالتنوين على وزن رُعًى، قاله الجوهري وغيره (٣).

-----------------------
(١) من ذلك ما رواه مسلم (٢٢٧٧) كتاب: الفضائل، باب: فضل نسب النبي - ﷺ - وتسليم الحجر عليه قبل النبوة، وأحمد ٥/ ٨٩ من حديث جابر بن سمرة قال: قال رسول الله - ﷺ -: «إني لأعرف حجرًا بمكة كان يسلم علي قبل أن أُبْعث، إني لأعرفه الآن».
ومن ذلك ما رواه الترمذي (٣٦٢٦)، والدارمي ١/ ١٧١ (٢١)، وأبو نعيم في «الدلائل» (٢٨٩)، والحاكم ٢/ ٦٢٠، والبيهقي في «الدلائل» ٢/ ١٥٣ - ١٥٤ من طريق الوليد بن أبي ثور، عن السدي، عن عباد بن أبي يزيد، عن علي بن أبي طالب قال: كنت مع النبي - ﷺ - بمكة فخرجنا في بعض نواحيها، فما استقبله جبل ولا شجر إلا وهو يقول: السلام عليك يا رسول الله.
قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب، وقد رواه غير واحد عن الوليد بن أبى ثور، وقالوا: عن عباد أبى يزيد، منهم فروة بن أبى المغراء. اهـ وقال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي، وصححه الألباني في «الصحيحة» (٢٦٧٠).
(٢) «إكمال المعلم» ١/ ٤٧٩.
(٣) «الصحاح» ٦/ ٢٣٤٧، مادة (رأى). والجوهري: هو أبو نصر إسماعيل بن حماد التركي، مصنف كتاب «الصحاح» وأحد من يُضرب به المثل في ضبط اللغة، وفي الخط المنسوب، يُعد مع ابن مُقلة، وابن البواب ومهلهل والبريدي.
وللجوهري نظم حسن ومقدمة في النحو، قال جمال الدين القفطي: مات الجوهري مترديا من سطح داره في سنة ٣٩٣ هـ. انظر ترجمته في: «سير أعلام النبلاء» ١٧/ ٨٠ - ٨٢، «تاريخ الإسلام» ٤/ ٩١، «شذرات الذهب» ٣/ ١٤٢.



الرابع: في هذا تصريح من عائشة رضي الله عنها بأن رؤيا النبي - ﷺ - من جملة أقسام الوحي، وهو محل وفاق.
الخامس: قولها: (مِثْلَ فَلَقِ الصُّبْحِ): مثل: منصوب عَلَى الحال أي: جاءت الرؤيا مشبهة فلق الصبح أي: ضياءه إِذَا أنفلق وانماز عن ظلام الليل، وذلك حتَّى يتضح فلا يشك فيه. قَالَ أهل اللغة والغريب: فَلَق الصبح وفَرَقه -بفتح أولهما وثانيهما- ضياؤه. أي: إنارته واضاءته وصحته، وإنما يقال هذا في الشيء الواضح البين، يقال: هو أبين من فلق الصبح، وقال ابن عباس في قوله تعالى: ﴿فَالِقُ الْإِصْبَاحِ﴾ [الأنعام: ٩٦]: ضوء الشمس بالنهار وضوء القمر بالليل، حكاه البخاري في كتاب التعبير عنه (١) وإنما عبرت عن صدق الرؤيا بفلق الصبح ولم تعبر بغيره؛ لأن شمس النبوة كان مبادئ أنوارها الرؤيا، إلى أن تم برهانها وظهرت أشعتها.
السادس: قولها: (ثُمَّ حُبِّبَ إِلَيْهِ الخَلَاءُ) هو بالمد أي: الخلوة، وهو شأن الصالحين، والحب: الميل. قَالَ الخطابي (٢): إنما حبب إليه الخلوة؛ لأن معها فراغ القلب، وهي معينة عَلَى الفكر، والبشر

-------------------------------
(١) سيأتي معلقًا بعد حديث (٦٩٨٢) باب: أول ما بُدِئَ به رسول الله - ﷺ - من الوحي الرؤيا الصالحة، ووصله الطبري في «تفسيره» ٥/ ٢٧٨ (١٣٦٠٣)، ابن أبي حاتم في «تفسيره» ٤/ ١٣٥٣ (٧٦٧٠).
(٢) هو أبو سليمان، أحمد بن محمد بن إبراهيم بن خطاب البستي الخطابي صاحب التصانيف، الإمام العلامة، ولد سنة بضع عشرة وثلاثمائة وله «شرح أسماء الله الحسنى»، «معالم السنن»، «أعلام الحديث»، وتوفي في شهر ربيع الآخر سنة ٣٨٨ هـ.
انظر ترجمته في: «وفيات الأعيان» ٢/ ٢١٤، «سير أعلام النبلاء» ١٧/ ٢٣ (١٢)، «تذكرة الحفاظ» ٣/ ١٠١٨، «شذرات الذهب» ٣/ ١٢٧.



لا ينتقل عن طبعه إلا بالرياضة البليغة، فحبب إليه الخلوة لينقطع عن مخالطة البشر، فينسى المألوفات من عادته، فيجد الوحي منه مرادًا سهلًا لا حزنًا وعِرًا، ولمثل هذا المعنى كانت مطالبة الملك لَهُ بالقراءة وضغطه (١).
وقال ابن المرابط: تحبيبها لَهُ قيل: إنه من وحي الإلهام (فكان) (٢) يخلو بغار حراء اعتبارًا وفكرة، كاعتبار إبراهيم لمناجاة ربه، والضراعة إليه، ليريه السبيل إلى عبادته عَلَى صحة إرادته.
السابع: الغار: النقب في الجبل، وهو قريب من معنى الكهف، وجمعه: غيران، وتصغيره غوير، والمغار والمغارة بمعنى الغار.
الثامن: حراء: بكسر المهملة وتخفيف الراء والمد، وهو مصروف عَلَى الصحيح، ومنهم من منع صرفه، مذكر عَلَى الصحيح أيضًا، ومنهم من أنثه، ومنهم من قصره أيضًا فهذِه ست لغات.
قَالَ القاضي عياض: يمد ويقصر، ويذكر ويؤنث، ويصرف ولا يصرف، والتذكير أكثر، فمن ذكره صرفه ومن أنثه لم يصرفه، يعني: عَلَى إرادة البقعة أو الجهة التي فيها الجبل، وضبطه الأصيلي بفتح الحاء والقصر وهو غريب (٣)، وهو جبل بينه وبين مكة نحو ثلاثة أميال عن يسارك إِذَا سرت إلى منًى (٤).

--------------------------
(١) «أعلام الحديث» ١/ ١٢٧.
(٢) في (ج): فكأنه.
(٣) «إكمال المعلم» ١/ ٤٨٠.
(٤) «معجم البلدان» ٢/ ٢٣٣.



فائدة:
(حراء) (١) هو الذي نادى رسول الله - ﷺ - حين قَالَ له ثبير: اهبط عني فإني أخاف أن تقتل عَلَى ظهري فأعذب-: إلىَّ يا رسول الله (٢).
فلعل هذا هو السر في تخصيصه التحنث به من بين سائر الجبال، وقال سيدي (أبو عبد الله) (٣) ابن أبي جمرة (٤): لأنه يرى بيت ربه منه، وهو عبادة، وكان منزويًا مجموعًا لتحنثه (٥).
فائدة ثانية:
ذكر الكلبي (٦) أن حراء وثبيرا سميا بابني عم من عاد الأولى.

---------------------
(١) ساقطة من (ج).
(٢) انظر «الروض الأنف» ١/ ٢٦٨.
(٣) كذا في الأصول وهو عبد الله بن أبي جمرة أبو محمد كما في ترجمته.
(٤) هو عبد الله بن سعد بن أبي جمرة، أبو محمد، محدث مقرئ، من مصنفاته: «مختصر صحيح البخاري»، و«شرح بهجة النفوس» انظر: «معجم المؤلفين» ٢/ ٢٣٤ (٧٨٦٥). وذكره المصنف -رحمه الله- هنا فكناه أبا عبد الله، وفيه نظر؛ لأن كنيته أبو محمد، وسيذكره المصنف بعد ذلك ويكنيه بأبي محمد.
(٥) «بهجة النفوس» لابن أبي جمرة ١/ ٩، قال الحافظ في «الفتح» ١٢/ ٣٥٥: قال ابن أبي جمرة: الحكمة في تخصيصه بالتخلي فيه أن المقيم فيه كان يمكنه رؤية الكعبة فيجتمع لمن يخلو فيه ثلاث عبادات: الخلوة، والتعبد، والنظر إلى البيت.
قلت: وكأنه مما بقي عندهم من أمور الشرع على سنن الاعتكاف، وقد تقدم أن الزمن الذي كان يخلو فيه كان شهر رمضان وأن قريشا كانت تفعله كما كانت تصوم عاشوراء، ويزاد هنا أنهم إنما لم ينازعوا النبي - ﷺ - في غار حراء مع مزيد الفضل فيه على غيره؛ لأن جده عبد المطلب أول من كان يخلو فيه من قريش وكانوا يعظمونه لجلالته وكبر سنه، فتبعه على ذلك من كان يتأله، فكان - ﷺ - يخلو بمكان جده، وسلم له ذلك أعمامه لكرامته عليهم أهـ.
(٦) هو العلامة الأخباري، أبو النضر محمد بن السائب بن بشر الكلبي المفسر، وكان أيضًا رأسًا في الأنساب، إلا أنه شيعي متروك الحديث، يروي عنه ولده هشام وطائفة. انظر ترجمته في: «طبقات ابن سعد» ٦/ ٢٤٩، «التاريخ الكبير» ١/ ١٠١، =



التاسع: قولها: (وَكَانَ يَخْلُو بِغَارِ حِرَاءٍ). هذا هو الذي نعرفه (هنا) (١) في البخاري، وأبدل بعض شيوخنا لفظة: (يخلو) بـ (يجاور) ثمَّ تكلم عَلَى مادة جاور وشَرَعَ ينقل الفرق بينه وبين الاعتكاف، بأن المجاورة قَدْ تكون خارج المسجد بخلاف الآعتكاف ولا حاجة إلى ذَلِكَ كله فتنبه له، نعم لفظ الجوار ورد في حديث جابر الآتي في كتاب: التفسير كما ستعلمه (٢)، وفي «صحيح مسلم» فيه: «جاورت بحراء شهرًا فلما قضيت جواري نزلت فاستبطنت بطن الوادي» الحديث (٣).
العاشر: قولها: (فَيَتَحَنَّثُ فِيهِ). هو بحاء مهملة ثمَّ نون ثمَّ مثلثة، وقد فسر في الحديث بأنه التعبد، وهو صحيح، وأصله اجتناب الحنث -وهو: الإثم- وكأنّ المتعبد يلقي بعبادته عن نفسه الإثم، وقال ابن هشام: التحنث: التحنف يبدلون الفاء من الثاء يريدون الحنيفية (٤)، وقال أبو (أحمد) (٥) العسكري: رواه بعضهم: يتحنف -بالفاء- ثمَّ نقل عن بعض أهل العلم أنه قَالَ: سألت أبا عمرو الشيباني عن ذَلِكَ فقال: لا أعرف يتحنث، إنما هو يتحنف من الحنيفية أي: يتتبع دين الحنيفية،

--------------------------= «الجرح والتعديل» ٧/ ٢٧٠، «وفيات الأعيان» ٤/ ٣٠٩، «سير أعلام النبلاء» ٦/ ٢٤٨ (١١١)، «الوافى بالوفيات» ٣/ ٨٣.
(١) ساقطة من (ج).
(٢) سيأتي برقم (٤٩٢٢). كتاب التفسير، سورة المدثر باب (١).
(٣) مسلم (١٦١/ ٢٥٧) كتاب: الإيمان، باب: بدء نزول الوحي إلى رسول الله - ﷺ -.
(٤) «السيرة النبوية» ١/ ٢٥٤.
(٥) في (ف): محمد، والمثبت هو الصواب، وهو الحسن بن عبد الله بن سعيد العسكري، أبو أحمد المحدث الأديب من كتبه: «التصحيف»، «الحكم والأمثال»، «راحة الأرواح»، توفي سنة اثنتين وثمانين وثلاثمائة. انظر ترجمته في: «المنتظم» ٧/ ١٩١، «وفيات الأعيان» ٢/ ٨٣ - ٨٥، «سير أعلام النبلاء» ١٦/ ٤١٣ - ٤١٥.



https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...b61e7e5bc3.gif


ابوالوليد المسلم 24-12-2025 11:05 PM

رد: التوضيح لشرح الجامع الصحيح أبو حفص عمر بن علي بن أحمد الأنصاري المعروف بـ ابن ال
 
https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...b61e7e5bc2.gif


الكتاب: التوضيح لشرح الجامع الصحيح
المؤلف: سراج الدين أبو حفص عمر بن علي بن أحمد الأنصاري الشافعي

المعروف بـ ابن الملقن (٧٢٣ - ٨٠٤ هـ)
الناشر: دار النوادر، دمشق - سوريا
الطبعة: الأولى، ١٤٢٩ هـ - ٢٠٠٨ م
عدد الأجزاء: ٣٦ (٣٣ والفهارس)

المجلد (2)
من صـــ 251 الى صـــ 270
الحلقة (29)



وهو دين إبراهيم عليه السلام (١). وقال المازري وغيره: يتحنث: يفعل فعلًا يخرج به من الحنث، والحنث: الذنب كما أسلفناه ومثله: تَحَرَّجَ، وَتَأَثَّمَ، وتَحَوَّبَ، إِذَا ألقى ذَلِكَ عن نفسه، وفعل فعلًا يخرج به (عن) (٢) الحرج والإثم والحوب، ومنه قوله: فأخبر بها معاذ عند موته تأثمًا (٣)، ومنهم من ألحق بها تهجد إِذَا خرج من الهجود -وهو النوم- بالصلاة، كما يقال: تحنث إِذَا احتنثه وتنجس إِذَا فعل به فعلًا يخرج به من النجاسة.
وهذِه الأفعال التي ذكرت جاءت مخالفة لسائر الأفعال؛ لأن غيرها من الأفعال إنما يكون بفعل فيه بمعنى: تكسب، لا بمعنى ألقى، وكذا قَالَ السهيلي: التحنث: التبرر، تفعُّل من البر، وتفعل يقتضي الدخول في الشيء وهو الأكثر فيها مثل: تَفَقَّه وتَعَبَّد وتَنَسَّك، وقد جاءت ألفاظ يسيرة تعطي الخروج عن الشيء وإطراحه، كالتأثم والتحرج والتحنث بالثاء المثلثة؛ لأنه من الحنث، والحنث: الحمل الثقيل وكذلك التقذر إنما هو تباعد عن القذر، وأما التحنف بالفاء فهو من باب التبرر؛ لأنه من الحنيفية دين إبراهيم، وإن كانت الفاء مبدلة من الثاء فهو من باب التقذر والتأثم، وهو قول ابن هشام (٤)، كما سلف.
وقال أبو المعالي (٥) في «المنتهى»: تحنث: تعبد مثل: تحنف،

-----------------------------
(١) لم نقف عليه في كتابه «تصحيفات المحدثين».
(٢) في (ج): من.
(٣) سيأتي برقم (١٢٨) كتاب: العلم، باب: من خص بالعلم قومًا دون قوم كراهية أن لا يفهموا، ورواه مسلم (٣٢) كتاب: الإيمان، باب: الدليل على أن من مات على التوحيد دخل الجنة قطعًا. كلاهما من حديث أنس.
(٤) «الروض الأنف» للسهيلي ١/ ٢٦٧.
(٥) هو محمد بن تميم البرمكي أبو المعالي اللغوي، له كتاب «المنتهى في الفروع» وهو منقول من «الصحاح» وزاد عليه أشياء قليلة وأغرب في ترتيبه، ذكر أنه صنفه =


وفلان يتحنث من كذا بمعنى: يتأثم فيه، وهذا أحد ما جاء تفعَّل إِذَا تحنث تجنب الحنف والجور، وتحوب: تجنب الحوب، وقال الثعالبي (١): فلان يتهجد: إِذَا كان يخرج من الهجود، وتنجس إِذَا فعل فعلًا يخرج به عن النجاسة.
قُلْتُ: والحاصل من ذَلِكَ ثمانية ألفاظ: تحنث، وتأثم، وتحرج، وتحوب، وتهجد، وتنجس، وتقذر، وتحنف.
الحادي عشر: قولها: (وَهُوَ التَّعَبُّدُ). يحتمل أن يكون من تفسير عائشة وأن يكون من تفسير من دونها (٢).

------------------------
= سنة سبع وتسعين وثلاثمائة، توفي أبو المعالي سنة إحدى عشرة وأربعمائة. انظر ترجمته في «هدية العارفين» ص (٤٧٧) «كشف الظنون» ٢/ ١٨٥٨.
ملحوظة: في الأصول الخطية لهذا الشرح: (أبو المعاني) بالنون بدل اللام وذكرناه في مواضعه من الكتاب وفي الترجمة باللام تبعًا للمصادر التي ترجمت له.
(١) هو العلامة شيخ الأدب، أبو منصور عبد الملك بن محمد بن إسماعيل النيسابوري، الشاعر، مصنف كتاب «يتيمة الدهر في مجالس أهل العصر» وله كتاب «فقه اللغة» وكتاب «سحر البلاغة» وكان رأسًا في النظم والنثر، مات سنة ثلاثين وأربعمائة، وله ثمانون سنة. انظر ترجمته في: «وفيات الأعيان» ٣/ ١٧٨، «سير أعلام النبلاء» ١٧/ ٤٣٧ (٢٩٢)، «شذرات الذهب» ٣/ ٢٤٦.
(٢) قلت: هذا يسمى في مصطلح الحديث: المدرج، وهو: ما غير سياق إسناده. أو أضيف وأدخل في متنه ما ليس منه بلا فصل، وهو ينقسم إلى قسمين، الأول: مدرج السند، وهو ما غير سياق إسناده، وله عدة صور منها: أن يروي جماعة الحديث بأسانيد مختلفة، فيرويه عنهم راوٍ، فيجمع الكل على إسناد واحد من تلك الأسانيد ولا يبين الاختلاف، ومنها: أن يكون عند الراوي متنان مختلفان بإسنادين مختلفين، فيرويهما راوٍ عنه مختصرًا على أحد الإسنادين.
القسم الثاني: مدرج المتن، وهو أن يقع في المتن كلام ليس منه، مثل دمج موقوف بمرفوع، فتارة يكون في أوله، وتارة في أثنائه، وتارة في آخره وهو الأكثر، فمثال الإدراج في أثناء الحديث، حديثنا هذا، فتفسير التحنث بالتعبد ليس =



الثاني عشر: قولها: (اللَّيَالِيَ ذَوَاتِ العَدَدِ). هو متعلق بيتحنث أي: يتحنث الليالي لا بالتعبد؛ لأنه يفسد المعنى حينئذ: فإن التحنث لا يشترط فيه الليالي بل يطلق عَلَى القليل والكثير، والليالي منصوب عَلَى الظرف، (وذوات) (١): بكسر التاء فيه علامة (على) (٢) النصب.
الثالث عشر: عبادته -عليه السلام- قبل البعثة هل كانت بشريعة أحد أم لا؟ فيه قولان لأهل العلم وعزي الثاني إلى الجمهور، وانما كان يتعبد بما يُلقى إليه من نور المعرفة. واختار ابن الحاجب (٣) والبيضاوي أنه كلف التعبد بشرع.
واختلف القائلون بالثاني: هل ينتفي ذَلِكَ عنه عقلًا أم نقلًا فقيل بالأول؛ لأن في ذَلِكَ تنفيرًا عنه ومن كان تابعًا فبعيد منه أن يكون

-------------------------
= من كلام عائشة، قال الحافظ في «الفتح» ١/ ٢٣: قوله: (وهو التعبد) هذا مدرج في الخبر، وهو من تفسير الزهري كما جزم به الطببي ولم يذكر دليله، نعم في رواية المؤلف من طريق يونس عنه في التفسير ما يدل على الإدراج ا. هـ.
انظر: «علوم الحديث» ص ٩٥ - ٩٨، «المقنع» ١/ ٢٢٧ - ٢٣١، «نزهة النظر في توضيح نخبة الفكر» ص ٦٥ - ٦٧، «تدريب الراوي» ١/ ٣٤٠ - ٣٤٧. وللخطيب البغدادي فيه مصنف، وهو كتاب «الفصل للوصل المدرج في النقل» وهو مطبوع.
(١) في (ج): ذوات العدد.
(٢) ساقطة من (ج).
(٣) هو الشيخ الإمام العلامة المقرئ الأصولي النحوى جمال الأئمة والملة والدين، أبو عمرو عثمان بن عمر بن أبي بكر بن يونس الكردي، المالكي، صاحب التصانيف، كان من أذكياء العالم، رأسًا في العربية وعلم النظر، توفي في السادس والعشرين من شوال سنة ست وأربعين وستمائة.
انظر ترجمته في: «وفيات الأعيان» ٣/ ٢٤٨ (٤١٣)، «سير أعلام النبلاء» ٢٣/ ٢٦٤ (١٧٥)، «شذرات الذهب» ٥/ ٢٣٤.



متبوعًا وهذا خطأ كما قَالَ المازري (١) فالعقل لا يحيل ذَلِكَ، وقال حذاق أهل السنة بالثاني؛ لأنه لو فعل لنقل؛ لأنه مما تتوفر الدواعي عَلَى نقله ولا فتخر به أهل تلك الشريعة.
والقائل بالأول اختلف فيه عَلَى ثمانية أقوال:
أحدها: أنه كان يتعبد بشريعة إبراهيم.
ثانيها: بشريعة موسى.
ثالثها: بشريعة عيسى.
رابعها: بشريعة نوح حكاه الآمدي (٢).
خامسها: بشريعة آدم كما نقل عن حكايه ابن برهان.
سادسها: أنه كان يتعبد بشريعة من قبله من غير تعيين.

------------------------
(١) «إيضاح المحصول من برهان الأصول» للمازري ص ٣٦٩، والمازري: هو الشيخ الإمام العلَّامة البحر المتفنن، أبو عبد الله، محمد بن علي بن عمر التميمي، المالكي، ولد سنة (٤٥٣ هـ)، ومات سنة (٥٣٦ هـ). من تصانيفه: «المعلم بفوائد شرح مسلم»، «إيضاح المحصول في الأصول»، وشرح كتاب «التلقين» لعبد الوهاب المالكي في عشرة أسفار، وهو من أنفس الكتب.
انظر ترجمته في: «وفيات الأعيان» ٤/ ٢٨٥، «سير أعلام النبلاء» ٢٠/ ١٠٤ - ١٠٧ (٦٤)، «الوافي بالوفيات» ٤/ ١٥١ (١٦٨)، «معجم المؤلفين» ٣/ ٥٢٥.
(٢) «الإحكام» ٤/ ١٤٥.
والآمدي: هو العلامة المصنف، فارس الكلام، سيف الدين علي بن أبي علي بن محمد بن سالم التغلبي، الحنبلي ثم الشافعي، ولد سنة (٥٥٠ هـ)، ومات سنة (٦٣١ هـ). من تصانيفه: «الإحكام في أصول الأحكام»، «أبكار الأفهام»، «منتهى السول في الأصول».
انظر ترجمته في: «وفيات الأعيان» ٣/ ٢٩٣، ٢٩٤ (٤٣٢)، «سير أعلام النبلاء» ٢٢/ ٣٦٤ - ٣٦٧ (٢٣٠)، «الوافى بالوفيات» ٢١/ ٣٤٠ - ٣٤٦ (٢٢٣)، «شذرات الذهب» ٥/ ١٤٤، ١٤٥.



سابعها: أن جميع الشرائع شرع له. حكاه بعض شراح «المحصول» عن المالكية.
ثامنها: الوقف في ذَلِكَ وهو مذهب أبي المعالي الإمام، واختاره الآمدي (١).
وقوله تعالى: ﴿ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا﴾ [النحل: ١٢٣]، المراد: في توحيد الله تعالى وصفاته، (أو) (٢) المراد اتباعه في المناسك، كما علم جبريل إبراهيم، ولا خلاف بين أهل التحقيق كما قَالَ القاضي عياض أنه - ﷺ - قبل نبوته وسائر الأنبياء منشرحو الصدر بالتوحيد والإيمان، فإنهم لا يليق بهم الشك في شيء من ذَلِكَ ولا الجهل به، ولا خلاف في عصمتهم من ذَلِكَ (٣).
فإن قُلْتَ: ما كان صفة تعبده؟
قُلْتُ: لم أر فيه نقلًا بخصوصه، وسمعت بعض مشيختنا يقول: سمعت الشيخ أبا الصبر أيوب السعودي يقول: سألت سيدي أبا السعود: بم كان - ﷺ - يتعبد في حراء؟ فقال: بالتفكر. وقد أسلفنا هذا في الوجه السادس أيضا.
فرع:
اختلف الأصوليون: هل كُلِّف بعد النبوة بشرع أحد من الأنبياء؟
والأكثرون عَلَى المنع، واختاره الإمام والآمدي وغيرهما (٤).
وقيل: بل كان مأمورًا بأخذ الأحكام من كتبهم ويعبر عنه بأن شَرْعَ

----------------------
(١) «البرهان» للجويني ١/ ٣٣٤، «الإحكام» ٤/ ١٤٥.
(٢) في (ف): إذ.
(٣) «إكمال المعلم» ١/ ٤٨١.
(٤) «الإحكام» ٤/ ١٢٣، «منتهى السول» للآمدي ٣/ ١٥.



مَنْ قبلنا شَرْعٌ لنا، واختاره ابن الحاجب (١)، وللشافعي في المسألة قولان، أصحهما الأول، واختاره الجمهور (٢).
الرابع عثسر: قولها: (قَبْلَ أَنْ يَنْزعَ إِلَى أَهْلِهِ). هو بكسر الزاي أي: يرجع، وقد رواه مسلم كذلك فقال: نزع إلى أهله (٣) إِذَا حَنّ إليهم فرجع إليهم، ونزعوا إليه: حنوا إليه، وهل نزعك غيره؟ أي: هل جاء بك وجذبك سواه! وناقة نازع: إِذَا حنت إلى أوطانها ومرعاها، ونزع بالفتح ينزع بكسر ثالثه قَالَ صاحب «الأفعال» (٤): والأصل في فعل يفعل إِذَا كان صحيحًا وكانت عينه ولامه حرف حلق أن يكون مضارعه مفتوحًا إلا أفعالًا يسيرة جاءت بالفتح والضم مثل: جنح يجنح، ودبغ يدبغ، وإلا ما جاء من قولهم نزع ينزع بالفتح والكسر، وهنأ يهنئ (٥).
وقال غيره: (هنَّأني) (٦) الطعام، يَهْنؤُني وَيهْنِئُني بالفتح والكسر.
الخامس عشر: قولها: (ثمَّ يَتَزَوَّدُ لِذَلِكَ). قَالَ أهل اللغة: الزاد هو الطعام الذي يستصحبه المسافر ويقال: زودته فتزود.

----------------------
(١) «المنتهى» لابن الحاجب ص ١٥٣.
(٢) انظر: «التمهيد» للإسنوي ص ٤٤١، «الإبهاج» ٢/ ٢٧٦.
(٣) مسلم (١٦١) كتاب: الإيمان، باب: بدء الوحي.
(٤) هو العلامة شيخ اللغة، أبو القاسم علي بن جعفر بن علي السعدي الصقلي، ابن القطاع، نزيل مصر، من مصنفاته: «الأفعال»، «أبنية الأسماء»، توفي سنة خمس عشرة وخمسمائة، عن اثنتين وثمانين سنة.
انظر ترجمته في: «وفيات الأعيان» ٣/ ٣٢٢، «سير أعلام النبلاء» ١٩/ ٤٣٣ (٢٥٣)، «الوافي بالوفيات» ١٢/ ١٨، «شذرات الذهب» ٤/ ٤٥.
(٥) «الأفعال» ١/ ١١.
(٦) في (ج): وهناني.



السادس عشر: فيه مشروعية اتخاذ الزاد ولا ينافي التوكل، فقد اتخذه سيد المتوكلين.
السابع عشر: قولها: (ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى خَدِيجَةَ، فَيَتَزَوَّدُ لِمِثْلِهَا) الضمير في مثلها يعود إلى الليالي، وخديجة ذكر البخاري في المناقب قطعة من مناقبها، وسيأتي الكلام عليها هناك إن شاء الله الوصول إليه.
وهي أم المؤمنين خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب، تزوجها - ﷺ - وهو ابن خمس وعشرين سنة، وهي أم أولاده كلهم، خلا إبراهيم فمن مارية، ولم يتزوج غيرها قبلها ولا عليها حتَّى ماتت قبل الهجرة بثلاث سنين عَلَى الأصح، وقيل: بخمس وقيل: بأربع فأقامت معه أربعًا وعشرين سنة وأشهرًا، ثمَّ توفيت، وكانت وفاتها بعد وفاة أبي طالب بثلاثة أيام (١). وروى البخاري في مناقب خديجة عن عروة، عن عائشة قالت: تزوجني رسول الله - ﷺ - بعد خديجة بثلاث سنين (٢)، وفيه أيضًا في باب: مناقب عائشة، عن عروة أنه - ﷺ - لبث بعد موت خديجة سنتين أو قريبًا منها فنكح عائشه (٣)، واسم أم خديجة: فاطمة بنت زائدة بن الأصم من بني عامر بن لؤي، وخديجة أول من آمن من النساء باتفاق، بل

-------------------------------
(١) انظر ترجمتها في: «معرفة الصحابة» ٦/ ٣٢٠٠ - ٣٢٠٨ (٣٧٤٦)، «الاستيعاب»، ٤/ ٣٧٩ - ٣٨٦ (٣٣٤٧)، «أسد الغابة» ٧/ ٧٨ - ٨٥ (٦٨٦٧)، «الإصابة»، ٤/ ٢٨١ - ٢٨٣ (٣٣٥).
(٢) سيأتي برقم (٣٨١٧) كتاب: مناقب الأنصار، باب: تزويج النبي - ﷺ - خديجة وفضلها.
(٣) سيأتي برقم (٣٨٩٦) كتاب: مناقب الأنصار، باب: تزويج النبي - ﷺ - عائشة وقدومها المدينة وبنائه بها، ورواه مسلم (١٤٢٢) كتاب: النكاح، باب: تزويج الأب البكر الصغيرة.



أول من آمن مطلقًا على قولٍ.
وفي «الصحيح» من حديث علي مرفوعًا: «خَيْرُ نِسَائِهَا مَرْيَمُ، وَخَيْرُ نِسَائِهَا خَدِيجَةُ» (١)، وفي البخاري في حديث عن جبريل أنه قَالَ للنبي - ﷺ -: «هذِه خَدِيجَةُ، فَإِذَا أتَتْكَ فَاقْرَأْ عليها السلام مِنْ رَبِّي، وَبَشِّرْهَا بِبَيْتٍ فِي الجَنَّةِ مِنْ قَصَبٍ، لَا صَخَبَ فِيهِ وَلَا نَصَبَ» (٢). ووقع في كتاب الزبير بن بكار، عن عبد الرحمن بن زيد قَالَ آدم -عليه السلام-: مما فضل الله به ابني عليَّ أن زوجه كانت عونًا لَهُ على تبليغ أمر الله، وأن زوجي كانت عونًا لي عَلَى المعصية (٣).

--------------------------
(١) سيأتي برقم (٣٨١٥)، ورواه مسلم (٢٤٣٠) كتاب: فضائل الصحابة، باب: فضائل خديجة أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها.
(٢) سيأتي برقم (٣٨٢٠)، ورواه مسلم (٢٤٣٢).
(٣) أورده السيوطي بهذا اللفظ في «الدر المنثور» ١/ ١٠٩ عن عبد الرحمن بن زيد من قوله، وعزاه لابن عساكر.
وروى البيهقي في «دلائل النبوة» ٥/ ٤٨٨، والخطيب في «تاريخ بغداد» ٣/ ٣٣١، وفي «تالي التلخيص» ٢/ ٤١١ (٢٤٨)، وابن الجوزي في «العلل المتناهية» (٢٨٠) من طريق أبي بكر محمد بن حمويه السراج، عن محمد بن الوليد القلانسي، عن إبراهيم بن صرمة، عن يحيى بن سعيد، عن نافع، عن ابن عمر مرفوعًا: فضلت على آدم بخصلتين: كان شيطاني كافرًا فأعانني الله عليه فأسلم، وكن أزواجي عونًا لي، وكان شيطان آدم كافرًا وكانت زوجته عونًا له على خطيئته.
قال ابن الجوزي: حديث لا يصح عن رسول الله - ﷺ -. قال ابن عدي: محمد بن الوليد كان يضع الحديث، ويوصله، ويسرق، ويقلب الأسانيد والمتون، وسمعت الحسين بن أبي معشر يقول: هو كذاب اهـ.
وأورده الذهبي في «ميزان الاعتدال» ٥/ ١٨٤ - ١٨٥، والحافظ في «لسان الميزان» ٥/ ٤١٨ كلاهما في ترجمة: محمد بن الوليد القلانسي، ونقلا قول ابن عدي فيه، وقال المناوي في «فيض القدير» (٥٨٨٥): هذا الحديث من أباطيل محمد بن الوليد. وقال الألباني في «الضعيفة» (١١٠٠): موضوع.



الثامن عشر: قولها: (حَتَّى جَاءَهُ الحَقُّ). أي: الأمر الحق وهو الوحي الكريم، (وللبخاري) (١) في التفسير، ولمسلم: (حتَّى فجئه الحق) (٢). أي: أتاه بغتة، يقول: فجئ يفجأ بكسر الجيم في الأول وفتحها في المضارع، وفَجَأ يفجَأ بالفتح فيهما، وقوله: (فجاءه الملك) يعني: جبريل.
فائدة:
روى ابن سعد بإسناده أن نزول الملك عليه بحراء يوم الاثنين، لسبع عشرة خلت من رمضان، ورسول الله - ﷺ - يومئذٍ ابن أربعين سنة (٣).
التاسع عشر: قوله - ﷺ -: («مَا أَنَا بِقَارِئٍ») ما هنا نافية، واسمها «أنا» وخبرها: «بِقَارِئٍ» والباء زائدة لتأكيد النفي أي: ما أُحْسِن القراءة، وقد جاء في رواية: «ما أُحْسِن أن أقرأ» وغلط من جعلها استفهامية لدخول الباء في خبرها، وهي لا تدخل عَلَى ما الاستفهامية، واحتج من (قَالَ) (٤) استفهامية بأنه جاء في رواية لابن إسحاق: «ما أقرأ؟» (٥) أي: أيٌّ أقرأ؟ ولا دلالة فيه؛ (لجواز أن تكون ما) (٦) هنا نافية أيضًا.
وقال السهيلي في «روضه»: قوله: «مَا أَنَا بِقَارِئٍ» أي: أنا أميٌّ، فلا أقرأ الكتب، قالها ثلاثا، فقيل له: ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (١)﴾ أي: إنك لا تقرؤه بحولك ولا بصفة نفسك ولا بمعرفتك، ولكن

-------------------------
(١) في (ج): وفي البخاري.
(٢) سيأتي برقم (٤٩٥٣)، ورواه مسلم ١٦٠/ ٢٥٢.
(٣) «الطبقات الكبرى» ١/ ١٩٤ عن أبي جعفر.
(٤) في (ج): جعلها.
(٥) «سيرة ابن إسحاق» ص ١٠٠ - ١٠١ (١٤٠).
(٦) في (ج): لجواز ما أن تكون.



حدث خطأ في تحميل الصفحة

وقال السهيلي: ويروى أيضًا «فسأتني» فهذِه ثلاث روايات، قَالَ: وأحسبه (يروى) (١) أيضًا: «فذعتني» وكلها بمعنى واحد وهو: الخنق، والغم، ومن الذعْت حديثه الآخر أن الشيطان عرض لَهُ وهو يصلي «فَذَعتّه حتَّى وجدت برد لسانه ثمَّ ذكرت قول (سليمان أخي) (٢): رب هب لي ملكًا ..» الحديث (٣)، قَالَ: وكان في ذَلِكَ إظهارًا للشدة والجد في الأمر، وأن ياخذ الكتاب بقوة ويترك الأناة، فإنه أمر ليس بالهوينا.
قَالَ: وعلى رواية ابن إسحاق أن هذا الغط كان في النوم (٤)، يكون في تلك الغطات الثلاث من التأويل ثلاث شدائد يبتلى بها أولًا ثمَّ يأتي الفرج والروح، وكذلك كان، لقي - ﷺ - هو وأصحابه شدة من الجوع في الشِّعب حين تعاقدت قريش أن لا يبيعوا منهم (ولا يصلوا إليهم) (٥) وشدة أخرى من الخوف والإيعاد بالقتل، وشدة أخرى من الإجلاء عن أحب الأوطان إليهم ثمَّ كانت العاقبة للمتقين والحمد لله رب العالمين (٦).
الحادي بعد العشرين: فيه المبالغة في التنبيه والحض عَلَى التعليم ثلاثًا، وقد كان - ﷺ - إِذَا تكلم بكلمة أعادها ثلاثًا؛ لتفهم عنه (٧)، وانتزع بعض التابعين، وهو شريح القاضي من هذا الحديث ألا يضرب الصبي إلا ثلاثًا عَلَى القرآن، كما غطَّ جبريل محمدًا - ﷺ - ثلاثًا.

----------------------------
(١) في (ج): روي.
(٢) في (ج): أخي سليمان.
(٣) سيأتي برقم (١٢١٠) كتاب: العمل في الصلاة، باب: ما يجوز من العمل في الصلاة، ورواه مسلم (٥٤١) كتاب: المساجد، باب: جواز لعن الشيطان في أثناء الصلاة … من حديث أبي هريرة.
(٤) «سيرة ابن إسحاق» ١٠١.
(٥) ساقطة من (ج).
(٦) «الروض الأنف» ١/ ٢٧١ - ٢٧٢.
(٧) حديث سيأتي برقم (٩٥) كتاب: العلم، باب: من أعاد الحديث ثلاثًا ليفهم عنه.



الثاني بعد العشرين: قوله: («حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الجَهْدَ») يجوز في الجهد ضم الجيم وفتحها ونصب الدال ورفعها، ومعناه: الغاية والمشقة، فعلى الرفع معناه: بلغ الجهد مبلغه، فحذف مبلغه، وعلى النصب معناه: بلغ الملك مني الجهد، قَالَ في «المحكم» (١): الجَهْدُ والجُهْدُ: الطاقة وقيل: الجَهد: المشقة، والجُهد: الطاقة، وفي «الموعب»: الجهد: ما جهد الإنسان من مرض أو من مشاق، والجهد (أيضًا بلوغك) (٢) غاية الأمر الذي لا يألو عن الجهد فيه (وجهدته: بلغت مشقته وأجهدته) (٣) عَلَى أن يفعل كذا. وقال ابن دريد (٤): (جهدته) (٥) (حملته) (٦) عَلَى أن يبلغ مجهوده. وقال
-------------------------
(١) مصنفه هو إمام اللغة، أبو الحسن علي بن إسماعيل المُرسي الضرير، أحد من يضرب بذكائه المثل، قال الحميدي: هو إمام في اللغة والعربية، حافظ لهما، على أنه كان ضريرًا وقد جمع في ذلك جموعًا، وله مع ذلك حظ في الشعر وتصرف، وهو حجة في نقل اللغة، وله كتاب «العالم في اللغة»، و«المحكم» و«شواذ اللغة».
انظر ترجمته في: «وفيات الأعيان» ٣/ ٣٣٠، «سير أعلام النبلاء» ١٨/ ١٤٤ (٧٨)، «شذرات الذهب» ٣/ ٣٠٥.
(٢) في (ج): بلوغك أيضًا.
(٣) في (ج): جهدت بلغت مشقًة فأجهده.
(٤) هو العلامة شيخ الأدب، أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد بن عتاهية، الأزدي البصري، صاحب التصانيف، تنقل يطلب الأداب ولسان العرب، ففاف أهل زمانه، وكان آية من الآيات في قوة الحفظ، توفي في شعبان سنة إحدج وعشرين وثلاثمائة، وله ثمان وتسعون سنة.
انظر ترجمته في: «تاريخ بغداد» ٢/ ١٩٥، «وفيات الأعيان» ٤/ ٣٢٣، «سير أعلام النبلاء» ١٥/ ٩٦ (٥٦)، «الوافي بالوفيات» ٢/ ٣٣٩.
(٥) في (ج): جهدت.
(٦) في (ج): حملت.



ابن الأعرابي (١): جهد في العمل وأجهد. وقَالَ أبو عمرو: وأجهد في حاجتي وجهد، وقال الأصمعي (٢): جهدت لك نفسي، وأجهدت نفسي.
الثالث بعد العشرين: الحكمة في الغط شَغْلُه عن الألتفات إلى شيء من أمور الدنيا، والمبالغة في أمره بإحضار قلبه لما يقوله (له) (٣)، وقيل: أراد أن يوقفه عَلَى أن القراءة ليست من قدرته، ولو أكره، وكلما أمره بالقراءة فلم يفعل شدد عليه، فلما لم يكن عنده ما يقرأ كان ذَلِكَ (تنبيهًا لَهُ على أن القراءة ليست من قدرته ولا من طاقته ووسعه، فكان الغط) (٤) تنبيهًا لَهُ كقوله تعالى: ﴿وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى (١٧)﴾ [طه: ١٧]، لئلا يلحقه ريب عند انقلابها حية، فكذلك (أراد جبريل) (٥) أن يعلمه أن ما ألقي إليه ليس في قدرته إذ قَدْ عجز بعد الثلاث، وهي حَد (للإعذار) (٦)، (وقد روى) (٧) ابن سعد

-----------------------------
(١) هو إمام اللغة، محمد بن زياد بن الأعرابي، أبو عبد الله الهاشمي، قال مرة في لفظة رواها الأصمعي: سمعتها من ألف أعرابي بخلاف هذا، له مصنفات كثيرة أدبية، وكان صاحب سنة واتباع، مات بسامرا في سنة إحدى وثلاثين ومائتين. انظر ترجمته في: «تاريخ بغداد» ٥/ ٢٨٢، «وفيات الأعيان» ٤/ ٣٠٦، «سير أعلام النبلاء» ١٠/ ٦٨٧ (٢٥٤)، «الوافي بالوفيات» ٣/ ٧٩، «شذرات الذهب» ٢/ ٧٠.
(٢) هو الإمام العلامة الحافظ، حجة الأدب، لسان العرب، أبو سعيد عبد الملك بن قريب بن عبد الملك بن علي بن أصمع، الأصمعي، البصري، اللغوي الإخباري، قال عمر بن شبة: سمعت الأصمعي يقول: أحفظ ستة عشر ألف أرجوزة، وعن ابن معين قال: كان الأصمعي من أعلم الناس في فنه، وقال أبو داود: صدوق، توفي سنة خمس عشرة ومائتين، وقيل: سنة ست عشرة. انظر ترجمته في: «التاريخ الكبير» ٥/ ٤٢٨، «تاريخ بغداد» ١٠/ ٤١٠، «وفيات الأعيان» ٣/ ١٧٠، «سير أعلام النبلاء» ١٠/ ١٧٥ (٣٢)، «شذرات الذهب» ٢/ ٣٦.
(٣) ساقطة في (ج).
(٤) ساقطة من (ج).
(٥) في (ج): جبريل أراد.
(٦) في (ج): الاعتذار.
(٧) في (ج): قال.



بعضهم بين القولين الأولين بأن قَالَ: يمكن أن يقال: أول ما نزل من التنزيل في تنبيه الله عَلَى صفة خلقه: ﴿اقْرَأْ﴾، وأول ما نزل من الأمر بالإنذار: ﴿يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (١)﴾.
وذكر ابن العربي عن كريب قَالَ: وجدنا في كتاب ابن عباس: أول ما نزل من القرآن بمكة: اقرأ، والليل، ونون، ويا أيها المزمل، ويا أيها المدثر، وتبت، وإذا الشمس، والأعلى، والضحى، وألم نشرح، والعصر، والعاديات، والكوثر، والتكاثر، والدين، والكافرون، ثم الفلق، ثمَّ الناس، ثمَّ ذكر سورًا كثيرة، ونزل بالمدينة ثمان وعشرون سورة، وسائرها بمكة، وكذلك يروى عن ابن الزبير.
وقال السخاوي (١): ذهبت عائشة (والأكثرون) (٢) إلى أن أول ما نزل: ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ﴾ إلى قوله: ﴿مَا لَمْ يَعْلَمْ﴾ ثمَّ: ﴿ن وَالْقَلَمِ﴾ إلى قوله: ﴿ويبصرون﴾ و﴿يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ﴾، والضحى، ثم نزل باقي سورة اقرأ ﴿يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (١)﴾، و﴿يَا أَيُّهَا المزمل﴾ (٣).
السادس بعد العشرين: (قولها) (٤): (فَرَجَعَ بِهَا رَسُولُ اللهِ -ﷺ-

------------------------
(١) هو الشيخ الإمام العلامة شيخ القراء والأدباء، علم الدين، أبو الحسن، علي بن محمد بن عبد الصمد، الهمداني، المصري، السخاوي، كان إمامًا في العربية، بصيرًا باللغة فقيهًا مفتيًا، عالمًا بالقراءات وعللها مجودًا لها، بارعًا في التفسير، من كتبه «شرح الشاطبية»، «جمال القراء»، وبلغ في التفسير إلى الكهف، توفي في ثاني عشر جمادى الآخرة سنة ثلاث وأربعين وستمائة. انظر ترجمته في: «وفيات الأعيان» ٣/ ٣٤٠، «سير أعلام النبلاء» ٢٣/ ١٢٢ (٩٤)، «شذرات الذهب» ٥/ ٢٢٢.
(٢) في (ج): والأكثر.
(٣) «جمال القراء وكمال الإقراء» للسخاوي ص ٥ - ٧.
(٤) في (ج): قوله.



يَرْجُفُ فُؤَادُهُ). الضمير في (بها) يعود إلى الآيات: قوله تعالى: ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ﴾ إلى آخرهن.
ومعنى (يرجف): يخفق. والرَّجَفان: شدة التحرك والاضطراب. قَالَ صاحب «المحكم»: رَجَفَ الشيءُ يَرْجُفُ رجفًا ورجُوفًا ورَجَفانًا ورَجِيفًا، وأَرْجَفَ: خَفَقَ واضْطَرَبَ اضْطِرا بًا شديدًا (١).
السابع بعد العشرين: الفؤاد: القلب عَلَى المشهور، وفي قولِ: إنه عين القلب، وفي قولٍ: باطنه. وفي قول: غشاؤه. فهذِه أربعة أقوال فيه.
وقال الليث: القلب مُضغةٌ من الفؤاد مُعَلَّقَةٌ بالنَّياط، سمي قلبًا لتقلبه، وأنشدوا:
مَا سُمّيَ القَلْبُ إلَّا مِنْ تَقَلُّبِهِ … (فاحذر على القلب من قلبٍ وتحويل) (٢)
الثامن بعد العشرين: قوله - ﷺ -: («زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي») هكذا هو في الروايات بالتكرار، والتزمل: الاشتمال والتلفف، و(مثله) (٣) التدثر، ويقال لكل ما يلقى عَلَى الثوب الذي يلي الجسد: دثار، وأصلهما المتدثر والمتزمل، أدغمت التاء فيما بعدها، وجاء في أثرِ أنهما من أسمائه - ﷺ -، وقال ذَلِكَ -ﷺ-؛ لشدة ما لحقه من هول الأمر، وشدة (الضغط) (٤)، ولولا ما جبل عليه - ﷺ - من الشجاعة والقوى ما استطاع عَلَى تلقي ذَلِكَ؛ لأن الأمر جليل.
وللبخاري في التفسير من حديث جابر، ومسلم أيضًا: «دثروني وصبوا عليَّ ماءً باردًا فدثروني وصبوا عليَّ ماءً باردًا»، فنزلت:

------------------------
(١) «المحكم» ٧/ ٢٧٤.
(٢) من (ج).
(٣) ساقطة من (ج).
(٤) في (ج): والأكثر.



﴿يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (١)﴾ (١).
التاسع بعد العشرين: ينعطف عَلَى ما مضى. قَالَ السهيلي: وفي قوله تعالى: ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ﴾: دليل من الفقه (وجوب) (٢) استفتاح القراءة ببسم الله، غير أنه أمر مبهم لم يبين لَهُ بأي اسم من أسمائه يستفتح حتَّى جاء البيان بعد (بقوله) (٣): ﴿بِسْمِ اللهِ مَجْرَاهَا﴾ [هود: ٤١] ثم في قوله: ﴿وَإِنَّهُ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ [النمل: ٣٠]، ثمَّ بعد ذَلِكَ كان (ينزل جبريل) (٤) ببسم الله الرحمن الرحيم مع كل سورة، وقد ثبتت في سواد المصحف بإجماع من الصحابة عَلَى ذَلِكَ، وحين نزلت ﴿بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (١)﴾ [الفاتحة: ١] سبحت الجبال، فقالت قريش: سحر محمد الجبال (٥)، ذكره النقاش (٦)، وإن

-------------------
(١) سيأتي برقم (٤٩٢٢) ورواه مسلم (١٦١/ ٢٥٧) كتاب: الإيمان، باب: بدء الوحي إلى رسول الله - ﷺ -.
(٢) ساقطة من (ج).
(٣) في (ج): (في قوله).
(٤) في (ج): (جبريل ينزل).
(٥) عزاه السيوطي في «الدر المنثور» ١/ ٣١، والشوكاني في «فتح القدير» ١/ ٣٠ لأبي نعيم والديلمي عن عائشة.
(٦) هو العلامة المفسر، شيخ القراء، أبو بكر محمد بن الحسن بن محمد بن زياد، الموصلي ثم البغدادي، النقاش، له كتاب «شفاء الصدور» في التفسير، وكان واسع الرحلة، قديم اللقاء، وهو في القراءات أقوى منه في الروايات، قال طلحة بن محمد الشاهد: كان النقاش يكذب في الحديث والغالب عليه القصص، وقال أبو بكر البرقاني: كل حديث النقاش منكر، وقال الخطيب: في حديثه مناكير بأسانيد مشهورة، قال الذهبي: اعتمد الداني في «التيسير» على رواياته للقراءات، فالله أعلم، فإن قلبي لا يسكن إليه، وهو عندي متهم، عفا الله عنه اهـ. انظر ترجمتة في: «تاريخ بغداد» ٢/ ٢٠١، «وفيات الأعيان» ٤/ ٢٩٨، «سير أعلام النبلاء» ١٥/ ٥٧٣ (٣٤٨)، «الوافي بالوفيات» ٢/ ٣٤٥، «شذرات الذهب» ٣/ ٨.



صح ما ذكره (فلذلك) (١) معنى وذلك أنها آية أنزلت على آل داود -عليه السلام-، وقد كانت الجبال تسبح معه بنص القرآن العظيم (٢).
الثلاثون: ذكر ابن إسحاق في «السيرة» أن جبريل -عليه السلام- أتاه بنمط (٣) من ديباج فيه كتاب (٤)، وهو دليل -كما قَالَ السهيلي-، وإشارة إلى أن هذا الكتاب به يفتح عَلَى أمته ملك الأعاجم ويسلبونهم الديباج والحرير الذي كان زينتهم (وزَّيهم) (٥) وبه يُنال أيضًا ملك الآخرة، إذ لباس أهل الجنة فيها الحرير والديباج.
وفي (سير) (٦) موسى بن عقبة، و(سليمان) (٧) بن المعتمر (٨): وأتاه بدُرْنُوك (٩) من ديباج منسوج بالدر والياقوت فأجلسه عليه غير أن موسى بن عقبة قَالَ: ببساط. ولم يقل: بدُرْنُوك. وقال ابن المعتمر: فمسح جبريل -عليه السلام- صدره وقال: اللهم اشرح صدره، وارفع ذكره، وضع عنه وزره. ويصححه قوله تعالى: ﴿أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ (١)﴾ الآيات، كأنه يشير إلى ذَلِكَ الدعاء الذي كان من جبريل (١٠).

--------------------------
(١) في (ج): فذلك.
(٢) «الروض الأنف» ١/ ٢٧١.
(٣) النمط: ضرب من البسط لها خمل رقيق. «لسان العرب» ٨/ ٤٥٤٩.
(٤) رواه ابن إسحاق كما في «السيرة النبوية» لابن هشام ١/ ٢٥٤ - ٢٥٥، ورواه الفاكهي في «أخبار مكة» ٤/ ٨٦ - ٨٧ (٢٤٢٠) بسنده عن ابن إسحاق.
(٥) ساقطة من (ج).
(٦) في (ج): سيرة.
(٧) في (ج): سلمان.
(٨) ستأتي ترجمته.
(٩) نوع من البسط لها خمل. انظر «تهذيب اللغة» ٢/ ١١٨١، و«اللسان» ٣/ ١٣٦٩.
(١٠) «الروض الأنف» ١/ ٢٧١.



فائدة:
قَالَ بعض المفسرين في قوله تعالى: ﴿الم (١) ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ (٢)﴾ [البقرة: ١ - ٢]: إنه إشارة إلى الكتاب الذي جاء به جبريل حين قَالَ له: اقرأ.
الحادي بعد الثلانين: قولها: (فَزَمَّلُوهُ حَتَّى ذَهَبَ عَنْهُ الرَّوْعُ) (الروع) (١) هو بفتح الراء: وهو الفزع: قَالَ صاحب «المحكم»: الرَّوْعُ والرُّوَاعُ والتَّرَوُّعُ: الفَزَعُ. (٢) وقال الهروي: هو بالضم: موضع الفزع من القلب. (٣)
الثاني بعد الثلاثين: كونه لم يخبر بشيء حتَّى ذهب عنه الروع، يؤخذ منه أن الفازع لا ينبغي أن يسأل عن شيء حتَّى يزول عنه فزعه، حتَّى قَالَ مالك: إن المذعور لا يلزمه بيع ولا إقرار ولا غيره (٤).
الثالث بعد الثلاثين: قوله -ﷺ-: («لَقَدْ خَشِيتُ على نَفْسِي») ليس معناه الشك في أن ما أتاه من الله تعالى، كما قَالَ القاضي، لكنه خشي (أن) (٥) لا يقوى عَلَى مقاومة هذا الأمر ولا يطيق حمل أعباء الوحي، فتزهق نفسه وينخلع قلبه؛ لشدة ما لقيه أولًا عند لقاء الملك (أو يكون هذا أول ما رأى التباشير في النوم واليقظة وسمع الصوت قبل لقاء الملك) (٦)، وتحققه رسالة ربه، فيكون خاف أن يكون من الشيطان،

--------------------------
(١) من (ج).
(٢) «المحكم» ٢/ ٢٥٠.
(٣) «غريب الحديث» ١/ ١٨٠.
(٤) انظر: «التاج والإكليل» ٥/ ٣١٠، «مواهب الجليل» ٦/ ٣٥، ٧/ ٢١٦، «شرح منح الجليل» ٣/ ٣٩٤.
(٥) في (ف): أنه.
(٦) ساقط من (ج).



فأما بعد أن جاءه الملك برسالة ربه فلا يجوز الشك عليه ولا يخشى تسلط الشيطان عليه. وعلى هذا الطريق يحمل كل ما ورد من مثل هذا في حديث المبعث (١)، وضعف النووي هذا الاحتمال؛ لأنه جاء في الحديث مبينًا أنه كان بعد غط الملك وإتيانه بـ: ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ﴾ (٢).
(قَالَ) (٣): ويحتمل أن يكون معنى الخشية: الإخبار بما حصل لَهُ أولًا من الخوف لا أنه في الحال خائف، وجزم بما ضعفه النووي ابن الجوزي (٤) في «كشف مشكل الصحيحين» فقال: كان - ﷺ - يخاف في (بداءة) (٥) الأمر أن يكون ما يراه من قبل الشيطان؛ لأن الباطل قَدْ

-------------------------
(١) «إكمال المعلم» ١/ ٤٨٤ - ٤٨٥.
(٢) «مسلم بشرح النووي» ٢/ ٢٠٠.
(٣) ساقط من (ج).
(٤) هو الشيخ الإمام العلامة، الحافظ المفسر، شيخ الإسلام، فخر العراق، جمال الدين، أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد بن علي بن عبيد الله بن عبد الله، البغدادي الحنبلي، الواعظ، صاحب التصانيف، كان رأسًا في التذكير بلا مدافعة، يقول النظم الرائق والنثر الفائق بديهًا، ويسهب ويعجب ويطرب ويطنب، لم يأت قبله ولا بعده مثله، فهو حامل لواء الوعظ والقيم بفنونه، مع الشكل الحسن والصوت الطيب، والوقع في النفوس، حسن السيرة، كان بحرًا في التفسير، علامة في السير والتاريخ، موصوفًا بحسن الحديث، ومعرفة فنونه، فقيهًا، عليمًا بالإجماعِ والاختلافِ، جيد المشاركة في الطب، ذا تفنن وفهم وذكاء وحفظ واستحضار، وإكبابٍ على الجمع والتصنيف، مع التصون والتجمل، وحسن الشارة، ورشاقة العباَرة، ولطف الشمائل، والأوصاف الحميدة، والحرمة الوافرة عند الخاص والعام، توفي سنة سبع وتسعين وخمسمائة.
انظر ترجمته في: «وفيات الأعيان» ٣/ ١٤٠، «سير أعلام النبلاء» ٢١/ ٣٦٥ (١٩٢)، «تاريخ الإسلام» ٤٢/ ٢٨٧ (٣٧١)، «الوافي بالوفيات» ١٨/ ١٨٦ (٢٣٥)، «شذرات الذهب»٤/ ٣٢٩.
(٥) في (ج): بدو.

https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...b61e7e5bc3.gif





ابوالوليد المسلم 24-12-2025 11:11 PM

رد: التوضيح لشرح الجامع الصحيح أبو حفص عمر بن علي بن أحمد الأنصاري المعروف بـ ابن ال
 
https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...b61e7e5bc2.gif


الكتاب: التوضيح لشرح الجامع الصحيح
المؤلف: سراج الدين أبو حفص عمر بن علي بن أحمد الأنصاري الشافعي

المعروف بـ ابن الملقن (٧٢٣ - ٨٠٤ هـ)
الناشر: دار النوادر، دمشق - سوريا
الطبعة: الأولى، ١٤٢٩ هـ - ٢٠٠٨ م
عدد الأجزاء: ٣٦ (٣٣ والفهارس)

المجلد (2)
من صـــ 271 الى صـــ 290
الحلقة (30)





يلتبس بالحق وما زال يستقريء الدلائل، (ويسبر) (١) الآيات إلى أن وضح لَهُ الصواب، وكما يجب عَلَى أحدنا أن يسبر صدق الرسول إليه وينظر في دلائل صدقه من المعجزات، فكذلك الرسل يجب عليها أن تسبر حال المرسل إليها هل هو ملك أو شيطان؟ فاجتهادها في تمييز الحق من الباطل أعظم من اجتهادنا، ولذلك عَلَت منازل الأنبياء لعِظَمِ ما ابتُلوا به من ذَلِكَ.
قَالَ: وكان نبينا عليه أفضل الصلاة والسلام قَدْ نفر في بدايته من جبريل. ونسب الحال إلى الأمر المخوف، وقال لخديجة: «قَدْ خشيت عَلَى نفسي» إلى أن بان لى أن الأمر حق، ثمَّ استظهر بزيادة الأدلة حتَّى بان لَهُ اليقين، ثمَّ ساق بإسناده من حديث حماد بن زيد، عن علي بن زيد، عن أبي رافع، عن عمر قَالَ: كان النبي - ﷺ - بالحجون فقال: «اللَّهُمَّ أرني آية لا أبالي من كذبني بعدها من قريش» فقيل له: ادع هذِه الشجرة فدعاها، فأقبلت عَلَى عروقها فقطعتها، ثمَّ أقبلت تخد الأرض حتَّى وقفت بين يديه - ﷺ - ثمَّ قالت: ما تشاء؟ ما تريد؟ قَالَ: «ارجعي إلى مكانك» فرجعت إلى مكانها، فقَالَ: «والله ما أبالي من كذبني من قريش» (٢).

------------------------
(١) في (ج): ويتبين.
(٢) رواه الفاكهي في «أخبار مكة» ٤/ ٣٠ (٢٣٣٠)، والبزار في «البحر الزخار» ١/ ٤٣٨ (٣٠٩ - ٣١٠)، وأبو يعلى في «مسنده» ١/ ١٩٠ - ١٩١ (٢١٥) وأبو نعيم في «دلائل النبوة» (٢٩٠)، والبيهقي في «الدلائل» ٦/ ١٣، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» ٤/ ٣٦٤، من طريق حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن أبي رافع عن عمر به. قال البزار: هذا الحديث لا نعلمه يروى عن عمر عن النبي - ﷺ - إلا بهذا الإسناد اهـ.
قلت: بل رواه الفاكهي في «أخبار مكة» ٤/ ٢٩ - ٣٠ (٢٣٢٩) من طريق حماد بن =


وقيل: إن الخشية كانت من قومه أن يقتلوه. حكاه السهيلي، ولا غرو أنه بشر يخشى من القتل والأذى، ثمَّ يهون عليه الصبر في ذات الله كل خشية، ويجلب إلى قلبه كل شجاعة وقوة (١)، وقيل: إنها كانت (خوف) (٢) أن لا ينهض بأعباء النبوة ويضعف عنها، ثم أذهب الله خشيته ورزقه الأيد والقوة والثبات، حكاه السهيلي أيضًا، وقال قبل ذَلِكَ: تكلم العلماء في معنى هذِه الخشية بأقوال كثيرة، منها ما ذهب إليه أبو بكر الإسماعيلي أنها كانت منه قبل أن يحصل لَهُ العلم الضروري بأن (الذي) (٣) جاءه ملك من عند الله تعالى، وكان أشق شيء عليه أن يقال عنه شيء أو أنه خشي عَلَى الناس، -يعني: من وقوعهم فيه- ولم ير الإسماعيلي أن هذا محال في مبدأ الأمر؛ لأن العلم الضروري لا يحصل دفعة واحدة، وضرب مثلًا بالبيت من الشعر تسمع أوله ولا تدرى (أنثر هو أم نظم؟) (٤) فإذا استمر الإنشاد عَلِمْتَ قطعًا (أنه قُصِدَ به) (٥) قَصْدُ الشعر، فكذلك لما استمر الوحي واقترنت به القرائن المقتضية للعلم القطعي حصل العلم القطعي، وقد أثنى الله عليه بهذا العلم، فقال: ﴿آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ﴾ [البقرة: ٢٨٥] إلى قوله: ﴿وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ﴾ فإيمانه - ﷺ - بالله
---------------------------
= سلمة، عن ثابت، عن أبي رافع به. وقال الهيثمي في «المجمع» ٩/ ١٠: رواه البزار وأبو يعلى، وإسناد أبي يعلى حسن، وقال التقي الهندي في «الكنز» ١٢/ ٣٥٥ (٣٥٣٦٤): سنده حسن اهـ.
(١) «الروض الأنف» ١/ ٤١١.
(٢) في (ف): خوف.
(٣) في (ج): إذًا.
(٤) في (ج): أشعر أم نظم.
(٥) في (ج): أنَّ قصده.



وملائكته إيمان كسبي، موعود عليه بالثواب الجزيل كما وعد عَلَى سائر أفعاله المكتسبة، كانت من أفعال القلوب أو من أفعال الجوارح (١).
[وقال سيدي أبو عبد الله بن أبي جمرة: يحتمل أن تكون خشيته من الوعك الذي أصابه من قبل الملك (٢). والأظهر أنها من الكهانة لكثرتها في زمنه، ثمَّ ظهر لَهُ الحق بعد ذَلِكَ وأمر بالإنذار (٣)، وفي «السيرة» من حديث عمرو بن شرحبيل أنه - ﷺ - قَالَ لخديجة: «إني إِذَا خلوت وحدي

--------------------------
(١)»الروض الأنف«١/ ٢٧٥.
(٢)»بهجة النفوس«لابن أبي جمرة ١/ ١٨.
(٣) قال الحافظ في»الفتح" ١/ ٢٤، اختلف العلماء في المراد بها -أي الخشية- على اثني عشر قولًا:
أولها: الجنون وأن يكون ما رآه من جنس الكهانة، جاء مصرحا به في عدة طرق، وأبطله أبو بكر بن العربي وحق له أن يبطل، لكن حمله الإسماعيلي على أن ذلك حصل له قبل حصول العلم الضروري له أن الذي جاءه ملك، وأنه من عند الله تعالى.
ثانيها: الهاجس، وهو باطل أيضًا لأنه لا يستقر وهذا استقر وحصلت بينهما المراجعة.
ثالثها: الموت من شدة الرعب.
رابعها: المرض، وقد جزم به ابن أبي جمرة.
خامسها: دوام المرض.
سادسها: العجز عن حمل أعباء النبوة.
سابعها: العجز عن النظر إلى الملك من الرعب.
ثامنها: عدم الصبر على أذى قومه.
تاسعها: أن يقتلوه.
عاشرها: مفارقة الوطن.
حادي عشرها: تكذيبهم إياه.
ثاني عشرها: تعييرهم إياه. وأولى هذِه الأقوال بالصواب وأسلمها من الارتياب الثالث، واللذان بعده، وما عداها فهو معترض. والله الموفق. اهـ.



سمعت نداءً، وقد خشيت والله أن يكون هذا أمرًا» فقالت: معاذ الله ما كان الله ليفعل ذَلِكَ، إنك لتؤدي الأمانة وتصل الرحم وتصدق الحديث (١)] (٢).
الرابع بعد الثلاثين (٣): قولها: (فَقَالَتْ خَدِيجَةُ: كَلَّا والله ..) إلى آخره، معنى كلا (هنا) (٤): النفي والإبعاد، وهذا أحد معانيها، وقد تكون بمعنى: حقَّا، وبمعنى: ألا، التي للتنبيه، يستفتح بها الكلام، وقد جاءت في القرآن عَلَى أقسام، جمعها ابن الأنباري في باب من كتاب «الوقف والابتداء» له.
الخامس بعد الثلاثين: قولها: (والله مَا يُخْزِيكَ الله أَبَدًا). هو بضم الياء وبالخاء المعجمة، وكذا رواه مسلم في «صحيحه» من رواية يونس وعقيل، عن الزهري (٥)، وهو من الخزي، وهو الفضيحة والهوان، وأصل الخزي عَلَى ما ذكره ابن سيده: الوقوع في بلية وشهرة تذله (٦).
وأخزى الله فلانًا: أبعده، (قاله) (٧) في «الجامع».
ورواه مسلم من رواية معمر عن الزهري: يحزنك (٨)، بالحاء المهملة وبالنون من الحزن، ويجوز عَلَى هذا فتح الياء وضمها.

--------------------
(١) «السيرة النبوية» لابن إسحاق ص ١١٢ (١٥٧).
(٢) ساقط من (ج).
(٣) في الأصل: الخامس بعد الثلاثين. وورد بالهامش: يكتب الرابع بدل الخامس، وكذا ما بعده.
(٤) ساقط من (ج).
(٥) مسلم (١٦٠/ ٢٥٢، ٢٥٤).
(٦) «المحكم» ٥/ ١٥١.
(٧) في (ج): قال.
(٨) مسلم (١٦٠/ ٢٥٣) كتاب: «الإيمان»، باب: بدء الوحي.



يقال: حزنه وأحزنه لغتان فصيحتان قرئ بهما في السبع. قَالَ اليزيدي (١): أحزنه لغة تميم، وحزنه لغة قريش، قَالَ تعالى: ﴿لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ﴾ [الأنبياء: ١٠٣] من حزن، وقال: ﴿لَيَحْزُنُنِي أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ﴾ [يوسف: ١٣] من أحزن عَلَى قراءة من قرأ بضم الياء وهو الحزن (٢)، والحزن وهو خلاف السرور يقال: حزن -بالكسر- يحزن حزنا إِذَا اغتم وحزنه غيره وأحزنه، مثل شكله وأشكله، وحكي عن أبي عمرو أنه قَالَ: إِذَا جاء الحزن في موضع نصب فتحت الحاء، وإذا جاء في موضع رفع وجر ضممت، وقرأ: ﴿وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ﴾ [يوسف: ٨٤]، وقال: ﴿تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا﴾ [التوبة: ٩٢].
قال الخطابي: وأكثر الناس لا يفرقون بين الهم والحزن، وهما عَلَى اختلافهما يتقاربان في المعنى، إلا أن الحزن إنما يكون عَلَى أمر قَدْ وقع، والهم إنما هو فيما يتوقع ولا يكون بعد (٣)، وقولها: (أبدًا). هو منصوب عَلَى الظرف.

--------------------------
(١) هو شيخ القراء، أبو محمد، يحيى بن المبارك بن المغيرة العدوي البصري النحوي، عرف باليزيدي لاتصاله بالأمير يزيد بن منصور خال المهدي، يؤدب ولده، وقد أدَّب المأمون، وعظم حاله، وكان ثقة، عالمًا حجة في القراءة، لا يدري ما الحديث، لكنه أخباري نحوي علامة، بصير بلسان العرب، ألف كتاب «النوادر»، وكتاب، «المقصور والممدود»، وكتاب «النحو». توفي ببغداد سنة اثنتين ومائتين، عن أربع وسبعين سنة. انظر ترجمته في: «تاريخ بغداد» ١٤/ ١٤٦، «وفيات الأعيان» ٦/ ١٨٣، «سير أعلام النبلاء» ٩/ ٥٦٢ (٢١٩)، «شذرات الذهب» ٢/ ٤.
(٢) انظر: «الحجة للقراء السبعة» ٣/ ٩٩.
(٣) «أعلام الحديث» ٢/ ١٣٩٤.



السادس بعد الثلانين: قولها: (إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ) هو بكسر الهمزة من: إنك عَلَى الابتداء، وكذا الرواية وهو الصواب، قَالَ القزاز: يقال: وصل رحمه صلة، وأصله: وصلة، فحذف الواو، وكما قالوا: زنة من وزن، كذا أصل صلة من وصل، ومعنى: (لتصل الرحم): تحسن إلى قراباتك، وسيأتي إن شاء الله تعالى بيان كيفية صلة الرحم في بابها وبيان اختلاف طرقها.
السابع بعد الثلاثين: قولها: (وَتَحْمِلُ الكَلَّ) هو بفتح الكاف وأصله الثقل، ومنه قوله تعالى: ﴿وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلَاهُ﴾ [النحل: ٧٦] وأصله من الكلال وهو الإعياء ويدخل في حمل الكل الإنفاق عَلَى الضعيف واليتيم والعيال وغير ذَلِكَ، والمعنى: إنك تنفق عَلَى هؤلاء وتعينهم، وقال الداودي: الكَلُّ: المنقطع.
الثامن بعد الثلاثين: قولها: (وَتَكْسِبُ المَعْدُومَ) هو بفتح التاء المثناة فوق عَلَى الصحيح المشهور في الرواية والمعروف في اللغة، وروي بضمها، وفي معنى المضموم قولان: أصحهما: معناه: تكسب غيرك المال المعدوم. أي: تعطيه له تبرعًا. ثانيهما: تعطي الناس ما لا يجدونه عند غيرك من معدومات الفوائد ومكارم الأخلاق، يقال: أكسبت مالًا وأكسبتُ غيري مالًا، وفي معنى المفتوح قولان أصحهما: أن معناه كمعنى المضموم يقال: كسبت الرجل مالًا وأكسبته مالا، والأول أفصح وأشهر، ومنع القزاز الباقي وقال: إنه حرف نادر وأنشد عَلَى الثاني:
وأكسبني مالًا وأكسبته حمدًا (١)

--------------------------
(١) القائل ابن الأعرابي كما نسبه إليه في «اللسان» مادة (كسب).


وقول الآخر:
يُعاتِبُني في الدَّيْنِ قَوْمي وإِنما … دُيونيَ في أَشياءَ تَكْسِبُهم حَمْدا
روي بفتح التاء وضمها (١)، والثاني: أن معناه تكسب المال وتصيب منه ما يعجز غيرك عن تحصيله ثمَّ تجود به وتنفقه في وجوه المكارم، وكانت العرب تتمادح بذلك وعرفت قريش بالتجارة، وضعف هذا بانه لا معنى لوصف التجارة بالمال في هذا الموطن إلا أن يريد أنه يبذله بعد تحصيله، وأصل الكسب طلب الرزق، يقال: كسب يكسب كسبًا وتكسب واكتسب.
وقال سيبويه (٢) فيما حكاه ابن سيده:
(كسب) (٣): أصاب، و(اكتسب) (٤): تصرف واجتهد (٥).

-------------------------
(١) أي: تكسبهم، ويكسبهم، وانظر: «لسان العرب» ٧/ ٣٨٧١ مادة: (كسب). والبيت للمقنع محمد بن ظفر بن عمير الكندي كما نسبه إليه صاحب «الأغاني»، وذكر قبله:
وإن الذي بيني وبين بني أبي … وبين بني عمي لمختلف جدًّا
فما أحمل الحقد القديم عليهم … وليس رئيس القوم من يحمل الحقدا
وليسوا إلى نصري سراعًا وإن هم … دعوني إلى نصر أتيتهم شدا
إذا أكلوا لحمي وفرت لحومهم … وإن هدموا مجدي بنيت لهم مجدا
(٢) هو إمام النحو، حجة العرب، أبو بشر، عمرو بن عثمان بن قنبر الفارسي ثم البصري، طلب الفقه والحديث مدة، ثم أقبل على العربية، فبرع وساد أهل العصر، وألف فيها كتابه الذي لا يدرك شأوه فيه، قيل: كان فيه مع فرط ذكائه حُبسة في عبارته. وانطلاق في قلمه، سمي سيبويه؛ لأن وجنتيه كانتا كالتفاحتين بديع الحسن قيل: مات سنة ثمانين ومائة، وقيل: سنة ثمان وثمانين ومائة. انظر ترجمته في: «تاريخ بغداد» ١٢/ ١٩٥، «وفيات الأعيان» ١/ ٤٨٧، «سير أعلام النبلاء» ٨/ ٣٥١، «شذرات الذهب» ١/ ٢٥٢.
(٣) و(٤) في الأصل: تكسب، والمثبت من «المحكم».
(٥) «المحكم» ٦/ ٤٥٢.



وقال صاحب «المجمل»: يقال: كسبت الرجل مالًا فكسبه، وهذا مما جاء عَلَى فعلته ففعل (١).
التاسع بعد الثلاثين: (الْمَعْدُومَ) كما قاله صاحب «التحرير»: عبارة عن الرجل المحتاج العاجز عن الكسب، وسماه معدومًا لكونه كالميت؛ حيث لم يتصرف في المعيشة، وذكر الخطابي أن صوابه (المعدم) بحذف الواو، أي: تعطي العائل وتَرْفُده؛ لأن المعدوم لا يدخل تحت الأفعال (٢)، وفيه نظر لا جرم. قَالَ النووي: ليس كما قَالَ الخطابي بل ما رواه الرواة صواب (٣).
الأربعون: قولها: (وَتَقْرِي الضَّيْفَ) هو بفتح الياء تقول: قريت الضيف أقريه، قرى بكسر القاف والقصر، وقراء بفتح القاف والمد، ويقال للطعام الذي (يضيف) (٤) به: قرى بالكسر والقصر، وفاعله قارٍ كقضى فهو قاض، وقال ابن سيده: قَرى الضيف قِرى، وقراء: أضافه، واستقراني واقتراني (وأقراني) (٥) طلب مني القِرى، وإنه لقري للضيف، والأنثى قَرِيّة عن اللحياني، وكذلك إنه لمقرًى للضيف، ومِقراء، والأنثى مقراة، الأخيرة عن اللحياني (٦). وفي «أمالي الهجري»: ما اقتريت الليلة يعني: لم آكل من القرى شيئًا، أي: لم آكل طعامًا.
الحادي بعد الأربعين: قولها: (وَتُعِينُ على نَوَائِبِ الحَقِّ) أي: تعين بما تقدر عَلَى من أصابته نوائب حق أعنته فيها، والنوائب جمع نائبة: وهي الحادثة والنازلة، ناب الأمر نوبة: نزل، وهي النوائب والنوب،

------------------------
(١) «المجمل» ٣/ ٧٨٥.
(٢) «أعلام الحديث» ١/ ١٢٩.
(٣) «مسلم بشرح النووي» ٢/ ٢٠٢.
(٤) في (ج): يضيفه.
(٥) ساقطة من (ج).
(٦) «المحكم» ٦/ ٣٠٨.



وإنما قالت: نوائب الحق؛ لأنها تكون في الحق والباطل، قَالَ لبيد - ﷺ -:
فلا الخير ممدود ولا الشر لازب … نوائب من خير وشر كلاهما
الثاني بعد الأربعين: معنى كلام خديجة رضي الله عنها: إنك لا يصيبك مكروه لما جعله الله -سبحانه وتعالى- فيك من مكارم الأخلاق، وجميل الصفات، ومحاسن الشمائل. وذكرت ضروبًا من ذَلِكَ، وفي هذا أن مكارم الأخلاق وخصال الخير سبب للسلامة من مصارع السوء والمكاره، فمن كَثُرَ خيره حسنت عاقبته، ورجي لَهُ سلامة الدين والدنيا، وفيه مدح الإنسان في وجهه لمصلحة، وشرطه في غير الأنبياء انتفاء الفتنة أيضًا.
الثالث بعد الأربعين: ذكر البخاري في كتاب التفسير من «صحيحه» خصلة أخرى، وهي: وتَصْدُقُ الحديث (١) وذكرها مسلم هنا (٢)، وهي من أشرف خصاله وكان يُدْعى بها من صغره، وفي «السيرة» زيادة: (إنك لتؤدي الأمانة) ذكرها من حديث عمر بن شرحبيل (٣)، وقد سلفت.
الرابع بعد الأربعين: فيه أنه ينبغي تأنيس من حصلت لَهُ مخافة من أمر وتبشيره، وذكر أسباب السلامة له، وأنّ من نزلت به نازلة لَهُ أن يشارك فيها من يثق بنُصْحِهِ ورأيه.
الخامس بعد الأربعين: فيه أيضًا أبلغ دليل وأظهر حجة عَلَى كمال خديجة، وجزالة رأيها، وقوة نفسها، وعظيم فقهها.
السادس بعد الأربعين: قولها: (فَانْطَلَقَتْ بِهِ خَدِيجَةُ حَتَّى أَتَتْ بِهِ

--------------------------
(١) سيأتي برقم (٤٩٥٣). كتاب: التفسير، سورة العلق، باب (١).
(٢) مسلم (١٦٠/ ٢٥٢). كتاب: الإيمان، باب: بدء الوحي.
(٣) «سيرة ابن إسحاق» ص ١١٢ - ١١٣ (١٥٧).



وَرَقَةَ بْنَ نَوْفَلِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ العُزى ابن عَمِّ خَدِيجَةَ)، إنما كان ابن عمها: لأنها خديجة بنت خويلد بن أسد، وهو ورقة بن نوفل بن أسد، فـ (ابن عم) تابع لورقة لا لعبد العزى، فينصب ابن، ويكتب بالألف لأنه بدل من ورقة. ولا يجوز جر ابن، ولا كتابته بغير ألف؛ لأنه يصير صفة لعبد العزى، فيكون عبد العزى ابن عمها وهو باطل، كما نبه عليه النووي رحمه الله، ومثله عبد الله بن مالك ابن بحينة، ومحمد بن علي ابن الحنفية، والمقداد بن عمرو ابن الأسود، وإسماعيل بن إبراهيم ابن علية، وإسحاق بن إبراهيم (ابن راهويه) (١)، وعبد الله بن يزيد ابن ماجه؛ لأن بحينة أم عبد الله، وكذلك الحنفية، والأسود ليس بجده، وراهويه لقب إبراهيم، وعُلية أم إسماعيل، وماجه لقب يزيد، فكل ذَلِكَ يكتب بالألف ونعربه بإعراب الأول، ومثل ذَلِكَ عبد الله بن أُبي ابن سلول ينون اُبي ويكتب ابن سلول بالألف ويعرب إعراب عبد الله؛ لأن سلول أم عبد الله، هذا هو الصحيح، وفيه خلاف يأتي إن شاء الله تعالى في موضعه، ومقصودهم في كل هذِه الأسماء تعريف الشخص بوصفه جميعًا ليكمل تعريفه، فقد يكون الإنسان معروفًا بأحد وصفيه دون الآخر، فإذا جمعا تم تعريفه لكل أحد.
السابع بعد الأربعين: اسم أم ورقة هند بنت أبي كبير بن عدي بن قصي ولا عقب له، وروينا في «مستدرك الحاكم» من حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي - ﷺ - قَالَ: «لا تسبوا ورقة فإنه كان لَهُ جنة أو (جنتان) (٢)»

----------------------
(١) جاء في هامش (ف) بعد كلمة ابن راهويه: راهويه لقب إبراهيم. ولعله من سبق القلم، فسوف يأتي بعد قليل.
(٢) في الأصل: (جنتين) والمثبت هو الموافق للسياق والإعراب.



ثمَّ قَالَ: هذا حديث صحيح عَلَى شرط الشيخين (١).
وفي كتاب الزبير من حديث عبد الله بن معاذ، عن الزهري، عن عروة قَالَ: سُئِلَ النبي - ﷺ - عن ورقة بن نوفل، كما بلغنا قَالَ: «لقد رأيته في المنام عليه ثياب بيض، فقد أظن أنه لو كان من أهل النار لم أر عليه البياض».
ورواه الترمذي في كتاب الرؤيا من «جامعه» من حديث عثمان بن عبد الرحمن، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة قالت: سُئِلَ رسول الله - ﷺ - عن ورقة فقالت لَهُ خديجة: إنه كان صدقك ولكنه مات قبل أن تظهر، فقال النبي - ﷺ -: «رأيته في المنام وعليه ثياب بيض، ولو

--------------------------
(١)»المستدرك«٢/ ٦٠٩، ولفظة:»لا تسبوا ورقة فإني رأيت له جنة أو جنتين«. ورواه أيضًا البزار كما في»كشف الأستار«(٢٧٥٠) من طريق عبد الله بن سعيد -أبو سعيد الأشج- عن أبي معاوية، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة مرفوعًا به.
ورواه البزار كما في»كشف الأستار«(٢٧٥١)، والرافعي في»التدوين في أخبار قزوين«٣/ ١٩٨ من طريقين عن هشام بن عروة عن عروة مرسلًا به.
قال البزار: لا نعلم أحدًا رواه عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، إلا أبو معاوية، ولا رواه عن أبي معاوية مسندًا إلا أبو سعيد.
وأورد الحافظ ابن كثير في»البداية والنهاية«٣/ ١٣ حديث عاثشة المرفوع وقال: هذا إسناد جيد، وروي مرسلًا وهو أشبه.
وقال الهيثمي في»المجمع«٩/ ٤١٥: رواه البزار متصلًا ومرسلًا، ورجال المسند والمرسل رجال الصحيح اهـ والحديث المرفوع صححه الحاكم على شرط الشيخين -كما ذكر المصنف- ووافقه الذهبي، وقال الألباني في»الصحيحة«١/ ٧٦٢ (٤٠٥): وهو كما قالا اهـ.
قال المناوي: قال الحافظ العراقي: هذا الحديث شاهد لما ذهب إليه جمع من أن ورقة أسلم عند ابتداء الوحي اهـ.»فيض القدير" ٦/ ٥٢٠ (٩٧٩٤).



كان من أهل النار لكان عليه لباس غير ذَلِكَ» ثمَّ قَالَ: حديث غريب، وعثمان بن عبد الرحمن ليس عند أهل الحديث بالقوي (١).
وقال السهيلي: في إسناده ضعف، لأنه يدور عَلَى عثمان هذا، ولكن يقويه قوله - ﷺ -: «رأيت القس -يعني: ورقة وعليه ثياب حرير؛ لأنه أول من آمن بي وصدقني» (٢) ذكره ابن إسحاق عن أبي ميسرة عمرو بن شرحبيل (٣).
وقال المرزباني (٤): كان ورقة من علماء قريش وشعرائهم، وكان يدعى القس، وقال النبي - ﷺ -: «رأيته وعليه حلة خضراء يرفل في الجنة»، وكان يذكر الله في شعره في الجاهلية ويسبحه، فمن ذَلِكَ قوله:

------------------------
(١) الترمذي (٢٢٨٨)، ومن طريقه رواه الحاكم ٤/ ٣٩٣، وابن الأثير في «أسد الغابة» ٥/ ٤٤٧ - ٤٤٨.
قال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه اهـ وتعقبه الذهبي بقوله: عثمان هو الوقاصي متروك اهـ.
وقال الألباني في «ضعيف الجامع» (٧٩٢): موضوع.
ورواه أحمد ٦/ ٦٥ من طريق ابن لهيعة، عن الأسود، عن عروة، عن عائشة به، قال ابن كثير في «السيرة» كما في «صحيحها» ص ٩٣: إسناده حسن.
(٢) «الروض الأنف» ١/ ٢١٧.
(٣) «سيرة ابن إسحاق» ص ١١٢ - ١١٣ (١٥٧) ورواه أيضًا البيهقي في «الدلائل» ٢/ ١٥٨ - ١٥٩ وقال: هذا منقطع.
(٤) هو العلامة المتقن الأخباري، أبو عبيد الله، محمد بن عمران بن موسى بن عبيد المرزباني البغدادي الكاتب، صاحب التصانيف، قال الأزهري: كان المرزباني يضع المحبرة وقنية النبيذ، يكتب ويشرب، وكان معتزليًّا، صنف كتابًا في أخبار المعتزلة وما كان ثقة. انظر ترجمته في: «تاريخ بغداد» ٣/ ١٣٥، «وفيات الأعيان» ٤/ ٣٥٤، «سير أعلام النبلاء» ١٦/ ٤٤٧ (٣٣١)، «الوافي بالوفيات» ٤/ ٢٣٥، «شذرات الذهب» ٣/ ١١١.



لقد نصحت لأقوامٍ وقلت لهم … أنا النذير فلا يغرركم أحد
لا تعبدن إلهًا غير خالقكم … فإن دعوكم فقولوا بيننا جدد
سبحان ذي العرش سبحانًا يعود له … وقبله سبح الجودي والجمد
مسخر كل ما تحت السماء له … لا ينبغي أن يناوي ملكه أحد
لا شيء مما ترى تبقى بشاشته … يبقى الإله وبودى المال والولد
لم يغن عن هرمز يومًا خزائنه … والخلد قَدْ حاولت عادٌ فما خلدوا
ولا سليمان إذ تجري الرياح له … والإنس والجن فيما بينها برد
أين الملوك التي كانت لعزتها … من كل أوبٍ إليها وافد يفد
حوض هنالك مورود بلا كذب … لابد من ورده يومًا كما وردوا
نسبه أبو الفرج إلى ورقة، وفيه أجات تنسب إلى أمية بن أي الصلت، ومن قوله أيضًا فيما خبرت به خديجة عن النبي - ﷺ -:
يا للرجال لصرف الدهر والقدر … وما لشيء قضاه الله من غِيَرِ
حتَّى خديجة تدعوني لأخبرها … أمرًا أراه سيأتي الناس من أُخر
فخبرتني بأمر قَدْ سمعت به … فيما مضى من قديم الدهر والعُصُر
بأن أحمد يأتيه فيخبره … جبريل: إنك مبعوث إلى البشر
فقلت: عَلَّ الذي ترجين ينجزه … لك الإله فرجِّي الخير وانتظري
وأرسلته إلينا كي نسائله … عن أمره ما يرى في النوم والسهر
فقال حين أتانا منطقًا عجبًا … يَقِفُّ منه أعالي الجلد والشعر
إني رأيت أمين الله واجهني … في صورة أكملت من أهيب الصور
ثمَّ استمر فكان الخوف يذعرني … مما يُسلم ما حولي من الشجر
فقلت ظني وما أدري أيصدقني … أن سوف تبعث تتلو منزل السور
وسوف أبليك إن أعلنت دعوتهم … من الجهاد بلا مُرٍّ ولا كدر
ذكره بطوله الحاكم في «مستدركه»، ذكره عقيب حديث ابن عباس


السالف، وقال: والغرض فيه ما حدثنيه ثمَّ ساقه بإسناده (١).
وقال ابن منده (٢): اختلف في إسلامه (٣)، وظاهر الحديث يدل عَلَى إسلامه من قوله: (يا ليتني كنت فيها جذعًا). وما بعده، وذكر ابن إسحاق أنه - ﷺ - لما أخبره قَالَ له ورقة: إنك والذي نفسي بيده لنبي هذِه الأمة، ولقد جاءك الناموس الأكبر الذي جاء موسى، وذكر الحديث، قَالَ: ثمَّ أدنى رأسه منه فقبل يافوخه (٤).
الثامن بعد الأربعين: قولها: (وَكَانَ امْرَأً تَنَصَّرَ فِي الجَاهِلِيَّةِ). أي: صار نصرانيًا وترك عبادة الأوثان وفارق طرائق الجاهلية، والجاهلية: ما قبل نبوة نبينا محمد - ﷺ -، سموا بذلك لما كانوا عليه من فاحش الجهالات.
التاسع بعد الأربعين: قولها: (وَكَانَ يَكْتُبُ الكِتَابَ العِبْرَانيَّ فَيَكْتُبُ مِنَ الإِنْجِيلِ بِالْعِبْرَانِيَّةِ) هكذا وقع هنا العبراني والعبرانية، ووقع في موضع آخر من «صحيح مسلم»: العربي، فيكتب بالعربية من

-------------------------------
(١) «المستدرك» ٢/ ٦٠٩ - ٦١٠.
(٢) هو الإمام الحافظ الجوال، محدث الإسلام، أبو عبد الله محمد ابن المحدث أبي يحقوب إسحاق ابن الحافظ أبي عبد الله محمد بن يحيى بن منده، قال الذهبي: لم أعلم أحدًا كان أوسع رحلة منه، ولا أكثر حديثًا منه مع الحفظ والثقة، فبلغنا أن عدة شيوخه ألف وسبعمائة شيخ، من مصنفاته كتاب «الإيمان»، و«التوحيد» و«التاريخ» وهو كتاب كبير جدًا، و«معرفة الصحابة».
قال الحافظ ابن عساكر: لابن منده في كتاب «معرفة الصحابة» أوهام كثيرة، وقيل: إنه اختلط في آخر عمره. انظر ترجمته في: «المنتظم» ٧/ ٢٣٢، «سير أعلام النبلاء» ١٧/ ٢٨ (١٣)، «تذكرة الحفاظ» ٣/ ١٠٣١، «الوافي بالوفيات» ٢/ ١٩، «شذرات الذهب» ٣/ ١٤٦.
(٣) نقله عنه ابن الأثير في «أسد الغابة» ٥/ ٤٤٧ وقد تقدم.
(٤) «سيرة ابن إسحاق» ص ١٠٠ - ١٠٣ (١٤٠). واليافوخ: وسط الرأس.



الإنجيل (١)، وفي كتاب التعبير والتفسير من البخاري: يكتب الكتاب العبراني، فيكتب (بالعربية) (٢) من الإنجيل. وكله صحيح، أي: كان يكتب من الإنجيل ما شابهها لتمكنه من معرفة دينهم وكتابتهم، وقال الداودي: يكتب من الإنجيل الذي هو بالعبرانية بهذا الكتاب العربي، فنسبه إلى العبرانية إذ بها كان يتكلم عيسى -عليه السلام-.
وقولها: (وَكَانَ قَدْ عَمِيَ) فيه جواز ذكر العاهة التي بالشخص ولا يكون ذَلِكَ غيبة.
الخمسون: قولها: (يَا ابن عَمِّ) كذا وقع هنا، ووقع في مسلم: (يا عم) (٣) والأول صحيح؛ لأنه ابن عمها كما سلف، والثاني صحيح أيضًا سمته عمها مجازًا للاحترام وهذِه عادة العرب يخاطب الصغير الكبير بيا عم احترامًا له ورفعًا لمرتبته، ولا يحصل هذا الغرض بقولها: يا ابن عم، فعلى هذا يكون تكلمت باللفظين (٤).
الحادي بعد الخمسين: قوله: (هذا النَّامُوسُ الذِي نَزَّلَ اللهُ عَلَى مُوسَى) كذا هو في الصحيحين، وغيرهما، وجاء في غير الصحيح: (نزل الله عَلَى عيسى) (٥). وكلاهما صحيح. أما عيسى فلقرب زمنه،

------------------------
(١) مسلم (١٦٠/ ٢٥٢). كتاب: الايمان، باب: بدء الوحي.
(٢) ساقطة من (ج).
(٣) مسلم (١٦٠/ ٢٥٢). كتاب الإيمان، باب: بدء الوحي.
(٤) قال الحافظ في «الفتح»١/ ٢٥؛ ووقع في مسلم: يا عم، وهو وهم، لأنه وإن كان صحيحًا لجواز إرادة التوقير لكن القصة لم تتعدد ومخرجها متحد، فلا يحمل على أنها قالت ذلك مرتين فتعين الحمل على الحقيقة أهـ.
(٥) رواه ابن قانع في «معجم الصحابة» ٣/ ١٨١ عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن ورقة بن نوفل: أنه سأل رسول الله - ﷺ - كيف يأتيك الوحي؟ قال: «يأتيني في ضوء»، قال: هذا الناموس الذي أنزل على عيسى -عليه السلام-.



وأما موسى فأبدى لَهُ السهيلي معنًى آخر وهو أن ورقة قد تنصر والنصارى لا يقولون في عيسى: إنه نبيٌّ يأتيه جبريل، وإنما يقولون: إن أقنومًا من الأقانيم الثلاثة اللاهوتية حل بناسوت المسيح عَلَى اختلافٍ بينهم في ذَلِكَ الحلول، وهو أقنوم الكلمة، والكلمة عندهم عبارة عن العلم، فلذلك كان المسيح في زعمهم يعلم الغيب ويخبر بما في الغد في زعمهم الكاذب، فلما كان هذا مذهب النصارى عدل عن ذكر عيسى إلى ذكر موسى لعلمه، ولاعتقاده أن جبريل كان ينزل عَلَى موسى، قَالَ: لكن ورقة قَدْ ثبت إيمانه بمحمد - ﷺ - ثمَّ ساق حديث الترمذي السالف (١).
الثاني بعد الخمسين: (النَّامُوسُ) بالنون والسين المهملة وهو

-----------------------
(١) «الروض الأنف» ١/ ٢٧٣، قال الحافظ في «الفتح» ١/ ٢٦: وقوله (على موسى) ولم يقل: (على عيسى) مع كونه نصرانيًّا؛ لأن كتاب موسى -عليه السلام- مشتمل على أكثر الأحكام، بخلاف عيسى. وكذلك النبي - ﷺ -، أو لأن موسى بعث بالنقمة على فرعون ومن معه، بخلاف عيسى. كذلك وقعت النقمة على يد النبي - ﷺ - بفرعون هذِه الأمة وهو أبو جهل بن هشام ومن معه ببدر. أو قاله تحقيقًا للرسالة، لأن نزول جبريل على موسى متفق عليه بين أهل الكتاب، بخلاف عيسى فإن كثيرًا من اليهود ينكرون نبوته. وأما ما تمحل له السهيلي من أن ورقة كان على اعتقاد النصارى في عدم نبوة عيسى ودعواهم أنه أحد الأقانيم فهو محال لا يعرَّج عليه في حق ورقة وأشباهه ممن لم يدخل في التبديل ولم يأخذ عمن بدل. نعم في «دلائل النبوة» لأبي نعيم بإسناد حسن إلى هشام بن عروة عن أبيه في هذِه القصة أن خديجة أولًا أتت ابن عمها ورقة فأخبرته الخبر فقال: لئن كنت صدقتني إنه ليأتيه ناموس عيسى الذي لا يعلمه بنو إسرائيل أبناءهم. فعلى هذا فكان ورقة يقول تارة ناموس عيسى وتارة ناموس موسى، فعند إخباره خديجة له بالقصة قال لها: ناموس عيسى بحسب ما هو فيه من النصرانية، وعند إخبار النبي - ﷺ - له قال له: ناموس موسى للمناسبة التي قدمناها، وكل صحيح. والله ﷻ أعلم أهـ.


صاحب السر كما ذكره البخاري في أحاديث الأنبياء (١)، قَالَ صاحب «المحكم» و«المجمل» وأبو عبيد (٢) في «غريبه»: ناموس الرجل: صاحب سره (٣)، وقال ابن سيده: الناموس: السر (٤). وقال صاحب «الغريبين» (٥): هو صاحب سر الملك.
وقيل: إن الناموس والجاسوس بمعنى واحد حكاه القزاز في «جامعه» وصاحب «الواعى»، وقال الخشني في «شرح السيرة»: أصل الناموس: صاحب سر الرجل في خيره وشره، وقال ابن الأنباري في «زاهره»: الجاسوس: الباحث عن أمور الناس وهو بمعنى تحسس سواء.
وقَالَ بعض أهل اللغة: التجسس بالجيم البحث عن عورات الناس، وبالحاء المهملة الاستماع لحديث القوم، وقيل: هما سواء، قَالَ

-----------------------------
(١) سيأتي برقم (٣٣٩٢) باب: ﴿وَاذْكُرْ فِي الكِتَاب مُوسَى ..﴾.
(٢) هو الإمام الحافظ المجتهد ذو الفنون، أبو عبيد، القاسم بن سلام بن عبد الله، كان أبوه سلام مملوكًا روميًّا لرجل هروي، من مصنفاته: «الأموال» و«الغريب» و«فضائل القرآن» و«الناسخ والمنسوخ» توفي سنة أربعة وعشرين ومائتين.
انظر ترجمته في: «طبقات ابن سعد» ٧/ ٣٥٥، «التاريخ الكبير» ٧/ ١٧٢ «وفيات الأعيان» ٤/ ٦٠، «سير أعلام النبلاء» ١٠/ ٤٩٠ (١٦٤)، «شذرات الذهب»٢/ ٥٤.
(٣) «مجمل اللغة» ٤/ ٨٨٦، مادة: (نمس)، «غريب الحديث» ١/ ٣١٥.
(٤) «المحكم» ٨/ ٣٥٢.
(٥) هو العلامة أبو عبيد، أحمد بن محمد بن محمد بن عبد الرحمن الهروي، الشافعي، اللغوي، المؤدب، أخذ علم اللسان عن الأزهري وغيره ويقال له الفاشاني، صاحب كتاب «الغريبين».
قال ابن خلكان: سار كتابه في الآفاق، وهو من الكتب النافعة توفي مشة (٤٠١ هـ).
انظر ترجمته في: «وفيات الأعيان» ١/ ٩٠، ٩٦، «الوافي بالوفيات» ٨/ ١١٤، ١١٥، «سير أعلام النبلاء» ١٧/ ١٤٦ - ١٤٧، «شذرات الذهب» ٣/ ١٦١.



ابن ظفر (١)، في «شرح المقامات»: صاحب سر الخير: ناموس،
وصاحب سر الشر: جاسوس، وقد سوى بينهما رؤبة وهو الصحيح.
ونقل النووي في «شرحه» عن أهل اللغة والغريب الفرق بينهما وأن الناموس في اللغة صاحب سر الخير، والجاسوس صاحب سر الشر، قَالَ: ويقال: نمست السر -بفتح النون والميم- أنمسه -بكسر الميم- نمسًا أي (كتمته) (٢)، ونمست الرجل ونامسته أي: ساررته، واتفقوا على أن جبريل يسمى الناموس وعلى أنه المراد في هذا الحديث، قَالَ الهروي: سُمِّي بذلك لأن الله تعالى خصه بالغيب والوحي الذي لا يطلع عليه غيره (٣).
قَالَ ابن الأعرابي فيما حكاه القاضي: لم يأت في الكلام فاعول لام الكلمة فيه سين إلا الناموس: صاحب سر الخير، والجاسوس للشر، والجاروس: الكثير الأكل، والفاعوس: الحية، والبابوس: الصبي الرضيع، والداموس: القبر، والقاموس: وسط البحر، والقابوس: الجميل الوجه، والعاطوس: دابة يتشاءم بها، والفانوس: النمام، والجاموس: ضرب من البقر، وقيل: أعجمي تكلمت به العرب،

--------------------------
(١) هو العلامة البارع، حجة الدين، أبو عبد الله محمد بن أبي محمد بن محمد بن ظفر الصقلي، صاحب كتاب «خير البشر»، وكتاب «سلوان المطاع في عدوان الأتباع» وكتاب «شرح المقامات»، وكان قصيرًا لطيف الشكل، وكان فقيرًا أخذ بنته زوجُها، فباعها في بعض البلاد، مات سنة خمس وستين وخمسمائة بحماة.
انظر ترجمته في: «وفيات الأعيان» ٤/ ٣٩٥، «سير أعلام النبلاء» ٢٠/ ٥٢٢ (٣٣٦)، «الوافي بالوفيات» ١/ ١٤١.
(٢) في الأصول: كتمه. والمثبت من «شرح مسلم» للنووي.
(٣) «مسلم بشرح النووي» ٢/ ٢٠٣.



وقيل: الحاسوس بالحاء غير المعجمة (من تجسس بالجيم) (١)، وفي «صحيح مسلم»: إن كلماتك بلغن ناعوس البحر (٢).
الثالث بعد الخمسين: قوله: (يَا لَيْتَنِي فِيهَا جَذَعًا)، الضمير فيها يعود إلى أيام النبوة ومدتها، قَالَ ابن مالك (٣): وأكثر الناس تظن أن يا التي تليها [ليت] (٤) حرف نداء. والمنادى (حُذف فتقديره) (٥) يا محمد، ليتني كنت فيها حيًّا، وهذا الرأي عندي ضعيف؛ لأن القائل: يا ليتني قَدْ يكون وحده ولا يكون معه منادى ثابت ولا محذوف (٦)، ولأنه لم يقع ملفوظًا به حتَّى يؤنس بالتقدير.
الرابع بعد الخمسين: قوله: (جَذَعًا). يعني: شابًّا قويًّا حتَّى أبالغ في نصرتك ويكون لي كفاية تامة لذلك، والجذع في الأصل للدواب، وهو هنا استعارة، قَالَ ابن سيده: قيل: الجذع الداخل في السنة الثانية، ومن الإبل: فوق الحِقّ، وقيل: الجذع من الإبل لأربع

---------------------
(١) كذا بالأصل والذي في «الإكمال» وقيل: الحاسوس بالحاء غير معجمة من تحسس وهو بمضي الجاسوس.
(٢) «إكمال المعلم» ١/ ٤٨٧ - ٤٨٨ والحديث في مسلم (٨٦٨) كتاب: الجمعة، باب: تخفيف الصلاة والخطبة.
(٣) هو العلامة الأوحد جمال الدين، محمد بن عبد الله بن عبد الله بن مالك، أبو عبد الله الطائي، الجياني، الشافعي، النحوي، أخذ العربية عن غير واحد، وصرف همته إلى إتقان لسان العرب حتى بلغ فيه الغاية، وحاز قصب السبق، وأربى على المتقدمين، وكان إمامًا في القراءات وعللها، وأما النحو والتصريف فكان فيه بحرًا لا يجارى، وحبرًا لا يبارى، توفي رحمه الله في ثاني عشر شعبان، وقد نيَّف على السبعين انظر ترجمته في: «تاريخ الإسلام» ٥٠/ ١٠٨ (٨٣)، «الوافي بالوفيات» ٣/ ٣٥٩، «شذرات الذهب» ٥/ ٢٩٥.
(٤) زيادة يقتضيها السياق، من «شواهد التوضيح».
(٥) في (ج): حرف تقديره.
(٦) «شواهد التوضيح» لابن مالك ص ٤.



سنين، ومن الخيل لسنتين، ومن الغنم لسنة والجمع جُذعان وجِذعان وجِذاع (١).
قَالَ الأزهري (٢) في «تهذيبه»: والدهر يسمى جذعًا؛ لأنه جديد الدهر (٣). وقيل معناه: يا ليتني أدرك أمرك، فأكون أول من يقوم بنصرك، كالجذع الذي هو أول الأسنان، قَالَ صاحب «المطالع»: والقول الأول أبين.
الخامس بعد الخمسين: قوله: (جَذَعًا). هكذا الرواية المشهورة هنا، وفي «صحيح مسلم» بالنصب (٤)، ووقع للأصيلي، هنا ولابن ماهان (٥) في «صحيح مسلم»: (جذع)، بالرفع، فعلى الرفع لا إشكال، وفي النصب اختلفوا في وجهه على ثلاثة أوجه:

-------------------------
(١) «المحكم» ١/ ١٨٥.
(٢) هو العلامة، أبو منصور، محمد بن أحمد بن الأزهر بن طلحة الأزهري الهروي اللغوي الشافعي، كان رأسًا في اللغة والفقه، ثقة ثبتا دينا، من كتبه «تهذيب اللغة» المشهور، و«التفسير» و«علل القراءات» و«الروح»، توفي في ربيع الآخر سنة سبعين وثلاثمائة، عن ثمان وثمانين سنة. انظر ترجمته في: «وفيات الأعيان» ٤/ ٣٣٤، «سير أعلام النبلاء» ١٦/ ٣١٥ (٢٢٢)، «الوافي بالوفيات» ٢/ ٤٥، «شذرات الذهب» ٣/ ٧٢.
(٣) «تهذيب اللغة» ١/ ٥٦٧، مادة: (جذع).
(٤) مسلم (١٦٠/ ٢٥٢). كتاب: الإيمان، باب: بدء الوحي.
(٥) هو الإمام المحدث، أبو العلاء، عبد الوهاب بن عيسى بن عبد الرحمن بن عيسى بن ماهان الفارسي، ثم البغدادي، حدث بمصر بـ «صحيح مسلم» عن أبي بكر أحمد بن محمد بن يحيى الأشقر الشافعي، عن أحمد بن علي القلانسي، عن مسلم سوى ثلاثة أجزاء من آخره، فرواها عن الجلودي. وثقه الدارقطني، توفي سنة سبع وثمانين وثلاثمائة.
انظر ترجمته في: «سير أعلام النبلاء» ١٦/ ٥٣٥ (٣٩٢)، «تاريخ الإسلام» ٢٧/ ١٦٠، «شذرات الذهب» ٣/ ١٢٨.



https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...b61e7e5bc3.gif



الساعة الآن : 12:42 AM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 1,120.22 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 1,118.91 كيلو بايت... تم توفير 1.31 كيلو بايت...بمعدل (0.12%)]