عبادة التدبر..مع القرآن في رمضان
https://upload.3dlat.com/uploads/13829095289.gif رمضان موسم تدبر القرآن الكريم د. عبدالله البوعلاوي (1) https://img1.arabpng.com/20171221/cu...8516268765.jpg رمضان ليس كباقي الشهور، ففيه تتجدد العزائم، وتتعدد الطاعات، فيتجدد العهد بالقرآن الكريم، تلاوة وحفظاً وتدبراً، بعدما عَدَلوا إلى غيره وهجروه، يقول الله تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ} [البقرة: 185]، وعن أبي أُمَامَةَ الْبَاهِلِي رضي الله عنه قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «اقْرَءُوا الْقُرْآنَ، فَإِنَّهُ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ شَفِيعاً لِأَصْحَابِهِ، اقْرَءُوا الزَّهْرَاوَيْنِ الْبَقَرَةَ وَسُورَةَ آلِ عِمْرَانَ فَإِنَّهُمَا تَأْتِيَانِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، كَأَنَّهُمَا غَمَامَتَانِ، أَوْ كَأَنَّهُمَا غَيَايَتَانِ، أَوْ كَأَنَّهُمَا فِرْقَانِ مِنْ طَيْرٍ صَوَافَّ تُحَاجَّانِ عَنْ أَصْحَابِهِمَا، اقْرَءُوا سُورَةَ الْبَقَرَةِ فَإِنَّ أَخْذَهَا بَرَكَةٌ، وَتَرْكَهَا حَسْرَةٌ، وَلَا تَسْتَطِيعُهَا الْبَطَلَةُ»[1]. http://up.3dlat.com/uploads/3dlat.com_14007970047.gif يعتبر رمضان فرصة للارتباط بالقرآن الكريم وفهمه، ولعل حبس النفس عن الشهوات في رمضان والتضييق على مجاري الشيطان يجعلان العقل صافياً لتدبر القرآن وفهم معانيه وإدراك أسراره. وكان النبي صلى الله عليه وسلم أجوَدَ الناس بالخير، وكَانَ أجودَ مَا يَكُونُ فِي رمضَانَ حِينَ يلْقَاهُ جبرِيلُ، وكان جبريل عليه السلام يلقاهُ كلَّ ليلَةٍ في رمضانَ حتى ينسلخَ، يعرضُ عليهِ النبي صلى الله عليه وسلم القرآن[2]، وفي رواية مسلم فيدارسه القرآن»[3]. يقول الله تعالى: {وَسَارِعُوا إلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ} [آل عمران: 133]، هذه المغفرة تتحقق لمن اتقى، وإذا تأملنا قول الله تعالى: {سَارِعُوا} وجدنا أن الأمر يستدعى استباق الزمن وتجاوز الوقت، فالسرعة إلى نيل المغفرة من الله مطلوبة، مأمور بها الإنسان. https://i.imgur.com/4g6aB2km.png قد يحتاج الإنسان في المسابقة إلى إعادة النظر في إمكانياته الروحية والمادية، فيستجمع ما لديه من قوة، فيجد في الطلب ويجتهد في المأمورات، ويصبر على شهوات النفس ومطامعها، ويقوي من عزيمته نحو فعل الخيرات. ورمضان فرصة التسابق إلى كل الخيرات وأنواع البر كلها، يقول الطاهر بن عاشور: «السرعة المشتق منها سارعوا مجاز في الحرص والمنافسة والفور إلى عمل الطاعات التي هي سبب المغفرة والجنة، ويجوز أن تكون السرعة حقيقة، وهي سرعة الخروج إلى الجهاد عند التنفير كقوله في الحديث: (وإذا استُنْفِرْتُم فَانفِرُوا)، والمسارعة على التقادير كلها تتعلق بأسباب المغفرة، وأسباب دخول الجنة»[4]. ولن يجد الإنسان أكثر من فرصة التعلق بالقرآن الكريم في رمضان، بأن يجعل له ورداً للتلاوة وورداً للمدارسة والتدبر، ليهذب نفسه بالقيم القرآنية ومحامد الأخلاق العالية الإنسانية. http://up.3dlat.com/uploads/3dlat.com_14007970047.gif والإنسان الآمر بالعدل يستشرف المستقبل، ويأخذ الهدف من وجوده، فينظر إلى ما تقدم يداه، يقول الله تعالى ملفتاً نظر الإنسان إلى منتهى أجله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} [الحشر: 18]، فأمر الله تعالى العبد أن ينظر ما قدم لغد، وذلك يتضمن محاسبة نفسه على ذلك، والنظر هل يصلح ما قدمه أن يلقى الله به أم لا؟ والمقصود من النظر: ما يوجبه ويقتضيه من كمال الاستعداد ليوم المعاد، وتقديم ما ينجيه من عذاب الله، ويبيض وجهه عند الله، وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا وزنوا أنفسكم قبل أن توزنوا، وتزينوا للعرض الأكبر»[5]، وعلى هذا يجب أن يكون المؤمن مستعداً، فيزين نفسه من الأعمال ويدرأ عنها ما يفسدها لتكون خالصة لوجه الله، وتكون له حجة عند الله تعالى. https://akhawat.islamway.net/forum/a...d0aaca497c0b02 ولن نصل إلى طهارة النفس في رمضان حتى ندرأ عنها الشهوات ونحفظها من الوقوع في الزلات من المحرمات، ونُقبِلَ على ما يمحو الخطايا والذنوب والأوزار من شتى القربات، ولن نجد أفضل من الإقبال على القرآن الكريم، فنرقى به إلى مستوى الوعي بأحكامه وسبر أسراره، والتمسك بأنواره وهدايته على المستوى الروحي والمادي، {كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ} [ص: 29]، لا أن نكتفي بتلاوة حروفه دون تدبر معانيه، «ونستطيع أن نقول: وقد تحولت العناية بالقرآن إلى حفظه وحسن ترتيله وطباعته، والاقتصار على ترداد فهوم السابقين فقط: https://i.imgur.com/4g6aB2km.png إننا نعيش المرحلة التي أخبر عنها وحذر منها الصادق المصدوق من ذهاب العلم وشيوع الأمية العقلية، وأن الكثير من علل الأمم السابقة قد تسربت إلى المسلمين مصداقاً لقوله تعالى: {وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إلَّا أَمَانِيَّ} [البقرة: 78]، أي لا يعلمون الكتاب إلا تلاوة وترتيلاً، قال ابن تيمية رحمه الله عن ابن عباس وقتادة في قوله تعالى: {وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ}، أي غير عارفين بمعاني الكتاب، يعلمونها حفظاً وقراءة بلا فهم، لا يعلمون فقه الكتاب»[6]، وقال الحسن البصري: والله ما تدبره بحفظ حروفه وإضاعة حدوده، حتى إن أحدهم ليقول: قرأت القرآن كله ما يرى له القرآن في خلق ولا عمل. لهذا يركز القرآن على التدبر لتحصيل المراد من قراءته، ولا يمكن أن نحيا بالقرآن حتى تلتقي أرواحنا بروح القرآن، فيبعث فيها الحياة، وإلا فإنها محجوبة عن حقيقته، يقول الله تعالى: {أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافًا كَثِيرًا} [النساء: 82]، وتفيد الآية التقريع، وطلب التدبر يفيد أيضاً النظر إلى مآلات الآيات، وهي مرحلة تستدعي التفكر وإعمال العقل، والتلاوة الخالية من التدبر لا تثمر خشية القلب، المفضي إلى العمل بكتاب الله. http://up.3dlat.com/uploads/3dlat.com_14007970047.gif ففي رمضان نقبل على القرآن الكريم تلاوة، فينبغي لنا أن نستحضر في قلوبنا عظمة المتكلم، ونتأمل الأوامر والنواهي، والوعد والوعيد، والأخبار والقصص، والموت وما يتبعه من عالم البرزخ، وأحداث الساعة وأهوالها وما يتبعها من نفخ الصور والبعث والنشور، والشفاعة والحساب، والجزاء والميزان، ثم الحوض والصراط، ومصير الإنسان إلى الجنة أو النار، من أجل أن نعيش بالقرآن وأن نحيا بالقرآن، يقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِّـمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ 57 قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ} [يونس: 57، 58]. والإنسان يفرح إذا أتاه الله فهم القرآن الكريم وتدبر آياته ليهتدي به في دينه ودنياه، فهو يدل على الخير وإلى فعل الخير، وكل هداية فيها سعادة الإنسان وطمأنينته، يقول الله تعالى: {إنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ} [الإسراء: 9]. https://i.imgur.com/4g6aB2km.png يقول ابن القيم رحمه الله: «إن القرآن الكريم هو الكفيل بمصالح العباد في المعاش والمعاد، والموصل لهم إلى سبيل الرشد، فالحقيقة والطريقة والأذواق والمواجيد الصحيحة كلها لا تُقتبس إلا من مشكاته، ولا تُستثمر إلا من شجراته»[7]. إننا نحتاج إلى إعادة النظر في طريقة قراءتنا للقرآن الكريم لنرقى إلى مستوى القرآن الكريم، ونتخلق بأخلاق القرآن، وندرك الخطاب القرآني وهدايته لنتبصر به نوراً وصراطاً مستقيماً، يقول الله تعالى: {قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِّمَّا كُنتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ قَدْ جَاءَكُم مِّنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ 15 يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إلَى النُّورِ بِإذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} [المائدة: 15، 16]. وقد ذكر الله لهذا النور ثلاث فوائد: http://up.3dlat.com/uploads/3dlat.com_14007970047.gif الفائدة الأولى: أنه يهدي به من اتبع رضوانه سبل السلام؛ أي إن من اتبع منهم ما يرضيه تعالى بالإيمان بهذا النور يهديه - هداية دلالة تصحبها العناية والإعانة - الطرق التي يسلم بها في الدنيا والآخرة من كل ما يرديه ويشقيه، فيقوم في الدنيا بحقوق الله تعالى وحقوق نفسه الروحية والجسدية وحقوق الناس، فيكون متمتعاً بالطيبات مجتنباً للخبائث، تقياً مخلصاً، صالحاً مصلحاً، ويكون في الآخرة سعيداً منعماً، جامعاً بين النعيم الحسي الجسدي والنعيم الروحي العقلي. وخلاصة هذه الفائدة أنه يتبع ديناً يجد فيه جميع الطرق الموصلة إلى ما تسلم به النفس من شقاء الدنيا والآخرة، لأنه دين السلام والإخلاص لله ولعباده، دين المساواة والعدل والإحسان والفضل. الفائدة الثانية: الإخراج من ظلمات الوثنية والخرافات والأوهام التي أفسد بها الرؤساء جميع الأديان واستعبدوا أهلها، إلى نور التوحيد الخالص الذي يحرر صاحبه من رق رؤساء الدين والدنيا، فيكون بين الخلق حراً كريماً، وبين يدي الخالق وحده عبداً خاضعاً. وقوله: {بِإذْنِهِ} فسروه بمشيئته وبتوفيقه. والإذن العلم، يقال أذن بالشيء: إذا علم به، وآذنته به: أعلمته فأذن، ويقال أذن - بالتشديد - وتأذن بمعنى أعلم غيره، ويقال: أذن له بالشيء: إذا أباحه له، وأذن له أذناً: استمع، والظاهر أن الإذن هنا بمعنى العلم؛ أي يخرجهم من الظلمات إلى النور بعلمه الذي جعل به هذا القرآن سبباً لانقشاع ظلمات الشرك والضلال من نفس من يهتدي به، واستبدال نور الحق بها، بنسخه وإزالته لها؛ فهو إخراج يجري على سنن الله تعالى في تأثير العقائد الصحيحة والأخلاق والأعمال الصالحة في النفوس، وإصلاحها إياها، لا أنه يحصل بمحض الخلق واستئناف التكوين من غير أن يكون القرآن هو المؤثر فيه. https://akhawat.islamway.net/forum/a...d0aaca497c0b02 الفائدة الثالثة: الهداية إلى الصراط المستقيم، وهو الطريق الموصل إلى المقصد والغاية من الدين في أقرب وقت؛ لأنه طريق لا عوج فيه ولا انحراف، فيبطئ سالكه أو يضل في سيره، وهو أن يكون الاعتصام بالقرآن على الوجه الصحيح الذي أنزله الله تعالى لأجله، كما كان عليه أهل الصدر الأول، قبل ظهور الخلاف والتأويل؛ بأن تكون عقائده وآدابه وأحكامه مؤثرة في تزكية الأنفس وإصلاح القلوب وإحسان الأعمال. وثمرة ذلك سعادة الدنيا والآخرة بحسب سنن الله في خلق الإنسان[8]. إن الذي يساعد على تدبر القرآن الكريم وفهمه إطلاق العقل وسياحته مع معاني الآيات، وخصوصاً عند حِلَق القرآن الكريم حيث تكثر في رمضان ومجالسة العلماء، الذين ينظرون في خطابه، فتخشع القلوب والجوارح، و«يتوقف فهم القرآن الكريم على الجمع بين التلاوة والمدارسة للوقوف على المطلوب منه أمراً ونهياً، إذ لا بد من قراءة القرآن الكريم قراءة متدبرة واعية تفهم الجملة فهماً دقيقاً، ويبذل كل امرئ ما يستطيع لوعي معناها وإدراك مقاصدها... ومعنى المدارسة القراءة والفهم والتدبر والتبين لسنن الله في الأنفس والآفاق، ومقومات الشهود الحضاري، ومعرفة الوصايا والأحكام، وأنواع الترغيب والترهيب، والوعد والوعيد، وما إلى ذلك مما يحتاج المسلمون إليه لاستئناف دورهم المفقود[9]. https://i.imgur.com/4g6aB2km.png تتطلب مدارسة القرآن الكريم في رمضان إيقاظ الضمير وتحفيز الهمم وتقوية الإرادة لتدبر آياته وفهمها في بعدها الكوني والحضاري، ليكون الإنسان على استعداد لتنزيل كل ما يلزم تنزيله بما يناسب الواقع، يقول الله تعالى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا} [آل عمران: 103]، ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم منادياً كلَّ من يبحث عن الهداية في حياته كلها، فيما ينقله أَبو شُرَيْحٍ الْخُزَاعِيِّ رضي الله عنه، قَالَ: خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ، فَقَالَ: أَبْشِرُوا، أَلَيْسَ تَشْهَدُونَ أَنَّ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ؟ قَالُوا: بَلَى. قَالَ: إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ سَبَبٌ طَرَفَهُ بِيَدِ اللَّهِ، وَطَرَفَهُ بِأَيْدِيكُمْ، فَتَمَسَّكُوا بِهِ؛ فَإِنَّكُمْ لَنْ تَضِلُّوا، وَلَنْ تَهْلَكُوا بَعْدَهُ أَبَداً[10]. وقال صلى الله عليه وسلم : «كتابُ الله هو حبل الله الممدود من السماء إلى الأرض»[11]. http://up.3dlat.com/uploads/3dlat.com_14007970047.gif يأمر الله تعالى الإنسان بتدبر القرآن الكريم، وينهى عن الإعراض عنه، يقول الحق سبحانه: {أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} [محمد: 24]، والاستفهام تعجيب من سوء علمهم بالقرآن ومن إعراضهم عن سماعه. والمعنى: «بل بعض القلوب عليها أقفال، هذا من التعريض بأن قلوبهم من هذا النوع. لأن إثبات هذا النوع من القلوب في أثناء التعجيب من عدم تدبر هؤلاء القرآن، يدل بدلالة الالتزام لأن قلوب هؤلاء من هذا النوع من القلوب ذواتِ الأقفال. فكون قلوبهم من هذا النوع مستفاد من الإضراب الانتقالي في حكاية أحوالهم»[12]. تمنع هذه القلوب العقلَ عن التعامل مع القرآن الكريم فلا ينفذ إليها نور ولا تهتدي بهدى. وصيغة {أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ} للاستفهام الإنكاري الدالة على التحريض، بمعنى أن القرآن واجب تدبره لما يحمل من أسرار تنفع الإنسان في حياته الأولى والأخرى. https://i.imgur.com/4g6aB2km.png يعتبر رمضان فرصة لتدبر الإنسان القرآن الكريم، لينتفع القلب نوراً وهداية، ويجب أن لا يقع همُّ الواحد منا في كثرة ختمات القرآن أكثر من وعيه بمعاني القرآن وفهمه لأحكامه. ولا يجوز أن يعطل الحواس إلى حال يهوي بها إلى درجة الكائنات غير العاقلة، وتزج به إلى درجة الدونية، وتجعله من أهل النار في الآخرة، يقول الله تعالى: {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِـجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ الْـجِنِّ وَالإنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَّا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَّا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَّا يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أضَلُّ أُوْلَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ} [الأعراف: 179]. وتأتي الدعوة الإلهية من جديد إلى الذين عطلوا أسماعهم وأبصارهم وقلوبهم عن ذكر الله وما نزل من الحق: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْـحَقِّ وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ} [الحديد: 16]، أن يثوبوا إلى رشدهم، وأن يفتحوا مغاليق قلوبهم، ويزيلوا عنها ما ران عليها من الصدأ لطول الأمد، وأن يُعملوا عقولهم بعد أن يزيلوا عنها ما تراكم من غبار التقليد عبر السنين، وأن يعيدوا قراءة كتاب الله، ويتلوه حق تلاوته، بأعين مدركة للنصوص، مفتوحة على الواقع. فسوف يجدون أن الله تعالى قادر على أن يحيي الأرض بعد موتها، قادر على أن يعيدهم إلى الحياة والعزة بالقراءة من جديد»[13]. http://up.3dlat.com/uploads/3dlat.com_14007970047.gif رمضان فرصة لتحرر العقل من الأقفال، لينظر إلى نور الوحي بكل عزيمة وقوة، ويفجر كل قدراته ومهاراته ليأتمر بأمره وينتهي بنهيه. والقراءة المتدبرة للقرآن سبيل إلى الإبحار في معانيه والاستجوال في فضاءاته والتنقل في آفاقه. وإذا تجاوز الإنسان عتبة التلاوة السطحية إلى القراءة التدبرية حقق المراد من قوله تعالى: {لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ} [ص: 29]. إن رمضان فرصتنا للنظر في القرآن الكريم على مستوى العمل، أكثر من الحرص على كثرة ختمه دون وعي وتدبر، ليكون لنا منهجاً دالاً إلى الخيرات في ديننا ودنيانا. [1] صحيح مسلم، حديث رقم 1343. [2] فتح الباري بشرح صحيح البخاري، للإمام أحمد بن حجر العسقلاني (773-852هـ)، 4/116، تصحيح وتحقيق عبد العزيز بن عبد الله بن باز، دار المعرفة ، بيروت، لبنان. [3] صحيح مسلم حديث رقم 2308. [4] التحرير والتنوير، للشيخ محمد الطاهر بن عاشور، ص89-90، الدار التونسية للنشر، 1984م. [5] بدائع التفسير، الجامع لما فسره الإمام ابن القيم رحمه الله، 3/146-147، جمعه وخرج أحاديثه السيد محمد، راجعه ونسّق مادته ورتبها صالح أحمد الشامي، دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع، الطبعة الأولى، رمضان 1428هـ. [6] كيف نتعامل مع القرآن الكريم، للشيخ محمد الغزالي رحمه الله. [7] مدارج السالكين، بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين، للإمام لابن قيم الجوزية (691-751هـ) ص14، بتصرف يسير، تحقيق محمد حامد الفقي، ومحمد عبد الرحمن الطيب، المكتبة التوفيقية. [8] تفسير القرآن الحكيم، الشهير بتفسير المنار، تأليف السيد محمد رشيد رضا، 6/305-306، در المنار الطبعة الثانية، 1368هـ. [9] كيف نتعامل مع القرآن، للشيخ محمد الغزالي ، في مدرسة مع الشيخ عمر عبيد حسنه ص35. [10] رواه الطبراني في الكبير (معجم الطبراني الكبير، لأبي القاسم سليمان بن أحمد الطبراني (ت360هـ)، تحقيق: حمدي عبد المجيد السلفي، مكتبة ابن تيمية، القاهرة، الطبعة الثانية 2010م)، وصححه الألباني في الترغيب والترهيب، زكي الدين عبد العظيم بن عبد القوي المنذري، تحقيق محمد ناصر الدين الألباني، مشهور بن حسن آل سلمان، ص37، مكتبة المعارف، الطبعة الأولى، 2009م. [11] صححه الألباني بمجموع طرقه في الصحيحة، الحديث (2024). وقال العلامة الألوسي في تفسيره: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّه} [آل عمران: 103] أي القرآن، وروي ذلك بسند صحيح عن ابن مسعود . [12] التحرير والتنوير، للشيخ الطاهر بن عاشور 26/113. [13] القراءة أولاً، ص155. https://1.bp.blogspot.com/-ojgeeY4Lz...%25D9%2587.gif |
رد: عبادة التدبر..مع القرآن في رمضان
|
رد: عبادة التدبر..مع القرآن في رمضان
|
رد: عبادة التدبر..مع القرآن في رمضان
|
رد: عبادة التدبر..مع القرآن في رمضان
|
رد: عبادة التدبر..مع القرآن في رمضان
|
رد: عبادة التدبر..مع القرآن في رمضان
|
رد: عبادة التدبر..مع القرآن في رمضان
|
رد: عبادة التدبر..مع القرآن في رمضان
|
رد: عبادة التدبر..مع القرآن في رمضان
|
رد: عبادة التدبر..مع القرآن في رمضان
https://upload.3dlat.com/uploads/13829095289.gif تساؤلات (حول التلاوة والتدبر) د. عادل باناعمة (11) https://img1.arabpng.com/20171221/cu...8516268765.jpg إن قلت: أي أفضل أن يكثر الإنسان التلاوة، أم يقللها مع التدبر، والتفكر؟ قلت لك: اسمع ما قاله النووي. قال النووي -رحمه الله-: “والاختيار أن ذلك يختلف بالأشخاص؛ فمن كان من أهل الهم، وتدقيق الفكر؛ استحب له أن يقتصر على القدر الذي لا يختل به المقصود من التدبر، واستخراج المعاني، وكذا من كان له شغل بالعلم، وغيره من مهمات الدين، ومصالح المسلمين العامة، يستحب له أن يقتصر منه على القدر الذي لا يخل بما هو فيه، ومن لم يكن كذلك، فالأولى له الاستكثار ما أمكنه من غير خروج إلى الملل، ولا يقرؤه هذرمة”[1]. http://up.3dlat.com/uploads/3dlat.com_14007970047.gif وأما حديث ابن عمرو قال: قال رسول الله ï·؛: لا يفقه من قرأ القرآن في أقل من ثلاث[2]. فقد أجاب عنه الأئمة –رضي الله عنهم- قال ابن رجب: “إنما ورد النهي عن قراءة القرآن في أقل من ثلاث على المداومة على ذلك، فأما في الأوقات المفضلة، كشهر رمضان، خصوصًا في الليالي التي يطلب فيها ليلة القدر، أو الأماكن المفضلة، كمكة لمن دخلها من غير أهلها؛ فيستحب الإكثار فيها من تلاوة القرآن؛ اغتنامًا للزمان، والمكان، وهو قول أحمد، وإسحاق، وغيرهما من الأئمة، وعليه يدل عمل غيرهم كما سبق ذكره”[3]. وقال ابن حجر تعليقًا على هذا الحديث: وثبت عن كثير من السلف أنهم قرؤوا القرآن في دون ذلك… وكأن النهي عن الزيادة ليس على التحريم، كما أن الأمر في جميع ذلك ليس للوجوب، وعرف ذلك من قرائن الحال التي أرشد إليها السياق… وقال النووي: أكثر العلماء أنه لا تقدير في ذلك، وإنما هو بحسب النشاط، والقوة، فعلى هذا يختلف باختلاف الأحوال، والأشخاص -والله أعلم-[4]. https://i.imgur.com/4g6aB2km.png وإن قال قائل: بعض هذا الذي ذكر لا يقبله عقل، ولا يقره منطق، فإنني أقول له ما قاله الإمام اللكنوي -رحمه الله- قال: فإن قلت بعض المجاهدات مما لا يعقل وقوعها قلت: وقوع مثل هذا، وإن استبعد من العوام فلا يستبعد من أهل الله تعالى، فإنهم أعطوا من ربهم قوة، وصلوا بها إلى هذه الصفات، ولا ينكر هذا إلا من ينكر صدور الكرامات، وخوارق العادات. وإن الذاكرين لهذه المناقب ليسوا ممن لا يعتمد عليه، أو ممن لا يكون حجة في النقل، بل هم أئمة الإسلام، وعمد الأنام … كأبي نعيم، وابن كثير، والسمعاني، وابن حجر المكي، وابن حجر العسقلاني، والسيوطي، والنووي، والذهبي، ومن يحذو حذوهم[5]. وقد سبق أن ذكرت كلمة الإمام ابن رجب التي قرر فيها أن مثل هذا الاجتهاد سائغ في الأزمنة المفضلة، والأماكن المفضلة، وأما طوال العام، فالأولى للمؤمن ألا يختمه في أقل من ثلاث، وإن لم يكن ذلك ممنوعًا. https://akhawat.islamway.net/forum/a...d0aaca497c0b02 قال الذهبي -رحمه الله-: ولو تلا، ورتل في أسبوع، ولا زم ذلك؛ لكان عملًا فاضلًا، فالدين يسر، فوالله إن ترتيل سبع القرآن في تهجد قيام الليل مع المحافظة على النوافل الراتبة، والضحى، وتحية المسجد مع الأذكار المأثورة الثابتة، والقول عند النوم، واليقظة، ودبر المكتوبة، والسحر، مع النظر في العلم النافع، والاشتغال به مخلصًا لله، مع الأمر بالمعروف، وإرشاد الجاهل، وتفهيمه، وزجر الفاسق، ونحو ذلك … http://up.3dlat.com/uploads/3dlat.com_14007970047.gif لشغل عظيم جسيم، ولمقام أصحاب اليمين، وأولياء الله المتقين، فإن سائر ذلك مطلوب، فمتى تشاغل العبد بختمة في كل يوم؛ فقد خالف الحنيفية السمحة، ولم ينهض بأكثر ما ذكرناه[6]. المصدر: موقع صيد الفوائد نقله عنه ابن حجر في الفتح (9/97). أبو داود (1394)، والترمذي (2949)، وقال حديث حسن صحيح. لطائف المعارف (360). الفتح (9/97). إقامة الحجة على أن الإكثار من التعبد ليس ببدعة (101). السير (3/84-86). https://1.bp.blogspot.com/-ojgeeY4Lz...%25D9%2587.gif |
رد: عبادة التدبر..مع القرآن في رمضان
https://upload.3dlat.com/uploads/13829095289.gif لماذا نحفظ القرآن؟ الاسلام سؤال وجواب (12) https://img1.arabpng.com/20171221/cu...8516268765.jpg مجموعة من الأسباب التي تبين أهمية حفظ القرآن الكريم، ومنزلة من يحفظه. 1) التأسي بالنبي ﷺ: فقد كان -عليه الصلاة والسلام- يحفظه، ويراجعه مع جبريل -عليه السلام- ومع بعض أصحابه. 2) التأسي بالسلف: قال ابن عبد البر: “طلب العلم درجات، ورتب لا ينبغي تعديها، ومن تعداها جملة؛ فقد تعدى سبيل السلف -رحمهم الله- فأول العلم حفظ كتاب الله -عز وجل- وتفهمه”[1]. https://i.imgur.com/4g6aB2km.png 3) حفظه ميسر للناس كلهم، ولا علاقة له بالذكاء، أو العمر، فقد حفظه الكثيرون على كبر سنهم. بل حفظه الأعاجم الذين لا يتكلمون العربية، فضلًا عن الأطفال. 4) حفظ القرآن مشروع لا يعرف الفشل… كيف؟! حين يبدأ المسلم بحفظ القرآن الكريم بعزيمة قوية ثم يدب إليه الكسل، والخمول فينقطع عن مواصلة الحفظ، فإن القدر الذي حفظه منه لا يضيع سدى، بل إنه لو لم يحفظ شيئًا فإنه لن يحرم أجر التلاوة، فكل حرف بعشر حسنات. 5) حملة القرآن هم أهل الله، وخاصته كما في الحديث، وكفى بهذا شرفًا. 6) حامل القرآن يستحق التكريم، ففي الحديث: إن من إجلال الله تعالى إكرام ذي الشيبة المسلم، وحامل القرآن غير الغالي فيه، والجافي عنه…[2] فأين المشمرون؟ http://up.3dlat.com/uploads/3dlat.com_14007970047.gif 7) الغبطة الحقيقية تكون في القرآن، وحفظه، ففي الحديث: لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله الكتاب، وقام به آناء الليل… الحديث [3]. 8) حفظ القرآن وتعلمه خير من متاع الدنيا، ففي الحديث: أفلا يغدو أحدكم إلى المسجد فيعلم، أو يقرأ آيتين من كتاب الله -عز وجل- خير له من ناقتين، وثلاث خير من ثلاث، وأربع خير من أربع، ومن أعدادهن من الإبل[4]، ويذكر أن الإبل في ذلك الزمان أنفس المال، وأغلاه. 9) حافظ القرآن هو أولى الناس بالإمامة، ففي الحديث: يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله[5]، ويذكر أن الصلاة عمود الدين، وثاني أركان الإسلام. 10) حفظ القرآن الكريم رفعة في الدنيا، والآخرة، ففي الحديث: إن الله يرفع بهذا الكتاب أقوامًا، ويضع به آخرين[6]. 11) حافظ القرآن يقدم في قبره، فبعد معركة أحد، وعند دفن الشهداء كان النبي ﷺ يجمع الرجلين في قبر واحد، ويقدم أكثرهم حفظًا. 12) وفي يوم القيامة يشفع القرآن لأهله، وحملته، وشفاعته مقبولة عند الله تعالى، ففي الحديث: اقرؤوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعًا لأصحابه[7]، فهنيئًا لمن يشفع له هذا الكتاب العظيم في ذلك اليوم العصيب. https://i.imgur.com/XptKis2.gif 13) حفظ القرآن سبب للنجاة من النار، ففي الحديث: لو جعل القرآن في إهاب ثم ألقي في النار ما احترق[8]. ويقول أبو أمامة: “إن الله لا يعذب بالنار قلبًا وعى القرآن”[9]. 14) أن حفظه رفعة في درجات الجنة، ففي الحديث: يقال لصاحب القرآن: اقرأ، وارتقِ، ورتل كما كنت ترتل في الدنيا، فإن منزلتك عند آخر آية تقرأ بها[10] قال ابن حجر الهيتمي: الخبر خاص بمن يحفظه عن ظهر قلب؛ لأن مجرد القراءة في الخط لا يختلف الناس فيها[11]. https://i.imgur.com/4g6aB2km.png 15) حافظ القرآن مع السفرة الكرام البررة، ففي الحديث -واللفظ للبخاري-: مثل الذي يقرأ القرآن، وهو حافظ له مع السفرة الكرام البررة[12]. فيا له من شرف أن تكون مع من قال الله فيهم: فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ. بِأَيْدِي سَفَرَةٍ كِرَامٍ بَرَرَةٍ [عبس: 13- 16]. 16) حافظ القرآن أكثر الناس تلاوة له، فحفظه يستلزم القراءة المكررة، وتثبيته يحتاج إلى مراجعة دائمة، وفي الحديث: من قرأ حرفًا من كتاب الله؛ فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها[13]. 17) حافظ القرآن يقرأ في كل أحواله، فبإمكانه أن يقرأ وهو يعمل، أو يقود سيارته، أو في الظلام، ويقرأ ماشيًا، ومستلقيًا، فهل يستطيع غير الحافظ أن يفعل ذلك؟! http://up.3dlat.com/uploads/3dlat.com_14007970047.gif 18) حافظ القرآن لا يعوزه الاستشهاد بآيات القرآن الكريم في حديثه، وخطبه، ومواعظه، وتدريسه، أما غير الحافظ فكم يعاني عند الحاجة إلى الاستشهاد بآية، أو معرفة موضعها. فهل بعد هذا نزهد في حفظ ما نستطيع من كتاب الله؟! المصدر: موقع طريق الإسلام. جامع بيان العلم وفضله (2/ 1129). أخرجه أبو داود (4843)، وحسنه الألباني في مشكاة المصابيح، (4972). أخرجه البخاري، رقم: (5026). أخرجه مسلم، رقم: (803). أخرجه مسلم (673). أخرجه مسلم، رقم: (817). أخرجه مسلم، رقم: (804). أخرجه أحمد، رقم: (17409)، والطبراني، رقم: (5901)، وحسنه الألباني في السلسلة (7/1521). أخرجه الدارمي في سننه، رقم: (3362)، وابن أبي شيبة، رقم: (30079). أخرجه أبو داود، رقم: (1464)، والترمذي، رقم: (2914)، وحسنه الألباني في مشكاة المصابيح، رقم: (2134). الفتاوى الحديثية لابن حجر الهيتمي (ص: 113). أخرجه البخاري، رقم: (4937). أخرجه الترمذي، رقم: (2910)، وصححه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة (7/970). https://1.bp.blogspot.com/-ojgeeY4Lz...%25D9%2587.gif |
رد: عبادة التدبر..مع القرآن في رمضان
|
رد: عبادة التدبر..مع القرآن في رمضان
|
رد: عبادة التدبر..مع القرآن في رمضان
|
رد: عبادة التدبر..مع القرآن في رمضان
|
رد: عبادة التدبر..مع القرآن في رمضان
|
رد: عبادة التدبر..مع القرآن في رمضان
|
رد: عبادة التدبر..مع القرآن في رمضان
|
رد: عبادة التدبر..مع القرآن في رمضان
|
رد: عبادة التدبر..مع القرآن في رمضان
https://upload.3dlat.com/uploads/13829095289.gif إلى من علمه الله القرآن (21) https://img1.arabpng.com/20171221/cu...8516268765.jpg قال الإمام الآجري: ينبغي لمن علمه الله القرآن وفضله على غيره، ممن لم يحمله، وأحب أن يكون من أهل القرآن وأهل الله وخاصته، وممن وعده الله من الفضل العظيم ما تقدم ذكرنا له، وممن قال الله : يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ [البقرة:121]، قيل في التفسير: يعملون به حق العمل، وممن قال النبي ﷺ: الذي يقرأ القرآن وهو ماهر به مع الكرام السفرة، والذي يقرأ القرآن وهو عليه شاق له أجران، وقال بشر بن الحارث: http://up.3dlat.com/uploads/3dlat.com_14007970047.gif سمعت عيسى بن يونس يقول: إذا ختم العبد القرآن قبل الملك بين عينيه فينبغي له أن يجعل القرآن ربيعاً لقلبه يعمر به ما خرب من قلبه، يتأدب بآداب القرآن، ويتخلق بأخلاق شريفة تبين به عن سائر الناس، ممن لا يقرأ القرآن: فأول ما ينبغي له أن يستعمل تقوى الله في السر والعلانية، باستعمال الورع في مطعمه ومشربه وملبسه ومسكنه، بصيرا بزمانه وفساد أهله، فهو يحذرهم على دينه، مقبلاً على شأنه، مهموما بإصلاح ما فسد من أمره، حافظا للسانه، مميزا لكلامه، إن تكلم تكلم بعلم إذا رأى الكلام صوابا، وإن سكت سكت بعلم إذا كان السكوت صوابا، قليل الخوض فيما لا يعنيه، يخاف من لسانه أشد مما يخاف عدوه، يحبس لسانه كحبسه لعدوه؛ ليأمن شره وشر عاقبته، قليل الضحك مما يضحك منه الناس لسوء عاقبة الضحك، إن سر بشيء مما يوافق الحق تبسم، يكره المزاح خوفا من اللعب، فإن مزح قال حقا، باسط الوجه، طيب الكلام، لا يمدح نفسه بما فيه، فكيف بما ليس فيه؟! https://akhawat.islamway.net/forum/a...d0aaca497c0b02 يحذر نفسه أن تغلب على ما تهوى مما يسخط مولاه، لا يغتاب أحدا، ولا يحقر أحدا، ولا يسب أحدا، ولا يشمت بمصيبه، ولا يبغي على أحد، ولا يحسده، ولا يسيء الظن بأحد إلا لمن يستحق يحسد بعلم، ويظن بعلم، ويتكلم بما في الإنسان من عيب بعلم، ويسكت عن حقيقة ما فيه بعلم، وقد جعل القرآن والسنة والفقه دليله إلى كل خلق حسن جميل، حافظا لجميع جوارحه عما نهي عنه، إن مشى بعلم، وإن قعد قعد بعلم، يجتهد ليسلم الناس من لسانه ويده، لا يجهل؛ فإن جهل عليه حلم، لا يظلم، وإن ظلم عفا، لا يبغي، وإن بغي عليه صبر، يكظم غيظه ليرضي ربه ويغيظ عدوه، متواضع في نفسه، إذا قيل له الحق قبله من صغير أو كبير، يطلب الرفعة من الله، لا من المخلوقين، ماقتا للكبر، خائفا على نفسه منه، لا يتآكل بالقرآن ولا يحب أن يقضي به الحوائج ، ولا يسعى به إلى أبناء الملوك، ولا يجالس به الأغنياء ليكرموه، إن كسب الناس من الدنيا الكثير بلا فقه ولا بصيرة، كسب هو القليل بفقه وعلم، إن لبس الناس اللين الفاخر، لبس هو من الحلال ما يستر به عورته، إن وسع عليه وسع، وإن أمسك عليه أمسك، يقنع بالقليل فيكفيه، ويحذر على نفسه من الدنيا ما يطغيه يتبع واجبات القرآن والسنة، يأكل الطعام بعلم ، ويشرب بعلم، ويلبس بعلم، وينام بعلم، ويجامع أهله بعلم، ويصطحب الإخوان بعلم، ويزورهم بعلم، ويستأذن عليهم بعلم، ويسلم عليهم بعلم، ويجاور جاره بعلم. https://i.imgur.com/4g6aB2km.png يلزم نفسه بر والديه: فيخفض لهما جناحه، ويخفض لصوتهما صوته، ويبذل لهما ماله، وينظر إليهما بعين الوقار والرحمة، يدعو لهما بالبقاء، ويشكر لهما عند الكبر، لا يضجر بهما، ولا يحقرهما، إن استعانا به على طاعة أعانهما، وإن استعانا به على معصية لم يعنهما عليها، ورفق بهما في معصيته إياهما بحسن الأدب؛ ليرجعا عن قبيح ما أرادا مما لا يحسن بهما فعله، يصل الرحم، ويكره القطيعة، من قطعه لم يقطعه، ومن عصى الله فيه أطاع الله فيه، يصحب المؤمنين بعلم، ويجالسهم بعلم، من صحبه، نفعه حسن المجالسة لمن جالس، إن علم غيره رفق به، لا يعنف من أخطأ ولا يخجله، رفيق في أموره، صبور على تعليم الخير، يأنس به المتعلم، ويفرح به المجالس، مجالسته تفيد خيرا… إلى أن قال رحمه الله: http://up.3dlat.com/uploads/3dlat.com_14007970047.gif فالمؤمن العاقل إذا تلا القرآن استعرض القرآن، فكان كالمرآة، يرى بها ما حسن من فعله، وما قبح منه، فما حذره مولاه حذره، وما خوفه به من عقابه خافه، وما رغبه فيه مولاه رغب فيه ورجاه، فمن كانت هذه صفته، أو ما قارب هذه الصفة، فقد تلاه حق تلاوته، ورعاه حق رعايته ، وكان له القرآن شاهدا وشفيعا وأنيسا وحرزا، ومن كان هذا وصفه، نفع نفسه ونفع أهله، وعاد على والديه، وعلى ولده كل خير في الدنيا وفي الآخرة. المصدر: كتاب: أخلاق أهل القرآن، للإمام محمد بن الحسين الآجري. https://1.bp.blogspot.com/-ojgeeY4Lz...%25D9%2587.gif |
رد: عبادة التدبر..مع القرآن في رمضان
|
رد: عبادة التدبر..مع القرآن في رمضان
|
رد: عبادة التدبر..مع القرآن في رمضان
|
رد: عبادة التدبر..مع القرآن في رمضان
|
رد: عبادة التدبر..مع القرآن في رمضان
|
رد: عبادة التدبر..مع القرآن في رمضان
https://upload.3dlat.com/uploads/13829095289.gif التنافس في شهر الصيام وفرص التلاوة والتدبر الدكتور: المهابة محمد مياره الشنقيطي (27) https://img1.arabpng.com/20171221/cu...8516268765.jpg الصيام منهج قرآني وتربية إلهية ونظام معتمد في الإسلام لدى كافة الأنبياء والرسل وهم جميعا جاؤوا بالدعوة إلى الايمان والنبوة والمعاد، والقرآن الذي هو الخاتم والمهيمن هو المدرسة الربانية التي تعطي للآخرة مساحتها الحقيقية في التفكير والوعي والسلوك كما تصلح القلب، وتزكي النفس، وتطرد الغفلة والجاهلية من حياة الناس، وتزود الإنسان ببصائر الإيمان واليقين والعلم حتى تكون له دعوة مستجابة عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(لحامل القرآن دعوة مستجابة) رواه مسلم. والحامل هنا ليس بالضرورة هو الحافظ لنصه في الصدر فحسب بل قد يكون حاملا وليس حافظا له، وقد يكون حافظا للنص وليس حاملا له، وقد يكون حافظا وحاملا في آن معا، وفي "الحمل" معان عظيمة يتصف بها الحامل، فهو يحمل هداية القرآن ودعوته، وفكره وهمَّه، وحدوده ومقاصده، وأوامره وزواجره، ويتصف بالمهارة فيه، وفي تدبره وتعليمه: “قال صلى الله عليه وسلم (الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة)، رواه البخاري. https://i.imgur.com/4g6aB2km.png وقال صلى الله عليه وسلم (يُقالُ لِصاحبِ القرآنِ: اقرَأْ، وارْقَ، ورتِّلْ، كما كنتَ ترتِّلُ في الدُّنيا؛ فإنَّ مَنزِلتَك عندَ آخِرِ آيةٍ تقرَؤها) أخرجه أبو داوود والترمذي والنسائي وأحمد واللفظ له. فكيف إذا اجتمعت معاني القرآن والتلاوة والتدبر مع القيم الرمضانية في موسم واحد وفي قلب واحد؟ قال تعالى: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ) وقال صلى الله عليه وسلم:( من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه) رواه البخاري. إنه الشهر الذي تُقيَّد فيه الشياطين بالسلاسل والأغلال، وتُفتَّح أبواب الجنان، وتُغلَّق أبواب النيران، وتبسط البسط، وتعرض الموائد الربانية لعباد الله، وتُضاعف لهم الحسنات، وتُساق قلوبهم وجوارحهم إلى ميادين الأعمال الصالحة شوقا ورغبة وتفضلا من الله تعالى على خلقه. قال النبي صلى الله عليه وسلم (إذا كان أولُ ليلةٍ من شهرِ رمضانَ صُفِّدَتِ الشياطينُ ومَرَدةُ الجنِّ، وغُلِّقتْ أبوابُ النارِ فلم يُفتحْ منها بابٌ، وفُتِّحَتْ أبوابُ الجنةِ فلم يُغلقْ منها بابٌ ، ويُنادي منادٍ كلَّ ليلةٍ : يا باغيَ الخيرِ أقبلْ ، ويا باغيَ الشرِّ أقْصرْ ، وللهِ عتقاءُ من النارِ ، وذلك كلَّ ليلةٍ). رواه أبو هريرة وأخرجه الترمذي وابن ماجه وحسنه الالباني. إنه حقا شهر القرآن والتلاوة والعمل، وشهر الصيام والصبر والثبات، وليس الصيام مجرد صوم عن الأكل والشرب وسائر المفطرات فحسب بل هو صوم اللسان والجوارح والقلب عما سوى الله تعالى. قال صلى الله عليه وسلم: "مَن لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ والعَمَلَ به، فليسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ في أنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وشَرَابَهُ": صحيح البخاري ولا شك أن الصوم الحقيقي الذي تتكامل وتتداخل فيه الفضائل والأحكام والآداب في كيان واحد باعث على تحقيق قيم التقوى، وكسر الشهوات، وتطويع النفوس وتطهيرها من الخسائس والوساوس والرعونات. قال تعالى:" يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون". http://up.3dlat.com/uploads/3dlat.com_14007970047.gif وهكذا فالصوم دورة تدريبية للبدن والروح والعقل والنفس على معاني التقوى بماهي خوف وحذر ووقاية واحتراز ويقظة قوية للضمير والقلب، هذا فضلا عن كونه شريعة مشتركة بين جميع الأنبياء والرسل، وتوبةً في الظاهر والباطن وإقلاعا عن الأعمال الفاسدة وتحقُّقاً بالأعمال الصالحة قولا وعملا وروحا حتى تتغير بذلك الوجهة والقصد والطريق؛ لذا تتفاوت مقامات الناس ومنازلهم في الصيام: قال ابن قدامة المقدسي رحمه الله " وللصوم ثلاث مراتب: صوم العموم وصوم الخصوص وصوم خصوص الخصوص. فأما صوم العموم فهو كف البطن والفرج عن قضاء الشهوة. وأما صوم الخصوص: فهو كف النظر واللسان واليد والرجل والسمع والبصر، وسائر الجوارح عن الآثام. وأما صوم خصوص الخصوص فهو صوم القلب عن الهمم الدنيئة والأفكار المبعدة عن الله تعالى، وكفه عما سوى الله تعالى بالكلية"(الكلم الطيب). وهكذا فالقرآن مدرسة ربانية وجدانية وسطية تطبيقية متوازنة شاملة للتلاوة والتزكية والتعليم في ظلها يتحقق المعنى الجوهري للدين بما هو خضوع قلبي يجسد الاستجابة الوجدانية القائمة على الخوف والإنابة والاستسلام والإحسان في الفهم والتدين والقول والعمل والسمت. https://i.imgur.com/XptKis2.gif ولا جَرَم أن التلاوة في رمضان من أعظم الفرص النادرة، ومن أجل أبواب الرحمة والهداية والخير والمكاسب العظيمة لما يحصل في رمضان من التوبة والاستجابة والرغبة والتحفز لنيل الأجر والثواب، والبعد عن هوى النفس، وحبائل الشيطان، ومضلات الفتن. ومن هنا كانت التلاوة والتدبر والترتيل والتفكر في الآيات القرآنية والكونية من أعظم المنازل وأشرف المراتب التي تورث حقائق العلم والإيمان والرقي في مدارج المعارف الربانية سيرا إلى الله تعالى وطيا للمسافات وتحقيقا لمطالب القلب والروح التي هي من أفضل مواريث الأنبياء والرسل قال ابن القيم:" وأحسن ما أنفقتْ فيه الأنفاس التفكر في آيات الله وعجائب صنعه والانتقال منها إلى تعلق القلب والهمة به دون شيء من مخلوقاته". مفتاح دار السعادة ص608 والقرآن والتلاوة وجهان لعملة واحدة، فالقرآن موضوع والتلاوة أداته التي تخرج كنوزه وفوائده، وتتجلى نورا في القلب، وحكمة في اللسان، ورحمة في السلوك والحياة. وليست مقاصد التلاوة إلا الأهداف والغايات التي نسعى إلى تحقيقها من خلال القراءة والتلقي ومكابدة القرآن ومعاناة فهمه وتأمله وتعقله وأخذ العبرة اللازمة منه. وهنا يتعين علينا أن نقرأ القرآن ونتلوه حق تلاوته تجويدا وترتيلا؛ وذلك بإخراج الحروف من مخارجها وإعطائها حقها ومستحقها من الصفات اللازمة والصفات العارضة مع الحرص على الامتثال بما يحقق مفهوم الترتيل قال تعالى: “ورتل القرآن ترتيلا". https://i.imgur.com/4g6aB2km.png فترتيل القرآن تلاوته بالتمهل والترسل والتؤدة والانتفاع به تحقيقا للحروف بلا تعجل، ولا ترعيد ولا هذرمة ولا ترقيص ولا تطريب بل بالتجويد والسكينة والخشوع والهيبة والوقار. وهكذا فالترتيل منهج في التلقي والعمل، وأسلوب في التعلم والتطبيق، وهو فرض كفاية في حق الأمة، وفرض عين في حق كل مسلم عندما يباشر التلاوة والتدبر. وتلاوة القرآن حق تلاوته ما قال الإمام أبو حامد الغزالي:" هو أن يشترك فيه اللسان والعقل والقلب، فحظ اللسان تصحيح الحروف بالترتيل، وحظ العقل تفسير المعاني، وحظ القلب الاتعاظ والتأثر بالانزجار والائتمار، فاللسان يرتل، والعقل يترجم، والقلب يتعظ". وللتلاوة مقاصد عظيمة وآثار جسيمة في القلب والروح بل هي من أسباب الفوز والفلاح ومن جوالب السعادة واليقين في حياة المسلم. ولعل من أبرز النيات التي نقرأ القرآن بها ما يأتي: 1. نية حصول الهداية والبصيرة والأمن وشفاء الصدور. 2. نية التقرب والتعبد والتدبر. 3-نية الانتفاع به وإعمال نصوصه في حياتنا. http://up.3dlat.com/uploads/3dlat.com_14007970047.gif 4-نية التحصن والتحرز والوقاية من همزات الشياطين. 5-نية حفظ النفس من الأهواء والزلات والغوائل والغفلات. 6- نية المحاسبة والمراجعة والتقويم 7- نية إخراج الأمة من الظلمات إلى النور. 8-نية الافتقار وكسب الأجر والثواب. 9-نية حصول السكينة والسعادة في حياتنا. 10-نية المحبة وجمع القلوب وتأليفها على سنن الهدى. 11-نية الوقوف عند عجائبه وتحريك القلوب بها. 12 نية الرحمة والمودة والتسامح ومكارم الأخلاق. والتلاوة بمعناها الرباني هي طريق مُحكَم في التعامل مع القرآن، وهي التي تثمر حقيقة الإخلاص والحب والعمل، وتعطي الإيمان بعده الوجداني والواقعي الذي لا ينفصل فيه القول عن العمل، ولا النية عن السلوك، قال تعالى:( الذين آتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته أولئك يؤمنون به". قل العلامة ابن القيم: "التلاوة الحقيقية وهي تلاوة المعنى واتباعه، تصديقا بخبره، وائتمارا بأمره، وانتهاء بنهيه https://i.imgur.com/4g6aB2km.png وائتماما به؛ حيث ما قادك انقدت معه. فتلاوة القرآن تتناول تلاوة لفظه ومعناه وتلاوة المعنى أشرف من مجرد تلاوة اللفظ، وأهلها هم أهل القرآن الذين لهم الثناء في الدنيا والآخرة؛ فإنهم أهل تلاوة ومتابعة حقا". مفتاح دار السعادة (1/203) ولا تقتصر التلاوة هنا على أداء حروف القرآن بل تتعدى ذلك إلى حدوده وزواجره، وأوامره ونواهيه، وحلاله وحرامه؛ وذلك من مشمولات حق تلاوته التي هي منهج عدلٌ لإخراج الناس من الظلمات إلى النور، قال تعالى (كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور). وقال الحسن البصري:( ليس الايمان بالتمني ولا بالتحلي وإنما هو ما وقر في القلب وصدقه العمل). وتكمن أهمية التدبر في كونه من أهم مقاصد الوحي والتنزيل التي هي من موجبات الهداية والترقي في مدارج العلم والإخلاص والحكمة ومعارف القلب والروح. ويحسن أن ترتبط التلاوة بالتدبر كما هو هدي القرآن وديدنه؛ لما في ذلك من المنافع والفوائد الجالبة لحقائق الإيمان والتقوى، والرقي في مدارج العلم والمعرفة الربانية. التدبر في اللغة مشتق من مادة "د ب ر" وهي" تدل على آخر الشي وخلفه، يقال دبَّر الشيء وتدبَّره: نظر في عاقبته واستدبره رأى في عاقبته ما لم ير في صدره، والتدبر في الأمر التفكر فيه"[1]. وقد ورد لفظ "التدبر" على صيغة التَّفعُّل للدلالة على التكلف والتعقب والنظر مرة بعد مرة وكرة بعد كرة لحصول الأثر الناجم عن المجاهدة التي يجعلها المتدبر عنوانا لجهده ونصبه واجتهاده في تحقيق المراد. http://up.3dlat.com/uploads/3dlat.com_14007970047.gif والتدبر في الاصطلاح: 1-"هو تحديق ناظر القلب إلى معاني القرآن، وجمع الفكر على تأمُّله وتعقُّله، وهو المقصود بإنزاله لا مجرد تلاوته بلا فهم ولا تدبر"[2]. وقال ابن القيم في موضع آخر في توضيح المراد من التدبر: "وتدبر الكلام أن ينظر في أوله وآخره ثم يعيد نظره مرة بعد مرة، ولهذا جاء على بناء التفعل كالتجرع والتفهم والتبين" كما قال أيضا: "إذا أردت الانتفاع بالقرآن فاجمع قلبك عند تلاوته وسماعه، وألق سمعك، واحضر حضور من يخاطبه به من تكلم به سبحانه إليه؛ فإنه خطاب منه لك على لسان رسوله"[3]. 2-قال العلامة الألوسي: "وأصل التدبر: التأمل في أدبار الأمور وعواقبها، ثم استعمل في كل تأمل، سواء كان نظرا في حقيقة الشيء وأجزائه، أو سوابقه وأسبابه، أو لواحقه وأعقابه"[4]. 3- قال الخازن: "أصل التدبر: النظر في عواقب الأمور، والتفكر في أدبارها، ثم استعمل في كل تفكر وتأمل، ويقال "تدبرت الشيء" أي: نظرت في عاقبته، ومعنى تدبر القرآن تأمل معانيه، والتفكر في حكمه، وتبصر ما فيه من الآيات".[5] 4-قال الإمام السيوطي: "وتسن القراءة بالتدبر والتفهم.. وصفة ذلك أن يشغل قلبه بالتفكر في معنى ما يلفظ به، فيعرف معنى كل آية ويتأمل الأوامر والنواهي، ويعتقد قبول ذلك، فإن كان مما قصَّر عنه فيما مضى اعتذر واستغفر، وإذا مر بآية رحمة استبشر وسأل، أو عذاب أشفق وتعوذ أو تنزيه نزَّه وعظَّم، أو دعاءٍ تَضَّرع وطلب".[6] 5-قال الإمام الشوكاني: "إن التدبر هو التأمل، لفهم المعنى، يقال: (تدبرت الشيء) تفكرت في عاقبته وتأملته، ثم استعمل في كل تأمل، والتدبر أن يدبر الإنسان أمره، كأنه ينظر إلى ما تصير إليه عاقبته"[7]. https://i.imgur.com/XptKis2.gif 6-ولا تختلف عبارات المعاصرين كثيرا عن هذه المعاني يقول الشيخ عبد الرحمن حَبنَّكة الميداني معرفا التدبر: "التفكر الشامل الواصل إلى أواخر دلالات الكلم ومراميه البعيدة"[8]. 7-قال الشيخ سليمان السنيدي: "تدبر القرآن هو تفهم معاني ألفاظه والتفكر فيما تدل عليه آياته مطابقة، وما دخل في ضمنها، وما لا تتم تلك المعاني إلا به، مما لم يعرج اللفظ على ذكره من الإشارات والتنبيهات وانتفاع القلب بذلك بخشوعه عند مواعظه، وخضوعه لأوامره، وأخذ العبرة منه"[9]. 8-يقول الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي: "هو التأمل في معانيه، وتحديق الفكر فيه، وفي مبادئه وعواقبه، ولوازم ذلك"[10]. 9-يقول العلامة الشنقيطي في أضوائه: "تدبر آيات هذا القرآن العظيم أي تصفحها، وتفهمها، وإدراك معانيها والعمل بها"[11]. 10-قال الدكتور أحمد آل سبالك: "أما المعنى الاصطلاحي لتدبّر القرآن كما ورد في كتب التفسير فهو: التفكُّر في غاياتِ القرآنِ ومقاصدِه التي يرمي إليها، ويأتي ذلك بالتفهّمِ والتأمّلِ والتفكُّرِ في معاني الآيات ومبانيها"[12]. ونستنتج من تعريفات العلماء والمفسرين مجموعة من الحقائق والقيم المتصلة بصلب التدبر: 1- أن التدبر موجب للفهم والعلم والتدين. 2 – أن التدبر منهج شامل وكامل في التلقي والتعامل مع حقائق الإيمان والنفس والواقع والقرآن. 3- أن التدبر موجب لحصول التوبة والإنابة وكمال الهداية. 4-أن التدبر موجب لأخذ العبرة والانتفاع بعلوم القرآن وآدابه وتعاليمه. 5- أن التدبر موجب للدعاء والافتقار والانكسار والتقرب 6- أن التدبر موجب للتفكر في مقاصد القرآن ومقاصد الشريعة وتحقق القلب بتلك المعارف والقيم. https://i.imgur.com/4g6aB2km.png 7- أن التدبر ليس مجرد معرفة فكرية أو عقلانية بل هو عمل وإنجاز، وهدي وسمت، وسيرة ومواقف. 8-أن التدبر ليس قولا بلا عمل بل هو التأمل والتعقل والتفكر ومعارف القلب والقيام بمقاصد التنزيل على وفق هدي محمد عليه الصلاة والسلام. 9- أن القلب عندما تخالطه بشاشة الإيمان، ويصفو من الشوائب والشهوات وتأخذ فيه الآخرة مساحتها الحقيقية ويتعلق صاحبه بالله تعالى خوفا ورجاء وتوكلا ويقينا لم يعد يُقدِّم على تلاوة القرآن وتدبره ودراسة معانيه ومقاصده والاشتغال به أي عمل من الأعمال التي ليست فروضا عينية وذلك على ملة الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه حيث قال: "لو طهرت القلوب لم تشبع من قراءة القرآن". وكان الصحابة يتعلمون الايمان قبل القرآن ويقفون مواقفه وما يتعرضون له من الفتنة والابتلاء والتمحيص والفعل والترك والصبر والثبات والشدة والقسوة والتكذيب والتثبيط والتجويع والحصار والأذية والتهديد ولا يزدادون بذلك إلا قوة وعزيمة ويقينا؛ لأن الآيات التي تتنزل على نبيهم -وهم في الميدان والمكابدة- إنما كانت للتثبيت والتنفيذ والنصرة والتأييد... ثم اختلف الحال وتغيرت أولويات التربية فصار الناس يحفظون القرآن ولا يهتمون بتحصيل الإيمان الحقيقي الميداني بل تحول الأمر في الغالب إلى ألفاظ ومصطلحات وما يسمى في العصور المتأخرة بعلم الكلام:" قال عبدالله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما: (لقد عشنا دهرا طويلا وأحدنا يؤتى الإيمان قبل القرآن فتنزل السورة على محمد صلى الله عليه وسلم فنتعلم حلالها وحرامها وأمرها وزجرها، وما ينبغي أن يقف عنده منها، ثم لقد رأيت رجالا يؤتى أحدهم القرآن قبل الإيمان، فيقرأ ما بين الفاتحة إلى خاتمته لا يدري ما أمره ولا زجره وما ينبغي أن يقف عنده منه، ينثره نثر الدَّقَل !! ). http://up.3dlat.com/uploads/3dlat.com_14007970047.gif وحاصل الأمر 1-أن الجمع بين التلاوة والتدبر في شهر الصيام والتنافس في ذلك من أعظم القربات، وأجل الأعمال، وأربح المكاسب، وأوفر الحظوظ والفرص التي تزودنا بها المدرسة القرآنية الرمضانية. 2- فكيف إذا اجتمعت معها قيم وصفات أخرى كالقيام والدعاء والتضرع والتبتل وإفشاء السلام وإطعام الطعام ولين الكلام والإحسان إلى المسلمين. 3 -فكيف إذا اجتمع مع ذلك الكف عن أعراض الناس وستر عوراتهم وأداء حقوقهم وحفظ أموالهم ونفوسهم ودمائهم ومجاهدة النفس على ذلك قال صلى الله عليه وسلم: (ألَا أُخْبِرُكُم مَنِ المُسلِمُ؟ مَن سَلِمَ المُسلِمونَ مِن لِسانِه ويَدِه، والمُؤمِنُ مَن أمِنَه الناسُ على أمْوالِهِم وأنْفُسِهم، والمُهاجِرُ مَن هَجَرَ الخَطايا والذُّنوبَ، والمُجاهِدُ مَن جاهَدَ نَفْسَه في طاعةِ اللهِ) أخرجه الترمذي مختصرا والإمام أحمد واللفظ له. https://i.imgur.com/4g6aB2km.png 4-وليس أنفع للقلوب من التلاوة والتدبر والتفهم وانشغال القلب بالقرآن في كل حين؛ فذلك من موجبات حلاوة الإيمان وإصلاح القلب وتحقيق السكينة والسعادة في الحياة:" يقول العلامة ابن القيم: "فلو علم الناس ما في قراءة القرآن بالتدبر لاشتغلوا بها عن كل ما سواها؛ فقراءة آية بتفكر وتفهم خير من قراءة ختمة بغير تدبر وتفهم، وأنفع للقلب، وأدعى إلى حصول الإيمان وتذوق حلاوة القرآن... فقراءة القرآن بالتفكر هي أصل إصلاح القلب" مفتاح دار السعادة (1/535-536) الدكتور: المهابة محمد مياره الشنقيطي: أستاذ جامعي وباحث أكاديمي مدينة العين 28/4/2021 الموافق 5/9/1442 --------------------------------------------- [1] - مقاييس اللغة لابن فارس. ج2 / 324: ولسان العرب لابن منظور، ج4/ 237 [2] - مدارج السالكين لابن القيم، ج1: ،475 [3] - الفوائد لابن القيم، ص: 3 [4] - روح المعاني، ج5/ 92 [5]-لباب التأويل في معاني التنزيل، ص: 1،: ج1/ 402 [6]-الإتقان في علوم القرآن،: ج1/127 [7]- فتح القدير، ج1/ 491 [8]-قواعد التدبر الأمثل للميداني، ص: 10 [9]-تدبر القرآن، ص: 11 [10]-تيسير الكريم المنان في تفسير كلام الرحمن: ج1/ 189 [11] - أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن: ج7/ 429 [12]-فتح من الرحمن في بيان كيفية تدبر كلام المنان، ج1/72 https://1.bp.blogspot.com/-ojgeeY4Lz...%25D9%2587.gif |
رد: عبادة التدبر..مع القرآن في رمضان
|
رد: عبادة التدبر..مع القرآن في رمضان
|
رد: عبادة التدبر..مع القرآن في رمضان
|
الساعة الآن : 02:53 AM |
Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour