ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   هيا بنا نحفظ القرآن ونرضى الرحمن (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=84)
-   -   مختصر تفسير القرآن تدبر وعمل (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=268782)

ابوالوليد المسلم 10-11-2021 08:35 PM

مختصر تفسير القرآن تدبر وعمل
 
مختصر تفسير القرآن تدبر وعمل

(سورة الفاتحة)










خالد بن حسن بن أحمد المالكي





قال الله تعالى: ﴿ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ * إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ * اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ ﴾ [الفاتحة: 1 - 7].

الوقفات التدبرية:
1- ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ

كأنه سبحانه يقول: يا عبادي إن كنتم تحمدون وتعظمون للكمال الذاتي والصفاتي فاحمدوني فإني أنا «الله»، وإن كان للإحسان والتربية والإنعام فإني أنا «رب العالمين»، وإن كان للرجاء والطمع في المستقبل فإني أنا «الرحمن الرحيم»، وإن كان للخوف فإني أنا «مالك يوم الدين». [الألوسي].

2- ﴿ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ * إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ * اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ﴾.
لما كان سؤال الله الهداية إلى الصراط المستقيم أجلَّ المطالب ونيله أشرف المواهب علَّم الله عباده كيفية سؤاله، وأمرهم أن يقدموا بين يديه:
حمده، والثناء عليه، وتمجيده.
ثم ذكر عبوديتهم وتوحيدهم.

فهاتان وسيلتان إلى مطلوبهم: توسل إليه بأسمائه وصفاته، وتوسل إليه بعبوديته. وهاتان الوسيلتان لا يكاد يرد معهما الدعاء. [ابن القيم].

3- ﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ

ذكر الاستعانة بعد العبادة مع دخولها فيها لاحتياج العبد في جميع عباداته إلى الاستعانة بالله تعالى؛ فإن لم يعنه الله لم يحصل له ما يريده من فعل الأوامر واجتناب النواهي. [السعدي].

4- ﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ

العبادة أعلى مراتب الخضوع ولا يجوز شرعًا ولا عقلا فعلها إلا لله تعالى لأنه المستحق لذلك لكونه موليا لأعظم النعم من الحياة والوجود وتوابعهما. [الألوسي].

5- ﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ * ٱهْدِنَا ٱلصِّرَٰطَ ٱلْمُسْتَقِيمَ
في قوله: ﴿ نَعْبُدُ ﴾ بنون الاستتباع إشعار بأن الصلاة بنيت على الاجتماع. [البقاعي].

6- ﴿ ٱهْدِنَا ٱلصِّرَٰطَ ٱلْمُسْتَقِيمَ
الحاجة إلى الهدى أعظم من الحاجة إلى النصر والرزق؛ بل لا نسبة بينهما؛ لأنه إذا هُدي كان من المتقين، ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ﴾ [الطلاق: 2، 3]. [ابن تيمية].

7- ﴿ ٱهْدِنَا ٱلصِّرَٰطَ ٱلْمُسْتَقِيمَ
على قدر ثبوت قدم العبد على هذا الصراط الذي نصبه الله لعباده في هذه الدار، يكون ثبوت قدمه على الصراط المنصوب على متن جهنم، وعلى قدر سيره على هذا الصراط يكون سيره على ذاك الصراط؛ فمنهم من يمر كالبرق، ومنهم من يمر كالطّرف، ومنهم من يمر كالريح، ومنهم من يمرُّ كشدِّ الركاب، ومنهم من يسعى سعيًا، ومنهم من يمشي مشيًا، ومنهم من يحبو حبوًا، ومنهم المخدوش المسلَّم، ومنهم المكدوس في النار، فلينظر العبد سيره على ذلك الصراط من سيره على هذا؛ حذو القُذَّة بالقُذَّة جزاءً وفاقًا؛ ﴿ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [النمل: 90]. [ابن القيم].

التوجيهات:
1- لن تعبد الله حق العبادة حتى يعينك الله على ذلك، ﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ﴾.

2- الحذر من اتباع منهج اليهود: (تقديم الهوى على الشرع) ﴿ ٱلْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ ﴾ ومن اتباع منهج النصارى: (العبادة بالبدعة والجهل)، ﴿ وَلَا ٱلضَّالِّينَ ﴾.

العمل بالآيات:
1- ادع الله، وابدأ الدعاء بالحمد والثناء عليه سبحانه كما ابتدأت سورة الفاتحة، ثم اسأله ما تريد كما ختمت السورة، ﴿ ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلْعَٰلَمِينَ ﴾، ﴿ ٱهْدِنَا ٱلصِّرَٰطَ ٱلْمُسْتَقِيمَ ﴾.

2- سورة الفاتحة أعظم سورة في القرآن وأكثر سورة تقرأها، فأكثر من تدبر آياتها، ﴿ بِسْمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحْمَٰنِ ٱلرَّحِيمِ * ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلْعَٰلَمِينَ ﴾، الآيات ... إلى آخر السورة.

3- حدد مجموعة من أهل الخير والصلاح وأكثر من مصاحبتهم ومجالستهم، ﴿ صِرَٰطَ ٱلَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ

معاني الكلمات:
﴿ بِسْمِ اللَّهِ ﴾ أَيْ: أَبْتَدِئُ قِرَاءَتِي مُسْتَعِينًا بِاسْمِ اللهِ.
﴿ الرَّحْمَانِ ﴾ الَّذِي وَسِعَتْ رَحْمَتُهُ جَمِيعَ الْخَلْقِ.
﴿ الرَّحِيمِ ﴾ الَّذِي يَرْحَمُ الْمُؤْمِنِينَ.
﴿ رَبِّ ﴾ الرَّبُّ: الْمُرَبِّي لِخَلْقِهِ بِنِعَمِهِ.
﴿ الْعَالَمِينَ ﴾ كُلِّ مَنْ سِوَى اللهِ تَعَالَى.
﴿ يَوْمِ الدِّينِ ﴾ يَوْمِ الْجَزَاءِ وَالْحِسَابِ.
﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ ﴾ لاَ نَعْبُدُ إِلاَّ أَنْتَ.
﴿ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ﴾ لاَ نَسْتَعِينُ فِي قَضَاءِ حَوَائِجِنَا إِلاَّ بِكَ.
﴿ الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ﴾ الطَّرِيقَ الَّذِي لاَ عِوَجَ فِيهِ؛ وَهُوَ الإِسْلاَمُ.
﴿ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ ﴾ الْيَهُودِ، وَمَنْ شَابَهَهُمْ فِي تَرْكِ الْعَمَلِ بِالْعِلْمِ.
﴿ الضَّالِّينَ ﴾ النَّصَارَى، وَمَنْ شَابَهَهُمْ فِي الْعَمَلِ بِغَيْرِ عِلْمٍ.


ابوالوليد المسلم 10-11-2021 09:19 PM

رد: مختصر تفسير القرآن تدبر وعمل
 
مختصر تفسير القرآن تدبر وعمل لسورة البقرة (1-5)
خالد بن حسن بن أحمد المالكي



قال الله تعالى: ﴿ الم * ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ * أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [البقرة: 1 - 5].

الوقفات التدبرية:
١- ﴿ الم * ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ
إنما ذُكرت هذه الحروف في أوائل السور التي ذكرت فيها بيانًا لإعجاز القرآن، وأن الخلق عاجزون عن معارضته بمثلِه، هذا مع أنه مركَّب من هذه الحروف المقطعة التي يتخاطبون بها... ولهذا كل سورة افتُتحت بالحروف فلا بد أن يُذكر فيها الانتصار للقرآن، وبيان إعجازه وعظمته، وهذا معلوم بالاستقراء. [ابن كثير].

٢- ﴿ ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ
لم يقل: هدًى للمصلحة الفلانية، ولا للشيء الفلاني؛ لإرادة العموم، وأنه هدى لجميع مصالح الدارينِ؛ فهو مرشد للعباد في المسائل الأصولية والفروعية، ومُبَيِّن للحق من الباطل، والصحيح من الضعيف، ومبيِّن لهم كيف يسلكون الطرقَ النافعة لهم في دنياهم وأُخراهم. [السعدي].

٣- ﴿ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ
لم يقل: يفعلون الصلاة، أو يأتون بالصلاة؛ لأنه لا يكفي فيها مجرد الإتيان بصورتها الظاهرة؛ فإقامة الصلاة: إقامتها ظاهرًا بإتمام أركانها وواجباتها وشروطها، وإقامتُها باطنًا بإقامة روحها؛ وهو حضور القلب فيها، وتدبُّرُ ما يقوله ويفعله منها. [السعدي].

٤- ﴿ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ
وأتى بـ ﴿من﴾ الدالةِ على التبعيض؛ لينبِّهَهم أنه لم يرد منهم إلا جزءًا يسيرًا من أموالهم، غير ضارٍّ لهم، ولا مثقل، بل ينتفعون هم بإنفاقه، وينتفع به إخوانهم، وفي قوله: ﴿رَزَقْنَاهُمْ﴾ إشارة إلى أن هذه الأموالَ التي بين أيديكم، ليست حاصلة بقوَّتِكم وملككم، وإنما هي رزق الله الذي خوَّلكم، وأنعم به عليكم؛ فكما أنعم عليكم وفضَّلكم على كثير من عباده، فاشكُروه بإخراج بعضِ ما أنعم به عليكم. [السعدي].

٥- ﴿ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ
وجهُ ترتُّبِ الإنفاق على الإيمان بالغيب أن المدد غيب؛ لأن الإنسان لما كان لا يطلع على جميع رزقه، كان رزقه غيبًا، فاذا أيقن بالخلف جاد بالعطيَّة، فمتى أمد بالأرزاق تمت خلافته، وعظم فيها سلطانه، وانفتح له باب إمدادٍ برزق أعلى وأكمل من الأول. [البقاعي].

٦- ﴿ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ
اليقين أعلى درجات العلم؛ وهو الذي لا يمكن أن يدخله شكٌّ بوجه. [ابن عطية].

التوجيهات:
١- من أسباب حصول الهداية بالقرآن تقوى الله تعالى، فقدِّم دائمًا مرادَ الله على هوى نفسك، ﴿ ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ ﴾ [البقرة: 2].

٢- سعادتُك بالفلاح، والفلاحُ لا يناله إلا مَن اتصف بهذه الصفات، ﴿ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ * أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [البقرة: 3 - 5].

٣- من أهمِّ صفات المؤمنين: ثباتُهم على إيمانهم في حال الغيب وحال الشهادة، ومراقبتهم لله على كل الأحوال، ﴿ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ ﴾ [البقرة: 3].

العمل بالآيات:
١- مبنى التقوى على مخالفة شرع الله لهوى نفسك اختبارًا لإيمانك، فحدِّد أمرًا في حياتك ترى أنك تقدِّم فيه هوى نفسك على شرع الله سبحانه وتَراجَع عنه مستغفرًا ربَّك، ﴿ ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ ﴾ [البقرة: 2].


٢- حاسِبْ نفسك في أمر الصلاة، وتفقَّد اليوم جوانب التقصير فيها فكمِّله، وأقمه على الوجه المطلوب شرعًا، ﴿ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ ﴾ [البقرة: 3].

٣- اختبر إيمانك باليوم الآخر ويقينَك به بالإنفاق اليوم من مال الله الذي آتاك، موقنًا أن الله تعالى سيخلفه عليك في الدنيا والآخرة، ﴿ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ ﴾ [البقرة: 3].


معاني الكلمات:
﴿الم﴾: هَذَا الْقُرْآنُ مُؤَلَّفٌ مِنْ هَذِهِ الْحُرُوفِ، وَلَا يَسْتَطِيعُونَ الإِتْيَانَ بِمِثْلِهِ.

﴿لِلْمُتَّقِينَ﴾: مَنْ جَعَلُوا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ عَذَابِ اللهِ وِقَايَةً بِفِعْلِ الأَوَامِرِ وَتَرْكِ النَّوَاهِي.


ابوالوليد المسلم 10-11-2021 09:22 PM

رد: مختصر تفسير القرآن تدبر وعمل
 
مختصر تفسير القرآن تدبر وعمل لسورة البقرة 6-16
خالد بن حسن بن أحمد المالكي



تدبر وعمل لسورة البقرة 6-16

قال الله تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ * خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ * وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ * يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ * فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ * وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ * أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ * وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَكِنْ لَا يَعْلَمُونَ * وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ * اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ * أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ ﴾ [البقرة: 6 - 16].

الوقفات التدبرية:
1- ﴿ خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ ﴾ [البقرة: 7] الذنوب إذا تتابعت على القلوب أغلَقتْها، وإذا أغلقتْها أتاها حينئذٍ الختمُ من قِبَلِ الله تعالى والطبع؛ فلا يكون للإيمان إليها مسلكٌ، ولا للكفر عنها مخلص، فذلك هو الختم والطبع الذي ذكَرَه في قوله تعالى: ﴿ خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ ﴾. [ابن كثير].

2- ﴿ خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ ﴾ [البقرة: 7] ذَكَرَ الموانع المانعة لهم من الإيمان، فقال: ﴿ خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ ﴾؛ أي: طبع عليها بطابع لا يدخلها الإيمانُ، ولا ينفذ فيها، فلا يعُون ما ينفعهم، ولا يسمعون ما يفيدهم، ﴿ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ ﴾؛ أي: غشاء وغطاء وأكِنَّة تمنعها عن النظر الذي ينفعهم. وهذه طرق العلم والخير قد سُدَّتْ عليهم؛ فلا مطمع فيهم، ولا خير يرجى عندهم، وإنما مُنعوا ذلك وسُدَّت عنهم أبواب الإيمان بسبب كفرهم وجحودهم. [السعدي].

3- ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ ﴾ [البقرة: 8] لما تقدَّم وصف المؤمنين في صدر السورة بأربع آيات، ثم عَرَّفَ حال الكافرين بهاتين الآيتين، شرع تعالى في بيان حال المنافقين الذين يُظهِرون الإيمان ويُبطِنون الكفر، ولما كان أمرهم يشتبه على كثير من الناس؛ أطنَبَ في ذكرهم بصفات متعددة. [ابن كثير].

4- ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ ﴾ [البقرة: 8] نبه الله سبحانه على صفات المنافقين؛ لئلا يغترَّ بظاهر أمرهم المؤمنون؛ فيقع لذلك فسادٌ عريض من عدم الاحتراز منهم، ومن اعتقاد إيمانهم وهم كفار في نفس الأمر، وهذا من المحذورات الكبار. [ابن كثير].

5- ﴿ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ ﴾ [البقرة: 10] ﴿ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ ﴾؛ أي: بسكونهم إلى الدنيا وحبِّهم لها، وغفلتهم عن الآخرة وإعراضهم عنها. وقوله: ﴿ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا ﴾؛ أي: وكَلهم إلى أنفسهم، وجمع عليهم هموم الدنيا؛ فلم يتفرغوا من ذلك إلى اهتمام بالدِّين. ﴿ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ بما يفنى عما يبقى. وقال الجنيد: علل القلوب من اتباع الهوى، كما أن علل الجوارح من مرض البدن. [القرطبي].

6- ﴿ أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ ﴾ [البقرة: 16]؛ أي: رغبوا في الضلالة رغبةَ المشتري بالسلعة التي من رغبته فيها يبذل فيها الأثمانَ النفيسة، وهذا من أحسن الأمثلة؛ فإنه جعل الضلالة التي هي غاية الشر كالسلعة، وجعل الهدى الذي هو غاية الصلاح بمنزلة الثمن. [السعدي].

التوجيهات:
1- المعصية قد تكون سببًا لأنْ يختمَ الله على القلب فلا يستطيع الوصول إلى الحق، ﴿ خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ ﴾ [البقرة: 7].

2- فَصَّلَ الله أحوال الكافرين في آيتين، وأحوال المنافقين بثلاث عشرة آية؛ لأن خطر المنافقين أشدُّ من خطر الكافرين؛ فالمنافقون ينخدع بهم عوامُّ المسلمين، ﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ ﴾ [البقرة: 11].

3- من صفات المنافقين احتقارُ الصالحين والتقليل من شأنهم، ﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَكِنْ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 13].

العمل بالآيات:
1- بيِّن لمن حولك الخطورةَ والأكاذيب ممن يزعمون أنهم يدافعون عن حقوق المرأة وهم يريدون تحرير الوصول إليها، ﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ * أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ ﴾ [البقرة: 11، 12].

2- استعذ بالله من النفاق، ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ ﴾ [البقرة: 8].

3- ادعُ اليوم بأن يكفيَ الله الأمةَ شرَّ المنافقين، ﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ ﴾ [البقرة: 11].

معاني الكلمات:
﴿ خَتَمَ اللَّهُ ﴾: طَبَعَ اللهُ.
﴿ غِشَاوَةٌ ﴾: غِطَاءٌ.

﴿ مَرَضٌ ﴾ شَكٌّ، وَنِفَاقٌ.
﴿ وَيَمُدُّهُمْ ﴾ يَزِيدُهُمْ، وَيُمْهِلُهُمْ.

﴿ يَعْمَهُونَ ﴾ يَتَحَيَّرُونَ، وَيَعْمَوْنَ عَنِ الرُّشْدِ.








ابوالوليد المسلم 18-11-2021 07:06 PM

رد: مختصر تفسير القرآن تدبر وعمل
 
مختصر تفسير القرآن تدبر وعمل
خالد بن حسن بن أحمد المالكي




تدبر وعمل لسورة البقرة 17-24










قال الله تعالى: ﴿ مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لَا يُبْصِرُونَ * صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ * أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ مِنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ * يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُوا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * يَاأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ * وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ ﴾ [البقرة: 17 - 24].





الوقفات التدبرية:


1- ﴿ مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لَا يُبْصِرُونَ ﴾ [البقرة: 17]، فإن قيل: ما وجه تشبيه المنافقين بصاحب النار التي أضاءت ثم أظلَمتْ؟ فالجواب من ثلاثة أوجه: أحدها: أن منفعتهم في الدنيا بدعوى الإيمان شبيهٌ بالنور، وعذابهم في الآخرة شبيهٌ بالظُّلمة بعده، والثاني: أن استخفاء كفرهم كالنور، وفضيحتهم كالظُّلمة، والثالث: أنَّ ذلك فيمن آمَنَ منهم ثم كفَر، فإيمانُه نور، وكفرُه بعده ظلمةٌ، ويرجح هذا قولُه: ﴿ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ﴾ [المنافقون: 3]. [ابن جزي].





2- ﴿ صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ ﴾ [البقرة: 18]، قال تعالى [عنهم]: ﴿ صُمٌّ ﴾؛ أي: عن سماع الخير، ﴿ بُكْمٌ ﴾ [أي]: عن النطق به، ﴿ عُمْيٌ ﴾: عن رؤية الحق، ﴿ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ ﴾: لأنهم ترَكوا الحقَّ بعد أن عرَفوه، فلا يرجعون إليه، بخلاف من ترك الحقَّ عن جهل وضلال؛ فإنه لا يعقل، وهو أقرب رجوعًا منهم. [السعدي].





3- ﴿ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [البقرة: 20]، إنما وصف الله تعالى نفسَه بالقدرة على كل شيء في هذا الموضع؛ لأنه حذَّر المنافقين بأسه وسطوته، وأخبرهم أنه بهم محيط، وعلى إذهاب أسماعهم وأبصارهم قدير. [ابن كثير].





4- ﴿ يَاأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 21]؛ ﴿ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ ﴾: يدخل فيه الإيمانُ به سبحانه، وتوحيده، وطاعته؛ فالأمر بالإيمان به لمن كان جاحدًا، والأمر بالتوحيد لمن كان مشركًا، والأمر بالطاعة لمن كان مؤمنًا. [ابن جزي].





5- ﴿ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 22] هذه الآية من المحكم الذي اتفقت عليه الشرائعُ، واجتمعت عليه الكتبُ، وهو عمود الخشوع، وعليه مدار الذلِّ والخضوع. [البقاعي].





6- ﴿ وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا ﴾ [البقرة: 23، 24]؛ أي: ولن تفعلوا ذلك أبدًا، وهذه أيضًا معجزة أخرى، وهو أنه أخبر خبرًا جازمًا قاطعًا مقدمًا غير خائف ولا مشفق: أن هذا القرآن لا يُعارَضُ بمثله أبدَ الآبدين، ودهرَ الداهرين، وكذلك وقع الأمر لم يُعارَضْ من لدنه إلى زماننا هذا، ولا يمكن، وأنَّى يتأتى ذلك لأحد؟ [ابن كثير].





7- ﴿ وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ ﴾ [البقرة: 24] بدأ سبحانه بالناس؛ لأنهم الذين يدركون الآلام، أو لكونهم أكثر إيقادًا من الجماد؛ لما فيهم من الجلود واللحوم والشحوم، ولأن في ذلك مزيدَ التخويف. [الألوسي].





التوجيهات:


1- ﴿ وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ ﴾ [البقرة: 24]، ﴿ يَاأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ ﴾ [البقرة: 21].





2- التأمل في مخلوقات الله سبحانه سببٌ لزيادة اليقين والإيمان في قلب العبد، ﴿ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ ﴾ [البقرة: 22].





3- من الخلل العقليِّ والشرعي أن يكرمك الكريم، ثم تُشرك معه غيره، ﴿ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 22].





العمل بالآيات:


1- اقرأ اليوم مثلًا واحدًا من أمثلة القرآن، واجتهد في فهمه، ﴿ مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لَا يُبْصِرُونَ ﴾ [البقرة: 17].





2- نور القلب بيد الله سبحانه، فادعُ الله بقولك: "اللهم اجعل في قلبي نورًا، وفي سمعي نورًا، وفي بصري نورًا"، ﴿ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لَا يُبْصِرُونَ ﴾ [البقرة: 17].





3- تأمل هذه الآية، ثم استخرج منها فائدة وأرسِلها في رسالة، ﴿ فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ ﴾ [البقرة: 24].





معاني الكلمات:


﴿ بُكْمٌ ﴾: لَا يَنْطِقُونَ بِالْحَقِّ.


﴿ كَصَيِّبٍ ﴾: كَمَطَرٍ شَدِيدٍ.


﴿ أَنْدَادًا ﴾: نُظَرَاءَ وَأَمْثَالًا.



﴿ رَيْبٍ ﴾: شَكٍّ.








ابوالوليد المسلم 03-12-2021 06:47 PM

رد: مختصر تفسير القرآن تدبر وعمل
 
مختصر تفسير القرآن


خالد بن حسن بن أحمد المالكي









تدبر وعمل لسورة البقرة (25-29)









قال الله تعالى: ﴿ وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ * إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ * الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ * كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ * هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾ [البقرة: 25 - 29].







الوقفات التدبرية:



١- ﴿ وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ﴾ [البقرة: 25] فيه استحباب بشارة المؤمنين وتنشيطهم على الأعمال بذكر جزائها ومثيراتها؛ فإنها بذلك تخفُّ وتسهُل. [السعدي].







٢- ﴿ وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ﴾ [البقرة: 25] [رُوِيَ] أن العمل الصالح هو الذي فيه أربعة أشياء: العلم، والنية، والصبر، والإخلاص. [البغوي].







٣- ﴿ وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ﴾ [البقرة: 25] أكمل محاسن الجنات جريان المياه في خلالها؛ وذلك شيء اجتمع البشر كلُّهم على أنه من أنفس المناظر. [ابن عاشور].







٤- ﴿ وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ ﴾ [البقرة: 25]، فلم يقل: «مطهرة من العيب الفلاني»؛ ليشمل جميع أنواع التطهير؛ فهن مطهَّرات الأخلاق، مطهَّرات الخَلْق، مطهَّرات اللسان، مطهَّرات الأبصار. [السعدي].







٥- ﴿ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ [البقرة: 25] هذا هو تمام السعادة؛ فإنهم مع هذا النعيم في مقام أمين من الموت والانقطاع، فلا آخرَ له ولا انقضاء، بل في نعيم سرمديٍّ أبدي على الدوام. [ابن كثير].







٦- ﴿ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ ﴾ [البقرة: 26] ذم لمن يَضِلُّ به؛ فإنه فاسق...؛ ولهذا تأولها سعد بن أبي وقاص في الخوارج، وسماهم «فاسقين»؛ لأنهم ضلُّوا بالقرآن؛ فمن ضلَّ بالقرآن فهو فاسق. [ابن تيمية].







٧- ﴿ وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا ﴾ [البقرة: 26]؛ أي: ببركة اعتقادهم الخيرَ، وتسليمهم [لله] الأمر، يهديهم ربُّهم بإيمانهم؛ فيفهمهم المراد منه، ويشرح صدورهم لما فيه من المعارف؛ فيزيدهم به إيمانًا وطمأنينة وإيقانًا. والمهديون كثير في الواقع، قليلٌ بالنسبة إلى الضالين. [البقاعي].







التوجيهات:



١- السكن، والرزق، والزوجة، والأمن من الموت؛ هذه أمنيات الإنسان، واكتمالها ودوامها لا يكون إلا في الجنة، ﴿ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ [البقرة: 25].







٢- المؤمن إذا جاءه أمرٌ عن الله تعالى قابله بالتسليم والامتثال، وأما المنافق فيكثر الجدال بقصد التعطيل والعصيان، ﴿ فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا ﴾ [البقرة: 26].







العمل بالآيات:



١- اكتب ثلاث صفات تتمناها وقد ذكرها القرآن في الجنة، ﴿ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ [البقرة: 25].








٢- تذكَّر عهدًا قطعته على نفسك وأخَّرتَ الوفاء به، وبادر بذلك، ﴿ الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ ﴾ [البقرة: 27].







٣- قم اليوم بزيارة بعض أرحامك، أو إرسال هدية لهم، أو الاتصال والسؤال عنهم، ﴿ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ ﴾ [البقرة: 27].








معاني الكلمات:



﴿ مُتَشَابِهًا ﴾: فِي اللَّوْنِ وَالْمَنْظَرِ، لَا فِي الطَّعْمِ وَالْحَقِيقَةِ.







﴿ اسْتَوَى ﴾: قَصَدَ.







ابوالوليد المسلم 03-12-2021 06:49 PM

رد: مختصر تفسير القرآن تدبر وعمل
 




مختصر تفسير القرآن


خالد بن حسن بن أحمد المالكي










تدبر وعمل لسورة البقرة (30-37)









قال الله تعالى: ﴿ وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ * وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ * قَالَ يَا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ * وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ * وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ * فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ * فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ﴾ [البقرة: 30 - 37].







الوقفات التدبرية:



1- ﴿ وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ﴾ [البقرة: 30] هذه الآية أصل في نصب إمام وخليفة يُسمع له ويُطاع؛ لتجتمع به الكلمة، وتنفذ به أحكام الخليفة، ولا خلاف في وجوب ذلك بين الأمَّة ولا بين الأئمة. [القرطبي].







2- ﴿ قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ ﴾ [البقرة: 30] قول الملائكة هذا ليس على وجه الاعتراض على الله، ولا على وجه الحسد لبني آدم... وإنما هو سؤال استعلام واستكشاف عن الحكمة في ذلك. [ابن كثير].







3- ﴿ قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ ﴾ [البقرة: 30] ﴿ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا ﴾ بالمعاصي، ﴿ وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ ﴾: وهذا تخصيص بعد تعميم؛ لبيان شدة مفسدة القتل [بغير حقٍّ]. [السعدي].







4- ﴿ قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ﴾ [البقرة: 32] [الواجب] على من سُئل عن علم أن يقول إن لم يعلم: اللهُ أعلم، ولا أدري؛ اقتداءً بالملائكة، والأنبياء، والفضلاء من العلماء، لكن أخبر الصادق [صلى الله عليه وسلم] أن بموت العلماء يُقبض العلم، فيبقى ناسٌ جهال يُستفتَون؛ فيُفتُون برأيهم؛ فيَضلون، ويُضلون. [القرطبي].







5- ﴿ وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ ﴾ [البقرة: 35] النهي عن القرب يقتضي النهيَ عن الأكل بطريقِ الأَولى، وإنما نهى عن القرب؛ سدًّا للذريعة، فهذا أصل في سدِّ الذرائع. [ابن جزي].







6- ﴿ فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ﴾ [البقرة: 37] [سبحانه] سبقتْ رحمتُه غضبَه؛ فيرحم عبده في عين غضبه، كما جعل هبوط آدم سببَ ارتفاعه، وبُعدَه سببَ قُربِه، فسبحانه مِن توَّابٍ ما أكرَمَه، ومن رحيمٍ ما أعظَمَه! [الألوسي].







7- ﴿ إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ ﴾ [البقرة: 34] إياك يا بن آدم أن تتصف بصفةٍ اتصَف بها عدوُّ الله وعدوُّك! (إبليس اللعين)، ألا وهي الاستكبار؛ فهو لم يرفض السجود فحسْبُ، بلى استكبرت نفسه، ورأى أنه أحرى بأن يُسْجَدَ له من آدم عليه السلام، فكانت النتيجة: اللعنة، والطرد، وأن كان من الكافرين.







التوجيهات:



1- ﴿ فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ﴾ [البقرة: 37]، ﴿ وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ ﴾ [البقرة: 34].







2- التسبيح والحمد التعظيم لله تعالى من صفات الملائكة؛ فتشبَّهْ بهم، ﴿ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ ﴾ [البقرة: 30].







3- تواضعْ لله تعالى مهما بلغتَ من درجات في العلم، واطلب منه سبحانه الزيادةَ، ﴿ قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ﴾ [البقرة: 32].







العمل بالآيات:



1- ضع لنفسك جدولًا تتعلم فيه أهمَّ المسائل التي تحتاجها، ﴿ وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴾ [البقرة: 31].







2- اقرأ قصة آدم عليه الصلاة والسلام، ثم استخرج ثلاثَ فوائدَ تهمك في حياتك، ﴿ وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ ﴾ [البقرة: 35].











3- تذكَّر ما وقع منك أو من أسرتك من ذنب، ثم قل: ﴿ رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾ [الأعراف: 23].








معاني الكلمات:



﴿ خَلِيفَةً ﴾: مَنْ يَخْلُفُ غَيْرَهُ.



﴿ وَيَسْفِكُ ﴾: يُرِيقُ.



﴿ وَنُقَدِّسُ لَكَ ﴾: نُعَظِّمُكَ، وَنُمَجِّدُكَ، وَنُطَهِّرُ ذِكْرَكَ عَمَّا لَا يَلِيقُ بِكَ.



﴿ رَغَدًا ﴾: هَنِيئًا وَاسِعًا.



﴿ فَأَزَلَّهُمَا ﴾: أَذْهَبَهُمَا عَنِ الْجَنَّةِ بَأَنْ أَوْقَعَهُمَا فِي الْخَطِيئَةِ وَالْزَّلَلِ.







ابوالوليد المسلم 13-12-2021 05:25 AM

رد: مختصر تفسير القرآن تدبر وعمل
 

مختصر تفسير القرآن

خالد بن حسن بن أحمد المالكي










تدبر وعمل لسورة البقرة (38-48)










قال الله تعالى: ﴿ قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ * يَابَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ * وَآمِنُوا بِمَا أَنْزَلْتُ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ وَلَا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ * وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ * وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ * أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ * وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ * الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * يَابَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ * وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ ﴾ [البقرة: 38 - 48].





الوقفات التدبرية:


١- ﴿ يَابَنِي إِسْرَائِيلَ ﴾ [البقرة: 40] مُهَيِّجًا لهم بذكر أبيهم إسرائيل، وهو نبيُّ الله يعقوبُ عليه السلام، وتقديره: يا بَني العبدِ الصالح المطيع لله: كونوا مثلَ أبيكم في متابعة الحق، كما تقول: يا ابن الكريم: افعل كذا، يا ابن الشجاع: بارِز الأبطال، يا ابن العالِم: اطلب العلم، ونحو ذلك. [ابن كثير].





٢- ﴿ وَآمِنُوا بِمَا أَنْزَلْتُ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ وَلَا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ ﴾ [البقرة: 41] تصديق القرآن للتوراة وغيرها، وتصديقُ محمد صلى الله عليه وسلم للأنبياء والمتقدمين - له ثلاثة معانٍ:


أحدها: أنهم أخبَروا به؛ ثم ظهر كما قالوا؛ فتبيَّن صدقُهم في الإخبار به.





والآخر: أنه صلى الله عليه وسلم أخبَر أنهم أنبياء، وأُنْزِلَ عليهم الكتب، فهو مصدِّق لهم؛ أي: شاهدٌ بصدقهم.





والثالث: أنه وافَقَهم فيما في كتبهم من التوحيد، وذكر الدار الآخرة، وغير ذلك من عقائد الشرائع، فهو مصدِّق لهم؛ لاتفاقهم في الإيمان بذلك. [ابن جزي].





٣- ﴿ وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ ﴾ [البقرة: 41] هذه الآية وإن كانت خاصة ببني إسرائيل، فهي تتناول من فعَل فِعلَهم؛ فمن أخذ رشوة على تغيير حقٍّ أو إبطالِه، أو امتنَع من تعليم ما وجب عليه، أو أداء ما علمه - وقد تعيَّن عليه - حتى يأخذ عليه أجرًا؛ فقد دخل في مقتضى الآية. [القرطبي].





٤- ﴿ وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 42] استُدِل بالآية على أن العالم بالحق يجب عليه إظهارُه، ويحرُمُ عليه كتمانه بالشروط المعروفة لدى العلماء. [الألوسي].





٥- ﴿ أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ ﴾ [البقرة: 44] كُلٌّ من الأمر بالمعروف وفعلِه واجب؛ لا يسقط أحدهما [بفعل] الآخر.





٦- ﴿ وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ ﴾ [البقرة: 45] أخبر الله -جل ثناؤه- أن الصلاة كبيرةٌ إلا على مَن هذه صفتُه. [الطبري].





٧- ﴿ وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ ﴾ [البقرة: 45]، وإنما لم تثقل عليهم؛ لأنهم عارفون بما يحصل لهم فيها، متوقِّعون ما ادخر من ثوابها؛ فتهُون عليهم؛ ولذلك قيل: من عرَف ما يطلب هان عليه ما يبذل، ومن أيقَن بالخلف جاد بالعطية. [الألوسي].





التوجيهات:


١- اتِّبَاعُ تعاليم الدِّين يحصُلُ به الأمن وانشراح الصدر، وَيُبْعِدُ الخوف والضيق في الدنيا والآخرة، ﴿ فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ [البقرة: 38].





٢- لا تجعل هدفك من حفظ كتاب الله وفهمه تحصيلَ شيءٍ من متاع الحياة الدنيا، ﴿ وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا ﴾ [البقرة: 41].





٣- بالصبر والصلاة تتيسر الحياة، ﴿ وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ ﴾ [البقرة: 45].





العمل بالآيات:


١- ذكِّر اليوم من حولك بنعم الله عليكم، ووجوب شكرها حتى تدوم، ﴿ يَابَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ ﴾ [البقرة: 40].


٢- احرِص اليوم على التبكير لصلاة الجماعة، وذكِّر غيرك بفضلها، وأكثِر من تعظيم الله في الركوع، ﴿ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ ﴾ [البقرة: 43].


٣- حدد فعلًا خاطئًا تغلبك نفسُك عليه أحيانًا، وحذِّر منه غيرك؛ لعل ذلك يثير فيك الحياء من الله؛ فتتركه أبدًا، ﴿ أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ﴾ [البقرة: 44].





معاني الكلمات:


﴿ فَارْهَبُونِ ﴾: فَخَافُونِ.


﴿ وَلَا تَلْبِسُوا ﴾: لَا تَخْلِطُوا.


﴿ يَظُنُّونَ ﴾: هُنَا بِمَعْنَى يُوقِنُونَ.


﴿ عَدْلٌ ﴾: عِوَضٌ وَفِدَاءٌ.








ابوالوليد المسلم 21-12-2021 08:44 PM

رد: مختصر تفسير القرآن تدبر وعمل
 



مختصر تفسير القرآن

خالد بن حسن بن أحمد المالكي




تدبر وعمل لسورة البقرة 49-57


قال الله تعالى: ﴿ وَإِذْ نَجَّيْنَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ * وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنْجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ * وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ * ثُمَّ عَفَوْنَا عَنْكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ * وَإِذْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَالْفُرْقَانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ * وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَاقَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ * وَإِذْ قُلْتُمْ يَامُوسَى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ * ثُمَّ بَعَثْنَاكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ * وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْغَمَامَ وَأَنْزَلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ﴾ [البقرة: 49 - 57]

الوقفات التدبرية:
١- ﴿ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ ﴾ [البقرة: 50] أغرقناهم وأنتم تنظرون؛ ليكون ذلك أشفى لصدوركم، وأبلَغَ في إهانة عدوِّكم. [ابن كثير].

٢- ﴿ وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَاقَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ ﴾ [البقرة: 54] الفعل الذي فعلوه فظلموا به أنفسَهم هو ما أخبر الله عنهم من ارتدادهم باتخاذهم العجلَ ربًّا بعد فراق موسى إياهم. [الطبري].

٤- ﴿ وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَاقَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ ﴾ [البقرة: 54] جعلتم أنفسكم متذللة لمن لا يَملِكُ لها شيئًا ولمن هي أشرف منه، فهذا هو أسوأ الظلم؛ فإن المرء لا يصلح أن يتذلل ويتعبَّد لمثله، فكيف لمن دونه من حيوان؟ فكيف بما يشبه بالحيوان من جماد الذهب الذي هو من المعادن؟! [البقاعي].

٥- ﴿ وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْغَمَامَ وَأَنْزَلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى ﴾ [البقرة: 57] لما ذكر تعالى ما دفعه عنهم من النِّقَم، شرَع يُذَكِّرُهم أيضًا بما أسبغ عليهم من النِّعم، فقال: ﴿ وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْغَمَامَ ﴾. [ابن كثير].

٦- ﴿ وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْغَمَامَ وَأَنْزَلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ﴾ [البقرة: 57]، فكان ينزل عليهم من المنِّ والسَّلوى ما يَكفيهم ويُقِيتُهم. ﴿ كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ ﴾؛ أي: رزقًا لا يحصل نظيره لأهل المدن المترفهين؛ فلم يشكروا هذه النعمةَ، واستمَروا على قساوة القلوب وكثرة الذنوب. [السعدي].

٧- ﴿ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ﴾ [البقرة: 57]، والجمع بين صيغتي الماضي والمستقبل؛ للدلالة على تماديهم في الظلم واستمرارهم عليه. [الألوسي].

التوجيهات:
١- كلما اشتدَّ ظلم طاغية، اقترَب زوالُ ملكه، ﴿ وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنْجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ ﴾ [البقرة: 50].

٢- لا تيئس من كثرة معاصيك؛ فإن كان الله سبحانه يغفر الشِّركَ - وهو أكبر المعاصي - إذا تاب العبد منه، فما عليك إلا أن تُقبِل على الله سبحانه بالتوبة الصادقة، ﴿ ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ * ثُمَّ عَفَوْنَا عَنْكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ [البقرة: 51، 52].

٣- من رحمة الله بالعباد أنه يمهلهم ولا يعاجلهم العقوبة؛ لعلهم يتوبون إليه ويستغفرونه فيغفر لهم، ﴿ ثُمَّ عَفَوْنَا عَنْكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ [البقرة: 52].

العمل بالآيات:
١- اكتب قائمة بالنوازل والمخاطر التي حفظ الله منها المجتمعَ وكفاهم إياها، ثم أرسِلْها برسالة تذكير بالشكر؛ فإن الله يحبُّ الشاكرين، ﴿ ثُمَّ عَفَوْنَا عَنْكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ [البقرة: 52].

٢- ذكِّر غافلًا بأن شرط توبةِ عصاة بني إسرائيل كان أن يقتُلوا أنفسَهم، وأما عصاة أمَّةِ محمد صلى الله عليه وسلم فخفَّف اللهُ عنهم بالاقتصار على طلب الاستغفار والتوبة الصادقة، ﴿ فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ ﴾ [البقرة: 54].

٣- راجع قائمة طعامك، وابتعد عن المشتبه به؛ فإن البدائل الحلال كثيرةٌ، واقتصر على الطيب من الرزق، ﴿ كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ ﴾ [البقرة: 57].

معاني الكلمات:

﴿ يَسُومُونَكُمْ ﴾: يُذِيقُونَكُمْ.
﴿ بَلَاءٌ ﴾: اخْتِبَارٌ وَنِعْمَةٌ.
﴿ فَرَقْنَا ﴾ فَصَلْنَا.
﴿ وَالْفُرْقَانَ ﴾: الَّذِي يَفْصِلُ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ.
﴿ بَارِئِكُمْ ﴾: خَالِقِكُمْ ﴿ الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ ﴾ [السجدة: 7].

﴿ الصَّاعِقَةُ ﴾: نَارٌ مِنَ الْسَّحَابِ. ﴿ وَظَلَّلْنَا ﴾: جَعَلْنَا السَّحَابَ ظِلًّا مِنْ حَرِّ الشَّمْسِ.
﴿ الْغَمَامَ ﴾: السَّحَابَ.
﴿ الْمَنَّ ﴾: شَيْئًا يُشْبِهُ الصَّمْغَ كَالْعَسَلِ.
﴿ وَالسَّلْوَى ﴾: طَيْرًا يُشْبِهُ السُّمَانَى.






ابوالوليد المسلم 21-12-2021 08:53 PM

رد: مختصر تفسير القرآن تدبر وعمل
 
مختصر تفسير القرآن

خالد بن حسن بن أحمد المالكي


تدبر وعمل لسورة البقرة 58-61





قال الله تعالى: ﴿ وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَدًا وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ * فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنْزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ * وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَشْرَبَهُمْ كُلُوا وَاشْرَبُوا مِنْ رِزْقِ اللَّهِ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ * وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نَصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ مِنْ بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُوا مِصْرًا فَإِنَّ لَكُمْ مَا سَأَلْتُمْ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ ﴾ [البقرة: 58 - 61].

الوقفات التدبرية:
١- ﴿ وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَدًا وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ ﴾ [البقرة: 58]، حاصل الأمر: أنهم أُمِروا أن يخضعوا لله تعالى عند الفتح بالفعل والقول، وأن يعترفوا بذنوبهم، ويستغفروا منها، والشكر على النعمة عندها؛ [ابن كثير].

٢- ﴿ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُوا مِصْرًا فَإِنَّ لَكُمْ مَا سَأَلْتُمْ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ ﴾ [البقرة: 61]، فيه تهديد لهذه الأمَّة بما غلب على أهل الدنيا منهم من مثل أحوالهم باستبدال الأدنى في المعنى من الحرام والمتشابه بالأعلى من الطيِّب؛ [البقاعي].

٣- ﴿ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ ﴾، لما كان الذي جرى منهم فيه أكبرُ دليل على قلة صبرهم، واحتقارهم لأوامر الله ونعمه، جازاهم من جنس عملهم؛ [السعدي].

٤- ﴿ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ ﴾، معنى لزوم الذلة والمسكنة لليهود أنهم فقَدوا البأس والشجاعة، وبدا عليهم سيما الفقر والحاجة مع وفرة ما أنعم الله عليهم، فإنهم لما سَئِموها صارت لديهم كالعدم؛ ولذلك صار الحرص لهم سجيَّةً باقية في أعقابهم؛ [ابن عاشور].

٥- ﴿ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ ﴾ [البقرة: 61]، المعاصي يجرُّ بعضها بعضًا، فالغفلة ينشأ عنها الذنب الصغير، ثم ينشأ عنه الذنب الكبير، ثم ينشأ عنها أنواعُ البدع والكفر وغير ذلك، فنسأل الله العافية من كل بلاء؛ [السعدي].

٦- ﴿ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ ﴾ [البقرة: 61]، إدمان المعاصي يفضي إلى التغلغل فيها، والتنقل من أصغرها إلى أكبرها؛ [ابن عاشور].

٧- ﴿ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ ﴾ [البقرة: 61]، المعنى: أن الذي حمَلهم على الكفر بآيات الله تعالى، وقتلهم الأنبياء، إنما هو تقدُّم عصيانهم، واعتدائهم، ومجاوزتهم الحدودَ، والذنبُ يجر الذنب؛ [الألوسي].

التوجيهات:
١- احذر أن يُفتح لك باب رحمة وعمل صالح، فتُضيعه بتفريط منك: ﴿ فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنْزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ ﴾ [البقرة: 59].

٢- لا تستقلَّ رزق الله لك، فيُبدلك الله ما ظاهره الخير وهو شر لك، ﴿ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ ﴾ [البقرة: 61].

٣- من عاقبة المعصية: الذلُّ، والفقر، وغضب الله، ﴿ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ ﴾ [البقرة: 61].

العمل بالآيات:
١- احرص اليوم على السُّنن الرواتب، واستمرَّ في المحافظة عليها، ﴿ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [البقرة: 58].

٢- اقرأ الألفاظ والأذكار الصحيحة الواردة في الصلاة من أحد كتب صفة الصلاة الموثقة بالأدلة الصحيحة، وصحِّح ما عندك فيها من أخطاء.

٣- ذكِّر نفسك وأسرتك بنعمة تستقلونها بينما تفتقدها كثيرٌ من الأُسر: ﴿ وَإِذْ قُلْتُمْ يَامُوسَى لَنْ نَصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ مِنْ بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا ﴾ [البقرة: 61].

معاني الكلمات:

﴿ وَقُولُوا حِطَّةٌ ﴾؛ أَيْ: قُولُوا: رَبَّنَا احْطُطْ، وَضَعْ عَنَّا ذُنُوبَنَا.
﴿ رِجْزًا ﴾: عَذَابًا.
﴿ وَلَا تَعْثَوْا ﴾: لَا تَسْعَوْا.

﴿ بَقْلِهَا ﴾: الْبُقُولِ وَالْخُضَرِ كَالنَّعْنَاعِ، ﴿ وَقِثَّائِهَا ﴾: الخَيَارُ.
﴿ وَفُومِهَا ﴾: الْحِنْطَةِ، وَالْحُبُوبِ الَّتِي تُؤْكَلُ.
﴿ مِصْرًا ﴾: بَلَدًا.
﴿ وَالْمَسْكَنَةُ ﴾: فَقْرُ النَّفْسِ.
﴿ وَبَاؤُوا ﴾: اسْتَحَقُّوا وَكَانَتْ عَاقِبَتُهُمْ.








ابوالوليد المسلم 23-01-2022 09:22 PM

رد: مختصر تفسير القرآن تدبر وعمل
 
مختصر تفسير القرآن

خالد بن حسن بن أحمد المالكي



تدبر وعمل لسورة البقرة (٦٢-٦٩)



قال الله تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَكُنْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ * وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ * فَجَعَلْنَاهَا نَكَالًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ * وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً قَالُوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ * قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَا فَارِضٌ وَلَا بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ فَافْعَلُوا مَا تُؤْمَرُونَ * قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا لَوْنُهَا قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ ﴾ [البقرة: 62 - 69].

الوقفات التدبرية:
١- ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ هذه طريقة القرآن: إذا وقع في بعض النفوس عند سياق الآيات بعض الأوهام، فلا بد أن تجد ما يزيل ذلك الوهم؛ لأنه تنْزيل مَن يعلم الأشياء قبل وجودها، ومَنْ رحمتُه وسعت كل شيء، وذلك -والله أعلم- أنه لما ذَكر بني إسرائيل وذَمَّهم، وذَكر معاصيهم وقبائحهم، ربما وقع في بعض النفوس أنهم كلهم يشملهم الذم، فأراد الباري تعالى أن يبين من لم يلحقه الذم منهم بوصفه. ولما كان أيضًا ذكر بني إسرائيل خاصة يوهم الاختصاص بهم؛ ذكر تعالى حكمًا عامًا يشمل الطوائف كلها؛ ليتضح الحق، ويزول التوهم والإشكال. [السعدي].

٢- ﴿ وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ ﴾ المراد بالقوة: الجد والاجتهاد، وعدم التكاسل والتغافل. [الألوسي].

٣- ﴿ فَجَعَلْنَاهَا نَكَالًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ ﴾ لا تكون موعظة نافعة إلا للمتقين، وأما من عداهم فلا ينتفعون بالآيات. [السعدي].

٤- ﴿ وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً ﴾ قال الماوردي: إنما أُمروا -والله أعلم- بذبح بقرة دون غيرها؛ لأنها من جنس ما عبدوه من العجل؛ ليهون عندهم ما كان يرونه من تعظيمه، وليعلم بإجابتهم ما كان في نفوسهم من عبادته. [القرطبي].

٥- ﴿ قَالُوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ ﴾ في هذا الجواب تبرؤ وتنزه عن الْهُزْءِ، وهو المزاح الذي يخالطه احتقار واستخفاف بالممازح معه؛ لأنه لا يليق بعقلاء الناس فضلا عن رسل الله عليهم السلام. [طنطاوي].

٦- ﴿ قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَا فَارِضٌ وَلَا بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ فَافْعَلُوا مَا تُؤْمَرُونَ (68) قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا لَوْنُهَا قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ ﴾ لو لم يعترضوا لأجزأت عنهم أدنى بقرة، ولكنهم شدّدوا فشدَّد عليهم. [ابن كثير].

التوجيهات:
١- على المسلم أن يتمسك بدينه بقوة، وألا يكون سريع التنازل عن شيءٍ منه أمام الأحداث والمصائب، ﴿ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ ﴾.

٢- ما يحصل لغيرك من عقوبة فيه عبرةٌ وعظةٌ لك، ﴿ فَجَعَلْنَاهَا نَكَالًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ ﴾.

٣- اذكر فضل الله ورحمته عليك بهذا الإسلام، واشكره على ذلك؛ فلولاه لكنت من الخاسرين، ﴿ فَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَكُنْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾.

العمل بالآيات:
1- حاول أن تكون أكثر جدية، وأعلى همةً، ثم تأمل الفرق في النتائج ﴿ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾.

2- أرسل رسالة لمن حولك تذكر فيها أن المعصية بتحايل أكثر جلبًا لسخط الله من المعصية بلا تحايل، ﴿ وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ ﴾.

معاني الكلمات:

﴿ وَالصَّابِئِينَ ﴾ قَوْمٌ بَاقُونَ عَلَى فِطْرَتِهِمْ فِي أَوْقَاتِ الْفَتَرَاتِ.
﴿ الْطُّورَ ﴾ جَبَلٌ بِسَيْنَاءَ.
﴿ خَاسِئِينَ ﴾ مَنْبُوذِينَ.
﴿ نَكَالًا ﴾ عِقابًا شدِيدًا يَرْدَعُ المُعاقَبَ عَنِ العَوْدِ لِلْجِنايَةِ، ويَرْدَعُ غَيْرَهُ عَنِ ارْتِكابِ مِثْلِها.
﴿ فَارِضٌ ﴾ مُسِنَّةٌ هَرِمَةٌ.
﴿ بِكْرٌ ﴾ صَغِيرَةٌ فَتِيَّةٌ.
﴿ عَوَانٌ ﴾ مُتَوَسِّطَةٌ بَيْنَ الْمُسِنَّةِ وَالصَّغِيرَةِ.
﴿ فَاقِعٌ ﴾ شَدِيدَةُ الصُّفْرَةِ.






ابوالوليد المسلم 10-02-2022 05:21 PM

رد: مختصر تفسير القرآن تدبر وعمل
 
مختصر تفسير القرآن

خالد بن حسن بن أحمد المالكي




تدبر وعمل لسورة البقرة (٧٠-٧٦)




قال الله تعالى: ﴿ قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ إِنَّ الْبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ * قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَا ذَلُولٌ تُثِيرُ الْأَرْضَ وَلَا تَسْقِي الْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لَا شِيَةَ فِيهَا قَالُوا الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ * وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا وَاللَّهُ مُخْرِجٌ مَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ * فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِ اللَّهُ الْمَوْتَى وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ * ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ * أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ * وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَا بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ قَالُوا أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ﴾ [البقرة: 70 - 76].



الوقفات التدبرية:

١- ﴿ قَالُوا الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ ﴾ وهذا من جهلهم، وإلا فقد جاءهم بالحق أول مرة، فلو أنهم اعترضوا أيَّ بقرة لحصل المقصود، لكنهم شددوا بكثرة الأسئلة؛ فشدد الله عليهم. [السعدي].



2- ﴿ ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم مِّنۢ بَعْدِ ذَٰلِكَ فَهِىَ كَٱلْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً

قوة القلب المحمودة غير قسوته المذمومة، فإنه ينبغي أن يكون قويا من غير عنف، ولينا من غير ضعف. [ابن تيمية].



٣- ﴿ وَإِنَّ مِنَ ٱلْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ ٱلْأَنْهَٰرُ ۚ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ ٱلْمَآءُ ۚ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ ٱللَّهِ ﴾ إن من الحجارة ما هو أنفع من قلوبكم؛ لخروج الماء منها، وترديها، قال مجاهد: ما تردى حجر من رأس جبل... إلا من خشية الله؛ نزل بذلك القرآن. [القرطبي].



٤- ﴿ أَفَتَطْمَعُونَ أَن يُؤْمِنُوا۟ لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَٰمَ ٱللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُۥ مِنۢ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ﴾ ﴿ مِن بعد ما عقلوه ﴾؛ أي: عرفوه وعلموه. وهذا توبيخ لهم... ودل هذا الكلام أيضا على أن العالِم بالحق المعاند فيه بعيد من الرشد؛ لأنه علم الوعد والوعيد ولم ينهه ذلك عن عناده. [القرطبي].



التوجيهات:

١- الاستجابة للأوامر الشرعية بعد كثرة طرح الأسئلة المتكلفة نوع من التعنُّت أو التقوى الكاذبة، ﴿ فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا۟ يَفْعَلُونَ ﴾.



٢- الله قادر على إظهارِ ما تخفيه من الذنوب؛ فلا تجعله أهون الناظرين إليك، ﴿ وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا فَٱدَّٰرَْٰٔتُمْ فِيهَا ۖ وَٱللَّهُ مُخْرِجٌ مَّا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ ﴾.



٣- المعاصي هي سبب قسوة القلب.



العمل بالآيات:

1- ميزان القلب خلواته» انفرد بنفسك منشغلًا بعبادة من العبادات؛ فالله تعالى يعلم ما تُخفي وما تُظهر، ﴿ وَٱللَّهُ مُخْرِجٌ مَّا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ ﴾.



٢- احذر طول العهد بمرققات القلوب، واعمل اليوم عملًا يرقق قلبك؛ ﴿ ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم مِّنۢ بَعْدِ ذَٰلِكَ فَهِىَ كَٱلْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً ﴾.



٣- أرسل رسالة أو مقالًا عن بعض نماذج النفاق المعاصرة، ﴿ وَإِذَا لَقُوا۟ ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ قَالُوٓا۟ ءَامَنَّا وَإِذَا خَلَا بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ قَالُوٓا۟ أَتُحَدِّثُونَهُم بِمَا فَتَحَ ٱللَّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَآجُّوكُم بِهِۦ عِندَ رَبِّكُمْ ۚ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ﴾.




معاني الكلمات:

﴿ لاَ ذَلُولٌ ﴾: غَيْرُ مُذَلَّلَةٍ لِلْعَمَلِ.


﴿ مُسَلَّمَةٌ ﴾: خَالِيَةٌ مِنَ الْعُيُوبِ.

﴿ لاَ شِيَةَ ﴾: لَيسَ فِيهَا عَلاَمَةٌ مِنْ لَوْنٍ يُخَالِفُ لَوْنَهَا.

﴿ فَادَّارَأْتُمْ ﴾: تَدَافَعْتُمْ تُهَمَةَ الْقَتْلِ.









ابوالوليد المسلم 20-02-2022 06:12 PM

رد: مختصر تفسير القرآن تدبر وعمل
 






مختصر تفسير القرآن

خالد بن حسن بن أحمد المالكي












تدبر وعمل لسورة البقرة ٧٧-٨٣








قال الله تعالى: ﴿ وَلَا يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ * وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ * فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ * وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَةً قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدًا فَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ * بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ * وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ * وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ ﴾ [البقرة: 77 - 83]







الوقفات التدبرية:



١- ﴿ وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ ٱلْكِتَٰبَ إِلَّآ أَمَانِىَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ ﴾؛ هذه صفة من لا يفقه كلام الله، ويعمل به. [ابن تيمية].







٢- ﴿ فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ ٱلْكِتَٰبَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَٰذَا مِنْ عِندِ ٱللَّهِ لِيَشْتَرُوا۟ بِهِۦ ثَمَنًا قَلِيلًا ﴾؛ إنما فعلوا ذلك مع علمهم ﴿ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا ﴾، والدنيا كلها من أولها إلى آخرها ثمن قليل، فجعلوا باطلهم شَرَكا يصطادون به ما في أيدي الناس، فظلموهم من وجهين:



من جهة تلبيس دينهم عليهم.



ومن جهة أخذ أموالهم بغير حق، بل بأبطل الباطل، وذلك أعظم ممن يأخذها غصبا وسرقة ونحوهما. [السعدي].







3- قال تعالى: ﴿ أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 75]، وقال سبحانه: ﴿ وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ ﴾ [البقرة: 78].



[علماء اليهود] محرفون لكتاب الله على حسب أهوائهم وشهواتهم.



وعوامهم لا يعرفون من كتابهم إلا الأكاذيب والأوهام التي وضعها لهم أحبارهم.



وأمة هذا شأن علمائها وعوامها لا يُنتظر منها أن تستجيب للحق أو أن تُقبل على الصراط المستقيم. [طنطاوي].











التوجيهات:



١- تذكر أن الله يعلم ما تُسر وما تُعلن؛ فلا يَرينَّك في سرك وعلانيتك إلا على خير، ﴿ أَوَلَا يَعْلَمُونَ أَنَّ ٱللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ ﴾.







٢- قرن الله حقَّ الوالدين بحقه؛ فلا تتساهل في حق والديك، ﴿ لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا ٱللَّهَ وَبِٱلْوَٰلِدَيْنِ إِحْسَانًا ﴾.







العمل بالآيات:



١- أرسل رسالة عن أهمية إصلاح السريرة من خلال هذه الآية الكريمة، ﴿ أَوَلَا يَعْلَمُونَ أَنَّ ٱللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ ﴾.







٢- تدبر القرآن، واعمل به، وابدأ ببرنامج في فهم آيات القرآن من خلال قراءة أحد التفاسير الميسرة، واستفد من موقع وتطبيق الباحث القرآني، ﴿ وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ ٱلْكِتَٰبَ إِلَّآ أَمَانِىَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ ﴾.








٣- نفِّذ هذه العبادات حتى تكون عاملًا بالقرآن، وانظر كيف تجد قلبك بعد ذلك، ﴿ لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا ٱللَّهَ وَبِٱلْوَٰلِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِى ٱلْقُرْبَىٰ وَٱلْيَتَٰمَىٰ وَٱلْمَسَٰكِينِ ﴾.







معاني الكلمات:



﴿ أُمِيُّونَ ﴾: لَا يُحْسِنُونَ الْكِتَابَةَ.




﴿ أَمَانِيَّ ﴾: مَا يَتَمَنَّاهُ الْإِنْسَانُ وَيَشْتَهِيهِ.



﴿ فَوَيْلٌ ﴾: هَلاَكٌ، وَوَعِيدٌ شَدِيدٌ.



﴿ مِيثَاقَ ﴾: الْعَهْدَ الْمُؤَكَّدَ.



﴿ حُسْناً ﴾: كَلاَمًا طَيِّبًا.









ابوالوليد المسلم 20-02-2022 06:14 PM

رد: مختصر تفسير القرآن تدبر وعمل
 

مختصر تفسير القرآن

خالد بن حسن بن أحمد المالكي

تدبر وعمل لسورة البقرة ٨٤-٨٨




قال الله تعالى: ﴿وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لَا تَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمْ وَلَا تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ * ثُمَّ أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقًا مِنْكُمْ مِنْ دِيَارِهِمْ تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَإِنْ يَأْتُوكُمْ أُسَارَى تُفَادُوهُمْ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ * أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ فَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ * وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَقَفَّيْنَا مِنْ بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ * وَقَالُوا قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلًا مَا يُؤْمِنُونَ﴾ [البقرة: 84 - 88].

الوقفات التدبرية:
١- ﴿ وَإِن يَأْتُوكُمْ أُسَٰرَىٰ تُفَٰدُوهُمْ ﴾ وردت الآثار عن النبي ﷺ أنه فك الأُسارى، وأمر بفكهم، وجرى بذلك عمل المسلمين، وانعقد به الإجماع، ويجب فك الأسارى من بيت المال، فإن لم يكن فهو فرض على كافة المسلمين، ومن قام به منهم أسقط الفرض عن الباقين. [القرطبي]


٢- ﴿ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ ٱلْكِتَٰبِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ ﴾ فيها أكبر دليل على أن الإيمان يقتضي فعل الأوامر واجتناب النواهي، وأن المأمورات من الإيمان. [السعدي].

٣- ﴿ أُو۟لَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ ٱشْتَرَوُا۟ ٱلْحَيَوٰةَ ٱلدُّنْيَا بِٱلۡـَٔاخِرَةِ ﴾ أخبر تعالى عن السبب الذي أوجب لهم الكفر ببعض الكتاب والإيمان ببعضه، فقال: ﴿ أُو۟لَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ ٱشْتَرَوُا۟ ٱلْحَيَوٰةَ ٱلدُّنْيَا بِٱلۡـَٔاخِرَةِ ﴾. [السعدي].

٤- ﴿ وَقَالُوا۟ قُلُوبُنَا غُلْفٌۢ ۚ بَل لَّعَنَهُمُ ٱللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلًا مَّا يُؤْمِنُونَ ﴾ [أي:] قلوبنا مغشاة بأغشية خَلقية، مانعة عن نفوذ ما جئت به؛ فيها إقناط النبي ﷺ عن الإجابة، وقطع طمعه عنهم بالكلية؛ فأقصاهم الله تعالى عن رحمته. [الألوسي].

التوجيهات:
١- تأمل كيف سمى الله تعالى قتل بعضهم بعضًا قتلًا لأنفسهم؛ لأن المؤمن مع أخيه كالنفس الواحدة؛ يحزنه ما أحزنه، ويفرحه ما أفرحه، ﴿ ثُمَّ أَنتُمْ هَٰٓؤُلَآءِ تَقْتُلُونَ أَنفُسَكُمْ ﴾.

٢- الإيمان بالله سبحانه هو الرضى بالدين كاملا، أما انتقاء بعض الأحكام ورد البعض الآخر فنوع من النفاق والعياذ بالله، ﴿ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ ٱلْكِتَٰبِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ ﴾.

العمل بالآيات:
١- اسع في فك أسير بتقديم مال، أو بدعوة صالحة في جوف الليل، أو في ساعة إجابة، ﴿ وَإِن يَأْتُوكُمْ أُسَٰرَىٰ تُفَٰدُوهُمْ ﴾.

٢- اطلب النصيحة من أحد الصالحين، واقبلها طالما أنها حق، ولا تردها لأنها لا توافق هواك، ﴿ أَفَكُلَّمَا جَآءَكُمْ رَسُولٌۢ بِمَا لَا تَهْوَىٰٓ أَنفُسُكُمُ ٱسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ ﴾.

٣- قل: «رضيت بالله ربا، وبمحمد ﷺ رسولاً، وبالإسلام دينًا».


معاني الكلمات:
﴿ تُفَادُوهُمْ ﴾: تُحَرِّرُوهم مِنَ الأَسْرِ بدَفْعِ الفِدْيَةِ.
﴿ خِزْيٌ ﴾: ذُلٌّ، وَفَضِيحَةٌ.
﴿ وَقَفَّيْنَا ﴾: أَتْبَعْنَا.
﴿ وَأَيَّدْنَاهُ ﴾: قَوَّيْنَاهُ.
﴿ بِرُوحِ الْقُدُسِ ﴾: جِبْرِيلَ عليه السلام.
﴿ غُلْفٌ ﴾: مُغَلَّفَةٌ مُغَطَّاةٌ.




ابوالوليد المسلم 05-03-2022 06:44 PM

رد: مختصر تفسير القرآن تدبر وعمل
 
مختصر تفسير القرآن تدبر وعمل

خالد بن حسن بن أحمد المالكي
تدبر وعمل لسورة البقرة (٨٩ - ٩٣)

قال الله تعالى: ﴿ وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ * بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ أَنْ يَكْفُرُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ بَغْيًا أَنْ يُنَزِّلَ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ فَبَاءُوا بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُهِينٌ * وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا نُؤْمِنُ بِمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَيَكْفُرُونَ بِمَا وَرَاءَهُ وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَهُمْ قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِيَاءَ اللَّهِ مِنْ قَبْلُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * وَلَقَدْ جَاءَكُمْ مُوسَى بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ * وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاسْمَعُوا قَالُوا سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ قُلْ بِئْسَمَا يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمَانُكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾ [البقرة: 89 - 93].

الوقفات التدبرية:
١- ﴿ فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ ﴾ كفرهم كان لمجرد العناد الذي هو نتيجة الحسد لا للجهل، وهو أبلغ في الذم؛ لأن الجاهل قد يُعذر. [الألوسي].

٢- ﴿ بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ أَنْ يَكْفُرُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ بَغْيًا أَنْ يُنَزِّلَ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ فَبَاءُوا بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُهِينٌ ﴾ لما كان كفرهم سببه البغي والحسد، ومنشأ ذلك التكبر؛ قوبلوا بالإهانة والصغار في الدنيا والآخرة. [ابن كثير].


٣- ﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا نُؤْمِنُ بِمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَيَكْفُرُونَ بِمَا وَرَاءَهُ وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَهُمْ ﴾ فلِمَ تؤمنون بما أنزل عليكم، وتكفرون بنظيره؟ هل هذا إلا تعصب واتباع للهوى؟ [السعدي].

٤– ﴿ قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنۢبِيَآءَ ٱللَّهِ مِن قَبْلُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ﴾ في إضافة ﴿ أنبياء ﴾ إلى الاسم الكريم تشريف عظيم، وإيذان بأنه كان ينبغي لمن جاء من عند الله تعالى أن يُعظم ويُنصر، لا أن يُقتل. [الألوسي].

5- ﴿ وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَٰقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ ٱلطُّورَ خُذُوا۟ مَآ ءَاتَيْنَٰكُم بِقُوَّةٍ وَٱسْمَعُوا۟ ﴾ ﴿ ورفعنا فوقكم الطور ﴾: الجبل العظيم؛ الذي جعلناه زاجرا لكم عن الرضا بالإقامة في حضيض الجهل، ورافعا إلى أوج العلم...، قال: ﴿ واسمعوا ﴾: وإلا دفناكم به؛ وذلك حيث يكفي غيركم في التأديب رفع الدرة والسوط عليه فينبعث للتعلم. [البقاعي].

6- ﴿ خُذُوا۟ مَآ ءَاتَيْنَٰكُم بِقُوَّةٍ وَٱسْمَعُوا۟ ﴾ أي: سماع قبول، وطاعة، واستجابة. [السعدي].

التوجيهات:
١- عليك أن تتمسك بدينك بقوة؛ فإن المؤمن القوي المتمسك بدينه خيرٌ من المؤمن الضعيف، ﴿ خُذُوا۟ مَآ ءَاتَيْنَٰكُم بِقُوَّةٍ ﴾.

٢- الإصرار على العناد يؤدي إلى أن يتشربه قلب المعاند، ويصبح كأنه حقيقة لديه، ﴿ قَالُوا۟ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَأُشْرِبُوا۟ فِى قُلُوبِهِمُ ٱلْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ قُلْ بِئْسَمَا يَأْمُرُكُم بِهِۦٓ إِيمَٰنُكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ﴾.

العمل بالآيات:
١- استعذ بالله من الكفر والظلم والبغي والحسد، ﴿ بِئْسَمَا ٱشْتَرَوْا۟ بِهِۦٓ أَنفُسَهُمْ أَن يَكْفُرُوا۟ بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ بَغْيًا أَن يُنَزِّلَ ٱللَّهُ مِن فَضْلِهِۦ عَلَىٰ مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ ﴾.

٢- أسأل الله سبحانه أن يرزقك التواضع، ودرِّب نفسك عليه؛ فإنه مفتاح الخير، كما أن الكبر مفتاح الشر، ﴿ بِئْسَمَا ٱشْتَرَوْا۟ بِهِۦٓ أَنفُسَهُمْ أَن يَكْفُرُوا۟ بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ بَغْيًا أَن يُنَزِّلَ ٱللَّهُ مِن فَضْلِهِۦ عَلَىٰ مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ ﴾.

٣- قل هذا الدعاء وحافظ عليه: «اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك»؛ فإن اليهود لما سخط الله عليهم فضح عيوبهم وأسرارهم على رؤوس الخلائق ﴿ قَالُوا۟ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَأُشْرِبُوا۟ فِى قُلُوبِهِمُ ٱلْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ ﴾.

معاني الكلمات:
﴿ يَسْتَفْتِحُونَ ﴾: يَسْتَنْصِرُونَ.

﴿ فَبَاءُوا ﴾: اسْتَحَقُّوا وَكَانَتْ عَاقِبَتُهُمْ.

﴿ وَأُشۡرِبُوا۟ فِی قُلُوبِهِمُ ٱلۡعِجۡلَ بِكُفۡرِهِمۡ ﴾: سُقِيتْ قُلُوبُهُمْ حُبَّ العِجْلِ بِسَبِبِ كُفْرِهِمْ.




ابوالوليد المسلم 15-03-2022 08:24 PM

رد: مختصر تفسير القرآن تدبر وعمل
 
مختصر تفسير القرآن تدبر وعمل

خالد بن حسن بن أحمد المالكي




تدبر وعمل لسورة البقرة (٩٤-١٠١)








قال الله تعالى: ﴿ قُلْ إِنْ كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآخِرَةُ عِنْدَ اللَّهِ خَالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ * وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَنْ يُعَمَّرَ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ * قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ * مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ * وَلَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَمَا يَكْفُرُ بِهَا إِلَّا الْفَاسِقُونَ * أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ * وَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 94 - 101]







الوقفات التدبرية:



١- ﴿ وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَنْ يُعَمَّرَ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ ﴾.



[ذم الله تعالى اليهود] بتهالكهم على بقائهم في الدنيا على أي حالة كانت؛ علمًا منهم بأنها - ولو كانت أسوأ الأحوال - خير لهم مما بعد الموت. [البقاعي].







٢-﴿ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَنْ يُعَمَّرَ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ



﴿ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ ﴾: مباعده. ﴿ مِنَ الْعَذَابِ ﴾: من النار. ﴿ أَنْ يُعَمَّرَ ﴾؛ أي: طول عمره لا يُنقذه. [البغوي].







٣- ﴿ قُلْ مَن كَانَ عَدُوًّا لِّجِبْرِيلَ فَإِنَّهُۥ نَزَّلَهُۥ عَلَىٰ قَلْبِكَ بِإِذْنِ ٱللَّهِ ﴾.



خص القلب بالذكر؛ لأنه موضع العقل والعلم وتلقي المعارف. [القرطبي].







٤- ﴿ فَإِنَّ ٱللَّهَ عَدُوٌّ لِّلْكَٰفِرِينَ ﴾.



من عادى وليًّا لله فقد عادى الله، ومن عادى الله فإن الله عدوٌّ له، ومن كان الله عدوه فقد خسر الدنيا والآخرة. [ابن كثير].







التوجيهات:



١- كلما كثرت ذنوب العبد اشتد تعلقه بالحياة الدنيا وحبه لها وتعظيمه إياها، وغفلته عن الدار الآخرة ورغبته عنها وزهده فيها، ﴿ وَلَن يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًۢا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ۗ وَٱللَّهُ عَلِيمٌۢ بِٱلظَّٰلِمِينَ ﴾.







٢- احذر أن تكون عدوًّا لأولياء الله؛ فإن الله تعالى يعادي من يعادي أولياءه، ﴿ مَن كَانَ عَدُوًّا لِّلَّهِ وَمَلَٰٓئِكَتِهِۦ وَرُسُلِهِۦ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَىٰلَ فَإِنَّ ٱللَّهَ عَدُوٌّ لِّلْكَٰفِرِينَ ﴾.








العمل بالآيات:



١- سل الله تعالى حسن الخاتمة، والشوق للقاء الله في غير ضراء مضرة، ولا فتنة مضلة، ﴿ قُلْ إِن كَانَتْ لَكُمُ ٱلدَّارُ ٱلۡـَٔاخِرَةُ عِندَ ٱللَّهِ خَالِصَةً مِّن دُونِ ٱلنَّاسِ فَتَمَنَّوُا۟ ٱلْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَٰدِقِينَ ﴾.







٢- راجع قائمة زملائك وأصدقائك، وحاول أن تدخل فيهم من تظن أنه من أولياء الله سبحانه، ﴿ مَن كَانَ عَدُوًّا لِّلَّهِ وَمَلَٰٓئِكَتِهِۦ وَرُسُلِهِۦ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَىٰلَ فَإِنَّ ٱللَّهَ عَدُوٌّ لِّلْكَٰفِرِينَ ﴾.







معاني الكلمات:




﴿ نَبَذَهُ ﴾: طَرَحَهُ وَتَرَكَهُ.







ابوالوليد المسلم 31-03-2022 07:34 PM

رد: مختصر تفسير القرآن تدبر وعمل
 
مختصر تفسير القرآن تدبر وعمل

خالد بن حسن بن أحمد المالكي




تدبر وعمل لسورة البقرة [102- 105]


قال الله تعالى: ﴿ وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ * وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَيْرٌ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ * يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا وَاسْمَعُوا وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ * مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلَا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ﴾ [البقرة: 102 - 105].

الوقفات التدبُّرية:
١- ﴿ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ ﴾.
يُستعان في تحصيل "السحر" بالتقرب إلى الشيطان بارتكاب القبائح:
قولًا؛ كالرُّقى التي فيها ألفاظ الشرك، ومدح الشيطان، وتسخيره.
وعملًا؛ كعبادة الكواكب، والتزام الجناية، وسائر الفسوق؛ [الألوسي].

٢- ﴿ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ ﴾.
كما أن الملائكة لا تُعاون إلا أخيار الناس المشبهين بهم في المواظبة على العبادة، والتقرُّب إلى الله تعالى بالقول والفعل؛ كذلك الشياطين لا تُعاون إلا الأشرار المشبهين بهم في الخباثة والنجاسة قولًا، وفعلًا، واعتقادًا؛ وبهذا يتميز الساحر عن النبي والولي؛ [الألوسي].

٣- ﴿ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ﴾.
في هذه الآية وما أشبهها: أن الأسباب مهما بلغت في قوة التأثير فإنها تابعة للقضاء والقدر، ليست مستقلة في التأثير؛ [السعدي].

٤- ﴿ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ ﴾.
أفادت الجملة الكريمة بجمعها بين إثبات الضُّرِّ ونفي النَّفْعِ مفاد الحصر، فكأنه سبحانه يقول: ويتعلمون ما ليس إلا ضررًا بحتًا؛ [طنطاوي].

٥- ﴿ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ﴾.
[في هذه الآية دليل على أن] السحر لا ينفع في الآخرة، ولا يُقرِّب إلى الله، وأنَّ من اشتراه ما له في الآخرة من خلاق؛ فإنَّ مبناه على الشرك، والكذب، والظلم، [و]مقصود صاحبه الظلم، والفواحش؛ [ابن تيمية].

٦- ﴿ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ ﴾.
مع أن محبة الزوجين لا تقاس بمحبة غيرهما؛ لأن الله قال في حقهما: ﴿ وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً ﴾ [الروم: 21]، وفي هذا دليل على أن السحر له حقيقة، وأنه يضر بإذن الله؛ [السعدي].

٧- ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا ﴾.
كان المسلمون يقولون حين خطابهم للرسول عند تعلمهم أمر الدين: ﴿ رَاعِنَا ﴾؛ أي: راعِ أحوالنا، فيقصدون بها معنًى صحيحًا، وكان اليهود يريدون بها معنًى فاسدًا، فانتهزوا الفرصة، فصاروا يخاطبون الرسول بذلك، ويقصدون المعنى الفاسد، فنهى الله المؤمنين عن هذه الكلمة سدًّا لهذا الباب؛ ففيه:
النهي عن الجائز إذا كان وسيلة إلى محرم.
وفيه الأدب، واستعمال الألفاظ التي لا تحتمل إلا الحسن.
وعدم الفحش، وترك الألفاظ القبيحة، أو التي فيها نوع تشويش، أو احتمال لأمر غير لائق.
فأمرهم بلفظة لا تحتمل إلا الحسن؛ فقال: ﴿ وَقُولُوا انْظُرْنَا ﴾، فإنها كافية يحصل بها المقصود من غير محذور؛ [السعدي].

التوجيهات:
١- ﴿ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ ﴾، ﴿ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ ﴾.
فيها كفر السِّحْرِ والسَّحَرَةِ؛ نسأل الله تعالى العفو والعافية.

٢- من تعلق بالله كفاه الله شر كل ذي شر ﴿ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ﴾.

٣- داء الحسد عنصر أساسي في علاقات الكفار مع المسلمين، ﴿ مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلَا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ ﴾.

العمل بالآيات:
١- استعذ بالله من شر حاسد إذا حسد، ومن شر النفاثات في العقد:
﴿ مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلَا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ ﴾.
﴿ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ﴾.

٢- اسعَ في صلح بين اثنين؛ وخاصة زوجين، واعلم أن الشيطان وجنده يسعون للإفساد بين الناس والأزواج، فكن أنت مصلحًا، ﴿ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ ﴾.

٣- حذر المجتمع من وجود السحرة، ووضح خطرهم عليه، ووجوب السعي والتعاون لكف شرهم، ﴿ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ﴾.

معاني الكلمات:
﴿ تَتْلُوا ﴾: تُحَدِّثُ، وَتَقْرَأُ.
﴿ بِبَابِلَ ﴾: أَرْض بِالْعِرَاقِ.
﴿ هَارُوتَ وَمَارُوتَ ﴾: اسْمُ مَلَكَيْنِ أَنْزَلَهُمَا اللهُ؛ ابتْلاءً مِنْهُ؛ لِتَعْلِيمِ السِّحْرِ، وَالتَّحْذِيرِ مِنْهُ.
﴿ خَلاقٍ ﴾: نَصِيب وحظ.





ابوالوليد المسلم 11-04-2022 02:23 AM

رد: مختصر تفسير القرآن تدبر وعمل
 
مختصر تفسير القرآن تدبر وعمل

خالد بن حسن بن أحمد المالكي



تدبر وعمل لسورة البقرة (١٠٦-١١٢)

قال الله تعالى: ﴿ مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ * أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْأَلُوا رَسُولَكُمْ كَمَا سُئِلَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ * وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ * وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ [البقرة: 106 - 112].

الوقفات التدبرية:
1- ﴿ مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾.
معرفة هذا الباب أكيدة، وفائدته عظيمة، لا يستغني عن معرفته العلماء، ولا ينكره إلا الجهلة الأغبياء؛ لما يترتب عليه من النوازل في الأحكام، ومعرفة الحلال من الحرام؛ [القرطبي].

2- ﴿ أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ ﴾.
من علم أنه تعالى وليه ونصيره -لا ولي ولا نصير له سواه- يعلم قطعًا أنه لا يفعل به إلا ما هو خير له؛ فيفوض أمره إليه تعالى؛ [الألوسي].

3- ﴿ أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْأَلُوا رَسُولَكُمْ كَمَا سُئِلَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ ﴾ [البقرة: 108].
المراد بذلك: أسئلة التعنت والاعتراض، كما قال تعالى: ﴿ يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَى أَكْبَرَ مِنْ ذَلِكَ فَقَالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً ﴾ [النساء: 153]، وقال تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ ﴾ [المائدة: 101]، فهذه ونحوها هي المنهي عنها؛ وأما سؤال الاسترشاد والتعلم فهذا محمود، قد أمر الله به كما قال تعالى: ﴿ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [الأنبياء: 7]، ويقررهم عليه كما في قوله: ﴿ يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ ﴾ [البقرة: 219]، ﴿ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى ﴾ [البقرة: 220]، ونحو ذلك. ولما كانت المسائل المنهي عنها مذمومة، قد تصل بصاحبها إلى الكفر، قال: ﴿ وَمَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ ﴾ [البقرة: 108]؛ [السعدي].

4- ﴿ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ﴾.
قال: ﴿ لِأَنْفُسِكُمْ ﴾ للإِشعار بأن ما يقدمه المؤمن من خير إنما يعود نفعه إليه، وأنه سيجد عند الله نظير ذلك الثوابَ الجزيلَ، والأجرَ العظيمَ. وفي قوله: ﴿ عِنْدَ اللَّهِ ﴾، إشارة إلى ضخامة الثواب؛ لأنه صادر من الغني الحميد. وجاءت جملة ﴿ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ﴾ لتأكيد ذلك الوعد، فقد دلت على أن الله تعالى لا يخفى عليه عمل عامل قليلًا كان أو كثيرًا، وإذا كان عالمًا محيطًا بكل عمل يصدر من الإِنسان كانت الأعمال محفوظة عنده تعالى، فلا يضيع منها عمل دون أن يلقى العامل جزاءه يوم الدين؛ [طنطاوي].

5- ﴿ وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴾.
أي: قال اليهود: لن يدخل الجنة إلا من كان هودًا، وقالت النصارى: لن يدخل الجنة إلا من كان نصارى، فحكموا لأنفسهم بالجنة وحدهم، وهذا مجرد أماني غير مقبولة، إلا بحجة وبرهان، فأتوا بها إن كنتم صادقين. وهكذا كل من ادَّعى دعوى، لا بد أن يقيم البرهان على صحة دعواه، وإلا فلو قُلبت دعواه، وادَّعى مُدَّعٍ عكس ما ادَّعى بلا برهان لكان لا فرق بينهما، فالبرهان هو الذي يصدق الدَّعاوى أو يكذبها، ولما لم يكن بأيديهم برهان، عُلِمَ كذبهم بتلك الدَّعوى؛ [السعدي].

6- ﴿ بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾.
أصل الإسلام: الاستسلام والخضوع، وخص الوجه؛ لأنه إذا جاد بوجهه في السجود لم يبخل بسائر جوارحه؛ [البغوي].

7- ﴿ بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾.
فحصل لهم المرغوب، ونجوا من المرهوب. ويُفهم منها: أن من ليس كذلك فهو من أهل النار الهالكين، فلا نجاة إلا لأهل الإخلاص للمعبود، والمتابعة للرسول؛ [السعدي].

8- ﴿ وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ ﴾.
في هذه الآية يُعْلِمُ الله عبادَه المؤمنين بعداوة أهل الكتاب لهم في الباطن والظاهر، وما هم مشتملون عليه من الحسد للمؤمنين مع علمهم بفضلهم وفضل نبيهم؛ [ابن كثير].

التوجيهات:
كن على يقين أن الخير فيما أمر به الله تعالى، والشَّرَّ فيما نهى الله سبحانه عنه، ﴿ مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ ﴾.

العمل بالآيات:
1- استعذ بالله من الحسد، وكن على حذر من أهله ﴿ وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ ﴾.

2- أرسِلْ رسالةً، أو اكتب مقالًا تبين فيه أن كثيرًا من اليهود والنصارى يودون انحراف المسلمين عن دينهم؛ كما أخبر القرآن بذلك ﴿ وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ ﴾.

3- بادر إلى الصلوات الخمس في وقتها، واحرص على أداء الزكاة لمستحقِّيها، ﴿ وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ﴾ [البقرة: 110].

معاني الكلمات:
﴿ نَنْسَخْ ﴾: نُبَدِّل رَسْمَ آيَةٍ أَوْ حُكْمَهَا أَوْ نُبَدِّل الرَّسْمَ وَالْحُكْمَ مَعًا.
﴿ نُنْسِهَا ﴾: نَمْحُهَا مِنَ الْقُلُوبِ.
﴿ سَوَاءَ السَّبِيْلِ ﴾: صِرَاط اللَّهِ المُسْتَقِيم.



ابوالوليد المسلم 28-04-2022 03:12 PM

رد: مختصر تفسير القرآن تدبر وعمل
 
مختصر تفسير القرآن تدبر وعمل

خالد بن حسن بن أحمد المالكي



تدبر وعمل لسورة البقرة (١١٣- ١١٩)


قال الله تعالى: ﴿ وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ * وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ * وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ * وَقَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ * بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ * وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ لَوْلَا يُكَلِّمُنَا اللَّهُ أَوْ تَأْتِينَا آيَةٌ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِثْلَ قَوْلِهِمْ تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ قَدْ بَيَّنَّا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ * إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَا تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ ﴾ [البقرة: 113 - 119]

الوقفات التدبرية:
1- ﴿ وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ ﴾.

فهم- كما قال الإمام أحمد -: «مختلفون في الكتاب، مخالفون للكتاب»؛ قد جمعوا وصفي الاختلاف الذي ذمه الله في كتابه؛ [ابن تيمية].

2- ﴿ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ ﴾.
إذا كان لا أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه، فلا أعظم إيمانًا ممن سعى في عمارة المساجد بالعمارة الحسية والمعنوية؛ كما قال تعالى: ﴿ إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ﴾ [التوبة: 18]؛ بل قد أمر الله تعالى برفع بيوته وتعظيمها وتكريمها، فقال تعالى: ﴿ فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ ﴾ [النور: 36]، وللمساجد أحكام كثيرة، يرجع حاصلها إلى مضمون هذه الآيات الكريمة؛ [السعدي].

3- ﴿ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾.
من أعلام قيام الساعة: تضييع المساجد؛ لذلك كل أمة وكل طائفة وكل شخص معين تطرق بجرم في مسجد يكون فعله سببًا لخلائه، فإن الله عز وجل [يعاقبهم] بروعة ومخافة [وذل وخزي] في الدنيا، [﴿ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾]؛ [الحرالي كما نقله عنه البقاعي].

4- ﴿ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا ﴾.
﴿ وَسَعَى ﴾؛ أي: اجتهد وبذل وسعه.﴿ فِي خَرَابِهَا ﴾: الحسي والمعنوي؛
فالخراب الحسي: هدمها وتخريبها، وتقذيرها.
والخراب المعنوي: منع الذاكرين لاسم الله فيها.
وهذا عام لكل من اتصف بهذه الصفة؛ [السعدي].

5- ﴿ وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴾.
أي: إن لله تبارك وتعالى ملك الجهة التي تطلع منها الشمس، وملك الجهة التي تغيب منها، وله ملك جميع ما بينهما من الجهات والمخلوقات، فهو مالك الأرض كلها. فأي جهة توجهتم إليها في الصلاة- بأمر الله لكم - فإنكم تتجهون إلى الله عز وجل في الحقيقة؛ لأن المصلي إذا توجه إلى القبلة، فقد استقبل وجه الله سبحانه حقيقة. [و]ختم الله سبحانه هذه الآية باسمين دالين على الإحاطة، فالله عز وجل واسع الرحمة والمغفرة والعلم، واسع الجود والعطاء، وغير ذلك من صفاته الحسنى، وهو ذو علم محيط بكل شيء، لا يغيب عن علمه شيء أبدًا؛ [الدرر السنية، التفسير الميسر].

6- ﴿ وَقَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ ﴾.
أي: إن كل أحد لا يخرج عن مشيئته وقدرته وملكه سبحانه، بل الجميع- حتى من ادعيت بنوته لله تعالى كعيسى عليه السلام- عبيد مقهورون مدبرون، وهم منقادون وخاضعون للنواميس الإلهية في أبدانهم وغيرها، طوعًا أو كرهًا؛ [الدرر السنية].

7- ﴿ بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾.
أي: خالقهما ومبدعهما ومنشئهما من العدم بلا آلة ولا مادة، على غير مثال سابق؛ [التفسير الميسر، طنطاوي].

8- ﴿ وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ﴾.
فهذا أدل دليل على أن الله تعالى على كل شيء قدير، وأن الله لا يعجزه شيء في السموات ولا في الأرض، كما قال تعالى: ﴿ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيمًا قَدِيرًا ﴾ [فاطر: 44]؛ [ابن عثيمين].

9- ﴿ وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ لَوْلَا يُكَلِّمُنَا اللَّهُ أَوْ تَأْتِينَا آيَةٌ ﴾.
يطلبون آيات التعنت، لا آيات الاسترشاد، ولم يكن قصدهم تبين الحق؛ فإن الرسل قد جاؤوا من الآيات بما يؤمن بمثله البشر؛ [السعدي].

10- ﴿ وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ لَوْلَا يُكَلِّمُنَا اللَّهُ أَوْ تَأْتِينَا آيَةٌ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِثْلَ قَوْلِهِمْ تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ ﴾.

المراد أن المكذبين للرسل [﴿ تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ ﴾، ولذلك] تتشابه أقوالهم وأفعالهم، فكما أن قوم موسى كانوا أبدًا في التعنت واقتراح الأباطيل، كقولهم: ﴿ لَنْ نَصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ ﴾ [البقرة: 61]، وقولهم: ﴿ اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ ﴾ [الأعراف: 138]، [وقولهم]: ﴿ أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا ﴾ [البقرة: 67]، وقولهم: ﴿ أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً ﴾ [النساء: 153]، فكذلك هؤلاء المشركون يكونون أبدًا في العناد واللجاج وطلب الباطل؛ [الرازي].

11- ﴿ وَلَا تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ ﴾ [البقرة: 119].
أي: إنك لست مؤاخذًا يا [أيها النبي]، على بقاء الكفار- أصحاب النار الملازمين لها- على كفرهم؛ فلن تسأل عنهم بعد أن بلغتهم بالحق؛ فإنما عليك البلاغ فحسب، وحسابهم على الله عز وجل.

[وفي قراءة ﴿ ولا تسأل عن أصحاب الجحيم ﴾ أي:] لا تسأل يا [أيها النبي]، عم لأولئك من العذاب؛ فإنهم في حال من الفظاعة والشناعة لا يتصورها عقل إنسان؛ وذلك لشدة ما أعد لهم من العذاب العظيم؛ [الدرر السنية].

التوجيهات:
1- احذر أن تكون سببًا في منع إقامة طاعة من الطاعات في بيوت الله، فهذا من أشد الظلم، ﴿ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ ﴾.

2- جاء رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم بالبشارة والنذارة؛ فمن اهتم بالبشارات وحدها فقد أخطأ وأدى به ذلك إلى التفريط والغرور، ومن اهتم بالنذارات وحدها فقد أخطأ وأدى به ذلك إلى الإفراط والقنوط، ومن جمع بينهما فقد أصاب، ﴿ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا ﴾.


العمل بالآيات:
1- تعاون مع إخوانك في ترتيب المسجد، وتهيئة أسباب الترغيب فيه؛ فذلك من تعظيم شعائر الله، ﴿ ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ ﴾ [الحج: 32].

2- اجلس في المسجد ذاكرًا الله تعالى من الصلاة إلى الصلاة، ﴿ إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ ﴾ [التوبة: 18].



ابوالوليد المسلم 22-05-2022 11:02 PM

رد: مختصر تفسير القرآن تدبر وعمل
 
مختصر تفسير القرآن تدبر وعمل

خالد بن حسن بن أحمد المالكي

تدبر وعمل لسورة البقرة [120-126]


قال الله تعالى: ﴿ وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ * الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ * يَابَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ * وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا تَنْفَعُهَا شَفَاعَةٌ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ * وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ * وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ * وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ قَالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ﴾ [البقرة: 120 - 126].

الوقفات التدبرية:
١-﴿ وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ ﴾.
فدع [أيها النبي] طلب ما يرضيهم ويوافقهم، وأقبل على طلب رضا الله في دعائهم إلى ما بعثك الله به من الحق؛ [ابن كثير].

٢-﴿ وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ ﴾.
ليس غرضهم يا [أيها النبي] بما يقترحون من الآيات أن يؤمنوا، بل لو أتيتهم بكل ما يسألون لم يرضوا عنك، وإنما يرضيهم ترك ما أنت عليه من الإسلام واتِّباعهم؛ [القرطبي].

٣-﴿ وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ ﴾.
عبثًا يحاول المسلمون استرضاء اليهود والنصارى؛ لأنهم لن يرضوا أبدًا مهما قدم المسلمون من تنازلات دنيوية، ولن يرضوا إلا بالتنازل عن هذا الدين العظيم؛ [السويلم].

٤-﴿ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ ﴾.
اللام في قوله: ﴿ وَلَئِنِ ﴾ تشعر بأن في الجملة قسمًا مقدرًا روعي في صدرها، ليفيد تأكيد ما تضمنته من أن متبع أهواء أهل الكتاب لا يجد من الله وليًّا ولا نصيرًا؛ [طنطاوي].

٥- ﴿ وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ﴾.
جعل سبحانه إمامة الدِّين منوطةً [بالصبر واليقين]، فقال: ﴿ وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ ﴾ [السجدة: 24]، فدل على أنه بالصبر واليقين تُنالُ الإمامة في الدين؛ [ابن القيم].

٦- ﴿ وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا ﴾ [البقرة: 125].
﴿ مَثَابَةً ﴾؛ أي: مرجعًا يرجعون إليه بكلياتهم؛ كلما تفرقوا عنه اشتاقوا إليه، هم أو غيرهم، آية على رجوعهم من الدنيا إلى ربهم؛ [البقاعي].

٧-﴿ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ ﴾ [البقرة: 125].
﴿ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ ﴾: كثيرًا ما يُكَنَّى عن الصلاة بهما [لأنهما ركنان عظيمان من أركان الصلاة]؛ [الألوسي].

التوجيهات:
١- لا يمكن للمسلم أن يحصل على الرضا التام من غير المسلمين إلا بأن يدخل في دينهم؛ فليبحث عن رضا الله سبحانه فقط، ﴿ وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ ﴾.

٢ -ليس هناك هدًى إلا في كلام الله سبحانه وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم وما والاهما، فاجتهد في تأملهما والعمل بهما، ﴿ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى ﴾.

العمل بالآيات:
١ -اكتب رسالةً، أو مقالًا تبين فيه شدة عداء عموم اليهود والنصارى للمسلمين، وأن غاية رغبتهم تركنا للدين، مستدلًّا بالآية وشواهد الواقع المعاصر، ﴿ وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ ﴾.

٢- ضع لك طريقة، وحافظ عليها عند تلاوة القرآن الكريم؛ وهي أن تستخرج عملًا من الآيات، وتطبقه، ﴿ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ ﴾.

٣-قل: ﴿ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا ﴾ [الفرقان: 74].

معاني الكلمات:
﴿ أَضْطَرُّهُ ﴾: أُلْجِئُهُ مُرْغَمًا.




ابوالوليد المسلم 22-05-2022 11:04 PM

رد: مختصر تفسير القرآن تدبر وعمل
 
مختصر تفسير القرآن تدبر وعمل

خالد بن حسن بن أحمد المالكي




تدبر وعمل لسورة البقرة (١٢٧-١٣٤)

قال الله تعالى: ﴿ وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ * رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ * رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ * وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ * إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ * وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَابَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ * أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ * تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [البقرة: 127 - 134].

الوقفات التدبرية:
١- ﴿ وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴾.
آثر صيغة المضارع مع أن القصة ماضية استحضارًا لهذا الأمر؛ ليقتدي الناس به في إتيان الطاعات مع الابتهال في قبولها، وليعلموا عظمة البيت المبني فيعظموه؛ [الألوسي].

٢- ﴿ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴾.
إذا عمل الإنسان عملًا صالحًا، وسأل الله القبول فهذا من تمامه، ألم تعلم أن إبراهيم وإسماعيل كانا يبنيان الكعبة ويقولان: ﴿ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴾؛ [ابن عثيمين].

٣- ﴿ رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا ﴾.

التوبة تختلف باختلاف التائبين:
فتوبة سائر المسلمين: الندم، والعزم على عدم العود، ورد المظالم إذا أمكن، ونية الرد إذا لم يمكن.
وتوبة الخواص: الرجوع عن المكروهات من خواطر السوء، والفتور في الأعمال، والإتيان بالعبادة على غير وجه الكمال.
وتوبة خواص الخواص لرفع الدرجات، والترقي في المقامات؛ [الألوسي].

٤- ﴿ رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾.
قال غير واحد من العلماء- منهم: يحيى بن أبي كثير، وقتادة، والشافعي، وغيرهم-: الحكمة هي السنة؛ لأن الله أمر أزواج نبيه أن يذكرن ما يتلى في بيوتهن من الكتاب والحكمة، والكتاب: القرآن، وما سوى ذلك مما كان الرسول يتلوه هو السنة؛ [ابن تيمية].

٥- ﴿ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾، فقوموا به، واتصفوا بشرائعه، وانصبغوا بأخلاقه، حتى تستمروا على ذلك، فلا يأتيكم الموت إلا وأنتم عليه؛ لأن من عاش على شيء مات عليه، ومن مات على شيء بعث عليه؛ [السعدي].

التوجيهات:
١- اعمل الصالحات بقلب خاشع وجل، فعن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية: ﴿ وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ ﴾ [المؤمنون: 60] قالت عائشة: أهم الذين يشربون الخمر ويسرقون؟ قال: ((لا يا بنت الصديق؛ ولكنهم الذين يصومون ويصلون ويتصدقون وهم يخافون أن لا يقبل منهم، ﴿ أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ ﴾ [المؤمنون: 61]))؛ [أخرجه الترمذي (3175)، وصححه الألباني في صحيح الترمذي].

٢- الدعاء بالصلاح والاستقامة للنفس والذرية شأن الأنبياء والصالحين بعدهم، ﴿ رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ﴾.

٣- لقد كان الأنبياء عليهم السلام يسألون الله تعالى التوبة؛ ونحن مأمورون بالاقتداء بهم، ﴿ وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ﴾.

العمل بالآيات:
١- حافظ على الدعاء التالي في كل صباح: ((اللهم إني أسألك علمًا نافعًا، ورزقًا طيبًا، وعملًا متقبلًا)).

٢- ادع اليوم بدعاء، واشمل به ذريتك، وأشركهم فيه مقتديًا بإبراهيم وإسماعيل عليهما السلام في دعائهما: ﴿ رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ﴾.

٣- مع محافظتك على تلاوة القرآن الكريم، حاول أن تبدأ اليوم بقراءة في كتب السنة الصحيحة؛ ﴿ رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ ﴾.

معاني الكلمات:
﴿ الْقَوَاعِدَ ﴾: الأسس.
﴿ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا ﴾: بصرنا بمعالم عبادتنا لك.
﴿ وَيُزَكِّيهِمْ ﴾: يطهرهم من الشرك ومساوئ الأخلاق، ويربيهم على التوحيد ومحاسن الصفات.
﴿ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ ﴾: يعرض عن ملة التوحيد والإسلام.
﴿ سَفِهَ نَفْسَهُ ﴾: جهل نفسه، فظلمها وعابها، ولم يعمل بما ينفعها ويصلحها.




ابوالوليد المسلم 22-05-2022 11:06 PM

رد: مختصر تفسير القرآن تدبر وعمل
 
مختصر تفسير القرآن تدبر وعمل

خالد بن حسن بن أحمد المالكي



تدبر وعمل لسورة البقرة (135-141)


قال الله تعالى: ﴿ وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ * قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ * فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ * صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ * قُلْ أَتُحَاجُّونَنَا فِي اللَّهِ وَهُوَ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ وَلَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ * أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطَ كَانُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى قُلْ أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهَادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ * تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [البقرة: 135 - 141].

الوقفات التدبرية:
١- ﴿ قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ ﴾؛ أي: بألسنتكم متواطئة عليها قلوبكم، وهذا هو القول التام المترتب عليه الثواب والجزاء، فكما أن النطق باللسان بدون اعتقاد القلب نفاق وكفر، فالقول الخالي من العمل- عمل القلب- عديم التأثير، قليل الفائدة؛ [السعدي].

٢- ﴿ وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ ﴾ دلالة على أن عطية الدين هي العطية الحقيقية المتصلة بالسعادة الدنيوية والأخروية، لم يأمرنا أن نؤمن بما أوتي الأنبياء من الملك والمال ونحو ذلك؛ بل أمرنا أن نؤمن بما أعطوا من الكتب والشرائع؛ [السعدي].

٣- ﴿ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴾.
﴿ فَسَيَكْفِيكَهُمُ ﴾: وعد ظهر مصداقه؛ فقتل بني قريظة، وأجلى بني النضير، وغير ذلك؛ [ابن جزي].

٤- ﴿ صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ ﴾.
إنما أطلقت الصبغة على الإيمان بما ذكرته [آية ﴿ قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا ﴾...] مفصلًا؛ لأن الإيمان يمتزج بالقلوب امتزاج الصبغ بالمصبوغ، وتبدو آثاره على المؤمنين كما تبدو آثار الصبغ على المصبوغ؛ [طنطاوي].

٥- ﴿ صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً ﴾.
قال القاضي: قوله تعالى: ﴿ صِبْغَةَ اللَّهِ ﴾ متعلق بقوله: ﴿ قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ ﴾ إلى قوله: ﴿ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ﴾، فوصف هذا الإيمان منهم بأنه صبغة الله؛ ليبين أن المباينة بين هذا الدين الذي اختاره الله وبين الدين الذي اختاره المبطلون ظاهرة جلية، كما تظهر المباينة بين الألوان والأصباغ لذي الحس السليم؛ [الرازي].

٦- ﴿ وَنَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ ﴾.
قال سعيد بن جبير: "الإخلاص أن يخلص العبد دينه وعمله لله؛ فلا يشرك به في دينه، ولا يرائي بعمله"، قال الفضيل: "ترك العمل لأجل الناس رياء، والعمل من أجل الناس شرك، والإخلاص أن يعافيك الله منهما"؛ [البغوي].

٧- ﴿ تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾.
كررها؛ لأنها تضمنت معنى التهديد والتخويف، وفيها قطع للتعلق بالمخلوقين، وعدم الاغترار بالانتساب إليهم، وأن العبرة بالإيمان بالله، وعبادته وحده، واتباع رسله؛ [القرطبي، التفسير الميسر].

التوجيهات:
١- على المؤمن أن لا يهتم بالشعارات والادعاءات، ولا تغريه الكلمات؛ بل عليه أن يبحث عن الحقائق المؤيدة بالأدلة الصحيحة، ﴿ وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴾.

٢- لا هداية ولا سعادة في الدارين إلا بالإسلام، ﴿ وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴾.

٣ - لا بد للمسلم أن يظهر عقيدته الصحيحة، ويصدع بها، ويدعو لها؛ إذ هي أصل الدين وأساسه ﴿ قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ﴾.

العمل بالآيات:
١- اسأل الله تعالى الهداية دائمًا، وأن يثبتك على الإسلام حتى تلقاه، ﴿ وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴾.

٢- أعلن الحق لغير المسلمين، وأظهر التزامك به، فهو أدعى لثباتك عليه، وقبولهم له، ﴿ قُلْ أَتُحَاجُّونَنَا فِي اللَّهِ وَهُوَ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ وَلَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ ﴾.

٣- ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم سُنَّتان فيما يقرأ في ركعتي الفجر:
الأولى: أن يقرأ في الركعة الأولى سورة الكافرون، وفي الثانية سورة الإخلاص؛ لما رواه مسلم (726) عن أبي هريرة رضي الله عنه، "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قرأ في ركعتي الفجر: قل يا أيها الكافرون، وقل هو الله أحد".

الثانية: أن يقرأ في الركعة الأولى قوله تعالى: ﴿ قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ﴾.

وفي الركعة الثانية قوله تعالى: ﴿ قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 64].

لما رواه مسلم (727) عن ابن عباس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في ركعتي الفجر في الأولى منهما: ﴿ قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا ﴾، الآية التي في البقرة، وفي الآخرة منهما: ﴿ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 52]، والأفضل في مثل ذلك: أن يقرأ المسلم أحيانًا بهذا، وأحيانًا بهذا؛ تطبيقًا للسنة، فيما وردت به من وجوه؛ [الإسلام سؤال وجواب].

معاني الكلمات:
﴿ وَالْأَسْبَاطِ ﴾: الأنبياء من ولد يعقوب عليه السلام، الذين كانوا في قبائل بني إسرائيل.
﴿ شِقَاقٍ ﴾: مشاقة، وعداوة، وخلاف شديد.



ابوالوليد المسلم 22-05-2022 11:07 PM

رد: مختصر تفسير القرآن تدبر وعمل
 
مختصر تفسير القرآن تدبر وعمل

خالد بن حسن بن أحمد المالكي

تدبر وعمل لسورة البقرة (142-145)


قال الله تعالى: ﴿ سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ * وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ * قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ * وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ بِكُلِّ آيَةٍ مَا تَبِعُوا قِبْلَتَكَ وَمَا أَنْتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ وَمَا بَعْضُهُمْ بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ ﴾ [البقرة: 142 - 145].

الوقفات التدبرية:
١- ﴿ سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا ﴾ [البقرة: 142].

العاقل لا يبالي باعتراض السفيه، ولا يلقي له ذهنه، ودلت الآية على أنه لا يعترض على أحكام الله إلا سفيه جاهل معاند، وأما الرشيد المؤمن العاقل، فيتلقى أحكام ربه بالقبول والانقياد والتسليم؛ كما قال تعالى: ﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ﴾ [الأحزاب: 36]، ﴿ فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ﴾ [النساء: 65]؛ [السعدي: ٧٠].

٢- ﴿ سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا ﴾.

وتقديم الإخبار بالقول على الوقوع لتوطين النفس به، فإن مفاجأة المكروه أشد إيلامًا، والعلم به قبل الوقوع أبعد من الاضطراب، ولما أن فيها إعداد الجواب، والجواب المعد قبل الحاجة إليه أقطع للخصم؛ [الألوسي].

٣- ﴿ سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ ﴾.

وقد كان في قوله: ﴿ السُّفَهَاءُ ﴾ ما يغني عن رد قولهم، وعدم المبالاة به؛ ولكنه تعالى مع هذا لم يترك هذه الشبهة حتى أزالها وكشفها مما سيعرض لبعض القلوب من الاعتراض، فقال تعالى: ﴿ قُلْ ﴾ لهم مجيبًا: ﴿ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ ﴾؛ [السعدي].

٤- ﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا ﴾؛ والوسط ههنا: الخيار، ولما جعل الله هذه الأمة وسطًا خصَّها بأكمل الشرائع، وأقوم المناهج، وأوضح المذاهب؛ [ابن كثير].

٥- ﴿ وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ بِكُلِّ آيَةٍ مَا تَبِعُوا قِبْلَتَكَ ﴾.

لو أقام عليهم كل دليل على صحة ما جاءهم به لما اتبعوه وتركوا أهواءهم؛ كما قال تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ * وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ ﴾ [يونس: 96، 97]؛ ولهذا قال ها هنا: ﴿ وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ بِكُلِّ آيَةٍ مَا تَبِعُوا قِبْلَتَكَ ﴾؛ [ابن كثير].

٦- ﴿ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ ﴾.

حذر تعالى عن مخالفة الحق الذي يعلمه العالم إلى الهوى، فإن العالم الحجة عليه أقوم من غيره؛ [ابن كثير].

التوجيهات:
١- السفيه هو الذي يعترض على حكم الله تعالى، ﴿ سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا ﴾.

٢- اختبار إيمانك هو أن تعمل بما أمرك الله تسليمًا له، راضيًا بحكمه، عرَفت الحكمة أو لم تعرف، ﴿ وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ ﴾.

٣- فرق بين تأليف قلوب المدعوين واتباع أهوائهم بسخط الله، ﴿ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ ﴾.

العمل بالآيات:
١- افتعال الأزمات وتضخيم القضايا شأن المنافقين والكفار، حذر المجتمع بقضية يستخدم فيها إعلام الباطل هذه الأساليب، ﴿ سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا ﴾.

٢- ((قُلِ اللَّهُمَّ اهْدِنِي وَسَدِّدْنِي، وَاذْكُرْ، بالهُدَى هِدَايَتَكَ الطَّرِيقَ، وَالسَّدَادِ، سَدَادَ السَّهْمِ))، فإن الله عز وجل: ﴿ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾ [البقرة: 142].

3- انصح أحد المقصرين في صلاتهم، وبَيِّن له أن الله سمى الصلاة إيمانًا، وأنه قد كتب واقع كل مسلم مع الصلاة ليحاسبه عليها، ﴿ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ ﴾.

معاني الكلمات:
﴿ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ ﴾: يرتدّ عن دينه.




ابوالوليد المسلم 29-05-2022 08:53 PM

رد: مختصر تفسير القرآن تدبر وعمل
 
مختصر تفسير القرآن تدبر وعمل

خالد بن حسن بن أحمد المالكي

تدبر وعمل لسورة البقرة (146- 153)

قال الله تعالى: ﴿ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ * الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ * وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ * وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ * كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ * فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ * يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ﴾ [البقرة: 146 - 153].

الوقفات التدبرية:
١- ﴿ وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ ﴾:
حتى عباد الدنيا والملحدون ومن ليس لهم قبلة يصلون إليها لهم وجهة يولُّون قلوبهم وأبدانهم إليها، فالعبودية صفة لازمة للخلق لا ينفك عنها أحد، فمن وُفِّقَ لعبادة الله تعالى أصاب الخير والشرف والعز، ومن عَبد غيره ذَلَّ وَصَغُرَ وهان، ﴿ وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ ﴾ [الحج: 18]؛ [المالكي].

٢ ﴿ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ ﴾:
من سبق في الدنيا إلى الخيرات فهو السابق في الآخرة إلى الجنات؛ فالسابقون أعلى الخلق درجة، والخيرات تشمل جميع الفرائض والنوافل، من صلاة، وصيام، وزكوات وحج، وعمرة، وجهاد، ونفع متعد وقاصر... ويستدل بهذه الآية الشريفة على الإتيان بكل فضيلة يتصف بها العمل؛ كالصلاة في أول وقتها، والمبادرة إلى إبراء الذمة من الصيام، والحج، والعمرة، وإخراج الزكاة، والإتيان بسنن العبادات وآدابها؛ فلله ما أجمعها وأنفعها من آية! [السعدي].

٣- ﴿ وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ ﴾:
من التفت بقلبه في صلاته إلى غير ربه لم تنفعه وجهة بدنه إلى الكعبة؛ لأن ذلك حكم حق، حقيقته توجه القلب، ومن التفت بقلبه إلى شيء من الخلق في صلاته فهو مثل الذي استدبر بوجهه عن شطر قبلته؛ [البقاعي].

٤- ﴿ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ﴾:
فحاظفوا على [وظائفكم وأعمالكم الصالحة] أيها المؤمنون، وأطيعوا الله تعالى في كل ما يأمركم به، وينهاكم عنه؛ لأنه سبحانه ليس بساهٍ عن أعمالكم، ولا بغافل عنها، ولكنه محصيها عليكم، وسيجازيكم الجزاء الذي تستحقونه عليها يوم القيامة؛ [طنطاوي].

٥- ﴿ وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ ﴾:
تَكَرَّرَ الأمْرُ بِاسْتِقْبالِ [النَّبِيِّ] الكَعْبَةَ ثَلاثَ مَرّاتٍ، وتَكَرَّرَ الأمْرُ بِاسْتِقْبالِ المُسْلِمِينَ الكَعْبَةَ مَرَّتَيْنِ، وتَكَرَّرَ إنَّهُ الحَقُّ ثَلاثَ مَرّاتٍ، وتَكَرَّرَ تَعْمِيمُ الجِهاتِ ثَلاثَ مَرّاتٍ، والقَصْدُ مِن ذَلِكَ كُلِّهِ التَّنْوِيهُ بِشَأْنِ اسْتِقْبالِ الكَعْبَةِ، والتَّحْذِيرُ مِن تَطَرُّقِ التَّساهُلِ في ذَلِكَ تَقْرِيرًا لِلْحَقِّ في نُفُوسِ المُسْلِمِينَ، وزِيادَةً في الرَّدِّ عَلى المُنْكِرِينَ؛ [ابن عاشور].

٦- ﴿ فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ ﴾:
لكل ذكر خاصيته وثمرته:
وأما التهليل فثمرته التوحيد؛ أعني: التوحيد الخاص؛ فإنَّ التوحيد العام حاصل لكل مؤمن.
وأما التكبير فثمرته التعظيم والإجلال لذي الجلال.
وأما الحمد والأسماء التي معناها الإحسان والرحمة- كالرحمن، والرحيم، والكريم، والغفار، وشبه ذلك- فثمرتها ثلاث مقامات؛ وهي: الشكر، وقوة الرجاء، والمحبة؛ فإنَّ المحسن محبوب لا محالة.
وأما الأسماء التي معناها الاطلاع والإدراك-كالعليم، والسميع، والبصير، والقريب، وشبه ذلك- فثمرتها المراقبة.
وأما الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فثمرتها شدَّة المحبة فيه، والمحافظة على اتِّباع سنته.
وأما الاستغفار فثمرته الاستقامة على التقوى، والمحافظة على شروط التوبة مع [انكسار] القلب بسبب الذنوب المتقدِّمة؛ [ابن جزي].

٧- ﴿ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ * يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ﴾.
لما فرغ تعالى من بيان الأمر بالشكر؛ شرع في بيان الصبر والإرشاد [للاستعانة] بالصبر والصلاة؛ فإن العبد إما أن يكون في نعمة فيشكر عليها، أو في نقمة فيصبر عليها؛ [ابن كثير].

٨- ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ ﴾:
أمر تعالى بالاستعانة بالصلاة؛ لأن الصلاة هي عماد الدين، ونور المؤمنين، وهي الصلة بين العبد وبين ربه، فإذا كانت صلاة العبد صلاة كاملة، مجتمعًا فيها ما يَلزم فيها، وما يُسن، وحصل فيها حضور القلب، الذي هو لبُّها فصار العبد إذا دخل فيها، استشعر دخوله على ربه، ووقوفه بين يديه، موقف العبد الخادم المتأدب، مستحضرًا لكل ما يقوله وما يفعله، مستغرقًا بمناجاة ربه ودعائه، لا جرم أن هذه الصلاة، من أكبر المعونة على جميع الأمور؛ فإن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، ولأن هذا الحضور الذي يكون في الصلاة، يوجب للعبد في قلبه وصفًا وداعيًا يدعوه إلى امتثال أوامر ربه، واجتناب نواهيه؛ هذه هي الصلاة التي أمر الله أن نستعين بها على كل شيء؛ [السعدي].

٩- ﴿ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ﴾:
هذه معية خاصة، تقتضي محبته ومعونته، ونصره وقربه، وهذه منقبة عظيمة للصابرين؛ فلو لم يكن للصابرين فضيلة إلا أنهم فازوا بهذه المعية من الله لكفى بها فضلًا وشرفًا؛ [السعدي].

التوجيهات:
١- من اكتفى بالحد الأدنى من فعل الخيرات فقد يضعف نشاطه إلى حد العجز والكسل، ومن ألزم نفسه بسباق غيره ثبت وزادت منزلته عند ربه، ﴿ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ ﴾.

٢- لا يظن العبد أنه يستطيع الهرب من قدرة الله بالأسباب التي يفعلها؛ فالله تعالى قادر عليه على كل حال، وفي كل مكان، ﴿ أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾.

٣- من أعظم ما يعين العبد على حوائج الدنيا والآخرة: الصبر والصلاة،﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ ﴾.

العمل بالآيات:
١- سابق اليوم إلى الصف الأول، أو كن أول من يتصدق بصدقة، أو أول من يقرأ قرآنًا؛ فإن للسابقين منزلة ليست لغيرهم، ﴿ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ ﴾.

٢- قل: رب زدني زكاة وعلمًا وحكمة، ﴿ وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ ﴾.

٣- حافظ على أذكار الصباح والمساء والنوم، وعلمها غيرك، ﴿ فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ ﴾.

معاني الكلمات:
﴿ الْمُمْتَرِينَ ﴾: الشَّاكِّينَ.



ابوالوليد المسلم 29-05-2022 08:55 PM

رد: مختصر تفسير القرآن تدبر وعمل
 
مختصر تفسير القرآن تدبر وعمل

خالد بن حسن بن أحمد المالكي

تدبر وعمل لسورة البقرة (154- 163)


قال الله تعالى: ﴿ وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ * وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ * إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ * إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ * إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ * إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ * خَالِدِينَ فِيهَا لَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ * وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ ﴾ [البقرة: 154 - 163].


الوقفات التدبرية:
١- ﴿ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ* وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ ﴾:
إشارة إلى أن كون الله معهم لا يمنع أن يستشهد منهم شهداء، بل ذلك من ثمرات كون الله معهم؛ حيث يظفر من استشهد منهم بسعادة الأخرى، ومن بقي بسعادة الدارين؛ [البقاعي].

٢– ﴿ وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ ﴾:
من المعلوم أن المحبوب لا يتركه العاقل إلا لمحبوب أعلى منه وأعظم؛ فأخبر تعالى أن من قُتل في سبيله- بأن قاتل في سبيل الله لتكون كلمة الله هي العليا، ودينه الظاهر، لا لغير ذلك من الأغراض- فإنه لم تفته الحياة المحبوبة، بل حصل له حياة أعظم، وأكمل مما تظنون وتحسبون؛ [السعدي].

٣- ﴿ وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ ﴾:
قيل: أعلمهم بهذا ليكونوا على يقين منه أنه يصيبهم، فيوطنوا أنفسهم عليه، فيكون أبعد لهم من الجزع، وفيه تعجيل ثواب الله تعالى على العزم، وتوطين النفس؛ [القرطبي].

٤- ﴿ وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ ﴾:
السراء لو استمرت لأهل الإيمان، ولم يحصل معها محنة؛ لحصل الاختلاط الذي هو فساد، وحكمة الله تقتضي تمييز أهل الخير من أهل الشر، هذه فائدة المحن، لا إزالة ما مع المؤمنين من الإيمان، ولا ردهم عن دينهم، فما كان الله ليضيع إيمان المؤمنين، فأخبر في هذه الآية أنه سيبتلي عباده، ﴿ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ ﴾ من الأعداء، ﴿ وَالْجُوعِ ﴾؛ أي: بشيء يسير منهما؛ [السعدي].

٥- ﴿ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ﴾:
أي: مملوكون لله، مدبرون تحت أمره وتصريفه؛ فليس لنا من أنفسنا وأموالنا شيء، فإذا ابتلانا بشيء منها فقد تصرف أرحم الراحمين بمماليكه وأموالهم، فلا اعتراض عليه؛ [السعدي].

٦- ﴿ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ﴾:
﴿ إِنَّا لِلَّهِ ﴾: اللام للملك، والمالك يفعل في ملكه ما يشاء، ﴿ رَاجِعُونَ ﴾: تذكروا الآخرة لتهون عليهم مصائب الدنيا، وفي الحديث الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((مَا مِنْ مُسْلِمٍ تُصِيبُهُ مُصِيبَةٌ، فَيَقُولُ مَا أَمَرَهُ اللَّهُ: إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، اللَّهُمَّ اؤْجُرْنِي فِي مُصِيبَتِي وَأَخْلِفْ لِي خَيْرًا مِنْهَا، إِلَّا أَخْلَفَ اللَّهُ لَهُ خَيْرًا مِنْهَا))، قالت أمُّ سلمة: فَلَمَّا مَاتَ أَبُو سَلَمَةَ، قُلْتُ: أَيُّ الْمُسْلِمِينَ خَيْرٌ مِنْ أَبِي سَلَمَةَ، أَوَّلُ بَيْتٍ هَاجَرَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ ثُمَّ إِنِّي قُلْتُهَا، فَأَخْلَفَ اللَّهُ لِي رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؛ [ابن جزي].

٧- ﴿ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ﴾:

جعل هذه الكلمات ملجأ لذوي المصائب، وعصمة للممتَحَنين لما جمعت من المعاني المباركة؛ وذلك توحيد الله، والإقرار له بالعبودية، والبعث من القبور، واليقين بأن رجوع الأمر كله إليه كما هو له؛ [ابن عطية].

التوجيهات:
١- قد يبتلى المؤمن بالمصائب في النفس والأهل والمال فيصبر؛ فترتفع درجته، ويعلو مقامه عند ربه، ﴿ وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ ﴾.

٢- كتمان العلم والحق عاقبته اللعن والطرد من رحمة الله تعالى، ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ ﴾.

٣- عالم السوء يلعنه كل اللاعنين، كما قال تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ ﴾، وعالم الحق يستغفر له كل المستغفرين، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((وَإِنَّ الْعَالِمَ لَيَسْتَغْفِرُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالْحِيتَانُ فِي جَوْفِ الْمَاءِ)).

العمل بالآيات:
١- اسأل الله تعالى الشهادة صادقًا من قلبك، ﴿ وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ ﴾.

٢- قل عند وقوع المحن، أو سماعك مصائب المسلمين: "إنا لله وإنا إليه راجعون"، ﴿ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ﴾.

٣- اسأل الله العافية، واحفظ الذكر المستحب عند نزول المصيبة: ((مَا مِنْ مُسْلِمٍ تُصِيبُهُ مُصِيبَةٌ، فَيَقُولُ مَا أَمَرَهُ اللَّهُ: إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، اللَّهُمَّ اؤْجُرْنِي فِي مُصِيبَتِي وَأَخْلِفْ لِي خَيْرًا مِنْهَا، إِلَّا أَخْلَفَ اللَّهُ لَهُ خَيْرًا مِنْهَا)).

معاني الكلمات:
﴿ يَلْعَنُهُمُ ﴾: يطردهم من رحمته، ويصرفهم عن طريق الهدى والرشاد.




ابوالوليد المسلم 06-06-2022 07:43 PM

رد: مختصر تفسير القرآن تدبر وعمل
 
مختصر تفسير القرآن تدبر وعمل

خالد بن حسن بن أحمد المالكي



تدبر وعمل لسورة البقرة (164-169)


قال الله تعالى: ﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ * وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ * إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ * وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ * يَاأَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ * إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 164 - 169].

الوقفات التدبرية:
١- ﴿ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ ﴾ [البقرة: 164].
وجه الآية في الفلك: تسخير الله إياها حتى تجريَ على وجه الماء، ووقوفها فوقه مع ثقلها. [القرطبي].

٢- ﴿ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ﴾ [البقرة: 164].
﴿ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ ﴾: إرسالها من جهات مختلفة -وهي الجهات الأربع وما بينها- وبصفات مختلفة؛ فمنها ملقحة للشجر، وعقيم، وصِرٌّ، وللنصر، وللهلاك. [ابن جزي].

٣- ﴿ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ﴾ [البقرة: 164].
﴿ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ ﴾: قيل: تصريفها أنها تارة تكون لينًا، وتارة تكون عاصفًا، وتارة تكون حارة، وتارة تكون باردة. [البغوي].

٤- ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ ﴾ [البقرة: 165].
اعلم أنَّ محبة الله إذا تمكَّنت من القلب ظهَرتْ آثارُها على الجوارح من الجدِّ في طاعته، والنشاط لخدمته، والحرص على مرضاته، والتلذُّذ بمناجاته، والرضا بقضائه، والشوق إلى لقائه، والأنس بذكره، والاستيحاش من غيره، والفرار من الناس، والانفراد في الخلوات، وخروج الدنيا من القلب، ومحبة كل من يحبه الله، وإيثاره على كل من سواه. [ابن جزي].

٥- ﴿ إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ ﴾ [البقرة: 166].
ظنُّوا أن لها من الأمر شيئًا، وأنها تقرِّبهم إليه، وتوصلهم إليه؛ فخاب ظنُّهم، وبطل سعيهم، وحقَّ عليهم شدة العذاب، ولم تدفع عنهم أندادُهم شيئًا، ولم تغنِ عنهم مثقال ذرة من النفع، بل يحصل لهم الضرر منها من حيث ظنوا نفعها، وتبرَّأ المتبوعون من التابعين، وتقطَّعت بينهم الوصل التي كانت في الدنيا؛ لأنها كانت لغير الله، وعلى غير أمر الله. [السعدي].

٦- ﴿ وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ ﴾ [البقرة: 167].

يتمنى التابعون أن يُرَدُّوا إلى الدنيا فيتبرَّأوا من متبوعيهم، بأن يتركوا الشرك بالله، ويقبلوا على إخلاص العمل لله، وهيهات، فات الأمر، وليس الوقت وقتَ إمهال وإنظار، ومع هذا، فهم كَذَبَةٌ، [كما قال تعالى: ﴿ وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ ﴾ [الأنعام: 28]] [السعدي].

٧- ﴿ كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ ﴾ [البقرة: 167].
يريهم سبحانه أعمالَهم السيئة يوم القيامة فتكون حسرات تترَّدد في صدورهم كأنها شرر الجحيم. [طنطاوي].

التوجيهات:
١- محبة المخلوقين إن زادت عن حدِّها قد تصل إلى شرك المحبة؛ فلا تتجاوز الحدَّ في محبتهم مهما كانت منزلتهم، ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ ﴾ [البقرة: 165].

٢- كثرة ذكر المحبوب دليلٌ على شدة حبِّه؛ فذكر العبد لربه كثيرًا يدل على أن حبَّه لربه عظيمٌ، ﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ ﴾ [البقرة: 165].

٣- من خطوات الشيطان: الوسوسة بأكل ما نُهي عنه؛ كما وسوس لأبينا آدمَ عليه السلام أن يأكل من الشجرة التي نُهي عنها، ﴿ يَاأَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ ﴾ [البقرة: 168].

العمل بالآيات:
١- اختر واحدة من المخلوقات المذكورة في الآية، ثم استخرج ثلاثَ فوائدَ تدل على قدرة الله تعالى وحكمته في خلقها، ﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ﴾ [البقرة: 164].

٢- استخرج من القرآن ثلاثة أعمال يحبُّها الله سبحانه وتعالى، واعمل بها اليوم، ﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ ﴾ [البقرة: 165].

٣- اكتب نوعًا من الأكل أفتى العلماء بتحريمه، وتساهَلَ الناس فيه، مع فتوى لأحد العلماء، وأرسلها في رسالة لمن تعرف، ﴿ يَاأَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ ﴾ [البقرة: 168].

معاني الكلمات:
﴿ وَالْفُلْكِ ﴾: السُّفُنِ.
﴿ وَبَثَّ ﴾: نَشَرَ.
﴿ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ ﴾: تَقْلِيبِهَا، وَتَوْجِيهِهَا.
﴿ الأَسْبَابُ ﴾: الصِّلَاتُ.
﴿ حَسَرَاتٍ ﴾: نَدَامَاتٍ.
﴿ وَالْفَحْشَاءِ ﴾: الْمَعْصِيَةِ بَالِغَةِ القُبْحِ.



ابوالوليد المسلم 06-06-2022 07:45 PM

رد: مختصر تفسير القرآن تدبر وعمل
 
مختصر تفسير القرآن تدبر وعمل

خالد بن حسن بن أحمد المالكي




تدبر وعمل لسورة البقرة (170 - 176)

قال الله تعالى: ﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ * وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لَا يَسْمَعُ إِلَّا دُعَاءً وَنِدَاءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ * يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ * إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ * إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ * أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى وَالْعَذَابَ بِالْمَغْفِرَةِ فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ * ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ نَزَّلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِي الْكِتَابِ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ ﴾ [البقرة: 170 - 176].

الوقفات التدبرية:
١- ﴿ وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لَا يَسْمَعُ إِلَّا دُعَاءً وَنِدَاءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ ﴾ [البقرة: 171].
لانهماكهم في التقليد، وإخلادِهم إلى ما هم عليه من الضلالة؛ لا يلقون أذهانهم إلى ما يُتلى عليهم، ولا يتأملون فيما يقرر معهم؛ فهم في ذلك كالبهائم التي ينعق عليها وهي لا تسمع إلا جرسَ النغمة ودويَّ الصوت. [الألوسي].

٢- ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ ﴾ [البقرة: 172].
والأمر بالشكر عقيب النعم؛ لأن الشكر يحفظ النعمَ الموجودة، ويجلب النعمَ المفقودة، كما أن الكفر ينفر النعم المفقودة ويزيل النعم الموجودة. [السعدي].

٣- ﴿ إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [البقرة: 173].
لما كان هذا الدِّينُ يسرًا لا عسر فيه، ولا حرج، ولا جناح؛ رفع حكم هذا التحريمِ عن المضطر. [البقاعي].

٥- ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [البقرة: 174].
﴿ وَلَا يُزَكِّيهِمْ ﴾: كما يزكِّي بذلك من يشاء من عباده؛ لأنهم كتَموا عن العباد ما يزكيهم، وفي هذا تعظيمٌ لذنب كتم العلم.
﴿ وَلَهُمْ ﴾: مع هذا العذاب.
﴿ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾: لما أوقَعوا فيه الناسَ من التعب بكتمهم عنهم ما يقيمهم على المحجة السهلة. [البقاعي].

٦- ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ ﴾ [البقرة: 174].
سماه ﴿ قليلًا ﴾ لانقطاعِ مدته وسوء عاقبته... وهذه الآية - وإن كانت في الأحبار - فإنها تتناول من المسلمين مَن كتَم الحقَّ مختارًا لذلك؛ بسبب دنيا يصيبها. [القرطبي].

٧- ﴿ فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ ﴾ [البقرة: 175].
فما أشدَّ جراءتَهم على النار بعملهم أعمالَ أهل النار! يعجب [تعالى] من إقدامهم على ذلك، فاعجَبوا -أيها الناس- من جراءتهم، ومن صبرهم على النار ومكثهم فيها. وهذا على وجه الاستهانة بهم، والاستخفاف بأمرهم. [التفسير الميسر].

التوجيهات:
١- المؤمن يحرص على اتباع الدليلِ الصحيح من الكتاب والسنة، ولا يتبع من يتكلم بلا دليلٍ، ﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا ﴾ [البقرة: 170].

٢- الشكر عبادة، فاحرصْ عليها، ﴿ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ ﴾ [البقرة: 172].

٣- من رحمة الله أن الأصل في الأطعمة الإباحةُ، أما المحرَّم فمحصور في أصناف محدودة.

العمل بالآيات:
١- أرسِلْ رسالة تذكِّر فيها إخوانك بترك التقليد الأعمى، والحرص على اتباع الدليل، ﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا ﴾ [البقرة: 170].

٢- احمد الله تعالى بعد الأكل؛ فكم من إنسان يتمنى مثل طعامِك ولا يجده، ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ ﴾ [البقرة: 172].

٣- أرسِل رسالة فيها أسماء أطعمة مشتبه فيها، وأسماء أطعمة حلال بديلة عنها، ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ ﴾ [البقرة: 172].

معاني الكلمات:
﴿ يَنْعِقُ ﴾: يَصِيحُ.
﴿ أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ ﴾: مَا ذُكِرَ عِنْدَ ذَبْحِهِ اسْمُ غَيْرِ اللهِ تَعَالَى.
﴿ غَيْرَ بَاغٍ ﴾: غَيرَ طَالِبٍ لِلْمُحَرَّمِ، وَلَا رَاغِبٍ فِيهِ.
﴿ وَلَا عَادٍ ﴾: غَيْرَ مُتَجَاوِزٍ حُدُودَ مَا أُبِيحَ لَهُ.
﴿ شِقَاقٍ بَعِيدٍ ﴾: مُنَازَعَةٍ وَمُفَارَقَةٍ بَعِيدَةٍ عَنِ الْحَقِّ.



ابوالوليد المسلم 06-06-2022 07:46 PM

رد: مختصر تفسير القرآن تدبر وعمل
 
مختصر تفسير القرآن تدبر وعمل

خالد بن حسن بن أحمد المالكي

تدبر وعمل لسورة البقرة (177-181)

قال الله تعالى: ﴿ لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ * يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ * وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاأُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ * فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ مَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾ [البقرة: 177].

الوقفات التدبرية:
١- ﴿ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ﴾:
فمن أخرجه مع حبه له تقربًا إلى الله تعالى كان هذا برهانًا لإيمانه، ومن إيتاء المال على حبه: أن يتصدق وهو صحيح شحيح، يأمل الغنى، ويخشى الفقر، وكذلك إذا كانت الصدقة عن قلة كانت أفضل؛ لأنه في هذه الحال يحب إمساكه لما يتوهمه من العدم والفقر، وكذلك إخراج النفيس من المال، وما يحبه من ماله؛ [السعدي].

٢- ﴿ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ ﴾:
أي: هؤلاء الذين اتصفوا بهذه الصفات هم الذين صدقوا في إيمانهم؛ لأنهم حققوا الإيمان القلبي بالأقوال والأفعال، فهؤلاء هم الذين صدقوا، وأولئك هم المتقون؛ لأنهم اتقوا المحارم، وفعلوا الطاعات؛ [ابن كثير].

٣- ﴿ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ:
وهذا من باب الترقي في الصبر من الشديد إلى الأشد؛ لأن الصبر على المرض فوق الصبر على الفقر، والصبر على القتال فوق الصبر على المرض؛ [الألوسي].

٤- ﴿ فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ:
وصية العافي بأن لا يشدد في طلب الدية على المعفو له، وينظره إن كان معسرًا، ولا يطالبه بالزيادة عليها، والمعفو بأن لا يمطل العافي فيها، ولا يبخس منها، ويدفعها عند الإمكان؛ [الألوسي].

٥- ﴿ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾:
أي: فمن تجاوز حدوده بعد هذا التشريع الحكيم الذي شرعناه بأن قتل القاتل بعد قبول الدية منه، أو بأن قتل غير من يستحق القتل فله عذاب شديد الألم من الله تعالى؛ لأن الاعتداء بعد التراضي والقبول يدل على نكث العهد، ورقة الدين، وانحطاط الخلق؛ [طنطاوي].

٦- ﴿ وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاأُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾:
﴿ وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ ﴾ بمعنى قولهم: «القتل أنفى للقتل»؛ أي: إن القصاص يردع الناس عن القتل، وقيل: المعنى أن القصاص أقل قتلًا؛ لأنه قتل واحد بواحد، بخلاف ما كان في الجاهلية من اقتتال قبيلتي القاتل والمقتول حتى يقتل بسبب ذلك جماعة؛ [ابن جزي].

٧- ﴿ فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ مَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ ﴾:
فمن بدل الوصية وحرفها؛ فغير حكمها، وزاد فيها، أو نقص- ويدخل في ذلك الكتمان لها بطريق الأولى- ﴿ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ ﴾، قال ابن عباس وغير واحد: وقد وقع أجر الميت على الله، وتعلق الإثم بالذين بدلوا ذلك؛ [ابن كثير].

التوجيهات:
١- اجْمَعْ بعض أعمال القلوب، ثم تعرَّفْ على كيفية تحقيقها في قلبك، ﴿ لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ﴾.

٢- المؤمن وفي بالعهد لا يخلفه، بل هو أحرص شيء عليه، وإنما ينقض العهد المنافق، ﴿ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا ﴾.

٣- القصاص من أسباب استقرار المجتمعات وأمانها، ﴿ وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاأُولِي الْأَلْبَابِ ﴾.

العمل بالآيات:
١- ضع جدولًا زمنيًّا لتوزيع صدقاتك وهداياك مما تحب على الأصناف المذكورة في الآية، ﴿ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ ﴾.

٢- اذهب إلى الصلاة مبكرًا، ﴿ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ ﴾.

٣- بادر بكتابة وصيتك بعد استشارة من له خبرة في ذلك.


معاني الكلمات:
﴿ الْبِرَّ ﴾: فِعْل الْخَيْرِ وَالطَّاعَةِ.
﴿ وَابْنَ السَّبِيلِ ﴾: الْمُسَافِر الْمُحْتَاج.
﴿ وَفِي الرِّقَابِ ﴾: وَفِي تَحْرِيرِ الرِّقَابِ مِنَ الرِّقِّ وَالأَسْرِ.
﴿ الْبَأْسَاءِ ﴾: الْفَقْر.
﴿ وَالضَّرَّاءِ ﴾: الْمَرَض.
﴿ وَحِينَ الْبَأْسِ ﴾: وَحِينَ الْقِتَالِ.
﴿ تَرَكَ خَيْرًا ﴾: خَلَّفَ مَالًا.





الساعة الآن : 11:37 PM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 240.91 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 239.72 كيلو بايت... تم توفير 1.19 كيلو بايت...بمعدل (0.49%)]