ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   هيا بنا نحفظ القرآن ونرضى الرحمن (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=84)
-   -   عون البصير على فتح القدير (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=250384)

ابوالوليد المسلم 11-01-2021 12:52 AM

عون البصير على فتح القدير
 
عون البصير على فتح القدير (1)


أ. محمد خير رمضان يوسف






عون البصير على فتح القدير (1)

الجزء الأول

(سورة الفاتحة، وسورة البقرة 1 - 141)



مقدمة

الحمدُ لله العليِّ القدير، والصلاةُ والسلامُ على البشيرِ النذير، وعلى آلهِ وصحبهِ وكلِّ محبٍّ ونصير، ممن تبعهم وحملَ رايةَ هذا الدينِ الكبير. وبعد:
فإن "فتح القدير الجامع بيني فنَّي الرواية والدراية من علم التفسير" تفسيرٌ مشهور، وخاصةً في جزيرةِ العرب. وتأتي شهرتهُ من قيمتهِ العلميةِ أولًا، ثم من شهرةِ مولِّفهِ رحمَهُ الله، العلّامةِ محمد بن علي الشوكاني (ت 1250 هـ)، الفقيه المجتهد، قاضي صنعاءَ وحاكمها. وكان على مذهبِ الزيديةِ ثم تركه، فنبذَ التعصبَ والتقليد، ونظرَ في الأدلة، واهتدَى بالكتابِ والسنة، وجدَّ واجتهد، وصنَّفَ نحو (280) كتابًا ورسالة، من بينها هذا التفسير العظيم.

وقد جمعَ فيه بين (المأثور) و(الرأي)، الذي عبَّرَ عنه في العنوانِ الشارحِ له بالروايةِ والدراية. ويكونُ المجالُ بذلك مفسوحًا وواسعًا في النظرِ والنقل.
وهو أشبهُ ما يكونُ بتفسير "المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز"، المعروفِ بتفسيرِ ابن عطية، الذي استدركتُ عليه أيضًا، وأوردتُ ميزاتهِ في مقدمةِ المستدرك.

والشوكاني رحمَهُ الله يقسمُ السورةَ إلى مجموعةِ آيات، ويوردُ رأيَهُ أو اختيارَهُ أولًا في تفسيرِ كلِّ مجموعة، تفسيرًا تحليليًّا، وهو (الدراية)، وفي نهايتها يذكرُ الأقوالَ والآثارَ في تفسيرها أو تفسيرِ بعضها، وقد يكونُ تفسيرًا متعددًا، مقارنًا، وهو (الرواية).

وهو مثلُ غيرهِ من المفسرين يتركُ بعضَ الألفاظِ أو الآياتِ بدونِ تفسير، سهوًا أو عمدًا، وقد يشيرُ إلى سابقِ تفسيرها أو لا يشير، وقد يكونُ فسَّرها أو شِبْهَها أو لم يفسرها لسببٍ ما:
كأنْ تكونَ واضحة.
وقد يفسرها لغويًّا أو نحويًّا بما لا يوحي بتفسيرها.
أو يفسِّرُ الآيةَ بالألفاظِ الواردةِ فيها نفسها.
وقد يفسِّرُ منها لفظًا واحدًا، ولا أشيرُ إلى ذلك عند الاستدراكِ عليه.
وشغلتْ أواخرُ الآياتِ قسمًا كبيرًا مما لم يفسِّره.

واعتبرتُ كلَّ ما يؤدِّي إلى توضيحِ معنى الآيةِ تفسيرًا. ويتبيَّنُ هذا من خلالِ ما يوردهُ المؤلفُ من الشواهدِ والآثار، من القرآن نفسه، ومن الأحاديثِ الشريفة، ومن أقوالِ أهلِ العلمِ والحكمةِ عمومًا، وحتى أسبابِ النزول.
وإذا لم يجدِ القارئ تفسيرَ آيةٍ أو لفظةٍ في مكانها، فليبحثْ عنها في آخرِ مجموعةِ الآياتِ المقسَّمة، التي يوردُ أقوالَ وآثارَ العلماء فيها، فقد يفسِّرُ الآيةَ أو اللفظَ أكثرَ من مرة، وفي أماكنَ متفرقة.

المنهج:
والمنهجُ الذي اتبعتهُ في الاستدراكِ على تفسيرهِ رحمهُ الله، هو كالنهجِ الذي اتبعتهُ في المستدركاتِ السابقةِ تقريبًا (ابن كثير، والبغوي، وابن عطية)، وهو تفسيرُ كلِّ ما لم يتضحْ للقارئ أنه فُسِّر، من الأمورِ التي ذكرتها سابقًا.
ولم أبحثْ في الحروفِ المقطَّعة، والمتشابهاتِ من الآيات.
ولم أتتبَّعْ ما أوجزَ من تفسير، والأفضلُ توضيحهُ أكثر.
واستثنيتُ - كذلك - ما كان تفسيرهُ واضحًا، ولو لم يتتبَّعِ المؤلفُ ألفاظه.

وقد لا أوردُ التفسيرَ كلَّهُ من المرجعِ إذا كان مطوَّلاً، بل أكتفي بما تتوضَّحُ به الألفاظُ أو الآيات، وقد أشيرُ عند ذلك إلى أنه مختصرٌ، أو منتخبٌ من مصدره.
وأُورِدُ تفسيرَ آيةٍ أو لفظٍ مما فسَّرهُ المؤلفُ من مشابهٍ له في موضعٍ آخر، فإنْ لم أجدهُ طلبتهُ في تفاسيرَ أخرى ذكرتها للقارئ. ولم أتقصَّ هذا، فتفسيرُ الألفاظِ والآياتِ في سياقها قد يعطيها مدلولًا إضافيًّا غيرَهُ فيما سبق، فالتكرارُ له فائدةٌ وميزة.

والتفسيرانِ الأساسيانِ لهذا العملِ هما: تفسيرُ الإمامِ الطبري (جامع البيان في تفسير القرآن)، وتفسيرُ الحافظِ ابنِ كثير (تفسير القرآن العظيم)، وهذا ما يشكِّلُ جلَّ هذا التفسير.
كما استعنتُ بتفسيرِ الإمامِ البغويِّ رحمَهُ الله، وبتفسيرِ ابن عطية، وتفسيرِ القاضي البيضاوي (أنوار التنزيل وأسرار التأويل) فهو تفسيرٌ مشهور، وتفسيرِ النسفي (مدارك التنزيل وحقائق التأويل) لشمولهِ وسهولته، واستفدتُ من تفسيرِ (روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني) للآلوسي، فهو لا يكادُ يتركُ لفظًا دونَ بيانه، ويدخلُ في الأمورِ المستعصيةِ فيوردُ وجوهها ويحلُّها، كما استعنتُ بـ (الواضح في التفسير) لمعدِّ هذا الكتاب، وقد استفدتهُ من التفاسير السابقةِ وغيرها. واستعنتُ بتفاسيرَ أخرى، ولم أكثر.

وغالبُ ما كنت أنسخه من تفاسير مخزنة، وإذا شككتُ في خطأ قارنت.
وأضعُ المصدرَ في آخرِ تفسيرِ كلِّ آية.
وموضعُ الاستشهادِ هو مكانُ تفسيرِ الآياتِ في التفاسيرِ نفسها، واستغنيتُ بذلك عن ذكرِ أرقامِ الأجزاءِ والصفحاتِ في الهوامش.
ولم أوردِ الأقوالَ والآثارَ والخلافات.
وجمعتُ بين المأثورِ والرأي في هذا المستدركِ كما هو شأنُ التفسيرِ المستدركِ عليه.

وراعيتُ جاهدًا التوفيقَ بين التفاسيرِ القديمةِ التي أنقلُ منها، وبين ما أقدِّمهُ لجيلٍ معاصرٍ بما يناسبهُ وما يفهمهُ ويستفيدُ منه.
ولم أُدخِلْ في هذا التفسيرِ أمورًا محدَثة، ولا علومًا مساندةً للتفسير، فالأساسُ في هذا هو الأصل.
وأوردُ الآيةَ أو جزءًا منها، يسبقها رقمها، وأضعُ خطًّا تحت الكلمةِ أو الكلماتِ والجُمَلِ التي لم تفسَّرْ فيها.
فإذا لم تفسَّرِ الآيةُ كلُّها أبقيتُها بدونِ خطّ.
وقد لا أشيرُ إلى كلمةٍ فسَّرها في آيةٍ طويلةٍ كما ذكرت، فأفسِّرُها كلَّها مع الكلمة.
وفسِّرَ كثيرٌ من الآياتِ وهي تبدو سهلةً للقارئ، ولكنَّ تفسيرها يُظهِرُ له ما لم يدركهُ من أسرارها.

وأنبِّهُ إلى أن معظمَ ما وردَ هنا هو تفسيرٌ لجزءٍ أو ألفاظٍ أو جملةٍ من الآية، فلا يصلحُ إلا مع متابعةِ الأصل، يعني أن هذا التفسيرَ مكمِّلٌ لتفسيرِ "فتح القدير"، وليس مستقلاً بذاته، فقد أفسِّرُ لفظةً في آيةٍ تكونُ مرتبطةً بما قبلها وما بعدها فسَّرها المؤلف. والأفضلُ أن يطبعَ معه، بهامشه. وقد أذنتُ بذلك لمن شاء، مع إثباتِ هذه المقدِّمة، وعدمِ الزيادةِ أو النقصِ في الكتاب، إلا ما كان من الرسمِ العثماني للآياتِ الكريمة.

واعتمدتُ في هذا الاستدراكِ على طبعةِ دار الكلم الطيب (ط2، دمشق، بيروت، 1419 هـ). ولم يصدر محققًا حتى حينه.
والحمدُ لله الذي يسَّرَ وأعان، والشكرُ له سبحانه.
محمد خير رمضان يوسف



بسم الله الرحمن الرحيم
الجزء الأول
سورة الفاتحة
3- ﴿ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴾.
ذكرَ أنه تقدَّمَ تفسيرهما. ويعني عند تفسيرِ البسملة، وقد قالَ هناك: اسمانِ مشتقان من الرحمةِ على طريقِ المبالغة، ورحمانُ أشدُّ مبالغةً من رحيم. وفي كلامِ ابنِ جريرٍ ما يُفهَمُ حكايةُ الاتفاقِ على هذا، ولذلك قالوا: رحمانُ الدنيا والآخرة، ورحيمُ الدنيا. وقد تقررَ أن زيادةَ البناءِ تدلُّ على زيادةِ المعنى.

سورة البقرة
20- ﴿ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾.
﴿ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ أي: بصوتِ الرعد، ﴿ وَأَبْصَارِهِمْ بوميضِ البرق. وقيل: أي: لذهبَ بأسماعهم وأبصارهم الظاهرةِ كما أذهبَ أسماعَهم وأبصارَهم الباطنة.
﴿ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ أي: هو الفاعلُ لما يشاء، لا منازعَ له فيه. (الخازن).

21-﴿ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ.
لعلكم تتقون بعبـادتِكم ربَّكم الذي خـلقكم، وطاعتِكم إيّاه فـيـما أمركم به ونهاكم عنه، وإفرادِكم له العبـادة؛ لتتقوا سخطَهُ وغضبَهُ أنْ يحلَّ علـيكم، وتكونوا من المتقـين الذين رضيَ عنهم ربُّهم.
وكان مـجاهدٌ يقولُ فـي تأويـلِ قوله:
﴿ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ : تطيعون. (الطبري)


29-﴿ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ.
وعلمهُ محيطٌ بجميعِ ما خَلق، لا يَخفى عليه شيء. (الواضح في التفسير).

33-﴿ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ .
﴿ قَالَ اللهُ تعالى: ﴿ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ يا ملائكتي ﴿ إِنِّيۤ أَعْلَمُ غَيْبَ ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأَرْضِ : ما كان منهما وما يكون؛ لأنه قد قالَ لهم: ﴿ إِنِّيۤ أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ . (البغوي).

37-﴿ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيم .
إن اللهَ جلَّ ثناؤهُ هو التوابُ علـى من تابَ إلـيه من عبـادهِ المذنبـين من ذنوبه، التاركُ مجازاتهِ بإنابتهِ إلى طاعتهِ بعد معصيتهِ بما سلفَ من ذنبه. ﴿ الرَّحِيمُ : المتفضِّلُ عليه مع التوبةِ بالرحمة. ورحمتهُ إيَّاهُ إقالةُ عثرته، وصَفحهُ عن عقوبةِ جُرمه. (الطبري، باختصار).

39-﴿ وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ .
﴿ وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يعني جحدوا، ﴿ وَكَذَّبُواْ بِآيَـٰتِنَآ : بالقرآن، ﴿ أُوْلَـٰئِكَ أَصْحَـٰبُ ٱلنَّارِ يومَ القيامة، ﴿ هُمْ فِيهَا خَـٰلِدُونَ : لا يخرجون منها، ولا يموتون فيها. (البغوي).

41- ﴿ وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ .
قالَ رحمهُ الله: الكلامُ فيه كالكلامِ في قولهِ تعالى: ﴿ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ .
يعني في الآيةِ السابقة (40)، وقد قالَ هناك: الرهبُ والرهبة: الخوف، ويتضمنُ الأمرُ به معنى التهديد، وتقديمُ معمولِ الفعلِ يفيدُ الاختصاص.
وقالَ النسفيُّ في تفسيره: أي اعبدوا على رجاءِ أن تتَّقوا فتَنجوا بسببهِ من العذاب.

53- ﴿ وَإِذْ آَتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَالْفُرْقَانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ .
لكي تهتدوا بتدبُّرِ الكتاب، والتفكُّرِ في الآيات. (البيضاوي).

54- ﴿ وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ .

﴿ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ : لقد ارتكبتُم جُرْماً عظيماً ومَعصيةً كبيرةً عندما اتَّخذتمُ العجلَ ربًّا دونَ الله.
﴿ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ : ... فإنَّهُ أنسبُ عقوبةٍ لنفوسِكمُ السيِّئة، وقلوبِكمُ القاسية، وطبيعتِكمُ المنحرفة، وعسَى أنْ يكونَ هذا توبةً لجُرمِكم الشنيع، وتذكرةً مؤلمةً لكم لئلاّ تعودوا إلى مثلِه. ثمَّ أدركتْكُم رحمتهُ فتابَ عليكم، فهو يقبلُ التوبةَ الصادقةَ من عبادِه، رحمةً بهم. (الواضح).

56- ﴿ ثُمَّ بَعَثْنَاكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ .
فعلنا بكم ذلك لتشكروني على ما أولـيتُكم من نعمتي علـيكم بإحيائي إياكم، استبقاءً مني لكم لتراجعوا التوبةَ من عظيـمِ ذنبكم، بعد إحلالـي العقوبةَ بكم بـالصاعقةِ التي أحللتُها بكم، فأماتتكم بعظيـمِ خطئكم الذي كان منكم فيما بـينكم وبـين ربكم. (الطبري).

57- ﴿ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ .
كلوا من مشتهياتِ رزقنا الذي رزقناكموه. (الطبري).

58- ﴿ وَادْخُلُواْ الْبَابَ سُجَّداً وَقُولُواْ حِطَّةٌ نَّغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ .
أي: إذا فعلتم ما أمرناكم، غفرنا لكم الخطيئات (ابن كثير)، بسجودكم ودعائكم. (البيضاوي).

59- ﴿ فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ رِجْزاً مِّنَ السَّمَاء بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ .
﴿ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ : الذين فعلوا ما لـم يكنْ لهم فعله. (الطبري).
﴿ بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ قال: قد تقدمَ تفسيره. ويعني كلمة (الفَاسِقِينَ)، الواردة في الآيةِ (26) من السورة، حيثُ أوردَ أقوالًا لأهلِ العلمِ فيها. وقد قالَ الإمامُ البغوي: ﴿ بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ : يعصون ويخرجون من أمرِ الله تعالى.

61- ﴿ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَآؤُوْاْ بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُواْ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَواْ وَّكَانُواْ يَعْتَدُون .

قالَ رحمهُ الله: "وقد تقدمَ تفسيرُ الغضب".
لكنْ لم تردْ هذه الكلمةُ في الآياتِ السابقة.
قالَ الإمامُ الطبري: أي: قد صارَ علـيهم من اللهِ غضب، ووجبَ علـيهم منه سخط. (الطبري).
﴿ ذَلِكَ بِمَا عَصَواْ وَّكَانُواْ يَعْتَدُون : واستحقُّوا السُّخْطَ والغضبَ من اللهِ بما فعلوهُ مِن آثامٍ كبيرةٍ وذنوبٍ عِظام، من كفرِهم بآياتِ اللهِ وحُجَجهِ البيِّنة، واستكبارِهم عن اتِّباعِ الحقّ، وإهانتِهم وقتلِهم أفضلَ الخلقِ أجمعين: أنبياءَ اللهِ ورُسُلَه؛ فهذا جزاءُ مَن عصَى الخالقَ واعتدَى على خَلقه. (الواضح).

62- ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُون .
من صدقَ وأقرَّ بـالبعثِ بعد المماتِ يومَ القـيامة، وعملَ صالحًا فأطاعَ الله، فلهم ثوابُ عملهم الصالحِ عند ربِّهم. ولا خوفٌ علـيهم فيما قدموا علـيه من أهوالِ القـيامة، ولا هم يحزنون علـى ما خلَّفوا وراءهم من الدنـيا وعيشها عند معاينتهم ما أعدَّ الله لهم من الثوابِ والنعيمِ المقيمِ عنده. (الطبري، باختصار).

63- ﴿ وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ .
قال: تقدَّمَ تفسيرُ الميثاق. ويعني في الآيةِ (27) من السورة، وقد قالَ هناك: الميثاق: العهدُ المؤكدُ باليمين، مفعالٌ من الوثاقة، وهي الشدَّةُ في العقدِ والربط، والجمع: المواثيق، والمياثيق.

66- ﴿ فَجَعَلْنَاهَا نَكَالاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِين .
للمؤمنين من أمةِ محمدٍ صلى الله عليه وسلم، فلا يفعلون مثلَ فعلهم. (البغوي).

73- ﴿ وَيُرِيكُمْ آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ .
لتعقلوا وتفهموا أنه محقٌّ صادق، فتؤمنوا به وتتَّبعوه. (تفسير الطبري).

84- ﴿ وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لَا تَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمْ ﴾.
قالَ في الآيةِ (27) من السورة: الميثاق: العهدُ المؤكدُ باليمين.

85- ﴿ ثُمَّ أَنتُمْ هَـؤُلاء تَقْتُلُونَ أَنفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقاً مِّنكُم مِّن دِيَارِهِمْ تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِم بِالإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَإِن يَأتُوكُمْ أُسَارَى تُفَادُوهُمْ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاء مَن يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنكُمْ إِلاَّ خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُون .
﴿ تَقْتُلُونَ أَنفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقاً مِّنكُم مِّن دِيَارِهِمْ : فصارَ يَقتلُ بعضُكم بعضًا، ففريقٌ مع الأوسِ وفريقٌ مع الخزرج. كما تُخرِجون بعضَكم من بيوتِ بعض، وتَنهبون ما فيها من المالِ والمتاعِ وتأخذون سباياهُم. (الواضح).
﴿ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ : ذكرَ أنه تقدَّمَ تفسيره، ويعني في الآيةِ (74) من السورة، وقد قالَ هناك: من التهديدِ وتشديدِ الوعيدِ ما لا يخفَى، فإن الله عزَّ وجلَّ إذا كان عالماً بما يعملونه، مطَّلعاً عليه، غيرَ غافلٍ عنه، كان لمجازاتهم بالمرصاد.

86- ﴿ أُولَـئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُاْ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالآَخِرَةِ .
ذكرَ أنه تقدَّمَ تفسيره. ولم يوجدْ بلفظه.
وقد قالَ الإمامُ الطبريُّ رحمهُ الله: أخبرَ جلَّ ثناؤهُ أن هؤلاء الذين اشتروا رئاسةَ الحياةِ الدنيا علـى الضعفـاءِ وأهلِ الجهلِ والغبـاءِ من أهلِ ملَّتهم، وابتاعوا المآكلَ الخسيسةَ الرديئةَ فـيها بالإيمانِ الذي كان يكونُ لهم به في الآخرةِ لو كانوا أتَوا به مكانَ الكفرِ الخـلودُ في الجنان.
وإنما وصفهم الله جلَّ ثناؤهُ بأنهم اشتروا الحياةَ الدنـيا بـالآخرة، لأنهم رضوا بالدنيا بكفرهم بـالله فـيها عوضًا من نعيـمِ الآخرةِ الذي أعدَّهُ اللهُ للمؤمنـين، فجعلَ حظوظَهم مِن نعيـمِ الآخرةِ بكفرهم باللهِ ثمنًا لِـما ابتاعوهُ به مِن خسيسِ الدنـيا. (الطبري).

91- ﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُواْ بِمَا أَنزَلَ اللّهُ قَالُواْ نُؤْمِنُ بِمَآ أُنزِلَ عَلَيْنَا وَيَكْفُرونَ بِمَا وَرَاءهُ وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً لِّمَا مَعَهُمْ .
﴿ وَهُوَ الْحَقُّ يعني القرآن، ﴿ مُصَدِّقاً لِّمَا مَعَهُمْ يعني التوراة؛ لأن كتبَ الله تعالى يصدِّقُ بعضُها بعضاً. (النكت والعيون للماوردي).

93- ﴿ وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آَتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ .
ذكرَ أن تقدمَ تفسيرُ أخذ الميثاق والطور. وقد قالَ في الآيةِ (27) من السورة: الميثاق: العهدُ المؤكدُ باليمين. وأكمله في الآيةِ (63) بقوله: والمراد: أنه أخذَ سبحانهُ عليهم الميثاقَ بأن يعملوا بما شرعَهُ لهم في التوراة، وبما هو أعمُّ من ذلك، أو أخصّ.
والطور: اسمُ الجبلِ الذي كلَّمَ الله عليه موسى عليه السلام، وأنزلَ عليه التوراةَ فيه. وقيل: هو اسمٌ لكلِّ جبلٍ بالسريانية.
وقد ذكرَ كثيرٌ من المفسرين أن موسى لما جاءَ بني إسرائيلَ من عند الله بالألواحِ قالَ لهم: خذوها والتزموها. فقالوا: لا، إلا أن يكلِّمَنا الله بها كما كلَّمك. فصُعِقوا، ثم أُحيوا، فقال لهم: خذوها والتزموها، فقالوا: لا. فأمرَ الله الملائكةَ فاقتلعتْ جبلاً من جبالِ فلسطين، طولهُ فرسخٌ في مثله، وكذلك كان عسكرهم، فجعلَ عليهم مثلَ الظُّلَّة، وأُتُوا ببحرٍ من خلفهم، ونارٍ من قبلِ وجوههم، وقيلَ لهم: خذوها، وعليكم الميثاقُ أن لا تضيِّعوها، وإلا سقطَ عليكم الجبل. فسجدوا توبةً لله، وأخذوا التوراةَ بالميثاق...
وقالَ في تتمةِ تفسيرِ الآية: وقوله: ﴿ خُذُواْ أي: وقلنا لهم: ﴿ خُذُواْ مَا ءاتَيْنَـٰكُم بِقُوَّةٍ والقوَّة: الجدُّ والاجتهاد.
يتبع

ابوالوليد المسلم 11-01-2021 12:52 AM

رد: عون البصير على فتح القدير
 

97- ﴿ قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ .
﴿ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ : يعني بذلك مصدِّقاً لما سلفَ من كتبِ الله أمامه، ونزلتْ علـى رسلهِ الذين كانوا قبلَ محمدٍ صلى الله عليه وسلم. وتصديقهُ إيّاها موافقةُ معانـيهِ معانـيها في الأمرِ بـاتِّبـاعِ محمدٍ صلى الله عليه وسلم.
﴿ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ : يعنـي بقولهِ جلَّ ثناؤه: ﴿ وَهُدًى : ودليلٌ وبرهان. وإنما سمّاهُ الله جلَّ ثناؤهُ «هُدًى» لاهتداءِ المؤمنِ به، واهتداؤهُ به اتخاذهُ إيّاهُ هادياً يتبعه، وقائداً ينقادُ لأمره ونهيه، وحلالهِ وحرامه. والهادي من كلِّ شيءٍ ما تقدَّمَ أمامه، ومن ذلك قـيـلَ لأوائلِ الخيـل: هَوَادِيها، وهو ما تقدَّمَ أمامها، وكذلك قيلَ للعنق: الهادي، لتقدُّمها أمامَ سائرِ الجسد.
وأما البُشرى فإنها البِشارة. أخبرَ اللهُ عبـادَهُ المؤمنين جلَّ ثناؤهُ أن القرآنَ لهم بُشرى منه؛ لأنه أعلمَهم بما أعدَّ لهم من الكرامةِ عندهُ في جناته، وما هم إليه صائرون في معادِهم من ثوابه، وذلك هو البُشرى التي بشَّرَ اللهُ بها المؤمنـين في كتابه؛ لأن البِشارةَ في كلامِ العربِ هي إعلامُ الرجلِ بما لم يكنْ به عالماً مما يسرُّهُ من الخيرِ قبلَ أن يسمعَهُ من غيره، أو يعلمَهُ من قبلِ غيره. (الطبري).

99- ﴿ وَلَقَدْ أَنزَلْنَآ إِلَيْكَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَمَا يَكْفُرُ بِهَا إِلاَّ الْفَاسِقُون .
قال: تقدَّمَ تفسيره. ويعني في الآية (26) من السورة، وقد أوردَ فيه أقوالًا لأهلِ العلم، منها قولُ القرطبي: والفسقُ في عرفِ الاستعمالِ الشرعي: الخروجُ من طاعةِ الله عزَّ وجلّ، فقد يقعُ على من خرجَ بكفر، وعلى من خرجَ بعصيان. انتهى. وهذا هو أنسبُ بالمعنى اللغوي، ولا وجهَ لقصرهِ على بعضِ الخارجين دونَ بعض.

100-﴿ أَوَكُلَّمَا عَاهَدُواْ عَهْداً نَّبَذَهُ فَرِيقٌ مِّنْهُم بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يُؤْمِنُون .
تفسيرُ الآية: أوَكلَّما عاهدَ اليهودُ على الالتزامِ بأمرٍ نَكلَ فريقٌ منهم ورفضَ العهدَ؟ وهذا دأبُهم حتَّى خانُوا العهدَ الذي أبرموهُ مع الرسولِ صلى الله عليه وسلم عندَ مَقدَمهِ إلى المدينة ... بل أكثرهم لا يؤمنونَ بالرسولِ المبعوثِ إليهم وإلى الناسِ كافَّة، الذي يجدونَ صفتَهُ في كتبِهم، وقد أُمِروا باتِّباعهِ ومناصرتِه. (الواضح).

101- ﴿ وَلَمَّا جَاءهُمْ رَسُولٌ مِّنْ عِندِ اللّهِ مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِّنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ .
﴿ وَلَمَّا جَاءهُمْ رَسُولٌ : الضميرُ لبني إسرائيلَ لا لعلمائهم فقط، والرسولُ محمدٌ صلى الله عليه وسلم، والتنكيرُ للتفخيم، وقيل: عيسى عليه السلام.
﴿ مُصَدّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ أي: من التوراة، من حيثُ إنه صلى الله عليه وسلم جاءَ على الوصفِ الذي ذكرَ فيها، أو أخبرَ بأنها كلامُ الله تعالى المنزلُ على نبيِّهِ موسى عليه السلام، أو صدَّقَ ما فيها من قواعدِ التوحيدِ وأصولِ الدين، وأخبارِ الأممِ والمواعظِ والحكم، أو أظهرَ ما سألوهُ عنه من غوامضها. وحملَ بعضهم (ما) على العموم؛ لتشملَ جميعَ الكتبِ الإلهيةِ التي نزلت قبل. (روح المعاني).
﴿ نَبَذَ فَرِيقٌ : يعني بذلك أنهم جحدوهُ ورفضوه، بعد أن كانوا به مقرِّين؛ حسداً منهم له وبغياً علـيه. وقوله: ﴿ مِنَ الّذِينَ أُوتُوا الكِتابَ : وهم علـماءُ الـيهود، الذين أعطاهم الله العلمَ بـالتوراةِ وما فـيها. (الطبري).

102- ﴿ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُم بِضَآرِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُواْ لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْاْ بِهِ أَنفُسَهُمْ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُون .

فإذا أتاهُما مَن يريدُ تعلُّمَ السحرِ قالا لهم: إنَّما نحن هنا فتنةٌ وابتلاء، فلا تَعملوا بالسِّحر، فإنَّ من اعتقدَ إباحتَهَ أو جوازَ العملِ به كَفر، فيتعلَّمون مِن علمِ السِّحرِ ما هو مذموم، مِن شرٍّ وأذًى، فيفرِّقون بين الزوجين، مع ما جعلَ اللهُ بينهما من محبَّةٍ ورحمة. وهم لا يتمكَّنونَ من الضررِ بأحدٍ إلاّ إذا قدَّرَ اللهُ وخلَّى بين السَّحرةِ وما أرادوا، فإذا شاءَ سلَّطهم على المسحور، وإذا لم يَشأ لم يسلِّطهم، فلا يستطيعون مضرَّةَ أحدٍ إلا بإذنِ الله.
وهكذا صاروا يتعلَّمون ما يضرُّهم في دينِهم ولا ينفعُهم؛ لأنَّهم يقصدون به الشرّ. وقد علمَ اليهودُ الذين استبدلوا السحرَ بالإيمانِ ومتابعةِ الرسولِ صلى الله عليه وسلم أنَّهم ليسَ لهم نصيبٌ عندَ اللهِ في الآخرة، فبئستِ التجارةُ تجارتُهم. (الواضح).

103- ﴿ وَلَوْ أَنَّهُمْ آَمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَيْرٌ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ .
﴿ وَلَوْ أَنَّهُمْ ءامَنُواْ بالرسولِ والكتاب، ﴿ وَٱتَّقَوْاْ بتركِ المعاصي، كنبذِ كتابِ اللهِ واتباعِ السحر، ﴿ لَمَثُوبَةٌ مّنْ عِندِ ٱللَّهِ خَيْرٌ : لأُثيبوا مثوبةً من عندِ الله خيراً مما شرَوا به أنفسهم، ﴿ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ أن ثوابَ الله خيرٌ مما هم فيه، وقد علموا، لكنه جهَّلَهم لتركِ التدبر، أو العملِ بالعلم. (البيضاوي، باختصار).

104- ﴿ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ .
وللكافرين بي وبرسولي عذابٌ أليم، يعني بقولهِ "الأليم": الموجع. (الطبري).

105- ﴿ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ .
يقول: ذو فضلٍ يتفضَّلُ به على مَن أحبَّ وشاءَ مِن خـلقه. ثم وصفَ فضلَهُ بـالعِظَم، فقال: فضلهُ عظيـمٌ لأنه غيرُ مشبَّهٍ في عِظَمِ موقعهِ ممَّن أفضلَهُ علـيه أفضالَ خـلقه، ولا يقاربهُ في جلالةِ خطرهِ ولا يدانيه. (الطبري).

107- ﴿ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ .
وليسَ للمؤمنين وليٌّ يقوِّيهِم ويَهديهم، ولا نصيرٌ يؤيِّدُهم وينصرُهم إلاّ الله، فكونوا على حذرٍ مِن تشكيكِ أعدائكم، واحذَروا أَضاليلَهُم وخُدَعَهُم. (الواضح).

109- ﴿ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾.
إنَّ اللهَ على كلِّ ما يشاءُ بالذين وصفتُ لكم أمرَهم مِن أهلِ الكتابِ وغيرهم قديرٌ، إنْ شاءَ الانتقامَ منهم بعنادِهم ربَّهم، وإنْ شاءَ هداهم لما هداكم اللهُ له مِن الإيمان، لا يتعذَّر عليه شيءٌ أراده، ولا يتعذَّر علـيه أمرٌ شاءَ قضاءه؛ لأنَّ له الخـلقَ والأمر. (الطبري).

110- ﴿ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ
إقامةُ الصلاة: أداؤها بحدودها وفروضها، وإيتاءُ الزكاة: إعطاؤها بطيبِ نفسٍ على ما فُرضت ووَجبت.
﴿ وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ ﴾: ومهما تعملوا من عملٍ صالحٍ في أيامِ حياتكم، فتقدِّموهُ قبلَ وفاتكم، ذُخرًا لأنفسِكم في معادِكم،تجدوا ثوابَهُ عند ربِّكم يومَ القيامة، فيجازيكم به. والخير: هو العملُ الذي يرضاهُ الله.
﴿ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ﴾: هذا خبرٌ من اللهِ جلَّ ثناؤهُ للذين خاطبهم بهذه الآياتِ مِن المؤمنين، أنهم مهما فعلوا مِن خيرٍ وشرٍّ، سِرًّا وعلانية، فهو به بصير، لا يخفَى عليه منه شيء، فيجزيهم بـالإحسانِ جزاءه، وبـالإساءةِ مثلها.
وهذا الكلامُ وإنْ كان خرجَ مخرجَ الخبر، فإن فيه وعدًا ووعيدا، وأمرًا وزجرًا، وذلكَ أنه أعلمَ القومَ أنه بصيرٌ بجميعِ أعمالهم، ليجدُّوا في طاعته، إذ كان ذلكَ مذخورًا لهم عندهُ حتـى يُثـيبَهم علـيه. (الطبري، باختصار).

112- ﴿ بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ .
﴿ وَهُوَ مُحْسِنٌ أي: اتبعَ فيه الرسولَ صلى الله عليه وسلم، فإن للعملِ المتقبلِ شرطين، أحدهما: أن يكونَ صواباً خالصاً لله وحده، والآخر: أن يكونَ صواباً موافقاً للشريعة، فمتى كان خالصاً، ولم يكنْ صواباً، لم يتقبل...
﴿ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ : ضمنَ لهم تعالَى على ذلك تحصيلَ الأجور، وآمنهم ممّا يخافونَهُ من المحذور، فلا ﴿ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ فيما يستقبلونه، ﴿ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ على ما مضَى ممّا يتركونه. (ابن كثير، باختصار).

114- ﴿ وَلَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيم ﴾.
ولهم على معصيتِهم وكفرهم بربِّهم وسعيهم في الأرضِ فساداً عذابُ جهنم. (الطبري).

118- ﴿ قَدْ بَيَّنَّا الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ .
قد بيَّنا العلاماتِ التي مِن أجلها غضبَ اللهُ على اليهود، وجعلَ منهم القِردةَ والخنازير، وأعدَّ لهم العذابَ الـمُهين في معادِهم, والتي من أجلها أخزَى الله النصارَى في الدنيا, وأعدَّ لهم الخزيَ والعذابَ الأليمَ في الآخرة... (الطبري).

121- ﴿ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاَوَتِهِ أُوْلَـئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمن يَكْفُرْ بِهِ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْخَاسِرُون .
﴿ وَمن يَكْفُرْ بِهِ أي: الكتاب؛ بسببِ التحريفِ والكفرِ بما يصدِّقه. واحتمالاتُ نظيرِ هذا الضميرِ مقولةٌ فيه أيضاً. ﴿ فَأُوْلَٰـئِكَ هُمُ ٱلْخَـٰسِرُونَ : من جهةِ أنهم اشترَوا الكفرَ بالإيمان، وقيل: بتجارتهم التي كانوا يعملونها، بأخذِ الرشا على التحريف. (روح المعاني).


122- ﴿ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ
فسَّرَهُ في الآيةِ (47) من السورةِ نفسها، وقد قالَ بعدَ كلام: ... فغايتهُ أن يكونوا مفضَّلين على أهلِ عصور، لا على أهلِ كلِّ عصر، فلا يستلزمُ ذلك تفضيلَهم على أهلِ العصرِ الذين فيهم نبيُّنا صلى الله عليه وسلم، ولا على ما بعدَهُ من العصور.

123- ﴿ وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا تَنْفَعُهَا شَفَاعَةٌ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ .
تفسيرها: واحذَروا حسابَ ذلكَ اليوم، الذي لا تَقضي نفسٌ عن نفسٍ شيئاً منَ الحقوقِ والجزاء، ولا يُقبَلُ منها فديةٌ، ولا يُفيدُها واسطةُ أحد، ولا يُنتَصَرُ لهم فيُمنَعُوا مِن العذاب. (الواضح).

126- ﴿ قَالَ وَمَن كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِير .
أي: المرجعُ يصيرُ إليه. (البغوي).

127- ﴿ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ .
أي: ويقولان: ربَّنا تقبَّلْ منّا بناءَنا، ﴿ إِنَّكَ أَنتَ ٱلسَّمِيعُ ﴾ لدعائنا، ﴿ ٱلْعَلِيمُ ﴾ بنيَّاتِنا. (البغوي).

128- ﴿ إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ
إنكَ أنت العائدُ على عبـادِكَ بالفضل، والمتفضِّلُ عليهم بالعفوِ والغفران، الرحيمُ بهم، المستنقذُ من تشاءُ منهم برحمتِكَ من هلكته، المنجي من تريدُ نجاتَهُ منهم برأفتِكَ من سخطك. (الطبري).

129- ﴿ إِنَّكَ أَنتَ العَزِيزُ الحَكِيم ﴾.
المصيبُ مواقعَ الفعل، المـُحكِمُ لها. (ابن عطية).

130- ﴿ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِين ﴾.
يعني مع الأنبياءِ في الجنة. (البغوي).

133- ﴿ قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آَبَائِكَ .
قالَ بنوهُ له: نعبدُ معبودكَ الذي تعبده، ومعبودَ آبائك... (الطبري).

134- ﴿ تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ ﴾.
﴿ تِلْكَ أُمَّةٌ ﴾: إشارةٌ إلى الأمةِ المذكورة، التي هي إبراهيمُ ويعقوبُ وبنوهما الموحِّدون، ﴿ قَدْ خَلَتْ ﴾: مضت. (النسفي).

136- ﴿ قُولُوا آَمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ
تفسيرُ الآية: قولوا جميعاً أيُّها المؤمنون: آمنَّا بالله، وبما أُنزِلَ إلى إبراهيم، وإسماعيلَ، وإسحاقَ، ويعقوبَ، والأسباطِ، وموسَى، وعيسَى، وسائرِ الأنبياءِ عليهمُ الصلاةُ والسلام، من الكتبِ السماويَّة، والآياتِ البيِّنات، والمعجزاتِ الباهرات، ولا نفرِّقُ بينهم كدأْبِ اليهودِ والنصارَى، الذين آمنوا ببعضٍ وكفروا ببعض، ونسلِّمُ أمرَنا جميعاً إلى الله، مخلِصين له ومُذعِنين. (الواضح).

137- ﴿ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيم ﴾.
﴿ السَّمِيعُ ﴾ لقولِ كلِّ قائل، ﴿ الْعَلِيم ﴾ بما يجبُ أن ينفذَ في عباده. (ابن عطية).

138- ﴿ صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ ﴾.
اتَّبِعوا ملَّةَ إبراهيم، صبغةَ الله التي هي أحسنُ الصبغ، فإنها هي الحنيفيةُ المسلمة، ودَعوا الشركَ بالله والضلالَ عن محبةِ هداه.
﴿ وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ ﴾: يعني ملَّةَ الخاضعينَ لله، المستكينينَ له، في اتِّباعِنا ملَّةَ إبراهيمَ ودينونتِنا له بذلك، غيرَ مستكبرينَ في اتَّباعِ أمرهِ والإقرارِ برسالةِ رسله، كما استكبرتِ اليهودُ والنصارى، فكفروا بمحمدٍ صلَّى الله عليه وسلَّم؛ استكبارًا وبغيًا وحسدًا. (الطبري).

141- ﴿ تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾.
قالَ رحمَهُ الله: وكرَّرَ قولَهُ سبحانه: ﴿ تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ ﴾ إلى آخرِ الآية؛ لتضمُّنِها معنى التهديدِ والتخويف، الذي هو المقصودُ في هذا المقام.

وقالَ في آخره: عن قتادةَ والربيعِ في قوله: ﴿ تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ ﴾ قال: يعني إبراهيمَ وإسماعيلَ وإسحاقَ ويعقوبَ والأسباط.
وقد فسَّرَ ما بقيَ منها في الآيةَ (134) من السورة، بقوله: بيانٌ لحالِ تلك الأمة، وحالِ المخاطَبين بأن لكلٍّ من الفريقين كسبه، لا ينفعهُ كسبُ غيره، ولا ينالهُ منه شيء، ولا يضرُّهُ ذنبُ غيره. وفيه الردُّ على من يتكلُ على عملِ سلفه، ويروِّحُ نفسَهُ بالأمانيِّ الباطلة، ومنه ما وردَ في الحديث: "مَن بطَّأ به عملهُ لم يُسرعْ به نسبُه" [رواه مسلم وغيره]، والمراد: أنكم لا تنتفعون بحسناتهم، ولا تؤاخَذون بسيئاتهم، ولا تُسألون عن أعمالهم، كما لا يُسألَون عن أعمالكم، ومثله: ﴿ وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ ﴾ [سورة الزمر: 7].




ابوالوليد المسلم 11-01-2021 12:53 AM

رد: عون البصير على فتح القدير
 
عون البصير على فتح القدير (2)




أ. محمد خير رمضان يوسف






الجزء الثاني


(سورة البقرة 142 - 252)




142- ﴿ قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾.

وهو ما ترتضيهِ الحكمة، وتقتضيهِ المصلحة، من التوجهِ إلى بيتِ المقدسِ تارة، والكعبةِ أخرى. (البيضاوي).



143- ﴿ إِنَّ اللّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَّحِيم ﴾.

﴿ رَّحِيمٌ ﴾ لا يضيعُ أجورهم. والرأفةُ أشدُّ من الرحمة، وجمعَ بينهما كما في ﴿ الرَّحْمـنِ الرَّحِيم ﴾. (النسفي).



144- ﴿ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوِهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُون ﴾.

﴿ قِبْلَةً تَرْضَاهَا ﴾:معناهُ تحبُّها وتَقرُّ بها عينُك. (ابن عطية).

﴿ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُون ﴾ قال: تقدَّمَ تفسيرها. وقد قالَ في تفسيرها في الآية (140) من السورةِ نفسها: وعيدٌ شديد، وتهديدٌ ليس عليه مزيد، وإعلامٌ بأن الله سبحانهُ لا يتركُ عقوبتَهم على هذا الظلمِ القبيح، والذنبِ الفظيع.



148- ﴿ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾.

يعني أن اللهَ تعالى على جمعِكم بعدَ مماتِكم مِن قبوركم مِن حيثُ كنتم، وعلى غيرِ ذلكَ ممّا يشاءُ قدير، فبادروا خروجَ أنفسِكم بالصالحاتِ مِن الأعمالِ قبلَ مماتِكم، ليومِ بعثِكم وحشرِكم. (الطبري).



149- ﴿ وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ﴾.

هذا أمرٌ فيهِ تأكيد، فحيثُما خرجتَ وأينَما كنتَ أيُّها الرسول، توجَّهْ في صلاتِكَ نحوَ المسجدِ الحرام، فإنَّهُ القِبلةُ الخالصةُ التي رَضِيَها اللهُ لكم، وهوَ الثابتُ الموافِقُ للحكمة، وليسَ اللهُ بغافلٍ عنِ امتثالِكم وطاعتِكم، ولسوفَ يُجازيكم بذلك أحسنَ جزاء. (الواضح).



151- ﴿ كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آَيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ ﴾.

الزموا أيها العرب طاعتي، وتوجَّهوا إلى القبلةِ التي أمرتُكم بالتوجُّهِ إليها، لتنقطعَ حجَّةُ اليهودِ عنكم، فلا تكونُ لهم عليكم حجَّة، ولأتمَّ نعمتي عليكم وتهتدوا، كما ابتدأتُكم بنعمتي فأرسلتُ فيكم رسولاً إليكم منكم، وذلك الرسولُ الذي أرسلهُ إليهم منهم محمدٌ صلى الله عليه وسلم.

وأما قوله: ﴿ يَتْلُو عَلَـيْكُمْ آيَاتِنَا ﴾ فإنه يعني آياتِ القرآن، وبقوله: ﴿ وَيُزَكِّيكُمْ ﴾: ويطهِّركم من دنسِ الذنوب، ﴿ وَيُعَلِّـمُكُمُ الْكِتَابَ ﴾ وهو الفرقان، يعني أنه يعلِّمُهم أحكامَه، ويعني بالحكمة: السننَ والفقهَ في الدين.

وأما قوله: ﴿ وَيُعَلِّـمُكُمْ مَا لَـمْ تَكُونُوا تَعْلَـمُونَ ﴾ فإنه يعني: ويعلِّمُكم من أخبارِ الأنبياء، وقصصِ الأممِ الخالية، والخبرِ عمّا هو حادثٌ وكائنٌ من الأمورِ التي لم تكنِ العربُ تعلَمُها، فعَلِموها من رسولِ الله صلى الله عليه وسلم. فأخبرهم جلَّ ثناؤهُ أن ذلك كلَّهُ إنما يُدركونهُ برسولهِ صلى الله عليه وسلم. (الطبري، باختصار).



153- ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِين ﴾.

لم يبيِّنْ معنى الصبر. لكن قالَ في الآيةِ (155): الصبرُ أصلهُ الحبس.

وقد قالَ الفخرُ الرازي في تفسيره: هو قهرُ النفسِ على احتمالِ المكارهِ في ذاتِ الله تعالى، وتوطينُها على تحمُّلِ المشاقِّ وتجنبِ الجزع، ومَن حملَ نفسَهُ وقلبَهُ على هذا التذليلِ سهلَ عليه فعلُ الطاعاتِ وتحمُّلُ مشاقِّ العبادات، وتجنبُ المحظورات.



155- ﴿ وَبَشِّرِ الصَّابِرِين ﴾.

قالَ رحمَهُ الله: تقدَّمَ معنى البشارة. وقد قالَ في الآيةِ (25) من السورة: التبشير: الإخبارُ بما يظهرُ أثرهُ على البشَرة، وهي الجلدةُ الظاهرة، من البِشرِ والسرور.

وقد قالَ الإمامُ الطبريُّ في تفسيره: يا محمد، بشِّرِ الصابرين على امتحاني بما أمتحنُهم به، والحافظين أنفسَهم عن التقدمِ علـى نهيـي عمّا أنهاهم عنه، والآخذين أنفسَهم بأداءِ ما أكلِّفهم من فرائضي، مع ابتلائي إيّاهم بما ابتليتُهم به، القائلين إذا أصابتهم مصيبة: ﴿ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعون ﴾. فأمرَهُ الله تعالى ذكرهُ بأن يخصَّ بالبشارةِ على ما يمتحنُهم به من الشدائدِ أهلَ الصبرِ الذين وصفَ الله صفتَهم. وأصلُ التبشير: إخبارُ الرجلِ الرجلَ الخبرَ يَسرُّهُ أو يَسوؤه، لم يَسبقهُ به إلـيه غيره.



158- ﴿ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللّهَ شَاكِرٌ عَلِيم ﴾.

أي: يُثيبُ على القليلِ بالكثير، عليمٌ بقدرِ الجزاء، فلا يبخسُ أحداً ثوابَه، و﴿ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَـٰعِفْهَا وَيُؤْتِ مِن لَّدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً ﴾ [سورة النساء: 40]. (ابن كثير).



160- ﴿ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ﴾.

﴿ وَأَنَا ٱلتَّوَّابُ ﴾: الرجَّاعُ بقلوبِ عبادي المنصرفةِ عني إليّ، ﴿ ٱلرَّحِيمُ ﴾ بهم بعد إقبالهم عليّ. (البغوي).



162- ﴿ خَالِدِينَ فِيهَا لَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ ﴾.

أي: لا ينقصُ عمَّا هم فيه. (ابن كثير).



165- ﴿ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا ﴾.

معناه: لرأوا وأيقَنوا أن القوةَ لله جميعاً. (البغوي).



167- ﴿ كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ ﴾.

الحسرة: أعلَى درجاتِ الندامةِ والهمِّ بما فات، وهي مشتقةٌ من الشيءِ الحسير، الذي قد انقطعَ وذهبتْ قوته.. (ابن عطية).



170- ﴿ أَوَلَوْ كَانَ آَبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ ﴾.

يعني آباءَ هؤلاءِ الكفـارِ الذين مضَوا على كفرهم بالله العظيـم، لا يعقلون شيئاً من دينِ الله وفرائضهِ وأمرهِ ونهيه، فيُتَّبعون على ما سلكوا من الطريق، ويؤتَمُّ بهم في أفعالهم، ولا يَهتدونَ لرشدٍ فيَهتدي بهم غيرُهم، ويَقتدي بهم مَن طلبَ الدينَ وأرادَ الحقَّ والصواب.

يقولُ تعالى ذكرهُ لهؤلاء الكفـار: فكيف أيها الناسُ تتبعون ما وجدتُم عليه آبـاءكم فتَتركون ما يأمركم به ربُّكم وآبـاؤكم لا يعقلون من أمرِ الله شيئاً، ولا هم مُصيبون حقًّا ولا مدركون رشداً؟ وإنما يتَّبِعُ الـمُتَّبِعُ ذا المعرفةِ بـالشيءِ المستعملِ له في نفسه، فأما الجاهلُ فلا يتَّبِعهُ فيما هو به جاهلٌ إلا مَن لا عقلَ له ولا تميـيز. (الطبري).





171- ﴿ صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ ﴾.

قالَ رحمَهُ الله: تقدَّمَ تفسيرُ ذلك. ويعني قولَهُ تعالَى في الآيةِ (18) من السورةِ نفسها: ﴿ صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَرْجِعُون ﴾. وقد قالَ هناك: الصمم: الانسداد، يقال: قناةٌ صمّاء: إذا لم تكنْ مجوَّفة، وصممتُ القارورة: إذا سددتُها، وفلانٌ أصمّ: إذا انسدَّتْ خروقُ مسامعه. والأبكم: الذي لا ينطقُ ولا يفهم، فإذا فهمَ فهو الأخرس. وقيل: الأخرسُ والأبكمُ واحد. والعمَى: ذهابُ البصر.

وقالَ ابنُ كثير في آخرِ الآية ﴿ فَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ ﴾ أي: لا يعقلونَ شيئًا ولا يفهمونه.



174- ﴿ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾.

قالَ في معنى العذابِ الأليم، في الآيةِ (10) من السورةِ نفسِها: الأليمُ: المؤلم، أي: الموجع.



175- ﴿ أُولَـئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُاْ الضَّلاَلَةَ بِالْهُدَى وَالْعَذَابَ بِالْمَغْفِرَةِ ﴾.

قالَ رحمَهُ الله: تقدَّمَ تحقيقُ معناه. ويعني الآيةَ (16) من السورة: ﴿ أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ اشْتَرُوُاْ الضَّلاَلَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَت تِّجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُواْ مُهْتَدِين ﴾. وقد فصَّلَ القولَ في الجملةِ الأولى من الآية، ونقلَ الآثارَ في ذلك.

وقالَ ابنُ كثيرٍ رحمَهُ الله في تفسيرِ ما لم يفسره: أي: اعتاضوا عن الهدى، وهو نشرُ ما في كتبهم من صفةِ الرسول، وذكرُ مبعثه، والبشارةُ به من كتبِ الأنبياء، واتباعهُ وتصديقه، استبدلوا عن ذلك واعتاضوا عنه الضلالة، وهو تكذيبه، والكفرُ به، وكتمانُ صفاتهِ في كتبهم. ﴿ وَٱلْعَذَابَ بِٱلْمَغْفِرَةِ ﴾ أي: اعتاضوا عن المغفرةِ بالعذاب، وهو ما تعاطَوهُ من أسبابهِ المذكورة.



177- ﴿ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ ﴾.

لأنهم اتقَوا المحارم، وفعلوا الطاعات. (ابن كثير).



180- ﴿ كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ ﴾.

قالَ: تقدَّمَ معناهُ قريبًا. ويعني في الآية (178) من السورة: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى ﴾، وقد قالَ هناك: معناهُ فُرض، وأُثبت...



181- ﴿ إِنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيم ﴾.

﴿ إِنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ ﴾ لما أوصَى به الموصِي، ﴿ عَلِيمٌ ﴾ بتبديلِ المبدِّل، أو سميعٌ لوصيِّته، عليمٌ بنيَّته. (البغوي).



182- ﴿ فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾.

﴿ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ ﴾:... فلا حرجَ على من حضرَهُ فسمعَ ذلك منه أن يُصلحَ بينه وبين ورثته، بأن يأمرَهُ بـالعدلِ في وصيته، وأن ينهاهم عن منعهِ مما أذنَ الله له فـيه وأبـاحَهُ له.

﴿ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾: واللهُ غفورٌ رحيمٌ للموصي فيما كان حدَّثَ به نفسَهُ مِن الجنَفِ والإثم، إذا تركَ أنْ يأثمَ ويجنفَ في وصيته، فتجاوزَ له عمّا كان حدَّث به نفسَهُ من الجَور، إذ لم يُـمْضِ ذلك، رحيـمٌ بـالمصلحِ بين الموصي وبين مَن أرادَ أن يَحيفَ عليه لغيره، أو يأثمَ فيه له. (الطبري، بشيء من الاختصار).



184- ﴿ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾.

﴿ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ ما في الصومِ من الفضيلةِ وبراءةِ الذمَّة. وجوابهُ محذوف، دلَّ عليه ما قبله، أي: اخترتموه. وقيل: معناه: إن كنتم من أهلِ العلمِ والتدبرِ علمتُم أن الصومَ خيرٌ لكم من ذلك. (البيضاوي).



185- ﴿ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُون ﴾.

ذكرَ أنه تقدَّمَ تفسيرهما.

والأُولَى في الآيةِ التي تسبقها، وفيها بيان معانٍ لغوية. قالَ البغويُّ رحمَهُ الله: ﴿ فَعِدَّةٌ ﴾ أي: فأُفطر، فعِدَّة، ﴿ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ﴾ أي: فعليه عِدَّة. والعددُ والعِدَّةُ واحد. ﴿ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ﴾ أي: غيرِ أيامِ مرضهِ وسفره.

﴿ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُون ﴾. فسَّرهُ في الآيتين (52) و(56) من السورة، بما يناسبُ السياقَ من أحوالِ بني إسرائيل.

قالَ ابنُ كثيرٍ رحمَهُ الله: أي: إذا قمتم بما أمركم الله من طاعته، بأداءِ فرائضه، وتركِ محارمه، وحفظِ حدوده، فلعلكم أن تكونوا من الشاكرين بذلك.



187- ﴿ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُون ﴾.

أي: كما بيَّنَ هذه الحدودَ يُبَيِّنُ جميعَ الأحكامِ لتتَّقوا مجاوزتها. (القرطبي).



189- ﴿ وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾.

قالَ رحمَهُ الله: تقدَّمَ تفسيرُ التقوى والفلاح.

﴿ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى ﴾ قالَ الطبري: ولكنَّ البرَّ من اتَّقَى الله فخافه، وتجنَّبَ محارمه، وأطاعَهُ بأداءِ فرائضهِ التي أمرَهُ بها.

﴿ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ غدًا إذا وقفتم بين يديه، فيجزيكم بأعمالِكم على التمامِ والكمال. (ابن كثير).



190- ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ .

﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ﴾ الذين يجاوزونَ حدوده، فـيستحلُّونَ ما حرَّمَهُ اللهُ علـيهم، مِن قتلِ هؤلاءِ الذين حرَّمَ قتلَهم، مِن نساءِ المشركينَ وذراريهم. (الطبري).



191- ﴿ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْوَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ وَلَا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ

﴿ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ ﴾أي: واقتلوا – أيها المؤمنون – الذين يقاتلونكم من المشركين، في أيِّ مكانٍ تمكَّنتم من قتلِهم، وأبصرتم مقاتلَهم. (تفسير الطبري، باختصار).

﴿ كَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ: فإن اللهَ جعلَ ثوابَ الكافرينَ علـى كفرهم وأعمالهم السيئةِ القتلَ في الدنـيا والخزيَ الطويلَ في الآخرة. (الطبري).

يتبع

ابوالوليد المسلم 11-01-2021 12:53 AM

رد: عون البصير على فتح القدير
 


192- ﴿ فَإِنِ انتَهَوْاْ فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيم .

أي: غفورٌ لما سلف، رحيمٌ بالعباد. (البغوي).



194- ﴿ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ .

﴿ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ في الانتصارِ لأنفسكم، وتركِ الاعتداءِ بما لم يرخصْ لكم فيه، ﴿ وَٱعْلَمُواْ أَنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلْمُتَّقِينَ بالنصرِ والعون. (روح المعاني).



195- ﴿ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾.

إنَّ اللهَ يريدُ الخيرَ بالمحسنين. (الواضح).



196- ﴿ فَإِذَا أَمِنتُمْ فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ ﴾.

قالَ رحمَهُ الله: "تقدَّمَ الخلافُ في معناها".

وهو موجودٌ في أولِ الآية، كما أوردَ آثارًا في ذلك بآخرها.



199- ﴿ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾.

واستغفِروا اللهَ لذنوبكم، فإنه غفورٌ لها حينئذٍ، تفضُّلاً منه علـيكم، رحيـمٌ بكم. (الطبري).



203- ﴿ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ ﴾.

﴿ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ ﴾ فمجازيكم هو بأعمالِكم، المحسنَ منكم بإحسانه، والمسيءَ بإساءته، وموفٍ كلَّ نفسٍ منكم ما عملت، وأنتم لا تُظلَمون. (الطبري).



206- ﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ ﴾.

أي: إذا وُعِظَ هذا الفاجرُ في مقالهِ وفعاله، وقيل له: اتقِ الله، وانزعْ عن قولِكَ وفعلك، وارجعْ إلى الحق... (ابن كثير).



208- ﴿ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ ﴾.

قالَ مطرِّف: أغشُّ عبادِ اللهِ لعبيدِ اللهِ الشيطانُ. (ابن كثير).



210- ﴿ هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ ﴾.

وإلى اللهِ يؤولُ القضاءُ بين خَلقهِ يومَ القيامةِ والحكمُ بينهم في أمورهم التي جرتْ في الدنيا، مِن ظلمِ بعضهم بعضًا، واعتداءِ المعتدي منهم حدودَ الله، وخلافِ أمره، وإحسانِ المحسنِ منهم، وطاعتهِ إيّاهُ فيما أمرَهُ به، فيفصلُ بين المتظالمين، ويجازي أهلَ الإحسانِ بالإحسان، وأهلَ الإساءةِ بما رأى، ويتفضَّلُ على مَن لم يكنْ منهم كافرًا فـيعفو... (الطبري).



213- ﴿ كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾.

﴿ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ ﴾: ليبشِّروهم بالجزاءِ الحسنِ إنْ هم أطاعوا وثَبتوا على الحقّ، وليخوِّفوهم من العقابِ الشديدِ إنْ هم خالَفوا وعصَوا.

﴿ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾: واللهُ يَهدي مَن يشاءُ مِن خَلْقهِ إلى الطريقِ المستقيم، ممَّن يَعلَمُ فيهمُ الرغبةَ في اتِّباعِ الهُدَى وتقبُّلِ الحقّ. وهو الهادي إلى سواءِ السبيل. (الواضح).



214- ﴿ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ﴾.

وإنَّ نصرَ اللهِ قريبٌ ممَّن صبرَ على مُكابدةِ المـَشاقّ، وجاهدَ حقَّ الجهاد، فكانَ أهلاً للنَّصر، وإنَّ مع العُسرِ يُسراً وتوفيقاً، ونَصراً وفرَجاً. (الواضح).



215- ﴿ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ ﴾.

قالَ رحمَهُ الله: تقدَّمَ الكلامُ في الأقربين واليتامَى والمساكين وابنِ السبيل. ويعني في الآيةِ (177) من السورة: ﴿ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّآئِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ ﴾.

وقد قالَ هناك: قدَّمَ ﴿ ذَوِي الْقُرْبَى ﴾ لكونِ دفعِ المالِ إليهم صدقةً وصلةً إذا كانوا فقراء، وهكذا اليتامَى الفقراءُ أولَى بالصدقةِ من الفقراءِ الذين ليسوا بيتامَى، لعدمِ قدرتهم على الكسب. والمسكين: الساكنُ إلى ما في أيدي الناس، لكونهِ لا يجد شيئاً. وابنُ السبيل: المسافرُ المنقطع، وجُعِلَ ابناً للسبيلِ لملازمتهِ له. ا. هـ.

وما تُنفِقوا مِن أموالٍ على هؤلاءِ المـُحتاجين، وما تَفعلوا مِن الطَّاعاتِ والقُرُبات، يَعلَمْها الله، وسيَحفظُها لكم، ويُجازيكم عليها أفضلَ الجزاء. (الواضح).



216- ﴿ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾.

﴿ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ ﴾ ذلك، فبادروا إلى ما يأمركم به؛ لأنه لا يأمركم إلا بما علم فيه خيراً لكم، وانتهوا عمّا نهاكم عنه؛ لأنه لا ينهاكم إلا عمّا هو شرٌّ لكم. (روح المعاني).



217- ﴿ وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾.

قال: تقدَّمَ الكلامُ في معنى الخلود. وقد مرَّ بلفظهِ في الآيةِ (39) ولم يفسره، وقالَ في الآيةِ (25): خالدون: يعني لا يموتون.



218- ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَةَ اللَّهِ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ

أُولئكَ يطمعونَ أنْ يرحمهم اللهُ فيُدخلهم جنَّتَهُ بفضلِ رحمتهِ إيّاهم، واللهُ ساترُ ذنوبِ عبـادهِ بعفوهِ عنها، متفضِّلٌ علـيهم بـالرحمة. (الطبري).



221- ﴿ وَيُبَيِّنُ آَيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ

فكذلك أبيِّنُ لكم في سائرِ كتابي الذي أنزلتهُ على نبيِّي محمدٍ صلى الله عليه وسلم آياتي وحُجَجي وأوضِّحُها لكم، لتتفكروا في وعدي ووعيدي، وثوابي وعقابي، فتختاروا طاعتي التي تنالون بها ثوابي في الدارِ الآخرة، والفوزَ بنعيمِ الأبد، على القليلِ من اللذَّاتِ واليسيرِ من الشهوات، بركوبِ معصيتي في الدنيا الفانية، التي من ركبَها كان معادهُ إليّ، ومصيرهُ إلى ما لا قِبَلَ له به من عقابي وعذابي (الطبري).



223- ﴿ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلَاقُوهُ ﴾.

قال: مبالغةٌ في التحذير.

وقالَ الآلوسي رحمَهُ الله: ﴿ وَٱعْلَمُواْ أَنَّكُم مُّلَـٰقُوهُ ﴾ بالبعثِ فيجازيكم بأعمالكم، فتزوَّدوا ما ينفعكم. (روح المعاني).



228- ﴿ وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكُيم ﴾.

أي: عزيزٌ في انتقامهِ ممن عصاهُ وخالفَ أمره، حكيمٌ في أمرهِ وشرعهِ وقدَره. (ابن كثير).



231- ﴿ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾.

﴿ وَاتَّقُوا اللَّهَ ﴾ أي: فيما تأتونَ وما تذَرون، ﴿ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾: فلا يخفَى عليه شيءٌ مِن أمورِكم السريَّةِ والجهرية، وسيُجازيكم على ذلك. (ابن كثير).



232- ﴿ ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ﴾.

أي: هذا الذي نهيناكم عنه، مِن منعِ الوَلايا أنْ يتزوَّجنَ أزواجهنَّ إذا تراضَوا بينهم بالمعروف، يأتمرُ به ويتَّعظُ به وينفعلُ له ﴿ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ ﴾ أيها الناسُ ﴿ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ﴾ أي: يؤمنُ بشرعِ الله، ويخافُ وعيدَ اللهِ وعذابَهُ في الدارِ الآخرةِ وما فيها من الجزاء (ابن كثير).



233- ﴿ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ﴾.

وخافوا اللهَ فـيـما فرضَ لبعضِكم علـى بعضٍ من الحقوق، وفـيما ألزمَ نساءكم لرجالِكم، ورجالَكم لنسائكم، وفـيما أوجبَ علـيكم لأولادكم، فـاحذروهُ أنْ تخالفوهُ فتعتدوا في ذلك، وفي غيرهِ مِن فرائضهِ وحقوقهِ حدودَه، فتستوجبوا بذلكَ عقوبته، واعلموا أن اللهَ بما تعملونَ مِن الأعمالِ أيها الناس، سرِّها وعلانـيتِها، وخفـيِّها وظاهرها، وخيرِها وشرِّها، بصيرٌ، يراهُ ويعلـَمه، فلا يخفَى علـيه شيء، ولا يغيبُ عنه منه شيء، فهو يُحصي ذلكَ كلَّهُ علـيكم، حتى يجازيَكم بخيرِ ذلكَ وشرِّه. (الطبري).



234- ﴿ فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ﴾.

﴿ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ﴾: واللهُ بما تعملونَ أيها الأولـياء، في أمرِ مَن أنتـم وليُّهُ مِن نسائكم، مِن عضلِهنَّ وإنكاحِهنّ ممَّن أردنَ نكاحَهُ بـالمعروف، ولغيرِ ذلكَ مِن أموركم وأمورهم، خبـير، يعني ذو خبرةٍ وعلـم، لا يخفَى علـيه منهُ شيء. (الطبري).



235- ﴿ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ ﴾.

يعني أنه ذو سترٍ لذنوبِ عبـادهِ وتغطيةٍ علـيها، فـيما تكنُّه نفوسُ الرجال، مِن خِطبةِ الـمعتدَّات وذكرهم إيّاهنَّ في حالِ عِدَدِهنّ، وفي غيرِ ذلكَ مِن خطاياهم... (الطبري).



236- ﴿ وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ ﴾.

المرادُ بالمحسنين مَن شأنُهم الإحسانُ، أو الذين يُحسنونَ إلى أنفسِهم، بالمسارعةِ إلى الامتثال، أو إلى المطلَّقاتِ بالتمتيع (روح المعاني).



237- ﴿ وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى ﴾.

وأنْ تعفوا أيها الناسُ بعضُكم عمّا وجبَ له قِبَلَ صاحبهِ من الصَّداقِ قَبلَ الافتراقِ عند الطلاق، أقربُ له إلى تقوَى الله. (الطبري).



240- ﴿ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾.

أي: واللهُ عزيزٌ في انتقامهِ ممَّن خالفَ أمرَهُ ونهيه، وتعدَّى حدودَهُ مِن الرجالِ والنساء... (الطبري).



241- ﴿ وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِين ﴾.

تفسيرُ الآية: وتُعطَى المطلَّقاتُ حقَّهُنَّ من المتعة، يعني من المال، كلٌّ بما يقدرُ عليهِ ممّا يوافقُ حالَهُ وكرمَهُ ومعاليَ أخلاقه، لتبقَى الأخوَّةُ الإسلاميَّةُ قائمة، ولئلّا تنقلبَ الأمورُ إلى عداوةٍ وبغضاء. وهو ما يعرفهُ الذين يخشَون ربَّهم فيما يأتون وما يذَرون. (الواضح).



243- ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ ﴾.

فلم يشكروا نعمتَهُ في جميعِ هذا، بل استبدُّوا، وظنوا أن حولَهم وسعيَهم يُنجيهم. وهذه الآيةُ تحذيرٌ لسائرِ الناسِ من مثلِ هذا الفعل، أي: فيجبُ أن يشكرَ الناسُ فضلَ الله في إيجادهِ لهم، ورزقهِ إياهم، وهدايتهِ بالأوامرِ والنواهي، فيكونُ منهم الجريُ إلى امتثالها، لا طلبُ الخروجِ عنها. وتخصيصهُ تعالى الأكثرَ دلالةً على الأقلِّ الشاكر. (ابن عطية).



244- ﴿ وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾.

يعني تعالى ذكره بذلك: ﴿ وَقَاتِلُواْ ﴾ أيها المؤمنون ﴿ فِى سَبِيلِ اللَّهِ ﴾ يعني في دينهِ الذي هداكم له، لا في طاعةِ الشيطان، أعداءِ دينِكم، الصادِّين عن سبيلِ ربِّكم، ولا تجبنوا عن لقائهم، ولا تقعدوا عن حربهم، فإن بيدي حياتُكم وموتُكم، ولا يمنعنَّ أحدَكم من لقائهم وقتالهم حذرُ الموتِ وخوفُ المنيَّةِ على نفسهِ بقتالهم. ﴿ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾: واعلموا أن اللهَ سميعٌ لقولهم، وعليمٌ بهم وبغيرهم، وبما هم عليه مقيمونَ مِن الإيمانِ والكفر، والطاعةِ والمعصية، محيطٌ بذلكَ كلِّه، حتى أجازيَ كلاًّ بعمله، إنْ خيرًا فخيرًا، وإنْ شرًّا فشرًّا. (الطبري، باختصار).



246- ﴿ قَالُواْ وَمَا لَنَا أَلاَّ نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِن دِيَارِنَا وَأَبْنَآئِنَا فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْاْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِين ﴾.

﴿ نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللّهِ ﴾: وأيُّ شيءٍ يمنعُنا أن نقاتلَ في سبيلِ الله عدوَّنا وعدوَّ الله؟

﴿ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ ٱلْقِتَالُ ﴾ يقول: فلمّا فُرِضَ عليهم قتالُ عدوِّهم والجهادُ في سبيله.

﴿ وَاللّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِين ﴾: والله ذو علمٍ بمن ظلمَ منهم نفسَه، فأخلفَ اللهَ ما وعدَهُ من نفسه، وخالفَ أمرَ ربِّه فيما سألَهُ ابتداءً أن يوجبَهُ عليه. (الطبري).



248- ﴿ وَقَالَ لَهُمْ نِبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَن يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِّمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلآئِكَةُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِين ﴾.

ويَحمِلُ هذا التابوتَ ملائكةُ اللهِ وتَضعهُ عندَ طالوت.

وفي ذلكَ آيةٌ عظيمةٌ لكم وعبرة، تدلُّ على مُلكهِ عليكم، إنْ كنتم مصدِّقين بذلك. (الواضح).



249- ﴿ قَالُواْ لاَ طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنودِهِ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلاَقُو اللّهِ كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللّهِ وَاللّهُ مَعَ الصَّابِرِين ﴾.

قالوا: لا قدرةَ لنا على محاربتِهم؛ لكثرتِهم، فقالَ لهم علماؤهم والخُلَّصُ منهم، المؤمنون بلقاءِ اللهِ وحُسنِ ثوابِه: إنَّ جماعةً قليلةً، مؤمنةً في عقيدتِها وعزمِها وتوكُّلِها، تستمدُّ قوَّتَها من اللهِ ووعدهِ بالنَّصرِ والجزاءِ، ستَغلِبُ فئةً كبيرةً عدوَّةً لا تعتمدُ سِوى على قوَّتِها الظاهرة، بإذنِ اللهِ وتيسيرِه، فلا تُغني كثرتُهم مع خِذلانِ اللهِ لهم، ولا تَضرُّ قلَّةُ الفئةِ المؤمنةِ مع تأييدهِ ونصرهِ لهم، وإنَّ اللهَ سيثبِّتُ الفئةَ الصابرةَ ويَنصُرها، ويُمِدُّها بالمعونةِ والتوفيق، فتقدَّموا ولا تتوانَوا.

والمؤمنون مختلفونَ في قوَّةِ اليقينِ وقوَّةِ الإرادة. (الواضح).




250- ﴿ وَلَمَّا بَرَزُواْ لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُواْ رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا ﴾.

يعنـي أن طالوتَ وأصحابَهُ قالوا: ﴿ رَبَّنا أفْرغْ عَلَـيْنا صَبْراً ﴾ يعني: أنزلْ علـينا صبراً. (الطبري).

﴿ قَالُواْ ﴾ جميعاً بعدَ أن قويتْ قلوبُ الضعفاء، متضرِّعين إلى الله تعالى، متبرِّئين من الحولِ والقوة: ﴿ رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا ﴾ أي: صُبَّ ذلك علينا ووفِّقنا له. والمرادُ به حبسُ النفسِ للقتال. (روح المعاني).



251- ﴿ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ .

أي: مَنٍّ عليهم، ورحمةٍ بهم، يدفعُ عنهم ببعضهم بعضًا، وله الحكمُ والحكمة، والحجَّةُ على خَلقهِ في جميعِ أفعالهِ وأقواله. (ابن كثير).





ابوالوليد المسلم 11-01-2021 12:55 AM

رد: عون البصير على فتح القدير
 
عون البصير على فتح القدير (3)




أ. محمد خير رمضان يوسف



الجزء الثالث

(سورة البقرة من الآية 255 حتى آخرها، سورة آل عمران 1 – 92)


255- ﴿لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء﴾.
﴿لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ﴾:إخبارٌ بأن الجميعَ عبيدهُ وفي ملكه، وتحت قهرهِ وسلطانه، كقوله: ﴿إِن كُلُّ مَن فِى ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ إِلاَّ آتِى ٱلرَّحْمَـٰنِ عَبْداً . لَّقَدْ أَحْصَـٰهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدّاً . وَكُلُّهُمْ ءَاتِيهِ يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ فَرْداً﴾ [سورة مريم: 93 – 95]. (ابن كثير).
﴿وَلاَ يُحِيطُونَ﴾ قال: تقدَّم معنَى الإحاطة. ولعله يعني عند تفسيرِ الآيةِ (19) من السورة: ﴿واللّهُ مُحِيطٌ بِالْكافِرِين﴾، فقال: والإحاطة: الأخذُ من جميعِ الجهات، حتى لا تفوتَ المحاطَ به بوجهٍ من الوجوه.
وقالَ الآلوسي رحمَهُ الله: الإحاطةُ بالشيءِ علماً: علمُهُ كما هو على الحقيقة، والمعنى: لا يعلمُ أحدٌ من هؤلاءِ كنهَ شيءٍ ما من معلوماتهِ تعالى ﴿إِلاَّ بِمَا شَاء﴾ أنْ يعلَم. (روح المعاني).

256- ﴿وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾.
والله سميعٌ إيمانَ المؤمنِ بالله وحده، الكافرِ بالطاغوت، عند إقرارهِ بوحدانيةِ الله وتبرُّئهِ من الأندادِ والأوثانِ التي تُعبَدُ من دونِ الله.
عليمٌ بما عزمَ عليه من توحيدِ الله وإخلاصِ ربوبيتهِ قلبَهُ، وما انطوَى عليه - من البراءة من الآلهةِ والأصنامِ والطواغيت - ضميرهُ، وبغيرِ ذلك مما أخفتْهُ نفسُ كلِّ أحدٍ مِن خَلقه، لا ينكتمُ عنه سرٌّ ولا يخفَى عليه أمر، حتى يجازيَ كلاً يومَ القيامةِ بما نطقَ به لسانهُ وأضمرتْهُ نفسه، إنْ خيراً فخيراً، وإنْ شرًّا فشرًّا (الطبري).

257- ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾.
حكمَ عليهم بالخلودِ في النارِ لكفرهم. (ابن عطية).

258- ﴿وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾.
قالَ رحمَهُ الله: تذييلٌ مقررٌ لمضمونِ الجملةِ التي قبله.
وأوردَ في آخرهِ قولَ السدِّي: ﴿وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾ إلى الإيمان.
وقالَ ابنُ كثيرٍ رحمَهُ الله: أي: لا يُلهمُهم حجَّةً ولا برهانًا، بل ﴿حُجَّتُهُمْ دَاحِضَةٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ﴾ [سورة الشورى: 16].

260- ﴿ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا وَاعْلَمْ أَنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيم﴾.
﴿ثُمَّ ادْعُهُنَّ﴾: أمرَهُ الله عزَّ وجلَّ أن يدعوَهنَّ، فدعاهنَّ كما أمرَهُ الله عزَّ وجلّ.
﴿وَاعْلَمْ أَنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيم﴾ أي: عزيزٌ لا يَغلبهُ شيء، ولا يمتنعُ منه شيء، وما شاءَ كان بلا ممانع؛ لأنه العظيمُ القاهرُ لكلِّ شيء، حكيمٌ في أقوالهِ وأفعاله، وشرعهِ وقدَره. (ابن كثير).

261- ﴿مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّئَةُ حَبَّةٍ وَاللّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاء وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيم﴾.
﴿يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ﴾: ينفقون أموالهم على أنفسهم في جهادِ أعداءِ الله بأنفسهم وأموالهم.
﴿وَاللهُ وَاسِعٌ﴾ أن يزيدَ من يشاءُ من خـَلقهِ المنفقـين في سبـيـله، علـى أضعافِ السبعمائةِ التي وعدَهُ أن يزيده، ﴿عَلِيمٌ﴾ مَن يستـحقُّ منهم الزيادة. (الطبري).

262- ﴿الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ثُمَّ لاَ يُتْبِعُونَ مَا أَنفَقُواُ مَنًّا وَلاَ أَذًى لَّهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ﴾.
﴿الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ﴾ قالَ رحمَهُ الله: هذه الجملةُ متضمنةٌ لبيانِ كيفيةِ الإنفاقِ الذي تقدَّم.
وقالَ الإمامُ الطبري رحمَهُ الله في بيانها: يعني تعالى ذكره بذلك: المعطي مالَهُ المجاهدين في سبيلِ الله معونةً لهم على جهادِ أعداءِ الله. يقولُ تعالى ذكره: الذين يُعينون المجاهدين في سيبلِ الله بالإنفاقِ عليهم، وفي حمولاتهم، وغيرِ ذلك من مؤنهم.
﴿لَّهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ﴾:لهم ثوابهم وجزاؤهم علـى نفقتهم التي أنفقوها في سبيلِ الله، ثم لم يُتبِعونها منًّا ولا أذى. (الطبري).

263- ﴿قَوْلٌ مَّعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِّن صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَآ أَذًى﴾.
هذا إخبارٌ جزمٌ من الله تعالى أن القولَ المعروفَ - وهو الدعاءُ والتأنيسُ والترجيةُ بما عند الله - خيرٌ من صدقةٍ هي في ظاهرها صدقة، وفي باطنها لا شيء؛ لأن ذلك القولَ المعروفَ فيه أجر، وهذه لا أجرَ فيها. (ابن عطية).

264- ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا لَا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ﴾.
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى﴾: أيُّها المؤمِنون، لا تجعلوا صدقاتِكم تَذهبُ هباء، وذلكَ عندما تُتْبِعونَها بالمنِّ والأذَى، فإنَّ هذا الغلطَ منكم يُذهِبُ ثوابَ ما تصدَّقتم به.
﴿وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ﴾: واللهُ لا يَهدِي الكافرين إلى الخيرِ والرُّشد، وهم لم يَطلبوا الهدايةَ والرشادَ من الله.
وفيهِ تعريضٌ بأنَّ كلاًّ من الرياءِ والمَنِّ والأذَى مِن خصائصِ الكفّار، فلا بدَّ للمؤمنينَ مِن أن يَتجنَّبوها (الواضح).

266- ﴿أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَن تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِّن نَّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ لَهُ فِيهَا مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَأَصَابَهُ الْكِبَرُ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَاء فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُون﴾.
﴿تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ﴾: قالَ في مثلها، في الآيةِ (25) من السورة: والجنات: البساتين، وإنما سمِّيت جناتٍ لأنها تجنُّ مَن فيها، أي: تسترهُ بشجرها، وهو: اسمٌ لدارِ الثوابِ كلِّها، وهي مشتملةٌ على جناتٍ كثيرة. والأنهارُ جمعُ نهر، وهو: المجرَى الواسع، فوق الجدولِ ودون البحر، والمراد: الماءُ الذي يجري فيها. وأُسنِدَ الجريُ إليها مجازاً، والجاري حقيقةً هو الماء، كما في قولهِ تعالى: ﴿وَٱسْئَلِ ٱلْقَرْيَةَ﴾ [سورة يوسف: 82] أي: أهلَها، وكما قالَ الشاعر:
ونبئتُ أن النّارَ بعدكَ أُوقِدَتْ *** واستبَّ بعدَكَ يا كُليبُ المْجلِسُ
والضميرُ في قوله: ﴿مِن تَحْتِهَا﴾ عائدٌ إلى الجنات؛ لاشتمالها على الأشجار، أي: من تحتِ أشجارها. ا. هـ.
﴿وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَاء﴾: يعني أن صاحبَ الجنةِ أصابَه الكِبَر، ﴿وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَاءُ﴾: صغارٌ أطفـال.
﴿كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُون﴾: كما بـيَّنَ لكم ربُّكم تبـاركَ وتعالَى أمرَ النفقةِ في سبـيـله، وكيف وجَّهها، وما لكم وما لـيسَ لكم فعلهُ فـيها، كذلكَ يبـيِّنُ لكم الآياتِ سوَى ذلك، فـيعرِّفُكم أحكامَها، وحلالَها وحرامَها، ويوضِّحُ لكم حُجَجَها، إنعامًا منه بذلك علـيكم، ﴿لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ﴾ يقول: لتتفكَّروا بعقولِكم فتتدبَّروا وتعتبروا بحججِ اللهِ فيها، وتعملوا بما فـيها من أحكامِها، فتطيعوا الله به. (الطبري).

267- ﴿وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ غَنِيٌّ حَمِيد﴾.
﴿وَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ غَنِيٌّ﴾ عن صدقاتكم، ﴿حَمِيدٌ﴾: محمودٌ في أفعاله. (البغوي).

268- ﴿وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾.
عليمٌ بنفقاتِكم وصدقاتِكم التـي تُنفقونَ وتَصدَّقون بها، يُحصيها لكم حتـى يجازيَكم بها عند مقدمِكم علـيه في آخرتِكم. (الطبري).

269- ﴿يُؤتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاء وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الأَلْبَاب﴾.
يعني بذلك جلَّ ثناؤه: يؤتي اللهُ إصابةَ الصوابِ في القولِ والفعلِ مَن يشاء، ومَن يؤتهِ اللهُ ذلكَ فقد آتاهُ خيراً كثيراً.
﴿وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الأَلْبَاب﴾: يعني بذلك جلَّ ثناؤه: وما يتعظُ بما وَعظَ به ربُّهُ في هذه الآياتِ التي وَعظ فيها المنفقين أموالَهم بما وَعظَ به غيرَهم فيها وفي غيرها من آي كتابه، فيذكرُ وعدَهُ ووعيدَهُ فيها، فينزجرُ عمّا زجرَهُ عنه ربُّه، ويطيعهُ فيما أمرَهُ به، ﴿إِلاَّ أُولُوا أَلالْبَابِ﴾ يعني: إلا أولو العقول، الذين عقلوا عن الله عزَّ وجلَّ أمرَهُ ونهيَه. فأخبرَ جلَّ ثناؤهُ أن المواعظَ غيرُ نافعةٍ إلا أولي الحِجا والحلوم، وأن الذكرَى غيرُ ناهيةٍ إلا أهلَ النُّهَى والعقول. (الطبري).

270- ﴿وَمَآ أَنفَقْتُمْ مِّن نَّفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِّن نَّذْرٍ﴾.
يعني بالنذر: ما أوجبَهُ المرءُ على نفسه، تبرُّراً في طاعةِ الله وتقرُّباً به إليه، من صدقةٍ أو عملِ خير. (الطبري).

271- ﴿وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾.
أي: لا يخفَى عليه مِن ذلكَ شيء، وسيجزيكم عليه. (ابن كثير).

272- ﴿وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ﴾.
لا تنقصونَ من ثوابِ أعمالِكم شيئًا. (البغوي).

273- ﴿وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللّهَ بِهِ عَلِيم﴾.
وعدٌ محض، أي: يعلمهُ ويُحصيه، ليجازيَ عليه ويُثيب. (ابن عطية).

274- ﴿الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾.
﴿فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ﴾ أي: يومَ القيامة، على ما فعلوا من الإنفاقِ في الطاعات.
﴿وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ بيَّنها الشوكاني رحمهُ الله في الآية (38) من السورة: ﴿فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾، قال: ﴿فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ﴾ يعني في الآخرة، ﴿وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ يعني لا يحزنون للموت.

276- ﴿وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيم﴾.
متمادٍ في الإثمِ فيما نهاهُ عنه، من أكلِ الربا والحرامِ وغيرِ ذلك من معاصيه، لا ينزجرُ عن ذلك، ولا يرعوي عنه، ولا يتَّعظُ بموعظةِ ربِّهِ التي وعظَهُ بها في تنزيلهِ وآي كتابه. (الطبري).

277- ﴿إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾.
ذكرَ أنه تقدَّمَ تفسيرها. يعني متفرقة.
وتفسيرها: إنَّ الذينَ آمنوا وأتْبَعُوا إيمانَهم بالأعمالِ الصالحة، فأطاعوا ربَّهم، وشكروا لهُ نِعَمَهُ عليهم، ورَضُوا بما قَسَمَ لهم من الحلال، وأحسَنوا إلى خَلْقه، وداوموا على صلواتِهم، وأعطَوا زكاةَ أموالِهم للفقراءِ والمحتاجين، لهم جميعاً الجزاءُ العظيمُ عند ربِّهم، ولا خوفٌ عليهم يومَ الحساب، في مقابلِ التخبُّطِ والهلعِ الذي يُصيبُ المـُرابي، ولا هم يَحزنونَ على ما فاتَهم منَ الدُّنيا، فهم في مكانٍ أجلّ، ونعيمٍ أعظم، وسعادةٍ لا تُوصَفُ ولا تُقارَنُ بما في الدنيا. (الواضح).

281- ﴿ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ﴾.
﴿وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ﴾ بنقصِ ثوابٍ وتضعيفِ عقاب. (البيضاوي).

282- ﴿وَلاَ تَسْأَمُوْاْ أَن تَكْتُبُوْهُ صَغِيرًا أَو كَبِيرًا إِلَى أَجَلِهِ ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِندَ اللّهِ وَأَقْومُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلاَّ تَرْتَابُواْ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلاَّ تَكْتُبُوهَا وَأَشْهِدُوْاْ إِذَا تَبَايَعْتُمْ وَلاَ يُضَآرَّ كَاتِبٌ وَلاَ شَهِيدٌ وَإِن تَفْعَلُواْ فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللّهُ وَاللّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيم﴾.
﴿إِلَى أَجَلِهِ﴾:إلى أجَلِ الحقّ، فإن الكتابَ أحصَى للأجل والمال.
﴿وَاللّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيم﴾: يعني مِن أعمالِكم وغيرها، يُحصيها علـيكم لـيجازيَكم بها. (الطبري).

283- ﴿وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آَثِمٌ قَلْبُهُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ﴾.
عليمٌ بما تعملونَ في شهادتكم، مِن إقامتِها والقيامِ بها، أو كتمانكم إيّاها عند حاجةِ مَن استشهدكم إليها، وبغيرِ ذلك من سرائرِ أعمالكم وعلانيتها عليمٌ، يُحصيهِ عليكم ليجزيَكم بذلك كلِّهِ جزاءَكم، إمّا خيرًا وإمّا شرًّا، على قدرِ استحقاقِكم (الطبري).

284- ﴿لِّلَّهِ ما فِي السَّمَاواتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَإِن تُبْدُواْ مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُم بِهِ اللّهُ فَيَغْفِرُ لِمَن يَشَاء وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاء وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِير﴾.
﴿لِّلَّهِ ما فِي السَّمَاواتِ وَمَا فِي الأَرْضِ﴾ قال: تقدَّمَ تفسيره. ولعله يعني الآيةَ (116) من السورة: ﴿بَل لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ﴾. وقد قالَ هناك: ردٌّ على القائلين بأنه اتخذَ ولداً، أي: بل هو مالكٌ لما في السماواتِ والأرض، وهؤلاء القائلون داخلون تحتَ ملكه..
﴿فَيَغْفِرُ لِمَن يَشَاء وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاء وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِير﴾: فـيعرِّفُ مؤمنَكم تفضُّلَهُ بعفوهِ عنه ومغفرتهِ له، فـيغفرهُ له، ويعذِّب منافقَكم على الشكِّ الذي انطوتْ عليه نفسهُ في وحدانيةِ خالقهِ ونبوَّةِ أنبـيائه. واللهُ عزَّ وجلَّ على العفوِ عمّا أخفتهُ نفسُ هذا المؤمنِ من الهمَّةِ بالخطيئة، وعلى عقابِ هذا الكافرِ على ما أخفتهُ نفسهُ من الشكِّ في توحيدِ الله عزَّ وجلَّ ونبوَّةِ أنبيائه، ومجازاةِ كلِّ واحدٍ منهما على ما كان منه، وعلى غيرِ ذلك من الأمور، قادرٌ. (الطبري).

سورة آل عمران

2- ﴿اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ
ذكرَ أنه تقدَّمَ تفسيرُ ﴿الْحَيُّ الْقَيُّومُ﴾، ويعني في تفسيرِ آيةِ الكرسي (الآية 255 من سورة البقرة)، قالَ هناك رحمهُ الله:﴿الْحَيُّ﴾: الباقي، و﴿الْقَيُّومُ﴾: القائمُ على كلِّ نفسٍ بما كسبت. وأوردَ أقوالًا أخرى في معناهما.

4- ﴿مِن قَبْلُ هُدًى لِّلنَّاسِ﴾.
بـيانًا للناسِ من الله، فيما اختلفوا فـيه، من توحيدِ الله، وتصديقِ رُسله، ومفـيداً يا محمدُ أنك نبيِّي ورسولي، وفي غيرِ ذلك من شرائعِ دينِ الله. (الطبري).

6- ﴿هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ
أي: هو الذي خلق، وهو المستحقُّ للإلهيةِ وحدَهُ لا شريكَ له، وله العزَّةُ التي لا تُرام، والحِكمةُ والإحكام. (ابن كثير).

8- ﴿رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ﴾.
﴿رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا﴾: يعني أنهم يقولون رغبةً منهم إلى ربِّهم، في أن يَصرفَ عنهم ما ابتلَـى به الذين زاغتْ قلوبُهم، من اتِّبـاعِ متشابهِ آي القرآنِ ابتغاءَ الفتنةَ وابتغاءَ تأويـله، الذي لا يعلمهُ غيرُ الله، يا ربَّنا لا تجعلنا مثلَ هؤلاء الذين زاغتْ قلوبُهم عن الحقِّ فصدُّوا عن سبيلك.
﴿إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ﴾: إنكَ أنتَ المـُعطي عبادكَ التوفيقَ والسداد، للثباتِ على دينك، وتصديقِ كتابِكَ ورسُلِك (الطبري).

9- ﴿رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لَا رَيْبَ فِيهِ.
قال: تقدَّمَ تفسيرُ الريب. وقد فسَّرَهُ في الآيةِ الثانيةِ من السورةِ بما يناسبُ الآية: ﴿ذَلِكَ ٱلْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ﴾ فقال: أي: لا مبدِّلَ له. ثم نقلَ من الطبريِّ رحمَهُ الله آثارًا في ذلك، تفيدُ بأن الريبَ معناهُ الشكّ.

11- ﴿فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ
يهلكون ويعذَّبون كما جرَى لآلِ فرعونَ ومَن قبلَهم من المكذِّبين للرسلِ فيما جاؤوا به من آياتِ الله وحُجَجه، ﴿وَٱللَّهُ شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ﴾ أي: شديدُ الأخذ، أليمُ العذاب، لا يمتنعُ منه أحد، ولا يفوتهُ شيء، بل هو الفعَّال لما يريد، الذي قد غلبَ كلَّ شيء، وذَلَّ له كلُّ شي، لا إلهَ غيره، ولا ربَّ سواه. (ابن كثير).

12- ﴿قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ.
الحشر: الجمعُ والإحضار، وقوله ﴿وَبِئْسَ الْمِهَادُ﴾ يعني جهنم، هذا ظاهرُ الآية، وقال مجاهد: المعنى: بئسَ ما مهَّدوا لأنفسهم، فكأن المعنى: وبئسَ فعلُهم الذي أدَّاهم إلى جهنم. (ابن عطية).

13- ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لَّأُوْلِي الأَبْصَار﴾.
لمن له بصيرةٌ وفهمٌ يَهتدي به إلى حكمةِ الله وأفعاله، وقدرهِ الجاري بنصرِ عبادهِ المؤمنين في هذه الحياةِ الدنيا، ويومَ يقومُ الأشهاد. (ابن كثير).

14- ﴿وَاللّهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآب﴾.
أي: المرجعُ الحسَن. (روح المعاني).

15- ﴿لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ﴾.
إنَّهُ مِن نصيبِ عبادِ اللهِ المتَّقين، الذين آمنوا باللهِ وقاموا بالأعمالِ الصَّالحة.
فهؤلاءِ لهم عند ربِّهم جنانٌ جميلة، واسعةٌ رائعة، تجري من تحتِها جداولُ المياهِ والأنهارُ العذبة، ومنها ما يجري بالعسلِ واللبنِ وأنواعِ الأشرِبة، وفيها ما لم يرَهُ الإنسانُ وما لم يسمعْ به، مع حياةٍ دائمةٍ هنيئة، لا نَغْصَ فيها ولا انقطاع.
ولهم فيها أزواجٌ مطهَّراتٌ من الأذَى الذي يعتري نساءَ الدنيا، وحورٌ عِينٌ جميلاتٌ محبَّباتٌ إلى النُّفوس، وفوقَ كلِّ ذلكَ رضوانُ الله، فلا سخَطَ عليهم بعدَهُ أبداً.
واللهُ بصيرٌ بأعمالِ عبادهِ ونيّاتِهم وتوجُّهاتِهم في الدنيا، خبيرٌ بميولِهم ونوازعِهم، وهو يعطي كلاًّ بحسبِ ما عملَ واجتهدَ وأخلَص. (الواضح).

16- ﴿رَبَّنَا إِنَّنَا آَمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾.
إننا صدَّقنا بكَ وبنبـيِّك، وما جاءَ به من عندك، فـاسترْ علـينا بعفوِكَ عنها، وتركِكَ عقوبتَنا علـيها، وادفعْ عنا عذابكَ إيّانا بـالنارِ أن تعذِّبَنا بها.
وإنما معنَى ذلك: لا تعذِّبْنا يا ربَّنا بـالنار.
وإنما خصُّوا المسألةَ بأن يقيَهم عذابَ النار، لأن من زُحزِحَ يومئذٍ عن النارِ فقد فـازَ بـالنجاةِ من عذابِ النارِ وحُسنِ مآبه. (الطبري، باختصار).

17- ﴿الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَار﴾.
الإنفاقُ معناهُ في سبيلِ اللهِ ومظانِّ الأجر، كالصلةِ للرحمِ وغيرها، ولا يختصُّ هذا الإنفاقُ بالزكاةِ المفروضة. (ابن عطية).

18- ﴿لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾.
يعنـي بالعزيز: الذي لا يمتنعُ عليه شيءٌ أراده، ولا ينتصرُ منه أحدٌ عاقبَهُ أو انتقمَ منه.
الحكيمُ في تدبيره، فلا يدخـلهُ خـلَل. (الطبري).

20- ﴿فَإنْ حَآجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ وَقُل لِّلَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ وَالأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُواْ فَقَدِ اهْتَدَواْ﴾.
﴿وَمَنِ اتَّبَعَنِ﴾:يعني: وأسلـمَ من اتَّبعني أيضاً وجهَهُ لله معي.
﴿فَإِنْ أَسْلَمُواْ﴾:فإن انقادوا لإفرادِ الوحدانـيةِ لله، وإخلاصِ العبـادةِ والألوهةِ له. (الطبري).
يتبع

ابوالوليد المسلم 11-01-2021 12:55 AM

رد: عون البصير على فتح القدير
 

21- ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾.
إنَّ الذين كفروا بدينِ اللهِ وما أنزلَهُ من آياتٍ بيِّناتٍ، فآثروا الكفرَ على الإيمان، وارتكبوا المآثمَ بتكذيبِهم رسلَه، وخالفوهم استكباراً وعناداً، ولم يكتفوا بهذا، بل قتلوا بعضَ أنبياءِ اللهِ الكرام، ولا جريمةَ لهم في ذلك سوى دعوتِهم إلى الحقّ! ثم شهروا السُّيوفَ ضدَّ من يأمرُهم بالعدلِ واتِّباعِ الصِّراطِ المستقيم، وينهاهُم عن المنكرِ والبغي والجهالة، مادامَ ذلكَ لا يوافقُ أهواءَهم وضلالاتِهم، تكبُّراً واستعلاءً على الحقِّ والهدَى. إذاً فبشِّرهم بذلَّةٍ وصَغار، وعذابٍ قريبٍ ينالُهم. (الواضح).

22- ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ﴾.
وما لهؤلاءِ القومِ من ناصرٍ ينصرُهم من اللهِ إذا هو انتقمَ منهم بما سلفَ من إجرامِهم واجترائهم علـيه فـيستنقذهم منه (الطبري).

23- ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوْتُواْ نَصِيبًا مِّنَ الْكِتَابِ يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَابِ اللّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ﴾.
أي: ليفصلَ الحقَّ من الباطلِ بين الذين أوتوا - وهم اليهود - وبين الداعي لهم - وهو النبيُّ صلى الله عليه وسلم - في أمرِ إبراهيمَ عليه السلام، أو في حكمِ الرجم، أو في شأنِ الإسلام، أو بين مَن أسلمَ منهم ومن لم يُسلم، حيثُ وقعَ بينهم اختلافٌ في الدينِ الحقّ... (روح المعاني).

26- ﴿إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾.
... لأنكَ على كلِّ شيءٍ قديرٌ دونَ سائرِ خَلقك، ودونَ مَن اتَّخذهُ المشركونَ من أهلِ الكتابِ والأميينَ من العربِ إلهًا وربًّا يعبدونَهُ من دونك، كالمسيح، والأندادِ التي اتَّخذها الأميونَ ربًّا (الطبري، باختصار).

29- ﴿وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾.
واللهُ قديرٌ علـى معاجلتِكم بالعقوبةِ علـى موالاتِكم إيّاهم، ومظاهرتِكموهم علـى المؤمنـين، وعلـى ما يشاءُ مِن الأمورِ كلِّها، لا يتعذَّر عليه شيءٌ أراده، ولا يمتنعُ علـيه شيءٌ طلبه. (الطبري).

30- ﴿يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوَءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا﴾.
يعني يومَ القيامةِ يُحضَرُ للعبدِ جميعُ أعماله، من خيرٍ ومن شرّ، كما قالَ تعالى: ﴿يُنَبَّأُ ٱلإِنسَانُ يَوْمَئِذِ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ﴾ [سورة القيامة: 13]، فما رأى من أعمالهِ حسناً سرَّهُ ذلك وأفرحه، وما رأى من قبيحٍ ساءَهُ وغاظه... (ابن كثير).

31- ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾.
﴿يُحْبِبْكُمُ ٱللَّهُ﴾: أكثرُ المتأخرين على أن مثلَ ذلك جوابُ شرطٍ مقدَّر، أي: إنْ تتبعوني يحببكم، أي: يقرِّبكم. رواهُ ابن أبـي حاتم عن سفيان بن عُيينة. وقيل: يرضَ عنكم. ﴿وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ﴾ أي: يتجاوزْ لكم عنها، ﴿وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾ أي: لمن تحبَّبَ إليه بطاعته، وتقرَّبَ إليه باتِّباعِ نبيِّهِ صلَّى الله عليه وسلَّم. (روح المعاني، باختصار).

32- ﴿قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ﴾.
أي: تخالَفوا عن أمره. (ابن كثير).

33- ﴿إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِين﴾.
ذكرَ أنه تقدَّمَ تفسيره. وقد قالَ في الآيةِ الثانيةِ من سورةِ الفاتحة: ﴿الْعَالَمِين﴾: جمعُ العالم، وهو: كلُّ موجودٍ سوى اللهِ تعالى. قالَهُ قتادة.

34- ﴿ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ
﴿وَاللَّهُ سَمِيعٌ﴾ لأقوالِ العباد، ﴿عَلِيمٌ﴾ بأفعالهم وما تكنُّهُ صدورهم، فيصطفي من يشاءُ منهم. (روح المعاني).

35- ﴿إِذْ قَالَتِ امْرَأَةُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيم﴾.
قالَ الإمامُ الطبري في معنى النذرِ في الآيةِ (270) من سورةِ البقرة: ما أوجبَهُ المرءُ على نفسه، تبرُّراً في طاعةِ الله وتقرُّباً به إليه، من صدقةٍ أو عملِ خير.
﴿إِنَّكَ أَنتَ ٱلسَّمِيعُ﴾ لسائرِ المسموعات، فتسمعُ دعائي، ﴿ٱلْعَلِيمُ﴾ بما كان ويكون، فتعلمُ نيتي. (روح المعاني).

37- ﴿إنَّ اللّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاء بِغَيْرِ حِسَاب﴾.
قوله: ﴿بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾ أي: بغيرِ تقدير؛ لكثرته، أو من غيرِ مسألةٍ سألها، على سبيلٍ يناسبُ حصولها، وهذا كقوله: ﴿وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ﴾ [سورة الطلاق: 3]. (مفاتيح الغيب).

38- ﴿إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ
أي: سامعه، وقيل: مجيبه. (البغوي).

39- ﴿فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ﴾.
وهو قائمٌ يصلي في محرابِ عبادته، ومحلُّ خلوته، ومجلسُ مناجاته وصلاته. (ابن كثير).

44- ﴿ذَلِكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيكَ﴾.
أي: من أخبارِ الغيب (البغوي)، والغيب: ما غابَ عن مداركِ الإنسان. (ابن عطية).

45- ﴿إِذْ قَالَتِ الْمَلآئِكَةُ يَامَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِين﴾.
﴿قَالَتِ الْمَلآئِكَةُ يَامَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ﴾: ... فقالوا لها: إنَّ اللهَ يبشِّرُكِ بولدٍ تَلِدينَهُ بأمرٍ من اللهِ وكلمةٍ منه، هي "كُنْ"، فيكون. (الواضح).
﴿وَمِنَ الْمُقَرَّبِين﴾: يعني أنه ممن يقرِّبهُ اللهُ يومَ القيامةِ فيُسكِنهُ في جوارهِ ويُدنيهِ منه (الطبري).

47- ﴿قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ
أي: هكذا أمرُ اللهِ عظيم، لا يُعجِزهُ شيء.
وصرَّحَ هاهنا بقوله: ﴿يَخْلُقُ، ولم يقل: "يفعل" كما في قصةِ زكريا، بل نصَّ هاهنا على أنه يخلق، لئلاّ يُبقي لمبطلٍ شبهة.. (ابن كثير).

49- ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ
يعني بذلك جلَّ ثناؤه: إن في خلقي من الطينِ الطيرَ بإذنِ الله، وفي إبرائي الأكمهَ والأبرص، وإحيائي الموتَى، وإنبائي إيّاكم بما تأكلون وما تدَّخرون في بـيوتكم، ابتداءً من غيرِ حسابٍ وتنـجيـم، ولا كهانةٍ وعرافة؛ لعبرةً لكم، ومتفكَّرًا تتفكَّرونَ في ذلك، فتعتبرونَ به أني مُـِحقٌّ في قولي لكم: إني رسولٌ مِن ربِّكم إلـيكم، وتعلمونَ به أني فيما أدعوكم إلـيه مِن أمرِ اللهِ ونهيهِ صادق، ﴿إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ يعني: إنْ كنتـم مصدِّقينَ حُجَجَ اللهِ وآياته، مقرِّينَ بتوحيدهِ ونبـيِّهِ موسى، والتوراةِ التي جاءَكم بها. (الطبري).

50- ﴿وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ وَجِئْتُكُمْ بِآَيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ.
﴿وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ: وأُرسِلتُ إليكم لأُصَدِّقَ ما في التوراةِ، وأُحييَ ما بها مِن أحكام..
﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ: فالتزِموا طاعةَ اللهِ واجتنِبوا معصيتَه، وأطيعوني فيما آمرُكم بهِ وأنهاكم عنه. (الواضح).

51- ﴿إِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ.
واللهُ ربِّي وربُّكم، فكِلانا نخضعُ لهُ بالعبوديَّة والطَّاعة، فاثبُتوا على عبادتهِ وطاعتِه، فإنَّهُ الطريقُ الصَّحيحُ الذي يُقيمُ عليه المؤمنون المتَّقون. (الواضح).

56-﴿فَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَأُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ
وما لهم مِن عذابِ اللهِ مانع، ولا عن أليمِ عقابهِ لهم دافعٌ بقوَّةٍ ولا شفـاعة، لأنه العزيزُ ذو الانتقام. (الطبري).

57- ﴿وَأَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَاللهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ.
وأمّا مَن آمنَ باللهِ ورسلِه، وأتْبَعَ إيمانَهُ بالعملِ الصالحِ كما يَفعلُ المؤمنون، فسوفَ يعطيهم اللهُ ثوابَ أعمالِهم كاملاً، في الدُّنيا بالنَّصرِ والظفَر، وفي الآخرةِ بالنَّعيمِ المقيم. واللهُ يَبغُضُ الكافرين الذين يؤثِرونَ الغَيَّ والضَّلالَ على الإيمانِ والهُدَى، ولن يَرحمَهم. (الواضح).

58- ﴿ذَلِكَ نَتْلُوهُ عَلَيْكَ مِنَ الآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيم.
أي: هذا الذي قصصنا عليكَ يا محمدُ في أمرِ عيسى ومبدأ ميلادهِ وكيفيةِ أمره، وهو مما قالَهُ تعالى، وأوحاهُ إليك، ونزَّلَهُ عليكَ من اللوحِ المحفوظ، فلا مريةَ فيه ولا شكَ، كما قال تعالى في سورةِ مريم: ﴿ذٰلِكَ عِيسَى ٱبْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ ٱلْحَقِّ ٱلَّذِى فِيهِ يَمْتُرُونَ . مَا كَانَ للَّهِ أَن يَتَّخِذَ مِن وَلَدٍ سُبْحَـٰنَهُ إِذَا قَضَىٰ أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ. [الآيتان 34، 35]. (ابن كثير).

60- ﴿الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلاَ تَكُن مِّن الْمُمْتَرِين.
هم الشاكُّون، والمرية: الشكّ، ونهيُ النبيِّ عليه السلامُ في عبارةٍ اقتضت ذمَّ الممترين، وهذا يدلُّ على أن المرادَ بالامتراءِ غيره. ولو قيل: "فلا تكنْ ممترياً" لكانت هذه الدلالةُ أقل، ولو قيل: "فلا تمترِ" لكانت أقلّ. ونهيُ النبيِّ عليه السلامُ عن الامتراءِ مع بُعدهِ عنه، على جهةِ التثبيتِ والدوامِ على حاله. (ابن عطية).

61- ﴿ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَةُ اللّهِ عَلَى الْكَاذِبِين.
الابتهال: الالتعان، يقال: عليه بهلةُ الله، أي لعنته، ﴿فَنَجْعَل لَّعْنَتَ ٱللَّهِ عَلَى ٱلْكَـٰذِبِينَ منّا ومنكم في أمرِ عيسى. (البغوي).

62- ﴿إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا اللَّهُ وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ
... والنبأ ﴿ٱلْحَقُّ﴾ فـاعلـمْ ذلك، واعلـمْ أنه لـيسَ للخـلقِ معبودٌ يستوجبُ علـيهم العبـادةَ بملكهِ إياهم إلا معبودكَ الذي تعبده (الخطابُ لرسولنا صلى الله عليه وسلم).
ويعنـي بقوله ﴿العَزِيزُ﴾: العزيزُ في انتقامهِ ممَّن عصاه، وخالفَ أمره، وادَّعى معه إلهًا غيره، أو عبدَ ربًّـا سواه. ﴿الـحَكِيـمُ﴾ في تدبـيره، لا يدخـلُ ما دبَّرهُ وهْن، ولا يلحقهُ خـلَل (الطبري).

63- ﴿فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِالْمُفْسِدِينَ﴾.
﴿فَإِنْ تَوَلَّوْاْ﴾ أي: عن هذا إلى غيره، ﴿فَإِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ بِٱلْمُفْسِدِينَ﴾ أي: مَن عدلَ عن الحقِّ إلى الباطل، فهو المفسد، والله عليمٌ به، وسيجزيهِ على ذلك شرَّ الجزاء، وهو القادرُ الذي لا يفوتهُ شيء، سبحانهُ وبحمده، ونعوذُ به من حلولِ نقمته. (ابن كثير).

64- ﴿قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا.
﴿أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا: لا وثنًا، ولا صنمًا، ولا صليبًا، ولا طاغوتًا، ولا نارًا، ولا شيئًا. بل نُفردُ العبادةَ للهِ وحدَهُ لا شريكَ له. وهذه دعوةُ جميعِ الرسل. (ابن كثير).

66- ﴿وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾.
وأنتم لا تعلـمون من ذلك إلا ما عاينتُم فشاهدتُم، أو أدركتُم علمَهُ بـالإخبـارِ والسماع. (الطبري).

67- ﴿مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾.
ذكرَ أنه تقدَّمَ تفسيرُ الحنيف، ويعني في الآية (135) من سورة البقرة، وقد قالَ هناك: الحنيف: المائلُ عن الأديانِ الباطلةِ إلى دينِ الحق. ا.هـ.
وتفسيرُ الآية: والحقُّ أنَّ إبراهيمَ ما كانَ يهوديًّا ولا نصرانيًّا، ولكنَّهُ كانَ مسلماً، مائلاً عن كلِّ ملَّةٍ إلى الإسلام، وما كانَ مشركاً مثلَكم. (الواضح).

68- ﴿وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ.
واللهُ ناصرُ المؤمنـينَ بمـحمدٍ المصدِّقينَ له في نبوَّته، وفيما جاءَهم به مِن عندهِ على مَن خالفَهم مِن أهلِ الـمِلَل والأديان. (الطبري).

69- ﴿وَدَّتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يُضِلُّونَكُمْ وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ.
قالَ ابنُ كثير: وهم لا يشعرون أنهم ممكورٌ بهم.
وقالَ ابنُ عطية: ثم أعلمَ أنهم لا يشعرون أنهم لا يصلون إلى إضلالكم.

71- ﴿يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُون.
﴿وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ أن محمَّداً صلَّى الله عليه وسلم ودينَهُ حقّ. (البغوي).

73- ﴿قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ.
... يعطيهِ مَن يشاءُ مِن خَلقه، واللهُ ذو سَعةٍ بفضلهِ على من يشاءُ أنْ يتفضَّلَ عليه، ذو علمٍ بمن هو منهم للفضلِ أهل. (الطبري، باختصار).

74- ﴿يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ﴾.
يقول: ذو فضلٍ يتفضَّلُ به علـى من أحبَّ وشاءَ مِن خـلقه. ثم وصفَ فضلَهُ بـالعِظَم، فقال: فضلهُ عظيـمٌ لأنه غيرُ مشبَّهٍ في عِظَمِ موقعهِ مـمَّن أفضلَهُ علـيه أفضالَ خـلقه، ولا يقاربهُ في جلالةِ خطرهِ ولا يدانـيه (الطبري).

75- ﴿وَيَقُولُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُون.
ذمٌّ لبني إسرائيلَ بأنهم يكذبون على الله تعالى في غيرِ ما شيء، وهم علماءُ بمواضعِ الصدقِ لو قصدوها، ومن أخطرِ ذلك أمرُ محمدٍ صلى الله عليه وسلم. هذا قولُ جماعةٍ من المتأولين.
ورُوي عن السدِّي وابن جريج وغيرهما، أن طائفةً من أهلِ الكتابِ ادَّعتْ أن في التوراةِ إحلالَ اللهِ لهم أموالَ الأميين كذباً منها، وهي عالمةٌ بكذبها في ذلك. قالا: والإشارةُ بهذه الآيةِ إلى ذلك الكذبِ المخصوصِ في هذا الفصل. (ابن عطية).

76- ﴿بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ.
أي: ولكنْ مَن أوفَى ﴿بِعَهْدِهِ أي: بعهدِ الله الذي عهدَ إليه في التوراة، من الإِيمانِ بمحمدٍ صلَّى الله عليه وسلم والقرآنِ وأداءِ الأمانة. وقيل: الهاءُ في (عهدهِ) راجعةٌ إلى الموفي. ﴿وَٱتَّقَى الكفرَ والخيانةَ ونقضَ العهدِ. (البغوي).

77- ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ.
﴿ثَمَنًا قَلِيلًا:الأعواضُ النزرةُ أو الرشا، ووصفَ ذلك بالقلةِ لقلَّتهِ في جنبِ ما يفوتُهم من الثواب، ويحصلُ لهم من العقاب. (منتخب من روح المعاني).
﴿وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ:أي: مؤلمٌ موجع. والظاهرُ أن ذلك في القيامة، إلا أنه لم يقيَّدْ به اكتفاءً بالأول. وقيل: إنه في الدنيا، بالإهانةِ وضربِ الجزية، بناءً على أن الآيةَ في اليهود. (روح المعاني).

78- ﴿وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾.
يعني: لتظنوا أن الذي يحرِّفونَهُ بكلامِهم من كتابِ الله وتنزيله، وما ذلكَ الذي لووا به ألسنتَهم فحرَّفوهُ وأحدَثوهُ مِن كتابِ الله. ويزعمون أن ما لووا به ألسنتَهم من التحريفِ والكذبِ والبـاطلِ فألحقوهُ في كتابِ اللهِ مِن عندِ الله، وما هو من عندِ الله، ولكنهُ مما أحدَثوهُ من قِبَلِ أنفسهم، افتراءً على الله. فهم يتعمدون قيلَ الكذب علـى الله، والشهادةِ عليه بالباطل، والإلحاقِ بكتابِ الله ما لـيس منه، طلبـًا للرياسةِ والخسيسِ من حطامِ الدنـيا. (الطبري، باختصار).

79- ﴿مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ.
لا ينبغي لإنسانٍ أنزلَ اللهُ عليهِ الكتابَ الناطقَ بالحقّ، الذي فيه أمرٌ بتوحيدِ اللهِ وإخلاصِ العبادةِ له، وآتاهُ عقلاً وفهماً، وأوحَى إليهِ وجعلَهُ نبيًّا، ثمَّ يقولُ هذا الإنسان، وهو بشَرٌ مِن عبادِ الله: كونوا أيُّها الناسُ عباداً لي لا عبادا ًلله، أو أشرِكوني بالعِبادةِ معه. فهذا لا يَصلُحُ لنبيٍّ قولُه، ولا لأحدٍ من الناس، فإنَّ العبادةَ ليست للعباد، وإنَّما هي لخالقِ العبادِ وحدَه.(الواضح).

80- ﴿وَلَا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلَائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾.
قالَ جلَّ ثناؤهُ نافياً عن نبيِّهِ صلى الله عليه وسلم أن يأمرَ عبـادَهُ بذلك: أيأمرُكم بـالكفرِ أيها الناسُ نبيُّكم بجحودِ وحدانيةِ الله ﴿بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾؟ يعني: بعدَ إذ أنتم له منقادون بالطاعة، متذلِّلون له بـالعبودية، أي إن ذلك غيرُ كائنٍ منه أبداً. (الطبري).

81- ﴿لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ﴾.
... وذلك لأنه تعالى أوجبَ الإيمانَ به أولاً، ثم الاشتغالَ بنصرتهِ ثانياً. (مفاتيح الغيب).

83- ﴿وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ﴾.
أي: يومَ المعاد، فيجازي كلاً بعمله. (ابن كثير).

84- ﴿قُلْ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ﴾.
قلْ أنتَ أيُّها الرسولُ ومَن معكَ مِن المؤمنين: آمنّا باللهِ وحدَه، وبالقرآنِ الذي أنزلَهُ علينا، وبما أنزلَهُ على أنبيائه: إبراهيم، وإسماعيل، وإسحاق، ويعقوب، والأسباطِ، وهم بطونٌ مِن أولادِ يعقوبَ عليهِ السلام، مِن صُحُفٍ ووحي، وما أوتيَهُ موسَى، وهو التوراة، وما أوتيَهُ عيسَى، وهو الإنجيل، وما أوتيَ كلُّ الأنبياءِ مِن ربِّهم مِن كتبٍ ومعجِزات. (الواضح).

85- ﴿وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ﴾.
ومَن يطلبْ دينًا غيرَ دينِ الإسلامِ ليَدِينَ به، فلن يَقبلَ الله منه. (الطبري).

87- ﴿أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ.
قال: تقدَّمَ تفسيرُ اللعن. وقد بيَّنَ معناهُ في الآيةِ (87) من سورةِ البقرة، فقالَ ما مختصره: أصلُ اللعنِ في كلامِ العرب: الطرد، والإبعاد. والمعنى: أبعدَهم الله من رحمته.
وتفسيرها: هؤلاءِ الذين كفروا بعدَ إيمانهم، وبعدَ أن شهدوا أن الرسولَ حقّ، ثوابُهم مِن عملهم الذي عملوهُ أنْ حلَّ بهم مِن اللهِ الإقصاءُ والبعد، ومِن الملائكةِ والناس - إلا ممّا يسوؤهم مِن العقاب - ﴿أَجْمَعِينَ: يعني مِن جميعِهم، لا بعضِ مَن سمّاهُ جلَّ ثناؤهُ مِن الملائكةِ والناس. (الطبري).


90- ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الضَّالُّونَ
أي: الخارجون عن المنهجِ الحقِّ إلى طريقِ الغيّ. (ابن كثير).

91- ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَبًا وَلَوِ افْتَدَى بِهِ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ﴾.
... فإنَّ لهم عذاباً شديداً مُوجِعاً، ولن يكونَ هناكَ مَن يُعينُهُ لدفعِ العذابِ عنه أو تخفيفِه. (الواضح).

92- ﴿لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فَإِنَّ اللّهَ بِهِ عَلِيم﴾.
أي: يعلمهُ ويجازي به. (البغوي).




ابوالوليد المسلم 11-01-2021 12:56 AM

رد: عون البصير على فتح القدير
 
عون البصير على فتح القدير (4)




أ. محمد خير رمضان يوسف



الجزء الرابع

(سورة آل عمران 93 حتى آخر السورة، سورة النساء 1 - 23)


94- ﴿ فَمَنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ .
فمَن كذبَ علـى اللهِ منّا ومنكم. (الطبري).

95- ﴿ قُلْ صَدَقَ اللَّهُ فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ .
قالَ رحمَهُ الله: تقدَّمَ بيانُ معنى الحنيف. ويعني في الآية (135) من سورة البقرة، وقد قالَ هناك: الحنيف: المائلُ عن الأديانِ الباطلةِ إلى دينِ الحق. ا.هـ.
وتفسيرُ الآية: قلْ لهم يا نبيَّ الله: لقد صدقَ اللهُ فيما أخبرَ بهِ وشرَعهُ في القرآنِ العظيم، فاتَّبِعوا ملَّةَ إبراهيم، المائلةَ عن كلِّ شرك، الداعيةَ إلى التوحيدِ الخالص، كما بيَّنها اللهُ في القرآن، وما كان منَ المشركين، فلِمَ يُشركُ أهلُ الكتابِ الذينَ يدَّعونَ أنَّهم ورثةُ إبراهيمَ عليهِ السلام؟ (الواضح).

97- ﴿ فِيهِ آيَاتٌ بَيِّـنَاتٌ مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ .
يعني الذي لما ارتفعَ البناءُ استعانَ به على رفعِ القواعدِ منه والجدران، حيثُ كان يقفُ عليه، ويناولهُ ولدهُ إسماعيل. وقد كان ملتصقاً بجدارِ البيت، حتى أخَّرَهُ عمر بنُ الخطاب رضيَ الله عنه في إمارتهِ إلى ناحيةِ الشرقِ بحيثُ يتمكنُ الطوافُ منه، ولا يشوِّشون على المصلين عندهُ بعد الطواف؛ لأن الله تعالى قد أمرنا بالصلاةِ عنده، حيثُ قال: ﴿ وَٱتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَٰهِيمَ مُصَلًّى [سورة البقرة: 125]. (ابن كثير).

98- ﴿ قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا تَعْمَلُونَ ﴾.
لماذا تكفرونَ بالحُجَجِ القويَّة، والبراهينِ الجليَّةِ التي يُنزِلُها الله؟ واللهُ شاهدٌ على صنيعِكم بما تخالفونَ بهِ ما نزلَ منَ الحقّ، وتعاندونَ الرَّسولَ وتحاربونَ رسالتَه. (الواضح).

99- ﴿ قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آَمَنَ تَبْغُونَهَا عِوَجًا وَأَنْتُمْ شُهَدَاءُ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ﴾.
قالَ في تفسيرِ مثلها في الآية (140) من سورةِ البقرة: وعيدٌ شديد، وتهديدٌ ليس عليه مزيد، وإعلامٌ بأن الله سبحانهُ لا يتركُ عقوبتَهم على هذا الظلمِ القبيح، والذنبِ الفظيع.

103- ﴿ وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًاوَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ.
﴿ فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ ﴾: فألَّفَ الله بـالإسلامِ بـين قلوبكم.
﴿ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ﴾ يعني جلَّ ثناؤهُ بقوله: ﴿ كَذَلِكَ ﴾: كما بيَّنَ لكم ربُّكم في هذه الآياتِ - أيها المؤمنونَ من الأوسِ والخزرج - مِن غلِّ اليهودِ الذي يُضمِرونهُ لكم، وغشِّهم لكم، وأمرهِ إياكم بما أمركم به فيها، ونهيهِ لكم عمّا نهاكم عنه، والحالِ التي كنتم عليها في جاهلـيتِكم، والتي صرتُم إليها في إسلامكم، يعرِّفكم في كلِّ ذلك مواقعَ نعمهِ قِبَلكم، وصنائعَهُ لديكم، فكذلك يبـيِّنُ سائرَ حججهِ لكم في تنزيله، وعلى لسانِ رسولهِ صلى الله عليه وسلم، لتهتدوا إلـى سبـيـلِ الرشاد، وتسلكوها فلا تضلُّوا عنها. (تفسير الطبري).

104- ﴿ وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ .
﴿ أُمَّةٌ ﴾: الأمة: الجماعةُ التي تُأَمّ، أي: تُقصَدُ لأمرٍ ما، وتُطلَقُ على أتباعِ الأنبياء؛ لاجتماعهم على مقصدٍ واحد، وعلى القدوة، ومنه: ﴿ إِنَّ إِبْرٰهِيمَ كَانَ أُمَّةً ﴾ [سورة النحل: 120]، وعلى الدينِ والملَّة، ومنه: ﴿ إِنَّا وَجَدْنَا ءابَاءنَا عَلَىٰ أُمَّةٍ ﴾ [سورة الزخرف: 22]، وعلى الزمان، ومنه: ﴿ وَٱدَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ ﴾ [سورة يوسف: 54]، إلى غير ذلك من معانيها.
﴿ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾: الكاملون في الفلاح. (روح المعاني).

105- ﴿ وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ .
﴿ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا : ... تفرَّقوا مِن أهلِ الكتاب، واختلفوا في دينِ اللهِ وأمرهِ ونهيه.
﴿ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ : ولهؤلاءِ الذين تفرَّقوا واختلفوا مِن أهلِ الكتاب، مِن بعدِ ما جاءَهم: عذابٌ مِن عندِ اللهِ عظيـم. (الطبري).

106- ﴿ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ ﴾.
أجحدتُم توحيدَ الله وعهدَهُ وميثاقَهُ الذي واثقتموهُ علـيه، بأن لا تشركوا به شيئاً، وتُخـلصوا له العبادةَ ﴿ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ ﴾ يعني: بعد تصديقكم به، ﴿ فَذُوقُواْ ٱلْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ ﴾ يقول: بما كنتم تجحدونَ في الدنيا ما كان اللهُ قد أخذَ ميثاقَكم بـالإقرارِ به والتصديق. (الطبري).

107- ﴿ وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُون ﴾.
ماكثون فيها أبداً، لا يبغون عنها حِوَلاً. (ابن كثير).

108- ﴿ تِلْكَ آَيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ.
الإشارةُ بـ﴿ تِلْكَ إلى هذه الآياتِ المتقدمة، المتضمنةِ تعذيبَ الكفارِ وتنعيمَ المؤمنين. (ابن عطية).

110- ﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ﴾.
تأمرونَ الناسَ بالخير، وتَنشرونَ الحقَّ والعدل، وتحثُّون على الفضائلِ والآدابِ الحسنة، وتَنهونَهم عن المنكراتِ والفواحشِ والأخلاقِ المسترذَلة. (الواضح).

112- ﴿ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ﴾.
يكفرونَ بالحُجَجِ والمعجزاتِ وهم يرونَها عياناً، وزادوا على ذلكَ جريمةً لا يرتكبُها إلاّ أكبرُ مُجرِمي البشرِ وأشقاهُم، وهي قتلُ الأنبياء، أصفَى البشَرِ وأنقاهُم سَريرة، وأحسنُهم خُلُقاً، وأعظمُهم قَدْراً، قَتلوهُم بدونِ أيِّ مبرِّر، وبدونِ أيِّ حقّ، بل هكذا سوَّلتْ لهم نفوسُهم السيِّئةُ وقلوبُهم السَّوداء؛ عناداً وتكبُّراً وحسداً. (الواضح).

114- ﴿ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ ﴾.
أي: يبادرون إلى فعلِ الخيراتِ والطاعاتِ خوفَ الفواتِ بالموتِ مثلًا، أو يعملون الأعمالَ الصالحةَ راغبين فيها. (روح المعاني).

116- ﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ.
لن يُفيدَهم شيءٌ ممّا جمعوهُ مِن أموال، وشيَّدوهُ من قصور، ولن يستطيعَ أولادُهم وذرارِيهم أنْ يَمنعوا عنهم بأسَ اللهِ وعذابَه، ويكونُ مصيرَهم النارُ المحرِقة، التي تأتي على وجوهِهم وأفئدتِهم في يومِ القيامة، خالدين فيها أبداً. (الواضح).

119- ﴿ وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ ﴾.
﴿ وَإِذَا خَلَوْاْ ﴾ وكان بعضُهم مع بعض. (البغوي).

120- ﴿ إِنَّ اللّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيط ﴾.
إن الله بما يعملُ هؤلاء الكفـارُ في عبادهِ وبلاده، من الفسادِ والصدِّ عن سبيله، والعداوةِ لأهلِ دينه، وغيرِ ذلك من معاصي الله، محيطٌ بجميعه، حافظٌ له، لا يعزبُ عنه شيءٌ منه، حتى يوفيَهم جزاءهم علـى ذلك كلِّه، ويذيقَهم عقوبته علـيه. (الطبري).

121- ﴿ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾.
سميعٌ لِـما تقولون، عليمٌ بضمائركم. (ابن كثير).

122- ﴿ إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلَا وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ﴾.
عن ابنِ إسحاق: ﴿ وَٱللَّهُ وَلِيُّهُمَا ﴾: أي الدافعُ عنهما ما همّا به من فشلهما، وذلك أنه إنما كان ذلك منهما عن ضعفٍ ووهنٍ أصابهما من غيرِ شكٍّ أصابهما في دينهما، فتولَّى دفعَ ذلك عنهما برحمتهِ وعائدته، حتى سلِمَتا من وهنهما وضعفهما، ولحقتا بنبـيِّهما صلَّى الله عليه وسلَّم.
يقول: ﴿ وَعَلَى ٱللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ ٱلْمُؤْمِنُونَ ﴾ أي: من كان به ضعفٌ من المؤمنـين أو وهنٌ فلـيتوكَّلْ علـيّ، ولـيستعنْ بي، أُعِنْهُ علـى أمره، وأدفعْ عنه، حتى أبلغَ به وأقوِّيَهُ على نـيَّته. (الطبري).

123- ﴿ وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾.
فاتَّقوا اللهَ باجتنابِ معاصيه، والصبرِ على طاعته، لعلكم تقومونَ بشكرِ ما أنعمَ به عليكم مِن النصرِ القريب؛ بسببِ تقواكم إيّاه. (روح المعاني، باختصار).

124- ﴿ إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَن يَكْفِيكُمْ أَن يُمِدَّكُمْ رَبُّكُم بِثَلاَثَةِ آلاَفٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُنزَلِين ﴾.
قرأ ابنُ عامر وحده: "منَزَّلين" بفتحِ النونِ والزاي مشدَّدة، وقرأ الباقون: "منْزَلين" بسكونِ النونِ وفتحِ الزاي مخفَّفة، وقرأ ابن أبي عبلة: "منَزِّلين" بفتحِ النونِ وكسرِ الزاي مشدَّدة، معناها: يُنزِّلون النصر. وحكى النحاسُ قراءةً ولم يَنسبها: "منْزِلين" بسكونِ النونِ وكسرِ الزاي خفيفة، وفسَّرها بأنهم يُنزِلون النصر. (ابن عطية).

125- ﴿ بَلَى إِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ وَيَأْتُوكُم مِّن فَوْرِهِمْ هَـذَا ﴾.
يعني: تصبروا على عدوِّكم، وتتقوني وتطيعوا أمري. (ابن كثير).

126- ﴿ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ ﴾.
﴿ الْعَزِيزِ ﴾ إشارةٌ إلى كمالِ قدرته، و﴿ الْحَكِيمِ ﴾ إشارةٌ إلى كمالِ علمه، فلا يخفَى عليه حاجاتُ العباد، ولا يعجزُ عن إجابةِ الدعوات، وكلُّ من كان كذلك لم يتوقَّعِ النصرَ إلا من رحمته، ولا الإعانةَ إلا من فضلهِ وكرمه. (التفسير الكبير للرازي).

127- ﴿ لِيَقْطَعَ طَرَفًا مِّنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ أَوْ يَكْبِتَهُمْ فَيَنقَلِبُواْ خَآئِبِين ﴾.
أي: ليُهلك. (ابن كثير).

128- ﴿ لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ ﴾.
أي: قد استـحقُّوا ذلك بمعصيتِهم إيّاي. (الطبري).

130- ﴿ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾.
واتَّقوا اللهَ أيها المؤمنونَ في أمرِ الربا فلا تأكلوه، وفي غيرهِ ممّا أمرَكم به، أو نهاكم عنه، وأطيعوهُ فيه لعلكم تفلحون، يقول: لتنجحوا؛ فتنجوا مِن عقابه، وتُدركوا ما رغَّبكم فـيه مِن ثوابه، والخلودِ في جنانه. (الطبري).

133- ﴿ وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ
يعني: إنَّ الجنةَ التي عرضُها كعرضِ السماواتِ والأرَضين السبع، أعدَّها الله ﴿ لِلْمُتَّقِينَ : الذين اتَّقوا الله، فأطاعوهُ فيما أمرَهم ونهاهُم، فلم يتعدَّوا حدودَه، ولم يقصِّروا في واجبِ حقِّهِ علـيهم فـيضيَّعوه. (الطبري).

134- ﴿ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ
والذينَ أنفقوا، وكظَموا غيظَهم، وعفَوا، فهُم مُحسِنون، واللهُ يحبُّ المحسِنين، الذين يَنشرونَ الودَّ والسَّماحةَ والبِشْرَ بين الناس. (الواضح).

136- ﴿ أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ ﴾.
يعني تعالى ذكرهُ بقوله: ﴿ أُولَئِكَ ﴾: الذين ذكرَ أنه أعدَّ لهم الجنةَ التي عرضُها السماواتُ والأرضُ من المتقين، ووصفَهم به، ثم قال: هؤلاء الذين هذه صفتهم ﴿ جَزَآؤُهُمْ ﴾: يعني ثوابَهم من أعمالهم التي وصفَهم تعالى ذكرهُ أنهم عملوها، ﴿ مَّغْفِرَةٌ مّن رَّبِّهِمْ ﴾ يقول: عفوٌ لهم من الله عن عقوبتِهم علـى ما سلفَ من ذنوبهم، ولهم علـى ما أطاعوا الله فيه من أعمالهم بالحسنِ منها جنات، وهي البساتين، ﴿ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَـٰرُ ﴾ يقول: تجري خلالَ أشجارها الأنهار، وفي أسافلها، جزاءً لهم على صالحِ أعمالهم، ﴿ خَـٰلِدِينَ فِيهَا ﴾ يعني دائمي المقامِ في هذه الجناتِ التي وصفها. (الطبري).

140- ﴿ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ ﴾.
يعنـي به: الذين ظلموا أنفسَهم بمعصيتِهم ربَّهم. (الطبري).

146- ﴿ وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ ﴾.
واللهُ يحبُّ هؤلاء وأمثالَهم من الصابرينَ لأمرهِ وطاعته، وطاعةِ رسوله، في جهادِ عدوِّه، لا مَن فشلَ ففرَّ عن عدوِّه، ولا مَن انقلبَ على عقبـيهِ فذلَّ لعدوِّهِ لِأَنْ قُتِلَ نبـيُّه أو مات، ولا مَن دخـلَهُ وهنٌ عن عدوِّهِ وضعفٌ لفقدِ نبـيِّه (الطبري).

147- ﴿ وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ﴾.
وانصرنا علـى الذين جحدوا وحدانـيتكَ ونبوَّةَ نبـيِّك (الطبري).

148- ﴿ فَآَتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الْآَخِرَةِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ
أي: هم محسنون والله يحبُّهم. (النسفي).

150- ﴿ بَلِ اللَّهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ ﴾.
﴿ وَهُوَ خَيْرُ النّاصرِين ﴾، لا مَن فررتـُم إليه ِمن الـيهودِ وأهلِ الكفرِ بـالله، فبـالله ِالذي هو ناصرُكم ومولاكم فـاعتصِموا، وإيّاهُ فـاستنصِروا، دونَ غيرهِ ممَّن يبغيكم الغوائلَ ويرصدُكم بـالمكاره. (الطبري).
يتبع

ابوالوليد المسلم 11-01-2021 12:56 AM

رد: عون البصير على فتح القدير
 

151- ﴿ وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ وَبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِين ﴾.
﴿ وَمَأْوَاهُمُ ٱلنَّارُ ﴾ يعني: ومرجعُهم الذي يرجعون إلـيه يومَ القيامةِ النارُ، ﴿ وَبِئْسَ مَثْوَىٰ ٱلظَّـٰلِمِينَ ﴾ يقول: وبئسَ مقامُ الظالمين الذين ظلموا أنفسَهم بـاكتسابهم ما أوجبَ لها عقابَ الله النار. (الطبري).

152- ﴿ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنكُمْ وَاللّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِين ﴾.
﴿ لِيَبْتَلِيَكُمْ ﴾:ليختبركم، فيتميزَ المنافقُ منكم من المخـلصِ الصادقِ في إيمانهِ منكم.
﴿ وَاللّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِين ﴾: والله ذو طَولٍ على أهلِ الإيمانِ به وبرسوله، بعفوهِ لهم عن كثـيرِ ما يستوجبونَ به العقوبةَ علـيه من ذنوبهم، فإنْ عاقبَهم على بعضِ ذلك، فذو إحسانٍ إليهم بجميـلِ أياديهِ عندهم. (الطبري).

153- ﴿ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾.
يعني جلَّ ثناؤه: واللهُ بالذي تعملون - أيها المؤمنون، من إصعادكم في الوادي هربًا مِن عدوِّكم، وانهزامِكم منهم، وتركِكم نبـيَّكم وهو يدعوكم في أُخراكم، وحزنِكم علـى ما فـاتَكم مِن عدوِّكم، وما أصابَكم في أنفسِهم - ذو خبرةٍ وعلـم، وهو مُحصٍ ذلك كلَّه علـيكم، حتى يجازيَكم به، المحسنَ منكم بإحسانه، والمسيءَ بإساءته، أو يعفوَ عنه (الطبري).

154- ﴿ وَلِيَبْتَلِيَ اللّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحَّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُور ﴾.
قالَ رحمَهُ الله: وليمحِّصَ ما في قلوبِكم من وساوسِ الشيطان. ا.هـ.
وقالَ ابنُ كثيرٍ في معناها: ... ويُظهِرَ أمرَ المؤمنِ من المنافقِ للناسِ في الأقوالِ والأفعال، ﴿ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ : أي بما يختلجُ في الصدورِ من السرائرِ والضمائر.

155- ﴿ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ
أي: يغفرُ الذنب، ويحلُمُ عن خَلقه، ويتجاوزُ عنهم. (ابن كثير).

156- ﴿ وَاللَّهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ﴾.
أي: وعلمهُ وبصرهُ نافذٌ في جميعِ خلقه، لا يخفَى عليه مِن أمورِهم شيء .(ابن كثير).

159- ﴿ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ ﴾.
﴿ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ ﴾ عليه، الواثقينَ به، المنقطعينَ إليه، فينصرهم ويرشدُهم إلى ما هو خيرٌ لهم، كما تقتضيهِ المحبَّة. (روح المعاني).

160- ﴿ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ﴾.
يعني لما ثبتَ أن الأمرَ كلَّهُ بيدِ الله، وأنه لا رادَّ لقضائه، ولا دافعَ لحكمه، وجبَ أن لا يتوكَّلَ المؤمنُ إلا عليه. وقوله: ﴿ وَعَلَى ٱللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ ٱلْمُؤْمِنُونَ ﴾ يفيدُ الحصر، أي: على الله فليتوكَّلِ المؤمنون، لا على غيره. (التفسير الكبير للرازي).

161- ﴿ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴾.
يقول: لا يُفعَلُ بهم إلا الذي ينبغي أن يُفعَلَ بهم، من غيرِ أن يُعتدَى علـيهم فـيُنقَصوا عمَّا استـحقُّوه. (تفسير الطبري).

162- ﴿ أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَ اللَّهِ كَمَنْ بَاءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ﴾.
فاستحقَّ بذلك سكنَى جهنم، وبئسَ المصيرُ الذي يصيرُ إلـيه ويؤوبُ إليه. (الطبري، باختصار).

163- ﴿ هُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ ﴾.
أي: وسيُوفيهم إيّاها، لا يظلمُهم خيرًا، ولا يزيدهم شرًّا، بل يُجازي كلاًّ بعمله. (ابن كثير).

164- ﴿ لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ ﴾.
﴿ مَنَّ في هذه الآيةِ معناه: تطوَّلَ وتفضَّل. (ابن عطية).

165- ﴿ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾.
إنَّ اللهَ علـى جميعِ ما أرادَ بخـلقه، مِن عفوٍ وعقوبة، وتفضُّلٍ وانتقام، قدير، يعني ذو قدرة. (الطبري).

167- ﴿ يَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ .
واللهُ أعلمُ بما يُخفونَهُ مِن كفرٍ ونفاق، وما يَغْمِرُ قلوبَهم مِن شرٍّ وفساد. (الواضح).

168- ﴿ الَّذِينَ قَالُواْ لإِخْوَانِهِمْوَقَعَدُواْ لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا قُلْ فَادْرَؤُوا عَنْ أَنفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِين ﴾.
﴿ الَّذِينَ قَالُواْ لإِخْوَانِهِمْ ﴾ قال: تقدَّمَ معنى ﴿ قَالُواْ لإِخْوَانِهِمْ ﴾، وهو في الآيةِ (156) من السورة: ﴿ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَقَالُواْ لإِخْوَانِهِمْ ﴾، فقال: ﴿ وَقَالُواْ لإِخْوٰنِهِمْ ﴾ في النفاق، أو في النسب، أي: قالوا لأجلهم. ا.هـ.
والقائلون هذا هم المنافقون، قالوا ذلك لإخوانهم في النفاق.
﴿ إِن كُنتُمْ صَـٰدِقِينَ ﴾: ... إن كنتم أيها المنافقون صادقين في قيلكم: لو أطاعنا إخوانُنا في تركِ الجهادِ في سبـيلِ الله مع محمدٍ صلى الله عليه وسلم وقتالهم أبا سفـيان ومن معه من قريشٍ ما قُتلوا هنالك بـالسيف، ولكانوا أحياءً بقعودهم معكم وتخلُّفِهم عن محمدٍ صلى الله عليه وسلم وشهودِ جهادِ أعداءِ الله معه... (الطبري).

170- ﴿ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾.
بيَّنها الشوكاني رحمهُ الله في الآية (38) من سورةِ البقرة: ﴿ فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾، قال: ﴿ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ ﴾ يعني في الآخرة، ﴿ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ يعني لا يحزنون للموت.

172- ﴿ الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ ﴾.
قال: تقدَّمَ تفسيرُ (القرح). وهي في الآيةِ (140) من السورة، فقال: القرحُ بالضمِّ والفتح: الجرح، وهما لغتان فيه، قالَهُ الكسائيُّ والأخفش. وقالَ الفرّاء: هو: بالفتح: الجرح، وبالضمّ: ألمه. ا.هـ.
﴿ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ ﴾ بطاعةِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم وإجابتهِ إلى الغزو، ﴿ وَاتَّقَوْا ﴾ معصيته، ﴿ أَجْرٌ عَظِيمٌ ﴾. (البغوي).

173- ﴿ الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ ﴾.
فخافوهم واحذروهم، فإنه لا طاقةَ لكم بهم. (البغوي).

176- ﴿ وَلَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا ﴾.
المسارعةُ في الكفرِ هي المبادرةُ إلى أقوالهِ وأفعاله، والجدُّ في ذلك. (ابن عطية).

177- ﴿ إِنَّ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْكُفْرَ بِالْإِيمَانِ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾.
﴿ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا ﴾ قالَ رحمَهُ الله: "معناهُ كالأول، وهو للتأكيدِ لما تقدَّمه". ويعني في الآيةِ التي تسبقها، وقد قال: المعنى: أن كفرَهم لا ينقصُ من ملكِ الله سبحانهُ شيئاً، وقيل: المراد: لن يضرُّوا أولياءه، ويحتملُ أن يُراد: لن يضرُّوا دينَهُ الذي شرعَهُ لعباده، و﴿ شَيْئًا ﴾ منصوبٌ على المصدرية: أي: شيئاً من الضرر، وقيل: منصوبٌ بنزعِ الخافض: أي: بشيء. ا.هـ.
وتفسيرها عند الإمامِ الطبري مع ما بقيَ من الآية: لن يضرّوا الله بكفرهم وارتدادهم عن إيمانهم شيئاً، بل إنما يضرُّون بذلك أنفسَهم بإيجابهم بذلك لها من عقابِ الله ما لا قِبلَ لها به.

178- ﴿ وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ ﴾.
﴿ نُمْلِي لَهُمْ ﴾ يعني بالإملاء: الإطالةَ في العمرِ والإنساءَ في الأجل.
﴿ وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ ﴾: ولهؤلاءِ الذين كفروا بـاللهِ ورسولهِ فـي الآخرةِ عقوبةٌ لهم مهينةٌ مذلَّة. (الطبري).

179- ﴿ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشَاءُ فَآَمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ ﴾.
﴿ مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشَاءُ ﴾ يخصُّ من يشاءُ من عبادهِ بالرسالة، ثم يكلِّفُ الباقين طاعةَ هؤلاءِ الرسل. (مفاتيح الغيب).
﴿ وَتَتَّقُوا ﴾ ربَّكم بطاعتهِ فيما أمرَكم به نبـيُّكم محمدٌ صلى الله عليه وسلم، وفيما نهاكم عنه. (الطبري).

180- ﴿ وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ﴾.
﴿ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ ﴾: أي: لا يحسبنَّ البخيلُ أن جمعَهُ المالَ ينفعه، بل هو مضرَّةٌ عليه في دينه، وربما كان في دنياه.
﴿ وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ﴾ أي: بنيَّاتكم وضمائركم. (ابن كثير).

181- ﴿ سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا وَقَتْلَهُمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ﴾.
وردَ مثلهُ في الآيةِ (21) من السورة، قالَ ابن كثير رحمَهُ الله في تفسيرهِ هناك: ... ومع هذا قَتلوا مَن قَتلوا من النبيِّين حين بلَّغوهم عن الله شرعَه، بغيرِ سببٍ ولا جريمةٍ منهم إليهم، إلا لكونهم دعَوهم إلى الحقّ.


183- ﴿ قُلْ قَدْ جَاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالَّذِي قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴾.
﴿ بِٱلْبَيّنَـاتِ ﴾ أي: المعجزاتِ الواضحة، والحججِ الدالةِ على صدقِهم، وصحةِ رسالتهم، وحقيةِ قولهم، كما كنتم تقترحون عليهم وتطلبون منهم، ﴿ وَبِٱلَّذِى قُلْتُمْ ﴾ بعينه، وهو القربانُ الذي تأكلهُ النار، ﴿ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ ﴾ أي: فما لكم لم تؤمنوا بهم حتى اجترأتم على قتلهم، مع أنهم جاؤوا بما قلتُم مع معجزاتٍ أُخَر، ﴿ إِن كُنتُمْ صَـٰدِقِينَ ﴾ أي: فيما يدلُّ عليه كلامُكم، من أنكم تؤمنون لرسولٍ يأتيكم بما اقترحتموه. (روح المعاني).

184- ﴿ فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ جَاءُوا بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَالْكِتَابِ الْمُنِيرِ ﴾.
فإنهم إنْ فعلوا ذلكَ بكَ فكذَّبوك، كذَبوا على الله، فقد كذَّبتْ أسلافُهم مِن رسلِ اللهِ قبلك. (الطبري).

185- ﴿ كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ ﴾.
أي: نازلٌ بها لا محالة، فكأنها ذائقته. وهو وعدٌ ووعيدٌ للمصدِّقِ والمكذِّب. (روح المعاني).

186- ﴿ وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُور ﴾.
يقول: وإنْ تصبروا لأمرِ الله الذي أمرَكم به فيهم وفي غيرهم من طاعته، ﴿ وَتَتَّقُواْ ﴾، يقول: وتتقوا الله فيما أمركم ونهاكم، فتعملوا في ذلك بطاعته. (الطبري).

188- ﴿ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾.
ولهم عذابٌ في الآخرةِ أيضاً مؤلم، مع الذي لهم في الدنـيا معجَّل. (الطبري).

189- ﴿ وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ .
يعني مِن إهلاكِ قائلِ ذلك، وتعجيـلِ عقوبتهِ لهم، وغيرِ ذلكَ مِن الأمور. (الطبري).

192- ﴿ رَبَّنَا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ ﴾.
أي: يومَ القيامةِ لا مُجيرَ لهم منك، ولا محيدَ لهم عمّا أردتَ بهم. (ابن كثير).

193- ﴿ رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آَمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآَمَنَّا.
إلى التصديق بك، والإقرار بوحدانيتك، واتبـاعِ رسولِك وطاعته، فيما أَمرَنا به، ونهانا عنه، مما جاءَ به من عندك. (الطبري).

195- ﴿ فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ﴾.
﴿ لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ ﴾ يعنـي: لأمحونَّها عنهم، ولأتفضَّلنَّ علـيهم بعفوي ورحمتي، ولأغفرنَّها لهم، ولأدخـلنَّهم جناتٍ تجري مِن تحتها الأنهار. (الطبري).
﴿ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ﴾ قالَ المؤلفُ في الآيةِ (25) من سورةِ البقرة: الجنات: البساتين. والضميرُ في قوله: ﴿ مِن تَحْتِهَا ﴾ عائدٌ إلى الجنات؛ لاشتمالها على الأشجار، أي: من تحتِ أشجارها. (باختصار).

198- ﴿ لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ﴾.
وفي مقابِلهم المؤمنون، الذينَ سمعوا نداءَ الإيمانِ فآمنوا وثبتُوا، وعزمُوا على الأعمالِ الصَّالحةِ والتزَموا، فجازاهمُ اللهُ جنَّاتٍ واسعات، تجري في خلالها الأنهارُ المتنوِّعة.. (الواضح).

199- ﴿ وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ لِلَّهِ لَا يَشْتَرُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ .
﴿ خَـٰشِعِينَ للَّهِ أي: خاضعين له سبحانه، وقالَ ابن زيد: خائفين متذلِّلين، وقالَ الحسن: الخشوع: الخوفُ اللازمُ للقلبِ من الله تعالى.
﴿ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ ﴾: كنايةٌ عن كمالِ علمهِ تعالى بمقاديرِ الأجورِ ومراتبِ الاستحقاق، وأنه يوفيها كلَّ عامل، على ما ينبغي وقدرِ ما ينبغي. (روح المعاني، باختصار).

سورة النساء
1- ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء .
﴿ اتَّقُوا رَبَّكُمُ ﴾: احذروا أيها الناسُ ربَّكم في أنْ تُخالِفوهُ فيما أمركم، وفيما نهاكم، فيحلَّ بكم مِن عقوبتهِ ما لا قِبَل لكم به.
﴿ وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء ﴾:يعني ونشرَ منهما، يعني من آدمَ وحوّاء، ﴿ رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً ﴾ قد رآهم.. (الطبري).

7- ﴿ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ
أي: من قلـيـلِ ما خـلَّفَ بعدَهُ وكثـيره. (الطبري).

11- ﴿ يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ فَإِن كُنَّ نِسَاء فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِن كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِن لَّمْ يَكُن لَّهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِن كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ آبَآؤُكُمْ وَأَبناؤُكُمْ لاَ تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً فَرِيضَةً مِّنَ اللّهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيما حَكِيمًا ﴾.
﴿ يُوصِيكُمُ اللّهُ ﴾: يتضمَّنُ الفرضَ والوجوب، كما تتضمَّنهُ لفظةُ (أمرَ) كيف تصرَّفت. ا.هـ. ووردَ في أواخرِ الآية: معنى ﴿ يُوصِيكُمُ ﴾: يفرضُ عليكم. (ابن عطية).
﴿ فَرِيضَةً مِّنَ اللّهِ ﴾: أي: هذا الذي ذكرناهُ من تفصيلِ الميراث، وإعطاءِ بعضِ الورثةِ أكثرَ من بعض، هو فرضٌ من الله، حكمَ به وقضاه. (ابن كثير).

12- ﴿ وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ وَصِيَّةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ ﴾.
﴿ وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ ﴾: ولكم أيها الرجالُ نصفُ ما تركَ أزواجُكم إذا متنَ من غيرِ ولد. (ابن كثير).

﴿ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ ﴾: قالَ رحمَهُ الله: "الكلامُ فيه كما تقدَّم". ويعني في الآيةِ السابقة، وقد قال: اختُلفَ في وجهِ تقديمِ الوصيةِ على الدَّين، مع كونهِ مقدَّماً عليها بالإجماع، فقيل: المقصودُ تقديمُ الأمرين على الميراثِ من غيرِ قصدٍ إلى الترتيبِ بينهما.
وقيل: لما كانت الوصيةُ أقلَّ لزوماً من الدَّينِ قُدِّمت اهتماماً بها.
وقيل: قُدِّمت لكثرةِ وقوعها فصارتْ كالأمرِ اللازمِ لكلِّ ميت.

وقيل: قُدِّمت لكونها حظَّ المساكينِ والفقراء، وأُخِّرَ الدَّينُ لكونهِ حظَّ غريمٍ يطلبهُ بقوةٍ وسلطان.
وقيل: لما كانت الوصيةُ ناشئةً من جهةِ الميتِ قدِّمت، بخلافِ الدَّين، فإنه ثابتٌ مؤدّى، ذُكرَ أو لم يُذكر.
وقيل: قُدِّمت لكونها تشبهُ الميراث، في كونها مأخوذةً من غيرِ عوض، فربما يشقُّ على الورثةِ إخراجُها، بخلافِ الدَّين، فإن نفوسَهم مطمئنةٌ بأدائه. ا.هـ.

﴿ وَاللّهُ عَلِـيـمٌ ﴾ يقول: ذو علمٍ بمصالحِ خَـلقهِ ومضارِّهم، ومَن يستحقُّ أن يُعطَى مِن أقربـاءِ مَن ماتَ منكم وأنسبـائهِ من ميراثه، ومَن يُحرَمُ ذلك منهم، ومبلغِ ما يستـحقُّ به كلُّ مَن استحقَّ منهم قسمًا، وغيرِ ذلك من أمورِ عبـادهِ ومصالحِهم.
﴿ حَلِـيـمٌ ﴾ يقول: ذو حِلـمٍ علـى خـلقه، وذو أناةٍ في تركهِ معاجلتَهم بـالعقوبةِ على ظلـمِ بعضِهم بعضًا، في إعطائهم الميراثَ لأهلِ الجَلدِ والقوَّةِ من ولدِ الميتِ وأهلِ الغناءِ والبأسِ منهم، دونَ أهلِ الضعفِ والعجزِ مِن صغارِ ولدهِ وإناثِهم (الطبري).

13- ﴿ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾.
يُسكنهُ بساتـينَ تجري مِن تحتِ غروسِها وأشجارِها الأنهار، بـاقينَ فيها أبدًا، لا يموتونَ فيها ولا يفنون، ولا يخرجونَ منها، وذلكَ الفَلَحُ العظيـم (الطبري، باختصار).

14- ﴿ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ ﴾.
﴿ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ﴾ في العملِ بما أمراهُ به مِن قسمةِ المواريث، وغيرِ ذلكَ مِن فرائضِ الله، مخالفًا أمرَهما إلى ما نهياهُ عنه، مِن قسمةِ تركاتِ موتاهم بـين ورثته، وغيرِ ذلكَ مِن حدوده، يُدخلْهُ نارًا باقـيًا فـيها أبدًا، لا يموتُ ولا يخرجُ منها أبدًا، وله عذابٌ مذلٌّ ومُخزٍ له. (الطبري، باختصار).

15- ﴿ وَاللاَّتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِن نِّسَآئِكُمْ فَاسْتَشْهِدُواْ عَلَيْهِنَّ أَرْبَعةً مِّنكُمْ فَإِن شَهِدُواْ فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّىَ يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ ﴾.
فلا بدَّ لإثباتِ ذلكَ مِن أربعةِ شهود، فإذا شَهِدوا بذلك، فإنَّهنَّ يُحبَسْنَ في بيتٍ ولا يُسمَحُ لهنَّ بالخروجِ منهُ حتَّى يَمُتن... (الواضح).

16- ﴿ إِنَّ اللَّهَ كَانَ تَوَّابًا رَحِيمًا ﴾.
إن الله لم يزلْ راجعاً لعبيدهِ إلى ما يحبون إذا هم راجعوا ما يحبُّ منهم من طاعته، ﴿ رَحِيمًا ﴾ بهم، يعني: ذا رحمةٍ ورأفة. (الطبري).

17- ﴿ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا ﴾.
﴿ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلِيماً ﴾: فهو يعلمُ بإخلاصهم في التوبة، ﴿ حَكِيماً ﴾: والحكيمُ لا يعاقبُ التائب. (البيضاوي).

18- ﴿ أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا ﴾.
﴿ أَعْتَدْنَا لَهُمْ ﴾: أعدَدنا لهم، ﴿ عَذَاباً أَلِيماً ﴾ يقول: مؤلماً موجعاً. (الطبري).


20- ﴿ أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا ﴾.
أتأخذونَهُ ظلماً وزوراً بيِّناً؟ (الواضح).

21- ﴿ وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ ﴾.
وعلى أيِّ وجهٍ تأخذون مِن نسائكم ما آتيتُموهنَّ من صدقاتهنَّ إذا أردتُم طلاقهنَّ واستبدالِ غيرهنَّ بهنَّ أزواجاً؟ (الطبري).

22- ﴿ وَلاَ تَنكِحُواْ مَا نَكَحَ آبَاؤُكُم مِّنَ النِّسَاء إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً ﴾.
والفاحشةُ أقبحُ المعاصي. (البغوي).



ابوالوليد المسلم 11-01-2021 12:58 AM

رد: عون البصير على فتح القدير
 
عون البصير على فتح القدير (5)




أ. محمد خير رمضان يوسف





الجزء الخامس

(سورة النساء 24 – 147)


24- ﴿ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا ﴾.
﴿ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا ﴾ بما يُصلحُ أمرَ الخَلق، ﴿ حَكِيمًا ﴾ فيما شرعَ لهم، ومِن ذلكَ عقدُ النكاح، الذي يحفَظُ الأموالَ والأنساب. (روح المعاني).

25- ﴿ وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾.
واللهُ غفورٌ لكم نكاحَ الإماءِ أنْ تنكحوهنَّ على ما أحلَّ لكم وأذنَ لكم به وما سلفَ منكم في ذلك، إنْ أصلحتُم أمورَ أنفسِكم فيما بينكم وبينَ الله، رحيمٌ بكم إذ أذنَ لكم في نكاحهنَّ عندَ الافتقارِ وعدمِ الطَّولِ للحرَّة. (الطبري).

26- ﴿ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيم ﴾.
﴿ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ ﴾ بمصالحِ عبادهِ في أمرِ دينِهم ودنياهم، ﴿ حَكِيمٌ ﴾ فيما دبَّرَ من أمورهم. (البغوي).

27- ﴿ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا ﴾.
يريدُ الذين يطلبونَ لذَّاتِ الدنيا وشهواتِ أنفسِهم فيها أن تميلوا عن أمرِ اللهِ تبارك وتعالى، فتجوروا عنه بإتيانكم ما حرَّمَ عليكم وركوبِكم معاصيه، ﴿ مَيْلاً عَظِيمًا ﴾: جَورًا وعُدولاً عنه شديدًا (الطبري).

29- ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا ﴾.
﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ ﴾:ينهَى تباركَ وتعالى عبادَهُ المؤمنين عن أن يأكلوا أموالَ بعضهم بعضاً بالباطل..
﴿ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا ﴾: أي: فيما أمرَكم به، ونهاكم عنه. (ابن كثير).

32- ﴿ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا ﴾.
أي: هو عليمٌ بمن يستحقُّ الدنيا فيعطيهِ منها، وبمن يستحقُّ الفقرَ فيفقره، وعليمٌ بمن يستحقُّ الآخرةَ فيقيِّضهُ لأعمالها، وبمن يستحقُّ الخذلانَ فيخذلهُ عن تعاطي الخيرِ وأسبابه. (ابن كثير).

33- ﴿ وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآَتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا
يعني بذلكَ جلَّ ثناؤه: فآتُوا الذينَ عقدتْ أيمانُكم نصيبَهم مِن النصرةِ والنصيحةِ والرأي، فإن اللهَ شاهدٌ على ما تفعلونَ مِن ذلك، وعلى غيرهِ مِن أفعالكم، مراعٍ لكلِّ ذلكَ حافظ، حتى يجازيَ جميعَكم على جميعِ ذلكَ جزاءه، أما المحسنُ منكم المتَّبِعُ أمري وطاعتي فبالحُسنَى، وأما الـمُسيءُ منكم المخالفُ أمري ونهيي فبالسوأى.
ومعنى قوله: ﴿ شَهِيدًا : ذو شهادةٍ على ذلك. (الطبري).

35- ﴿ وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا ﴾.
يعني جلَّ ثناؤه: إنَّ اللهَ كانَ عليمًا بما أرادَ الحكمانِ من إصلاحٍ بين الزوجينِ وغيره، خبيرًا بذلكَ وبغيرهِ مِن أمورهما وأمورِ غيرهما، لا يخفَى عليه شيءٌ منه، حافظٌ عليهم، حتى يجازيَ كلاًّ منهم جزاءَهُ بالإحسانِ إحسانًا، وبالإساءةِ غفرانًا أو عقابًا. (الطبري).

36- ﴿ وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ ﴾.
قال: تقدَّمَ تفسيرهم. ويعني في الآيةِ (177) من سورةِ البقرة، وقد قالَ هناك: ... اليتامَى الفقراءُ أولَى بالصدقةِ من الفقراءِ الذين ليسوا بيتامَى، لعدمِ قدرتهم على الكسب. والمسكين: الساكنُ إلى ما في أيدي الناس؛ لكونهِ لا يجدُ شيئاً.

37- ﴿ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ مَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا .
أي: أعدَدنا لهم ذلك. ووُضِعَ المظهرُ موضعَ المضمرِ إشعارًا بأن مَن هذا شأنهُ فهو كافرٌ لنعمِ اللهِ تعالى، ومن كان كافرًا لنعمهِ فلهُ عذابٌ يُهينهُ كما أهانَ النعمَ بالبخلِ والإخفاء. (روح المعاني).

38- ﴿ وَالَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآَخِرِ .
وهم غيرُ مؤمنينَ بالله، وهو مانحُ الثوابِ ومُقَدِّرُ العقاب، ولا يؤمنونَ باليومِ الآخِر، الذي يُثابُ فيهِ المرءُ على أعمالهِ أو يعاقَبُ عليها، ولذلكَ لا يتحرَّونَ في إنفاقِهم مرضاةَ اللهِ وثوابَه... (الواضح).

39- ﴿ وَمَاذَا عَلَيْهِمْ لَوْ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ
وما الذي كانَ يَجري لهم لو سَلكوا الطريقَ الصحيحَ فآمَنوا باللهِ خالقِهم، وآمَنوا بيومِ القيامة، الذي يُثابُ فيهِ المرءُ على ما أحسنَ فيُكرَم، ويُعاقَبُ على ما أساءَ فيُعَذَّب، ليَخافَ الناسُ فيُحسِنوا سلوكَهم. (الواضح).

41- ﴿ فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَـؤُلاءِ شَهِيدًا ﴾.
يعني بذلك جلَّ ثناؤه: إن الله لا يظلمُ عبادَهُ مثقالَ ذرَّة، فكيف بهم ﴿ إِذَا جِئْنَا مِن كُلّ أمَّةٍ بِشَهِيدٍ ﴾ يعني: بمن يشهدُ عليها بأعمالها، وتصديقِها رسلَها، أو تكذيبها، ﴿ وَجِئْنَا بِكَ عَلَىٰ هَـؤُلاء شَهِيداً ﴾ يقول: ﴿ وَجِئْنَا بِكَ ﴾ يا محمد ﴿ عَلَى هَـؤُلاء ﴾ أي: على أمتكَ ﴿ شَهِيدًا ﴾ يقول: شاهداً. (الطبري).
قالَ محمد خير: يلاحظُ أن الإمامَ الطبري ذكرَ في الأولِ من صدَّقَ ومن كذَّبَ الرسل، وفي الآخرِ اقتصرَ على أمةِ محمد صلى الله عليه وسلم، يعني من صدَّقه. ولذلك بيَّن ابن عطية في تفسيرهِ المقصودَ بالأمةِ هنا، فقال: معنى "الأمة" في هذه الآيةِ غيرُ المعنى المتعارفِ في إضافةِ الأممِ إلى الأنبياء، فإن المتعارفَ أن تريدَ بأمةِ محمدٍ عليه السلامُ جميعَ مَن آمنَ به، وكذلك في كلِّ نبيّ، وهي هنا جميعُ مَن بُعِثَ إليه، مَن آمنَ منهم ومَن كفر، وكذلك قالَ المتأوِّلون: إن الإشارةَ بـ﴿ هَـؤُلاءِ ﴾ إلى كفارِ قريشٍ وغيرهم من الكفار، وإنما خصَّ كفارَ قريشٍ بالذكرِ لأن وطأةَ الوعيدِ أشدُّ عليهم منها على غيرهم.

42- ﴿ يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَعَصَوُاْ الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الأَرْضُ ﴾.
الذين جحدوا وحدانيةَ الله وعصَوا رسوله. (الطبري).

46- ﴿ مِّنَ الَّذِينَ هَادُواْ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَكِن لَّعَنَهُمُ اللّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلا ﴾.
﴿ مِّنَ الَّذِينَ هَادُواْ ﴾:هم اليهود، الذين وصفَ الله صفتَهم في قوله: ﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيبًا مِّنَ ٱلْكِتَـٰبِ ﴾.
﴿ لَّعَنَهُمُ اللّهُ بِكُفْرِهِمْ ﴾: ولكنَّ اللهَ تباركَ وتعالَى أخزَى هؤلاءِ اليهودِ الذينَ وصَفَ صفتَهم في هذه الآية، فأقصاهم وأبعدَهم مِن الرشدِ واتِّباعِ الحقِّ ﴿ بِكُفْرِهِمْ ﴾ يعني بجحودِهم نبوَّةَ نبيِّه محمدٍ صلى الله عليه وسلم، وما جاءَهم به مِن عندِ ربِّهم مِن الهُدَى والبيِّنات. (الطبري).

47- ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ آمِنُواْ بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقًا لِّمَا مَعَكُم ﴾.
الذي فيه تصديقُ الأخبارِ التي بأيديهم من البشارات. (ابن كثير).
وقالَ ابنُ عطية: ﴿ لِّمَا مَعَكُم ﴾ معناهُ من شرعٍ وملَّة، لا لما كان معهم من مبدَّلٍ ومغيَّر.

48- ﴿ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا ﴾.
يعني بذلك جلَّ ثناؤه: ومن يشركْ بالله في عبادتهِ غيرَهُ من خلقه، ﴿ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا ﴾، يقول: فقد اختلقَ إثماً عظيماً. وإنما جعلَهُ الله تعالَى ذكرهُ مفترياً، لأنه قالَ زوراً وإفكاً، بجحودهِ وحدانيةَ الله، وإقرارهِ بأن لله شريكاً من خلقه، وصاحبةً أو ولداً، فقائلُ ذلك مفتر، وكذلك كلُّ كاذب، فهو مفترٍ في كذبه، مختلقٌ له. (الطبري، باختصار).

53- ﴿ أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِّنَ الْمُلْكِ فَإِذًا لاَّ يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيرًا ﴾.
المرادُ إنكارُ أن يكونَ لهم نصيبٌ من الملك، وجحدٌ لما تدَّعيهِ اليهودُ من أن الملكَ يعودُ إليهم في آخرِ الزمان. (ابن كثير).

54- ﴿ فَقَدْ آتَيْنَآ آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُم مُّلْكًا عَظِيمًا ﴾.
قال: تقدَّمَ تفسيرُ الكتابِ والحكمة. وقد مرَّ مرتبطًا برسولنا، ومرةً بعيسى، عليهما الصلاةُ والسلام. ويكونُ بمعناه.
قالَ الطبري رحمَهُ الله: يعني: كتابَ الله الذي أوحاهُ إليهم، وذلك كصحفِ إبراهيمَ وموسى والزبور، وسائرِ ما آتاهم من الكتب.وأما الحكمة، فما أوحَى إليهم مما لم يكنْ كتاباً مقروءاً.

56- ﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآَيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا ﴾.
﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآَيَاتِنَا ﴾:هذا وعيدٌ من الله جلَّ ثناؤهُ للذين أقاموا على تكذيبهم بما أنزلَ الله على محمد، من يهودِ بني إسرائيلَ وغيرهم من سائرِ الكفارِ برسوله. يقولُ الله لهم: إن الذين جحدوا ما أنزلتُ على رسولي محمدٍ صلى الله عليه وسلم من آياتي، يعني من آياتِ تنزيلهِ ووحي كتابه، وهي دلالاتهُ وحججهُ على صدقِ محمدٍ صلى الله عليه وسلم، فلم يصدِّقوا به، من يهودِ بني إسرائيل وغيرهم من سائرِ أهلِ الكفرِ به.
﴿ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا ﴾: إنَّ اللهَ لم يزلْ عزيزًا في انتقامهِ ممَّن انتقمَ منهُ من خلقه، لا يقدرُ على الامتناعِ منه أحدٌ أرادَهُ بضرّ، ولا الانتصارِ منه أحدٌ أحلَّ به عقوبة، حكيمًا في تدبيرهِ وقضائه. (الطبري).

57- ﴿ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ﴾.
قال: تقدَّمَ تفسيرُ الجناتِ التي تجري من تحتها الأنهار. ويعني في الآيةِ (25) من سورة البقرة، فكان مما قال: الجنات: البساتين، وهو: اسمٌ لدارِ الثوابِ كلِّها، وهي مشتملةٌ على جناتٍ كثيرة. والأنهارُ جمعُ نهر، وهو: المجرَى الواسع، فوق الجدولِ ودون البحر، والمراد: الماءُ الذي يجري فيها. والضميرُ في قوله: ﴿ مِن تَحْتِهَا ﴾ عائدٌ إلى الجنات؛ لاشتمالها على الأشجار، أي: من تحتِ أشجارها. ا. هـ.
وتفسيرُ مجموعِ ما لم يفسره: والذينَ آمنوا بآياتِنا، وأتْبَعوا إيمانَهم بالأعمالِ الصَّالحةِ والطَّاعاتِ المقبولة، سنُدخِلُهم جنّاتٍ كبيرةً وارفةَ الظِّلال، تجري مِن تحتِها الأنهار، مع خلودٍ دائمٍ فيها. (الواضح).

58- ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا ﴾.
قال: جمعُ أمانة، وهي مصدرٌ بمعنَى المفعول. ا.هـ.
وهي الأماناتُ الواجبةِ على الإنسان، مِن حقوقِ اللهِ على عبادِه، ومِن حقوقِ العبادِ بعضِهم على بعض. (الواضح).

60- ﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آَمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا .
﴿ الطَّاغُوتِ ﴾ قال: تقدَّمَ تفسيرُ الطاغوتِ والاختلافُ في معناه. ثم أوردَ أن المقصودَ كعبُ بنُ الأشرف. وقد بيَّن معنى الطاغوتِ في الآيةِ (51) من السورة، فكان مما قال: الطاغوت: الكاهن، ورويَ عن عمر بنِ الخطاب أن الطاغوتَ الشيطانُ. ورويَ عن ابنِ مسعود أن الجبتَ والطاغوتَ هاهنا كعب بنُ الأشرف. وقال قتادة: الطاغوت: الكاهن. ورويَ عن مالك أن الطاغوتَ ما عُبِدَ من دونِ الله، والجبت: الشيطان، وقيل: هما كلُّ معبودٍ من دونِ الله، أو مطاعٍ في معصيةِ الله.
﴿ وَيُريدُ الشَّيْطانُ أنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالاً بَعِيدا ﴾ يعني أن الشيطانَ يريدُ أن يصدَّ هؤلاء المتحاكمينَ إلى الطاغوتِ عن سبيلِ الحقِّ والهُدى، فيضلَّهم عنها ضلالاً بعيدًا، يعني: فيجورُ بهم عنها جورًا شديدًا. (الطبري).

61- ﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا
ألم ترَ يا محمَّدُ إلى الذينَ يزعمونَ أنهم آمنوا بما أُنزل إليكَ مِن المنافقين، وإلى الذين يزعمونَ أنهم آمنوا بما أُنزِلَ مِن قبلِكَ مِن أهلِ الكتاب، إذا قيلَ لهم: ﴿ تَعَالَوْا ﴾: هلمُّوا إلى حكمِ اللهِ الذي أنزلَهُ في كتابه، ﴿ وَإِلَى الرَّسُولِ ﴾ ليحكمَ بيننا... (الطبري، باختصار).

62- ﴿ فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ﴾.
قيل: هي كلُّ مُصيبةٍ تُصيبُ جميعَ المنافقين، في الدنيا والآخرة. (البغوي).
وقالَ ابنُ عطية: ﴿ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ ﴾ في قتلِ قريبهم ومثلهِ من نقمِ الله تعالى.

67- ﴿ وَإِذاً لَّآتَيْنَاهُم مِّن لَّدُنَّـا أَجْراً عَظِيمًا ﴾.
يعني بذلك جلَّ ثناؤه: ﴿ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُواْ مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ ﴾ [سورة النساء: 66] لإيتائنا إيّاهم على فعلهم ما وُعظوا به من طاعتِنا والانتهاءِ إلى أمرنا ﴿ أَجْراً ﴾ يعني: جزاءً وثواباً عظيماً، وأشدّ تثبيتاً لعزائمهم وآرائهم، وأقوى لهم على أعمالهم.

69- ﴿ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا ﴾.
وحسنَ هؤلاءِ الذين نعتهم ووصفهم... (الطبري).
وُصِفوا بالحسنِ من جهةِ كونهم رفقاءَ للمطيعين، أو حالَ كونهم رفقاءَ لهم. (روح المعاني).

73- ﴿ وَلَئِنْ أَصَابَكُمْ فَضْلٌ مِّنَ الله لَيَقُولَنَّ كَأَن لَّمْ تَكُن بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ يَالَيتَنِي كُنتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾.
أي: بأن يُضرَبَ لي بسهمٍ معهم فأحصلَ عليه، وهو أكبرُ قصده، وغايةُ مراده. (ابن كثير).

75- ﴿ وَمَا لَكُمْ لاَ تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَـذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيرًا ﴾.
﴿ لاَ تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ ﴾. نقلَ في الآيةِ (74) من السورةِ قولَ سعيد بنِ جبير: ﴿ فِي سَبِيلِ اللّهِ ﴾: في طاعةِ الله. ا.هـ. وقالَ الآلوسي: (سبيلُ الله تعالى) يعمُّ أبوابَ الخير. (روح المعاني).
﴿ وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيرًا ﴾:﴿ وَٱجْعَلْ لَّنَا مِن لَّدُنْكَ وَلِيّاً ﴾ أي: من يَلي أمرنا، ﴿ وَٱجْعَلْ لَّنَا مِن لَّدُنْكَ نَصِيراً ﴾ أي: من يمنعُ العدوَّ عنّا. فاستجابَ الله دعوتهم، فلمّا فتحَ رسولُ الله صلّى الله عليه وسلم مكةَ ولَّى عليهم عتاب بنَ أسيد، وجعلَهُ الله لهم نصيراً ينصفُ المظلومين من الظالمين. (البغوي).
يتبع


ابوالوليد المسلم 11-01-2021 12:58 AM

رد: عون البصير على فتح القدير
 

76- ﴿ الَّذِينَ آَمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا .
﴿ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ﴾ نقلَ في الآيةِ (74) من السورةِ قولَ سعيد بنِ جبير: ﴿ فِي سَبِيلِ اللّهِ ﴾: في طاعةِ الله. ا.هـ. وقالَ الآلوسي: (سبيلُ الله تعالى) يعمُّ أبوابَ الخير. (روح المعاني).
﴿ فَقاتِلُوا ﴾ أيها المؤمنون ﴿ أوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ ﴾ يعني بذلك: الذين يتولَّونهُ ويطيعونَ أمرَهُ في خلافِ طاعةِ الله والتكذيبِ به، وينصرونه. ﴿ إنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كانَ ضَعِيفًا ﴾ يعني بكيده: ما كادَ به المؤمنين، من تحزيبهِ أولياءَهُ من الكفارِ باللهِ على رسولهِ وأوليائهِ أهلِ الإيمانِ به، يقول: فلا تهابوا أولياءَ الشيطان، فإنما هم حزبهُ وأنصاره، وحزبُ الشيطانِ أهلُ وهنٍ وضَعف.

وإنما وصفَهم جلَّ ثناؤهُ بالضعف، لأنهم لا يقاتلون رجاءَ ثواب، ولا يتركون القتالَ خوفَ عقاب، وإنما يقاتلون حميَّةً أو حسدًا للمؤمنينَ على ما آتاهم اللهُ من فضله، والمؤمنونَ يقاتلُ مَن قاتلَ منهم رجاءَ العظيمِ من ثوابِ الله، ويتركُ القتالَ إنْ تركَهُ على خوفٍ من وعيدِ الله في تركه، فهو يقاتلُ على بصيرةٍ بما له عندَ اللهِ إنْ قُتل، وبما له من الغنيمةِ والظفرِ إنْ سَلم. والكافرُ يقاتلُ على حذرٍ من القتل، وإياسٍ من مَعاد، فهو ذو ضعفٍ وخوف (الطبري).

77- ﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّواْ أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ ﴾.
﴿ وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ ﴾ يقول: وأدُّوا الصلاةَ التي فرضَها الله عليكم بحدودها، ﴿ وَآتُواْ الزَّكَاةَ ﴾ يقول: وأعطُوا الزكاةَ أهلَها، الذين جعلها الله لهم من أموالِكم، تطهيراً لأبدانكم وأموالكم. (الطبري).

79- ﴿ وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولًا وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا ﴾.
﴿ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ شَهِيداً ﴾ أي: على أنه أرسلك، وهو شهيدٌ أيضاً بينك وبينهم، وعالمٌ بما تبلِّغُهم إيّاه، وبما يردُّون عليكَ من الحقِّ كفراً وعناداً. (ابن كثير).

85- ﴿ وَكَانَ اللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُّقِيتًا ﴾.
إنما قال: ﴿ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُلّ شَىْء مُّقِيتاً ﴾ تنبيهًا على أن كونَهُ تعالى قادرًا على المقدوراتِ صفةٌ كانت ثابتةً له من الأزل، وليست صفةً محدثة، فقوله: ﴿ كَانَ ﴾ مطلقًا، من غيرِ أن قيدَ ذلك بأنه كان من وقتِ كذا أو حالِ كذا، يدلُّ على أنه كان حاصلًا من الأزل إلى الأبد. (مفاتيح الغيب).

87- ﴿ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا رَيْبَ فِيهِ
إخبارٌ بتوحيدهِ بالإلهيةِ لجميعِ المخلوقات. (ابن كثير).

92- ﴿ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا ﴾.
﴿ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلِيماً ﴾ بمن قتلَ خطأً، ﴿ حَكِيماً ﴾ فيما حكمَ به عليكم. (البغوي).

93- ﴿ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا ﴾.
وذلك ما لا يعلمُ قدرَ مبلغهِ سواهُ تعالى ذكره. (الطبري).

94- ﴿ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا .
إنَّ اللهَ كان بقتلِكم مَن تَقتلون، وكفِّكم عمِّن تكفُّونَ عن قتلهِ مِن أعداءِ اللهِ وأعدائكم، وغيرِ ذلكَ مِن أمورِكم وأمورِ غيرِكم، ﴿ خَبِيرًا يعني ذا خبرةٍ وعلمٍ به، يحفظهُ عليكم وعليهم، حتى يجازيَ جميعَكم به يومَ القيامة، جزاءَ المحسنِ بإحسانه، والمسيءِ بإساءته. (الطبري).

95- ﴿ وَفَضَّلَ اللّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا .
يعني: على القاعدين من غيرِ عذر. (البغوي).
أي: أعطاهم زيادةً على القاعدين أجراً عظيماً. (روح المعاني).

96- ﴿ دَرَجَاتٍ مِنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾.
﴿ دَرَجَـٰتٍ مِّنْهُ ﴾: فضائلَ منه ومنازلَ من منازلِ الكرامة... ثم قال: وأولَى التأويلات بتأويلِ قوله ﴿ دَرَجَـٰتٍ مِّنْهُ ﴾ أن يكونَ معنيًّا به درجاتِ الجنة، ﴿ وَمَغْفِرَةً ﴾: وصفحَ لهم عن ذنوبهم، فتفضَّلَ عليهم بتركِ عقوبتهم عليها، ﴿ وَرَحْمَةً ﴾: ورأفةً بهم، ﴿ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً ﴾: ولم يزلِ الله غفورًا لذنوبِ عبادهِ المؤمنين، فيصفحُ لهم عن العقوبةِ عليها، رحيمًا بهم، يتفضَّلُ عليهم بنعمه، مع خلافهم أمرَهُ ونهيه، وركوبهم معاصيه. (الطبري، باختصار).

97- ﴿ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا
أي: فهؤلاء الذين وصفتُ لكم صفتَهم، الذين توفَّاهم الملائكةُ ظالمي أنفسِهم، مصيرُهم في الآخرةِ جهنَّم، وهي مسكنُهم، وساءتْ جهنمُ لأهلِها، الذين صاروا إليها مصيرًا ومسكنًا ومأوى (الطبري، باختصار).

99- ﴿ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا ﴾.
وهو ربٌّ كريم، يعفو عن النَّاس، ويغفرُ ذنوبَهم، على كثرةِ ما يُخطِئونَ ويُذنِبون. (الواضح في التفسير).

101- ﴿ وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُواْ مِنَ الصَّلاَةِ إِنْ خِفْتُمْ أَن يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُواْ لَكُمْ عَدُوًّا مُّبِينًا ﴾.
﴿ وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ ﴾ قال: تقدَّمَ تفسيرُ الضربِ في الأرضِ قريبًا. ويعني في الآيةِ (94) من السورة: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ﴾ قالَ هناك: والضرب: السيرُ في الأرض، تقولُ العرب: ضربتُ في الأرض: إذا سرتُ لتجارةٍ أو غزوٍ أو غيرهما، وتقول: ضربتُ الأرض، بدونِ "في": إذا قصدتُ قضاءَ حاجةِ الإنسان. ا.هـ.
﴿ إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُواْ لَكُمْ عَدُوًّا مُّبِينًا ﴾: يعني: الجاحدونَ وحدانيةَ اللهِ كانوا لكم عدوًّا، قد أبانوا لكم عداوتَهم، بمناصبتِهم لكم الحربَ على إيمانِكم باللهِ وبرسوله، وتركِكم عبادةَ ما يعبدون من الأوثانِ والأصنام، ومخالفتِكم ما هم عليه من الضلالة. (الطبري).

102- ﴿ إنَّ اللَّهَ أعَدَّ للكافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا ﴾.
يعني بذلك: أعدَّ لهم عذابًا مذلاًّ، يبقونَ فيه أبدًا، لا يخرجونَ منه، وذلك هو عذابُ جهنَّم. (الطبري).

104- ﴿وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا﴾.
أي: هو أعلمُ وأحكمُ فيما يقدِّرهُ ويقضيه، وينفذهُ ويمضيه، من أحكامهِ الكونيةِ والشرعيةِ، وهو المحمودُ على كلِّ حال. (ابن كثير).

105- ﴿ إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ ﴾.
﴿ إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ ﴾ أي: هو حقٌّ من الله، وهو يتضمَّنُ الحقَّ في خبرهِ وطلبه. (ابن كثير).
﴿ لِتَحْكُمَ بَيْنَ ٱلنَّاسِ ﴾: برِّهم وفاجرهم. (روح المعاني).

106- ﴿ وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾.
قالَ رحمَهُ الله في معنى الاستغفار، في الآيةِ (110) من السورة: يَطلبُ من الله أن يغفرَ له ما قارفَهُ من الذنب.

112- ﴿ وَمَن يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ﴾.
بيَّنَهُ في الآيةِ السابقة، فقال: الكسب: ما يجرُّ به الإنسانُ إلى نفسهِ نفعاً، أو يدفعُ به ضرراً، ولهذا لا يسمَّى فعلُ الربِّ كسباً، قالَهُ القرطبي.

113- ﴿ وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ ﴾.
أنزلَ عليكَ الكتاب، وهو القرآن، الذي فيه بيانُ كلِّ شيء، وهدًى وموعظة، ﴿ وَٱلْحِكْــمَةِ ﴾: يعني وأنزلَ عليكَ مع الكتابِ الحكمة، وهي ما كانَ في الكتابِ مجملاً ذكره، من حلالهِ وحرامه، وأمرهِ ونهيه، وأحكامه، ووعدهِ ووعيده. (الطبري).

115- ﴿ وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا ﴾.
قال ابنُ كثير رحمَهُ الله: جعلَ النارَ مصيرَهُ في الآخرة؛ لأن مَن خرجَ عن الهُدَى لم يكنْ له طريقٌ إلا إلى النارِ يومَ القيامة.

116- ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ ﴾.
قال: تقدَّمَ تفسيرُ هذه الآية. ويعني في الآية (48) من السورة، وقد قالَ هناك: هذا الحكمُ يشملُ جميعَ طوائفِ الكفار، من أهلِ الكتابِ وغيرهم، ولا يختصُّ بكفارِ أهلِ الحرب؛ لأن اليهودَ قالوا: عُزيرٌ ابنُ الله، وقالتِ النصارى: المسيحُ ابنُ الله، وقالوا: ثالثُ ثلاثة.
ولا خلافَ بين المسلمين أن المشركَ إذا ماتَ على شركهِ لم يكنْ من أهلِ المغفرة، التي تفضَّلَ الله بها على غيرِ أهلِ الشرك، حسبما تقتضيهِ مشيئته، وأما غيرُ أهلِ الشركِ من عُصاةِ المسلمين، فداخلون تحت المشيئة، يغفرُ لمن يشاء، ويعذِّبُ من يشاء.

قالَ ابنُ جرير: قد أبانتْ هذه الآيةُ أن كلَّ صاحبِ كبيرةٍ في مشيئةِ الله عزَّ وجلَّ، إن شاءَ عذَّبه، وإن شاءَ عفا عنه، ما لم تكنْ كبيرتهُ شركاً بالله عزَّ وجلّ.
وظاهرهُ أن المغفرةَ منه سبحانهُ تكونُ لمن اقتضتهُ مشيئته، تفضلاً منه ورحمة، وإن لم يقعْ من ذلك المذنبِ توبة، وقيَّدَ ذلك المعتزلةُ بالتوبة. ا.هـ.
وقال الإمامُ الطبري مختصرًا وبما يناسبُ الموقف: إنَّ اللهَ لا يغفرُ لـ "طعمة" إذْ أشركَ وماتَ على شركهِ بالله، ولا لغيرهِ مِن خلقهِ بشركهم وكفرهم به، ويغفرُ ما دونَ الشركِ باللهِ مِن الذنوبِ لمن يشاء.

121- ﴿ أُوْلَـئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَلاَ يَجِدُونَ عَنْهَا مَحِيصًا ﴾.
أي: مصيرُهم ومآلهم يومَ القيامة، ﴿ وَلاَ يَجِدُونَ عَنْهَا مَحِيصاً ﴾ أي: ليس لهم عنها مندوحة... (ابن كثير).

122- ﴿ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا
والذين آمنوا باللهِ ورَضُوا بدينه، وأتْبَعُوا إيمانَهم بالأعمالِ الصالحة، ونفَّذوا ما أُمِروا به مِن الخيرات، نُدخلُهم جنّاتٍ تجري مِن تحتِها الأنهار، مع خلودٍ دائم. (الواضح).

123- ﴿ لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ ﴾.
الأمانيّ: جمعُ أمنوية، وزنها أفعولة، وهي ما يتمناهُ المرءُ ويطيعُ نفسَهُ فيه... (ابن عطية).

124- ﴿ وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتَ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ ﴾.
دخلت ﴿ مِنَ ﴾ للتبعيض، إذ ﴿ الصَّالِحَاتَ ﴾ على الكمالِ مما لا يطيقهُ البشر، ففي هذا رفقٌ بالعباد، لكنْ في هذا البعضِ الفرائض، وما أمكنَ من المندوبِ إليه. (ابن عطية). وعند الطبري أطولُ وأوضح.

126- ﴿ وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ
الجميعُ مُلكهُ وعبيدهُ وخَلقه، وهو المتصرِّفُ في جميعِ ذلك، لا رادَّ لما قضَى، ولا معقِّب لما حكم، ولا يُسألُ عمّا يفعل، لعظمتهِ وقدرتهِ، وعدلهِ وحكمته، ولطفهِ ورحمته. (ابن كثير).

131- ﴿ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ ﴾.
﴿ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ ﴾ يعني: أهلَ التوراةِ والإِنجيلِ وسائرَ الأممِ المتقدِّمةِ في كتبهم. ﴿ أَنِ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ ﴾ أي: وحِّدوا اللَّهَ وأطيعوه. (البغوي).

133- ﴿ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ وَيَأْتِ بِآَخَرِينَ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى ذَلِكَ قَدِيرًا ﴾.
أي: هو قادرٌ على إذهابِكم وتبديلِكم بغيركم إذا عصيتُموه. (ابن كثير).

135- ﴿ فَلاَ تَتَّبِعُواْ الْهَوَى أَن تَعْدِلُواْ وَإِن تَلْوُواْ أَوْ تُعْرِضُواْ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا ﴾.
﴿ فَلاَ تَتَّبِعُواْ الْهَوَى ﴾ قالَ رحمَهً الله: نهاهم عن اتباعِ الهوى. وأتبعَهُ من بعدُ بقولِ ابنِ عباسٍ رضيَ الله عنهما: فتذَروا الحقَّ وتجوروا.
وقد قالَ الإمامُ الطبري:فلا تتبعوا أهواءَ أنفسكم...
وقالَ ابنُ كثير: فلا يحملنَّكم الهوى والعصبيةُ وبغضُ الناسِ إليكم...
﴿ خَبِيرًا ﴾: يعني ذا خبرةٍ وعلمٍ به، يحفظُ ذلكَ منكم عليكم حتى يجازيَكم به جزاءَكم في الآخرة، المحسنَ منكم بإحسانه، والمسيءَ بإساءته. يقول: فاتَّقوا ربَّكم في ذلك. (الطبري).

136- ﴿ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا ﴾.
فقد ذهبَ عن قصدِ السبيل، وجارَ عن محجَّةِ الطريقِ إلى المهالكِ ذهابًا وجورًا بعيدًا، لأنَّ كفرَ مَن كفرَ بذلك خروجٌ منه عن دينِ اللهِ الذي شرعَهُ لعباده، والخروجُ عن دينِ الله: الهلاكُ الذي فيه البوار، والضلالُ عن الهُدَى هو الضلال. (الطبري).

139- ﴿ الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِندَهُمُ الْعِزَّةَ ﴾.
أي: المعونةَ والظهورَ على محمدٍ صلَّى الله عليه وسلم وأصحابه. وقيل: أيطلبون عندهم القوةَ والغلبة؟ (البغوي).


146- ﴿وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْرًا عَظِيمًا﴾.
وعدَ المؤمنين "الأجرَ العظيم"، وهو التخليدُ في الجنة. (ابن عطية، باختصار).

147- ﴿ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا
أي: مَن شكرَ شكرَ له، ومَن آمنَ قلبهُ به علمَه، وجازاهُ على ذلكَ أوفرَ الجزاء. (ابن كثير).




ابوالوليد المسلم 11-01-2021 12:59 AM

رد: عون البصير على فتح القدير
 
عون البصير على فتح القدير (6)




أ. محمد خير رمضان يوسف



الجزء السادس

(سورة النساء 148 - الأخير، سورة المائدة 1 - 81)


149- ﴿ إِنْ تُبْدُوا خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا ﴾.
إنْ تقولوا جميلاً من القولِ لمن أحسنَ إلـيكم، فتُظهروا ذلك شكراً منكم له على ما كان منه من حسنٍ إلـيكم، ﴿ أَوْ تُخْفُوهُ ﴾، يقول: أو تتركوا إظهارَ ذلك فلا تُبدوه،﴿ أوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ ﴾ يقول: أو تصفحوا لمن أساءَ إلـيكم عن إساءته، فلا تجهروا له بـالسوءِ من القولِ الذي قد أذنتُ لكم أن تجهروا له به. (الطبري).

151- ﴿ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا ﴾.
يُهينُهم ويُذلُّهم جزاءَ كفرِهم الذي ظنُّوا به العزَّة. (روح المعاني).

152- ﴿ وَالَّذِينَ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ أُولَئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾.
﴿ وَالَّذِينَ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ﴾:يعني بذلك جلَّ ثناؤه: والذين صدَّقوا بوحدانيةِ الله، وأقرُّوا بنبوَّةِ رسلهِ أجمعين، وصدَّقوهم فيما جاؤوهم به من عندِ الله من شرائعِ دينه. (الطبري).
﴿ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ ﴾ اللهُ تعالى ﴿ أُجُورَهُمْ ﴾ الموعودةَ لهم، ﴿ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا ﴾ لمن هذه صفتُهم ما سلفَ لهم مِن المعاصي والآثام، ﴿ رَحِيمًا ﴾ بهم، فيضاعفُ حسناتِهم، ويزيدُهم على ما وُعِدوا به. (روح المعاني، باختصار).

154- ﴿ وَرَفَعْنَا فَوْقَهُمُ الطُّورَ بِمِيثَاقِهِمْ وَقُلْنَا لَهُمُ ادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا .
ذكرَ أنه تقدَّمَ تفسيرهُ في سورةِ البقرة (الآية 58). وقد قالَ هناك: السجودُ قد تقدَّمَ تفسيره: وقيل: هو هنا الانحناء، وقيل: التواضعُ والخضوع، واستدلُّوا على ذلك بأنه لو كان المرادُ السجودَ الحقيقي، الذي هو وضعُ الجبهةِ على الأرض، لامتنعَ الدخولُ المأمورُ به؛ لأنه لا يمكنُ الدخولُ حالَ السجودِ الحقيقي.

158- ﴿ بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا ﴾.
﴿ بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ ﴾ قال: تقدَّمَ ذكرُ رفعهِ عليه السلامُ في آلِ عمران. ا.هـ. قولهُ تعالى: ﴿ إِذْ قَالَ اللّهُ يَاعِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ ﴾ (الآية 55)، وكان مما قال: الصحيحُ أن الله رفعَهُ إلى السماءِ من غيرِ وفاة، كما رجَّحَهُ كثيرٌ من المفسرين. ا.هـ.
﴿ وَكَانَ ٱللَّهُ عَزِيزاً ﴾ لا يُغلَبُ على ما يريده، ﴿ حَكِيماً ﴾ فيما دبَّرَهُ لعيسى عليه الصلاةُ والسلام. (البيضاوي).

161- ﴿ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا ﴾.
وجعلنا للكافرينَ بـاللهِ وبرسولهِ محمَّدٍ مِن هؤلاءِ اليهودِ العذابَ الأليم، وهو الموجِعُ مِن عذابِ جهنَّم، عدةً يصلَونَها في الآخرةِ إذا وردوا على ربِّهم، فيعاقبهم بها. (الطبري).

162- ﴿ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْرًا عَظِيمًا ﴾.
يعني الجنة. (ابن كثير).

167- 168- ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقًا. إِلَّا طَرِيقَ جَهَنَّمَ﴾.
ولم يكنِ الله تعالى ذكرهُ ليهديَ هؤلاءِ الذين كفروا وظلموا، الذين وصفنا صفتهم، فيوفقَهم لطريقٍ من الطرقِ التي ينالون بها ثوابَ الله، ويصلون بلزومهم إيّاهُ إلى الجنة، ولكنهُ يخذلهم عن ذلك، حتـى يسلكوا طريقَ جهنم. (الطبري).

170- ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِنْ رَبِّكُمْ فَآَمِنُوا خَيْرًا لَكُمْ وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا
أيُّها النَّاس، إنَّ الرسولَ محمَّداً صلى الله عليه وسلم قد جاءَكم بالهُدَى ودينِ الحقِّ وشهادةِ التوحيدِ بإذنٍ من اللهِ ووحي منه.
﴿ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا : والله عليمٌ بأحوالِكم وبمن يستحقُّ الهدايةَ منكم فيَهديه، حكيمٌ فيما يشرِّعهُ ويدبِّرهُ ويقدِّره. (الواضح).

171- ﴿ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ ﴾.
أي: تعالَى وتقدَّسَ عن ذلك علوًّا كبيرًا. (ابن كثير).

172- ﴿ لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلَّهِ وَلَا الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ ﴾.
الذين قرَّبهم الله ورفعَ منازلَهم علـى غيرهم من خَلقه. (الطبري).

173- ﴿ فَأَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَأَمَّا الَّذِينَ اسْتَنْكَفُوا وَاسْتَكْبَرُوا فَيُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا ﴾.
﴿ فَأَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ﴾: فأما المؤمنونَ المقرُّون بوحدانيةِ الله، الخاضعون له بالطاعة، المتذلِّلونَ له بالعبودية، والعاملونَ الصالحاتِ من الأعمال...
﴿ وَأَمَّا الَّذِينَ اسْتَنْكَفُوا وَاسْتَكْبَرُوا فَيُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا ﴾: وأما الذين تعظَّموا عن الإقرارِ للهِ بالعبودةِ والإذعانِ له بالطاعة، واستكبروا عن التذلُّلِ لألوهتهِ وعبادتهِ وتسليمِ الربوبيةِ والوحدانيةِ له، فيعذِّبهم عذابـًا موجعًا، ولا يجدُ المستنكفونَ من عبـادتهِ والمستكبرونَ عنها إذا عذَّبهم اللهُ الأليمَ من عذابهِ سوَى اللهِ لأنفسِهم وليًّا ينُـجيهم من عذابهِ وينقذُهم منه، ولا ناصرًا ينصرهم، فيستنقذُهم من ربِّهم ويدفعُ عنهم بقوَّتهِ ما أحلَّ بهم من نقمته، كالذي كانوا يفعلونَ بهم إذا أرادَهم غيرُهم من أهلِ الدنيا في الدنيا بسوءٍ من نصرتِهم والمدافعةِ عنهم. (الطبري، باختصار).

176- ﴿ يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ .
قال: تقدَّمَ الكلامُ في الكلالةِ في أولِ هذه السورة. ويعني في الآيةِ (12) منها، وقد نقلَ هناكَ قولَ الجمهورِ أنها تعني "الميتَ الذي لا ولدَ له، ولا والد"، وأنه حكى الإجماعَ فيه غيرُ واحد.

سورة المائدة
1-﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ .
﴿ يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا : يا أيها الذين أقرُّوا بوحدانيةِ الله وأذعنوا له بالعبودية، وسلَّموا له الألوهية، وصدَّقوا رسولَهُ محمداً صلى الله عليه وسلم في نبوَّته، وفيما جاءهم به من عند ربِّهم من شرائعِ دينه. (الطبري).
﴿ أَوْفُواْ الوفاء: هو القيامُ بمقتضَى العهد، وكذلك الإِيفاء. (البيضاوي).

2- ﴿ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ
إنَّ اللهَ شديدٌ عقابهُ لمن عاقبَهُ مِن خلقه، لأنها نارٌ لا يُطفأُ حرُّها، ولا يَخمُدُ جمرُها، ولا يَسكنُ لهبُها. نعوذُ باللهِ منها ومِن عملٍ يقرِّبنا منها. (الطبري).

4- ﴿ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ
يعني جلَّ ثناؤه: واتَّقوا اللهَ أيها الناسُ فيما أمركم به وفيما نهاكم عنه، فاحذروهُ في ذلك أنْ تُقدِموا على خلافه، وأنْ تأكلوا مِن صيدِ الجوارحِ غيرِ المعلَّمة، أو ممّا لـم تُـمسِكْ علـيكم مِن صيدها وأمسكتهُ علـى أنفسِها، أو تَطعَموا ما لم يُسَمَّ اللهُ علـيه مِن الصيدِ والذبـائح، ممَّا صادَهُ أهلُ الأوثانِ وعبدةُ الأصنام، ومَن لم يوحِّدِ اللهَ مِن خـلقه، أو ذبحوه، فإنَّ الله قد حرَّمَ ذلكَ علـيكم فاجتنبوه. (الطبري).

5- ﴿ الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آَتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآَخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾.
﴿ الطَّيِّبَاتُ ﴾ ذكرَ أنه تقدَّمَ بيانُ الطيبات. وقد قالَ فيها، في الآيةِ (4) من السورة: هي ما يستلذُّهُ آكلهُ ويستطيبهُ مما أحلَّهُ الله لعباده. وقيل: هي الحلال...
وقالَ الطبري: الـيومَ أُحِلَّ لكم - أيها المؤمنون - الحلالُ من الذبائحِ والمطاعم، دون الخبائثِ منها.
﴿ وَهُوَ فِي الْآَخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾: وهو في الآخرة من الهالكين، الذين غبنوا أنفسَهم حظوظَها من ثوابِ الله، بكفرهم بمـحمَّد، وعملِهم بغيرِ طاعةِ الله (الطبري).

6- ﴿ وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاء أَحَدٌ مَّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِّنْهُ ﴾.
ذكرَ أنه تقدَّمَ تفسيرهُ مستوفى في النساء، وأنه تقدَّمَ الكلامُ على ملامسةِ النساء، وعلى التيمم، وعلى الصعيد.
ويعني في الآيةِ (43) منها، وقد توسَّعَ فيه، ومختصره:
﴿ وَإِن كُنتُم مَّرْضَى ﴾: المرضُ عبارةٌ عن خروجِ البدنِ عن حدِّ الاعتدالِ والاعتيادِ إلى الاعوجاجِ والشذوذ، وهو على ضربين: كثيرٍ ويسير. والمرادُ هنا: أن يخافَ على نفسهِ التلفَ أو الضررَ باستعمالِ الماء، أو كان ضعيفاً في بدنهِ وهو لا يقدرُ على الوصولِ إلى موضعِ الماء.

﴿ أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ ﴾: فيه جوازُ التيمُّمِ لمن صدقَ عليه اسمُ المسافر. وقد ذهبَ الجمهورُ إلى أنه لا يشترطُ أن يكونَ سفرَ قصر. وقالَ قوم: لا بدَّ من ذلك. وقد أجمعَ العلماءُ على جوازِ التيمُّمِ للمسافر.
﴿ أَوْ جَاء أَحَدٌ مّنْكُمْ مّن ٱلْغَائِطِ ﴾: هو المكانُ المنخفض، والمجيءُ منه كنايةٌ عن الحدَث. وكانت العربُ تقصدُ هذا الصنفَ من المواضعِ لقضاءِ الحاجةِ تستراً عن أعينِ الناس، ثم سمِّيَ الحدثُ الخارجُ من الإنسانِ غائطاً توسعاً. ويدخلُ في الغائطِ جميعُ الأحداثِ الناقضةِ للوضوء.

﴿ أَوْ لَـٰمَسْتُمُ ٱلنّسَاء ﴾ قيل: المرادُ بها الجماع. وقيل: مطلقُ المباشرة، وقيل: إنه يجمعُ الأمرين جميعاً. واختلفَ العلماءُ في معنى ذلك على أقوال...
﴿ فَتَيَمَّمُواْ أي: اقصدوا، ثم كثرَ استعمالُ هذه الكلمة، حتى صارَ التيممُ مسحَ الوجهِ واليدين بالتراب.
﴿ صَعِيداً الصعيد: وجهُ الأرض، سواءٌ كان عليه ترابٌ أو لم يكن، قالَهُ الخليل، وابنُ الأعرابي، والزجّاج. وقد اختلفَ أهلُ العلمِ فيما يجزىءُ التيممُ به...


﴿ طَيِّبًا : وقد تنوزعَ في معنى الطيب، فقيل: الطاهر، وقيل: المنبت، وقيل: الحلال...
﴿ فَٱمْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ : هذا المسحُ مطلق، يتناولُ المسحَ بضربةٍ أو ضربتين، ويتناولُ المسحَ إلى المرفقين أو إلى الرسغين، وقد بيَّنتهُ السنةُ بياناً شافياً. وقد جمعنا بين ما وردَ في المسحِ بضربةٍ وبضربتين، وما وردَ في المسحِ إلى الرسغِ وإلى المرفقين، في شرحنا للمنتقَى وغيرهِ من مؤلَّفاتنا، بما لا يحتاجُ الناظرُ فيه إلى غيره.

7- ﴿ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ﴾.
تأكيدٌ وتحريضٌ على مواظبةِ التقوَى في كلِّ حال. ثم أعلمَهم أنه يعلمُ ما يختلجُ في الضمائرِ من الأسرارِ والخواطر. (ابن كثير).

8- ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ للهِ شُهَدَاءَ بِالقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾.
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا ﴾: يا أيها الذين آمنوا بـالله وبرسولهِ محمد.
﴿ وَاتَّقُوا اللّهَ إنَّ اللّهَ خَبِـيرٌ بِـمَا تَعْمَلُونَ ﴾: واحذروا أيها المؤمنون أن تجوروا في عباده، فتجاوزوا فـيهم حُكمَهُ وقضاءَهُ الذي بـيَّنَ لكم، فيَحلَّ بكم عقوبته، وتستوجبوا منه أليمَ نكاله. ﴿ إنَّ اللّهَ خَبِـيرٌ بِـمَا تَعْمَلُونَ ﴾ يقول: إن الله ذو خبرةٍ وعلمٍ بما تعملون أيها المؤمنون فيما أمركم به وفيما نهاكم عنه من عملٍ به أو خلافٍ له، مُـحصٍ ذلكم علـيكم كلَّه، حتـى يجازيَكم به جزاءكم، المحسنَ منكم بإحسانه، والمسيءَ بـإساءته، فـاتقوا أن تسيؤوا. (الطبري).

9- ﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ ﴾.
وعدَ اللهُ الذين صدَّقوا اللهَ ورسوله، وأقرُّوا بما جاءَهم به مِن عندِ ربِّهم، وعملوا بما واثقَهم اللهُ به، وأوفَوا بالعقودِ التي عاقدهم عليها، وأطاعوه، فعملوا بما أمرهم اللهُ به، وانتهَوا عمّا نهاهم عنه، لهم مغفرة، وأجرٌ عظيـم. والعظيمُ مِن خيرٍ غيرُ محدودٍ مبلغُه، ولا يَعرفُ منتهاهُ غيرهُ تعالَى ذكره. (الطبري، باختصار).

10- ﴿ وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ ﴾.
والذين جحدوا وحدانيةَ الله، ونقضوا ميثاقَهُ وعقودَهُ التي عاقدوها إيّاه. (الطبري).

11- ﴿ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ
وإلى الله فليُلقِ أزمَّةَ أمورهم، ويستسلـمْ لقضائه، ويثقْ بنصرتهِ وعونه، المقرُّون بوحدانـيةِ الله ورسالةِ رسوله، العاملون بأمرهِ ونهيه، فإنَّ ذلكَ مِن كمالِ دينهم وتمامِ إيمانهم، وأنهم إذا فعلوا ذلكَ كلأهم ورعاهم وحفظهم ممَّن أرادَهم بسوء... (الطبري).

12- ﴿ وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا وَقَالَ اللَّهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلَاةَ وَآَتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآَمَنْتُمْ بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَلَأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ﴾.
﴿ لَئِنْ أقَمْتُـمُ ﴾ معشرَ بني إسرائيـلَ ﴿ الصَّلاةَ وآتَـيْتُـمُ الزَّكاةَ ﴾ أي: أعطيتُموها مَن أمرتُكم بإعطائها، ﴿ وآمَنْتُـمْ بِرُسُلِـي ﴾ يقول: وصدَّقتُم بما آتاكم به رسلـي من شرائعِ ديني. (الطبري).
﴿ لأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئَـٰتِكُمْ ﴾ أي: ذنوبَكم، أمحوها وأسترها، ولا أؤاخذكم بها، ﴿ وَلأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّـٰتٍ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَـٰرُ ﴾ أي: أدفعُ عنكم المحذور، وأحصلُ لكم المقصود. (ابن كثير).

14- ﴿ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ﴾.
﴿ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَـٰمَةِ ﴾: إما غايةٌ للإغراء، أو للعداوةِ والبغضاء، أي: يتعادَون ويتباغضون إلى يومِ القيامة، حسبما تقتضيهِ أهواؤهم المختلفة، وآراؤهم الزائغة، المؤديةُ إلى التفرقِ إلى الفرقِ الكثيرة، ومنها النسطوريةُ واليعقوبيةُ والملكانية. (روح المعاني).

18- ﴿ وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ
أي: الجميعُ مُلكهُ وتحتَ قهرهِ وسلطانه. (ابن كثير).
يتبع

ابوالوليد المسلم 11-01-2021 12:59 AM

رد: عون البصير على فتح القدير
 

19- ﴿ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ أَنْ تَقُولُوا مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ وَلَا نَذِيرٍ فَقَدْ جَاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ .
حتَّى لا تحتجُّوا وتقولوا ما جاءَنا رسولٌ يبشِّرُنا بحُسنِ الثوابِ إنْ أصَبنا وأطَعنا، ويُنذِرُنا بالعقوبةِ إنْ أخطأنا وعصَينا، فقد جاءَكمُ البشيرُ النذيرُ محمَّدٌ صلى الله عليه وسلَّم خاتماً لجميعِ أنبيائه، فلا عذرَ لكم إذا لم تَتَّبعوه. (الواضح).

20- ﴿ وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَاقَوْمِ اذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ .
﴿ نِعْمَةَ اللّهِ ﴾ هنا اسمُ الجنس، ثم عدَّدَ عيونَ تلك النعم. (ابن عطية).
يقولُ تعالى مخبراً عن عبدهِ ورسولهِ وكليمهِ موسى بنِ عمران عليه السلام، فيما ذكَّرَ به قومَه، من نعمِ الله عليهم، وآلائهِ لديهم، في جمعهِ لهم خيرَ الدنيا والآخرة، لو استقاموا على طريقتهم المستقيمة. (ابن كثير).

23- ﴿ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾.
توكَّلوا أيها القومُ علـى اللهِ في دخولِكم علـيهم. ويقولانِ لهم: ثقوا بـاللهِ فإنهُ معكم إنْ أطعتُـموهُ فيما أمرَكم مِن جهادِ عدوِّكم. وعنَـيا بقولهما ﴿ إنْ كُنْتُـمْ مُؤْمِنِـينَ ﴾: إنْ كنتُـم مصدِّقي نبـيِّكم صلَّى الله عليه وسلَّم، فيما أنبأكم عن ربِّكم مِن النصرةِ والظفرِ علـيهم، وفي غيرِ ذلكَ مِن إخبـارهِ عن ربِّه، ومؤمنـينَ بأنَّ ربَّكم قادرٌ علـى الوفـاءِ لكم بما وعدَكم مِن تمكينِكم في بلادِ عدوِّهِ وعدوِّكم. (الطبري).

26- ﴿ فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ .
تسليةٌ لموسى عليه السلام عنهم، أي: لا تأسفْ ولا تحزنْ عليهم فيما حكمتُ عليهم به، فإنهم مستحقون ذلك. (ابن كثير).

28- ﴿ لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ
﴿ بَسَطْتَ أي: مددتَ. (البغوي).
﴿ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ أي: مِن أنْ أصنعَ كما تريدُ أنْ تَصنع، بل أصبرُ وأحتسب. (ابن كثير).

30- ﴿ فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ
أي: في الدنيا والآخرة. وأيُّ خسارةٍ أعظمُ مِن هذه؟ (ابن كثير).

32- ﴿ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ .
ذكرَ في أكثرَ من موضعٍ أن كتبَ بمعنى فرض.

33- ﴿ وَلَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ .
يعني عذابَ جهنَّم. (الطبري).

35- ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ .
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ : يقولُ تعالى آمرًا عبادَهُ المؤمنينَ بتقواه، وهي إذا قُرِنَتْ بالطاعةِ كان المرادُ بها الانكفافَ عن المحارم، وتركَ المنهيّات.
﴿ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ... ورغَّبهم في ذلك بالذي أعدَّهُ للمجاهدين في سبيلهِ يومَ القيامة، من الفلاح، والسعادةِ العظيمةِ الخالدةِ المستمرة، التي لا تبيدُ ولا تحولُ ولا تزول، في الغرفِ العاليةِ الرفيعةِ الآمنة، الحسنةِ مناظرها، الطيبةِ مساكنها، التي من سكنها ينعمُ لا يبأس، ويحيا لا يموت، لا تبلَى ثيابه، ولا يفنَى شبابه. (ابن كثير).

36- ﴿ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾.
بل هو معذِّبُهم في حميـمِ يومِ القـيامةِ عذاباً موجعاً لهم. (الطبري).

37- ﴿ يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْهَا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ
كما قالَ تعالى: ﴿ كُلَّمَآ أَرَادُوۤاْ أَن يَخْرُجُواْ مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُواْ فِيهَا ﴾ الآية [سورة الحج: 22]، فلا يزالون يريدون الخروجَ مما هم فيه من شدَّتهِ وأليمِ مسِّه، ولا سبيلَ لهم إلى ذلك، وكلما رفعهم اللهبُ فصاروا في أعلَى جهنم، ضربتهم الزبانيةُ بالمقامعِ الحديد، فيردُّوهم إلى أسفلها، ﴿ وَلَهُمْ عَذَابٌ مُّقِيمٌ ﴾ أي: دائمٌ مستمرّ، لا خروجَ لهم منها، ولا محيدَ لهم عنها. (ابن كثير).

38- ﴿ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾.
﴿ نَكَالًا ﴾ أي: عقوبة. (البغوي). النكال: العذاب، والنكل: القيد. (ابن عطية).
﴿ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾: عزيزٌ في شرعِ الردع، حكيمٌ في إيجابِ القطع. أو: عزيزٌ في انتقامهِ مِن السارقِ وغيرهِ مِن أهلِ المعاصي، حكيمٌ في فرائضهِ وحدوده. (روح المعاني).

40- ﴿ أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ
﴿ أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ : ألمْ يعلمْ هؤلاءِ القائلون: ﴿ لَنْ تَـمَسَّنَا النَّارُ إِلاَّ أيَّامًا مَعْدُوْدَةً ، الزّاعمونَ أنهم أبناءُ اللهِ وأحبَّاؤه، أنَّ اللهَ مدبِّرُ ما في السماواتِ وما في الأرض، ومصرِّفهُ وخالقه، لا يمتنعُ شيءٌ ممّا في واحدةٍ منهما ممّا أراده، لأنَّ كلَّ ذلكَ مُلكه، وإليه أمرُه...
﴿ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ: واللهُ على تعذيبِ مَن أرادَ تعذيبَهُ مِن خلقهِ على معصيته، وغفرانِ ما أرادَ غفرانَهُ منهم باستنقاذهِ مِن الهلكةِ بالتوبةِ عليه، وغيرِ ذلك من الأمورِ كلِّها، قادر؛ لأن الخَـلقَ خـَلقه، والمـُلكَ مُلكُه، والعبـادَ عبـادُه. (تفسير الطبري).

41- ﴿ وَلَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ .
وفي الآخرةِ عذابُ جهنَّم، خالدين فيها أبدًا (الطبري).

42- ﴿ سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ فَإِن جَآؤُوكَ فَاحْكُم بَيْنَهُم أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِن تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَن يَضُرُّوكَ شَيْئًا وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُم بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِين .
﴿ سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ قالَ رحمَهُ الله: كررَهُ تأكيدًا لقبحه، وليكونَ كالمقدِّمة لما بعده.
وقد فسَّرَهُ في الآيةِ السابقةِ بقوله: قابلون لكذبِ رؤسائهم المحرّفين للتوراة. ا.هـ.
﴿ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِين : إنَّ اللهَ يحبُّ العاملينَ في حكمهِ بين الناس، القاضينَ بينهم بحكمِ الله الذي أنزلَهُ في كتابهِ وأمرَ أنبـياءَهُ صلواتُ الله علـيهم. (الطبري).

43- ﴿ وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللَّهِ ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ .
يقول: يتركونَ الحكمَ به بعدَ علمٍ بحكمي فيه، جراءةً عليَّ وعصيانًا لي. وهذا وإنْ كان مِن اللهِ تعالى ذكرهُ خطابًا لنبيِّهِ صلى الله عليه وسلم، فإنه تقريعٌ منه لليهودِ الذين نزلتْ فيهم هذه الآية... ﴿ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ يقول: ليسَ مَن فعلَ هذا الفعل، أي: مَن تولَّى عن حكمِ الله الذي حكمَ به في كتابهِ الذي أنزلَهُ على نبيَّهِ في خَلقه، بالذي صدَّقَ الله ورسوله، فأقرَّ بتوحيدهِ ونبوَّةِ نبيِّه صلى الله عليه وسلم؛ لأن ذلك ليس من فعلِ أهلِ الإيمان. (الطبري، باختصار).

44- ﴿ فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآَيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ .
﴿ وَاخْشَوْنِ : ولكنِ اخشوني دونَ كلِّ أحدٍ مِن خَلقي، فإنَّ النفعَ والضرَّ بـيدي، وخافوا عقابي في كتـمانِكم ما استـُحفظتِـم مِن كتابي. (الطبري).
﴿ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ لم يبينْ معنى الحكمِ بما أنزلَ الله. ويفهمُ معناهُ من كلامِ الإمامِ الطبري حولَ الآية، فقال رحمَهُ الله: ومَن كتمَ حكمَ الله الذي أنزلَهُ في كتابه، وجعلَهُ حكماً بين عبادهِ فأخفاه، وحكمَ بغيره، كحكمِ اليهودِ في الزانيَين المحصنَين بالتجبيةِ والتحميم، وكتمانهم الرجم، وكقضائهم في بعضِ قتلاهم بديةٍ كاملة، وفي بعضٍ بنصفِ الدية، وفي الأشرافِ بالقصاصِ وفي الأدنياءِ بالدية. وقد سوَّى الله بين جميعهم في الحكم عليهم في التوراة: ﴿ فَأُولَئِكَ هُمُ الكافِرُونَ يقول: هؤلاء الذين لم يحكموا بما أنزلَ الله في كتابه، ولكن بدَّلوا وغيَّروا حكمَه، وكتموا الـحقَّ الذي أنزلَهُ في كتابه، ﴿ هُمُ الكَافِرُونَ .

45- ﴿ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴾.
تنظرُ الفقرةُ السابقة.

46- ﴿ وَآَتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ ﴾.
ذكرَ في الآيةِ (44) (وصفًا للتوراة) ﴿ إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ ﴾ أن الهدى والنور، هو بيانُ الشرائع، والتبشيرُ بمحمدٍ صلى الله عليه وسلم وإيجابُ اتباعه.

47- ﴿ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾.
ومن لم يحكمْ من أهلِ الإنجيلِ أيضاً بذلك (الطبري)، ﴿ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾ أي: الخارجون عن طاعةِ ربِّهم، المائلون إلى الباطل، التاركون للحقّ. (ابن كثير).

53- ﴿ وَيَقُولُ الَّذِينَ آَمَنُوا أَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَأَصْبَحُوا خَاسِرِينَ ﴾.
يقول: فأصبحَ هؤلاءِ المنافقونَ عند مجيءِ أمرِ اللهِ بإدالةِ المؤمنين علـى أهلِ الكفرِ قد وكسوا في شرائهم الدنيا بالآخرة، وخابتْ صفقتُهم وهلكوا. (الطبري).

54- ﴿ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ
والله يؤتي فضلَهُ من يشاءُ من خَلقه، منَّةً عليه وتطوّلاً، ﴿ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ يقول: واللهُ جوادٌ بفضلهِ على مَن جادَ به عليه، لا يخافُ نفادَ خزائنهِ فيكفَّ من عطائه. عليمٌ بموضعِ جودهِ وعطائه، فلا يبذلهُ إلاّ لمنِ استـحقَّه، ولا يبذلُ لمنِ استحقَّهُ إلاّ على قدرِ المصلحة، لعلمهِ بموضعِ صلاحهِ له مِن موضعِ ضرِّه. (الطبري).

56- ﴿ وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ .
يعني: يتولَّى القيامَ بطاعةِ الله ونصرةِ رسولهِ والمؤمنين. قالَ ابنُ عباس رضيَ الله عنهما: يريدُ المهاجرين والأنصار. (البغوي).

60- ﴿ قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ ﴾.
أي: أبعدَهُ من رحمته. (ابن كثير).

64- ﴿ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ .
﴿ طُغْيَانًا :هو المبالغةُ والمجاوزةُ للحدِّ في الأشياء.
﴿ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ :يعني أنه لا تجتمعُ قلوبهم، بل العداوةُ واقعةٌ بين فرقهم بعضهم في بعضٍ دائماً؛ لأنهم لا يجتمعون على حقّ، وقد خالفوكَ وكذبوك. (ابن كثير).

65- ﴿ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ آَمَنُوا وَاتَّقَوْا لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأَدْخَلْنَاهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ ﴾.
ولأدخـلناهم بساتينَ ينعمون فيها في الآخرة. (الطبري).

68- ﴿ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا .
تجاوزاً وغلوّاً في التكذيبِ لكَ علـى ما كانوا عليه لكَ من ذلك قبل نزولِ الفرقان. (الطبري).

69- ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَى ﴾.
قال: تقدَّمَ الكلامُ على الصابئين والنصارى في البقرة. ويعني في الآيةِ (62) منها، وفيه ملخصًا: النصارى: سمُّوا بذلك لأنهم نصروا المسيح. والصابؤون: جمعُ صابيء. وكانت العربُ تقولُ لمن أسلم: قد صبأ، وسمَّوا هذه الفرقةَ صابئةً لأنها خرجت من دينِ اليهودِ والنصارى وعبدوا الملائكة.

70- ﴿ لَقَدْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَأَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ رُسُلًا كُلَّمَا جَاءَهُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُهُمْ فَرِيقًا كَذَّبُوا وَفَرِيقًا يَقْتُلُونَ .
﴿ لَقَدْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ ﴾ قال: تقدَّمَ في البقرةِ بيانُ معنى الميثاق. وقد قالَ في الآيةِ (27) من السورة: الميثاق: العهدُ المؤكدُ باليمين. ا.هـ.
﴿ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُهُمْ ﴾:بما يخالفُ هواهم من الشرائعِ ومشاقِّ التكاليف. (البيضاوي).

71- ﴿ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ .
أي: مطَّلعٌ عليهم، وعليمٌ بمن يستحقُّ الهدايةَ ممَّن يستحقُّ الغواية. (ابن كثير).

73- ﴿ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ
أي: في الآخرة، مِن الأغلالِ والنكال. (ابن كثير).

74- ﴿ أَفَلَا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ
أفلا يرجعُ هذان الفريقان الكافران، القائلُ أحدُهما: إن الله هو المسيحُ ابنُ مريم، والآخرُ القائل: إن الله ثالثُ ثلاثة، عمّا قالا من ذلك، ويتوبان مما قالا وقطعا به من كفرهما، ويسألان ربَّهما المغفرةَ مما قالا؟ واللهُ غفورٌ لذنوبِ التائبينَ مِن خَلقه، المنيبينَ إلى طاعتهِ بعد معصيتِهم، رحيمٌ بهم في قبولهِ توبتَهم ومراجعتَهم إلى ما يحبُّ ممّا يكره، فيصفحُ بذلكَ مِن فعلِهم عمّا سلفَ مِن إجرامِهم قبلَ ذلك. (الطبري).


78- ﴿ لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ﴾.
يخبرُ تعالى أنه لعنَ الكافرين من بني إسرائيلَ من دهرٍ طويل... (ابن كثير).

80- ﴿ لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ ﴾.
قدَّمتْ لهم أنفسُهم سخطَ الله عليهم بما فعلوا، وفي عذابِ اللهِ يومَ القـيامةِ هم خالدون، دائمٌ مُقامُهم ومُكثهم فـيه. (الطبري، باختصار).







ابوالوليد المسلم 11-01-2021 01:01 AM

رد: عون البصير على فتح القدير
 
عون البصير على فتح القدير (7)




أ. محمد خير رمضان يوسف



الجزء السابع

(سورة المائدة 82 - الأخير، سورة الأنعام 1 - 110)


82- ﴿ لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُواْ ﴾.
يقولُ تعالَى ذكرهُ لنبيِّهِ محمدٍ صلى الله عليه وسلم: ﴿ لَتَـجِدَنَّ يا محمدُ ﴿ أشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً للذين صدَّقوكَ واتَّبعوكَ وصدَّقوا بما جئتَهم به من أهلِ الإسلام، الـيهودَ... (الطبري).

83- ﴿ وَإِذَا سَمِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُواْ مِنَ الْحَقِّ .
وإذا سمعَ هؤلاء الذين قالوا إنّا نصارى، الذين وصفتُ لكَ يا محمدُ صفتَهم، أنكَ تجدُهم أقربَ الناسِ مودَّةً للذين آمنوا، ما أُنزلَ إلـيكَ من الكتابِ يُتلَـى... (الطبري).

84- ﴿ وَنَطْمَعُ أَن يُدْخِلَنَا رَبَّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِين .
"القومُ الصالحون" محمدٌ وأصحابه، قالَهُ ابنُ زيدٍ وغيرهُ من المفسرين. (ابن عطية).

85- ﴿ فَأَثَابَهُمُ اللَّهُ بِمَا قَالُوا جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ ﴾.
جنّاتٍ عاليات، تجري مِن تحتِها الأنهار، مع خلودٍ دائمٍ وسعادةٍ تامَّة، فهذا جزاءُ مَن اتَّبعَ الحقَّ وأذعنَ له، دونَ معاندةٍ ولا استكبار. (الواضح).

89- ﴿ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ .
وهكذا يبيِّنُ اللهُ لكم أحكامَ شريعتهِ ويوضِّحُها. (الواضح).

90- ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُون ﴾.
ذكرَ أنه تقدَّمَ تفسيرُ الميسرِ في سورةِ البقرة، والأزلامِ في أولِ هذه السورة. ثم فسَّرهما في الآيةِ (93) من السورة، وأوردَ هناكَ قولَ ابنِ عباس: كلُّ القمارِ من الميسر، والأزلام: قِداحٌ كانوا يستقسمون بها الأمور.
﴿ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُون ﴾: لكي تنـجحوا فتدركوا الفلاحَ عند ربِّكم بتركِكم ذلك (الطبري).

91- ﴿ إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ ﴾.
إنما يريدُ لكم الشيطانُ شربَ الخمرِ والمياسرةَ بالقِداح، ويُحسِّنُ ذلك لكم إرادةً منه أن يوقِعَ بينكم العداوةَ والبغضاءَ في شربكم الخمرَ ومياسرتكم بالقِداح، ليعاديَ بعضُكم بعضًا، ويبغِّضَ بعضَكم إلى بعض، فـيشتِّتَ أمرَكم بعد تأليفِ اللهِ بينكم بالإيمان، وجمعهِ بينكم بأخوَّةِ الإسلام، ويصرفكم بغلبةِ هذه الخمرِ بسكرها إياكم عليكم، وباشتغالكم بهذا الميسرِ عن ذكرِ الله الذي به صلاحُ دنياكم وآخرتكم، وعن الصلاةِ التي فرضها علـيكم ربُّكم. (الطبري).

92- ﴿ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا .
وأطيعوا الله وأطيعوا الرسولَ في اجتنابكم ذلك واتِّباعكم أمرَهُ فيما أمركم به، من الانزجارِ عما زجركم عنه من هذهِ المعاني، وخالِفوا الشيطانَ في أمرهِ إياكم بمعصيةِ الله في ذلك وفي غيره، فإنه إنما يبغي لكم العداوةَ والبغضاءَ بـينكم بـالخمرِ والميسر. (الطبري، باختصار).

93-﴿ لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا... .
نزلَ تحريمُ الخمرِ وقد ماتَ مِن الصَّحابةِ مَن كانَ يشربُها، فسُئلَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلَّم عن ذلك، فنزلتِ الآية.
ليسَ على مَن آمنَ وعملَ صالحاً إثمٌ وحرجٌ فيما شرِبوا منَ الخمرِ وأكلوا مِن مالِ الميسرِ إذا اتَّقَوا الشِّركَ... (الواضح).

94- ﴿ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيم .
رُوي عن ابنِ عباس رضيَ الله عنهما أنه قال: [يوجَعُ] ظهرهُ وبطنهُ جلداً، ويُسلَبُ ثيابه. (البغوي).
وقالَ ابنُ عطية: العذابُ الأليمُ هو عذابُ الآخرة.

95- ﴿ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَو عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا لِّيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ عَفَا اللّهُ عَمَّا سَلَف وَمَنْ عَادَ فَيَنتَقِمُ اللّهُ مِنْهُ وَاللّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَام .
﴿ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ ﴾: صورةُ ذلك أن يعدلَ إلى القيمة، فيقوَّمُ الصيدُ المقتولُ عند مالكٍ وأبي حنيفة وأصحابهِ وحماد وإبراهيم. وقالَ الشافعي: يقوَّمُ مثلهُ من النعمِ لو كان موجوداً، ثم يُشترَى به طعام، فيتصدَّقُ به، فيصرفُ لكلِّ مسكينٍ مدٌّ منه، عند الشافعي ومالك وفقهاءِ الحجاز، واختارهُ ابن جرير. وقالَ أبو حنيفة وأصحابه: يطعمُ كلَّ مسكينٍ مدَّين، وهو قولُ مجاهد. وقالَ أحمد: مدٌّ من حنطة، أو مدّان من غيره. (ابن كثير).
﴿ وَاللّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَام ﴾: واللهُ مَنيعٌ في سلطانه، لا يَقهرهُ قاهر، ولا يَمنعهُ مِن الانتقامِ ممَّن انتقمَ منه، ولا مِن عقوبةِ مَن أرادَ عقوبتَهُ مانع، لأنَّ الخَلقَ خَلقُه، والأمرَ أمرُه، له العزَّة والمنَعة. وأما قوله: ﴿ ذُو انْتِقَامٍ ﴾ فإنه يعني به: معاقبتهُ لمن عصاهُ على معصيتهِ إيّاه. (الطبري).

97- ﴿ وَأَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ .
﴿ وَأَنَّ ٱللَّهَ بِكُلّ شَيْءٍ ﴾ واجباً كان أو ممتنعاً أو ممكناً ﴿ عَلِيمٌ ﴾: كاملُ العلم. (روح المعاني).

98- ﴿ اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ وَأَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾.
تفسيرُ الآية: اعلـموا أيها الناس، أنَّ ربَّكم الذي يعلمُ ما في السماواتِ وما في الأرض، ولا يخفَى علـيه شيءٌ مِن سرائرِ أعمالِكم وعلانـيتِها، وهو يُحصيها علـيكم ليجازيَكم بها، شديدٌ عقابهُ مَن عصاهُ وتمرَّدَ عليه، على معصيتهِ إيّاه، وهو غفورٌ لذنوبِ مَن أطاعَهُ وأنابَ إليه، فساترٌ علـيه وتاركٌ فضيحتَهُ بها، رحيمٌ به أنْ يعاقـبَهُ على ما سلفَ مِن ذنوبهِ بعد إنابتهِ وتوبتهِ منها. (الطبري).

99- ﴿ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ .
ولا يَخفَى على اللهِ المطيعُ منكم مِن العاصي، ولا يَغِيبُ عنهُ شيءٌ ممّا خفيَ في الصُّدور، أو ظهرَ مِن أعمالِ النفُوس، وبيدهِ الثوابُ والعقاب، فيُعامِلُ كلاًّ بما يستحقّ. (الواضح).

100- ﴿ فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ .
واتقوا اللهَ بطاعتهِ فيما أمرَكم ونهاكم، واحذروا أنْ يستحوذَ عليكم الشيطانُ بإعجابِكم كثرةَ الخبيثِ فتصيروا منهم، يا أهلَ العقولِ والحِجا، الذين عقلوا عن اللهِ آياتِه، وعرفوا مواقعَ حُجَجِه. اتَّقوا اللهَ لتُفلحوا، أي: كي تنـجحوا في طلبتِكم ما عنده. (الطبري).

104- ﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُوا حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آَبَاءَنَا ﴾.
وإذا قيلَ للمشركين: تعالَوا والتزِموا بما أنزلَ اللهُ مِن أحكامٍ في الحلالِ والحرام، وإلى الرسولِ محمَّدٍ صلى الله عليه وسلمَ الذي أُنزِلَتْ عليه هذهِ الأحكام، لتَقِفوا على حقيقةِ الحال، وتميِّزوا الحرامَ منَ الحلال، أجابوا في عنادٍ وضلال: يكفِينا ما وجدنا عليه آباءَنا وأجدادَنا، ولا نلتفتُ إلى غيرهم، فمعَهم الحقُّ وكفَى! (الواضح).

106- ﴿ وَلَا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ إِنَّا إِذًا لَمِنَ الْآَثِمِينَ
ولا نكتمُ الشَّهادة، فإذا كتمنَاها أو حرَّفناها فإنَّنا عاصونَ آثمون مستحقُّون للعقاب. (الواضح).

108- ﴿ وَاتَّقُوا اللّهَ وَاسْمَعُواْ .
﴿ وَٱسْمَعُواْ ﴾ سمعَ إجابةٍ وقبولِ جميعِ ما تؤمرون به. (روح المعاني).

109- ﴿ يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ قَالُوا لَا عِلْمَ لَنَا إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ ﴾.
﴿ يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ ﴾:وهو يومُ القيامة.
﴿ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ ﴾: أي: أنتَ الذي تعلمُ ما غاب، ونحن لا نعلمُ إلا ما نشاهد. (البغوي).
يتبع

ابوالوليد المسلم 11-01-2021 01:01 AM

رد: عون البصير على فتح القدير
 

110- ﴿ وَتُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ بِإِذْنِي ﴾.
قال: تقدَّمَ تفسيرُ هذا مطولًا في البقرة، فلا نعيده. ا. هـ.
وهو في الآيةِ (49) من سورةِ آل عمران: ﴿ وَأُبْرِىءُ الأكْمَهَ والأَبْرَصَ وَأُحْيِـي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللّهِ ﴾.
وقد أوردَ هناك أقوالًا في (الأكمه) منها أنه الذي يولَدُ أعمى.
قال: والبرصُ معروف، وهو بياضٌ يظهرُ في الجلد. وقد كان عيسى عليه السلامُ يبريءُ من أمراضٍ عدَّة، كما اشتملَ عليه الإنجيل، وإنما خصَّ الله سبحانهُ هذين المرضين بالذكر؛ لأنهما لا يبرآنِ في الغالبِ بالمداواة، وكذلك إحياءُ الموتَى...

111- ﴿ وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آَمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي ﴾.
ذكرَ أنه تقدَّمَ تفسيره. ثم فسَّرَهُ في الآيةِ التي بعد هذه، وأنهم خلصاءُ عيسى وأنصاره.

117- ﴿ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ﴾.
وأنتَ تشهدُ على كلِّ شيء؛ لأنه لا يخفَى عليكَ شيء، وأما أنا فإنما شهدتُ بعضَ الأشياء، وذلك ما عاينتُ وأنا مقيمٌ بين أظهرِ القوم، فإنما أنا أشهدُ على ذلك الذي عاينتُ ورأيتُ وشهدت. (الطبري).

119- ﴿ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ﴾.
ذكرَ أنه تقدَّمَ تفسيره.
وكان مما قالَ رحمَهُ الله في الآيةِ (25) من سورةِ البقرة: الجنات: البساتين. والضميرُ في قوله: ﴿ مِن تَحْتِهَا ﴾ عائدٌ إلى الجنات؛ لاشتمالها على الأشجار، أي: من تحتِ أشجارها. ا.هـ.
وتفسيرها: لهم جزاءَ إيمانِهم وصدقِهم جنّاتٌ عالياتٌ تجري مِن تحتِها الأنهار، مُقيمينَ فيها أبداً، لا يزولونَ عنها ولا يَحُولون. (الواضح).

سورة الأنعام
7- ﴿ وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَابًا فِي قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ .
... لقالَ الذينَ يعدلونَ بي غيري فيشركونَ في توحيدِي سواي: ما هذا الذي جئتَنا به إلا سحرٌ سحرتَ به أعينَنا، ليستْ له حقيقةٌ ولا صحَّة، مُبِينٌ لمن تدبَّرهُ وتأمَّلهُ أنه سحرٌ لا حقيقةَ له! (الطبري).

10- ﴿ وَلَقَدِ اسْتُهْزِىءَ بِرُسُلٍ مِّن قَبْلِكَ ﴾.
﴿ وَلَقَدِ ٱسْتُهْزِىءَ بِرُسُلٍ مِّن قَبْلِكَ كما استُهزىء بك يا محمد. يعزّي نبيَّهُ صلى الله عليه وسلم. (البغوي).
وهذه تسليةٌ للنبيِّ صلى الله عليه وسلم بالأسوةِ في الرسل، وتقويةٌ لنفسهِ على محاجَّةِ المشركين. (ابن عطية).

12- ﴿ قُلْ لِمَنْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلْ لِلَّهِ كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا رَيْبَ فِيهِ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ
﴿ قُلْ لِمَنْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أي: لمن الكائناتُ جميعًا: خَلقًا ومُلكًا وتصرُّفًا؟
﴿ لَا رَيْبَ فِيهِ أي: لا ينبغي لأحدٍ أنْ يرتابَ فيه، لوضوحِ أدلَّته، وسطوعِ براهينه..
﴿ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ بتضييعِ رأسِ مالهم، وهو الفطرةُ الأصلية، والعقلُ السليم، والاستعدادُ القريبُ الحاصلُ مِن مشاهدةِ الرسولِ صلى الله عليه وسلم، واستماعِ الوحي، وغيرِ ذلكَ مِن آثارِ الرحمة...
﴿ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ الفاءُ للدلالةِ على أنَّ عدمَ إيمانِهم وإصرارِهم على الكفرِ مسبِّبٌ عن خسرانِهم، فإنَّ إبطالَ العقلِ باتِّباعِ الحواس، والوهمَ والانهماكَ في التقليدِ أدَّى بهم إلى الإصرارِ على الكفرِ والامتناعِ عن الإيمان. (روح المعاني).

13- ﴿ وَلَهُ مَا سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيم .
أي: السميعُ لأقوالِ عباده، العليمُ بحركاتهم وضمائرهم وسرائرهم. (ابن كثير).

15- ﴿ قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ .
يعني عذابَ يومِ القيامة. (البغوي، ابن كثير).

19- ﴿ قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآَنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللَّهِ آَلِهَةً أُخْرَى قُلْ لَا أَشْهَدُ قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ ﴾.
﴿ قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ ﴾: أخبرهم بأن أكبرَ الأشياءِ شهادةً اللهُ، الذي لا يجوزُ أن يقعَ في شهادتهِ ما يجوزُ أن يقعَ في شهادةِ غيرهِ مِن خَلقهِ من السهوِ والخطأ والغلطِ والكذب. ثم قلْ لهم: إن الذي هو أكبرُ الأشياءِ شهادةً شهيدٌ بيني وبينكم، بالمحقِّ منا من المبطل، والرشيدِ منا في فعلهِ وقولهِ من السفيه، وقد رضينا به حكماً بيننا.

﴿ أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللَّهِ آَلِهَةً أُخْرَى قُلْ لَا أَشْهَدُ قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ ﴾: يقولُ تعالى ذكرهُ لنبيِّهِ محمدٍ صلى الله عليه وسلم: قلْ لهؤلاءِ المشركينَ الجاحدينَ نبوَّتك، العادلينَ باللهِ ربًّا غيره: أئنكم أيها المشركونَ تشهدونَ أن مع اللهِ معبوداتٍ غيرهُ من الأوثانِ والأصنام؟
ثم قالَ لنبيِّهِ محمدٍ صلى الله عليه وسلم: قلْ يا محمد: لا أشهدُ بما تشهدون أن مع الله آلهةً أخرى، بل أجحدُ ذلكَ وأُنكره. إنما هو معبودٌ واحد، لا شريكَ له فيما يستوجبُ على خلقهِ من العبادة، وإنني بريءٌ من كلِّ شريكٍ تدعونَهُ للهِ وتضيفونهُ إلى شركتهِ وتعبدونهُ معه، لا أعبدُ سوَى اللهِ شيئًا، ولا أدعو غيرَهُ إلهًا. (الطبري، باختصار الفقرة الأخيرة منه).

21- ﴿ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآَيَاتِهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ ﴾.
﴿ وَمَنْ أَظْلَمُ ﴾:ومن أشدُّ اعتداء، وأخطأُ فعلاً، وأخطلُ قولاً.
﴿ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ ﴾: إنه لا يفلحُ القائلون على الله الباطل، ولا يدركون البقاءَ في الجنان، والمفترون عليه الكذب، والجاحدون بنبوَّةِ أنبيائه. (الطبري).

29- ﴿ وَقَالُوا إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ
لقالوا: ما هي إلا هذه الحياةُ الدنيا. (ابن كثير).

31- ﴿ قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِلِقَاء اللّهِ ﴾.
قالَ رحمَهُ الله: هم الذين تقدَّمَ ذكرهم.
قالَ الإمامُ الطبري: قد هلكَ ووكسَ في بيعهم الإيمانَ بالكفرِ ﴿ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِلِقَاء اللّهِ ﴾ يعني: الذين أنكروا البعثَ بعد الممات، والثوابَ والعقاب، والجنةَ والنار، من مشركي قريش، ومن سلكَ سبيلَهم في ذلك.

51- ﴿ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُون ﴾.
يدخلون في زمرةِ أهلِ التقوى. (النسفي).
﴿ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ﴾ فيعملون في هذه الدارِ عملاً ينجِّيهم اللهُ به يومَ القيامةِ من عذابه، ويضاعفُ لهم به الجزيلَ من ثوابه. (ابن كثير).

54- ﴿ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾.
... فأنهُ غفورٌ لذنبهِ إذا تابَ وأنابَ وراجعَ بطاعةِ الله، وتركَ العودَ إلى مثله، مع الندمِ على ما فرطَ منه. رحيمٌ بالتائبِ أن يعاقبَهُ على ذنبهِ بعد توبتهِ منه (الطبري).

55- ﴿ وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآَيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ .
أي: ولتظهرَ طريقُ المجرمين... (ابن كثير).

60- ﴿ ثُمَّ يُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾.
قالَ رحمَهُ الله: فيجازي المحسنَ بإحسانه، والمسيءَ بإساءته.
وعند الإمامِ الطبري:... ثم يخبركم بما كنتم تعملون في حياتكم الدنيا، ثم يجازيكم بذلك، إنْ خيرًا فخير، وإنْ شرًّا فشرّ. (الطبري).

62- ﴿ ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ .
أي: العدل، أو مظهرِ الحق، أو الصادقِ الوعد. (روح المعاني).

70- ﴿ وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِبًا وَلَهْوًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَذَكِّرْ بِهِ أَنْ تُبْسَلَ نَفْسٌ بِمَا كَسَبَتْ لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيٌّ وَلَا شَفِيعٌ وَإِنْ تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ لَا يُؤْخَذْ مِنْهَا أُولَئِكَ الَّذِينَ أُبْسِلُوا بِمَا كَسَبُوا لَهُمْ شَرَابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ
﴿ وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِبًا وَلَهْوًا يقولُ تعالى ذكرهُ لنبيِّهِ محمدٍ صلى الله عليه وسلم: ذرْ هؤلاء الذين اتَّخذوا دينَ الله وطاعتَهم إيَّاهُ لعبًا ولهوًا، فجعلوا حظوظَهم مِن طاعتِهم إيَّاهُ اللعبَ بآياته، واللهوَ والاستهزاءَ بها إذا سمعوها وتُليتْ عليهم.
﴿ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ : وعذابٌ أليمٌ وهوانٌ مقيم؛ بما كان من كفرهم في الدنيا باللهِ وإنكارهم توحيده، وعبادتهم معه آلهةً دونه (الطبري، باختصار).

71- ﴿ وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ .
أي: نُخلِصَ له العبادةَ وحدَهُ لا شريكَ له. (ابن كثير).

72- ﴿ وَأَنْ أَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَاتَّقُوهُ وَهُوَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ ﴾.
وأُمرنا بإقامةِ الصلاة، وذلك أداؤها بحدودها التي فُرضت علينا.
﴿ وَاتَّقُوهُ ﴾ يقول: واتقوا ربَّ العالمين الذي أمرَنا أن نُسلِمَ له، فخافوهُ واحذروا سخطَهُ، بأداءِ الصلاةِ المفروضةِ عليكم، والإذعانِ له بالطاعة، وإخلاصِ العبادة له.
﴿ وَهُوَ الَّذِي إلَيْهِ تُحْشَرُونَ ﴾ يقول: وربُّكم ربُّ العالمين هو الذي إليه تُحشَرون، فتُجمَعون يومَ القيامة، فيُجازي كلَّ عاملٍ منكم بعمله، وتوفَّى كلُّ نفسٍ ما كسبت. (الطبري).

73- ﴿ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ .
يعلمُ ما غابَ عن العبادِ وما يشاهدونه، لا يغيبُ عن علمهِ شيء (البغوي).

75- ﴿ وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِين .
أي: من زمرةِ الراسخين في الإيقان، البالغين درجةَ عينِ اليقينِ من معرفةِ الله تعالى، وهذا لا يقتضي سبقَ الشكِّ كما لا يخفَى... (روح المعاني).

77- ﴿ فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغًا قَالَ هَـذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِن لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّي لأكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّين .
فسَّرها في الآيةِ السابقةِ أنها بمعنى: غربت.

78- ﴿ فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَـذَا رَبِّي هَـذَآ أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَاقَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُون .
﴿ بَازِغَةً فسَّرها في الآيةِ السابقةِ أنها بمعنى: طالعة.
﴿ فَلَمَّا أَفَلَتْ فسَّرها قبلَ آيتين أنها بمعنى: غربت.

79- ﴿ إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ﴾.
أي: إنما أعبدُ خالقَ هذه الأشياء، ومخترعَها ومسخِّرَها ومقدِّرَها ومدبِّرَها، الذي بيدهِ ملكوتُ كلِّ شيء، وخالقُ كلِّ شيء، وربُّهُ ومليكهُ وإلهه. (ابن كثير).

80- ﴿ وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ
أي: فيما بيَّنتهُ لكم، فتعتبرون أنَّ هذه الآلهةَ باطلة، فتُزجَروا عن عبادتها؟ (ابن كثير).

84- ﴿ وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ .
﴿ وَوَهَبْنَا : الهبةُ في اللغة: التبرع، والعطيةُ الخاليةُ عن تقدمِ الاستحقاق، والضميرُ لإبراهيم عليه السلام. (روح البيان).
﴿ هَدَيْنَا ﴾ يقول: هدينا جميعَهم لسبيلِ الرشاد، فوفَّقناهم للحقِّ والصوابِ من الأديان. (الطبري).
﴿ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ أي: نجزيهم مثلَ ما جزينا إبراهيمَ عليه السلام.. (روح المعاني). وفي آخرِ ما قالهُ الطبري:... كذلك نجزي بالإحسانِ كلَّ محسن.

85- ﴿ وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ ﴾.
أي: من الكاملينَ في الصلاح، الذي هو عبارةٌ عن الإتيانِ بما ينبغي، والتحرُّز عمّا لا ينبغي (روح المعاني).


87- ﴿ وَمِنْ آَبَائِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَإِخْوَانِهِمْ وَاجْتَبَيْنَاهُمْ وَهَدَيْنَاهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ
... إلى طريقٍ غيرِ معوَجّ، وذلك دينُ الله الذي لا عوجَ فيه، وهو الإسلامُ الذي ارتضاهُ اللهُ ربُّنا لأنبيائه، وأمرَ به عباده. (تفسير الطبري).

91- ﴿ قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدًى لِلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيرًا وَعُلِّمْتُمْ مَا لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَلَا آَبَاؤُكُمْ قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ .
﴿ نُورًا وَهُدًى ﴾: ذكرَ في الآيةِ (44) من سورةِ المائدة: ﴿ إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ ﴾ أن الهدَى والنور، هو بيانُ الشرائع، والتبشيرُ بمحمدٍ صلى الله عليه وسلم وإيجابُ اتباعه.
وقالَ الإمامُ الطبري: ﴿ نُورًا ﴾ يعني: جلاءً وضياءً مِن ظُلمةِ الضلالة، ﴿ وَهُدًى لِلنَّاسِ ﴾ يقول: بيانًا للناس، يبيِّنُ لهم الحقَّ مِن الباطلِ فيما أشكلَ عليهم مِن أمرِ دينِهم.ا.هـ.
﴿ ذَرْهُمْ ﴾: أي: دَعهم. (ابن كثير).

92- ﴿ وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ مُصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا .
ولتنذرَ به عذابَ الله وبأسَه. (الطبري).

99- ﴿ وَجَنَّاتٍ مِنْ أَعْنَابٍ .
يعني: بساتينَ من أعناب. (الطبري).

100- ﴿ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَصِفُونَ .
قال: تقدَّمَ الكلامُ في معنى ﴿ سُبْحَانَهُ .
وقد وردتْ في الآيةِ (116) من سورةِ البقرة، وذكرَ معناها: تبرؤ الله تعالى عما نسبوهُ إليه من اتخاذِ الولد.

102- ﴿ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ
ذلكمُ اللهُ ربُّكم، مالِكُ أمرِكم، الواحدُ الذي لا شريكَ له، خالقُ كلِّ شَيء، ممّا كانَ وسيكون.. (الواضح).

106- ﴿ اتَّبِعْ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ .

لا معبودَ يستحقُّ عليكَ إخلاصَ العبادةِ له إلا الله، الذي هو فالقُ الحَبِّ والنوَى، وفالقُ الإصباح، وجاعلُ الليلِ سكنًا، والشمسِ والقمرِ حُسباناً. (الطبري).

108- ﴿ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ مَرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ .
أي معادُهم ومصيرهم. (ابن كثير).

110- ﴿ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُون .
قالَ ابنُ عباس والسدّي: في كفرهم. وقال أبو العالية والربيع بنُ أنس وقتادة: في ضلالهم. (ابن كثير).




ابوالوليد المسلم 11-01-2021 01:02 AM

رد: عون البصير على فتح القدير
 
عون البصير على فتح القدير (8)




أ. محمد خير رمضان يوسف



الجزء الثامن

(سورة الأنعام من الآية 111 حتى آخرها، سورة الأعراف 1 - 87)


112-﴿ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ
وما يكذبون. أي: دعْ أذاهم، وتوكَّلْ على اللهِ في عداوتِهم، فإنَّ اللهَ كافيكَ وناصرُكَ عليهم. (ابن كثير).

114-﴿ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ .
من الشاكّين أنهم يعلمون ذلك. (البغوي).

119- ﴿ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِينَ ﴾.
المرادُ منه أنه هو العالمُ بما في قلوبهم وضمائرهم، من التعدِّي، وطلبِ نصرةِ الباطل، والسعي في إخفاءِ الحقّ. وإذا كان عالماً بأحوالهم، وكان قادراً على مجازاتهم، فهو تعالى يجازيهم عليها. والمقصودُ من هذه الكلمةِ التهديدُ والتخويف. والله أعلم. (التفسير الكبير للرازي).

121- ﴿ وَلاَ تَأْكُلُواْ مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ ﴾.
قال: تقدَّمَ تحقيقُ الفسق.
ولعلهُ يعني كلمة (الفَاسِقِينَ)، الواردة في الآيةِ (26) من سورةِ البقرة، حيثُ أوردَ أقوالًا لأهلِ العلمِ فيها.
قالَ الإمامُ الطبري: اختلفَ أهلُ التأويلِ في معنى "الفسق" في هذا الموضع، فقالَ بعضهم: معناه: المعصية. فتأويلُ الكلامِ على هذا: وإنَّ أكلَ ما لم يُذكرِ اسمُ الله عليه لمعصيةٌ لله وإثم...
وقالَ آخرون: معنى ذلك: الكفر.


122- ﴿ كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾.
كذلكَ سوَّلنا لنفوسِ الكافرين تحسينَ وتزيينَ ما هم فيه من ظلامٍ وعملٍ ضالٍّ وسلوكٍ منحرف؛ ليَذوقوا جزاءَ كفرِهم وعنادِهم ورفضِهم اتِّباعَ الحقّ. (الواضح).

124- ﴿ سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُوا صَغَارٌ عِنْدَ اللَّهِ وَعَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا كَانُوا يَمْكُرُونَ ﴾.
عذابٌ شديدٌ بما كانوا يَكيدون للإسلامِ وأهلهِ بالجدالِ بالباطلِ والزخرفِ مِن القولِ غرورًا لأهلِ دينِ اللهِ وطاعته. (الطبري).

128- ﴿ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ .
﴿ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ في تدبيرهِ في خلقه، وفي تصريفهِ إيّاهم في مشيئتهِ من حالٍ إلى حال، وغيرِ ذلك من أفعاله. ﴿ عَلِيمٌ بعواقبِ تدبيرهِ إيّاهم، وما إليه صائرٌ أمرُهم من خيرٍ وشرّ (الطبري).

130- ﴿ يَامَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاء يَوْمِكُمْ هَـذَا قَالُواْ شَهِدْنَا عَلَى أَنفُسِنَا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا .
﴿ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ ﴾ أي: يقرؤون عليكم، ﴿ آيَـٰتِي ﴾: كتبي، ﴿ وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَآءَ يَوْمِكُمْ هَـٰذَا ﴾ وهو يومُ القيامة. (البغوي).
﴿ وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا ﴾ أي: وقد فرَّطوا في حياتهم الدنيا، وهلكوا بتكذيبهم الرسل، ومخالفتهم للمعجزات؛ لما اغترُّوا به من زخرفِ الحياةِ الدنيا وزينتها وشهواتها. (ابن كثير).

135- ﴿ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ ﴾.
لا ينجحُ ولا يفوزُ بحاجتهِ عند الله. (الطبري).

136- ﴿ وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعَامِ نَصِيبًا فَقَالُوا هَذَا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَذَا لِشُرَكَائِنَا .

الحَرْث: الزروعُ والثمار. (ابن كثير).
فَقَالُوا هَذَا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَذَا لِشُرَكَائِنَا : أخبرَ الله جلَّ ثناؤهُ أنهم جعلوا لله من حرثهم وأنعامهم قسماً مقدَّراً، فقالوا: هذا لله، وجعلوا مثلَهُ لشركائهم - وهم أوثانهم بإجماعٍ من أهلِ التأويلِ عليه - فقالوا: هذا لشركائنا... (الطبري).

137- ﴿ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُون .
يختلقون من الكذب. (البغوي).

138- ﴿ وَقَالُوا هَذِهِ أَنْعَامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ لَا يَطْعَمُهَا إِلَّا مَنْ نَشَاءُ بِزَعْمِهِمْ وَأَنْعَامٌ حُرِّمَتْ ظُهُورُهَا وَأَنْعَامٌ لَا يَذْكُرُونَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا افْتِرَاءً عَلَيْهِ سَيَجْزِيهِمْ بِمَا كَانُوا يَفْتَرُونَ .
﴿ وَحَرْثٌ : سبقَ في الآيةِ (136) أن معناها الزروعُ والثمار.
﴿ ٱفْتِرَآءً عَلَيْهِ أي: على الله، وكذباً منهم في إسنادهم ذلك إلى دينِ الله وشرعه، فإنه لم يأذنْ لهم في ذلك، ولا رضيَهُ منهم، ﴿ سَيَجْزِيهِم بِمَا كَانُواْ يَفْتَرُونَ أي: عليه، ويُسندون إليه. (ابن كثير).
﴿ سَيَجْزِيهِمْ بِمَا كَانُوا يَفْتَرُونَ : ... وسوفَ يعاقبهمُ اللهُ على كذبِهم هذا سُوءَ العقاب. (الواضح).

139- ﴿ إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ .
إن اللهَ في مجازاتهم على وصفِهم الكذبَ وقيلِهم الباطلَ عليه، حكيمٌ في سائرِ تدبيرهِ في خلقه، عليمٌ بما يُصلحهم، وبغيرِ ذلكَ مِن أمورهم. (الطبري).

140- ﴿ قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلَادَهُمْ سَفَهًا بِغَيْرِ عِلْمٍ وَحَرَّمُوا مَا رَزَقَهُمُ اللَّهُ افْتِرَاءً عَلَى اللَّهِ .
تكذيباً على الله وتخرُّصاً عليه الباطل. (الطبري).

141- ﴿ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآَتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ
﴿ مُتَشَابِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ قالَ رحمَهُ الله: تقدَّمَ الكلامُ على تفسيرِ هذا.
وقد وردَ في الآيةِ (99) من السورة: ﴿ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ قال: كلُّ واحدٍ منهما يشبهُ بعضهُ بعضاً في بعضِ أوصافه، ولا يشبهُ بعضهُ بعضاً في البعضِ الآخر، وقيل: إن أحدهما يشبهُ الآخرَ في الورقِ باعتبارِ اشتمالهِ على جميعِ الغصن، وباعتبارِ حجمه، ولا يشبهُ أحدُهما الآخرَ في الطعم. ا.هـ.
﴿ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ : بل يبغضُهم، من حيثُ إسرافُهم، ويعذِّبُهم عليه إنْ شاءَ اللهُ جلَّ شأنه. (روح المعاني).
فاللهُ لا يحبُّ مَن تجاوزَ الحدَّ إلى ما هو مضرّ، بنفسهِ أو بالآخَرين. (الواضح).

144- ﴿ وَمِنَ الإِبْلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الأُنثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الأُنثَيَيْنِ أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاء إِذْ وَصَّاكُمُ اللّهُ بِهَـذَا فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِبًا لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِين .
﴿ وَمِنَ الإِبْلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الأُنثَيَيْنِ قالَ رحمَهُ الله: الكلامُ فيه كما ذُكرَ في الآيةِ السابقة.


وهي الآية: ﴿ مِّنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الأُنثَيَيْنِ ، وكان مما قال: المرادُ من هذه الآية: أن الله سبحانهُ بيَّنَ حالَ الأنعامِ وتفاصيلَها إلى الأقسامِ المذكورةِ توضيحاً للامتنانِ بها على عباده، ودفعاً لما كانت الجاهليةُ تزعمه، من تحليلِ بعضها وتحريمِ بعضها تقوّلاً على الله سبحانهُ وافتراءً عليه. والهمزةُ في ﴿ قُلْ ءآلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ ٱلانثَيَيْنِ للإنكار. والمرادُ بالذكرَين الكبشُ والتيس، وبالأُنثيَين النعجةُ والعنز.... والمعنى: الإنكارُ على المشركين في أمرِ البَحيرة وما ذُكرَ معها. ا.هـ.
﴿ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِين : لا يوفِّقُ اللهُ للرشدِ مَن افترَى على الله، وقالَ عليه الزورَ والكذب، وأضافَ إليه تحريمَ ما لم يحرِّم؛ كفرًا باللهِ وجحودًا لنبوَّةِ نبيِّهِ محمدٍ صلى الله عليه وسلم. (الطبري).

145- ﴿فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ
قالَ رحمَهُ الله: تقدَّمَ تفسيرهُ في سورةِ البقرة، فلا نعيده..
ويعني عندَ تفسيرِ الآيةِ (173) مِن السورةِ المذكورة، فكان مما قالَ هناك: أي: فمن اضطرَّ إلى شيءٍ من هذه المحرمات... قيل: المرادُ بالباغي مَن يأكلُ فوق حاجته، والعادي: من يأكلُ هذه المحرماتِ وهو يجدُ عنها مندوحة... اهـ.
قالَ في (الواضح في التفسير): فمن دَعَتْهُ الضَّرورةُ إلى تناولِ شيءٍ مِن تلكَ المحظورات، غيرَ مُعْتَدٍ في ذلك، بأنْ لا يأخذَهُ مِن مضطرٍّ آخرَ مثلِه، ولا متجاوِزٍ قَدْرَ الضرورةِ، بأنْ لا يأكلَ زيادةً على حاجتهِ إليها، فإنَّ اللهَ يغفرُ لهُ ما أكل، ويرحمُه.

146- ﴿ ذَلِكَ جَزَيْنَاهُم بِبَغْيِهِمْ وِإِنَّا لَصَادِقُون .
قال: بسببِ بغيهم.
وقالَ الإمامُ البغوي: أي: بظلمهم، من قتلهم الأنبياء، وصدِّهم عن سبيلِ الله، وأخذهم الربا، واستحلال أموالَ الناسِ بالباطل.

150- ﴿ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ وَهُمْ بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ .
﴿ أَهْوَاءَ :للإيماءِ إلى أن مكذِّبَ الآياتِ متبِعٌ الهوى لا غير، وأن متبعَ الحجةِ لا يكون إلا مصدِّقاً بها.
﴿ يَعْدِلُونَ أي: يجعلون له عديلاً، أي: شريكاً. (روح المعاني).

151- ﴿ وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ .
﴿ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ : منعٌ لموجبيةِ ما كانوا يفعلون لأجلهِ واحتجاجٌ عليه. (البيضاوي).
وقالَ ابنُ كثير رحمَهُ الله: قالَ في سورةِ الإسراء: ﴿ وَلاَ تَقْتُلُوۤاْ أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَـٰقٍ [الآية 31] أي: لا تقتلوهم خوفاً من الفقرِ في الآجل، ولهذا قالَ هناك: ﴿ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُم ، فبدأ برزقهم للاهتمام بهم، أي: لا تخافوا من فقركم بسببِ رزقهم، فهو على الله. وأما في هذه الآية، فلما كان الفقرُ حاصلاً قال: ﴿ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ لأنه الأهمُّ هاهنا. والله أعلم.
﴿ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ لعلكم تعقلونَ عنه أمرَهُ ونهيَهُ. (ابن كثير).

152- ﴿ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ .
لا تبخسوا الناسَ الكيلَ إذا كلتوهم، والوزنَ إذا وزنتموهم، ولكن أوفوهم حقوقَهم. (الطبري)
وأتمُّوا المكيلَ والميزانَ بالعدل، في البيعِ والشِّراء. (الواضح).

154- ﴿ ثُمَّ آَتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ تَمَامًا عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ وَتَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ ﴾.
وتبيينًا لكلِّ ما لقومهِ وأتباعهِ إليه الحاجةُ من أمرِ دينهم. (الطبري).

161- ﴿ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾.
وما كان مِن المشركينَ بالله، يعني إبراهيمَ صلواتُ الله عليه، لأنه لم يكنْ ممَّن يعبدُ الأصنام. (الطبري).

سورة الأعراف
3- ﴿ اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ .
يريدُ كلَّ ما عُبِدَ واتُّبِعَ من دونِ الله، كالأصنامِ والأحبارِ والكهّانِ والنارِ والكواكبِ وغيرِ ذلك. (ابن عطية).
8- ﴿ وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ
الذين ظفروا بالنجاح، وأدركوا الفوزَ بالطلبات، والخلودَ والبقاءَ في الجنّات. (الطبري).

9- ﴿ وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ بِمَا كَانُوا بِآَيَاتِنَا يَظْلِمُونَ
ومَن خفَّتْ موازينُ أعمالهِ الصالحة، فلم تثقلْ بإقرارهِ بتوحيدِ اللهِ والإيمانِ به وبرسوله، واتِّباعِ أمرهِ ونهيه، فأولئكَ الذين غبنوا أنفسَهم حظوظَها مِن جزيلِ ثوابِ اللهِ وكرامته، بما كانوا بحججِ الله وأدلتهِ يجحدون، فلا يقرُّون بصحتِها، ولا يوقنون بحقيقتها (الطبري).

10- ﴿ وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الْأَرْضِ وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ ﴾.
وأكثرهم مع هذا قليلُ الشكرِ على ذلك. (ابن كثير).

11- ﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ.
﴿ ثُمَّ صَوَّرْناكُمْ في أرحامِ النساء، خلقاً مخلوقاً ومثالاً ممثَّلاً في صورةِ آدم. (الطبري).

18- ﴿ قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُومًا مَدْحُورًا لَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكُمْ أَجْمَعِينَ
وهذا قسَمٌ من اللهِ جلَّ ثناؤه: أُقسِمُ أنَّ من اتَّبعَ من بني آدمَ عدوَّ الله إبليسَ وأطاعه، وصدَّقَ ظنَّهُ عليه، أن يملأَ مِن جميعهم، يعني مِن كفرةِ بني آدمَ تبَّاعِ إبليس، ومن إبليسَ وذرِّيته، جهنَّم. فرحمَ اللهُ امرءًا كذَّبَ ظنَّ عدوِّ اللهِ في نفسه، وخيَّبَ فيها أملَهُ وأمنيَّته، ولم يكنْ ممَّن أطمعَ فيها عدوَّه... (الطبري).

19- ﴿ وَيَا آَدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلَا مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ ﴾.
ذكرَ رحمَهُ الله أنه تقدَّمَ معنَى الإسكان ﴿ اسْكُنْ ﴾، و ﴿ وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ ﴾ في سورةِ البقرة.
وقصدهُ في الآيةِ (35) منها: ﴿ وَقُلْنَا يَا آَدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ ﴾، ومختصرُ تفسيرهِ لها: اتخذِ الجنةَ مسكنًا أنتَ وزوجُكَ حوّاء، وكُلا منها في عيشٍ هنيء ﴿ مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا ﴾، ولا تدنوا من ﴿ هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ ﴾ لأنفسِهم بالمعصية.

23- ﴿ قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ .
وإن أنت لم تسترْ علينا ذنبنا فتغطِّيه علينا، وتتركْ فضيحتَنا به بعقوبتِكَ إيّانا عليه، وترحمْنا بتعطُّفِكَ علينا، وتركِكَ أخذَنا به، ﴿ لَنَكُونَنَّ مِنَ الخاسِرِينَ ﴾ يعني: لنكوننَّ من الهالكين. (الطبري).

24- ﴿ قَالَ اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ .
فسَّرهُ في الآيةِ (36) مِن سورةِ البقرة، فكان مما قال: العدوان: الظلمُ الصراح. وإنما أخبرَ عن قوله: ﴿ بَعْضُكُمْ بقوله: ﴿ عَدُوٌّ مع كونهِ مفرداً؛ لأن لفظَ "بعض" وإن كان معناهُ محتملاً للتعددِ فهو مفرد، فروعيَ جانبُ اللفظ، وأخبرَ عنه بالمفرد، وقد يراعَى المعنى فيخبرُ عنه بالمتعدد.

26- ﴿ ذَلِكَ مِنْ آَيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ
... جعلتُ ذلك لهم دليلاً على ما وصفتُ ليذكَّروا، فيعتبروا ويُنيبوا إلى الحقِّ وتركِ الباطل، رحمةً مني بعبادي. (الطبري).

27- ﴿ يَا بَنِي آَدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآَتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ ﴾.
﴿ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآَتِهِمَا ﴾ ذكرَ أنه تقدَّمَ تفسيره. ويعني في الآيتين (20) و(22) من السورة: ﴿ فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِن سَوْءَاتِهِمَا ﴾، ﴿ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْءَاتُهُمَا ﴾.
وقد قالَ الإمامُ الطبري بما يناسبُ ألفاظَ الآية: نزعَ عنهما ما كان ألبسَهما مِن اللباس؛ ليُريَهما سوآتهما بكشفِ عورتهما وإظهارها لأعينِهما بعد أن كانت مستترة.
﴿ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ ﴾: إنّا جعلنا الشياطينَ نصراءَ الكفار، الذين لا يوحَّدونَ اللهَ ولا يصدِّقونَ رسلَه. (الطبري).
يتبع

ابوالوليد المسلم 11-01-2021 01:02 AM

رد: عون البصير على فتح القدير
 

31- ﴿ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ﴾.
إن الله لا يحبُّ المتعدِّين حدَّهُ في حلالٍ أو حرام، الغالين فيما أحلَّ أو حرَّم، بإحلالِ الحرام، أو بتحريمِ الحلال، ولكنهُ يحبُّ أن يحلِّلَ ما أحلّ، ويحرِّمَ ما حرَّم، وذلك العدلُ الذي أمرَ به. (ابن كثير).

32- ﴿ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ .
لقومٍ يعلمونَ ما يبيَّنُ لهم، ويفقهونَ ما يميَّزُ لهم. (الطبري).

33- ﴿ قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ .
قال: جمعُ فاحشة، وقد تقدَّمَ تفسيرها.
وقد قالَ في الآيةِ (151) من سورةِ الأنعام: ﴿ وَلاَ تَقْرَبُواْ ٱلْفَوٰحِشَ أي: المعاصي، ومنه: ﴿ وَلاَ تَقْرَبُواْ ٱلزّنَىٰ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً [سورة الإسراء: 32].

35- ﴿ فَمَنِ اتَّقَى وَأَصْلَحَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ .
بيَّنها الشوكاني رحمهُ الله في الآية (38) من سورة البقرة: ﴿ فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾، قال: ﴿ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ ﴾ يعني في الآخرة، ﴿ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ يعني لا يحزنون للموت.

37- ﴿ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ ﴾.
قال: أي: لا أحدَ أظلمُ منه، وقد تقدَّمَ تحقيقه. ا.هـ.
ويقصدُ الآيةَ (21) من سورةِ الأنعام: ﴿ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ . قال:
﴿ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ ٱفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً أي: اختلقَ على الله الكذبَ فقال: إن في التوراةِ والإنجيلِ ما لم يكنْ فيهما، ﴿ أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِه التي يلزمهُ الإيمانُ بها من المعجزةِ الواضحةِ البيِّنة، فجمعَ بين كونهِ كاذباً على الله، ومكذِّباً بما أمرَهُ الله بالإيمانِ به، ومن كان هكذا فلا أحدَ من عبادِ الله أظلمُ منه.

40- ﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ .
﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا : إن الذين كذَّبوا بحُجَجِنا وأدلَّتِنا، فلم يصدِّقوا بها، ولم يتَّبعوا رسلَنا، وتكبَّروا عن التصديقِ بها، وأنِفوا مِن اتِّباعِها والانقيادِ لها تكبُّرًا...
﴿ الْمُجْرِمِينَ : الذين أجرموا في الدنيا. (الطبري). الكفرةَ وأهلَ الجرائمِ على الله تعالى. (ابن عطية).وأصلُ الجُرم: قطعُ الثمرةِ عن الشجرة. ويقال: أجرم: صارَ ذا جُرم، كأتمرَ وأثمر، ويستعملُ في كلامهم لاكتسابِ المكروه، ولا يكادُ يقالُ للكسبِ المحمود. (روح المعاني).

41- ﴿ لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ ﴾.
قال: من اتصفَ بالظلم.
وقالَ الإمامُ الطبري: من ظلمَ نفسَهُ فأكسبها مِن غضبِ الله ما لا قِبَلَ لها به، بكفرهِ بربه، وتكذيبهِ أنبياءه.

42- ﴿ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ
﴿ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ﴾: والذين صدَّقوا اللهَ ورسولَه، وأقرُّوا بما جاءَهم به مِن وحي اللهِ وتنزيلهِ وشرائعِ دينه، وعملوا ما أمرَهم اللهُ به، فأطاعوهُ وتجنَّبوا ما نهاهُم عنه...
﴿ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾: هؤلاءِ الذين آمنوا وعملوا الصالحاتِ هم أهلُ الجنةِ الذين هم أهلُها، دونَ غيرِهم ممَّن كفرَ باللهِ وعملَ بسيِّئاتهم فيها، هم في الجنةِ ماكثون، دائمٌ فيها مكثُهم، لا يخرجونَ منها ولا يُسْلَبون نعيمَهم. (الطبري).

43- ﴿ وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ ﴾.
قالَ في مثلها، في الآيةِ (25) من سورةِ البقرة: ﴿ وَبَشِّرِ الَّذِين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ﴾: الأنهارُ جمعُ نهر، وهو: المجرَى الواسع، فوق الجدولِ ودون البحر، والمراد: الماءُ الذي يجري فيها...

44- ﴿ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ ﴾.
غضبُ الله وسخطهُ وعقوبتهُ على من كفرَ به. (الطبري).
يعني: يقولُ المؤذِّن: إن لعنةَ الله على الظالمين، ثم فسَّرَ الظالمين مَن هم. (الخازن).

45- ﴿ الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا وَهُمْ بِالْآَخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ ﴾.
وهم بـالبعثِ بعدَ الممات، مع صدِّهم عن سبـيـلِ اللهِ وبغيهم إيّاها عِوجًا، ﴿ كَافِرُونَ ﴾، يقول: هم جاحدونَ ذلكَ منكِرون. (الطبري).

47- ﴿ وَإِذَا صُرِفَتْ أَبْصَارُهُمْ تِلْقَاءَ أَصْحَابِ النَّارِ قَالُوا رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ﴾.
يعني: الكافرين في النار. (البغوي).

50- ﴿ وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ ﴾.
وهذا خبرٌ من الله تعالى ذكرهُ عن استغاثةِ أهلِ النارِ بأهلِ الجنةِ عند نزولِ عظيمِ البلاءِ بهم من شدَّةِ العطشِ والجوع، عقوبةً من الله لهم على ما سلفَ منهم في الدنيا، من تركِ طاعةِ الله، وأداءِ ما كان فرضَ عليهم فيها في أموالهم من حقوقِ المساكينِ من الزكاةِ والصدقة. (الطبري).
لفظةُ النداءِ تتضمَّنُ أن أهلَ النارِ وقعَ لهم علمٌ بأن أهلَ الجنةِ يسمعون نداءهم، وجائزٌ أن يكونَ ذلك وهم يرونهم بإدراكٍ يجعلهُ الله لهم على بُعدِ السُّفلِ من العُلو، وجائزٌ أن يكونَ ذلك وبينهم السورُ والحجابُ المتقدِّمُ الذكر، ورُويَ أن ذلك النداءَ هو عند إطلاعِ أهلِ الجنةِ عليهم. (ابن عطية).

51- ﴿ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَهْوًا وَلَعِبًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا .
قال: تقدَّمَ تفسيرُ اللهوِ واللعبِ والغرور.
وهو في الآيةِ (70) من سورةِ الأنعام: ﴿ وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُواْ دِينَهُمْ لَعِبًا وَلَهْوًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا ، قالَ رحمَهُ الله: أي: اتركْ هؤلاء الذين اتخذوا الدينَ الذي كان يجبُ عليهم العملُ به والدخولُ فيه لعباً ولهواً، ولا تعلِّقْ قلبكَ بهم، فإنهم أهلُ تعنُّت، وإن كنتَ مأموراً بإبلاغهم الحجَّة. وقيل: هذه الآيةُ منسوخةٌ بآيةِ القتال. وقيل: المعنى: أنهم اتخذوا دينَهم الذي هم عليه لعباً ولهواً، كما في فعلِهم بالأنعام من تلك الجهالاتِ والضلالاتِ المتقدمِ ذكرُها.وقيل: المرادُ بالدينِ هنا: العيد، أي: اتخذوا عيدَهم لعباً ولهواً، وجملة: ﴿ وَغَرَّتْهُمُ ٱلْحَيَوٰةُ ٱلدُّنْيَا معطوفةٌ على ﴿ ٱتَّخَذُواْ أي: غرَّتهم حتى آثروها على الآخرةِ وأنكروا البعثَ وقالوا: ﴿ إِنْ هِىَ إِلاَّ حَيَاتُنَا ٱلدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ [سورة المؤمنون: 37]. ا.هـ.
وقالَ الإمامُ الطبري: ﴿ وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا : وخدعَهم عاجلُ ما هم فيه مِن العيشِ والخفضِ والدَّعَة عن الأخذِ بنصيبِهم مِن الآخرةِ حتى أتتهُم المنيَّة.

52- ﴿ وَلَقَدْ جِئْنَاهُمْ بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَى عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ﴾.
بيَّناهُ ليُهتدَى ويُرحَمَ به قومٌ يصدِّقونَ به، وبما فيه مِن أمرِ اللهِ ونهيه، وأخباره، ووعدهِ ووعيده، فيُنقِذُهم به مِن الضلالةِ إلى الهُدى. (الطبري).

53- ﴿ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ فَهَلْ لَنَا مِنْ شُفَعَاءَ فَيَشْفَعُوا لَنَا ﴾.
... فهل لنا مِن أولياءَ ونصراءَ يتوسَّلونَ لنا لنتخلَّصَ مِن هذا العذاب.. (الواضح).

54- ﴿ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ ﴾.
أي: خلقَ هذه الأشياءَ ﴿ مُسَخَّرَاتٍ ﴾ أي: مُذلّلاتٍ ﴿ بِأَمْرِهِ ﴾. (البغوي).
أي: الجميعُ تحت قهرهِ وتسخيرهِ ومشيئته. (ابن كثير، باختصار).

58- ﴿ كَذَلِكَ نُصَرِّفُ الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ .
نبيِّنُ آيةً بعدَ آية، ونُدلي بحجَّةٍ بعدَ حجَّة، ونضربُ مثَلاً بعدَ مثَل. (الطبري).

61- ﴿ قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي ضَلَالَةٌ .
فسَّرَ (الضلال) في الآيةِ التي تسبقها بقوله: الضلال: العدولُ عن طريقِ الحقِّ والذهابُ عنه.

64-﴿ فَأَنْجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ .
الفُلك: السفينة.

65- ﴿ وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ ﴾.
قال: تقدَّمَ تفسيرُ هذا قريبًا. ويعني في الآيةِ (59) من السورة: ﴿ لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُواْ اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ إِنِّيَ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيم ﴾، قال: ﴿ اعْبُدُوا ﴾ أي: اعبدوه؛ لأنه لم يكنْ لكم إلهٌ غيرهُ حتى يستحقَّ منكم أن يكونَ معبوداً. ا.هـ.
وقالَ الإمامُ الطبري هنا: ... فأفرِدوا له العبادة، ولا تجعلوا معه إلهًا غيرَه، فإنهُ ليسَ لكم إلهٌ غيره، ﴿ أفلا تَتَّقُونَ ﴾ ربَّكم فتحذَرونَهُ وتخافون عقابَهُ بعبادتِكم غيرَه، وهو خالقُكم ورازقُكم دونَ كلِّ ما سواه؟.

66- ﴿ قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ ﴾.
قال: تقدَّمَ أيضًا تفسيرُ الملأ.
ويعني في الآيةِ (60) من السورة، فقال: الملأ: أشرافُ القومِ ورؤساؤهم. وقيل: هم الرجال.
ومثلهُ قولُ ابنِ كثيرٍ رحمَهُ الله: الملأُ هم الجمهورُ والسادةُ والقادةُ منهم.

67- ﴿ قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي سَفَاهَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾.
قال: تقدَّمَ بيانُ معنى هذا قريبًا.
في الآيةِ (61) من السورة: ﴿ قَالَ يَاقَوْمِ لَيْسَ بِي ضَلاَلَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِين ، فقال: ... أرسلني إليكم لسوقِ الخيرِ إليكم، ودفعِ الشرِّ عنكم. نفَى عن نفسهِ الضلالة، وأثبتَ لها ما هو أعلَى منصباً وأشرفُ رفعة، وهو أنه رسولُ الله إليهم.

68- ﴿ أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ ﴾.
ذكرَ أنه تقدَّمَ تفسيره. وهو في الآيةِ (62) من السورة: ﴿ أُبَلِّغُكُمْ رِسَالاَتِ رَبِّي وَأَنصَحُ لَكُمْ .
فكان مما قال: الرسالات: ما أرسلَهُ الله به إليهم مما أوحاهُ إليه، ﴿ وَأَنصَحُ لَكُمْ : ... يقال: نصحتهُ ونصحتُ له، وفي زيادةِ اللامِ دلالةٌ على المبالغةِ في إمحاضِ النصح. قالَ الأصمعي: الناصح: الخالصُ من الغلّ، وكلُّ شيءٍ خلصَ فقد نصح، فمعنَى (أنصح) هنا: أُخلِصُ النيةَ لكم عن شوائبِ الفساد.

69- ﴿ أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِنْكُمْ لِيُنْذِرَكُمْ وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَسْطَةً فَاذْكُرُوا آَلَاءَ اللَّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ
﴿ أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ فسَّرَهُ في الآيةِ (63) من السورة، فكان مما قال:
﴿ أَوَعَجِبْتُمْ : كأنه قيل: استبعدتُم وعجبتم، أو أكذبتُم وعجبتُم، أو أنكرتُم وعجبتُم ﴿ أَنْ جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ أي: وحيٌ وموعظة.
﴿ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ أي: لكي يُفضيَ بكم ذكرُ النعمِ إلى شكرها، الذي مِن جملتهِ العملُ بالأركانِ والطاعةُ، المؤدِّي إلى النجاةِ مِن الكروب، والفوزِ بالمطلوب (روح المعاني).

70- ﴿ فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ ﴾.
إنْ كنتَ من أهلِ الصدقِ على ما تقولُ وتَعِد. (الطبري).

71- ﴿ قَالَ قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ ﴾.
أي: سخط. (البغوي).

73- ﴿ وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ ﴾.
قال: تقدَّمَ تفسيرهُ في قصةِ نوح. وهو في الآيةِ (59) من السورة: ﴿ لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُواْ اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ إِنِّيَ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيم ﴾، قال:
﴿ اعْبُدُوا ﴾ أي: اعبدوه؛ لأنه لم يكنْ لكم إلهٌ غيرهُ حتى يستحقَّ منكم أن يكونَ معبوداً. ا.هـ.
وقالَ الإمامُ الطبري هنا: ... فأفرِدوا له العبادة، ولا تجعلوا معه إلهًا غيرَه، فإنهُ ليسَ لكم إلهٌ غيره.

74- ﴿ فَاذْكُرُوا آَلَاءَ اللَّهِ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ .
ذكرَ أنه تقدَّمَ تفسيره.
﴿ فَاذْكُرُوا آَلَاءَ اللَّهِ في الآيةِ (69) من السورة، قال: الآلاء: جمعُ إِلَى. ومن جملتها نعمةُ الاستخلافِ في الأرض، والبسطةِ في الخلق، وغيرِ ذلك مما أنعمَ به عليهم. وكرَّرَ التذكيرَ لزيادةِ التقرير. والآلاء: النعم.
﴿ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ في الآيةِ (60) من سورةِ البقرة، فكان مما قالَ هناك: عثَى يعثي عثيًا، وعثا يعثو عثواً، وعاثَ يعيثُ عيثاً، لغات، بمعنى أفسد. وقوله: ﴿ مُفْسِدِينَ حالٌ مؤكدة... في الكشاف: العثي: أشدُّ الفساد، فقيل لهم: لا تمادوا في الفسادِ في حالِ فسادكم؛ لأنهم كانوا متمادين فيه.

76- ﴿ قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا بِالَّذِي آَمَنْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ
قالَ الذين استكبروا عن أمرِ اللهِ وأمرِ رسولهِ صالح: إنّا أيها القومُ بالذي صدَّقتم به مِن نبوَّةِ صالحٍ وأن الذي جاءَ به حقٌّ مِن عندِ الله، جاحدونَ منكرون، لا نصدِّقُ به ولا نُقِرّ. (الطبري).

77- ﴿ وَقَالُوا يَا صَالِحُ ائْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ ﴾.
يقول: إنْ كنتَ للهِ رسولاً إلينا، فإنَّ اللهَ ينصرُ رسلَهُ على أعدائه. فعجَّلَ ذلكَ لهم كما استعجلوه. (الطبري).

84- ﴿ وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ ﴾.
فـانظرْ يا محمَّدُ إلى عاقبةِ هؤلاءِ الذين كذَّبوا اللهَ ورسولَهُ مِن قومِ لوط، فـاجترموا معاصيَ الله، وركبوا الفواحش، واستـحلُّوا ما حرَّمَ اللهُ مِن أدبـارِ الرجال، كيف كانت، وإلى أيِّ شيءٍ صارت، هل كانت إلا البوارَ والهلاك؟ فإنَّ ذلكَ أو نظيرَهُ مِن العقوبة، عاقبةُ مَن كذَّبكَ واستكبرَ عن الإيمانِ بـاللهِ وتصديقِكَ إنْ لم يتوبوا، مِن قومِك. (الطبري).

85- ﴿ وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ .
﴿ أَخَاهُمْ ﴾ قالَ في الآيةِ (65) من السورة: ﴿ وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً ﴾: أي واحداً من قبيلتهم، أو صاحبهم، أو سمّاهُ (أخاً) لكونهِ ابنَ آدمَ مثلهم.
﴿ قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ ﴾ قال: قد سبقَ شرحهُ في قصةِ نوح.

وهو في الآيةِ (59) من السورة: ﴿ لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُواْ اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ إِنِّيَ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيم ﴾، قال:
﴿ اعْبُدُوا ﴾ أي: اعبدوه؛ لأنه لم يكنْ لكم إلهٌ غيرهُ حتى يستحقَّ منكم أن يكونَ معبوداً.
﴿ وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا ﴾ قال: تقدَّمَ تفسيرهُ قريبًا. وهو في الآيةِ (56) من السورة، قالَ هناكَ رحمَهُ الله:
نهاهم الله سبحانهُ عن الفسادِ في الأرضِ بوجهٍ من الوجوه، قليلاً كان أو كثيراً، ومنه قتلُ الناس، وتخريبُ منازلهم، وقطعُ أشجارهم، وتغويرُ أنهارهم. ومن الفسادِ في الأرض: الكفرُ بالله، والوقوعُ في معاصيه. ومعنى ﴿ بَعْدَ إِصْلَـٰحِهَا ﴾: بعد أن أصلحَها الله بإرسالِ الرسل، وإنزالِ الكتب، وتقريرِ الشرائع. ا.هـ.
﴿ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾:مصدِّقين بما أقول. (البغوي).

86- ﴿ وَانظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِين ﴾.
أي: آخرُ أَمرِ قومِ لوط. (البغوي).
والإفسادُ في هذا الموضعِ معناه: معصيةُ الله. (الطبري).


87- ﴿ فَاصْبِرُوا حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَنَا وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ ﴾.
واللهُ خيرُ مَن يَفصل، وأعدلُ مَن يقضي، لأنه لا يقعُ في حكمهِ ميـلٌ إلـى أحد، ولا محاباةٌ لأحد. والله أعلـم. (الطبري).




ابوالوليد المسلم 11-01-2021 01:04 AM

رد: عون البصير على فتح القدير
 
عون البصير على فتح القدير (9)




أ. محمد خير رمضان يوسف



الجزء التاسع

(سورة الأعراف 88 - آخر السورة، سورة الأنفال 1 - 40)


90- ﴿ وَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ ﴾.
قالَ في الآيةِ (60) من السورة: الملأ: أشرافُ القومِ ورؤساؤهم. وقيل: هم الرجال.

91- ﴿ فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ ﴾.
قال: تقدَّمَ تفسيرهُ في قصةِ صالح. ويعني في الآية (78) من السورة، وقد قالَ هناك:﴿ فَأَصْبَحُواْ فِي دَارِهِمْ ﴾ أي: بلدهم، ﴿ جَـٰثِمِينَ ﴾: لاصقين بالأرضِ على ركبِهم ووجوههم، كما يجثمُ الطائر. وأصلُ الجثومِ للأرنبِ وشبهها، وقيلَ للناسِ والطير، والمرادُ أنهم أصبحوا في دورهم ميتين لا حراكَ بهم.

92- ﴿ الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْبًا كَانُوا هُمُ الْخَاسِرِينَ ﴾.
... كانوا هم الخاسرينَ الهالكين. (الطبري).
أي: الذين كذَّبوهُ عليه السلامُ عوقبوا بقولهم: ﴿ لَئِنْ ٱتَّبَعْتُمْ شُعَيْبًا إِنَّكُمْ إِذاً لَّخَـٰسِرُونَ ﴾ [سورة الأعراف: 90]، فصاروا هم الخاسرين للدنيا والدين؛ لتكذيبهم. (روح المعاني).

98- ﴿ أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ ﴾.
قال: كالاستفهامِ الذي قبله.
يعني في الآيةِ الكريمةِ السابقةِ لها: ﴿ أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَن يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتاً وَهُمْ نَآئِمُون ﴾؟
وقد قالَ هناك: ﴿ أَفَأَمِنَ أَهْلُ ٱلْقُرَى ﴾: للتقريعِ والتوبيخ. وأهلُ القرى هم أهلُ القرى المذكورةِ قبله. والفاءُ للعطف، وهو مثل: ﴿ أَفَحُكْمَ ٱلْجَـٰهِلِيَّةِ يَبْغُونَ ﴾ [سورة المائدة: 50]. وقيل: المراد بالقرى مكةُ وما حولها، لتكذيبهم للنبيِّ صلى الله عليه وسلم. والحملُ على العمومِ أولى. ا.هـ.
وقالَ ابنُ كثير في الآيةِ السابقة: ﴿ أَن يَأْتِيَهُم بَأْسُنَا ﴾ أي: عذابُنا ونكالنا.

101- ﴿ كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِ الْكَافِرِينَ ﴾.
فسَّرَ الكلمةَ في الآيةِ (154) من سورةِ النساءِ بأنها الختم.

103- ﴿ ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسَى بِآَيَاتِنَا إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ ﴾.
أي بحججنا ودلائلنا البيِّنة. (ابن كثير).

106- ﴿ قَالَ إِنْ كُنْتَ جِئْتَ بِآَيَةٍ فَأْتِ بِهَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ ﴾.
حجَّة. (ابن كثير).

111- ﴿ قَالُواْ أَرْجِهْ وَأَخَاهُ وَأَرْسِلْ فِي الْمَدَآئِنِ حَاشِرِين ﴾.
معناه: جامعين، قالَ المفسرون: وهم الشُّرَط. (ابن عطية).

121- ﴿ قَالُوا آَمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾.
يقولون: صدَّقنا بما جاءَنا به موسى، وأن الذي علـينا عبـادتهُ هو الذي يـملكُ الـجنَّ والإنسَ وجميعَ الأشياء، وغيرَ ذلك، ويدبِّرُ ذلكَ كلَّه. (الطبري).

124- ﴿ لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ ثُمَّ لَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ ﴾.
قال: أي: أجعلكم عليها مصلوبين.
قالَ الراغبُ في مفرداته: الصُّلب: الذي هو تعليقُ الإنسانِ للقتل، قيل: هو شدُّ صُلبهِ على خشب، وقيل: إنما هو مِن صَلْبِ الودَك.
وقد قالَ قبلَهُ: الصَّلبُ والاصطِلاب: استخراجُ الودَكِ (أي الشحمِ) من العظم.

126- ﴿ وَمَا تَنْقِمُ مِنَّا إِلَّا أَنْ آَمَنَّا بِآَيَاتِ رَبِّنَا لَمَّا جَاءَتْنَا ﴾.
يقول: ما تنكرُ منّا يا فرعونُ وما تجدُ علـينا إلا من أجلِ أنْ ﴿ آمَنَّا ﴾: أي: صدَّقنا ﴿ بِآيَاتِ رَبِّنَا ﴾، يقول: بحججِ ربِّنا وأعلامهِ وأدلتهِ التي لا يقدرُ علـى مثلِها أنت ولا أحدٌ سوى الله، الذي له ملكُ السماواتِ والأرض. (الطبري).

127- ﴿ وَقَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ ﴾.
وقالتْ جماعةُ رجالٍ مِن قومِ فرعون. (الطبري).

134- ﴿ قَالُوا يَا مُوسَى ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِنْدَكَ لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ
لئن رفعتَ عنا العذابَ الذي نحن فيه، ﴿ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ يقول: لنصدِّقنَّ بما جئتَ به ودعوتَ إليه، ولنقرَّنَّ به لك. (الطبري).

141- ﴿ يُقَتِّلُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ ﴾.
قال: سبقَ بيانُ ذلك.
يقصدُ في الآيةِ (127) من السورة: ﴿ قَالَ سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءهُمْ وَنَسْتَحْيِـي نِسَاءهُمْ ﴾ قال الشوكاني: أي: سنقتلُ الأبناء، ونستَحْيـي النساء، أي: نتركهنَّ في الحياة. ولم يقل: سنقتلُ موسى؛ لأنه يعلمُ أنه لا يقدرُ عليه.

146- ﴿ وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا ﴾.
أي: طريقَ الضلال. (البغوي).

147- ﴿ هَلْ يُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كَانُواْ يَعْمَلُون ﴾.
هل ينالون إلا ثوابَ ما كانوا يعملون... (الطبري).

149- ﴿ قَالُوا لَئِنْ لَمْ يَرْحَمْنَا رَبُّنَا وَيَغْفِرْ لَنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾.
قالوا تائبينَ إلى الله، منيبينَ إلـيه من كفرهم به: ... لئنْ لم يتعطَّفْ علـينا ربُّنا بـالتوبةِ برحمته، ويتغمَّدْ بها ذنوبَنا، لنكوننَّ من الهالكين الذين حبطتْ أعمالهم. (منتخب من الطبري).

152- ﴿ إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُواْ الْعِجْلَ سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِّن رَّبِّهِمْ ﴾.
أي: اتخذوهُ إلهاً. (البغوي).

154- ﴿ وَفِي نُسْخَتِهَا هُدًى وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ ﴾.
يعني للخائفين من ربهم. (الخازن).

158- ﴿ فَآَمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ﴾.
﴿ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ ﴾ قال: تقدَّمَ تفسيرُ النبيِّ الأميّ. مشيرًا إلى الآيةِ التي تسبقها، فقال: وهو محمدٌ عليه الصلاةُ والسلام... والأمي: إما نسبةٌ إلى الأمةِ الأميةِ التي لا تكتبُ ولا تحسب، وهم العرب، أو نسبةٌ إلى الأم، والمعنى أنه باقٍ على حالتهِ التي ولدَ عليها: لا يكتبُ ولا يقرأُ المكتوب. وقيل: نسبةٌ إلى أمِّ القرى، وهي مكة. ا.هـ.
﴿ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ﴾: جعلَ رجاءَ الاهتداءِ إثرَ الأمرَين تنبيهاً على أنَّ من صدَّقَهُ ولم يتابعْهُ بالتزامِ شرعهِ فهو يعدُّ في خططِ الضلالة. (البيضاوي).

160- ﴿ وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى إِذِ اسْتَسْقَاهُ قَوْمُهُ أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ ﴾.
وردَ في الآيةِ (60) من سورةِ البقرةِ قولهُ تعالى: ﴿ وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ ، فقالَ هناك: الحجرُ يحتملُ أن يكونَ حجراً معيَّناً، فتكونُ اللامُ للعهد، ويحتملُ أن لا يكونَ معيَّناً، فتكونُ للجنس، وهو أظهرُ في المعجزة، وأقوى للحجَّة.
يتبع

ابوالوليد المسلم 11-01-2021 01:04 AM

رد: عون البصير على فتح القدير
 

161- ﴿ وَإِذْ قِيلَ لَهُمُ اسْكُنُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ وَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ وَقُولُوا حِطَّةٌ وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا نَغْفِرْ لَكُمْ خَطِيئَاتِكُمْ
﴿ حِطَّةٌ ﴾ فسَّرها في الآيةِ (58) من سورةِ البقرة، فكان مما قال: قوله: ﴿ حِطَّةٌ ﴾ بالرفعِ في قراءةِ الجمهورِ على إضمارِ مبتدأ، قالَ الأخفش: وقُرئت: «حِطَّةً» نصباً، على معنى احطُطْ عنا ذنوبَنا حطَّة، وقيل: معناها الاستغفار، ومنه قولُ الشاعر:
فَازَ بِالحطَّةِ التي أمرَ الله ♦♦♦ بها ذَنْبَ عبدهِ مَغْفُوراً

وقالَ ابنُ فارس في المجمل: ﴿ حِطَّةٌ ﴾ كلمةٌ أُمروا بها، ولو قالوها لحُطَّتْ أوزارُهم... ا.هـ.
﴿ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطِيئَاتِكُمْ ﴾: يتغمَّدْ لكم ربُّكم ذنوبَكم التي سلفتْ منكم، فـيعفو لكم عنها، فلا يؤاخذكم بها. (الطبري).

162- ﴿ فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَظْلِمُونَ .
﴿ فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ ﴾ قال: تقدَّمَ بيانُ ذلك في البقرة.
وقد فسَّرَهُ في الآيةِ (59) من السورة، وفيه قوله: إنهم قالوا: حنطة. وقيلَ غيرُ ذلك، والصوابُ أنهم قالوا: حبَّةٌ في شعرة، كما سيأتي مرفوعاً إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم.

ثم أوردَ الحديث: أخرجَ البخاريُّ ومسلمٌ وغيرُهما من حديثِ أبي هريرة، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلمَ قال: "قيلَ لبني إسرائيل: ادخلوا البابَ سجَّداً، وقولوا: حطة، فبدَّلوا، فدخلوا يزحفون على أُستأهم، وقالوا: حبَّةٌ في شَعرة".
﴿ بِمَا كَانُوا يَظْلِمُونَ ﴾ قالَ الشوكاني: أي: بسببِ ظلمهم.
وقالَ الإمامُ الطبري: ... بما كانوا يغيِّرون ما يُؤمَرون به، فـيفعلون خلافَ ما أمرهم الله بفعله، ويقولون غيرَ الذي أمرهم الله بقـيـله.

163- ﴿ كَذَلِكَ نَبْلُوهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ ﴾.
قال: بسببِ فسقهم. ا.هـ.
بفسقِهم عن طاعةِ اللهِ وخروجِهم عنها. (الطبري وابن كثير).

164- ﴿ قَالُواْ مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُون ﴾.
أي: نعظُهم معذرةً إليه تعالى... والمعذرةُ في الأصلِ بمعنى العذر، وهو التنصُّلُ من الذنب، وقالَ الأزهري: إنه بمعنى الاعتذار، وعدّاهُ بإلى لتضمُّنه معنى الإنهاءِ والإبلاغ. (روح المعاني، باختصار).

165- ﴿ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ .
قال: بسببِ فسقهم.
وقالَ الإمامُ الطبري: يخالفونَ أمرَ الله، فـيخرجون مِن طاعتهِ إلـى معصيته، وذلكَ هو الفِسق.

174- ﴿ وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآَيَاتِ وَلَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ .
وكما فصَّلنا يا محمدُ لقومِكَ آياتِ هذه السورة، وبيَّنا فيها ما فعلنا بالأممِ السالفةِ قبلَ قومك، وأحلَلنا بهم من الـمَثُلاتِ بكفرهم وإشراكهم في عبادتي غيري، كذلك نفصِّل الآياتِ غيرَها ونبيِّنها لقومك، لـينزجروا ويرتدعوا... (الطبري).

177- ﴿ سَاءَ مَثَلًا الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا ﴾.
القومُ الذين كذَّبوا بحججِ الله وأدلتهِ فجحدوها. (الطبري).

182- ﴿ وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ .
معناهُ أنه يفتحُ لهم أبوابَ الرزقِ ووجوهَ المعاشِ في الدنيا حتى يغترُّوا بما هم فيه، ويعتقدوا أنهم على شيء... (ابن كثير).
معناه: من حيثُ لا يعلمون أنه استدراجٌ لهم، وهذه عقوبةٌ من الله على التكذيبِ بالآيات... (ابن عطية).

186- ﴿ مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَا هَادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ .
ولكنَّ اللهَ يدَعُهم في تماديهم في كفرهم وتمرُّدِهم في شركهم يتردَّدون... (الطبري).

196- ﴿ إِنَّ وَلِيِّـيَ اللّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِين ﴾.
يعني القرآن. (البغوي).

197- ﴿ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَكُمْ وَلَا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ .
ذكرَ أن الله سبحانهُ كرَّرَهُ لمزيدِ التأكيدِ والتقرير...
والآيةُ التي يشيرُ إليها المؤلفُ هي: ﴿ وَلاَ يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْرًا وَلاَ أَنفُسَهُمْ يَنصُرُون [الآيةُ 192 من السورةِ نفسها]. وقد قالَ هناك:﴿ وَلاَ يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ أي: لمن جعلهم شركاءَ ﴿ نَصْراً إن طلبَهُ منهم، ﴿ وَلاَ أَنفُسَهُمْ يَنصُرُونَ إن حصلَ عليهم شيءٌ من جهةِ غيرهم، ومَن عجزَ عن نصرِ نفسهِ فهو عن نصرِ غيرهِ أعجز. ا.هـ.
وقالَ الإمامُ الطبري في تفسيرِ هذه الآية: أمرٌ مِن اللهِ جلَّ ثناؤهُ لنبيِّهِ أن يقولَهُ للمشركينَ بقولهِ تعالى: قلْ لهم: إنَّ اللهَ نصيري وظهيري، والذين تدْعُونَ أنتم أيها المشركونَ مِن دونِ اللهِ مِن الآلهةِ لا يستطيعونَ نصرَكم، ولا هم - مع عجزهم عن نصرتِكم - يقدرونَ على نصرةِ أنفسهم، فأيُّ هذين أولى بالعبادةِ وأحقُّ بالألوهة، أمَنْ ينصرُ وليَّهُ ويمنعُ نفسَهُ ممَّن أراده، أم مَن لا يستطيعُ نصرَ وليِّهِ ويعجزُ عن منعِ نفسهِ مـمَّن أرادَهُ وبغاهُ بمكروه؟ (الطبري).

198- ﴿ وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَى لَا يَسْمَعُوا .
وإنْ تدعوا أيها المشركون آلهتَكم إلى الهُدَى، وهو الاستقامةُ إلـى السداد، لا يسمعوا دعاءَكم. (الطبري).

203- ﴿ هَذَا بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ﴾.
... لـِمن صدَّقَ بـالقرآنِ أنه تنزيـلُ اللهِ ووحيُه، وعملَ بما فـيه، دونَ مَن كذبَ به وجحدَهُ وكفرَ به، بل هو على الذين لا يؤمنونَ به غمٌّ وخزي. (الطبري).

206- ﴿ إِنَّ الَّذِينَ عِندَ رَبِّكَ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ ﴾.
لا يتكبَّرون. (البغوي)، بل يؤدُّونها حسبما أُمروا به. (روح المعاني).

سورة الأنفال
12- ﴿ سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُواْ الرَّعْبَ .
قال: تقدَّمَ بيانُ معنى الرعبِ في آلِ عمران.
وهو في الآيةُ (151) من السورة: ﴿ سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُواْ الرُّعْبَ ، وكان مما قالَ هناك: المعنى: سنملأ قلوبَ الكافرين رعباً، أي: خوفاً وفزعاً.

23- ﴿ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّواْ وَّهُم مُّعْرِضُون .
ولأعرَضوا عما تبيَّن لهم من الهدَى. (ابن عطية).


28- ﴿ وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ .
أي: "ثوابهُ وعطاؤهُ وجناتهُ خيرٌ لكم من الأموالِ والأولاد، فإنه قد يوجدُ منهم عدوّ، وأكثرهم لا يُغني عنكَ شيئاً، والله سبحانهُ هو المتصرِّفُ المالكُ للدنيا والآخرة، ولديهِ الثوابُ الجزيلُ يومَ القيامة. (ابن كثير).

35- ﴿ فَذُوقُواْ الْعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُون .
الباءُ للسببية... والمتبادرُ من الكفرِ ما يرجعُ إلى الاعتقاد، وقد يرادُ به ما يشملُ الاعتقادَ والعمل، كما يُرادُ من الإيمانِ في العرفِ ذلك أيضاً. (روح المعاني).







ابوالوليد المسلم 11-01-2021 01:05 AM

رد: عون البصير على فتح القدير
 
عون البصير على فتح القدير (10)




أ. محمد خير رمضان يوسف



الجزء العاشر

(سورة الأنفال من الآية 41 حتى نهاية السورة، سورة التوبة 1 - 92)


41- ﴿ وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِنْ كُنْتُمْ آَمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ
﴿ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ : ذكرَ تفسيرها في الآيةِ (177) من سورةِ البقرة: ﴿ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّآئِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ ، فقال:... وهكذا اليتامَى الفقراءُ أولَى بالصدقةِ من الفقراءِ الذين ليسوا بيتامَى، لعدمِ قدرتهم على الكسب. والمسكين: الساكنُ إلى ما في أيدي الناس، لكونهِ لا يجدُ شيئاً. وابنُ السبيل: المسافرُ المنقطع، وجُعِلَ ابناً للسبيلِ لملازمتهِ له. ا. هـ.
﴿ وَمَا أَنْزَلْنَا : وبما أنزلَ الله على عبدهِ محمدٍ صلى الله عليه وسلم يومَ فرَّقَ بين الحقِّ والباطلِ ببدر، فأبانَ فلجَ المؤمنين وظهورَهم على عدوِّهم. (الطبري).

43-﴿ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُور .
قالَ ابنُ عباس: علمَ ما في صدوركم من الحبِّ لله عزَّ وجلّ. (البغوي).
أي: بما تكنُّهُ الضمائر، وتنطوي عليه الأحشاء. (ابن كثير).

48- ﴿ فَلَمَّا تَرَاءَتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لَا تَرَوْنَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ .
﴿ تَرَاءَتِ :أي: التقَى الجمعان. (البغوي).
من الرؤية، أي: رأى هؤلاء هؤلاء. (ابن عطية).
﴿ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ : واللهُ شديدٌ في عقابهِ ونَكاله. (الواضح).

49- ﴿ إِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ غَرَّ هَـؤُلاء دِينُهُمْ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ فَإِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيم .
يقول: غرَّ هؤلاء الذين يقاتلون المشركين من أصحابِ محمدٍ صلى الله عليه وسلم من أنفسهم دينُهم، وذلك الإسلام. (الطبري).
أي: اغترُّوا فأَدخلوا نفوسَهم فيما لا طاقةَ لهم به. (ابن عطية).

50- ﴿ وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ
عذابَ النارِ التي تُحرقكم يومَ ورودِكم جهنَّم. (الطبري).

52- ﴿ كَدَأْبِ آَلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَفَرُوا بِآَيَاتِ اللَّهِ فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ.
﴿ آَلِ فِرْعَوْنَ : قومِ فرعون.
﴿ كَفَرُوا بِآَيَاتِ اللَّهِ : كذَّبَ بحججِ الله ورسله.
﴿ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ : ﴿ إنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ لا يغلبهُ غالب، ولا يردُّ قضاءَهُ رادّ، ينفذُ أمرَهُ، ويُمضي قضاءَهُ في خلقه، شديدٌ عقابهُ لمن كفرَ بآياتهِ وجحدَ حججه. (الطبري).

54- ﴿ كَدَأْبِ آَلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ﴾.
قالَ في الآيةِ (52) من السورة: الدأب: العادة.
وآلُ فرعون كما في الفقرةِ السابقة: قومُ فرعون.

56- ﴿ الَّذِينَ عَاهَدْتَ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ ﴾.
النقضُ انتثارُ العقدِ من البناءِ والحبلِ والعِقد، وهو ضدُّ الإبرام... ومِن نقضِ الحبلِ والعقدِ استُعيرَ نقضُ العهد. (مفردات الراغب).

58- ﴿ وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ .
أي: حتى ولو في حقِّ الكافرين، لا يحبُّها أيضًا. (ابن كثير).

60- ﴿ وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ .
أي: مهما أمكنكم. (ابن كثير).

61- ﴿ وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ﴾.
فوِّضْ إلى الله يا محمدُ أمرَكَ واستكفهِ واثقاً به أنه يكفيك. (الطبري).

66- ﴿ الآنَ خَفَّفَ اللّهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِن يَكُن مِّنكُم مِّئَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُواْ أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللّهِ ﴾.
الآنَ خفَّفَ اللهُ عنكم الحُكمَ السَّابق، وعَلِمَ أنَّ فيكم ضَعفاً في الواحدِ عن قتالِ العشرة، وفي المئةِ عن قتالِ الألف، فإنْ يكنْ منكم مئةُ مقاتلٍ ثابتٍ محتسِب، يَغلبوا مئتينِ من المقاتِلَةِ الكفّار، وإنْ يكنْ منكم ألفٌ يَغلِبوا ألفَين، فالواحدُ يقابِلُ اثنين، فإذا كانَ جيشُ المسلمينَ نصفَ جيشِ الكافرينَ غلَبوهم، بإذنِ اللهِ وتأييدِه. (الواضح).

68- ﴿ لَّوْلاَ كِتَابٌ مِّنَ اللّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيم .
لا يقادَرُ قدره. (روح المعاني).

69- ﴿ فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالًا طَيِّبًا .
الطيبُ المستلذ. ويوصَفُ الحلالُ بذلك على التشبيه، فإن المستلذَّ ما لا يكونُ فيه كراهيةٌ في الطبع، وكذا الحلالُ ما لا يكونُ فيه كراهيةٌ في الدين. (روح البيان).

72- ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آَوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلَّا عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ.
﴿ وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ :يقول: بالَغوا في إتعابِ نفوسهم وإنصابها في حربِ أعداءِ الله من الكفارِ ﴿ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يقول: في دينِ الله، الذي جعلَهُ طريقاً إلى رحمته، والنجاةِ من عذابه.


﴿ أَوْلِيَاءُ :بعضُهم أنصارُ بعض، وأعوانٌ على مَن سواهم من المشركين، وأيديهم واحدةٌ على من كفرَ بالله، وبعضُهم إخوانٌ لبعضٍ دون أقربائهم الكفار.
﴿ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ : واللهُ بما تعملونَ فيما أمركم ونهاكم من ولايةِ بعضِكم بعضًا أيها المهاجرون والأنصار، وتركِ ولايةِ مَن آمنَ ولم يهاجر، ونصرتِكم إيّاهم عندَ استنصاركم في الدين، وغيرِ ذلكَ من فرائضِ اللهِ التي فرضَها عليكم، يراهُ ويُبصره، فلا يخفَى عليه من ذلكَ ولا مِن غيرهِ شيء. (تفسير الطبري).

73- ﴿ وَالَّذينَ كَفَرُواْ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ إِلاَّ تَفْعَلُوهُ تَكُن فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِير .
أي: إن لم تجانبوا المشركين وتوالوا المؤمنين، وإلا وقعتْ فتنةٌ في الناس، وهو التباسُ الأمر، واختلاطُ المؤمنين بالكافرين، فيقعُ بين الناسِ فسادٌ منتشرٌ عريضٌ طويل. (ابن كثير).
يتبع

ابوالوليد المسلم 11-01-2021 01:05 AM

رد: عون البصير على فتح القدير
 


سورة التوبة
3- ﴿ وَأَذَانٌ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الأَكْبَرِ أَنَّ اللّهَ بَرِيءٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ .
فسَّرَ (براءةَ اللهِ) في الآيةِ الأولى من السورة، بأنها وقوعُ الإذنِ منه سبحانهُ بالنبذِ من المسلمين لعهدِ المشركين بعدَ وقوعِ النقضِ منهم.

4-﴿ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ .
إنَّ اللهَ يحبُّ مَن اتَّقاهُ بطاعته، بأداءِ فرائضه، واجتنابِ معاصيه. (الطبري).

10- ﴿ لَا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً .
ذكرَ في الآيةِ الثامنةِ من السورةِ أن الإلِّ والذمَّةِ تعنيان العهد. وقالَ أبو عبيد: الذمَّة: الأمان. ا.هـ.
وقالَ الطبريُّ رحمَهُ الله في تفسيرِ الآية: لا يتَّقي هؤلاء المشركونَ الذين أمرتُكم - أيها المؤمنون - بقتلهم حيثُ وجدتموهم، في قتلِ مؤمنٍ لو قدروا عليه إلًّا ولا ذِمَّةً، يقول: فلا تُبقوا عليهم أيها المؤمنون، كما لا يُبقون عليكم لو ظهروا عليكم.

13- ﴿ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ
إنْ كنتُم مقرِّين أنَّ خشيةَ اللهِ لكم أولَى مِن خشيةِ هؤلاءِ المشركينَ على أنفسِكم. (الطبري).

15- ﴿ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ .
﴿ وَاللَّهُ عَلِيمٌ أي: بما يصلحُ عباده، ﴿ حَكِيمٌ في أفعالهِ وأقوالهِ الكونيةِ والشرعية، فيفعلُ ما يشاء، ويحكمُ ما يريد، وهو العادلُ الحاكمُ الذي لا يجورُ أبدًا، ولا يضيعُ مثقالَ ذرَّةٍ مِن خيرٍ وشرّ، بل يُجازي عليه في الدنيا والآخرة. (ابن كثير).

17- ﴿ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ .
ماكثونَ فيها أبدًا، لا أحياءً ولا أمواتًا. (الطبري).

24- ﴿ قُلْ إِنْ كَانَ آَبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ﴾.
... إذا كانَ هذا كلُّهُ أحبَّ إليكم ممّا أمرَكمُ اللهُ بهِ ورسولُه... (الواضح).

31- ﴿ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ ﴾.
لا تنبغي الألوهةُ إلا لواحد، الذي أمرَ الخلقَ بعبادته، ولزمتْ جميعَ العبادِ طاعتُه. (الطبري).

33- ﴿ هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ
قال: الكلامُ فيه كالكلامِ في ﴿ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ . يقصدُ الآيةَ السابقةَ لهذه.
وفي الجملةِ خطأ، حيثُ ورد: "أبَى الله إلا أن يتمَّ نورَهُ ولو لم يكرهِ الكافرون ذلك، ولو كرهوا".
وتصويبها: "أبَى الله إلا أن يتمَّ نورَهُ ولو كرهَ الكافرون ذلك".

34- ﴿ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيم .
وُضِعَ الوعيدُ لهم بالعذابِ موضعَ البشارةِ بالتنعمِ لغيرهم. (روح البيان).

36- ﴿ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ .
...اتَّقاهُ، فخافَهُ وأطاعَهُ فيما كلَّفَهُ من أمرهِ ونهيه. (الطبري).

40- ﴿ وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُواْ السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللّهِ هِيَ الْعُلْيَا .
﴿ السُّفْلَى :لأنها قُهرتْ وأُذلَّت، وأبطلها الله تعالى ومحقَ أهلها، وكلُّ مقهورٍ ومغلوبٍ فهو أسفلُ من الغالب، والغالبُ هو الأعلى.
﴿ الْعُلْيَا وهي كلمتهُ العليا على الشركِ وأهله، الغالبة. (الطبري).

42- ﴿ لَوْ كَانَ عَرَضًا قَرِيبًا وَسَفَرًا قَاصِدًا لاَّتَّبَعُوكَ .
أي: لكانوا جاؤوا معكَ لذلك. (ابن كثير).

58- ﴿ وَإِن لَّمْ يُعْطَوْاْ مِنهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُون .
أي: يغضبون لأنفسهم. (ابن كثير).

65- ﴿ وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ ﴾.
﴿ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ ﴾ في الكلامِ ونتحدثُ كما يفعلُ الركبُ لقطعِ الطريقِ بالحديث، ﴿ وَنَلْعَبُ ﴾ كما يلعبُ الصبيان. (روح البيان).

69- ﴿ كَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْكُمْ قُوَّةً وَأَكْثَرَ أَمْوَالًا وَأَوْلَادًا ﴾.
وكانوا أكثرَ منكم قوَّةً وبطشاً، وأكثرَ أموالاً ومتاعاً وذرِّية. (الواضح).

71- ﴿ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ .
أي: سيرحمُ اللهُ مَن اتَّصفَ بهذه الصفات. (ابن كثير).
وبيَّن المؤلفُ ما يدخلُ تحت الرحمةِ في تفسيرِ الآيةِ التي بعدها.

73- ﴿ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ﴾.
ومساكنُهم جهنم، وهي مثواهم ومأواهم، ﴿ وَبِئْسَ المَصِيرُ ﴾ يقول: وبئسَ المكانُ الذي يُصارُ إليه جهنَّمُ. (الطبري).

75- ﴿ وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آَتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ
ومنَ المنافقينَ مَن أعطَى اللهَ عهدَهُ وميثاقَهُ لئنْ أغناهُ مِن فضله... (ابن كثير).

84- ﴿ وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا ﴾.
يقولُ جلَّ ثناؤهُ لنبيِّهِ محمدٍ صلى الله عليه وسلم: ولا تصلِّ يا محمدُ على أحدٍ ماتَ من هؤلاء المنافقين الذين تخلَّفوا عن الخروجِ معك أبداً. (الطبري).

85- ﴿ وَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَأَوْلَادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ ﴾.
ذكرَ أنه تكريرٌ لما سبقَ في هذه السورةِ وتقرير. ويقصدُ الآيةَ (55) منها، فكان ملخصُ ما قالَ هناك:لا تستحسنْ ما معهم من الأموالِ والأولاد، ﴿ إِنَّمَا يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا ﴾ بما يحصلُ معهم من الغمِّ والحزنِ عند أن يغنمها المسلمون ويأخذوها قسراً من أيديهم، مع كونها زينةَ حياتهم وقرَّةَ أعينهم، وكذا في الآخرة، يعذِّبُهم بعذابِ النار، بسببِ عدمِ الشكرِ لربهم الذي أعطاهم ذلك، وتركِ ما يجبُ عليهم من الزكاةِ فيها، والتصدقِ بما يحقُّ التصدقُ به، ﴿ وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كَـٰفِرُونَ ﴾ الزهوق: الخروجُ بصعوبة، والمعنى: أن الله يريدُ أن تزهقَ أنفسُهم وتخرجَ أرواحُهم حالَ كفرهم، لعدمِ قبولهم لما جاءتْ به الأنبياءُ وأُرسِلَتْ به الرسل، وتصميمِهم على الكفر وتماديهم في الضلالة.

89- ﴿ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ .
قال: تقدَّمَ بيانُ جري الأنهار، وبيانُ الخلودِ والفوز. وقد قالَ في الآيةِ (25) من سورةِ البقرة: الجنات: البساتين. والضميرُ في قوله: ﴿ مِن تَحْتِهَا عائدٌ إلى الجنات؛ لاشتمالها على الأشجار، أي: من تحتِ أشجارها. (باختصار).
وقالَ في الخلودِ في الآيةِ (25) من سورةِ البقرة: البقاءُ الدائمُ الذي لا ينقطع، وقد يستعملُ مجازاً فيما يطول، والمرادُ هنا الأوّل.
قالَ الإمامُ الطبري: أعدَّ اللهُ لرسولهِ محمَّدٍ صلى الله عليه وسلم وللذين آمنوا معهُ جنّات، وهي البساتينُ تجري مِن تحتِ أشجارها الأنهار، لابثينَ فيها، لا يموتونَ فيها، ولا يظعنونَ عنها.

91- ﴿ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ .
واللهُ ساترٌ على ذنوبِ المحسنين، يتغمَّدها بعفوهِ لهم عنها، رحيمٌ بهم أنْ يعاقبَهم عليها. (الطبري).
فيه إشارةٌ إلى أن كلَّ أحدٍ عاجزٍ محتاجٌ للمغفرةِ والرحمة، إذ الإنسانُ لا يخلو من تفريط. (روح المعاني).







ابوالوليد المسلم 11-01-2021 01:06 AM

رد: عون البصير على فتح القدير
 
عون البصير على فتح القدير (11)




أ. محمد خير رمضان يوسف



الجزء الحادي عشر

(سورة التوبة 93 - آخر السورة، سورة يونس، سورة هود 1 - 5)


93- ﴿ إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ وَهُمْ أَغْنِيَاءُ رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ وَطَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ﴾.
قال: تقدَّمَ تفسيرُ الخوالفِ قريبًا. ويقصدُ الآيةَ (87) التي وردتْ فيها الكلمة، فقالَ هناك: الخوالف: النساءُ اللاتي يَخلفنَ الرجالَ في القعودِ في البيوت، جمعُ خالفة. وجوَّزَ بعضُهم أن يكونَ جمعُ خالف، وهو من لا خيرَ فيه. ا.هـ.
وبيَّنَ في أكثرَ من موضعٍ أن الطبعَ على القلبِ هو الختم.

98- ﴿ وَمِنَ الأَعْرَابِ مَن يَتَّخِذُ مَا يُنفِقُ مَغْرَمًا وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوَائِرَ ﴾.
أي: ينتظرُ بكم. (ابن كثير).

99- ﴿ وَمِنَ الْأَعْرَابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَيَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ قُرُبَاتٍ عِنْدَ اللَّهِ وَصَلَوَاتِ الرَّسُولِ أَلَا إِنَّهَا قُرْبَةٌ لَهُمْ سَيُدْخِلُهُمُ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ .
﴿ وَمِنَ الْأَعْرَابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ :ومن الأعرابِ من يصدِّقُ اللهَ ويقرُّ بوحدانيته، وبالبعثِ بعدَ الموت، والثوابِ والعقاب.
﴿ سَيُدْخِلُهُمُ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ : سيُدخلهم اللهُ فيمن رحمَهُ فأدخلَهُ برحمتهِ الجنَّة، إن اللهَ غفورٌ لما اجترموا، رحيمٌ بهم مع توبتِهم وإصلاحِهم أنْ يعذِّبهم. (الطبري).

100- ﴿ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ .
قال: تقدَّمَ تفسيرُ جري الأنهارِ من تحتِ الجنات، وتفسيرُ الخلودِ والفوز.
وقد قالَ في الآيةِ (25) من سورةِ البقرة: الجنات: البساتين. والضميرُ في قوله: ﴿ مِن تَحْتِهَا عائدٌ إلى الجنات؛ لاشتمالها على الأشجار، أي: من تحتِ أشجارها. (باختصار).
وقالَ في الخلودِ في الآيةِ (25) من سورةِ البقرة: البقاءُ الدائمُ الذي لا ينقطع، وقد يستعملُ مجازاً فيما يطول، والمرادُ هنا الأوّل.
وقالَ في ﴿ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ في الآيةِ (111) من السورة: ووصفُ الفوزِ – وهو الظفرُ بالمطلوب – بالعظيم، يدلُّ على أنه فوزٌ لا فوزَ مثله.

103- ﴿ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ .
﴿ وَاللَّهُ سَمِيعٌ أي: لدعائك، ﴿ عَلِيمٌ أي: بمن يستحقُّ ذلكَ منك، ومَن هو أهلٌ له. (ابن كثير).

104- ﴿ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ﴾.
وهو سبحانَهُ كثيرُ قبولِ التوبةِ مِن عبادهِ المستغفرين التائبين، رؤوفٌ بهم رحيم. (الواضح).

108- ﴿ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ ﴾.
المتطهِّرينَ بالماء. (ابن كثير).

109- ﴿ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ .
أي: لا يُصلِحُ عملَ المفسدين. (ابن كثير).

110- ﴿ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ .
﴿ وَاللَّهُ عَلِيمٌ أي بأعمالِ خَلقه، ﴿ حَكِيمٌ في مجازاتِهم عنها، مِن خيرٍ وشرّ. (ابن كثير).

112- ﴿ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ .
قال: الموصوفين بالصفاتِ السابقة.
وقالَ الإمامُ الطبري: وبشِّرِ المصدِّقينَ بما وعدَهم اللهُ إذا هم وفُوا اللهَ بعهده...
وقالَ ابنُ كثير: لأنَّ الإيمانَ يشملُ هذا كلَّه، والسعادةُ كلُّ السعادةِ لمن اتَّصفَ به.

114- ﴿ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ .
أي: قطعَ الوصلةَ بينه وبينه. والمراد: تنزَّهَ عن الاستغفارِ له وتجانبَ كلَّ التجانب. وفيه من المبالغةِ ما ليس في (تركَهُ) ونظائرِه. (روح المعاني).

117- ﴿ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ .
ثم رزقهم جلَّ ثناؤهُ الإنابةَ والرجوعَ إلى الثباتِ على دينه، وإبصارَ الحقِّ الذي كان قد كادَ يلتبسُ عليهم، ﴿ إنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴾ يقول: إن ربَّكم بالذين خالطَ قلوبَهم ذلكَ لما نالهم في سفرهم من الشدَّةِ والمشقَّة، رؤوفٌ بهم، رحيمٌ أنْ يهلكهم فينزعَ منهم الإيمانَ بعد ما قد أبلَوا في اللهِ ما أبلَو مع رسولهِ، وصبروا عليه من البأساءِ والضرّاء. (الطبري).

119- ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾.
يقولُ تعالى ذكرهُ للمؤمنين معرِّفَهم سبيلَ النجاةِ من عقابه، والخلاصِ من أليمِ عذابه: يا أيها الذين آمنوا بالله ورسوله، اتقوا الله وراقبوه، بأداءِ فرائضه، وتجنبِ حدوده، وكونوا في الدنيا من أهلِ ولايةِ الله وطاعته، تكونوا في الآخرةِ مع الصادقين في الجنة... (الطبري).

120- ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ ﴾.
إن اللهَ لا يَدَعُ محسنًا مِن خَلقهِ أحسنَ في عمله، فأطاعَهُ فيما أمره، وانتهَى عمّا نهاهُ عنه، أن يجازيَهُ على إحسانه، ويثيبَهُ على صالحِ عمله، فلذلكَ كتبَ لمن فعلَ ذلكَ مِن أهلِ المدينةِ ومَن حولَهم مِن الأعرابِ ما ذكرَ في هذه الآيةِ الثوابَ على كلِّ ما فعل، فلم يضيِّعْ له أجرَ فعلهِ ذلك. (الطبري).

121- ﴿ وَلَا يَقْطَعُونَ وَادِيًا ﴾.
أي: لا يجتازون في مسيرهم إلى أرضِ الكفارِ مقبلين ومدبرين. (روح البيان).

126- ﴿ أَوَلاَ يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَّرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لاَ يَتُوبُونَ وَلاَ هُمْ يَذَّكَّرُون .
﴿ ثُمَّ لاَ يَتُوبُونَ من نقضِ العهد، ولا يرجعون إلى الله من النفاق، ﴿ وَلاَ هُمْ يَذَّكَّرُونَ أي: لا يتَّعظون بما يرون من تصديقِ وعدِ الله بالنصرِ والظفرِ للمسلمين. (البغوي).

128- ﴿ لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ .
قال: والرؤوفُ الرحيمُ قد تقدَّمَ بيانُ معناهما. ا.هـ.
لكنَّ المقصودَ هنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم.
قالَ الإمامُ الطبري: أي: رفيقٌ رحيم.
وقالَ البغوي رحمَهُ الله: قيل: رؤوفٌ بالمطيعين، رحيمٌ بالمذنبين.

يتبع

ابوالوليد المسلم 11-01-2021 01:07 AM

رد: عون البصير على فتح القدير
 
سورة يونس
2- ﴿ أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا أَنْ أَوْحَيْنَا إِلَى رَجُلٍ مِّنْهُمْ أَنْ أَنذِرِ النَّاسَ وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُواْ أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِندَ رَبِّهِمْ قَالَ الْكَافِرُونَ إِنَّ هَـذَا لَسَاحِرٌ مُّبِين .
﴿ عَجَبًا :معناهُ أنهم جعلوهُ لأنفسهم أعجوبةً يتعجبون منها، ونصبوهُ وعينوهُ لتوجيهِ الطيرةِ والاستهزاءِ والتعجبِ إليه! (التفسير الكبير للرازي).
﴿ أَنْ أَنذِرِ النَّاسَ :بإنذارهم عقابَ الله على معاصيه.
﴿ مُّبِين : أي: يَبِينُ لكم عنه أنه مبطلٌ فيما يدَّعيه. (الطبري).

3- ﴿ إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ .
ذكرَ أنه تقدَّمَ تفسيرُ هذه الآيةِ في الأعراف، وأنه لا يعيدهُ هنا.
ويعني الآيةَ (54) منها، ومختصرُ تفسيرهِ لها: هذا نوعٌ من بديعِ صنعِ الله وجليلِ قدرته، وتفرُّدهِ بالإيجاد، الذي يوجبُ على العبادِ توحيدهُ وعبادته. واليوم: من طلوعِ الشمسِ إلى غروبها، قيل: هذه الأيامُ من أيامِ الدنيا. وقيل: من أيامِ الآخرة، وهذه الأيامُ الستُّ أولها الأحد، وآخرها الجمعة. وهو سبحانهُ قادرٌ على خلقها في لحظةٍ واحدة، يقولُ لها: كوني، فتكون، ولكنه أرادَ أن يعلِّمَ عبادَهُ الرفقَ والتأني في الأمور.
قوله: ﴿ ثُمَّ ٱسْتَوَىٰ عَلَى ٱلْعَرْشِ : قد اختلفَ العلماءُ في معنى هذا على أربعةَ عشرَ قولاً، وأحقُّها وأولاها بالصوابِ مذهبُ السلفِ الصالح، أنه استوى سبحانهُ عليه بلا كيف، بل على الوجهِ الذي يليقُ به، مع تنزُّههِ عما لا يجوزُ عليه.

4- ﴿ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ بِالْقِسْطِ
ليُثيبَ مَن صدَّقَ اللهَ ورسوله، وعملوا ما أمرهم اللهُ به مِن الأعمال، واجتنبوا ما نهاهم عنه، على أعمالِهم الحسنةِ بالقسط... (الطبري).

5- ﴿ يُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ .
﴿ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ إذا تدبَّروها: حقيقةَ وحدانيةِ الله، وصحَّةَ ما يدعوهم إليه محمَّدٌ صلى الله عليه وسلم، مِن خلعِ الأنداد، والبراءةِ مِن الأوثان. (الطبري).

6- ﴿ إِنَّ فِي اخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ .
﴿ إِنَّ فِي اخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ أي: تعاقبِهما، إذا جاءَ هذا ذهبَ هذا، وإذا ذهبَ هذا جاءَ هذا، لا يتأخَّرُ عنه شيئًا، ﴿ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ مِن الآياتِ الدالَّةِ على عظمتهِ تعالى، ﴿ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ عقابَ اللهِ وسخطَهُ وعذابه. (ابن كثير، باختصار).

9- ﴿ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ ﴾.
في بساتينِ النعيمِ الذي نعَّمَ اللهُ به أهلَ طاعتهِ والإيمانِ به. (الطبري).

17- ﴿ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الْمُجْرِمُون ﴾.
المشركون. (البغوي).

18- ﴿ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾.
تنزيهًا للهِ وعلوًّا عمّا يفعلهُ هؤلاءِ المشركونَ مِن إشراكِهم في عبادةِ ما لا يضرُّ ولا ينفع، وافترائهم عليه الكذب. (الطبري).

27- ﴿ كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعًا مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِمًا .
يعني: كأنما أُلبِسَتْ وجوهُهم سواداً من الليلِ المظلم. (الخازن).

34- ﴿ قُلْ هَلْ مِن شُرَكَآئِكُم مَّن يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ﴾.
يعني: هذه الأصنامُ التي تزعمون أنها آلهة. (الخازن).

35- ﴿ قُلْ هَلْ مِن شُرَكَآئِكُم مَّن يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ ﴾.
هل من هذه الأصنام. (الخازن).

37- ﴿ لَا رَيْبَ فِيهِ .
لا شكَّ فيه. (الطبري).

38- ﴿ أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ ﴾.
يعني: أم يقولُ هؤلاء المشركون: افترَى محمدٌ هذا القرآنَ وخلقَهُ من قِبَلِ نفسه؟ وهو استفهامُ إنكار. (الخازن).

59- ﴿ قُلْ آَللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ
﴿ تَفْتَرُونَ : تكذبون. (يُنظر مفردات الراغب).
يعني: بل أنتم كاذبون على الله في ادِّعائكم أن الله أمرنا بهذا. (الخازن).

62- ﴿ أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ
فسَّرها في الآيةِ التي بعدها.

73- ﴿ فَكَذَّبُوهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ وَجَعَلْنَاهُمْ خَلَائِفَ وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ .
﴿ الْفُلْكِ ﴾: السفينة، والمفسرون وأهلُ الآثارِ مجمعون على أن سفينةَ نوحٍ كانت واحدة. (ابن عطية).
﴿ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ ﴾:أي: يا محمد، كيف أنجينا المؤمنين، وأهلكنا المكذِّبين. (ابن كثير).

74- ﴿ كَذَلِكَ نَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِ الْمُعْتَدِينَ .
أي: نختم. (البغوي).

81- ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ ﴾.
واللهُ لا يُصلِحُ عملَ المفسدين الذين يضلِّلونَ الناس، ولا يؤيِّدُ أعمالَهم ولا يُديمُها، بل يُزيلُها ويُظهِرُ بطلانَها. (الواضح).

85- ﴿ فَقَالُواْ عَلَى اللّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا لاَ تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِين ﴾.
﴿ عَلَى اللّهِ تَوَكَّلْنَا ﴾:أي به وثقنا، وإليه فوَّضنا أمرنا.
﴿ لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِين ﴾: القومِ الكافرين. (الطبري).

86- ﴿ وَنَجِّنَا بِرَحْمَتِكَ مِنَ الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ﴾.
أي: خلِّصنا برحمةٍ منكَ وإحسان، ﴿ مِنَ الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ﴾ أي: الذين كفروا الحقَّ وستروه، ونحن قد آمنّا بكَ وتوكَّلنا عليك. (ابن كثير).

93- ﴿ إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ .
فيما كانوا يختلفونَ مِن أمرِ محمَّدٍ صلى الله عليه وسلم. (الطبري).

97- ﴿ وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّآَيَةٍ حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ .
إلى ان يروه، وحينئذٍ لا ينفعُهم كما لم ينفعْ فرعون. (روح البيان).
... لا يؤمنونَ بكَ فيتَّبعونكَ إلاّ في الحينِ الذي لا ينفعُهم إيمانُهم. (الطبري).

107- ﴿ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾.
قالَ رحمَهُ الله: يصيبُ بفضلهِ من يشاءُ من عباده.
وقالَ الإمامُ الطبري: يُصيبُ ربُّكَ يا محمدُ بالرخاءِ والبلاء، والسرّاءِ والضرّاء، مَن يشاءُ ويريدُ مِن عباده، وهو الغفورُ لذنوبِ مَن تابَ وأنابَ من عباده، من كفرهِ وشركهِ إلى الإيمانِ به وطاعته، الرحيمُ بمن آمنَ به منهم وأطاعَهُ أن يعذِّبَهُ بعد التوبةِ والإنابة.


108- ﴿ قُلْ يَاأَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءكُمُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ ﴾.
قلْ يا أيها الرسولُ مخاطباً لأولئك الكفرة، بعدما بلَّغتَهم ما أُوحيَ إليك. أو للمكلَّفين مطلقاً، كما قالَ الطبرسي. (روح المعاني).

109- ﴿ وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ ﴾.
أي: خيرُ الفاتحين بعدلهِ وحكمته. (ابن كثير).







ابوالوليد المسلم 11-01-2021 01:08 AM

رد: عون البصير على فتح القدير
 
عون البصير على فتح القدير (12)




أ. محمد خير رمضان يوسف





الجزء الثاني عشر

(سورة هود 6- آخر السورة، سورة يوسف 1 - 52)



سورة هود

11- ﴿ إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ أُوْلَـئِكَ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِير ﴾.
قالَ في تفسيرها في الآيةِ (25) من سورةِ البقرة ﴿ وَبَشِّرِ ٱلَّذِين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّٰتٍ ﴾: ﴿ ٱلصَّـٰلِحَاتِ ﴾ الأعمالِ المستقيمة. والمرادُ هنا: الأعمالُ المطلوبةُ منهم، المفترضةُ عليهم. وفيه ردٌّ على من يقول: إن الإيمانَ بمجردهِ يكفي، فالجنةُ تُنالُ بالإيمان، والعملِ الصالح.

12- ﴿ فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَضَائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ أَنْ يَقُولُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ جَاءَ مَعَهُ مَلَكٌ ﴾.
أي: عارضٌ لكَ ضيقُ صدرٍ بتلاوتهِ عليهم وتبليغهِ إليهم في أثناءِ الدعوةِ والمحاجة. وضميرُ ﴿ بِهِ ﴾ يعودُ إلى بعضِ ما يوحَى، وعدلَ عن "ضيق" إلى "ضائق" ليدلَّ على أنه ضيقٌ عارضٌ غيرُ ثابت؛ لأن رسولَ الله صلى الله تعالى عليه وسلم كان أفسحَ الناسِ صدرًا. (روح البيان).

13-﴿ أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ .
﴿ أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ ﴾:يعني: بل يقولُ كفارُ مكة: اختلقه، يعني ما أُوحيَ إليه من القرآن.
﴿ مُفْتَرَيَاتٍ ﴾:مختلقٍ من عندِ أنفسكم. (الخازن).

18- ﴿ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا ﴾.
اختلق. (الخازن).

20- ﴿ أُولَـئِكَ لَمْ يَكُونُواْ مُعْجِزِينَ فِي الأَرْضِ ﴾.
قالَ في معناها في الآيةِ (33) من السورة: بغائبين عما أرادَهُ الله بكم بهربٍ أو مدافعة.

21- ﴿ أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ خَسِرُواْ أَنفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَفْتَرُون ﴾.
يعني: وبطلَ كذبُهم وإفكُهم وفريتُهم على الله، وادعاؤهم أن الملائكةَ والأصنامَ تشفعُ لهم. (الخازن).

22- ﴿ لَا جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الْآَخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ ﴾.
يخبرُ تعالى عن مآلهم أنهم أخسرُ الناسِ صفقةً في الدارِ الآخرة؛ لأنهم استبدلوا الدركاتِ عن الدرجات، واعتاضوا عن نعيمِ الجنانِ بحميمٍ آن، وعن شربِ الرحيقِ المختومِ بسمومٍ وحميمٍ وظلٍّ من يَحموم، وعن الحورِ العِينِ بطعامٍ من غِسلين، وعن القصورِ العاليةِ بالهاوية، وعن قربِ الرحمنِ ورؤيتهِ بغضبِ الديّان وعقوبته، فلا جرمَ أنهم في الآخرةِ هم الأخسرون. (ابن كثير).

23- ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَخْبَتُوا إِلَى رَبِّهِمْ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾.
تفسيرُ الآية: إنَّ الذين استجابوا لنداءِ ربِّهم، فآمَنوا حقَّ الإيمان، وأتْبَعُوا إيمانَهم بالعملِ الصَّالحِ الموافِقِ لكتابِ ربِّهم، وأخلَصوا في طاعتِهم ولم يُراؤوا، وخشعتْ جوارحُهم، واطمأنَّتْ نفوسُهم إلى ربِّهم، أولئك أهلُ الجنَّة، يتنعَّمونَ فيها ويفرحون، خالدين فيها، لا يموتون ولا يَهرَمون. (الواضح).

35- ﴿ أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَعَلَيَّ إِجْرَامِي ﴾.
اختلقَهُ... اختلقتُهُ. (الخازن).

36- ﴿ وَأُوحِيَ إِلَى نُوحٍ أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آَمَنَ فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ ﴾.
يعني بسببِ كفرهم وأفعالهم. (الخازن).

38- ﴿وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ﴾.
"الملأ " هنا: الجماعة. (ابن عطية).

40- ﴿ حَتَّى إِذَا جَاء أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ ﴾.
عذابُنا. (البغوي).
وقالَ ابن عطيةَ موضحًا: الأمرُ ها هنا يحتملُ أن يكونَ واحدَ الأمور، ويحتملُ أن يكونَ مصدرَ أمر، فمعناه: أمرُنا للماءِ بالفوران، أو للسحابِ بالإرسال، أو للملائكةِ بالتصرفِ في ذلك، ونحوُ هذا مما يقدَّرُ في النازلة.

48- ﴿ وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾.
نُذيقهم. (الطبري).

50- ﴿ وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ
فقالَ لهم: يا قوم، اعبدوا الله وحدَهُ لا شريكَ له، دونَ ما تعبدون من دونهِ من الآلهةِ والأوثان، ﴿ مَا لَكُمْ مِنْ إلَهٍ غَيْرُهُ يقول: ليسَ لكم معبودٌ يستحقُّ العبادةَ عليكم غيره، فأخلِصوا له العبـادة، وأفرِدوهُ بـالألوهة. (الطبري).

54- ﴿ قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ .
فقالَ هودٌ لهم: إنِّي أُشهِدُ اللهَ على نفسي. (الطبري).

57- ﴿ وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْمًا غَيْرَكُمْ ﴾.
ويستبدلُ بكم قوماً غيركم.. (البغوي).
ويجيءُ بقومٍ آخرين يَخلفونكم في دياركم وأموالكم. (النسفي).

61- ﴿ وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ ﴾.
ذكرَ أن الكلامَ فيه كما تقدَّمَ في قصةِ هود. ويقصدُ الآيةَ (50) من السورة: ﴿ وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ ﴾.
وقد بيَّن هناك معنى ﴿ أَخَاهُمْ ﴾ بأنه: واحدٌ منهم. كما بيَّنَ من هم قومُ عاد.
وقالَ الإمامُ الطبري فيما تبقَّى من الآية: فقالَ لهم: يا قوم، اعبدوا الله وحدَهُ لا شريكَ له، وأخلِصوا له العبادةَ دونَ ما سواهُ من الآلهة، فما لكم مِن إلهٍ غيرهُ يستوجبُ عليكم العبادة، ولا تجوزُ الألوهةُ إلاّ له. (الطبري).

65- ﴿ فَعَقَرُوهَا ﴾.
العقر: قيل: قطعُ عضوٍ يؤثِّرُ في النفس. وقالَ الراغب: يقال: عقرتُ البعيرَ إذا نحرته. ويجيءُ بمعنى الجرحِ أيضاً، كما في «القامومس». (روح المعاني).

66- ﴿ فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا صَالِحًا وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ ﴾.
قال: تقدَّمَ تفسيرُ هذا في قصةِ هود. ويقصدُ الآيةَ (58) من السورة: ﴿ وَلَمَّا جَآءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا هُوداً وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا ﴾. وقد قال هناك:
﴿ وَلَمَّا جَاء أَمْرُنَا ﴾ أي: عذابُنا، الذي هو إهلاكُ عاد، ﴿ نَجَّيْنَا هُودًا وَٱلَّذِينَ ءامَنُواْ مَعَهُ ﴾ مِن قومهِ ﴿ بِرَحْمَةٍ مّنَّا ﴾ أي: برحمةٍ عظيمةٍ كائنةٍ منا؛ لأنه لا ينجو أحدٌ إلا برحمةِ الله، وقيل: هي الإيمان.

68- ﴿ أَلَا إِنَّ ثَمُودَ كَفَرُوا رَبَّهُمْ أَلَا بُعْدًا لِثَمُودَ ﴾.
قال: تقدَّمَ تفسيرُ هذه القصةِ في الأعراف.
وقد قالَ في معنى ﴿ بُعْدًا ﴾ في الآيةِ (60) من هذه السورة: ﴿ أَلاَ بُعْدًا لِّعَادٍ قَوْمِ هُود ﴾: أي: لا زالوا مبعَدين من رحمةِ الله. والبُعد: الهلاك، والبُعد: التباعدُ من الخير...وقد تقدَّمَ أن العربَ تستعملهُ في الدعاءِ بالهلاك. (باختصار).

70- ﴿ قَالُوا لَا تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمِ لُوطٍ ﴾.
﴿ إِنَّا ﴾ ملائكةُ اللهِ ﴿ أُرْسِلْنَا ﴾ بالعذاب. (الخازن، روح البيان).

73- ﴿ رَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ ﴾.
أهلَ بيتِ إبراهيم. (الطبري).

85- ﴿ وَيَا قَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ
آلةُ الوزنِ والكيل. (روح البيان).

87- ﴿قَالُوا يَا شُعَيْبُ أَصَلَاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آَبَاؤُنَا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ.
قال: تقدَّمَ تفسيرُ الحِلمِ والرشد. ويعني متفرقين. وهنا يحتاجُ اللفظان إلى توضيح، للسياق.
قالَ ابنُ عباس: أرادوا السفيهَ الغاوي؛ لأن العربَ قد تصفُ الشيءَ بضدِّه، فيقولون للديغِ سليم، وللفلاةِ المهلكة مفازة.
وقيل: هو على حقيقته، وإنما قالوا ذلك على سبيلِ الاستهزاءِ والسخرية.
وقيل: معناه: إنك لأنت الحليمُ الرشيدُ في زعمك.
وقيل: هو على بابهِ من الصحة، ومعناه: إنك يا شعيبُ فينا حليمٌ رشيد، فلا يحملْ بكَ شقَّ عصا قومِكَ ومخالفتَهم في دينهم. (الخازن).
وقال أيضًا في (روح المعاني): وصفوهُ عليه السلامُ بهذين الوصفَين الجليلَين على طريقةِ الاستعارةِ التهكمية، فالمرادُ بهما ضدُّ معناهما. وهذا هو المرويُّ عن ابنِ عباس رضيَ الله تعالى عنهما. (روح المعاني).

90- ﴿ وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ﴾.
قال: تقدَّمَ تفسيرُ الاستغفار مع ترتيبِ التوبةِ عليه في أولِ السورة. ويعني الآيةَ (3) منها: ﴿ وَأَنِ ٱسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوۤاْ إِلَيْهِ ﴾، وقد قالَ هناك:
قدَّمَ الإرشادَ إلى الاستغفارِ على التوبةِ لكونهِ وسيلةً إليها. وقيل: إن التوبةَ من متمِّماتِ الاستغفار. وقيل: معنى ﴿ وَاسْتَغْفِرُوا ﴾: توبوا، ومعنى ﴿ تُوبُوا ﴾: أخلِصوا التوبةَ واستقيموا عليها. وقيل: استغفروا من سالفِ الذنوب، ثم توبوا من لاحقِها. وقيل: استغفروا من الشرك، ثم ارجعوا إليه بالطاعة. قالَ الفراء: ﴿ ثُمَّ ﴾ هاهنا بمعنى الواو، أي: وتوبوا إليه؛ لأن الاستغفارَ هو التوبة، والتوبةَ هي الاستغفار. وقيل: إنما قدَّمَ ذكرَ الاستغفارِ لأن المغفرةَ هي الغرضُ المطلوب، والتوبةُ هي السببُ إليها، وما كان آخِراً في الحصول، كان أوَّلاً في الطلب. وقيل: استغفروا في الصغائر، وتوبوا إليه في الكبائر. ا.هـ.
وقالَ الإمامُ الطبري في تفسيرها: استَغفِروا ربَّكُم - أيها القومُ - مِن ذنوبِكم بينَكم وبينَ ربِّكم التي أنتم عليها مُقيمون، مِن عبادةِ الآلهةِ والأصنام، وبَخْسِ الناسِ حقوقَهم في المكاييلِ والموازين، ثم ارجِعوا إلى طاعتهِ والانتهاءِ إلى أمرهِ ونهيه. (الطبري).
يتبع

ابوالوليد المسلم 11-01-2021 01:08 AM

رد: عون البصير على فتح القدير
 

91- ﴿ وَمَا أَنْتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ .
مكرَّمٍ محترم، حتى تمنعَنا عزَّتُكَ من رجمك... (روح البيان).

92- ﴿ قَالَ يَاقَوْمِ أَرَهْطِي أَعَزُّ عَلَيْكُم مِّنَ اللّهِ وَاتَّخَذْتُمُوهُ وَرَاءكُمْ ظِهْرِيًّا ﴾.
أهيب. (البغوي).

95- ﴿ كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا .
ذكرَ أنه تقدَّمَ تفسيرهُ قريبًا. وقصدهُ الآية (68) من السورة، وقد قالَ في معناها: أي: كأنهم لم يقيموا في بلادهم أو ديارهم.

102- ﴿ وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ .
ومِثلُ ما مرَّ مِن إهلاكِ الأقوامِ والقرى يكونُ إهلاكُ ربِّكَ لها ولأشباهِها. (الواضح).

105- ﴿ يَوْمَ يَأْتِ لَا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ ﴾.
السعادةُ على ما قالَ الراغب: معاونةُ الأمورِ الإلهيةِ للإنسانِ على نيلِ الخير، ويضادُّها الشقاوة. وفسَّرَ في «البحر» الشقاوةَ بنكدِ العيشِ وسوئه، ثم قال: والسعادةُ ضدُّها. وفي «القاموس» ما يقربُ من ذلك. فالشقيُّ والسعيدُ هما المتصفان بما ذُكر. وفسَّرَ غيرُ واحدٍ الأولَ بمن استحقَّ النارَ بمقتضى الوعيد، والثاني بمن استحقَّ الجنةَ بموجبِ الوعد، وهذا هو المتعارفَ بين الشرعيين. (روح المعاني).
قالَ في "التبيان": علامةُ الشقاوةِ خمسةُ أشياء: قساوةُ القلب، وجمودُ العين، والرغبةُ في الدنيا، وطولُ الأمل، وقلةُ الحياء. وعلامةُ السعادةِ خمسةُ أشياء: لينُ القلب، وكثرةُ البكاء، والزهدُ في الدنيا، وقصرُ الأمل، وكثرةُ الحياء. (روح البيان).

107- ﴿ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ .
إنَّ ربَّكَ - يا محمَّدُ - لا يمنعهُ مانعٌ مِن فعلِ ما أرادَ فعلَهُ بمن عصاهُ وخالفَ أمرَهُ مِن الانتقامِ منه، ولكنه يفعلُ ما يشاء، فيُمضي فعلَهُ فيهم وفيمن شاءَ مِن خَلقهِ فعلَهُ وقضاءَه. (الطبري).

110- ﴿ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ ﴾.
قال: الموقعُ في الريبة. وقد قالَ في الآيةِ (62) من السورة: الريبة: قلقُ النفسِ وانتفاءُ الطمأنينة.

111- ﴿ وَإِنَّ كُلًّا لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ أَعْمَالَهُمْ إِنَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ﴾.
أخبرَ تعالَى أنه سيجمعُ الأولين والآخِرين من الأمم، ويَجزيهم بأعمالهم، إنْ خيراً فخير، وإنْ شرًّا فشرّ، فقال: ﴿ وَإِنَّ كُـلاًّ لَّمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ أَعْمَالَهُمْ إِنَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ﴾ أي: عليمٌ بأعمالهم جميعِها، جليلِها وحقيرها، صغيرِها وكبيرها.
وفي هذه الآيةِ قراءاتٌ كثيرةٌ يرجعُ معناها إلى هذا الذي ذكرناه؛ كما في قولهِ تعالى: ﴿ وَإِن كُلٌّ لَّمَّا جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ ﴾ [سورة يس: 32]. (ابن كثير).

112- ﴿ فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ﴾.
لا يخفَى عليه من أعمالِكم شيء. (البغوي).

113- ﴿ وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ ﴾.
فتصيبكم النارُ بحرِّها. (الخازن).

116- ﴿ فَلَوْلاَ كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِن قَبْلِكُمْ أُوْلُواْ بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الأَرْضِ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّنْ أَنجَيْنَا مِنْهُمْ ﴾.
هو الكفر، وما اقترنَ به من المعاصي. (ابن عطية).

سورة يوسف
4- ﴿ إِذْ قَالَ يُوسُفُ لأَبِيهِ يَاأَبتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِين ﴾.
أرادَ بالسجودِ تواضعَهم له ودخولَهم تحت أمره، وقيل: أرادَ به حقيقةَ السجود؛ لأنه كان في ذلك الزمانِ التحيةَ فيما بينهم السجودُ. (الخازن).

12- ﴿ أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَدًا يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ﴾.
يقولون: ونحن نحفظهُ ونحوطهُ مِن أجلك. (ابن كثير).

15- ﴿ فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ ﴾.
قال: تقدَّمَ تفسيرُ الغيابةِ والجبِّ قريبًا.
ويقصدُ الآيةَ (10) من السورة، وقد قالَ هناك ما مختصره: الغيابة: كلُّ شيءٍ غيَّبَ عنك شيئاً. وقيلَ للقبر: غيابة. والمرادُ به هنا: غورُ البئرِ الذي لا يقعُ البصرُ عليه، أو طاقةٌ فيه.

والجبّ: البئرُ التي لم تطو، ويقالُ لها قبلَ الطيِّ ركية، فإذا طُويتْ قيلَ لها: بئر، سمِّيتْ جُبًّا لأنها قُطِعتْ في الأرض قطعاً.

19- ﴿ قَالَ يَابُشْرَى هَـذَا غُلاَمٌ ﴾.
الغلام: كثيراً ما يطلقُ على ما بين الحولين إلى البلوغ.. (روح المعاني).

21- ﴿ وَكَذَلِكَ مَكَّنِّا لِيُوسُفَ فِي الأَرْضِ ﴾.
قالَ في الآيةِ (55): هي أرضُ مصر.

26- ﴿ قَالَ هِيَ رَاوَدَتْنِي عَن نَّفْسِي ﴾.
قال: تقدَّمَ بيانُ معنى المراودة. وهي في الآيةِ (23) من السورة، فقال: المراودة: الإرادةُ والطلبُ برفقٍ ولين، وقيل: هي مأخوذةٌ من الرود، أي: الرفقُ والتأني، يقال: أرودني: أمهلني. وقيل: المراودةُ مأخوذةٌ من رادَ يرودُ إذا جاءَ وذهب، كأن المعنى: أنها فعلتْ في مراودتها له فعلَ المخادِع، ومنه: الرائد، لمن يطلبُ الماءَ والكلأ. وقد يخصُّ بمحاولةِ الوقاع، فيقال: راودَ فلانٌ جاريتَهُ عن نفسها..

27- ﴿ وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ
فسَّرَهُ في الآيةِ السابقةِ لها بقوله: إن كان مقطوعًا.

28- ﴿ فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ ﴾.
قُطِعَ من ورائه. (ينظرُ تفسيرهُ للآيتين 26 – 27).

29- ﴿ يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ ﴾.
يعني: توبي إلى الله مما رَميتِ يوسفَ به من الخطيئةِ وهو بريءٌ منها. وقيل: إن هذا من قولِ الشاهد، يقولُ للمرأة: سَلي زوجَكِ أن يصفحَ عنكِ ولا يعاقبَكِ بسببِ ذنبك. (الخازن).

30- ﴿ وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَن نَّفْسِهِ ﴾.
قالَ في الآيةِ (23) من السورة: المراودة: الإرادةُ والطلبُ برفقٍ ولين، وقيل: هي مأخوذةٌ من الرود، أي: الرفقُ والتأني، يقال: أرودني: أمهلني. وقيل: المراودةُ مأخوذةٌ من رادَ يرودُ إذا جاءَ وذهب، كأن المعنى: أنها فعلتْ في مراودتها له فعلَ المخادِع، ومنه: الرائد، لمن يطلبُ الماءَ والكلأ. وقد يخصُّ بمحاولةِ الوقاع، فيقال: راودَ فلانٌ جاريتَهُ عن نفسها..

31- ﴿ وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا هَذَا بَشَرًا إِنْ هَذَا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ ﴾.
﴿ كَرِيمٌ ﴾ يعني على ربِّه، في تفسيرِ أبي الليث، وهو من بابِ قصرِ القلب؛ لقلبهِ حكمَ السامعين، حيث اعتقدوا أنه بشرٌ لا ملَك، وقصرنَهُ على الملَكيةِ مع علمهنَّ أنه بشر؛ لأنه ثبتَ في النفوس: لا أكملَ ولا أحسنَ خَلقًا من الملَك، يعني رُكِّزَ في العقولِ من أنْ لا حيَّ أحسنُ من الملَك، كما رُكِّزَ فيها أنْ لا أقبحَ من الشيطان؛ ولذلك لا يزالُ يشبَّهُ بهما كلُّ متناهٍ في الحُسنِ والقبح. وغرضُهنَّ وصفهُ بأقصى مراتبِ الحسنِ والجمال. (روح البيان).

32- ﴿ وَلَقَدْ رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ ﴾.
قالَ في الآيةِ (23) من السورة: المراودة: الإرادةُ والطلبُ برفقٍ ولين... إلى أن قال: وقد يخصُّ بمحاولةِ الوقاع، فيقال: راودَ فلانٌ جاريتَهُ عن نفسها..

41- ﴿ وَأَمَّا الْآَخَرُ فَيُصْلَبُ﴾.
قالَ الراغبُ في مفرداته: الصُّلب: الذي هو تعليقُ الإنسانِ للقتل، قيل: هو شدُّ صُلبهِ على خشب، وقيل: إنما هو مِن صَلْبِ الودَك.
وقد قالَ قبلَهُ: الصَّلبُ والاصطِلاب: استخراجُ الودَكِ (أي الشحمِ) من العظم.

46- ﴿ يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعِ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ .
﴿ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ ﴾: الصدِّيق: الكثيرُ الصدق. (البغوي).
﴿ سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعِ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ ﴾ قالَ الشوكاني رحمَهُ الله في الآيةِ (43) من السورة، ما ملخصه: ﴿ سَبْعَ بَقَرٰتٍ سِمَانٍ جمعُ سمين وسمينة، في إثرهنَّ سبعٌ عجاف، أي: مهازيل، وقد أقبلتِ العجافُ على السمانِ فأكلتهنّ. ﴿ وَسَبْعَ سُنْبُلَـٰتٍ معطوفٌ على ﴿ سَبْعِ بَقَرَاتٍ . والمرادُ بقوله: ﴿ خُضْرٍ أنه قد انعقدَ حَبُّها، واليابساتُ قد أدركتِ الخضرَ والتوتْ عليها حتى غلبتها.

50- ﴿ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ
﴿ قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ ﴾ قالَ رحمَهُ الله في الآيةِ (31) من السورة:أي: جرحنها، وليس المرادُ به القطعَ الذي تَبِينُ منه اليد، بل المرادُ به: الخدشُ والحزّ، وذلك معروفٌ في اللغة، كما قالَ النحّاس، يقال: قطعَ يدَ صاحبهِ إذا خدشها. وقيل: المرادُ بأيديهنَّ هنا: أناملهنّ، وقيل: أكمامهنّ.
﴿ بِكَيْدِهِنَّ ﴾قالَ في الآيةِ (33) من السورة: الكيد: الاحتيال.


51- ﴿ قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدْتُنَّ يُوسُفَ عَنْ نَفْسِهِ .
قال: تقدَّمَ معنى المراودة. وقد قالَ في الآيةِ (23) من السورة: المراودة: الإرادةُ والطلبُ برفقٍ ولين... إلى أن قال: وقد يخصُّ بمحاولةِ الوقاع، فيقال: راودَ فلانٌ جاريتَهُ عن نفسها..

52- ﴿ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ .
قالَ في الآيةِ (33) من السورة: الكيد: الاحتيال.




ابوالوليد المسلم 11-01-2021 01:10 AM

رد: عون البصير على فتح القدير
 
عون البصير على فتح القدير (13)




أ. محمد خير رمضان يوسف



الجزء الثالث عشر

(سورة يوسف 53 – آخر السورة، سورة الرعد، سورة إبراهيم)


62- ﴿إِذَا انْقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمْ.
انصرفوا. (البغوي).
رجعوا إلى أهلهم. (الخازن، روح البيان...).

67- ﴿إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ﴾.
الحكمُ عبارةٌ عن الإلزامِ والمنعِ من النقيض، وسمِّيتْ حَكَمةُ الدابةِ بهذا الاسمِ لأنها تمنعُ الدابةَ عن الحركاتِ الفاسدة، والحكمُ إنما سمِّيَ حكماً لأنه يقتضي ترجيحَ أحدِ طرفي الممكنِ على الآخر، بحيث يصيرُ الطرفُ الآخرُ ممتنعَ الحصول، فبيَّنَ تعالى أن الحكمَ بهذا التفسيرِ ليس إلا لله سبحانه وتعالى، وذلك يدلُّ على أن جميعَ الممكناتِ مستندةٌ إلى قضائهِ وقدرهِ ومشيئتهِ وحكمه، إما بغيرِ واسطة، وإما بواسطة. (مفاتيح الغيب).

72- ﴿قَالُوا نَفْقِدُ صُوَاعَ الْمَلِكِ.
الفقد: عدمُ الشيءِ بعد وجوده. (مفردات الراغب).
أي: ضاعَ منَّا كأسُ الـمَلِك. (الواضح).

93- ﴿اذْهَبُواْ بِقَمِيصِي هَذَا فَأَلْقُوهُ عَلَى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيرًا.

قالَ المحققون: إنما عرفَ أن إلقاءَ ذلك القميصِ على وجههِ يوجبُ قوةَ البصرِ بوحي من الله تعالى، ولولا الوحيُ لما عرفَ ذلك؛ لأن العقلَ لا يدلُّ عليه. (مفاتيح الغيب).

96- ﴿قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُون.
قالَ في مثلها في الآيةِ (86) من السورة: أي: أعلمُ من لطفهِ وإحسانهِ وثوابهِ على المصيبةِ ما لا تعلمونهُ أنتم.
وقيل: أرادَ علمَهُ بأن يوسفَ حيّ.
وقيل: أرادَ علمَهُ بأن رؤياهُ صادقة.
وقيل: أعلمُ مِن إجابةِ المضطرين إلى الله ما لا تعلمون.

98- ﴿قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾.
إن ربِّي هو الساترُ على ذنوبِ التائبين إليهِ مِن ذنوبِهم، الرحيمُ بهم أنْ يعذِّبَهم بعدَ توبتِهم منها. (الطبري).

104- ﴿وَمَا تَسْأَلُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِين﴾.
يتذكرون به ويهتدون، وينجون به في الدنيا والآخرة. (ابن كثير).

107- ﴿أَوْ تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ﴾.
القيامة. (الطبري).

108- ﴿وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ.
تنزيهاً له عمّا أشركوا به. (البغوي).

109- ﴿وَلَدَارُ الْآَخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا أَفَلَا تَعْقِلُونَ﴾.
أي: وكما أنجينا المؤمنين في الدنيا، كذلكَ كتبنا لهم النجاةَ في الدارِ الآخرةِ أيضًا، وهي خيرٌ لهم مِن الدنيا بكثير. (ابن كثير)، ﴿أَفَلَا﴾ يستعملون عقولَهم ليعرفوا أنها خير؟ (البيضاوي).

110- ﴿وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ.
ولا يُرَدُّ عذابُنا عن المشركين. (البغوي).

سورة الرعد

2- ﴿يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ.
لتوقِنوا بلقاءِ الله، والـمَعادِ إلـيه. (الطبري).

13- ﴿وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ﴾.
جمعُ صاعقة، وهي كالصاقعةِ في الأصل: الهدَّةُ الكبيرة، إلا أن الصقعَ يقالُ في الأجسامِ الأرضية، والصعقُ في الأجسامِ العلوية. والمرادُ بها هنا النارُ النازلةُ من السحابِ مع صوتٍ شديد. (روح المعاني).

15- ﴿بِالْغُدُوِّ وَالآصَال﴾.
قال: تقدَّمَ تفسيرُ الغدوِّ والآصالِ في الأعراف. ويعني في الآيةِ (205) منها، وكان مما قالَ هناك: أي: أوقاتِ الغدواتِ وأوقاتِ الأصائل. والغدوّ: جمعُ غدوة، والآصال: جمع أصيل، قالَهُ الزجّاج والأخفش. قالَ الجوهري: الأصيل: الوقتُ من بعدِ العصرِ إلى المغرب.

16- ﴿قُلْ مَن رَّبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ قُلِ اللّهُ قُلْ أَفَاتَّخَذْتُم مِّن دُونِهِ أَوْلِيَاء لاَ يَمْلِكُونَ لأَنفُسِهِمْ نَفْعًا وَلاَ ضَرًّا﴾.
﴿رَّبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ﴾: يعني: مَن مالكُ السماواتِ والأرض، ومن مدبِّرُهما وخالقُهما؟
﴿أَوْلِيَاء﴾:يعني الأصنام، والوليَّ الناصر، والمعنى: تولَّيتُم غيرَ ربِّ السماواتِ والأرض، واتخذتموهم أنصاراً، يعني الأصنام. (الخازن).

17- ﴿أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رَّابِيًا﴾.
﴿مَاء﴾ أي: مطرًا.
﴿فَاحْتَمَلَ﴾أي: حملَ ورفع. (روح البيان).

24- ﴿فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ﴾.
ذكرَ في الآيةِ (22) من السورة، أن المقصودَ بها الجنة.

25- ﴿وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ﴾.
قال: مرَّ تفسيرُ عدمِ النقضِ وعدمِ القطع، فعُرِفَ منهما تفسيرُ النقضِ والقطع.
وقصدهُ ورودهما في الآيتين (20 – 21) من السورة: ﴿الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللّهِ وَلاَ يِنقُضُونَ الْمِيثَاق . وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الحِسَاب﴾.
وقد قالَ هناك: ﴿وَلاَ يِنقُضُونَ ٱلْمِيثَـٰقَ﴾ الذي وثقوهُ على أنفسهم، وأكَّدوهُ بالأيمانِ ونحوِها.
﴿وَٱلَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ ٱللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ﴾: ظاهرهُ شمولُ كلِّ ما أمرَ الله بصلته، ونهَى عن قطعه، من حقوقِ الله وحقوقِ عباده، ويدخلُ تحت ذلك صلةُ الأرحامِ دخولاً أوّلياً. وقد قصرَهُ كثيرٌ من المفسرين على صلةِ الرحم، واللفظُ أوسعُ من ذلك.

27- ﴿وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آَيَةٌ مِنْ رَبِّهِ.
قال: تقدَّمَ تفسيرُ هذا قريبًا. ويعني في الآيةِ (7) من السورة. وقد قالَ هناك:
أي: هلّا أُنزِلَ عليه آيةٌ غيرُ ما قد جاءَ به من الآيات. وهؤلاء الكفارُ القائلون هذه المقالةَ هم المستعجلون للعذاب. قالَ الزجّاج: طلبوا غيرَ الآياتِ التي أتَى بها، فالتمَسوا مثلَ آياتِ موسى وعيسى.

29- ﴿الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآَبٍ﴾.
الصالحاتِ من الأعمال، وذلك العملُ بما أمرهم ربهم. (الطبري).

32- ﴿وَلَقَدِ اسْتُهْزِىءَ بِرُسُلٍ مِّن قَبْلِكَ فَأَمْلَيْتُ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَاب.
قال: الإملاء: الإمهال، وقد مرَّ تحقيقهُ في الأعراف. وقصدهُ الآيةُ (183) منها: ﴿وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ، وقد قالَ هناك: أي: أُطيلُ لهم المدَّةَ وأُمهلِهم، وأؤخِّرُ عنهم العقوبة. ا.هـ.
وتفسيرُ ما قبلها: المعنى أنهم إنما طلبوا منكَ هذه الآياتِ على سبيلِ الاستهزاء، وكذلك قد استُهزىءَ برسلٍ مِن قبلك. (الخازن).
يتبع

ابوالوليد المسلم 11-01-2021 01:10 AM

رد: عون البصير على فتح القدير
 

33- ﴿بَلْ زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مَكْرُهُمْ وَصُدُّوا عَنِ السَّبِيلِ﴾.
بمعنى: وصدَّهم الله عن سبـيـلهِ لكفرهم به. (الطبري).
معناه: صُرفوا عن سبيلِ الدينِ والرشدِ والهداية، ومُنِعوا من ذلك. والصادُّ المانعُ لهم هو الله تعالى. (الخازن).

34- ﴿لَهُمْ عَذَابٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآَخِرَةِ أَشَقُّ.
أشدّ. (البغوي).

35- ﴿مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ﴾.
قالَ في مثلها، في الآيةِ (25) من السورة: الأنهارُ جمعُ نهر، وهو: المجرَى الواسع، فوق الجدولِ ودون البحر، والمراد: الماءُ الذي يجري فيها. وأُسنِدَ الجريُ إليها مجازاً، والجاري حقيقةً هو الماء...

42- ﴿وَقَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلِلّهِ الْمَكْرُ جَمِيعًا﴾.
أي: العقوباتُ التي أحلَّها بهم. وسمّاها "مكراً " على عرفِ تسميةِ المعاقبةِ باسمِ الذنب، كقولهِ تعالى: ﴿اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ﴾ [سورة البقرة: 15] ونحوِ هذا. (ابن عطية).

سورة إبراهيم

1- ﴿الۤر كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ﴾.
يعني القرآن. (الطبري).

6- ﴿وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ أَنْجَاكُمْ مِنْ آَلِ فِرْعَوْنَ﴾.
فرعونَ وأتباعهِ وأهلِ دينه، وهم القبط. (روح البيان).

7- ﴿وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ﴾.
وذلكَ بسلبِ النعمِ عنهم، وعقابهِ إيّاهم على كفرِها. (ينظر ابن كثير).

11- ﴿وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ﴾.
وبـالله فلـيثق. (الطبري).

13- ﴿فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ.
الذين ظلموا أنفسَهم، فأوجبوا لها عقابَ الله بكفرهم. وقد يجوزُ أن يكونَ قيلَ لهم "الظالمون" لعبادتهم مَن لا تجوزُ عبادتهُ من الأوثانِ والآلهة، فيكونُ بوضعهم العبادةَ في غيرِ موضعها إذ كان ظلماً، سُمُّوا بذلك ظالمين. (الطبري).
يعني أن عاقبةَ أمرهم إلى الهلاكِ فلا تخافوهم. (الخازن).

21- ﴿قَالُوا لَوْ هَدَانَا اللَّهُ لَهَدَيْنَاكُمْ سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِنْ مَحِيصٍ﴾.
الجزع: عدمُ الصبرِ على البلاء. (روح البيان).
الجزعُ أبلغُ من الحزن؛ لأنه يصرفُ الإنسانَ عما هو بصدده، ويقطعهُ عنه. (الخازن).

22- ﴿فَلاَ تَلُومُونِي وَلُومُواْ أَنفُسَكُم﴾.
اللوم: عذلُ الإنسانِ بنسبتهِ إلى ما فيه لوم. (مفردات الراغب).

23- ﴿وَأُدْخِلَ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ.
أوردَ كلماتٍ ثم قال: وقد تقدَّمَ تفسيرُ هذا في سورةِ يونس.
ويعني الآيتين التاسعةَ والعاشرةَ من السورة: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الأَنْهَارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيم . دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلاَمٌ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِين﴾.
وملخصُ قولهِ في تفسيرِ الآيتين: ﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ﴾ فيه إضمار، أي: يُرشدُهم ربُّهم بإيمانهم إلى جنةٍ ﴿تَجْرِى مِن تَحْتِهِمُ ٱلأَنْهَـٰرُ﴾ أي: بين أيديهم.
﴿دَعْوَٰهُمْ﴾ أي: قولُهم وكلامُهم ﴿فِيهَا سُبْحَـٰنَكَ ٱللَّهُمَّ﴾ وهي كلمةُ تنزيه، تنزِّهُ الله من كلِّ سوء. ﴿وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلاَمٌ﴾ أي: يحيِّ بعضُهم بعضاً بالسلام، وقيل: تحيةُ الملائكةِ لهم بالسلام...

24- ﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ﴾.
أصلُ الطِّيبِ ما تستلذُّهُ الحواسُّ وما تستلذُّهُ النفس. (مفردات الراغب).

25- ﴿تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ﴾.
﴿تُؤْتِي أُكُلَهَا﴾: تُطعمُ ما يؤكَلُ منها من ثمرها.
﴿وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ﴾: ويمثِّلُ اللهُ الأمثالَ للناسِ ويشبِّهُ لهم الأشياء. (الطبري).

26- ﴿وَمَثلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ﴾.
قال: تقدَّمَ تفسيرها. ويعني في الآيةِ (24) من السورة، فقال: هي كلمةُ الشرك، أو ما هو أعمُّ من ذلك من كلماتِ الشرّ. ا.هـ.
والـمُخبِثُ والخبيث: ما يُكرَهُ رداءةً وخساسة، محسوسًا كان أو معقولًا، وأصله: الرديءُ الدِّخْلة، الجاري مجرَى خبَثِ الحديد... (مفرداتُ الراغب).

27- ﴿وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ.
يعني من التوفيقِ والخذلان، والهدايةِ والإضلال، والتثبيتِ وتركه، لا اعتراضَ عليه في جميعِ أفعاله، ﴿لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ﴾ [سورة الأنبياء: 23]. (الخازن).

29- ﴿جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ الْقَرَارُ﴾.
أي: داخلين فيها مقاسين لحرِّها، يقال: صلَى النارَ صَليًا: قاسَى حرِّها، كتصلاها. (روح البيان).

31- ﴿قُلْ لِعِبَادِيَ الَّذِينَ آَمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلَاةَ.
قلْ لعباديَ المؤمنين يَلتزموا جانبَ الطَّاعة، ويحافظوا على صلواتِهم، بشروطِها وأركانِها وفي أوقاتِها. (الواضح).

32- ﴿وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ﴾.
وهي السفن. (الطبري).

35- ﴿وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آَمِنًا﴾.
ذَا أمنٍ يؤمَنُ فيه. (البغوي).

44- ﴿وَأَنْذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ﴾.
فسَّرَ الإنذارَ بالنصيحةِ والتخويف، في الآيةِ (52) من السورة.

45- ﴿وَضَرَبْنَا لَكُمُ الْأَمْثَالَ﴾.
فسَّرَ الكلمةَ في الآيةِ (25) من السورة: ﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلاً، فقال: أي: اختارَ مثلاً وضعَهُ في موضعهِ اللائق به.

46- ﴿وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ﴾.
المكرُ خديعة. (روح البيان).

47- ﴿فَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ.
أُطلِقَ الحسبانُ على الأمرِ المتحقَّقِ هنا. (البحر المحيط).

51- ﴿إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ.
قالَ رحمَهُ الله: لا يشغلهُ عنه شيء، وقد تقدَّمَ تفسيره. ا.هـ.
وقد قالَ في تفسيره، في الآيةِ (202) من سورةِ البقرة ﴿أُولَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ سَرِيعُالْحِسَابِ: المعنى: أن حسابَهُ لعبادهِ في يومِ القيامةِ سريعٌ مجيؤه، فبادِروا ذلك بأعمالِ الخير. أو أنه وصفَ نفسَهُ بسرعةِ حسابِ الخلائقِ على كثرةِ عددِهم، وأنه لا يَشغَلهُ شأنٌ عن شأن، فيحاسبُهم في حالةٍ واحدة، كما قالَ تعالى: ﴿مَّا خَلْقُكُمْ وَلاَ بَعْثُكُمْ إِلاَّ كَنَفْسٍ وٰحِدَةٍ [سورة لقمان: 28].





ابوالوليد المسلم 11-01-2021 01:11 AM

رد: عون البصير على فتح القدير
 
عون البصير على فتح القدير (14)






أ. محمد خير رمضان يوسف

الجزء الرابع عشر


(سورة الحِجر، سورة النحل)



سورة الحِجر
1-﴿ الر تِلْكَ آَيَاتُ الْكِتَابِ وَقُرْآَنٍ مُبِينٍ ﴾.
يُبِينُ مَن تأمَّلَهُ وتدبَّرَهُ رُشدَه. (الطبري).

9- ﴿ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُون ﴾.
وهو القرآن. (الطبري).

61- ﴿ فَلَمَّا جَاءَ آَلَ لُوطٍ الْمُرْسَلُونَ ﴾.
ذكرَ أنه تقدَّمَ تفسيرهُ في سورةِ هود. وقصدهُ الآيةُ (77) من السورة: ﴿ وَلَمَّا أَن جَاءتْ رُسُلُنَا لُوطًا ﴾. وقد قالَ هناك: لـمّا خرجتِ الملائكةُ من عندِ إبراهيم، وكان بين إبراهيمَ وقريةِ لوطٍ أربعةُ فراسخ، جاؤوا إلى لوط.

64- ﴿ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِّنَ اللَّيْلِ ﴾.
ذكرَ أنه تقدَّمَ تفسيرهُ في سورةِ هود. وهو في الآيةِ (81) من السورة، وقد فصَّلَ القولَ لغة، وكان مما قال: قيل: إن "أسرَى" للمسيرِ من أولِ الليل، و"سرَى" للمسيرِ من آخره. والقِطْعُ من الليل: الطائفةُ منه.

74- ﴿ فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ .
في الآيةِ الكريمةِ (82) من سورةِ هود: ﴿ فَلَمَّا جَاء أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ مَّنضُود ﴾، فقالَ في معناها: قيل: إنه يقال: أُمطِرنا في العذاب، ومُطِرنا في الرحمة. وقيل: هما لغتان، يقال: مَطرتِ السماء، وأَمطرت. حكَى ذلك الهروي.

78- ﴿ وَإِن كَانَ أَصْحَابُ الأَيْكَةِ لَظَالِمِين ﴾.
ذكرَ أنه سبقَ تفصيلُ ظلمهم. وقصتهم في الآيات (84 - 95) من سورةِ هود.
﴿ لَظَالِمِينَ ﴾: لكافرين. وهم قومُ شعيبٍ عليه السلام. (النسفي).

79- ﴿ فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ وَإِنَّهُمَا لَبِإِمَامٍ مُبِينٍ ﴾.
﴿ فَٱنتَقَمْنَا مِنْهُمْ ﴾ بالإِهلاك. (البيضاوي).

83- ﴿ فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُصْبِحِينَ ﴾.
قال: تقدَّمَ ذكرُ الصيحةِ في الأعرافِ وفي هود. وهي في الآيةِ (94) من سورةِ هود: ﴿ وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ ﴾، قال: ﴿ ٱلصَّيْحَةَ ﴾ التي صاحَ بهم جبرائيل، حتى خرجتْ أرواحُهم من أجسادهم.

85- ﴿ وَإِنَّ السَّاعَةَ لآتِيَةٌ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيل ﴾.
وهي الساعةُ التـي تقومُ فـيها القـيامة. (الطبري).

97- ﴿ وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ .
أعلمَهُ بما يعلمهُ سبحانهُ منه، من ضيقِ صدرهِ وانقباضهِ بما يقولون؛ لأن الجبلَّةَ البشريةَ والمزاجَ الإنسانيَّ يقتضي ذلك. (مفاتيح الغيب، القاسمي).

سورة النحل

2- ﴿ أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاتَّقُونِ ﴾.
فخافون. (البغوي).

7- ﴿ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ.
أي: ربكم الذي قيضَ لكم هذه الأنعامَ وسخرها لكم. (ابن كثير) ﴿ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ بخلقه، حيثُ جعلَ لكم هذه المنافع. (النسفي، الخازن).

15- ﴿ وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهَارًا وَسُبُلًا لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ
لكي تهتدوا بهذه السبلِ التي جعلها لكم في الأرضِ إلى الأماكنِ التي تقصدون، والمواضعِ التي تريدون، فلا تضلُّوا وتتـحيَّروا. (الطبري).

16- ﴿ وَعَلامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُون ﴾.
تهتدون بها لـيلاً فـي سُبلكم. (الطبري). وتفصيلهُ في (روح البيان).

25- ﴿ أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ ﴾.
قالَ في تفسيرِ مثلِها في الآيةِ (31) من سورةِ الأنعام: أي:بئس ما يَحمِلون.
وقال الطبري: ألا ساءَ الإثمُ الذي يأثمون، والثقلُ الذي يتـحمَّلون.

27- ﴿ ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُخْزِيهِمْ وَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَآئِيَ الَّذِينَ كُنتُمْ تُشَاقُّونَ فِيهِمْ ﴾.
يقولُ تعالى ذكرهُ يومَ القيامةِ تقريعاً للمشركين بعبادتهم الأصنام: ﴿ أَيْنَ شُرَكَآئِيَ ﴾؟ يقول: أين الذين كنتـم تزعمون في الدنـيا أنهم شركائي الـيوم؟ (الطبري).

28- ﴿ الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ ﴾.
قال: تقدَّمَ تفسيره. وقد وردَ في الآيةِ (97) من سورةِ النساءِ قولهُ تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُواْ فِيمَ كُنتُمْ ﴾. قالَ هناك: وحكى ابنُ فورك عن الحسن، أن المعنى: تحشرهم إلى النار. وقيل: تقبضُ أرواحَهم، وهو الأظهر. والمرادُ بالملائكة: ملائكةُ الموت؛ لقولهِ تعالى: ﴿ قُلْ يَتَوَفَّـٰكُم مَّلَكُ ٱلْمَوْتِ ٱلَّذِى وُكّلَ بِكُمْ ﴾ [سورة السجدة: 11]. وقوله: ﴿ ظَالِمِى أَنفُسِهِمْ ﴾ حال، أي: في حالِ ظلمِهم أنفسَهم. ا.هـ.
وتفسيرُ الآية: هؤلاءِ الذينَ تأتي إليهمُ الملائكةُ المكلَّفةُ بقبضِ الأرواح، وهم في ساعةِ الاحتضار، وقد ظلَموا أنفسَهم بكفرِهم وعصيانِهم. (الواضح).

29- ﴿ فَادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ .
منزل. (الطبري).

30- ﴿ وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْاْ مَاذَا أَنزَلَ رَبُّكُمْ قَالُواْ خَيْرًا لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَلَدَارُ الآخِرَةِ خَيْرٌ وَلَنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِين ﴾.
﴿ مَاذَا أَنزَلَ رَبُّكُمْ قَالُواْ خَيْرًا ﴾: قيلَ للفريقِ الآخرِ الذين هم أهلُ إيمانٍ وتقوى لله: ﴿ ماذَا أنْزَل رَبّكُمْ قالُوا خَيْراً ﴾ يقول: قالوا: أنزلَ خيراً... والمسألةُ قبل الجوابين كليهما واحدة، وهي قوله: ﴿ ماذَا أنْزَل رَبّكُمْ ﴾؟ لأن الكفارَ جحدوا التنزيل، فقالوا حين سمعوه: أساطيرُ الأولين، أي: هذا الذي جئتَ به أساطيرُ الأولين ولم يُنزلِ الله منه شيئاً. وأما المؤمنون فصدَّقوا التنزيـل، فقالوا: ﴿ خَيْرًا ﴾، بمعنى أنه أنزلَ خيراً.
﴿ الْمُتَّقِين ﴾: الذين خافوا اللهَ في الدنيا، فاتَّقَوا عقابَهُ بأداءِ فرائضهِ وتجنُّبِ معاصيه. (الطبري).

31- ﴿ جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ﴾.
قال: تقدَّمَ معنى جري الأنهارِ من تحت الجنات.
وقد قالَ في مثلها، في الآيةِ (25) من السورة: الأنهارُ جمعُ نهر، وهو: المجرَى الواسع، فوق الجدولِ ودون البحر، والمراد: الماءُ الذي يجري فيها. وأُسنِدَ الجريُ إليها مجازاً، والجاري حقيقةً هو الماء...
وتفسيرُ أولها: لهم جنَّاتٌ مُعَدَّةٌ لإقامةٍ دائمة، يدخلونَها ويسكنون فيها فرحين مبتهجين. (الواضح).

36- ﴿ وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ ﴾.
يعني كما بعثنا فيكم محمداً صلى الله عليه وسلم ﴿ أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ ﴾، يعني أن الرسل َكانوا يأمرونهم بأن يعبدوا الله... (الخازن).

42- ﴿ الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ﴾.
يقولُ تعالى ذكره: هؤلاء الذين وصفنا صفتَهم، وآتيناهم الثوابَ الذي ذكرناه، ﴿ الَّذِينَ صَبَرُوا ﴾ في الله على ما نابهم في الدنيا، ﴿ وَعَلـى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ﴾ يقول: وبالله يثقون في أمورهم، وإلـيه يستندون في نوائبِ الأمورِ التي تنوبُهم. (الطبري).

43- ﴿ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾.
يقولُ لمشركي قريش: وإنْ كنتم لا تعلمون أن الذين كنا نرسلُ إلى مَن قبلكم من الأممِ رجالٌ من بني آدم، مثلُ محمدٍ صلَّى الله عليه وسلَّم، وقلتم هم ملائكة، أي ظننتم أن الله كلَّمهم قبلاً، ﴿ فـاسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ ﴾... (الطبري).

51- ﴿ وَقَالَ اللَّهُ لَا تَتَّخِذُوا إِلَهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ ﴾.
ذكرَ أنه قد مرَّ مثلهُ في أولِ البقرة. وهو في الآيةِ (40) منها، فقال: الرهب، والرهبة: الخوف، ويتضمنُ الأمرُ به معنى التهديد.
وقالَ الإمامُ الطبري موضحًا المعنى: فإيّايَ فاتَّقوا، وخافوا عقابي بمعصيتِكم إيَّايَ إنْ عصيتُموني وعبدتُم غيري، أو أشركتُم في عبـادتِكم لي شريكًا.

53- ﴿ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُون ﴾.
إذا أصابكم في أبدانكم.. (الطبري).

54- ﴿ ثُمَّ إِذَا كَشَفَ الضُّرَّ عَنْكُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْكُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ .
فسَّرَهُ في الآيةِ السابقةِ بأنه المرضُ والبلاءُ والحاجةُ والقحط، وكلُّ ما يتضرَّرُ به الإنسان.

56- ﴿ تَاللّهِ لَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنتُمْ تَفْتَرُون ﴾.
والله. (الطبري).

63- ﴿ تَاللَّهِ لَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ ﴾.
﴿ تَاللَّهِ ﴾: والله.
﴿ فَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ ﴾: فحسَّنَ لهم الشيطان. (الطبري).

64- ﴿ وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ﴾.
قالَ في تفسيرِ اللفظين، في الآيةِ (154) من سورةِ الأعراف: الهُدَى: ما يهتدون به من الأحكام، والرحمة: ما يحصلُ لهم من الله عند عملهم بما فيها من الرحمةِ الواسعة.

67- ﴿ وَمِن ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا ﴾.
ونسقيكم أيها الناس من عصيرها ونطعمكم. (روح البيان).

69- ﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾.
حجةً ظاهرةً دالةً على القدرةِ الربانية. (روح البيان).

70- ﴿ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ قَدِيرٌ .
إنَّ اللهَ لا ينسَى، ولا يتغيَّرُ علمه، عليمٌ بكلِّ ما كانَ ويكون، قديرٌ على ما شاء، لا يجهلُ شيئًا، ولا يُعجزِهُ شيءٌ أرادَه. (الطبري).

71- ﴿ وَاللّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الْرِّزْقِ فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُواْ بِرَآدِّي رِزْقِهِمْ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَهُمْ فِيهِ سَوَاء أَفَبِنِعْمَةِ اللّهِ يَجْحَدُون .
﴿ بِرَآدِّي أي: بمعطي رزقِهم إلى الذي رزقهم إياه. أصلهُ (رادِّين) سقطَ النونُ للإضافة.
﴿ يَجْحَدُون ﴾: الجحود: الإنكار. والباءُ لتضمينهِ معنى الكفر. (روح البيان).
يتبع

ابوالوليد المسلم 11-01-2021 01:13 AM

رد: عون البصير على فتح القدير
 

76- ﴿ وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلَاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّهْهُ لَا يَأْتِ بِخَيْرٍ .
﴿ وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا. قالَ في مثلها في الآيةِ السابقة:أي: ذكرَ شيئاً يستدلُّ به على تباينِ الحال... ا.هـ.
﴿ بِخَيْرٍ ﴾: بنجحٍ وكفايةِ مهمٍّ. (الخازن، روح المعاني).

79- ﴿ أَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّرَاتٍ فِي جَوِّ السَّمَاءِ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا اللَّهُ .
ما طيرانها في الجوِّ إلا بالله، وبتسخيرهِ إياها بذلك، ولو سلبها ما أعطاها من الطيرانِ لم تقدرْ على النهوضِ ارتفـاعاً. (الطبري).
﴿ مَا يُمْسِكُهُنَّ في الجوِّ عن الوقوعِ ﴿ إِلاَّ ٱللَّهُ عزَّ وجلَّ بقدرتهِ الواسعة، فإن ثقلَ جسدها ورقةَ الهواءِ يقتضيان سقوطها، ولا علاقةَ من فوقها ولا دعامةَ من تحتها. (روح البيان، روح المعاني).

81- ﴿ وَاللّهُ جَعَلَ لَكُم مِّمَّا خَلَقَ ظِلاَلاً :
ومن نعمةِ الله علـيكم أيها الناس، أن جعلَ لكم مما خلقَ من الأشجارِ وغيرها.. (الطبري).

87- ﴿ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ ﴾.
يكذبون. (الخازن).

89- ﴿ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ ﴾.
قالَ الشوكاني في تفسيرِ اللفظين الأولين، في الآيةِ (154) من سورةِ الأعراف: الهُدَى: ما يهتدون به من الأحكام، والرحمة: ما يحصلُ لهم من الله عند عملهم بما فيها من الرحمةِ الواسعة.
وقالَ الإمامُ الطبري فيهما وفيما بقيَ من الآية: ﴿ وَهُدىً ﴾ من الضلالة، ﴿ وَرَحْمَةً ﴾ لمنْ صدَّقَ به، وعملَ بما فيه، من حدودِ اللهِ وأمرهِ ونهيه، فأحلَّ حلالَه، وحرَّمَ حرامَه. وبشارةً لمنْ أطاعَ اللهَ وخضعَ له بالتوحيد، وأذعنَ له بالطاعة، يبشِّرهُ بجزيلِ ثوابهِ في الآخرة، وعظيمِ كرامته.

91- ﴿ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ ﴾.
﴿ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ :ولا تخالفوا الأمرَ الذي تعاقدتم فيه الأيـمان. (الطبري).
﴿ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ التي تحلفون بها عند المعاهدة، أي: لا تحنثوا في الحلف. (روح البيان).
﴿ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ .إن الله - أيها الناسُ - يعلمُ ما تفعلون في العهودِ التي تعاهدون الله، من الوفـاءِ بها، والأحلافِ والأيمان التي تؤكدونها علـى أنفسكم، أتبرُّون فيها، أم تنقضونها، وغيرِ ذلك من أفعالكم، مُحصٍ ذلك كلَّهُ علـيكم، وهو مُسائلُكم عنها وعما عملتُـم فيها، يقول: فاحذروا الله أن تلقَوهُ وقد خالفتُم فيها أمرَهُ ونهيه، فتستوجبوا بذلك منه ما لا قِبلَ لكم به من أليمِ عقابه.

92- ﴿ وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ .
﴿ نَقَضَتْ : النقض: انتثارُ العَقدِ مِن البناءِ والحَبلِ والعِقد، وهو ضدُّ الإبرام. (مفرداتُ الراغب).
﴿ تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ : ولا تكونوا أيها الناسُ في نقضِكم أيمانكم بعدَ توكيدها وإعطائكم الله بالوفاءِ بذلك العهودَ والمواثـيقَ... (الطبري).

94- ﴿ وَلَا تَتَّخِذُوا أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ .
أوردَ معانيَ (الدخَلِ) في الآيةِ (92) من السورةِ هكذا: قالَ الجوهري: والدخَل: المكرُ والخديعة، وقالَ أبو عبيدة: كلُّ أمرٍ لم يكنْ صحيحاً فهو دخَل، وقيل: الدخَلُ ما أُدخلَ في الشيءِ على فساده. وقالَ الزجّاج: غشًّا وغلًّا. ا.هـ.
أي: لا تكونوا مشبَّهين بامرأةٍ هذا شأنها، متخذين أيمانكم وسيلةً للغدرِ والفسادِ بينكم. (روح البيان، روح المعاني).

97- ﴿ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾.
قال: قدَّمنا قريبًا تفسيرَ الجزاءِ بالأحسن. وهو في الآيةِ السابقة: ﴿ مَا عِندَكُمْ يَنفَدُ وَمَا عِندَ اللّهِ بَاقٍ وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُواْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُون ﴾، فقال: أي: لنجزينَّهم بسببِ صبرهم على ما نالهم من مشاقِّ التكليفِ وجهادِ الكافرين، والصبرِ على ما ينالُهم منهم من الإيذاء، بأحسنِ ما كانوا يعملون من الطاعات.

98- ﴿ فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيم ﴾.
ذكرَ أنه تقدَّمَ الكلامُ في الاستعاذةِ مستوفًى في أولِ هذا التفسير.
﴿ فَاسْتَعِذْ ﴾: فاسألهُ تعالى أن يعيذكَ ويحفظك.
﴿ الرَّجِيم ﴾: المرجومُ بالطردِ واللعن. (روح البيان).

104- ﴿ إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ لَا يَهْدِيهِمُ اللَّهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾.
﴿ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ في الآخرةِ على كفرهم. (النسفي).

106- ﴿ مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ .
والكافرُ الصريحُ هو مَن فتحَ صدرَهُ للكفر، وقَبِلَهُ طواعيةً واختيارًا، فهؤلاءِ عليهم غضبٌ عظيمٌ وسُخطٌ منَ الله، ولهم عذابٌ كبيرٌ يومَ القيامة، لعِظَمِ جُرمِهم. (الواضح).

108- ﴿ أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ .
ذكرَ أنه سبقَ تحقيقُ (الطبعِ) في أولِ البقرة.
وقد فسَّرَ الكلمةَ في الآيةِ (154) من سورةِ النساءِ بأنها الختم.

109- ﴿ لَا جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الْآَخِرَةِهُمُ الْخَاسِرُونَ .
قال: تقدَّمَ تحقيقُ الكلامِ في معنى "لا جرمَ" في مواضع، منها ما هو في هذه السورة.
وقد قالَ في معناها في الآيةِ (23) من السورة: قال الخليل: "لا جرم" كلمةُ تحقيق، ولا تكونُ إلاّ جواباً، أي: حقًّا أن الله يعلمُ ما يسرّون من أقوالهم وأفعالهم وما يعلنون من ذلك. وقد مرَّ تحقيقُ الكلامِ في "لا جرم".
وقد أطالَ في إيرادِ الأقوالِ في معناها في الآيةِ (22) من سورةِ هود، منها:قالَ الخليلُ وسيبويه: "لا جرم" بمعنى حق، فهي عندهما بمنزلةِ كلمةٍ واحدة، وبه قالَ الفراء. ورويَ عن الخليلِ والفراء أنها بمنزلةِ قولك: لا بدَّ ولا محالة، ثم كثرَ استعمالها حتى صارتْ بمنزلةِ حقًّا...

111- ﴿ وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ
﴿ وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ أي: مِن خيرٍ وشرّ، ﴿ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ أي: لا يَنقصُ من ثوابِ الخير، ولا يزدادُ على ثوابِ الشرّ، ولا يُظلَمونَ نقيرًا. (ابن كثير).

112- ﴿ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ ﴾.
﴿ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ من الكفرِ بأنعمِ الله، ويجحدون آياته، ويكذِّبون رسوله. (الطبري).

115- ﴿ إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ .
ذكرَ أنه تقدَّمَ الكلامُ على جميعِ ما هو مذكورٌ هنا مستوفى.
وقد وردَ مثلُها في الآيةِ (173) مِن سورةِ البقرة، فكانَ ملخَّصُ تفسيرهِ لها:

﴿ الْمَيْتَةَ :ما فارقَها الروحُ من غيرِ ذكاة...والمرادُ بالميتةِ هنا ميتةُ البرِّ لا ميتةُ البحر.
﴿ وَالدَّمَ ﴾: اتفقَ العلماءُ على أن الدمَ حرام، وفي الآيةِ الأخرى: ﴿ أَوْ دَمًا مَّسْفُوحًا ﴾ [سورة الأنعام: 145]، فيُحمَلُ المطلقُ على المقيَّد؛ لأن ما خلطَ باللحمِ غيرُ محرَّم، قالَ القرطبي: بالإجماع.
﴿ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ ﴾: ظاهرُ الآيةِ أن المحرَّمَ إنما هو اللحمُ فقط، وقد أجمعتِ الأمةُ على تحريمِ شحمه.
﴿ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ ﴾: المرادُ هنا: ما ذُكِرَ عليه اسمُ غيرِ الله، كاللاتِ والعُزَّى، إذا كان الذابحُ وثنياً، والنارِ إذا كان الذابحُ مجوسياً. ولا خلافَ في تحريمِ هذا وأمثاله، ومثلهُ ما يقعُ من المعتقدين للأمواتِ من الذبحِ على قبورهم، فإنه مما أُهِلَّ به لغيرِ الله، ولا فرقَ بينه وبين الذبحِ للوثن.
﴿ فَمَنِ اضْطُرَّ ﴾:المرادُ مَنْ صيَّرَهُ الجوعُ والعدمُ إلى الاضطرارِ إلى الميتة.
﴿ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ ﴾: قيل: المرادُ بالباغي: من يأكلُ فوق حاجته، والعادي: من يأكلُ هذه المحرماتِ وهو يجدُ عنها مندوحة.
﴿ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ ﴾ لمن أكلَ من الحرام، ﴿ رَحِيمٌ ﴾ به إذ أحلَّ له الحرامَ في الاضطرار.

116- ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ
إن الذين يتـخرَّصون على اللهِ الكذبَ ويختلقونه.. (الطبري).

117- ﴿ مَتَاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾.
المعنى: الذي هم فيه من هذه الدنيا متاعٌ قليل، أو لهم متاع قليلٌ في الدنيا. وقوله: ﴿ ولَهُمْ عَذَابٌ ألـيـمٌ ﴾ يقول: ثم إلينا مرجعُهم ومَعادُهم، ولهم على كذبهم وافترائهم على الله بما كانوا يفترون، عذابٌ عند مصيرهم إلـيه أليم. (الطبري).

119- ﴿ ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ عَمِلُوا السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ﴾.
قال: تقدَّمَ تفسيرُ هذه الآيةِ في سورةِ النساء. وهي في الآيةِ (17): ﴿ إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوَءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ ﴾. قال: السوءُ هنا: العملُ السيىء. وقوله: ﴿ بِجَهَالَةٍ ﴾ متعلقٌ بمحذوفٍ وقعَ صفةً أو حالاً، أي: يعملونها متصفين بالجهالة، أو جاهلين. وقد حكى القرطبي عن قتادةَ أنه قال: أجمعَ أصحابُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم على أن كلَّ معصيةٍ فهي بجهالة، عمداً كانت أو جهلاً.

122- ﴿ وَآَتَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَإِنَّهُ فِي الْآَخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ ﴾.
قالَ في تفسيرِ مثلها، في الآيةِ (27) من سورةِ العنكبوت: أي الكاملين في الصلاح، المستحقين لتوفيرِ الأجرةِ وكثرةِ العطاءِ من الربِّ سبحانه.

123- ﴿ ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴾.
وردَ في الآيةِ (120) من السورةِ قولهُ تعالى: ﴿ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتاً لِلَّهِ حَنِيفاً وَلَمْ يَكُ مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ ﴾ قالَ في معناها: الحنيف: المائلُ عن الأديانِ الباطلةِ إلى دينِ الحق، وقد تقدَّمَ بيانهُ في الأنعام. ﴿ وَلَمْ يَكُ مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ ﴾ بالله كما تزعمهُ كفّارُ قريشٍ أنه كان على دينهم الباطل.

124- ﴿ وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ ﴾.
إنَّ ربَّكَ يا محمدُ لَيحكمُ بين هؤلاءِ المختلفينَ بينهم، في استحلالِ السبتِ وتحريمه، عندَ مصيرهم إليه يومَ القيامة، فيقضي بينهم في ذلكَ وفي غيره، ممَّا كانوا فيه يختلفونَ في الدنيا بالحقّ، ويفصلُ بالعدلِ بمجازاةِ المصيبِ فيه جزاءه، والمخطئِ فيه منهم ما هو أهله. (الطبري).

127- ﴿ وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ ﴾.
أي: مما يُجهِدون أنفسَهم في عداوتِكَ وإيصالِ الشرِّ إليك، فإن الله كافيكَ وناصرُكَ ومؤيدُكَ ومُظهِرُكَ ومُظفِرُكَ بهم. (ابن كثير).






ابوالوليد المسلم 11-01-2021 01:14 AM

رد: عون البصير على فتح القدير
 
عون البصير على فتح القدير (15)






أ. محمد خير رمضان يوسف





الجزء الخامس عشر

(سورة الإسراء، سورة الكهف 1 – 74)


سورة الإسراء

2- ﴿ وَآَتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِبَنِي إِسْرَائِيلَ ﴾.
لأولادِ يعقوب. (روح البيان).

7-﴿ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ.
أي: بيتَ المقدس. (ابن كثير).

9- ﴿ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا ﴾.
... بأنَّ لهم أجرًا منَ الله على إيمانهم وعملِهم الصالحاتِ ﴿ كَبِيرًا ﴾، يعني ثوابًا عظيمًا، وجزاءً جزيلاً، وذلكَ هو الجنة، التي أعدَّها الله تعالى لمن رضيَ عمله. (الطبري).

13- ﴿ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنشُورًا ﴾.
مفتوحًا، بعدما كان مطويًّا. (روح البيان).

18- ﴿ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا ﴾.
ممقوتًا. (النسفي).

22- ﴿ لَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُومًا مَخْذُولًا ﴾.
المخذول: الذي لا ينصرهُ من يحبُّ أن ينصره. (ابن عطية).

26- ﴿ وَآَتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ ﴾.
قال: تقدَّمَ بيانُ حقيقةِ المسكينِ وابنِ السبيلِ في البقرةِ وفي التوبة. واللفظان وردا في الآيةِ (177) من سورةِ البقرة، قالَ في معناهما: المسكين: الساكنُ إلى ما في أيدي الناس، لكونهِ لا يجدُ شيئاً. وابنُ السبيل: المسافرُ المنقطع، وجُعِلَ ابناً للسبيلِ لملازمتهِ له.

34- ﴿ وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ.
ذكرَ أنه تقدَّمَ الكلامُ على هذا مستوفًى في الأنعام. وقد فسَّرَهُ في الآيةِ (152) مِن السورة، فقال: أي: إلى غايةٍ هي أن يبلغَ اليتيمُ أشدَّه، فإن بلغَ ذلك فادفعوا إليه ماله، كما قالَ تعالى: ﴿ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِّنْهُمْ رُشْداً فَٱدْفَعُواْ إِلَيْهِمْ أَمْوٰلَهُمْ [سورة النساء: 6]. واختلفَ أهلُ العلمِ في الأشُد... - إلى أن قال -: والأَولى في تحقيقِ بلوغِ الأشدِّ أنه البلوغُ إلى سنِّ التكليفِ مع إيناسِ الرشد، وهو أن يكونَ في تصرفاتهِ بمالهِ سالكاً مسلكَ العقلاء، لا مسلكَ أهل السفهِ والتبذير...

39- ﴿ وَلَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ فَتُلْقَى فِي جَهَنَّمَ مَلُومًا مَدْحُورًا ﴾.
ذكرَ أنه تقدَّمَ تفسيرُ الملومِ والمدحور. وقد نقلَ في آخرِ الفقرةِ تفسيرَ ابنِ عباس للكلمةِ الأخيرة، وأنها بمعنى: مطرود.
ووردَ اللفظُ الأولُ في الآيةِ (29) من السورة، فقال: ﴿ فَتَقْعُدَ مَلُومًا ﴾ عند الناسِ بسببِ ما أنت عليه من الشح.
واللفظُ الآخرُ في الآيةِ (18) من السورة، فقال: أي: مطروداً من رحمةِ الله، مبعداً عنها.

46- ﴿ وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ ﴾.
قال: الأكنة: جمعُ كنان، وقد تقدَّمَ تفسيرهُ في الأنعام. ا.هـ. وهو بلفظهِ في الآيةِ (25) من السورةِ المذكورة، وانتهى إلى تفسيرهِ بقوله: وقد جعلنا على قلوبهم أغطيةً كراهةَ أن يفقهوا القرآن، أو لئلا يفقهوه.

47- ﴿ إِذْ يَقُولُ الظَّالِمُونَ إِن تَتَّبِعُونَ إِلاَّ رَجُلاً مَّسْحُورًا ﴾.
يعني الوليد بنَ المغيرة وأصحابه. (البغوي، الخازن).

54- ﴿ رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ.
﴿ رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ أيها الناس، مَن يستحقُّ منكم الهداية، ومَن لا يستحق. (ابن كثير).

56- ﴿ قُلِ ادْعُواْ الَّذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِهِ فَلاَ يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنكُمْ وَلاَ تَحْوِيلا.
فسَّرَهُ في الآيةِ (53) من سورةِ النحل، بأنه المرضُ والبلاءُ والحاجةُ والقحط، وكلُّ ما يتضرَّرُ به الإنسان.

57- ﴿ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ ﴾.
لا تتمُّ العبادةُ إلا بالخوفِ والرجاء، فبالخوفِ ينكفُّ عن المناهي، وبالرجاءِ يكثرُ من الطاعات. (ابن كثير).

59- ﴿ وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُواْ بِهَا ﴾.
قالَ في الآيةِ (73) من سورةِ الأعراف: ثمودُ قبيلة، سمُّوا باسمِ أبيهم، وهو ثمود بنُ عاد بنِ إرم ... وامتناعُ ثمودَ من الصرفِ لأنه جُعِلَ اسماً للقبيلة...

61- ﴿ وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآَدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ قَالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا.
واذكرْ إذ قلنا للملائكةِ اسجُدوا لآدمَ سجدةَ تكريمٍ لا سجدةَ عبادة، بعدَ أنْ سوَّينا خَلقَهُ ونفخنا فيه مِن روحِنا، فسجدَ له جميعُ الملائكةِ ملبِّينَ أمرَ الله، إلاّ إبليسَ أبَى أن يسجد، وقالَ احتقارًا له ومُستعليًا عليه: أأسجدُ لهذا الذي خلقتَهُ مِن طين؟
لقد عصَى إبليسُ أمرَ ربِّه، وغفلَ، أو تغافلَ عن النَّفخةِ الربَّانيَّةِ التي أودعَها في الطِّينِ الذي خلقَ منهُ آدَم، وعاداهُ منذُ أوَّلِ خَلقِه. (الواضح في التفسير).

62- ﴿ قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَـذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إَلاَّ قَلِيلا.
﴿ أَخَّرْتَنِ أي: أمهلتني. (الخازن).
﴿ لئِنْ أخرتَّنِ أقسمَ عدوُّ الله، فقالَ لربه: لئن أخرتَ إهلاكي إلى يومِ القيامة... (الطبري).

63- ﴿ قَالَ اذْهَبْ.
اذهبْ فقد أخرتك. (الطبري).

71- ﴿ فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُولَئِكَ يَقْرَءُونَ كِتَابَهُمْ وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا.
أي: من فرحتهِ وسرورهِ بما فيه من العملِ الصالح، يقرؤهُ ويحبُّ قراءته. (ابن كثير).

88- ﴿ قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآَنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا
﴿ قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا: قلْ أيُّها الرسول: لو أنَّ الإنسَ والجنَّ كلَّهم اجتمعوا وتعاونوا على أن يأتوا... (الواضح).
﴿ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا: ولو تعاونوا وتساعدوا وتظافروا... (ابن كثير).

98- ﴿ ذَلِكَ جَزَاؤُهُمْ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِآَيَاتِنَا وَقَالُوا أَئِذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقًا جَدِيدًا ﴾.
قال: تقدَّمَ تفسيرُ الآيةِ في هذه السورة. وهي الآيةُ (49) منها: ﴿ وَقَالُواْ أَئِذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقًا جَدِيدًا، قال: لما فرغَ سبحانهُ من حكايةِ شُبَهِ القومِ في النبوّات، حكى شبهتَهم في أمرِ المعاد، فقال: ﴿ وَقَالُوا أَإِذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا. والاستفهامُ للاستنكارِ والاستبعاد. وتقريرُ الشبهة، أن الإنسانَ إذا ماتَ جفَّتْ عظامه، وتناثرتْ وتفرقتْ في جوانبِ العالم، واختلطتْ بسائطُها بأمثالها من العناصر، فكيف يعقلُ بعد ذلك اجتماعُها بأعيانها، ثم عودُ الحياةِ إلى ذلك المجموع؟

101- ﴿ وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ ﴾.
واضحات. (البغوي).

102- ﴿ قَالَ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنزَلَ هَؤُلاء إِلاَّ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ بَصَآئِرَ.
خالقُهما ومدبِّرهما. (روح البيان).

108- ﴿ وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا
ما كانَ وعدُ ربِّنا مِن ثوابٍ وعقابٍ إلاّ مفعولاً حقًّا يقـينًا. إيمانٌ بالقرآنِ وتصديقٌ به. (الطبري).
يتبع

ابوالوليد المسلم 11-01-2021 01:15 AM

رد: عون البصير على فتح القدير
 

109- ﴿ وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا.
قالَ في تفسيرها في الآيةِ (107) من السورة: يسقطون على وجوههم ساجدين لله سبحانه.

سورة الكهف
2- ﴿ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا ﴾.
أي: الاعمالَ الصالحة، وهي ما كانت لوجهِ الله تعالى. (روح البيان).

3- ﴿ مَاكِثِينَ فِيهِ أَبَدًا ﴾.
مقيمين. (البغوي).

4- ﴿ وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا.
ويحذِّرَ. (الطبري).

5- ﴿ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِن يَقُولُونَ إِلاَّ كَذِبًا.
عَظُمت. (البغوي).

9- ﴿ أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آَيَاتِنَا عَجَبًا ﴾.
فسَّرَ الكهفَ والرقيمَ في الآيةِ التي بعدها.
﴿ كَانُوا مِنْ آَيَاتِنَا:من بين آياتِنا ودلائلِ قدرتنا ﴿ عَجَبًا أي: آيةً ذاتَ عجب. والعجيب: ما خرجَ عن حدِّ أشكاله ونظائره. (روح البيان، باختصار).

10- ﴿ إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ.
فسَّرهُ في الآيةِ (13) من السورةِ بقوله: أحداثٌ شبّان.

12- ﴿ ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا
مكثوا. (البغوي).

15- ﴿ هَؤُلَاءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آَلِهَةً ﴾.
﴿ هَـٰؤُلاۤءِ قَوْمُنَا يعني: أهلَ بلدهم، ﴿ ٱتَّخَذْواْ مِن دُونِهِ أي: من دونِ الله، ﴿ ءَالِهَةً يعني: الأصنامَ يعبدونها. (البغوي).

17- ﴿ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا ﴾.
أي: من يُضللهُ الله ولم يُرشده. (البغوي).

18- ﴿ وَكَلْبُهُم بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًا وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْبًا.
﴿ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ: مادُّهما. والذراع: من المرفقِ إلى رأسِ الأصبعِ الوسطى.
﴿ لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ أي: لو عاينتَهم وشاهدتهم لأعرضتَ بوجهِكَ عنهم وأوليتَهم كشحَك. (روح المعاني، باختصار).

19- ﴿ قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ.
أي: كم رقدتم؟ (ابن كثير).
أي: كم يوماً أقمتُم نائمين؟ (روح المعاني).

20- ﴿ إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَلَنْ تُفْلِحُوا إِذًا أَبَدًا ﴾.
يقول: ولن تُدركوا الفلاح، وهو البقاءُ الدائمُ والخلودُ في الجنان. (الطبري).

26- ﴿ قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا.
معناهُ أنه تعالى أعلمُ بمقدارِ هذه المدةِ من الناسِ الذين اختلفوا فيها. (مفاتيح الغيب).

29- ﴿ وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ.
الغوثُ يقالُ في النُّصرة، والغيثُ في المطر. (مفردات الراغب).
وإنْ يستغِثْ هؤلاء الظالمون يومَ القيامةِ في النارِ منْ شدَّةِ ما بهم منَ العطش، فيطلبونَ الماء، يُغاثوا... (الطبري).

30- ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا
إنّا لا نُضيعُ ثوابَ مَن أحسنَ عملاً، فأطاعَ الله، واتَّبعَ أمرَهُ ونهيه، بل نُجازيهِ بطاعتهِ وعملهِ الحسنِ جنّاتِ عدنٍ تـجري مِن تحتِها الأنهار. (الطبري).

31- ﴿ أُولَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ.
قال: تقدَّمَ الكلامُ في جناتِ عدن، وفي كيفيةِ جري الأنهارِ من تحتها.
وقد قالَ في ﴿ جَنَّاتُ عَدْنٍ، في الآيةِ (23) من سورةِ الرعد: العدنُ أصلهُ الإقامة، ثم صارَ علَماً لجنَّةٍ من الجنان.
وقالَ في ﴿ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ في الآيةِ (25) من سورةِ البقرة: الأنهارُ جمعُ نهر، وهو: المجرَى الواسع، فوق الجدولِ ودون البحر، والمراد: الماءُ الذي يجري فيها. وأُسنِدَ الجريُ إليها مجازاً، والجاري حقيقةً هو الماء... ا.هـ.
﴿ يُحَلَّوْنَ فِيها ﴾: يلبسون فـيها من الحُليّ... (الطبري).

32- ﴿ وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلاً رَّجُلَيْنِ جَعَلْنَا لأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ ﴾.
أوردَ معناها في آخرِ الفقرة، بأن الجنةَ هي البستان.

33- ﴿ كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئًا.
البستانين.

35- ﴿ وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ ﴾.
بستانه.

39- ﴿ وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مَالًا وَوَلَدًا.
﴿ جَنَّتَكَ: بستانك.
﴿ إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مَالًا وَوَلَدًا. أكملَ تفسيرها في الآيةِ التي بعدها.

40-﴿ فَعَسَى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْرًا مِنْ جَنَّتِكَ.
بستانِكَ. (الطبري).

54- ﴿ وَكَانَ الإِنسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلاً.
خصومةً في الباطل. (البغوي).
الإنسانُ كثيرُ المجادلةِ والمخاصمةِ والمعارضةِ للحقِّ بالباطل، إلا من هدَى الله بصرَهُ لطريقِ النجاة. (ابن كثير).

57- ﴿ إِنَّا جَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آَذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدَى فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذًا أَبَدًا.
﴿ أَنْ يَفْقَهُوهُ: لئلاّ يَسمَعوه.
﴿ وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدَى فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذًا أَبَدًا: فإذا دعَوتَهمْ إلى الدِّينِ الحقِّ فلن يَهتدوا إليهِ أبدًا، فلا استعدادَ عندهم لاتِّباعِه، ولن يَهديَهمُ اللهُ مادامتْ قلوبُهم مُقفَلةً دونَه. (الواضح في التفسير).

58- ﴿ وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ لَوْ يُؤَاخِذُهُمْ بِمَا كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذَابَ.
﴿ لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذَابَ في الدنيا من غيرِ إمهال؛ لاستيجابِ أعمالهم لذلك، ولكنه لم يعجِّل، ولم يؤاخذْ بغتة. (روح البيان).

59- ﴿ وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِدًا ﴾.
لهلاكهم؛ لأن المهلك بفتحِ اللامِ وكسرها: الهلاك. (روح البيان).

71- ﴿ فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَهَا قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا

﴿ خَرَقَهَا
﴿ حَتَّى إِذَا رَكِبَا: دخلا ﴿ فِي السَّفِينَةِ، وفي الجلالين: ﴿ حَتَّى إِذَا رَكِبَا البحرَ ﴿ فِي السَّفِينَةِ، ﴿ قَالَ موسى منكرًا عليه: ﴿ أَخَرَقْتَهَا يا خضرُ ﴿ لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا؟ فإن خرقَها سببٌ لدخولِ الماءِ فيها، المضيِّ إلى غرقِ أهلِها، وهم قد أحسنوا بنا، حيث حملونا بغيرِ أجرة، وليس هذا جزاءهم. (روح البيان، باختصار).
قالَ محمد خير: هكذا وردَ أنه في الجلالين، وهو في تفسيرِ الواحدي، أما في الجلالين فهو: ﴿ حَتَّى إِذَا رَكِبَا فِى ٱلسَّفِينَةِ التي مرتْ بهما.







ابوالوليد المسلم 11-01-2021 01:16 AM

رد: عون البصير على فتح القدير
 
عون البصير على فتح القدير (16)





أ. محمد خير رمضان يوسف





الجزء السادس عشر

(سورة الكهف 75 - آخر السورة، سورة مريم، سورة طه)


77-﴿ حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا .
طلبا منهم الطعامَ ضيافة. (روح البيان).

78-﴿ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا
... ما لم تصبرْ عليهِ ممّا حدثَ معنا، لكونهِ مُنكَرًا عندكَ مِن حيثُ الظَّاهر. (الواضح).

99-﴿ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعًا .
قال: تقدَّمَ ﴿ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ في الأنعام، قيل: هي النفخةُ الثانية.
وهي في الآيةِ (73) من السورةِ المذكورة: ﴿ يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّوَرِ ، فكان مما قال: الصُّور: قرنٌ يُنفَخُ فيه النفخةُ الأولى للفناء، والثانيةُ للإنشاء.

103-﴿ قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً .
يعني الذين أتعبوا أنفسَهم في عملٍ يرجون به فضلاً ونوالاً، فنالوا هلاكاً وبواراً، كمن يشتري سلعةً يرجو عليها ربحاً، فخسرَ وخابَ سعيه. (البغوي).

104-﴿ الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا .
﴿ ضَلَّ سَعْيُهُمْ : بطلَ عملُهم واجتهادُهم. (البغوي، الخازن)، ﴿ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا : متعلقٌ بالسعي لا بالضلال؛ لأن بطلانَ سعيهم غيرُ مختصٍّ بالدنيا. (روح البيان).

106- ﴿ وَاتَّخَذُوا آَيَاتِي وَرُسُلِي هُزُوًا ﴾.
... واتخاذِهم آياتِ الله ورسلَهُ هزواً، استهزؤوا بهم، وكذَّبوهم أشدَّ التكذيب. (ابن كثير).
﴿ آَيَاتِي ﴾: القرآنَ وغيرَهُ من الكتبِ الإلهية. (روح البيان).

107- ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا .
قالَ في الآيةِ (25) من سورةِ البقرة: الأعمالِ المستقيمة. والمرادُ هنا: الأعمالُ المطلوبةُ منهم، المفترضةُ عليهم. وفيه ردٌّ على من يقول: إن الإيمانَ بمجردهِ يكفي، فالجنةُ تُنالُ بالإيمان، والعملِ الصالح.

110- ﴿ فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ .
أي: يخافُ المصيرَ إليه. وقيل: يأملُ رؤيةَ ربِّه. (البغوي).
أي: ثوابَهُ وجزاءَهُ الصالح. (ابن كثير).

سورة مريم
11- ﴿ فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِمِنَ الْمِحْرَابِ ﴾.
﴿ فَخَرَجَ زكريا صبيحةَ حملِ امرأتهِ ﴿ عَلَى قَوْمِهِ . (جمع بين الطبري وروح البيان).
المعنى أن الله تعالى أظهرَ الآية، بأنْ خرجَ زكرياءُ من محرابه.. (ابن عطية).

17- ﴿ فَاتَّخَذَتْ مِن دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا .
﴿ مِن دُونِهِمْ :جعلتْ بينها وبين أهلها حجاباً يسترها.. (النسفي).
﴿ فَتَمَثَّلَ لَهَا :فتشبَّهَ لأجلها. (روح البيان).

18- ﴿ قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا .
ذكرهُ تعالى بعنوانِ الرحمانيةِ للمبالغةِ في العياذِ به تعالى، واستجلابِ آثارِ الرحمةِ الخاصة، التي هي العصمةُ مما دهمها. (روح البيان).

19- ﴿ قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ ﴾.
أي: بعثني الله إليك. (ابن كثير).

20- ﴿ قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلاَمٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا .
أي: فتعجبتْ مريمُ من هذا، وقالت: كيف يكونُ لي غلام؟ أي: على أيِّ صفةٍ يوجدُ هذا الغلامُ مني؟ (ابن كثير).

21- ﴿ قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ ﴾.
قال: الكلامُ فيها كالكلامِ فيما تقدَّمَ من قولِ زكريا. وقصدهُ في الآيةِ التاسعةِ من السورة: ﴿ قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ ﴾، فقالَ هناك: الكافُ في محلِّ رفع، أي: الأمرُ كذلك. والإشارةُ إلى ما سبقَ من قولِ زكريا، ثم ابتدأ بقوله: ﴿ قَالَ رَبُّكِ ﴾. ويحتملُ أن يكونَ محلهُ النصبَ على المصدرية، أي: قالَ قولاً مثلَ ذلك، والإشارة بـ"ذلكَ" إلى مبهمٍ يفسرهُ قوله: ﴿ هُوَ عَلَىَّ هَيّنٌ ﴾. وأما على الاحتمالِ الأولِ فتكونُ جملةُ ﴿ هُوَ عَلَىَّ هَيّنٌ ﴾ مستأنفة، مسوقةً لإزالةِ استبعادِ زكريا بعدَ تقريره، أي: قال: هو مع بُعدهِ عندك، عليَّ هيِّن، وهو (فيعل) من هانَ الشيءُ يهونُ إذا لم يصعبْ ولم يمتنعْ من المراد.قالَ الفراء: أي: خلقهُ عليَّ هيِّن ا.هـ.
أي: إعطاءُ الولدِ بلا أبٍ عليَّ سهل. (النسفي).

25- ﴿ وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا ﴾.
نضيجُ البُسْرِ قبلَ أن يصيرَ تمرًا، وذلك إذا لانَ وحلَا. (المعجم الوسيط).

26- ﴿ فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا ﴾.
أوجبتُ علـى نفسي. (الطبري).

28- ﴿ يَاأُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا .
قال: هذا فيه تقريرهُ لما تقدَّمَ من التعييرِ والتوبيخ، وتنبيهٌ على أن الفاحشةَ من ذرِّيةِ الصالحين مما لا ينبغي أن تكون. ا.هـ.
قالَ الإمامُ الطبري في تفسيرها: ما كان أبوكِ رجلَ سوءٍ يأتي الفواحش، وما كانت أمُّكِ زانـية.

36- ﴿ وَإِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ ﴾.
ومن تمامِ قولِ عيسى عليه السَّلامُ في المهد: إنَّ اللهَ ربِّي وربُّكم، فكلُّنا مخلوقون، وله عبيد، فاعبدوهُ وأطيعوه، ووحِّدوهُ ولا تُشركوا به شيئًا. (الواضح).

38- ﴿ لَكِنِ الظَّالِمُونَ الْيَوْمَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴾.
الكافرون. (الطبري).

39- ﴿ وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ﴾.
﴿ الْحَسْرَةِ ﴾:حسرتهم وندمهم علـى ما فرَّطوا في جنبِ الله.
﴿ وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ﴾: وهم لا يصدِّقون بالقيامةِ والبعث، ومجازاةِ الله إيّاهم على سيِّىءِ أعمالهم، بما أخبرَ أنه مُجازيهم. (الطبري).

43- ﴿ يَاأَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا ﴾.
﴿ الْعِلْمِ ﴾بالله والمعرفة. (البغوي، الخازن).
﴿ أَهْدِكَ صِرَاطًا ﴾:أُبصِرْكَ هُدَى الطريق. (الطبري).

46- ﴿ قَالَ أَرَاغِبٌ أَنْتَ عَنْ آَلِهَتِي يَا إِبْرَاهِيمُ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ .
أي: ترجعْ وتسكتْ عن عيبِكَ آلهتنا وشتمِكَ إيّاها. (الخازن).
يعني: إنْ كنتَ لا تريدُ عبادتَها ولا ترضاها، فانتَهِ عن سبِّها وشتمِها وعيبِها.. (ابن كثير).

49- ﴿ فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ ﴾.
قالَ في الآيةِ السابقة: ﴿ وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ ﴾: أي: أهاجرُ بديني عنكم وعن معبوداتكم، حيثُ لم تقبلوا نصحي، ولا نجعتْ فيكم دعوتي.

58- ﴿ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَن خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا ﴾.
﴿ وَاجْتَبَيْنَا ﴾: واصطفَـينا واخترنا لرسالتِنا ووَحينا (الطبري).
﴿ آيَاتُ الرَّحْمَن خَرُّوا ﴾ قالَ الشوكاني رحمَهُ الله: تقدَّمَ في (سبحان) بيانُ معنى (خرُّوا). ويعني الآيةَ (109) من سورِ الإسراء. قالَ هناك: أي: يسقطون على وجوهِهم ساجدين لله سبحانه. ا.هـ.
و﴿ آياتُ الرَّحمنِ ﴾ كما قالَ الإمامُ الطبري: أدلةُ الله وحججَهُ التي أنزلها عليهم في كتبه.

60- ﴿ وَعَمِلَ صَالِحًا ﴾.
وأطاعَ الله فيما أمرَهُ ونهاهُ عنه، وأدَّى فرائضه، واجتنبَ محارمه. (الطبري).

61- ﴿ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمَنُ عِبَادَهُ بِالْغَيْبِ .
... وهي الجنّاتُ التي وعدَ الرحمنُ عبادَهُ المؤمنين أنْ يدخلوها بالغيب؛ لأنهم لم يرَوها ولم يعاينوها، فهي غيبٌ لهم. (الطبري).

68- ﴿ فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّيَاطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا ﴾.
هذا الإحضارُ يكونُ قبلَ إدخالهم جهنم. (مفاتيح الغيب).

72- ﴿ ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا ﴾.
قال: تقدَّمَ قريبًا تفسيرُ الجثيِّ وإعرابه. ويعني في الآيةِ (68) من السورة، فكان مما قال: الجثيُّ جمعُ جاث، من قولهم: جثا على ركبتيهِ يجثو جثواً، وهو منتصبٌ على الحال، أي: جاثين على ركبهم؛ لما يصيبهم من هولِ الموقفِ وروعةِ الحساب. ا.هـ.
وانتهَى ابنُ عطيةَ في تفسيرهِ إلى أنها قعدةُ الخائفِ الذليلِ على ركبتيهِ كالأسير.

86- ﴿ وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْدًا ﴾.
الكافرين بـالله الذين أجرموا. (الطبري).
يتبع

ابوالوليد المسلم 11-01-2021 01:17 AM

رد: عون البصير على فتح القدير
 

96- ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا .
قالَ في الآيةِ (25) من سورةِ البقرة: الأعمالِ المستقيمة. والمرادُ هنا: الأعمالُ المطلوبةُ منهم، المفترضةُ عليهم...

97- ﴿ فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنذِرَ بِهِ قَوْمًا لُّدًّا ﴾.
﴿ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ ﴾: الذين اتقَوا عقابَ الله، بأداءِ فرائضه، واجتنابِ معاصيه، بالجنة. (الطبري).
﴿ وَتُنذِرَ بِهِ ﴾: يقال: أنذرَهُ بالأمرِ إنذارًا: أعلمَهُ وحذَّرَهُ وخوَّفَهُ في إبلاغه، كما في القاموس. (روح البيان).

سورة طه
3- ﴿ إِلَّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَى ﴾.
﴿ لِمَنْ يَخْشَى ﴾ عقابَ الله، فيتقيهِ بأداءِ فرائضِ ربِّهِ واجتنابِ محارمه. (الطبري).
و﴿ يَخْشَى ﴾ يتضمنُ الإيمانَ والعملَ الصالح، إذ الخشيةُ باعثةٌ على ذلك. (ابن عطية).

5- ﴿ الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى .
اختيرَ وصفُ ﴿ الرحمٰن ﴾ لتعليمِ الناسِ به؛ لأن المشركين أنكروا تسميتَهُ تعالى الرحمن: ﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَٰنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَٰنُ ﴾ [سورة الفرقان: 60]. وفي ذكرهِ هنا وكثرةِ التذكيرِ به في القرآنِ بعثٌ على إفرادهِ بالعبادة، شكراً على إحسانهِ بالرحمةِ البالغة. (التحرير والتنوير).

22- ﴿ وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلَى جَنَاحِكَ ﴾.
الضمّ: الإلصاق، أي: ألصِقْ يدكَ اليُمنى التي كنتَ ممسكاً بها العصا. (التحرير والتنوير).

32- ﴿ وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي ﴾.
قالَ في آخرِ الفقرة: نُبِّئَ هارونُ ساعتئذٍ حين نُبِّئَ موسى.
قالَ الإمامُ الطبري في تفسيرها: واجعلهُ نبـيًّا مثلَما جعلتنـي نبـيًّا، وأرسلهُ معي إلى فرعون.

34- ﴿ وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا ﴾.
قالَ مجاهد: لا يكونُ العبدُ من الذاكرين الله كثيراً حتى يذكرَ الله قائماً وقاعداً ومضطجعاً. (ابن كثير).

39- ﴿ أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِّي وَعَدُوٌّ لَّهُ ﴾.
﴿ التَّابُوتِ ﴾ قال: مرَّ تفسيرُ التابوتِ في البقرة، في قصةِ طالوت. وقصدهُ الآيةُ (248) من السورة، فقال: التابوت، فعلوتٌ من التوب، وهو الرجوع؛ لأنهم يرجعون إليه، أي: علامةُ مُلكهِ إتيانُ التابوتِ الذي أُخِذَ منهم، أي: رجوعهُ إليكم، وهو صندوقُ التوراة. ا.هـ.
﴿ عَدُوٌّ لِّي وَعَدُوٌّ لَّهُ ﴾. قالَ الشوكاني: المرادُ بالعدوِّ فرعون.
وقالَ ابنُ عطية: "العدو" الذي هو لله ولموسى كان فرعون.

45- ﴿ قَالَا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَنْ يَطْغَى ﴾.
قال: تقدَّمَ قريبًا. ويعني في الآيةِ (24) من السورة: ﴿ اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى ﴾، قالَ في معناها: أي: عصَى وتكبَّر، وكفرَ وتجبَّر، وتجاوزَ الحدّ.ا.هـ.
أي: يجاوزُ الحدَّ في الإِساءةِ إلينا. (البغوي).

47- ﴿ وَالسَّلَامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى ﴾.
... لمن اتَّبعَ ذلك بتصديقِ آياتِ الله تعالى الهاديةِ إلى الحقّ. (روح المعاني).

54- ﴿ كُلُوا وَارْعَوْا أَنْعَامَكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي النُّهَى ﴾.
﴿ أَنْعَامَكُمْ ﴾: وهي الإبلُ والبقرُ والضأنُ والمعزَى. (روح البيان).
﴿ لآيَاتٍ ﴾: لدلالاتٍ وعلاماتٍ تدلُّ على وحدانيةِ ربِّكم، وأنْ لا إله لكم غيره. (الطبري).

61- ﴿ قَالَ لَهُمْ مُوسَى وَيْلَكُمْ لَا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا .
لا تختلقوا علـى الله كذبـاً، ولا تتقوَّلوه. (الطبري).

64- ﴿ فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا وَقَدْ أَفْلَحَ الْيَوْمَ مَنِ اسْتَعْلَى ﴾.
﴿ كَيْدَكُمْ ﴾:أدواتِ سحركم. (روح البيان).
﴿ وَقَدْ أَفْلَحَ الْيَوْمَ ﴾: قد ظفرَ بحاجتهِ الـيوم. (الطبري).

66- ﴿ فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِن سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى ﴾.
السعي: المشي السريع، وهو دونَ العَدْو. (روح البيان).

69- ﴿ وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ ﴾.
﴿ يَمِينِكَ ﴾: اليمينُ أصلهُ الجارحة. (مفردات الراغب). أي: يدِكَ اليمنى.
قالَ ابنُ حيان الأندلسي في تفسيره: لم يأتِ التركيب: "وألقِ عصاك"؛ لما في لفظِ "اليمينِ" من معنى اليُمنِ والبركة. (البحر المحيط).
﴿ إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ ﴾: إن الذي صنعَهُ هؤلاء السحرةُ كيدٌ مِن ساحر. (الطبري).

70- ﴿ فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّدًا قَالُوا آَمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَى .
قالوا في خشوعٍ ورهبةٍ سكنَتْ قلوبَهم: آمنَّا بربِّ هارونَ وموسَى، وكفَرنا بربوبيَّةِ فرعون. (الواضح فيالتفسير).

71- ﴿ فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ ﴾.
قالَ الراغبُ في مفرداته: الصُّلب: الذي هو تعليقُ الإنسانِ للقتل، قيل: هو شدُّ صُلبهِ على خشب، وقيل: إنما هو مِن صَلْبِ الودَك.
وقد قالَ قبلَهُ: الصَّلبُ والاصطِلاب: استخراجُ الودَكِ (أي الشحمِ) من العظم.

73- ﴿ إِنَّا آَمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ ﴾.
إنّا أقررنا بتوحيدِ ربِّنا، وصدَّقنا بوعدهِ ووعيده، وأنَّ ما جاءَ به موسى حقّ. (الطبري).

74- ﴿ إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَا .
أي: يلقَى اللهَ يومَ القيامة. (ابن كثير).

75- ﴿ وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِنًا ﴾.
أي: ومن لقيَ ربَّهُ يومَ المعاد. (ابن كثير).

76- ﴿ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ﴾.
قالَ في مثلها، في الآيةِ (25) من سورةِ البقرة، باختصار: الأنهارُ جمعُ نهر، وهو: المجرَى الواسع، فوق الجدولِ ودونَ البحر، والمراد: الماءُ الذي يجري فيها. وأُسنِدَ الجريُ إليها مجازاً، والجاري حقيقةً هو الماء... والضميرُ في قوله: ﴿ مِن تَحْتِهَا ﴾ عائدٌ إلى الجنات؛ لاشتمالها على الأشجار، أي: من تحتِ أشجارها.

77- ﴿ وَلَقَدْ أَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي ﴾.
قالَ في مثلها، في الآيةِ (52) من سورةِ الشعراء: أمرَ الله سبحانهُ موسى أن يخرجَ ببني إسرائيلَ ليلاً، وسمّاهم (عبادَهُ) لأنهم آمنوا بموسى وبما جاءَ به.

85- ﴿ قَالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِن بَعْدِكَ ﴾.
أي: من بعد انطلاقِكَ إلى الجبل. (البغوي).

90- ﴿ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَنُ .
المنعِمُ بجميعِ النعم، لا العجل. وإنما ذكرَ (الرحمن) تنبيهًا على أنهم إن تابوا قَبِلَ توبتهم. (روح البيان).

95- ﴿ قَالَ فَمَا خَطْبُكَ يَاسَامِرِي ﴾.
ذكرَ في الآيةِ (85) من السورة، أن السامريَّ كان من قومٍ يعبدون البقر، فدخلَ في دينِ بني إسرائيلَ في الظاهر، وفي قلبهِ ما فيه من عبادةِ البقر، وكان من قبيلةٍ تعرفُ بالسامرة.

97- ﴿ وَانظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا ﴾.
وانظرْ إلى معبودك. (الطبري، ابن كثير)، بزعمِكَ. (البغوي)، أي: انظرْ صنيعكَ وتغيُّرِنا له، وردِّنا الأمرَ فيه إلى الواجب. (ابن عطية).

98- ﴿ إِنَّمَا إِلَهُكُمُ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا ﴾.
يقولُ لهم موسَى عليه السلام: ليسَ هذا إلهَكم، ﴿ إِنَّمَا إِلَهُكُمُ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ ﴾ أي: لا يستحقُّ ذلكَ على العبادِ إلا هو، ولا تنبغي العبادةُ إلا له، فإنَّ كلَّ شيءٍ فقيرٌ إليه، عبدٌ لربِّه. (ابن كثير).

102- ﴿ يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقًا
يومَ يأمرُ اللهُ إسرافيلَ فينفخُ في الصُّور. (الطبري).
وذكرَ الشوكاني في الآيةِ (73) من سورةِ الأنعام، أن الصُّور: قرنٌ يُنفَخُ فيه النفخةُ الأولى للفناء، والثانيةُ للإنشاء.

104- ﴿ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ .
نحن أعلمُ منهم عند إسرارهم وتخافتِهم بـينهم بقيلِهم. (الطبري).

106- ﴿ فَيَذَرُهَا قَاعًا صَفْصَفًا ﴾.
أي: فيدَعُ أماكنَ الجبالِ من الأرض. (البغوي).

109- ﴿ يَوْمَئِذٍ لَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ ﴾.
﴿ لَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ ﴾ من الشفعاءِ أحدًا. قالَ الإمامُ الراغب: الشفاعة: الانضمامُ إلى آخرَ ناصرًا له، وسائلًا عنه. وأكثرُ ما يستعملُ في انضمامِ من هو أعلى [حُرمةً و] مرتبةً إلى من هو أدنى، ومنه الشفاعةُ في القيامة. (روح البيان).

111- ﴿ وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا ﴾.
﴿ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ ﴾ أوردَ أقوالًا في معنى الاسمين الجليلين عند تفسيرِ آيةِ الكرسي، وقد جاءَ في أولِ كلٍّ منهما: الحيّ: الباقي، والقيّوم: القائمُ على كلِّ نفسٍ بما كسبت.
﴿ حَمَلَ ﴾:المرادُ به: من وافَى بالظلمِ ولم يتبْ عنه. (مفاتيح الغيب).

116- ﴿ وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآَدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى .
قال: تقدَّمَ تفسيرُ هذه القصةِ في البقرةِ مستوفى. وهي في الآيةِ (34) من السورةِ المذكورة: ﴿ وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِين ﴾. وقد ذهبَ فيه إلى جوازِ السجودِ للبشرِ حتى في شريعتنا!! وإن كان يُفهَمُ من كلامهِ أن السجودَ بمعنى التكريمِ وليس العبادة.
كما ذهبَ إلى أن إبليسَ كان من الملائكة، وأنه قولُ الجمهور!!
قال: ومعنى ﴿ أَبَىٰ ﴾: امتنعَ من فعلِ ما أُمِرَ به.
وتفسيرُ الآية: واذكرْ قولَنا للملائكةِ - بعدَ أن سوَّينا خِلقَةَ آدمَ ونفَخنا فيه مِن روحِنا -: اسجُدوا لآدم، سجدةَ تشريفٍ وتكريم، فسجدوا جميعًا، إلاّ إبليس، استكبرَ وامتنعَ من السُّجودِ له. (الواضح).

117- ﴿ فَقُلْنَا يَا آَدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى
فقلنا لآدم: إنَّ هذا الشَّيطانَ عدوٌّ لكَ ولزوجِكَ حوَّاء، فتنبَّه، وكنْ على حذر، لئلاّ يكونَ سببًا في إخراجِكما مِن الجنَّة، فتتعبَ وتشقَى في الدُّنيا. (الواضح).

121- ﴿ فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآَتُهُمَا .
قال: تقدَّمَ تفسيرُ هذا وما بعدهُ في الأعراف. وهو في الآيةِ (22) من السورةِ المذكورة: ﴿ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْءَاتُهُمَا . قال: أي: لما طعماها ظهرتْ لهما عوراتهما، بسببِ زوالِ ما كان ساتراً لهما، وهو تقلُّصُ النورِ الذي كان عليها.

123- ﴿ فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلاَ يَضِلُّ وَلاَ يَشْقَى .
يعني الكتاب والرسول. ثم أوردَ البغوي قولَ ابنِ عباسٍ رضيَ الله عنهما: من قرأ القرآنَ واتبعَ ما فيه، هداهُ الله في الدنيا من الضلالة، ووقاهُ يومَ القيامةِ سوءَ الحساب. (البغوي).

125- ﴿ قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا ﴾.
ويقولُ العبدُ لربِّهِ يومذاك: يا ربّ، لماذا أعمَيتَ عينيَّ ...؟ (الواضح).

126- ﴿ قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى ﴾.
فعلتُ ذلك بك، فحشرتُكَ أعمى، كما أتتكَ آياتي، وهي حججهُ وأدلتهُ وبيانهُ الذي بيَّنهُ في كتابه... (الطبري).

127- ﴿ وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآَيَاتِ رَبِّهِ
برسلهِ وكتبه. (الطبري).

128- ﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِأُولِي النُّهَى ﴾.
لدلالاتٍ وعبرًا وعظات.. (الطبري).

131- ﴿ وَلاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّنْهُمْ ﴾.
... لضُربـاءِ هؤلاء المعرضين عن آياتِ ربِّهم وأشكالهم. (الطبري).
... هؤلاء المترفون وأشباهُهم ونظراؤهم ... وقالَ مجاهد: ﴿ أَزْوَاجًا مِّنْهُمْ ﴾ يعني الأغنياء. (ابن كثير).

132- ﴿ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى ﴾.
قالَ ابنُ عباس: الذين صدَّقوكَ واتبعوكَ واتقوني. (البغوي).

134- ﴿ فَنَتَّبِعَ آَيَاتِكَ
فنتَّبِعَ حجَّتكَ وأدلَّتكَ وما تُنزلهُ عليه مِن أمرِكَ ونهيك. (الطبري).




ابوالوليد المسلم 11-01-2021 01:18 AM

رد: عون البصير على فتح القدير
 
عون البصير على فتح القدير (17)





أ. محمد خير رمضان يوسف






الجزء السابع عشر

(سورة الأنبياء، سورة الحج)



سورة الأنبياء
3- ﴿ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا ﴾.
هؤلاء الناسُ الذين اقتربتِ الساعةُ منهم وهم في غفلةٍ معرضون. (الطبري).

5-﴿ بَلْ قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ بَلِ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ شَاعِرٌ فَلْيَأْتِنَا بِآَيَةٍ كَمَا أُرْسِلَ الْأَوَّلُونَ
﴿ افْتَرَاهُ ﴾: قالَ بعضهم: هو فِرْيةٌ واختلاقٌ افتراهُ واختلقَهُ منْ قِبَل نفسِه.
﴿ بِآَيَةٍ ﴾: بحجَّةٍ ودلالةٍ على حقـيقةِ ما يقولُ ويدَّعي. (الطبري).

22- ﴿ فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ ﴾.
الوصفُ بربِّ العرشِ لتأكيدِ التنزُّه، مع ما في ذلك من تربيةِ المهابة. (روح المعاني).

25- ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ ﴾.
وما أرسلنا قبلكَ مِن رسولٍ إلاّ وأمرناهُ بالدَّعوةِ إلى عبادةِ اللهِ وحدَهُ لا شريكَ له. (الواضح).

28-﴿ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى .
الشفاعة: الانضمامُ إلى آخرَ ناصرًا له، وسائلًا عنه، وأكثرُ ما يستعملُ في انضمامِ من هو أعلى مرتبةً إلى من هو أدنى، ومنه الشفاعةُ في القيامة. (روح البيان).

29-﴿ وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلَهٌ مِنْ دُونِهِ فَذَلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ .
الجزاءُ ما فيه الكفايةُ من المقابلة، إن خيرًا فخير، وإن شرًّا فشرّ، يقال: جزيتهُ كذا، وبكذا. (روح البيان).

32- ﴿ وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا مَحْفُوظًا ﴾.
السقف: ما علا. (ابن عطية). سمِّيتْ سقفًا لأنها للأرضِ كالسقف. (روح البيان).

39- ﴿ لَوْ يَعْلَمُ الَّذِينَ كَفَرُوا حِينَ لَا يَكُفُّونَ عَنْ وُجُوهِهِمُ النَّارَ ﴾.
لا يدفعون. (البغوي).

42-﴿ قُلْ مَن يَكْلَؤُكُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مِنَ الرَّحْمَنِ .
قـيـل: ﴿ مِنَ الرَّحْمَنِ ﴾، اجتزاءً بمعرفةِ السامعين لمعناهُ من ذكره. (الطبري).
وفي ذكرِ ﴿ الرَّحْمَنِ ﴾ تنبيهٌ على أنه لا كالئَ غيرُ رحمتهِ العامة، وأن اندفاعَهُ بمهلته. (روح البيان).

45- ﴿ وَلَا يَسْمَعُ الصُّمُّ الدُّعَاءَ إِذَا مَا يُنْذَرُونَ .
الدعاءَ إلى الإيمان ... ما يُنَذرون من آياتِ الله.. (روح البيان، باختصار).

46- ﴿ وَلَئِن مَّسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِّنْ عَذَابِ رَبِّكَ ﴾.
المسّ: اللمس، ويقالُ في كلِّ ما ينالُ الإنسانَ من أذى. (روح البيان).

56- ﴿ قَالَ بَل رَبُّكُمْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الَّذِي فَطَرَهُنَّ ﴾.
أي: ربُّكم الذي لا إلهَ غيره، هو الذي خلقَ السماواتِ والأرض، وما حوَتْ مِن المخلوقاتِ. (ابن كثير).

57- ﴿ وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ ﴾.
أصله "والله"، وفي التاءِ معنى التعجب، من تسهيلِ الكيدِ على يدهِ مع صعوبتهِ وتعذره؛ لقوةِ سلطةِ نمروذ. (النسفي).
ثم أقسمَ الخليلُ قسماً أسمعَهُ بعضَ قومه. (ابن كثير).

69- ﴿ قُلْنَا يَانَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلاَمًا عَلَى إِبْرَاهِيم ﴾.
وعندما ألقَوهُ في النار، قلنا لها: يا نارُ لا تُحرقيه، بل كوني له بردًا وسلامًا وعافية. (الواضح).

74- ﴿ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَاسِقِينَ ﴾.
السَّوْء - بفتحِ السينِ وسكونِ الواو - مصدر، أي: القبيحُ المكروه. وأما بضمِّ السين، فهو اسمُ مصدرٍ لما ذُكر، وهو أعمُّ من المفتوح؛ لأن الوصفَ بالاسمِ أضعفُ من الوصفِ بالمصدر. (التحرير والتوير).

77- ﴿ وَنَصَرْنَاهُ مِنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ ﴾.
وحميناهُ ومنعناهُ من هؤلاءِ الذين كذَّبوا بآياتِنا ومعجزاتِنا، إنَّهم كانوا قومًا سيِّئين منهمِكين في الفواحش، ملازمين للكفر. (الواضح في التفسير).

78-﴿ وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ .
يفهمُ أن معنى الحُكم: القضاء. قالَ الراغبُ في مفرداته: الحُكمُ أن يُقضَى بشيءٍ على شيء، فيقول: هو كذا أو ليس بكذا.

80- ﴿وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ﴾.
لتحرزكم وتمنعَكم. (البغوي).

81- ﴿ وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا .
وذلك أنها كانت تجري لسليمانَ وأصحابهِ حيثُ شاءَ سليمان.. (البغوي).

83- ﴿ وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ .
أي: دعا ربَّه. (البغوي).

84- ﴿ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِين ﴾.
... للمؤمنين، ولا يَعبدُ اللهَ تعالى إلا مؤمن. (ابن عطية).

87- ﴿ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ
أي: لا إله يحفظني من هذه الظلمات، ويسلِّمُني من آفاتها وفتنتِها، ويُلهمني أن أذكرهُ في هذا الموطنِ على هذه الحالةِ إلا أنت. (روح البيان).

90- ﴿ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ ﴾.
قال: تقدَّمَ مستوفًى في سورةِ مريم. وهو في أول سورةِ مريم (حتى الآيةِ 15).
﴿ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى ﴾: ووهبنا له يحيى ولدًا ووارثًا يرثه. (الطبري).
﴿إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ ﴾ أي: في عملِ القرُباتِ وفعلِ الطاعات. (ابن كثير).

91- ﴿ وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهَا مِنْ رُوحِنَا وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا آَيَةً لِلْعَالَمِينَ .
﴿ فَنَفَخْنَا فِيهَا مِنْ رُوحِنَا ﴾: قالَ في تفسيرِ قولهِ تعالى في الآيةِ الأخيرةِ من سورةِ التحريم ﴿ وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا ﴾: وذلك أن جبريلَ نفخَ في جيبِ درعها فحبلتْ بعيسى. ا.هـ.
فصَّلَهُ ابنُ كثير في السورةِ المذكورةِ بقوله: أي: بواسطةِ الـمَلَك، وهو جبريل، فإنَّ اللهَ بعثَهُ إليها، فتمثَّلَ لها في صورةِ بشرٍ سَويّ، وأمرَهُ اللهُ تعالى أنْ ينفخَ بفيهِ في جَيبِ درعِها، فنزلتِ النفخةُ فولجتْ في فرجِها، فكانَ منه الحملُ بعيسى عليه السلام.

﴿ آَيَةً لِلْعَالَمِينَ ﴾ أي: دلالةً على أن الله على كلِّ شيءٍ قدير، وأنه يخلقُ ما يشاء، و﴿ إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ ﴾ [سورة يس: 82]، وهذا كقوله ﴿ وَلِنَجْعَلَهُ ءَايَةً لِّلْنَّاسِ ﴾ [سورة مريم: 21].
ثم أوردَ سندَ ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: ﴿ لِلْعَـٰلَمِينَ ﴾ قال: الجنُّ والإنس. (ابن كثير).

92- ﴿إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ﴾.
لا إله لكم غيري. (البيضاوي، روح البيان).

97- ﴿ يَا وَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا .
أرادوا من نداءِ الويلِ التحسُّر، وكأنهم قالوا: يا ويلنا تعالَ فهذا أوانُ حضورك. (روح المعاني).

يتبع

ابوالوليد المسلم 11-01-2021 01:18 AM

رد: عون البصير على فتح القدير
 
سورة الحج
1- ﴿ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيم ﴾.
أمرٌ هائل. (روح المعاني)، لا يحيطُ به الوصف. (روح البيان).

4- ﴿ كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَنْ تَوَلَّاهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ ﴾.
قالَ مجاهد: يعني الشيطان، يعني كتبَ عليه كتابةً قدَرية. (ابن كثير).
قُضيَ على الشيطان. (البغوي).

7- ﴿ وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ ﴾.
أي: يُعيدُهم بعدَما صاروا في قبورِهم رِمَمًا، ويوجِدُهم بعدَ العدم.. (ابن كثير).

8- ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُنِيرٍ ﴾.
ذكرَ في الآيةِ الثالثةِ من السورةِ أن معنى يجادل: يخاصم.

9- ﴿ ثَانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَنُذِيقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَذَابَ الْحَرِيقِ ﴾.
﴿ لِيُضِلَّ ﴾: ليصدَّ المؤمنـين بـالله عن دينهم الذي هداهم له، ويستزلَّهم عنه.
﴿ وَنُذِيقُهُ ﴾ ونُحرِقه. (الطبري).

10- ﴿ ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ ﴾.
اقترفته. (روح البيان).

12- ﴿ ذَلِكَ هُوَ الضَّلاَلُ الْبَعِيد ﴾.
الأخذُ علـى غيرِ استقامة، والذهابُ عن دينِ الله.. (الطبري).

14- ﴿ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ﴾.
قالَ في الآيةِ (25) من سورةِ البقرة: الأعمالِ المستقيمة. والمرادُ هنا: الأعمالُ المطلوبةُ منهم، المفترضةُ عليهم.

17- ﴿ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ .
عالمٌ به. (ابن عطية).
شهيدٌ على أفعالهم، حفيظٌ لأقوالهم، عليمٌ بسرائرهم وما تكنُّ ضمائرهم. (ابن كثير).

18- ﴿ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ .
أي: الحيواناتُ كلُّها. (ابن كثير).

23- ﴿ إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ﴾.
والمؤمنون الصَّالحون، الذين صدَقوا في إيمانِهم، وأحسنوا في أعمالِهم، يُدخِلُهم اللهُ جنّاتٍ عاليات، تجري من تحتِ أشجارِها وقصورِها الأنهار، يُزَيَّنونَ فيها بأساورَ ... (الواضح).

32- ﴿ ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ .
قال: الكلامُ في هذه الإشارةِ قد تقدَّمَ قريبًا. ويعني في الآيةِ (30) من السورة، وقد قالَ هناك: محلُّ ﴿ ذٰلِكَ الرفع، على أنه خبرٌ مبتدأٌ محذوف، أي: الأمرُ ذلك، أو مبتدأٌ خبرهُ محذوف، أو في محلِّ نصبٍ بفعلٍ محذوف، أي: افعلوا ذلك. والمشارُ إليه هو ما سبقَ من أعمالِ الحجّ، وهذا وأمثالهُ يطلقُ للفصلِ بين الكلامين، أو بين طرفي كلامٍ واحد.

34- ﴿ وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ .
قالَ في الآيةِ (30) من السورة: هي الإبلُ والبقرُ والغنم.

38- ﴿ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُور .
الخيانةُ في العهودِ والمواثيق، لا يفي بما قال، والكفر: الجحدُ للنعم، فلا يعترفُ بها. (ابن كثير).
﴿ خَوَّانٍ في أمانةِ الله، ﴿ كَفُورٌ لنعمةِ الله، أي: لأنه لا يحبُّ أضدادهم، وهم الخونةُ الكفرة، الذين يخونون الله والرسول، ويخونون أماناتهم، ويَكفُرون نعمَ الله ويغمطونها. (النسفي).

42- ﴿ وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعَادٌ وَثَمُودُ .
قالَ في هذه الآيةِ وتاليتيها: تقدَّم ذكرُ هذه الأمم، وما كان منهم ومن أنبيائهم، وكيف كانت عاقبتهم. ا.هـ. قلت: وهو في أكثرَ من سورة.
تفسيرها: ... فقد خالفَ قومُ نوحٍ نبيَّهم وكذَّبوهُ على مدَى قرون. وهكذا كانَ موقفُ عادٍ مِن نبيِّهم هُود، وموقفُ ثمودَ مِن صالح، عليهما السَّلام. (الواضح).

43- ﴿ وَقَوْمُ إِبْرَاهِيمَ وَقَوْمُ لُوطٍ .
وقومُ إبراهيمَ أصرُّوا على عبادةِ الأصنامِ وكذَّبوا نبيَّهم حتَّى أوقَدوا النِّيرانَ ورمَوهُ فيها، وأنقذَهُ الله. وقومُ لوطٍ أصرُّوا على فاحشةِ اللِّواطِ وكذَّبوا نبيَّهم كذلك. (الواضح).

44- ﴿ وَأَصْحَابُ مَدْيَنَ .
وكذا كانَ موقفُ أصحابِ مَدْيَنَ مِن نبيِّهم شُعَيب.. (الواضح).

45- ﴿ فَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ.
فصَّلَ المؤلفُ القولَ في ﴿ فَكَأَيِّن في الآيةِ (146) من سورةِ آل عمران: ﴿ وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ ، وأنها تأتي في أربعِ لغاتٍ قُرئَ بها. ثم قال: والمعنى: كثيرٌ من الأنبياءِ قُتِلَ معه ربِّيون.
وقالَ في الآيةِ (48) من هذه السورة: ﴿ وَكَأَيّن مّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَـٰهَا أي: أهلكنا أهلها.

48- ﴿ وَكَأَيّن مّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَـٰهَا ﴾.
قال: تقدَّمُ الكلامُ على هذا التركيبِ في آل عمران.
ويعني الآيةَ (146) منها: ﴿ وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ ﴾، وقد فصَّلَ القولَ في ﴿ وَكَأَيِّن وأنها تأتي في أربعِ لغاتٍ قُرئَ بها...

50- ﴿ فَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ .
قالَ في الآيةِ (25) من سورةِ البقرة: الأعمالِ المستقيمة. والمرادُ هنا: الأعمالُ المطلوبةُ منهم، المفترضةُ عليهم. وفيه ردٌّ على من يقول: إن الإيمانَ بمجردهِ يكفي، فالجنةُ تُنالُ بالإيمان، والعملِ الصالح.

54- ﴿ وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آَمَنُوا إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾.
قال: في أمورِ دينهم.
وقالَ ابنُ كثير في تفسيرها: أي: في الدنيا والآخرة. أما في الدنيا فيُرشدهم إلى الحقِّ واتباعه، ويوفِّقهم لمخالفةِ الباطلِ واجتنابه، وفي الآخرة يهديهم الصراطَ المستقيمَ الموصلَ إلى درجاتِ الجنات، ويزحزحهم عن العذابِ الأليمِ والدركات. (ابن كثير).

56- ﴿ فَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ ﴾.
قالَ في الآيةِ (25) من سورةِ البقرة: الأعمالِ المستقيمة. والمرادُ هنا: الأعمالُ المطلوبةُ منهم، المفترضةُ عليهم. وفيه ردٌّ على من يقول: إن الإيمانَ بمجردهِ يكفي، فالجنةُ تُنالُ بالإيمان، والعملِ الصالح.

57- ﴿ وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا فَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ ﴾.
يعني عذابٌ مذلٌّ في جهنَّم. (الطبري).

61- ﴿ ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ ﴾.
قال: مضَى في آل عمران معنى هذا الإدلاج. ويعني قولَهُ تعالى في الآيةِ (27) منها: ﴿ تُولِجُ اللَّيْلَ فِي الْنَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ ﴾، قال: أي: تُدخِلُ ما نقصَ من أحدهما في الآخر، وقيل: المعنى تعاقبُ بينهما، ويكونُ زوالُ أحدهما ولوجاً في الآخر.

63- ﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَتُصْبِحُ الأَرْضُ مُخْضَرَّةً ﴾.
﴿ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ ﴾ أي: من جهةِ العلوّ. (روح المعاني)، ﴿ مَاءً ﴾: مطرًا. (الطبري).

65- ﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ وَالْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ ﴾.
﴿ وَالْفُلْكَ ﴾ أي: وسخَّرَ لكم السفنَ ﴿ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ ﴾: يعني سخَّرَ لها الماءَ والرياح، ولولا ذلك ما جرَت. (الخازن).

68- ﴿ وَإِنْ جَادَلُوكَ فَقُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾.
... فقلْ لهم على سبيلِ الوعيدِ والتَّهديد: اللهُ أعلمُ بما تخوضون فيه من العنادِ والبطلان. (الواضح في التفسير).

71- ﴿ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ ﴾.
للمشركين. (البغوي).

72- ﴿ وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ الَّذِينَ كَفَرُوا الْمُنكَرَ ﴾.
يعني القرآن. (القرآن).

75- ﴿ اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ ﴾.
يختار. (البغوي).

76- ﴿ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ ﴾.
إلـى اللهِ في الآخرةِ تصيرُ إلـيه أمورُ الدنـيا، وإلـيهِ تعودُ كما كانَ منه البدء. (الطبري).

77- ﴿ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ .
تسعدوا وتفوزوا بالجنة. (البغوي).





ابوالوليد المسلم 11-01-2021 01:19 AM

رد: عون البصير على فتح القدير
 
عون البصير على فتح القدير (18)





أ. محمد خير رمضان يوسف









الجزء الثامن عشر

(سورة المؤمنون، سورة النور، سورة الفرقان 1 - 20)




سورة المؤمنون
6- ﴿ إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ ﴾.
يعني يحفظُ فرجَهُ إلا مِن امرأتهِ أو أمَته، فإنه لا يلامُ على ذلك، وإنما لا يلامُ فيهما إذا كان على وجهٍ أذنَ فيه الشرع، دون الإِتيانِ في غيرِ المأتى، وفي حالِ الحيضِ والنفاس، فإنه محظورٌ هو على فعلهِ ملوم. (البغوي).

19- ﴿ فَأَنْشَأْنَا لَكُمْ بِهِ جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ ﴾.
ذكرَ تعالى "النخيلَ والأعنابَ" لأَنها ثمرةُ الحجازِ بالطائفِ والمدينةِ وغيرهما، قالَهُ الطبري، ولأنهما أيضاً أشرفُ الثمار، فذكرها مثالاً تشريفاً لها وتنبيهاً عليها. (ابن عطية).

22- ﴿ وَعَلَيْهَا وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ ﴾.
السفن. (ابن عطية).

27- ﴿ فَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا فَإِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ فَاسْلُكْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ مِنْهُمْ وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْمُغْرَقُونَ .
﴿ اصْنَعِ الْفُلْكَ ﴾: وهي السفينة.
﴿ وَأَهْلَكَ ﴾: وهم ولدهُ ونساؤهم.
﴿ الَّذِينَ ظَلَمُوا ﴾: الذين كفروا بالله. (الطبري).

29- ﴿ وَقُلْ رَبِّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلًا مُبَارَكًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ ﴾.
﴿ مُبَارَكًا ﴾: البركةُ في السفينة: النجاة، وفي النزولِ بعد الخروج: كثرةُ النسلِ من أولادهِ الثلاثة. (البغوي).
﴿ وَأَنْتَ خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ ﴾: وأنتَ خيرُ مَن أنزلَ عبـادَهُ المنازل. (الطبري).

32- ﴿ فَأَرْسَلْنَا فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ ﴾.
قالَ في مثلها في الآيةِ (23) من السورة، ما مختصره: أي: اعبدوهُ وحدَهُ ولا تشركوا به شيئاً، ما لكم في الوجودِ إلهٌ غيرهُ سبحانه.

38- ﴿ إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا وَمَا نَحْنُ لَهُ بِمُؤْمِنِينَ ﴾.
اختلق. (الطبري).

41- ﴿ فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ بِالْحَقِّ فَجَعَلْنَاهُمْ غُثَاءً فَبُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ﴾.
﴿ بِالْحَقِّ ﴾:ذلك أن الله عاقبهم بـاستـحقاقهم العقابَ منه؛ بكفرهم به وتكذيبهم رسوله.
﴿ فَبُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ﴾: فأبعدَ اللهُ القومَ الكافرينَ بهلاكهم، إذ كفروا بربِّهم، وعَصَوا رسلَه، وظلـموا أنفسَهم. (الطبري).

44- ﴿ فَبُعْدًا لِقَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ ﴾.
قالَ في الآيةِ (41) من السورة:أي: بَعدوا بُعداً.
وقالَ الشيخ إسماعيل حقي: في أكثرِ التفاسير: بعدوا بعدًا، أي: هلكوا. (روح البيان).

45- ﴿ ثُمَّ أَرْسَلْنَا مُوسَى وَأَخَاهُ هَارُونَ بِآَيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ .
ثم أرسلنا بعد الرسلِ الذين وصفَ صفتهم قبلَ هذه الآية، موسى وأخاهُ هارون إلى فرعونَ وأشرافِ قومهِ من القبط. (الطبري).

50- ﴿ وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آَيَةً وَآَوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ .
جعلنا مأواهما، أي: منزلهما. (النسفي).

61- ﴿ أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ .
﴿ الْخَيْرَاتِ ﴾: الطاعات. (النسفي).
المرادُ بسبقهم إلى الخيرات: ظفرُهم بها ونيلُهم إيّاها. (روح المعاني).

65- ﴿ لَا تَجْأَرُوا الْيَوْمَ إِنَّكُمْ مِنَّا لَا تُنْصَرُونَ ﴾.
فسَّرَهُ في الآيةِ السابقةِ بالصراخ.

68- ﴿ أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ ﴾.
التدبر: إحضارُ القلبِ للفهم. قالَ الراغب: التدبر: التفكرُ في دبرِ الأمور. (روح البيان).

70- ﴿ بَلْ جَاءَهُمْ بِالْحَقِّ وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ ﴾.
ولكنَّ أكثرهم كارهٌ لاتباعِ الحقِّ الذي قد صحَّ عندهم وعلموه؛ حسداً منهم له، وبغياً عليه، واستكباراً في الأرض. (الهداية إلى بلوغ النهاية).
لأنه يخالفُ شهواتهم وأهواءهم فلذلك أنكروه. (البيضاوي).

72- ﴿ أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجًا فَخَرَاجُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ ﴾.
واللهُ خيرُ مَن أعطَى عوضًا علـى عملٍ ورزقَ رزقًا. (الطبري).

76- ﴿ وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُم بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ ﴾.
أي: ابتليناهم بالمصائبِ والشدائد. (ابن كثير).

77- ﴿ حَتَّى إِذَا فَتَحْنَا عَلَيْهِم بَابًا ذَا عَذَابٍ شَدِيدٍ إِذَا هُمْ فِيهِ مُبْلِسُون ﴾.
أي: حتى إذا جاءهم أمرُ الله، وجاءتهم الساعةُ بغتة. (ابن كثير).

82- ﴿ قَالُوا أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ ﴾.
يقول: أئذا متنا وعُدنا ترابـًا قد بَلـيتْ أجسامُنا، وبرأتْ عظامُنا من لحومنا﴿ أئِنَّا لَـمَبْعُوثُونَ ﴾؟ يقول: إنا لمبعوثون من قبورنا أحياءً كهيئتنا قبلَ الممات؟ إن هذا لشيءٌ غيرُ كائن. (الطبري).

86- ﴿ قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ
قُلْ لهم أيضًا: مَن هو خالقُ السَّماواتِ السَّبع، وما فيها مِن النُّجومِ والكواكب، ومِن الملائكةِ الخاضعين لأمرِه؟ ومَن هو ربُّ العرشِ العظيم، المَرتفعِ على السَّماواتِ كلِّها؟ (الواضح).

87- ﴿ سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلاَ تَتَّقُون .
سيقولون: ذلك كلُّهُ لله، وهو ربُّه. فقلْ لهم: أفلا تتقون عقابَهُ علـى كفركم به وتكذيبكم خبرَهُ وخبرَ رسوله؟ (الطبري).

88- ﴿ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾.
﴿ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ من ذلك صفته. (الطبري).
﴿ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ ذلك فأجيبوني. (روح البيان).

91- ﴿ مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِن وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ ﴾.
ينزِّهُ تعالى نفسَهُ عن أن يكونَ له ولدٌ أو شريكٌ في الملكِ والتصرفِ والعبادة. (ابن كثير).

91- ﴿ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ ﴾.
تنزيهًا للهِ عمّا يصفهُ به هؤلاءِ المشركون مِن أنَّ له ولدًا، وعمّا قالوهُ مِن أنَّ له شريكًا، أو أنَّ معهُ في القِدَمِ إلهًا يُعبَد، تباركَ وتعالَى. (الطبري).

92- ﴿ عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ .
أي: يعلمُ ما يغيبُ عن المخلوقات، وما يشاهدونه. (ابن كثير).

94- ﴿ رَبِّ فَلَا تَجْعَلْنِي فِي الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ﴾.
المشركين. (الطبري).

97- ﴿ وَقُل رَّبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِين ﴾.
وقلْ يا محمد: ربِّ أستـجيرُ بكَ.. (الطبري).

98- ﴿ وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَن يَحْضُرُون ﴾.
وقل: أستجيرُ بكَ.. (الطبري).

102- ﴿ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ .
الثقلُ والخفَّةُ إنما يتعلقُ بأجرامٍ يخترعُ الله فيها ذلك، وهي فيما رويَ براءات. (ابن عطية).

103- ﴿ وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ ﴾.
﴿ خَفَّتْ ﴾ (ينظرُ تفسيرها في الآيةِ السابقة).
﴿ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ ﴾ قال: تقدَّمَ الكلامُ على هذه الآيةِ مستوفًى فلا نعيده.
وقد قالَ في الآيةِ (74) من سورة الزخرف: ﴿ إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي عَذَابِ جَهَنَّمَ خَالِدُون ﴾: أي: لا ينقطعُ عذابهم في جهنمَ كما ينقطعُ عذابُ عصاةِ المؤمنين، على تقديرِ دخولهم فيها.

105- ﴿ أَلَمْ تَكُنْ آَيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ ﴾.
﴿ فَكُنْتُمْ بِهَا تُكَذّبُونَ ﴾ وتزعمون أنها ليستْ من الله تعالى؟ (النسفي).

106- ﴿ قَالُوا رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْمًا ضَالِّينَ ﴾.
أي: قد قامتْ علينا الحجَّة. (ابن كثير).

109- ﴿ إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا آَمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ ﴾.
لقد كانَ جماعةٌ مِن عباديَ المؤمنينَ يوحِّدونَني، ويدعونَني لأَغفِرَ لهم، وأرحمَهم، واللهُ خيرُ مَن رَحِمَ وعفا. (الواضح).

110- ﴿ فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا حَتَّى أَنْسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنْتُمْ مِنْهُمْ تَضْحَكُونَ ﴾.
أي: مِن صنيعِهم وعبادتِهم. (ابن كثير).
يتبع

ابوالوليد المسلم 11-01-2021 01:19 AM

رد: عون البصير على فتح القدير
 

111- ﴿ إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُونَ ﴾.
﴿ إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا ﴾ أي: على أذاكم واستهزائكم في الدنيا، ﴿ أَنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُونَ ﴾ أي: جزيتُهم بصبرهم الفوزَ بالجنة. (الخازن).

117- ﴿ وَمَن يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لاَ بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبِّهِ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الْكَافِرُون ﴾.
﴿ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبِّهِ ﴾ أي: الله يحاسبهُ على ذلك، ثم أخبرَ ﴿ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ ٱلْكَـٰفِرُونَ ﴾ أي: لديهِ يومَ القيامة، لا فلاحَ لهم ولا نجاة. (ابن كثير).

118- ﴿ وَقُلْ رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ .
قال: تقدَّمَ بيانُ كونهِ أرحمَ الراحمين. وقد قالَ في مثلهِ في الآيةِ (92) من سورةِ يوسف: يرحمُ عبادَهُ رحمةً لا يتراحمون بها فيما بينهم، فيجازي محسنَهم، ويغفرُ لمسيئهم.

سورة النور
1- ﴿ سُورَةٌ أَنْزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا وَأَنْزَلْنَا فِيهَا آَيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ
تتَّعظون. (البغوي).
لتتذكروا بهذه الآياتِ البيِّناتِ التي أنزلناها. (الطبري).

7- ﴿ وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ
اللعن: الطردُ والإبعادُ على سبيلِ السخَط، وذلكَ منَ اللهِ تعالى في الآخرةِ عقوبة، وفي الدنيا انقطاعٌ عن قبولِ رحمتهِ وتوفيقه، ومن الإنسانِ دعاءٌ على غيره. (المفردات للراغب).

11- ﴿ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الإِثْمِ .
قال: بسببِ تكلُّمهِ بالإفك.
وقالَ الإمامُ البغوي: ﴿ لِكُلِّ ٱمْرِىءٍ مِّنْهُمْ يعني من العصبةِ الكاذبة، ﴿ مَّا ٱكْتَسَبَ مِنَ ٱلإِثْمِ أي: جزاءُ ما اجترحَ من الذنبِ على قدرِ ما خاضَ فيه.

12- ﴿ لَوْلاَ إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُّبِين .
ذكرَ في الآيةِ (11) من السورة، أن الإفكَ أسوأُ الكذبِ وأقبحه.

15- ﴿ إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ
أي: تقولونَ ما لا تعلمون. (ابن كثير).

19- ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آَمَنُوا .
... فحبُّهم شياعَ الفاحشةِ في المؤمنين متمكنٌ على وجهه؛ لعداوتهم في أهلِ الإيمان. (ابن عطية).
المرادُ بالذين آمنوا جميعُ المؤمنين. (الخازن).

20- ﴿ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴾.
قال: هو تكريرٌ لما تقدَّم، تذكيراً للمنَّةِ منه سبحانهُ على عبادهِ بتركِ المعاجلةِ لهم.
وقد قالَ في مثلها في الآيةِ (14) من السورة: ﴿ وَلَوْلاَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيم ﴾: هذا خطابٌ للسامعين، وفيه زجرٌ عظيم، ﴿ وَلَوْلاَ ﴾ هذه هي لامتناعِ الشيءِ لوجودِ غيره،والمعنى: لولا أني قضيتُ عليكم بالفضلِ في الدنيا بالنعم، التي من جملتها الإمهال، والرحمةِ في الآخرةِ بالعفو، لعاجلتُكم بالعقابِ على ما خضتُم فيه من حديثِ الإفك. وقيل: المعنى: لولا فضلُ الله عليكم لمسَّكم العذابُ في الدنيا والآخرةِ معاً، ولكنْ برحمتهِ سترَ عليكم في الدنيا، ويرحمُ في الآخرةِ من أتاهُ تائباً.

21- ﴿ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا .
قال: تقدَّمَ بيانه.
وقد قالَ في الآيةِ السابقة: هو تكريرٌ لما تقدَّم، تذكيراً للمنَّةِ منه سبحانهُ على عبادهِ بتركِ المعاجلةِ لهم.
وأوردتُ توضيحًا عليه هناك من الآيةِ (14).

23- ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾.
﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ﴾ قال: قد مرَّ تفسيرُ المحصناتِ المؤمنات. وقصدهُ في الآيةِ الرابعةِ من السورة ﴿ وَٱلَّذِينَ يَرْمُونَ ٱلْمُحْصَنَاتِ... ﴾، وكان مما قالَ هناك: المرادُ بالمحصناتِ هنا: العفائف، وقد مضَى في سورةِ النساءِ ذكرُ الإحصان، وما يحتملهُ من المعاني.
ومما قالَهُ في: ﴿ الَّذِينَ يَرْمُونَ ﴾: استعارَ الرميَ للشتمِ بفاحشةِ الزنا لكونهِ جنايةً بالقول.. ويسمَّى هذا الشتمُ بهذه الفاحشةِ الخاصةِ قذفاً.
﴿ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾: وذلك عذابُ جهنـم. (الطبري).

24- ﴿ يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُون ﴾.
يومَ القـيامة. (الطبري).

26- ﴿ الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ ﴾.
قالَ ابنُ عاشور رحمهُ الله، عند تفسيرهِ الآيةَ (37) من سورةِ الأنفال: ﴿ لِيَمِيزَ ٱللَّهُ ٱلْخَبِيثَ مِنَ ٱلطَّيِّبِ ﴾: الخبيث: الشيءُ الموصوفُ بالخُبثِ والخباثة، وحقيقةُ ذلك أنه حالةُ حشيةٍ لشيءٍ تجعلهُ مكروهاً، مثلُ القذرِ والوسخ. ويطلقُ الخبثُ مجازاً على الحالةِ المعنوية، من نحوِ ما ذكرنا، تشبيهاً للمعقولِ بالمحسوس، وهو مجازٌ مشهور، والمرادُ به هنا خسَّةُ النفوسِ الصادرةُ عنها مفاسدُ الأعمال.
والطيّب: الموصوفُ بالطِّيب، ضدُّ الخُبثِ بإطلاقَيْه، فالكفرُ خبثٌ لأن أساسَهُ الاعتقادُ الفاسد، فنفسُ صاحبهِ تتصوَّرُ الأشياءَ على خلافِ حقايقها، فلا جرمَ أن تأتيَ صاحبَها بالأفعالِ على خلافِ وجهها... (التحرير والتنوير).

31- ﴿ وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ ﴾.
ذكرَ أنه على الوجهِ الذي تقدَّمَ في حفظِ الرجالِ لفروجهم. وهو في الآيةِ السابقة. قال: ومعنى ﴿ وَيَحْفَظُواْ فُرُوجَهُمْ ﴾: أنه يجبُ عليهم حفظُها عمّا يحرمُ عليهم. وقيل: المرادُ سترُ فروجِهم عن أن يراها من لا تحلُّ له رؤيتُها. ولا مانعَ من إرادةِ المعنيين، فالكلُّ يدخلُ تحت حفظِ الفرج.

39- ﴿ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ .
قالَ في تفسيرها، في الآيةِ (202) من سورةِ البقرة ﴿ أُولَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ : المعنى: أن حسابَهُ لعبادهِ في يومِ القيامةِ سريعٌ مجيؤه، فبادروا ذلك بأعمالِ الخير. أو أنه وصفَ نفسَهُ بسرعةِ حسابِ الخلائقِ على كثرةِ عددهم، وأنه لا يشغلهُ شأنٌ عن شأن، فيحاسبُهم في حالةٍ واحدة، كما قالَ تعالى: ﴿ مَّا خَلْقُكُمْ وَلاَ بَعْثُكُمْ إِلاَّ كَنَفْسٍ وٰحِدَةٍ [سورة لقمان: 28].

48- ﴿ وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُم مُّعْرِضُون .
أي: إذا طُلبوا إلى اتباعِ الهدَى فيما أنزلَ الله على رسوله، أعرضوا عنه، واستكبروا في أنفسهم عن اتباعه... (ابن كثير). ويعني المنافقين.

51- ﴿ إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا ﴾.
قال: قدَّمنا الكلامَ على الدعوةِ إلى الله ورسولهِ للحكمِ بين المتخاصمين، وذكرنا مَن تجبُ الإجابةُ إليه من القضاةِ ومن لا تجب. ا.هـ.
وهو عند تفسيرِ الآيةِ (48) من السورة: ﴿ وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُم مُّعْرِضُون ﴾. وهو في تفصيل، فليراجعْ هناك.
وتفسيرُ الآية: إنما المؤمنون الصَّادقون في إيمانِهم، إذا دُعُوا إلى حُكمِ اللهِ وقضاءِ الرَّسولِ بينهم... (الواضح).

54- ﴿ قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ ﴾.
يعني: أعرَضوا عن طاعةِ الله ورسوله. (الخازن).

55- ﴿ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ ﴾.
أي: اختارَهُ لهم. (الخازن).

56- ﴿ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ ﴾.
قال: تقدَّمَ الكلامُ على إقامةِ الصلاةِ وإيتاءِ الزكاة.
ومما قالَ في (الصلاةِ) في الآيةِ الثالثةِ من سورةِ البقرة: إقامةُ الصلاةِ أداؤها بأركانها، وسننها، وهيئاتها في أوقاتها.
وقالَ في (الزكاةِ) في الآيةِ (43) من سورةِ البقرة:الإيتاء: الإعطاء، يقال: آتيتهُ أي: أعطيته. والزكاةُ مأخوذةٌ من الزكاء، وهو: النماء، زكا الشيءُ: إذا نما وزاد، ورجلٌ زكيّ، أي: زائدُ الخير. وسمِّيَ إخراجُ جزءٍ من المالِ زكاة، أي: زيادة، مع أنه نقصٌ منه؛ لأنها تكثرُ بركتهُ بذلك، أو تُكثِرُ أجرَ صاحبه. وقيل: الزكاةُ مأخوذةٌ من التطهير، كما يقال: زكا فلان: أي: طهر.
والظاهرُ أن الصلاة، والزكاة، والحج، والصوم، ونحوها، قد نقلها الشرعُ إلى معانٍ شرعية، هي المرادةُ بما هو مذكورٌ في الكتابِ والسنةِ منها.


57- ﴿ لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ وَلَبِئْسَ الْمَصِيرُ .
ذكرَ أنه تقدَّمَ تفسيره.
وقد قالَ في الآيةِ (162) من سورةِ آل عمران: ﴿ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ ٱلْمَصِيرُ ﴾: ﴿ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ ﴾ أي: المكانُ الذي يأوي إليه هو النار... والمأوى: ما يأوي إليه الإنسان، ﴿ وَبِئْسَ ٱلْمَصِيرُ ﴾: ما صارَ إليه من عذابِ النار.

59- ﴿ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آَيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴾.
قال: كرَّرَ ما تقدَّمَ للتأكيد. وقصدهُ في الآيةِ السابقة: ﴿ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيم ﴾، قال: أي: مثلُ ذلك التبيينِ يبيِّنُ الله لكم الآياتِ الدالَّةَ على ما شرعَهُ لكم من الأحكام، ﴿ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴾: كثيرُ العلمِ بالمعلومات، وكثيرُ الحكمةِ في أفعاله.

61- ﴿ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآَيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ .
ذكرَ أنه تكرَّرَ تأكيدًا لما سبق. ويعني في الآيةِ (58) من السورة: ﴿ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيم ﴾، قال: أي: مثلُ ذلك التبيينِ يبيِّنُ الله لكم الآياتِ الدالَّةَ على ما شرعَهُ لكم من الأحكام..

63- ﴿ قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنكُمْ لِوَاذًا فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيم ﴾.
﴿ قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ ﴾: (قد) للتحقيقِ بطريقِ الاستعارة؛ لاقتضاءِ الوعيدِ إياه ... والمعنى: يعلمُ الله الذين يخرجون من الجماعة... (روح البيان).
﴿ عَذَابٌ أَلِيم ﴾: وجيعٌ في الآخرة. وقيل: عذابٌ أليمٌ عاجلٌ في الدنيا. (البغوي).

سورة الفرقان
1- ﴿ تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا ﴾.
النذير: المحذِّرُ من الشرّ. والرسولُ من عندِ الله نذير، وقد يكونُ نذيراً ليس برسول، كما رُوي في ذي القرنين، وكما وردَ في رسلِ رسلِ الله إلى الجنّ، فإنهم نُذرٌ وليسوا برسلِ الله. (ابن عطية).

10- ﴿ تَبَارَكَ الَّذِي إِنْ شَاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْرًا مِنْ ذَلِكَ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ .
قالَ في الآيةِ (25) من سورةِ البقرة: الجنات: البساتين. والضميرُ في قوله: ﴿ مِن تَحْتِهَا ﴾ عائدٌ إلى الجنات؛ لاشتمالها على الأشجار، أي: من تحتِ أشجارها. (باختصار).

15- ﴿ قُلْ أَذَلِكَ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ .
... مَن اتَّقاهُ في الدنـيا بطاعتهِ فيما أمرَهُ ونهاه؟ (الطبري).




ابوالوليد المسلم 11-01-2021 01:21 AM

رد: عون البصير على فتح القدير
 
عون البصير على فتح القدير (19)





أ. محمد خير رمضان يوسف





الجزء التاسع عشر

(سورة الفرقان 21 - 77، سورة الشعراء، سورة النمل 1 - 55)


26- ﴿ الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمَنِ ﴾.
إيرادهُ تعالى بعنوانِ الرحمانية، للإيذانِ بأن اتصافَهُ عزَّ وجلَّ بغايةِ الرحمةِ لا يهوِّنُ الخطبَ على الكفرةِ المشارِ إليه بقولهِ تعالى: ﴿ وَكَانَ يَوْماً عَلَى ٱلْكَـٰفِرِينَ عَسِيراً ، أي: وكان ذلك اليومُ مع كونِ الملكِ فيه لله تعالى المبالَغِ في الرحمةِ بعباده، شديداً على الكافرين. (روح المعاني).

28- ﴿ يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا ﴾.
الخليل: الصديق، من الخُلَّة، وهي المودَّة؛ لأنها تتخلَّلُ النفس، أي: تتوسَّطُها. (روح البيان).

37- ﴿ وَأَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ عَذَابًا أَلِيمًا ﴾.
وأعددنا. (الطبري).

41- ﴿ وَإِذَا رَأَوْكَ إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُوًا .
سخريةً يسخرون منك. (الطبري).

48- ﴿ وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ ﴾.
قال: تقدَّمَ تفسيرُ هذه الآيةِ مستوفًى في الأعراف.
وهي الآيةُ (56) من السورةِ المذكورة: ﴿ وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ . ومما قالَهُ في تفسيرها هناك، بعد تفصيلاتٍ في اللغةِ والقراءات: أي: الرياحُ تبشِّرُ بالمطر، ومثلهُ قولهُ تعالى: ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَن يُرْسِلُ ٱلرّيَاحَ مُبَشّرٰتٍ [سورة الروم: 46]. قوله: ﴿ بَيْنَ يَدَىْ رَحْمَتِهِ : أرادَ بالرحمةِ هنا المطر، أي: قدَّامَ رحمته، والمعنى: أنه سبحانهُ يرسلُ الرياحَ ناشرات، أو مبشِّراتٍ بين يدَي المطر.

49- ﴿ لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنَا أَنْعَامًا وَأَنَاسِيَّ كَثِيرًا ﴾.
قال: تقدَّمَ الكلامُ عليها. وقد قالَ في الآيةِ (30) من سورةِ الحج: هي الإبلُ والبقرُ والغنم.

59- ﴿ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ ﴾.
قال: تقدَّمَ تفسيرُ هذه في الأعراف. ويعني الآيةَ (54) منها: ﴿ إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ ﴾ [الأعراف: 54].
ومما قالَهُ هناك: هذا نوعٌ من بديعِ صنعِ الله وجليلِ قدرته، وتفرُّدهِ بالإيجاد، الذي يوجبُ على العبادِ توحيدهُ وعبادته...

و(اليوم) من طلوعِ الشمسِ إلى غروبها، قيل: هذه الأيامُ من أيامِ الدنيا، وقيل: من أيامِ الآخرة، وهذه الأيامُ الستُّ أولها الأحد، وآخرها الجمعة. وهو سبحانهُ قادرٌ على خلقها في لحظةٍ واحدة، يقولُ لها: كوني، فتكون، ولكنه أرادَ أن يعلِّمَ عبادَهُ الرفقَ والتأني في الأمور، أو خلقها في ستة ِأيامٍ لكونِ لكلِّ شيءٍ عندهُ أجلاً.
قوله: ﴿ ثُمَّ ٱسْتَوَىٰ عَلَى ٱلْعَرْشِ ﴾ قد اختلفَ العلماءُ في معنى هذا على أربعةَ عشرَ قولاً، وأحقُّها وأولاها بالصوابِ مذهبُ السلفِ الصالح، أنه: استوَى سبحانهُ عليه بلا كيف، بل على الوجهِ الذي يليقُ به، مع تنزههِ عما لا يجوزُ عليه. والاستواءُ في لغةِ العربِ هو العلوُّ والاستقرار...
وقد ثبتَ في الأحاديثِ الصحيحةِ صفةُ عرشِ الرحمن، وإحاطتهُ بالسماواتِ والأرضِ وما بينهما وما عليهما، وهو المرادُ هنا.

61- ﴿ تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا
تقدَّسَ الربُّ. (الطبري).

69- ﴿ يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا ﴾.
﴿ يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ﴾ أي: يكرَّرُ عليه ويغلَّظ. (ابن كثير)، ﴿ وَيَخْلُدْ فِيهِ ﴾: ويبقَى فيه إلى ما لا نهاية. (الطبري).

74- ﴿ وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ ﴾.
يعني الذين يسألون الله أن يُخرجَ من أصلابهم من ذرياتهم مَن يطيعهُ ويعبدهُ وحدَهُ لا شريكَ له... وسُئلَ الحسن البصريُّ عن هذه الآية، فقال: أن يُريَ اللهُ العبدَ المسلمَ من زوجتهِ ومن أخيهِ ومن حميمهِ طاعةَ الله، لا والله لا شيءَ أقرُّ لعينِ المسلمِ من أن يرى ولداً، أو ولدَ ولد، أو أخاً، أو حميماً، مطيعاً لله عزَّ وجلّ. (ابن كثير).

سورة الشعراء
4- ﴿ إِن نَّشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِم مِّن السَّمَاء آيَةً ﴾.
قالَ ابنُ جريج: أمراً من أمره. (الطبري).

13- ﴿ وَيَضِيقُ صَدْرِي وَلَا يَنْطَلِقُ لِسَانِي فَأَرْسِلْ إِلَى هَارُونَ
ويَضيقُ صدري بتكذيبِهم إيّاي، ولا ينطلقُ لساني من الحُبْسةِ التي فيه، وأخشَى بهذا أن أضعُفَ أثناءَ المواجهةِ مع فرعون.. (الواضح في التفسير).

15- ﴿ قَالَ كَلَّا فَاذْهَبَا بِآَيَاتِنَا إِنَّا مَعَكُمْ مُسْتَمِعُونَ
يعنـي بأعلامِنا وحُجَجِنا التـي أعطيناكَ علـيهم. (الطبري).

17- ﴿ أَنْ أَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيل .
المراد: خلِّهم يذهبوا معنا إلى فلسطين. (روح المعاني).

21- ﴿ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْمًا وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ ﴾.
... وألحقَني بعِدادِ مَن أرسلَهُ إلى خَلقه، مبلِّغًا عنه رسالتَهُ إليهم، بإرسالهِ إيّايَ إليكَ يا فرعون. (الطبري).

27- ﴿ قَالَ إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ ﴾.
يتكلمُ بكلامٍ لا نعقلهُ ولا نعرفُ صحَّته. وكان عندهم أن من لا يعتقدُ ما يعتقدون ليس بعاقل! (البغوي).
لا يصدرُ ما قالَهُ عن العقلاء. وسمّاهُ رسولًا على السخرية، وأضافَهُ إلى مخاطبيهِ ترفعًا من أن يكونَ مرسَلًا إلى نفسه. والجنونُ حائلٌ بين النفسِ والعقل، كما في المفردات. (روح البيان).

32- ﴿ فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ
ذكرَ أنه تقدَّمَ تفسيرهُ في الأعراف. ثم أوردَ التفسيرَ في آخرِ الفقرة.
وللمؤلفِ إحالاتٌ كثيرةٌ في هذه السورة، سأوردها من مكانها.

34- ﴿ قَالَ لِلْمَلَإِ حَوْلَهُ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ ﴾.
قالَ المؤلفُ في الآيةِ (109) من سورةِ الأعراف: ﴿ قَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ ﴾: ﴿ قَالَ ٱلْمَلأُ ﴾ أي: الأشراف ﴿ مِن قَوْمِ فِرْعَونَ ﴾ لما شاهدوا انقلابَ العصا حيَّة، ومصيرَ يدهِ بيضاءَ من غيرِ سوء: ﴿ إِنَّ هَذَا ﴾ أي: موسى، ﴿ لَسَـٰحِرٌ عَلِيمٌ ﴾ أي: كثيرُ العلمِ بالسحر. ولا تنافيَ بين نسبةِ هذا القولِ إلى الملأ هنا، وإلى فرعونَ في سورةِ الشعراء، فكلُّهم قد قالوه، فكان ذلك مصححاً لنسبتهِ إليهم تارة، وإليه أخرى.

35- ﴿ يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ ﴾؟
قالَ في الآيةِ (110) من سورةِ الأعراف ﴿ يُرِيدُ أَن يُخْرِجَكُمْ مِّنْ أَرْضِكُمْ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ ﴾: جملة: ﴿ يُرِيدُ أَن يُخْرِجَكُم مّنْ أَرْضِكُمْ ﴾ وصفٌ لِساحر. والأرضُ المنسوبةُ إليهم هي أرضُ مصر. وهذا من كلامِ الملأ.

44- ﴿ فَأَلْقَوْا حِبَالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ ﴾.
﴿ فَأَلَقُوا حِبالَهُمْ ﴾ جمعُ حبل، ﴿ وَعِصِيَّهُمْ ﴾ جمعُ عصا. (روح البيان).

45- ﴿ فَأَلْقَى مُوسَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ .
قالَ في الآيةِ (117) من سورةِ الأعراف: ﴿وَأَوْحَيْنَآ إِلَىٰ مُوسَىٰ أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ ما مختصره: أمرَهُ الله سبحانهُ عند أنْ جاءَ السحرةُ بما جاؤوا به من السحر، أن يُلقي عصاه، ﴿ فَإِذَا هِىَ أي: العصا ﴿ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ قرأ حفص ﴿ تَلْقَفْ . يقال: لقفتُ الشيءَ وتلقفته: إذا أخذتهُ أو بلعته. ا.هـ.
أي: تختطفهُ وتجمعهُ مِن كلِّ بقعةٍ وتبتلعه، فلم تدَعْ منه شيئًا. (ابن كثير).

46- ﴿ فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ .
قالَ في الآيةِ (120) من سورةِ الأعراف: ﴿ وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ أي: خرُّوا ساجدين، كأنما ألقاهم مُلقٍ على هيئةِ السجود، أو لم يتمالكوا مما رأوا فكأنهم ألقَوا أنفسهم.

47- ﴿ قَالُوا آَمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ .
قالَ في الآيةِ (121) من سورةِ الأعراف: مستأنفة، جوابُ سؤالٍ مقدَّر، كأنه قيل: ماذا قالوا عند سجودهم أو في سجودهم؟ وإنما قالوا هذه المقالةَ وصرَّحوا بأنهم آمنوا بربِّ العالمين...

49- ﴿ لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ ﴾.
قالَ في الآيةِ (124) من سورةِ الأعراف: ﴿ لأقَطّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مّنْ خِلاَفٍ ﴾ أي: الرجلَ اليمنى واليدَ اليسرى، أو الرجلَ اليسرى واليدَ اليمنى. ثم لم يكتفِ عدوُّ الله بهذا، بل جاوزَهُ إلى غيره، فقال: ﴿ ثُمَّ لاَصَلّبَنَّكُمْ ﴾ في جذوعِ النخل، أي: أجعلكم عليها مصلوبين، زيادةَ تنكيلٍ بهم، وإفراطاً في تعذيبهم.

51- ﴿ إِنَّا نَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لَنَا رَبُّنَا خَطَايَانَا أَنْ كُنَّا أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ .
أي: ما قارفناهُ مِن الذنوب، وما أكرهتَنا عليه مِن السحر. (ابن كثير).

57- ﴿ فَأَخْرَجْنَاهُم مِّن جَنَّاتٍ وَعُيُون .
فسَّرهما في الآيةِ (134) من السورةِ بالبساتينِ والأنهارِ والأبيار.

63- ﴿ فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ .
فانشقّ. (البغوي).

76- ﴿ أَنْتُمْ وَآَبَاؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ ﴾.
يعني بالأقدمين: الأقدمين من الذين كان إبراهيـمُ يخاطبهم، وهم الأوَّلون قبلهم، ممن كان علـى مثلِ ما كان علـيه الذين كلَّمهم إبراهيمُ من عبـادةِ الأصنام. (الطبري).

90- ﴿ وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ ﴾.
الذين اتَّقَوا عقابَ اللهِ في الآخرةِ بطاعتِهم إيّاهُ في الدنـيا. (الطبري).

96- ﴿ قَالُوا وَهُمْ فِيهَا يَخْتَصِمُونَ .
﴿ يَخْتَصِمُونَ مع المعبودين ويجادلُ بعضهم بعضاً. (البغوي).

99- ﴿ وَمَا أَضَلَّنَا إِلاَّ الْمُجْرِمُون ﴾.
﴿ وَمَآ أَضَلَّنَآ ﴾ أي: ما دعانا إلى الضلال، ﴿ إِلاَّ ٱلْمُجْرِمُونَ ﴾ قالَ مقاتل: يعني الشياطين. وقالَ الكلبي: إلا أوَّلونا الذين اقتدينا بهم... (البغوي).

118- ﴿ فَافْتَحْ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ فَتْحًا وَنَجِّنِي وَمَنْ مَعِيَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ .
ونجِّني من ذلكَ العذابِ الذي تأتي به حكمًا بيني وبينهم، والذين معي مِن أهلِ الإيمانِ بكَ والتصديقِ لي. (الطبري).

121- ﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾.
ولم يكنْ أكثرُ قومِكَ بـالذين يصدِّقونك، مما سبقَ في قضاءِ الله أنهم لن يؤمنوا. (الطبري).

123- ﴿ كَذَّبَتْ عَادٌ الْمُرْسَلِينَ ﴾.
قال: أنَّثَ الفعلَ باعتبارِ إسنادهِ إلى القبيلة؛ لأن عاداً اسمُ أبيهم الأعلى. ومعنى تكذيبهم المرسلين مع كونهم لم يكذِّبوا إلا رسولاً واحداً، قد تقدَّمَ وجههُ في قصةِ نوحٍ قريباً. ا.هـ.
وهو في الآيةِ (105) من السورة: ﴿ كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِين ﴾، فقال: أوقعَ التكذيبَ على المرسَلين، وهم لم يكذِّبوا إلاّ الرسولَ المرسَلَ إليهم، لأن من كذَّبَ رسولاً فقد كذَّبَ الرسل؛ لأن كلَّ رسولٍ يأمرُ بتصديقِ غيرهِ من الرسل. وقيل: كذَّبوا نوحاً في الرسالة، وكذَّبوهُ فيما أخبرهم به من مجيءِ المرسَلين بعده.

124- ﴿ إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ أَلَا تَتَّقُونَ ﴾.
ذكرَ أن الكلامَ فيه كالكلامِ في قولِ نوحٍ المتقدِّمِ قريبًا.
وهو في الآياتِ (106) من السورةِ فما بعد، فقال: أي: أخوهم من أبيهم، لا أخوهم في الدين. وقيل: هي أخوَّةُ المجانسة، وقيل: هو من قولِ العرب: يا أخا بني تميم، يريدون واحداً منهم. ﴿ أَلاَ تَتَّقُونَ ﴾ أي: ألا تتقون الله بتركِ عبادةِ الأصنام، وتجيبون رسولَهُ الذي أرسلَهُ إليكم؟

125- ﴿ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ ﴾.
قالَ في الآيةِ (107) من السورة: أي: إني لكم رسولٌ من الله، أمينٌ فيما أبلِّغكم عنه، وقيل: أمينٌ فيما بينكم، فإنهم كانوا قد عرفوا أمانتَهُ وصدقه.

126- ﴿ فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُونِ ﴾.
قالَ في الآيةِ (108) من السورة: أي: اجعلوا طاعةَ الله وقايةً لكم من عذابه، وأطيعوني فيما آمركم به عن الله، من الإيمانِ به، وتركِ الشرك، والقيامِ بفرائضِ الدين.

127- ﴿ وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى رَبِّ الْعَالَمِين ﴾.
قالَ في الآيةِ (109) من السورة: أي: ما أطلبُ منكم أجراً على تبليغِ الرسالة، ولا أطمعُ في ذلك منكم، ﴿ إِنْ أَجْرِيَ ﴾ الذي أطلبهُ وأريدهُ ﴿ إِلاَّ عَلَىٰ رَبّ ٱلْعَـٰلَمِينَ ﴾ أي: ما أجري إلاّ عليه.

131- ﴿ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ ﴾.
أي: اعبدوا ربَّكم، وأطيعوا رسولَكم. (ابن كثير).

132- ﴿ وَاتَّقُوا الَّذِي أَمَدَّكُمْ بِمَا تَعْلَمُونَ ﴾.
واحذَروا عقابَ الله، الذي أنعمَ عليكم وأعطاكم من الخيراتِ ما تَعرفون، فإنَّهُ قادرٌ على سلبِها منكم. (الواضح).

133- ﴿ أَمَدَّكُمْ بِأَنْعَامٍ وَبَنِينَ .
أعطاكم من الأنعامِ ما يَفي بحاجاتِكم وينفعُكم في معاشِكم، من الإبلِ والبقرِ والغنمِ والـمَعْز، وسهَّلَ لكم الاستفادةَ منها، ووهبكم البنينَ نعمةً وزينةً وبهجةً لكم، وعونًا لكم في أعمالِكم. (الواضح).

139- ﴿ فَكَذَّبُوهُ فَأَهْلَكْنَاهُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾.
ذكرَ أنه تقدَّمَ تفسيرهُ قريبًا. ويعني الآيتين (6، 8) من السورة: ﴿ فَقَدْ كَذَّبُوا فَسَيَأْتِيهِمْ أَنبَاء مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون . أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الأَرْضِ كَمْ أَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجٍ كَرِيم . إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِين ﴾.
قالَ الإمامُ الطبري في تفسيرها: فكذَّبتْ عادٌ رسولَ ربِّهم هُودًا، فأهلكناهم بتكذيبِهم رسولَنا، إنَّ في إهلاكِنا عادًا لعبرةً وموعظةً لقومِكَ يا محمَّد، الذين كذَّبوكَ فيما أتيتَهم به مِن عندِ ربِّك. وما كانَ أكثرُ مَن أهلَكنا بـالذين يؤمنونَ في سابقِ علـمِ الله. (الطبري).
وقالَ المؤلفُ في القسمِ الأخيرِ من الآية: أي: سبقَ علمي فيهم أنهم سيكونون هكذا.
يتبع

ابوالوليد المسلم 11-01-2021 01:21 AM

رد: عون البصير على فتح القدير
 

140- ﴿ وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ﴾.
فسَّرها في الآيةِ (9) بقوله: الغالبُ القاهرُ لهؤلاء بالانتقامِ منهم، مع كونهِ كثيرَ الرحمة، ولذلك أمهلهم، ولم يعاجلهم بالعقوبة. أو المعنى: أنه منتقمٌ من أعدائه، رحيمٌ بأوليائه.

141- ﴿ كَذَّبَتْ ثَمُودُ الْمُرْسَلِينَ ﴾.
ذكرَ أنه تقدَّمَ تفسيرهُ في قصةِ هودٍ المذكورةِ قبلَ هذه القصة. هكذا في المطبوع، ويعني قصةَ عاد، وهي الآيات (123 – 139) من السورة. وقد أحالَ تفسيرها هناك إلى قصةِ نوحٍ عليه السلام.
وقد قالَ في مثلِ هذه الآية، في الآيةِ (123): ﴿ كَذَّبَتْ عَادٌ الْمُرْسَلِين ﴾: أنَّثَ الفعلَ باعتبارِ إسنادهِ إلى القبيلة؛ لأن عاداً اسمُ أبيهم الأعلى. ومعنى تكذيبهم المرسَلين مع كونهم لم يكذِّبوا إلا رسولاً واحداً، قد تقدَّمَ وجههُ في قصةِ نوحٍ قريباً. ا.هـ.
وهو في الآيةِ (105) من السورة: ﴿ كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِين ﴾، فقال: أوقعَ التكذيبَ على المرسَلين، وهم لم يكذِّبوا إلاّ الرسولَ المرسَلَ إليهم، لأن من كذَّبَ رسولاً فقد كذَّبَ الرسل؛ لأن كلَّ رسولٍ يأمرُ بتصديقِ غيرهِ من الرسل. وقيل: كذَّبوا نوحاً في الرسالة، وكذَّبوهُ فيما أخبرهم به من مجيءِ المرسَلين بعده.

142- ﴿ إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ صَالِحٌ أَلَا تَتَّقُونَ ﴾.
قالَ في الآيةِ (106) من السورةِ ﴿ إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ أَلاَ تَتَّقُون ﴾ أي: أخوهم من أبيهم، لا أخوهم في الدين. وقيل: هي أخوَّةُ المجانسة، وقيل: هو من قولِ العرب: يا أخا بني تميم، يريدون واحداً منهم. ﴿ أَلاَ تَتَّقُونَ ﴾ أي: ألا تتقون الله بتركِ عبادةِ الأصنام، وتجيبون رسولَهُ الذي أرسلَهُ إليكم؟

143- ﴿ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ ﴾.
قالَ في الآيةِ (107) من السورة: أي: إني لكم رسولٌ من الله، أمينٌ فيما أبلِّغكم عنه، وقيل: أمينٌ فيما بينكم، فإنهم كانوا قد عرفوا أمانتَهُ وصدقه.

144- ﴿ فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُونِ ﴾.
قالَ في الآيةِ (108) من السورة: أي: اجعلوا طاعةَ الله وقايةً لكم من عذابه، وأطيعوني فيما آمركم به عن الله، من الإيمانِ به، وتركِ الشرك، والقيامِ بفرائضِ الدين.

145- ﴿ وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾.
قالَ في الآيةِ (109) من السورة: أي: ما أطلبُ منكم أجراً على تبليغِ الرسالة، ولا أطمعُ في ذلك منكم، ﴿ إِنْ أَجْرِيَ ﴾ الذي أطلبهُ وأريدهُ ﴿ إِلاَّ عَلَىٰ رَبّ ٱلْعَـٰلَمِينَ ﴾ أي: ما أجري إلاّ عليه.

147- ﴿ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ﴾.
فسَّرهما في الآيةِ (134) من السورةِ بالبساتينِ والأنهارِ والأبيار.

150- ﴿ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ ﴾.
قالَ في الآيةِ (108) من السورة: أي: اجعلوا طاعةَ الله وقايةً لكم من عذابه، وأطيعوني فيما آمركم به عن الله، من الإيمانِ به، وتركِ الشرك، والقيامِ بفرائضِ الدين.

154- ﴿ مَا أَنْتَ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا فَأْتِ بِآَيَةٍ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ .
يقولُ تعالَى ذكرهُ مُخبرًا عن قـيلِ ثمودَ لنبـيِّها صالح: ما أنتَ يا صالحُ إلاّ بشرٌ مثلُنا مِن بني آدم، تأكلُ ما نأكل، وتشربُ ما نشرب، ولستَ بربٍّ ولا ملَك، فعلامَ نتَّبعك؟ فإن كنتَ صادقًا في قـيـلِك، وأن الله أرسلكَ إلينا، ﴿ فَأْتِ بِآيَةً يعني بدلالةٍ وحجةٍ علـى أنك محقٌّ فيما تقول. (الطبري).

156- ﴿ وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَظِيمٍ
... فيَحِلَّ بكم مِن اللهِ عذابُ يومٍ عظيمٌ عذابُه. (الطبري).

158- ﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾.
إنّ في إهلاكِ ثمودَ بما فعلت من عقرها ناقةَ الله، وخلافِها أمرَ نبيِّ الله صالح، لعبرةً لمن اعتبرَ به يا محمدُ من قومك، ﴿ وَما كانَ أكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِـينَ ﴾ يقول: ولن يؤمنَ أكثرهم في سابقِ علمِ الله. (الطبري).

159- ﴿ وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ﴾.
فسَّرها في الآيةِ (9) بقوله: الغالبُ القاهرُ لهؤلاء بالانتقامِ منهم، مع كونهِ كثيرَ الرحمة، ولذلك أمهلهم، ولم يعاجلهم بالعقوبة. أو المعنى: أنه منتقمٌ من أعدائه، رحيمٌ بأوليائه.

160- ﴿ كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ الْمُرْسَلِينَ .
قالَ في مثلِ هذه الآية، في الآيةِ (123) من السورة: ﴿ كَذَّبَتْ عَادٌ الْمُرْسَلِين ﴾: أنَّثَ الفعلَ باعتبارِ إسنادهِ إلى القبيلة؛ لأن عاداً اسمُ أبيهم الأعلى... ا.هـ.
وهو في الآيةِ (105) من السورة: ﴿ كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِين ﴾، فقال: أوقعَ التكذيبَ على المرسَلين، وهم لم يكذِّبوا إلاّ الرسولَ المرسَلَ إليهم، لأن من كذَّبَ رسولاً فقد كذَّبَ الرسل؛ لأن كلَّ رسولٍ يأمرُ بتصديقِ غيرهِ من الرسل. وقيل: كذَّبوا نوحاً في الرسالة، وكذَّبوهُ فيما أخبرهم به من مجيءِ المرسَلين بعده.

161- ﴿ إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلَا تَتَّقُونَ ﴾.
قالَ في الآيةِ (106) من السورةِ ﴿ إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ أَلاَ تَتَّقُون ﴾ أي: أخوهم من أبيهم، لا أخوهم في الدين. وقيل: هي أخوَّةُ المجانسة، وقيل: هو من قولِ العرب: يا أخا بني تميم، يريدون واحداً منهم. ﴿ أَلاَ تَتَّقُونَ ﴾ أي: ألا تتقون الله بتركِ عبادةِ الأصنام، وتجيبون رسولَهُ الذي أرسلَهُ إليكم؟

162- ﴿ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ ﴾.
قالَ في الآيةِ (107) من السورة: أي: إني لكم رسولٌ من الله، أمينٌ فيما أبلِّغكم عنه، وقيل: أمينٌ فيما بينكم، فإنهم كانوا قد عرفوا أمانتَهُ وصدقه.

163- ﴿ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ ﴾.
قالَ في الآيةِ (108) من السورة: أي: اجعلوا طاعةَ الله وقايةً لكم من عذابه، وأطيعوني فيما آمركم به عن الله، من الإيمانِ به، وتركِ الشرك، والقيامِ بفرائضِ الدين.

164- ﴿ وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾.
قالَ في الآيةِ (109) من السورة: أي: ما أطلبُ منكم أجراً على تبليغِ الرسالة، ولا أطمعُ في ذلك منكم، ﴿ إِنْ أَجْرِيَ الذي أطلبهُ وأريدهُ ﴿ إِلاَّ عَلَىٰ رَبّ ٱلْعَـٰلَمِينَ أي: ما أجري إلاّ عليه.

173- ﴿ وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا فَسَاءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ ﴾.
﴿ وَأمْطَرْنَا عَلـيهِمْ مَطَراً ﴾: وذلك إرسالُ اللهِ عليهم حجارةً من سجِّيـلٍ من السماء، ﴿ فَساءَ مَطَرُ الـمُنْذَرِينَ ﴾ يقول: فبئسَ ذلكَ المطرُ مطرُ القومِ الذين أنذرَهُم نبيُّهم فكذَّبوه. (الطبري).

174- ﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾.
إن في إهلاكنا قومَ لوطٍ الهلاكَ الذي وصفنا بتكذيبهم رسولنا، لعبرةً وموعظةً لقومِكَ يا محمد، يتعظون بها في تكذيبهم إيّاك، وردِّهم عليكَ ما جئتَهم به من عندِ ربِّك من الحقّ، ﴿ وَمَا كَانَ أكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِـينَ ﴾ في سابقِ علمِ الله. (الطبري).

175- ﴿ وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ﴾.
فسَّرها في الآيةِ (9) من السورةِ بقوله: الغالبُ القاهرُ لهؤلاء بالانتقامِ منهم، مع كونهِ كثيرَ الرحمة، ولذلك أمهلهم، ولم يعاجلهم بالعقوبة. أو المعنى: أنه منتقمٌ من أعدائه، رحيمٌ بأوليائه.

176- ﴿ كَذَّبَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ ﴾.
قالَ في مثلِ هذه الآية، في الآيةِ (105) من السورة: ﴿ كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِين ﴾: أوقعَ التكذيبَ على المرسَلين، وهم لم يكذِّبوا إلاّ الرسولَ المرسَلَ إليهم، لأن من كذَّبَ رسولاً فقد كذَّبَ الرسل؛ لأن كلَّ رسولٍ يأمرُ بتصديقِ غيرهِ من الرسل. وقيل: كذَّبوا نوحاً في الرسالة، وكذَّبوهُ فيما أخبرهم به من مجيءِ المرسَلين بعده.

177- ﴿ إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ أَلَا تَتَّقُونَ ﴾.
ألا تتَّقونَ عقابَ اللهِ على معصيتِكم ربَّكم؟ (الطبري).

178- ﴿ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ ﴾.
قالَ في الآيةِ (107) من السورة: أي: إني لكم رسولٌ من الله، أمينٌ فيما أبلِّغكم عنه، وقيل: أمينٌ فيما بينكم، فإنهم كانوا قد عرفوا أمانتَهُ وصدقه.

179- ﴿ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ ﴾.
قالَ في الآيةِ (108) من السورة: أي: اجعلوا طاعةَ الله وقايةً لكم من عذابه، وأطيعوني فيما آمركم به عن الله، من الإيمانِ به، وتركِ الشرك، والقيامِ بفرائضِ الدين.

180- ﴿ وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ
قالَ في الآيةِ (109) من السورة: أي: ما أطلبُ منكم أجراً على تبليغِ الرسالة، ولا أطمعُ في ذلك منكم، ﴿ إِنْ أَجْرِيَ ﴾ الذي أطلبهُ وأريدهُ ﴿ إِلاَّ عَلَىٰ رَبّ ٱلْعَـٰلَمِينَ ﴾ أي: ما أجري إلاّ عليه.
(وقد أوردَ المؤلفُ تفسيرَ أولِ الآيةِ في آخرِ الفقرةِ من تفسيره).

183- ﴿ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ ﴾.
ذكرَ أنه تقدَّمَ تفسيره. وقد قال في الآيةِ (60) من سورةِ البقرة، ما مختصره: عثَى يعثي عثيًا، وعثا يعثو عثواً، وعاثَ يعيثُ عيثاً، لغات، بمعنى أفسد. وقوله: ﴿ مُفْسِدِينَ ﴾ حالٌ مؤكدة... في الكشاف: العثي: أشدُّ الفساد، فقيل لهم: لا تمادوا في الفسادِ في حالِ فسادكم؛ لأنهم كانوا متمادين فيه. ا.هـ.
وقالَ الإمامُ الطبري بما يناسبُ الآية: ولا تنقصوا الناسَ حقوقَهم في الكيلِ والوزن، ولا تُكثروا في الأرضِ الفساد. (الطبري).

184- ﴿ وَاتَّقُوا الَّذِي خَلَقَكُمْ ﴾.
واخشَوا اللهَ واحذَروا نقمتَهُ إذا خالفتُم أمرَه. (الواضح).

185- ﴿ قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ ﴾.
قالَ له قومهُ مكذِّبينَ بنبوَّتهِ ورسالتِه: ما أنتَ سِوَى رجلٍ مسحور، قد مسَّكَ الجِنّ. (الواضح).
وقد أوردَ المؤلفُ لفظَ (المسحَّرين) في آخرِ الفقرة وأنه بمعنى (المخلوقين)، ربما عن ابن عباس رضيَ الله عنهما.

186- ﴿ وَمَا أَنْتَ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا وَإِنْ نَظُنُّكَ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ ﴾.
وما أنتَ إلاّ بشرٌ مثلُنا تأكلُ وتشرب... (الطبري).

190- ﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾.
إن في تعذيبنا قومَ شُعيبٍ عذابَ يومِ الظُّلَّة، بتكذيبِهم نبيّهم شُعيبـاً، لآيةً لقومِكَ يا محمد، وعبرةً لمن اعتبر، إن اعتبروا أن سنَّتَنا فيهم بتكذيبِهم إيّاكَ سنَّتُنا في أصحابِ الأيكة، ﴿ وَما كانَ أكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِـينَ ﴾ في سابقِ علمِنا فـيهم. (الطبري).

191- ﴿ وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ﴾.
فسَّرها في الآيةِ (9) من السورةِ بقوله: الغالبُ القاهرُ لهؤلاء بالانتقامِ منهم، مع كونهِ كثيرَ الرحمة، ولذلك أمهلهم، ولم يعاجلهم بالعقوبة. أو المعنى: أنه منتقمٌ من أعدائه، رحيمٌ بأوليائه.

195- ﴿ بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ ﴾.
فصيح، ومصحَّحٍ عمّا صحَّفتهُ العامَّة. (النسفي).

205- ﴿ أَفَرَأَيْتَ إِن مَّتَّعْنَاهُمْ سِنِين ﴾.
جعلنا مشركي قريشٍ متمتِّعين منتفعين. (روح البيان).

207- ﴿ مَا أَغْنَى عَنْهُم مَّا كَانُوا يُمَتَّعُون ﴾.
تمتعُهم بنعيمِ الدنيا. (البغوي).

سورة النمل
3- ﴿ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالْآَخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ ﴾.
يصدِّقون بأنها كائنةٌ ويعلَمونها علمًا يقينًا. (روح البيان).

7- ﴿ إِذْ قَالَ مُوسَى لأَهْلِهِ إِنِّي آنَسْتُ نَارًا سَآتِيكُم مِّنْهَا بِخَبَرٍ ﴾.
أي: عن حالِ الطريق: أين هو؟ والسين للدلالة على بُعدٍ المسافة، أو لتحقيقِ الوعدِ بالإتيان، وإن أبطأَ فيكونُ للتأكيد. (روح البيان).

10- ﴿ وَأَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ ﴾.
﴿ وَلَّى ﴾: رجعَ وأعرضَ موسى ﴿ مُدْبِرًا ﴾ قالَ في "كشف الأسرار": أدبرَ عنها وجعلها تلي ظهره. (روح البيان).

11- ﴿ إِلَّا مَنْ ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْنًا بَعْدَ سُوءٍ فَإِنِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ
فإنِّي أغفرُ ذنبَهُ وأرحمُه. (الواضح).

12- ﴿ وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ فِي تِسْعِ آَيَاتٍ إِلَى فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ﴾.
﴿ وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ ﴾ قال: المرادُ بالجيبِ هو المعروف.ا.هـ. قالَ البغوي: الجيبُ حيثُ جِيبَ من القميص، أي قُطِع.
﴿ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ ﴾: خارجين عن أمرِ الله، كافرين. (النسفي).

14- ﴿ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ .
إفسادِهم في الأرضِ ومعصيتِهم فـيها ربَّهم. (الطبري).

24- ﴿ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ ﴾.
وحسَّن. (الطبري).

30-﴿ إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ .
فسَّرَ البسملةَ في سورةِ الفاتحة، وموجزُ ما انتهى إليه من معناها: أن لفظَ (اسم) من سَمَوَ، و(الله) علَمٌ لذاتِ الواجبِ الوجود، لم يُطلَقْ على غيره، وأصله: (إله) حُذفتِ الهمزةُ وعُوِّضتْ عنها أداةُ التعريف، فلزمت. و﴿ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴾: اسمانِ مشتقانِ من الرحمةِ على طريقِ المبالغة، و(رحمان) أشدُّ مبالغةً من (رحيم).

38- ﴿ قَالَ يَاأَيُّهَا المَلأُ ﴾.
فسَّرَ (الملأ) في الآيةِ (32) من السورةِ بأنهم أشرافُ القوم.

44- ﴿ قَالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُّمَرَّدٌ مِّن قَوَارِيرَ ﴾.
أي: مصنوعٌ من الزجاجِ الصافي، وليس بماء. جمعُ قارورة. وفي القاموس: القارورة: ما قرَّ فيه الشرابُ ونحوه، أو يُخَصُّ بالزجاج. (روح البيان).

45- ﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا ﴾.
قالَ في الآيةِ (72) من سورةِ الأعراف: ﴿ وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا ﴾ أي: وأرسلنا إلى ثمودَ أخاهم. وثمودُ قبيلة، سمُّوا باسمِ أبيهم.
وفي الآيةِ (50) من سورةِ هود: ﴿ وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا ﴾ بيَّن معنى ﴿ أَخَاهُمْ ﴾ بأنه: واحدٌ منهم.

50- ﴿وَمَكَرُوا مَكْرًا﴾.
غدروا غدراً، حين قصدوا تبييتَ صالحٍ والفتكَ به. (البغوي).
وضَّحَهُ الإمامُ الطبريُّ بقوله: غدرَ هؤلاء التسعةُ الرهطُ الذين يفسدون في الأرضِ بصالح بمصيرهم إليه لـيلاً ليقتلوهُ وأهلَه. (الطبري).

52- ﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ﴾.
لعظةً وعبرة. (الطبري).








ابوالوليد المسلم 11-01-2021 01:22 AM

رد: عون البصير على فتح القدير
 
عون البصير على فتح القدير (20)





أ. محمد خير رمضان يوسف





الجزء العشرون

(سورة النمل 59 - 93، سورة القصص، سورة العنكبوت 1 - 45)


تابع (سورة النمل)
77- ﴿ وَإِنَّهُ لَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ ﴾.
قالَ في تفسيرِ اللفظين، في الآيةِ (154) من سورةِ الأعراف: الهُدَى: ما يهتدون به من الأحكام، والرحمة: ما يحصلُ لهم من الله عند عملهم بما فيها من الرحمةِ الواسعة.

83- ﴿ وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجًا مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآَيَاتِنَا .
ممَّن يكذِّبُ بأدلَّتِنا وحُجَجِنا. (الطبري).

87- ﴿ وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِين .
أي: كلُّ الذين أُحيوا بعدَ الموت. (البغوي).

93- ﴿ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ﴾.
أي: بل هو شهيدٌ على كلِّ شيء. (ابن كثير).
وقالَ الإمامُ الطبري: وما ربُّكَ يا محمدُ بغافلٍ عما يعملُ هؤلاء المشركون، ولكنْ لهم أجلٌ هم بالغوه، فإذا بلغوهُ فلا يستأخرون ساعةً ولا يستقدمون. يقولُ تعالَى ذكرهُ لنبيِّهِ صلى الله عليه وسلم: فلا يحزنْكَ تكذيبُهم إيّاك، فإني من وراءِ إهلاكِهم، وإني لهم بالمرصاد، فأيقنْ لنفسِكَ بـالنصر، ولعدوِّكَ بـالذلِّ والخزي.

سورة القصص
6- ﴿ وَنُرِي فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُم مَّا كَانُوا يَحْذَرُون ﴾.
﴿ وَهَامَانَ ﴾: هو وزيرُ فرعونَ وأكبرُ رجاله، فذُكِرَ لمحلِّهِ من الكفر، ولنباهتهِ في قومه، فله في هذا الموضعِ صَغارٌ ولعنةٌ لا شرف. (ابن عطية). ﴿ وَجُنُودَهُمَا ﴾: وعساكرهما. (روح البيان).

8- ﴿ فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِين ﴾.
﴿ عَدُوًّا وَحَزَنًا ﴾: عدوًّا، وهمًّا وغمًّا. (الواضح).
﴿ وَهَامَانَ ﴾: هو وزيرُ فرعونَ وأكبرُ رجاله. (ابن عطية).

9- ﴿وَقَالَتِ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ قُرَّةُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ﴾.
﴿ قُرَّةُ عَيْنٍ ﴾: قرَّت عينهُ تَقَرّ: سُرَّت. (مفردات الراغب).
﴿ لِي وَلَكَ ﴾: لتفخيمِ شأنِ القرَّةِ عدلتْ عن (لنا) إلى ﴿ لِي وَلَكَ ﴾، وكأنها لما تعلمُ من مزيدِ حبِّ فرعونَ إيّاها، وأن مصلحتَها أهمُّ عندهُ من مصلحةِ نفسه، قدَّمتْ نفسَها عليه، فيكونُ ذلك أبلغَ في ترغيبهِ بتركِ قتله. (روح المعاني).

13- ﴿ فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلاَ تَحْزَنَ ﴾:
قرَّتْ عينهُ تَقَرّ: سُرَّت. (مفردات الراغب).

16- ﴿ قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾.
إن اللهَ هو الساترُ على المنيبين إليهِ مِن ذنوبهم على ذنوبهم، المتفضِّلُ عليهم بالعفوِ عنها، الرحيمُ للناسِ أن يعاقبَهم على ذنوبهم بعد ما تابوا منها. (الطبري).

18- ﴿ فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خَائِفًا يَتَرَقَّبُ فَإِذَا الَّذِي اسْتَنصَرَهُ بِالأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ قَالَ لَهُ مُوسَى إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُّبِين ﴾.
﴿ يَتَرَقَّبُ ﴾: يترصَّد.
﴿ لَغَوِيٌّ ﴾: ضالّ. (روح المعاني).

19- ﴿ فَلَمَّا أَنْ أَرَادَ أَنْ يَبْطِشَ بِالَّذِي هُوَ عَدُوٌّ لَهُمَا﴾.
قال: تقدَّمَ معنى "يبطش" واختلافُ القرّاءِ فيه.
وقد قالَ في الآيةِ (130) من سورةِ الشعراء: ﴿ وَإِذَا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ ﴾: البطش: السطوةُ والأخذُ بالعنف...

20- ﴿ وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى ﴾.
قوله: ﴿ مِنْ أقْصَى الـمَدِينَةِ ﴾ يقول: من آخرِ مدينةِ فرعون، ﴿ يَسْعَى ﴾ يقول: يعجِّل. (الطبري).

21- ﴿ فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ ﴾.
أي: يتلفَّت. (ابن كثير).

29- ﴿ فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِن جَانِبِ الطُّورِ نَارًا قَالَ لأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَّعَلِّي آتِيكُم مِّنْهَا بِخَبَرٍ ﴾.
ذكرَ أنه تقدَّمَ تفسيرهُ في سورةِ طه وفي سورةِ النمل.
وفي الآيةِ السابعةِ من السورةِ الأخيرةِ قولهُ تعالى: ﴿ إِنِّيۤ آنَسْتُ نَاراً سَآتِيكُمْ مِّنْهَا بِخَبَرٍ ﴾. قال: ﴿ إِنّي آنَسْتُ نَاراً ﴾: أبصرتها، ﴿ سَآتِيكُمْ مِّنْهَا بِخَبَر ﴾: السينُ تدلُّ على بُعدِ مسافةِ النار. ا.هـ. وقد قالَ في الآيةِ (46) من هذه السورة: ﴿ الطُّورِ ﴾: الجبلِ المسمَّى بالطور.

30- ﴿ فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ مِنْ شَاطِئِ الْوَادِ الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَنْ يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ .
﴿ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ ﴾: بركةُ البقعةِ هي ما خُصَّتْ به من آياتِ الله تعالى وأنوارهِ وتكليمهِ لموسى عليه السلام. (ابن عطية).
﴿ أَنْ يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ﴾: يا موسَى، إنَّ الذي يكلِّمُكَ هو أنا اللهُ ربُّ الخلائقِ أجمعين. (الواضح).

31- ﴿ يَا مُوسَى أَقْبِلْ وَلَا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الْآَمِنِينَ .
ذكرَ أنه تقدَّمَ تفسيرهُ في سورةِ طه وفي سورةِ النمل. وهو بألفاظٍ أخرى في الآية (21) من سورةِ طه، والآيةِ (10) من سورةِ النمل.
قالَ الإمامُ الطبري في تفسيرها: فنُوديَ موسى: يا موسى أقبِلْ إليَّ ولا تخفْ مِنَ الذي تهربُ منه، إنَّكَ مِن الآمِنـينَ مِن أنْ يضرَّك، إنما هو عصاك. (الطبري).

32- ﴿ اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ مِنَ الرَّهْبِ فَذَانِكَ بُرْهَانَانِ مِنْ رَبِّكَ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ .
﴿ اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ ﴾: أدخِلْ يدكَ في جيبِكَ - وهو فتحةُ القميصِ من أعلَى الصَّدر - ثمَّ أخرِجها، تَخرجْ بيضاءَ متلألئةً تشعُّ نورًا، مِن غيرِ مرضٍ ولا أذًى كالبرَصِ ونحوِه.
﴿ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ ﴾: إلى فرعونَ وقومهِ مِن الكُبراءِ والأتْباع. (الواضح).

34- ﴿ وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا يُصَدِّقُنِي ﴾.
من الرسالة، يعني: اجعلْهُ رسولًا معي إلى فرعون.

35- ﴿ قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَانًا فَلاَ يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا بِآيَاتِنَا أَنتُمَا وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغَالِبُون ﴾.
﴿ عَضُدَكَ ﴾:تقولُ العربُ إذا أعزَّ رجلٌ رجلاً، وأعانَهُ ومنعَهُ ممن أرادَهُ بظلم: قد شَدَّ فلانٌ علـى عَضُدِ فلان، وهو مِن عاضدَهُ علـى أمره: إذا أعانه.
﴿ بِآيَاتِنَا ﴾:بحجتِنا وسلطانِنا الذي نجعلهُ لكما. (الطبري).

37- ﴿ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ ﴾.
أي: الكافرون. (البغوي).

38- ﴿ وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَاأَيُّهَا الْمَلأُ مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَاهَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَل لِّي صَرْحًا لَّعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِين ﴾.
﴿ هَامَانُ ﴾: هو وزيرُ فرعونَ وأكبرُ رجاله. (ابن عطية).
﴿ وَإِنِّي لأَظُنُّهُ ﴾: يعني موسى، ﴿ مِنَ الْكَاذِبِين ﴾ في زعمهِ أن للأرضِ وللخلقِ إلهاً غيري، وأنه رسوله. (البغوي).

40- ﴿ فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ .

فجمعنا فرعونَ وجنودَهُ مِن القبطِ. (الطبري).


42- ﴿ وَأَتْبَعْنَاهُمْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً ﴾.
وألزمنا فرعونَ وقومَهُ ... (الطبري).

45- ﴿ وَمَا كُنْتَ ثَاوِيًا فِي أَهْلِ مَدْيَنَ تَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِنَا ﴾.
وهم شعيبٌ عليه السلامُ والمؤمنون. (روح المعاني).

50- ﴿ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنَ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴾.
وليسَ هناكَ أضلُّ ممَّن تابعَ هواهُ ورغبتَهُ بغيرِ دليلٍ مِن اللهِ العليمِ الحكيم. (الواضح).

58- ﴿ وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا ﴾.
أي: في معيشتها، أي أشَرتْ وطَغت. قالَ عطاء: عاشوا في البطر، فأكلوا رزقَ الله، وعبدوا الأصنام. (البغوي).

60- ﴿ وَمَا أُوتِيتُم مِّن شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَزِينَتُهَا ﴾.
من زينتها التي يتزيَّنُ به فـيها. (الطبري).

65- ﴿وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ.
ويومَ ينادي الله هؤلاء المشركين. (الطبري)، يومَ القيامة... (ابن كثير)، أي: واذكرْ يومَ ينادي الله الكفارَ نداءَ تقريعٍ وتوبيخ. (روح البيان).

72- ﴿ قُلْ أَرَأَيْتُمْ.
قالَ في الآيةِ (71) من السورة: أي: أخبروني.
يتبع

ابوالوليد المسلم 11-01-2021 01:23 AM

رد: عون البصير على فتح القدير
 

74- ﴿ وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ ﴾.
قال: كرَّرَ سبحانهُ هذا لاختلافِ الحالتين؛ لأنهم يُنادَون مرةً فيَدعون الأصنام، ويُنادَون أخرى فيَسكتون، وفي هذا التكريرِ أيضاً تقريعٌ بعد تقريع، وتوبيخٌ بعد توبيخ. ا.هـ.
وقد قالَ في مثلها في الآيةِ (61) من السورة: أي: يومَ ينادي الله سبحانهُ هؤلاء المشركين ﴿ فَيَقُولُ ﴾ لهم: ﴿ أَيْنَ شُرَكَائِيَ ٱلَّذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُونَ ﴾ أنهم ينصرونكم ويشفعون لكم؟.

76- ﴿ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ ﴾.
يعنـي: أُولي الشدَّة. (الطبري).

78- ﴿ وَلاَ يُسْأَلُ عَن ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُون ﴾.
المشركون. (الواضح).

79- ﴿ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ ﴾.
... يا ليتَ لنا منَ الأموالِ والخدمِ والزِّينةِ مثلَما أُعطِيَ قارون. (الواضح).

80- ﴿ وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِّمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ﴾.
... لمن آمنَ به وبرسله، وعملَ بما جاءتْ به رسلهُ من صالحاتِ الأعمالِ في الآخرة. (الطبري).

82- ﴿وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالْأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ﴾.
﴿ وَأَصْبَحَ ٱلَّذِينَ تَمَنَّوْاْ مَكَانَهُ ﴾ أي: الذين لما رأوهُ في زينته.
﴿ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ ﴾ أي: ليس المالُ بدالٍّ على رضا الله عن صاحبه، فإن الله يعطي ويمنع، ويضيِّقُ ويوسِّع، ويخفضُ ويرفع، وله الحكمةُ التامةُ والحجةُ البالغة.. (ابن كثير).

83- ﴿ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ ﴾.
والجنةُ للمتَّقين، وهم الذين اتَّقَوا معاصيَ الله، وأدَّوا فرائضه. (الطبري).

84- ﴿ وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى الَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ .
قال: تقدَّمَ بيانُ معنى هذه الآيةِ في سورةِ النمل. وقصدهُ الآيةُ (90) من السورة: ﴿ وَمَن جَاء بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُون . وقد بيَّنَ أن المرادَ بالسيئةِ الشرك، وأن قولَهُ تعالى: ﴿ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ بتقديرِ القول، أي: يقالُ ذلك، والقائلُ خزنةُ جهنم، أي: ما تُجزون إلاّ جزاءَ عملكم.

85- ﴿ إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ قُل رَّبِّي أَعْلَمُ مَن جَاء بِالْهُدَى وَمَنْ هُوَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِين .
﴿ لَرَادُّكَ ﴾:بعد الموت. والردُّ: الصرفُ والإرجاع. (روح البيان).
﴿ بِالْهُدَى ﴾:الذي من سلكهُ نجا.
﴿ ضَلاَلٍ مُّبِين ﴾:يعني أنه يبِينُ للمفكرِ الفَهمِ إذا تأمَّلهُ وتدبَّره، أنه ضلالٌ وجورٌ عن الهدى. (الطبري).

87- ﴿ وَلَا يَصُدُّنَّكَ عَنْ آَيَاتِ اللَّهِ بَعْدَ إِذْ أُنْزِلَتْ إِلَيْكَ .
أي: لا يصرفنَّكَ ويمنعنَّكَ الكافرون. (روح البيان).

سورة العنكبوت
7- ﴿ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ .
قالَ في الآيةِ (25) من سورةِ البقرة: الأعمالِ المستقيمة. والمرادُ هنا: الأعمالُ المطلوبةُ منهم، المفترضةُ عليهم. وفيه ردٌّ على من يقول: إن الإيمانَ بمجردهِ يكفي، فالجنةُ تُنالُ بالإيمان، والعملِ الصالح.

8- ﴿ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾.
مرجعُ من آمنَ منكم ومن أشرك. (النسفي).

9- ﴿ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُدْخِلَنَّهُمْ فِي الصَّالِحِينَ .
قالَ في الآيةِ (25) من سورةِ البقرة: الأعمالِ المستقيمة. والمرادُ هنا: الأعمالُ المطلوبةُ منهم، المفترضةُ عليهم. وفيه ردٌّ على من يقول: إن الإيمانَ بمجردهِ يكفي، فالجنةُ تُنالُ بالإيمان، والعملِ الصالح.

12- ﴿ وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا اتَّبِعُوا سَبِيلَنَا وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ ﴾.
وقالَ الذين كفروا بـالله من قريشٍ للذين آمنوا بـالله منهم. (الطبري).

14- ﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا .
هذه تسليةٌ مِن اللهِ تعالَى لعبدهِ ورسولهِ محمدٍ صلواتُ اللهِ وسلامهُ عليه، يُخبرهُ عن نوحٍ عليه السلام. (ابن كثير).
قصةٌ فيها تسليةٌ لمحمدٍ عليه [الصلاةُ و] السلامُ عما تضمنتهُ الآيةُ قبلها، من تعنتِ قومهِ وفتنتهم للمؤمنين وغيرِ ذلك. وفيها وعيدٌ لهم بتمثيلِ أمرهم بأمرِ قومِ نوح. (ابن عطية).


أرسلنا نوحًا للدعوةِ إلى التوحيدِ وطريقِ الحق، مِن قبلِ إرسالنا إيّاك َ يا محمد، ﴿ إِلَى قَوْمِهِ : وهم أهلُ الدنيا كلِّها.
والفرقُ بين عمومِ رسالتهِ وبين عمومِ رسالةِ نبيِّنا عليه الصلاةُ والسلام، أن نبيَّنا مبعوثٌ إلى من في زمانهِ وإلى من بعدهُ إلى يومِ القيامة، بخلافِ نوح، فإنه مرسَلٌ إلى جميعِ أهلِ الأرضِ في زمانهِ لا بعده. وهو أولُ نبيٍّ بُعِثَ إلى عبدةِ الأصنام؛ لأن عبادةَ الأصنامِ أولُ ما حدثتْ في قومه، فأرسلَهُ الله إليهم ينهاهم عن ذلك. وأيضًا أولُ نبيٍّ بُعِثَ إلى الأقاربِ والأجانب.
وأما آدمُ فأولُ رسولِ الله إلى أولاده، بالإيمانِ به وتعليمِ شرائعه. (روح البيان، باختصار).

20- ﴿ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾.
إنَّ اللهَ على إنشاءِ جميعِ خَلقهِ بعد إفنائه، كهيئتهِ قبلَ فنائه، وعلى غيرِ ذلكَ ممّا يشاءُ فعله، قادر، لا يُعجزهُ شيءٌ أراده. (الطبري).

25- ﴿ ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا ﴾.
أي: يلعنُ الأتباعُ المتبوعين، والمتبوعون الأتباع. (ابن كثير). واللعن: طردٌ وإبعادٌ على سبيلِ السخط، وهو من الإنسان دعاءٌ على غيره. (روح البيان).

29- ﴿ قَالُوا ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِين ﴾.
﴿ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِين أن العذابَ نازلٌ بنا، فعند ذلك. (البغوي).

31- ﴿ وَلَمَّا جَاءتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى .
لما استنصرَ لوطٌ عليه السلامُ بالله عزَّ وجلَّ عليهم، بعثَ الله لنصرتهِ ملائكة، فمرُّوا على إبراهيمَ عليه السلامُ في هيئةِ أضياف.. (ابن كثير).

33- ﴿ إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ إِلَّا امْرَأَتَكَ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ ﴾.
قالَ في الآيةِ السابقة: أي: الباقين في العذاب. وهو لفظٌ مشتركٌ بين الماضي والباقي، وقد تقدَّم تحقيقه. وقيل: المعنى: من الباقين في القريةِ التي سينزلُ بها العذاب، فتعذَّبُ من جملتهم، ولا تنجو فيمن نجا.

34- ﴿ إِنَّا مُنْزِلُونَ عَلَى أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ .
قالَ في الآيةِ (31) من السورة: القريةُ هي قريةُ سدوم، التي كان فيها قومُ لوط.

36- ﴿ وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا ﴾.
قال: تقدَّمَ ذكرهُ وذكرُ نسبهِ وذكرُ قومه، في سورةِ الأعرافِ وسورةِ هود.
وقد بيَّن ذلك في الآيةِ (85) من سورةِ الأعراف، ولخصَهُ في الآيةِ (84) من سورةِ هود بقوله: أي: وأرسلنا إلى مدين - وهم قومُ شعيب - أخاهم في النسبِ شعيباً. وسمُّوا مدينَ باسمِ أبيهم، وهو مدينُ بن إبراهيم. وقيل: باسمِ مدينتهم.

38- ﴿ وَزَيَّنَ لَهُمَ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ .
وحسَّنَ. (الطبري).

39- ﴿ وَقَارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مُوسَى بِالْبَيِّنَاتِ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ .
واذكرْ يا محمدُ قارونَ وفرعونَ وهامان، ولقد جاءَ جميعَهم موسى ﴿ بِالْبَيِّنَاتِ ، يعنـي بـالواضحاتِ من الآيات، فـاستكبروا في الأرضِ عن التصديقِ بـالبـيِّناتِ من الآيات، وعن اتِّبـاع موسى صلواتُ الله علـيه. (الطبري).
وقد ذكرَ المؤلفُ في الآيةِ (76) من سورةِ القصص، أن (قارون) كان من عشيرةِ موسى بنِ عمران النبـيِّ صلى الله عليه وسلم، وهو ابنُ عمهِ لأبـيهِ وأمه.
و(هامان) هو وزيرُ فرعونَ وأكبرُ رجاله، كما مرَّ في الآيةِ (6) من السورةِ المذكورة، في هذا المستدرك.
قالَ صاحبُ (روح البيان): وتقديمُ قارونَ لشرفِ نسبهِ كما سبق، ففيه تنبيهٌ لكفارِ قريشٍ أن شرفَ نسبهم لا يخلِّصهم من العذابِ كما لم يخلِّصْ قارون.


40- ﴿ وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ .
﴿ وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ قال: هم مدينُ وثمود. وقالَ في الآيةِ (67) من سورةِ هود: صيحَ بهم فماتوا... قيل: صيحةُ جبريل، وقيل: صيحةٌ من السماء، فتقطَّعتْ قلوبُهم وماتوا.
﴿ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وهو قارون. وقالَ في الآيةِ (81) من سورةِ القصص: خسفَ المكانُ يخسفُ خسوفاً: ذهبَ في الأرض، وخسفَ به الأرضَ خسفاً، أي: غابَ به فيها، والمعنى: أن الله سبحانهُ غيَّبهُ وغيَّبَ دارَهُ في الأرض.

45- ﴿ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ .
قالَ الراغبُ في مفرداته: كلُّ صنعٍ فعلٌ، وليس كلُّ فعلٍ صنعًا، ولا يُنسَبُ إلى الحيواناتِ والجماداتِ كما يُنسَبُ إليها الفعل.





الساعة الآن : 10:32 PM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 919.90 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 918.13 كيلو بايت... تم توفير 1.77 كيلو بايت...بمعدل (0.19%)]